المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[إتحاف الفرقة برفو الخرقة] - الحاوي للفتاوي - جـ ٢

[الجلال السيوطي]

فهرس الكتاب

- ‌[الْمِنْحَةُ فِي السُّبْحَةِ]

- ‌[أَعْذَبُ الْمَنَاهِلِ فِي حَدِيثِ مَنْ قَالَ أَنَا عَالِمٌ فَهُوَ جَاهِلٌ]

- ‌[حُسْنُ التَّسْلِيكِ فِي حُكْمِ التَّشْبِيكِ]

- ‌[شَدُّ الْأَثْوَابِ فِي سَدِّ الْأَبْوَابِ]

- ‌[الْعَجَاجَةُ الزَّرْنَبِيَّةُ فِي السُّلَالَةِ الزَّيْنَبِيَّةِ]

- ‌[آخِرُ الْعَجَاجَةِ الزَّرْنَبِيَّةِ فِي السُّلَالَةِ الزَّيْنَبِيَّةِ]

- ‌[الدُّرَّةُ التَّاجِيَّةُ عَلَى الْأَسْئِلَةِ النَّاجِيَةِ]

- ‌[رَفْعُ الْخِدْرِ عَنْ قَطْعِ السِّدْرِ]

- ‌[الْعُرْفُ الْوَرْدِيُّ فِي أَخْبَارِ الْمَهْدِيِّ]

- ‌[الْكَشْفُ عَنْ مُجَاوَزَةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْأَلْفَ]

- ‌[الحديث المشهور على الألسنة أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَا يَمْكُثُ فِي قَبْرِهِ أَلْفَ سَنَةٍ]

- ‌[ذِكْرُ مَا وَرَدَ أَنَّ مُدَّةَ الدُّنْيَا سَبْعَةُ آلَافِ سَنَةٍ]

- ‌[ذِكْرُ مَا وَرَدَ أَنَّ الدَّجَّالَ يَخْرُجُ عَلَى رَأْسِ مِائَةٍ]

- ‌[ذِكْرُ مُدَّةِ مُكْثِ النَّاسِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا]

- ‌[ذِكْرُ مُدَّةِ مَا بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ]

- ‌[كَشْفُ الرَّيْبِ عَنِ الْجَيْبِ]

- ‌[كِتَابُ الْبَعْثِ] [

- ‌هَلْ وَرَدَ أَنَّ الزَّامِرَ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمِزْمَارِهِ]

- ‌[حَدِيثُ أَوَّلُ مَا يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ]

- ‌[حَدِيثِ الطَّبَرَانِيِّ أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِ اللَّهِ حُورٌ عِينٌ]

- ‌[هَلْ وَرَدَ أَنَّ عَدَدَ دَرَجِ الْجَنَّةِ بِعَدَدِ آيِ الْقُرْآنِ]

- ‌[رَفْعُ الصَّوْتِ بِذَبْحِ الْمَوْتِ]

- ‌[إِتْحَافُ الْفِرْقَةِ بِرَفْوِ الْخِرْقَةِ]

- ‌[بُلُوغُ الْمَأْمُولِ فِي خِدْمَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم]

- ‌ الْإِيمَانُ

- ‌[مَبْحَثُ الْإِلَهِيَّاتِ]

- ‌[إِتْمَامُ النِّعْمَةِ فِي اخْتِصَاصِ الْإِسْلَامِ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ]

- ‌[تَنْزِيهُ الِاعْتِقَادِ عَنِ الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ]

- ‌[مَبْحَثُ النُّبُوَّاتِ]

- ‌[تَزْيِينُ الْآرَائِكِ فِي إِرْسَالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَلَائِكِ]

- ‌[الجواب على قَوْلِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُبْعَثْ إِلَى الْمَلَائِكَةِ]

- ‌[ذِكْرُ الْأَدِلَّةِ الَّتِي أَخَذْتُ مِنْهَا إِرْسَالَهُ إِلَى الْمَلَائِكَةِ]

- ‌[أَنْبَاءُ الْأَذْكِيَاءِ بِحَيَاةِ الْأَنْبِيَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِعْلَامِ بِحُكْمِ عِيسَى عليه السلام]

- ‌[لُبْسُ الْيَلَبِ فِي الْجَوَابِ عَنْ إِيرَادِ حَلَبَ]

- ‌[مَبْحَثُ الْمَعَادِ]

- ‌[اللُّمْعَةُ فِي أَجْوِبَةِ الْأَسْئِلَةِ السَّبْعَةِ]

- ‌[الِاحْتِفَالُ بِالْأَطْفَالِ]

- ‌[طُلُوعُ الثُّرَيَّا بِإِظْهَارِ مَا كَانَ خَفِيًّا]

- ‌[أَحْوَالُ الْبَعْثِ]

- ‌[تُحْفَةُ الْجُلَسَاءِ بِرُؤْيَةِ اللَّهِ لِلنِّسَاءِ]

- ‌[مَسَالِكُ الْحُنَفَا فِي وَالِدَيِ الْمُصْطَفَى]

- ‌[الْفَتَاوَى الصوفية]

- ‌[الزهد]

- ‌[الْقَوْلُ الْأَشْبَهُ فِي حَدِيثِ مَنْ عَرَفَ نَفْسَهُ فَقَدْ عَرَفَ رَبَّهُ]

- ‌[الْخَبَرُ الدَّالُّ عَلَى وُجُودِ الْقُطْبِ وَالْأَوْتَادِ وَالنُّجَبَاءِ وَالْأَبْدَالِ]

- ‌[تَنْوِيرُ الْحَلَكِ فِي إِمْكَانِ رُؤْيَةِ النَّبِيِّ وَالْمَلَكِ]

- ‌[الْفَتَاوَى النَّحْوِيَّةُ وَمَا ضُمَّ إِلَيْهَا]

- ‌[مسائل متفرقة في النحو]

- ‌[فَجْرُ الثَّمْدِ فِي إِعْرَابِ أَكْمَلِ الْحَمْدِ]

- ‌[أَلْوِيَةُ النَّصْرِ فِي خِصِّيصَى بِالْقَصْرِ]

- ‌[الزَّنْدُ الْوَرِيُّ فِي الْجَوَابِ عَنِ السُّؤَالِ السَّكَنْدَرِيِّ]

- ‌[رَفْعُ السِّنَةِ فِي نَصْبِ الزِّنَةِ]

- ‌[الْأَجْوِبَةُ الزَّكِيَّةُ عَنِ الْأَلْغَازِ السُّبْكِيَّةِ]

- ‌[الْأَسْئِلَةُ الْمِائَةُ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْفِئَةِ بِأَجْوِبَةِ الْأَسْئِلَةِ الْمِائَةِ]

- ‌[الْأَسْئِلَةُ الْوَزِيرِيَّةُ وَأَجْوِبَتُهَا]

- ‌[الْأَوْجُ فِي خَبَرِ عَوْجٍ]

الفصل: ‌[إتحاف الفرقة برفو الخرقة]

سَمَّيْتُهُمْ بِأَسْمَاءِ وَلَدِ هَارُونَ: شبر، وشبير، ومشبر، وَالْمُنْكِرُ لِذَلِكَ حَقُّهُ أَنْ يُضْرَبَ عَنْهُ صَفْحًا، حَيْثُ تَوَقَّفَ، وَإِنْ ثَقُلَ وَمَدَّ عُنُقَهُ مُتَطَلِّعًا إِلَى مَرَاتِبِ الْعُلَمَاءِ فَلْيُخَفِّفِ:

أَخْبَرَنِي زَائِرٌ رَشِيدُ

عَنْ مُخْبِرٍ جَاءَهُ يُفِيدْ

أَنَّ ابْنَ خُزَيْمَةَ عَرَّاهُ

تَغَيَّرَ قَبْلَ مَا يُبِيدْ

وَأَنَّهُ جَاءَهُ بِنَقْلٍ

عَنِ الْعِرَاقِيِّ يَسْتَحِيدْ

فَقُلْتُ لَا تَنْطِقَنَّ بِهَذَا

الْتَبَسَ الْجَدُّ وَالْحَفِيدْ

كِلَاهُمَا فِي الْأَنَامِ يُدْعَى

مُحَمَّدًا وَاسْمُهُ حميد

وَالْفَرْقُ مَا بَيْنَ ذَيْنِ بَادٍ

مَا عَنْهُ ذُو يَقَظَةٍ يَحِيدْ

ذَلِكَ إِسْحَاقُ ذُو صَحِيحٍ

لَهُ الْمَعَالِي غَدَتْ تُشِيدْ

فِي رَابِعِ الْقَرْنِ عَامَ إِحْدَى

وَعَشْرَةَ قَدْ قَضَى الْفَرِيدْ

وَلَمْ يُشَنْ قَطُّ بِاخْتِلَاطٍ

بَلْ وَصْفُهُ كُلُّهُ سَعِيدْ

وَابْنُ ابْنِهِ الْفَضْلُ ذُو اخْتِلَاطٍ

مُدَّةَ عَامَيْنِ أَوْ تَزِيدْ

وَمَاتَ فِي الْقَرْنِ عَامَ سَبْعٍ

بَعْدَ ثَمَانِينَ يَا رَشِيدْ

نَصَّ عَلَى ذَاكَ كُلُّ حَبْرٍ

وَعَدَّهُ الْحَافِظُ الْمُجِيدْ

[إِتْحَافُ الْفِرْقَةِ بِرَفْوِ الْخِرْقَةِ]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.

مَسْأَلَةٌ: أَنْكَرَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ سَمَاعَ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ [رضي الله عنه] وَتَمَسَّكَ بِهَذَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ، فَخَدَشَ بِهِ فِي طَرِيقِ لُبْسِ الْخِرْقَةِ، وَأَثْبَتَهُ جَمَاعَةٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ عِنْدِي ; لِوُجُوهٍ، وَقَدْ رَجَّحَهُ أَيْضًا الحافظ ضياء الدين المقدسي فِي الْمُخْتَارَةِ، فَإِنَّهُ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْبَصْرِيُّ عَنْ علي، وَقِيلَ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، وَتَبِعَهُ عَلَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ الحافظ ابن حجر فِي أَطْرَافِ الْمُخْتَارَةِ.

الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: إِنَّ الْعُلَمَاءَ ذَكَرُوا فِي الْأُصُولِ فِي وُجُوهِ التَّرْجِيحِ: أَنَّ الْمُثْبَتَ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي ; لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ. الثَّانِي: إِنَّ الحسن وُلِدَ لِسَنَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ خِلَافَةِ عمر بِاتِّفَاقٍ، وَكَانَتْ أُمُّهُ خيرة مولاة أم سلمة رضي الله عنها، فَكَانَتْ أم سلمة تُخْرِجُهُ إِلَى الصَّحَابَةِ يُبَارِكُونَ عَلَيْهِ، وَأَخْرَجَتْهُ إِلَى عمر، فَدَعَا لَهُ: اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَحَبِّبْهُ إِلَى

ص: 122

النَّاسِ، ذَكَرَهُ الحافظ جمال الدين المزي فِي التَّهْذِيبِ، وَأَخْرَجَهُ العسكري فِي كِتَابِ الْمَوَاعِظِ بِسَنَدِهِ، وَذَكَرَ المزي: أَنَّهُ حَضَرَ يَوْمَ الدَّارِ وَلَهُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ مِنْ حِينِ بَلَغَ سَبْعَ سِنِينَ أُمِرَ بِالصَّلَاةِ، فَكَانَ يَحْضُرُ الْجَمَاعَةَ، وَيُصَلِّي خَلْفَ عثمان إِلَى أَنْ قُتِلَ عثمان، وعلي إِذْ ذَاكَ بِالْمَدِينَةِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا إِلَى الْكُوفَةِ إِلَّا بَعْدَ قَتْلِ عثمان، فَكَيْفَ يَسْتَنْكِرُ سَمَاعَهُ مِنْهُ وَهُوَ كُلَّ يَوْمٍ يَجْتَمِعُ بِهِ فِي الْمَسْجِدِ خَمْسَ مَرَّاتٍ مِنْ حِينِ مَيَّزَ إِلَى أَنْ بَلَغَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً؟ وَزِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ أَنَّ عليا كَانَ يَزُورُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمِنْهُنَّ أم سلمة، والحسن فِي بَيْتِهَا هُوَ وَأُمُّهُ.

الْوَجْهُ الثَّالِثُ: إِنَّهُ وَرَدَ عَنِ الحسن مَا يَدُلُّ عَلَى سَمَاعِهِ مِنْهُ، أَوْرَدَ المزي فِي التَّهْذِيبِ مِنْ طَرِيقِ أبي نعيم قَالَ: ثَنَا أبو القاسم عبد الرحمن بن العباس بن عبد الرحمن بن زكريا، ثَنَا أبو حنيفة محمد بن صفية الواسطي، ثَنَا محمد بن موسى الجرشي، ثَنَا ثمامة بن عبيدة، ثَنَا عطية بن محارب عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: سَأَلْتُ الحسن قُلْتُ: يَا أبا سعيد، إِنَّكَ تَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّكَ لَمْ تُدْرِكْهُ، قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، لَقَدْ سَأَلْتَنِي عَنْ شَيْءٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ قَبْلَكَ، وَلَوْلَا مَنْزِلَتُكَ مِنِّي مَا أَخْبَرْتُكَ أَنِّي فِي زَمَانٍ كَمَا تَرَى - وَكَانَ فِي عَمَلِ الحجاج - كُلُّ شَيْءٍ سَمِعْتَنِي أَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، غَيْرَ أَنِّي فِي زَمَانٍ لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَذْكُرَ عليا.

ذِكْرُ مَا وَقَعَ لَنَا مِنْ رِوَايَةِ الحسن عَنْ علي قَالَ أحمد فِي مُسْنَدِهِ: ثَنَا هشيم، أَنَا يونس عَنِ الحسن، عَنْ علي قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَبْلُغَ، وَعَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الْمُصَابِ حَتَّى يُكْشَفَ عَنْهُ» " أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالضِّيَاءُ الْمَقْدِسِيُّ فِي الْمُخْتَارَةِ، قَالَ الْحَافِظُ زين الدين العراقي فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ: قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: الحسن رَأَى عليا بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ غُلَامٌ، وَقَالَ أبو زرعة: كَانَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ يَوْمَ بُويِعَ لعلي ابْنَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَرَأَى عليا بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ، وَلَمْ يَلْقَهُ الحسن بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَالَ الحسن: رَأَيْتُ الزبير يُبَايِعُ عليا، انْتَهَى.

قُلْتُ: وَفِي هَذَا الْقَدْرِ كِفَايَةٌ، وَيُحْمَلُ قَوْلُ النَّافِي عَلَى مَا بَعْدَ خُرُوجِ علي مِنَ الْمَدِينَةِ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: ثَنَا الحسن بن أحمد بن حبيب، ثَنَا شاد بن فياض عَنْ عمر بن إبراهيم، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الحسن، عَنْ علي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» ". وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: ثَنَا نصر بن مرزوق، ثَنَا الخطيب، ثَنَا حَمَّادُ بْنُ

ص: 123

سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الحسن، عَنْ علي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِذَا كَانَ فِي الرَّهْنِ فَضْلٌ، فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَهُوَ بِمَا فِيهِ» ". الْحَدِيثَ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ الْقَطَّانُ، ثَنَا الحسن بن شبيب المعمري قَالَ: سَمِعْتُ محمد بن صدران السلمي، ثَنَا عبد الله بن ميمون المزني، ثَنَا عوف عن الحسن، عَنْ علي أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لعلي:" «يَا علي، قَدْ جَعَلْنَا إِلَيْكَ هَذِهِ السَّبْعَةَ بَيْنَ النَّاسِ» ". الْحَدِيثَ.

وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثَنَا علي بن عبد الله بن مبشر، ثَنَا أحمد بن سنان، ثَنَا يزيد بن هارون، أَنَا حميد الطويل عَنِ الحسن قَالَ: قَالَ علي: " إِنْ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَاجْعَلُوهُ صَاعًا مِنْ بُرٍّ وَغَيْرِهِ " -يَعْنِي زَكَاةَ الْفِطْرِ - وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ثَنَا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، ثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ، ثَنَا أبو حفص الأبار عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنِ الحسن، عَنْ علي قَالَ:" الْخَلِيَّةُ، وَالْبَرِيَّةُ، وَالْبَتَّةُ، وَالْبَائِنُ، وَالْحَرَامُ ثَلَاثٌ لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ". وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: ثَنَا ابن مرزوق، ثَنَا عمرو بن أبي رزين، ثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ عَنِ الحسن، عَنْ علي قَالَ:" لَيْسَ فِي مَسِّ الذَّكَرِ وُضُوءٌ ". 50 وَقَالَ أبو نعيم فِي الْحِلْيَةِ: ثَنَا عبد الله بن محمد، ثَنَا أبو يحيى الرازي، ثَنَا هناد، ثَنَا ابن فضل عَنْ ليث، عَنِ الحسن عَنْ علي رضي الله عنه قَالَ:" طُوبَى لِكُلِّ عَبْدٍ ثُومَةٍ عَرَفَ النَّاسَ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ النَّاسُ، عَرَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِرِضْوَانٍ، أُولَئِكَ مَصَابِيحُ الْهُدَى، يَكْشِفُ اللَّهُ عَنْهُمْ كُلَّ فِتْنَةٍ مُظْلِمَةٍ، سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ، لَيْسَ أُولَئِكَ بِالْمَزَابِيعِ الْبُذَّرِ، وَلَا الْجُفَاةِ الْمُرَائِينَ ".

وَقَالَ الخطيب فِي تَارِيخِهِ: أَنَا الحسن بن أبي بكر، أَنَا أَبُو سَهْلٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ الْقَطَّانُ، ثَنَا محمد بن غالب، ثَنَا يحيى بن عمران، ثَنَا سليمان بن أرقم، عَنِ الحسن عَنْ علي قَالَ:" كَفَّنْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي قَمِيصٍ أَبْيَضَ، وَثَوْبَيْ حَبِرَةٍ ".

وَقَالَ جعفر بن محمد بن محمد فِي كِتَابِ الْعَرُوسِ: ثَنَا وكيع عَنِ الربيع، عَنِ الحسن، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَفَعَهُ " «مَنْ قَالَ فِي كُلِّ يَوْمٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَى آدَمَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ الذُّنُوبَ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ زَبَدِ الْبَحْرِ» " أَخْرَجَهُ الديلمي فِي مُسْنَدِ الْفِرْدَوْسِ مِنْ طَرِيقِهِ، ثُمَّ رَأَيْتُ الْحَافِظَ ابن حجر قَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ: قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: لَمْ يَسْمَعِ الحسن مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قِيلَ: أَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ عثمان؟ قَالَ يَقُولُونَ عَنْهُ: رَأَيْتُ عثمان قَامَ خَطِيبًا، وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: لَمْ يَسْمَعْ مِنْ علي، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ غَيْرَ حَدِيثٍ، وَكَانَ علي لَمَّا خَرَجَ بَعْدَ

ص: 124

قَتْلِ عثمان كَانَ الحسن بِالْمَدِينَةِ، ثُمَّ قَدِمَ الْبَصْرَةَ فَسَكَنَهَا إِلَى أَنْ مَاتَ. قَالَ الْحَافِظُ ابن حجر: وَوَقَعَ فِي مُسْنَدِ أبي يعلى قَالَ: ثَنَا جويرية بن أشرس قَالَ: أَنَا عقبة بن أبي الصهباء الباهلي، قَالَ: سَمِعْتُ الحسن يَقُولُ: سَمِعْتُ عليا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَثَلُ أُمَّتِي مَثَلُ الْمَطَرِ» ". الْحَدِيثَ، قَالَ محمد بن الحسن بن الصيرفي شَيْخُ شُيُوخِنَا: هَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ فِي سَمَاعِ الحسن مِنْ علي، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ - جويرية وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ - وَعُقْبَةُ - وَثَّقَهُ أحمد، وَابْنُ مَعِينٍ -[انْتَهَى، وَحَدِيثٌ آخَرُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، قَالَ اللَّالْكَائِيُّ فِي السُّنَّةِ: أَنَا أحمد بن محمد الفقيه، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ، ثَنَا تميم بن محمد، ثَنَا نصر بن علي، ثَنَا محمد بن سواء، ثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ عامر الأحوال عَنِ الحسن قَالَ: شَهِدْتُ عليا بِالْمَدِينَةِ وَسَمِعَ صَوْتًا فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: قُتِلَ عثمان قَالَ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ أَنِّي لَمْ أَرْضَ، وَلَمْ أُمَالِئْ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا.

ثُمَّ وَجَدْتُ حَدِيثًا آخَرَ قَالَ الْحَافِظُ أبو بكر بن مسدي فِي مُسَلْسَلَاتِهِ: صَافَحْتُ أبا عبد الله محمد بن عبد الله بن عيسوي النغزوي بِهَا قَالَ: صَافَحْتُ أبا الحسن علي بن سيف الحصري بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ ح وَصَافَحْتُ شبل بن أحمد بن شبل قَدِمَ عَلَيْنَا قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: صَافَحْتُ أبا محمد عبد الله بن مقبل بن محمد العجيني قَالَ: صَافَحْتُ محمد بن الفرج بن الحجاج السكسكي قَالَ: صَافَحْتُ أبا مروان عبد الملك بن ميسرة قَالَ: صَافَحْتُ أحمد بن محمد النغزوي، بِهَا قَالَ: صَافَحْتُ أحمد الأسود قَالَ: صَافَحْتُ ممشاد الدينوري قَالَ: صَافَحْتُ علي بن الرزيني الخراساني قَالَ: صَافَحْتُ عيسى القصار قَالَ: صَافَحْتُ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ قَالَ: صَافَحْتُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: صَافَحْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: صَافَحَتْ كَفِّي هَذِهِ سُرَادِقَاتِ عَرْشِ رَبِّي عز وجل. قَالَ ابن مسدي: غَرِيبٌ لَا نَعْلَمُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَهَذَا إِسْنَادٌ صُوفِيٌّ انْتَهَى] .

مَسْأَلَةٌ: ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَبِسَ عِمَامَةً صَفْرَاءَ، فَهَلْ لِذَلِكَ أَصْلٌ؟ .

الْجَوَابُ: نَعَمْ قَالَ الطَّبَرَانِيُّ: ثَنَا محمد بن الحسين الأنماطي البغدادي، ثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُصْعَبٍ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ إسماعيل بن عبد الله بن جعفر، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:" «رَأَيْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَوْبَيْنِ مَصْبُوغَيْنِ بِزَعْفَرَانَ ; رِدَاءً وَعِمَامَةً» "، أَخْرَجَهُ

ص: 125

الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ ابن سعد فِي الطَّبَقَاتِ، أَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ عَنْ هشام بن سعد، عَنْ يحيى بن عبد الله بن مالك قَالَ:" «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْبُغُ ثِيَابَهُ بِالزَّعْفَرَانِ ; قَمِيصَهُ وَرِدَاءَهُ وَعِمَامَتَهُ» "، وَقَالَ: أَنَا هاشم بن القاسم، ثَنَا عاصم بن عمر، عَنْ عمر بن محمد، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ:" «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْبُغُ ثِيَابَهُ كُلَّهَا بِالزَّعْفَرَانِ حَتَّى الْعِمَامَةِ» ".

وَأَخْرَجَ ابن عساكر فِي تَارِيخِهِ مِنْ طَرِيقِ سلمان بن أرقم، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:" «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ أَصْفَرُ وَرِدَاءٌ أَصْفَرُ وَعِمَامَةٌ صَفْرَاءُ» "، وَأَخْرَجَ ابن سعد عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:" «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَفِّرُ ثِيَابَهُ» "، وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَصْبُغُ بِالصُّفْرَةِ» .

وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ: ثَنَا أسلم بن سهل، ثَنَا محمد بن الصباح، ثَنَا عبيد بن القاسم، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ ابن أبي أوفى قَالَ:" «كَانَ أَحَبُّ الصَّبْغِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصُّفْرَةَ» "، وَأَخْرَجَ ابن عساكر مِنْ طَرِيقِ عباد بن حمزة، «عَنْ عبد الله بن الزبير أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ نَزَلَتْ يَوْمَ بَدْرٍ، عَلَيْهِمْ عَمَائِمُ صُفْرٌ، وَكَانَتْ عَلَى الزبير يَوْمَئِذٍ عِمَامَةٌ صَفْرَاءُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " نَزَلَتِ الْمَلَائِكَةُ الْيَوْمَ عَلَى سِيمَا أبي عبد الله، وَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ صَفْرَاءُ» ". وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ عامر بن صالح بن عبد الله بن عروة بن الزبير:

جَدِّي ابْنُ عَمَّةِ أَحْمَدَ وَوَزِيرُهُ

عِنْدَ الْبَلَاءِ وَفَارِسُ الشَّعْوَاءِ

وَغَدَاةَ بَدْرٍ كَانَ أَوَّلَ فَارِسٍ

شَهِدَ الْوَغَى فِي اللَّامَةِ الصَّفْرَاءِ

نَزَلَتْ بِسِيمَاهُ الْمَلَائِكُ نُصْرَةً

بِالْحَوْضِ يَوْمَ تَأَلَّبَ الْأَعْدَاءُ

(فِي عَدَدِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ) : أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «فِي الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ لَا يَدْخُلُهُ إِلَّا الصَّائِمُونَ» ". وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ، وأبو داود وَالنَّسَائِيُّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ، فَيَبْلُغُ الْوُضُوءَ، ثُمَّ يَقُولُ حِينَ يَفْرَغُ مِنْ وُضُوئِهِ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ، يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ» ".

وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ قَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ» ".

ص: 126

وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالْحَاكِمُ عَنْ عمر أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ رَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ» ". وَأَخْرَجَ أحمد، وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مِثْلَهُ، وَأَخْرَجَ أحمد، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ السُّنِّيِّ فِي عَمَلِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:" «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ قَالَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فُتِحَ لَهُ مِنَ الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ دَخَلَ» ".

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ مِثْلَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ السُّنِّيِّ عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ قَالَ عِنْدَ فَرَاغِهِ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ فَتَحَ اللَّهُ لَهُ ثَمَانِيَةَ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ» ". وَأَخْرَجَ الخطيب فِي تَارِيخِهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ تَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ، وَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ، وَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فُتِحَ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، وَقِيلَ لَهُ: ادْخُلْ مِنْ أَيِّ بَابٍ شِئْتَ» ".

وَأَخْرَجَ محمد بن نصر فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وأبي سعيد قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنْ عَبْدٍ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَيَصُومُ رَمَضَانَ، وَيُخْرِجُ الزَّكَاةَ، وَيَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ السَّبْعَ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى أَنَّهَا لَتَصْطَفِقُ» ". وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي صِفَةِ الْجَنَّةِ، وأبو يعلى، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْحَاكِمُ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «الْجَنَّةُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ، سَبْعَةٌ مُغْلَقَةٌ، وَبَابٌ مَفْتُوحٌ لِلتَّوْبَةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ نَحْوِهِ» ". وَأَخْرَجَ أحمد، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْبَعْثِ عَنْ عقبة بن عبد السلمي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ إِلَّا تَلَقَّوْهُ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ دَخَلَ» ".

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ عائشة قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ كَانَ لَهُ بِنْتَانِ، أَوِ أُخْتَانَ، أَوْ عَمَّتَانِ، أَوْ خَالَتَانِ وَعَالَهُنَّ فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ» ".

وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ عائشة قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ كَانَ لَهُ بِنْتَانِ» "، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «أَيُّمَا امْرَأَةٍ اتَّقَتْ رَبَّهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا فُتِحَ لَهَا ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، فَقِيلَ لَهَا: ادْخُلِي مِنْ حَيْثُ شِئْتِ» ".

ص: 127

وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:" لِلْجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ: بَابٌ لِلْمُصَلِّينَ، وَبَابٌ لِلصَّائِمِينَ، وَبَابٌ لِلْحَاجِّينَ، وَبَابٌ لِلْمُعْتَمِرِينَ، وَبَابٌ لِلْمُجَاهِدِينَ، وَبَابٌ لِلذَّاكِرِينَ، وَبَابٌ لِلصَّابِرِينَ، وَبَابٌ لِلشَّاكِرِينَ ".

وَأَخْرَجَ أحمد، وَالطَّبَرَانِيُّ، وأبو نعيم فِي الْحِلْيَةِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ عقبة بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «الْقَتْلَى ثَلَاثَةٌ» "، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ:" «وَأُدْخِلَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ، فَإِنَّ لَهَا ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ، وَلِجَهَنَّمَ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ، وَبَعْضُهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ» ".

وَأَخْرَجَ إسحاق بن راهويه فِي مُسْنَدِهِ، عَنْ عمر قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَنْ مَاتَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قِيلَ لَهُ: ادْخُلْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شِئْتَ» ".

وَأَخْرَجَ المستغفري فِي الدَّعَوَاتِ، وَحَسَّنَهُ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ حِينَ يَتَوَضَّأُ: بِسْمِ اللَّهِ، ثُمَّ يَقُولُ لِكُلِّ عُضْوٍ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ يَقُولُ حِينَ يَفْرَغُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ» ".

وَأَخْرَجَ الحاكم فِي تَارِيخِهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «مَاتَ ابْنٌ لِعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ، فَحَزِنَ عَلَيْهِ حُزْنًا شَدِيدًا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " يَا عثمان، أَمَا تَرْضَى بِأَنَّ لِلْجَنَّةِ ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ، وَلِلنَّارِ سَبْعَةً، وَأَنْتَ لَا تَنْتَهِي إِلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ إِلَّا وَجَدْتَ ابْنَكَ قَائِمًا عِنْدَهُ، آخِذًا بِحُجْزَتِكَ، يَشْفَعُ لَكَ عِنْدَ رَبِّكَ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ الْمُسْلِمُونَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَنَا فِي فَرَطِنَا مِثْلُ مَا لعثمان؟ قَالَ: نَعَمْ لِمَنْ صَبَرَ وَاحْتَسَبَ» ".

مَسْأَلَةٌ: فِيمَا هُوَ جَارٍ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَامَّةِ، وَفِي الْمَدَائِحِ النَّبَوِيَّةِ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَانَ لَهُ الصَّخْرُ، وَأَثَّرَتْ قَدَمُهُ فِيهِ، وَأَنَّهُ كَانَ إِذَا مَشَى عَلَى التُّرَابِ لَا تُؤَثِّرُ قَدَمُهُ فِيهِ، هَلْ لَهُ أَصْلٌ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ أَوْ لَا؟ وَهَلْ إِذَا وَرَدَ فِيهِ شَيْءٌ مَنْ خَرَّجَهُ؟ وَصَحِيحٌ هُوَ أَوْ ضَعِيفٌ؟ وَهَلْ مَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقي فِي مِعْرَاجِهِ الَّذِي أَلَّفَهُ مُسَجَّعًا، وَلَفْظُهُ: ثُمَّ تَوَجَّهَ نَحْوَ صَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَعَمَّاهَا، فَصَعِدَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْقِ أَعْلَاهَا، فَاضْطَرَبَتْ تَحْتَ قَدَمِ نَبِيِّنَا، وَلَانَتْ، فَأَمْسَكَتْهَا الْمَلَائِكَةُ لَمَّا تَحَرَّكَتْ وَمَالَتْ؟ أَلِهَذَا أَيْضًا أَصْلٌ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ صَحِيحٌ أَوْ ضَعِيفٌ، أَوْ لَا؟ وَهَلْ هَذَا الْأَثَرُ الْمَوْجُودُ الْآنَ بِصَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ الْمَعْرُوفُ هُنَاكَ بِقَدَمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَحِيحٌ أَوْ لَا؟ وَهَلْ وَرَدَ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ أَنَّ سَيِّدَنَا إِبْرَاهِيمَ - عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ - أَثَّرَتْ قَدَمَاهُ فِي الْحَجَرِ الَّذِي كَانَ يُبْنَى عَلَيْهِ الْبَيْتُ، الَّذِي هُوَ الْآنَ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِالْمَكَانِ الْمَعْرُوفِ بِمَقَامِ إِبْرَاهِيمَ، هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَوْ ضَعِيفٌ، أَوْ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ؟ وَهَلْ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَمْ يُعْطَ نَبِيٌّ مُعْجِزَةً إِلَّا

ص: 128

حَصَلَ لِنَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم مِثْلُهَا أَوْ لِأَحَدٍ مِنْ أُمَّتِهِ صَحِيحٌ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ وَمَنْ هُوَ قَائِلُ ذَلِكَ؟ وَهَلْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا جَاءَ إِلَى بَيْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ بِمَكَّةَ وَوَقَفَ يَنْتَظِرُهُ أَلْزَقَ مَنْكِبَهُ وَمِرْفَقَهُ بِالْحَائِطِ فَغَاصَ الْمِرْفَقُ فِي الْحَجَرِ وَأَثَّرَ فِيهِ وَبِهِ سُمِّيَ الزُّقَاقُ بِمَكَّةَ زُقَاقَ الْمِرْفَقِ أَوْ لَيْسَ لِذَلِكَ أَصْلٌ؟ وَهَلْ مَا ذَكَرَهُ الثعلبي وَالطَّرْطُوشِيُّ فِي تَفْسِيرَيْهِمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا حَفَرَ الْخَنْدَقَ وَظَهَرَتِ الصَّخْرَةُ وَعَجَزَتِ الصَّحَابَةُ عَنْ كَسْرِهَا نَزَلَ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْخَنْدَقِ وَضَرَبَهَا ثَلَاثَ ضَرَبَاتٍ وَأَنَّهَا لَانَتْ لَهُ وَتَفَتَّتْ صَحِيحٌ ذَلِكَ أَوْ ضَعِيفٌ أَوْ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ مُعْتَمَدٌ؟ وَهَلْ إِذَا ثَبَتَ أَنَّ الصَّخْرَ لَانَ لَهُ صلى الله عليه وسلم وَأَثَّرَتْ قَدَمُهُ فِيهِ يَكُونُ ذَلِكَ مُعْجِزَةً لَهُ صلى الله عليه وسلم أَوْ لَا؟

الْجَوَابُ: أَمَّا حَدِيثُ الصَّخْرَةِ الَّتِي ظَهَرَتْ فِي الْخَنْدَقِ وَعَجَزَ الصَّحَابَةُ عَنْ كَسْرِهَا وَضَرَبَهَا ثَلَاثَ ضَرَبَاتٍ فَكَسَرَهَا، فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَرَدَ مِنْ طُرُقٍ بِأَلْفَاظٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ وأبو نعيم مَعًا فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ مِنْ حَدِيثِ عمرو بن عوف المزني، وَمِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَمِنْ حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ جابر قَالَ:«إِنَّا يَوْمَ الْخَنْدَقِ نَحْفِرُ فَعَرَضَتْ كُدْيَةٌ شَدِيدَةٌ فَجَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: هَذِهِ كُدْيَةٌ عَرَضَتْ فِي الْخَنْدَقِ فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ فَضَرَبَ فَعَادَ كَثِيبًا أَهْيَلَ» ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: هَلْ وَرَدَ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ أَنَّ سَيِّدَنَا إِبْرَاهِيمَ - عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ - أَثَّرَتْ قَدَمَاهُ فِي الْحَجَرِ الَّذِي كَانَ يُبْنَى عَلَيْهِ الْبَيْتُ وَهُوَ الْمَقَامُ؟ فَنَعَمْ، وَرَدَ ذَلِكَ، أَخْرَجَهُ الأزرقي فِي تَارِيخِ مَكَّةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رضي الله عنهما مَوْقُوفًا عَلَيْهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ قَتَادَةَ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ عكرمة، وَبَقِيَّةُ مَا ذُكِرَ فِي الْأَسْئِلَةِ لَمْ أَقِفْ لَهُ عَلَى أَصْلٍ وَلَا سَنَدٍ وَلَا رَأَيْتُ مَنْ خَرَّجَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ.

شَرْطُ الْبُخَارِيِّ الْإِمَامِ وَمُسْلِمٍ

فِيمَا حَكَاهُ جَمَاعَةٌ مُتَوَافِرَهْ

تَخْرِيجُ مَا يَرْوِيهِ عَنْ خَيْرِ الْوَرَى

اثْنَانِ مِنْ أَصْحَابِهِ الْمُتَكَاثِرَهْ

وَعَلَيْهِ أَوْرَدَ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ مَنْ

فِي الْحِفْظِ رُتْبَتُهُ لَدَيْهِمْ قَاصِرَهْ

فَأَجَابَهُ الْقَاضِي أبو بكر هُوَ الْعَ

رَبِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ نَاصِرَهْ

أَنَّ رُوَاةَ أبي سعيد فَانْتَفَى الْإِ

يرَادُ وَارْتَفَعَتْ حُلَاهُ الْفَاخِرَهْ

وَسِوَاهُ زَادَ أَبَا هُرَيْرَةَ فِيهِ مَعَ

أَنَسٍ فَصَارَتْ أَرْبَعًا مُتَظَافِرَهْ

وَجَمَاعَةٌ قَالُوا بِأَبْلَغَ مِنْهُ أَنْ

يُدْرِجْنَهُ فِي زُمْرَةِ الْمُتَوَاتِرَهْ

ص: 129

فَعَنِ ابن منده قَدْ رَوَاهُ ثَمَانِ عَشْ

رَةَ مِنْ صِحَابٍ كَالنُّجُومِ الزَّاهِرَهْ

يَا مَنْ يَرُومُ الْخَوْضَ فِي ذَا الْفَنِّ لَا

تَقَدَّمْ عَلَيْهِ بِهِمَّةٍ مُتَقَاصِرَهْ

لَا يَصْلُحُ الْإِقْدَامُ فِيمَا رُمْتَهُ

حَتَّى تَلَجَّجَ فِي الْبِحَارِ الزَّاخِرَهْ

مَسْأَلَةٌ: ذَكَرَ ذَاكِرٌ أَنَّ أَكْثَرَ قِرَاءَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاةِ كَانَتْ بِقِرَاءَةِ نافع، وَهَذَا شَيْءٌ لَا أَصْلَ لَهُ الْبَتَّةَ بَلْ كَانَ يَقْرَأُ بِجَمِيعِ الْأَحْرُفِ الْمُنَزَّلَةِ عَلَيْهِ، وَكَيْفَ يُنْسَبُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَمْرٌ لَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَا خَرَّجَهُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ فِي كُتُبِهِمْ لَا بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلَا بِإِسْنَادٍ غَيْرِ صَحِيحٍ، ثُمَّ إِنَّ هَذَا أَمْرٌ لَا يُعْرَفُ لَا مِنْ جِهَةِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ سَمِعُوا قِرَاءَتَهُ وَالَّذِي رَوَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ قَالُوا قَرَأَ بِسُورَةِ كَذَا [أَوْ بِسُورَةِ كَذَا] ، وَلَمْ يَقُولُوا فِي رِوَايَتِهِمْ قَرَأَ السُّورَةَ الْفُلَانِيَّةَ بِلَفْظِ كَذَا وَلَفْظِ كَذَا حَتَّى تُطَابِقَ تِلْكَ الْأَلْفَاظَ فَتُوجَدَ مُوَافِقَةً لِقِرَاءَةِ نافع، وَلَوْ ثَبَتَ هَذَا الْكَلَامُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ رضي الله عنه لَكَانَ أَوَّلَ قَائِلٍ بِقِرَاءَةِ الْبَسْمَلَةِ فِي الصَّلَاةِ ; لِأَنَّ الْبَسْمَلَةَ ثَابِتَةٌ فِي قِرَاءَةِ قَالُونَ عَنْ نافع، وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ مالك أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَرَأَ الْبَسْمَلَةَ فِي الصَّلَاةِ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ أَنَّهُ كَانَ أَكْثَرُ قِرَاءَتِهِ بِقِرَاءَةِ نافع، وَمَا كُلُّ حَدِيثٍ وُجِدَ مَقْطُوعًا بِغَيْرِ سَنَدٍ فِي كِتَابٍ يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ حَتَّى يَثْبُتَ تَخْرِيجُهُ فِي كِتَابٍ حَافِظٍ بِسَنَدٍ مُتَّصِلٍ صَحِيحٍ، وَكَمْ فِي الْكُتُبِ مِنْ أَحَادِيثَ لَا أَصْلَ لَهَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا النَّقْلَ لَا وُجُودَ لَهُ، وَأَنَّ الَّذِي نَقَلَهُ القرافي فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ تُسْتَحَبُّ الْقِرَاءَةُ بِتَسْهِيلِ الْهَمْزَةِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ لُغَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهَذَا كَلَامٌ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ لُغَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لُغَةُ قُرَيْشٍ، وَلُغَةُ قُرَيْشٍ عَدَمُ تَحْقِيقِ الْهَمْزِ فَيَكُونُ ذَلِكَ لُغَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم صَحِيحٌ، وَلَكِنْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ أَكْثَرُ قِرَاءَتِهِ فِي الصَّلَاةِ بِقِرَاءَةِ نافع، وَلَا رَوَى هَذَا أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ الْبَتَّةَ وَلَا خَرَّجَهُ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ، بَلْ وَلَا فِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَكْثَرُ قِرَاءَتِهِ بِتَسْهِيلٍ، أَكْثَرُ مَا فِيهِ أَنَّهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لُغَتُهُ مِنْ غَيْرِ قَدْرٍ زَائِدٍ عَلَى ذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ بِجَمِيعِ مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ بِتَسْهِيلِ الْهَمْزِ الَّذِي هُوَ لُغَتُهُ، وَبِتَحْقِيقِ الْهَمْزِ الَّذِي هُوَ لُغَةُ غَيْرِ قُرَيْشٍ، وَبِتَرْكِ الْإِمَالَةِ الَّذِي هُوَ لُغَةُ الْحِجَازِ، وَبِالْإِمَالَةِ الَّتِي هِيَ لُغَةُ تَمِيمٍ، وَذِكْرُ الْأَكْثَرِيَّةِ تَحْتَاجُ إِلَى نَصْرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مُخَرَّجٍ فِي كِتَابٍ مُعْتَبَرٍ بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ صَحِيحٍ، وَلَا وُجُودَ لِذَلِكَ الْبَتَّةَ، وَذَكَرَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ بِالتَّرْقِيقِ فِي الصَّلَاةِ مَكْرُوهَةٌ ; لِأَنَّهَا تُذْهِبُ الْخُشُوعَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ مَا وَرَدَ فِيهِ نَهْيٌ خَاصٌّ، وَلَمْ يَرِدْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ نَهْيٌ، وَقَوْلُهُ: إِنَّهَا تُذْهِبُ الْخُشُوعَ مَمْنُوعٌ ; لِأَنَّهُ

ص: 130

إِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْفِكْرِ فِي أَدَاءِ تِلْكَ الْهَيْئَةِ ; فَجَمِيعُ هَيْئَاتِ الْأَدَاءِ كَذَلِكَ، وَالْفِكْرُ فِي أَدَاءِ أَلْفَاظِ الْقُرْآنِ عَلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي أُنْزِلَ عَلَيْهَا لَا يُنَافِي الْخُشُوعَ ; لِأَنَّهُ مِنْ أُمُورِ الْعِبَادَةِ وَالدِّينِ، وَإِنَّمَا يُنَافِي الْخُشُوعَ الْفِكْرُ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ لَا الدِّينِيَّةِ وَلَا الْأُخْرَوِيَّةِ - نَصُّوا عَلَيْهِ - ثُمَّ إِنَّ الْمَكْرُوهَ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ مِنْ قِسْمِ الْقَبِيحِ كَمَا أَنَّ الْمَنْدُوبَ عِنْدَهُمْ مِنْ قِسْمِ الْحَسَنِ، وَلَا يُوصَفُ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ بِالْقُبْحِ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ، قُلْنَا: مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ الْكُلَّ يَقْرَأُ وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ بِأَنَّ غَيْرَ الْأَفْضَلِ تُكْرَهُ قِرَاءَتُهُ، هَذَا لَا يَتَوَهَّمُهُ أَحَدٌ، ثُمَّ إِنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ بِالْأَحْرُفِ الثَّابِتَةِ فِي السَّبْعَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ بِالْإِجْمَاعِ، فَكَيْفَ يُتَخَيَّلُ أَنْ يُوصَفَ مَا هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ بِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ؟

ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا النَّقْلَ لَا وُجُودَ لَهُ، وَأَنَّ الَّذِي نَقَلَهُ القرافي فِي الذَّخِيرَةِ وَكَرِهَ مالك التَّرْقِيقَ وَالتَّفْخِيمَ وَالرَّوْمَ وَالْإِشْمَامَ فِي الصَّلَاةِ ; لِأَنَّهَا تَشْغَلُ عَنْ أَحْكَامِ الصَّلَاةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَذِهِ الْكَرَاهَةِ الَّتِي هِيَ أَقْسَامُ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ الَّتِي يَصِفُهَا الْأُصُولِيُّونَ بِأَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي قِسْمِ الْقَبِيحِ كَالْحَرَامِ، بَلِ الْكَلَامُ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ الْمُجْتَهِدِينَ كمالك وَالشَّافِعِيِّ لَهَا إِطْلَاقَانِ:

أَحَدُهُمَا هَذَا وَيُعَبَّرُ عَنْهَا بِالْكَرَاهَةِ الشَّرْعِيَّةِ.

وَالْآخَرُ بِمَعْنَى: أَنَّ الْمُجْتَهِدَ أَحَبَّ وَاخْتَارَ أَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إِدْخَالِهِ فِي قِسْمِ الْمَكْرُوهِ الَّذِي هُوَ مِنْ نَوْعِ الْقَبِيحِ، وَيُعَبَّرُ عَنْ هَذِهِ بِالْكَرَاهَةِ الْإِرْشَادِيَّةِ وَهَذِهِ الْكَرَاهَةُ لَا ثَوَابَ فِي تَرْكِهَا وَلَا قُبْحَ فِي فِعْلِهَا.

وَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا ذَلِكَ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ: وَأَنَا أَكْرَهُ الْمُشَمَّسَ مِنْ جِهَةِ الطِّبِّ، فَاخْتَلَفُوا هَلْ هَذِهِ الْكَرَاهَةُ شَرْعِيَّةٌ يُثَابُ فِيهَا أَوْ إِرْشَادِيَّةٌ لَا ثَوَابَ فِيهَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَأَنَا أَكْرَهُ الْإِمَامَةَ ; لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ وَأَنَا أَكْرَهُ سَائِرَ الْوِلَايَاتِ، فَلَيْسَ مُرَادُ الشَّافِعِيِّ بِذَلِكَ الْكَرَاهَةَ الَّتِي هِيَ أَحَدُ أَقْسَامِ الْحُكْمِ الْخَمْسَةِ الدَّاخِلَةِ فِي قِسْمِ الْقَبِيحِ، كَيْفَ وَالْإِمَامَةُ فَرْضُ كِفَايَةٍ ; لِأَنَّ بِهَا تَنْعَقِدُ الْجَمَاعَةُ الَّتِي هِيَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، والرافعي يَقُولُ: إِنَّهَا أَفْضَلُ مِنَ الْأَذَانِ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَضْلٌ وَذَلِكَ مُنَافٍ لِلْكَرَاهَةِ قَطْعًا، وَإِنَّمَا مُرَادُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يُحِبُّ الدُّخُولَ فِيهَا وَلَا يَخْتَارُهُ لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ فَهِيَ كَرَاهَةٌ إِرْشَادِيَّةٌ لَا شَرْعِيَّةٌ، فَلَوْ فَعَلَهَا لَمْ يُوصَفْ فِعْلُهُ بِقُبْحٍ بَلْ هُوَ آتٍ بِعِبَادَةٍ فِيهَا فَضْلٌ إِجْمَاعًا، إِمَّا فَضْلٌ يَزِيدُ عَلَى فَضْلِ الْآذَانِ كَمَا هُوَ رَأْيُ الرافعي، أَوْ يَنْقُصُ عَنْهُ كَمَا هُوَ رَأْيُ النووي، وَلَوْ كَانَتِ الْإِمَامَةُ مَكْرُوهَةً كَرَاهَةً شَرْعِيَّةً لَمْ يَكُنْ فِيهَا فَضْلٌ الْبَتَّةَ ; لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ وَالثَّوَابَ لَا يَجْتَمِعَانِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ القرافي، وَكَرِهَ مالك مَا ذَكَرَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ أَحَبَّ وَاخْتَارَ أَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ فَهُوَ أَمْرٌ إِرْشَادِيٌّ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ الْكَرَاهَةَ الَّتِي يَدْخُلُ مُتَعَلِّقُهَا فِي قِسْمِ الْقَبِيحِ، مَعَاذَ اللَّهِ هَذَا لَا يُظَنُّ بِمَنْ هُوَ دُونَ

ص: 131