الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالجَسَارةِ؛ ولذا جاء الوحيُ مُتَمِّماً للفطرةِ في كلِّ واحدٍ منهما.
وشدَّدَ اللهُ على الرجُلِ في غَضِّ البصرِ، وشدَّدَ على المرأةِ في الحجابِ؛ حتى يَقِلَّ ما بينهما مِن تجاذُبٍ ومَيْلٍ، ولا يعني هذا أنه يجوزُ للرجلِ إبداءُ مفاتِنِه؛ فيَفْتِنُ، ولا أنه يجوزُ للمرأةِ إطلاقُ بصَرِها؛ فتُفْتَن؛ ولكنَّ الوحيَ يشُدُّ الحبالَ المرتَخِيةَ في النفوسِ، أشدَّ مِن الحبالِ الثابتةِ فيها، وأقرَبُ الناسِ إلى السقوط يُجذَبُ أشدَّ مِن البعيدِ عنها، حتى تكتمِلَ فطرةُ العفافِ وتصِحَّ، فإذا لم يَغُضَّ الرجلُ بصَرَه، فإنَّ المرأةَ تدفَعُ فتنَتَه بحجابِها، وإن لم تتحَجَّبِ المرأةُ فالرجلُ يدفَعُ فتنَتَها بغَضِّ بصرِه؛ ولهذا ربَطَ اللهُ بينَ غَضِّ البصرِ وبين الزِّنَى؛ لأنَّه سببٌ له، فقال للرجالِ:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النُّور: 30]، وقال للنساء:{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النُّور: 31]؛ ولكنه زاد في النساء: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النُّور: 31].
ميلُ الجنسَيْنِ بعضِهما إلى البعضِ:
كثُرَتِ الدعواتُ الفكريةُ إلى التهوينِ مِن وسائل
الزنى، وربما إلى التهوينِ مِن الزنى بذاتِه، بأساليبَ متنوعةٍ، والأفكارُ الليبراليةُ اليومَ تؤصِّلُ لذلك بطرقٍ كثيرةٍ، كلُّ مجتمعٍ ويلدٍ بِحَسَبِه، ومِن أخطَرِ تلك الوسائلِ: التهوينُ مِن ميلِ الجنسَيْنِ بعضِهما إلى البعضِ، ومكابَرَةُ الفطرةِ والغريزةِ المركَّبةِ في الإنسانِ كما يُركَّبُ الماءُ مِن عناصِرِه، فيثيرون أموراً فطريةً مسلَّمةً لا عَلَاقةَ لها بالمناهي والأحكامِ الشرعيةِ التي أمَرَ اللهُ بها الجنسَيْنِ حتى لا يُكْسَرَ العفافُ وتقَعَ الفواحِشُ؛ فيُحْيُونَ أخوَّةَ الجنسينِ، و (النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ)(1)، ويُكْثِرُونَ مِن ذكرِ تكافُلِهما وتعاوُنِهما، ويحيونَ البراءةَ وسلامةَ القلبِ، ويُظْهِرونَ الغاياتِ الماديَّةَ الصحيحةَ، وأنْ لا حاجةَ لتنافُرِ الجنسينِ، ويجبُ كَسْرُ ما بينَهما، ويَرْمُونَ مَن يحتاطُ للغاياتِ التي حرَّمَ اللهُ الوسائلَ لأجلِها، بالشكِّ والوَسْوسةِ والرِّيبةِ والشهوانيةِ، حتى يُشْعِرُوا غيرَهم بالخجَلِ مِن سوءِ قَصْدِه المزعومِ، ويرفَعُوا رؤوسَهم بنبلِ مقاصدِهم.
وأُسلوبُ التخجيلِ أُسلوبٌ عقليٌّ قديمٌ، هروباً مِن
(1) يُرْوَى مرفوعاً مِن حديثِ عائشةَ رضي الله عنها؛ أخرجه أبو داود (236)، والترمذي (113).