الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثالث: الوَجْه
؛ فإنَّ الخمارَ قُمَاشٌ طويلٌ ممتتَدٌّ مشدودٌ تُنزِلُه المرأةُ مِن قاعدتِه -وهي الرأسُ- على ما شاءت، ومنه الوجهُ، وصحَّ عن هثامٍ، عن حفصةَ بنتِ سيرينَ أُمِّ الهُذَيْلِ، قالتْ:«تُخَمَّرُ المرأةُ المَيِّتَةُ، كما تُخَمَّرُ الحَيَّةُ، وتُدَرَّعُ مِنَ الخمارِ قَدْرَ ذراعٍ تَسْدُلُهُ على وَجْهِها» (1).
وقال الفرزدَقُ:
نِسَاءٌ بِالمَضَايِقِ مَا يُوَارِي
…
مَخَازِيَهُنَّ مُنْتَقَبُ الخِمَارِ (2)
وكذلك: فإنَّ الخمارَ يُسَمَّى نَصِيفاً عندَ العربِ، وفي لغةِ الشرعِ؛ ولذا جاء في «الصحيح» مِن حديثِ أَنَسٍ رضي الله عنه مرفوعاً:(لَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى الأَرْضِ، لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا، وَلَمَلَأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحاً، وَلَنَصِيفُهَا -يعني: الخمارَ- خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا)(3)،
(1) أخرجه عبد الرزاق في «مصنفه» (6220)، وابن أبي شيبة في «مصنفه» (11219). واللفظُ لعبدِ الرزاق.
(2)
(«ديوان الفرزدق» (ص 305).
(3)
أخرجه البخاري (2796 و 6568)، وهو عند مسلم (1880)؛ مختصراً.
وقد جاء في «المصنَّف» لابنِ أبي شَيْبةَ مِن مُرْسَلِ الحسَنِ تفسيرُ الخمارِ بالنَّصِيفِ صريحاً مِن قولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم (1).
وفي «المسند» لأحمدَ جاءَ مِن حديثِ أبي هريرةَ رضي الله عنه تفسيرُ النَّصِيفِ موقوفاً عليه (2).
والنَّصِيفُ -وهو الخِمَارُ- تُطْلِقُه العربُ على ما يُغَطَّى به الوجهُ، وقد قال النابغةُ:
سَقَطَ النَّصِيفُ وَلَمْ يُرِدْ إِسْقَاطَهُ
…
فَتَنَاوَلَتْهُ وَاتَّقَتْنَا بِاليَدِ (3)
ويُستعمَلُ الخمارُ في هذه المعاني الثلاثةِ أو بعضِها، ولكنَّ أصلَ استعمالِ النساءِ للخمارِ على أنَّ له محيطاً ووسطاً يبدأُ مِن الرأسِ ويُحِيطُ به، وينزِلُ تبعاً على الكتفَيْنِ والوجهِ والصدرِ، كما قال ابنُ خزيمةَ في «الصحيح»:«الخِمَارُ الذي تَسْتُرُ به وجهَها؛ بل تَسْدُلُ الثوبَ مِن فوقِ رأسِها على وجهِها» (4).
وإنْ كشفَتِ المرأةُ خمارَها عن وجهِها لمَحْرَمِها،
(1) أخرجه ابنُ أبي شيبةَ في «مصنَّفِه» (35156).
(2)
أخرجه أحمد (2/ 483 رقم 10270).
(3)
(«ديوان النابغة الذُّبْيَاني» (ص 107).
(4)
«صحيح ابن خزيمة» (4/ 203).