الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب التوسّل والشفاعة
التوسّل والاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم
-
90 -
عرض على هيئة الفتوى الاستفتاء المقدَّم من السيد / فلاح، ونصُّه:
ما حكم التغني أو تردديد الشعر الآتي: يا رسول الله خذ بيدي؛ هل فيه استغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم من دون الله أم لا؟ وهل هذه الاستغاثة شرك بالله أم لا؟ وهل في هذه الكلمات إطراء بالنبي صلى الله عليه وسلم الإطراء المذموم الذي جاء في الحديث: «لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم» . أفتونا مأجورين.
أجابت الهيئة بما يلي:
إن الحكم في قول القائل: «يا رسول الله خذ بيدي» بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم يتوقف على قصد القائل به، فإن قُصِد به الاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم فيما لا يقدر عليه حال حياته، فهذا غير جائز، وإن قُصِد الاستغاثة به صلى الله عليه وسلم فيما يقدر عليه حال حياته، فهو غير جائز كذلك، وإن قُصِد بهذا القول مجرد إطراء النبي صلى الله عليه وسلم بما خَصَّه الله يوم القيامة من كرامة الشفاعة لأمته، والسيادة على الناس يوم القيامة، مع تمنيه وتوسله بذلك لنيل شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم له إلى ربه حتى يرحهم من مقامهم في الموقف، لا على سبيل الدعاء والطلب، بل على سبيل الخطاب بما سيؤول إليه الحال، فهذا مما لا بأس به، وقد ورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه: «يا محمد، أنت رسول الله، وخاتم الأنبياء، وقد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ فأنطلق فآتي تحت العرش
فأقع ساجداً لربي، ثم يفتح الله علي من محامده، وحُسْن الثناء عليه شيئاً لم يفتحه على أحد قبلي، ثم يُقال: يا محمد ارفع رأسك، سَلْ تُعْطَه، واشْفَع تُشَفَّع» أخرجه البخاري في صحيحيهما.
والأولى بالمسلم أن يتحرّى ويقتفي آثار النبي صلى الله عليه وسلم في أدعيته وأذكاره، فإن الدعاء من أفضل العبادات، والعبادات مبناها على السُّنَّة والاتّباع، لذى فمن أراد شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، فليسألها من الله تعالى وليقل: اللهم شفِّع فيَّ نبيَّك، أو اللهم ارزقني شفاعة نبيِّك، أو يا رب اجعلني ممن تشفَّع فيهم نبيُّك، وليُتْبع سؤاله الشفاعة من الله تعالى، بالعمل الموجب لها، والمقتضى تحقيقها، من الإخلاص لله تعالى في العبادة، والاجتهاد في أداء ما فرض الله عليه، وسؤال الله الوسيلة والفضيلة لنبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم وبخاصّة عقب الأذان للصلوات المفروضة.
وأما إطراء النبيّ صلى الله عليه وسلم بمدحه، والثناء عليه بأحسن ما فيه، وبما خصّه الله تعالى من كرامة بين سائر إخوانه من الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليهم أجمعين من الشفاعة العظمى، وغيرها من أنواع الشفاعات يوم القيامة، من غير أن يكون في ذلك غُلُوٌّ، فهذا مما لا بأس به بإذن الله تعالى، والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.