الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موقف الأستاذ محمد حسين من الأحاديث الضعيفة
أصول ينبغي معرفتها قبل مناقشة كلام الأستاذ محمد حسين:
أولاً: أثر الأحاديث الضعيفة في الابتداع في الدين:
ذكر الإمام الشاطبي أن من طرق المبتدعة في الاستدلال: اعتمادهم على الأحاديث الواهية الضعيفة، والمكذوب فيها على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم قال: «والأحاديث الضعيفة الإسناد لا يغلب على الظن أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالها، فلا يمكن أن يُسنَد إليها حكم، فما ظنك بالأحاديث المعروفة الكذب؟
…
وهذا على فرض ألا يعارض الحديثَ أصلٌ من أصول الشريعة، وأما إذا كان له معارض فأحرى ألا يُؤخَذ به» (2).
ثانياً: قال الشيخ الألباني: «لا يجوز ذكر الحديث الضعيف إلا مع بيان ضعفه، وإلا دخل تحت الوعيد في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «من حدَّث عنِّي بحديث يُرى أنه كذب فهو أحدُ الكاذبيْن» رواه مسلم.
واعلم أن من يفعل ذلك فهو أحد رجلين: إما أن يعرف ضعف تلك الأحاديث ولا يُنبّه على ضعفها فهو غاشّ للمسلمين وداخل حتماً في الوعيد المذكور، وإما أن لا
(1) صحيح الترغيب والترهيب للشيخ الألباني (ص23)(المقدمة).
(2)
الاعتصام (1/ 217 - 218).
يعرف نسبتها فهو آثم أيضاً لإقدامه على نسبتها إليه صلى الله عليه وآله وسلم دون علم وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: «كفى بالمرء كذباً أن يحدِّث بكل ما سمع» (1)، وقد صرح النووي بأن من لا يعرف ضعف الحديث لا يحل له أن يهجم على الاحتجاج به من غير بحث عليه بالتفتيش عنه إن لم يكن عارفاً» (2).
* قال الشيخ أحمد شاكر: «من نقل حديثاً صحيحاً بغير إسناده وجب أن يذكره بصيغة الجزم فيقول مثلاً: «قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم» وأما إذا نقل حديثاً ضعيفاً أو حديثاً لا يعلم حاله، أصحيح أم ضعيف، فإنه يجب أن يذكره بصيغة التمريض كأن يقول:«رُوِى عنه كذا» أو «بلغنا كذا» .
وإذا تيقن ضعفه وجب عليه أن يبين أن الحديث ضعيف؛ لئلا يغتر به القارئ أو السامع، ولا يجوز للناقل أن يذكره بصيغة الجزم، لأنه يوهم غيره أن الحديث صحيح، خصوصاً إذا كان الناقل من علماء الحديث الذين يثق الناس بنقلهم» (3).
* هل تكفي كلمة «رُوي» أو «بلغنا» ونحوهما؟
قال الشيخ الألباني: «أرى أن هذا لا يكفي اليوم لغلبة الجهل، فإنه لا يكاد يفهم أحد من كتب المؤلف أو قول الخطيب على المنبر: «رُوي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كذا وكذا» أنه حديث ضعيف، فلابد من التصريح بذلك كما جاء في أثر على رضي الله عنه قال:«حدِّثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يُكذَّب اللهُ ورسولُه» أخرجه البخاري (4).
ثالثاً: لا يجوز استحباب شيء لمجرد حديث ضعيف في الفضائل:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «ما عليه العلماء من العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ليس معناه إثبات الاستحباب بالحديث الذي لا يُحتج به، فإن
(1) رواه الإمام مسلم (5).
(2)
تمام المنة في التعليق على فقه السنة للشيخ الألباني (ص33 - 34).
(3)
الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث (ص90).
(4)
صحيح الترغيب والترهيب (ص21)(المقدمة).
الاستحباب حكم شرعي فلا يثبت إلا بدليل شرعي، ومن أخبر عن الله أنه يحب عملاً من الأعمال من غير دليل شرعي فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله، كما لو أثبت الإيجاب أو التحريم، ولهذا يختلف العلماء في الاستحباب كما يختلفون في غيره، بل هو أصل الدين المشروع» (1).
رابعاً: معنى العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال:
خامساً: لا يجوز التقدير والتحديد بأحاديث الفضائل الضعيفة:
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «إذا تضمنت أحاديث الفضائل الضعيفة تقديراً وتحديداً، مثل صلاة في وقت معين بقراءة معينة أو على صفة معينة لم يجُز ذلك، لأن استحباب هذا الوصف المعين لم يثبت بدليل شرعي» (3).
سادساً: شروط العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال عند القائلين به:
1 -
أن يكون الضعف غير شديد، فيخرج من انفرد من الكذابين والمتهمين بالكذب ومن فحش غلطه.
(1) مجموع الفتاوى (9/ 328).
(2)
مجموع الفتاوى (9/ 328).
(3)
مجموع الفتاوى (9/ 329).
2 -
أن يكون مندرجاً تحت أصل عام، فيخرج ما يُخترع بحيث لا يكون له أصل أصلاً.
3 -
أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته؛ لئلا ينسب إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما لم يَقُله (1).
* قال الشيخ الألباني: «هذه الشروط توجب على أهل العلم والمعرفة بصحيح الحديث وسقيمه أن يميزوا للناس شيئين هامين: الأول: الأحاديث الضعيفة من الصحيحة، والآخر: الأحاديث الشديدة الضعف من غيرها» (2).
سابعاً: هل هناك إجماع من العلماء على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال؟
قال الشيخ الألباني: «الخلاف في ذلك معروف، فإن بعض العلماء المحققين على أنه لا يعمل به مطلقاً، لا في الأحكام ولا في الفضائل، قال الشيخ القاسمى رحمه الله في (قواعد التحديث) (ص94): «حكاه ابن سيِّد الناس في عيون الأثر عن يحيى بن معين، ونسبه في (فتح المغيث) لأبي بكر بن العربي، والظاهر أن مذهب البخاري ومسلم ذلك أيضاً
…
وهو مذهب ابن حزم
…
» قلت: وهذا هو الحق الذي لا شك فيه عندي» (3).
* قال الحافظ ابن حجر: «لا فرق في العمل بالحديث الضعيف في الأحكام أو في الفضائل إذا الكل شرع» (4).
* قال الشيخ أحمد شاكر: «لا فرق بين الأحكام وبين فضائل الأعمال ونحوها في عدم الأخذ بالرواية الضعيفة، بل لا حجة لأحد إلا بما صح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من حديث صحيح أو حسن» (5).
(1) صحيح الترغيب والترهيب (ص18) المقدمة، عن القول البديع للإمام السخاوى (195).
(2)
صحيح الترغيب والترهيب (ص18) المقدمة.
(3)
تمام المنة في التعليق على فقه السنة (ص34).
(4)
تبيين العجب (ص3، 4)
(5)
الباعث الحثيث (ص91).