المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تاسعا: مسألة طول الملابس وقصرها - الرد على اللمع

[شحاتة صقر]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌كيف تناقش مبتدعاً

- ‌منهج الأستاذ محمد حسين في كتابه

- ‌أقوال للشيخ حسن البنا رحمه الله في وجوب اتباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهديها لأتباعه

- ‌قواعد أساسية في السنن والبدع ينبغي معرفتها

- ‌القاعدة الأولىتعريف البدعة

- ‌القاعدة الثانيةالحث على التمسك بالدين وإحياء السنة والتحذير من الابتداع

- ‌القاعدة الثالثةالأسباب التي أدت إلى ظهور البدع

- ‌القاعدة الرابعةتقسيم السنة إلى فعلية وتركية

- ‌القاعدة الخامسةالأصل في العبادات المنع

- ‌القاعدة السادسةمفاسد البدع

- ‌القاعدة السابعةأقسام البدع

- ‌القاعدة الثامنةهل في الدين بدعة حسنة

- ‌القاعدة التاسعةحكم البدعة في الدين بجميع أنواعها

- ‌القاعدة العاشرةالفرق بين البدعة والمصالح المرسلة

- ‌القاعدة الحادية عشرةالفرق بين البدع والاستحسان

- ‌القاعدة الثانية عشرةالمبتدع يتبع المتشابه وينصر به بدعته

- ‌القاعدة الثالثة عشرةالمبتدع يتخذ من زلات العلماء حجة لبدعته على الشرع

- ‌القاعدة الرابعة عشرةهل كل خلاف معتبر

- ‌القاعدة الخامسة عشرةأسباب الخطأ من أهل العلم

- ‌القاعدة السادسة عشرةأقوال الأئمة في اتباع السنة وترك أقوالهم المخالفة لها

- ‌القاعدة السابعة عشرةقواعد عامة لمعرفة البدعة

- ‌القاعدة الثامنة عشرةالخلاف في بعض البدع

- ‌القاعدة التاسعة عشرةالفرق بين البدعة والمبتدع

- ‌الرد على الشبهات التي استدل بها الأستاذ محمد حسين على جواز الابتداع في الدين وأن في الإسلام بدعة حسنة

- ‌الشبهة الثالثةتقسيم بعض العلماء البدع إلى حسنة وقبيحة

- ‌موقف الأستاذ محمد حسين من الأحاديث الضعيفة

- ‌مناقشة كلام الأستاذ محمد حسين

- ‌تجلية بدع وأخطاء (اللمع)

- ‌أولاً: الذكر الجماعي

- ‌ثانياً: صلاة النافلة مطلقاً جماعة وفي المساجد

- ‌ثالثاً: إحياء عشر ذي الحجة جماعة في المساجد

- ‌رابعاً: الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌خامساً: احتفال الشخص بعيد ميلاده أو عيد ميلاد أولاده

- ‌سادساً: الاحتفال بعيد الأم

- ‌سابعاً: الاحتفال بعيد شم النسيم

- ‌ثامناً: مسألة اللحية

- ‌تاسعاً: مسألة طول الملابس وقِصَرِها

- ‌عاشراً: معاملة أهل الذمة

- ‌حادي عشر: تلقين الميت بعد دفنه

- ‌ثاني عشر: إقامة السرادقات لأخذ العزاء

- ‌ثالث عشر: قراءة القرآن على القبر

- ‌رابع عشر: مسألة التوسل

- ‌خامس عشر: مسألة إخراج القيمة في زكاة الفطر

- ‌سادس عشر: مسألة الأسماء والصفات

- ‌مناقشة بعض آراء الأستاذ محمد حسين في كتابه(سلوكيات وأحكام المرأة في المجتمع المسلم)

- ‌بين الأستاذ محمد حسين والشيخ حسن البنا. . مقارنة

- ‌وختاماًً

الفصل: ‌تاسعا: مسألة طول الملابس وقصرها

‌تاسعاً: مسألة طول الملابس وقِصَرِها

* عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه قال: سألت أبا سعيد الخدري عن الإزار، فقال: على الخبير سقطتَ! قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إزْرَةُ المسلم إلى نصف الساق، ولا حرج ـ أو لا جناح ـ فيما بين الكعبين، ما كان أسفل الكعبين فهو في النار، من جر إزاره بطراً لم ينظر الله إليه» (1).

قسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم طول القميص إلى أربعة أقسام:

1 -

السُّنة: إلى نصف الساق.

2 -

الرخصة: ما نزل من نصف الساق إلى الكعب.

3 -

كبيرة من كبائر الذنوب: ما نزل عن الكعبين.

4 -

من جر ثوبه خيلاء أو بطراً؛ وهو أشد من الذي قبله.

وفي هذا دليل على أن من أنزل ثوبه: إزاراً أو قميصاً أو سروالاً أو (مشلحاً) إلى أسفل من الكعبين فإنه قد أتى كبيرة من كبائر الذنوب سواء فعل ذلك خيلاء أو لغير الخيلاء، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرّق في هذا الحديث بين ما كان خيلاء وما لم يكن كذلك فالذي جعله خيلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة.

وإذا ضممنا هذا الحديث إلى حديث أبي ذر (2) رضي الله عنه قلنا: لا ينظر الله إليه ولا يكلمه ولا يزكيه وله عذاب أليم.

أما ما دون الكعبين فإنه يعاقب عليه بالنار فقط، ولكن لا تحصل له العقوبات

(1) رواه الإمام أبو داود (4093) وصحح الإمام النووي إسناده، وصححه الشيخ الألباني.

(2)

عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم» قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاث مِرَار، قال أبو ذر: خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟! قال:«المسبل والمنان والمنَفِّق سلعته بالحلف الكاذب» رواه الإمام مسلم (106).

ص: 172

الأربع (1).

* قال صلى الله عليه وآله وسلم: «الإسبال في الإزار والقميص والعمامة، من جر منها شيئاً خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة» (2).

* مناقشة كلام الأستاذ محمد حسين:

أولاً: قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر رضي الله عنه: «إنك لَسْتَ ممن يفعلُه خُيَلاء» .

* الرد:

1 -

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة» ، قال أبو بكر رضي الله عنه:«يا رسول الله، إن أحد شقى إزارى يسترخى إلا أن أتعاهد ذلك منه» ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:«لستَ ممن يفعله خيلاء» (3).

قال الحافظ ابن حجر في شرح الحديث من فتح الباري: «(الشق): الجانب، (يسترخا):

وكان سبب استرخائه نحافة جسم أبي بكر، (إلا أن أتعاهد ذلك منه): أي يسترخى إذا غفلتُ عنه، فكأن شدّه كان يَنْحَلّ إذا تحرك بمشْى أو غيره بغير اختياره.

قوله: «لست ممن يصنعه خيلاء» : فيه أنه لا حرج على من انجر إزاره بغير قصد مطلقاً» (4).

يتضح من كلام الحافظ ابن حجر أن أبا بكر رضي الله عنه لم يُرخ ثوبه اختياراً منه، بل كان ذلك يسترخا، ومع ذلك فهو يتعاهده، ومع ذلك فإن أبا بكر رضي الله عنه لم يبرّئ نفسه ابتداءً عند سماع الحديث، وسؤاله يدل على أنه اتهم نفسه وخاف عليها، والذين يسبلون ويزعمون أنهم لم يقصدوا الخيلاء يرخون ثيابهم عن قصد، فنقول لهم؛ إن قصدتم

(1) شرح رياض الصالحين للشيخ ابن عثيمين (1/ 634).

(2)

رواه الإمام أبو داود (4094) وصححه الشيخ الألباني.

(3)

رواه الإمام البخاري (5784).

(4)

فتح الباري (10/ 308 - 309).

ص: 173

إنزال ثيابكم إلى أسفل من الكعبين بدون قصد الخيلاء عُذبتم على ما نزل فقط بالنار، وإن جررتم ثيابكم خيلاء عُذبتم بما هو أعظم من ذلك: لا يكلمكم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليكم، ولا يزكيكم ولكم عذاب أليم.

2 -

أبو بكر رضي الله عنه زكاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وشهد له أنه ليس ممن يفعل ذلك خيلاء، فهل نال أحد من هؤلاء تلك التزكية والشهادة؟! (1)

3 -

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: مررت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي إزاري استرخاء فقال: «يا عبد الله، ارفع إزارك

» (2)، فهل الذين يسبلون ويزعمون أنهم لم يقصدوا الخيلاء أفضل من عبد الله بن عمر، فقد أمره الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن يرفع إزاره، ولم يسأله: هل تفعل ذلك خيلاء أم لا؟

4 -

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة» ، فقالت أم سلمة:«فكيف يصنع النساء بذيولهن؟» ، قال:«يرخين شبراً» ، فقالت:«إذاً تنكشف أقدامهن» ، قال:«فيرخينه ذراعاً، لا يزدن عليه» (3).

فلو كان التحريم مختصاً بالخيلاء لما كان في استفسار أم سلمة عن حكم النساء في جر ذيولهن معنا، بل فهمَتْ الزجر عن الإسبال مطلقاً سواء كان عن مخيلة أم لا، فسألَتْ عن حكم النساء في ذلك لاحتياجهن إلى الإسبال من أجل ستر العورة، لأن جميع قدمها عورة، فبين لها أن حكمهن في ذلك خارج عن حكم الرجال في هذا المعنى فقط، وقد نقل القاضي عياض الإجماع على أن المنع في حق الرجال دون النساء، ومراده منع الإسبال؛ لتقريره صلى الله عليه وآله وسلم أم سلمة على فهمها، إلا أنه بيّن لها أنه عام مخصوص لتفرقته في الجواب بين الرجال والنساء في الإسبال وتبيينه القدر الذي يمنع

(1) فتاوى أركان الإسلام للشيخ ابن عثيمين (ص298 - 299) بتصرف.

(2)

رواه الإمام مسلم (2086).

(3)

رواه الإمام الترمذي (1801) وصححه الشيخ الألباني.

ص: 174

ما بعده في حقهن كما بين ذلك في حق الرجال.

والحاصل أن للرجال حالين: حال استحباب وهو أن يقتصر بالإزار على نصف الساق، وحال جواز وهو إلى الكعبين، وكذلك النساء حالان: حال استحباب وهو ما يزيد على ما هو جائز للرجال بقدر الشبر، وحال جواز بقدر ذراع. (1)

* قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: «قال ابن العربي: «لا يجوز للرجل أن يجاوز بثوبه كعبه، ويقول: لا أجُرّه خيلاء، لأن النهي قد تناوله لفظاً، ولا يجوز لمن تناوله اللفظ حكماً أن يقول لا أمتثله لأن تلك العلة ليست فيّ، فإنها دعوى غير مسَلَّمة، بل إطالته ذيله دالة على تكبُّره» ا. هـ ملخصاً، ثم قال الحافظ:«وحاصله أن الإسبال يستلزم جر الثوب وجر الثوب يستلزم الخيلاء ولو لم يقصد اللابس الخيلاء ويؤيده ما أخرجه أحمد عن ابن عباس في أثناء حديث رفعه (2): «وإياك وجر الإزار، فإن جر الإزار من المخيلة» (3).

ثانياً: كالعادة اعتمد الأستاذ محمد حسين (ص73 - 75) على أقوال وأفعال لبعض العلماء.

* الرد:

1 -

معظم هذه الأقوال معتمدة على قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لأبي بكر: «لست ممن يفعله خيلاء» وقد سبق الرد على ذلك.

2 -

سبق الرد على منهج المؤلف في ترك الأحاديث لأقوال العلماء (أنظر مسألة اللحية).

3 -

فعل الصحابي أو قوله إذا خالف قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يؤخذ به فمن دونه من باب أولا.

(1) فتح الباري (شرح حديث 5788)(10/ 312).

(2)

رفعه: أي رفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أي أن النبي هو الذي قال ذلك.

(3)

فتح الباري (شرح حديث 5791)(10/ 318).

ص: 175

4 -

العلماء الذين نقل عنهم ـ إن صح النقل ـ أمروا بترك أقوالهم وأفعالهم إذا خالفت قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (1).

ثالثاً: نقل الأستاذ محمد حسين (ص73) أن الشيخ تقي الدين ـ شيخ الإسلام ابن تيمية ـ اختار عدم تحريمه ولم يتعرض للكراهة ولا عدمها.

* توضيح: سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن طول السراويل إذا تعدى عن الكعب هل يجوز؟

فأجاب: «طول القميص والسراويل وسائر اللباس، إذا تعدى ليس له أن يجعل ذلك أسفل الكعبين، كما جاءت بذلك الأحاديث الثابتة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقال: «الإسبال في السراويل والإزار والقميص» (2)، يعنى نهى عن الإسبال» (3)، وقال أيضاً:«الإسبال والجر منهي عنه بالاتفاق، وهو محرم على الصحيح» (4).

سؤال: لو تخيلنا أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم جاءنا وقال لنا ـ كما قال لابن عمر ـ: «ارفع إزارك» ، فهل ننقل له أقوال العلماء كما ذكر الأستاذ محمد حسين في (اللمع) أم نقول:«سمعاً وطاعة يا رسول الله» ؟

* الدين كله لُباب لا قشور فيه:

قال الدكتور عمر الأشقر ـ وهو أحد رموز الإخوان المسلمين في الأردن ـ: «يجب الاعتناء بفعل الأعمال التي فرضها الله علينا أو حبَّب إلينا القيام بها، وبترك ما نهى عنه من أعمال؛ لأن ذلك جزء من الإيمان، فالعمل المتروك ـ وإن كان قليلاً ـ يُنقِص من الإيمان بذلك المقدار.

ومن هنا يجب أن ينتبه الذين يهوّنون من شأن العمل بسنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

(1) راجع أقوالهم في بداية هذا الكتاب.

(2)

رواه الإمام أبو داود (2094) بلفظ: «الإسبال في الإزار والقميص والعمامة» وصححه الشيخ الألباني.

(3)

مجموع الفتاوى (11/ 446) الطبعة القديمة (22/ 144).

(4)

اقتضاء الصراط المستقيم (ص118).

ص: 176

والتزامها إلى خطورة موقفهم، وقد يتعدى بعض هؤلاء طوره فيصف أموراً من السنن أو الدين بأنها قشور، ونسأل الله أن يعفو عن هؤلاء، فإن الدين كله لباب لا قشور فيه، وإن تفاوتت أمور الدين في الأهمية

وكم يؤثر في نفسي مشهد عمر رضي الله عنه عندما طُعِن ودخل عليه شاب وقال لعمر قولاً حسناً، فلما أدبر الشاب ليخرج، إذا إزاره يمس الأرض، فدعاه عمر رضي الله عنه وقال له:«يا ابن أخي، ارفع ثوبك؛ فإنه أنقى لثوبك، وأتقى لربك» ، ولم يمنعه الموت الذي نزل به من أن يرشد ذلك الرجل إلى أمرٍ يَعُدَّه كثير من الناس اليوم من القشور التي لا يجوز أن يُعنَى بها» (1).

مثال لإنكار النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهذا المنكر (الإسبال): أبصر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجلاً يجر إزاره فأسرع إليه أو هرول، فقال:«ارفع إزارك واتق الله» ، قال: إني أحنف تصطك ركبتاي، فقال:«ارفع إزارك فإن كل خلق الله عز وجل حسن» . فما رُؤيَ ذلك الرجل بعدُ إلا إزاره يصيب أنصاف ساقيه أو إلى أنصاف ساقيه (2).

الحَنَف: إقْبال القدَم بأصابعها على القَدم الأخْرَا.

الصَّكَكُ: ان تَضْرِب إحْدى الركْبتَين الأُخْرى عند العَدْو.

فتأمل إنكار النبي صلى الله عليه وآله وسلم على هذا الصحابي رغم ما رأيتَ من حاله رضي الله عنه، وتأمل امتثاله لأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقارن بينه وبين من يسبلون ثيابهم اليوم بحجج واهية.

(1) العقيدة في الله في ضوء الكتاب والسنة (1/ 23 - 24)، والأثر رواه الإمام البخاري (3700).

(2)

رواه الإمام أحمد في المسند 19367، وصححه الشيخ الألباني في الصحيحة 1441.

ص: 177