الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خامس عشر: مسألة إخراج القيمة في زكاة الفطر
(1)
*قال الشيخ محمد إسماعيل المقدم: «لقد شاع القول بإخراج القيمة مطلقاً وذاع فشب عليه الصغير، وهرم عليه الكبير، واستفاض في الناس، وجرى عليه عامتهم وخاصتهم حتى كاد الفرع ـ الذي هو إخراج القيمة ـ يعود على الأصل ـ والذي هو إخراج الأعيان المنصوصة ـ بالبطلان والنسيان، الأمر الذي أدى ببعض الناس إلى أن ينكروا على من يخرج الأعيان المنصوصة في الأحاديث الشريفة، رغم اتفاق العلماء على أن الأعيان تجزيء، وإنما كان الذي اختلفوا عليه هو (القيمة) هل تصلح بدلاً عن الأعيان المنصوصة أم أنها لا تجزئ؟
وقد نشأ اختلافهم هذا عن اختلافهم في النظر إلى حقيقة الزكاة هل هي عبادة وقربة إلى الله تعالا؟ أم هي حق مرتب في مال الأغنياء للفقراء أي: (ضريبة مالية) مفروضة على من وجبت عليه الزكاة؟ (2)
* جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (9/ 380): «لا يجوز توزيع زكاة الفطر نقداً على الصحيح فيما نعلم، وهو قول جمهور العلماء» اهـ.
* قال الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم: «لعل أقرب الأقوال إلى الأدلة، وأنسبها لواقعنا وأبعدها عن إيرادات المخالفين ـ فيما يتعلق بزكاة الفطر خاصة ـ:
إخراج الزكاة من غالب قوت البلد مما يُكال ويُدخر بناء على توسع بعض الأئمة
(1) انظر المسألة بالتفصيل في كتاب (هل تجزيء القيمة في الزكاة؟) للشيخ محمد إسماعيل المقدم (ص4 - 5). وقال في المقدمة: مقصود البحث هو: 1 - تنبيه المسلمين إلى أن إخراج الأعيان هو الأصل أولاً. 2 - بل هو الراجح ثانياً. 3 - ثم التخفيف من غُلَواء بعض من يشتدون في النكير على من يخرج القيمة ببيان أنه خلاف فقهي ذهب إليه أئمة أجِلّة، اعتماداً على بعض الأدلة، وليس اتباعاً لهوى ـ حاشاهم ـ أو قصداً إلى مخالفة من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وآله وسلم. 4 - ثم شحذ همم محبي السنة أن يحيوها بتجديد هذه الشعيرة الإسلامية، قبل أن تطوى في عالم النسيان.
(2)
هل تجزيء القيمة في الزكاة؟ للشيخ محمد إسماعيل المقدم (ص4 - 5).
في مدلول كلمة (طعام) التي وردت في حديث أبى سعيد الخدري رضي الله عنه: «كنا نخرج زكاة الفطر صاعاً من طعام
…
» (1) الحديث.
فإنه لا يوجد أحد يستغنى عن القوت الغالب، وإذا كثر عنده فإنه يصلح لادخاره، وبالتالي لا يضطر لبيعه بثمن بخس، وربما إذا أعطى الفقير مالاً قد ينفقه في منفعة شخصية أو كمالية، فضلاً عن أمور محظورة شرعاً كالتدخين، فدفع الطعام أولى وأجدى له ولأولاده» (2).
* قال الشيخ ابن باز رحمه الله: «
…
زكاة الفطر عبادة بإجماع المسلمين والعبادات الأصل فيها التوقيف، فلا يجوز لأحد أن يتعبد بأي عبادة إلا بما ثبت عن المشرع الحكيم عليه صلوات الله وسلامه الذي قال عنه ربه تبارك وتعالى:{وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَا} [النجم: 3 - 4] وقال هو في ذلك: «من أحْدَثَ في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» (3)، وقال:«من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» (4)، وقد بيّن هو صلوات الله وسلامه عليه زكاة الفطر بما ثبت عنه في الأحاديث الصحيحة:«صاعاً من طعام، أو صاعاً من تمر أو صاعاً من شعير أو صاعاً من أقط» (5)
…
فهذه سنة محمد صلى الله عليه وآله وسلم في زكاة الفطر.
ومعلوم أن وقت هذا التشريع وهذا الإخراج يوجد بيد المسلمين ـ وخاصة مجتمع المدينة ـ الدينار والدرهم اللذان هما العملة السائدة آنذاك ولم يذكرهما صلوات الله وسلامه عليه؛ إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، ولو فعل ذلك لنقله أصحابه رضي الله عنهم
…
ولا نعلم أن أحداً من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخرج النقود في زكاة الفطر، وهم أعلم الناس بسنته صلى الله عليه وآله وسلم، وأحرص الناس على العمل بها، ولو وقع منهم
(1) رواه الإمام لبخاري (1506).
(2)
هل تجزى القيمة (ص70).
(3)
رواه الإمام البخاري (2697)، الإمام مسلم (1718).
(4)
رواه الإمام مسلم (1718).
(5)
رواه الإمام البخاري (1503، 1506)، الإمام مسلم (985).
شيء من ذلك لنُقل كما نُقل غيره من أقوالهم وأفعالهم المتعلقة بالأمور الشرعية،
…
ومما ذكرنا يتضح لصاحب الحق أن إخراج النقود في زكاة الفطر لا يجوز ولا يجزئ عمن أخرجه؛ لكونه مخالفاً لما ذُكر من الأدلة الشرعية» (1).
(1) مجموع فتاوى ابن باز (14/ 208 - 211) بتصرف.