الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثاني عشر: إقامة السرادقات لأخذ العزاء
* قال الشيخ ابن باز: «الاجتماع في بيت الميت للأكل والشرب وقراءة القرآن بدعة، وإنما يؤتى أهل الميت للتعزية والدعاء لهم والترحم على ميتهم، أما أن يجتمعوا لإقامة مأتم بقراءة خاصة أو أدعية خاصة أو غير ذلك فذلك بدعة، ولو كان هذا خيراً لسبقنا إليه سلفنا الصالح» (3).
وقال أيضاً: «يشرع لكل مسلم أن يُعَزّي أخاه بعد خروج الروح في البيت أو في الطريق أو في المسجد أو في المقبرة» (4).
* مناقشة كلام الأستاذ محمد حسين:
قال الأستاذ محمد حسين (ص52، 53): «إقامة السرادقات لأخذ العزاء من
(1) كأنه يشير إلى حديث جرير بن عبد الله البجلا؛ قال: «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت، وصنعة الطعام من النياحة» رواه الإمام ابن ماجه (1612) وصححه الشيخ الألباني.
(2)
فقه السنة (2/ 91).
(3)
مجوع فتاوى الشيخ ابن باز (13/ 383).
(4)
مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (13/ 382).
العادات وليست من العبادات والحكم عليها من قِبَل المصالح أي النفع والضر، والحسن والقبح، فإن احتيج إليها للإيواء من الشمس والبرد وللجلوس لعدم وجود مكان يتسع لمن يجئ للعزاء فهي من المصالح المرسلة يفعلها الناس عادة ولا يتقربون بها إلى الله
…
وقد ثبت في البخاري أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جلس لأخذ العزاء في قتلى مؤتة».
الرد:
أولاً: قال الأستاذ محمد حسين (ص46): «أما عمل سنوية أو عمل أربعين أو عمل خميس أول للميت، فإنها من موروثات الوثنية الفرعونية، فهي لا تُعمَل إلا في مصر أيضاً، وهذه تُعمل وتُؤَدَّى باعتبارها دِيناً وواجباً دينياً، ويُلامُ مَنْ يتركه، لذلك فهي بدع مذمومة يجب القضاء عليها بنشر تعاليم الدين الحنيف» انتهى كلامه.
ونحن نتفق معه في أنها بدع مذمومة يجب القضاء عليها بنشر تعاليم الدين الحنيف، ولكن الواقع أن الناس يتعاملون مع الخميس والأربعين والسنوية بنفس الطريقة التي يتعاملون بها مع إقامة السرادقات لأخذ العزاء، فإما أن يكون ذلك كله من قبيل العادات وإما أن يكون من قبيل العبادات.
ثانياً: كلام الأستاذ محمد حسين عن سرادقات يجلس فيها الناس يحتاجها الناس للإيواء من الشمس والبرد وللجلوس، هل هذا هو الواقع؟ أم أن الواقع (كما يحدث في مصر مثلاً) شيء آخر؟
قال الشيخ السيد سابق: «ما يفعله بعض الناس اليوم من الاجتماع للتعزية، وإقامة السرادقات وفرش البسط، وصرف الأموال الطائلة من أجل المباهاة والمفاخرة، من الأمور المحدثة والبدع المنكرة التي يجب على المسلمين اجتنابها، ويحرم عليهم فعلها، لاسيما وأنه يقع فيها كثير مما يخالف هدي الكتاب ويناقض تعاليم السنة، ويسير وفق عادات الجاهلية، كالتغني بالقرآن، وعدم التزام آداب التلاوة،
وترك الإنصات، والتشاغل عنه بشرب الدخان وغيره» (1).
ثالثاً: استدلاله بالحديث على جواز السرادقات ليس في محله وذلك لما يلي:
1 -
نص الحديث: عن عائشة رضي الله عنها قالت: «لما جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم قَتْلُ ابن حارثة وجعفر وابن رواحة جلس يعرف فيه الحزن» (2).
2 -
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري عند شرح الحديث: «جلس» : زاد أبو داود من طريق سليمان بن كثير عن يحيى «في المسجد» ، وفي الحديث جواز الجلوس للعزاء بسكينة ووقار.
3 -
ليس في الحديث اجتماع على التعزية وليس فيه سرادقات ولا قراءة قرآن ولا غير ذلك من البدع التي تحدث في المآتم، فلا علاقة للحديث بهذه السرادقات.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: «فقد قتل جعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة وزيد بن حارثة رضي الله عنهم في معركة مؤتة فجاءه الخبر عليه الصلاة والسلام من الوحي بذلك فنعاهم للصحابة وأخبرهم بموتهم وترضّى عنهم ودعا لهم ولم يتخذ لهم مأتماً» (3).
(1) فقه السنة (2/ 91).
(2)
رواه البخاري (299)، مسلم (935).
(3)
مجموع فتاوى ابن باز (13/ 383).