الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثاً: إحياء عشر ذي الحجة جماعة في المساجد
أولاً: استدل الأستاذ محمد حسين على ذلك (ص113) بالتعريف بالأمصار وهو قصد الرجل مسجد بلده يوم عرفة للدعاء والذكر، وذكر أنّ العلماء اختلفوا فيه، ففعله ابن عباس وعمرو بن حريث من الصحابة وطائفة من البصريين والمدنيين، ورخص فيه أحمد وإن كان مع ذلك لا يستحبه، هذا هو المشهور عنه وكرهه طائفة من الكوفيين والمدنيين كإبراهيم النخعي وأبي حنيفة ومالك وغيرهم، ومن كرهه قال:«هو من البدع» ، ومن رخص فيه قال:«فعله ابن عباس رضي الله عنهما بالبصرة حين كان خليفة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ولم ينكر عليه، وما يفعله في عهد الخلفاء الراشدين من غير إنكار لا يكون بدعة» (1).
* الرد:
1 -
ذكر الأستاذ محمد حسين (ص113) أن الذي كان يفعله ابن عباس في مسجد البصرة بالعراق عشية عرفة هو قراءة سورة البقرة يفّسرها آية آية، والفرق كبير بين تفسير القرآن عشية عرفة (فقط) وإحياء العشر جماعة في المساجد (العشر وليس عشية عرفة فقط).
2 -
هذا الذي استدل به ـ الأصل الذي بنى عليه رغم أنه ليس له فيه دليل ـ اختلف فيه العلماء فمنهم من قال إنه بدعة.
ثانياً: نقل (ص114) عن شيخ الإسلام ابن تيمية: «أن الاجتماع لصلاة تطوع أو استماع قرآن، أو ذكر الله ونحو ذلك إذا كان يفعل ذلك أحياناً فهذا أحسن، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه صلى التطوع في جماعة أحياناً
…
» ثم ذكر بعض الأحاديث
(1) انظر: اقتضاء الصراط المستقيم (ص280).
التي ترغب في الاجتماع على الذكر ثم قال الأستاذ محمد حسين: «انتهى كلام ابن تيمية رحمه الله» .
* الرد:
1 -
لم ينته كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، وكان على الأستاذ محمد حسين ـ من باب الأمانة العلمية ـ أن ينقل باقي كلام شيخ الإسلام ابن تيمية، وها هو بنَصِّه. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:«فأما اتخاذ اجتماع راتب يتكرر بتكرر الأسابيع والشهور والأعوام غير الاجتماعات المشروعة فإن ذلك يضاهي الاجتماعات للصلوات الخمس وللجمعة والعيدين والحج، وذلك هو المبتدع المحدث» . (1)
ونسأل الأستاذ محمد حسين: أليس إحياء العشر جماعة في المساجد اجتماعاً راتباً يتكرر بتكرر الأعوام؟ أليس يضاهي صلاة التراويح؟ أليس يضاهي الاجتماعات المشروعة للصلوات الخمس وللجمعة والعيدين والحج؟ أليس ذلك هو المبتدع المحدث؟
2 -
راجع كلام الإمام الشاطبي الذي سبق في الرد على البدعة الثانية حيث قال: «إن صلاة النافلة لم يثبت فيها أن تقام جماعة في المساجد البتة ما عدا رمضان» .
ثالثاً: استدل (ص114) بقول الحكم وحماد عن اجتماع الناس يوم عرفة في المساجد: «هو محدث» .
* الرد:
هذا استدلال عجيب حيث إنه إنكار لاجتماع الناس يوم عرفة في المساجد وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة. فكيف يستدل به على أنهم سكتوا عن الإنكار. أما قوله (ص113): «كل ما فعلوه أنهم لم يشاركوهم في ذلك وكرهوه» فيرده ما نقله عن الحكم وحماد حيث قالوا: «هو محدث» .
(1) اقتضاء الصراط المستقيم (ص274).
* لم ينقل الأستاذ محمد حسين أن أحدًا من العلماء أجاز إحياء العشر جماعة في المسجد فهو قول شاذ محدث؛ حيث إنه أول من قال بهذا القول فيما نعلم، فمن أين له هذا القول؟
ولو كان خيراً لسبقنا إليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه رضي الله عنهم حيث إن فضل هذه الأيام معلوم منذ زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومع ذلك فقد تركه صلى الله عليه وآله وسلم مع وجود مقتضيه وانتفاء موانعه، فهذا الترك دليل على أنه بدعة.
* تنبيه: ثبت فضل العمل الصالح في أيام العشر من ذى الحجة من صيام وصدقة وصلاة وذكر وتكبير وقراءة قرآن، وصلة أرحام وغير ذلك، انظر: البخاري (969)، سنن أبى داود (2438)، وهذا يختلف عن بدعة إحياء العشر جماعة في المسجد.