الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خامساً: احتفال الشخص بعيد ميلاده أو عيد ميلاد أولاده
* قواعد:
1 -
الأصل في العبادات التوقيف، فلا يجوز لأحد أن يتعبد بما لم يشرعه الله، وأعياد الموالد نوع من العبادات المحدثة في دين الله فلا يجوز عملها لأي أحد من الناس مهما كان مقامه أو دوره في الحياة فأكرم الخلق وأفضل الرسل عليهم الصلاة والسلام محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يُحفظ عنه أنه أقام لمولده عيداً ولا أرشد إليه أمته، وأفضل هذه الأمة بعد نبيها خلفاؤها وأصحابه رضي الله عنهم ولم يُحفظ عنهم أنهم أقاموا عيداً لمولده أو لمولد أحدٍ منهم رضوان الله عليهم، والخير في اتباع هديهم وما استقوه من مدرسة نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم، يضاف إلى ذلك ما في هذه البدعة من التشبه باليهود والنصارى وغيرهم من الكفرة فيما أحدثوه من الأعياد (1).
2 -
قال الشيخ ابن عثيمين عن الاحتفال بعيد الميلاد للأطفال: «كل شيء يتخذ عيداً يتكرر كل أسبوع، أو كل عام وليس مشروعاً، فهو من البدع، والدليل على ذلك أن الشارع جعل للمولود العقيقة، ولم يجعل شيئاً بعد ذلك، واتخاذهم هذه الأعياد تتكرر كل أسبوع أو كل عام معناه أنهم شبهوه بالأعياد الإسلامية، وهذا حرام لا يجوز، وليس في الإسلام شيء من الأعياد إلا الأعياد الشرعية الثلاثة: عيد الفطر، وعيد الأضحا، وعيد الأسبوع وهو يوم الجمعة» (2).
* وقال أيضاً: «ليس هذا من باب العادات، لأنه يتكرر، ولهذا لما قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة فوجد للأنصار يومين يلعبون فيهما فقال: «ما هذان اليومان؟» قالوا:
(1) فتاوى اللجنة الدائمة (3/ 83 - 84).
(2)
لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن يوم الجمعة يوم عيد، فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم إلا أن تصوموا قبله أو بعده» رواه الإمام أحمد في المسند (8012) وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح.
«كنا نلعب فيهما في الجاهلية» ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:«إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يومَ الأضحى ويومَ الفطر» (1) مع أن هذا من الأمور العادية عندهم» (2).
* مناقشة كلام الأستاذ محمد حسين:
أولاً: قال (ص43): «عادة الاحتفال بيوم الولادة للشخص أو للولد يفعلها الناس عادة وليست من أمور الدين» .
الرد: اعتبارها كل عام في نفس اليوم يجعلها عيداً والأعياد من شعائر الدين وإحداث هذا اليوم إحداث لعيد جديد.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: «الأعياد شريعة من الشرائع فيجب فيها الاتباع، لا الابتداع» (3)، وقال أيضاً: «العيد اسم لما يعاد من الاجتماع العام على وجه معتاد عائد: إما بِعَوْد السنة، أو بعود الأسبوع أو الشهر، أو نحو ذلك فالعيد يجمع أموراً منها: يوم عائد كيوم الفطر، ويوم الجمعة، ومنها: اجتماع فيه، ومنها: أعمال تجمع ذلك من العبادات أو العادات، وقد يختص العيد بمكان بعينه وقد يكون مطلقاً، وكل من هذه الأمور قد يسمى عيداً.
فالزمان كقوله صلى الله عليه وآله وسلم ليوم الجمعة: «إن هذا يوم جعله الله للمسلمين عيداً» (4)، والاجتماع والأعمال: كقول ابن عباس: «شهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم» (5)، والمكان كقوله صلى الله عليه وآله وسلم:«لا تتخذوا قبرى عيداً» (6)، وقد يكون لفظ العيد اسماً لمجموع اليوم والعمل فيه وهو الغالب، كقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «دعهما يا أبا بكر، فإن لكل قوم
(1) رواه الإمام أبو داود (1134) وصححه الشيخ الألباني.
(2)
القول المفيد على كتاب التوحيد (1/ 302 - 303).
(3)
اقتضاء الصراط المستقيم (ص266).
(4)
رواه الإمام ابن ماجه (1097) بلفظ: «إن هذا يوم عيد جعله الله للمسلمين» وحسنه الشيخ الألباني.
(5)
رواه الإمامان البخاري (962)، ومسلم (884).
(6)
رواه الإمام أبو داود (2042) بلفظ: لا تجعلوا قبرى عيداً. وصححه الشيخ الألباني.
عيداً وإن هذا عيدنا»» (1).
* فالعيد يطلق على:
- زمان العيد.
- مكان العيد.
- الاجتماع والأعمال من العبادات أو العادات.
- مجموع اليوم والعمل فيه.
* وعندما نطبق كلام شيخ الإسلام على الاحتفال بأعياد الميلاد نجدها عيداً وليست عادة فقط فهو:
1 -
يوم عائد بِعَوْدِ السنة (يتكرر كل سنة).
2 -
يحدث فيه اجتماع للأهل والأقارب والأصدقاء وغيرهم.
3 -
يحدث فيه أعمال مثل إيقاد الشموع وتناول الطعام والشراب.
فالاحتفال بهذا الشكل يجعله عيداً يتكرر كل سنة على وجه مخصوص وهو بهذه الكيفية عيد مبتدع لم يكن عليه عمل السلف الصالح.
وفي الاحتفال بأعياد الميلاد مخالفة أخرى وهي التشبه بالكفار، قال صلى الله عليه وآله وسلم:«من تشبه بقوم فهو منهم» (2)، وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:«لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً شبراً وذراعاً ذراعاً حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم» ، قلنا:«يا رسول الله، اليهود والنصارا؟» قال: «فمن؟» (3)
ثانياً: قول الأستاذ محمد حسين (ص43): «إن ذلك مثل سائر أمور الدنيا ليس فيها تشبه بالكفار ولكن فيها ما يراه كل أحد ومصلحته» .
(1) اقتضاء الصراط المستقيم (ص169) والحديث رواه الإمام مسلم (892)، البخاري (952) دون لفظ:«دعهما يا أبا بكر» .
(2)
رواه الإمام أبو داود (4031) وقال الشيخ الألباني حسن صحيح.
(3)
رواه الإمام البخاري (7320)، فمن؟: فمن غير أولئك؟
الرد:
بل فيه تشبه بالكفار حيث إن هذه البدعة لم يكن المسلمون يعرفونها، وانتقلت إليهم عن الكفار، وهذه ليست كالأمور العادية من الاختراعات والمأكولات التي لا تخالف شرع الله، فتكرارها كل عام في نفس اليوم يجعلها عيداً من أعياد الكفار، وليس للمسلمين التشبه بهم في أعيادهم وإن لم تكن أعياداً دينية.
ثالثاً: قول الأستاذ محمد حسين (ص43): «من قال: إن هذا الحفل عيد؟!! وهل عيد المسلمين يعتاده كل شخص على حدة؟ بل كل المسلمين يعلمون أن عيدَاْ المسلمين هما عيد الفطر والأضحى وأنهما دين، أما هذا فهو حفل» .
الرد:
1 -
كل الناس يسمونه عيداً، فيقولون عيد ميلاد فلان.
2 -
أما قوله: «وهل عيد المسلمين يعتاده كل شخص على حدة؟» فالرد عليه أن هذا الشخص لا يعتاده وحده بل يكون معه أصحابه والجيران وغيرهم، ولنفترض أن شخصاً حدد يوماً يتكرر بتكرار السنين واحتفل فيه وحده فهو بدعة لتخصيصه هذا اليوم بعادات معينة وليس أدل على ذلك من إنكار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على الأنصار لعبهم في يومين من أيام الجاهلية، ولم يكونوا يحتفلون بهما على أنهما عبادة.
3 -
أما قوله: «بل كل المسلمين يعلمون أن عيدَيْ المسلمين هما عيد الفطر والأضحا، وأنهما دين» ، فالرد عليه بأن تخصيص هذا اليوم يجعله كعيد الفطر والأضحى كما سبق في تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية.
4 -
أما قوله: «أما هذا فحفل» فنقول: هذا عيد يتكرر كل سنة وكل الناس تسميه عيداً أما الأستاذ محمد حسين فيسميه حفلاً، ولنفترض أنه حفل فهل الحفل يتكرر كل سنة في يوم معين لا يتقدم عنه ولا يتأخر؟