الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الهندية الأوربية، والتي كانت في أصلها تصريفية إلى حد كبير، نجد اللغتين الإنجليزية، والأفريكانية تميلان إلى نوع اللغات المفردة نظرا لتوسعهما في إسقاط اللواحق، واستعمالها للأصول المجردة -ذات المقطع الواحد غالبا- التي يدل على معناها عادة بنظام الجملة. وإلى جانب ذلك نجد في نفسي العائلة، اللغة الهندية التي تقرب من نوع اللغات اللاصقة، تاركة نظام النهايات التصريفية الموجود في اللغة السنسكريتية، ونجد الفرنسية، في بعض صيغها المتكلمة، تميل إلى نوع اللغات المركبة.
أما توزيع اللغات ودراسة جغرافيتها فموضوع -في عمومه- وصفي، حيث يعالج الجانب الجغرافي للغة، ولكنه مع ذلك يمكن أن يحوي ملامح تاريخية، إذا ما أخذ في الاعتبار مقارنة امتداد اللغة وأهميتها في لحظة معينة من الزمن بها في لحظة متقدمة، ولقد كانت أمريكا الشمالية -على سبيل المثال- مغطاة تماما بلغات أمريكية هندية ولغات الإسكيمو خلال القرن الرابع عشر، ولكنها الآن مغطاة بالإنجليزية، والإسبانية والفرنسية، إلى جانب اللغات الأصلية المحصورة بين بعض الأقليات والمجموعات المحلية المنعزلة.
11-
علم اللغة المقارن؛ إعادة التركيب اللغوي:
كان علم اللغة المقارن comparative linguistics بمفهوم القرن التاسع عشر يعني تماما علم اللغة التاريخي. إنه يحوي أساسًا منهجًا للبحث بواسطته توضح مجموعة من اللغات -عادة في أشكالها المؤكدة القديمة- بعضها بجانب بعض بقصد الوصول إلى الروابط والعلاقات بينها. وبالوصول إلى ذلك يمكن فرض صورة اللغة الأم التي تفرعت منها هذه اللغات، والتي لم تصلنا مادتها فعلا. والفضل كل الفضل يرجع إلى هذا المنهج في تقسيم اللغات إلى عائلات، إن المقارنة بين صيغ لغات قديمة مثل السنسكريتية واليونانية القديمة واللاتينية والأيرلندية القديمة والسلافية القديمة والقوطية تؤكد بشيء لا يقبل الجدل أن
كل هذه اللغات قد انشعبت عن لغة غير مكتوبة امتدت فروعها من شمالي الهند إلى أيسلندة، وشملت معظم أوربا وأقساما كبيرة من جنوب غربي آسيا، وقد أدى هذا إلى اختيار اسم اللغات الهندية والأوربية لهذه العائلة، وقد مكن هذا المنهج المقارن اللغويين -من جهة- من إعادة خلق تلك اللغة الأم، على الأقل على سبيل المحاولة، كما مكنهم -من جهة أخرى- من أن يقرروا مع شيء من الثقة أن اللغات الحديثة مثل الإنجليزية والألمانية والأسكندنافية والرومانسية والسلافية وكذلك اللتوانية واليونانية والألبانية والأرمينية والفارسية ومعظم اللغات الموجودة الآن في شمال الهند وباكستان كل أولئك ترجع إلى لغة أم واحدة.
ومقارنة اللغات -على كل حال- يمكن القيام بها الآن بطريقة وصفية بالنسبة للغات العالم الحديثة بقصد الوصول إلى مواطن الاتفاق والاختلاف في نماذجها الصوتية وتراكيبها النحوية ورصيدها اللغوي من المفردات، ولعله من الحق أن يقال إن علم اللغة المقارن في صورته المبسطة يدخل في دراسة كل اللغات الأجنبية وتدريسها، ما لم تتجنب هذه المقارنة بطريقة مباشرة عمدية، من غير أن يؤخذ في الاعتبار لغة المتكلم نفسه، أو يشار إليها ألبتة، "وحتى هنا فمن المستحيل أن تمنع المتعلم من عقد هذه المقارنة في عقله بين صيغ اللغة التي يتكلمها ويعرفها، وما يقابلها في اللغة التي يريد اكتسابها وتعلمها".
وإن منهج البحث التاريخي المقارن ربما امتزج بالمنهج الوصفي حين يأخذ الدارس لغة ما في فترتين زمنيتين معالجًا كلا منهما أولا معالجة وصفية "وذلك باستخلاص النماذج الصوتية والتراكيب النحوية والرصيد اللغوي لكل مرحلة من مراحل اللغة"، وأخيرًا يقارن الاثنتين ليصل من ذلك إلى التغيرات التي طرأت على الظواهر التي يهتم بدراستها.