الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نظام المورفيمات في كلتا اللغتين، ربما كان ضروريا ومن الفوائد التي يقدمها المنهج الوصفي في دراسة القواعد إقناع المتكلم للغة الأجنبية بخطأ ما قد يبدو له من سهول لغته بالنسبة للغات الأخرى، أن المتكلم الإنجليزي الذي يظن أن كل ما يتطلبه الجمع في الإنجليزية هو إضافة S أو es إلى المفرد ستبدو عليه الدهشة غالبًا إذا عرف أنه في لغته المتكلمة توجد ألومورفات عدة تندرج تحت مورفيم الجمع في اللغة الإنجليزية مثل "/s-/، و/z-/، و/iz-/، وتغيير العلة وإضافة en، والتغيير الصفري" بالإضافة إلى ما قدم يحدث من تغيير مورفوفونيمي لأصل المورفيم كما في kinfe التي تجمع على knives و house التي تجمع على houses وإنه ليدهش كذلك حين يلاحظ أنه بينا لا يوجد في الأفعال الإنجليزية كثير من النهايات التصريفية، فإنها في الغالب تتضمن مجموعات متشابكة من المورفيمات الحرة العديدة المنبتة الصلة مثل:
"must، should، would، will، had، has، did، does، do".
وهذا النحو من المقارنة -على أي الحالات- لا يبدو استخدامه ضروريًا في النحو الوصفي الذي يوضع لسد حاجة المتخصصين الذين هم بالفعل على معرفة بالمشاكل والمزالق.
27-
إعداد الأطلس اللغوي:
كان إعداد الأطالس اللغوية أسبق في الوجود من معظم الإنجازات الوصفية الحديثة، وهو يعتمد -إلى حد كبير- على مفردات اللغة التي تعد في نظر الوصفيين في الدرجة الثانية من الأهمية، ولكنه -مع ذلك- اتبع منهجًا يمكن أن يوصف على الأقل بأنه وصفي، وبأنه خير مثل للعمل اللغوي تحت ظروف البيئة المعينة، وعلى الرغم من أن هذا العمل قد بدأ أساسًا على يد اللغويين التاريخيين لأغراض تاريخية في معظمها فإنه قد وضع الأساس لنموذج الدراسة الوصفية العملية في مجال البحث اللغوي.
إن الأطلس اللغوي قد أعد أساسًا ليكون مرشدا إلى اللهجات الحية للغة ما، وكان ظهوره مدينًا -إلى حد كبير- للجدل والمناقشة بين النحاة واللغويين المحدثين في القرن التاسع عشر "انظر المبحث رقم 48" وفي محاولتهم لإثبات التنوع اللانهائي للغة، وعدم خضوع اللغة لمعايير محددة في تغيراتها الصوتية أشار اللغويون المحدثون إلى تعدد اللهجات المحلية لبلاد مثل فرنسا وإيطاليا، وأخذوا على عاتقهم مهمة إثبات فكرتهم عن طريق عمل خرائط لهذه اللهجات ولكن حين قيل كل شيء وتم تنفيذه لم يصل اللغويون إلى إثبات أو نفي ما تعلق بموضوع خصامهم الأساسي، لأن كل لهجة يمكن -بل ينبغي- أن تعرض -من الناحية اللغوية- باعتبارها لغة مستقلة قائمة بذاتها، خاضعة لقوانينها الصوتية التي تخصها، لا القوانين الصوتية التي تحكم اللغة الوطنية، ككل.
ومنذ اللحظة الأولى أصبحت تلك الأطالس اللغوية أداة قوية في يد علم اللغة الوصفي يستخدمها لمصلحته. لقد ألقت ضوءا على الصيغ الحية للغة أي بلد، بالإضافة إلى ما تحويه من خصائص لهجية متنوعة، وقد ساعد هذا كثيرا علماء اللغة التاريخيين، وبخاصة عند تحديد معالم التغير التي تمت في الماضي حينما تكون الشواهد المطلوبة مفقودة أو غير كافية، وهذه الأطالس -إلى جانب ذلك- تمد علماء اللغة الجغرافيين بمعلومات مفيدة عن مراكز اللغات في العالم، وما يستعمل منها، وما يعتري أيًا منها من تغيير أو استبدال في مناطق معينة، وإن اهتمام علماء الأطالس اللغوية بدراسة الظواهر اللغوية الحديثة المتكلمة، واستخدامهم للتكنيك العملي الذي ينتقل إلى حقل التجربة يجعلهم أقرب إلى المجال الوصفي للغة دون التاريخي أو الجغرافي.
ويرسل جامعو المادة اللغوية المطلوبة إلى الأمكان المحلية التي يقع عليها الاختيار من إقليم ما -رسمت حدوده- لعمل خرائط له، مع الاستعانة براو يمثل المتكلمين المحليين.
والغرض من هذا السير في الطريق السليم للتزود بمجموعات الكلمات أو العبارات أو الجمل -أو حتى مدلولاتها- التي سبق إعداد مقابلاتها "كلما كان الراوي
اللغوي أقل ثقافة كان أفضل، لأن المتعلمين أو الأكثر تعلمًا في المنطقة تتأثر لغتهم بمعلوماتهم واحترامهم للغة الأدبية الوطنية". وفي حالة المسميات الممكن تصويرها تستخدم الصور حتى لا يقع الراوي اللغوي تحت تأثير صيغة الكلمة الموجودة في السؤال، وبعد ذلك، فإن المادة التي ينطقها الراوي اللغوي إما أن تكتب بالطريقة الصوتية، أو تسجل على جهاز تسجيل، أو تستخدم الطريقتان معًا. وفي مرحلة المقابلة والمعارضة فإن كل كلمة أو عبارة أو اصطلاح يوضع على خريطة مستقلة كبيرة للمنطقة، ويحتوي الأطلس اللغوي لفرنسا -على سبيل المثال- على خريطة منفصلة كبيرة لكلمة "حصان" كما تستعمل -في لغة الكلام- في حوالي خمسمائة منطقة فرنسية مختلفة، وهناك خريطة ثانية للكلب وثالثة للقط وهكذا، والمحصل النهائي لهذه الخرائط يعطينا مجموعات من الخطوط المتقاطعة التي تمثل كل منها واحدة من الخمسمائة لهجة محلية ليس فقط فيما يتعلق بالمفردات، ولكن أيضًا فيما يخص مجموعات الكلمات التي تخدم الغرض النحوي، وبهذا يصبح من الممكن تماما استخلاص نحو وصفي لكل لهجة من تلك اللهجات المحلية باتباع أسس التحليل الفونيمية والصوتية السابق الإشارة إليها.
والأطلس اللغوي يصبح بعد إتمامه مرجعًا للغوي، حيث يزوده بالمعلومات التي يريدها بدلا من الخروج بنفسه، ومحاولة الذهاب إلى الحقل اللغوي في المنطقة موضوع اهتمامه، وإن كان نزول اللغوي المباشر إلى الحقل اللغوي قد يصبح ضروريًا مع وجود الأطلس اللغوي حينما تواجهه مشاكل خاصة.
وهناك واحد من أهم العيوب التي تقلل من قيمة الأطلس اللغوي، وهو أنه لا يثبت على مر الزمن مادامت اللهجات المحلية تتغير ربما بدرجة أسرع من اللغة الوطنية، ولهذا فإنه في بعض الأحيان يعاد إجراء عملية المسح اللغوي بعد مرور سنوات عدة، ويصبح من الممكن حينئذ عمل مقارنة بين نتائج الأطلسين وتكوين صورة شبه تاريخية عن التغيرات المتشابكة في كلام مجتمع معين.
ويطلق مصطلح الجغرافيا اللغوية linguistic geography على الدراسات اللهجية المؤسسة على الأطلس اللغوي، وهذا اسم غير موفق، حيث جعل معظم الناس غير المتخصصين يظنون أنه يعني، توزيع اللغات في العالم، أو ما سميناه بعلم اللغة الجغرافي geolinguistics.