الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الرابع: علم اللغة التاريخي "إصطلاحات أساسية
"
نقاط إتصال مع علمي اللغة الوصفي والجغرافي
…
28-
نقاط اتصال مع علمي اللغة الوصفي والجغرافي:
إن علم اللغة الوصفي يمكن أن يوصف بأنه علم ساكن static، ففيه توصف اللغة بوجه عام على الصورة التي توجد عليها في نقطة زمنية معينة ليس ضروريًا أن تكون في الزمن الحاضر.
أما علم اللغة التاريخي فهو علم يتميز بفاعلية مستمرة dynamic فهو يدرس اللغة من خلال تغيراتها المختلفة، وتغير اللغة عبر الزمان والمكان خاصة فطرية في داخل اللغة، وفي كل اللغات، كما أن التغير يحدث في كل الاتجاهات "النمادج الصوتية، والتراكيب الصرفية والنحوية والمفردات" ولكن ليس على مستوى واحد، ولا طبقًا لنظام معين ثابت، هذه التغيرات اللغوية تعتمد على مجموعة من العوامل التاريخية، وبينما يمكن دراسة هذه التغيرات دراسة وصفية هي محض تعريف بأشكال التغيرات الحادثة، فإنه لا يمكن عزلها عن الأحداث التاريخية التي تصاحب وجودها.
وبينما الوظيفة الأولى لعلم اللغة الوصفي هي أن يصف، ولعلم اللغة التاريخي هي أن يعرض التغيرات اللغوية، فمن الصعب، كثيرًا الفصل بين النوعين في مجال التطبيق العلمي. وذلك لأن كل المصطلحات التي استعملت تحت العنوان الوصفي قابلة من الناحية العملية للاستعمال كذلك مع الفرع التاريخي وإن مدلولات المصطلحات: اللغة المعيارية standard language،
واللهجة dialect، ولهجة الطبقات الدنيا غير المكتوبة patois، واللغة الخاصة jargon، والعامية slang كلها يدخل في ميدان الدراستين الوصفية والتاريخية، وكذلك في ميدان علم اللغة الجغرافي "انظر المبحثين رقم 16، 42".
إن اللغة المعيارية standard language هي ذلك المستوى الكلامي الذي له صفة رسمية، والذي يستعمله المتعلمون تعليمًا راقيًا "مثل لغة الملك أو الملكة في بريطانيا، وتسمى كذلك باسم receiced standard" وغالبًا ما تكون اللغة المعيارية في أول الأمر لهجة محلية تنال شيئًا من التمجيد أو التقدير ويعترف بها كلغة رسمية لسبب من الأسباب، كأن تكون لهجة منطقة من البلد اتخذت مقرا للحكم "مثل الفرنسية الباريسية"، أو لهجة مجموعة من الناس أصبح لهم سيطرة عسكرية "مثل القشتالية الإسبانية"، أو لهجة منطقة لها زعامة أدبية "مثل التموسكانية في إيطاليا".
أما اللهجات dialects فتعتبر مستويات محلية للكلام تبعد إلى درجة كبيرة أو صغيرة عن المستوى المعياري، ولكنها يمكن التعريف عليها "أحيانا بالرجوع إلى الأصول التاريخية" باعتبارها تكون معه كلًا موحدًا، أما المصطلح patois فيشير إلى هذا النوع من اللهجات الذي يتصف بالمحلية إلى درجة كبيرة، كأن تكون لهجة قرية واحدة، ولا يظهر هذا النوع من اللهجات في شكل كتابي، بينما تبدو اللهجات dialects في صورة مكتوبة ويظهر لها أدب مزدهر له جذوره البعيدة، وأما المصطلح jargon فيطلق على الكلمات الاصطلاحية الخاصة بطبقة معينة أو حرفة. أما المصطلح slang فيطلق على المستوى الكلامي غير الرفيع الذي تستعمله الطبقات التي يقل مستوى تعليمها وقد تكون واسعة الانتشار، أو حتى على مستوى الوطن كله، ويمكن للمرء، أن يميز بين درجات من الـslang بمصطلحات مثل العاميات colloqualisms والابتذاليات vulgarisms، والكلام دون المعياري subsandard speech.
والمبرر لذكر هذه الأنواع تحت المبحث التاريخي ذو شقين: أحدهما أنها أكثر استخدامًا على أيدي اللغويين التاريخيين منها على أيدي اللغويين الوصفيين، وثانيهما أن بعض الوصفيين يرفضون من الناحية العملية أن يتعرفوا بوجود هذه الأنواع منفصلة، ويعرفون اللغة بأنها أي مستوى كلامي حتي، رفيعًا كان أو وضيعا.
والمصطلحات الآتية تستعمل على وجه الخصوص في الميدان التاريخي:
أما المصطلح الأول فهو "وحدة الأصل" monogenesis، وهو يشير إلى النظرية التي تزعم أن اللغات كلها ترجع إلى أصل واحد مشترك.
والمصطلح الثاني هو "الطبقة السفلى" substratum، ويطلق على الصيغة الكلامية المبكرة التي كانت تستعمل بواسطة السكان الأصليين في منطقة ما، فحين تتعرض هذه المنطقة للغزو الخارجي تختلط لغتها بلغة الغزاة، ونتيجة لذلك تأخذ الأخيرة شكلا جديدًا كما يحدث حينما يتكلم الإنسان ببعض كلمات من الأيبيرية أو الغالية -اللتين تعدان طبقة سفلى- حين حديثه باللغة اللاتينية التي جلبها الرومانيون إلى إسبانيا وفرنسا.
أما مصطلح "الطبقة العليا" superstratum فهو مصطلح وثيق، الصلة بالسابق ويطلق على لغة الغزاة الوافدين التي تدع اللغة الأصلية على قيد الحياة ولكن بعد التأثير عليها وإعطائها شكلا جديدًا، كما حدث للفرنكيين واللومبارديين حينما تخلوا عن لغاتهم الألمانية، واختاروا لاتينية الإمبراطورية الرومانية، ولكن بعد ترك آثار عليها من كلمات، وربما خصائص فونولوجية، أو حتى أصواتية مما أدى فيما بعد إلى ظهور اللغتين الفرنسية والإيطالية.
وهناك مصطلح يستعمل ليشمل النوعين السابقين وهو "الطبقة
الإضافية"1، adstratum.
ومن المصطلحات المستعملة إعادة التركيب reconstruction وهي محاولة بناء أصل نظري كلامي للغات الهندية والأوربية عن طريق دراسات مقارنة تاريخية للسلائل المؤكدة، ومن الممكن أن يستعمل المصطلح كذلك لأي لغات غير مدونة يعتقد وجودها في الزمن الماضي، كما يستعمل في تركيب صيغ غير مؤكدة للغات معروفة مثل اللاتينية أو القوطية، ومثال ذلك sagja* أو sagwja* الأصل الجرماني الافتراضي لكلمة say الإنجليزية، وعادة ما توضع علامة نجمة قبل الأشكال المعاد تركيبها في ميدان علم اللغة.
ومن المصطلحات المستعملة "القانون الصوتي" sound law، وهو يستعمل مع النظرية القائلة بأنه إذا حدث لأي تغير صوتي أن صار فعالا في منطقة معينة وزمن معين، فإنه يتوقع له أن يكون تأثيره عامًا، إلا إذا تدخلت عوامل أخرى أجنبية2. أما المعارضون لهذه النظرية فيؤسسون اعتراضهم على وجود تطورات متباينة في كلمات كان يجب على أساس هذه النظرية أن تكون متماثلة وهم لذلك يفضلون استعمال المصطلح "التغير الصوتي" sound change. ولكن المنادين بالنظرية الأولى، يردون قائلين بأنه في مثل هذه الأحوال هناك عوامل معينة أدت إلى هذا التباين مثل التأثيرات التعليمية، أو الافتراض الأجنبي أو اللهجي، أو القياس.
1 قد يستعمل المصطلح language in contact -الذي روج له weinreich- في بعض الأحيان مرادفا للمصطلح adstratum وعلى كل حال فإن المصطلح الأول يستعمل عادة للتعبير عن تعايش لغتين جنبا إلى جنب، واحتكاكهما، مع استمرار بقائهما لغتين مستقلتين حتى إذا كان لكل منها تأثير على الأخرى أما المصطلحات superstratum، substratum، adstratum فتتناول اللغات التي اختفت إحداها، حتى لو تركت آثارًا لها على اللغة الأخرى الباقية.
2 على سبيل المثال: الحرف الابتدائي p في اللغات الهندية الأوربية يظهر في السنسكريتية واليونانية واللاتينية في شكل P بينما يظهر في الجرمانية في شكل f. قارن اللاتينية pes و piscls و pater بالإنجليزية foot و fish و father.
كذلك يستعمل مصطلح "القياس" analogy ويراد به الميل العارض -الذي لا يمكن التنبؤ بحدوثه -من كلمة أو صيغة إلى الخروج عن مدارها الطبيعي في التطور والدخول في طبيعة كلمة أو صيغة أخرى لوجود مشابهة حقيقة أو متوهمة بينهما "مثال ذلك ماضي help الذي كان في يوم ما holp ولكن تحت تأثير الحقيقة أن معظم الأفعال تشكل ماضياتها بإضافة الأصوات e أو d أو ed، لا عن طريق التغير الداخلي لصوت العلة وجد الفعل helped ودخل الاستعمال".
أما المصطلح "التيسير" simplification فيستعمل غالبًا، وربما على سبيل الخطأ، في مجال الحديث عن التغير في لغة معينة، حينما تحذف النهايات الإعرابية، وتقوم الكلمات الإضافية، أو أي وسائل أخرى بأداء وظيفتها "مثل اختفاء نظام الحالات الإعرابية الموجود في اللغة اللاتينية، وإحلال موقعية الكلمة في الجملة وحروف الجر محله في اللغات الرومانسية، وقد حدثت نفس الظاهرة عند الانتقال من الأنجلوسكسونية إلى الإنجليزية الحديثة"1.
وهناك فرعان من الدراسة يتعلق كل منهما بالصيغة المكتوبة للغة، كما تظهر في المكتوبات في وقت لم يكن فيه لغة منطوقة مسجلة وهذان الفرعان هما: علم النقوش epigraphy، وهو يتعلق بدراسة النقوش وتفسيرها، وعلم الوثائق paleography، وهو يتعلق بدراسة الوثائق العتيقة والوسيطة المكتوبة على أوراق البردي والرقاق ونحوها.
1 وهنا يبرز سؤال حقيقي، وهو ما إذا كان التركيب النحوي مثل I shall love أسهل من مقابله اللاتيني amabo وما إذا كان the book of the boy أسهل من the boy.htm's book.