الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التغير الفونولوجي والقياسي
…
29-
التغير الفونولوجي والقياس:
إن كلا من علم الأصوات وعلم الفونيمات إنما يتناول -في المحل الأول- وصف الأصوات أو الفونيمات الموجودة في لغة حية يتكلمها متكلمون أحياء، وهناك مصطلحات تتعلق بالتحولات التاريخية التي نمت في الماضي سواء كانت صوتية أو فونيمية، وإن كانت هذه المصطلحات لا تستعمل في الميدان الوصفي إلا قليلا.
وفي مجال التحول التاريخي للغة ليس من الممكن كلية -وإن كان محتملا- أن يغير النموذج الفونيمي أحيانا بقوة، وما تزال قضية ما إذا كانت التغيرات تحدث تدريجيا، وأنه لا علاقة وثيقة لكل واحد منها بالآخر، أو أنها -كما يحلو لبعض اللغويين التركيبيين أن يقول- تحدث لتحقيق نوع من الانسجام في الكلام ككل وللمحافظة على شيء من التماثل والتناسق ما تزال هذه القضية مفتوحة للمناقشة.
وسوف يلاحظ من مجرد النظر للهجاء الإنجليزي أن فونيمات معينة كانت موجودة يوما ما في اللغة "مثل الصوت الطبقي الاحتكاكي gh الممثل في night" ثم اختفت، وتدل هذه النظرة كذلك على أن قوانين التجمعات الصوتية المسموح بها قد تغيرت "فجاء مثل gnaw، know يدل على أن التحكم الإنجليزي في يوم ما كان يسمح بتجمع صوتي مثل -kn أو -gn في الموقع الأمامي، وهو ما لا يمكن للإنجليزي الحديث أن ينطق به بسهولة".
وبعض مصطلحات علم اللغة الوصفي تلعب دورها في مجال علم اللغة التاريخي، ولكن في مجال الحديث عن تغير النماذج الصوتية أو الأشكال النحوية ومن المصطلحات الوصفية التي تستحق الذكر هنا والتي تتحكم في طبيعة التغيير المعين ما يسمى بـ "كمية العلة" vowel quantity "التمييز بين العلة الطويلة والقصيرة" و"كيفية العلة" vowel quality "درجة الانفتاح أو الغلق للعلة، انظر المبحث رقم 18".
أما الظواهر المتعلقة بتشكيل الصوت "مثل الانتقال من تسلط اللحن إلى تسلط النبر، أو انتقال النبر من مقطع إلى مقطع آخر في الكلمة" فتعد ذات أهمية كبيرة في الدراسات اللغوية التاريخية، ولدينا من الأسباب ما يكفي للاعتقاد -على سبيل المثال- أن كثيرًا من التحولات من اللغات اللاتينية إلى الرومانسية "مثل تغير صوت العلة المنبور في الكلمة tenet التي صارت في الفرنسية tient وفي الإيطالية والإسبانية tiene" مردها أساسًا إلى تكثيف وحدة النبر في الكلام.
ومن المصطلحات المستعملة ما يأتي:
الموقعية بين علتين intervocalic position، ويستعمل حين يقع الصوت الساكن، وبخاصة الانفجاري، بين علتين، ويقابله موقعية الساكن في أول الكلمة inital أو في آخرها final، أو في موقعية متوسطة ولكن ليس بين علتين protected medial position "الأخير كما إذا سبق الـt بساكن آخر"، وغالبا ما تؤدي الموقعية بين علتين إلى تطور معين "لاحظ التطور المختلف للتاء اللاتينية الواقعة بين علتين في كلمة amata التي صارت في الفرنسية aimée، وقارنه بكلمات لاتينية لم تقع تاؤها بين علتين مثل: terra و tenet و porta التي صارت في الفرنسية terre، و tient، و porte".
وكثير من المصطلحات المستعملة كأسماء في علم الفونولوجي الوصفي توضح في صورة فعل في علم الفونولوجي التاريخي وحينئذ يشتق منها أسماء مجردة جديدة مثل diphtong التي تصير فعلا diphthongize، ويشتق منها الاسم diphthongization.
أما المصطلح ازدواجية العلة diphthongization فمعناه تحويل صوت العلة البسيط monophthong إلى علة مزدوج "tenet اللاتينية صارت tient و tiene في اللغات الرومانسية".
والتغوير palatalization يعني نقل مخرج الصوت إلى منطقة الحنك الصلب أو الغار "مثل الكلمة اللاتينية centum التي تنطق بصوت طبقي "حنكي لين" مثل k ولكنها انتقلت إلى الإيطالية cento بصوت غاري يماثل ما في church.
أما الإبدال العلي vocalization فمعناه إبدال الساكن الأصلي عادة لام" صوت علة "في اللاتينية alba تحرك مخرجها إلى الوراء شيئا فشيئا إلى أن صار u في الكلمة الفرنسية aube وقد نطق أولا مثل w ثم أدمج مؤخرا مع صوت الـa السابق فنتج الصوت الضيق الحديث o"1".
أما المصطلح الإبدال الشفوي labilization فمعناه تحويل الصوت الطبقي المشوب بالشفوية "qu-gu" إلى شفوي محض "p-b" بإسقاط العنصر الطبقي "اللاتينية: lingua aqua التي صارت في اللغة الرومانية: limba apa"
والإجهار sonorization أو voicing معناه تحويل الصوت الساكن المهموس إلى قسيمه المجهور amata اللاتينية المشتملة على صوت التاء المهموسة الأسنانية الانفجارية صارت في الإسبانية amada مشتملة على d نطق أولا كصوت مجهور أسناني انفجاري، ثم أخيرًا كصوت مجهور أسناني احتكاكي أمال الخطوة الحتمية الأخيرة في هذه العملية فهي اختفاء الصوت الساكن بعد انتقال الكلمة من الفرنسية القديمة amede إلى الفرنسية الحديثة aimée".
وهناك عمليات أخرى عكس السابقة يعبر عنها بإضافة "de" أو "un" للمصطلحات السابقة ويمثل سلب الشفوية delabialization الكلمة اللاتينية quinque، التى صارت في الإيطالية cinque، وبعد أن فقدت الكلمة شفويتها أعطيت التغوير.
1 يمثل لذلك من اللغة العربية بصوت العين في أعداد مثل ثلاثة عشر وأربعة عشر. الذي تحول إلى ألف مد في بعض العاميات العربية فأصبح يقال تلاتاشر
…
وأربعتاشر
…
المترجم.
فهنا نلاحظ أن الصوت الطبقي الشفوي qu فقد أولا شفويته ليصير kinque فأصبح الصوت الطبقي k واقعا تحت تأثير العلة "i" الأمامية فجذبت مخرجه إلى الأمام حيث الغار، لتضييق المسافة بين مخرجي الصوتين.
أما مثال الإهماس unvoicing في الموقع الأخير فيبدو في الكلمة اللاتينية grandem التي صارت في الفرنسية القديمة grant، بتحويل الدال المجهورة إلى تاء، وهو تحويل ما يزال يسمع حتى الآن في تجمعات مثل grand homme. ومثال آخر الكلمة اللاتينية novem التي صارت في الفرنسية neuf.
أما الأنفية nasalization فمعناها نقل رنين الصوت العلة إلى التجويف الأنفي حين يتلى بساكن أنفي، وإن كان الساكن نفسه يختفي في العادة. ومثال ذلك الكلمة اللاتينية grandem التي صارت في الفرنسية القديمة grant، وفي الفرنسية الحديثة grand.
وعكس الأنفية سلب الأنفية denasalization الذي يمكن التمثيل له بالكلمة الفرنسية bonne التي كانت تنطق أول الأمر مع "o" أنفية بعدها "n" ثم فقد صوت العلة القيمة الأنفية.
أما تدوير العلة rounding فربما يحدث كما في "u" اللاتينية الموجودة في luna "صوتيا ":u"" التي تحولت إلى "u" الفرنسية lune "صوتيا "y".
وأما تبسيط الصوت simplification فيعني تحويل الصوت الساكن المضعف إلى صوت بسيط "مثل اللاتينية: communem التي صارت في الإيطالية comune". وعكسه تضعيف الصوت gemination، ويعني مضاعفة الصوت المفرد الساكن "كما في اللاتينية pubicum، التي صارت في الإيطالية pubblico؛ أو اللاتينة aqua التي صارت في الإيطالية acqua" وقد تحدث كلتا الظاهرتين في لغة واحدة وإن كان المعتاد أن
تأخذ اللغة اتجاهًا واحدا. "الإسبانية مثلا تتجه إلى تبسيط كل السواكن اللاتينية المضعفة" وينبغي أن نذكر القارئ هنا بأن اصطلاح: الساكن المضعف double consonant هو اصطلاح مضلل حقا؛ لأنه قد استعير من طريقة الكتابة ففي النطق يمد الصوت الساكن بتطويل مدة النطق به إذا كان هذا المد ممكنا، ويكون هذا ممكنا إذا لم يكن الصوت الساكن انفجاريا.
وبما أن الانفجاري لا يمكن مده عند نقطة مخرجه، فإن ما يسمى تطويلا بالنسبة له يكون عن طريق إطالة مدة قفل الطريق أمام الصوت قبل تفجيره.
وهذا يحدث في اللغات التي تشتمل على أصوات ساكنة مضعفة حقيقة مثل الإيطالية واليابانية، ففي لغات كهذه يكون الفرق بين الساكن البسيط والساكن المضعف فرقًا فونيميًا يؤدي إلى تغير المعنى "فكلمة eco الإيطالية تعني "صدي" أما ecco فتعني "هنا" وكلمة cade تعني "يسقط" أما cadde فتعني "سقط". فإذا أردنا رسم صورة كاملة للفونيمات الإيطالية يجب أن يعد كل صوت مضعف فونيمًا مستقلا عن مقابلة البسيط. أما في الإنجليزية فإن تكرار السواكن في الهجاء أمر يتعلق بالهجاء، أو بتاريخ الكلمة تعلقا صرفا، ولا يؤدي إلى أي فرق صوتي أو فونيمي "abbot، redden" قد تنطقان نطقا واحدا سواء كتبتا بساكن واحد أو ساكنين اثنين حتى في الكلمات المركبة كما في: unnamed توجد سكتة أو وقفة بسيطة جدا بين صوتي النون المنطوقين لتفصل كلًا منهما عن الآخر".
وهناك اصطلاحات أخرى تستعمل باستمرار في علم اللغة التاريخي مثل:
1-
الإعلال ablaut "أو spophony" ومعناه التغييرات التي تعتبر صوت العلة تبعًا لموقع التنغيم في اللغة الأم، أم لموقع النبر في فترة متأخرة.
"الكلمتان الإنجليزية sung، sang، sing تمثل هذه الظاهرة، وتعكس أحوالا في اللغة الأم، حينما كان النبر يقع على الجذر أو على المقاطع السابقة، اللاحقة، الأمر الذي فقد مؤخرا". ومثال حديث لهذه الظاهرة، الفعل الإسباني ذو التغير الأساسي dromir، حيث احتفظت الـ"o" بوجودها في أي مكان
تقع فيه غير منبورة، ولكنها تنقلب إلى ue حينما تنبر كما في duermo.
3-
المماثلة assimilation، ومعناها جعل الصوتين غير المتماثلين متماثلين، مثال ذلك nd الهندية الأوربية الموجودة في الكلمة اللاتينية spondeo فقد تغيرت في الجرمانية إلى nn، "وكذلك الكلمة الأنجلوسكسونية spannan التي هي في الأنجليزية span، وفي الألمانية spannen. وكلمة London التي ينطقها اللندنيون كما لو كانت: lunnon. وفي الأمريكية المبتذلة تنطق كلمة wonderful كما لو كانت: wunnerful".
4-
المخالفة dissimilation وهي عكس السابقة، أي جعل الصوتين المتماثلين غير متماثلين مثال ذلك الكلمة اللاتينية peregrinum التي تغيرت في تتابع سريع إلى الفرنسية pelerin بلام وراء، بدلا من راءين.
5-
الترخيم الوسطي syncopation ومعناه اختفاء صوت العلة غير المنبور عادة، بسبب تشديد النبر في مكان آخر في الكلمة، وتمدنا اللاتينية بالمثال الآتي calidus مع caldus وكذلك domius مع domnus فالكلمة الثانية في كل زوجين قد أصابها الترخيم الوسطي ومثاله من الإنجليزية
الحديثة، النطق int'resting بدلا من1 interesting.
6-
حذف المقطع haplology ومعناه اختفاء مقطع كامل غير منبور للسبب السابق، مثال ذلك الكلمة اللاتينية civitatem، التي هي في الفرنسية cite، وفي الإيطالية citta. ومثاله في الإنجليزية till من untill.
7-
إسقاط العلة الأولى spheresis ومعناه اختفاء العلة الواقعة في أول الكلمة كما في mid من amid.
8-
زيادة علة أولى prothesis "أو prosthetis" ومعناه وضع صوت علة كسابقة في أول الكلمة، عادة قبل مجموعة من السواكن أولها صوت s. مثال ذلك الكلمة اللاتينية specialem، التي صارت في الإسبانية especial، و stella التي صارت estrella و scutum التي صارت escudo.
9-
زيادة الساكن epenthesis ومعناه وضع صوت إضافي خلال كلمة عادة بقصد تسهيل النطق، ومثال ذلك الكلمة اللاتينية camera التي لحقها ترخيم وسطي في الفرنسية وصارت chamre وحينئذ جيء بحرف "b" وأدخل في الكلمة لتسهيل الانتقال من "m" إلى "r" وكانت النتيجة وجود الكلمة chambre.
10-
زيادة العلة anaptyxis، ومعناه وضع علة إضافية خلال الكلمة، مثال ذلك أن الفرنسية افترضت الكلمة الإسكندنافية knif، ولكنها وجدت من اللائق أن تضيف علة في وسط الكلمة بين الـ"k" والـ"n" وكانت النتيجة ظهور الكلمة canif.
11-
زيادة علة نهائية paragoge. ومعناه إضافة صوت علة في
1 مثاله من العامية القاهرية نطق ضاربني: ضربني، "بكسر الراء" نتيجة لانتقال النبر من المقطع الأول إلى المقطع الثاني. "المترجم".
آخر الكلمة، مثال ذلك الكلمة اللاتينية amant التي صارت في الإيطالية aman، ولكن الإيطاليين رأوا أن يضيفوا "o" في آخر الكلمة نظرًا لتفضيلهم الانتهاء بصوت علة، وكانت النتيجة ظهور الكلمة amano.
12-
الإبدال الشائع rhotacism. وهو يستعمل عادة ليدل على إبدال صوت ما، غالبًا ما يكون "L" أو "s" إلى "r" فالكلمة الأصلية blanco صارت branco في البرتغالية، وفي الجرمانية القديمة وجدت الكلمة auso التي استخدمت في القوطية، ثم أخذت في الإنجليزية أخيرًا صورة ear، وفي الألمانية صورة ohr.
13-
الإبدال النادر lambdacism. وهو التغيير غير الشائع لصوت ما "عادة "r" إلى "L"، ففي التوسكانية وجدت الكلمة Polta التي هي في الإيطالية porta.
14-
القلب metathesis. ومعناه تغيير مواقع الحروف في داخل الكلمة، مثل الكلمة الفرنسية moustique من الإسبانية mosquito.
15-
وهناك مصطلح آخر هو yod، وهو مصطلح مأخوذ من اسم حرف في الأبجدية العبرية، يطلق على نصف صوت العلة y "انحداري مجهور" وبينما لا يوجد المصطلح الإبدال اليائي yodization في المعاجم أو الكتابات اللغوية الإنجليزية "المصطلح مستعمل في الفرنسية" فمن الممكن صياغته ليشير إلى عملية تحويل أول صوتي العلة المجتمعين hiatus "انظر المصطلح التالي" إلي ياء yod، مما يؤدي إلى جر الصوت الساكن السابق مباشرة نحو الغار، مثال ذلك الكلمة اللاتينية vinea التي تنطق بثلاثة مقاطع بإعطاء العلة "e" قيمة كاملة قبل العلة "hiatus""a"، ثم يحول العلة "e" إلى "vinya""y" فتصبح الكلمة ذات مقطعين اثنين فقط، وأخيرًا ظهرت الكلمة في الفرنسية في شكل vigne، وفي الإيطالية vigna وفي الإسبانية vina.
18-
إبدال السواكن consonant shift "أو sound shift أو Lautverschiebung" وهو مصطلح يستخدم في فقه اللغة الجرماني ليشير إلى حلقتين متتابعتين في الإبدال، مثال ذلك: هناك جذر مفترض لكلمة هندية أوربية d-nt* "في اللاتينية dentem، وفي اليونانية -odont وفي السنسكريتية denta" صار أولا t-nth "في الأنجلوسكسونية tonth وفي الإنجليزية المتأخرة tooth" ثم تغير ثانيا إلى صورة تظهر في الألمانية، وأخذت شكل z-nd التي كانت الألمانية القديمة zand ثم صارت أخيرًا في الألمانية الحديثة zahn.