المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ التحليل الفونيمي والمورفيمي - أسس علم اللغة

[ماريو باي]

فهرس الكتاب

- ‌الفهرس:

- ‌المقدمات

- ‌مقدمة المترجم

- ‌مقدمة المؤلف:

- ‌القسم الأول: قضايا أساسية

- ‌علم اللغة وفقه اللغة

- ‌ اللغة، الكتابة، الإيماءات، الإشارات، الرموز:

- ‌ خصائص اللغة المتكلمة:

- ‌امتداد آفاق اللغة

- ‌ مستويات التحليل اللغوي:

- ‌ علم الأصوات، علم الأصوات العام، علم الفونيمات:

- ‌ الكتابة الصوتية والكتابة الفونيمية:

- ‌ التركيب القواعدي؛ صرف ونحو:

- ‌ المفردات؛ علما الدلالة وتاريخ الكلمات:

- ‌ تصنيف اللغات:

- ‌ علم اللغة المقارن؛ إعادة التركيب اللغوي:

- ‌ الكتابة:

- ‌ توزيع اللغات وعلم اللغة الجغرافي:

- ‌ الموقع وعدد المتكلمين وتوزيع اللغات في الوقت الحاضر:

- ‌ لغات المناطق وأهميتها النسبية:

- ‌ اللغة الأدبية، اللغة الوطنية، اللهجات، اللغة الدارجة، العامية:

- ‌ الصورة اللغوية المتغيرة:

- ‌القسم الثاني: علم اللغة الوصفي "اصطلاحات أساسية

- ‌ علم الأصوات:

- ‌ علم الفونيم:

- ‌الفونيمات الثانوية النبر- التغنيم- المفصل

- ‌ علم المورفيم:

- ‌ المورفوفونيم:

- ‌ التركيب النحوي؛ علم القواعد:

- ‌ المفردات:

- ‌القسم الثالث: علم اللغة الوصفي "منهج البحث

- ‌ التحليل الفونيمي والمورفيمي

- ‌ بناء نحو وصفي:

- ‌ إعداد الأطلس اللغوي:

- ‌القسم الرابع: علم اللغة التاريخي "إصطلاحات أساسية

- ‌نقاط إتصال مع علمي اللغة الوصفي والجغرافي

- ‌التغير الفونولوجي والقياسي

- ‌ التغير الصرفي والنحوي:

- ‌ التغير المعجمي؛ الاشتقاق، التركيب، الوضع، الافتراض:

- ‌القسم الخامس: علم اللغة التاريخي "منهج البحث

- ‌ المادة اللغوية المدونة:

- ‌ المنهج المقارن:

- ‌ التصنيف العائلي: اللغات الهندية الأوربية وغير الهندية الأوربية

- ‌ منهج لإعادة البناء الداخلي للغة:

- ‌ تاريخ اللغات والإحصاء المعجمي:

- ‌القسم السادس: علم اللغة الجغرافي "اصطلاحات ومصاعب رئيسية

- ‌ وظيفة علم اللغة الجغرافي:

- ‌ اللغات والمتكلمون؛ البلاد واللغات:

- ‌ اللغات المساعدة والبديلة:

- ‌ أنظمة الكتابة والتعرف اللغوي:

- ‌ عوامل مساعدة؛ الثقافة، المنحنى الثقافي، الدين، التأثير التاريخي:

- ‌ اللهجات والتنوعات المحلية؛ اللغات الطبقية:

- ‌القسم السابع: علم اللغة الجغرافي؛ "منهج البحث

- ‌ التعداد السكاني وإحصاءات القراءة والكتابة:

- ‌ التقارير التعليمية:

- ‌ دراسات للمناطق ولغاتها:

- ‌القسم الثامن: تاريح موجز لعلم اللغة

- ‌العصور القديمة والوسطى

- ‌من النهضة العلمية حتى عام 1800:

- ‌القرن التاسع عشر:

- ‌القرن العشرون:

- ‌نظرة إلى الأمام:

- ‌ملاحق

- ‌مدخل

- ‌المحلق رقم3

- ‌قائمة بمصطلحات الكتاب:

- ‌قائمة اللهجات واللغات والعائلات اللغوية

الفصل: ‌ التحليل الفونيمي والمورفيمي

‌القسم الثالث: علم اللغة الوصفي "منهج البحث

"

25-

‌ التحليل الفونيمي والمورفيمي

1:

إن الاهتمام الأول لعالم اللغة الوصفي ينصب على الأصوات وعلى الصيغ النحوية للغة المتكلمة، ولذا فإن منهج بحثه يتجنب عادة الاعتماد على المادة المكتوبة من ناحية، واقتفاء أثر القواعد النحوية التقليدية القديمة من ناحية أخرى، وذلك لأن الدراسة الأخيرة قد أسست جزئيًا على لغات قديمة بطل استعمالها، كما أن أصحاب هذه الدراسة يأخذون الصورة المكتوبة للغة على أنها أساس البحث ويردون إليها كل ظواهر اللغة المتكلمة. ويندر أن تجد أيا منهم في تناوله للجزئيات يؤسس نتائجه على الملاحظة العلمية أو الاستقراء.

أما منهج البحث التحليلي لعلماء اللغة الوصفيين فقد تطور على وجه الأخص نتيجة ارتباطه بدراسة ما يسمى بلغات الشعوب المتخلفة التي لم تعرف الكتابة بعد، حيث لا توجد أي صيغة مكتوبة للغة، وليس هناك محاولات مسبقة لوصف نحوي، ولا وسيلة للحصول على اللغة في أي صورة أخرى غير صورتها المنطوقة.

وقد بدأ المنهج الوصفي بدراسة ساذجة قام بها رجال غير متخصصين في

1 هناك تفصيلات مفيدة لهذا الموضوع في كتاب Hockett المسمى: A Course in Modern Linguistlcs صفحات 102، 111، 274، 276. كذلك في كتاب Glesson المسمى lntroduction to Descriptive Linguistics صفحات 271، 311، و65، 91. ولذا ينصح القارئ بالرجوع إليها.

ص: 119

دراسة اللغات كان كل همهم اكتساب اللغات الأجنبية عن طريق الأذن بسماعها من أصحابها.

وهناك محاولات أخرى في هذا الاتجاه الوصفي تمت على يد بعض المبشرين الأولين وضعوا قوانين للغات تلك الشعوب التي اتصلوا بها، ولكن تقنينهم كان أشبه بالتقعيد البدائي، واهتمامهم بالمفردات كان منصبًا على الجزء الذي يخدم الأغراض الدينية، ويساعد على ترجمة الكتاب المقدس. ولكن هذه المحاولات المبكرة -مع الأسف- قد فقدت قيمتها نظرًا لسيطرة الاتجاه الفلسفي عليها، وهو اتجاه كان شائعًا حينئذ، بالإضافة إلى ما كان سائدا بين اللغويين من وجوب صب اللغات كلها في قوالب عالمية موحدة مصبوبة على نمط اللغتين اللاتينية واليونانية، بدلا من محاولة التقعيد لكل لغة بحسب ظروفها الخاصة. وإن الإسهام الكبير الذي قدمه اللغوي الحديث لوصف اللغة يتمثل في معرفته بالأسس الفونيمية والمورفيمية التي تسمح بوصف تفصيلي دقيق إلى حد كبير، لا يقارن بما يمكن أن يحققه منهج يقوم على الأذن غير المدربة أو الاستنتاجات العشوائية.

وإن مجال بحث عالم اللغة الوصفي يتمثل حقيقة في حقل اللغات الحية، حيث يمكن تزويد الباحث بأحد ابناء اللغة الذين يتكلمون بها، وهو الذي يعرف فنيا باسم الراوي اللغوي Informant. ودرجة الثقافة المطلوبة في الراوي اللغوي أمر نسبي، ففي حالة اللغات المستعملة في مجتمعات متخلفة لا معنى مطلقا لإثارة مثل هذا السؤال، ولكن بالنسبة للغات مجتمعات متحضرة، فهؤلاء الرواة يمكن أن ينتقوا من بين من يحسنون تمثيل المستوى اللغوي، المراد تحليله وتقعيده، فإذا أراد أحد أن يصف اللغة الفرنسية كلغة يتكلمها أكثر الناس ثقافة في فرنسا فيجب أن ينتقي الراوي من بين الطبقات العالية الثقافة، مثل أساتذة الجامعة، والمحامين، والأطباء، وموظفي الحكومة وإذا أريد وصف لغة الأحياء القذرة في باريس وتحليلها، فإن الأوباش والمومسات يمثلون هذه اللغة

ص: 120

أحسن تمثيل وإذا أريد شيء بين بين أمكن الرجوع إلى طبقة الخبازين والجزارين والخدم، وفي كل هذه الحالات حين يتيسر الحصول على راو يمثل اللغة الحية يجد الباحث نفسه مزودا بما يسمى بالظروف البيئية field conditions وهي على طرفي نقيض مع ما يسمى بالظروف الفلولوجية philological conditions التي تميز العمل الذي يقوم به علماء اللغة التاريخيون الذين يتخذون مادتهم الأساسية من الوثائق والنقوش وغيرها من المادة غير الحية.

والخطة المزدوجة التي تجمع بين جمع المادة ثم فحصها ومقارنتها تبدأ على شكل أسئلة صيغت خصيصيا ليمكن عن طريق توجيهها للراوي أن تكشف عن كيفية التعبير عن أشياء معينة في لغته، وعادة ما يتدرج الباحث من الكلمات القصيرة السهلة إلى التعبيرات الطويلة والجمل الكاملة أما الإجابات فيجب أن تكتب بالرموز الصوتية وكلما سجلت تفصيلات أكثر كان أفضل، وربما استخدم جهاز التسجيل أو الأسطوانة أو كلاهما إلى جانب ذلك.

وفي اللحظة التي يتجمع فيا لدى اللغوي المادة الكافية يبدأ عمله التصنيفي والاستنتاجي، وعلى أساس من خبرته العلمية الخاصة في الفونيمات يقرر أي الأصوات المتقابلة أو المتضادة تناسب موقعية معينة وأيها لا يناسب، وحينئذ يجب عليه أن يفصل الفونيمات الحقيقية للغة من الألوفونات، وخلال ذلك الوقت يجب أن تتكون عنده صورة كاملة من التركيب الفونيمي للغة وعن الألوفانات التي تكون كل فونيم، مع صورة واضحة عن الظروف المعينة التي بتحققها يقع الألوفون المعين.

ولنوضح ذلك بالمثال نقول: لو فرضنا أن اللغة الإنجليزية الأمريكية تعتبر لغة غير معروفة وغير مكتوبة، فلكي تكون موضوعًا لخطة فونيمية تحليلية ينبغي على اللغوي أن يحصر الفونيمات عن طريق ما يعرف فنيًا باسم الثنائيات الصغرى minmal pairs وذلك بأن يمتحن كل كلمتين تتفقان تمامًا في كل الأصوات ماعدا واحدًا منها مثل sit و fit، أو set و sit، أو sip

ص: 121

و sit. فإذا استلزم التغيير الصوتي تغييرًا في المعنى يعلم حينئذ أنهما فونيمان مختلفان، ويصنفهما كذلك في نظامه الصوتي. إن السبب في اختلاف المعنى بين sit و fit مع اشتراك جميع الأصوات ماعدا واحدًا هو -ولا شك- راجع إلى الصوت المختلف وعلى هذا يجب في الإنجليزية الأمريكية اعتبار /s/ و/p/ فونيمين مختلفين. ومن ناحية أخرى قد يلاحظ الباحث اختلافا بسيطًا بين الـp في sip و pit و spit وربما أخذه الشك أول الأمر حول ما إذا كانت هذه الباءات الثلاث تشكل فونيمات مختلفة في اللغة أو لا. ولكن بعد أن تتجمع عنده أمثلة كثيرة سيستنتج من مقارنتها أن هذه الأصوات تقع في أماكن متغايرة ويستحيل أن تتبادل موقعيتها، أو تتعاور على المكان الواحد، ولذا فهو يصل في النهاية إلى أنه ألوفونات لفونيم واحد، ومعنى هذا أن نظامه النهائي لفونيمات اللغة سيشتمل على فونيم واحد هو /p/ مع ثلاثة ألوفونات محتملة تقع تحت ظروف معينة.

وإذا كانت اللغة المجهولة المراد تحليلها هي الإيطالية فإن الباحث قد يتساءل أولا ما إذا كان الاختلاف الصوتي بين eco و ecco أو بين cade و cadde، أو بين ala و alla له طبيعة فونيمية أو أنه اختلاف نطقي راجع إلى الهوى الفردي، ولكن بمجرد أن يعرف أن eco تعني echo الإنجليزية. بينما ecco تعني here is، وأن cade تعني he falls بينما cadde تعني he fell، وأن ala تعني wing بينما alla تعني to the فسيصل إلى النتيجة أنه في اللغة الإيطالية كل ساكن طويل أو منبور "وهو الذي يمثل في الكتابة الإيطالية عن طريق تكرير الحرف" يشكل فونيمًا يختلف عن مقابله القصير أو غير المنبور، ومعنى هذا أن نظامه الفونيمي للغة الإيطالية يجب أن يعترف بوجود فونيمين لكل صوت ساكن، أحدهما وهو مفرد، وثانيهما وهو مضعف.

كل هذه الخطوات تبدو بسيطة إلى حد كبير أكثر مما هي عليه في الواقع.

ص: 122

_________

1 توجد هذه الظاهرة في بعض اللغات المغمورة كذلك توجد في بعض التطورات التاريخية، كما حدث للاتينية حينما تحولت إلى الرومانية، ولكن يجب أن نذكر أن علم اللغة الوصفي لا يعالج التطورات التاريخية، وإنما يصف حالة لغة معينة في وقت معين.

2 الرمز ? موجود في الرموز الصوتية الدولية ليدل على الصوت "ng" الموجود في "sing".

ص: 123

المبالغة في تقدير اختلافات صوتية موجودة ovre-differentiation والتقليل في تقدير هذه الاختلافات under-differentiation، وكلاهما يحدث بسبب وقوع المحلل اللغوي تحت تأثير عاداته اللغوية الخاصة. وإن محللا يتكلم اللغة الإنجليزية ربما غررت به طبيعته وجعلته يخلط الـ"k" والـ"q" العربيتين، ويضعهما تحت فونيم واحد مماثل للأصوات الطبقية الإنجليزية الموجودة في1 kin و Cool. ولكن الاختلاف الدلالي بين كلمتي: كلب وقلب العربيتين كاف لإثبات خطئه، ومن ناحية أخرى فإن المحلل العربي ربما ظن خطأ وجود خلاف فونيمي بين الألوفونين الإنجليزيين "للصوت المهموس الطبقي الانفجاري" اللذين يقع أحدهما قبل العلة الأمامية، والآخر قبل العلة الخلفية "kill و cool" فيتصور خطأ أنهما فونيمان اثنان إلى أن يلاحظ اختفاء الأساس في التقسيم الفونيمي وهو تغير المعنى مع تغيير الفونيم، ويعجز عن العثور على أي ثنائيات صغرى.

1 يوجد خلاف بين الصوتين في الموقعية، فهما في الإنجليزية ألوفونان لفونيم وحد هو k، الأول منهما يقع قبل العلة الأمامية، والثاني منهما قبل العلة الخلفية.

ص: 124

وإن التحليل الفونيمي كثيرا ما يصيبه الاضطراب نتيجة لتعدد الصور النطقية، كما يبدو في كلمة with التي ينطقها بعضهم مجهورة /o/ وبعضهم مهوسة /e/. وبالنسبة لبعض اللغات توجد صعوبة أخرى، وهي التمييز بين النغمات الصوتية التي تعد ذات قيمة فونيمية كاملة، في مقابل الأخرى ذات القيم الثانوية الإضافية، وهنا يقترح Gleason القيام باختبارين مفيدين، أولهما اختبار الرتابة monotony test حيث ينطق بمجموعة من الكلمات ذات اللحن المشترك الواحدة بعد الأخرى لتنتج وحدات رتيبة مكررة، فإذا أدرجت كلمة ذات لحن مختلف داخل السلسلة انكسرت الرتابة الموسيقية1. أما الآخر فهو بناء إطارات أو أشكال نغمية عن طريق وضع الكلمات متلاصقة مع سلسلة من كلمات أخرى -مثل الأعداد- تعرف نغماتها1.

1 في دراسة Glesson اللغة Ewe الموجودة في غرب إفريقية، والتي لها ثلاث نغمات عالية ومتوسطة ومنخفضة، عمل اختبار عن طريقه وضعت كلمات متنوعة مكونة من مقطع واحد وضعت متتابعة وطلب من أحد أبناء اللغة أن ينطلق بها. فإذا حدث وكانت الكلمات ذات نغمة، واحدة فتكون النتيجة مجموعة من النغمات الرتيبة الموحدة، فإذا كانت نغمة كلمة ما غير مؤكدة فإنه كان يقوم بوضعها في تتابع معين، فإذا اتفقت نغمتها مع الأخريات المعروف لحنها فإنها تنسب إلى هذه المجموعة النغمية. أما إذا كانت النتيجة كسر الرتابة فإنه يجرب وضع هذه الكلمة في مجموعة نغمية أخرى، وهكذا حتى تتناسب مع واحدة منها.

2 فالاسم الذي يشك في نغمته يمكن أن يقرن بالأعداد من 1إلى 6 واحدا بعد الآخر. هذه الأعداد معروفة نغماتها، فإذا كانت نغمة الكلمة صاعدة أو هابطة أو في نفس المستوى مع أي من الأعداد صار من الميسور ردها إلى ما يناسبها من المجموعات النغمية.

ص: 125

وإن التوسع في استخدام أجهزة التسجيل في مجال العمل الفونيمي قد قلل -إلى حد كبير- من متاعب المحلل اللغوي، حيث إنه يسمح بالتسجيل الموضوعي للأصوات الفعلية المنطوقة، ويكمل النقص في استخدام الرموز المكتوبة، الذي يتأثر عادة بعوامل ذاتية ناتجة عن سماع المحلل وثقافته.

ولكن حتى الأصوات المسجلة يجب في النهاية أن يقوم المحلل بترجمتها وتفسيرها معتمدا على أذنه وفهمه، ولهذا فإن قيمتها الرئيسية تعود إليه أخيرا.

وعند هذه النقطة يجب أن الكتابة الصوتية تمثيل موضوعي للأصوات، فإن الكتابة الفونيمية تؤسس على إحساس المتكلم بالفروق الصوتية، والتفريق الذي يرى وجوده بنفسه. وهذا يعني أن ما يعد رموزا كتابية مرضية لنوع من اللغات مثل الإنجليزية لا يلزم بالضرورة أن يكون دقيقا مائة في مائة بالنسبة للغة أو لهجة أخرى. إن صوت العلة الموجود في lot و not و pot هو -موضوعيا وصوتيا- "a" في فم المتكلم الأمريكي في الجملة، ولكنه "?" أو "C" في فم المتكلم الإنجليزي.

وهذا بدوره يعني أن الكتابة الفونيمية للغوي ربما لا تتفق مع كتابة لغوي آخر، فكل منهم يميل إلى أن يستعمل ويكتب الصورة الصوتية للهجته الخاصة، وعلى سبيل المثال فإن حرف العلة في leave و feet يختلف تقديره وكتابته بالنسبة إلى الرجل الإنجليزي عنه بالنسبة للرجل الأمريكي فالإنجليزي يمثله بالرمز ":i" "علة طويلة خالصة"، ولكن الأمريكي يمثله بالرمز "ij" "علة قصيرة خالصة متبوعة بـY انحدارية glide" ولهذا فإن معظم من يمثلون الصوت بالرموز الكتابية يلفتون نظر قرائهم إلى هذا النوع الذي لا مفر عنه من الإقحام لخصائص لغتهم في مجال التمثيل الكتابي.

ص: 126

وإن عملية التحليل المورفيمي لتطابق تماما تلك التي وصفناها فيما سبق، ماعدا أن التحليل هنا ينصب على المورفات أو أصغر الوحدات ذات المعاني التي ينبغي أن تحلل إلى مورفيمات وألومورفات، وفي المجال التطبيقي يتصاحب عادة التحليلان الفونيمي والمورفيمي ولا يتتابعان، ولكن مع تسجيل ملاحظات المحلل اللغوي منفصلة، ثم يتصاحب التحليلان وبخاصة حين يتقدم سير البحث.

وهنا نقول مرة ثانية إنه إذا كان هناك تقابل أكيد في المعنى أمكن الباحث أن يعدهما مورفيمين منفصلين، ولكن إذا كان المورفان يحملان نفس المعنى ويستعملان في موقعيتين مختلفتين فيجب اعتبارهما ألومورفات لمورفيم واحد. فـ"ing-" الموجودة في working في مقابل "ed-" في worked كل منهما يحمل معنى خاصا مختلفا، ولهذا مورفيمان. أما "t-" المنطوقة التي تظهر في worked و"d-" التي تظهر في filled، وتغير العلة الموجودة في found، find وحتى التغيير الصفري zero change من صيغة الماضي إلى صيغة المضارع في put، put، كل أولئك يحمل معنى واحد، وهو الماضوية، ولهذا يمكن اعتبارها كلها ألومورفات لمورفيم واحد، وهو الدلالة على الماضي.

وهنا يقترح Gleason بحق أن يتخذ أحد الألومورفات كصيغة أساسية basem، form، ويعتبر الباقي بدائل replacices فإذا أردنا اختيار صيغة أساسية بناء على درجة تكرار الوقوع نجد أن d في filled و dallied، toyed هي الصيغة الأساسية للمورفيم الدال على الماضوية، وعلى هذا نعتبر "t" في worked و stopped و"id" في ended، وتغير العلة في found والتغير الصفري في put كل أولئك ألومورفات بديلة، "انظر المبحث رقم22".

وجمع أنواع العوامل المورفونونيمية، وبخاصة ما يعرف بالمماثلة

ص: 127

يجرها نحو الطبق تحت تأثير الساكن الطبقي التالي، وتصير "im" منطوقة وحتى مكتوبة في impossible بتلوينها بالصبغة الشفوية تحت تأثير الصوت الشفوي p" وآخر خطوة في التحليل اللغوي هي وضع قواعد النحو، والإعداد لتصنيف مفردات اللغة على أساس من المبادئ الوصفية وطرق البحث التي سبق شرحها.

فمن الناحية النحوية -على سبيل المثال- يجب على المحلل أن يقوم بيان أنواع الصيغ للغة التي يحللها، وقواعد تبديل الصيغة لتشكيل أنظمة جديدة كنظام النفي أو الاستفهام في الجملة، وكذلك المعالم الخاصة الموروثة في اللغة موضوع البحث، "انظر المبحث رقم 23".

ومن وجهة نظر علم المفردات اللغوية فإن المحلل ينبغي أن يزودنا بقائمة للرصيد العام للمورفيمات في اللغة موضوع البحث -مصحوبة بإمكانيات تجمعاتها- مع تعيين الصيغ النحوية الكاملة lexemes كلما أمكن، وكذلك التعبيرات الاصطلاحية idioms وما يستخدمه اللغة من السوابق واللواحق، "انظر المبحث رقم 24".

وآخر نتاج لمجهود المحلل اللغوي سوف يكون النحو الوصفي للغة موضوع البحث، كما سنتحدث في المبحث التالي.

ص: 128