الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيخ أحمد النحوي
(1)
هذا الأديب الذي نحا نحو سيبويه، وفاق الكسائي ونفطويه.
ليس من الأدب برودا، ونظم من المعارف لآلئ وعقودا. صعد إلى ذروة الكمال، وتسلق على كاهل الفضل إلى أسنمة المعال.
فهو أحمد مجد ونهي. وسماء فرقد وسها، ضياء فضل ومعارف، وسناء علم وعوارف.
وزهر رياض وحدائق، ونور مروج وشقائق
غمام كمال هطله العلم والحجى
…
ووبل معال طله الفضل والمجد
له رتبة في العلم تعلو على السها
…
فريد نهى أضحى له الحل والعقد
غرفة أدب مريع النضرة، وسقف أدب نقشته يد القدرة.
وجدار كمال أربى على الكيوان، وقصر أفضال سما على الإيوان في سنا مكرماته. وصل من الفصاحة إلى أقصاها، ومن الرجاحة إلى منتهاها، ورقى منابر الفضل وأعوادها، ووصل أغوار البلاغة وأنجادها.
(1) هو ابن الشيخ حسن النجفي الحلي، شاعر معروف، وردت اشعاره متناثرة في المجاميع الادبية، وله ديوان شعر مخطوط، وكان من المختصين بامراء الحلة من آل عبد الجليل بك وله فيهم احسن قصائده.
ونعته السيد عبد الله الفخري في مجموعته بانه قدوة الادباء وامير البلغاء، ومن شعره قصيدة كل شطر من ابياتها يشتمل على تاريخ يمتدح بها حضرة الوزير علي باشا مطلعها:
هن المكارم ما عنها بمنتقل
…
بدر سناه تسامى في السناء علي
توفي سنة 1183 هـ/ 1769 م. البابليات لليعقوبي 1/ 113 وتاريخ الادب العربي في العراق للعزاوي 2/ 273.
فهو تلميذ الشيخ نصر الله المذكور، وزبد ذلك البحر العميق المسجور. وكنت أراه في خدمته. ملازماً أتم الالتزام لحضرته.
له اليد العالية في نظم الشعر، وهو في مدن القريض عند أرباب الأدب مشتهر.
فمما أثبته له في هذا الكتاب، مما يحاكي في عذوبته القند المذاب، ما تلقيته من فمه، من موانح قرطاسه وقلمه قوله مضمناً ألفية ابن مالك، وقد سلك بذلك أحسن المسالك، صارفاً عنها قواعدها، إلى مدح شيخه السيد نصر الله الحسيني المذكور:
لله كم أعرب عن نحول
…
همت بنون الصدغ حيث زانا
…
أفدى الذي سناه أضحى قمرا
…
بل مثلوك يا حبيبي والقمر
…
وقولنا بك الكمال البين
…
نصبت قلبي لسهام الجفن
…
فاعطف فلم يبق بي الضعف رمق
…
واصفح عن القتل فكم مولى صفح
…
قد صح في عذارك الجمال
…
مالت لك الروح فته دلالا
…
يا صاح ان يسألك عني قل تلف
…
هذا سهام لحظه مشهوراً
…
وددت لو أضحى بروحي يفدي
…
لا تذكر البدر لحبي ثاني
…
ولي فتاة إن رنت بالمقلة
…
إذا سطت بطرفها المسمار
…
بالله كفي عن حشاي المؤلمة
…
خل حديث لحظها الذي يرد
…
بل عد عن كل الورى طراً ولا
…
«تمرر بهم إلا الفتى إلا العلى»
سلالة الأمجاد نسل المصطفى
…
الراهب البيض الهجان مثقلة
…
فاق الأيادي بجود منهمر
…
إن قال لفظاً لهج القبائل
…
وكم له عبارة سنية
…
فاز بخط في العلا موفور
…
بجده ارتقى مكارماً وما
…
قرى الضيوف وحوى الانافة
…
راحته تولي غناء المعوز
…
الجود والمجد إليه ينتسب
…
حتى تزره فالعطايا هامرة
…
يخاطب الضيف خطاب من يحب
…
كم قد أفاد بدرة وعشرا
…
فيا لهيف أقصد حماه والتزم
…
والهج بمدح ذاته مفضلا
…
واعدده مع والده في الكرما
…
إن جاءه الضيف يقل نلنا المنى
…
يوليك من غيث نداه الهامي
…
يسمح للوفد بما قد طلبا
…
ألفاظه للوفد خذ اليكا
…
أضحى الندا وصفا له منتسبا
…
كلامه الجامع كله حكم
…
قد حتم الفضل له وقدرا
…
خاطب عبده خطاب الكرما
…
يكاد يدري إذ ذكاه اتقدا
…
إن زاره اثنان وجمع وفدوا
…
وكم سخت يمينه بالصفد
…
وإن تسل عن قدره بما غدا
…
كم وصل الوفد ببذل تبر
…
قصدت مغناه فأبت بالصفد
…
وكم ولى الجيش فأولاه العطب
…
يقول دائماً لحب العدل لا
…
قد اقتنى العلم وحاز الشرف
…
جرى على نهج أبيه المرتضى
…
من معشر غر مديحهم أتى
…
«في النظم والنثر الفصيح مثبتا»
عن جبرئيل والنبي المرسل
…
«في الخبر المثبت والأمر الجلي»
وكم وكم من جوده الذي هطل
…
وكم حباني هبة معجلة
…
يلهج مهتزاً لأرباب الأمل
…
يقول وفده لكل من سنح
…
وكم له رويت أوصافاً سوى
…
يقول جبر الضعف دأبنا فمن
…
غيري إذا الظامي إليهم قد وفد
…
يا طالباً للعلم من غير مرا
…
والزمه مثل العروة الوثقى ولا
…
وخاطبنه بين أرباب العلا
…
فانه مع الكمال ركباً
…
كم قال للوفد نداه عطفا
…
من يتخذ مغناه خير كهف
…
فاقطع إليه البيد سهلا وجبل
…
أعلى بناء مجده وشيدا
…
شاء الورى بالفضل جيلاً جيلا
…
وهو كما أولاني التبجيلا
…
والآن إذ نظمت في المولى الأجل
…
مضمناً ألفية ابن مالك
…
مصلياً على الذي حاز العلا
…
وصفوة الهادي مبيد الفجرة
…
ورهطه المتبعين سيره
…
وأختم النظم لعلى أسعد
…
والشيء بالشيء يذكر، فمن هدا القبيل ما جعلته في جواب رسالة السيد علي:
يقول راجي الرشد في المسالك
…
أحمد ربي الله خير مالك
مصلياً على الذي نال العلا
…
محمد خير نبي أرسلا
وصحبه المسترشدين السلفا
…
وآله المستكملين الشرفا
وبعد عرض ابلغ الثناء
…
وكثرة الأشواق والدعاء
للواحد القرم الهزبر الأصيد
…
الماجد القمقام وابن الأمجد
الصاحب المفضال من حاز العلا
…
على الأصح ما لغير جعلا
الهاطل الغيث السحاب المنجلي
…
كلم يفوا إلا امرؤ إلا على
واترك سوى ذا الفرد في الفضل ولا
…
تمرر بهم إلا الفتى إلا العلا
والزم مديح فضله حتما ولا
…
تعدل به فهو يضاهي المثلا
فافرده في آدابه بلا مرا
…
حتماً موافقا لما قد أظهرا
في فضله ومجده تعالى
…
أختار. غيري اختار الانفصالا
فانه شمس سما عن كلف
…
مهدى تأوله بلا تكلف
فافرد له الفضل وأول بالجدا
…
وثن واجمع غيره وافردا
فحبه في القلب مستور الخبر
…
ولا أرى منعاً إذا القصد ظهر
فأوصفه إذ بعلمه لقد عرف
…
فليستحق العمل الذي وصف
أضف له العفة واتبعه العلا
…
مثل الذي له أضفت الأولا
فإنه إلى المعالي قد رفع
…
معنى كمحمود المقاصد الورع
فهو فريد الذات أينما نزل
…
في الحكم والشروط حيثما عمل
قرم همام في الورى حيث ذكر
…
ولا تقس على الذي منه أثر
إن أمه الراجي ببشر ورحب
…
ومصدر العادم بعد ينتصب
فقدرة العالي لمجد مستعد
…
وهو بما يعمل فيه متحد
كم باد جيشاً ذا حسام وزرد
…
وكر زيد أسد أي كأسد
من سادة سادوا بكل الأمم
…
نصب الجميع احكم به والتزم
فكم له فضل ببذل عجسد
…
لمفرد واعلم وغير مفرد
شافهه الدهر بما قد أجملا
…
مفضلا كأنت أعلى منزلا
يا مدعي له الشريك في الأدب
…
ما كان في تثنية له وجب
فامنحه نعتاً وأوصفنه في الملا
…
أو أعطه التعريف بالذي تلا
والزمه إذ فيه الخلوص والوفا
…
كالعلم نعم المقتنى والمقتفى
عظمه وارفع قدره على المدى
…
وأفعل التفضيل صله أبدا
واعدده مع آدابه في القدما
…
وأبدا كن لهما مقدما
قد شاع بالفضل بكل ما يلي
…
في الخبر المثبت والأمر الجلي
فامدحه والزم مدحه وان عتا
…
في النظم والنثر الصحيح مثبتا
قل بعض ما قد جاء عنهم في الجدا
…
وانو انضمام ما بنوا قبل الندا
سام بفضل وكمال ورشد
…
ووصف أي بسوى هذا يرد
قل للذي حماه عن قصد نزل
…
من صلة أو غيرها نلت الأمل
فمدحه ووصفه لنا انتدب
…
والزم بنا النوعين فهو قد وحب
فانه مع المعالي ركبا
…
تركيب مزج نحو معدي كربا
فاثبت له الجود مع المفاخر
…
ثبوت قصر بقياس ظاهر
فاق أولي النظم بكل ما نطق
…
والغرض الآن بيان ما سبق
أتى كتاب وهو عرف وشذا
…
لم يلف ذا النطق للبس منفذا
أضمر تبكيتي لدى كل الملا
…
ضمير خفض لازم قد جعلا
يبهر من يفتحه مستأنساً
…
أن يكن الفتح بوهم لابسا
فانه المفرد بالفضل فلا
…
يكون إلا غاية التي تلا
يلعثم النطق فلا يعادى
…
كيا سعا فيمن دعا سعادا
إذ قد سما فضلا بكل ما كتب
…
وكلما يليه كسره وجب
فاستفهمن آدابه وصله لي
…
همزاً كمن ذا أسعيد أم علي
حاز علا بفضله وسؤدداً
…
وبعض ذا قد بات لفظاً مفردا
فاق أولى الفضل بما تسطرا
…
قبلا وما من بعده قد ذكرا
بالفضل والهطل سما كل الكتب
…
وكونه أصلا لهذين انتخب
علا على الدر بكل منتظم
…
وغير ذي التصرف الذي لزم
يجل إذ يسمو على هطل السحب
…
عن فاعل نحو تدبرت الكتب
قل فيه ما شئت فذاك أحسن
…
لأن قصد الحنس فيه بين
قد فاق في ترتيبه الذي قضى
…
وما أتى مخالفاً لما قضى
فإنني من حسنه الذي انجلى
…
مغرى به في كل ما قد فصلا
لكونه حاز علا نبيلا
…
مستوجب ثنائي الجميلا
فخذ مديحاً في علاه نعني
…
وليس عن نصب سواه مغني
***
هذا الكتاب الذي يغني عن السمر
…
ولم يدع أبداً للفضل من أثر
قل للذي غاص في إخراج لؤلؤه
…
قد غاص حتى جنى ما شاء من درر
لله عذراء قد سامت بكل سنا
…
تكاد تهز وبضوء الشمس والقمر
صداقها الروح إذ توفي لها بدلا
…
مكانها بمكان السمع والبصر
ما كنت أحسب أن الشمس يا أملي
…
تصيدها فخخ الإدراك والنظر
ولا ظننت بأن الزهر منتقشاً
…
في ساحة الوهم والتخييل والفكر
قد خامرتني بما أبدته من أدب
…
كأنها الخمر أشفتني على السكر
أما الجواب فإني لست ذا ثقة
…
بالفكر إذ ذاك معدود من الخطر
جازاك عني يراع لوصغا لبكى
…
إذ أنت يا سيدي صبح بلا سحر
بقيت بالفضل والافضال منتصبا
…
ودم فانك إنسان إلى بصري
***
رسالة عن المعالي مخبره
…
مفردة جاءتك أو مكررة
مفردة إن قلت فيها المتسع
…
وكونها في الوصف كاف أن وقع
فإنها في الفضل لا تبارى
…
واعز لغير هذه استدرارا
وأولها التقديم من غير مرا
…
وجوزوا التقديم إذ لا ضررا
رسالة فاقت بكل خصله
…
حاوية معنى الذي سيقت له
كأنها بدر علينا قد هبط
…
فنمط عرفت قل فيه النمط
إن قيل فيها مثلها لقد ورد
…
يجوز نحو فائز أولو الرشد
فإنها مفردة كما هيه
…
فجئ بها متلوة لا تالية
ألفاظها در وشهد وسنا
…
وكل حرف مستحق للبنا
وقد حوت مقاصداً بهية
…
مقاصد النحو بها محوية
فإنها أصلا بلا تجوز
…
تقرب الأقصى بلفظ موجز
فيا لها فاقت بتسطير الحكم
…
وكلمة بها كلام قد يؤم
تستوجب المدح بكل بسط
…
وتقتضي رضا بغير سخط
بمدحها فاعن لفضل وعلا
…
إياي والتفريع ليس مشكلا
إن قصر المدح بفضلها مضت
…
إياهم الأرض الضرورة اقتضت
إن قيل فيها مثلها قد وردا
…
أيضاً وتعويض بذاك قصدا
فكلها فرائد مفصلة
…
على ضمير لائق مشتملة
إن قيل فيها إنها تجلي النظر
…
ناوين معنى كائن أو استقر
يا سائلي عن فضله الذي سرى
…
على الذي ينقل منه اقتصرا
فانه بدر غدا منيرا
…
كذا إذا يستوجب التصديرا
شمس معال وكمال وهدى
…
ولا يلي إلا اختيارا أبدا
مالت أولو الفضل إليه والعلا
…
للمح ما قد كان عنه نقلا
فافرده في فنونه بين الملا
…
وأبرزنه مطلقا حيث تلا
قد نطقت بمثله الأماثل
…
بنحو نعم ما يقول الفاضل
لقد رويت فضله الذي حوى
…
ما مر فاقبل منه ما عدل روى
فمن يكن مسلماً لوصفي
…
فذاك ذو تصرف في العرف
مذ فان في الأفاضل ذا المولى الأجل
…
وما بجمعه عنيت قد كمل
فالله يجزي بعطايا فاخرة
…
لي وله في درجات الآخرة
سأختم النظم بخير في الملا
…
فالحمد لله مصليا على
محمد الذي أباد الفجرة
…
وآله الغر الكرام البررة
وعونه الفائزين المهرة
…
وصحبه المنتخبين الخيرة
واختم النظم بطه المصطفى
…
بها ونطقي الله حسبي وكفى
***