الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا المطلب في رجال الروم وبلغائهم وصناديد معاهدهم وفصائحهم
فإن الروم أجم الفصاحة، ومروج المعالي والسماحة. وكل أهل الفضل من هؤلاء الرجال وجميع أرباب الكمال على كمالهم عيال. فدار ملكهم الأسمى. وهي القسطنطينية العظمى، شامة البلدان. التي لم يطمثها قبلهم انس ولا جان، حديقة الفضائل والآداب، وجنة المكارم والأطياب. جنة الدنيا والدين، ومطاف الرجال الملبين. نزهة الزمان، وسدة الأمان، كعبة الوافدين. وقبلة الرافدين سحابة الكرم. ووسادة الهمم.
زهرة الأدب، ريحانة العجم والعرب. مجمع أرباب المعارف والنهى، وقطب سماء الفرقدين والسها. محمودة المعاهد والآثار.
ممدوحة الحدائق والأزهار، مقبولة الجداول والأنهار. مأوى الحسان وكناس المها والغزلان. ومنبع الفضائل والعرفان.
ذات المهاة السارية، والأنهار الجارية، والعيون النابعة، والقصور الشاسعة، والبيوت المانعة، والدور المشيدة، والأواوين المنضدة، والمحاسن واللطافة، والنوادر والظرافة.
ذات الحدائق والرياض، والبساتين والحياض. والنسائم الطيبة،
والمراسم المطربة، والأهوية الصحيحة، والمرابع الفصيحة.
دار الخلافة قد سامت بإحسان
…
وشابهت في البها جنات عدنان
سمت جميع بلاد الأرض قاطبة
…
باللطف والحسن والحسنى وإحسان
علت على الفلك الدوار مرتبة
…
حيث الملوك بها من آل عثمان
ساسوا البلاد وسادوا في العباد كما
…
قد ساد خير الورى في آل عدنان
لا زال ملكهم بالعدل مبتسماً
…
ما غردت أيكة في الأثل والبان
أما وصف هذه البلدة فلا تسعه هذه الأوراق، ولو ذكر منها بعض ما رق وراق. فقد سارت بذكرها الركبان الى سائر الآفاق.
وها هي في صفحات الدهر كالشمس في الإشراق. محاسنها جليلة، ومنازهها جميلة.
قد بنيت على سبعة جبال، وشابهت الأفلاك السبعة في كل مثال. فالمياه في أزقتها تجري، والبحار من تحتها تسري. تحير العيون في انارتها، والظنون في نضارتها، والأوهام في ملاحتها والأفهام في رجاحتها. لم يكن لها مثال في لطافتها، ولا نظير في كمالها وظرافتها.
دخلتها سنة ست وخمسين بعد المائة والألف، فوجدتها فوق ما ذكرت، ورأيتها أعلى مما حررت. أيامها أعياد. ورجالها أسياد، وملوكها أملاك، وقصورها أفلاك وأرضها سماء، ومياهها شفاء،
وأسواقها مروج، وجوامعها بروج، وبيوتها حدائق وأبنيتها شقائق.
دار العز والرئاسة، وموطن الفضل والكياسة، ومعدن اللطف والنفاسة.
فلم يقسم لي المكث فيها الا أيام، وها هي في الوهم طيف أحلام. عمر الله حماها، وحرسها من جميع الآفات وحماها، ما ناحت الحمام وسجعت الأقلام.