الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الثالث والثمانون
علم المد والقصر
النوع الثالث والثمانون
علم المد والقصر
قال الحافظ العسقلاني- رحمه الله تعالى-: المراد زيادة المد على ما في حروف المد، من الطبيعي الذي لا تقوم ذاته إلا به، وكان ينبغي تقديم القصر على المد لأنه الأصل، فقدموا الفرع عليه، واحتجوا لتقديمه بالاهتمام؛ لأن الباب معقود للمد، وعقبه جماعة بهاء الكناية لما بينهما من المشاركة بجامع الخفاء، ولو راعوا الترتيب [القرآني] كما فعلت وكما فعلوا في الإدغام وهاء الكناية لذكروا بعدها الهمز المفرد.
وحد المد الشامل الأصلي والفرعي طول زمان صوت الحرف، والمراد به هنا زيادة مط في حروف المد الطبيعي. والقصر ترك تلك الزيادة.
وحروف المد ثلاثة، وهي الجوفية السابقة في أول مخارج الحروف، الألف ولا تكون إلا ساكنة، ولا يكون سابقها إلا مجانسا لها، والواو الساكنة المضموم ما قبلها، والياء الساكنة المكسور ما قبلها، أو
يقال على طريق الاختصار: حروف (واي) الساكنة المجانسة، وسميت بذلك لامتداد الصوت بها، ولضعفها باتساع مخرجها وحرفا اللين الواو والياء الساكنتان المفتوح ما قبلهما، ويصدق اللين على حروف المد، بخلاف العكس؛ لأنه لا يلزم من وجود الأخص وجود الأعم من غير عكس وإن اعبترنا قول اللين تساويا في صدق الاسم عليهما.
وعلى هذا، فكل من حروب المد وحرفي اللين يصدق عليهما حروف لين على الأول، وحروف المد على الثاني، وحروف مد ولين عليهما، لكن الذين اصطلحوا عليه أن حرف المد ما قبله حركة مجانسة، وحرف اللين ما قبله فتح، فعلى الاصطلاح بينهما مباينة كلية، وكل من وقع في عبارته حروف مد ولين فإنما هو بالنظر للمعنى الأخير.
فإن قلت: ما الدليل على أن في حرفي اللين مدا ما؟
أجاب الشيخ أبو القاسم [النويري] المالكي- رحمه الله تعالى- بأنه قد دل الدليل عليه من العقل والنقل، أما العقل فإن علة المد موجودة فيهما، والإجماع على دوران المعلول مع علته، وأيضا، فقد قوي شبههما بحروف المد؛ لأن فيهما شيئا من الخفاء، ويجوز إدغام الحرف بعدها بإجماع في نحو:{كيف فعل} [الفجر: 6] بلا عسر، ويجوز، مع إدغامهما
الثلاثة الجائزة في حروف المد بلا خلاف، ول يجز النقل إليهما في الوقف في نحو زيد/ وعوف، بخلاف بكر وعمرو، وأيضا، فقد جوز أكثر القراء التوسط والتطول فيهما وقفا، وجوز ورش من طريق الأزرق مدهما مع السبب أفتراهم مدوا غير مد حرف مد.
وأما النقل: فنص سيبويه- وناهيك به- على ذلك، وكذلك الداني ومكي حيث قال: في حرف اللين من المد بعض ما في حروف المد، وكذلك الجعبري حيث قال: واللين لا يخلو من أيسر مد.
فإن قلت: قد قال أبو شامة: فمن مد {عليهم} [الفاتحة: 7]، و {إليهم} [آل عمران: 77]، و {لديهم} [آل عمران: 44]، ونحو ذلك وصلا أو وقفا فهو مخطئ. وهذا صريح في أن اللين لا مد فيه. فالجواب أعظمه مساعدا لو كان في محل النزاع؛ لأن النزاع في الطبيعي، وكلامه هنا في الفرعي، بدليل قوله: فقد بان لك أن حرف المد لا مد فيه إلا إذا كان