الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غير} [الأنعام: 46]. والخاء نحو: {والمنخنقة} [المائدة: 3]، و {إن خفتم} [النساء: 101]، {يومئذ خشعة} [الغاشية: 2].
اتفقوا كلهم على إظهار النون الساكنة والتنوين عند هذه الستة لبعد مخرج النون والتنوين عن مخرج حروف الحلق، إلا أن أبا جعفر قرأ بإخفائها عند الحرفين الأخيرين: الغين والخاء المعجمتين كيف وقعا، لقربهما من حرفي أقصى اللسان، القاف والكاف، لكن بعضهم/ استثنى عنه {فسينغضون} ، و {إن يكن غنيا} [النساء: 135]، و {والمنخنقة} فاخذ فيها بإظهار النون كالجمهور، ولم يستثنها ابن مهران؛ بل أطلق الإخفاء في الثلاثة كسائر القرآن، والاستثناء أشهر، وعدمه أقيس، وانفرد ابن مهران، عن ابن بويان، عن أبي نشيط، عن قالون في الإخفاء- أيضا- عند الغين والخاء- أيضا- في جميع القرآن، وهو في "كامل" الهذلي، و"الجامع" الداني عن أبي نشيط من طريق ابن شنبوذ.
الحكم الثاني: في الإدغام:
ويكون في ستة أحرف- أيضا- وهي: النون {عن نفس} [البقرة: 48]،
{ملكا نقتل} [البقرة: 246]. والميم نحو: {من مال} [المؤمنون: 55]، {في كل سنبلة مائة حبة} [البقرة: 261]. والواو: {من وال} [الرعد: 11]، {ورعد وبرق} [البقرة: 19]. والياء محو: {من يقول} [البقرة: 8]، {فئة ينصرونه} [الكهف: 43]. واللام نحو: {فإن لم تفعلوا} [البقرة: 24]، {هدى للمتقين} [البقرة: 2]. والراء {من ربهم} [البقرة: 5]، {ثمره رزقا} [البقرة: 25].
فاتفقوا على إدغامها في هذه الستة مع إثبات الغنة مع النون والميم.
فإن قلت: النون من طرف اللسان وفوق الثنايا، والميم من بين الشفتين، وبينهما مخارج فلم ساغ الإدغام مع التباعد؟ أجيب بأنه قد يجعل للمتباعد وجه يسوغ إدغامه، فالوجه الذي قرب بين النون والميم ونحوها، الغنة التي اشتركا فيها، فصارا بذلك متقاربين.
واتفقوا على حذف الغنة مع اللام والراء. ولبعدهما عن الغنة/، وهذا- كما في "النشر"- مذهب الجمهور من أهل الأداء، والأجلة من أئمة التجويد، وعليه أئمة الأمصار في هذه الأعصار، وهو الذي في "الشاطبية" كأصلها، و"العنوان"، و"الهداية" وغيرهما وفاقا لجميع المغاربة.
وذهب كثير إلى الإدغام في الراء واللام مع بقاء الغنة، وروي ذلك عن أكثر القراء كنافع، وابن كثير، وأبي عمرو، وابن عامر، وعاصم، وكذا
أبي جعفر وغيرهم، وهو رواية النهرواني عنهم، [و] وردات عن كل القراء نصا وأداء. وصحت من طريق كتاب "النشر" عن أهل الحجاز، والشام، والبصرة، وحفص، لكن هذا وإن أطلقوه فينبغي- كما في "النشر"- تقييده في اللام بما إذا كان منفصلا رسما، وذلك:{أن لا أقول على الله إلا الحق} [105] في (الأعراف)، و {أن لا يقولوا على الله إلا الحق} [الأعراف: 169]، و {أن لا ملجأ من الله} [118] في التوبة، و {وأن لا إله إلا هو} [14]، و {أن لا تعبدوا إلا الله} [26] في قصة نوح، وفي (الحج){أن لا تشرك بي شيئا} [26]، وفي (يس):{أن لا تعبدوا الشيطن} [60]، وفي (الدخان):{وأن لا تعلوا على الله} [19]، وفي (الممتحنة):{على أن لا يشركن بالله شيئا} [12]، وفي نون والقلم {أن لا يدخلنها اليوم} [24]. أما إذا كان متصلا رسما نحو:{فإلم يستجيبوا لكم} [14] ب (هود)، و {ألن نجعل لكم موعدا} [48] ب (الكهف)، ونحو: ذلك مما حذفت منه النون فإنه لا غنة فيه لمخالفة الرسم في ذلك، وهذا اختيار الداني وغيره من المحققين.
وإذا قلنا بإظهار الغنة في اللام والراء عن أبي عمرو فينبغي قياسا إظهارها من النون المتحركة فيهما نحو: {نؤمن لك} [الإسراء: 90]،
{زين للناس} [آل عمران: 14]، {تأذن ربك} [الأعراف: 167]، {خزائن رحمة ربك} [ص: 9]، لأن النون تسكن- أيضا- للإدغام، لكن القراءة سنة متبعة لا مجال للقياس فيها، فإن صح نقلا اتبع.
واختلف في الواو والياء، فقرأ خلف عن حمزة بإدغام النون الساكنة والتنوين فيهما بغير غنة اتباعا لأصل الإدغام، ووافقه المطوعي عن الأعمش، وبه قرأ الدوري عن الكسائي في الياء من طريق أبي عثمان الضرير، وروى عنه جعفر ابن محمد بالغنة، وفي "المبهج" الوجهين كلاهما صحيح [قاله] في "النشر". وقرأه الباقون الغنة فيهما وهو الأفصح.
فإن قلت: وجود/ الغنة مع [الإدغام في] الواو والياء، وكذلك اللام والراء عند القائل [به] يمنع أن يكون إدغاما، فينبغي أن يكون إخفاء كما صرح [به] السخاوي حيث قال: إن حقيقة ذلك إخفاء [لا إدغام]، وإنما يقولون: إنه إدغام؛ مجازا، قال: وهو في الحقيقة إخفاء. أجاب الجعبري: بأنه إدغام لوجود حقيقة الإدغام بالقلب، والقائل بالإخفاء يعترف بوجود التشديد فيه ومذهب [خلو] المخفي عنه
…
والتحقيق أن
الإدغام مع عدم الغنة
…
محض كامل التشديد ومعها غير محض ناقص التشديد. من أجل صوت الغنة الموجودة معه، فهو بمنزلة صوت الإطباق الموجود مع الإدغام في {أحطت} [النمل: 22] و {بسطت} [المائدة: 28]، وقد حكى بعضهم إجماع القراء على الإطباق، واستشكله ابن الحاجب مع الإدغام لأن الإطباق صفة للطبق لا يتأتى إلا به، فلو بقي الإدغام مع إطباق الطاء لزم اجتلاب طاء أخرى لتدغم في التاء غير الطاء التي قام بها وصف الإطباق، وفي ذلك جمع بين الساكنين.
فإذا نحو: {فرطت} [الزمر: 56] بالإطباق: ليس فيه إدغام، ولكنه لما اشتد التقارب وأمكن النطق بالثاني بعد الأول من غير نقل اللسان أطلق عليه إدغاما مجازا، وفرق بين الإطباق [والغنة، فإن الغنة لا تتوقف على النون لأنها من مخرج غير مخرجه، فإن النون؛ من الفم و] الغنة من الخيشوم بخلاف الإطباق، فإنه مع الطبق بمخرجه لا يتأتى إلا به. انتهى.
وأجيب: أن القراء نصوا على أن في نحو: {فرطت} تشديدا متوسطا مع بقاء الإطباق، و [لو] كان على ما ذكره ابن الحاجب- لم يكن في تشديد- ولا يمتنع إبقاء الإطباق قائما ببعض صوت الطاء؛ لأن
الطاء لم يستكمل إدغامه في [التاء ولا يلزم] من ذلك اجتلاب طاء أخرى، ولا جمع بين ساكنين، وعلى هذا فقياسه علي الغنة مستقيم.
واختلفوا في الغنة الظاهرة مع الإدغام في الميم، فذهب ابن كيسان وابن مجاهد وغيرهما إلى أنها غنة النون المدغمة. وذهب الجمهور إلى أنها غنة [الميم لا] غنة النون والتنوين لانقلابهما إلى لفظها. واختار الثاني المحققون، وهو الصحيح لأن الأول قد ذهب بالقلب فلا فرق في اللفظ بالنطق بين {ممن} [البقرة: 114] و {وإن من} [النساء: 159]، وبين {وهم من} [النمل: 89] و {أم من} [الملك: 20] قاله في "النشر".
واتفقوا على أن الغنة مع الواو والياء غنة المدغم، [و] مع [النون] غنة المدغم فيه.
واتفقوا على إظهار النون الساكنة إذا اجتمعت مع الياء أو الواو في كلمة واحدة نحو: {صنوان} [الرعد: 4]، و {الدنيا} [البقرة: 85]، و {بنيان} [الصف: 4] خوف التباسه بالمضاعف، وهو ما تكرر أحد أصوله نحو:[صوان] وديان وحيان.