الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الرابع والثمانون
علم تخفيف الهمز
النوع الرابع والثامنون
علم تخفيف الهمز
اعلم أن الهمز لما كان أثقل الحروف نطقا، وأبعدها مخرجا، تنوع العرب في تخفيفه بأنواع التخفيف، وكانت قريش وأهل الحجاز أكثرهم له تخفيفا، ولذلك أكثر ما يرد تخفيفه من طرقهم كابن كثير من رواية ابن [فليح]، وكنافع من رواية ورش، وكأبي عمرو، فإن مادة قراءته عن أهل الحجاز.
وقد أخرج ابن عدي من طريق موسى بن عبيدة، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنه قال: ما همز رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا الخلفاء، إنما الهمز بدعة ابتدعوها من بعدهم.
قال أبو شامة: هذا حديث لا يحتج به، وموسى بن عبيدة الربذي ضعيف عند أئمة الحديث.
قلت: وكذا الحديث الذي أخرجه الحاكم في المستدرك من طريق حمران بن أعين، عن أبي الأسود الدؤلي، عن أبي ذر، قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبيئ الله، قال: لست نبيئ الله، ولكني نبي الله. قال الذهبي: حديث منكر، وحمران رافضي ليس بثقة.
وأحكام الهمز [كثيرة] لا يحصيها أقل من مجلد، والذي نورده هنا أن تحقيقه أربعة أنواع:
أحدها: النقل لحركته إلى الساكن قبله فيسقط، نحو:{قد أفلح} [المؤمنون: 1] بفتح الدال/ وبه قرأ نافع من طريق ورش، وذلك حيث كان الساكن صحيحا آخرا، والهمز أولا. واستثنى أصحاب يعقوب عن ورش {كتبيه (19) إنى ظننت} [الحاقة: 19، 20] فسكنوا الهاء وخففوا الهمز، وأما الباقون فخففوا وسكنوا في جميع القرآن.
ثانيها: الإبدال، بأن يبدل الهمزة الساكنة حرف مد من جنس حركة
ما قبلها، فتبدل ألفا بعد الفتح نحو:{وأمر أهلك} [طه: 132]. وواوا بعد الضم، نحو:{يؤمنون} [البقرة: 3].وياء بعد الكسرة، نحو:{جئت} [البقرة: 71] وبه يقرأ أبو عمرو، وسواء كانت الهمزة فاءا أم عينا أم لاما، إلا أن يكون سكونها جزما، نحو:"ننسأها"[البقرة: 106] أو بناء، نحو:"أرجئه"[الأعراف: 111] أو يكون ترك الهمز فيه أثقل، نحو:"وتؤوي إليك" في (الأحزاب)[51]. أو يوقع في الالتباس، نحو:"رئيا" في (مريم)[74]. فإن تحركت فلا خلاف عنه في التحقيق، نحو:{يئوده} [البقرة: 255].
ثالثها: التسهيل بينها وبين حذف حركتها، فإن اتفق الهمزتان في الفتح سهل الثانية الحرميان وأبو عمرو وهشام/، وأبدلها ورش ألفا، وابن
كثير لا يدخل فيها ألفا، وقالون وهشام وأبو عمرو يدخلونها، والباقون من السبعة يحققون، وإن اختلفا بالفتح والكسر سهل الحرميان وأبو عمرو الثانية، وأدخل قالون وأبو عمرو قبلها ألفا، والباقون يخففون، وبالفتح والضم، وذلك في {قل أؤنبئكم} [آل عمران: 15]، أو {أءنزل عليه الذكر} [ص: 8]، {أءلقى} [القمر: 25]. فالثلاثة يسهلون، وقالون يدخل ألفا، والباقون يخففون.
قال الداني: وقد أشار الصحابة إلى التسهيل بكتابة الثانية واوا.
رابعها: الإسقاط بلا نقل، وبه قرأ أبو عمرو، إذا اتفقا في الحركة وكانا في كلمتين، فإن اتفقا كسرا، نحو:{هؤلاء إن كنتم} [البقرة: 31] جعل ورش وقنبل الثانية كياء ساكنة، وقالون والبزي الأولى كياء مكسورة. وأسقطها أبو عمرو، والباقون يحققون. وإن اتفقا فتحا نحو:{جاء أجلهم} [الأعراف: 34] جعل ورش وقنبل الثانية كمدة، وأسقط الثلاثة الأولى، والباقون يحققون، أو ضما نحو:{أؤلئك} [البقرة: 5] فقط أسقطها أبو عمرو وجعلها قالون والبزي كواو مضمومة،
والآخران يجعلان الثانية كواو ساكنة، والباقون يحققون.
ثم اختلفوا في الساقط: هل هو الأولى أو الثانية؟ والأولى عن أبي
عمرو، والثاني عن الخليل من النحاة.
وتظهر فائدة الخلاف في المد، فإن كان الساقط الأولى فهو منفصل، أو الثانية فهو متصل.