الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعمدتم لقطعتكما
(1)
.
وكذلك يُقتل الذكر بالأنثى عند الجماهير، كما قَتَل النبي صلى الله عليه وسلم الرجلَ اليهودي بالمرأة قصاصًا
(2)
.
و
النوع الثاني:
الخطأ الذي يشبه
(3)
العمد، قال عليه السلام: «ألا إن في قتل الخطأ شِبْه
(4)
العمد ما كان بالسوط والعصا: مئة من الإبل، منها أربعون خَلِفَة في بطونها أولادُها»
(5)
. فسماه: شِبه العمد؛ لأنه قصد العدوان عليه بالجناية
(6)
لكنها لا تقتل غالبًا، فقد تعمَّد العدوان ولم يتعمد ما يقتل. وهذا لا قَود فيه عند الجمهور كما ذكر صلى الله عليه وسلم. وهل هي على القاتل أو على عاقلته؟ فيه نزاع بين الفقهاء في مذهب أحمد وغيره.
و
النوع
(7)
الثالث:
الخطأ المحض وما يجري مجراه، مثل أن يكون
(1)
علقه البخاري في الديات، باب إذا أصاب قوم من رجل هل يعاقب
…
؟ ووصله البيهقي: (10/ 251). ووقع في الأصل: «لقطعت» .
(2)
أخرجه البخاري (6876)، ومسلم (1672) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه. ومن قوله: «ولا تعتبر المكافأة
…
» إلى هنا من الأصل.
(3)
رسمها في الأصل: «سببه» !
(4)
(ي): «يشبه» ، (ظ، ب، ل): «شبيه» .
(5)
أخرجه أحمد (6533)، وأبو داود (4547)، والنسائي (4791)، وابن ماجه (2627)، وابن حبان (6011)، والبيهقي:(8/ 45) وغيرهم. والحديث صححه ابن حبان وابن القطان، انظر «التخليص»:(4/ 19).
(6)
(ف، ب، ل، ط): «بالضرب» .
(7)
من قوله: «وهذا لا قود
…
» إلى هنا من الأصل فقط.
[أ/ق 65] يرمي صيدًا أو هدفًا فيصيب به إنسانًا بغير علمه ولا قصده، فهذا ليس فيه قود وإنما فيه الدية على عاقلة القاتل، وفيه الكفَّارة في ماله، وفي هذه الأبواب مسائل كثيرة معروفة في كتب أهل العلم
(1)
.
فصل
والقصاص في الجراح ــ أيضًا ــ ثابت بالكتاب والسنة والإجماع بشرط المساواة، فإذا قطعَ يدَه اليمنى من مِفصل فله أن يقطع يده كذلك، وإذا قلع سنه فله أن يقلع سنه، وإذا شُجَّ في رأسه أو وجهه فأوضحَ العظمَ فله أن يشجَّه كذلك، فأما إذا لم يمكن المساواة، مثل أن يكسِر له عظمًا باطنًا أو شجَّه دون المُوضِحَة، فلا يُشْرع
(2)
القصاص، بل تجب الدية المحدودة [أو الأرْش = بـ] ما
(3)
جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فكل عضو أو منفعة ليس في الإنسان فيه إلا واحد؛ ففيه دية كاملة، كاللسان، والأنف، والذَّكَر، والكلام والعقل.
وكلُّ ما في الإنسان منه اثنان ففيهما الدية، وفي أحدهما نصفها، كالعينين ونظرهما، والأذنين والسمع، واليدين، والرِّجلين.
وما في الإنسان فيه ثلاثة؛ ففي أحدها ثلث الدية، كجانبي الأنف، والحائل بينهما.
وما فيه منه أربعة؛ ففي أحدها ربع الدية، كالأجفان الأربعة.
(1)
العبارة في بقية النسخ: «الدية والكفَّارة، وهنا مسائل كثيرة معروفة في كتب أهل العلم وبينهم» .
(2)
(ي): «يسوغ» .
(3)
«أو الأرش» من باقي النسخ. والباء لاستقامة النص.
وما فيه أكثر من ذلك كالأصابع العشرة؛ في كل أصبع عُشْر الدية، وفي كلِّ سنٍّ نصف عُشر الدية. وإذا شج رأسه أو وجهه حتى ظهرَ العظمُ ووضَح؛ ففيه نصف عشر الدية، وإن كانت الشَّجَّة دون ذلك مثل أن تبضع
(1)
اللحم، فإنه يُقوَّم المجروح كأنه عبد وهو سليم، ثم يُقوَّم وهو مجروح قد اندملَ جُرْحُه، فما نقصت قيمته أُعطي الجناية من ديته
(2)
.
وأما القصاص في الضرب بيده أو بعصاه أو سوطه، مثل أن يلطمه
(3)
، أو يلكمه، أو يضربه بعصًى، ونحو ذلك؛ فقد قال طائفة من العلماء: لا قصاص فيه بل فيه تعزير؛ لأنه لا يمكن المساواة فيه.
وقال آخر: بل فيه القصاص، وهذا هو
(4)
المأثور عن الخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة والتابعين: أن القصاص مشروع في ذلك، وهو نص أحمد وغيره من الفقهاء، وبذلك جاءت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الصواب.
قال أبو فراس: خَطَبَ عمرُ بن الخطاب رضي الله عنه فذكر حديثًا قال فيه: ألا إني والله ما أرسل عمالي إليكم ليضربوا أبشاركم ولا ليأخذوا أموالكم، ولكن أرسلهم
(5)
إليكم ليعلموكم دينكم وسنة نبيكم
(6)
، فمن فُعِل به سوى
(1)
الأصل: «يضع» ، ولعلها ما أثبت من الباضعة وهي نوع من الشجاج التي تبضع اللحم، أي: تشقه، وليس فيها مقدّر. انظر «المطلع» (ص 448).
(2)
من قوله: «ما جاء عن النبي
…
» إلى هنا من الأصل فقط.
(3)
«مثل أن يلطمه» سقطت من (ظ).
(4)
«وقال آخرون: بل فيه القصاص، وهذا» من الأصل.
(5)
(ي): «أرسلتهم» .
(6)
(ظ): «أمر دينكم» ، وبقية النسخ:«وسنتكم» .
ذلك فليرفعه إليَّ، فوالذي نفسي بيده إذًا لأُقِصَّنَّه منه.
فوثب عَمرو بن العاص فقال: يا أمير المؤمنين، إن كان رجل من المسلمين على رعية، فأدَّب رعيَّتَه أئنك لمُقِصّه
(1)
منه؟
قال: إي والذي نفس محمد بيده إذًا لأُقِصّنه منه، أنَّى لا أُقِصُّه منه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقِصّ من نفسه؟! ألا لا تضربوا المسلمين فتُذِلُّوهم، ولا تمنعوهم حقوقَهم فتكفروهم. رواه أحمد وغيره
(2)
.
ومعنى هذا إذا ضرب المتولي رعيتَه ضربًا مُبَرِّحًا غير جائز، فأما الضرب المشروع فلا قصاص فيه بالإجماع، وهو واجب أو مستحب أو جائز.
فصل
والقصاص في الأعراض مشروع أيضًا [أ/ق 66] وهو أن الرجل إذا لعن رجلًا أو دعا عليه، فله أن يفعل به كذلك، وكذلك إذا شتمه شتيمة لا كذب فيها، والعفو أفضل، قال الله تعالى:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الشورى: 40 - 42].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «المُسْتَبَّان ما قالا فعلى البادئ منهما ما لم يَعتَد
(3)
(1)
(ي): «أياتيك لتقصه» ، (ب):«أياتيك تقصه» ، (ز):«لمقتصه» ، (ب):«تقضه» ، (ل):«المقتص» .
(2)
تقدم تخريجه (ص 31).
(3)
(ي، ب): «يتعدى» .
المظلوم»
(1)
ــ ويسمى هذا: الانتصار ــ.
والشتيمةُ التي لا كذب فيها: مثل الإخبار عنه بما فيه من القبائح، أو تسميته بالكلب أو الحمار ونحو ذلك على وجه الإهانة
(2)
.
فأما إن افترى عليه لم يحل له أن يفتري عليه، ولو كفَّرَه أو فَسَّقه بغير حق لم يحل له أن يكفِّره أو يفسِّقَه بغير حق، ولو لعن أباه أو قبيلته أو أهل بلده ونحو ذلك، لم يحل أن يعتدي
(3)
على أولئك إذا لم يعينوه على ظلمه
(4)
، فإنهم لم يظلموه، قال الله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8].
فكيف يجوز للمسلم أن يتعدَّى على مسلم لِبُغضه إياه بغضًا جائزًا أو غير جائز؟ !
وجِماع ذلك: أن كل ما كان من الكلام في عرضه محرمًا لحقه ما لم يلحقه من الأذى جاز الاقتصاص منه مثله
(5)
، كالدعاء عليه مثل ما دعا عليه من لعنٍ وغيره، وكالإهانة في الكلام، وكإظهار
(6)
مساوئه في وجهه وهو
(1)
أخرجه مسلم (2587) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2)
«على وجه الإهانة» من الأصل.
(3)
(ي، ز، ظ، ب): «يتعدى» .
(4)
«إذا لم يعينوه على ظلمه» من الأصل.
(5)
العبارة في الأصل: «محرمًا بحقه
…
عنه مثله
…
» ولعل الصواب ما أثبت.
(6)
الأصل: «وكالجهار» !
الهمز، أو في مغيبه وهو الغيبة.
ولا يجوز الاعتداء عليه بأن يسب أكثر مما يسبه
(1)
، أو أشد مما سبه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:«ما قالا فعلى البادئ منهما ما لم يعتدِ المظلوم»
(2)
، فعُلِمَ أن المكافئ لا إثم عليه إذا إذا اعتدى.
وأما ما كان من الكلام محرَّمًا لحقِّ الله، بحيث يحرم ولو لم يكن فيه إيذاء له، كالكذب عليه بالقذف والتكفير والفسق وغير ذلك؛ فهذا لا يجوز المقابلة بمثله، لكن يُعزَّر على ذلك، بمنزلة ما ليس فيه قصاص من الجوارح. وقد اختلف العلماء هل يجوز الصلح على ذلك بمال؟ على قولين.
ونظير هذا: ما لو مثَّل بغيره في القتل، مثل أن يحرقه أو يقطع يديه ورجليه، فهل يُفْعَل به كما فعل أو لا قَوَد إلا السيف؟ فيه قولان مشهوران للفقهاء؛ أشبههما بالكتاب والسنة والعدل: أنه يُفْعَل به كما فعل ما لم يكن الفعل محرَّمًا في نفسه، كتجريع الخمر، والتلوُّط به، ونحو ذلك
(3)
.
(1)
الأصل: «أن ينسب أكثر مما نسبه» !
(2)
تقدم قريبًا.
(3)
من قوله: «فكيف يجوز للمسلم
…
» إلى هنا من الأصل، وقد اختُصِر في بقية النسخ إلى الآتي:(فأمر الله [لا: ز] المسلمين ألا يحملهم بغضهم للكفار على ألا يعدلوا وقال: (اعدلوا هو أقرب للتقوى)، فإن كان العدوان عليه في العرض محرمًا لحقه بما [ز: مما. ف: لما] يلحقه من الأذى جاز القصاص فيه [ي: الاقتصاص منه] بمثله، كالدعاء عليه بمثل ما دعا. وأما إذا كان محرمًا لحق الله تعالى كالكذب لم يجز بحال، وهكذا قال كثير [ظ: أكثر] من الفقهاء: إنه إذا قتله بتحريق أو تغريق أو خنق أو نحو ذلك، فإنه يفعل به كما فعل ما لم يكن الفعل محرمًا [ف: في نفسه] كتجريع الخمر والتلوط به ومنهم من قال: لا قود عليه [لا: ظ] إلا بالسيف. والأول أشبه بالكتاب والسنة والعدل).