الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
(1)
الأموال السلطانية التي أصلها في الكتاب والسنة ثلاثة أصناف:
الغنيمة، والصدقة، والفيء.
فأما الغنيمة: فهي
(2)
المال المأخوذ من الكفار بالقتال
(3)
، ذكرها الله سبحانه وتعالى في سورة الأنفال التي أُنْزِلت في غزوة بدر، وسُمِّيت أنفالًا؛ لأنها زيادة في أموال المسلمين [أ/ق 14] فقال:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} إلى أن قال: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ
…
} الآية [الأنفال: 1 - 41]، وقال في أثنائها:{فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنفال: 69].
وفي «الصحيحين»
(4)
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أُعطِيتُ خمسًا لم يُعْطَهُنَّ نبيٌّ قبلي: نُصِرتُ بالرّعب مسيرةَ شهر، وجُعِلت لي الأرضُ مسجدًا وطهورًا، فأيّما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأُحِلَّت لي الغنائم ولم تُحَلَّ لأحد قبلي، وأُعْطِيتُ الشفاعة، وكان النبيُّ يُبْعَث إلى قومه خاصة وبُعِثْتُ إلى الناس عامة» .
(1)
للمصنف رسالة خاصة في الأموال السلطانية، وهي مطبوعة ضمن آثار شيخ الإسلام «جامع المسائل»:(5/ 383 - 399).
(2)
الأصل و (ف، ز): «فهو» .
(3)
وذكر المصنف أن المال المأخوذ من المرتدين والخارجين عن شريعة الإسلام يسمى فيئًا وأنفالًا، على تفصيل في ذلك. «جامع المسائل»:(5/ 384).
(4)
أخرجه البخاري (335)، ومسلم (521).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «بُعِثْتُ بالسيف بين يدي الساعة حتى يُعبد الله وحده لا شريك له، وجُعِل رزقي تحت ظلّ رمحي، وجُعِل الذلةُ والصَّغَارُ على مَن خالف أمري، ومَن تشبَّه بقومٍ فهو منهم» . رواه أحمد في «المسند»
(1)
عن ابن عمر
(2)
.
والواجب في المَغْنَم تخميسه، وصرف الخُمُس إلى من ذكره الله تعالى، وقِسْمةُ الباقي بين الغانمين. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: الغنيمة لمن شَهِد الوقعة
(3)
.
(1)
(5114)، وأخرجه أبو داود (4031) مختصرًا، وابن أبي شيبة في «المصنف»:(4/ 212)، والطحاوي في «شرح المشكل» (231) وغيرهم من طريق عبد الرحمن بن ثوبان، عن حسان بن عطية، عن أبي مُنِيب الجُرَشي عن ابن عمر به. وفيه ابن ثوبان مختلَفٌ فيه، ومدار الحديث عليه، والحديث احتجَّ به الإمام أحمد، وجوَّده المصنف في «الاقتضاء»:(1/ 269)، وقال الذهبي في «السير»:(15/ 509): إسناده صالح، وصححه العراقي في «تخريج الإحياء»:(1/ 217)، وحسنه ابن حجر في «الفتح»:(10/ 282). لكن ضعف سنده السخاوي في «المقاصد» (ص 407) من أجل ابن ثوبان، ومال إلى تقويته بشواهده، فله شواهد من حديث حذيفة وأبي هريرة وأنس، ومن مرسل طاوس. والمرسل حسَّنه الحافظ في «الفتح»:(6/ 116)، و «التغليق»:(3/ 446).
(2)
(ي، ز) زيادة: «واستشهد به البخاري» . قلت: في كتاب الجهاد، باب ما قيل في الرماح قبل (2914).
(3)
أخرجه عبد الرزاق: (5/ 303)، وابن أبي شيبة:(6/ 494)، وسعيد بن منصور:(2/ 285)، وابن المنذر في «الأوسط»:(11/ 194)، والبيهقي في «الكبرى»:(6/ 335). وصحح إسناده ابن حجر في «الفتح» : (6/ 259). وقد جاء أيضًا من قول أبي بكر الصديق وغيره.
وهم الذين شهدوها للقتال، قاتَلوا أو لم يقاتلوا، ويجب قَسْمُها بينهم بالعدل، فلا يُحَابَى أحدٌ لا لرياسته
(1)
ولا لنَسَبِه ولا لفضله، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه يقسمونها.
وفي «صحيح البخاري»
(2)
أن سعد بن أبي وقاص رأى له فضلًا على مَن دونه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«هل تُنْصَرون وتُرْزَقون إلا بضعفائكم» .
وفي «مسند أحمد»
(3)
عن سعد بن أبي وقاص قال: قلت: يا رسول الله، الرجلُ يكون حاميةَ القوم، فيكون سهمه وسهم غيره سواء؟ ! قال:«ثَكِلتك أمُّك ابن أم سعد، وهل تُرْزَقون وتُنْصرون إلا بضعفائكم؟ » .
وما زالت الغنائم تُقْسَم بين الغانمين في دولة بني أمية وبني العباس، لمَّا كان المسلمون يغزون الروم والترك والبربر، لكن يجوز للإمام أن يُنَفِّل من ظهر منه زيادة نِكاية، كسَريَّةٍ تَسَرَّت من الجيش، أو رجل صعد حصنًا عاليًا
(4)
ففتحه، أو حَمَل على مُقَدَّم العدوِّ، فقتله فهُزِم
(5)
العدوُّ، ونحو ذلك؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاءَه كانوا يُنَفِّلون لذلك.
وكان يُنَفِّل السريةَ في البَدْأة
(6)
الربع بعد الخمس، وفي الرجعة الثلث بعد
(1)
الأصل: «لرياسةٍ» . و (ف): «فلا يحابي أحدا» .
(2)
(2896).
(3)
(1493). وأخرجه عبد الرزاق: (5/ 303) من طريق مكحول عن سعد به، ومكحول لم يسمع من سعد.
(4)
(ف): «على حصن» .
(5)
(ل): «أو هزمه» .
(6)
(ز، ب): «البداية» . قال الزبيدي ــ بعد أن ذكر أن البُداءة والبَداءة بالفتح والضم لغتان صحيحتان ــ: (أما البِدايَةُ ــ بالكسر والتحتيَّة بدلَ الهمزة ــ فقال المطرزيُّ: لغةٌ عامِّيَّةٌ، وعدَّها ابن بَرِّيٍّ من الأغلاط، ولكن قال ابنُ القطَّاع: هي لغةٌ أنصاريَّة). انظر «تاج العروس» : (1/ 109 - 110).
الخمس
(1)
.
وهذا النفل قد قال بعض العلماء: إنه يكون من الخمس، وقال بعضهم: إنه يكون من خُمُس الخمس، لئلا يُفَضَّل بعضُ الغانمين على بعض، والصحيح أنه يجوز من أربعة الأخماس
(2)
وإن كان فيه تفضيل بعضهم على بعض لمصلحة دينية لا هوى النفس، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم غير مرة. وهذا قول فقهاء الشام
(3)
، وأبي حنيفة، وأحمد وغيرهم
(4)
.
وعلى هذا فقد قيل: إنه يُنَفِّل الربع والثلث بشرط وغير شرط، ويُنَفِّل الزيادة على ذلك بالشرط، مثل أن يقول: من دلني على قلعة فله كذا، ومن جاء برأس فله كذا، ونحو ذلك. وقيل: لا يُنَفِّل زيادةً على الثلث، ولا ينفِّلُه
(1)
أخرجه أحمد (17465)، وأبو داود (2749)، وابن حبان «الإحسان» (4835)، والحاكم:(2/ 133)، والبيهقي:(6/ 314) وغيرهم من حديث حبيب بن مسلمة رضي الله عنه. وقد صححه ابن حبان والحاكم.
وأخرجه الترمذي (1561)، وابن ماجه (2852)، وابن حبان (4855) من حديث عُبادة بن الصامت رضي الله عنه. قال الترمذي: حديث حسن، وصححه ابن حبان، وابن الملقن في «البدر المنير»:(7/ 331).
(2)
الأصل: «الأربعة أخماس» .
(3)
(ي، ز): «فقهاء الثغر» . وهم فقهاء الشام، لأن كثيرًا من الثغور كانت هناك. انظر «مجموع الفتاوى»:(13/ 178) و (27/ 51 - 53، 249).
(4)
انظر «المغني» : (13/ 60 - 61).
إلا بالشرط، وهذان قولان لأحمد وغيره
(1)
.
وكذلك ــ على القول الصحيح ــ للإمام أن يقول [أ/ق 15]: من أخذ شيئًا فهو له، كما رُوِيَ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في غزوة بدر
(2)
، إذا رأى المصلحة
(3)
راجحة على المفسدة.
وإذا كان الإمام يجمع الغنيمة ويقسمها، لم يَجُز لأحد أن يغلَّ منها شيئًا {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161]، فإن الغُلول خيانة. ولا تجوز النُّهْبَة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنها
(4)
، فإن
(5)
ترك الإمام الجمعَ والقسمةَ وأذِنَ في الأخذ إذنًا جائزًا، فمن أخذ شيئًا بلا عُدوان حل
(6)
له بعد تخميسه، وكلُّ ما دل على الإذن فهو إذن.
وأما إذا لم يأذن أو أذنَ إذنًا غير جائز= جاز للإنسان أن يأخذ مقدار ما يصيبه بالقسمة متحرِّيًا للعدل في ذلك.
(1)
انظر «المغني» : (13/ 55)، و «الإنصاف»:(4/ 146). والقول الثاني هو الصحيح في المذهب المنصوص عليه.
(2)
كذا في الأصل، وفي باقي النسخ: «كما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد قال في
…
». والمصنف يشير إلى ما أخرجه البخاري (3141)، ومسلم (1752) من حديث عبد الرحمن بن عوف في معركة بدر لما قضى النبي صلى الله عليه وسلم بسَلَب أبي جهل لمعاذ بن عمرو ومعاذ بن عفراء لاشتراكهما في قتله. أما حديث أبي قتادة:(من قتل قتيلًا له عليه بينة فله سلبه) فهو في غزوة حنين. أخرجه البخاري (3142)، ومسلم (1751).
(3)
باقي النسخ: «رأى ذلك مصلحة» .
(4)
أخرجه البخاري (2475)، ومسلم (57).
(5)
بقية النسخ: «فإذا» .
(6)
(ي): «فهو» .
ومن حرَّم على المسلمين جمع المغانم ــ والحال هذه ــ أو أباح للإمام أن يفعل فيها ما شاء، فقد تقابل القولان
(1)
تقابُلَ الطرفين، ودين الله
(2)
وسط.
والعدل في القسمة: أن يقسم للرَّاجل سهم، وللفارس ذي الفرس العربي ثلاثة أسهم، سهم له وسهمان لفرسه، هكذا قسم النبي صلى الله عليه وسلم عام خيبر
(3)
.
ومن الفقهاء من يقول: للفارس سهمان، والأول هو الذي دلت عليه السنة الصحيحة، ولأن الفرس يحتاج إلى مؤونة نفسه وسائسه
(4)
، ومنفعةُ الناس
(5)
به أكثر من منفعة راجِلَين. ومنهم مَن يقول: يسوَّى بين الفرس العربي والهجين في هذا. ومنهم من يقول: بل الهجين يُسْهَم له سهم واحد، كما رُوِي عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه
(6)
.
(1)
الأصل: «القولين» !
(2)
(ف): «دين الله ورسوله»
(3)
أخرجه البخاري (2863)، ومسلم (1762) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
(4)
(ل): «إلى مؤنة وسياسة» .
(5)
غير الأصل: «الفارس» وهو بعيد في المعنى.
(6)
أخرجه أبو داود في «المراسيل» (275)، والبيهقي في «السنن الكبرى»:(6/ 328) عن مكحول: أن النبي صلى الله عليه وسلم عَرَّب العربي وهجَّن الهجين، للعربي سهمان وللهجين سهم. ثم نقل عن الشافعي أنه قال:«وقد ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فضل العربي على الهجين وأن عمر فعل ذلك، ولم يرو ذلك إلا مكحول مرسلًا والمرسل لا تقوم بمثله عندنا حجة» . وأخرجه البيهقي موصولًا من حديث حبيب بن سلمة، وقال: إن المرسل أصح.
والفرس الهجين: الذي تكون أمه نبطية، ويسمى في هذا الزمان: التتريّ
(1)
، سواء كان حصانًا أو حِجرًا، ويسمى الرَّمَكة، أو خَصِيًّا ويسمى الإكديش
(2)
.
كان السلف يعدون للقتال الحصان لشدته ولقوَّته وحِدَّته، وللإغارة والبَيات الحِجْر
(3)
؛ لأنه ليس له صهيل ينذر العدو فيحترزون، وللسَّيْر الخَصِي لأنه أصبر على السير.
وإذا كان المغنوم مالًا قد كان للمسلمين قبل ذلك من عقار أو منقول، وعَرَفَه صاحبُه قبل القسمة، فإنه يُرَدُّ إليه بإجماع المسلمين.
وتفاريع الغنائم
(4)
وأحكامها فيه آثار وأقوال اتفق المسلمون على بعضها وتنازعوا في بعض ذلك، ليس هذا موضعها، وإنما الغرض ذِكْر الجمل الجامعة.
(1)
(ي، ز): «ويسمى البرذون، وبعضهم يسميه: التترى» . أقول: كذا وقع في النسخ «التتري» وجاء في كتاب «الأقوال الكافية» للرسولي (ص 361): «الشهري: وهي ما بين المقرف والبرذون» .
(2)
الحِجْر: هي الأنثى من الخيل «القاموس» (ص 475)، والرَّمكة: هي الفرس والبرذونة تتخذ للنسل «القاموس» (ص 1215)، والإكديش: الكديش من الخيل خلاف الجواد، يمتهن بالركوب والحمل، جمعه كُدش وأكاديش. والكديش وما بعده من كلام العامة، انظر «الأقوال الكافية والفصول الشافية» (ص 361) للملك الرسولي، و «تكملة المعاجم»:(9/ 48) لدوزي.
(3)
(ف، ي، ز): «الحجرة» .
(4)
بقية النسخ: «المغانم» .
فصل
وأما الصدقات؛ فهي لمن سمى الله سبحانه وتعالى في كتابه، فقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلًا سأله من الصدقة فقال:«إن الله لم يرضَ في الصدقة بقسم نبي ولا غيره، ولكن جزَّأها ثمانيةَ أجزاء، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك»
(1)
.
فـ (الفقراء والمساكين) يجمعهما معنى الحاجة إلى الكفاية
(2)
، فلا تحلُّ الصدقة لغنيٍّ ولا لقويٍّ مكتسب.
(والعاملون عليها) هم الذين يَجْبونها، ويحفظونها، ويكتبونها
(3)
، ونحو ذلك.
(والمؤلفة قلوبهم) سنذكرهم ــ إن شاء الله تعالى ــ في مال الفيء.
(وفي الرقاب) يدخل فيه إعانة المُكَاتبين، وافتداء الأسرى، وعتق الرقاب، هذا أقوى الأقوال فيها.
(والغارمون) هم الذين عليهم ديون لا يجدون وفاءها، فيُعْطَون وفاء
(1)
أخرجه أبو داود (1630)، والطبراني في «الكبير» (5285)، والدارقطني:(2/ 137)، والبيهقي:(4/ 174) من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعُم، عن زياد بن نعيم الحضرمي أنه سمع زياد بن الحارث الصدائي به. وفيه عبد الرحمن بن أنعم أكثر العلماء على تضعيفه.
(2)
وفي مقدار الكفاية أقوال، منها أن يُعطى مقدار ما يكفيه سنة كاملة.
(3)
يعني من قبل الإمام أو ولي الأمر، لا مَن يوكِّله آحادُ الناس في توزيع زكواتهم.
دينهم
(1)
ولو كان كثيرًا، إلا أن يكونوا غَرِموه في معصية الله تعالى
(2)
، فلا يُعْطَون حتى يتوبوا.
(وفي سبيل الله) هم [أ/ق 16] الغُزَاة الذين لا يُعْطَون
(3)
من مال الله ما يكفيهم لغزوهم، فيُعْطَون ما يغزون به، أو تمام ما يغزون به، من خيل وسلاح ونفقة وأجرة. والحجُّ من سبيل الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم
(4)
.
(وابن السبيل) هو الذي يجتاز
(5)
من بلد إلى بلد
(6)
.
(1)
بقية النسخ: «ديونهم» .
(2)
كمن غرمه في معاملة محرمة كالقمار أو الربا، أو اشترى به محرمًا أو غير ذلك.
(3)
في (ي) كتب فوقها علامة × وكتب في الهامش: «الظاهر: لا يجدون» .
(4)
ولفظه: عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث قال: أرسل مروان إلى أم معقل الأسدية يسألها عن هذا الحديث فحدثته: أن زوجها جعل بكرًا لها في سبيل الله وأنها أرادت العمرة، فسألت زوجها البكر، فأبى فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فأمره أن يعطيها، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:«الحج والعمرة من سبيل الله» .
أخرجه أحمد (27286) وهذا لفظه، (ولفظة العمرة شاذة)، والطيالسي (1767)، وأبو داود (1990)، والترمذي (939)، وابن خزيمة (3075)، والحاكم:(1/ 482) وغيرهم من طرق عن أم معقل. قال الترمذي: حسن غريب، وصححه الحاكم على شرط مسلم، قال الزيلعي: وفيه نظر، فإن فيه رجلًا مجهولًا، وإبراهيم بن مهاجر متكلم فيه. والحديث له شواهد من حديث ابن عباس وجابر وغيرهم، وهو صحيح بشواهده.
وما رجَّحه المصنف من جواز إعطاء الزكاة مَن لم يجد نفقة الحج هو أحد القولين فيها، والقول الآخر لا يُعطى منها؛ لأن الفقير لم يجب عليه الحج فيكون هو والمتطوع بالحج سواء. انظر: تعليق الشيخ العثيمين في «شرحه» ص 115 - 116.
(5)
(ز): «هو المجتاز» .
(6)
علق الشيخ العثيمين في «شرحه» ص 112: (الأصناف الأربعة الأولى يُعطون الزكاة تمليكًا، ولهذا دخلت «اللام» في استحقاقهم:{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} فيُمَلَّكون ما يعطون، ويكون ملكًا لهم. أما الذين دخلت عليهم «في»:{وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ} فإنه إذا فضل منه شيء وجب عليهم رده
…
إن كانوا يعلمون الذي أعطاهم ردوه إليه، وإن كانوا لا يعلمونه صرفوه في أهل الزكاة) اهـ.
وأما الفيء
(1)
فذكر الله سبحانه وتعالى المهاجرين والأنصار، والذين جاؤوا من بعدهم على ما وصف، فدخل في الصنف الثالث كلُّ مَن جاء على هذا الوجه إلى يوم القيامة، كما دخلوا في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا
(1)
قبله في (ف): «فصل» .
وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ} [الأنفال: 75]، وفي قوله:{وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} [التوبة: 100]، وفي قوله تعالى:{وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الجمعة: 3].
ومعنى قوله: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} أي: ما حركتم ولا سقتم خيلًا ولا إبلًا، ولهذا قال الفقهاء: الفيء هو ما أُخِذَ من الكفار بغير قتال، لأن إيجاف الخيل والركاب هو معنى القتال.
وسُمِّي فيئًا لأن الله سبحانه وتعالى أفاءه على المؤمنين
(1)
، أي: رده عليهم من الكفار، فإن الأصل أن الله تعالى إنما خلق الأموال إعانة على عبادته؛ لأنه إنما خلق الخلق لعبادته، فالكافرون به أباحَ نفوسَهم التي لم يعبدوه بها، وأموالَهم التي لم يستعينوا بها على عبادته لعباده
(2)
المؤمنين الذين يعبدونه، وأعاد عليهم
(3)
ما يستحقونه، كما يُعاد على الرجل ما غُصِب من ميراثه، وإن لم يكن قبضه قبل ذلك.
وهذا مثل الجزية التي على اليهود والنصارى، والمال الذي يُصالح عليه العدو، أو يهدونه إلى سلطان المسلمين
(4)
، كالحمل الذي يُحْمَل من بلاد النصارى ونحوهم، وما يؤخذ من تجار أهل الحرب وهو العُشْر، ومن تجار
(1)
(ط): «المسلمين» .
(2)
الأصل: «كعباده» ، والصواب ما في بقية النسخ.
(3)
بقية النسخ: «أفاء إليهم» .
(4)
سقطت من الأصل.