الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المحقق
الحمد لله الذي أنزل الهدى وجعل له أعلاماً تدل عليه، وانتدب لشريعته حراساً أمناء ينفون عنها دعوى المبطلين، وبدع الغالين، ينافحون عن دين الله ولا يخافون في الله لوم اللائمين، ولا يخذلهم عن نصرته شبه المشككين، وتثبيط المتقاعسين، فلا يزالون على محجة الدين البيضاء وطريقته السمحاء، يردون إليها الزائغين، ويدعون إليها المتنَكبين، مقتفيين في ذلك سيرة إمام المتقين، وخيرة الدعاة العاملين، وسيد عباد الله الصالحين، محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد، فإني أضع بين يديك - أخي القارئ الكريم - رسالة أنشأَها مؤلفها ليردَّ أناساً إلى الجادة، بعد أن حادوا عن الرسم الذي خطه الشارع في ميقات صلاة الفجر وهو رؤية الفجر الصادق إلى اللهث خلف النجوم والمنازل طالعها ومتوسطها وغاربها، وأَلقوا على عاتقهم مشقةً لم يُؤْمروا بحملها فبعُدوا عن الحق، وانتهى بهم هذا
الشطط إلى تقديم أذان الفجر على موعده، فصلى المصلي الفجر قبل طلوع الفجر الصادق، ومُنع الصائم من الطعام والنكاح، والقائم من القيام، وتمادوا في ذلك الخطأ بل وشنَّعوا على من أنكر فعلهم، وقد عمَّت هذه الفتنة الكثير من بلاد اليمن، وأشهر من تصدّى لها وكتب فيها - فيما أعلم - من اليمن الشيخ عبد الواسع بن يحيى الواسعي (1)، ومن حضرموت العلامة عيدروس بن أحمد بن شهاب (2) والمؤلف العلامة عبد الله بن عمر بن يحيى، وقد رأيت في كتاب ابن يحيى - الذي أضعه بين يديك - من الفوائد الفقهية والأصولية في باب المواقيت ما يستحق به الخروج من مكامن النسيان ورفوف الإهمال إلى أيدي الباحثين من حاسبين وفقهاء على وجه سواء، وسيوافق فيما أتوقع حاجة لديهم على اختلاف اهتماماتهم، لأن المؤلف تجاوز فيه حدود النصِّية الضيقة إلى أفق الاستنتاج
(1) ينظر: ما كتبه الشيخ عبد الواسع الواسعي في هذا الموضوع في كتابه «كنز الثقات في علم الأوقات» الذي ألفه سنة 1346هـ. (الواسعي، كنز الثقات).
(2)
ينظر: ترجمته صفحة 73.
والتأصيل الفقهي، وإنني إذ أُسهم في نشر هذا الكتاب الذي يعالج خطأً وقع في زمن مضى ولا أظن أحداً يتمسك بهذا الخطأ في زماننا هذا، وأن المؤلف قد وضع بديلاً عنه اعتماد " ثُمُن الليل " حصة للفجر، وهذا أيضاً غير دقيق، ويُوقِع في خطأ التقديم الذي حذّر منه، لكنني وجدت في ما ورد في الكتاب من نصوص واستنتاجات وقواعد فقهية وأصولية في المواقيت كفيلة - كما أتصور - بتبصرة من يبحث عن الصواب في دخول وقت صلاة الفجر الذي تَبايَنَت فيه التَّقاويم المعاصرة المعمول بها في أقطار العالم الإسلامي أيَّما تباين، ولعلّي بهذا العمل أُسهم في تسليط الضوء على نتاج القُطر الحضرمي في علم الميقات والفلك والفقه، فالكتاب كثير المصادر، وفيه ذكر لمؤلفين وكتب أَزمعت على الرحيل إلى عالم النسيان وغياهب النكران، بل إن المؤلف وهو علم من أعلام قطره ولم ينأَ عنا عصره بعدُ نجد تخبطاً في تاريخ وفاته، وصعوبة في جمع آثاره، وتقصِّي أخباره، ولا تزال هناك العديد من الأعمال الحضرمية تنتظر إنقاذها من فك الإهمال والضياع.
وقد صدّرتُ الكتاب بمقدمة تضمنت ثلاثة فصول:
الفصل الأول: تعريفٌ بالمؤلف: (اسمهُ ونسبهُ، وكنيتهُ ولقبهُ، ونشأتهُ وطلبهُ للعلم، وشيوخُه، وبعضُ أقرانهِ وأصحابِهِ، ومذهبهُ العَقدي والفقهي، وطرفٌ من سيرته، وثناءُ الناس عليه، ومكانَتُه العلمية، وتلاميذُه، وأولاده، ومؤلفاتُه، ووفاتُه، وبعضُ الملامح السياسية والفكرية لعصره.
الفصل الثاني: تعريفٌ بالكتاب: (عنوانُ الكتاب، وتوثيقُ اسم الكتاب، ونسبتُه إلى المؤلف، وسببُ تأليفه، وموضوعاتُ الكتاب ونظامُ ترتيبه، ومنهجُ المؤلف وأسلوبُه في الكتاب، ومصادرُ الكتاب، وتقييمُ الكتاب وذكرُ محاسنه، ورسالةُ بلفقيه التي يرُدُّ عليها الكتاب، وعلاقةُ المؤلف ابن يحيى بمؤلفِ «الرسالة» بلفقيه، واستعراضُ رسالة بلفقيه الموسومة «السيف البتَّار لمن يقول بأفضليّة تأخير صلاة الصبح إلى الإِسفار» ، والتعريفُ بابن شهاب مؤلف «الرسالة»
التي يؤازرها الكتاب، واستعراض رسالة ابن شهاب «القول الصادق في بيان الفجر الصادق المعترض وإِدحاض كلام المعترض» .
الفصل الثالث: وصفُ النسخة الخطية، وعملي في التحقيق.
واللهَ أَسأَل أن ينفع به الجميع، وهو سبحانه الهادي إلى سواء السبيل، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.
صالح بن عبد اللاه بن حسن بلفقيه
sabelfakih@yahoo.com
اليمن - حضرموت - تريم
29/صفر الخير 1429هـ
7/ 3/2008م