الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفاته
يقول عنه ابنه عقيل: كان عظيم المحبة لمولاه، عظيم الشوق للقائه، وكثيراً ما يتمثل هذين البيتين:
جزى اللهُ هذا الموتَ خيراً فإنَّه
…
أَبَرُّ بِنَا من والدينا وأَرأَفُ
يُعَجِّل تخليصَ النفوسِ من الأذى
…
ويُلحِقُها بالدارِ التي هي أَشرفُ
وكان يقول لأبنائه وقد بلغت منه الأوجاع مبلغاً عظيماً: " ما أحب البقاء في الدنيا إلا للصلاة وخصوصاً صلاة الليل، وللدعوة إلى الله تعالى، ولتعليمكم "(1). وقد تزامنت وفاتُه مع ظروف سياسيةٍ حرجةٍ، وأيام عصيبة مرَّ بها وادي حضرموت فيما عُرف بالثورة الكبرى على يافع، وما صاحب هذه الثورة المسلحة من نشاطٍ محمومٍ في أوساط القيادة العلوية المؤازرة لآل كثير ودولتهم، وكان المؤلف من بين تلك القيادات التي تتابع الأحداث باحتراق وقلق، حتى قيل أنه تكلم ليلة وفاته بكلام بشَّر فيه بانتصار الثورة (2). من فرط اهتمامه
(1) عقيل. تذكرة الأحياء. مخطوط.
(2)
ينظر: ما كتبه ابن حميد الكندي المؤرخ المعاصر لتلك الأحدث السياسية عن هذه الأحداث وعن وفاة المؤلف. (ابن حميد. العدة المفيدة. (1/ 447 - 449).
بهذه الأحداث، ويروي ابن عُبيد الله السقاف: أن وفاتَه كانت إثرَ وفاة ولَد له شديدُ الأسرِ حديدُ الفهم، يَعرف مواقع رضاء أبيه، ويفعل ما يحبه من غير إشارة، يُدعى أبو بكر (1)، ويرى البعض أن مرض موته كان من ثوران أثر السم الذي دسه له أهل الطرائق الهنود في حيدر أباد (2)، وعلى أي حال فيُفيد كلام ابنه عقيل أن المؤلف كان يعاني من ألوان من الأمراض، وظل رحمه الله صابراً محتسباً حتى توفاه الله بقرية المَسِيلَة سنة 1265هـ (3) شهر جمادى الأولى بعد مضي ثلث الليل ليلة الاثنين، ولكن في أي يوم من أيام شهر جمادى الأولى؟
(1) ينظر: ابن عبيد الله السقاف. إدام القوت. ص 826.
(2)
ينظر: علوي بن شهاب. كلام الحبيب علوي. ص 170.
(3)
جاء في شرح السيد أحمد بن علي الجنيد لقصيدة (مُدْهِر) أن المؤلف ولد في سنة 1210هـ، وتوفي سنة 1264 هـ، والصحيح أنه ولد في سنة 1209هـ وتوفي سنة 1265هـ.
تَجزم المصادر التي كُتبت حديثاً وترجمت للمؤلف أنها ليلة العشرين (1)، لكن الذي كتبه ابنُ المؤلف (2)، ودونه معاصره المؤرخ ابن حميد (3)، وما هو مكتوب على شاهدة قبره، أنه تُوفي ليلة اثنتين وعشرين. وحَدَسِي أن منشأ خطئهم متابعة لخطأ مطبعي وقع في كتاب «عقد اليواقيت» المطبوع، حين حُذفت كلمةُ (لِاثنين) من عبارة نسخة «عقد اليواقيت» المخطوطة:(ووفاته بعد مضي ثلث الليل ليلة الاثنين لِاثنين وعشرين خلت من جمادى الأولى)، بدليل بقاء (الواو) في النسخة المطبوعة ذاتها، إذ جاء فيها:(ووفاته بعد مضي ثلث الليل ليلة الاثنين وعشرين خلت من جمادى الأولى)(4) ولعل الناسخ استشكلَ تكرار كلمةِ (الاثنين) فتوهَّم زيادتها. وربما
(1) ينظر: عبد الله السقاف. تاريخ الشعراء الحضرميين 3/ 212. والقاضي علوي السقاف. ترجمته للمؤلف. فتاوى المؤلف. ص 9 - 10. ومحمد علوي. شرف المحيا ص 37.
(2)
عقيل. تذكرة الأحياء. مخطوط.
(3)
ابن حميد. العدة المفيدة. 1/ 449.
(4)
عيدروس بن عمر. عقد اليواقيت الجوهرية. (1/ 130)
اشتبه عليهم يوم وفاته بيوم ولادته التي كانت في 20 جمادى الأولى أيضاً. ونخلص هنا إلى أن وفاته كانت في 22 جمادى الأولى سنة 1265هـ الموافق 16 إبريل 1849م.
وقد صلى عليه خالُه عبد الله بن حسين بن طاهر ودفن بمسقط رأسه قرية (المَسِيلَة) وقبره معروف فيها (1). وعن جنازته يقول ابن عبيد الله: " شهد جنازته جمع من رجالات حضرموت وكان يوماً مشهوداً انصرف المشيعون عن مدفنه واجتمعوا في بيته، فأنشدهم بعض الحداة قصيدة الإمام الحداد التي مطلعها:
تفيض عيوني بالدموع السواكب
…
ومالي لا أبكي على خير ذاهب
فلا تسأل عن العبرات وتصاعد الزفرات حتى لقد كادت تُحمل جنائز! " (2).
(1) ينظر: عبد الله السقاف. تاريخ الشعراء الحضرميين. (3/ 212).
(2)
ابن عبيد الله السقاف. العود الهندي 1/ 121.