المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

عمل أهل العلم، وبه يقول عامتهم، واستشهاد ابن حجر الهيتمي - السيوف البواتر لمن يقدم صلاة الصبح على الفجر الآخر

[عبد الله بن عمر الحضرمي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقق

- ‌الفصل الأول: التعريف بالمؤلف

- ‌اسمه ونسبه

- ‌كنيته ولقبه

- ‌نشأتهُ وطلبهُ للعلم

- ‌شيوخه

- ‌بعض أقرانه وأصحابه

- ‌مذهبه العقدي والفقهي

- ‌طرفٌ من سيرته

- ‌صاحب البقرة

- ‌القوات الهولندية تحاصر المؤلف وتحاول أَسرهُ (قصة باكلنقان)

- ‌مناظرة بين المؤلف وعالم مكة وشريفها حول مشروعية التدخين

- ‌المؤلف يحارب المعازف واتخاذ الصور والتزيي بزي الكفار

- ‌المؤلف والصلاة

- ‌كرمه وزهده

- ‌ثناء الناس عليه

- ‌مكانته العلمية

- ‌تلاميذه

- ‌أولاده

- ‌مؤلفاته

- ‌المطبوع من كتب المؤلف:

- ‌كتب ورسائل المؤلف المخطوطة:

- ‌وفاته

- ‌بعض ملامح الأوضاع السياسية والفكرية لعصر المؤلف

- ‌الفصل الثاني: التعريف بالكتاب الذي بين أيدينا

- ‌عنوان الكتاب

- ‌توثيق اسم الكتاب

- ‌نسبته إلى المؤلف

- ‌سبب تأليفه

- ‌موضوعات الكتاب ونظام ترتيبه

- ‌منهج المؤلف وأسلوبه في الكتاب

- ‌مصادر الكتاب

- ‌تقييم الكتاب

- ‌[توطئة للمؤلف]

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌الباب الأول:فيما ذكره الله سبحانه وتعالى في بيان الفجر

- ‌[الآية الأولى]:

- ‌[الآية الثانية]:

- ‌[الآية الثالثة:

- ‌[الآية الرابعة]:

- ‌ علامات الفجر الكاذب

- ‌الباب الثاني:فيما جاء عن رسول صلى الله عليه وسلم مبيناً به كلام ربه عز وجل في الفجر

- ‌الطرف الأول:-[بيان علامات الفجر الأربع]

- ‌الطرف الثاني: -[العلامة الأولى: الاعتراض]

- ‌تنبيهات

- ‌الطرف الثالث: -[العلامة الثانية: التزايد]

- ‌الطرف الرابع: -[العلامة الثالثة: تبين النهار بعده]

- ‌الطرف الخامس: -[العلامة الرابعة: الحمرة]

- ‌تنبيهات:

- ‌الباب الثالث:-‌‌[بيان الفجر من إجماع الأمة، وأئمة المذهب الشافعي]

- ‌[بيان الفجر من إجماع الأمة

- ‌[بيان الفجر من أئمة المذهب الشافعي]

- ‌ فوائد

- ‌الفائدة الأولى:

- ‌الفائدة الثانية: [

- ‌الفائدة الثالثة: [

- ‌الفائدة الرابعة:

- ‌ الأولى:

- ‌ الثانية:

- ‌ الثالثة:

- ‌ الرابعة:

- ‌ الخامسة:

- ‌ السادسة:

- ‌ السابعة:

- ‌فصل: في بيان أوقات الصبح

- ‌الأول: وقت فضيلة:

- ‌الثاني: وقت الاختيار:

- ‌الثالث: وقت الجواز:

- ‌الرابع: وقت الكراهة:

- ‌الباب الرابع-[بيان الفجر من علم الفلك]

- ‌فصل: [بيان حصة الفجر في القطر الحضرمي]

- ‌[التقدير بالمنزلتين]:

- ‌[التقدير بالثُمن]:

- ‌[تقدير حصة الفجر بتُسع الليل الفلكي]:

- ‌فصلفي مسائل تتعلق بمسألة الفجر

- ‌المسألة الأولى:

- ‌المسألة الثانية:

- ‌المسألة الثالثة:

- ‌قائمة المراجع

- ‌مراجع المؤلف:

- ‌مراجع التحقيق

- ‌الدوريات:

الفصل: عمل أهل العلم، وبه يقول عامتهم، واستشهاد ابن حجر الهيتمي

عمل أهل العلم، وبه يقول عامتهم، واستشهاد ابن حجر الهيتمي بحديث أحمد الموافق له في المعنى على الفرق بين العلامة والمُعلم عليه المارين .. يبين لك: أن كون أول الفجر الصادق بياضاً مشرباً بالحمرة .. أمر اتفق عليه العلماء. وقد مرَّ في (الباب الأول) ما يبين ذلك من الآيات، وكلام الفقهاء، واللغويين. ويأتي في (الباب الثالث) عن الغزالي التصريح بذلك. فالعجب كل العجب لمؤلف تلك «الرسالة» إذ خالف من ذُكر، فقال - ما معناه -: أن استدلال الناهين لأهل بلدة عن تقديم الصلاة على الفجر الأحمر المذكور في حديث الترمذي .. ترويج للباطل، واستدلال بما لا يصلح دليلاً (1). وقد علمت مما مرَّ أن: ذلك هو الحق، وخلافه هو الباطل باتفاق عامة أهل العلم.

‌تنبيهات:

الأول: عبر صلى الله عليه وسلم في تحذيره الصائمين والمصلين، عن الأخذ بالأذان الأول، وبياض الفجر الكاذب، بقوله:«لا يغرنكم» وقوله: «لا

(1) بلفقيه. السيف البتار. في «إتحاف الفقيه» ص 16.

ص: 161

يهدينكم» قال في «القاموس» : (غَرَّهُ غَرّاً وغُرُوراً و (غِرَّةً)(1) - بالكسر - فهو مَغْرُورٌ و (غَرِرٌ)(2): خَدَعَهُ وأَطْمَعَهُ بالباطِلِ) (3) انتهى. وقال في مادة خَدَعَ: (خَدَعَهُ: كمَنَعَهُ خَدْعاً ويُكْسَرُ، خَتَلَهُ وأرادَ به المكروهَ من حيثُ لا يَعْلَمُ ((4) انتهى. وقال في مادة (هَادَ): (هَادَهُ الشَّيءُ يَهِيدُهُ هَيْداً وهَاداً: أَفْزَعَهُ إلى أن قال: وأزالَهُ وصَرَفَهُ وأَزْعَجَهُ وزَجَرَهُ)(5) انتهى. فمعنى لا يغرنكم: لا يخدعكم ويطمعكم بالباطل ويوقعكم من حيث لا تعلمون فيما يكرهه الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم: من تقديم الصلاة على وقتها، والإمساك عن المفطرات قبل وقته، أذان من يؤذن قبل

(1) في (ب): غره بالهاء.

(2)

كذا في (أ) و (ب): وفي «القاموس» : ( .. فهو مَغْرُورٌ وغَرِيرٌ [كَأمِيرٍ]: خَدَعَهُ وأطْمَعَهُ بالباطلِ.)(الفيروزآبادي. القاموس. (2/ 143) مادة: (غَرَّهُ).).

(3)

الفيروزآبادي. القاموس. (2/ 143) مادة: (غَرَّهُ).

(4)

الفيروزآبادي. القاموس. (3/ 24) مادة: (خَدَعَهُ).

(5)

الفيروزآبادي. القاموس. (1/ 654) مادة: (هَادَهُ).

ص: 162

الفجر الصادق، (أو)(1) رؤية بياض الكاذب، ومعنى لا يهيدنكم: لا يزلَّكم عن الحق الذي أتيتكم به، من إيقاع الصلاة بعد طلوع الفجر الصادق، وإمساك الصائم عنده، ما ذكر، ولا يصرفكم ولا يزجركم عنه، ولا يزعجكم؛ فتقدموهما على وقتهما من غير تأن وتأمل للعلامة الفارقة بين الفجرين. وأكد صلى الله عليه وسلم التحذير من ذلك الغرر والانخداع، والانزعاج، الناشئ من اشتباه الفجرين، بنون التوكيد الثقيلة، وفي ذلك إيماء إلى علم من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم وهو: أن كثيراً من أمته يغرهم ويخدعهم ويزعجهم ما ذكر. ويؤيده إكثاره صلى الله عليه وسلم في بيان وقت الصبح زيادة على غيره من الأوقات.

الثاني: في تعبيره صلى الله عليه وسلم بهذين اللفظين، وتأكيده ذلك بالنون .. إرشاد لأمته إلى مزيد التثبت في هذا الوقت، والتأني فيه، وترك العجلة قبل تحقق علامات الفجر المارة، وأن أوله يخفى على كثير من الناس حتى من العارفين بعلامات الفجرين فيقعون في الغلط. ولذا قال: البيهقي في «سننه الكبرى» : (باب إعادة صلاة من افتتحها - أي الصبح -

(1) في (ب): (و) بدلاً من (أو).

ص: 163

قبل طلوع الفجر - إلى أن قال: عن أنس بن مالك أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه صلى بهم الصبح بليل، فأعاد بهم الصلاة، ثم صلى بهم، فأعاد بهم ثلاث مرات، وروى في ذلك عن ابن عمر رضي الله عنهما ((1). انتهى كلام البيهقي. وقوله ورُوى في ذلك عن

(1) لم أعثر على كلام للمحدثين في صحة هذا الحديث، وقد قال البيهقي في سند هذا الأثر:(أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا يحيى بن أبي طالب أنبأنا عبد الوهاب بن عطاء أنبأنا سعيد عن قتادة عن أنس). انتهى. (البيهقي. سنن البيهقي الكبرى (1/ 457) رقم 1991) وأبو عبد الله الحافظ هو الحاكم صاحب «المستدرك» ، وأبو العباس الأصم هو محمد بن يعقوب النيسابوري المحدث الثقة (الذهبي. تذكرة الحفاظ. (3/ 860)) ويحيى بن أبي طالب هو يحيى بن جعفر الزبرقان البغدادي قال الدارقطني لم يطعن فيه أحد بحجة وقال ابن حجر لا بأس به عندي (الذهبي. ميزان الإعتدال (4/ 367) رقم 9474)، (وينظر: الرازي. الجرح والتعديل (9/ 134) رقم 567) قال صاحب (اللسان): (وثقه الدارقطني، وقال مسلمة بن قاسم ليس به بأس تكلم الناس فيه)، أما عبد الوهاب بن عطاء فهو أبو نصر الخفاف العجلي البصري (الذهبي. تذكرة الحفاظ. (1/ 339) رقم 321) قال الذهبي صدوق وقال النسائي: ليس بالقوي وقال الدارقطني: ثقة وروي عن أحمد أنه ضعيف الحديث مضطرب (الذهبي. ميزان الاعتدال (2/ 681) رقم 5322) (وينظر: الرازي. الجرح والتعديل (6/ 72) رقم 372) وسعيد هو سعيد بن أبي عروبة مهران العدوي البصري الإمام الحافظ الثقة (الذهبي. تذكرة الحفاظ. (1/ 177) رقم 176) (الذهبي. ميزان الاعتدال (2/ 151) رقم 3242) (وينظر: الرازي. الجرح والتعديل (4/ 65) رقم 276).

ص: 164

ابن عمر أي: رُوي عنه إعادته صلاة الصبح الواقعة قبل طلوع الفجر الآخر، فإذا كان وَقَع الغلط في الفجر من هذين الصحابيين الجليلين، وخفي عليهما مع كمال معرفتهما بعلاماته، وتلقيهما لها منه صلى الله عليه وسلم .. فكيف يستبعد خفاه على عالم من أهل زماننا، أو جملة من علمائه، وكيف لا يتأدبون بآداب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ويَرجعون عن غلطهم، ويعيدون صلاتهم، ويبينون لمن اقتدى بهم ذلك.

الثالث: مرّ في التنبيه الأول: أن معنى لا يغرنكم: لا يخدعكم، ولا يطمعكم بالباطل، ويوقعكم من حيث لا تعلمون فيما يكرهه الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم، فالمؤذن المرصد لأذان الفجر الصادق، ومن يخبر الناس به، إذا وقع أذان الأول وإخبار الثاني قبل طلوع

ص: 165

الصادق يكونان خادعين لمن اعتمدهما، (مروِّجين)(1)

عليه الباطل، موقعين له فيما يكرهه الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم، بنص هذه الأحاديث المبتدأة بـ «لا يغرنكم» ، وقد علم ما جاء عن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم: من الزجر، والوعيد الشديد، لمن خدع مسلماً، أو روج عليه الباطل، وغشه به، أو أوقعه فيما يكره، حتى أجمع العلماء على: أنه من الكبائر، وهو في أمور الدين أشد وأعظم، والمؤلف في تأييد هذا الأمر الشنيع .. أشد خطراً وإثماً؛ لاعتماد الناس على كلامه، وبقائه بعده، ولا عذر لهم في قولهم: ما أردنا إلا الحق حسب ما علمنا، خصوصاً بعد نهي العلماء لهم ولغيرهم عن ذلك، وتأليفهم في إنكاره،

(1) في (ب): مزوِّجين.

قال ابن منظور: راج الشيءُ نفق .. وفلان مُروِّجٌ وأمر مُرَوَّجٌ: مُختَلطٌ، وقال: زوَّج الشيءَ بالشيءِ قرَنَهُ. (ابن منظور. لسان العرب. (2/ 291) مادة: زوَّج، و (2/ 285) مادة: روَّج). وترويج الباطل: إنفاقه وتمريره، وتزويج الباطل بالحق، جعلهما شيئاً واحداً.

ص: 166

إذ لا عذر للجاهل المقصِّر في التعلّم .. فكيف من بلغه الحق .. فأعرض عنه وصمم ((1).

الرابع: في قوله صلى الله عليه وسلم في الفجر الكاذب: «فإنه لا يحرّم الطعام ولا يحلّ الصلاة» .. تنبيه تام، وتحذير بليغ للمؤذن للفجر، والمخبر به، بكونهما محرمين، محللين؛ لأنهما إن أصابا الوقت .. فقد وافقا الله فيما حرمه وحلله؛ فهما من الدعاة للحق، فيرجى لهما الفضل العظيم، الذي وعد الله به الدعاة إليه الدالين عليه. وإن [أخطأا](2) الوقت .. فقد خالفا الله سبحانه؛ إِذْ حرّما ما أحله، وأحلا ما حرمه؛ فيستحقان ما جاء من الوعيد والعذاب الشديد الذي وعد الله به من دعا إلى الضلال، ونهى عن المعروف، وأمر بالمنكر، وقضى به؛ لما مرّ من عدم عذرهما، وهذا من أعظم الكبائر وأشدها، والتصنيف في نصرته أعظم وأشد؛ لما مرَّ.

(1) صمَّم أي مضى على رأيه. (ابن منظور. لسان العرب. (12/ 342) مادة: صمَّم).

(2)

في (أ) اخطآء، وفي (ب) اخطأ.

ص: 167

الخامس: أكثر مؤلف تلك «الرسالة» من نقل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، والصحابة، وأئمة المذهب: من ندب تعجيل الصلاة أول وقتها، ومبادرته صلى الله عليه وسلم بصلاة الفجر، وتغليسه بها (1)، كما مرّ من حديث أبي برزة:«أنه كان ينفتل منها حين يعرف المرء جليسه» ، وكحديث عائشة رضي الله عنها:(أن نساء المؤمنين ينصرفن من الصلاة معه صلى الله عليه وسلم متلفعات بمروطهن (2) لا يعرفن من الغلس ((3)((4)، وكحديث

(1) ينظر بلفقيه. السيف البتار. في «إتحاف الفقيه» ص 21 - 23.

(2)

قال الأصمعي: (التلفع أن تشتمل بالثوب حتى تجلل به جسدك). انتهى. والمرط: كساء من صوف أو غيره تلبسه النساء. (ابن حجر العسقلاني. فتح الباري. (1/ 482). رقم 365).

(3)

الغَلَس والغَبَس والغَبَش: ظلمة آخر الليل، أو أول الصبح، وكلاهما سواد مختلط ببياض وحمرة (ابن منظور. لسان العرب. (6/ 156). مادة غلس. (6/ 153). مادة غبش).

(4)

رواه الجماعة (الشيخان، وأصحاب السنن والإمام أحمد). (البخاري. صحيح البخاري. (1/ 296). رقم 829) (مسلم. صحيح مسلم. (1/ 446) رقم 645) (أبو داود. سنن أبي داود. (1/ 115). رقم 423) (الترمذي. سنن الترمذي. 1/ 288. رقم 153)(النسائي. سنن النسائي. (1/ 405) رقم 1285). (ابن ماجة. سنن ابن ماجة (1/ 220). رقم 669). (الإمام أحمد. مسند أحمد. حديث السيدة عائشة. (6/ 37) رقم 24142 و (6/ 258) رقم 26265).

ص: 168

أنس رضي الله عنه: (أن بين سحوره صلى الله عليه وسلم وقيامه لصلاة الصبح قدر خمسين آية)((1)،

وجميع ذلك دليل لندب تعجيل الصلاة أول وقتها بعد تحقق دخوله، وليس فيه تعريف لعلامات الفجر الذي يتبين بها أوله، وكل ما أسلفناهُ فيهِ تعريفٌ لعلاماتهِ - كما مر-؛ ولذا تجد علماء الحديث، والفقه يستدلون بما ذكرناه على: بيان الفجر، وتحقيقه، وبما ذكرهُ على تعجيل الصلاة بعد التحقق، فإذا رأى الإنسان ابتداء اعتراض البياض المشرب بالحمرة الذي لا يزال يتزايد .. فهو أول الوقت، فيندب له حينئذ الاشتغال بالصلاة، فإن صلى الصبح ولم ير لزيادة النور أثراً زائداً على ما اعتقده أول الوقت حين شرع في

(1) حديث أنس عن زيد بن ثابت رضي الله عنهم.

ينظر: البخاري. صحيح البخاري (2/ 678) رقم 1821) ومسلم. صحيح مسلم (2/ 771). رقم 1097. و (الترمذي. سنن الترمذي (3/ 84. رقم 703) والنسائي. سنن النسائي (2/ 77) رقم 2465 و (ابن حبان. صحيح ابن حبان. (4/ 364) رقم (1497)).

ص: 169

الصلاة .. فصلاته باطلة؛ بشهادة ما مرّ لك في هذا الباب والذي قبله، إذ التغليس المراد به في هذه الأحاديث ونحوها كما قال السيوطي ((1) في «الدر النثير») الغَلسُ: ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح. وغلَّسَ تَغْلِيساً: أتى في ذلك الوقت) انتهى. ولما ذكر في «مشكاة المصابيح» ((2) الحديث الذي أخرجه الشيخان عن سيدنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما لما سئل عن وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فقال في بيان صلاته صلى الله عليه وسلم الصبح: (والصبح بغلس)((3). قال ابن حجر

(1) السيوطي: أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد الخضيري السيوطي المصري الشافعي (849هـ - 911هـ)، وكتابه «الدر النثير في تلخيص نهاية ابن الأثير» وله ما يزيد على خمسمائة مصنف منها:«الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة» و «الدر المنثور في التفسير بالمأثور» و «الأشباه والنظائر في فروع الشافعية» (الزركلي. الأعلام (3/ 301)(كحالة. معجم المؤلفين. (5/ 128)(الباباني. هدية العارفين. (1/ 278)).

(2)

«مشكاة المصابيح» للتبريزي: أبي عبد الله ولي الدين محمد بن عبد الله الخطيب العمري التبريزي الشافعي (ت741هـ) وله «الإكمال في أسماء الرجال» . (الزركلي. الأعلام. (6/ 234)(الباباني. هدية العارفين. (2/ 28).

(3)

البخاري. صحيح البخاري (1/ 207) رقم 540 ومسلم. صحيح مسلم (1/ 446). رقم 646. والتبريزي. المشكاة. (1\ 588). رقم 588

ص: 170

الهيثمي في شرحه ما لفظه: وكان يصلي الصبح بغلس أي: في وقت ظلمة آخر الليل المختلطة بضوء الصباح، وذلك بعيد طلوع الفجر) انتهى. وقد مرّ لك غير مرة: أن ضوء الصباح هو البياض المشرب بالحمرة، المعترض المتزايد كل حين، فمن اعتقد طلوعه وصلى لم يرَ زيادة انتشاره ونوره بعد صلاته .. فشروعه في الصلاة واقع قبل طلوعه لا محالة؛ لأن ضوء الفجر يطلب ظلمة الليل طلباً حثيثاً، كما مرّ في الكلام على قوله تعالى:{يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ} وقول النبي صلى الله عليه وسلم (فيه)(1)(يأخذ) و (يذهب)(2) أي: دائم السير والزيادة وقوله:) الذي تتبين به وجوه الرجال (((3) وقد علمت الكلام الذي مرّ عن «سنن الترمذي» على حديث طلق بن علي واتفاق عامة أهل العلم على: أنه لا يحرِّم الطعام والشراب على الصائم إلا الفجر الأحمر

(1) في (ب): (في).

(2)

ينظر صفحة 152.

(3)

وهو موقوف على ابن عباس ينظر صفحة 153.

ص: 171

المعترض.

واسمع الآن إلى كلامه في التغليس لتعرف به صحة ما قلنا، قال رحمه الله: باب ما جاء في التغليس بالفجر: (حدثنا قتيبة عن مالك بن أنس وأنا (1) الأنصاري نا (2) معن نا مالك عن يحيى بن سعيد عن عائشة رضي الله عنها قالت: «إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح، فينصرف النساء، قال الأنصاري: فيمر النساء متلففات بمروطهن، لا يعرفن من الغلس» ((3)، وقال قتيبة:(متلفعات)((4). وفي الباب عن ابن عمر وأنس وقيلة بنت مخرمة قال أبو عيسى: (حديث عائشة حديث حسن صحيح، وهو الذي اختاره غير واحد من أهل العلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم: أبو بكر، وعمر، ومن بعدهم من التابعين، وبه يقول: الشافعي، وأحمد، وإسحاق

(1)(أنا) وهي اختصار (أنبأنا).

(2)

(نا) اختصار (حدثنا).

(3)

رواه الجماعة. ينظر تخريجه صفحة 168.

(4)

التلفع لا يكون إلا بتغطية الرأس، والتلفف يكون بتغطية الرأس وكشفه. (ابن حجر العسقلاني. فتح الباري. (1/ 482). رقم 365).

ص: 172

فيستحبون التغليس بصلاة الفجر.) (1) انتهى. فالترمذي قال في الباب السابق في (الطرف الخامس) بعد إيراده حديث طلق ((2): أن عليه عامة أهل العلم. وذكر في هذا الباب: أن التغليس: هو الذي اختاره غير واحد من أهل العلم: من الصحابة، ومن ذكره بعدهم. فعلم بهذا: أن (الذين)(3) اختاروا التغليس بعض عامة أهل العلم القائلين: أن الفجر هو الأحمر؛ فيلزم أن التغليس: هو أن يدخل في الصلاة بعد ذلك. وفي «شرح المشكاة» لابن حجر الهيثمي. [تعليقاً] على قول سيدتنا عائشة رضي الله عنها في هذا الحديث: «ما يعرفن من الغلس» ما لفظه: (من أجل الغلس، أي: شدة الظلام الذي هو من بقايا ما قبل الفجر، وفي مداومته صلى الله عليه وسلم على ذلك كما تقتضيه (كان)؛ نظراً للعرف في استعمالها في مثل ذلك دليل على أن السنة في الصبح .. المبادرة بها عقب تحقيق طلوع الفجر.) انتهى. فانظر إلى تفسير (الغلس) بما ذكره .. تعلم به: أن بقايا الظلام ليست ككل الظلام،

(1) الترمذي. سنن الترمذي (1/ 288) رقم 153.

(2)

وردت فيه صفة الحمرة للفجر الصادق. ينظر ص 158.

(3)

في (ب): الذي.

ص: 173

وإلا لساوى الكل البعض، وذلك محال، فلا بد من فارق، وهو اختلاط ضوء الصباح بها كما مرّ، ويلزم منه نقص البقية عن الكل، وظهور أثره وتزايده، وانظر إلى تفسيره المبادرة بقوله:(عقب تحقق طلوع الفجر) تعلم به:

أن متابعته صلى الله عليه وسلم في هذه الصلاة متوقفة على أمرين:

أحدهما: تحقق طلوع الفجر، وذلك لا يكون إلا بوجود علاماته التي مرّ بيانه صلى الله عليه وسلم لها.

الثاني: المبادرة بالصلاة بعد ذلك.

ص: 174