الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لباسه تشبهاً وتقليداً للكفار، وله رسالة مستقلة في التحذير من موالاة الكفار أسماها:«السيف البتار فيمن يوالي الكفار ويجلب الحوائج إليهم» .
المؤلف والصلاة
كان للمؤلف رحمه الله اعتناء عظيم بالصلاة؛ كونها أحد أعظم أركان الإسلام، وصفة صلاته مضرباً للأمثال في زمانه في هذه الجهة (1)، فهذا عقيلٌ ابنُه يصف حال أبيه مع الصلاة فيقول:" وكان له الاعتناء التام بالصلوات الخمس وسائر الصلاة نفلها وفرضها، وإذا دخل الصلاة لا يشعر بنفسه ولا بمرضه فضلاً عن غير ذلك، وكنا نعرف أن أكبر لذاته وأعظم راحاته في الصلاة، وكان رحمه الله يقول: " لم تبقَ راحة في الدنيا إلا الصلاة، وأخشى أن لا أُوجر فيها؛ لأنه لم يبقَ لي ما أستريحُ به في الدنيا غيرها "، وكان معتنياً غاية الاعتناء بالصلاة أول الوقت، يُحِبُّ السَّاعَاتِ يَجْمَعُهَا عنده؛ لأجل حَزْرِ أول دخول الوقت، ويبقى منتظراً دخول الوقت أعظم من
(1) أحمد بن حسن العطاس. تذكير الناس. ص 62.
انتظار العطشان الماء، ويحصل له بدخول وقت الصلاة الابتهاج والانشراح ما لم يعهد قبل ذلك، وكان يأتي بالصلاة على الوجه الأتم الأكمل، وضبطتُ صلاته الرباعية تستغرق مقدار ثلثي ساعة بالساعة الفلكية، هذا مع كونه إماماً بناس غير محصورين " (1). وقد كان في أول حياته يستغرق في صلاته استغراقاً كلياً، فيظل رحمه الله قائماً أو راكعاً أو ساجداً حتى خِيف عليه من الإعياء والإنهاك، فجعلوا له من يذِّكره إذا طال قيامُه، يقول له: ركوع، وإذا طال سجوده، يقول له: جلوس وهكذا (2)، وقد كان في صحته يقوم من الليل،
(1) عقيل. تذكرة الأحياء - مخطوط.
(2)
ينظر: عقيل. تذكرة الأحياء - مخطوط، وَأحمد بن حسن العطاس. تذكير الناس. ص 95. وعلوي بن شهاب. كلام الحبيب علوي. ص 383.
وربما قامَهُ كلُه حتى تتورم قدماه (1)، ويطيلُ القراءة في صلاة الصبحِ يمكث فيها قدر ساعةٍ كاملةٍ (2)، وفي الرباعية قدر ثلثي ساعة (3).
ولم يعهد منه رحمه الله رغم جميع أمراضه الشديدة إلا الصلاةَ من قيام فرضها ونفلها، وكان يقول لأبنائه:" ما أحب البقاء في الدنيا إلا للصلاة وخصوصاً صلاة الليل، وللدعوة إلى الله تعالى، ولتعليمكم "(4).
وقد ألف رحمه الله في الصلاة للمبتدئ رسالة صغيرة ومطوية لطيفة يسهل تداولها، وقد رام أن تكون فيها نجاة له من الغرق في بحر الكفر والفسوق والعصيان فسمها «سفينة الصلاة» .
(1) ينظر: عقيل. تذكرة الأحياء. مخطوط. وكذلك حكاه عنه القاضي علوي بن عبد الله بن حسين السقاف عن بعض شيوخه وينظر: القاضي علوي السقاف. ترجمته للمؤلف. فتاوى المؤلف. ص 6.
(2)
ينظر: أحمد بن حسن العطاس. تذكير الناس. ص 62. وعلوي بن شهاب. كلام الحبيب علوي. ص 381.
(3)
ينظر: عقيل. تذكرة الأحياء. مخطوط.
(4)
عقيل. تذكرة الأحياء. مخطوط.
وفشا في زمانه تقديم صلاة الفجر على وقتها الذي سماه الشارع؛ تساهلاً منهم وتمادياً في اقتراف الخطأ، وأنفة من الرجوع إلى الحق، وفي ذلك يقول:" غلب على الناس التساهل في أمور دينهم، حتى أنه يسهل على بعضهم ارتكاب المحذور ولا إظهار خلل في نفسه، وقد صلى بالناس سيدنا أبو موسى الأشعري في المسجد النبوي صلاة الفجر، فلما خرج الناس تبين له أن الصلاة قبل طلوع الفجر، فناداهم من بيوتهم وصلى بهم ثانياً، ثم خرجوا ولم يظهر له الفجر فناداهم وصلى بهم ثالثاً. واليوم من صلى هوَّ وأَحدٌ قبل الوقت، شق عليه أن يخبره بذلك؛ لئلا يظهر الخلل من نفسه، وهذا كله من مكائد الشيطان "(1). ونرجو أن يكون المؤلف رحمه الله قد أدى ما عليه من واجب النصيحة للمقدمين صلاة الصبح عن وقتها الشرعي في حضرموت في زمانه حين ألَّف هذا الكتاب الذي بين أيدينا، وحين رأى الناس يؤدون الصلاة على عجل وتطفيف، مدّعين أن صنيعهم هذا من باب التخفيف، خاطبهم بقوله:" انظروا إلى الصلاة التي هي رأس الإسلام، هل يصلونها كما أمر سيد الأنام بقوله: " صَلُّوا كَمَا
(1) عقيل. تذكرة الأحياء. مخطوط.