الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجمع له شمله، وأتته الدنيا وهي راغمة. ومن كانت الدنيا نيته فرق الله عليه شمله، وجعل فَرَقَهُ بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له".
(السنن 1/75- المقدمة، ب الاقتداء بالعلماء ح 233)، وأخرجه ابن حبان في صحيحه (الإحسان 2/454-455) من طريق أبي داود الطيالسي عن شعبة به. وقال محققه: إسناده صحيح.
وانظر تفسير سورة طه آية (132) في حديث عثمان بن عفان ففيه المزيد من تصحيح النقاد لهذا الحديث.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن أنس بن مالك في قوله (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها) قال: نزلت في اليهود والنصارى.
(التفسير- سورة هود/
15
ح 156) ، وأخرجه الطبري (التفسير 15/265 ح 23-18) من طريق همام عن قتادة به. وصحح إسناده محقق ابن أبي حاتم) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون)، أي: لا يظلمون.
يقول: من كانت الدنيا همه وسدمه، وطلبته ونيته، جازاه الله بحسناته في الدنيا ثم يفضى إلى الآخرة، وليس له حسنة يعطى بها جزاء. وأما المؤمن، فيجازى بحسناته في الدنيا، ويثاب عليها في الآخرة (وهم فيها لا يبخسون) ، أي في الآخرة لا يظلمون.
قوله تعالى (أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (أفمن كان على بينة من ربه) وهو محمد، كان على بينة من ربه.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، عن الحسن البصري قوله:(ويتلوه شاهد منه)، قال: لسانه.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد: (ويتلوه شاهد منه)، قال: معه حافظ من الله ملك.
قال الطبري: وأولى هذه الأقوال في تأويل قوله (ويتلوه شاهد منه) قول من قال: "هو جبريل"، لدلالة قوله (ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة) على صحة ذلك. وذلك أن نبي الله صلى الله عليه وسلم لم يتل قبل القرآن كتاب موسى، فيكون ذلك دليلا على صحة قول من قال:"عنى به لسان محمد صلى الله عليه وسلم أو: محمد نفسه، أو: "علي"، على قول من قال: "عنى به علي" ولا يعلم أن أحدا كان تلا ذلك قبل القرآن أو جاء به.
قوله تعالى (ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده)
قال الشيخ الشنقيطي: صرح تعالى في هذه الآية الكريمة: أن هذا القرآن لا يكفر به أحد كائنا من كان إلا دخل النار. وهو صريح في عموم رسالة نبينا صلى الله عليه وسلم إلى جميع الخلق، والآيات الدالة على ذلك كثيرة، كقوله تعالى:(وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ) وقوله: (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا)، وقوله:(وما أرسلناك إلا كافة للناس) الآية. وقوله (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً) الآية.
قال الحاكم: أخبرني محمد بن علي الصنعاني بمكة ثنا علي بن المبارك الصنعاني ثنا زيد بن المبارك الصنعاني عن عبد الرزاق عن معمر عن أبي عَمْرو البصري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من أحد يسمع بي من هذه الأمة ولا يهودي ولا نصراني ولا يؤمن بي إلا دخل النار فجعلت أقول أين تصديقها في كتاب الله؟ حتى وجدت هذه الآية (ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده) قال: الأحزاب الملل كلها.
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. (المستدرك 2/342- ك التفسير- سورة هود. صححه الذهبي) ، وأخرجه مسلم بدون ذكر الآية بنحوه (الصحيح- الإيمان، ب وجوب الإيمان برسالة نبينا محمد 1/134 ح 240) .
قوله تعالى (فلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك)
قال الشيخ الشنقيطي: نهى الله وعلا في هذه الآية الكريمة عن الشك عن هذا القرآن العظيم وصرح أنه الحق من الله. والآيات الموضحة لهذا المعنى كثيرة جدا كقوله (الم ذلك الكتاب لا ريب فيه) الآية وقوله: (الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين) وغير ذلك من الآيات. والمرية: الشك.
قوله تعالى (ولكن أكثر الناس لا يؤمنون)
قال الشيخ الشنقيطي: صرح تعالى في هذه الآية الكريمة بأن أكثر الناس لا يؤمنون، وبين ذلك أيضاً في مواضع كثيرة، كقوله (وما أكثر الناس لو حرصت بمؤمنين) وقوله (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك) ، وقوله (ولقد ضل قبلهم أكثر الأولين) وقوله (إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين) إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى (ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم..)
قال البخاري: حدثنا مسدد، حدثنا يزيد بن زُريع، حدثنا سعيد وهشام قالا: حدثنا قتادة عن صفوان بن محرز قال "بينا ابن عمر يطوف إذ عرض رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن -أو قال يا ابن عمر- هل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم في النجوى؟ فقال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "يُدنى المؤمن من ربه". وقال هشام: يدنو المؤمن حتى يضع عليه كنفه فيُقرره بذنوبه: تعرف ذنب كذا؟ يقول: أعرف، يقول ربِّ أعرف (مرتين) فيقول سترتها في الدنيا، وأغفرها لك اليوم. ثم تطوى صحيفة حَسناته. وأما الآخرون -أو الكفار- فينادى على رءوس الأشهاد: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم". وقال شيبان عن قتادة: حدثنا صفوان.
(صحيح البخاري 8/204- ك التفسير- سورة هود- ب (الآية) ح 4685) . وأخرجه مسلم في (صحيحه- ك التوبة، ب قبول توبة القاتل 4/2120 ح 2769) .
وانظر حديث مسلم الآتي عند الآية (23) من سورة سبأ.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قال: (الأشهاد) الملائكة.
قوله تعالى (الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون)
أنظر سورة الأعراف آية (86) وانظر قول الشيخ الشنقيطي في الآية التالية.
قوله تعالى (أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ)
قال ابن كثير: (أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض وما كان لهم من دون الله من أولياء) أي بل كانوا تحت قهره وغلبته وفي قبضته وسلطانه وهو قادر على الانتقام منهم في الدار الدنيا قبل الآخرة لكن يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار وفي الصحيحين: "إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخده لم يفلته".
قوله تعالى (يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ)
قال الشيخ الشنقيطي: بين تعالى في هذه الآية الكريمة: أن الكفار الذين يصدون الناس عن سبيل الله ويبغونها عوجا، يضاعف لهم العذاب يوم القيامة، لأنهم يعذبون على ضلالهم، ويعذبون أيضاً على إضلالهم غيرهم، كما أوضحه تعالى بقوله:(الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذاباً فوق العذاب بما كانوا يفسدون) . وبين في موضع آخر أن العذاب يضاعف للأتباع والمتبوعين، وهو قوله:(حتى إذا اداركوا فيها جميعاً قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذاباً ضعفا من النار قال لكل ضعف) الآية.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون) ، صم عن الحق فما يسمعونه، بُكم فما ينطقون، عمي فلا يبصرونه ولا ينتفعون به.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: أخبر الله سبحانه أنه حال بين أهل الشرك، وبين طاعته في الدنيا والآخرة. أما في الدنيا، فإنه قال:(ما كانوا يستطيعون السمع) ، وهي طاعته (وما كانوا يبصرون) وأما في الآخرة، فإنه قال:(فلا يستطيعون خاشعة أبصارهم) سورة القلم: 42-43.
قوله تعالى (أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ)
قال ابن كثير: أي خسروا أنفسهم لأنهم أدخلوا ناراً حامية فهم معذبون فيها لا يفتر عنهم من عذابها طرفة عين كما قال تعالى (كلما خبت زدناهم سعيرا)(وضلّ عنهم) أي ذهب عنهم (ما كانوا يفترون) من دون الله من الأنداد والأصنام فلم تجد عنهم شيئاً بل ضرتهم كل الضرر كما قال تعالى: (وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين) .
قوله تعالى (لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون)
انظر سورة النحل آية (62) لبيان (لا جرم) أي: بلى.
قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله: (وأخبتوا إلى ربهم) يقول: خافوا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (وأخبتوا إلى ربهم) الإخبات: التخشع والتواضع.
قوله تعالى (مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع)
قال الشيخ الشنقيطي: ضرب الله تعالى في هذه الآية الكريمة المثل للكافر بالأعمى والأصم، وضرب المثل للمؤمن بالسميع والبصير، وبين أنهما لا يستويان ولا يستوي الأعمى والبصير، ولا يستوي الأصم والسميع، وأوضح هذا المعنى في آيات كثيرة: قوله: (وما يستوي الأعمي ولا البصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور إن أنت إلا نذير) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع) الآية، هذا مثل ضربه الله للكافر والمؤمن. فأما الكافر فصم عن الحق فلا يسمعه، وعمي عنه فلا يبصره. وأما المؤمن فسمع الحق فانتفع به، وأبصره فوعاه وحفظه وعمل به.