المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قوله تعالى (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ) قال ابن كثير: أصحاب - الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور - جـ ٣

[حكمت بشير ياسين]

الفصل: قوله تعالى (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ) قال ابن كثير: أصحاب

قوله تعالى (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ)

قال ابن كثير: أصحاب الحجر هم ثمود الذين كذبوا صالحاً نبيهم عليهم السلام، ومن كذب برسول فقد كذب بجميع المرسلين، ولهذا أطلق عليهم تكذيب المرسلين، وذكر تعالى أنه أتاهم من الآيات ما يدلهم على صدق ما جاءهم به صالح كالناقة التي أخرجها الله لهم بدعاء صالح من صخرة صماء، وكانت تسرح في بلادهم لها شرب ولهم شرب يوم معلوم، فلما عتوا وعقروها قال لهم:(تمنعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب) .

قال البخاري: حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثنا معن، قال: حدثني مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عُمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحاب الحجر: "لا تدخلوا على هؤلاء القوم إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يُصيبكم مثلُ ما أصابهم".

(صحيح البخاري 8/232- ك التفسير- سورة الحجر، ب (الآية) ح/4702) أخرجه مسلم- الزهد والرقائق 4/2285 ح 29‌

‌80)

أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة (أصحاب الحجر)، قال: أصحاب الوادي.

قوله تعالى (وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين)

قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين)

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن أصحاب الحجر وهم ثمود قوم صالح كانوا آمنين في أوطانهم، وكانوا ينحتون الجبال بيوتا. وأوضح هذا المعنى في مواضع أخر، كقوله تعالى:(أتتركون فيما ها هنا آمنين في جنات وعيون وزروع ونخل طلعها هضيم وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين) وقوله تعالى: (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله..) الآية، وقوله:(وثمود الذين جابوا الصخر بالوادي) أي قطعوا الصخر بنحته بيوتا.

ص: 167

قوله تعالى (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآَتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ)

قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق) ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أنه ما خلق السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق أي ليدل بذلك على أنه المستحق لأن يعبد وحده، وإنه يكلف الخلق ويجازيهم على أعمالهم. فدلت الآية على أنه لم يخلق الخلق عبثا ولا لعبا ولا باطلا. وقد أوضح ذلك في آيات كثيرة كقوله:(وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار) وقوله: (ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار) وقوله: (وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق

) الآية.

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (فاصفح الصفح الجميل) ثم نسخ ذلكم بعد، فأمره الله تعالى ذكره بقتالهم، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، لا يقبل منهم غيره.

قوله تعالى (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ)

قال ابن كثير: وقوله (إن ربك هو الخلاق العليم) تقرير للمعاد وأنه تعالى قادر على إقامة الساعة فإنه الخلاق الذي لا يعجزه خلق ما يشاء، وهو العليم بما تمزق من الأجساد وتفرق في سائر أقطار الأرض، كقوله:(أو ليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون) .

قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (إن ربك هو الخلاق العليم) ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه الخلاق العليم والخلاق والعليم: كلاهما صيغة مبالغة.

والآية تشير إلى أنه لا يمكن أن يتصف الخلاق بكونه خلاقا إلا وهو عليم بكل شيء، لا يخفى عليه شيء، إذ الجاهل بالشيء لا يمكنه أن يخلقه. وأوضح هذه المعنى في آيات كثيرة، كقوله تعالى (قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم) .

ص: 168

قوله تعالى (ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم)

قال البخاري: حدثني محمد بن بشار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة، عن حُبيب ابن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي سعيد بن المعلى قال:"مَرَّ بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي فدعاني، فلم آتهِ حتى صليت، ثم أتيتُ فقال: ما منعك أن تأتي؟ فقلت: كنتُ أصلي. فقال: ألم يقل الله (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول) ؟ ثم قال: ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن قبلَ أن أخرج من المسجد؟ فذهب النبي صلى الله عليه وسلم ليخرج فذكرته فقال: الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته".

(صحيح البخاري 8/232- ك التفسير- سورة الحجر، ب (الآية) ح/4703) .

قال البخاري: حدثنا آدم، حدثنا ابن أبي ذئب، حدثنا سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُمّ القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم".

(صحيح البخاري 8/232- ك التفسير- سورة الحجر ح/4704) .

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله: (والقرآن العظيم) قال: سائره: يعني سائر القرآن مع السبع من المثاني.

قوله تعالى (لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ)

أخرج الطبري بسنده الحسن عن مجاهد (لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ) : الأغنياء الأمثال الأشباه.

قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (ولا تحزن عليهم) الصحيح في معنى هذه الآية الكريمة أن الله نهى نبيه صلى الله عليه وسلم عن الحزن على الكفار إذا امتنعوا من قبول الإسلام ويدل ذلك كثرة ورود هذا المعنى في القرآن العظيم كقوله (ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون) وقوله (فلا تذهب نفسك عليهم حسرات) وقوله (لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين) وقوله (فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا) وقوله (وليزيدن كثيراً منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين) .

ص: 169

قوله تعالى (واخفض جناحك للمؤمنين)

قوله تعالى (واخفض جناحك للمؤمنين) فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لين الجانب مع أصحابه رحيم بهم ورؤوف كما أخبر الله تعالى بذلك إذ قال (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) سورة التوبة: 128.

قوله تعالى (وقل إني أنا النذير المبين)

انظر سورة البقرة آية (120) .

قوله تعالى (كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ)

أخرج البخاري بسنده عن ابن عباس (كما أنزلنا على المقتسمين) قال: آمنوا ببعض وكفروا ببعض، اليهود والنصارى.

(التصحيح- التفسير- سورة الحجر، الآية ح 4706) .

قال ابن كثير: وقوله (المقتسمين) أي المتحالفين، أي تحالفوا على مخالفة الأنبياء وتكذيبهم وأداهم، كقوله تعالى إخبارا عن قوم صالح إنهم (قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ) الآية، أي نقتلهم ليلاً.

قوله تعالى (الذين جعلوا القرآن عضين)

أخرج البخاري بسنده عن ابن عباس (الذين جعلوا القرآن عضين) قال: هم أهل الكتاب جزءوه أجزاء، فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه.

(الصحيح- التفسير- سورة الحجر، الآية ح 4705) .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (الذين جعلوا القرآن عضين) قال: فرقا.

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (الذين جعلوا القرآن عضين) عضهوا كتاب الله، زعم بعضهم أنه سحر، وزعم بعضهم أنه شعر، وزعم بعضهم أنه كهان. وعضين: جمع عِضة، من عَضيت الشيء إذا فرقته وجعلته أعضاء (النهاية لابن الأثير 3/255) .

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجامد قوله (جعلوا القرآن عضين) قال: سحر أعضاء الكتاب كلها وقريش، فرقوا القرآن، قالوا: هو سحر.

قوله تعالى (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ثم قال (فيومئذ لا يسئل عن ذنبه

ص: 170

إنس ولا جان) قال: لا يسألهم هل عملتم كذا وكذا، لأنه أعلم بذلك منهم، ولكن يقول لهم: لم عملتم كذا وكذا.

قوله تعالى (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ)

أخرج الطبري بسنده الحسن عن ابن عباس قوله (فاصدع بما تؤمر) يقول: فامضه.

أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد (فاصدع بما تؤمر) قال: اجهر بالقرآن في الصلاة.

قوله تعالى (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إلها آخر فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)

قال ابن كثير: وقوله (وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين) أي بلغ ما انزل إليك من ربك، ولا تلتفت إلى المشركين الذين يريدون أن يصدوك عن آيات الله (ودوا لو تدهن فيدهنون) ولا تخفهم فإن الله كافيك إياهم وحافظك منهم، كقوله تعالى:(يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم نفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) .

قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (إنا كفيناك المستهزئين) بين تعالى في هذه الآية الكريمة أنه كفى نبيه صلى الله عليه وسلم المستهزئين الذين كانوا يستهزءون به وهم قوم من قريش. وذكر في مواضع أخر أنه كفاه غيرهم؛ كقوله في أهل الكتاب: (فسيكفيكهم الله) الآية، وقوله:(أليس الله بكاف عبده..) الآية.

قوله تعالى (ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون)

قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون) ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه يعلم أن نبيه صلى الله عليه وسلم يضيق صدره بما يقوله الكفار فيه: من الطعن والتكذيب، والطعن في القرآن وأوضح هذا المعنى في مواضع أخر؛ كقوله:(قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون) وقوله: (فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك) .

قوله تعالى (واعبد ربك حتى يآتيك اليقين)

انظر حديث البخاري عن أم العلاء الآتي عند الآية (9) من سورة الأحقاف.

أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة قوله (اليقين) : الموت.

ص: 171