المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قوله تعالى (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ - الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور - جـ ٣

[حكمت بشير ياسين]

الفصل: قوله تعالى (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ

قوله تعالى (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ ‌

(102)

وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ)

قال ابن كثير: يقول تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم لما قص عليه نبأ إِخوة يوسف، وكيف رفعه الله عليهم، وجعل له العاقبة والنصر والملك والحكم، مع ما أرادوا به من السوء والهلاك والإعدام، هذا وأمثاله يا محمد من أخبار الغيوب السابقة (نوحيه إِليك) ونعلمك به يا محمد لما فيه من العبرة لك، والاتعاظ لمن خالفك (وما كنت لديهم) حاضرا عندهم ولا مشاهدا لهم (إِذ أجمعوا أمرهم) أي على إِلقائه في الجب (وهم يمكرون) به، ولكنا أعلمناك به وحيا إِليك وإنزالا عليك، كقوله:(وما كنت لديهم إِذ يلقون أقلامهم) الآية، وقال تعالى:(وما كنت بجانب الغربي إِذ قضينا إِلى موسى الأمر) الآية.

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (وما كنت لديهم)، يعني محمدا صلى الله عليه وسلم يقول: ما كنت لديهم وهم يلقونه في غيابة الجب، (وهم يمكرون) أي: بيوسف.

قوله تعالى (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ)

قال مسلم: حدثني زهير بن حرب، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، أخبرنا روح ابن القاسم، عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قال الله تبارك وتعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك. من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري، تركته وشركه".

(الصحيح 4/2289 ح 2985- ك الزهد والرقائق، ب من أشرك في عمله غير الله) .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (وما يؤمن أكثرهم بالله) الآية، قال: من إيمانهم إذا قيل لهم: من خلق السماء؟ ومن خلق الأرض؟ ومن خلق الجبال؟ قالوا: الله، وهم مشركون.

ص: 100

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد: (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون)، فإيمانهم قولهم: الله خالقنا، ويرزقنا ويميتنا.

قوله تعالى (أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ)

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد (أن تأتيهم غاشية من عذاب الله) قال: تغشاهم.

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله)، أي: عقوبة من عذاب الله.

انظر حديث البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه المتقدم عند الآية (31) من سورة الأنعام وهو حديث: "لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس

".

قوله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ)

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحى إليهم من أهل القرى) ، لأنهم كانوا أعلم وأحلم من أهل العمود.

قال ابن كثير: وقوله: (من أهل القرى) المراد بالقرى المدن لا أنهم من أهل البوادي الذين هم من أجفى الناس طباعاً وأخلاقاً، وهذا هو المعهود المعروف أن أهل المدن أرق طباعا وألطف من أهل سوادهم، وأهل الريف والسواد أقرب حالا من الذين يسكنون في البوادي، ولهذا قال تعالى:(الأعراب أشد كفراً ونفاقا) الآية

وقوله: (أفلم يسيروا في الأرض) يعني هؤلاء المكذبين لك يا محمد في الأرض (فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم) أي من الأمم المكذبة للرسل، كيف دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها، كقوله:(أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها) الآية، فإذا استمعوا خبر ذلك رأوا أن الله قد أهلك الكافرين ونجى المؤمنين، وهذه كانت سنته تعالى في خلقه.

وانظر سورة الأنعام آية (11) ، وانظر سورة غافر آية (82) .

ص: 101

قوله تعالى (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ)

قال البخاري: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله، حدثنا إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت له وهو يسألها عن قول الله تعالى (حتى إذا استيأس الرسل) قال قلت أكذِبوا أم كذّبوا؟ قالت عائشة: كذّبوا. قلتُ: فقد استيقنوا أنّ قومهم كذبوهم، فما هو بالظن. قالت أجل لعَمري، لقد استيقنوا بذلك. فقلتُ لها: وظنوا أنهم قد كُذِبوا؟ قالت: معاذ الله، لم تكن الرسلُ تظنّ ذلك بربها.

قلتُ: فما هذه الآية؟ قالت: هم أتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وصدّقوهم، فطال عليهم البلاء واستأخر عنهم النصر، حتى إذا استيأس الرسلُ ممن كذبهم من قومهم، وظنّت الرسلُ أنّ أتباعهم قد كذّبوهم، جاءهم نصر الله عند ذلك.

(صحيح البخاري 8/217-218- ك التفسير- سورة يوسف، ب (الآية) ح/4695) .

أخرج الطبري بسنده عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا)، يعني: أيس الرسل من أن يتبعهم قومهم وظن قومهم أن الرسل قد كذبوا، فينصر الله الرسل، ويبعث العذاب.

قوله تعالى (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)

أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله: (لقد كان في قصصهم عبرة) ، ليوسف وإخوته.

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة (ما كان حديثا يفترى) و"الفرية" الكذب.

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (ولكن تصديق الذي بين يديه) ، والفرقان تصديق الكتب التي قبله، ويشهد عليها.

ص: 102