الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الشيخ الشنقيطي: هذه الآية فيها الدلالة الواضحة على أن الحكمة العظمى التي أنزل القرآن من أجلها هي: أن يعبد الله جل وعلا وحده، ولا يشرك به في عبادته شئ، لأن قوله جل وعلا:(كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ألا تعبدوا إلا الله) الآية- صريح في أن آيات هذا الكتاب فصلت من عند الحكيم الخبير لأجل أن يعبد الله وحده، سواء قلنا إن (أن) هي المفسرة أو أن المصدر المنسبك منها ومن صلتها مفعول من أجله، لأن ضابط (أن) المفسرة أن يكون ما قبلها متضمنا معنى القول، ولا يكون فيه حروف القول.
قوله تعالى (النبي لكم منه نذير وبشير)
انظر حديث ابن عباس الآتي عند الآية
(2
14) من سورة الشعراء.
قوله تعالى (وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير)
قال الشيخ الشنقيطي: هذه الآية الكريمة تدل على أن الأستغفار والتوبة إلى الله تعالى من الذنوب سبب لأن يمتع الله من فعل ذلك متاعا حسنا إلى أجل مسمى؛ لأنه رتب ذلك على الأستغفار والتوبة ترتيب الجزاء على شرطه. والظاهر أن المراد بالمتاع الحسن، سعة الرزق، ورغد العيش، والعافية في الدنيا، وأن المراد بالأجل المسمى: الموت، ويدل لذلك قوله تعالى في هذه السورة الكريمة عن نبيه هود عليه الصلاة والسلام:(ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم) وقوله تعالى عن نوح: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا) .
قال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا غندر عن شعبة، عن عمرو ابن مرة، عن أبي بردة. قال: سمعت الأغرّ، وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم،
يُحدث ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا أيها الناس! توبوا إلى الله. فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة".
(صحيح مسلم 4/2075-2076- ك الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، ب استحباب الاستغفار والاستكثار منه) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله: (يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى) ، فأنتم في ذلك المتاع، فخذوا بطاعة الله ومعرفة حقه، فإن الله منعم يحب الشاكرين، وأهل الشكر في مزيد من الله. وذلك قضاؤه الذي قضى.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (إلى أجل مسمى) قال: الموت.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد: (ويؤت كل ذي فضل فضله)، قال: ما احتسب به من ماله أو عمل بيده أو رجله أو كلمة، أو ما تطوع به من أمره كله.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة: (ويؤت كل ذي فضل فضله) أي: في الآخرة.
قوله تعالى (ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منه ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور)
قال الشيخ الشنقيطي: يبين تعالى في هذه الآية الكريمة أنه لا يخفى عليه شئ، وأن السر كالعلانية عنده، فهو عالم بما تنطوي عليه الضمائر وما يعلن وما يسر، والآيات المبينة لهذا كثيرة جدا، كقوله:(ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) وقوله جل وعلا: (واعلموا أن يعلم ما في أنفسكم فاحذروه) وقوله: (فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين)، وقوله:(وما تكون في شأن وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء) الآية.
قال البخاري: حدثنا الحسنُ بن محمد بن صباح حدثنا حجّاج قال: قال ابن جريج: أخبرني محمد بن عباد بن جعفر أنه سمعَ ابن عباس يَقرأ (ألا إنهم تثنوني صدورُهم) قال سألته عنها فقال: أناس كانوا يستحيون أن يتخلوا فيفضوا إلى السماء، وأن يجامعوا نساءهم فيفضون إلى السماء، فنزل ذلك فيهم.
(صحيح البخاري 8/349- ك التفسير- سورة هود، ب (الآية) ح 4681) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (ألا حين يستغشون ثيابهم) يقول: يغطون رؤوسهم.
قوله تعالى (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (ويعلم مستقرها) يقول: حيث تأوي (ومستودعها) يقول: إذا مات.
قوله تعالى (وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملاً)
قال الشيخ الشنقيطي: صرح في هذه الآية الكريمة أنه خلق السماوات والأرض لحكمة ابتلاء الخلق، ولم يخلقهما عبثا ولا باطلا. ونزه نفسه تعالى عن ذلك، وصرح بأن من ظن ذلك فهو من الذين كفروا وهددهم بالنار، قال تعالى:(وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للكافرين من النار) وقال تعالى: (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم) وقال: (وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون)، وقال:(الذي خلق الموت والحياة ليلوكم أيكم أحسن عملاً) إلى غير ذلك من الآيات. وانظر سورة فصلت آية (12) لبيان الستة أيام.