الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله تعالى (لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ)
انظر آية (62) من السورة نفسها، وفيها معنى لا جرم أي: بلى.
قوله تعالى (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ)
قال ابن كثير: يقول تعالى: وإذا قيل لهؤلاء المكذبين (ماذا أنزل ربكم قالوا) معرضين عن الجواب (أساطير الأوّلين) أي لم ينزل شيئاً، إنما هذا الذي يتلى علينا أساطير الأولين، أي مأخوذ من كتب المتقدمين، كما قال تعالى:(وقالوا أساطير الأوّلين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله (أساطير الأولين) يقول: أحاديث الأولين.
قوله تعالى (لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ)
قال مسلم: حدثني زهير بن حرب. حدثنا جرير بن عبد الحميد عن الأعمش، عن موسى بن عبد الله بن يزيد وأبى الضحى، عن عبد الرحمن بن هلال العبسي، عن جرير بن عبد الله. قال: جاء ناس من الأعراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم الصوف. فرأى سُوء حالهم قد أصابتهم حاجة. فحثّ الناسَ على الصدقة.
فأبطأوا عنه. حتى رُؤي ذلك في وجهه. قال: ثم إن رجلا من الأنصار جاء بِصُرةٍ من ورق. ثم جاء آخر. ثم تتابعوا حتى عُرف السرور في وجهه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن سن في الإسلام سُنة حسنة. فعُمل بها بعده، كُتب له مثل أجر من عمل بها. ولا ينقص من أجورهم شيء. ومن سنّ في الإسلام سُنة سيئة، فعُمل بها بعده، كتب عليه مثل وزر مَن عمل بها، ولا ينقص من أوزارهم شيء".
(الصحيح 4/2059-2060- ك العلم، ب من سن سنة حسنة أو سيئة
…
ح/1017) ، وأخرجه البخاري في (الصحيح 8/
23
2- ك التفسير- سورة الحجر) .
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد، قوله (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار من أضلوا احتمالهم ذنوب أنفسهم، وذنوب من أطاعهم، ولا يخفف ذلك عمن أطاعهم من العذاب شيئًا.
وانظر سورة العنكبوت آية (13) وتفسيرها.
قوله تعالى (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ)
قال ابن كثير: هذا من باب المثل لإبطال ما صنعه هؤلاء الذين كفروا بالله وأشركوا في عبادته غيره، كما قال نوح عليه السلام:(ومكروا مكراً كبارا) أي احتالوا في إضلال الناس بكل حيلة وأمالوهم إلى شركهم بكل وسيلة، كما يقول لهم أتباعهم يوم القيامة (بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا) الآية
…
وقوله (فأتى الله بنيانهم من القواعد) أي اجتثه من أصله وأبطل عملهم، كقوله تعالى (كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بيانهم من القواعد) إي والله، لأتاها أمر الله من أصلها (فخر عليهم السقف من فوقهم) والسقف: أعالى البيوت، فائتفكت بهم بيوتهم فأهلكهم الله ودمرهم (وآتاهم العذاب من حيث لا يشعرون) .
قوله تعالى (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، قوله:(أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم) يقول: تخالفوني.
قال ابن كثير: ويقول لهم الرب تبارك وتعالى مقرعا لهم وموبخا (أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم) تحاربون وتعادون في سبيلهم أين هم عن نصركم وخلاصكم ههنا؟ (هل ينصرونكم أو ينتصرون) فما له من قوة ولا ناصر) فإذا توجهت عليهم الحجة وقامت عليهم الدلالة، وحقت عليهم
الكلمة وسكتوا عن الاعتذار حين لا فرار (قال الذين أوتوا العلم) وهم السادة في الدنيا والآخرة، والمخبرون عن الحق في الدنيا والآخرة، فيقولون حينئذ:(إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين) أي الفضيحة والعذاب محيط اليوم بمن كفر بالله وأشرك به ما لا يضره وما لا ينفعه.
وانظر سورة الكهف آية (52) .
قوله تعالى (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)
قال ابن كثير: يخبر تعالى عن حال المشركين الظالمين أنفسهم عند احتضارهم ومجيء الملائكة إليهم لقبض أرواحهم الخبيثة (فألقوا السلم) أي أظهروا السمع والطاعة والانقياد قائلين (ما كنا نعمل من سوء) كما يقولون يوم المعاد (والله ربنا ما كنا مشركين)(يوم يبعثهم الله جميعاً فيحلفون له كما يحلفون لكم) .
قوله تعالى (فادخلوا أبواب جهنم..) الآية.
قال الشيخ الشنقيطي: لم يبين هنا عدد أبوابها، ولكنه بين ذلك في سورة الحجر في قوله جل وعلا (لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) .
قوله تعالى (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة، قوله (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ) وهؤلاء مؤمنون، فيقال لهم (ماذا أنزل ربكم) فيقولون (خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة) أي آمنوا بالله وأمروا بطاعة الله وحثوا أهل طاعة الله على الخير ودعوهم إليه.
قال ابن كثير: ثم أخبر عما وعد الله عباده فيما أنزله على رسله فقال: (للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة) الآية، كقوله تعالى:(من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) أي: من أحسن عمله في الدنيا أحسن الله إليه عمله في الدنيا والآخرة.