الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أعرضوا عنه واستكبروا في أنفسهم عن اتباعه. وهذه كقوله: (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت، وقد أمروا أن يكفروا به، ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً، وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا) .
قوله تعالى (أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)
انظر سورة البقرة آية (10) .
قوله تعالى (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة)
قال ابن كثير: وقوله (طاعة معروفة) ، قيل معناه طاعتكم طاعة معروفة، أي قد عُلمت طاعتكم، إنما هي قول لا فعل معه، وكلما حلفتم كذبتم، كما قال تعالى:(يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين)، وقال تعالى:(اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون) .
قوله تعالى (قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم)
قال مسلم: حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سماك بن حرب، عن علقمة بن وائل الحضرمي، عن أبيه قال: سأل سلمة بن يزيد الجعفي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، أرأيت إن قامت علينا أمراء يسألون حقهم ويمنعون حقنا، فما تأمرنا؟ فأعرض عنه، ثم سأله فأعرض عنه، ثم سأله في الثانية أو في الثالثة فجذبه الأشعث بن قيس. وقال:"اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم".
(الصحيح 3/1
47
4 ح 1846، وأخرجه بعده، وفيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فذكره مثله) .
قوله تعالى (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)
قال أبو داود: حدثنا سوار بن عبد الله، ثنا عبد الوارث بن سعيد، عن سعيد ابن جمهان، عن سفينة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خلافة النبوة ثلاثون سنة، ثم يؤتي الله الملك -أو ملكه- من يشاء" قال سعيد: قال لي سفينة: أمسك عليك: أبا بكر سنتين، وعمرا عشراً، وعثمان اثنتي عشرة، وعلى كذا، قال سعيد: قلت لسفينة: إن هؤلاء يزعمون أن علياً عليه السلام لم يكن بخليفة، قال: كذبتْ أستاه بني الزرقاء، يعني بني مروان.
(السنن 4/211 ح 4646 - ك السنة، ب في الخلفاء) ، وأخرجه الترمذي (السنن - ك الفتن، ب ما جاء في الخلافة ح 2226) ، وأحمد (المسند 5/220) ، وابن حبان (الإحسان 15/24-35 ح 6657) ، والحاكم (المستدرك 3/145) من طرق عن سعيد بن جمهان به، وصححه في (المستدرك 3/71) . قال الترمذي: حديث حسن، وقال الألباني: صحيح (صحيح الترمذي ح 1813) . وقال محقق الإحسان: إسناده حسن. ونقل الألباني عن ابن أبي عاصم قوله: حديث ثابت من جهة النقل، ونقل عن ابن تيمية تصحيحه له وموافقة الحافظ ابن حجر على تصحيح من صححه (السلسلة الصحيحة ح 460) وصححه السيوطي في (الجامع الصغير 3/509 ح 4147) .
وانظر حديث ثوبان المتقدم عند الآية (33) من سورة التوبة، وهو حديث:"إن الله زوى لي الأرض..".
قال الحاكم: حدثني محمد بن صالح بن هانئ، ثنا أبو سعيد محمد بن شاذان، حدثني أحمد بن سعيد الدارمي، ثنا علي بن الحسين بن واقد، حدثني أبي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة وآوتهم الأنصار رمتهم العرب عن قوس واحدة كانوا لا يبيتون إلا بالسلاح ولا يصبحون إلا فيه فقالوا: ترون أنا نعيش حتى نبيت آمنين مطمئنين لا نخاف إلا الله فنزلت (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات
ليستخلفنكم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا) إلى (ومن كفر بعد ذلك) يعني بالنعمة) (فأولئك هم الفاسقون) .
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. (المستدرك 2/401 - ك التفسير، وصححه الذهبي) ، وأخرجه الضياء المقدسي في (المختارة 3/353-354 ح 1145، 1146) من طريق: أحمد بن سعيد الدارمي، ومحمد بن عبده المروزي، كلاهما عن علي بن الحسين بن واقد به. قال محققه فيهما: إسناده حسن. وقال الهيثمي: رجاله ثقات (مجمع الزوائد 8/83) . وطريق أبي العالية عن أبي بن كعب تقدم ثبوته في المقدمة.
وانظر حديث أبي بن كعب الآتي عند الآية (20) من سورة الشورى: "بشر هذه الأمة بالسناء
…
".
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم) هذا الدين الذي ارتضاه لهم هو دين الإسلام بدليل قوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) وقوله تعالى (إن الدين عند الله الإسلام) .
قوله تعالى (لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض ومأواهم النار ولبئس المصير)
انظر سورة آل عمران آية (196، 197) وتفسيرهما السابق.
قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)
قال البخاري: حدثنا الحميدي، قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا عمرو وابن جريج، عن عطاء قال: سألت ابن عباس فقلت: أستأذن على أختي؟ فقال: نعم. فأعدت فقلت: أختان في حجري، وأنا أمونهما وأنفق عليهما، أستأذن عليهما؟ قال: نعم، أتحب أن تراهما عريانتين؟ ثم قرأ (يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم) إلى قوله (ثلاث عورات لكم) فلم
يؤمر هؤلاء بالإذن إلا في هذه العورات الثلاث، قال:(وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم) الآية.
قال ابن عباس: فالإذن واجب. زاد ابن جريج: على الناس كلهم.
(الأدب المفرد 2/502 ح 1063، ب يستأذن على أخته) وأخرجه البيهقي في (سننه 7/97) من طريق: سعيد بن منصور، عن سفيان، عن عمرو بن دينار وحده، عن عطاء به. وصحح الحافظ ابن حجر إسناده في جملة من الآثار (فتح الباري 11/25) . وقال الألباني: صحيح الإسناد (صحيح الأدب المفرد رقم 811/1063) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله (ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم) يقول: إذا خلا الرجل بأهله بعد صلاة العشاء فلا يدخل عليه خادم ولا صبي إلا بإذن حتى يصلي الغداة فإذا خلا بأهله عند صلاة الظهر فمثل ذلك.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: ثم رخص لهم في الدخول فيما بين ذلك بغير إذن يعني فيما بين صلاة الغداة إلى الظهر وبعد الظهر إلي صلاة العشاء، أنه رخص لخادم الرجل والصبي أن يدخل عليه منزله بغير إذن قال وهو قوله (ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن) فأما من بلغ الحلم فإنه لا يدخل على الرجل وأهله إلا بإذن على كل حال.
قوله تعالى (ومن بعد صلاة العشاء
…
)
قال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان عن عبد الله بن أبي لبيد، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن ابن عمر؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء فإنها، في كتاب الله العشاء، وإنها تعتم بحلاب الإبل".
(الصحيح 1/445 ح 644 وما بعده - ك المساجد ومواضع الصلاة، في وقت العشاء وتأخيرها.
وقد جاء عند الطبري إيضاح المقصود بقوله صلى الله عليه وسلم: "فإنها في كتاب الله: العشاء"، حيث قال: قال الله (ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم) التفسير 18/163) .
قال أبو داود: حدثنا عبد الله بن مسلمة، حدثنا عبد العزيز -يعني ابن محمد- عن عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة: أن نفراً من أهل العراق قالوا: يا ابن عباس
كيف ترى في هذه الآية التي أمرنا فيها بما أمرنا ولا يعمل بها أحد، قول الله عز وجل (ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم) قرأ القعبني إلى (عليم حكيم) - قال ابن عباس: إن الله حليم رحيم بالمؤمنين، يحب الستر، وكان الناس ليس لبيوتهم ستور ولا حِجَال، فربما دخل الخادم أو الولد أو يتيمة الرجل والرجل على أهله، فأمرهم الله بالاستئذان في تلك العورات، فجاءهم الله بالستور والخير، فلم أر أحداً يعمل بذلك بعد.
(السنن 5/377 ح 5192) ، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره عند تفسير الآية (ح رقم 787)، والبيهقي في سننه (7/97) كلاهما من طريق: سليمان بن بلال، عن عمرو بن أبي عمرو به. وعندهما قول ابن عباس، فرأى الناس أن ذلك قد كفاهم من الاستئذان الذي أمروا به. قال ابن كثير عقبه: وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس (التفسير 3/303)، وقال القرطبي: هذا متن حسن (التفسير 12/303) ، وحسنه الألباني (صحيح سنن أبي داود رقم 4324)، وقال محقق ابن أبي حاتم: إسناده صحيح.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن مقاتل بن حيان قوله (ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم) وهذا من المفروض يحق على الرجل أن يأمر بذلك من كان حراً أو عبداً أن لا يدخلوا تلك الساعات الثلاث إلا بإذن.
قوله تعالى (وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: أما من بلغ الحلم فإنه لا يدخل على الرجل وأهله يعني من الصبيان الأحرار إلا بإذن على كل حال وهو قوله (وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم) .
قوله تعالى (والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن أبي عباس قوله (والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً) وهي المرأة لا جناح عليها أن تجلس في بيتها
بدرع وخمار وتضع عنها الجلباب ما لم تتبرج لما يكره الله وهو قوله (فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة) ثم قال (وأن يستعففن خير لهن) .
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن) قال: جلابيبهن.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد (وأن يستعففن خير لهن) قال: أن يلبسن جلابيبهن خير لهن.
قوله تعالى (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آَبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)
قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، ثنا بكر بن خلف، ثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة قالت: كان المسلمون يرغبون في النفير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيدفعون مفاتيحهم إلى ضمنائهم، ويقولون: قد أحللنا لكم أن تأكلوا مما احتجتم إليه، وكانوا يقولون: إنه لا يحل لنا أن نأكل، إنهم أذنوا عن غير طيب أنفسهم، وإنما نحن أمناء فأنزل الله عز وجل (ليس عليكم جناح أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم) إلى قوله (أو ما ملكتم مفاتحه
…
) .
(التفسير - سورة النور/61 - ح 894) وأخرجه الطبري (التفسير 18/129) بمثله، وعزاه الهيثمي للبزار، وقال: رجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد 7/83-84) وحسن إسناده محقق ابن أبي حاتم. وصححه الحافظ ابن حجر وقال: وسماع سليمان من عطاء قديم (مختصر زوائد البزار 2/118) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (ليس عليكم جناح أن تأكلوا من بيوتكم) إلي قوله (أو أشتاتا) وذلك لما أنزل الله (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) فقال المسلمون: إن الله
قد نهانا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل، والطعام من أفضل الأموال فلا يحل لأحد منا أن يأكل عند أحد فكف الناس عن ذلك فأنزل الله بعد ذلك (ليس على الأعمى حرج) إلى قوله (أو ما ملكتم مفاتحه) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله (أو ما ملكتم مفاتحه) وهو الرجل يوكل الرجل بضيعته فرخص الله له أن يأكل من ذلك الطعام والتمر ويشرب اللبن.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: كانوا يأنفون ويتحرجون أن يأكل الرجل الطعام وحده حتى يكون معه غيره فرخص الله لهم فقال (ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعاً أو أشتاتا) .
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن الزهري وقتادة في قوله (فسلموا على أنفسكم) قالا: بيتك إذا دخلته فقل: سلام عليكم.
قال عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الحسن في قوله (فسلموا على أنفسكم) أي ليسلم بعضكم على بعض كقوله (ولا تقتلوا أنفسكم) . وسنده صحيح.
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن حنبل ومسدد، قالا: ثنا بشر -يعنيان ابن المفضل- عن ابن عجلان، عن المقري، قال مسدد: سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإذا أراد أن يقوم فليسلم، فليست الأولى بأحق من الآخرة".
(السنن 4/353 ح 5208 - ك الأدب، ب في السلام إذا قام من المجلس) ، وأخرجه الترمذي (السنن 5/62 ح 2706 - ك الاستئذان، ب ما جاء في التسليم عند القيام وعند القعود) من طريق: الليث وأحمد (المسند 2/230) عن بشر، كلاهما عن ابن عجلان به. قال الترمذي: حديث حسن.
وقال النووي وروينا في سنن أبي داود والترمذي وغيرهما بالأسانيد الجيدة
…
فذكره (الأذكار ص 220) وحسنه السيوطي (الجامع الصغير مع شرح فيض القدير 1/305 ح 497) . وقال الألباني: إسناده جيد، ورجاله كلهم ثقات
…
(السلسلة الصحيحة ح 183) .
أخرج البستي بسنده الصحيح عن الضحاك يقول قوله جل جلاله: (فإذا دخلتم بيوتاً فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة) يقول: سلموا على أنفسكم إذا دخلتم بيوتكم وعلى غير أهلكم فسلموا إذا دخلتم بيوتهم.
أخرج البستي بسنده الصحيح عن ابن عمر، قال: إذا دخلت بيتاً ليس فيه أحد فقل: السلام علينا، وعلى عباد الله الصالحين.
قوله تعالى (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه)
قال الطبري: حدثني الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر عن الزهري في قوله (وإذا كانوا معه على أمر جامع) قال: هو الجمعة إذا كانوا معه لم يذهبوا حتى يستأذنوه.
وسنده صحيح.
قوله تعالى (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لِوَاذا)
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم..) قال: أمرهم الله أن يفخموه ويشرفوه.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد (كدعاء بعضكم بعضاً) قال: أمرهم أن يقولوا: يا رسول الله في لين وتواضع ولا يقولوا: يا محمد في تجهم.
وانظر سورة الحجرات آية (2) .
أخرج بن أبي حاتم بسنده الصحيح عن قتادة (لِوَاذاً) عن نبي صلى الله عليه وسلم وعن كتابه.
قوله تعالى (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم)
قال مسلم: حدثنا محمد بن رافع، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن همام بن منبه. قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر أحاديث منها: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثلي كمثل رجل استوقد ناراً، فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش وهذه الدواب التي في النار يقعن فيها وجعل يحجزهن ويغلبنه فيتقحمن فيها". قال: "فذلكم مثلي ومثلكم. أنا آخذ بحجزكم عن النار هلمّ عن النار، هلم عن النار، فتغلبوني تقحمون فيها".
(الصحيح 4/1789 بعد رقم 2284 - ك الفضائل، ب شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته
…
) .
قال البخاري: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو ردّ".
(الصحيح 5/355 ح 2697 - ك الصلح، ب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود) .
وأخرجه مسلم (الصحيح - ك الأقضية، ب نقض الأحكام الباطلة
…
ح 1718) .
قوله تعالى (ألا إن لله ما في السموات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شيء عليم)
قال ابن كثير: يخبر تعالى أنه مالك السموات والأرض، وأنه عالم (الغيب والشهادة) ، وهو عالم بما العباد عاملون في سرهم وجهرهم، فقال:(قد يعلم ما أنتم عليه)(وقد) للتحقيق، كما قال قبلها:(قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا)، وقال تعالى:(قد يعلم الله المعوقين منكم، والقائلين لإخوانهم هلم إلينا) . وقال تعالى: (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها، وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما، إن الله سميع بصير) وقال: (قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون، فإنهم لا يكذبونك، ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) . وقال: (قد نرى تقلب وجهك في السماء) فكل هذه الآيات فيها تحقيق الفعل بقد، كما يقول المؤذن تحقيقاً وثبوتاً:(قد قامت الصلاة. قد قامت الصلاة) . فقوله تعالى: (قد يعلم ما أنتم عليه)، أي: هو عالم به، مشاهد له، لا يعزب عنه مثقال ذرة.