الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزوايا السنوسية بحيث لا يستطيعون الوقوف في طريق التقدم الاستعماري والتجاري في الإسلام.
والآن لم يبق غير 27.128.800 مسلم تحت سلطة حكومات إسلامية، وانتقلت السلطة السياسية على أكثرية المسلمين من يد الخلافة الإسلامية إلى يد إنكلترا وفرنسا وروسيا وهولندا، وعدد المسلمين الذين تحت سلطة كل واحدة من هذه الدول يفوق عدد المسلمين الموجودين في كل أرجاء السلطنة العثمانية. وأن عدد المسلمين الذين تحت سلطة الدول النصرانية سيزداد كثيرًا عقب إنقلابات قريبة الحصول، وبذلك تزداد مسؤولية الملوك النصارى في مهمة تنصير العالم الإسلامي
…
الاِنْقِلَابَاتُ الاِجْتِمَاعِيَّةُ وَالفِكْرِيَّةُ:
قال الخطيب: إن الإسلام قد بدأ ينتبه لحقيقة موقفه ويشعر بحاجته إلى تلافي الخطر، وهو يتمخض الآن بثلاث نهضات إصلاحية:
- الأولى: إصلاح الطرق الصوفية.
- الثانية: تقريب الأفكار من الجامعة الإسلامية.
- الثالثة:
إفراغ العقائد والتقاليد القديمة في قالب معقول.
ومصدر هذا الشعور بالحاجة إلى الإصلاح واحد، وهو التغير الذي حدث في الإسلام عندما اكتسحت أهله الأفكار العصرية والحضارة الإفرنجية ولا يمنع هذا أن يكون الشعور مُؤَدِّيًا إلى عاطفة الاحتجاج والحذر، أو إلى التوفيق والتحكيم، لأن كِلَا العاطفتين تجتمعان عند جعل الإسلام في مستوى الأفكار العصرية. قال إسماعيل بك غصبر نسكي في جريدته " ترجمان ":«إن العالم في تغير وارتقاء مستمر، ولكن المسلمين لا يزالون متقهقرين أشواطًا بعيدة» . وقال الشيخ علي يوسف منشئ أهم جريدة إسلامية في خطاب ألقاه على جمهور عظيم: «إن المسيحيين قد سبقونا في كل شيء فالمسلمون ليس لديهم بواخر في البحر وهم غير منتبهين لموقفهم، ومجهوداتهم متشتتة، وكل ما يفعلونه أنهم يمشون وراء مرشديهم ولكن بغير اهتمام ذاتي لإدراك الأمم التي سبقتهم» .
ومثل كلام هذين الرجلين ما سمعناه مِرَارًا في الهند وغير الهند.
ثم قال القسيس (زويمر): وإن نهضة الشعوب الإسلامية وانتباهها لمعرفة مركزها يدعوانها إلى التساؤل عن طريقة التوفيق بين المبادئ الدستورية والمبادئ الدينية، وتاريخ الدستور الفارسي وحركة الارتجاع في البلاد العثمانية يؤيدان وجود تباين بين الأفكار الديمقراطية ونصوص القرآن! ويمكننا أن نرتاب في صحة التصريح الصادر من شيخ الإسلام عن انطباق تأسيس مجلس المبعوثان العثماني على النصوص القرآنية. ومما يؤيد ارتيابنا وقوف المبعوثين المسلمين المعروفين بالتقى في وجه كل إصلاح يعرض على مجلس المبعوثان والصحف المصرية تدافع عن الفظائع التي أمر بها سلطان المغرب، والبدو يخربون السكك الحديدية الحجازية بدعوى أن العربات المخصصة فيها للصلاة تنافي الشعائر الإسلامية!
وفي العالم الإسلامي الآن حركتان متناقضتان: يحمل لواء الحركة الأولى رجال الصوفية والمشايخ في اليمن والصومال والبوادي، وشعارهم الرجوع إلى التعاليم المحمدية. والحركة الثانية يتولى زعامتها أنصار الإصلاح ومبشرو الإسلام الجديد في مصر والهند وجاوة وفارس وهؤلاء يبنون أساسهم على رسم الطرق المعقولة. والصحف الإسلامية في باكو تتبع رجال الحزب الثاني الذي يقول: إن الجمود والخرافات مما طرأ على الإسلام وهو غريب عنه، كما أن فظائع دواوين التفتيش في القرون الوسطى ليست مما يأمر به المذهب الكاثوليكي. ثم أشار إلى كتاب " حقيقة الإسلام " الذي ألفه محمد بك بدر المتخرج من جامعة إدنبرج فقال:«إِنَّ هَذَا الكِتَابَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَشْيَاعَ الإِسْلَامِ الجَدِيدِ! يُرِيدُونَ أَنْ يَرْمُوا مِنَ السَّفِينَةِ مُشْحِونُهَا لِيُنْقِذُوهَا مِنَ الغَرَقِ» .
وقال القسيس (زويمر) بعد ذلك: «إِنَّ تَأْوِيلَ سُورَةَ
الكَهْفِ وَسُورَةَ النِّسَاءِ وَتَطْبِيقَهُمَا عَلَى مُقْتَضَى العَقْلِ أَمْرٌ مُسْتَحِيلٌ، وَلَوْ اِقْتَصَرْنَا عَلَى مُطَالَعَةِ مَا كُتِبَ عَنْ الحِجَابِ وَتَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ فِي الصُّحُفِ الإِسْلَامِيَّةِ يَتَّضِحُ لَنَا أَنَّ مَا يَظْهُرُ لَنَا مِنْ وَحْدَةِ الأَفْكَارِ فِي الإِسْلَامِ غَيْرَ صَحِيحٍ، وَهَذِهِ الوَحْدَةُ مُهَدَّدَةٌ بِالنّزَاعِ وَالتَّنَاقُضِ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ فِي فَارِسَ وَالسَّلْطَنَةِ العُثْمَانِيَّةَ بَلْ وَالبِلَادِ العَرَبِِيَّةِ أُلُوفًا مِنَ المُسْلِمِينَ مُقْتَنِعُونَ بِصِحَّةِ النَّصْرَانِيَّةِ وَمُخَالِفَتِهَا لِلإِسْلَامِ».
وأشار إلى قول الدكتور (و. شيد) من أن الإسلام يتحكك فِي كُلِّ قُطْرٍ بالمدنية العصرية ومبادئها وملاحظته لهذه الانقلابات يتوقف عليها بقاؤه، فتساءل عن نتيجة ذلك وعما إذا كان في الإمكان مجاراة تيار الحضارة مع الاحتفاظ بمبادئ القرآن وتعاليمه وعما إذا كان التقدم الاجتماعي والعقلي المجرد من كل صبغة دينية كافيًا لسد الحاجة الروحية في الملايين من المسلمين أو أن العالم الإسلامي رجاله ونساءه ينهض من كبوته ليتسلق معالم