الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَدَالَته عِنْدهم فَمَا يضرّهُ مَعهَا أَن لَا يَنْضَبِط اسْمه إِذا عرف ذَاته، قَالَ: على إِن الطّرق الَّتِي ذكرهَا شَيخنَا يعْنى العراقى وَابْن الصّلاح مائلة لترجيح بَعْضهَا على بعض، والراجحة مِنْهَا يُمكن التَّوْفِيق بَينهمَا، فينتقى الِاضْطِرَاب أصلا ورأسا. يعْنى فَإِن الطّرق إِذا اخْتلفت ورجحت إِحْدَى الرِّوَايَات على الْأُخْرَى بِوَجْه من وُجُوه التَّرْجِيح بِأَن يكون راويها أحفظ، أَو أكبر، أَو أَكثر صُحْبَة للمروى عَنهُ، أَو غير ذَلِك فَالْحكم للراجحة، وَلَا يكون الحَدِيث مضطربا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ النَّاظِم بقوله:[وَعند تَرْجِيح فَلَا يضطرب] وَهُوَ تَصْرِيح بِمَا فهم من قَوْله: على التساوى.
والمضطرب ضَعِيف، لإشعاره بِعَدَمِ الضَّبْط، وَفَاتَ النَّاظِم التَّصْرِيح بالتنبيه على ذَلِك، كَمَا أَنه لم يتَعَرَّض لمثال الِاضْطِرَاب فى الْمَتْن، وَكَأَنَّهُ تَركه لعسرة وجوده، مِثَال: تعذر الْجمع بَين الِاخْتِلَاف فِيهِ كالاختلاف فى تعْيين الصَّلَاة من " قصَّة ذى الْيَدَيْنِ ".
[ومختلف] بِالنّصب، وَلكنه سكنه للضَّرُورَة.
الْمَوْضُوع
(174 - (ص) وَالْخَبَر الْمَوْضُوع كذب مختلق
…
وَهُوَ أَقسَام فبعض اختلق)
(175 - ذَاك احتسابا كفواتح السُّور
…
وَلَيْلَة النّصْف وَذَا الْقسم أضرّ)
(176 - وَبَعْضهمْ ظنا وَبَعض للهوى
…
وَالْبَعْض للدنيا وَبَعْضهمْ غوى)
(177 - وَلم يجز فى كلهَا رِوَايَة
…
إِلَّا على الْبَيَان والحكاية)
(ش) : [الْمَوْضُوع] هُوَ المكذوب على رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] .
وَيُقَال لَهُ: المختلق والمصنوع يعْنى أَن وَاضعه اختلقه وصنعه.
وَهُوَ بِحَسب قصد الْوَاضِع أَقسَام فبعض اختلقه وَاضعه، الذى نسب إِلَى الزّهْد والديانة احتسابا للخير، وتقربا إِلَى الله تَعَالَى بِزَعْمِهِ وجهله، كأبى عصمَة نوح بن أَبى مَرْيَم فى وَضعه أَحَادِيث فَضَائِل سور الْقُرْآن، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، وَكَذَلِكَ حَدِيث: أَبى بن كَعْب الطَّوِيل فى " فَضَائِل سور الْقُرْآن سُورَة سُورَة، وَلَقَد أَخطَأ الواحدى وَمن قَلّدهُ فى ذكره فى التَّفْسِير أُميَّة، وكالكرامية من المبتدعة جوزوا الْوَضع فى التَّرْغِيب والترهيب، وخالفوا إِجْمَاع الْمُسلمين الذى يعْتد بإجماعهم فوضعوا حَدِيث: "
صَلَاة النّصْف من شعْبَان " و " صَلَاة الرغائب "، و " فَضَائِل صَوْم رَجَب "، وَهَذَا الْقسم أضرّ لأَنهم لما رَأَوْا فرقة لم يرجِعوا عَنهُ، وَالنَّاس يثقون بهم ويركنون إِلَيْهِم، لما نسبوا إِلَيْهِ من الزّهْد وَالصَّلَاح، فينقلونها عَنْهُم، [وَبَعْضهمْ ظنا] ، كَمَا وَقع لِثَابِت بن مُوسَى الزَّاهِد فى حَدِيث: " من كثرت صلَاته بِاللَّيْلِ حسن وَجهه بِالنَّهَارِ " حَيْثُ دخل على شريك القاضى والمستملى بَين يَدَيْهِ وَشريك يَقُول: حَدثنَا الْأَعْمَش
عَن أَبى سُفْيَان، عَن جَابر رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] : وَسكت عَن إِيرَاد الْمَتْن فَلَمَّا نظر إِلَى ثَابت وَأَعْجَبهُ سمته لزهده قَالَ: من كَثْرَة صلَاته [/ 137][وَسكت عَن إِيرَاد الْمَتْن، فَلَمَّا نظر إِلَى ثَابت و / أعجبه سمته لزهده قَالَ: من كثر صلَاته] بِاللَّيْلِ
…
، وَذكره، فَظن ثَابت أَن هَذَا هُوَ متن الْإِسْنَاد الذى وقف عقبه، ثمَّ سَرقه مِنْهُ جمَاعَة للهوى والتعصب كمأمون بن أَحْمد الهروى فى وَضعه حَدِيث: " يكون فى أمتى رجل يُقَال لَهُ مُحَمَّد بن إِدْرِيس، وَقد حكى النَّاظِم فى بعض تصانيفه أَنه رأى رجلا قَامَ يَوْم الْجُمُعَة وَالنَّاس مجتمعون قبل الصَّلَاة، فشرع ليورده فَسقط من قامته مغشيا عَلَيْهِ، وَكَذَا وضع نَحْو هَذَا فى أَبى حنيفَة - رحمهمَا الله تَعَالَى -
وَنَحْو ذَلِك مَا حَكَاهُ القرطبى عَن بعض أهل الرأى: إِنَّمَا وَافق الْقيَاس الجلى جَازَ أَن يعزى إِلَى النَّبِي [صلى الله عليه وسلم]، وروى ابْن حبَان فى " مُقَدّمَة الضُّعَفَاء " من طَرِيق عبد الله بن يزِيد المقرى أَن رجلا من أهل الْبدع رَجَعَ عَن بدعته فَجعل يَقُول: انْظُرُوا هَذَا الحَدِيث عَمَّن تأخذونه فَإنَّا كُنَّا إِذا رَأينَا جعلنَا لَهُ حَدِيثا.
[وَالْبَعْض للدنيا] والتقرب للملوك كغياث بن إِبْرَاهِيم النخعى فى وَضعه حَدِيث: " الْمُسَابقَة بالجناح للمهدى "، وَنَحْو ذَلِك من يكْسب بهَا من الْقصاص وَشبهه، كأبى سعيد المدائنى [وَبَعض غوى] كمحمد بن سعيد الشامى المصلوب وَغَيره من الزَّنَادِقَة، حَيْثُ وضعوها زندقة ليضلوا النَّاس إِلَى غير ذَلِك من الْمَقَاصِد، وَلَا يجوز رِوَايَة شَيْء من ذَلِك فى أى معنى كَانَ من الْأَحْكَام، أَو الْقَصَص، أَو الْأَمْثَال، أَو التَّرْغِيب، أَو التَّرْهِيب، مَعَ الْعلم بِهِ إِلَّا مَعَ الْبَيَان لَهُ من قبل نَفسه إِن كَانَ أَهلا، أَو الْحِكَايَة لذَلِك عَن غَيره من الْأَئِمَّة مَعَ غير بَيَان، لَكِن بِشُرُوط [/ 138] فى غير هَذَا الْمحل.