الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(بَابُ الْوَصَايَا)
جَمْعُ وَصِيَّةٍ وَهِيَ لُغَةً الْإِيصَالُ مِنْ وَصَى الشَّيْءَ بِكَذَا وَصَلَهُ بِهِ، لِأَنَّ الْمُوصِيَ وَصَلَ خَيْرَ دُنْيَاهُ بِخَيْرِ عُقْبَاهُ وَشَرْعًا تَبَرُّعٌ بِحَقٍّ مُضَافٍ وَلَوْ تَقْدِيرًا لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ لَيْسَ بِتَدْبِيرٍ وَلَا تَعْلِيقِ عِتْقٍ وَإِنْ الْتَحَقَا بِهَا حُكْمًا كَالتَّبَرُّعِ الْمُنَجَّزِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ أَوْ الْمُلْحَقِ بِهِ، وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ» أَيْ مَا الْحَزْمُ أَوْ مَا الْمَعْرُوفُ مِنْ الْأَخْلَاقِ إلَّا هَذَا فَقَدْ يَفْجَؤُهُ الْمَوْتُ وَكَخَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ «الْمَحْرُومُ مَنْ حُرِمَ الْوَصِيَّةَ مَنْ مَاتَ عَلَى وَصِيَّةٍ مَاتَ عَلَى سَبِيلٍ وَسُنَّةٍ وَتُقَى وَشَهَادَةٍ وَمَاتَ مَغْفُورًا لَهُ» وَكَانَتْ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ وَاجِبَةً لِلْأَقَارِبِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة: 180] الْآيَةَ ثُمَّ نُسِخَ وُجُوبُهَا بِآيَاتِ الْمَوَارِيثِ وَبَقِيَ اسْتِحْبَابُهَا فِي الثُّلُثِ فَأَقَلَّ لِغَيْرِ الْوَارِثِ لِخَبَرِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ الْآتِي وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوصِيَ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُقَدِّمَ مَنْ لَا يَرِثُ مِنْ قَرَابَتِهِ ثُمَّ يُقَدِّمُ بِالرَّضَاعِ ثُمَّ بِالْمُصَاهَرَةِ ثُمَّ بِالْوَلَاءِ ثُمَّ بِالْجَوَازِ كَالصَّدَقَةِ الْمُنَجَّزَةِ وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ مُوصٍ وَمُوصًى لَهُ وَمُوصًى بِهِ وَصِيغَةٌ وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ: (الْحُرُّ ذُو التَّكْلِيفِ) خَبَرٌ لِقَوْلِهِ (أَهْلُ التَّوْصِيَهْ) أَيْ أَهْلُ الْوَصِيَّةِ حُرٌّ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ وَلَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِفَلَسٍ أَوْ سَفَهٍ أَوْ كَافِرًا وَلَوْ حَرْبِيًّا فَلَا تَصِحُّ وَصِيَّةُ الرَّقِيقِ وَلَوْ مُكَاتَبًا وَإِنْ عَتَقَ ثُمَّ مَاتَ وَلَا غَيْرِ الْمُكَلَّفِ وَلَوْ مُمَيِّزًا وَلَا الْمُكْرَهِ.
وَاغْتَنَى كَأَصْلِهِ عَنْ ذِكْرِ الِاخْتِيَارِ بِمَا
ــ
[حاشية العبادي]
بَابُ الْوَصَايَا) (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَقْدِيرًا) كَمَا فِي أَوْصَيْتُ لِزَيْدٍ بِكَذَا.
(قَوْلُهُ: عَلَى سَبِيلِ) أَيْ عَظِيمِ (قَوْلُهُ حُرٌّ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ) صِحَّةُ وَصِيَّةِ الْمُبَعَّضِ هُوَ مَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ قِيَاسُ كَوْنِهِ يُورَثُ. قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ يَسْتَعْقِبُ الْوَلَاءَ، وَالْمُبَعَّضُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ. اهـ.
وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ إنَّمَا يَثْبُتُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ حِينَئِذٍ حُرٌّ بِكُلِّ حَالٍّ؛ فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَعْتِقْ قَبْلَ الْمَوْتِ فَالرِّقُّ يَزُولُ بِالْمَوْتِ. وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ صِحَّةُ إيلَادِهِ مَعَ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ فِي الْعِتْقِ عَنْ الْإِيلَادِ. وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّ صِحَّةَ وَصِيَّةِ الْمُكَاتَبِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ وَغَيْرِهِ لِمَا ذُكِرَ فِي الْمُبَعَّضِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ مُكَاتَبًا)
ــ
[حاشية الشربيني]
[بَابُ الْوَصَايَا]
قَوْلُهُ وَصَلَ خَيْرَ دُنْيَاهُ إلَخْ) الْعِبَارَةُ مَقْلُوبَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وَصْلُ الْمُتَأَخِّرِ بِالْمُتَقَدِّمِ، وَحِكْمَةُ الْقَلْبِ الِاهْتِمَامُ بِشَأْنِ الْعُقْبَى. اهـ. مِنْ هَامِشٍ
(قَوْلُهُ: كَالتَّبَرُّعِ الْمُنَجَّزِ إلَخْ) أَيْ أَوْ الْمُعَلَّقِ بِصِفَةٍ قُيِّدَتْ بِالْمَرَضِ كَإِنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فِي مَرَضِ مَوْتِي فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ لَمْ تُقَيَّدْ بِهِ، وَوُجِدَتْ فِيهِ بِاخْتِيَارِهِ أَيْ السَّيِّدِ فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مَحْسُوبٌ مِنْ الثُّلُثِ كَذَا فِي الْمَنْهَجِ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ.
(قَوْلُهُ: اسْتِحْبَابُهَا فِي الثُّلُثِ) ، وَتُكْرَهُ بِالزَّائِدِ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَصَدَ حِرْمَانَ الْوَرَثَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِتَوَقُّفِ الزَّائِدِ عَلَى إجَازَتِهِمْ، وَالثُّلُثُ أَبَاحَهُ الشَّارِعُ فَلَا وَجْهَ لِلتَّحْرِيمِ فِي شَيْءٍ مِنْهُمَا. اهـ. حَجَرٌ، وَكَرْخِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَا الْمُكْرَهُ) يُفِيدُ أَنَّهُ مُكَلَّفٌ كَمَا يُفِيدُهُ أَيْضًا قَوْلُهُ وَأَعْتَقَ إلَخْ، وَهُوَ ضَعِيفٌ فِي الْأُصُولِ (قَوْلُهُ لِدُونِ سِتَّةِ
يَأْتِي فِي الطَّلَاقِ وَذِكْرُ التَّكْلِيفِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَاغْتَنَى عَنْهُ الْحَاوِي بِمَا مَرَّ فِي الْحَجْرِ، وَالْوَصِيَّةِ إمَّا (لِجِهَةٍ عَمَّتْ وَلَيْسَتْ مَعْصِيَهْ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قُرْبَةً كَالْأَغْنِيَاءِ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ كَمَا مَرَّ فِي الْوَقْفِ فَلَا تَصِحُّ لِعِمَارَةِ كَنِيسَةٍ تَعَبُّدٌ وَكِتَابَةُ تَوْرَاةٍ وَإِنْجِيلٍ وَإِقْرَائِهِمَا وَلَوْ مِنْ كَافِرٍ (أَوْ فَلِمَوْجُودٍ) بِزِيَادَةِ الْفَاءِ أَيْ أَوْ لِمَوْجُودٍ (مُعَيَّنٍ) عِنْدَ الْوَصِيَّةِ (أَهَلْ لِلْمِلْكِ) بِتَحْرِيكِ الْهَاءِ لِلْوَزْنِ (حِينَ مَاتَ) الْمُوصِي فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْحَمْلِ الْمَوْجُودِ عِنْدَهَا بِأَنْ انْفَصَلَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْهَا وَلَمْ يَزِدْ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ، وَالْمَرْأَةُ خَلِيَّةٌ عَنْ زَوْجٍ وَسَيِّدٍ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وُجُودُهُ يَوْمئِذٍ لِنُدْرَةِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَفِي تَقْدِيرِ الزِّنَا إسَاءَةُ ظَنٍّ وَلَا تَصِحُّ لِحَمْلٍ سَيُوجَدُ أَوْ اُحْتُمِلَ حُدُوثُهُ بَعْدَهَا بِأَنْ انْفَصَلَ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ أَوْ لِدُونِهِ وَفَوْقَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَالْمَرْأَةُ غَيْرُ خَلِيَّةٍ وَلَا لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ كَسَائِرِ التَّمْلِيكَاتِ.
نَعَمْ لَوْ قَالَ أَعْطُوا هَذَا الْعَبْدَ مَثَلًا لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ صَحَّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْمُهَذَّبِ، وَالتَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِمَا تَشْبِيهًا لَهُ بِمَا إذَا قَالَ لِوَكِيلِهِ: بِعْهُ لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ وَلَا لِمَيِّتٍ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْمِلْكِ، وَالْمَوْجُودُ الْمُتَّصِفُ بِمَا ذُكِرَ (كَالْعَبْدِ) لِلْمُوصِي أَوْ لِغَيْرِهِ إذَا (كَمَلْ) أَيْ عَتَقَ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَتَقَعُ الْوَصِيَّةُ لَهُ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُوَ أَهْلٌ لِلْمِلْكِ حِينَئِذٍ فَإِنْ لَمْ يَعْتِقْ كَانَتْ لِمَالِكِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ قَبُولِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ مِلْكًا لِلْمُوصِي وَأَوْصَى لَهُ بِرَقَبَتِهِ أَوْ بِجُزْءٍ مِنْهَا أَوْ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ عَتَقَ الْقَدْرُ الْمُوصَى بِهِ وَسَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ سِوَاهُ وَقَالَ: أَوْصَيْت لَهُ بِثُلُثِ مَالِي نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِهِ وَبَقِيَ بَاقِيهِ رَقِيقًا فَيَكُونُ الثُّلُثُ مِنْ سَائِرِ أَمْوَالِهِ وَصِيَّةً لِمُبَعَّضٍ وَسَأَذْكُرُهَا ثُمَّ مَحَلُّ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْعَبْدِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ تَمْلِيكَهُ فَإِنْ
ــ
[حاشية العبادي]
قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ. اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أَذِنَ لَهُ صَحَّتْ وَصِيَّتُهُ وَإِنْ لَمْ يُعْتَقْ قَبْلَ الْمَوْتِ عَنْ الْكِتَابَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَهُوَ مُحْتَمَلٌ لِصِحَّةِ تَصَرُّفِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَالِكٌ إلَى الْمَوْتِ نَعَمْ إنْ بَطَلَتْ الْكِتَابَةُ قَبْلَ الْمَوْتِ فَالْوَجْهُ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قُرْبَةٌ) عَبَّرَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِقَوْلِهِ أَوْ مُبَاحٍ لَا تَظْهَرُ فِيهِ الْقُرْبَةُ كَالْأَغْنِيَاءِ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْهَا) لَوْ قَالَ مِنْهُ أَيْ الدُّونِ شَمِلَ السِّتَّةَ (قَوْلُهُ: أَيْ عَتَقَ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي) لَوْ عَتَقَ بَعْضُهُ فَلَهُ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِقِسْطِهِ، وَالْبَاقِي لِلسَّيِّدِ قَالَهُ فِي التَّدْرِيبِ تَخْرِيجًا بِرّ (قَوْلُهُ: كَانَتْ لِمَالِكِهِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لِلْوَرَثَةِ فِيمَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ لِلْمُوصِي فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ كَانَ مِلْكًا لِلْمُوصِي إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ كُلُّهُ لِلْمُوصِي وَأَوْصَى لَهُ بِرَقَبَتِهِ أَوْ بَعْضِهَا أَوْ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ فِي الْأُولَى وَفِي الثَّانِيَةِ إنْ كَانَ الْبَعْضُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ، وَالْقَدْرِ الْمُوصَى بِهِ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي اهـ (قَوْلُهُ: وَلَا مَالَ لَهُ)
ــ
[حاشية الشربيني]
أَشْهُرٍ) أَيْ، وَهِيَ فِرَاشٌ.
(قَوْلُهُ: لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) قَالَ حَجَرٌ، وَإِلْحَاقُهُمْ السِّتَّةَ هُنَا بِمَا فَوْقَهَا لَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الطَّلَاقِ، وَالْعِدَدِ مِنْ إلْحَاقِهَا بِمَا دُونَهَا؛ لِأَنَّ الْمَلْحَظَ ثَمَّ الِاحْتِيَاطُ لِلْبُضْعِ، وَهُوَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِتَقْدِيرِ لَحْظَةِ الْعُلُوقِ أَوْ مَعَ الْوَضْعِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُمَا فَنَقَصُوهُمَا مِنْ السِّتَّةِ فَصَارَتْ فِي حُكْمِ مَا دُونَهَا، وَأَمَّا هُنَا فَالْأَصْلُ عَدَمُ الْوُجُودِ، وَعَدَمُ الِاسْتِحْقَاقِ، وَلَا دَاعِيَ لِلِاحْتِيَاطِ، وَذَلِكَ الْغَالِبُ يُمْكِنُ أَنْ لَا يَقَعَ بِأَنْ يُقَارِنَ الْإِنْزَالُ الْعُلُوقَ، وَالْوَضْعَ آخِرَ السِّتَّةِ فَنَظَرُوا لِهَذَا الْإِمْكَانِ، وَأَلْحَقُوا السِّتَّةَ هُنَا بِمَا فَوْقَهَا. اهـ. وَكَتَبَ سم عَلَى قَوْلِهِ، وَالْوَضْعَ آخِرَ السِّتَّةِ قَدْ يُقَالُ إذَا قَارَنَ آخِرَ السِّتَّةِ فَمُدَّةُ الْحَمْلِ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَالِانْفِصَالُ لِمَا دُونَهَا فِيمَ يُفَارِقُ هَذَا قَوْلُهُ السَّابِقُ بِأَنْ انْفَصَلَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ دُونٍ، وَدُونٍ. اهـ. وَفِيهِ أَنَّهُ عَلَى كَلَامِ حَجَرٍ هَذَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مُدَّةُ الْحَمْلِ أَقَلَّ مِنْ سِتَّةٍ بِلَحْظَةِ الْوَضْعِ، وَأَنَّ الِانْفِصَالَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَصِيَّةِ الَّذِي فِي كَلَامِهِمْ فَمَعْنَاهُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ وَقَعَتْ بَعْدَ لَحْظَةِ الْوَطْءِ الَّتِي هِيَ لَحْظَةُ الْعُلُوقِ بِعَيْنِهَا، وَالِانْفِصَالُ وَقَعَ بَعْدَ دُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ابْتِدَاءُ ذَلِكَ الدُّونِ الزَّمَنُ الَّذِي وَقَعَتْ الْوَصِيَّةُ فِيهِ فَإِذَا ضُمَّ إلَيْهِ لَحْظَةُ الْوَطْءِ، وَالْعُلُوقِ الَّتِي وَقَعَتْ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ كَانَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ لَحْظَةَ الْوَطْءِ مُعْتَبَرَةٌ مِنْهَا لِإِمْكَانِ الْمُقَارَنَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلِذَا اقْتَصَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ور م فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ زَمَنٍ يَسَعُ الْوَطْءَ، وَالْوَضْعَ عَلَى قَوْلِهِمَا أَنَّ لَحْظَةَ الْوَطْءِ إنَّمَا اُعْتُبِرَتْ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْعُلُوقَ لَا يُقَارِنُ أَوَّلَ الْمُدَّةِ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِالْمُقَارَنَةِ، وَلَمْ يَذْكُرَا مُقَارَنَةَ الْوَضْعِ لِآخِرِ السِّتَّةِ لِاعْتِبَارِهِمْ لَهَا خَارِجَ السِّتَّةِ فِي قَوْلِهِمْ انْفَصَلَ لِدُونِ سِتَّةٍ؛ لِأَنَّ مَا بَيْنَ زَمَنِ الْوَطْءِ الَّذِي هُوَ زَمَنُ الْعُلُوقِ، وَبَيْنَ الِانْفِصَالِ دُونَ سِتَّةٍ لِخُرُوجِ ذَلِكَ الزَّمَنِ مِنْهُ، وَالِانْفِصَالُ بَعْدَ ذَلِكَ الدُّونِ ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ حَجَرٌ فِي اعْتِبَارِ زَمَنِ الْعُلُوقِ مِنْ السِّتَّةِ يَأْتِي فِي اعْتِبَارِهِ مِنْ الْأَرْبَعِ سِنِينَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ، وَلَمْ تَزِدْ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ أَيْ مِنْهَا لَحْظَةَ الْوَطْءِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْهَا) فِي نُسْخَةٍ إسْقَاطُ " مِنْهَا "، وَفِي أُخْرَى مُعْتَمَدٌ مِنْهُ، وَكِلَاهُمَا حَسَنٌ لِتَنَاوُلِهِ لِلسِّتَّةِ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) الْفَرْقُ أَنَّ هَذَا تَفْوِيضٌ لِلْغَيْرِ، وَهُوَ إنَّمَا يُعْطَى مُعَيَّنًا. اهـ. م ر وَحَجَرٌ (قَوْلُهُ أَيْ عَتَقَ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي) أَيْ بِأَنْ كَانَ عَتِيقًا عِنْدَهُ أَوْ مَعَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَتَقَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، وَقَبْلَ الْقَبُولِ فَإِنَّهَا لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا تُمْلَكُ بِالْمَوْتِ بِشَرْطِ الْقَبُولِ بَعْدَهُ، وَالْعَبْدُ فِي هَذِهِ كَانَ وَقْتَ الْمَوْتِ رَقِيقًا لَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ. اهـ. مِنْ حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَقْصِدْ تَمْلِيكَهُ) بِأَنْ قَصَدَ سَيِّدُهُ أَوْ أَطْلَقَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى لِلدَّابَّةِ وَأَطْلَقَ فَإِنَّهَا بَاطِلَةٌ وَفَارَقَتْ الْعَبْدَ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ بِأَنَّهُ يُخَاطَبُ، وَيَتَأَتَّى قَبُولُهُ، وَقَدْ يُعْتَقُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي بِخِلَافِهَا. اهـ. شَرْحُ م ر، وَفَرَّقَ ق ل بِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ مَنْ يَمْلِكُ دُونَهَا.
(قَوْلُهُ:
قَصَدَهُ.
قَالَ فِي الْمَطْلَبِ لَمْ يَصِحَّ كَنَظِيرِهِ فِي الْوَقْفِ وَفَرَّقَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ هُنَا مُنْتَظَرٌ فَقَدْ يَعْتِقُ فَتَكُونُ لَهُ أَوْ لَا، فَلِمَالِكِهِ بِخِلَافِهِ ثَمَّةَ فَإِنَّهُ نَاجِزٌ وَلَيْسَ الْعَبْدُ أَهْلًا لِلْمِلْكِ وَقَضِيَّةُ فَرْقِهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: وَقَفْتُ هَذَا عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى عَبْدِ فُلَانٍ وَقَصَدَ تَمْلِيكَهُ لَهُ صَحَّ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ مُنْتَظَرٌ وَيُقَيَّدُ كَلَامُهُمْ بِالْوَقْفِ عَلَى الطَّبَقَةِ الْأُولَى وَهُوَ مُتَّجَهٌ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ لِأَجْنَبِيٍّ فَتَكُونُ لَهُمَا إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ وَإِلَّا فَهِيَ لِذِي النَّوْبَةِ فِي يَوْمِ مَوْتِ الْمُوصِي وَتَصِحُّ لِمُكَاتَبِهِ وَمُكَاتَبِ غَيْرِهِ لِاسْتِقْلَالِهِ ثُمَّ إنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ كَانَتْ لِمَالِكِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ تَصَرُّفِ الْعَبْدِ أَنَّهُ يَجُوزُ قَبُولُهُ الْوَصِيَّةَ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ وَلَا تُرَدُّ بِرَدِّ الْمَالِكِ
(وَ) مِثْلُ (دَابَّةٍ يَشْرِطُ) الْمُوصِي أَوْ يَنْوِي (صَرْفًا) لِلْمُوصَى بِهِ (فِي الْعَلَفْ) لَهَا لِأَنَّ عَلَفَهَا عَلَى مَالِكِهَا فَهُوَ الْمَقْصُودُ بِالْوَصِيَّةِ فَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ كَمَا سَيَأْتِي.
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَيَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ إلَى عَلَفِ الدَّابَّةِ رِعَايَةً لِغَرَضِ الْمُوصِي فَعَلَيْهِ يَتَوَلَّى الصَّرْفَ الْوَصِيُّ ثُمَّ الْحَاكِمُ كَمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ الْوَصِيُّ ثُمَّ حَاكِمٌ صَرَفْ) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لَهَا صَرَفَ لَهَا الْوَصِيُّ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ مِنْ مَالِكٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيٌّ فَالْحَاكِمُ كَذَلِكَ وَقَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: الْأَقْوَى أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ إلَيْهَا بَلْ لِمَالِكِهَا أَنْ يُمْسِكَهُ وَيُنْفِقَ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِهِ اهـ.، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ لِأَنَّ غَرَضَهُ الصَّرْفُ إلَى الْعَلَفِ بِقَرِينَةِ الشَّرْطِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ لِيَدْخُلَ بِهَا الْحَمَّامَ أَوْ لِيَبْتَاعَ لَهُ بِهَا عِمَامَةً أَوْ نَحْوَهَا وَكَانَ غَرَضُهُ تَحْصِيلُ مَا عَيَّنَهُ لِمَا رَآهُ مِنْ الِاحْتِيَاجِ إلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ صَرْفُهَا إلَى مَا عَيَّنَهُ عَلَى الصَّحِيحِ الْمُخْتَارِ فِي الرَّوْضَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعْطَاهَا لَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّبَسُّطِ الْمُعْتَادِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ أَعْطَاهَا لِلشَّاهِدِ لِيَرْكَبَ بِهَا فِي مُضِيِّهِ لِلشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمَرْكُوبِ فَلَهُ التَّصَرُّفُ فِيهَا كَيْفَ شَاءَ وَلَوْ انْتَقَلَ مِلْكُ الدَّابَّةِ إلَى غَيْرِهِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَقِيَاسُ كَوْنِ الْوَصِيَّةِ لِلْمَالِكِ اخْتِصَاصُهَا بِالْأَوَّلِ قَالَ النَّوَوِيُّ: بَلْ قِيَاسُهُ اخْتِصَاصُهَا بِالثَّانِي كَمَا فِي الْعَبْدِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ الْحَقُّ إنْ انْتَقَلَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ وَإِلَّا فَالْحَقُّ الْأَوَّلُ وَهُوَ قِيَاسُ الْعَبْدِ فِي التَّقْدِيرَيْنِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ النَّوَوِيَّ قَائِلٌ بِأَنَّهَا لِلثَّانِي مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الدَّابَّةَ يَتَعَيَّنُ الصَّرْفُ لَهَا بِخِلَافِ الْعَبْدِ لَكِنَّ قَوْلَهُ كَمَا فِي الْعَبْدِ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَائِلٌ بِالتَّفْصِيلِ أَمَّا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ
ــ
[حاشية العبادي]
لِلْجَمِيعِ رَاجِعٌ (قَوْلُهُ: أَوَّلًا فَلِمَالِكِهِ) رَدَّ هَذَا شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَاعْتَمَدَ بُطْلَانَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا لَمْ يُعْتَقْ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي وَكَانَ وَجْهُهُ إنْ قَصَدَ التَّمْلِيكَ صَرَفَهَا عَنْ سَيِّدِهِ مُطْلَقًا فَلْيُتَأَمَّلْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْوَقْفِ إذَا مَاتَ زَيْدٌ وَلَمْ يُعْتَقْ الْعَبْدُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: كَانَتْ لِمَالِكِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ) فَهِيَ لِلْوَارِثِ فِي الْأُولَى فَلْيُتَأَمَّلْ فِي ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: ثُمَّ الْوَصِيُّ ثُمَّ حَاكِمٌ صَرَفَ) وَلَوْ مَاتَتْ كَانَ مَا بَقِيَ لِمَالِكِهَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعْطَاهَا عَلَى سَبِيلِ التَّبَسُّطِ الْمُعْتَادِ) قِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ هُنَا لَوْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ خُصُوصَ الْعَلْفِ كَانَ لِمَالِكِهَا إمْسَاكُهُ وَإِنْفَاقُهَا مِنْ غَيْرِهِ وَقَدْ يُقَالُ إذَا لَمْ يُرِدْ خُصُوصَ الْعَلَفِ فَهُوَ مُطْلَقٌ أَوْ فِي مَعْنَاهُ فَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ فَلْيُحَرَّرْ.
(قَوْلُهُ: يَقْتَضِي أَنَّهُ قَائِلٌ بِالتَّفْصِيلِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَعَلَيْهِ لَوْ قَبِلَ الْبَائِعُ ثُمَّ بَاعَ الدَّابَّةَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ صَرْفُ ذَلِكَ لِعَلَفِهَا وَإِنْ صَارَتْ مِلْكَ غَيْرِهِ اهـ أَيْ فَلَوْ مَاتَتْ كَانَ مَا بَقِيَ لِلْبَائِعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَوَجْهُ لُزُومِ الصَّرْفِ فِي عَلَفِهَا وَإِنْ صَارَتْ مِلْكَ غَيْرِهِ أَنَّ تَمْلِيكَهُ مَشْرُوطٌ بِالصَّرْفِ فِي هَذِهِ الْجِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ أَيْ مَا دَامَتْ مَوْجُودَةً وَلَا إشْكَالَ فِي كَلَامِ الشَّرْحِ هَذَا خِلَافًا لِمَا ظَنَّهُ شَيْخُنَا الْبُرُلُّسِيُّ فَإِنَّ الشَّارِحَ دَفَعَ بِهَذَا مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الدَّابَّةَ بَعْدَ الْقَبُولِ لَمْ يَجِبْ صَرْفُهُ لَهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ
ــ
[حاشية الشربيني]
فِي الْوَقْفِ) أَيْ بِهَذَا الْقَصْدِ. اهـ. حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ، وَقْتَ وُجُودِهِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، وَكَوْنُهُ حَالًّا أَوْ مَآلًا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ.
(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ فَرْقِهِ إلَخْ) اسْتَوْجَهَ م ر هَذِهِ الْقَضِيَّةَ قَالَ ع ش لَكِنَّهُ خَالَفَ لِمَا فِي الْوَقْفِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَقَفْت عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَلَى الْعَبْدِ نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ كَانَ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ إلَّا أَنْ يُقَيِّدَ مَا فِي الْوَقْفِ بِمَا إذَا اسْتَمَرَّ رِقُّهُ. اهـ. ع ش، وَفِيهِ أَنَّهُ إذَا اسْتَمَرَّ رِقُّهُ هُنَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِمَالِكِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْوَقْفِ عَلَى هَذَا إذْ لَوْ كَانَ لِمَالِكِهِ لَمْ يَكُنْ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَقَصَدَ تَمْلِيكَهُ) بِأَنْ وَقَفَ عَلَى الْعَبْدِ نَفْسِهِ
(قَوْلُهُ: اخْتِصَاصُهَا) أَيْ اخْتِصَاصُ صَرْفِهَا لِلدَّابَّةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إذَا انْتَقَلَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ فَالْمُنْتَقَلُ إلَيْهِ هُوَ الْقَابِلُ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ عِنْدَ الْمَوْتِ أَوْ مَعَ الْمَوْتِ أَوْ بَعْدَهُ فَالْمَالِكُ لِلْبَائِعِ، وَهُوَ الْقَابِلُ، وَإِنْ لَزِمَهُ الصَّرْفُ لِعَلْفِهَا، وَفَائِدَةُ الْمِلْكِ حِينَئِذٍ أَنَّهَا لَوْ مَاتَتْ كَانَ الْفَاضِلُ لِلْبَائِعِ لَا لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَلَا يَقْبَلُهَا الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فَلَا أَهْلِيَّةَ فِيهِ لِلْقَبُولِ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْحَقُّ الْأَوَّلُ) ، وَلَوْ كَانَ الِانْتِقَالُ قَبْلَ الْقَبُولِ، وَعِبَارَةُ سم عَلَى التُّحْفَةِ لَوْ انْتَقَلَتْ عَنْ مَالِكِهَا عِنْدَ الْمَوْتِ إلَى غَيْرِهِ قَبْلَ الْقَبُولِ فَالْوَجْهُ أَنَّ الْمُشْتَرَطَ قَبُولُهُ هُوَ مَالِكُهَا عِنْدَ الْمَوْتِ، وَإِنْ انْتَقَلَتْ عَنْ مِلْكِهِ أَخْذًا مِمَّا اعْتَمَدَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مِنْ أَنَّهَا لَوْ بِيعَتْ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ بَعْدَهُ كَانَتْ لِلْبَائِعِ ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى التَّفْصِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَبِلَ الْبَائِعُ ثُمَّ بَاعَ الدَّابَّةَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ صَرْفُ ذَلِكَ لِعَلَفِهَا، وَإِنْ صَارَتْ مِلْكَ غَيْرِهِ. اهـ.، وَقَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهُ الظَّاهِرُ أَوْ مَعَهُ أَيْضًا كَمَا مَرَّ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ
(قَوْلُهُ: يَتَعَيَّنُ الصَّرْفُ لَهَا إلَخْ)
الصَّرْفَ فِي عَلَفِهَا وَلَمْ يَنْوِهِ بِأَنْ قَصَدَ تَمْلِيكهَا أَوْ أَطْلَقَ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ لِأَنَّ مُطْلَقَ اللَّفْظِ لِلدَّابَّةِ وَهِيَ لَا تَمْلِكُ وَفَارَقَتْ الْعَبْدَ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ بِأَنَّهُ يُخَاطَبُ وَيَتَأَتَّى قَبُولُهُ وَقَدْ يَعْتِقُ بِخِلَافِهَا وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ مَالِكَهَا صَحَّتْ مُطْلَقًا
(وَ) مِثْلُ (مَسْجِدٍ) وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِالصَّرْفِ فِي عِمَارَتِهِ وَمَصَالِحِهِ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَحْمِلُهُ عَلَى ذَلِكَ وَيَصْرِفُهُ قِيمَةً فِي أَهَمِّهَا بِاجْتِهَادِهِ وَسَوَاءٌ قَصَدَ تَمْلِيكَهُ أَمْ لَا لِأَنَّ لَهُ مِلْكًا وَعَلَيْهِ وَقْفًا (وَ) مِثْلُ (قَاتِلٍ) وَلَوْ تَعَدِّيًا بِأَنْ أَوْصَى لِجَارِحِهِ ثُمَّ مَاتَ بِالْجُرْحِ أَوْ لِإِنْسَانِ فَقَتَلَهُ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ وَلِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ بِصِيغَةٍ كَالْهِبَةِ بِخِلَافِ الْإِرْثِ وَأَمَّا خَبَرُ «لَيْسَ لِلْقَاتِلِ وَصِيَّةٌ» فَضَعِيفٌ وَلَوْ صَحَّ حُمِلَ عَلَى وَصِيَّتِهِ لِمَنْ يَقْتُلُهُ فَإِنَّهَا بَاطِلَةٌ لِأَنَّهَا مَعْصِيَةٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا صِحَّةُ وَصِيَّةِ الْحَرْبِيِّ لِمَنْ يَقْتُلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمِنْ الْوَصِيَّةِ لِلْقَائِلِ الْوَصِيَّةُ لِعَبْدِهِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُ وَصِيَّةٌ لِمَالِكِهِ وَتَسْمِيَةُ الْوَصِيَّةِ فِيمَا ذُكِرَ وَصِيَّةً لِقَاتِلٍ بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ مِنْ كَوْنِهِ يَصِيرُ قَاتِلًا أَوْ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَمَّا كَانَتْ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْقَبُولِ بَعْدَ الْمَوْتِ كَانَتْ إذْ ذَاكَ وَصِيَّةً لِقَاتِلٍ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ
(وَ) مِثْلُ (نَاكِثٍ لِلدِّينِ) أَيْ مُرْتَدٍّ (أَوْ مُحَارِبٍ) أَيْ حَرْبِيٍّ فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا كَالذِّمِّيِّ وَيُخَالِفُ الْوَقْفَ فَإِنَّهُ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ فَاعْتُبِرَ فِي الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الدَّوَامُ وَلِأَنَّ مَعْنَى التَّمْلِيكِ هُنَا أَظْهَرُ وَمَحَلُّ صِحَّتِهَا لِلْمُرْتَدِّ إذَا لَمْ يَمُتْ عَلَى رِدَّتِهِ وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِكَافِرٍ بِمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لَهُ، وَالْكَلَامُ فِي الْمُرْتَدِّ، وَالْحَرْبِيِّ الْمُعَيَّنَيْنِ بِقَرِينَةِ مَا تَقَرَّرَ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِأَهْلِ الرِّدَّةِ، وَالْحَرْبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ سُرَاقَةَ وَغَيْرُهُ
(أَوْ وَارِثِ) فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ (لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يُجِيزُوا) أَيْ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ لَهُ وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِدُونِ الثُّلُثِ لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرِهِ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ» قَالَ الذَّهَبِيُّ: إنَّهُ صَالِحُ الْإِسْنَادِ لَكِنْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إنَّ عَطَاءً غَيْرَ قَوِيٍّ وَلَمْ يُدْرِكْ ابْنُ عَبَّاسٍ أَمَّا إذَا رَدُّوا فَلَا تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ.
وَقَوْلُهُ (بَعْدَ أَنْ يَمُوتَ) أَيْ الْمُوصِي تَنَازَعَهُ وَارِثٌ وَيُجِيزُوا فَلَوْ أَوْصَى لِوَارِثٍ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ حُجِبَ لَمْ يُفْتَقَرْ إلَى الْإِجَازَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ افْتَقَرَ إلَيْهَا وَلَوْ أَجَازُوا قَبْلَ الْمَوْتِ فَلَهُمْ الرَّدُّ بَعْدَهُ وَبِالْعَكْسِ إذْ لَا حَقَّ قَبْلَهُ لِلْمُوصَى لَهُ (كَالزَّائِدِ) أَيْ كَمَا تَصِحُّ الْوَصِيَّة لِغَيْرِ الْوَارِثِ بِالزَّائِدِ (عَنْ ثُلْثٍ) أَيْ ثُلُثِ التَّرِكَةِ بِشَرْطِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنْ رَدُّوا بَطَلَتْ فِيهِ لِأَنَّهُ حَقُّهُمْ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُوصِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ: جَاءَنِي رَسُولُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: صَحَّتْ مُطْلَقًا) قَصَدَ تَمْلِيكَهُ أَوْ لَا
(قَوْلُهُ: لِمَنْ يَقْتُلُهُ) كَأَنْ قَالَ أَوْصَيْت لِمَنْ يَقْتُلُنِي تَعَدِّيًا
(قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَمُتْ عَلَى رِدَّتِهِ) لَكِنْ لَوْ لَمْ يُسْلَمْ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَيَنْبَغِي وَقْفُ الْمِلْكِ وَإِلَّا فَكَيْفَ يُحْكَمُ لَهُ بِالْمِلْكِ مَعَ وَقْفِ الْمِلْكِ فِي أَمْوَالِهِ الْأَصْلِيَّةِ (قَوْلُهُ لِأَهْلِ الرِّدَّةِ، وَالْحَرْبِ) وَلَا لِمَنْ يُحَارِبُ أَوْ يَرْتَدُّ وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لِهَذَا الْمُرْتَدِّ أَوْ الْمُحَارِبِ بِكَذَا
ــ
[حاشية الشربيني]
لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْعَبْدَ يَتَأَتَّى مِنْهُ الْمِلْكُ فَيَنُوبُ عَنْهُ السَّيِّدُ فِيهِ، وَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ صَرْفُ مِلْكٍ مُعَيَّنٍ لِنَفَقَتِهِ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ الْمِلْكُ حَتَّى يَنْتَقِلَ عَنْهَا لِلسَّيِّدِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الصَّرْفُ فِي نَفَقَتِهِ، وَلَوْ قَصَدَ الْمُوصِي الصَّرْفَ فِيهَا فَلْيُحَرَّرْ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي النَّاشِرِيِّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ لِلْعَبْدِ حَيْثُ لَا يَتَعَيَّنُ صَرْفٌ إلَيْهِ، وَبَيْنَ الدَّابَّةِ حَيْثُ يَتَعَيَّنُ الصَّرْفُ إلَى عَلَفِهَا أَنَّ الْعَبْدَ مُتَأَهِّلٌ لِلْإِضَافَةِ إلَيْهِ، وَسَبَبُ الْمِلْكِ جَارٍ فِي حَقِّهِ، وَإِنَّمَا السَّيِّدُ يَتَلَقَّى الْمِلْكَ عَنْهُ لِامْتِنَاعِهِ قَرَارَهُ عَلَيْهِ بِالرِّقِّ فَإِذَا تَلَقَّى الْمِلْكَ عَنْهُ تَخَيَّرَ فِيهِ عَلَى حَسَبِ إرَادَتِهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ فِي حَقِّ الدَّابَّةِ أَصْلًا اهـ، وَهُوَ مَا قُلْنَاهُ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ يُخَاطِبُ) أَيْ فَعِنْدَ رُجُوعِ الْوَصِيَّةِ إلَيْهِ حَالَةَ عَدَمِ قَصْدِ الْمَالِكِ يَكُونُ الْمَحَلُّ قَابِلًا بِخِلَافِ الدَّابَّةِ
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ مَسْجِدٍ) حَاصِلُ مَا يُؤْخَذُ مِنْ م ر وع ش وَالرَّشِيدِيُّ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْوَصِيَّةِ لِمَصَالِحِ نَحْوِ الْمَسْجِدِ، وَمِنْهَا التَّرْمِيمُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ، وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ إلَّا تَبَعًا كَالْوَقْفِ ثُمَّ إذَا حَصَلَ التَّرْمِيمُ، وَالْبِنَاءُ لَمْ تَجِبْ صِيغَةٌ لِذَلِكَ الْبِنَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِعِمَارَةِ مَسْجِدٍ إنْشَاءً فَلَا بُدَّ بَعْدَ شِرَاءِ قِطْعَةِ أَرْضٍ، وَبِنَائِهَا مِنْ صِيغَةِ وَقْفٍ مِنْ الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ رَاجِعْهُ تَكُنْ عَلَى بَصِيرَةٍ قَالَ ع ش، وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ الصَّرْفُ بِنَفْسِهِ بَلْ يَدْفَعُهُ لِلنَّاظِرِ أَوْ لِمَنْ أَقَامَهُ النَّاظِرُ فَلَوْ كَانَ الْمَسْجِدُ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لِمَا أَوْصَى بِهِ حَالًّا حُفِظَ إلَى الِاحْتِيَاجِ فَإِنْ لَمْ يُتَوَقَّعْ كَأَنْ كَانَ مُحْكَمَ الْبِنَاءِ، وَالْوَصِيَّةُ بِالتَّرْمِيمِ بَطَلَتْ، وَرَجَعَتْ لِلْوَرَثَةِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ لِمَصَالِحِهِ فَتُصْرَفُ لِمَنْ ذُكِرَ لِيَصْرِفَهَا فِي الْأَهَمِّ، وَالْأَصْلَحِ، وَمِنْهُ أَنْ يَصْنَعَ بِهَا طَعَامًا لِلْخَدَمَةِ. اهـ. بِتَصَرُّفٍ
(قَوْلُهُ: فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا كَالذِّمِّيِّ) أَيْ بِأَنْ ذَكَرَ اسْمَ هَؤُلَاءِ فَقَطْ فَإِنْ ذَكَرَ مَعَهُ أَوْصَافَهُمْ بِأَنْ قَالَ لِفُلَانٍ الذِّمِّيِّ أَوْ الْحَرْبِيِّ أَوْ الْمُرْتَدِّ قَالَ ق ل تَصِحُّ، وَضَعَّفَهُ ع ش؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالْمُشْتَقِّ يُؤْذِنُ بِالْعِلِّيَّةِ فَهُوَ كَأَوْصَيْتُ لِلذِّمِّيِّينَ أَوْ الْحَرْبِيِّينَ أَوْ الْمُرْتَدِّينَ، وَبِهَامِشٍ أَنَّهُ إنْ لَاحَظَ أَنَّ الْوَصْفَ هُوَ الْحَامِلُ لَمْ تَصِحَّ، وَإِلَّا صَحَّتْ. اهـ. وَهُوَ مُتَّجَهٌ
(قَوْلُهُ: بِأَكْثَرَ) ، وَالْمُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ، وَلَوْ كَانَ عِنْدَ الْمَوْتِ قَلِيلًا عَنْ الثُّلُثِ سم عَلَى التُّحْفَةِ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعُودُنِي عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ بَلَغَ بِي مِنْ الْوَجَعِ مَا تَرَى وَأَنَا ذُو مَالٍ وَلَا يَرِثُنِي إلَّا ابْنَةٌ أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي قَالَ: لَا قُلْت فَالشَّطْرُ قَالَ: لَا» قُلْت فَالثُّلُثُ قَالَ: الثُّلُثُ، وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ أَوَكَبِيرٌ، وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ.
قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَغَيْرُهُ مَكْرُوهَةٌ وَالْقَاضِي وَغَيْرُهُ مُحَرَّمَةٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ الثُّلُثِ شَيْئًا وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ وَرَثَتُهُ فُقَرَاءَ وَإِلَّا فَيُسْتَحَبُّ اسْتِيعَابُ الثُّلُثِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَجَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَنَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَالْعِبْرَةُ بِكَوْنِ الْمُوصَى بِهِ زَائِدًا أَوْ غَيْرَ زَائِدٍ (إذَنْ) أَيْ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا عِنْدَ الْوَصِيَّةِ فَلَوْ أَوْصَى بِقَدْرِ الثُّلُثِ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ وَلَمْ يَفِ بِهِ الثُّلُثُ عِنْدَ مَوْتِهِ افْتَقَرَ إلَى الْإِجَازَةِ فِي الزَّائِدِ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ وَوَفَّى بِهِ الثُّلُثُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَفْتَقِرْ إلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ خَاصٌّ فَالْوَصِيَّةُ بِالزَّائِدِ بَاطِلَةٌ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا مُجِيزَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَيَنْبَغِي لِلْوَارِثِ أَنْ يَعْرِفَ قَدْرَ التَّرِكَةِ، وَالزَّائِدَ عَلَى الثُّلُثِ فَإِنْ جَهِلَ أَحَدَهُمَا وَأَجَازَ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ أَجَازَ وَقَالَ: اعْتَقَدْت قِلَّةَ التَّرِكَةِ وَقَدْ بَانَ خِلَافُهُ حَلَفَ وَتَنْفُذُ فِيمَا كَانَ يَتَحَقَّقُهُ وَلَوْ أَقَامَ الْمُوصَى لَهُ بَيِّنَةً بِعِلْمِهِ بِقَدْرِهَا عِنْدَ الْإِجَازَةِ لَزِمَتْ وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِمُعَيَّنٍ كَعَبْدٍ فَأَجَازَ ثُمَّ قَالَ: ظَنَنْت كَثْرَتَهَا وَأَنَّ الْعَبْدَ خَارِجٌ مِنْ ثُلُثِهَا فَبَانَ قِلَّتُهَا أَوْ تَلِفَ بَعْضُهَا أَوْ دَيْنٌ عَلَى الْمَيِّتِ فَقَوْلَانِ أَحَدُهُمَا يَحْلِفُ وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الثُّلُثُ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ بِالْمُشَاعِ. وَالثَّانِي صِحَّةُ الْإِجَازَةِ وَعَدَمُ قَبُولِ قَوْلِهِ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَعْلُومٌ، وَالْجَهَالَةُ فِي غَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ
(وَلَوْ) كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ (بِعَيْنٍ قَدْرَ حَظِّهِ) مِنْ التَّرِكَةِ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ بَنِينَ وَثَلَاثُ دُورٍ، قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِائَةٌ وَأَوْصَى لِكُلٍّ بِوَاحِدَةٍ فَإِنَّمَا تَصِحُّ بِشَرْطِ الْإِجَازَةِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي الْأَعْيَانِ وَمَنَافِعِهَا (وَإِنْ صُحِّحَ عَنْهُ بَيْعُهَا) أَيْ لَا بُدَّ مِنْ الْإِجَازَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِنْ صَحَّ بَيْعُ الْعَيْنِ مِنْ الْوَارِثِ بِغَيْرِ إجَازَةٍ (وَ) الْحَالَةُ أَنَّ مُوَرِّثَهُ (مَا غُبِنْ) فِي بَيْعِهَا إذْ لَا تَبَرُّعَ فِيهِ.
(وَهِيَ) أَيْ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ (بِقَدْرِ الْحَظِّ) لَهُ مِنْ التَّرِكَةِ مُشَاعًا كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ بَنِينَ وَأَوْصَى لِكُلٍّ مِنْهُمْ بِثُلُثِ مَالِهِ (لَغْوٌ) لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِلَا وَصِيَّةٍ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَفَ مَا يُخْرِجُ مِنْ ثُلُثِهِ عَلَى وَرَثَتِهِ بِقَدْرِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ وَرَثَتُهُ فُقَرَاءَ) الْمُعْتَمَدُ اسْتِحْبَابُ النَّقْصِ مُطْلَقًا م ر.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ جَهِلَ أَحَدَهُمَا إلَخْ) قَدْ يُسْتَشْكَلُ جَهْلُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ بِنَاءً عَلَى تَوَهُّمِ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَحَدَهُمَا عَلِمَ الْآخَرَ وَلَا إشْكَالَ فَمِنْ صُوَرِ جَهْلِ الزَّائِدِ فَقَطْ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ التَّرِكَةَ مِائَةٌ وَأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِهَذَا الْمُعَيَّنِ وَأَنَّهُ زَائِدٌ وَلَا يَعْلَمُ عَدَدَهُ وَمِنْ صُوَرِ جَهْلِ التَّرِكَةِ فَقَطْ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِهَذَا الْمُعَيَّنِ وَأَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى الثُّلُثِ عَشَرَةً وَلَا يَعْلَمَ قَدْرَ الْمَجْمُوعِ مِنْ الثُّلُثِ، وَالزَّائِدِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَعْلُومٌ) أَيْ أَثَرٌ لِعِلْمِهِ مَعَ الْجَهْلِ بِالتَّرِكَةِ الَّتِي شَرَطَ مَعْرِفَةَ قَدْرِهَا
ــ
[حاشية الشربيني]
وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْكَرَاهَةِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْإِجَازَةِ، وَعَدَمِهَا فَالْعِبْرَةُ بِمَا عِنْدَ الْمَوْتِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ مَكْرُوهٌ) مُعْتَمَدٌ، وَلَوْ قَصَدَ حِرْمَانَ الْوَرَثَةِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى الْإِجَازَةِ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِالزَّائِدِ مَعَ الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الزِّيَادَةِ لِأَمْرٍ لَازِمٍ، وَهُوَ التَّفْوِيتُ عَلَى الْوَرَثَةِ لَكِنَّهُ لَازِمٌ أَعَمُّ لِحُصُولِ التَّفْوِيتِ بِغَيْرِ الْوَصِيَّةِ، وَالنَّهْيُ لِلَّازِمِ الْأَعَمِّ لَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ. اهـ. سم فِي الْآيَاتِ وَقَالَ فِي التُّحْفَةِ إنَّ الْوَصِيَّةَ بِالزَّائِدِ هُنَا وَقَعَتْ تَابِعَةً لِلْوَصِيَّةِ بِالْأَصْلِ الَّتِي هِيَ غَيْرُ مَكْرُوهَةٍ، وَيُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ. اهـ. كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ، وَلَمْ أَجِدْهُ فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ
(قَوْلُهُ: وَالْعِبْرَةُ بِكَوْنِ الْمُوصَى بِهِ زَائِدًا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَشَرْحِهِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ فَرْعٌ يُعْتَبَرُ لِمَعْرِفَةِ الثُّلُثِ فِيمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ يَوْمَ الْمَوْتِ أَيْ قِيمَتِهِ فِيهِ لِأَنَّهُ وَقْتَ الِاسْتِحْقَاقِ، وَفِيمَنْ نَجَّزَ عِتْقَهُ فِي الْمَرَضِ يَوْمَ الْعِتْقِ أَيْ قِيمَتَهُ فِيهِ لِذَلِكَ، وَفِيمَا يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ أَقَلُّ قِيمَةً مِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ إلَى أَنْ يَقْبِضُوا التَّرِكَةَ فَإِذَا أَعْتَقَ عَبْدًا عِتْقًا مُنَجَّزًا، وَأَوْصَى بِعِتْقِ آخَرَ قَوَّمْنَا كُلًّا مِنْهُمَا وَقْتَهُ فَيُقَوَّمُ الْمُنَجَّزُ وَقْتَ الْإِعْتَاقِ، وَالْآخَرُ وَقْتَ الْمَوْتِ، وَيُقَوَّمُ مَا يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ بِأَقَلَّ قِيمَةً مِنْ الْمَوْتِ إلَى الْقَبْضِ فَإِنْ خَرَجَا مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَا، وَإِلَّا فَالْمُنَجَّزُ إنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ مَا خَرَجَ مِنْهُ إنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ إلَّا قَدْرُهُ فَإِنْ زَادَ الثُّلُثُ عَلَى الْمُنَجَّزِ عَتَقَ مَعَ الْمُنَجَّزِ مِنْ الْآخَرِ الزَّائِدِ. اهـ. سُجَاعِيٌّ عَلَى الْخَطِيبِ. اهـ. مِنْ خَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ، وَقَوْلُهُ أَقَلُّ قِيمَةً إلَخْ أَيْ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى يَوْمِ الْمَوْتِ فِي مِلْكِهِ، وَالنَّقْصُ عَنْ يَوْمِ الْقَبْضِ لَمْ يَدْخُلْ فِي أَيْدِيهِمْ فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِمْ. اهـ. سَبْط طب ثُمَّ رَأَيْتُ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي الشَّرْحِ فِيمَا سَيَأْتِي
(قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي لِلْوَارِثِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي م ر أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ إجَازَةِ مَا يُتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ مَعْرِفَةُ الْمُجِيزِ قَدْرَ الْمُجَازِ مِنْ التَّرِكَةِ إنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِمُشَاعٍ، وَعَيَّنَهُ إنْ كَانَتْ بِمُعَيَّنٍ فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ إنَّمَا أَجَازَ لِظَنِّ عَدَمِ الْمُشَارِكِ، وَقَدْ ظَهَرَ بَطَلَتْ الْإِجَازَةُ فِيمَا يَخُصُّ شَرِيكَهُ وَنِصْفَ مَا يَخُصُّهُ أَوْ لِظَنِّ كَثْرَةِ التَّرِكَةِ، وَقَدْ بَانَ قِلَّتُهَا صُدِّقَ إنْ كَانَتْ بِمُشَاعٍ دُونَ مَا إذَا كَانَتْ بِمُعَيَّنٍ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إلَّا مَعْرِفَةُ الْعَيْنِ، وَيَبْعُدُ عَدَمُ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهَا اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعَبْدَ مَعْلُومٌ إلَخْ) ، وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: مَا يَخْرُجُ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ فَلَهُمْ إبْطَالُ الزَّائِدِ إذْ لَيْسَ لَهُ تَفْوِيتُهُ عَلَيْهِمْ فَإِنْ أَجَازُوا لَزِمَ الْوَقْفُ فَإِنْ وَقَفَهُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ، وَكَانَ ابْنًا
حُظُوظِهِمْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةٍ فِي الْأَصَحِّ (مُهْمَلُ) مُؤَكِّدٌ لِلَّغْوِ وَإِنَّمَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ (بِكُلِّ مَقْصُودٍ) لِلِانْتِفَاعِ بِهِ شَرْعًا مِنْ عَيْنٍ وَمَنْفَعَةِ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ حَالَ الْوَصِيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي فَمَا لَا يُقْصَدُ لِذَلِكَ كَدَمٍ وَكَلْبٍ عَقُورٍ وَخِنْزِيرٍ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ (لِنَقْلٍ يُقْبَلُ) أَيْ مَقْصُودٍ يَقْبَلُ النَّقْلَ مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِمَا لَا يَقْبَلْهُ كَأُمِّ وَلَدٍ وَحَقِّ شُفْعَةٍ وَخِيَارٍ وَكَحَدِّ قَذْفٍ وَقِصَاصٍ كَمَا ذَكَرَهُمَا بِقَوْلِهِ (لَا حَدِّ) أَيْ لَا بِحَدِّ (قَذْفٍ وَ) لَا (قِصَاصٍ) وَإِنْ قَبِلَا الِانْتِقَالَ بِالْإِرْثِ لِأَنَّهُمَا لَا يَقْبَلَانِ النَّقْلَ وَلِأَنَّهُمَا شُرِعَا لِلتَّشَفِّي وَلَيْسَ الْمُوصَى لَهُ فِيهِ كَالْوَارِثِ نَعَمْ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْقِصَاصِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَالْعَفْوُ عَنْهُ فِي الْفَرْضِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَحَكَاهُ عَنْ تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَمِثْلُهُ حَدُّ الْقَذْفِ، وَالْوَصِيَّةُ بِالْمُكَاتَبِ كَالْوَصِيَّةِ بِمَالِ الْغَيْرِ وَسَيَأْتِي
(وَاحْتَمَلْ) فِي الْوَصِيَّةِ (إبْهَامَهُ) أَيْ الْمَقْصُودِ الْقَابِلِ لِلنَّقْلِ كَأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ وَيُعَيِّنُهُ الْوَارِثُ لِأَنَّ الْإِبْهَامَ مُحْتَمَلٌ فِي الْوَصِيَّةِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْطَى الْعَبْدَ ثُلُثَ مَالِهِ فِي آخِرِ عُمْرِهِ وَقَدْ لَا يُعْرَفُ حِينَئِذٍ ثُلُثُ مَالِهِ لِكَثْرَتِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى الْوَصِيَّةِ بِالْمُبْهَمِ وَمَثَّلَ لِلْمَقْصُودِ بِأَمْثِلَةٍ فَقَالَ: (كَالْحَمْلِ قَبْلَ أَنْ حَصَلْ) فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا جُوِّزَتْ رِفْقًا بِالنَّاسِ فَاحْتُمِلَ فِيهَا وُجُوهٌ مِنْ الْغَرَرِ ثُمَّ إنْ أَوْصَى بِمَا تَحْمِلُهُ هَذَا الْعَامَ أَوْ كُلَّ عَامٍ فَذَاكَ وَإِنْ أَطْلَقَ فَقَالَ: أَوْصَيْت بِمَا تَحْمِلُهُ فَهَلْ يَعُمُّ كُلَّ عَامٍ أَوْ يَخْتَصُّ بِالْعَامِ الْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: الظَّاهِرُ الْعُمُومُ وَإِذَا صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِالْحَمْلِ الْمَعْدُومِ فَبِمَا لِمَوْجُودٍ أَوْلَى لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَنْفَصِلَ حَيًّا لِوَقْتٍ يُعْلَمُ وُجُودُهُ عِنْدَهَا أَوْ يَنْفَصِلَ حَمْلُ الْأَمَةِ مَضْمُونًا بِجِنَايَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى لِحَمْلٍ فَانْفَصَلَ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِحَمْلِ بَهِيمَةٍ فَأَلْقَتْهُ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ وَمَا يَغْرَمُهُ الضَّارِبُ لِلْوَارِثِ لِأَنَّ مَا وَجَبَ فِي جَنِينِهَا بَدَلُ مَا نَقَصَ مِنْهَا وَمَا وَجَبَ فِي جَنِينِ الْأَمَةِ بَدَلُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ
(وَ) كَالْوَصِيَّةِ (بِمَنَافِعَ) مُؤَقَّتَةٍ وَمُؤَبَّدَةٍ لِمَا مَرَّ آنِفًا وَإِطْلَاقُ الْوَصِيَّةِ بِهَا يَقْتَضِي تَأْبِيدَهَا وَلَوْ أَوْصَى بِعَبْدِ غَيْرِهِ أَوْ بِهِ إنْ مَلَكَهُ صَحَّتْ عَلَى الْأَفْقَهِ فِي الرَّوْضَةِ كَالْمَعْدُومِ بَلْ أَوْلَى وَقِيلَ لَا إذْ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ لَا يَكُونُ مَحَلًّا لِتَصَرُّفِ اثْنَيْنِ وَبِهِ قَطَعَ الْغَزَالِيُّ فِيهِمَا وَالرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ فِي الْأُولَى وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلنَّصِّ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ
ــ
[حاشية العبادي]
أَيْضًا وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْمَعْلُومِ، وَالْمُعَيَّنِ كَمِائَةِ دِينَارٍ وَلَا يُعْرَفُ قَدْرُ التَّرِكَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ حَدُّ الْقَذْفِ فَائِدَةٌ) فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ الْقَاضِي لَوْ أَوْصَى بِالشِّقْصِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ بِهِ كَانَ الشِّقْصُ لِلْمُوصَى لَهُ وَحَقُّ الشُّفْعَةِ لِلْوَرَثَةِ بِرّ
(قَوْلُهُ: وَاحْتَمَلَ إبْهَامُهُ) أَيْ بِخِلَافِ الْمُوصَى لَهُ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ هُنَا مِنْ الْجَهَالَةِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمُوصَى لَهُ فَتَصِحُّ بِحَمْلٍ سَيُوجَدُ وَلَا تَصِحُّ لِحَمْلٍ سَيُوجَدُ بِرّ (قَوْلُهُ: وَيُعَيِّنُهُ الْوَارِثُ) أَيْ دُونَ الْوَصِيِّ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَعْطُوا هَذَا لِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ فَإِنَّ الْوَصِيَّ هُوَ الَّذِي يُعَيِّنُ بَحَثَهُ الشَّمْسُ الْجَوْجَرِيُّ ثُمَّ رَأَيْت الْمَسْأَلَةَ مَنْقُولَةً فِي قِطْعَةِ السُّبْكِيّ وَذَكَرَ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ أَصَحُّهَا يُعَيِّنُ الْوَارِثُ، وَالثَّانِي يُقْرِعُ، وَالثَّالِثُ يُوقَفُ حَتَّى يَصْطَلِحَا. اهـ. بِرّ.
(قَوْلُهُ: وَمَثَّلَ لِلْمَقْصُودِ) أَيْ لَا لِلْمُبْهَمِ كَمَا يُوهِمُهُ الْمَتْنُ (قَوْلُهُ: أَوْ كُلَّ عَامٍ) وَلَوْ أَوْصَى بِدِينَارٍ كُلَّ سَنَةٍ صَحَّتْ فِي السَّنَةِ الْأُولَى لَا فِيمَا بَعْدَهَا إذْ لَا يُعْرَفُ قَدْرُ الْمُوصَى بِهِ لِيَخْرُجَ مِنْ الثُّلُثِ عب قُلْت قَدْ يُشْكِلُ ذَلِكَ بِمَسْأَلَةِ الْحَمْلِ قَبْلُ أَنْ حَصَلَ إنْ قَالَ: كُلَّ عَامٍ أَوْ أَطْلَقَ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى الْعُمُومِ إنْ اعْتَبَرْنَا هَذِهِ الْوَصِيَّةَ مِنْ الثُّلُثِ وَإِلَّا فَلَا إشْكَالَ وَحِينَئِذٍ يُفَرَّقُ بَيْنَ الدِّينَارِ فَإِنَّهُ مَالٌ مَوْجُودٌ بِخِلَافِ الْحَمْلِ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ يَنْفَصِلُ حَمْلُ الْأَمَةِ إلَخْ) أَيْ لِوَقْتٍ يُعْلَمُ وُجُودُهُ عِنْدَهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَبِنْتًا فَإِنْ رَضِيَ الِابْنُ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لِلْبِنْتِ إلَّا نِصْفُ مَا لِلِابْنِ فَلَهُمَا إبْطَالُ الْوَقْفِ فِي الرُّبُعِ إذْ لِلِابْنِ إبْطَالُ السُّدُسِ لِأَنَّهُ تَمَامُ حَقِّهِ، وَيَبْقَى النِّصْفُ وَقْفًا عَلَيْهِ، وَلَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَى ثُلُثِهَا، وَيَبْقَى الثُّلُثُ، وَقْفًا عَلَيْهَا لِأَنَّهُ بِقَدْرِ إرْثِهَا هَذَا إنْ أَجَازَتْ، وَإِلَّا بَقِيَ لَهَا الرُّبُعُ فَقَطْ، وَلَهَا إبْطَالُ نِصْفِ السُّدُسِ فَتَأْخُذُهُ إرْثًا، وَيَصِيرُ مَا أَبْطَلَاهُ مِلْكًا بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، وَالْبَاقِي وَقْفًا عَلَيْهِمَا كَذَلِكَ. اهـ. رَوْضٌ
(قَوْلُهُ: كَالْحَمْلِ) فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ فِي بَابِ الْبَيْعِ فِي مَبْحَثِ التَّفْرِيقِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْأُمِّ، وَوَلَدِهَا بِالْوَصِيَّةِ قَبْلَ التَّمْيِيزِ مَا نَصُّهُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ أَيْ التَّمْيِيزِ، وَقَبْلَ الْمُوصَى لَهُ بِأَحَدِهِمَا الْوَصِيَّةُ احْتَمَلَ أَنْ يُقَالَ يُغْتَفَرُ التَّفْرِيقُ هُنَا لِأَنَّهُ فِي الدَّوَامِ، وَأَنْ يُقَالَ يُبَاعَانِ مَعًا كَمَا فِي الرَّهْنِ لَكِنْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَرْهُونَ ثَمَّ مَبِيعٌ فَلَوْ جَوَّزْنَا تَفْرِيقَهُ، وَحْدَهُ لَكَانَ فِيهِ تَفْرِيقٌ ابْتِدَاءً بِخِلَافِهِ هُنَا فَاَلَّذِي يُتَّجَهُ هُوَ الْأَوَّلُ. اهـ. وَمَالَ م ر إلَى تَبَيُّنِ بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ أَخْذًا مِمَّا لَوْ كَانَ بِالْأُمِّ جُنُونٌ مُطْلَقٌ، وَأُيِسَ مِنْ زَوَالِهِ فَبِيعَ الْوَلَدُ ثُمَّ زَالَ الْجُنُونُ قَبْلَ سَنِّ التَّمْيِيزِ فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُ الْبَيْعِ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ، وَتَبِعَهُ م ر. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ
(قَوْلُهُ: بَدَلَ مَا نَقَصَ) فَلَوْ لَمْ تَنْقُصْ لَمْ يَلْزَمْ الْجَانِي شَيْءٌ. اهـ. حَاشِيَةُ الْمَنْهَجِ
(قَوْلُهُ: إذْ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ لَا يَكُونُ إلَخْ) قَدْ يُرَدُّ بِأَنَّ التَّصَرُّفَ فِي الْوَصِيَّةِ مُنْتَظَرٌ فَلَا يَمْنَعُهُ إلَّا مَا يُقَارِنُ
الْبُلْقِينِيُّ فَقَالَ: لَا تَصِحُّ بِمِلْكِ غَيْرِهِ عَلَى النَّصِّ الْمَعْمُولِ بِهِ خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ ثُمَّ ذَكَرَ الثَّانِيَةَ وَصَحَّحَ فِيهَا مَا فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ حَذَفَ النَّاظِمُ الْبَاءَ أَوْ ذَكَرَ بَدَلَهَا الْكَافَ كَانَ أَنْسَبُ (وَذِي صَلَاحِ) أَيْ وَكَالصَّالِحِ (مِنْ نَحْوِ طَبْلِ اللَّهْوِ) وَغَيْرِهِ مِنْ آلَاتِ الْمَلَاهِي (لِلْمُبَاحِ) كَحَرْبٍ أَوْ حَجِيجٍ بِهَيْئَتِهِ أَوْ بِتَغْيِيرٍ يَبْقَى مَعَهُ اسْمُ الْآلَةِ فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ بِخِلَافِ مَا لَا يَصْلُحُ لِمُبَاحٍ أَوْ يَصْلُحُ لَهُ بِتَغْيِيرٍ لَا يَبْقَى مَعَهُ الِاسْمُ وَلَا نَظَرَ لِمَا يُتَرَقَّبُ مِنْ مَنَافِعَ بَعْدَ زَوَالِ الطَّبْلِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَوْصَى بِطَبْلٍ وَلَفْظُهُ نَحْوٌ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) مِثْلُ (الزِّبْلِ، وَالْخَمْرَةِ حَيْثُ تُحْتَرَمُ، وَالْكَلْبِ) إذَا صَلُحَ وَلَوْ مَآلًا (لِلصَّيْدِ وَ) لِحِرَاسَةِ (زَرْعٍ وَنَعَمْ) فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ (إنْ كَانَ) حَاصِلًا (لِلْمُوصِي) عِنْدَ مَوْتِهِ لِثُبُوتِ الِاخْتِصَاصِ فِيهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: فَإِنْ اسْتَحْكَمَتْ الْخَمْرَةُ وَأَيِسَ مِنْ عَوْدِهَا خَلًّا إلَّا بِصُنْعِ آدَمِيٍّ فَالْأَشْبَهُ فِيمَا نَظُنُّهُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ إمْسَاكُهَا فَلَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِهَا. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ لَمَّا كَانَتْ مُحْتَرَمَةً لَا يَمْتَنِعُ إمْسَاكُهَا لِمَنَافِعَ قَدْ تَعْرِضُ مِنْ نَحْوِ إطْفَاءِ نَارٍ وَعَجْنِ طِينٍ فَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِهَا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمُوصَى لَهُ صَاحِبَ صَيْدٍ وَلَا زَرْعٍ وَلَا نَعَمٍ فَفِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لَهُ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَقَضِيَّةُ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ مِنْ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ اقْتِنَاؤُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَالْوَاوُ فِي قَوْلِ النَّظْمِ وَزَرْعٍ وَنَعَمٍ بِمَعْنَى أَوْ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ لِلْمُوصِي مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ مَوْتِهِ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ لِتَعَذُّرِ شِرَائِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَنَحْوِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَوْ تَبَرَّعَ بِهِ مُتَبَرِّعٌ وَأَرَادَ تَنْفِيذَ الْوَصِيَّةِ جَازَ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ
(وَثُلُثُهُ) أَيْ ثُلُثُ مَا ذُكِرَ مِمَّا لَيْسَ بِمَالٍ فِي الْوَصِيَّةِ بِهِ مِمَّنْ لَمْ يَمْلِكْ مُمَوَّلًا (اعْتُبِرْ بِفَرْضِ قِيمَةٍ) لَهُ لِأَنَّهُ شَيْءٌ يُنْتَفَعُ بِهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ تَفْوِيتُ جَمِيعِهِ عَلَى الْوَرَثَةِ كَالْأَمْوَالِ هَذَا إنْ اخْتَلَفَ جِنْسُهُ فَإِنْ اتَّحَدَ وَتَعَدَّدَتْ أَفْرَادُهُ فَالْعِبْرَةُ بِعَدَدِ الرُّءُوسِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ بِكَلْبٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَكْلُبٍ فِي وَاحِدٍ وَلَا نَظَرَ إلَى فَرْضِ الْقِيمَةِ وَعَلَيْهِ لَوْ أَوْصَى بِاثْنَيْنِ مِنْ أَرْبَعَةٍ نَفَذَتْ فِي وَاحِدٍ وَثُلُثٍ وَلَوْ أَوْصَى بِكَلْبٍ لَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِهِ نَفَذَتْ فِي ثُلُثِهِ (وَكُلُّهُ) أَيْ كُلُّ الْمُوصَى بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَثُرَ (أُقِرْ) أَيْ نَفَذَ (مِنْ مَالِكٍ مُمَوَّلًا) وَإِنْ قَلَّ لِأَنَّهُ خَيْرٌ مِمَّا لَيْسَ بِمُمَوَّلٍ إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ نَعَمْ إنْ أَوْصَى مَعَ ذَلِكَ بِثُلُثِ الْمُمَوَّلِ فَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يُدْفَعُ الْكُلُّ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْوَرَثَةُ مِنْ الثُّلُثَيْنِ هُوَ حَظُّهُمْ بِسَبَبِ الثُّلُثِ الَّذِي نَفَذَتْ فِيهِ الْوَصِيَّةُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْسَبَ عَلَيْهِمْ مَرَّةً أُخْرَى فِي وَصِيَّةِ غَيْرِ الْمُمَوَّلِ وَتَعْبِيرُهُ كَأَصْلِهِ بِمُمَوَّلٍ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ كَثِيرٍ بِمَالٍ لِاسْتِلْزَامِهِ أَنَّ لَهُ قِيمَةً بِخِلَافِ الْمَالِ
ثُمَّ ذَكَرَ ضَابِطَ مَا يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ فَقَالَ: (وَإِنْ بَدَا تَفْوِيتُهُ مَمْلُوكَ مَالٍ) أَيْ وَإِنْ ظَهَرَ تَفْوِيتُ الْمُتَبَرِّعِ مَالًا مَمْلُوكًا (أَوْ يَدَا) فِي مَالِ كَالْعَارِيَّةِ، وَالْوَصِيَّةِ بِتَأْجِيلِ الدَّيْنِ، وَالْبَيْعِ نَسِيئَةً وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ كَمَا سَيَأْتِي أَوْ فِي غَيْرِهِ كَالزِّبْلِ، وَالْكَلْبِ وَكَانَ التَّفْوِيتُ (بِغَيْرِ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ غَيْرِ عِوَضْ) وَقَدْ (أَضَافَهُ) أَيْ التَّفْوِيتَ (لِمَوْتِهِ) وَإِنْ صَدَرَ فِي صِحَّتِهِ (أَوْ) صَدَرَ (فِي مَرَضْ مَوْتٍ) لَهُ سَوَاءٌ كَانَ (مُضَافًا) لِمَوْتِهِ (أَوْ مُنَجَّزًا حُسِبْ مِنْ ثُلُثِهِ) فَخَرَجَ بِغَيْرِ الِاسْتِحْقَاقِ حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْآدَمِيِّ وَبِغَيْرِ عِوَضٍ مَا بَاعَهُ بِثَمَنِ مِثْلِهِ حَالًّا أَوْ بِأَقَلَّ بِقَدْرٍ يُتَسَامَحُ بِهِ غَالِبًا أَوْ جَعَلَهُ صَدَاقَ امْرَأَتِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَبِقَوْلِهِ أَضَافَهُ لِمَوْتِهِ مَا لَوْ قَالَ صَحِيحٌ لِعَبْدِهِ: إذَا مِتّ فَأَنْت حُرٌّ قَبْلَ مَرَضِي بِلَحْظَةٍ إنْ مِتّ بِمَرَضٍ أَوْ قَبْلَ مَوْتِي بِلَحْظَةٍ إنْ مِتّ فَجْأَةً فَمَاتَ أَوْ مَرِضَ بَعْدَ التَّعْلِيقِ بِأَكْثَرَ مِنْ لَحْظَةٍ فَجَمِيعُ ذَلِكَ لَا يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ بَلْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: ثُمَّ ذَكَرَ الثَّانِيَةَ وَصَحَّ فِيهَا) قَدْ تُؤَيِّدُ الْأُولَى لِتَصْحِيحِهِ الثَّانِيَةَ؛ لِأَنَّ الْقَيْدَ مُقَدَّرٌ فِيهَا، وَالْمُقَدَّرُ كَالْمَوْجُودِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَذَفَ النَّاظِمُ) الْبَاءَ مِنْ بِمَنَافِعَ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الضَّابِطِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ صِحَّتِهَا) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ صِحَّتَهَا قَالَ بَلْ لَهُ اقْتِنَاؤُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَإِلَّا نَقَلَهُ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ اهـ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ صَاحِبَ وَاحِدٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ كَأَنْ كَانَ صَاحِبَ زَرْعٍ فَقَطْ لَمْ يَجِبْ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ مَا يَصْلُحُ لَهُ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ غَيْرَهُ مَعَ وُجُودِهِ كَكَلْبِ الصَّيْدِ فِي هَذَا الْمِثَالِ
(قَوْلُهُ بِفَرْضِ قِيمَتِهِ) بِأَنْ يُقَدَّرَ الْخَمْرُ خَلًّا مَثَلًا قَالَهُ الْفُورَانِيُّ وَقَالَ الْإِمَامُ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهَا قِيمَةً بِرّ.
(قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) هَذَا خَاصٌّ بِهَذَا الْمِثَالِ فَلَوْ كَانَ الْإِيصَاءُ بِدُونِ الثُّلُثِ مِنْ الْمَالِ نَفَذَ الْإِيصَاءُ فِي جَمِيعِ الِاخْتِصَاصَاتِ لِأَنَّهُ قَدْ بَقِيَ لِلْوَرَثَةِ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ لَمْ يُحْسَبْ عَلَيْهِمْ فِي نَظِيرِ مُوصًى بِهِ وَذَلِكَ خَيْرٌ مِنْ الِاخْتِصَاصَاتِ قُلْت ذَلِكَ أَخْذًا مِنْ مَعْنَى كَلَامِهِمْ وَهُوَ ظَاهِرُ بِرّ
(قَوْلُهُ: كَالْعَارِيَّةِ) الْمَحْسُوبُ مِنْ الثُّلُثِ أُجْرَةُ الْمُعَارِ كَمَا سَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ: أَوْ فِي غَيْرِهِ) عُطِفَ عَلَى فِي مَالٍ (قَوْلُهُ: بِأَكْثَرَ مِنْ لَحْظَةٍ) كَانَ وَجْهُ اعْتِبَارِ الْأَكْثَرِيَّةِ أَنَّ الْحُرِّيَّةَ تَحْصُلُ قَبْلَ اللَّحْظَةِ وَبَعْدَ التَّعْلِيقِ فَلَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَى اللَّحْظَةِ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْمَوْتَ دُونَ مَا سَبَقَ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: عَدَمُ صِحَّتِهَا) الْمُعْتَمَدُ صِحَّتُهَا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ نَقْلِ يَدِهِ لِمَنْ لَهُ اقْتِنَاؤُهُ م ر
(قَوْلُهُ: مَمْلُوكٌ) قِيلَ إنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لَا مِنْ الثُّلُثِ قَالَ الْقُونَوِيُّ، وَفِيهِ تَعَسُّفٌ، وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ مَالٍ.
(قَوْلُهُ: كَالْعَارِيَّةِ) ، وَلَوْ انْقَضَتْ مُدَّتُهَا فِي مَرَضِ الْمَوْتِ، وَقَبَضَ الْعَيْنَ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ فَإِنَّهَا تُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ، وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ) ، وَلَوْ بِأَضْعَافِ ثَمَنِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ تَفْوِيتَ الْيَدِ كَتَفْوِيتِ الْمِلْكِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ فِي غَيْرِهِ إلَخْ) أَيْ، وَلَمْ يَكُنْ الْمُوصِي مُمَوَّلًا، وَإِلَّا فَلَا يُحْسَبُ
وَأُلْحِقَ تَفْوِيتُ الْيَدِ بِتَفْوِيتِ الْمَالِ، لِأَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ بِالْحَيْلُولَةِ كَمَا يَضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ وَجَمْعُهُ كَأَصْلِهِ بَيْنَ الْمَمْلُوكِ، وَالْمَالُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ أَيْضًا لِقَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ وَقَوْلُهُ (بَعْدَ قَضَا دَيْنٍ يَجِبْ) بِقَصْرِ قَضَا لِلْوَزْنِ حَالٌ مِنْ ثُلُثِهِ أَوْ صِلَةٌ لِحُسِبَ فَيُعْتَبَرُ ثُلُثُ مَالِهِ بَعْدَ قَضَاءِ دَيْنِهِ وَلَوْ مِنْ مُتَبَرِّعٍ وَفِي مَعْنَاهُ الْإِبْرَاءُ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ يُوجَدُ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْحَاوِي وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِمَا بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ بَلْ وَمِنْ تَقْدِيمِهِمَا فِي الْفَرَائِضِ أَدَاءَ الدَّيْنِ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَاعْلَمْ أَنَّ قِيمَةَ
ــ
[حاشية العبادي]
بَعْدَ التَّعْلِيقِ تَحْصُلُ فِيهَا الْحُرِّيَّةُ.
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ) أَيْ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِذِكْرِ التَّفْوِيتِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَعْلُومٌ إلَخْ) فِي عِلْمِهِ مِنْ ذَلِكَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْهُ
ــ
[حاشية الشربيني]
ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا مَرَّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ، وَهُوَ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِمَا) فِيهِ نَظَرٌ كَمَا قَالَهُ سم؛ لِأَنَّ الْمُفَوَّتَ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ غَيْرُ الدَّيْنِ.
(قَوْلُهُ: بَلْ، وَمِنْ تَقْدِيمِهَا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ أَتَى بِهِ، وَإِنْ تَقَدَّمَ لِيُفِيدَ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْوَصِيَّةِ حَتَّى لَوْ تَبَرَّعَ بِأَدَاءِ دَيْنِهِ الْمُسْتَغْرِقِ مُتَبَرِّعٌ نَفَذَتْ الْوَصَايَا. اهـ. وَتَأَمَّلْهُ.
(قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ قِيمَةَ مَا يَفُوتُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِعَبْدٍ أَوْ وَهَبَهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ فِي الْأَوَّلِ وَقْتَ الْمَوْتِ، وَفِي الثَّانِي وَقْتَ التَّنْجِيزِ ثُمَّ يُقَوَّمُ مَا يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ بَعْدَ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ، وَالدَّيْنِ إنْ كَانَ، وَيُعْتَبَرُ أَقَلُّ قِيمَةً مِنْ الْمَوْتِ إلَى الْقَبْضِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ يَوْمَ الْمَوْتِ أَقَلَّ فَالزِّيَادَةُ حَصَلَتْ فِي مِلْكِ الْوَارِثِ أَوْ يَوْمَ الْقَبْضِ أَقَلُّ فَمَا نَقَصَ قَبْلُ لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِهِ فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمُوصَى بِهِ مَثَلًا مِائَةً، وَقِيمَةُ مَا بَقِيَ مِائَةٌ وَقْتَ الْمَوْتِ، وَمِائَتَيْنِ وَقْتَ الْقَبْضِ أَوْ عَكْسِهِ اُعْتُبِرَ الْأَقَلُّ لِمَا تَقَدَّمَ فَتَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ مَثَلًا بِحَسَبِهِ أَفَادَهُ م ر، وَشَرْحُ الرَّوْضِ وَرَشِيدِيٌّ، وَفِي الشَّيْخِ عِوَضٍ عَلَى قَوْلِ الْخَطِيبِ، وَاعْلَمْ أَنَّ قِيمَةَ مَا يَفُوتُ إلَخْ مَا نَصُّهُ حَاصِلُهُ أَنَّ التَّبَرُّعَ إنْ كَانَ مُنَجَّزًا فَيُعْتَبَرُ مَا يَفُوتُ، وَهُوَ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْمُتَبَرَّعُ لَهُ بِوَقْتِ الْإِعْطَاءِ لَا بِوَقْتِ الْمَوْتِ، وَمَا يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ، وَهُوَ الثُّلُثَانِ يُعْتَبَرُ بِوَقْتِ الْمَوْتِ فَقَطْ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُضَافًا لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَيُعْتَبَرُ قِيمَةُ مَا يَفُوتُ بِوَقْتِ الْمَوْتِ فَقَطْ، وَمَا يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ يُعْتَبَرُ بِأَقَلَّ قِيمَةً مِنْ الْمَوْتِ إلَى الْقَبْضِ فَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَفِيمَا يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ إلَخْ رَاجِعٌ لِلثَّانِي لَا لَهُ مَعَ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ رُجُوعُهُ لَهُمَا، وَيَكُونُ سَكَتَ عَنْ قِيمَةِ مَا يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ فِي الْمُنَجَّزِ. اهـ.، وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ قَوْلُ م ر: إنَّهُ يُعْتَبَرُ قِيمَةُ وَقْتِ التَّفْوِيتِ فِي الْمُنَجَّزِ ثُمَّ إنْ وَفَّى بِجَمِيعِهِ ثُلُثُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَفِيمَا يَفِي بِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ قِيمَةَ مَا يَفُوتُ إلَى قَوْلِهِ، وَفِيمَا بَقِيَ إلَخْ) حَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا وَصَّى بِثُلُثِ مَالِهِ، وَكَانَتْ قِيمَتُهُ وَقْتَ الْمَوْتِ أَكْثَرَ مِنْ وَقْتِ الْقَبْضِ حُسِبَ ثُلُثُهُ بِأَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ، وَثُلُثَاهُ بِأَكْثَرِهِمَا، وَقُسِمَ مَالُ الْمَيِّتِ عَلَى مَجْمُوعِهِمَا فَمَا خَصَّ الثُّلُثَ فَهُوَ لِلْمُوصَى لَهُ، وَمَا خَصَّ الثُّلُثَيْنِ فَهُوَ لِلْوَارِثِ فَلَوْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَقِيمَتُهُ وَقْتَ الْمَوْتِ مِائَةٌ، وَوَقْتَ الْقَبْضِ خَمْسُونَ فَخُذْ ثُلُثَ الْخَمْسِينَ، وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ، وَثُلُثَيْ الْمِائَةِ، وَهُمَا سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ فَالْمَجْمُوعُ ثَلَاثَةٌ وَثَمَانُونَ وَثُلُثٌ قَسِّمْ الْخَمْسِينَ عَلَيْهَا فَمَا خَصَّ السِّتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَيْنِ، وَذَلِكَ عَشَرَةٌ؛ لِأَنَّ السِّتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَيْنِ خُمْسُ الثَّلَاثَةِ وَالثَّمَانِينَ وَثُلُثٍ، وَالْعَشَرَةُ خُمْسُ الْخَمْسِينَ تَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ، وَمَا خَصَّ السِّتَّةَ وَالسِّتِّينَ وَثُلُثَيْنِ، وَهُوَ أَرْبَعُونَ يَكُونُ لِلْوَارِثِ؛ لِأَنَّ السِّتَّةَ وَالسِّتِّينَ وَثُلُثَيْنِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الثَّلَاثَةِ وَالثَّمَانِينَ وَثُلُثٍ، وَمِمَّا يُوَضِّحُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ أَخَذَ عَشَرَةً هِيَ وَقْتَ الْمَوْتِ مُقَوَّمَةٌ بِعِشْرِينَ، وَالْوَارِثُ أَخَذَ أَرْبَعِينَ مُقَوَّمَةً بِقِيمَةِ وَقْتِ الْقَبْضِ فَكَأَنَّ الْمُوصَى لَهُ أَخَذَ عِشْرِينَ مِنْ سِتِّينَ هِيَ الثُّلُثُ، وَالْوَارِثُ أَخَذَ أَرْبَعِينَ هِيَ ثُلُثَانِ كَذَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا السَّقَّا عَنْ شَيْخِهِ الْقُوَيْسِنِيُّ.
وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ عَرَضَهُ عَلَى شَيْخِنَا الذَّهَبِيِّ فَوَافَقَ عَلَيْهِ، وَقَالَ إنَّهُ مُطَرِّدٌ فِي جَمِيعِ الْأَمْثِلَةِ فَمِنْ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ الْمَالُ عِنْدَ الْمَوْتِ ثَلَاثَمِائَةٍ فَصَارَ عِنْدَ الْقَبْضِ يُسَاوِي مِائَةً، وَخَمْسِينَ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ مَا يَخُصُّ الْمُوصَى لَهُ بِأَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ، وَهُوَ خَمْسُونَ، وَمَا يَخُصُّ الْوَارِثَ بِأَكْثَرِهِمَا، وَهُوَ مِائَتَانِ، وَيُقْسَمُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ عَلَى مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ، وَالْخَمْسُونَ خُمُسُ الْمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ فَيَخُصُّهَا خُمُسُ الْمِائَةِ وَخَمْسِينَ، وَهُوَ ثَلَاثُونَ كَانَتْ تُسَاوِي عِنْدَ الْمَوْتِ سِتِّينَ، وَهِيَ نَصِيبُ الْمُوصَى لَهُ، وَيَبْقَى مِائَةٌ وَعِشْرُونَ بِقِيمَةِ وَقْتِ الْقَبْضِ هِيَ نَصِيبُ الْوَارِثِ، وَمِنْهُ مَا إذَا كَانَ الْمَالُ وَقْتَ الْمَوْتِ ثَلَاثَمِائَةٍ، وَوَقْتَ الْقَبْضِ مِائَتَيْنِ فَنَصِيبُ الْمُوصَى لَهُ يُحْسَبُ بِسِتَّةٍ وَثُلُثَيْنِ ثُلُثُ الْمِائَتَيْنِ، وَنَصِيبُ الْوَارِثِ يُحْسَبُ بِمِائَتَيْنِ ثُلُثَيْ الثَّلَاثِمِائَةِ، وَالْمَجْمُوعُ مِائَتَانِ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ يُقْسَمُ عَلَيْهَا مِائَتَانِ فَيَخُصُّ السِّتَّةَ وَالسِّتِّينَ وَثُلُثَيْنِ رُبُعُ الْمِائَتَيْنِ، وَهُوَ خَمْسُونَ لِأَنَّهَا رُبُعُ الْمَجْمُوعِ كَمَا أَنَّ الْخَمْسِينَ رُبُعُ الْمِائَتَيْنِ، وَكُلُّ خَمْسِينَ مِنْ الْمِائَتَيْنِ قَدْ نَقَصَتْ الثُّلُثَ بِتَوْزِيعِ الْمِائَةِ النَّاقِصَةِ عَلَى الْأَرْبَعِ خَمْسِينَاتٍ فَالْخَمْسُونَ تُسَاوِي
مَا يَفُوتُ عَلَى الْوَرَثَةِ تُعْتَبَرُ بِوَقْتِ التَّفْوِيتِ فِي الْمُنَجَّزِ وَبِوَقْتِ الْمَوْتِ فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ فَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي بَابِ الْعِتْقِ تُعْتَبَرُ بِمَعْرِفَةِ الثُّلُثِ فِيمَنْ أَعْتَقَهُ مُنَجَّزًا فِي الْمَرَضِ قِيمَةَ يَوْمِ الْإِعْتَاقِ وَفِيمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ قِيمَةَ يَوْمِ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ وَقْتَ الِاسْتِحْقَاقِ وَفِيمَا بَقِيَ لِلْوَرَثَةِ أَقَلَّ قِيمَةً مِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ إلَى يَوْمِ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ يَوْمَ الْمَوْتِ أَقَلَّ فَالزِّيَادَةُ حَصَلَتْ فِي مِلْكِ الْوَارِثِ أَوْ يَوْمَ الْقَبْضِ أَقَلَّ فَمَا نَقَصَ قَبْلَهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي يَدِهِ فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ جَازَ فِي غَيْرِ الْعِتْقِ
وَإِذَا وَهَبَ فِي مَرَضِهِ زَائِدًا عَلَى الثُّلُثِ وَأَقْبَضَهُ وَلَمْ يُجِزْهُ الْوَارِثُ (يَغْرَمُ مَنْ يُوهَبُ) لَهُ لِلْوَارِثِ (مَا زَادَ) عَلَى الثُّلُثِ (إذَا أَتْلَفَ) ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا تَلِفَ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَيْسَتْ مَضْمُونَةً فَإِنْ أَتْلَفَهُ غَيْرُهُ ضَمِنَهُ الْغَيْرُ وَعَلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَاقِيًا يَرُدُّهُ (وَاَلَّذِي دَفَعْنَا) لِلْمَوْهُوبِ لَهُ زَائِدًا عَلَى الثُّلُثِ (نَفَذَا) كُلُّهُ (حَيْثُ دَفِينُ الْمَيْتِ ذُو ظُهُورِ) أَيْ حَيْثُ ظَهَرَ لَهُ دَفِينٌ مَثَلًا يُبَيِّنُ بِهِ أَنَّ مَا دَفَعْنَاهُ غَيْرَ زَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ بِهِ ذَلِكَ نَفَّذْنَا مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ فَلَوْ وَهَبَهُ ثَلَاثِينَ وَمَالُهُ سِتُّونَ غَرِمَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَشَرَةً فَلَوْ ظَهَرَ دَفِينٌ ثَلَاثُونَ نَفَذَتْ الثَّلَاثُونَ الْمَوْهُوبَةُ أَوْ اثْنَا عَشَرَ فَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْهَا وَيَغْرَمُ سِتَّةً
ثُمَّ ذَكَرَ لِلتَّفْوِيتِ الْمَحْسُوبِ مِنْ الثُّلُثِ أَمْثِلَةً فَقَالَ: (كَالْقَبْضِ) فِي مَرَضِ الْوَاهِبِ (لِلْمَوْهُوبِ) وَإِنْ وَهَبَهُ فِي الصِّحَّةِ إذْ الْهِبَةُ إنَّمَا تُمْلَكُ بِالْقَبْضِ نَعَمْ الْهِبَةُ الضِّمْنِيَّةُ كَالْمُحَابَاةِ فِي الْبَيْعِ لَا تَفْتَقِرُ إلَى قَبْضٍ لِأَنَّهَا فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ (وَ) مِثْلُ (التَّدْبِيرِ) وَلَوْ فِي الصِّحَّةِ لِإِضَافَتِهِ إلَى الْمَوْتِ (وَ) مِثْلُ (زَائِدِ الْعِتْقِ الَّذِي أَوْصَى بِهِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَبِوَقْتِ الْمَوْتِ فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ) أَيْ وَإِنْ تَأَخَّرَ الصَّرْفُ عَنْ الْمَوْتِ كَأعْطُوا هَذَا الْعَبْدَ لِفُلَانٍ وَتَأَخَّرَ الْإِعْطَاءُ بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ قِيمَةُ يَوْمِ الْمَوْتِ) وَإِنْ تَأَخَّرَ الْإِعْتَاقُ عَنْ الْمَوْتِ
(قَوْلُهُ: كَالْقَبْضِ) أَيْ الْإِقْبَاضِ لِأَنَّهُ مِثَالٌ لِلتَّفْوِيتِ بِرّ (قَوْلُهُ: لَا تَفْتَقِرُ إلَى قَبْضٍ) أَيْ فَلَا يَضُرُّ إقْبَاضُهَا فِي الْمَرَضِ إذَا وَقَّتَ فِي الصِّحَّةِ وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبْضِ إذَا وَقَعَتْ فِي الْمَرَضِ بِرّ.
(قَوْلُهُ: الَّذِي أَوْصَى بِهِ) أَوْ فَعَلَهُ م ر وَكَتَبَ أَيْضًا احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا لَوْ نَجَّزَ عِتْقَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَقَدْ نَقَلَا عَنْ الْمُتَوَلِّي عَدَمَ اعْتِبَارِ قِيمَتِهِ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ مُؤَدٍّ فَرْضًا قَالَا وَهَذَا كُلُّهُ تَفْرِيعٌ عَلَى الْوَجْهِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِعِتْقِهِ يُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ اهـ
ــ
[حاشية الشربيني]
بِاعْتِبَارِ قِيمَةِ يَوْمِ الْمَوْتِ خَمْسَةً، وَسَبْعِينَ، وَهِيَ نَصِيبُ الْمُوصَى لَهُ يَبْقَى مِائَةٌ، وَخَمْسُونَ، وَهُمَا الثُّلُثَانِ بِقِيمَةِ يَوْمِ الْقَبْضِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يَخُصُّ نَصِيبَ الْوَرَثَةِ، وَهُوَ الثُّلُثَانِ مِنْ النَّقْصِ عَنْ قِيمَةِ يَوْمِ الْمَوْتِ لَا يُحْسَبُ عَلَيْهِمْ فِي الثُّلُثَيْنِ مِنْ الْمَالِ الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْقَبْضِ، وَمَا يَخُصُّ نَصِيبَ الْمُوصَى لَهُ مِنْ النَّقْصِ عَنْ ذَلِكَ يُحْسَبُ عَلَيْهِ مِنْ ثُلُثِهِ مِنْ الْمَالِ الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْقَبْضِ فَيَأْخُذُ ثُلُثَهُ مِنْهُ نَاقِصًا ذَلِكَ الْقَدْرُ، وَيَأْخُذُ الْوَرَثَةُ مِثْلَيْ مَجْمُوعِ مَا أَخَذَ، وَمَا حُسِبَ عَلَيْهِ فَلِذَا حُسِبَ ثُلُثُ الْمُوصَى لَهُ بِأَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ، وَثُلُثَا الْوَرَثَةِ بِأَكْثَرِهِمَا لِيَسْقُطَ مَا يَخُصُّ ثُلُثَهُ مِنْ النَّقْصِ مَعَ حُسْبَانِهِ عَلَيْهِ، وَيَأْخُذُ الْوَرَثَةُ مِثْلَيْ مَجْمُوعِ مَا أُخِذَ، وَمَا حُسِبَ عَلَيْهِ عِنْدَ قِسْمَةِ الْمَالِ الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْقَبْضِ عَلَى مَجْمُوعِ مَا حُسِبَ بِهِ نَصِيبُ الْمُوصَى لَهُ، وَمَا حُسِبَ بِهِ نَصِيبُ الْوَرَثَةِ لَكِنَّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا أَوْصَى بِثُلُثٍ مُبْهَمًا أَوْ مُعَيَّنًا، وَنَقَصَ قِيمَةِ الْجَمِيعِ عِنْدَ الْقَبْضِ أَمَّا لَوْ أَوْصَى بِعَبْدٍ مُعَيَّنًا مِنْ ثَلَاثَةٍ قِيمَةُ كُلٍّ عِنْدَ الْمَوْتِ مِائَةٌ ثُمَّ عِنْدَ الْقَبْضِ صَارَتْ قِيمَةُ غَيْرِ الْمُوصَى بِهِ مِائَةً، وَبَقِيَتْ قِيمَتُهُ هُوَ مِائَةً فَالظَّاهِرُ، وَرُبَّمَا أُخِذَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَنْفُذُ فِي ثُلُثِ الْمِائَتَيْنِ إذْ لَمْ يَحْصُلْ نَقْصٌ فِي الْمُوصَى بِهِ حَتَّى يُحْسَبَ عَلَى الْمُوصَى لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَلِيُرَاجَعْ.
ثُمَّ رَأَيْت السِّجَاعِيَّ عَلَى الْخَطِيبِ نَقَلَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُفِيدُ مَا قُلْتُ إنَّهُ الظَّاهِرُ، وَقَوْلُنَا فِيمَا مَرَّ فَلِذَا حُسِبَ إلَخْ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الْقِيمَتَيْنِ إذَا نَقَصَتْ النِّصْفَ مَثَلًا كَانَتْ قِيمَةُ الثُّلُثِ مِنْهَا نِصْفَ قِيمَتِهِ، وَقِيمَةُ الثُّلُثَيْنِ مَحْسُوبَةٌ بِمَا لَا نَقْصَ فِيهِ فَإِذَا وُزِّعَ الْأَقَلُّ عَلَى الْمَجْمُوعِ بِالنِّسْبَةِ خَصَّ ثُلُثَ الْمُوصَى لَهُ نِصْفُ قِيمَةِ ثُلُثِ الْوَرَثَةِ تَدَبَّرْ، وَهُنَاكَ طَرِيقٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ ثُلُثُ الْمُوصَى لَهُ مِنْ الْأَقَلِّ مُعْتَبَرًا بِقِيمَةِ يَوْمِ الْمَوْتِ، وَقَدْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الْكُلِّ عِنْدَ الْقَبْضِ النِّصْفَ مَثَلًا كَانَ نِسْبَةُ النَّقْصِ إلَى ثُلُثِ الْمُوصَى لَهُ كَنِسْبَتِهِ إلَى الْمَجْمُوعِ فَيَكُونُ لَهُ مِنْ الْأَقَلِّ نِصْفُ ثُلُثٍ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ ثُلُثًا بِقِيمَةِ يَوْمِ الْمَوْتِ فَيُجْعَلُ الْأَقَلُّ أَنْصَافَ ثُلُثٍ مِنْ جِنْسِ مَا يَأْخُذُهُ الْمُوصَى لَهُ، وَيُعْطَى مِنْهُ ثُلُثَانِ لِلْوَرَثَةِ وَنِصْفٌ لِلْمُوصَى لَهُ فَلَوْ كَانَ الْمَالُ عِنْدَ الْمَوْتِ ثَلَاثِينَ، وَعِنْدَ الْقَبْضِ خَمْسَةَ عَشَرَ قُسِمَتْ الْخَمْسَةَ عَشَرَ عَلَى خَمْسَةِ أَنْصَافٍ وَثُلُثٍ فَيَخُصُّ النِّصْفُ ثَلَاثَةً فَيَكُونُ الثُّلُثَانِ اثْنَيْ عَشَرَ، وَالنِّصْفُ ثَلَاثَةً، وَهُوَ مَحْسُوبٌ بِسِتَّةٍ، وَهَكَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِوَقْتِ التَّفْوِيتِ) فِي الْمُنَجَّزِ ثُمَّ إنْ وَفَّى بِجَمْعِهِ ثُلُثَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ فَذَاكَ، وَإِلَّا فَفِيمَا يَفِي بِهِ م ر.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا بِوَقْتِ التَّفْوِيتِ) قَالَ ع ش فَيَنْفُذُ فِي ثُلُثِ الْمَوْجُودِ، وَيَرُدُّ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ ظَاهِرًا ثُمَّ إنْ تَغَيَّرَ الْحَالُ عُمِلَ بِمَا صَارَ إلَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ وَفَّى إلَخْ (قَوْلُهُ، وَفِيمَا بَقِيَ لِلْوَرَثَةِ أَقَلُّ قِيمَةً) الظَّاهِرُ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ هُنَا، وَفِيمَا قَبْلَهُ، وَلَوْ كَانَ مِثْلِيًّا رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ أَقَلُّ قِيمَةً) إذْ لَوْ اُعْتُبِرَ أَكْثَرُ قِيمَةً لَزَادَتْ قِيمَةُ ثُلُثِ الْمَجْمُوعِ مِنْهُ، وَمِنْ الثُّلُثِ الْمُوصَى بِهِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الضَّمَانِ دُخُولُ الْمَضْمُونِ فِي يَدِ الضَّامِنِ، وَهِيَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ تَدْخُلْ فِي أَيْدِيهِمْ. اهـ. عَوَضٌ
(قَوْلُهُ: الَّذِي أَوْصَى بِهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ مَا إذَا
مُخَيَّرُ التَّكْفِيرِ) عَلَى أَقَلِّ الْخِصَالِ فَلَوْ أَوْصَى مَنْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ مُخَيَّرَةٌ بِالْإِعْتَاقِ عَنْهَا وَزَادَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ عَلَى قِيمَةِ أَقَلِّ الْخِصَالِ حُسِبَ الزَّائِدُ عَلَى قِيمَةِ الْأَقَلِّ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ الَّذِي وَقَعَ بِهِ التَّبَرُّعُ وَهَذَا وَجْهٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَا وَفِي الْأَيْمَانِ أَنَّهُ أَقْيَسُ ثُمَّ قَالَا ثَمَّةَ لَكِنَّ الْأَصَحَّ وَظَاهِرُ النَّصِّ أَنَّ جَمِيعَ قِيمَةِ الْعَبْدِ يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ لِحُصُولِ الْبَرَاءَةِ بِدُونِهِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَفِ الثُّلُثُ بِتَمَامِ قِيمَتِهِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ وَيَعْدِلُ إلَى الْإِطْعَامِ أَوْ الْكُسْوَةِ وَنَصُّوا عَلَى الْعِتْقِ لِزِيَادَتِهِ عَلَى بَقِيَّةِ الْخِصَالِ غَالِبًا وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِزِيَادَةِ مَا أَوْصَى بِهِ مِنْهَا عَلَى أَقَلِّهَا.
(وَ) مِثْلُ (الْكِتَابَهْ) بِإِمَالَةِ الْبَاءِ أَحْسَنُ مِنْ فَتْحِهَا هُنَا بِأَنْ كَاتَبَ رَقِيقَهُ فِي مَرَضِهِ أَوْ أَوْصَى بِكِتَابَتِهِ فَإِنَّ قِيمَتَهُ تُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ النُّجُومِ لِأَنَّهُ قَابَلَ مِلْكَهُ بِمِلْكِهِ الَّذِي هُوَ كَسْبُهُ فَهُوَ بِالْحَقِيقَةِ تَفْوِيتٌ لَا مُعَاوَضَةٌ وَبِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ مُعَاوَضَةً فَالْعِوَضُ مُؤَخَّرٌ فَيَكُونُ كَالْبَيْعِ بِمُؤَجَّلٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَاتَبَهُ فِي صِحَّتِهِ وَإِنْ قَبَضَ النُّجُومَ فِي مَرَضِهِ لِأَنَّهُ بِالْكِتَابَةِ كَالْخَارِجِ عَنْ مِلْكِهِ فَلَوْ وَضَعَهَا فِي مَرَضِهِ أَوْ أَوْصَى بِوَضْعِهَا فَسَيَأْتِي (وَكَشِرَا بَعْضٍ) لَهُ فِي مَرَضِهِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَيُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ ثَمَنُهُ الْمَقْبُوضُ كَمَا قَالَ (بِقَدْرِ قَبْضِهِ) أَيْ الْمَقْبُوضِ عَنْهُ لَا قِيمَتُهُ لِأَنَّ الَّذِي فَوَّتَهُ إنَّمَا هُوَ الثَّمَنُ حَتَّى لَوْ كَانَ ثَمَنُهُ خَمْسِينَ وَقِيمَتُهُ مِائَةً حُسِبَ مِنْ الثُّلُثِ الْخَمْسُونَ هَذَا إذَا لَمْ يُزَاحِمْهُ دَيْنٌ وَإِلَّا فَيَصِحُّ شِرَاؤُهُ وَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ دَفْعًا لِضَرَرِ الْغَرِيمِ (وَكَسِرَايَةٍ لِبَعْضِ بَعْضِهِ) بِنَحْوِ شِرَاءٍ أَوْ اتِّهَابٍ أَوْ قَبُولِ وَصِيَّةٍ فَيُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ قِيمَةُ السِّرَايَةِ مَعَ الثَّمَنِ إنْ كَانَ فَلَوْ اشْتَرَى نِصْفَ ابْنِهِ بِخَمْسِينَ وَقِيمَةُ كُلِّهِ مِائَتَانِ حُسِبَ مِنْ الثُّلُثِ الثَّمَنُ وَقِيمَةُ السِّرَايَةِ وَذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ
. (لَا إرْثِهِ) أَيْ لَا كَإِرْثِ الْمَرِيضِ (الْبَعْضِ وَلَا اتِّهَابِهِ وَلَا قَبُولِهِ) لَهُ (إذَا أَوْصَى) لَهُ (بِهِ أَوْ) قَبُولِ (وَارِثِ الْمَرِيضِ) الْمُوصَى لَهُ بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ مِنْ الثُّلُثِ بَلْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إذْ لَمْ يُفَوِّتْ فِي مُقَابَلَتِهِ مَالًا وَلَا يَدًا وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَصَحَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ الثُّلُثِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيُلْتَحَقُ بِذَلِكَ مَا إذَا مَلَكَ بِمُعَاوَضَةٍ غَيْرِ مَحْضَةٍ كَصَدَاقٍ وَخُلْعٍ وَإِرْثُ بَعْضِ بَعْضِهِ كَإِرْثِ بَعْضِهِ لِأَنَّهُ لَا سِرَايَةَ فِيهِ إذْ لَا اخْتِيَارَ فِيهِ بِخِلَافِ نَحْوِ اتِّهَابِهِ لَهُ وَقَبُولِهِ الْوَصِيَّةَ لَهُ بِهِ كَمَا مَرَّ وَتَقْيِيدُ النَّظْمِ بِالْمَرِيضِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَالْوَجْهُ تَرْكُهُ (هَذَا) أَيْ قَبُولُ الْوَارِثِ إنَّمَا يَصِحُّ (إنْ قَضَى) أَيْ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ (قَبْلَ الْقَبُولِ) وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى الْقَبُولِ (كَالتَّحَابِي) أَيْ كَالْمُحَابَاةِ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَتَسَامَحُ بِهِ (عِوَضَا) أَيْ فِي عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ كَالْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ فَإِنَّ الزَّائِدَ عَلَى مَا يَتَسَامَحُ بِهِ غَالِبًا يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ كَانَتْ مَعَ الْوَارِثِ أَوْ ضَاقَ الثُّلُثُ عَنْهَا تَوَقَّفَتْ عَلَى الْإِجَازَةِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ أُجِيزَتْ نَفَذَ الْعَقْدُ فِي الْجَمِيعِ وَإِلَّا بَطَلَ فِيمَا لَا يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ وَكَذَا فِيمَا يَخْرُجُ مِنْهُ مَعَ الْوَارِثِ وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ ذِكْرُ صُوَرٍ فِي مُحَابَاةِ الْمَرِيضِ
(وَفِي نِكَاحٍ) فِي الْمَرَضِ (التَّحَابِي جُعِلَا تَبَرُّعًا لِوَارِثٍ) فَلَا يَنْفُذُ إلَّا بِإِجَازَةِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ نَكَحَهَا الْمَرِيضُ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ نَكَحَتْهُ الْمَرِيضَةُ بِدُونِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْ حُوبِيَ مِنْهُمَا وَارِثًا فَهُوَ مَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (وَأَوَّلَا إنْ مَاتَتْ) أَيْ وَإِنْ مَاتَتْ (الزَّوْجَةُ) أَوَّلًا أَيْ قَبْلَ مَوْتِ زَوْجِهَا الْمَذْكُورِ (أَوْ) لَمْ تَمُتْ قَبْلَهُ لَكِنْ (لَمْ تَرِثْ) مِنْهُ كَأَنْ كَانَتْ ذِمِّيَّةً وَهُوَ مُسْلِمٌ (فَزَائِدَ الْمَهْرِ احْتَسِبْ) أَنْتَ (مِنْ ثُلُثِ) الْمَالِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى إجَازَةٍ إذْ لَا يَلْزَمُ فِيهِ الْجَمْعُ بَيْنَ التَّبَرُّعِ، وَالْإِرْثِ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ الزَّائِدُ مِنْ الثُّلُثِ وَوَرِثَهَا الزَّوْجُ دَارَتْ الْمَسْأَلَةُ لِأَنَّهُ يَرِثُ مِنْهَا فَيَزِيدُ مَالُهُ فَيَزِيدُ مَا يَنْفُذُ مِنْ التَّبَرُّعِ فَيَزِيدُ مَا يَرِثُهُ فَيَسْتَخْرِجُ بِطَرِيقِهِ فَلَوْ أَصْدَقَهَا فِي مَرَضِهِ مِائَةً وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَرْبَعُونَ فَمَاتَتْ قَبْلَهُ وَلَا مَالَ لَهُمَا غَيْرُ الصَّدَاقِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا أَرْبَعُونَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَهَا شَيْءٌ بِالْمُحَابَاةِ يَبْقَى مَعَ الزَّوْجِ سِتُّونَ إلَّا شَيْئًا وَيَرْجِعُ إلَيْهِ بِالْإِرْثِ نِصْفُ مَالِهَا عِشْرُونَ وَنِصْفُ شَيْءٍ فَالْمَبَالِغُ ثَمَانُونَ إلَّا نِصْفَ شَيْءٍ يَعْدِلُ شَيْئَيْنِ ضِعْفَ الْمُحَابَاةِ فَبَعْدَ الْجَبْرِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فَيَكُونُ كَالْبَيْعِ بِمُؤَجَّلٍ) لَكِنَّ شَرْطَ الْبَيْعِ بِمُؤَجَّلٍ أَنْ لَا يَحِلَّ قَبْلَ الْمَوْتِ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ ثَابِتٌ هُنَا وَإِنْ قَبَضَ النُّجُومَ قَبْلَ الْمَوْتِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ قَبْضِهِ) يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ خَبَرَ مَحْذُوفٍ أَيْ وَالتَّفْوِيتُ فِي شِرَاءِ الْبَعْضِ بِقَدْرِ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ: وَكَشِرَائِهِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ بِقَدْرِ مَا يَدْفَعُهُ مِنْ الْقِيمَةِ حَتَّى لَوْ أَبْرَأهُ مِنْهَا لَمْ يُحْسَبْ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ بِقَدْرِ قَبْضِهِ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَيْضًا لَكَانَ أَحْسَنَ بِرّ (قَوْلُهُ: مَعَ الثَّمَنِ إلَخْ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ بِقَدْرِ قَبْضِهِ.
(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ) بَحَثَ بَعْضُهُمْ تَخْصِيصَ هَذَا بِمَا إذَا كَانَ لَا يَنْقُصُ بِالتَّشْقِيصِ وَإِلَّا فَيَضْمَنُ الْقِيمَةَ النَّاقِصَةَ قَالَ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ النَّاقِصَةِ مُنْفَرِدًا تِسْعِينَ ضَمِنَ مِائَةً وَأَرْبَعِينَ بِرّ
(قَوْلُهُ:، وَالْوَجْهُ تَرْكُهُ) يُحْتَمَلُ أَنَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ الْوَارِثَ عِنْدَ الْقَبُولِ لَيْسَ وَارِثَ الْمَرِيضِ؛ لِأَنَّ الْمُوَرِّثَ مَيِّتٌ عِنْدَ الْقَبُولِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ وَجْهَهُ أَنَّ التَّقْيِيدَ يُخْرِجُ وَارِثَ الْوَارِثِ فَالْأَوْلَى الْإِطْلَاقُ لِيَشْمَلَهُ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ) الَّتِي نَكَحَهَا الْمَرِيضُ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا
ــ
[حاشية الشربيني]
أَعْتَقَ الْمَرِيضُ عَنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ كَمَا فِي شَرْحِ الْحَاوِي
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ أَقْيَسُ) اعْتَمَدَهُ ع ش (قَوْلُهُ لِحُصُولِ الْبَرَاءَةِ بِدُونِهِ) أَيْ فَلَا دَاعِيَ لِحُسْبَانِ مِقْدَارِ الْأَقَلِّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَالزَّائِدِ عَلَيْهِ مِنْ الثُّلُثِ
(قَوْلُهُ، وَأَوَّلًا إنْ مَاتَتْ إلَخْ) فَإِنْ وَسِعَ الثُّلُثُ الزِّيَادَةَ أَخَذَتْهَا وَرَثَتُهَا وَارِثًا كَانَ الزَّوْجُ أَوْ لَا إذْ لَا جَمْعَ بَيْنَ التَّبَرُّعِ، وَالْإِرْثِ شَرْحُ الرَّوْضِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَزَائِدُ الْمَهْرِ إلَخْ لِرُجُوعِهِ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ (قَوْلُهُ كَأَنْ كَانَتْ ذِمِّيَّةً) أَيْ أَوْ أَمَةً أَوْ مُكَاتَبَةً.
(قَوْلُهُ: ضِعْفُ الْمُحَابَاةِ) أَيْ لِتَكُونَ الْمُحَابَاةُ الثُّلُثُ، وَالْبَاقِي الثُّلُثَانِ.
(قَوْلُهُ: فَبَعْدَ الْجَبْرِ
وَالْمُقَابَلَةِ يَعْدِلُ ثَمَانُونَ شَيْئَيْنِ وَنِصْفَ شَيْءٍ فَالشَّيْءُ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ فَلَهَا اثْنَانِ وَسَبْعُونَ أَرْبَعُونَ مَهْرُ الْمِثْلِ.
وَالْبَاقِي مُحَابَاةٌ يَبْقَى مَعَهُ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَيَرْجِعُ إلَيْهِ بِالْإِرْثِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ فَيَجْتَمِعُ لِوَرَثَتِهِ أَرْبَعَةٌ وَسِتُّونَ ضِعْفُ الْمُحَابَاةِ وَلَوْ اقْتَصَرَ النَّاظِمُ وَأَصْلُهُ عَلَى عَدَمِ إرْثِ الزَّوْجَةِ كَأَنْ قَالَا وَإِنْ لَمْ تَرِثْ الزَّوْجَةُ أَغْنَى عَنْ ذِكْرِ مَوْتِهَا قَبْلَ الزَّوْجِ كَمَا صَنَعَا فِي جَانِبِ الزَّوْجِ حَيْثُ قَالَا (لَا حَيْثُ عَنْ مَمْهُورِ مِثْلٍ نَزَلَتْ) بِأَنْ نَكَحَتْهُ بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا (وَلَمْ يَرِثْهَا الزَّوْجُ) كَأَنْ مَاتَ قَبْلَهَا أَوْ كَانَ مُسْلِمًا وَهِيَ ذِمِّيَّةٌ فَإِنَّهُ لَا يُكَمِّلُ مَهْرَ الْمِثْلِ وَلَا يُحْسَبُ النَّقْصُ مِنْ الثُّلُثِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَرِثَهَا فَإِنَّ لِبَقِيَّةِ وَرَثَتِهَا طَلَبُ التَّكْمِيلِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَإِنَّمَا جُعِلَ ذَلِكَ وَصِيَّةً فِي حَقِّهِ وَارِثًا دُونَهُ غَيْرَ وَارِثٍ لِأَنَّ الْمَرِيضَ إنَّمَا يُمْنَعُ مِنْ تَفْوِيتِ مَا عِنْدَهُ وَهَذَا لَيْسَ بِتَفْوِيتٍ وَإِنَّمَا هُوَ امْتِنَاعٌ مِنْ التَّحْصِيلِ وَلِأَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا يُتَوَهَّمُ بَقَاؤُهُ لِلْوَارِثِ وَانْتِفَاعُهُ، وَالْبُضْعُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَمَا قَالَاهُ لَا يَصْلُحُ لِلْفَرْقِ بَلْ يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمَا فِي امْتِنَاعِ رَدِّ هَذِهِ الْمُحَابَاةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ غَايَةُ مَا فِيهِ أَنْ يُقَالَ: خَصَّتْ الْمَرْأَةُ وَارِثًا بِتَبَرُّعٍ لَيْسَ فِيهِ تَفْوِيتُ مَالٍ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ تَبَرَّعَتْ بِخِدْمَتِهِ.
وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (قُلْتُ اسْتَشْكَلَتْ) إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى، وَالْجَوَابُ بِأَنَّهَا فِي مَسْأَلَةِ الْوَارِثِ خَصَّتْ وَارِثًا بِزِيَادَةٍ فَافْتَقَرَتْ إلَى الْإِجَازَةِ بِخِلَافِهَا فِي الْأُخْرَى فِيهِ نَظَرٌ مَعَ أَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنْ يُفَصِّلَ فِي الْمُسْتَأْجَرِ وَعَامِلِ الْقِرَاضِ الْآتِيَيْنِ بَيْنَ الْوَارِثِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يَقُولُوا بِهِ
(لَا) التَّحَابِي فِي (أَجْرِ نَفْسٍ) بِأَنْ أَجَّرَ نَفْسَهُ فِي مَرَضِهِ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَلَا يُحْسَبُ النَّقْصُ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ امْتِنَاعٌ مِنْ التَّحْصِيلِ لَا تَفْوِيتٌ لِلْحَاصِلِ وَلَا مَطْمَعَ لِلْوَرَثَةِ فِي عَمَلِهِ بِخِلَافِ الْمُحَابَاةِ فِي أَجْرِ أَمْوَالِهِ (وَ) لَا فِي (قِرَاضٍ) بِأَنْ شَرَطَ فِي مَرَضِهِ لِعَامِلِ الْقِرَاضِ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ فَلَا يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ إذْ لَا تَفْوِيتَ بِخِلَافِ مِثْلِهِ فِي الْمُسَاقَاةِ حَيْثُ يُحْسَبُ مِنْهُ فَإِنَّ الثَّمَرَةَ كَالْحَاصِلَةِ لِحُصُولِهَا بِنَفْسِهَا فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ بِخِلَافِ الرِّبْحِ (وَالْأَقَلْ) أَيْ وَكَالْأَقَلِّ (مِنْ قِيمَةٍ) لِمُكَاتَبٍ (وَمِنْ نُجُومٍ إنْ حَصَلٌ كِتَابَةٌ) لَهُ (فِي صِحَّةٍ) لِسَيِّدِهِ.
(ثُمَّ وَضَعَ) عَنْهُ حَالَةَ كَوْنِهِ (مَرِيضًا) النُّجُومَ أَيْ أَبْرَأهُ عَنْهَا (أَوْ بِالْوَضْعِ الْإِيصَاءُ وَقَعْ أَوْ عِتْقِهِ) أَيْ أَوْ أَوْصَى بِوَضْعِهَا عَنْهُ أَوْ بِإِعْتَاقِهِ وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْقِيمَةُ فَرُبَّمَا كَانَ يَعْجِزُ نَفْسَهُ فَلَا يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ إلَّا الرَّقَبَةُ وَهِيَ قَدْرُ الْقِيمَةِ أَوْ النُّجُومِ فَلِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَيْهَا تَبَرَّعَ بِهِ السَّيِّدُ فِي صِحَّتِهِ فَلَا اعْتِرَاضَ لَهُمْ عَلَيْهِ (وَأَجْرِهِ جَمِيعًا) أَيْ وَكَأُجْرَةِ الْمُعَارِ جَمِيعِهَا مُدَّةُ الْعَارِيَّةِ (مَهْمَا يُعِرْ) أَيْ إنْ يُعِرْهُ مَالِكُهُ فِي مَرَضِهِ أَوْ يُوصِي بِإِعَارَتِهِ فَإِنَّهَا تُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ لِكَوْنِهَا تَبَرُّعًا بِمَا يَمْتَدُّ إلَيْهِ أَطْمَاعُ الْوَرَثَةِ (كَقِيمَةٍ) لِشَيْءٍ (إنْ بِيعَا) أَيْ إنْ بَاعَهُ الْمَرِيضُ (بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَمَاتَا) هُوَ (قَبْلَ حُلُولِهِ) فَإِنَّهَا تُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ (وَلَا الْتِفَاتَا فِي كَوْنِهِ) أَيْ إلَى كَوْنِ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: وَالْجَوَابُ بِأَنَّهَا إلَخْ) حَاوَلَ بَعْضُهُمْ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ أَقْوَى فِي نَظَرِ الشَّرْعِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَدْ قَالَ بِبُطْلَانِهَا مَنْ لَمْ يَقُلْ بِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ بِالزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ أَقُولُ هَذَا الَّذِي حَاوَلَهُ يَلْزَمُهُ الْقَوْلُ بِمِثْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِيجَارِ، وَالْقِرَاضِ وَلَمْ يَقُولُوا بِهِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ (قَوْلُهُ بِزِيَادَةٍ) كَانَ الْمُرَادُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ مَا تَضَمَّنَهُ نَقْصُ مَهْرِهَا عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا لِأَنَّهَا لَمَّا سَامَحَتْهُ بِالنَّقْصِ فَكَأَنَّهَا أَعْطَتْهُ إيَّاهُ فَهُوَ زِيَادَةٌ حَصَلَتْ لَهُ دُونَ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَلَوْ أَخَذَتْهُ مِنْهُ شَارَكَهُ فِيهِ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ: فِيهِ نَظَرٌ) كَانَ وَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ فِي الْأُخْرَى مُحَابَاةٌ وَهِيَ تُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ وَتَفْتَقِرُ إلَى الْإِجَازَةِ إنْ زَادَتْ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ فِي أَجْرِ نَفْسٍ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ لَا أَجْرَ عَيْنِهِ اهـ وَهِيَ أَظْهَرُ فِي إخْرَاجِ الْتِزَامِهِ عَمَلًا فِي ذِمَّتِهِ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَهُوَ كَإِجَارَةِ مِلْكِهِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْأَقَلَّ إنْ كَانَ أَيْ الْأَقَلُّ الْقِيمَةَ (قَوْلُهُ: أَيْ أَنْ يُعِرْهُ مَالِكُهُ فِي مَرَضِهِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ انْتَهَتْ الْإِعَارَةُ قَبْلَ الْمَوْتِ بَلْ انْتِهَاؤُهَا بِالْمَوْتِ لَازِمٌ لِبُطْلَانِهَا بِهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ حُلُولِهِ) بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَّ قَبْلَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ تَيَسُّرِ قَبْضٍ وَعَدَمِهِ لِاعْتِبَارِهِ وَنَحْوِهِ
ــ
[حاشية الشربيني]
إلَخْ) الْجَبْرُ هُوَ زِيَادَةُ الْمُسْتَثْنَى عَلَى كُلٍّ مَنْ الطَّرَفَيْنِ، وَالْمُقَابَلَةُ هِيَ إزَالَةُ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَلَيْسَتْ مَوْجُودَةً هُنَا لِعَدَمِ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ اهـ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُقَابَلَةَ لَيْسَتْ لَازِمَةً لِلْجَبْرِ كَمَا فِي شَرْحِ الْيَاسَمِينِيَّةِ (قَوْلُهُ قُلْت اسْتَشْكَلَتْ) أَجَابَ صَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ بِأَنَّ الزَّوْجَةَ فِي صُورَةِ التَّوَارُثِ إذَا نَكَحَتْ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ فَقَدْ خَصَّصَتْ بَعْضَ الْوَرَثَةِ بِزِيَادَةٍ دُونَ الْبَعْضِ الْآخَرِ فَلَمْ تَسْتَغْنِ عَنْ إجَازَتِهِمْ، وَأَمَّا فِي صُورَةِ عَدَمِ التَّوَارُثِ فَلَمْ تُخَصِّصْ بَعْضَ الْوَرَثَةِ بِزِيَادَةٍ، وَلَمْ تَعُدَّ نَفْسَهَا مَطْمَعًا لِلْوَرَثَةِ فَلَمْ يُحْسَبْ النُّقْصَانُ مِنْ الثُّلُثِ. اهـ. وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّأَمُّلِ نَظَرُ الشَّارِحِ الَّذِي بَيَّنَهُ الْمُحَشِّي لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ إجَارَةُ نَفْسِهِ، وَالْقِرَاضُ لِلْوَارِثِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا بِمِثْلِ ذَلِكَ فِيهِ نَعَمْ فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجِ خَصَّتْ وَارِثًا بِزِيَادَةٍ وَقَعَتْ فِي مُقَابِلِ سَبَبِ الْإِرْثِ أَعْنِي الْمَهْرَ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُ النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْإِرْثِ بِخِلَافِ إجَارَةِ نَفْسِهِ لِلْوَارِثِ، وَالْقِرَاضِ مَعَهُ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ فِي مُقَابِلِ سَبَبِ الْإِرْثِ فَإِنْ أَثَّرَ هَذَا الْمَعْنَى انْدَفَعَ جَمِيعُ مَا يَرِدُ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: اسْتَشْكَلَتْ) قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْحَاوِي فَالْحَقُّ أَنْ تُجْعَلَ زِيَادَةُ الزَّوْجِ تَبَرُّعًا، وَلَا يُجْعَلُ نُقْصَانُ الزَّوْجَةِ تَبَرُّعًا مُطْلَقًا لِأَنَّهُ امْتِنَاعٌ عَنْ الِاكْتِسَابِ.
(قَوْلُهُ: خَصَّتْ وَارِثًا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا فِي الْوَصِيَّةِ لِغَيْرِ وَارِثٍ بِمَا لَمْ يَتَوَسَّعُوا بِهِ فِي الْوَصِيَّةِ لِوَارِثٍ. اهـ. حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ
(قَوْلُهُ: كَقِيمَةٍ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْهَا الثُّلُثُ، وَرَّدَ الْوَارِثُ مَا زَادَ عَلَيْهِ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ بَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ، وَالْإِجَازَةِ فِي الثُّلُثِ بِقِسْطٍ مِنْ الثُّمُنِ لِتَشْقِيصِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ فَلَوْ أَجَازَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَرُدَّ بِالْإِجَارَةِ الْمَالَ الَّذِي صَحَّ فِيهِ الْبَيْعُ لِانْقِطَاعِ الْبَيْعِ بِالرَّدِّ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ:
ثَمَنِهِ (عَنْ قِيمَةٍ لَهُ عَلَا) أَيْ زَادَ عَلَيْهَا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَفْوِيتِ الْيَدِ عَلَى الْوَرَثَةِ
ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الِاحْتِسَابِ مِنْ الثُّلُثِ فَقَالَ (وَأَوَّلًا مُنَجَّزًا فَأَوَّلَا) مِنْ التَّبَرُّعَاتِ (قَدَّمَ) الْحَاكِمُ عِنْدَ ضِيقِ الثُّلُثِ عَنْهَا حَتَّى يَتِمَّ الثُّلُثُ سَوَاءٌ كَانَتْ كُلُّهَا عِتْقًا أَمْ غَيْرَهُ أَمْ مُخْتَلِفًا مِنْهُمَا لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَازِمٌ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَنْفِيذٍ ثُمَّ يَبْقَى بَاقِي تَصَرُّفِهِ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجَازَةِ (ثُمَّ فِي الْعَتَاقِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (أُقْرِعَا) أَيْ ثُمَّ إنْ لَمْ تَكُنْ التَّبَرُّعَاتُ مُنَجَّزَةً مُرَتَّبَةً بِأَنْ أَضَافَهَا لِلْمَوْتِ وَلَوْ مُرَتَّبَةً كَقَوْلِهِ إذَا مِتُّ فَسَالِمٌ حُرٌّ وَغَانِمٌ حُرٌّ وَنَافِعٌ حُرٌّ أَوْ نَجَّزَهَا وَلَمْ يُرَتِّبْهَا كَقَوْلِهِ أَعْتَقْتُكُمْ أَوْ أَبْرَأْتُكُمْ أَوْ سَالِمٌ وَغَانِمٌ وَنَافِعٌ أَحْرَارٌ أُقْرِعَ فِي الْعِتْقِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةً مَمْلُوكِينَ لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُمْ فَدَعَاهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَجَزَّأَهُمْ أَثْلَاثًا ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً» وَلِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ تَخْلِيصُ الشَّخْصِ مِنْ الرِّقِّ وَتَكْمِيلُ حَالِهِ، وَالتَّشْقِيصُ يُنَافِيهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ تَرْتِيبُهَا مَعَ إضَافَتِهَا لِلْمَوْتِ لِاشْتِرَاكِهَا فِي وَقْتِ نَفَاذِهَا وَهُوَ وَقْتُ الْمَوْتِ بَلْ لَا يُقَدَّمُ الْعِتْقُ الْمُعَلَّقُ بِالْمَوْتِ عَلَى الْمُوصَى بِإِعْتَاقِهِ عَلَى الصَّحِيحِ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي يَحْتَاجُ إلَى إنْشَاءِ عِتْقِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ وَقْتَ اسْتِحْقَاقِهِمَا وَاحِدٌ نَعَمْ إنْ اعْتَبَرَ الْمُوصِي وُقُوعَهَا مُرَتَّبَةً بَعْدَ الْمَوْتِ كَقَوْلِهِ إذَا مِتّ فَاعْتِقُوا سَالِمًا غَانِمًا ثُمَّ نَافِعًا قُدِّمَ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ أَمَّا إذَا عُلِمَ التَّرْتِيبُ وَلَمْ يُعْلَمْ الْأَوَّلُ أَوْ عُلِمَ ثُمَّ نُسِيَ فَالْأَصَحُّ فِي الدَّعَاوَى مِنْ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يُقْرَعُ بَلْ يُعْتَقُ مِنْ كُلٍّ بَعْضُهُ وَإِنْ أَفْهَمَ كَلَامُ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ خِلَافَهُ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ وَأَوَّلًا مُنَجَّزًا فَأَوَّلَا قُدِّمَ أَنَّهُ لَا يُقَدَّمُ الْمُعَلَّقُ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ مُطْلَقًا قَالَ الْقَنَوِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمُوصِي إذَا اعْتَبَرَ وُقُوعَ التَّبَرُّعَاتِ الْمُوصَى بِهَا مُرَتَّبَةً بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ تَقْدِيمِ مَا قَدَّمَهُ وَنَظَرُهُ قَوِيٌّ فَعَلَيْهِ لَوْ قَالَ: إذَا مِتّ فَسَالِمٌ حُرٌّ ثُمَّ غَانِمٌ ثُمَّ نَافِعٌ قُدِّمَ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ وَقَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّ التَّبَرُّعَاتِ فِيمَا مَثَّلُوا بِهِ هُنَاكَ اعْتَبَرَ الْمُوصِي وُقُوعَهَا مُرَتَّبَةً مِنْ غَيْرِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ تَقَعَ عَلَى وَفْقِ اعْتِبَارِهِ بِخِلَافِهَا هُنَا
(وَإِنْ بِعِتْقِ ثُلُثِ كُلٍّ قَطَعَا)
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: أَوْ نَجَّزَهَا) وَلَمْ يُرَتِّبْهَا كَقَوْلِهِ أَعْتَقْتُكُمْ أَوْ أَبْرَأْتُكُمْ أَوْ سَالِمٌ وَغَانِمٌ وَنَافِعٌ أَحْرَارٌ جَعَلَ الْجَوْجَرِيُّ مِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ أَعْتَقْت سَالِمًا وَبَكْرًا وَخَالِدًا وَكَذَا جَعَلَ مِنْ الْمَعِيَّةِ أَعْتَقْت سَالِمًا وَأَعْتِقُوا بَعْدَ مَوْتِي غَانِمًا أَوْ قَالَ وَهَبْت زَيْدًا أَلْفًا وَأَعْطُوا زَيْدًا بَعْدَ مَوْتِي أَلْفًا وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالَ فَفِي كُلِّ ذَلِكَ يُقَسَّطُ الثُّلُثُ عَلَيْهَا اهـ وَأَحْسِبْهُ وَهْمًا فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ السُّبْكِيّ مَا نَصُّهُ بَقِيَ قِسْمٌ ثَالِثٌ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ أَنْ يُصْدِرَ تَبَرُّعَاتٍ مُنَجَّزَةٍ وَأُخْرَى مُعَلَّقَةٍ بِالْمَوْتِ فَتُقَدَّمُ الْمُنَجَّزَةُ لِأَنَّهَا تُفِيدُ الْمِلْكَ فِي الْحَالِ وَلِأَنَّهَا لَازِمَةٌ لَا يَتَمَكَّنُ الْمَرِيضُ مِنْ الرُّجُوعِ عَنْهَا وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ أَوْ أَوْصَى بِالْعِتْقِ فَهُمَا سَوَاءٌ. اهـ. فَمَا قَالَهُ الْجَوْجَرِيُّ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِي شَرْحِ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ مِثْلُ مَا فِي السُّبْكِيّ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ قُلْت وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ مِثْلُ مَا فِي السُّبْكِيّ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي تَقْدِيمِ الْمُنَجَّزَةِ بَيْنَ تَقَدُّمِهَا وَتَأَخُّرِهَا حَتَّى لَوْ قَالَ أَعْتِقُوا غَانِمًا بَعْدَ مَوْتِي ثُمَّ أَعْطَى زَيْدًا مِائَةً قُدِّمَتْ الْمِائَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا عُلِمَ التَّرْتِيبُ إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَوْ شَكَّ هَلْ أَعْتَقَهُمْ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا (وَلَهُ أَوْ عَلِمَ ثُمَّ نَسِيَ) الْقِيَاسُ الْوَقْفُ إلَى ظُهُورِ الْحَالِ إنْ رُجِيَ.
(قَوْلُهُ: قَدَّمَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ) قَدْ جَزَمَ السُّبْكِيُّ بِذَلِكَ نَاقِلًا لَهُ نَقْلَ الْمَذْهَبِ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافَهُ بِرّ وَقَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ: إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ
ــ
[حاشية الشربيني]
أَقْرَعَ فِي الْعِتْقِ) أَيْ دُونَ الْإِبْرَاءِ بَلْ يُقَسِّطُ فِيهِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ أَوْ الْمِقْدَارِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ، وَأَوْ فِي كَلَامِهِ مَانِعَةُ خُلُوٍّ، وَانْظُرْ كَيْفَ تَعْرِفُ النِّسْبَةَ بَيْنَ انْضِمَامِ الْأَجْزَاءِ لِلْقِيمَةِ؟ فَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ قِيمَةِ الْمِثْلِيِّ لِمَعْرِفَةِ مَا يَخُصُّهُ ثُمَّ يُوَزَّعُ مَا يَخُصُّهُ عَلَى مَا مَعَهُ بِالْأَجْزَاءِ لَوْ كَانَ مَقَادِيرَ. اهـ. تَقْرِيرُ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنْ تَمَحَّضَ الْعِتْقُ أَقْرَعَ أَوْ غَيْرُهُ قَسَّطَ الثُّلُثَ عَلَى الْجَمِيعِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ أَوْ الْمِقْدَارِ أَوْ هُوَ، وَغَيْرُهُ قَسَّطَ الثُّلُثَ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِهَا فَقَطْ أَوْ مَعَ الْمِقْدَارِ فَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ سَالِمٍ، وَلِعَمْرٍو بِمِائَةٍ، وَكَانَتْ قِيمَةُ سَالِمٍ مِائَةً، وَالثُّلُثُ مِائَةٌ عَتَقَ نِصْفُهُ، وَلِعَمْرٍو خَمْسُونَ. اهـ. فَقَوْلُهُ بِاعْتِبَارِهَا فَقَطْ أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ مَا مَعَهَا مِنْ جِنْسِهَا، وَإِلَّا فَبِاعْتِبَارِهَا مَعَ الْمِقْدَارِ الَّذِي مِنْ جِنْسِهَا مَا ذَكَرَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بَلْ لَا يُقَدَّمُ إلَخْ) تَوَقَّفَ فِيهِ ق ل فَقَالَ الْوَجْهُ تَقْدِيمُ الْمُدَبَّرِ لِسَبْقِهِ بِالْعِتْقِ عَلَى نَظِيرِ مَا قَبْلَهُ، وَمَا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْهُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَلِمَ ثُمَّ نَسِيَ) مِثْلُهُ مَا لَوْ شَكَّ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَهُمَا فِي التَّرْتِيبِ، وَالْمَعِيَّةِ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ مِنْ كُلٍّ نِصْفُهُ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: مُرَتَّبَةً) أَيْ بِالْحَرْفِ لَا بِالذِّكْرِ
(قَوْلُهُ
أَيْ وَإِنْ جَزَمَ مَرِيضٌ بِإِعْتَاقِ ثُلُثِ كُلٍّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَعْبُدٍ مَثَلًا مُتَسَاوِيَةَ الْقِيمَةِ دَفْعَةً وَاحِدَةً لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَهُمْ كَأَنْ قَالَ ثُلُثُ كُلٍّ مِنْكُمْ حُرٌّ أَوْ أَثْلَاثُكُمْ أَحْرَارٌ فَإِنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ أَيْضًا وَلَا يَفْتَقِرُ الْعِتْقُ إلَى ثُلُثِ كُلٍّ مِنْهُمْ حَذَرًا مِنْ التَّشْقِيصِ فِي عَبْدٍ لِأَنَّ إعْتَاقَ بَعْضِ عَبْدِهِ كَإِعْتَاقِ كُلِّهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ أَعْتَقْتُكُمْ وَخَرَجَ بِقَطْعِ الْمَزِيدِ عَلَى الْحَاوِي مَا لَوْ أَضَافَ ذَلِكَ إلَى الْمَوْتِ فَقَالَ: ثُلُثُكُمْ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ أَثْلَاثُكُمْ أَحْرَارٌ بَعْدَ مَوْتِي فَلَا يُقْرَعُ بَلْ يُعْتَقُ مِنْ كُلٍّ ثُلُثُهُ إذْ لَا سِرَايَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا إلَّا أَنْ يَزِيدَ مَا أَعْتَقَهُ عَلَى الثُّلُثِ كَأَنْ قَالَ: نِصْفُكُمْ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَيُقْرَعُ لِرَدِّ الزِّيَادَةِ
(وَلْتَجْرِ) فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ وَنَحْوِهَا (قُرْعَةٌ عَلَى الْمَيِّتِ) مِنْ الْعُتَقَاءِ فِي الْمَرَضِ إذَا كَانَ مَوْتُهُ (مِنْ قَبْلِ دُخُولٍ) لَهُ (يَدَ وَارِثٍ) أَيْ فِي يَدِهِ سَوَاءٌ مَاتَ قَبْلَ سَيِّدِهِ أَوْ بَعْدَهُ نَظَرًا لِلْوَارِثِ (وَإِنْ) لَوْ عَبَّرَ كَأَصْلِهِ بِالْفَاءِ كَانَ أَوْلَى أَيْ فَإِنْ (تَخْرُجْ) أَيْ الْقُرْعَةُ بِالْحُرِّيَّةِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ الْعُتَقَاءِ (فَكِلَا الْحَيَّيْنِ رِقّ) وَبِأَنَّ مَوْتَهُ حُرًّا مَوْرُوثًا عَنْهُ (وَإِنْ) خَرَجَتْ (عَلَى حَيٍّ فَثُلُثَاهُ عَتَقْ) وَكَأَنَّ الْحَيَّيْنِ كُلُّ التَّرِكَةِ وَإِنْ خَرَجَتْ بِالرِّقِّ عَلَى الْمَيِّتِ لَمْ يُحْسَبْ عَلَى الْوَارِثِ لِأَنَّهُ يَبْغِي الْمَالَ وَلَمْ تَمْتَدَّ يَدُهُ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُعْتِقِ فَإِنَّهُ يَبْغِي الثَّوَابَ وَتُعَادُ الْقُرْعَةُ بَيْنَ الْحَيَّيْنِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا هُمَا فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ بِالْحُرِّيَّةِ عَتَقَ ثُلُثَاهُ كَمَا لَوْ خَرَجَتْ لَهُ بِهَا أَوَّلًا أَمَّا إذَا مَاتَ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي يَدِ الْوَارِثِ فَيُحْسَبُ عَلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى لَوْ خَرَجَتْ عَلَى أَحَدِ الْحَيَّيْنِ عَتَقَ كُلُّهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ كُلُّهُ مُصَوَّرٌ بِالْمَوْتِ بِغَيْرِ قَتْلٍ مُضَمَّنٍ وَإِلَّا فَهُوَ كَاَلَّذِي لَمْ يَمُتْ
وَ (لَوْ قَالَ: إنْ أَعْتَقْتُ سَعْدًا فَبَكُرْ) بِنَقْلِ حَرَكَةِ الرَّاءِ إلَى الْكَافِ لِلْوَقْفِ (حُرٌّ) وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا أَحَدُهُمَا ثُمَّ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ سَعْدًا (فَلَا قُرْعَةَ وَالْأَوَّلُ) أَيْ سَعْدٌ (حُرْ) إذْ لَوْ أَقْرَعَ أَمْكَنَ خُرُوجُ الْقُرْعَةِ بِالْحُرِّيَّةِ لِبَكْرٍ فَيَلْزَمُ إرْقَاقُ سَعْدٍ فَيَفُوتُ شَرْطُ عِتْقِ بَكْرٍ فَإِنْ خَرَجَا مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَا
(وَمَا سِوَى الْعِتْقِ) مِنْ التَّبَرُّعَاتِ غَيْرِ الْمُنَجَّزَةِ أَوْ الْمُنَجَّزَةِ غَيْرِ الْمُرَتَّبَةِ (فَفِيهَا قُسِّطَا) أَيْ الثُّلُثُ عَلَيْهَا بِالْقِيمَةِ إذْ لَا مَزِيَّةَ وَلَا إقْرَاعَ فِيهَا إذْ الْغَرَضُ مِنْهَا التَّمْلِيكُ، وَالتَّشْقِيصُ لَا يُنَافِيه بِخِلَافِ الْعِتْقِ كَمَا مَرَّ وَدَخَلَ فِيمَا سِوَى الْعِتْقِ الْعِتْقُ مَعَ غَيْرِهِ فَيَسْقُطُ عَلَيْهِمَا ثُمَّ مَا يَخُصُّ الْعِتْقَ يُقْرَعُ فِيهِ كَمَا مَرَّ نَعَمْ لَوْ دَبَّرَ عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَأَوْصَى لَهُ بِمِائَةٍ وَثُلُثُ مَالِهِ مِائَةٌ قُدِّمَ عِتْقُ الْمُدَبَّرِ عَلَى الْوَصِيَّةِ لَهُ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ
(وَلْيَتَسَلَّطْ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ عَلَى الْمُوصَى بِهِ (بَعْدَ أَنْ تَسَلَّطَا وَارِثُ مَنْ أَوْصَى) أَيْ بَعْدَ تَسَلُّطِ وَارِثِ الْمُوصِي (عَلَى مِثْلَيْهِ) فَلَوْ أَوْصَى بِعَبْدٍ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ وَبَاقِي مَالِهِ غَائِبٌ لَمْ يَتَسَلَّطْ الْمُوصَى لَهُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى ثُلُثِهِ حَتَّى يَحْضُرَ مِنْ الْغَائِبِ مَا يَخْرُجُ بِهِ الْعَبْدُ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ تَسَلُّطَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَسَلُّطِ الْوَارِثِ عَلَى مِثْلَيْ مَا تَسَلَّطَ هُوَ عَلَيْهِ وَقَدْ يَتْلَفُ الْغَائِبُ فَلَا يَصِلُ إلَى حَقِّهِ وَلَا يَتَسَلَّطُ الْوَارِثُ عَلَى ثُلُثَيْهِ لِإِمْكَانِ وُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ مِنْ الْغَائِبِ فَلَوْ تَصَرَّفَ فِي ثُلُثَيْهِ فَبَانَ تَلَفُ الْغَائِبِ فَعَنْ السَّرَخْسِيِّ أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ نُفُوذُ تَصَرُّفِهِ وَرَأَى الرَّافِعِيُّ تَخْرِيجَهُ عَلَى وَقْفِ الْعُقُودِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فَيُقْرِعُ لِرَدِّ الزِّيَادَةِ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَإِنْ قَالَ نِصْفُ كُلٍّ مِنْكُمْ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَرَدَّ الْوَرَثَةُ الزِّيَادَةَ عَلَى الثُّلُثِ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ بِسَهْمِ رِقٍّ وَسَهْمِ عِتْقٍ فَمَنْ أَصَابَهُ سَهْمُ الرِّقِّ رُقَّ وَعَتَقَ نِصْفُ كُلٍّ مِنْ الْأَخِيرَيْنِ. اهـ.
ــ
[حاشية الشربيني]
مِنْ التَّبَرُّعَاتِ غَيْرِ الْمُنَجَّزَةِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مُعَلَّقَةً بِالْمَوْتِ إيقَاعًا أَوْ وُقُوعًا مَعَ التَّرْتِيبِ بِالْحَرْفِ كَثُمَّ يُقَسَّطُ عَلَيْهَا الثُّلُثُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ عَلَى التَّرْتِيبِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّارِحُ فِيمَا سَبَقَ نَعَمْ إذَا كَانَ التَّرْتِيبُ بِمُجَرَّدِ الذِّكْرِ يُقَسَّطُ كَمَا رَأَيْتُهُ بِخَطِّ عَالِمٍ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَلْيُحَرَّرْ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ الْمُرَتَّبَةِ رَاجِعٌ لَهُمَا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَوْ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَشَرْحِهِ بَعْدَ ذِكْرِ التَّقْسِيطِ نَعَمْ إنْ اعْتَبَرَ الْمُوصِي وُقُوعَهَا مُرَتَّبَةً بَعْدَ الْمَوْتِ كَأَنْ قَالَ أَعْتِقُوا بَعْدَ مَوْتِي سَالِمًا ثُمَّ غَانِمًا تَرَتَّبَ فَيُقَدَّمُ الْأَوَّلُ. اهـ.، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِتْيَانَ بِالْحَرْفِ الْمُرَتَّبِ فِي قَوْلِهِ سَالِمٌ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي ثُمَّ غَانِمٌ اعْتِبَارٌ لِوُقُوعِهَا مُرَتَّبَةً
(قَوْلُهُ: غَائِبٌ) أَيْ إذَا كَانَتْ الْغَيْبَةُ تَمْنَعُ التَّصَرُّفَ فِيهِ لِتَعَذُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ لِخَوْفٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَإِلَّا فَلَا حُكْمَ لِلْغَيْبَةِ، وَيُسَلَّمُ لِلْمُوصَى لَهُ الْمُوصَى بِهِ، وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ، وَتَصَرُّفُهُمْ فِي الْمَالِ الْغَائِبِ. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ، وَنَقَلَ النَّاشِرِيُّ هَذَا عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ عَنْ الْقَفَّالِ قَالَ أَمَّا إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِ فَالْمُعْتَبَرُ مُضِيُّ زَمَنِ الْقُدْرَةِ. اهـ. قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ بِبَلَدِ الْغَائِبِ سُلِّمَتْ الْعَيْنُ لِلْمُوصَى لَهُ كَحُضُورِ الْغَائِبِ. اهـ. (قَوْلُهُ لَمْ يَتَسَلَّطْ الْمُوصَى لَهُ) سَوَاءٌ الْبَيْعُ، وَالْإِجَارَةُ، وَغَيْرُهُمَا عَلَى مَا اسْتَوْجَهَهُ ع ش خِلَافًا لِ مَرَّ رَاجِعْهُمَا (قَوْلُهُ، وَلَا عَلَى ثُلُثِهِ) إلَّا أَنْ يُطْلِقَ لَهُ الْوَرَثَةُ التَّصَرُّفَ فِيهِ فَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ. اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: عَلَى وَقْفِ الْعُقُودِ) أَيْ فِي تَصَرُّفِ الْفُضُولِيِّ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ فِي الْجَدِيدِ، وَفِي الْقَدِيمِ مَوْقُوفٌ إنْ أَجَازَ مَالِكُهُ أَوْ وَلِيُّهُ نَفَذَ، وَإِلَّا فَلَا فَقِيَاسُهُ هُنَا إنْ أَجَازَ الْمُوصَى لَهُ
وَالنَّوَوِيُّ تَخْرِيجَهُ عَلَى بَيْعِ مَالِ أَبِيهِ بِظَنِّ حَيَاتِهِ فَبَانَ مَيِّتًا
(وَمَنْعُهُ) أَيْ الْمَرِيضِ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا عَلَى مَا مَرَّ (مِنْ) تَبَرُّعِهِ بِشَيْءٍ (زَائِدٍ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الثُّلُثِ ثَابِتٍ (فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ) مِنْهُ الْمَوْتُ (كَالْقُولَنْجِ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا وَهُوَ أَنْ تَنْعَقِدَ أَخْلَاطُ الطَّعَامِ فِي بَعْضِ الْأَمْعَاءِ فَلَا يَنْزِلُ وَيَصْعَدُ بِسَبَبِهِ الْبُخَارُ إلَى الدِّمَاغِ فَيُؤَدِّي إلَى الْهَلَاكِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ: هَذَا إنْ أَصَابَ مَنْ لَمْ يَعْتَدْهُ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُصِيبُهُ كَثِيرًا وَيُعَافَى مِنْهُ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ فَلَا (وَذَاتِ جَنْبٍ) وَتُسَمَّى ذَاتُ الْخَاصِرَةِ وَهِيَ قُرُوحٌ تَحْدُثُ فِي دَاخِلِ الْجَنْبِ بِوَجَعٍ شَدِيدٍ ثُمَّ تَنْفَتِحُ فِي الْجَوْفِ وَيَسْكُنُ الْوَجَعُ وَذَلِكَ وَقْتَ الْهَلَاكِ وَمِنْ عَلَامَتِهَا الْحُمَّى اللَّازِمَةُ، وَالْوَجَعُ النَّاخِسُ تَحْتَ الْأَضْلَاعِ وَضِيقُ النَّفْسِ وَتَوَاتُرُهُ، وَالسُّعَالُ (وَرُعَافٍ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ (ثَجِّ) بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ سَائِلٍ بِمَعْنَى دَائِمٍ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ الْقُوَّةَ بِخِلَافِ غَيْرِ الدَّائِمِ (وَأَوَّلٍ مِنْ فَالِجٍ) بِخِلَافِ دَوَامِهِ وَهُوَ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ اسْتِرْخَاءُ أَحَدِ شِقَّيْ الْبَدَنِ طُولًا وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ وَسَبَبُهُ غَلَبَةُ الرُّطُوبَةِ، وَالْبَلْغَمِ فَإِذَا هَاجَ رُبَّمَا أَطْفَأَ الْحَرَارَةَ الْغَرِيزِيَّةَ وَأَهْلَك (وَآخِرِ سِلٌّ) بِكَسْرِ السِّينِ كَمَا فِي الشَّرْحِ لَا بِفَتْحِهَا كَمَا وَقَعَ فِي مُخْتَصَرِ الْمُهِمَّاتِ لِلشَّارِحِ تَبَعًا لَهَا وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ الرِّئَةَ فَيَأْخُذُ مِنْهُ الْبَدَنُ فِي النُّقْصَانِ، وَالِاصْفِرَارِ وَتَبِعَ كَأَصْلِهِ فِي التَّقْيِيدِ بِآخِرِهِ صَاحِبَ الْمُهَذَّبِ وَالْغَزَالِيَّ وَعَكَسَ الْبَغَوِيّ فَجَعَلَهُ كَالْفَالِجِ. وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: الْأَشْبَهُ بِأَصْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ غَيْرُ مَخُوفٍ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَا يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا فَهُوَ كَالشَّيْخُوخَةِ، وَالْهَرَمِ وَيُوَافِقُهُ إطْلَاقُ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ غَيْرُ مَخُوفٍ
(وَكَالْإِسْهَالِ ذِي التَّوَاتُرِ) لِأَنَّهُ يُنَشِّفُ رُطُوبَاتِ الْبَدَنِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُتَوَاتِرِ كَأَنْ يَنْقَطِعَ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُ الطَّعَامُ غَيْرُ مُسْتَحِيلٍ أَوْ بِشِدَّةٍ وَوَجَعٍ أَوْ وَمَعَهُ دَمٌ مِنْ الْأَعْضَاءِ الشَّرِيفَةِ كَالْكَبِدِ لَا مِنْ نَحْوِ الْبَوَاسِيرِ أَوْ يُعْجِلُهُ وَيَمْنَعُهُ النَّوْمَ فَمَخُوفٌ (وَكَا) لْمَرَضِ (الْمَخُوفِ) فِي الْمَنْعِ مِمَّا ذُكِرَ (أَسْرُ سَفَّاكِينَ) أَيْ مُهْرِيقِينَ فِي الْعَادَةِ (دَمْ مَنْ أَسَرُوهُ) وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا كُفَّارًا فَتَعْبِيرُهُ بِهَذَا أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِأَسْرِ الْكَافِرِ (وَقِتَالٌ الْتَحَمْ) أَيْ اخْتَلَطَ بَيْنَ مُتَكَافِئَيْنِ أَوْ مُتَقَارِبَيْنِ مِنْ التَّكَافُؤِ سَوَاءٌ كَانَا مُسْلِمَيْنِ أَمْ كَافِرَيْنِ أَمْ مُسْلِمًا وَكَافِرًا (كَذَاك تَقْدِيمُ امْرِئٍ لِلرَّجْمِ وَلِلْقِصَاصِ وَ) كَذَا (اضْطِرَابُ الْيَمِّ) أَيْ الْبَحْرِ فِي رَاكِبِ سَفِينَةٍ (أَوْ عَسُرَتْ مَشِيمَةٌ) بِأَنْ عَسُرَ خُرُوجُهَا
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فِي الْمَرَضِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْعُتَقَاءِ وَقَوْلُهُ إذَا كَانَ مَوْتُهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَلْيَجُرَّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ تَصَرَّفَ فِي ثُلُثَيْهِ إلَخْ) وَلَوْ تَصَرَّفَ الْمُوصَى لَهُ فِي الثُّلُثِ فَبَانَ هَلَاكُ الْغَائِبِ لَمْ يَصِحَّ، وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْوَارِثِ تَبَيَّنَّا أَنْ لَا حَجْرَ وَفِي الْمُوصَى لَهُ يَرْتَفِعُ الْحَجْرُ بِبَيَانِ الْمَالِكِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَجَعَلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْخِلَافَ فِيهِمَا وَاحِدًا وَأَوْلَى بِالصِّحَّةِ فِي الْمُوصَى لَهُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ وَفِيمَا اخْتَارَهُ نَظَرٌ، وَالْوَجْهُ مَا حَكَاهُ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَمَا أَبْدَاهُ مِنْ الْفَرْقِ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَعَلَّهُ تَحَكُّمٌ إذْ كُلٌّ مِنْ الْوَارِثِ، وَالْمُوصَى لَهُ قَدْ طَرَأَ لَهُ الْمِلْكُ وَحُجِرَ عَلَيْهِ فِي زَمَانِ الْوَقْفِ فَلِمَ كَانَ ذَلِكَ فِي الْوَارِثِ مِنْ بَابِ تَبَيُّنِ عَدَمِ الْحَجْرِ وَفِي الْمُوصَى لَهُ مِنْ بَابِ ارْتِفَاعِ الْحَجْرِ وَكَوْنِ سَبَبِ الْمِلْكِ فِي الْوَارِثِ أَقْوَى مِنْهُ فِي الْمُوصَى لَهُ لَا يَقْتَضِي الْفَرْقَ فِي هَذَا الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ وَلَوْ تَصَرَّفَ أَعْنِي الْمُوصَى لَهُ فِي الْجَمِيعِ فَبَانَ بَقَاءُ الْغَائِبِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِي فِي نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِي الْجَمِيعِ مَا تَقَرَّرَ فِي الثُّلُثِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى مَا مَرَّ) كَانَ يُمْكِنُ حَمْلُ الْمَنْعِ عَلَى عَدَمِ النُّفُوذِ قَهْرًا عَلَى الْوَارِثِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَعَمُّ) فَيَشْمَلُ اسْتِرْخَاءَ أَيِّ عُضْوٍ كَانَ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الشَّرْحِ) أَيْ لَلْعِرَاقِيِّ بِرّ
ــ
[حاشية الشربيني]
نَفَذَ، وَإِلَّا فَلَا هَذَا مَا ظَهَرَ الْآنَ، وَلَسْتُ عَلَى ثِقَةٍ مِنْهُ فَلْيُحَرَّرْ الْمُرَادُ
(قَوْلُهُ وَمَنَعَهُ إلَخْ) الْمَنْعُ يَكُونُ أَوَّلًا فِي الْمَخُوفِ كَمَا ذَكَرَهُ، وَأَمَّا النُّفُوذُ فَإِنْ ظَنَنَّاهُ بَعْدَ الْمَوْتِ مَخُوفًا بِأَنْ ثَبَتَ عِنْدَنَا ذَلِكَ تَبَيَّنَّا عَدَمَ نُفُوذِ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَإِنْ ظَنَنَّاهُ بَعْدَ الْمَوْتِ غَيْرَ مَخُوفٍ فَإِنْ حُمِلَ الْمَوْتُ عَلَى الْفَجْأَةِ تَعَيَّنَ نُفُوذُ مَا زَادَ، وَإِنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى الْفَجْأَةِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ تَوَلَّدَ مِنْهُ الْمَوْتُ، وَإِنْ كَانَ فِي أَصْلِهِ غَيْرَ مَخُوفٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مَخُوفٌ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ
(قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى الثُّلُثِ) أَيْ الثُّلُثِ الْمَوْجُودِ حَالَ التَّصَرُّفِ فَإِنْ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ نَفَذَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ نَعْلَمْ بَقَاءَهُ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ أَيْ الْمَوْتِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ فَإِنْ ظَهَرَ أَمْرٌ يَقْتَضِي خِلَافَهُ عَمِلْنَا بِحَسَبِهِ هَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الْغَزَالِيِّ فِي الْوَسِيطِ، وَمَا حَكَاهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ، وَتَبِعَهُ الْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ الْخُضَرِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، وَحَكَى ابْنُ الْحَدَّادِ وَجْهًا أَنَّهُ يُتَوَقَّفُ فِيهِ. اهـ. نَاشِرِيٌّ (قَوْلُهُ الْمَخُوفُ مِنْهُ الْمَوْتُ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي كَوْنِهِ مَخُوفًا عَلَيْهِ حُصُولُ الْمَوْتِ بَلْ عَدَمُ قُدْرَتِهِ فَهُوَ مَا يَكْثُرُ مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا، وَإِنْ خَالَفَ الْمَخُوفَ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي الشَّرْحِ قَرِيبًا.
(قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) رَدَّهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِمَنْعِ كَوْنِهِ مِنْ الْقُولَنْجِ الْمَذْكُورِ حِينَئِذٍ، وَإِنْ سَمَّاهُ الْعَوَامُّ بِهِ، وَبِتَقْدِيرِ تَسْمِيَتِهِ بِذَلِكَ فَهُوَ مَرَضٌ يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا، وَإِنْ تَكَرَّرَ لَهُ اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ دَائِمٍ) بِأَنْ يَمْضِيَ فِيهِ زَمَنٌ يُفْضِي مِثْلُهُ فِيهِ عَادَةً كَثِيرًا إلَى الْمَوْتِ. اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: لَا بِفَتْحِهَا) رَاجِعْ الْقَامُوسَ فَأَظُنُّهُ بِكَسْرِ السِّينِ، وَفَتْحِهَا (قَوْلُهُ لَا يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا) فَالْمَخُوفُ هُوَ مَا يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُهُ: أَوْ بِشِدَّةِ) أَوْ وَجَعٍ أَيْ، وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ تَكْرَارًا يُفِيدُ سُقُوطَ الْقُوَّةِ، وَإِنْ لَمْ
بَعْدَ الْوَضْعِ.
(أَوْ طَلَقَتْ) أَيْ الْحَامِلُ لِلْوِلَادَةِ أَوْ حَصَلَ لَهَا بَعْدَ انْفِصَالِ الْمَشِيمَةِ مِنْ الْوِلَادَةِ جِرَاحَةٌ أَوْ ضَرَبَانٌ شَدِيدٌ أَوْ وَرَمٌ أَوْ مَاتَ وَلَدُهَا فِي جَوْفِهَا بِخِلَافِ إلْقَاءِ الْعَلَقَةِ، وَالْمُضْغَةِ (أَوْ بَانَ) أَيْ ظَهَرَ (طَاعُونٌ) بِالْبُقْعَةِ وَإِنْ لَمْ يُصِبْ الْمُتَبَرِّعَ وَهُوَ هَيَجَانُ الدَّمِ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ وَانْتِفَاخُهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَحْوَالَ وَنَحْوَهَا تَسْتَعْقِبُ الْهَلَاكَ غَالِبًا بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَأَسْرِ مَنْ لَمْ يَعْتَدْ سَفْكَ دَمِ أَسِيرِهِ كَالرُّومِ وَقِتَالٍ بِغَيْرِ الْتِحَامٍ وَإِنْ تَرَامَيَا بِالنُّشَّابِ، وَالْحِرَابِ أَوْ مَعَ الْتِحَامٍ وَكَأَنْ أَحَدُهُمَا يَغْلِبُ الْآخَرَ لَكِنَّ هَذَا مَحَلُّهُ فِي حَقِّ الْغَالِبِ فَقَطْ وَكَالْحَبْسِ لِلرَّجْمِ أَوْ الْقِصَاصِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيمٍ لَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ ثُمَّ حُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْمَالِكِيِّ أَنَّهُ حَكَاهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: مُقْتَضَى قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الْوَدِيعَةِ إذَا مَرِضَ مَرَضًا مَخُوفًا أَوْ حُبِسَ لِيُقْتَلَ لَزِمَتْهُ الْوَصِيَّةُ بِهَا أَنَّ الْحَبْسَ لِلْقَتْلِ كَالتَّقْدِيمِ لَهُ انْتَهَى، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ وَيُجَابُ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا أَلْحَقُوهُ هُنَاكَ بِالْمَخُوفِ احْتِيَاطًا لِحَقِّ الْغَيْرِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ هُنَا حَقًّا لِلْغَيْرِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَوْ بِأَنَّ مَعْنَى الْحَبْسِ هُنَاكَ التَّقْدِيمُ لِلْقَتْلِ لِأَنَّهُ حَبْسٌ لَهُ.
وَمِنْ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (كَحُمَّى أُطْبِقَتْ) أَيْ لَزِمَتْ وَمَحَلُّ كَوْنِهَا مَخُوفَةً إذَا زَادَتْ عَلَى يَوْمَيْنِ بِقَرِينَةِ عَدِّهِ فِيمَا يَأْتِي حُمَّى يَوْمَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْمَخُوفِ (وَ) كَحُمَّى (الْوَرْدِ) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ (وَ) كَحُمَّى (الْغِبِّ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمًا (وَشِبْهِ النَّزْعِ) أَيْ وَكَشَبَهِ قَلْعِ الْحَيَاةِ كَجُرْحٍ عَلَى مَقْتَلٍ أَوْ نَافِذٍ إلَى جَوْفٍ لِأَنَّهُ يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ عَاجِلًا بِخِلَافِ النَّزْعِ نَفْسِهِ بِأَنْ شَخَصَ بَصَرُهُ أَوْ بَلَغَتْ رُوحُهُ الْحَنْجَرَةَ أَوْ قُطِعَ حُلْقُومُهُ وَمَرِيئُهُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ فِيهِ بِالْمَوْتِ عَاجِلًا فَلَا يُعْتَبَرُ التَّصَرُّفُ فِيهِ (وَالدِّقِّ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ الْقَلْبَ وَلَا تَمْتَدُّ مَعَهُ حَيَاةٌ غَالِبًا وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ مَزِيدَانِ عَلَى الْحَاوِي وَمِنْ الْمَخُوفِ حُمَّى الثُّلُثِ وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمَيْنِ وَتُقْلِعُ يَوْمًا وَحُمَّى الْأَخَوَيْنِ وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمَيْنِ وَتُقْلِعُ يَوْمَيْنِ كَمَا فُهِمَتَا بِالْمُوَافَقَةِ مِنْ حُمَّى الْغِبِّ (دُونَ جَرَبٍ وَ) حُمَّى (رِبْعِ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي يَوْمًا وَتُقْلِعُ يَوْمَيْنِ (وَوَجَعِ الضِّرْسِ وَحُمَّى يَوْمَيْنِ) فَلَيْسَتْ الْأَرْبَعَةُ مَخُوفَةً وَإِنْ كَانَتْ حُمَّى يَوْمَيْنِ مِنْ الْمُطْبَقَةِ فَإِنْ اتَّصَلَ الْمَوْتُ بِحُمَّى يَوْمَيْنِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي
(وَلْيَعْتَمِدْ) أَيْ الْحَاكِمُ (فِي) مَرَضٍ (مُشْكِلٍ) حَالُهُ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مَخُوفٌ أَوْ لَا قَوْلَ (طَبِيبَيْنِ أَهْلَيْ شَهَادَةٍ) اعْتِبَارًا بِهَا فَيَعْتَبِرُ الْإِسْلَامَ، وَالْحُرِّيَّةَ، وَالْبُلُوغَ، وَالْعَدَالَةَ وَكَذَا الذُّكُورَةُ فِيمَا لَا يَخْتَصُّ النِّسَاءُ بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ غَالِبًا وَلَوْ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْأَطِبَّاءِ فِي كَوْنِهِ مَخُوفًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَخَذَ بِقَوْلِ الْأَعْلَمِ ثُمَّ بِالْأَكْثَرِ عَدَدًا ثُمَّ بِمَنْ يُخْبِرُ بِأَنَّهُ مَخُوفٌ وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَأَقَرَّهُ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْوَارِثُ، وَالْمُتَبَرَّعُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُتَبَرِّعِ فِي عَيْنِ الْمَرَضِ كَأَنْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِ مَرَضِهِ وَجَعَ ضِرْسٍ أَوْ حُمَّى
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ وَلَدُهَا فِي جَوْفِهَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ مَعَهُ وَجَعٌ شَدِيدٌ وَإِلَّا فَفِيهِ نَظَرٌ وَلِمَ لَا يُرَاجِعُ الْأَطِبَّاءَ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُصِبْ الْمُتَبَرِّعُ) لَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِظُهُورِهِ فِي أَمْثَالِهِ حَتَّى لَوْ ظَهَرَ فِي الْأَرِقَّاءِ أَوْ فِي الصِّبْيَانِ لَمْ يَكُنْ مَخُوفًا فِي حَقِّ الْأَحْرَارِ وَلَا فِي حَقِّ الْبَالِغِينَ (قَوْلُهُ حَتَّى وَلَوْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ وَكَأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَعِنْدَهُ نَحْوُ عَارِيَّةٍ غَيْرِ مَعْلُومَةٍ لَزِمَهُ الْإِيصَاءُ بِهِ إذَا حُبِسَ لِيُقْتَلَ
ــ
[حاشية الشربيني]
يَكُنْ مَعَهُ إسْهَالٌ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي خُرُوجِ دَمِ الْعُضْوِ الشَّرِيفِ. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ
(قَوْلُهُ: فِي رَاكِبِ سَفِينَةٍ) ، وَلَوْ أَحْسَنَ الْعَوْمَ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ مِثْلَهُ يَنْجُو مِنْ الْغَرَقِ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ، وَهُوَ هَيَجَانُ الدَّمِ إلَخْ) فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ وَخْزُ الْجِنِّ فَلَعَلَّهُ أَنْوَاعٌ رَاجِعْ (قَوْلُهُ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا، وَبَيْنَ أَسْرِ مَنْ اعْتَادَ الْقَتْلَ حَيْثُ كَانَ نَفْسُ الْأَسْرِ مَخُوفًا، وَلَوْ بِلَا تَقْدِيمٍ أَنَّ الْغَالِبَ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمِ أَنَّهُ إذَا قَدَرَ رَحِمَ، وَعَفَا فَيَكُونُ كَالْأَسِيرِ عِنْدَ مَنْ لَا يَعْتَادُ الْقَتْلَ مِنْ الْكُفَّارِ. اهـ. نَاشِرِيٌّ، وَفِيهِ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَنْ اسْتَحَقَّ الْقِصَاصَ كَافِرًا، وَلَوْ فَرَّقُوا.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ الَّتِي تَأْتِي كُلَّ يَوْمٍ) أَيْ، وَتَكَرَّرَتْ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمَيْنِ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ بِأَنْ يُقَالَ فِي حُمَّى الْغِبِّ، وَتُكَرِّرُ الدَّوْرَ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّتَيْنِ إذْ الْمَرَّتَانِ لَا تَكْفِيَانِ فِي الْحُمَّى الْمُطْبَقَةِ فَغَيْرُهَا بِالْأُولَى تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَالْحُرِّيَّةُ) لَمْ يَكْتَفِ بِالْعَدَالَةِ لِأَنَّهَا تُطْلَقُ عَلَى عَدَالَةِ الرِّوَايَةِ، وَعَدَالَةِ الشَّهَادَةِ، وَلَا تُعْتَبَرُ الْحُرِّيَّةُ فِي الْأُولَى
(قَوْلُهُ: فِيمَا لَا يَخْتَصُّ النِّسَاءُ بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ فِي غَيْرِ عِلَّةٍ بَاطِنَةٍ بِامْرَأَةٍ قَالَ ق ل، وَفِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ مَعْرِفَةَ النِّسْوَةِ بِهِ دُونَ الرِّجَالِ فَظَاهِرُ الْفَسَادِ أَوْ اطِّلَاعُهُنَّ عَلَيْهِ غَالِبًا فَكَذَلِكَ لِجَوَازِ اطِّلَاعِ الرِّجَالِ عَلَيْهِ لِأَجْلِ مَعْرِفَتِهِ كَمَا هُوَ جَائِزٌ فِيمَا هُوَ خَفِيٌّ مِنْ الْمَرَضِ أَوْ الْمُرَادُ إخْبَارُهُنَّ بِهِ لِمَنْ يَعْرِفُهُ مِنْ الرِّجَالِ فَهُوَ لَمْ يَثْبُتْ بِهِنَّ. اهـ. وَيَخْتَارُ الشِّقَّ الثَّانِيَ، وَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ اخْتِصَاصُهُنَّ بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُنَّ، وَإِنْ جَازَ اطِّلَاعُ الرِّجَالِ عَلَيْهِ فَيَثْبُتُ بِهِمْ أَيْضًا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَثْبُتُ بِالنِّسَاءِ دُونَ الرِّجَالِ حَتَّى يَأْتِيَ مَا ذَكَرَهُ.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ مَوْتِ الْمُتَبَرِّعِ) أَيْ بِنَحْوِ غَرَقٍ فِي الْمَرَضِ
مُطْبَقَةً صُدِّقَ الْمُتَبَرَّعُ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ عَنْ الْمَرَضِ الْمَخُوفِ وَعَلَى الْوَارِثِ الْبَيِّنَةُ وَيَكْفِيه غَيْرُ طَبِيبَيْنِ كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ مُشْكِلٌ
(فَإِنْ صَحَّ) الْمَرِيضُ الْمُتَبَرِّعُ بِالزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ فِي مَرَضِهِ الْمَخُوفِ (تَبِنْ صِحَّتُهُ) أَيْ صِحَّةُ تَبَرُّعِهِ بِالزَّائِدِ وَإِنْ مَاتَ فِيهِ وَرَدَّ الْوَارِثُ التَّبَرُّعَ بِأَنَّ بُطْلَانَهُ فِي الزَّائِدِ سَوَاءٌ مَاتَ بِهِ أَمْ بِسَبَبٍ آخَرَ كَقَتْلٍ أَوْ غَرَقٍ (وَيَظْهَرُ) أَيْ يُبَيِّنُ (الْبُطْلَانُ) فِي الزَّائِدِ حَالَةَ الرَّدِّ (إنْ لَمْ يَكُ) الْمَرَضُ (ذَا خَوْفٍ فَمَاتَ) الْمُتَبَرِّعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَمْنُوعًا مِنْ تَبَرُّعِهِ بِالزَّائِدِ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ مَخُوفٌ (إلَّا إذَا مَاتَ) فِي غَيْرِ الْمَخُوفِ (فُجَاءَةً) بِضَمِّ الْفَاءِ وَفَتْحِ الْجِيمِ، وَالْمَدِّ كَاتِّصَالِهِ بِوَجَعِ ضِرْسٍ أَوْ رَمَدٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا لَا يُحَالُ الْمَوْتُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَتَبَيَّنُ الْبُطْلَانَ وَكَاتِّصَالِهِ بِحُمَّى يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إذَا كَانَ تَبَرُّعُهُ بَعْدَ عَرَقِهِ، لِأَنَّ أَثَرَهَا زَالَ بِالْعَرَقِ، وَالْمَوْتُ بِسَبَبٍ آخَرَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ قَبْلَ عَرَقِهِ ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ قَالَا وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْمَخُوفِ كَوْنُ الْمَوْتِ مِنْهُ غَالِبًا بَلْ يَكْفِي أَنْ لَا يَكُونُ نَادِرًا وَلَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: هَذَا غَيْرُ مَخُوفٍ لَكِنَّهُ يُفْضِي إلَى الْمَخُوفِ فَمَخُوفٌ أَوْ يُفْضِي إلَى الْمَخُوفِ نَادِرًا فَلَا وَاسْتَشْكَلَا الْأَوَّلَ بِالْحَمْلِ قَبْلَ الطَّلْقِ
(بِأَوْصَيْتُ) صِلَةٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ التَّوْصِيَةُ وَلَوْ قَالَ بِنَحْوِ أَوْصَيْت كَانَ أَعَمَّ أَيْ إنَّمَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِإِيجَابٍ صَرِيحٍ كَأَوْصَيْتُ لَهُ بِكَذَا (كَذَا اُعْطُوا) لَهُ بَعْدَ مَوْتِي كَذَا وَكَأَعْطُوا ادْفَعُوا وَنَحْوُهُ (وَمِنْ مَالِي لَهُ جَعَلْتُ) كَذَا بَعْدَ مَوْتِي أَوْ هُوَ لَهُ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ مَلَكْته أَوْ وَهَبْته كَذَا بَعْدَ مَوْتِي وَتَقْيِيدُهُ كَأَصْلِهِ جَعَلْته لَهُ بِقَوْلِهِ مِنْ مَالِي وَهْمٌ وَإِنَّمَا حَقُّهُ التَّقْيِيدُ بِبَعْدِ الْمَوْتِ كَمَا تَقَرَّرَ (وَبِكِنَايَةٍ) مَعَ النِّيَّةِ (كَقَدْ عَيَّنْت) لَهُ كَذَا وَذَا لَهُ مِنْ مَالِي فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ ذَا لَهُ فَإِقْرَارٌ وَقَوْلُهُ كَقَدْ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَالْكَتْبِ) أَيْ وَكَالْكِتَابَةِ لِلْوَصِيَّةِ وَإِنْ كَانَ الْمَكْتُوبُ صَرِيحَ إيجَابٍ، وَالْكَاتِبُ نَاطِقًا (وَالْقَبُولِ) أَيْ إنَّمَا تَصِحُّ بِالْإِيجَابِ كَمَا مَرَّ وَبِالْقَبُولِ (مِنْ) مُوصًى لَهُ (مُعَيَّنٍ) كَالْهِبَةِ فَلَوْ قَبِلَ بَعْضَ الْمُوصَى بِهِ فَفِيهِ احْتِمَالَانِ لِلْغَزَالِيِّ وَنَظِيرُهُ الْهِبَةُ، وَالْأَرْجَحُ فِيهَا الْبُطْلَانُ لَكِنَّ الْقَبُولَ فِي الْوَصِيَّةِ عَلَى التَّرَاخِي فَهِيَ دُونَهَا وَدَخَلَ فِي الْمُعَيَّنِ الْمُتَعَدِّدُ الْمَحْصُورُ كَبَنِي زَيْدٍ فَيَتَعَيَّنُ قَبُولُهُمْ وَيَجِبُ اسْتِيعَابُهُمْ، وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُعَيَّنُ غَيْرَ آدَمِيٍّ كَمَسْجِدٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَالْوَصِيَّةِ لِجِهَةٍ عَامَّةٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ وَيَقْبَلُ لِلْحَمْلِ مَنْ يَلِي أَمْرَهُ بَعْدَ انْفِصَالِهِ حَيًّا فَإِنْ قَبِلَ لَهُ قَبْلَ انْفِصَالِهِ ثُمَّ انْفَصَلَ حَيًّا فَقَوْلَانِ كَمَنْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ بِظَنِّ حَيَاتِهِ فَبَانَ مَيِّتًا وَقَالَ الْقَاضِي وَالْقَفَّالُ: لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَخَرَجَ بِالْمُعَيَّنِ غَيْرُهُ كَالْفُقَرَاءِ، وَالْقَبِيلَةِ كَالْهَاشِمِيَّةِ، وَالْمُطَّلِبِيَّة، وَالْعَلَوِيَّةِ فَلَا يُعْتَبَرُ قَبُولُهُمْ بَلْ تَلْزَمُ الْوَصِيَّةُ بِالْمَوْتِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: كَاتِّصَالِهِ بِوَجَعِ ضِرْسٍ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ أَوْ مَاتَ فِي غَيْرِ الْمَخُوفِ وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ كَإِسْهَالِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ لَمْ يَنْفُذْ تَبَرُّعُهُ بِالزَّائِدِ بِدُونِ إجَازَةٍ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ مَخُوفٌ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَوْنُهُ مِنْهُ كَوَجَعِ ضِرْسٍ نَفَذَ تَبَرُّعُهُ وَحُمِلَ مَوْتُهُ عَلَى الْفُجَاءَةِ وَبِهَذِهِ يَتَفَارَقُ الْمَرَضَانِ الْمَخُوفُ وَغَيْرُهُ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ فِي الْمَرَضِ ثُمَّ قَالَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَالْقَتْلُ، وَالْمَوْتُ بِسُقُوطٍ مِنْ سَطْحٍ أَوْ نَحْوِهِ فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ كَالْمَوْتِ بِهِ فَيُعْتَبَرُ تَبَرُّعُهُ مِنْ الثُّلُثِ أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَخُوفِ وَبِهَذَا أَيْضًا يَتَفَارَقَانِ (قَوْلُهُ مِمَّا لَا يُحَالُ عَلَيْهِ) وَكَانَ قُتِلَ أَوْ غَرِقَ، وَالْمَرَضُ غَيْرُ مَخُوفٍ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ تَبَرُّعُهُ بَعْدَ غَرَقِهِ) فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ إذَا كَانَ مَوْتُهُ بَعْدَ غَرَقِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ بِرّ.
(قَوْلُهُ: وَاسْتَشْكَلَا الْأَوَّلَ بِالْحَمْلِ قَبْلَ الطَّلْقِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَمْلَ لَيْسَ مِنْ الْأَمْرَاضِ الَّتِي الْكَلَامُ فِيهَا. اهـ. وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَلَعَلَّهُ سَكَتَ عَنْهُ هُنَا لِذَلِكَ
(قَوْلُهُ: وَذَا لَهُ مِنْ مَالِي) وَكَذَا جَعَلْتُهُ لَهُ مِنْ مَالِي كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الْمُقْرِي.
(قَوْلُهُ: وَالْأَرْجَحُ فِيهَا الْبُطْلَانُ) الْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ م ر (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ) لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ قَيِّمِ الْمَسْجِدِ فِيمَا نَظُنُّهُ وَرَجَّحَهُ الْجَوْجَرِيُّ وَاعْتَمَدَهُ م ر.
(قَوْلُهُ: كَالْفُقَرَاءِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ انْحَصَرُوا
ــ
[حاشية الشربيني]
وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ مَتَى تَوَلَّدَ مِنْهُ الْمَوْتُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى نُدُورٍ كَانَ مَخُوفًا حُكْمًا
(قَوْلُهُ: فُجَاءَةً) الْمُرَادُ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ شَيْءٍ لَا يُحَالُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ فَيُحْمَلُ عَلَى الْفُجَاءَةِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ.
(قَوْلُهُ: وَكَاتِّصَالِهِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ سَبَبٌ يُحَالُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ غَيْرُ تِلْكَ الْحُمَّى، وَإِلَّا أُحِيلَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا فِي نَفْسِهَا غَيْرُ مَخُوفَةٍ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَكُونَ نَادِرًا) ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْتُ مِنْهُ أَقَلَّ مِنْ السَّلَامَةِ مِنْهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَا الْأَوَّلَ بِالْحَمْلِ قَبْلَ الطَّلْقِ) دَفَعَهُ م ر وَحَجَرٌ بِقَوْلِهِمَا لَا أَثَرَ لِتَوَلُّدِ الطَّلْقِ الْمَخُوفِ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَرَضٍ، وَالْكَلَامُ السَّابِقُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَرَضِ لَكِنْ قَالَ سم لَمْ يَظْهَرْ مِنْ هَذَا فَرْقٌ مَعْنَوِيٌّ. اهـ.، وَقَدْ يُقَالُ الْفَرْقُ مَعْنَوِيٌّ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ قَبْلَ الطَّلْقِ لَيْسَتْ مَرِيضَةً أَصْلًا بِخِلَافِ ذِي الْمَرَضِ غَيْرِ الْمَخُوفِ فَإِنَّهُ إذَا تَوَلَّدَ مِنْهُ الْمَخُوفُ كَانَ كَأَنَّهُ مَرِيضٌ بِالْمَخُوفِ لِتَوَلُّدِ الْمَخُوفِ مِنْهُ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الْحَمْلِ فَإِنَّ الطَّلْقَ لَا يَتَوَلَّدُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ يَعْقُبُ فَرَاغَ مُدَّتِهِ تَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ وَالْقَبُولُ) ، وَإِذَا لَمْ يَقْبَلْ، وَلَمْ يَرُدَّ طُولِبَ بِالْقَبُولِ أَوْ الرَّدِّ فَإِنْ أَبَى حُكِمَ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ. اهـ. أَنْوَارٌ
(قَوْلُهُ: وَالْأَرْجَحُ فِيهَا الْبُطْلَانُ) الْأَرْجَحُ الْقَبُولُ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَبُولِ الْبَعْضِ ثُمَّ قَبِلَ الْبَعْضَ الْآخَرَ صَحَّ أَيْضًا شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ)
وَيَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ وَلَا يَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ قَبُولُ الْمُعَيَّنِ فِي الْوَصِيَّةِ لَهُ بِالْعِتْقِ بِغَيْرِ لَفْظِهَا
(وَكَوْنِهِ) أَيْ وَبِكَوْنِ الْقَبُولِ (بَعْدَ إذْ الْمُوصِي فَنِيَ) أَيْ بَعْدَ وَقْتِ مَوْتِهِ وَإِنْ تَرَاخَى عَنْهُ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ قَبْلَهُ كَمَا فِي الرَّدِّ إذْ لَا حَقَّ لِلْمُوصَى لَهُ قَبْلَهُ كَفِي وِصَايَةٍ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهَا قَبُولُ الْوَصِيِّ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي كَرَدِّهِ (أَوْ) الْقَبُولِ مِنْ (الْوَارِثِ لَهُ) أَيْ لِلْمُعَيِّنِ (إنْ مَاتَ بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَإِلَّا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَالْمُعَيَّنُ (كَالرَّقِيقِ) إذَا أَوْصَى لَهُ بِشَيْءٍ صَحَّ إنْ (قَبِلَهْ) هُوَ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لَا سَيِّدُهُ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ يُدْفَعُ لَهُ قَالُوا لِأَنَّ الْخِطَابَ لَمْ يَجْرِ مَعَهُ وَنُقِضَ بِقَبُولِ وَارِثِ الْمُوصَى لَهُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَاكَ قَدْ تَعَذَّرَ الْقَبُولُ مِمَّنْ جَرَى مَعَهُ الْخِطَابُ بِخِلَافِهِ هُنَا حَتَّى لَوْ تَعَذَّرَ هُنَا كَأَنْ مَاتَ الرَّقِيقُ قَبْلَ قَبُولِهِ أَوْ كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ يَنْبَغِي أَنْ يَقْبَلَ عَنْهُ سَيِّدُهُ كَالْوَارِثِ، وَالْوَلِيِّ بَلْ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ خِلَافَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُوقَفَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُكَلَّفِ إلَى حُصُولِ أَهْلِيَّتِهِ.
وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ قَبْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَإِنْ لَهُ أَوْصَى بِهِ) سَيِّدُهُ بِأَنْ قَالَ: أَوْصَيْت لَهُ بِرَقَبَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ لِأَنَّ الصِّيغَةَ تَقْتَضِيهِ كَمَا لَوْ وَهَبَهُ نَفْسَهُ (فَلَوْ أَمَرْ) هـ (سَيِّدُهُ بِعِتْقِهِ) بَعْدَ مَوْتِهِ (لَا يُعْتَبَرْ قَبُولُهُ) لِتَأَكُّدِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْعِتْقِ كَالْوَصِيَّةِ لِلْجِهَاتِ الْعَامَّةِ وَمِثْلُهُ لَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ وَإِنْ اقْتَضَى تَعْلِيلُ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ خِلَافَهُ فَلَوْ أَبْدَلُوا أَمَرَ بِأَوْصَى كَانَ أَوْلَى (كَمَالِكِ الدَّابَّةِ) فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ (فِي قَبُولِ مَا قِيلَ اصْرِفُوا) كَذَا (فِي الْعَلَفِ) لَهَا صُدُورُهُ مِنْ مَالِكِهَا كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ لِعِمَارَةِ دَارِهِ وَزَادَ قَوْلُهُ: مَا قِيلَ إلَى آخِرِهِ إيضَاحًا لِمَحَلِّ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلدَّابَّةِ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ
(وَقِفْ بِمَوْتِهِ عَلَى أَنْ يَقْبَلَا مِلْكًا) أَيْ وَقَفَ بِمَوْتِ الْمُوصِي عَلَى قَبُولِ الْمُوصَى لَهُ مِلْكَ الْمُوصَى بِهِ (وَحُكْمُهُ كَعِتْقِ ابْنٍ) أَوْصَى بِهِ لِأَبِيهِ وَفَسْخِ نِكَاحِ مَنْ أَوْصَى بِهَا لِزَوْجِهَا وَلُزُومِ نَفَقَةِ الْمُوصَى بِهِ وَفُطْرَتِهِ وَمِلْكِ فَوَائِدِهِ الْحَاصِلَةِ بَيْنَ الْمَوْتِ، وَالْقَبُولِ فَإِنْ قَبِلَ تَبَيَّنَّا حُصُولَ ذَلِكَ مِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ وَإِنْ رَدَّ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لِلْوَارِثِ مِنْ يَوْمِئِذٍ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بِالْمَوْتِ وَلَا بِالْقَبُولِ وَهُمَا قَوْلَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ إذْ لَوْ مَلَكَ بِالْمَوْتِ لَمَا أَرْتَدَّ بِالْمِيرَاثِ أَوْ بِالْقَبُولِ فَقَبِلَهُ إمَّا لِلْمَيِّتِ وَهُوَ بَعِيدٌ أَوْ لِلْوَارِثِ وَيَتَلَقَّاهُ عَنْهُ الْمُوصَى لَهُ فَكَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِرْثَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ كَمَا مَرَّ وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ فَالْمِلْكُ فِيهِ إلَى أَنْ يَعْتِقَ لِلْوَارِثِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِغَيْرِ الْعِتْقِ تَمْلِيكٌ لِلْمُوصَى لَهُ فَيَبْعُدُ الْحُكْمُ بِالْمِلْكِ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِهَا بِالْعِتْقِ ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ إكْسَابَهُ قَبْلَ عِتْقِهِ لِلْوَارِثِ لَكِنْ قَالَ الرُّويَانِيُّ: قِيلَ: إنَّهَا عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمُوصَى لَهُ، وَالْأَصَحُّ الْقَطْعُ بِأَنَّهَا لِلْعَبْدِ لِتَقَرُّرِ اسْتِحْقَاقِهِ الْعِتْقَ بِخِلَافِ الْمُوصَى لَهُ فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ وَلَوْ قَالَ: أَعْطُوا فُلَانًا كَذَا بَعْدَ مَوْتِي فَالْمِلْكُ فِيهِ أَيْ الْإِعْطَاءُ لِلْوَارِثِ وَلَوْ أَوْصَى بِوَقْفِ شَيْءٍ فَتَأَخَّرَ وَقْفُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَحَصَلَ مِنْهُ رِيعٌ كَانَ لِلْوَارِثِ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ جَمَاعَةٌ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْأَشْبَهُ وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لِمُسْتَحِقِّ الْوَقْفِ إلْحَاقًا لَهُ بِكَسْبِ الْمُوصِي بِعِتْقِهِ
(وَلَا تَوْرِيثَ) لِلِابْنِ الْمُوصَى بِهِ لِأَبِيهِ مِنْهُ (إنْ يَقْبَلْهُ وَارِثٌ) لِأَبِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، لِأَنَّ الْقَابِلَ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَحْجُبُهُ الِابْنُ كَأَخٍ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ وَارِثًا فَلَا يَصِحُّ قَبُولُهُ فَلَا يُعْتَقُ الِابْنُ فَلَا يَرِثُ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَحْجُبُهُ كَابْنٍ آخَرَ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ حَائِزًا فَلَا يَصِحُّ قَبُولُهُ إلَّا فِي حِصَّةِ إرْثِهِ وَقَبُولُ الْمُوصَى بِهِ مَا بَقِيَ مُتَعَذِّرٌ لِاسْتِلْزَامِهِ تَوَقُّفَهُ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى إرْثِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى عِتْقِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى قَبُولِهِ وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ قَبُولُهُ فَلَا يَعْتِقُ كُلُّهُ فَلَا يَرِثُ فَتَوْرِيثُهُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ تَوْرِيثِهِ (كَمَا لَوْ ثَبَتَتْ نِسْبَتُهُ) أَيْ ابْنِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: بِغَيْرِ لَفْظِهَا) الصَّوَابُ بِغَيْرِ إيصَائِهِ لِلْعَبْدِ بِرَقَبَتِهِ بِرّ
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ لَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ) كَأَنْ قَالَ أَوْصَيْت لَهُ بِعِتْقِهِ بِرّ وَقَوْلُهُ وَإِنْ اقْتَضَى تَعْلِيلُ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ أَنَّ الصِّيغَةَ تَقْتَضِي الْقَبُولَ بِرّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَبْدَلُوا أَمَرَ بِأَوْصَى كَانَ أَوْلَى) لِانْدِفَاعِ التَّوَهُّمِ حِينَئِذٍ وَيُفْهَمُ مِنْهُ مَسْأَلَةُ الْأَمْرِ.
(قَوْلُهُ: كَمَالِكِ الدَّابَّةِ) حِينَ الْمَوْتِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: كَعِتْقِهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَحُكْمُهُ
(قَوْلُهُ: أَوْصَى بِهِ) أَيْ الِابْنِ وَقَوْلُهُ بِهَا ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ أَوْصَى.
(قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ الْقَطْعُ بِأَنَّهَا لِلْعَبْدِ) مِثْلُ الْعَبْدِ الْجَارِيَةُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَالْكَسْبُ يَشْمَلُ الْمُعْتَادَ، وَالنَّادِرَ وَهَلْ يَدْخُلُ فِيهِ مَهْرُ الْجَارِيَةِ لَوْ وُطِئَتْ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ يَنْبَغِي الدُّخُولُ م ر (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُوصَى لَهُ فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْإِكْسَابَ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ وَأَنَّ لَهُ أَوْصَى بِهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْمُوصَى لَهُ
ــ
[حاشية الشربيني]
ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ نَاظِرِهِ م ر (قَوْلُهُ بِغَيْرِ لَفْظِهَا) أَمَّا بِلَفْظِهَا فَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ م ر
(قَوْلُهُ: فَعُلِمَ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ مَوْقُوفًا لِمُعَيَّنٍ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ عَقِبَ الْمَوْتِ بِشَيْءٍ.
(قَوْلُهُ: بَعِيدٌ) لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ.
(قَوْلُهُ:، وَالْأَصَحُّ الْقَطْعُ إلَخْ) فَالْمِلْكُ فِيهِ إلَى أَنْ يُعْتَقَ لِلْوَارِثِ، وَفِي إكْسَابِهِ إلَى أَنْ يُعْتَقَ لِنَفْسِ الْعَبْدِ، وَاسْتُشْكِلَ كَوْنُ الْإِكْسَابِ لَهُ مَعَ أَنَّ الْمِلْكَ فِي رَقَبَتِهِ لِلْوَارِثِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا تَقَرَّرَ اسْتِحْقَاقُهُ لِلْعِتْقِ تَقَرَّرَ أَلَّا يَسْقُطَ بِوَجْهٍ أُلْحِقَ بِالْأَحْرَارِ، وَلَمَّا كَانَ فِي حَبْسِ الْوَارِثِ، وَمِلْكِ رَقَبَتِهِ ظَاهِرًا لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ فَالْمَلْحَظُ مُخْتَلِفٌ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ، وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ فِي الْوَقْفِ تَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ أَعْطُوا إلَخْ) ، وَفَارَقَتْ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ بِالْعِتْقِ بِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ هُنَا يُمْكِنُهُ الرَّدُّ بِخِلَافِ تِلْكَ (قَوْلُهُ كَانَ لِلْوَارِثِ) قَدْ يُقَالُ إنَّ هَذِهِ أَشْبَهُ بِالْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ إذْ لَا يُمْكِنُ الرَّدُّ هُنَا مِنْ الْمُسْتَحِقِّ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ فَالْوَجْهُ مَعَ مَنْ أَفْتَى بِأَنَّهُ لِمُسْتَحِقِّ الْوَقْفِ فَلْيُتَأَمَّلْ
الْمَيِّتِ (أَوْ حَكَمَا) بِهَا (بِقَوْلِ) أَيْ بِشَهَادَةِ (مُعْتَقَيْ أَخٍ) وَارِثٍ لِلْمَيِّتِ إذَا كَانَا (مِنْ إرْثٍ) فَإِنَّهُ لَا يَرِثُ أَبَاهُ لَوْ وَرِثَهُ لَخَرَجَ الْأَخُ عَنْ كَوْنِهِ وَارِثًا فَلَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ لَهُمَا فَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا فَلَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ فَلَا يَرِثُهُ وَخَرَجَ بِالِابْنِ مَا لَوْ كَانَ بَدَلَهُ بِنْتٌ، وَالْأَخُ عِنْدَ إعْتَاقِهِ الْعَبْدَيْنِ مُوسِرًا فَإِنَّهَا تَرِثُ إذْ بِإِعْتَاقِهِ يَسْرِي الْعِتْقُ إلَى حِصَّتِهَا فَتَصِحُّ الشَّهَادَةُ لِكَمَالِ عِتْقِهِمَا وَبِقَوْلِهِ مِنْ إرْثٍ مَا لَوْ كَانَا مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يَمْتَنِعُ إرْثُ الِابْنِ إذْ لَا دَوْرَ وَزَادَ قَوْلُهُ: أَوْ حَكَمَا تَكْمِلَةً (وَلَا الَّذِي عَتَاقُهُ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (مِنْ ثُلْثِ) فَإِنَّهُ لَا يَرِثُ فَلَوْ اشْتَرَى الْمَرِيضُ بَعْضَهُ كَابْنِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ مِنْ الثُّلُثِ وَلَا يَرِثُهُ لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَهُ لَكَانَ عِتْقُهُ تَبَرُّعًا عَلَى الْوَارِثِ فَتَبْطُلُ لِتَعَذُّرِ إجَارَتِهِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى إرْثِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى عِتْقِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهَا فَيَتَوَقَّفُ كُلٌّ مِنْ إجَازَتِهِ وَارِثَهُ عَلَى الْآخَرِ فَيَمْتَنِعُ إرْثُهُ بِخِلَافِ الَّذِي عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا لَوْ اتَّهَبَهُ أَوْ وَرِثَهُ إذْ لَا يَتَوَقَّفُ عِتْقُهُ عَلَى إجَازَتِهِ
وَلَوْ قَالَ: (اُعْطُوا) فُلَانًا (مِنْ أَعْوَادِي عُودًا وَ) قَدْ (اقْتَنَى عُودًا لِلَهْوٍ وَ) عُودَ (قَسِيٍّ وَ) عُودَ (بِنَاءٍ فَهْيَ) أَيْ وَصِيَّتُهُ بِذَلِكَ وَصِيَّةٌ (بِعُودِ اللَّهْوِ أَيْ) فَحِينَئِذٍ (تُطَّرَحُ) أَيْ تَبْطُلُ (إنْ كَانَ) عُودُ اللَّهْوِ (لِلْمُبَاحِ لَيْسَ يَصْلُحُ) لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ شَرْعًا وَتَصِحُّ إنْ كَانَ يَصْلُحُ لَهُ مَعَ بَقَاءِ اسْمِهِ فَيَتَعَيَّنُ دَفْعُهُ لِلْمُوصَى لَهُ دُونَ الْوَتَرِ، وَالْمِضْرَابِ لِأَنَّهُ يُسَمَّى عُودًا بِدُونِهِمَا وَعَلَى تَعَيُّنِ دَفْعِهِ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْمُخْتَصَرِ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْأَعْوَادِ الثَّلَاثَةِ بَعِيدٌ إذْ كَيْفَ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ الْإِطْلَاقُ إذَا لَمْ يَصْلُحْ لِمُبَاحٍ؟ دُونَ مَا إذَا صَلَحَ لَهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَقَالَ شَيْخِي) الْبَارِزِيُّ:(قَوْلُ مَنْ يُخَيِّرُ كَالرَّافِعِيِّ) وَالنَّوَوِيِّ (مَا اقْتَضَاهُ النَّظَرُ) بَلْ قَالَ الرُّويَانِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ لَهُ عَنْ بَعْضِهِمْ وَهُوَ غَلَطٌ ظَاهِرٌ هَذَا وَقَدْ يُوَجَّهُ قَوْلُ الْمُخَيَّرِ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَصْلُحْ لِمُبَاحٍ يَقْضِي الْعُرْفُ بِإِرَادَتِهِ وَإِذَا صَلَحَ لَهُ يَصِيرُ لَهُ أُسْوَةً بِغَيْرِهِ فَيَحْكُمُ بِالتَّخْيِيرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا عُودُ قِسِيٍّ وَعُودُ بِنَاءٍ دَفَعَ أَحَدَهُمَا وَلَوْ أَوْصَى بِعُودٍ وَلَا عُودَ لَهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: فَمُقْتَضَى تَنْزِيلُ مُطْلَقِ الْعُودِ عَلَى عُودِ اللَّهْوِ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ أَوْ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عُودَ لَهْوٍ يَصْلُحُ لِمُبَاحٍ وَأَطْلَقَ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ يَشْتَرِي مَا لَوْ كَانَ مَوْجُودًا فِي مَالِهِ أَمْكَنَ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ بِالْعُودِ بِهِ وَقَوْلُ النَّظْمِ أَيْ تُطْرَحُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَرْعٌ)
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا، وَالْوَصِيَّةُ بِالْمِزْمَارِ كَالْوَصِيَّةِ بِعُودِ اللَّهْوِ وَإِذَا صَحَّتْ لَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُ الْمَجْمَعِ وَهُوَ الَّذِي يَجْعَلُهُ بَيْنَ شَفَتَيْهِ، لِأَنَّ الِاسْمَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ (خَالَفَ) حُكْمُ أَعْطُوهُ عُودًا مِنْ أَعْوَادِي حُكْمَ مَا لَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ (طَبْلًا مِنْ طُبُولِي فَعَلَى طَبْلٍ مُبَاحٍ إنْ حَوَاهُ)
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ) أَيْ إذَا صَلَحَ لَهُ لَا يَتَعَيَّنُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَدَدٌ) جَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ بِهَذَا الثَّانِي
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ مُعْتِقِي إلَخْ) لَوْ كَانَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَتِيقَ الْأَخِ مِنْ الْإِرْثِ دُونَ الْآخَرِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْحَاوِي مُعْتَقٌ بِالْإِفْرَادِ فَهِيَ أَوْلَى
(قَوْلُهُ: فَحِينَئِذٍ تُطْرَحُ) فِي النَّاشِرِيِّ قُوَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَوْضِعَ الْفَسَادِ مَا إذَا سَمَّى آلَةَ الْمَلَاهِي بِاسْمِهَا أَمَّا لَوْ قَالَ أَعْطُوهُ هَذَا أَوْ هَذَا الذَّهَبَ أَوْ الْفِضَّةَ أَوْ النُّحَاسَ أَوْ الْخَشَبَ أَوْ هَذِهِ الْعَيْنَ أَنَّهُ يَصِحُّ فَيُفْصَلُ، وَيُعْطَاهُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِيمَا سَبَقَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَمَا قِيلَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَيَتَعَيَّنُ دَفْعُهُ لَهُ. (قَوْلُهُ: مَنْ يُخْبِرُ) أَيْ عِنْدَ الصَّلَاحِيَّةِ لِلْمُبَاحِ مَعَ تَغْيِيرِ الِاسْمِ. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَصْلُحْ لِمُبَاحٍ) أَيْ أَوْ صَلَحَ لَهُ لَكِنْ مَعَ تَغْيِيرِ اسْمِهِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: يَقْضِي الْعُرْفُ بِإِرَادَتِهِ) ؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ إنَّمَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عُودًا لِلَّهْوِ الْغَيْرِ الصَّالِحِ لِلْمُبَاحِ مَعَ التَّغْيِيرِ فَيَنْصَرِفُ إلَيْهِ الِاسْمُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِخِلَافِ مَا يَصْلُحُ لِلْمُبَاحِ مَعَ تَغْيِيرِ اسْمِهِ فَإِنَّ الْعُرْفَ لَا يَتَبَادَرُ إلَيْهِ وَحْدَهُ بَلْ يَتَنَاوَلُهُ، وَالْمُبَاحَ تَنَاوُلًا وَاحِدًا فَخُيِّرَ بَيْنَهُمَا. اهـ. حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ فَيُحْكَمُ بِالتَّخْيِيرِ) قَالَ حَجَرٌ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ حَيْثُ أَطْلَقُوا التَّخْيِيرَ هُنَا وَفِي بَقِيَّةِ الْمَوَاضِعِ السَّابِقَةِ، وَالْآتِيَةِ فَالْمُرَادُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ، وَمُدْرَكُهُمْ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ الْوَصِيُّ إنْ وُجِدَ، وَإِلَّا فَالْوَارِثُ إنْ تَأَهَّلَ، وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ، وَالْوَارِثُ الْعَامُّ اُسْتُغْرِقَ أَوْ لَا كَالْخَاصِّ فَيَتَخَيَّرُ أَيْضًا. اهـ. (قَوْلُهُ وَأَطْلَقَ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) وَجَّهَهُ حَجَرٌ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِأَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا، وَبَيْنَ مَا لَوْ وُجِدَ عُودُ اللَّهْوِ بِمَالِهِ بِأَنَّ وُجُودَهُ بِهِ مَعَ تَبَادُرِ الْعُرْفِ إلَيْهِ أَوْجَبَ الِانْصِرَافَ إلَيْهِ فَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ تَغْلِيبًا لِقَرِينَةِ وُجُودِهِ مَعَ التَّبَادُرِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُوجَدْ بِمَالِهِ فَإِنَّ كَوْنَ الْوَصِيَّةِ تَدَارُكَ مَا سَلَفَ فِي الْحَيَاةِ يُرَجِّحُ إرَادَةَ الْمُبَاحِ فَصَحَّتْ، وَاشْتَرَى لَهُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ وُجِدَ بِمَالِهِ كَانَتْ الْقَرِينَةُ الْمُبْطِلَةُ أَقْوَى مِنْ الْمُصَحِّحَةِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ كَانَ بِالْعَكْسِ فَتَدَبَّرْهُ لِيَتَّضِحَ لَك الرَّدُّ عَلَى مَنْ حَمَلَهُ عَلَى عُودِ اللَّهْوِ حَتَّى تَبْطُلَ الْوَصِيَّةُ. اهـ. (قَوْلُهُ خَالَفَ طَبْلًا إلَخْ) حَاصِلُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الطَّبْلِ أَنَّهُ لَوْ
الْمُوصِي أَيْ مَلَكَهُ مَعَ طَبْلِ اللَّهْوِ (نُزِّلَا) إذْ مُطْلَقُ الْعُودِ يَنْصَرِفُ إلَى عُودِ اللَّهْوِ، وَالطَّبْلُ يَقَعُ عَلَى الْجَمِيعِ فَإِنْ لَمْ يَحْوِهِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ طَبْلٌ أَوْ لَهُ طَبْلُ لَهْوٍ لَا يَصْلُحُ لِمُبَاحٍ لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقُلْ مِنْ طُبُولِي فَإِنَّهَا تَصِحُّ وَيُشْتَرَى لَهُ طَبْلٌ مُبَاحٌ
(وَالْقَوْسُ) يُقَالُ (لِلَّتِي) أَيْ لِلْقَوْسِ الَّتِي (لِرَمْيِ الْأَسْهُمِ) مِنْ نَبْلٍ وَنُشَّابٍ وَحُسْبَانٍ، وَالنَّبْلُ السِّهَامُ الصِّغَارُ الْعَرَبِيَّةُ، وَالنُّشَّابُ السِّهَامُ الْفَارِسِيَّةُ، وَالْحُسْبَانُ سِهَامٌ صِغَارٌ تُرْمَى بِمَجْرَى فِي الْقَوْسِ فَالْقَوْسُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يُقَالُ لِلْقَوْسِ الْعَرَبِيَّةِ الَّتِي يُرْمَى بِهَا النَّبْلُ وَلِلْفَارِسِيَّةِ الَّتِي يُرْمَى بِهَا النُّشَّابُ وَلِقَوْسِ الْحُسْبَانِ دُونَ قَوْسِ الْجُلَاهِقِ الَّتِي يُرْمَى بِهَا الْبُنْدُقُ وَقَوْسُ النَّدْفِ فَالْوَصِيَّةُ بِقَوْسٍ مُطْلَقٍ تُنَزَّلُ عَلَى أَحَدِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ دُونَ الْأَخِيرَيْنِ لِاشْتِهَارِهَا فِيهَا دُونَهُمَا فَعِبَارَتُهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ، وَالْقَوْسُ لِلنُّشَّابِ وَلَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ مَا يُسَمَّى قَوْسًا تَخَيَّرَ الْوَارِثُ بَيْنَ الْكُلِّ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَصَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ بَلْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَمَا لَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ قَوْسًا إلَّا أَنْ يَقُولَ مَا يُسَمَّى قَوْسًا غَالِبًا أَوْ نَادِرًا (لَا) إنْ قَالَ: أَعْطُوهُ قَوْسًا (مِنْ قَسِيٍّ وَهِيَ) أَيْ الْقَوْسُ الَّتِي لِرَمْيِ الْأَسْهُمِ (ذَاتُ عَدَمِ) أَيْ لَمْ تَكُنْ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يُنَزَّلُ عَلَيْهَا بَلْ عَلَى مَالَهُ مِنْ قَوْسِ الْبُنْدُقِ أَوْ النَّدْفِ فَإِنْ كَانَا لَهُ أُعْطِيَ قَوْسَ الْبُنْدُقِ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى الْفَهْمِ أَمَّا إذَا عَيَّنَ نَوْعًا مِنْ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ فَيَتَعَيَّنُ وَلَا يَتَنَاوَلُ الْقَوْسُ الْوَتَرَ لِأَنَّهَا تُسَمَّى قَوْسًا بِدُونِهِ بِخِلَافِ السَّهْمِ يَتَنَاوَلُ الرِّيشَ، وَالنَّصْلَ لِثُبُوتِهِمَا فِيهِ
(وَدَابَّةٌ) تُقَالُ لُغَةً لِمَا يَدِبُّ عَلَى الْأَرْضِ وَعُرْفًا (لِفَرَسٍ وَبَغْلِ وَلِلْحِمَارِ) لِاشْتِهَارِهَا فِي الثَّلَاثَةِ وَلِأَنَّهَا أَغْلَبُ مَا يُرْكَبُ قَالَ تَعَالَى: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا} [النحل: 8](وَالْمُرَادُ) بِالْحِمَارِ الْحِمَارُ (الْأَهْلِي) ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ فَالْوَصِيَّةُ بِدَابَّةٍ مُطْلَقَةٍ تُنَزَّلُ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ عَلَى أَحَدِ الثَّلَاثَةِ وَلَوْ ذَكَرًا وَمَعِيبًا
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْضِ) اُنْظُرْ مَفْهُومَهُ (قَوْلُهُ لِفَرَسٍ وَبَغْلٍ وَلِلْحِمَارِ) وَلَوْ اعْتَادُوا فِي بَلَدِ الْمُوصِي رُكُوبَ بَعْضِهَا فَقَطْ لَمْ يَتَعَيَّنْ قَالَهُ الشَّيْخَانِ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَالَ أَعْطُوهُ طَبْلًا، وَلَا طَبْلَ لَهُ اُشْتُرِيَ لَهُ مُبَاحٌ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يَقْصِدُ الثَّوَابَ مَعَ وُقُوعِ الطَّبْلِ عَلَى الْجَمِيعِ فَإِنْ قَالَ مِنْ طُبُولِي، وَلَهُ طُبُولٌ فِيهَا مُبَاحٌ فَهُوَ الْمُوصَى بِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ طَبْلٌ أَوْ لَيْسَ إلَّا طَبْلُ لَهْوٍ، وَلَمْ يَصْلُحْ إلَّا مَعَ تَغْيِيرِ اسْمِهِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَلَوْ كَانَ لَهُ طَبْلٌ مُبَاحٌ، وَطَبْلُ لَهْوٍ يَصْلُحُ لِلْمُبَاحِ مَعَ تَغْيِيرِ اسْمِهِ تَعَيَّنَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ كَالْمَعْدُومِ أَوْ مَعَ بَقَائِهِ فَهَلْ يَتَخَيَّرُ أَوْ يَتَعَيَّنُ الْأَوَّلُ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الثَّانِي لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَالثَّانِي إنَّمَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ لِلضَّرُورَةِ، وَلَا ضَرُورَةَ هُنَا مَعَ وُجُودِ الْمُبَاحِ الَّذِي لَا تَغَيُّرَ فِيهِ أَصْلًا لِمَا يَأْتِي أَنَّ الطَّبْلَ يَقَعُ وُقُوعًا وَاحِدًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعُودَ اقْتَضَى الْعُرْفَ الْعَامَّ انْصِرَافُ مُطْلَقِ لَفْظِهِ إلَى عُودِ اللَّهْوِ، وَمَا يَصْلُحُ لَهُ لَا مَعَ تَغْيِيرٍ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهِ مُشْتَرَكًا أَوْ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ مَا أُنِيطَ بِالْعُرْفِ إنَّمَا يُرَجَّحُ بَعْضُ أَفْرَادِهِ مِنْ حَيْثُ الْعُرْفُ، وَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ فِي أَصْلِهِ مُشْتَرَكٌ فَالْعُرْفُ لَمَّا تَبَادَرَ إلَيْهِ وَحْدَهُ صَيَّرَهُ كَالْحَقِيقَةِ الْعُرْفِيَّةِ، وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى غَيْرِهَا كَالْمَجَازِ، وَالطَّبْلُ اقْتَضَى الْعُرْفُ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مُفْرَدَاتِهِ إطْلَاقًا وَاحِدًا مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ بِمُبَاحٍ أَوْ لَهْوٍ كَالْمَوْضُوعِ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ فَلِهَذَا اتَّضَحَ مَا تَقَرَّرَ مِنْ صَرْفِ مُطْلَقِ الْوَصِيَّةِ بِهِ إلَى الْمُبَاحِ، وَاللَّهْوِ الَّذِي يَصْلُحُ مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرِ اسْمِهِ، وَصَرْفِ مُطْلَقِ الْوَصِيَّةِ بِالْعُودِ إلَى عُودِ اللَّهْوِ، وَالصَّالِحُ لِلْمُبَاحِ مَعَ بَقَاءِ اسْمِهِ. اهـ. حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: وَحُسْبَانٍ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَبِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَبِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ شَرْحُ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: تُرْمَى بِمَجْرًى فِي الْقَوْسِ) عِبَارَةُ بَعْضِ شُرَّاحِ الْحَاوِي، والحسبانية هِيَ الَّتِي لَهَا مَجْرًى يَنْفُذُ فِي السَّهْمِ اهـ.
(قَوْلُهُ: الْجُلَاهِقِ) بِضَمِّ الْجِيمِ شَرْحُ الرَّوْضِ عَنْ الْجَوْهَرِيِّ
(قَوْلُهُ: وَقَوْسِ النَّدْفِ) أَيْ نَدْفِ نَحْوِ الْقُطْنِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ نَادِرًا) أَوْ لِلتَّنْوِيعِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ يُسَمَّى قَوْسًا غَالِبًا أَوْ نَادِرًا.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَا لَهُ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ لِلتَّقْيِيدِ بِالْإِضَافَةِ شَرْحُ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: بِدَابَّةٍ مُطْلَقَةٍ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا إذَا قُيِّدَتْ بِقَيْدٍ أَوْ وَصْفٍ يَشْمَلُ غَيْرَهَا كَمَا سَيَأْتِي عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَمَا لَمْ يَتَعَذَّرْ الْعَمَلُ بِهِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مَدْلُولُهَا فِي مَالِهِ كَمَا سَيَأْتِي عَنْ صَاحِبِ الْبَيَانِ. اهـ. حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِزِيَادَةٍ.
(قَوْلُهُ: تُنَزَّلُ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ إلَخْ) لِأَنَّهُ عُرْفٌ عَامٌّ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى اللُّغَةِ، وَالْعُرْفِ الْخَاصِّ فَإِنْ انْتَفَى الْعُرْفُ الْعَامُّ فَاللُّغَةُ مَا أَمْكَنَ فَالْعُرْفُ الْخَاصُّ بِبَلَدِ الْمُوصِي فَاجْتِهَادُ الْوَصِيِّ فِيمَا يَظْهَرُ، وَأَمَّا الْأَيْمَانُ فَتُقَدَّمُ فِيهَا اللُّغَةُ عَلَى الْعُرْفِ إنْ اُشْتُهِرَتْ، وَإِلَّا فَالْعُرْفُ الْمُطَّرِدُ فَالْخَاصُّ بِعُرْفِ الْحَالِفِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ أَنَّ الْأَمْرَ هُنَا مَنُوطٌ بِغَيْرِ الْمُوصِي مِنْ الْوَرَثَةِ، وَالْمُوصَى لَهُ فَنَظَرْنَا إلَى مَا يَتَعَارَفُونَهُ لِيَكُونَ حُجَّةً عَلَى أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ لِلْفَرِيقِ الْمُخَالِفِ، وَثَمَّ مَنُوطٌ بِالْحَالِفِ فِيمَا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ نَفْسِهِ فَأَمَرْنَاهُ بِالنَّظَرِ
وَصَغِيرًا وَإِنَّمَا جَوَّزُوا الْمَعِيبَ هُنَا وَإِنْ اقْتَضَى الْحَالُ السَّلَامَةَ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا زِيَادَةَ فِيهَا عَلَى مُقْتَضَى اللَّفْظِ لِعَدَمِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يُطْلِقْ تَعَيَّنَ مَا عَيَّنَهُ فَلَوْ قَالَ: دَابَّةً لِلْكَرِّ، وَالْفَرِّ أَوْ لِلْقِتَالِ أَوْ لِيَنْتَفِعَ بِدَرِّهَا وَظَهْرِهَا تَعَيَّنَ الْفَرَسُ أَوْ لِلْحَمْلِ فَالْبَغْلُ أَوْ الْحِمَارُ فَإِنْ اعْتَادُوا الْحَمْلَ عَلَى الْبَرَاذِينِ دَخَلَتْ قَالَ الْمُتَوَلِّي: بَلْ لَوْ اعْتَادُوهُ عَلَى الْجِمَالِ أَوْ الْبَقَرِ دَخَلَتْ وَضَعَّفَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّا إذَا نَزَّلْنَا الدَّابَّةَ عَلَى الثَّلَاثَةِ لَا يَنْتَظِمُ حَمْلُهَا عَلَى غَيْرِهَا بِقَيْدٍ أَوْ صِفَةٍ قَالَ النَّوَوِيُّ: قَوْلُ الْمُتَوَلِّي أَقْوَى فَلَوْ قَالَ: مِنْ دَوَابِّي نَزَلَ عَلَى أَحَدِ الثَّلَاثَةِ أَيْضًا إنْ كَانَتْ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا أَحَدُهَا تَعَيَّنَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْهَا عِنْدَ مَوْتِهِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ كَذَا قَالُوهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ دَابَّةٌ مِنْ النَّعَمِ وَنَحْوِهَا وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ الصِّحَّةُ وَيُعْطَى مِنْهَا لِصِدْقِ اسْمِ الدَّابَّةِ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ كَمَا لَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ شَاةً مِنْ شِيَاهِي وَلَيْسَ عِنْدَهُ الْأَطِبَّاءُ فَإِنَّهُ يُعْطَى مِنْهَا (وَنَصُّهُ) أَيْ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه فِي الْمُخْتَصَرِ (الْبَعِيرُ لَيْسَ يَشْمَلُ أُنْثَى) وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ قَالَ: أَعْطُوهُ بَعِيرًا أَوْ ثَوْرًا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُعْطُوهُ نَاقَةً وَلَا بَقَرَةً (وَقَالُوا) أَيْ الْأَصْحَابُ عَلَى مَا قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيُّ وَالشَّيْخَانِ أَوْ بَعْضُهُمْ عَلَى مَا قَالَهُ صَاحِبَا الْمُهَذَّبِ، وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمَا بَلْ هُوَ (شَامِلٌ) لَهَا لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ لُغَةً وَسُمِعَ حَلَبَ بَعِيرَهُ وَصَرَعَتْنِي بَعِيرِي (وَأَوَّلُوا) النَّصَّ بِمَا إذَا عَمَّ الْعُرْفُ بِعَدَمِ الشُّمُولِ وَعَلَى النَّصِّ جَرَى الْبَغَوِيّ وَصَاحِبَا الْمُهَذَّبِ، وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ وَخِلَافُهُ كَلَامُ الْعَرَبِ الْعَارِبَةِ وَلَا يَعْرِفُهُ إلَّا خَوَاصُّ أَهْلِ الْعِلْمِ فَلَمْ تَجْرِ عَلَيْهِ الْوَصَايَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَلِمَ لَا يُنْظَرُ إلَى عُرْفِ الْمُوصِي
(وَ) أَمَّا (الْكَلْبُ، وَالْحِمَارُ، وَالثَّوْرُ) ، وَالْبَغْلُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لِعَدَمِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا) أَيْ الزِّيَادَةِ.
(قَوْلُهُ: لِلْكَرِّ، وَالْفَرِّ إلَخْ) هَذِهِ قَرَائِنُ مَقَالِيَّةٌ وَأَمَّا الْقَرَائِنُ الْحَالِيَّةُ كَأَنْ يَكُونَ الْمُوصَى لَهُ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ مَثَلًا فَهَلْ يُعْتَبَرُ قَضِيَّةُ كَلَامِ النَّوَوِيِّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ نَعَمْ وَقَدْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْكَلْبِ فَحَكَى وَجْهَيْنِ فِي اعْتِبَارِ حَالِهِ أَوْ إطْلَاقِ اللَّفْظِ بِرّ (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ الْفَرَسُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ أَوْ لِيَنْتَفِعَ بِظَهْرِهَا وَنَسْلِهَا خَرَجَ الْبَغْلُ اهـ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اعْتَادُوا الْحَمْلَ عَلَى الْبَرَاذِينِ دَخَلَتْ) وَقَدْ قَالَ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: قَالَ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) أَيْ فِيمَا إذَا قَالَ أَعْطُوهُ دَابَّةً لِلْحَمْلِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَشَبَّهَهُ بِمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَوْلَادُ أَوْلَادٍ وَحَاوَلَ بَعْضُهُمْ إبْدَاءَ فَرْقٍ بِأَنَّ الْوَقْفَ أَدَوْمُ وَأَلْزَمُ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِرّ (قَوْلُهُ وَنَصُّهُ الْبَعِيرُ لَيْسَ يَشْمَلُ) يَجُوزُ فِي نَصِّهِ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً بِمَعْنَى مَنْصُوصِهِ خَبَرُهُ مَا بَعْدَهُ عَلَى حِكَايَتِهِ بِالْمَعْنَى أَيْ مَنْصُوصِهِ هَذَا الْكَلَامُ أَوْ خَبَرًا عَمَّا بَعْدَهُ أَيْ هَذَا الْكَلَامُ مَنْصُوصَةٌ وَيَجُوزُ تَقْدِيرُ مُضَافٍ إلَى مَا بَعْدَهُ مُبْتَدَأً أَوْ خَبَرًا أَيْ مَنْصُوصُهُ مَضْمُونُ هَذَا الْكَلَامِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَقَالُوا شَامِلٌ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ هَذَا النَّصُّ، وَالْخِلَافُ جَازَ بِعَيْنِهِ فِي تَنَاوُلِ الشَّاةِ لِلذَّكَرِ بِرّ
ــ
[حاشية الشربيني]
لِمَا بَعْدَ الْأَصْلِ، وَهُوَ اللُّغَةُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّنَازُعَ هُنَا أَوْجَبَ تَقْدِيمَ الْعُرْفِ الْعَامِّ لِأَنَّهُ الْقَاطِعُ لَهُ بِوَاسِطَةِ أَنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ الْمُوصِي أَرَادَهُ، وَعَدَمُ التَّنَازُعِ ثَمَّ أَوْجَبَ الرُّجُوعَ لِلْأَصْلِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَارِضْهُ شَيْءٌ ثَمَّ بَعْدَ الْعُرْفِ الْعَامِّ فِي الْوَصِيَّةِ، وَاللُّغَةِ فِي الْأَيْمَانِ أَلْحَقُوا بِكُلٍّ مَا يُنَاسِبُهُ. اهـ. حَجَرٌ بِتَغْيِيرٍ قَالَ سم إذَا تَأَمَّلْت حَاصِلَ الْفَرْقِ ظَهَرَ لَك أَنَّهُ كَانَ مُقْتَضَاهُ أَنْ يُقَدِّمَ هُنَا بَعْدَ الْعُرْفِ الْعَامِّ الْعُرْفَ الْخَاصِّ لَا اللُّغَةَ لِأَنَّهُ أَقْطَعُ لِلنِّزَاعِ، وَأَقْرَبُ لِإِرَادَتِهِ مِنْ اللُّغَةِ بَلْ قَدْ يُقَالُ كَانَ مُقْتَضَاهُ تَقْدِيمَ الْعُرْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ. اهـ. وَقَوْلُ حَجَرٍ، وَأَمَّا الْأَيْمَانُ فَتُقَدَّمُ فِيهَا اللُّغَةُ عَلَى الْعُرْفِ إنْ اُشْتُهِرَتْ هَذَا يُخَالِفُ مَا اُشْتُهِرَ أَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ، وَلَعَلَّ مُرَادَ حَجَرٍ بِالْأَيْمَانِ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى اللُّغَةِ مَتَى اُشْتُهِرَتْ، وَإِنْ اُشْتُهِرَ الْعُرْفُ احْتِيَاطًا لِلْأَبْضَاعِ، وَقَوْلُ سم كَانَ مُقْتَضَاهُ أَنْ يُقَدِّمَ هُنَا إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ الْخَاصَّ قَدْ يَخْتَصُّ بِالْمُوصِي فَالْأَقْطَعُ لِلنِّزَاعِ اللُّغَةُ لِأَنَّهَا تَعُمُّ الْمُوصِيَ، وَالْمُوصَى لَهُ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي قَوْلِهِ بَلْ إلَخْ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ الْفَرَسُ) الْفَرَسُ اسْمٌ لِلذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى، وَالْبَغْلِ، وَالْحِمَارُ اسْمٌ لِلذَّكَرِ فَقَطْ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ
(قَوْلُهُ: لَا يَنْتَظِمُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ اسْمَ الدَّابَّةِ لَا يَشْمَلُ غَيْرَ الثَّلَاثَةِ، وَوَصْفُ الدَّابَّةِ بِالْحَمْلِ مُخَصِّصٌ لَا مُعَمِّمٌ، وَقَدْ يُقَالُ إذَا أَتَى بِالْوَصْفِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَعْنًى، وَلَا مَعْنَى لَهُ إلَّا أَنَّهُ هُوَ الْمَقْصُودُ فَيَلْغُو التَّخْصِيصُ الْمُسْتَفَادُ مِمَّا قَبْلَهُ.
(قَوْلُهُ: لِصِدْقِ اسْمِ الدَّابَّةِ) أَيْ لِاعْتِبَارِ صِدْقِهِ لُغَةً حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ وَقَالُوا إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ
(قَوْلُهُ: وَقَالُوا شَامِلٌ)، وَأَمَّا النَّاقَةُ فَلَا تَشْمَلُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ لُغَةً) قَدْ يُقَالُ إنَّ هَذَا لَا يُفِيدُ مَعَ عُمُومِ الْعُرْفِ بِخِلَافِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْعُرْفَ فِيهِ غَيْرُ مُطَّرِدٍ فَرَجَعَ إلَى اللُّغَةِ، وَسَيَأْتِي بِأَعْلَى الْهَامِشِ كَلَامٌ فِي ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: اسْمُ جِنْسٍ) أَيْ إفْرَادِيٌّ يَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى، وَقَوْلُهُ وَسَمِعَ تَأْيِيدٌ لَهُ.
(قَوْلُهُ: وَأَوَّلُوا النَّصَّ بِمَا إذَا عَمَّ الْعُرْفُ بِعَدَمِ الشُّمُولِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُمْ إنَّمَا قَالُوا بِالشُّمُولِ لِعُمُومِ الْعُرْفِ إذْ ذَاكَ بِهِ، وَقَدْ نَقَلَ النَّاشِرِيُّ عَنْ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ إنَّ الْأَظْهَرَ التَّنَاوُلُ، وَرُبَّمَا أَفْهَمَك كَلَامُهُمْ تَوَسُّطًا، وَهُوَ تَنْزِيلُ النَّصِّ عَلَى مَا إذَا عَمَّ الْعُرْفُ بِاسْتِعْمَالِ الْبَعِيرِ بِمَعْنَى الْجَمَلِ، وَتَنْزِيلُ غَيْرِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعُمَّ بِذَلِكَ. اهـ. وَحِينَئِذٍ لَا خِلَافَ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: بِمَا إذَا عَمَّ الْعُرْفُ بِعَدَمِ الشُّمُولِ) بِأَنْ عَمَّ بِاسْتِعْمَالِهِ بِمَعْنَى الْجَمَلِ (قَوْلُهُ بِمَا إذَا عَمَّ الْعُرْفُ بِعَدَمِ الشُّمُولِ) مَفْهُومُهُ مَا إذَا لَمْ يَعُمَّ بِذَلِكَ بِأَنْ عَمَّ بِالشُّمُولِ أَوْ لَمْ يَعُمَّ بِالشُّمُولِ، وَلَا بِعَدَمِهِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْمَعْمُولَ بِهِ حِينَئِذٍ اللُّغَةُ، وَاسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِاللُّغَةِ عِنْدَ عَدَمِ الْعُرْفِ الْعَامِّ بِالشُّمُولِ لَا عِنْدَ عَدَمِ الْعُرْفِ الْعَامِّ بِعَدَمِ الشُّمُولِ أَيْضًا، وَإِلَّا فَهُوَ الْمُقَدَّمُ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْكَلَامُ فِي مَدْلُولِهِ فِي الْعُرْفِ الْعَامِّ، وَلَا يُنْظَرُ لِعُرْفِ
عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (فَلَا يَشْمَلُ) كُلٌّ مِنْهَا (أُنْثَى) مِنْ كَلْبَةٍ وَحِمَارَةٍ وَبَقَرَةٍ وَبَغْلَةٍ كَالْعَكْسِ وَلَا يُخَالِفُهُ قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي تَحْرِيرِهِ: إنَّ الْبَقَرَةَ تَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى بِاتِّفَاقِ أَهْلِ اللُّغَةِ لِأَنَّ وُقُوعَهَا عَلَيْهِ لَمْ يَشْتَهِرْ فِي الْعُرْفِ (مِثْلُ) قَوْلِهِ (اُعْطُوا) فُلَانًا (جَمَلًا) فَإِنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْأُنْثَى أَيْ النَّاقَةَ كَالْعَكْسِ (وَالشَّاةُ) عِنْدَ الْإِطْلَاقِ تَشْمَلُ (غَيْرُ السَّخْلِ وَالْعَنَاقُ) مِنْ الضَّأْنِ، وَالْمَعْزِ وَلَوْ ذَكَرًا وَمَعِيبًا وَصَغِيرَ الْجُثَّةِ لِصِدْقِ اسْمِهَا بِذَلِكَ لِأَنَّهَا اسْمُ جِنْسٍ كَالْإِنْسَانِ، وَالْهَاءُ فِيهَا لِلْوَحْدَةِ أَمَّا السَّخْلُ جَمْعُ سَخْلَةٍ أَوْ مُرَخَّمُهَا وَهِيَ وَلَدُ الضَّأْنِ، وَالْمَعْزِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى مَا لَمْ يَبْلُغْ سَنَةً وَالْعَنَاقُ وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ وَلَدِ الْمَعْزِ كَذَلِكَ فَلَا تَشْمَلُهُمَا الشَّاةُ لِأَنَّ اسْمَهَا لَا يَصْدُقُ بِهِمَا لِصِغَرِ سِنِّهِمَا كَذَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ وَصَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ لَكِنْ نَقَلَ الرُّويَانِيُّ عَنْ سَائِرِ الْأَصْحَابِ وَالْغَزَالِيُّ عَنْهُمْ خَلَا الصَّيْدَلَانِيِّ شُمُولَهُمَا لَهُمَا وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ قَالَ الْإِمَامُ: وَقَوْلُ الصَّيْدَلَانِيِّ خِلَافُ مُقْتَضَى النَّصِّ وَخِلَافُ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَكَالْعَنَاقِ الْجَدْيُ كَمَا شَمِلَهُ مَا قَبْلَهَا وَلَوْ اقْتَصَرَ النَّاظِمُ وَغَيْرُهُ عَلَى ذِكْرِ السَّخْلَةِ كَفَى عَنْ ذِكْرِ الْعَنَاقِ، وَالْجَدْيِ (بَلْ) انْتِقَالِيَّةٌ لَا إبْطَالِيَّةٌ (لَفْظُ الرَّقِيقِ) عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (لِلْجَمِيعِ) مِنْ أَنْوَاعِهِ مِنْ الْأُنْثَى، وَالْخُنْثَى، وَالْمَعِيبِ، وَالْكَافِرِ، وَالصَّغِيرِ وَضِدِّهَا (قَدْ شَمَلْ) لِأَنَّهُ يَصْدُقُ بِهَا بِخِلَافِ الْعَبْدِ لَا يَشْمَلُ الْأَمَةَ وَبِالْعَكْسِ
(وَيَشْمَلُ الْفَقِيرُ مِسْكِينًا كَفِي عَكْسٍ) فَلَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِأَحَدِهِمَا جَازَ صَرْفُهُ لِلْآخَرِ لِوُقُوعِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ (وَإِنْ يَجْمَعْهُمَا) فِي الْوَصِيَّةِ (يُنَصَّفْ) بَيْنَهُمَا وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى أَحَدِهِمَا كَمَا فِي الزَّكَاةِ وَإِنَّمَا يُصْرَفُ لِفُقَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَمَسَاكِينِهِمْ كَالزَّكَاةِ قَالَهُ ابْنُ سُرَاقَةَ وَغَيْرُهُ (كَقَوْلِهِ) أَوْصَيْتُ (لِحَمْلِهَا وَأَتَتْ بِاثْنَيْنِ) وَلَوْ ذَكَرًا وَأُنْثَى فَإِنَّهُ يُنَصَّفُ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْهِبَةِ (أَمَّا لَوْ أَتَتْ بِمَيِّتٍ وَحَيٍّ) فَيُصْرَفُ (الْكُلُّ لِحَيٍّ) مِنْهُمَا لِأَنَّ الْمَيِّتَ كَالْمَعْدُومِ بِدَلِيلِ الْبُطْلَانِ بِانْفِصَالِهِمَا مَيِّتَيْنِ (وَاَلَّذِي يَقُولُ إنْ كَانَ غُلَامًا حَمْلُ ذِي اُعْطُوا) لَهُ كَذَا (لِتَوْحِيدٍ) أَيْ فَلَفْظُ الْغُلَامِ لِتَوْحِيدِ الْجِنْسِ حَتَّى تَبْطُلَ الْوَصِيَّةُ فِيمَا لَوْ أَتَتْ بِغُلَامٍ وَغُلَامَةٍ الْمُعَبَّرِ عَنْهُمَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ بِالذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى وَأَمَّا تَوْحِيدُ الْغُلَامِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ اعْتِبَارُهُ أَيْضًا حَتَّى تَبْطُلَ فِيمَا لَوْ أَتَتْ بِغُلَامَيْنِ وَهُوَ مَا فِي الْوَجِيزِ لِاقْتِضَاءِ التَّنْكِيرِ التَّوْحِيدَ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا قَالَ وَبِهِ قَطَعَ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ، وَالْمَعْنَى إنْ كَانَ جِنْسُ حَمْلِهَا غُلَامًا وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّازُ: وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ إنْ كَانَ حَمْلُهَا ابْنًا فَأَتَتْ بِابْنَيْنِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُمَا فَإِنَّ الذَّكَرَ، وَالْأُنْثَى اسْمَا جِنْسٍ فَيَقَعُ عَلَى الْوَاحِدِ، وَالْعَدَدِ بِخِلَافِ الِابْنِ، وَالْبِنْتِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَيْسَ الْفَرْقُ بِوَاضِحٍ، وَالْقِيَاسُ التَّسْوِيَةُ وَتَبِعَهُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ وَلَا يُخَالِفُهُ) أَيْ: الْعَكْسُ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ وُقُوعَهَا عَلَيْهِ لَمْ يَشْتَهِرْ) قَدْ يُسْتَشْكَلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْأَصْحَابِ فِي الْبَعِيرِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَأَنْ يَجْمَعَهُمَا يُنَصَّفُ) وَيَجِبُ دَفْعُ مَا يَخُصُّ أَحَدَهُمَا لِثَلَاثَةٍ فَأَكْثَرَ وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمْ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى شَخْصَيْنِ مِنْ الصِّنْفِ غَرِمَ لِشَخْصٍ ثَالِثٍ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ بِرّ هَذَا كُلُّهُ فِيمَا لَوْ عَبَّرَ بِالْفُقَرَاءِ، وَالْمَسَاكِينِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَبَّرَ بِالْمُفْرَدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ غُلَامًا) مِثْلُهُ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى وَجَارِيَةً بِرّ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الذَّكَرَ، وَالْأُنْثَى إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ، وَالْغُلَامُ لِيُفِيدَ الْفَرْقَ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْمُوصِي إلَّا بَعْدَ انْتِفَاءِ الْعُرْفِ الْعَامِّ، وَاللُّغَةِ كَمَا مَرَّ
(قَوْلُهُ: وَلَا يُخَالِفُهُ) أَيْ قَوْلِهِ كَالْعَكْسِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ وُقُوعَهَا إلَخْ) عِبَارَةُ حَجَرٍ لِأَنَّهَا اُشْتُهِرَتْ عُرْفًا فِي الْأُنْثَى.
(قَوْلُهُ: جَمَلًا) هُوَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ مَا تَمَّ لَهُ سَنَةٌ وَفِي اللُّغَةِ مَا دَخَلَ فِي السَّابِعَةِ لَكِنَّ عُرْفَ الْفُقَهَاءِ مِنْ الْعُرْفِ الْعَامِّ فَيُقَدَّمُ. اهـ. حَاشِيَةُ مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: وَالشَّاةُ غَيْرُ السَّخْلِ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَقُلْ شَاةً مِنْ غَنَمِي، وَلَيْسَ لَهُ إلَّا سِخَالٌ، وَإِلَّا أُعْطِي أَحَدُهَا، وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الْعَنَاقِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ نَعَمْ لَوْ قَالَ شَاةً مِنْ شِيَاهِي، وَلَيْسَ لَهُ إلَّا ظِبَاءٌ أُعْطِي مِنْهَا. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَمَعِيبًا) ، وَكَوْنُ الْإِطْلَاقِ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَا أُنِيطَ بِمَحْضِ اللَّفْظِ كَالْبَيْعِ، وَالْكَفَّارَةِ دُونَ الْوَصِيَّةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ: اشْتَرُوا لَهُ شَاةً أَوْ عَبْدًا تَعَيَّنَ السَّلِيمُ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الْأَمْرِ بِالشِّرَاءِ يَقْتَضِيه. اهـ. م ر (قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ إلَخْ) مِثَالٌ لِغَيْرِ مَا أُنِيطَ بِمَحْضِ اللَّفْظِ لِأَنَّهُ أُنِيطَ مَعَ اللَّفْظِ بِالْمُقَابِلِ، وَكَذَا الْكَفَّارَةُ أُنِيطَتْ مَعَهُ بِالْجِنَايَةِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا اسْمُ جِنْسٍ) أَيْ لِمَا بَلَغَ سَنَةً فَأَكْثَرَ، وَالسَّخْلُ، وَالْعَنَاقُ لِمَا دُونَهَا ق ل
(قَوْلُهُ فَإِنَّ الذَّكَرَ إلَخْ) أَيْ، وَالْغُلَامَ لِيَدُلَّ عَلَى مَا نَحْنُ فِيهِ ثُمَّ إنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَا يُفِيدُ لُغَةً وَإِنَّمَا الْمُفِيدُ أَنَّ لَفْظَ الْغُلَامِ يَقَعُ عُرْفًا عَلَى الْوَاحِدِ، وَالْمُتَعَدِّدِ كَمَا فِي حَجَرٍ وم ر لَكِنْ فِيهِ أَنَّ لَفْظَ الْغُلَامِ مَوْجُودٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَا بَعْدَهَا فَلِمَ خَيَّرُوهُ فِيمَا يَأْتِي وَحَكَمُوا بِالْقِسْمَةِ بَيْنَهُمَا هُنَا فَلَا بُدَّ مِنْ ضَمِيمَةِ النَّظَرِ لِقَوْلِهِ هُنَا حَمْلُ ذِي فَإِنَّهُ نَكِرَةٌ مُضَافَةٌ فَتَعُمُّ جَمِيعَ الْحَمْلِ فَقَوِيَ حَمْلُ الْغُلَامِ عَلَى مَعْنَى الْعُرْفِيِّ بِخِلَافِ مَا فِي بَطْنِهَا فِيمَا سَيَأْتِي فَإِنَّهُ يَصْدُقُ بِالْوَاحِدِ فَلِذَا أَبْقَوْا حَمْلَ الْغُلَامِ عَلَى الْجِنْسِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الِابْنِ، وَالْبِنْتِ) قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ هَذَا الْفَرْقُ لَا يَتَّضِحُ لُغَةً لَكِنَّهُ الْمُتَبَادَرُ فِي الْعُرْفِ (قَوْلُهُ، وَلَيْسَ الْفَرْقُ بِوَاضِحٍ) رُدَّ بِأَنَّ الْمَدَارَ فِي
السُّبْكِيُّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ: بَلْ الْفَرْقُ وَاضِحٌ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَفِيمَا قَالَهُ مِنْ وُضُوحِ الْفَرْقِ نَظَرٌ (وَفِي) قَوْلِهِ (إنْ كَانَا فِي بَطْنِهَا) غُلَامٌ فَأَعْطُوهُ كَذَا (فَلِلْغُلَامِ) الْوَصِيَّةُ دُونَ الْغُلَامَةِ إنْ (بَانَا) أَيْ ظَهَرَا (وَخُيِّرَ الْوَارِثُ فِي اثْنَيْنِ) أَيْ غُلَامَيْنِ أَتَتْ بِهِمَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ فَيَصْرِفُ إلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا كَمَا لَوْ أَبْهَمَ الْمُوصَى بِهِ وَقِيلَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ وَقِيلَ يُوقَفُ إلَى أَنْ يُكَلَّفَا فَيَصْطَلِحَا فَالْوَصِيَّةُ بِذَلِكَ صَحِيحَةٌ نَظَرًا لِلْجِنْسِ وَفِيهَا وَجْهٌ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (وَقَدْ يُفْتَى بِبُطْلَانٍ) لَهَا (هُنَا) لِاقْتِضَاءِ التَّنْكِيرِ التَّوْحِيدَ
(وَ) لَوْ أَوْصَى (بِأَحَدِ رِقَاقِهِ) جَمْعُ رَقِيقٍ (وَتَلِفُوا) بِقَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ (فَتَبْطُلُ) الْوَصِيَّةُ (وَ) إنْ تَلِفُوا (بَعْدَهُ) فَإِنْ كَانَ بِقَتْلٍ مُضَمَّنٍ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبُولِ فَحَقُّ الْوَصِيَّةِ (لِقِيمَةٍ) لِأَحَدِهِمْ (يَنْتَقِلُ) فَيَصْرِفُ الْوَارِثُ بَعْدَ الْقَبُولِ قِيمَةَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِهِ فَلِلْوَارِثِ تَعْيِينُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ حَتَّى يُلْزِمَ الْمُوصَى لَهُ مُؤْنَةَ تَجْهِيزِهِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ الْمِلْكَ فِي الْوَصِيَّةِ مَوْقُوفٌ عَلَى الْقَبُولِ فَمَا وَقَعَ لِلشَّارِحِ تَبَعًا لِبَعْضِ شُرَّاحِ الْحَاوِي مِنْ بُطْلَانِهَا مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ مِنْ أَنَّهَا تُمْلَكُ بِالْقَبُولِ مَعَ أَنَّهُ مَشَى عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِ النَّظْمِ (وَحَيْثُ يَبْقَى) مِنْهُمْ (وَاحِدٌ تَعَيَّنَا) لِلْوَصِيَّةِ لِصِدْقِ الِاسْمِ بِهِ سَوَاءٌ تَلِفَ غَيْرُهُ بِقَتْلٍ أَمْ لَا وَمَحَلُّهُ إذَا تَلِفَ غَيْرُهُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي وَإِلَّا فَلِلْوَارِثِ تَعْيِينُ أَحَدِ التَّالِفَيْنِ حَتَّى يَلْزَمَ الْمُوصَى لَهُ مُؤْنَةُ تَجْهِيزٍ وَلَهُ قِيمَةُ الْمَقْتُولِ.
وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُوصِيَ بِأَحَدِ أَرِقَّائِهِ الْمَوْجُودِينَ فَلَوْ أَوْصَى بِأَحَدِ أَرِقَّائِهِ فَمَاتُوا إلَّا وَاحِدًا لَمْ يَتَعَيَّنْ حَتَّى لَوْ مَلَكَ غَيْرَهُ فَلِلْوَارِثِ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ الْحَادِثِ (أَمَّا الْأَرِقَّا) وَكُلُّ جَمْعٍ كَالرِّقَابِ (فَثَلَاثَةٌ) وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (هُنَا) تَكْمِلَةٌ مُضِرَّةٌ إذْ الْأَرِقَّاءُ مُطْلَقًا ثَلَاثَةٌ فَلَوْ قَالَ: أَعْتِقُوا عَنِّي أَرِقَّاءَ أَوْ رِقَابًا أَوْ اشْتَرُوا بِثُلُثِي أَرِقَّاءَ أَوْ رِقًّا وَأَعْتِقُوهُمْ فَأَقَلُّ مَا يَصْدُقُ بِهِ ثَلَاثَةٌ فَلَا يُصْرَفُ الثُّلُثُ إذَا وَفَّى بِهِمْ إلَى رَقَبَتَيْنِ فَإِنْ صَرَفَهُ الْوَصِيُّ إلَيْهِمَا ضَمِنَ ثَالِثَهُ بِأَقَلَّ مَا يَجِدُ بِهِ رَقَبَةً فَإِنْ تَيَسَّرَ شِرَاءُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ بِثُلُثِهِ فَعَلَ، وَالْإِكْثَارُ مَعَ الرُّخْصِ أَوْلَى مِنْ الْإِقْلَالِ مَعَ الْغُلُوِّ وَلَا يَشْتَرِي بَعْضَ رَقَبَةٍ كَمَا قَالَ (وَالْبَعْضُ) مِنْ رَقِيقٍ إذَا لَمْ يَفِ الثُّلُثُ إلَّا بِهِ أَوْ وَفَّى بِوَاحِدٍ أَوْ بِاثْنَيْنِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَقَالَ النَّوَوِيُّ بَلْ الْفَرْقُ وَاضِحٌ وَهُوَ الْمُخْتَارُ) أَقُولُ كَيْفَ اعْتَمَدَ النَّوَوِيُّ هَذَا؟ وَافَقَ عَلَى التَّخْيِيرِ إذَا أَتَتْ بِغُلَامَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ إنْ كَانَ فِي بَطْنِك غُلَامٌ كَمَا سَيَأْتِي فَإِنَّهُ حَيْثُ كَانَ الْمُدْرَكُ فِي مَسْأَلَةِ الدَّارِ صَدَقَ الْغُلَامُ بِالْمُتَعَدِّدِ فَلَا وَجْهَ لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِرّ أَقُولُ بَلْ لِلتَّفْرِقَةِ وَجْهٌ وَجِيهٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الدَّارِ يُجْعَلُ الْمُوصَى بِهِ لِجَمِيعِ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِهِ حَمْلُ ذِي جَمِيعُ حَمْلِهَا وَلِذَا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ إذَا أَتَتْ بِذَكَرٍ وَأُنْثَى وَلَمْ يَجْعَلْهُ لِلْجَمِيعِ فِي هَذِهِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ كَانَ فِي بَطْنِهَا غُلَامٌ صَادِقٌ بِكَوْنِهِ بَعْضَ مَا فِي بَطْنِهَا فَكَفَى إعْطَاءُ وَاحِدٍ مِنْ اثْنَيْنِ سم
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَوْصَى بِأَحَدِ أَرِقَّائِهِ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَلَوْ قَالَ أَعْطُوهُ رَأْسًا مِنْ رَقِيقِي أَوْ غَنَمِي أَوْ مِنْ حُبْشَانِ عَبِيدِي وَلَيْسَ لَهُ إلَّا وَاحِدٌ أُعْطِيَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ بَطَلَتْ فَلَوْ مَلَكَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ اسْتَحَقَّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ مِنْ غَيْرِ أَرِقَّائِهِ وَإِنْ تَرَاضَيَا لِأَنَّهُ صُلْحٌ عَلَى مَجْهُولٍ اهـ فَلْيُنْظَرْ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ إلَّا وَاحِدٌ مَعْلُومٌ فَإِنَّهُ لَا جَهْلَ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلِلْوَارِثِ تَعْيِينُ أَحَدِ التَّالِفِينَ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَلَفُ ذَلِكَ الْأَحَدِ مَضْمُونًا كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْعِبَارَةِ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْوَصَايَا عَلَى الْمُتَبَادَرِ غَالِبًا، وَهُوَ مِنْ كُلِّ مَا ذُكِرَ فِيهِ. اهـ. م ر، وَقَدْ مَرَّ حَجَرٌ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ أَبْهَمَ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ بِقَوْلِهِ أَعْطُوا هَذَا الْعَبْدَ لِأَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَإِنَّهُ تَقَدَّمَ صِحَّةُ الْإِبْهَامِ هُنَا، وَالتَّعْيِينُ لِلْوَارِثِ. اهـ. مِنْ هَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بِقَتْلٍ إلَخْ) أَمَّا لَوْ كَانَ بِلَا جِنَايَةٍ أَوْ بِجِنَايَةٍ غَيْرِ مُضَمَّنَةٍ كَمَا إذَا أَتَلَفَهُمْ حَرْبِيٌّ أَوْ سَبُعٌ أَوْ قُتِلُوا بِرِدَّةٍ أَوْ دَفْعِ مَصُولٍ عَلَيْهِ فَلَا انْتِقَالَ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ إلَخْ إلَى أَنَّ فِي الْمُصَنِّفِ إطْلَاقًا مَحْمَلُهُ هَذَا التَّفْصِيلُ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى يَلْزَمَ) أَيْ إنْ قَبِلَ الْوَصِيَّةَ. اهـ. شَرْحُ إرْشَادٍ لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: فِي الْكَلَامِ إلَخْ) لَعَلَّهُ فِي قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَلِلْوَارِثِ تَعْيِينُ أَحَدٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ صَرَفَهُ إلَخْ) يُفِيدُ صِحَّةَ صَرْفِهِ لَهُمَا مَعَ تَعَدِّيهِ بِهِ سم عَلَى حَجَرٍ لَكِنْ قَالُوا إذَا أَوْصَى لِلْفُقَرَاءِ وَجَبَ إعْطَاءُ ثَلَاثَةٍ فَلَوْ أَعْطَى الدَّافِعُ الْمُوصَى بِهِ كُلَّهُ لِاثْنَيْنِ مِنْهُمْ حَرُمَ عَلَيْهِ مَعَ الْعِلْمِ، وَضَمِنَ مُطْلَقًا لِلثَّالِثِ أَقَلَّ مُتَمَوِّلٍ، وَيَدْفَعُهُ لَهُ مَعَ الْجَهْلِ، وَكَذَا مَعَ الْعِلْمِ إنْ تَابَ، وَإِلَّا دَفَعَهُ لِلْحَاكِمِ، وَيَدْفَعُهُ الْحَاكِمُ لِلثَّالِثِ هَذَا إنْ أَيْسَرَ الدَّافِعُ فَإِنْ أَعْسَرَ وَجَبَ اسْتِرْدَادُ مَا لِلثَّالِثِ مِنْ الِاثْنَيْنِ وَدَفَعَ لِلثَّالِثِ. اهـ.، وَعَلَى قِيَاسِهِ يَكُونُ الصَّرْفُ هُنَا لِاثْنَيْنِ حَرَامًا مَعَ الْعِلْمِ، وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ عِنْدَ الْإِعْسَارِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ أَوْلَى مِنْ الْإِقْلَالِ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي جَوَازِ الْإِقْلَالِ مَعَ الْغُلُوِّ مَعَ إمْكَانِ الْإِكْثَارِ مَعَ الرُّخْصِ
وَبَعْضِ آخَرَ (لَمْ يُشْتَرَ) لِأَنَّهُ لَيْسَ رَقَبَةً وَيُرَدُّ الثُّلُثُ لِلْوَرَثَةِ فِي الْأَوْلَى وَيُزَادُ الْفَضْلُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ فِي ثَمَنٍ نَفِيسٍ أَوْ نَفِيسَيْنِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ عَنْ أَنْفَسِ رَقَبَةٍ أَوْ رَقَبَتَيْنِ رُدَّ لِلْوَرَثَةِ وَقِيلَ يُشْتَرَى بِهِ بَعْضٌ وَرَجَّحَهُ الْغَزَالِيُّ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ. وَرَجَّحَهُ
السُّبْكِيُّ بِأَنَّهُ أَقْرَبُ غَرَضِ الْمُوصِي مِنْ الصَّرْفِ إلَى الْوَرَثَةِ (لَا إنْ يَقُلْ ثُلْثِي إلَى الْعِتْقِ اصْرِفُوا فَامْتَثِلْ) أَنْتَ بِأَنْ تَشْتَرِيَ بِهِ بَعْضًا لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ صَرْفُ الثُّلُثِ إلَى الْعِتْقِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّهُ يَشْتَرِي الْبَعْضَ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى التَّكْمِيلِ وَلِهَذَا قَالَ السُّبْكِيُّ: يُشْتَرَى شِقْصٌ لَكِنَّ التَّكْمِيلَ أَوْلَى إذَا أَمْكَنَ وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ الطَّاوُسِيُّ وَالْبَارِزِيُّ أَنَّهُ إنَّمَا يَشْتَرِي ذَلِكَ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ التَّكْمِيلِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّهُ الْأَقْرَبُ
وَ (لَوْ قَالَ) : أَعْطُوا (جِيرَانِي فَإِنَّ الْجَارَا مِنْ كُلِّ جَنْبٍ) مِنْ جَوَانِبِ دَارِ الْمُوصِي الْأَرْبَعَةِ (أَرْبَعُونَ دَارَا) فَيُعْطَى لِسُكَّانِهَا وَزَادَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنْ يُرَادَ بِكُلٍّ فِيمَا ذُكِرَ الْكُلُّ الْمَجْمُوعِيُّ وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا.
قَوْلُهُ: (وَلَمْ يُرِدْ) أَيْ الْحَاوِي (مِنْ كُلِّ جَنْبٍ عَشْرَا) لِيَكُونَ الْجَمِيعُ أَرْبَعِينَ بَلْ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ أَرْبَعِينَ لِيَكُونَ الْجَمِيعُ مِائَةً وَسِتِّينَ لِخَبَرِ: «حَقُّ الْجِوَارِ أَرْبَعُونَ دَارًا هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَأَشَارَ قُدَّامًا وَخَلْفًا وَيَمِينًا وَشِمَالًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ مُرْسَلًا وَلَهُ طُرُقٌ تُقَوِّيهِ وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْمُسْلِمُ، وَالْغَنِيُّ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: نَفِيسٌ أَوْ نَفِيسَيْنِ) قَدْ يُفِيدُ التَّخْيِيرُ جَوَازَ الِاقْتِصَارِ عَلَى نَفِيسٍ مَعَ إمْكَانِ نَفِيسَيْنِ وَهُوَ مُحْتَمَلُ تَعْيِينِ النَّفِيسَيْنِ حَيْثُ أَمْكَنَا لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى غَرَضِ الْمُوصِي مِنْ اعْتِبَارِهِ التَّعَدُّدَ وَقَدْ تُجْعَلُ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ فَلَا يُنَافِي هَذَا الِاحْتِمَالَ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ عَنْ أَنْفَسِ رَقَبَةٍ إلَخْ) هَلْ يَتَقَيَّدُ تَحْصِيلُ الْأَنْفَسِ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ أَمْ بَلَدُ الْمُوصِي أَمْ كَيْفَ الْحَالُ؟ بِرّ (فَرْعٌ)
فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَإِنْ قَالَ أَعْتِقُوا عَنَى عَبْدًا تَأْخُذُونَهُ بِمِائَتَيْنِ، وَالثُّلُثُ مِائَةٌ وَأَمْكَنَ أَخْذُنَا عَبْدًا بِهَا أَخَذْنَا بِهَا عَبْدًا وَأَعْتَقْنَاهُ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ فَلَمْ يَخْرُجْ جَمِيعُهُ مِنْ الثُّلُثِ فَيَتَعَيَّنُ إعْتَاقُ الْقَدْرِ الَّذِي يَخْرُجُ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْأَقْرَبُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قُلْت بَلْ الْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ
(قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ جَنْبٍ أَرْبَعُونَ دَارًا) هَلْ يُقَسَّمُ الْمُوصَى بِهِ عَلَى الْجَوَانِبِ الْأَرْبَعِ بِالسَّوِيَّةِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ فِي أَحَدِ الْجَوَانِبِ إلَّا دُونَ أَرْبَعِينَ صُرِفَ إلَيْهِ جَمِيعُ الرَّبُعِ أَوْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَلَوْ سَامَتَ كُلَّ جَانِبٍ مِنْ الْجَوَانِبِ الْأَرْبَعِ دَارَانِ مَثَلًا فَالْمُتَّجَهُ اعْتِبَارُ أَرْبَعِينَ بِاعْتِبَارِ مُسَامَتَةِ كُلِّ دَارٍ فَيُصْرَفُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِثَمَانِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَلَوْ كَانَ فَوْقَ كُلِّ دَارٍ أُخْرَى فَالْمُتَّجَهُ الصَّرْفُ لِأَرْبَعِينَ فِي جِهَةِ الْعُلْوِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ أَيْضًا وَكَذَا لَوْ كَانَ فَوْقَ دَارِ الْمُوصِي وَتَحْتَهَا دُورٌ فَتُصْرَفُ لِأَرْبَعِينَ دَارًا فَوْقَهَا وَتَحْتَهَا أَيْضًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي بَعْضِ الْجَوَانِبِ شَيْءٌ فَالْمُتَّجَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَرْبَعِينَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ مِنْ الْجَوَانِبِ الْبَاقِيَةِ وَلَوْ لَمْ يُوفِ بِهِمْ الْمُوصَى بِهِ فَهَلْ يُخَصُّ بِهِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يُوفِ إلَّا بِدَارٍ وَاحِدَةٍ فَهَلْ يَتَخَيَّرُ الْوَصِيُّ مَثَلًا فِي الصَّرْفِ لِوَاحِدَةٍ مِنْ الدُّورِ الْأَرْبَعِ الَّتِي هِيَ الْأَقْرَبُ مِنْ الْجَوَانِبِ الْأَرْبَعِ أَوْ يُقْرِعُ أَوْ يُشْرِكُ فِيهِ بَيْنَ الْجَمِيعِ وَإِنْ لَمْ يَخُصَّ كُلَّ دَارٍ أَوْ إنْسَانٍ إلَّا دُونَ الْمُتَمَوِّلِ فِيهِ نَظَرٌ وَيُتَّجَهُ الثَّانِي وَلَوْ كَانَ فِي جُمْلَةِ الْأَرْبَعِينَ مِنْ الْجَوَانِبِ أَوْ بَعْضِهَا مَسْجِدٌ فَهَلْ يُصْرَفُ إلَيْهِ حِصَّةُ دَارٍ تُصْرَفُ فِي مَصَالِحِهِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَوْجَهُ الصَّرْفُ إلَيْهِ وَلَوْ كَانَ فِي بَعْضِ الدُّورِ حَامِلٌ فَيُتَّجَهُ اسْتِحْقَاقُ ذَلِكَ الْحَمْلِ وَأَنْ تُوقَفُ حِصَّةُ الدَّارِ إلَى انْفِصَالِهِ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ عَدَدُهُ لِتُمْكِنَ الْقِسْمَةُ عَلَى الرُّءُوسِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَزَادَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ الْكُلُّ الْمَجْمُوعِيُّ صَادِقٌ أَيْضًا بِأَنْ يَكُونَ فِي بَعْضِ الْجَوَانِبِ دُونَ الْعُشْرِ وَفِي بَعْضِهَا أَزْيَدُ مِنْ الْعُشْرِ وَمَا زَادَهُ لَا يَدْفَعُ تَوَهُّمَ ذَلِكَ سم
ــ
[حاشية الشربيني]
لَكِنْ كَتَبَ سم عَلَى قَوْلِ حَجَرٍ، وَلَوْ فَضَلَ عَنْ أَنْفَسِ ثَلَاثِ رِقَابٍ مَا لَا يَأْتِي بِرَقَبَةٍ كَامِلَةٍ فَهُوَ لِلْوَرَثَةِ مَا نَصُّهُ أَيْ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُحَصِّلَ بِالثُّلُثِ أَرْبَعًا غَيْرَ نَفِيسَةٍ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْصُلَ ثَلَاثَةَ أَنْفُسٍ مَعَ الْفَضْلِ عَنْهَا مَعَ إمْكَانِ تَحْصِيلِ أَرْبَعَ غَيْرِ أَنْفُسٍ بِلَا فَضْلٍ أَوْ بِفَضْلٍ أَقَلَّ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ. اهـ.، وَيُمْكِنُ تَخْصِيصُ مَا قَالَهُ سم بِمَا إذَا فَضَلَ شَيْءٌ، وَتَخْصِيصُ الشَّرْحِ بِمَا إذَا لَمْ يَفْضُلْ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ، وَقِيلَ يَشْتَرِي بِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُزَادُ أَوَّلًا فِي ثَمَنِ نَفِيسٍ أَوْ نَفِيسَيْنِ ثُمَّ يُشْتَرَى بِالْفَاضِلِ بَعْضٌ، وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ الظَّاهِرُ عَلَى هَذَا أَنْ يَشْتَرِيَ الْبَعْضَ قَبْلَ الزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ أَكْثَرَ فَلْيُرَاجَعْ ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ الْمِنْهَاجِ مَعَ شَرْحِ م ر صَرِيحَةً فِيمَا ذَكَرْته فَلَوْ حَذَفَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ بِهِ، وَجَعَلَهُ مُقَابِلًا لِلْمُصَنِّفِ كَانَ أَوْلَى، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَرْجِعُهُ مَا، وَفَّى بِالْبَعْضِ الْمَأْخُوذِ مِمَّا مَرَّ تَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: جِيرَانِي) بِمِلْكِ الدَّارِ أَوْ بِالسُّكْنَى فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْجِيلِيُّ، وَتَظْهَرُ الْفَائِدَةُ فِي دَارٍ لِشَخْصٍ سَكَنَهَا غَيْرُهُ بِإِجَازَةٍ أَوْ إعَارَةٍ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْجِوَارِ حَالَ الْمَوْتِ كَذَا بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ
وَضِدُّهُمَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ الدُّورِ لَا السُّكَّانِ قَالَ السُّبْكِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ تُقَسَّمَ حِصَّةُ كُلِّ دَارٍ عَلَى عَدَدِ سُكَّانِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ وُجُوبُ اسْتِيعَابِ الدُّورِ مِنْ الْجَوَانِبِ الْأَرْبَعَةِ، وَالْمُتَّجَهُ حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَى أَنَّ غَايَةَ الْجَوَازِ ذَلِكَ، لَا أَنَّهُ يَجِبُ وَكَلَامُ الْبَيَانِ يُعَضِّدُهُ وَعَلَيْهِ يَبْدَأُ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ انْتَهَى، وَالْمُتَّجَهُ إبْقَاءُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ عَلَى إطْلَاقِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمَحَلُّ مَا تَقَرَّرَ فِي جَارِ الدَّارِ أَمَّا لَوْ أَوْصَى لِجِيرَانِ الْمَسْجِدِ فَالْوَجْهُ حَمْلُهُ عَلَى مَنْ يَسْمَعُ النِّدَاءَ وَقَدْ رَوَى الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فِي خَبَرِ «لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ» أَنَّ جَارَ الْمَسْجِدِ مَنْ يَسْمَعُ النِّدَاءَ انْتَهَى وَالْوَجْهُ أَنَّ الْمَسْجِدَ كَغَيْرِهِ فِيمَا تَقَرَّرَ وَمَا فِي الْخَبَرِ خَاصٌّ بِحُكْمِ الصَّلَاةِ بِقَرِينَةِ السِّيَاقِ وَلَوْ كَانَ لِلْمُوصِي دَارَانِ صُرِفَ إلَى جِيرَانِ أَكْثَرِهِمَا سُكْنَى لَهُ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَإِلَى جِيرَانِهِمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ ثُمَّ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُصْرَفَ إلَى جِيرَانِ مَنْ كَانَ فِيهَا حَالَةَ الْمَوْتِ
(وَحَافِظُو كُلِّ الْقُرَانِ الْقُرَّا) فَلَوْ أَوْصَى لِلْقُرَّاءِ صُرِفَ لِحُفَّاظِ كُلِّ الْقُرْآنِ لَا بَعْضِهِ وَلَا قُرَّاءِ كُلِّهِ بِدُونِ حِفْظٍ لِلْعُرْفِ (وَالْعُلَمَاءُ هُمْ أُولُوا التَّفْسِيرِ) بِأَنْ يَعْرِفُوا مَعَانِيَ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَمَا أُرِيدَ بِهِ (وَ) أُولُوا (الْفِقْهِ) بِأَنْ يَعْرِفُوا مِنْهُ شَيْئًا يَهْتَدُونَ بِهِ إلَى الْبَاقِي وَإِنْ قَلَّ كَنَظِيرِهِ فِي الْوَقْفِ وَنَحْوِهِ نَظَرًا لِلْعُرْفِ وَأَمَّا بِالنَّظَرِ إلَى مَا فِي أُصُولِ الْفِقْهِ فَهُمْ الَّذِينَ يَعْرِفُونَ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ الْعَمَلِيَّةَ نَصًّا وَاسْتِنْبَاطًا وَلِهَذَا لَا يَدْخُلُ فِيهِمْ الظَّاهِرِيَّةُ كَمَا أَجَابَ بِهِ ابْنُ سُرَيْجٍ وَالْقَاضِي وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: يَنْبَغِي بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّ الْإِجْمَاعَ هَلْ يَنْعَقِدُ بِدُونِهِمْ أَوْ لَا.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّةُ تَرْجِيحِ النَّوَوِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِخِلَافِهِمْ عَدَمُ دُخُولِهِمْ انْتَهَى لَكِنْ قَالَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ: قَوْلُ الْإِمَامِ إنَّ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: وَيُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ الدُّورِ) لَوْ رَدَّ بَعْضُهُمْ صُرِفَ إلَى الْبَاقِي كَذَا بَحَثَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهَلْ يَتَعَيَّنُ الصَّرْفُ إلَى جِهَةِ الرَّادِّ أَمْ يُقَسَّمُ عَلَى الْكُلِّ مَحَلُّ نَظَرٍ بِرّ (قَوْلُهُ: عَلَى عَدَدِ سُكَّانِهَا) يَشْمَلُ الرَّقِيقَ وَعَلَيْهِ فَمَا خَصَّهُ لِسَيِّدِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالزَّرْكَشِيِّ عَنْ بَعْضِهِمْ ثُمَّ قَالَ الْأَوَّلُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُصْرَفَ إلَى جِيرَانِ مَنْ كَانَ فِيهَا حَالَتَيْ الْوَصِيَّةِ، وَالْمَوْتِ وَانْتَصَرَ الثَّانِي عَلَى حَالَةِ الْمَوْتِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَقَدْ يُقَالُ يَنْبَغِي اعْتِبَارُ حَالَةِ الْوَصِيَّةِ
(قَوْلُهُ: وَالْعُلَمَاءُ إلَخْ) لَوْ عَيَّنَ عُلَمَاءَ بَلَدٍ فَلَمْ يَكُنْ بِهَا أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْعُلُومِ الثَّالِثَةِ لَكِنْ بِهَا مَنْ يَعْلَمُ غَيْرَهَا فَهَلْ يُعْطَى لِانْصِرَافِ الْوَصِيَّةِ إلَيْهِ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِشَاةٍ وَلَيْسَ عِنْدَهُ إلَّا ظِبَاءٌ فِيهِ نَظَرٌ وَيُتَّجَهُ الْأَوَّلُ وَلَوْ كَانَ الْمُوصِي مِنْ بَلَدٍ عُرْفُهُمْ إطْلَاقُ الْفَقِيهِ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَعْرِفُ الْخَطَّ كَمَا فِي أَرْيَافِ مِصْرَ وَأَوْصَى لِفُقَهَاءِ بَلَدِهِ مَثَلًا فَهَلْ تَنْصَرِفُ الْوَصِيَّةُ إلَيْهِمْ لِقِيَامِ الْقَرِينَةِ عَلَى إرَادَتِهِمْ فِيهِ نَظَرٌ وَيُتَّجَهُ انْصِرَافُهَا إلَيْهِمْ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا بِالنَّظَرِ إلَخْ) هَذَا الصَّنِيعُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا لَيْسَ مَا فِي أُصُولِ الْفِقْهِ (قَوْلُهُ: وَلِهَذَا) أَيْ الِاسْتِنْبَاطِ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَلَيْسَ مِنْهُمْ مَنْ يُسَاكِنُهُمْ، وَلَا سَاكِنٌ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَلَا وَارِثُ الْمُوصِي، وَيَأْتِي هَذَا فِي الْوَصِيَّةِ لِلْعُلَمَاءِ، وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ يَأْتِي فَلَا يَدْخُلُ الْمُوصِي، وَلَا وَارِثُهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمَا الْوَصْفُ الْمُسْتَحَقُّ بِهِ الْوَصِيَّةُ. اهـ. ق ل، وَيُقَدَّمُ عِنْدَ ضِيقِ الْمُوصَى بِهِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ حَتَّى الْأَعْلَى، وَالْأَسْفَلِ. اهـ. ق ل.
(قَوْلُهُ: أَنَّ الْمَسْجِدَ كَغَيْرِهِ) ، وَمَا خَصَّهُ يُصْرَفُ إلَى مَصَالِحِهِ، وَقِيلَ إلَى مُجَاوِرِيهِ، وَأَمَّا الرَّبْعُ فَإِنْ كَانَ الْمُوصِي خَارِجَهُ فَهُوَ كَالدَّارِ، وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ دُورُهُ كَغَيْرِهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَخُصُّهُ مَا يَخُصُّ إحْدَى الدُّورِ ثُمَّ يُقْسَمُ عَلَى سُكَّانِهِ، وَعَلَى الثَّانِي يَخُصُّ كُلَّ دَارٍ مِنْهُ مَا يَخُصُّ إحْدَى الدُّورِ ثُمَّ يُقْسَمُ عَلَى سُكَّانِهَا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ مَعْنًى (قَوْلُهُ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ) اعْتَمَدَهُ م ر وَضَعَّفَ مَقَالَةَ الزَّرْكَشِيّ
(قَوْلُهُ وَمَا أُرِيدَ بِهِ) لَعَلَّهُ فِي نَحْوِ الْمُشْتَرَكِ، وَالْمُتَشَابِهِ، وَفِي ع ش، وَمَا أُرِيدَ بِهِ أَيْ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَنُقِلَ فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ عَنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا أُرِيدَ بِهِ مَا قَصَدَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَدْلُولًا لِلَّفْظِ بِأَنْ صَرَفَ عَنْ إرَادَةِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ صَارِفٌ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يَعْرِفُوا مِنْهُ شَيْئًا إلَخْ) قَالَ ع ش، وَيَرْجِعُ فِي حَدِّهِ فِي كُلِّ زَمَنٍ إلَى عُرْفِ أَهْلِ مَحَلَّتِهِ فَفِي زَمَانِنَا الْعَارِفُ لِمَا اُشْتُهِرَ الْإِفْتَاءُ بِهِ مِنْ مَذْهَبِهِ يُعَدُّ فَقِيهًا، وَإِنْ لَمْ يَسْتَحْضِرْ مِنْ كُلِّ بَابٍ مَا يَهْتَدِي بِهِ إلَى بَاقِيهِ. اهـ. (قَوْلُهُ كَنَظِيرِهِ فِي الْوَقْفِ) الْمَذْكُورِ فِي م ر وَحَجَرٍ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِلْعُلَمَاءِ فَالْعَالِمُ بِالْفِقْهِ مَنْ عَرَفَ مِنْ كُلِّ بَابٍ طَرَفًا يَهْتَدِي بِهِ إلَى بَاقِيهِ مَدْرَكًا، وَاسْتِنْبَاطًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا عَمَلًا بِالْعُرْفِ الْمُطَّرِدِ الْمَحْمُولِ عَلَيْهِ غَالِبُ الْوَصَايَا فَإِنَّهُ حَيْثُ أُطْلِقَ الْعَالِمُ بِالْفِقْهِ لَا يُتَبَادَرُ مِنْهُ إلَّا ذَلِكَ، وَأَمَّا إذَا أَوْصَى لِلْفُقَهَاءِ لَمْ يُشْتَرَطْ مَا ذُكِرَ بَلْ مَنْ حَصَّلَ شَيْئًا مِنْ الْفِقْهِ، وَإِنْ قَلَّ نَظِيرُ مَا فِي الْوَقْفِ بِأَنْ يُحَصِّلَ طَرَفًا مِنْ كُلِّ بَابٍ بِحَيْثُ يَتَأَهَّلُ بِهِ لِفَهْمِ بَاقِيهِ. اهـ.، وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ فَلَعَلَّ الشَّارِحَ يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ، وَيَجْعَلُ الْعَالِمَ فِي الْوَصِيَّةِ كَالْفَقِيهِ كَمَا هُوَ مَعْنَى كَلَامِهِ هُنَا، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: عَدَمِ دُخُولِهِمْ) أَيْ فِي الْفُقَهَاءِ بِالنَّظَرِ إلَى مَا فِي أُصُولِ الْفِقْهِ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ سِيَاقِهِ، وَهُوَ يُفِيدُ دُخُولَهُمْ فِي
الْمُحَقِّقِينَ لَا يُقِيمُونَ لِلظَّاهِرِيَّةِ وَزْنًا وَإِنَّ خِلَافَهُمْ لَا يُعْتَبَرُ مَحَلُّهُ عِنْدِي ابْنُ حَزْمٍ وَأَمْثَالُهُ وَأَمَّا دَاوُد فَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ أَوْ غَيْرُهُ إنَّ خِلَافَهُ لَا يُعْتَبَرُ فَلَقَدْ كَانَ جَبَلًا مِنْ جِبَالِ الْعِلْمِ، وَالدِّينِ لَهُ مِنْ سَدَادِ النَّظَرِ وَسَعَةِ الْعِلْمِ وَنُورِ الْبَصِيرَةِ، وَالْإِحَاطَةِ بِأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ، وَالْقُدْرَةِ عَلَى الِاسْتِنْبَاطِ مَا يَعْظُمُ وَقْعُهُ وَقَدْ دُوِّنَتْ كُتُبُهُ وَكَثُرَتْ أَتْبَاعُهُ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فِي طَبَقَاتِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمَتْبُوعِينَ فِي الْفُرُوعِ (وَ) أُولُوا (الْحَدِيثِ) أَيْ بِأَنْ يَعْرِفُوا طُرُقَهُ وَأَسْمَاءَ الرُّوَاةِ، وَالْمُتُونِ (لَا) أُولُوا (التَّعْبِيرِ) ، وَالْقِرَاءَةِ، وَالطِّبِّ، وَالْأَدَبِ، وَالتَّنْجِيمِ، وَالْحِسَابِ، وَالْهَنْدَسَةِ، وَالْكَلَامِ وَمُجَرَّدِ سَمَاعِ الْحَدِيثِ وَغَيْرِهَا لِاشْتِهَارِ الْعُرْفِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ دُونَ غَيْرِهَا نَعَمْ اسْتَدْرَكَ السُّبْكِيُّ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ بِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِهِ الْعِلْمِ بِاللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَمَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ لِيَرُدَّ عَلَى الْمُبْتَدِعَةِ وَيُمَيِّزَ بَيْنَ الِاعْتِقَادِ الصَّحِيحِ، وَالْفَاسِدِ فَذَلِكَ مِنْ أَجَلِّ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَقَدْ جَعَلُوهُ فِي كِتَابِ السِّيَرِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ التَّوَغُّلُ فِي شُبَهِهِ، وَالْخَوْضُ فِيهِ عَلَى طَرِيقِ الْفَلْسَفَةِ فَلَا وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الشَّافِعِيِّ وَلِهَذَا قَالَ: لَأَنْ يَلْقَى الْعَبْدُ رَبَّهُ بِكُلِّ ذَنْبٍ مَا خَلَا الشِّرْكَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَلْقَاهُ بِعِلْمِ الْكَلَامِ، وَالتَّصْرِيحُ بِعَدَمِ دُخُولِ الْمُعَبَّرِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ تَبَعًا لِابْنِ يُونُسَ: وَالْمُرَادُ بِالْمُقْرِي التَّالِي أَمَّا الْعَالِمُ بِالرِّوَايَاتِ وَرِجَالِهَا فَكَالْعَالِمِ بِطُرُقِ الْحَدِيثِ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ بَعْدَ أَنْ رَدَّهُ مِنْ حَيْثُ الْمَذْهَبُ بِأَنَّ عِلْمَ الْقِرَاءَاتِ يَتَعَلَّقُ بِالْأَلْفَاظِ دُونَ الْمَعَانِي فَالْعَارِفُ بِهِ لَا يَدْخُلُ فِي اسْمِ الْعُلَمَاءِ وَبِأَنَّ التَّالِيَ قَارِئٌ لَا مُقْرِئٌ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَلَوْ أَوْصَى لِأَعْلَمِ النَّاسِ صُرِفَ إلَى الْفُقَهَاءِ لِتَعَلُّقِ الْفِقْهِ بِأَكْثَرِ الْعُلُومِ وَلَوْ أَوْصَى لِأَعْقَلِ النَّاسِ قَالَ الشَّافِعِيُّ صُرِفَ إلَى أَزْهَدِهِمْ أَوْ لِأَجْهَلِ النَّاسِ حَكَى الرُّويَانِيُّ أَنَّهُ يُصْرَفُ إلَى عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ فَإِنْ قَالَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَإِلَى مَنْ يَسُبُّ الصَّحَابَةَ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي إلَى الْإِمَامِيَّةِ، والمجسمية وَقِيلَ إلَى مُرْتَكِبِي الْكَبَائِرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ لِأَبْخَلِ النَّاسِ قَالَ الْبَغَوِيّ صُرِفَ إلَى مَانِعِي الزَّكَاةِ
(وَ) الْوَصِيَّةُ (لِسَبِيلِ اللَّهِ) تُصْرَفُ (لِلْغَازِينَ) الَّذِينَ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي الدِّيوَانِ وَهُمْ مُسْتَحِقُّو الزَّكَاةِ (وَ) الْوَصِيَّةُ (لِلرِّقَابِ) تُصْرَفُ (لِلْمُكَاتَبِينَ) فَإِنْ عَادُوا لِلرِّقِّ اُسْتُرِدَّ الْمَدْفُوعُ إنْ كَانَ بَاقِيًا (وَقَوْلُهُ) أَوْصَيْتُ (لِخَالِدٍ، وَالْفُقَرَا) أَوْ نَحْوِهِمْ مِمَّنْ لَيْسُوا بِمَحْصُورِينَ (يَجُوزُ) فِيهِ (إعْطَاء خَالِدٍ) غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا (مَا نَزَرَا) بِضَمِّ الزَّايِ أَيْ مَا قَلَّ فَهُوَ كَأَحَدِهِمْ لَكِنْ لَا يُحْرَمُ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ أَحَدِهِمْ لِعَدَمِ وُجُوبِ اسْتِيعَابِهِمْ فَلَوْ وَصَفَ خَالِدًا بِصِفَتِهِمْ فَقَالَ لِخَالِدٍ الْفَقِيرِ، وَالْفُقَرَاءِ فَحُكْمُهُ كَذَلِكَ إنْ كَانَ فَقِيرًا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَحِصَّتُهُ لَهُمْ لَا لِوَرَثَةِ الْمُوصِي أَوْ بِغَيْرِ صِفَتِهِمْ كَالْمُكَاتَبِ أَوْ قَرَنَهُ بِمَحْصُورِينَ كَخَالِدٍ وَأَوْلَادِ فُلَانٍ فَلَهُ النِّصْفُ وَلَوْ أَوْصَى لِمُدَرِّسٍ وَإِمَامٍ وَعَشَرَةِ فُقَهَاءَ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُقَسَّمُ عَلَى ثَلَاثَةٍ لِلْعَشَرَةِ ثُلُثُهَا أَخْذًا مِمَّا قَالَهُ السُّبْكِيُّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوَقْفِ وَلَوْ أَوْصَى لِخَالِدٍ بِدِينَارٍ وَلِلْفُقَرَاءِ بِثُلُثِ مَالِهِ لَمْ يُصْرَفْ لَهُ غَيْرُ الدِّينَارِ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا لِأَنَّهُ قَطَعَ اجْتِهَادَ الْوَصِيِّ بِالتَّقْدِيرِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَك أَنْ تَقُولَ إذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَالْأَدَبُ) يَدْخُلُ فِيهِ النَّحْوُ وَغَيْرُهُ فَمِنْ هُنَا تَعْلَمُ أَنَّ آلَةَ عُلُومِ الشَّرْعِ لَيْسَ لَهَا هُنَا حُكْمُهَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَالْمُرَادُ بِالْأُدَبَاءِ النُّحَاةُ، وَاللُّغَوِيُّونَ وَقَدْ عَدَّ الزَّمَخْشَرِيُ الْأَدَبَ اثْنَيْ عَشَرَ عِلْمًا (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ الْفِقْهِ بِأَكْثَرِ الْعُلُومِ) قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يُثْبِتُ الْأَعْلَمِيَّةَ لِأَنَّهُ بَقِيَ مَرْتَبَةٌ أَعْلَى وَهِيَ مَعْرِفَةُ الْفِقْهِ مَعَ جَمِيعِ الْعُلُومِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَضِيَّةَ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ مَنْ عَرَفَ الْفِقْهَ مَعَ أَكْثَرِ الْعُلُومِ أَعْلَمُ النَّاسِ مَعَ أَنَّ مَنْ عَرَفَ الْفِقْهَ مَعَ جَمِيعِ الْعُلُومِ أَعْلَمُ مِنْ هَذَا فَلَا يَكُونُ هَذَا أَعْلَمَ النَّاسِ (قَوْلُهُ فَإِلَى مَنْ يَسُبُّ الصَّحَابَةَ) جَزَمَ فِي الرَّوْضِ بِهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ وَهُوَ لَا يُلَائِمُ قَوْلَهُمْ: إنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْجِهَةِ عَدَمُ الْمَعْصِيَةِ وَقَدْ تَفَطَّنَ لِذَلِكَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ فَقَالَ وَيَنْبَغِي عَدَمُ صِحَّتِهَا لِمَا فِيهَا مِنْ الْمَعْصِيَةِ كَمَا لَا تَصِحُّ لِقَاطِعِ الطَّرِيقِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ جِهَةَ الْمَعْصِيَةِ إنَّمَا ذُكِرَتْ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُجَسِّمَةِ) بِنَاءً عَلَى إسْلَامِهِمْ فَإِنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى تَكْفِيرِهِمْ
(قَوْلُهُ: لِلْمُكَاتَبِينَ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ الْوَجْهُ الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ إذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا لَوْ قَالَ أَعْتِقُوا عَنِّي رِقَابًا أَوْ اشْتَرُوا بِثُلُثَيْ مَالِي رِقَابًا وَلَمْ يَفِ الثُّلُثُ إلَّا بِوَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يُقْتَصَرُ عَلَيْهَا كَمَا يُفْهَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ.
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بَاقِيًا)
ــ
[حاشية الشربيني]
الْفُقَهَاءِ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ لِأَنَّهُمْ بَعْضُ الْفِقْهِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ: وَأَسْمَاءَ الرُّوَاةِ) قَالَ الْغَزَالِيُّ يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ إغْنَاءَ أَصْحَابِ الْكُتُبِ الصِّحَاحِ بِهِ فَإِنَّهُمْ أَثْبَاتٌ يُعْتَمَدُ مَا قَالُوهُ. اهـ. نَاشِرِيٌّ
(قَوْلُهُ: نَعَمْ اسْتِدْرَاكٌ إلَخْ) لَكِنَّ هَذَا الِاسْتِدْرَاكَ لَا يُفِيدُ شُهْرَتَهُ فِي الْعُرْفِ فَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ دُخُولِهِ كَمَا فِي ق ل.
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْمُقْرِئِ) أَيْ فِي قَوْلِهِمْ لَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْعُلَمَاءِ الْمُقْرِئُ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ، وَالرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ التَّالِيَ قَارِئٌ لَا مُقْرِئٌ) أَيْ، وَالْوَاقِعُ فِي عِبَارَاتِ عُلَمَاءِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْعُلَمَاءِ الْمُقْرِئُ (قَوْلُهُ لِتَعَلُّقِ الْفِقْهِ بِأَكْثَرِ الْعُلُومِ) قَدْ يُقَالُ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِنْبَاطِ، وَالْمُرَادُ بِالْفِقْهِ هُنَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ مَعْرِفَةُ شَيْءٍ مِنْهُ يَهْتَدِي بِهِ إلَى بَاقِيهِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: يَجُوزُ فِيهِ إعْطَاءٌ إلَخْ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي بُغْيَةِ الْفُقَرَاءِ فَالْخِيرَةُ لِنَحْوِ الْوَصِيِّ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ فَقِيرًا) مَحَلُّهُ إنْ وَصَفَهُ بِذَلِكَ ظَانًّا فَقْرَهُ أَمَّا لَوْ كَانَ عَالِمًا بِغِنَاهُ فَلَا، وَقَدْ يَصِفُهُ بِذَلِكَ لِتَكَسُّبِهِ بِحِرْفَةِ الْفُقَرَاءِ أَوْ لِقِلَّةِ غِنَاهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُوصِي، وَهَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْوَصْفُ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ بِحَيْثُ صَارَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِهِ مَعَ غِنَاهُ بِحَيْثُ صَارَ لَقَبًا لَهُ كَبِشْرِ الْحَافِي فَإِنَّهُ يُعْطَى، وَإِنْ خَلَا عَنْ ذَلِكَ الْوَصْفِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُوصِي إنَّمَا قَصَدَ التَّعْرِيفَ لَا غَيْرُ. اهـ. مِنْ هَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: إذَا جَازَ إلَخْ) رَدَّهُ
النَّصُّ عَلَى خَالِدٍ فِيمَا مَرَّ لِئَلَّا يُحْرَمَ جَازَ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ هُنَا لِئَلَّا يَنْقُصَ عَنْ دِينَارٍ وَأَيْضًا يَجُوزُ أَنْ يَقْصِدَ عَيْنَ خَالِدٍ لِلدِّينَارِ وَجِهَةَ الْفُقَرَاءِ لِلْبَاقِي فَيَسْتَوِي فِي غَرَضِهِ الصَّرْفُ لِخَالِدٍ وَغَيْرِهِ، وَالْوَصِيَّةُ (لِخَالِدٍ، وَالرِّيحِ أَوْ جِبْرِيلَ) أَوْ نَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يُوصَفُ بِالْمِلْكِ وَهُوَ مُفْرَدٌ كَالْبَهِيمَةِ، وَالْجِدَارِ يَبْطُلُ مِنْهَا النِّصْفُ الَّذِي لِغَيْرِ خَالِدٍ كَمَا سَيَأْتِي وَيَصِحُّ النِّصْفُ الْآخَرُ لِخَالِدٍ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِابْنِ زَيْدٍ وَابْنِ عَمْرٍو وَلَيْسَ لِعَمْرٍو ابْنٌ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ جَمْعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي قَوْلِهِ (لَا إنْ قَالَ: لِلرِّيَاحِ) أَوْ نَحْوِهَا كَأَنْ أَوْصَى لِخَالِدٍ، وَالرِّيَاحِ أَوْ الْمَلَائِكَةِ أَوْ الْبَهَائِمِ أَوْ الْحِيطَانِ فَلَا يَتَعَيَّنُ النِّصْفُ لِلْبُطْلَانِ بَلْ حُكْمُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ أَوْصَى لِخَالِدٍ وَلِلْفُقَرَاءِ حَتَّى يَجُوزَ أَنْ يُعْطَى خَالِدٌ أَقَلَّ مُتَمَوَّلٍ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ (نِصْفٌ بَطَلَا) جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ وَقَعَتْ خَبَرًا لِلْوَصِيَّةِ الْمُقَدَّرَةِ فِيمَا مَرَّ (وَفِي) وَصِيَّتِهِ (لِخَالِدٍ وَلِلَّهِ) تَعَالَى (نَرَى عَلَى الْأَصَحِّ نِصْفَهُ) الْمُضَافَ لِلَّهِ تَعَالَى (لِلْفُقَرَاءِ) لِأَنَّهُمْ مَصْرِفُ الْحُقُوقِ الْمُضَافَةِ لَهُ تَعَالَى وَنِصْفُهُ الْآخَرُ لِخَالِدٍ وَهَذَا هُوَ الْأَقْوَى فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لَكِنْ نَقَلَ فِي الْكَبِيرِ عَنْ الْأُسْتَاذِ أَبِي مَنْصُورٍ أَنَّ النِّصْفَ لَا يَخْتَصُّ بِالْفُقَرَاءِ بَلْ يُصْرَفُ فِي وُجُوهِ الْقُرَبِ وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَيُوَافِقُهُ مَا نَقَلَهُ فِيهَا وَأَقَرَّهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِلَّهِ تَعَالَى صُرِفَ فِي وُجُوهِ الْقُرَبِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا مَا قَدَّمْته عَنْ الْأُسْتَاذِ ثَانِيهَا أَنَّ الْكُلَّ لِخَالِدٍ وَذَكَرَ اللَّهَ لِلتَّبَرُّكِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 41] ثَالِثُهَا أَنَّ النِّصْفَ الْمُوصَى بِهِ لِلَّهِ لِسَبِيلِ اللَّهِ رَابِعُهَا أَنَّهُ يَعُودُ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي
وَ (أَقَارِبُ الْإِنْسَانِ يَشْمَلُ) كُلَّ قَرِيبٍ لَهُ وَإِنْ بَعُدَ (الذَّكَرْ وَوَارِثًا، وَالضِّدَّ) لَهُمَا أَيْ الْأُنْثَى، وَالْخُنْثَى وَغَيْرِ الْوَارِثِ (وَاَلَّذِي كَفَرْ، وَالْوُلْدَ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا وَإِسْكَانِ اللَّامِ جَمْعُ وَلَدٍ بِفَتْحِهِمَا أَيْ، وَالْأَوْلَادُ الْحَاصِلِينَ (مِنْ أَقْرَبِ جَدٍّ) يُنْسَبُ إلَيْهِ ذَلِكَ الْإِنْسَانُ (أَنْ يُعَدْ) أَيْ الْجَدُّ (قَبِيلَةً) فَيَرْتَقِي فِي بَنِي الْأَعْمَامِ إلَيْهِ وَلَا يُعْتَبَرُ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَلَا مَنْ فَوْقَهُ فَالْوَصِيَّةُ لِأَقَارِبَ حُسْنَى لِأَوْلَادِ الْحَسَنِ دُونَ أَوْلَادِ مَنْ فَوْقَهُ وَأَوْلَادِ الْحُسَيْنِ وَلِأَقَارِبِ الشَّافِعِيِّ فِي زَمَنِهِ لِأَوْلَادِ شَافِعٍ دُونَ أَوْلَادِ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَأَوْلَادِ مَنْ فَوْقَهُ أَوْ لِأَقَارِبِ مَنْ هُوَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الشَّافِعِيِّ فِي زَمَانِنَا لِأَوْلَادِ الشَّافِعِيِّ دُونَ أَوْلَادِ مَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَأَوْلَادِ مَنْ فَوْقَهُ وَقَدْ عُرِفَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ ضَمِيرَ يُعَدَّ لِلْجَدِّ وَيَجُوزُ جَعْلُهُ لِلْوَلَدِ فَيُوَافِقُ قَوْلَ الْمِنْهَاجِ، وَالْعِبْرَةُ بِأَقْرَبِ جَدٍّ يُنْسَبُ إلَيْهِ زَيْدٌ وَتُعَدُّ أَوْلَادُهُ قَبِيلَةً، وَالْمَقْصُودُ لَا يَخْتَلِفُ لَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَالْحَاوِي وَعِبَارَتُهُ وَأَقَارِبُ زَيْدٍ أَوْلَادُ أَقْرَبِ جَدٍّ يُعَدُّ قَبِيلَةً.
فَقَوْلُ النَّظْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ الذَّكَرَ إلَى آخَرِ الْبَيْتِ حَشْوٌ، وَالْوَلَدُ يَجُوزُ نَصَبُهُ بِالْعَطْفِ عَلَى مَا قَبْلَهُ عَطْفَ تَفْسِيرٍ بِاعْتِبَارِ مَا بَعْدَهُ وَرَفْعُهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ (لَا الْأَبَوَانِ، وَالْوَلَدْ) فَلَا يَشْمَلُهُمْ الْأَقَارِبُ إذْ لَا يُعْرَفُونَ بِذَلِكَ عُرْفًا بِخِلَافِ الْأَجْدَادِ، وَالْجَدَّاتِ
ــ
[حاشية العبادي]
مَفْهُومُهُ عَدَمُ الِاسْتِرْدَادِ إنْ كَانَ تَالِفًا لَكِنْ قَدْ يَشْمَلُ التَّلَفُ بَعْدَ الْعَوْدِ إلَى الرِّقِّ وَفِيهِ مَا فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: يَشْمَلُ الذَّكَرَ) أَيْ الْمُحَقَّقَ.
(قَوْلُهُ: فِي بَنِي الْأَعْمَامِ) قَالَ غَيْرُهُ وَنَحْوُهُمْ (قَوْلُهُ: فِي زَمَنِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَوْلِي فِي الْأُولَى فِي زَمَنِهِ تَبِعْتُ فِيهِ الْأَصْلَ وَغَيْرَهُ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ اهـ أَيْ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ زَمَنِهِ وَزَمَانِنَا فِي ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَرَفْعُهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ) أَيْ وَهُمْ أَوْ وَالْمَذْكُورُونَ
ــ
[حاشية الشربيني]
سم عَلَى حَجَرٍ بِأَنَّ النَّصَّ عَلَى زَيْدٍ لَا فَائِدَةَ لَهُ إلَّا مُجَرَّدُ مَنْعِ حِرْمَانِهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ مَعَ النَّصِّ، وَبِدُونِهِ بِخِلَافِ النَّصِّ عَلَى الدِّينَارِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ مَنْعَ كُلٍّ مِنْ النَّقْصِ، وَالزِّيَادَةِ نَظَرًا لِمَفْهُومِهِ، وَبِدُونِهِ لَا يَحْصُلُ ذَلِكَ فَلَا فَائِدَةَ لِذِكْرِهِ إلَّا إثْبَاتُ اسْتِحْقَاقِهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَزْيَدَ مِنْهُ أَوْ أَنْقَصَ لَكِنْ لِلرَّافِعِيِّ أَنْ يَقُولَ شَرْطُ الْمَفْهُومِ أَنْ لَا يَظْهَرَ لِلتَّخْصِيصِ فَائِدَةٌ، وَهِيَ هُنَا مَنْعُ النَّقْصِ الْمُنَاسِبِ لِلْإِحْسَانِ بِالْوَصِيَّةِ دُونَ الزِّيَادَةِ لِمُنَاسِبَتِهَا الْإِحْسَانَ فَلَا يُقْصَدُ مَنْعُهَا. اهـ. وَفِيهِ أَنَّ الْإِحْسَانَ بِالثُّلُثِ مَوْجُودٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ أَخَذَ زَيْدٌ مَعَهُمْ أَوْ لَا تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ، وَالرِّيحِ أَوْ جِبْرِيلَ) ، وَلَوْ قَالَ لِخَالِدٍ، وَالرِّيحِ، وَجِبْرِيلَ كَانَ لَهُ الثُّلُثُ، وَهَكَذَا. اهـ. ق ل
(قَوْلُهُ: وَأَقَارِبُ الْإِنْسَانِ إلَخْ) الْأَقَارِبُ جَمْعُ أَقْرَبَ لَكِنَّهُ أُطْلِقَ عُرْفًا عَلَى مُطْلَقِ الْقَرِيبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَقْرَبَ مِنْ جَمِيعِ مَنْ عَدَاهُ، وَأُطْلِقَ عَلَى مَنْ يُنْسَبُ إلَى أَقْرَبِ جَدٍّ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِمَّنْ قَبْلَهُ. اهـ. هَامِشُ شَرْحِ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: مِنْ أَقْرَبِ جَدٍّ) ، وَلَا يَدْخُلُ الْجَدُّ الْمَذْكُورُ. اهـ. حَاشِيَةُ مَنْهَجٍ
(قَوْلُهُ: ذَلِكَ الْإِنْسَانُ) أَيْ أَوْ أَمَةٌ شَرْحُ م ر وَحَجَرٌ (قَوْلُهُ فَيَرْتَقِي فِي بَنِي الْأَعْمَامِ إلَيْهِ) أَيْ كَمَا ارْتَقَى فِي ذَلِكَ الْإِنْسَانُ الْمُوصِي لِأَقَارِبِهِ إلَيْهِ كَذَلِكَ يَرْتَقِي فِي بَنِي أَعْمَامِهِ إلَيْهِ، وَمِثْلُ بَنِي أَعْمَامِهِ بَنَاتُ أَعْمَامِهِ فَإِذَا ارْتَقَى فِي نَسَبِ ذَلِكَ الْإِنْسَانِ، وَفِي بَنِي أَعْمَامِهِ إلَيْهِ عُدَّ قَبِيلَةً، وَإِلَّا فَلَا
(قَوْلُهُ: فِي بَنِي الْأَعْمَامِ) أَيْ، وَنَحْوِهِمْ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ فِي زَمَنِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَقَوْلِي فِي زَمَنِهِ يَتَّفِقُ فِيهِ الْأَصْلُ، وَغَيْرُهُ، وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَلْ هُوَ مُطَّرِدٌ، وَلِذَا قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَلِأَقَارِبِ الشَّافِعِيِّ الْآنَ
وَالْأَحْفَادِ إذْ قَرِيبُ الْإِنْسَانِ مَنْ يَنْتَمِي إلَيْهِ بِوَاسِطَةٍ (وَلَا) يَشْمَلُ أَقَارِبُ الْإِنْسَانِ أَقَارِبَهُ (مِنْ الْأُمِّ إذَا الْإِيصَا فُهِمْ مِنْ) لَفْظٍ (عَرَبِيٍّ) بِأَنْ أَوْصَى الْعَرَبِيُّ لِأَقَارِبِ إنْسَانٍ لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا تَعُدُّهَا قَرَابَةً وَلَا تَفْتَخِرُ بِهَا بِخِلَافِ الْعَجَمِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَعَزَاهُ الْإِمَامُ إلَى الْجُمْهُورِ لَكِنْ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ: الْأَقْوَى وَظَاهِرُ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ الشُّمُولُ وَأَجَابَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَتَوْجِيهُ الْأَوَّلِ مَمْنُوعٌ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «سَعْدٌ خَالِي فَلْيُرِنِي امْرُؤٌ خَالَهُ» . رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ
(بِخِلَافِ ذِي الرَّحِمْ) فَإِنَّهُ يَشْمَلُ الْأَقَارِبَ مِنْ الْأُمِّ سَوَاءٌ كَانَ الْمُوصِي عَرَبِيًّا أَمْ لَا إذْ لَفْظُ الرَّحِمِ لَا يَخْتَصُّ بِطَرَفِ الْأَبِ وَلَوْ قَالَ: أَعْطُوا (أَقَارِبِي) كَذَا أَوْ أَوْصَيْت لِأَقَارِبِي بِكَذَا فَقَلَّ (وَارِثُهُ مَمْنُوعُ) مِنْ دُخُولِهِ فِيهِمْ بِقَرِينَةِ الشَّرْعِ إذْ الْوَارِثُ لَا يُوصَى لَهُ عَادَةً فَتَخْتَصُّ الْوَصِيَّةُ بِالْبَاقِينَ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَحَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ الصَّيْدَلَانِيِّ وَالْمُتَوَلِّي وَالْغَزَالِيِّ لَكِنْ قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إنَّ أَقْوَى الْوَجْهَيْنِ دُخُولُهُ لِتَنَاوُلِ اللَّفْظِ لَهُ ثُمَّ يَبْطُلُ نَصِيبُهُ قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي: لِتَعَذُّرِ إجَازَتِهِ لِنَفْسِهِ وَيَصِحُّ الْبَاقِي لِغَيْرِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَ الْوَارِثُ عَلَى هَذَا لَمْ يَبْطُلْ جَمِيعُ نَصِيبِهِ وَإِنَّمَا يَبْطُلْ مِنْهُ مَا يَحْتَاجُ إلَى إجَازَةِ نَفْسِهِ خَاصَّةً وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ إجَازَةُ نَفْسِهِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ فِي شِرَاءِ الْمَرِيضِ بَعْضَهُ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ قِيلَ يَدْخُلُ وَيُعْطَى نَصِيبَهُ كَانَ أَوْجَهَ وَأَنْسَبَ بِمَا لَوْ أَوْصَى لِأَهْلِهِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: فِي تِلْكَ لَا يَدْخُلُ أَوْ يَدْخُلُ وَيَبْطُلُ نَصِيبُهُ قَالَ أَعْنِي الرَّافِعِيَّ وَلْيَخْتَصَّ الْوَجْهَانِ بِقَوْلِنَا الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ بَاطِلَةٌ.
وَعِبَارَتُهُ فِي الْكَبِيرِ وَلَك أَنْ تَقُولَ يَجِبُ اخْتِصَاصُ الْوَجْهَيْنِ بِقَوْلِنَا الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ بَاطِلَةٌ فَإِنْ وَقَفْنَاهَا عَلَى الْإِجَازَةِ فَلْيَقْطَعْ بِالثَّانِي وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الظَّاهِرُ جَرَيَانُهُمَا مُطْلَقًا لِأَنَّ مَأْخَذَهُمَا وُقُوعُ الِاسْمِ وَمُخَالَفَةُ الْعَادَةِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ وَإِشَارَةٌ إلَى مَسْأَلَةٍ أُصُولِيَّةٍ وَهِيَ أَنَّ الْعَادَةَ تُخَصِّصُ الْعُمُومَ بِخِلَافِ الْعُرْفِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لِأَقَارِبِ إنْسَانٍ) بَقِيَ مَا إذَا أَوْصَى الْعَرَبِيُّ لِأَقَارِبِ نَفْسِهِ وَقَدْ يَشْمَلُهُ قَوْلُهُ: لِأَقَارِبِ إنْسَانٍ (قَوْلُهُ إذَا الْوَارِثُ إلَخْ) فَخَرَجَ مَا لَوْ قَالَ أَقَارِبُ زَيْدٍ فَيَدْخُلُ الْوَارِثُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَوَارِثًا.
(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ إلَخْ) وَقَالَ غَيْرُهُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَكَذَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا مَرَّ) وَجْهُ مُوَافَقَتِهِ لِذَلِكَ يُعْلَمُ مِنْ تَعْلِيلِ عَدَمِ إرْثِهِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ كَتَبَ أَيْضًا كَانَ وَجْهُ الْمُوَافَقَةِ أَنَّهُ مَرَّ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ خُرُوجُ ثَمَنِ الْبَعْضِ مِنْ الثُّلُثِ وَلَوْلَا أَنَّهُ تُعْتَبَرُ إجَازَتُهُ لِنَفْسِهِ وَهِيَ مُتَعَذِّرَةٌ لَمَا اُعْتُبِرَ خُرُوجُهُ مِنْ الثُّلُثِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلَا حَاجَةَ لِذَلِكَ بَلْ تَعْلِيلُهُ السَّابِقُ لِعَدَمِ إرْثِهِ مُصَرِّحٌ بِالِاحْتِيَاجِ إلَى إجَازَتِهِ وَهِيَ مُتَعَذِّرَةٌ فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: كَانَ أَوْجَهَ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ إجَازَةُ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَدْخُلُ) أَيْ الْوَارِثُ
ــ
[حاشية الشربيني]
أَوْ فِي زَمَنِهِ لِجَمِيعِ أَوْلَادِ شَافِعٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَحْفَادِ) ، وَكَذَا الْأَسْبَاطُ. اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ يَبْطُلُ نَصِيبُهُ) فَيُرَدُّ لِلْوَارِثِ عَلَى هَذَا دُونَ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ إجَازَتِهِ لِنَفْسِهِ) اُنْظُرْ وَجْهَ التَّعَذُّرِ، وَهَلْ هُوَ مَلَّكَهُ لِمَا يُجِيزُ فِيهِ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ.
(قَوْلُهُ: إلَى إجَازَةِ نَفْسِهِ) أَيْ إلَى إجَازَتِهِ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُوَافِقٌ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَلَوْ قَالَ يَدْخُلُ، وَيُعْطَى إلَخْ كَانَ أَوْجَهَ. اهـ. وَكُلُّ هَذَا عَلَى الضَّعِيفِ، وَالْمُرَجَّحُ أَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ لِمُخَالَفَةِ الْعَادَةِ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، وَقَدْ مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَارِثُهُ مَمْنُوعٌ حَيْثُ قَالَ مِنْ دُخُولِهِ فِيهِمْ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ فِي شِرَاءِ الْمَرِيضِ بَعْضُهُ) أَيْ مِنْ تَعْلِيلِ عَدَمِ إرْثِهِ بِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ لَكَانَ عِتْقُهُ تَبَرُّعًا عَلَى وَارِثٍ فَيَبْطُلُ لِتَعَذُّرِ إجَازَتِهِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى إرْثِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى عِتْقِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهَا اهـ فَإِنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ إجَازَةُ نَفْسِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُفِيدُ عَدَمَ صِحَّتِهَا مُطْلَقًا بَلْ عَدَمُ صِحَّتِهَا لِلدَّوْرِ هُنَاكَ، وَلَا دَوْرَ هُنَا بَلْ قَدْ يُقَالُ إنَّ مَا تَقَدَّمَ يُفِيدُ صِحَّتَهَا عِنْدَ الدَّوْرِ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْسَبُ بِمَا لَوْ أَوْصَى لِأَهْلِهِ إلَخْ) قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ لَفْظَ الْأَهْلِ نَصَّ فِي دُخُولِ الْوَارِثِ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَقْرَبِ الْأَقَارِبِ بِخِلَافِ لَفْظِ الْقَرِيبِ فَلِذَا خَصَّصَهُ الْعُرْفُ بِغَيْرِ الْوَارِثِ وَكَانَ الْأَصَحُّ عَدَمَ دُخُولِهِ فَتَدَبَّرْ فَإِنْ قُلْتَ هَذَا بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ فِي عِلَّةِ عَدَمِ الدُّخُولِ أَمَّا عَلَى تَعْلِيلِ الضَّعِيفِ بِتَعَذُّرِ الْإِجَازَةِ فَيُرَدُّ مَا قَالَهُ قُلْت الَّذِي أَوْرَدَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَصَحِّ فِي التَّعْلِيلِ فَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ تَعْلِيلُ الضَّعِيفِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بِقَوْلِنَا الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ بَاطِلَةٌ) أَيْ فَلِبُطْلَانِهَا لَا يَدْخُلُ فِي اللَّفْظِ أَصْلًا أَوْ يَدْخُلُ، وَتَبْطُلُ فِي نَصِيبِهِ فَيَرْجِعُ لِلْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ فَلْيُقْطَعْ بِالثَّانِي) أَيْ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ إجَازَتِهِ لِنَفْسِهِ، وَحِينَئِذٍ تَبْطُلُ فِي نَصِيبِهِ، وَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ مِيرَاثًا (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَأْخَذَهُمَا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّ مَأْخَذَهُمَا أَنَّ الِاسْمَ يَقَعُ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْعَادَةِ. اهـ. فَمُخَالَفَةُ الْعَادَةِ هَلْ تَمْنَعُ تَنَاوُلَ الِاسْمِ لِلْوَارِثِ حَتَّى يَكُونَ كُلُّ الْمُوصَى بِهِ لِغَيْرِهِ أَوْ لَا تَمْنَعُهُ فَيَكُونُ لَهُ جُزْءٌ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ فِيهِ، وَيَكُونُ مُسْتَحَقًّا بِالْإِرْثِ لَا الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ تُخَصِّصُ الْعُمُومَ) أَيْ عُمُومَ لَفْظِ أَقَارِبِي لِلْوَرَثَةِ، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعُرْفِ يَعْنِي: أَنَّ عُرْفَ الشَّرْعِ أَنْ لَا يُوصَى لِلْوَارِثِ، وَلَمْ يُعَوَّلْ عَلَيْهِ بَلْ عُوِّلَ عَلَى الْعَادَةِ فَيُفِيدُ أَنَّ الْعُرْفَ لَا يُخَصِّصُ بِخِلَافِ الْعَادَةِ لَكِنْ عَلَّلَ م ر عَدَمَ الدُّخُولِ بِقَوْلِهِ اعْتِبَارًا بِعُرْفِ الشَّرْعِ، وَقَوْلُهُ، وَلِأَنَّ الْوَارِثَ لَا يُوصَى لَهُ غَالِبًا. اهـ.، وَذَلِكَ هُوَ الْعَادَةُ
وَلَيْسَتْ الْعَادَةُ مُطَّرِدَةً وَكَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يُوصِي لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ (وَأَقْرَبُ الْأَقَارِبِ) يَشْمَلُ الْأُصُولَ وَإِنْ عَلَوْا، وَالْفُرُوعَ، وَالْحَوَاشِيَ وَإِنْ بَعُدُوا وَقُدِّمَ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ (الْفُرُوعُ) لِقُوَّةِ عُصُوبَتِهِمْ وَارِثَهُمْ (ثُمَّ الْأُصُولُ) أَيْ الْأَبَوَانِ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِمَا كَانَ أَوْلَى (بَعْدَهُ) أَيْ وَبَعْدَ الْأَصْلِ يَعْنِي الْأَبَوَيْنِ (الْأُخُوَّة) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، وَالْخَاءِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ مِنْ الْجِهَاتِ الثَّلَاثِ (ثُمَّ جُدُودَةٌ) مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، وَالْأُمِّ (تَلِي) الْأُخُوَّةِ (فِي الْقُوَّهْ) لِقُوَّةِ جِهَةِ الْبُنُوَّةِ عَلَى جِهَةِ الْأُبُوَّةِ كَمَا فِي الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ وَزَادَ قَوْلَهُ فِي الْقُوَّةِ إشَارَةً إلَى الْعِلَّةِ (ثُمَّ) بَعْدَ الْجُدُودَةِ (عُمُومَةٌ كَذَا الخئوله) فَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ أَفْصَحَ عَنْهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (وَهَذِهِ لِهَذِهِ عَدِيلَهْ) وَعَبَّرَ بِالْأُخُوَّةِ، وَالْجُدُودَةِ، وَالْعُمُومَةِ، وَالْخُؤُولَةِ لِيَشْمَلَ الْجِهَةَ بِكَمَالِهَا الذَّكَرَ، وَالْأُنْثَى، وَالْقَرِيبَ، وَالْبَعِيدَ وَ (أَقْرَبَ) كُلُّ جِهَةٍ مِمَّنْ ذُكِرَ (قَدِّمْ) أَنْتَ عَلَى بِعِيدِهَا فَقَدِّمْ الْوَلَدَ عَلَى وَلَدِهِ، وَالْأَخَ عَلَى وَلَدِهِ، وَالْجَدَّ عَلَى أَبَوَيْهِ وَهَكَذَا (وَأَخَا الْأَصْلَيْنِ) أَيْ الْأَبَوَيْنِ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ، وَالْأَخِ لِلْأُمِّ لِزِيَادَةِ قَرَابَتِهِ وَعُلِمَ بِمَا قَالَهُ أَنَّهُ يُسَوِّي بَيْنَ الْأَخِ لِأَبٍ، وَالْأَخِ لِأُمٍّ وَجَدَّةٍ ذَاتِ جِهَةٍ وَذَاتِ جِهَتَيْنِ، وَالذَّكَرِ، وَالْأُنْثَى وَإِنْ بَعِيدَ الْجِهَةِ الْقَرِيبَةِ يُقَدَّمُ عَلَى قَرِيبِ الْبَعِيدَةِ فَيُقَدَّمُ وَلَدُ الْوَلَدِ وَإِنْ نَزَلَ عَلَى الْجَدِّ، وَالْأَخِ وَيُقَدَّمُ وَلَدُ وَلَدِ الْأَخِ وَإِنْ نَزَلَ عَلَى الْعَمِّ
(وَ) لَوْ أَوْصَى (بِالْمَنَافِعِ الَّتِي لِلْعَيْنِ) فَقُلْ (مُوصًى لَهُ يَمْلِكُ) تِلْكَ الْمَنَافِعَ فَلَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ عَبْدٍ مَلَكَ (مَا الْعَبْدُ كَسَبْ) أَيْ مَا كَسَبَهُ الْعَبْدُ مِمَّا يُعْتَادُ مِنْ نَحْوِ احْتِطَابٍ وَاحْتِشَاشٍ وَأُجْرَةِ حِرْفَةٍ (لَا الْعُقْرَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ الْمَهْرُ (مِنْ) وَطْءِ (جَارِيَةٍ) مُوصًى بِمَنْفَعَتِهَا بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ (وَ) لَا (الْمُتَّهَبْ) لِلرَّقِيقِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ وَلَا غَيْرُهُمَا مِمَّا يَنْدُرُ كَالْتِقَاطِهِ فَلَا يَمْلِكُهَا الْمُوصَى لَهُ فَهِيَ لِلْوَارِثِ لِأَنَّهَا لَا تُقْصَدُ بِالْوَصِيَّةِ وَلِأَنَّ الْمَهْرَ بَدَلُ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ وَهِيَ لَا يُوصَى بِهَا فَلَا يَسْتَحِقُّ بَدَلَهَا بِالْوَصِيَّةِ.
وَمَا ذَكَرَهُ فِيهِ هُوَ الْأَظْهَرُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّهُ الْأَشْبَهُ وَحَكَيَا عَنْ قَطْعِ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْبَغَوِيِّ أَنَّهُ لِلْمُوصَى لَهُ لِأَنَّهُ مِنْ نَمَاءِ الرَّقَبَةِ كَالْكَسْبِ وَصَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: أَيْ الْأَبَوَانِ) قَرِينَتُهُ قَوْلُهُ: الْآتِي ثُمَّ جُدُودَةٌ (قَوْلُهُ وَذَاتُ جِهَتَيْنِ) كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ قَوْلِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّ فِي تَقْدِيمِ الْجَدَّةِ مِنْ جِهَتَيْنِ عَلَى الْجَدَّةِ مِنْ جِهَةٍ وَجْهَيْنِ كَالْوَجْهَيْنِ فِي الْمِيرَاثِ اهـ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مُتَابِعٌ فِيهِ لِابْنِ الصَّبَّاغِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْمَأْخَذُ ثَمَّ اسْمُ الْجَدَّةِ وَهُنَا مَعْنَى الْأَقْرَبِيَّةِ فَتُقَدَّمُ ذَاتُ الْقَرَابَتَيْنِ عَلَى ذَاتِ الْقَرَابَةِ الْوَاحِدَةِ وَبِهِ جَزَمَ الْبَغَوِيّ وَالْخُوَارِزْمِيُّ فِي الْوَقْفِ اهـ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْجَدِّ وَعَلَى الْأَبِ) وَقَوْلُهُ عَلَى الْعَمِّ أَيْ وَعَلَى الْجَدِّ (تَنْبِيهٌ)
عَبَّرَ فِي الرَّوْضِ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَعْنِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَأَقْرَبُ الْأَقَارِبِ الْفُرُوعُ إلَخْ بِقَوْلِهِ وَإِنْ أَوْصَى لِأَقْرَبِ أَقَارِبِ زَيْدٍ ثُمَّ ذَكَرَ التَّرْتِيبَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ قَالَ (فَرْعٌ)
أَوْصَى لِأَقْرَبِ قَرَابَتِهِ أَيْ أَقَارِبِ نَفْسِهِ فَالتَّرْتِيبُ كَمَا ذَكَرْنَا لَكِنْ لَوْ كَانَ الْأَقْرَبُ وَارِثًا صَرَفْنَاهُ أَيْ الْمُوصَى بِهِ لِلْأَقْرَبِ مِنْ غَيْرِ الْوَارِثِينَ إذَا لَمْ يُجِيزُوا أَيْ الْوَارِثُونَ الْوَصِيَّةَ قَالَ فِي شَرْحِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِ نَفْسِهِ لَمْ تَدْخُلْ وَرَثَتُهُ اهـ فَعُلِمَ أَنَّ بَيْنَ أَقْرَبِ أَقَارِبِ غَيْرِ الْوَصِيِّ وَأَقْرَبِ أَقَارِبِ الْمُوصِي فَرْقًا مِنْ جِهَةِ الْوَارِثِ لَكِنْ قَدْ يُسْتَشْكَلُ قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِأَقَارِبِ نَفْسِهِ إلَخْ بِأَنَّ قَضِيَّةَ هَذَا الْبِنَاءِ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الْأَقْرَبِ الْوَارِثِ وَإِنْ أَجَازَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ وَقَضِيَّتُهُ قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُجِيزُوا اسْتِحْقَاقَهُ إذَا أَجَازُوا وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا اسْتِحْقَاقُ الْجَمِيعِ عِنْدَ الْإِجَازَةِ وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ بِقَوْلِهِ السَّابِقِ أَوَّلَ الصَّفْحَةِ وَإِنَّمَا يَبْطُلُ مِنْهُ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ نَمَاءِ الرَّقَبَةِ كَالْكَسْبِ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ جَارِيَةٍ فَتَأَخَّرَ عِتْقُهَا عَنْ الْمَوْتِ وَوُطِئَتْ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ كَانَ الْمَهْرُ لَهَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ إذَا تَأَخَّرَ عِتْقُهُ كَانَ كَسْبُهُ قَبْلَ الْعِتْقِ لَهُ.
(قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ) وَعَلَيْهِ
ــ
[حاشية الشربيني]
كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجَرٌ فَيُفِيدُ أَنَّ النَّوَوِيَّ إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى إحْدَى الْعِلَّتَيْنِ اكْتِفَاءً بِهِ لَا لِعَدَمِ تَخْصِيصِ الْعُرْفِ.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ الْعَادَةُ مُطَّرِدَةً) أَيْ فَلَيْسَتْ مَانِعَةً مِنْ الدُّخُولِ فَيُقْطَعُ بِالثَّانِي إنْ وَقَفْنَاهَا عَلَى الْإِجَازَةِ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَدَمُ الدُّخُولِ عَلَى اطِّرَادِهَا بِعَدَمِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ هُوَ الْغَالِبُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ م ر (قَوْلُهُ: وَقُدِّمَ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ إلَخْ) فَيَأْخُذُ مَنْ قُدِّمَ جَمِيعَ الْمُوصَى بِهِ.
(قَوْلُهُ: لِقُوَّةِ عُصُوبَتِهِمْ وَإِرْثِهِمْ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فَتَدْخُلُ أَوْلَادُ الْعِلَّاتِ، وَإِنْ كَانَ لَا إرْثَ فِيهِمْ، وَلَا عُصُوبَةَ (قَوْلُهُ: بَعْدَهُ الْإِخْوَةُ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يُقَدَّمُ الْأَخُ لِلْأُمِّ، وَابْنُهُ عَلَى الْجَدِّ إلَّا هُنَا، وَمِثْلُهُ الْوَقْفُ عَلَى الْأَقْرَبِ، وَمِثْلُهُ وَقْفٌ انْقَطَعَ مَصْرِفُهُ، وَلَمْ يُقَدَّمْ أَخٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ، وَلَا ابْنُهُ عَلَى الْجَدِّ إلَّا هُنَا، وَفِي الْوَلَاءِ. اهـ. نَاشِرِيٌّ فَعُلِمَ أَنَّ بُنُوَّةَ الْأُخُوَّةِ مُطْلَقًا مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْجُدُودَةِ، وَهُوَ فِي شَرْحِ م ر أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: لِقُوَّةِ جِهَةِ الْبُنُوَّةِ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا تَقْدِيمُ الْعَمِّ عَلَى الْجَدِّ، وَلَمْ يَقُولُوا بِهِ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَنْهَجِ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: كَذَا الْخُؤُولَةُ) فِيهِ نَظَرٌ عَلَى طَرِيقَتِهِ مِنْ أَنَّ أَقَارِبَ الْأُمِّ لَا تَدْخُلُ فِي الْإِيصَاءِ لِأَقَارِبِهِ إنْ صَدَرَ مِنْ عَرَبِيٍّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا صَدَرَ الْإِيصَاءُ مِنْ أَعْجَمِيٍّ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ عَلَى الْوَجِيزِ. اهـ. نَاشِرِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ) اعْتَمَدَهُ م ر كَوَالِدِهِ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ
كَأَصْلِهِ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّهُ الرَّاجِحُ نَقْلًا وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا لَكِنْ لَوْ وَطِئَهَا لَا يُحَدُّ لِلشُّبْهَةِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَا وَجَزَمَا فِي الْوَقْفِ بِأَنَّهُ يُحَدُّ وَقَاسَا عَلَيْهِ مَا صَحَّحَاهُ مِنْ حَدِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَمَا صَحَّحَاهُ هُنَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّهُ الصَّحِيحُ وَالْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ أَوْجَهُ قَالَ وَمَا صَحَّحَاهُ مِنْ حَدِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ صَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ وَجَزَمَ بِهِ جَمَاعَاتٌ عَدَدُهُمْ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ، وَالْوَسِيطِ إنَّهُ الْمَذْهَبُ انْتَهَى، وَالْأَوْجَهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ أَوْ وُجُوبُ الْحَدِّ فِي الْوَصِيَّةِ دُونَ الْوَقْفِ وَأَمَّا وَطْءُ الْوَارِثِ لَهَا فَحَاصِلُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ تَصْحِيحُ مَنْعِهِ وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحْبَلُ كَمَا فِي وَطْءِ الرَّاهِنِ الْمَرْهُونَةَ وَوَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ تَصْحِيحُ جَوَازِهِ فِيمَنْ لَا تَحْبَلُ وَعَلَيْهِ قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الرَّاهِنَ هُوَ الَّذِي حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْوَارِثِ وَبِأَنَّ الرَّهْنَ مَعْلُومُ الْأَمَدِ دَائِمًا بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَنْفَعَةِ فَإِنَّهَا قَدْ تَكُونُ مُؤَبَّدَةً بِالْعُمُرِ (وَفَرْعُهَا كَهِيَ) فِي أَنَّ الرَّقَبَةَ لِلْوَارِثِ وَمَنْفَعَتَهَا لِلْمُوصَى لَهُ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا (وَلَا مَنْعَ) مِنْ إيجَارِ الْمُوصِي بِمَنْفَعَتِهِ (إذَا آجَرَهُ) الْمُوصَى لَهُ لِأَنَّهُ مَالِكُهَا سَوَاءٌ أُبِّدَتْ الْوَصِيَّةُ بِحَيَاتِهِ كَأَوْصَيْتُ لَك بِمَنَافِعِهِ حَيَاتَك أَمْ لَا كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ خِلَافًا لِقَوْلِهِمَا هُنَا أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ فِي صُورَةِ تَأْبِيدِهَا بِحَيَاتِهِ لِأَنَّهَا إبَاحَةٌ لَا تَمْلِيكٌ وَصَوَّبَ فِي الْمُهِمَّاتِ الْأَوَّلَ وَقَالَ إنَّهُ نَظِيرُ الْوَقْفِ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَمْرٍو فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ مَعَ التَّقْيِيدِ بِحَيَاتِهِ (أَوْ سَفَرًا رَامَ بِذَا) عُطِفَ عَلَى أَجَّرَهُ أَيْ وَلَا مَنْعَ أَيْضًا مِنْ سَفَرِهِ بِالْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ لَهُ إذَا أَرَادَهُ لِئَلَّا يَخْتَلَّ عَلَيْهِ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَلَيْسَ كَزَوْجِ الْأَمَةِ فَإِنَّ الْمَنْفَعَةَ هُنَاكَ لِلسَّيِّدِ
(وَإِنْ تَلِفَ) أَيْ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فِي يَدِ الْمُوصَى لَهُ (فَمَا الضَّمَانُ ثَبَتَا) كَالْمُكْتَرِي وَلَا يَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ (وَبَيْعُهُ) مِنْ غَيْرِ الْمُوصَى لَهُ جَائِزٌ (لِوَارِثٍ) لِلْمُوصِي (إنْ أَقَّتَا) أَيْ مَنْفَعَتَهُ بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ كَالْمُكْتَرِي لَا إنْ أُبِّدَتْ
ــ
[حاشية العبادي]
فَالْوَجْهُ أَنَّ أَرْشَ الْبَكَارَةِ لِلْوَارِثِ لِأَنَّهُ بَدَلُ الْجُزْءِ الْفَائِتِ وَهُوَ لَهُ (قَوْلُهُ: وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّهُ الرَّاجِحُ) وَقَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) وَأَصْلِهَا هُنَا وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ كَمَا اعْتَمَدَهُ حَدُّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُؤَبَّدَةِ، وَالْمُؤَقَّتَةِ م ر (قَوْلُهُ: وَوَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ تَصْحِيحُ جَوَازِهِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُعَطَّلْ زَمَنُ الْوَطْءِ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُوصَى لَهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الرَّهْنَ مَعْلُومُ الْأَمَدِ) أَيْ الِانْتِهَاءِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِقَوْلِهِمَا هُنَا) حَمَلَ قَوْلَهُمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا وَجَدَ مَا يُشْعِرُ بِقِصَرِ الْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ كَأَنْ عَبَّرَ بِالْفِعْلِ كَأَوْصَيْتُ لَك بِأَنْ تَنْتَفِعَ بِهِ م ر (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا إبَاحَةٌ لَا تَمْلِيكٌ) الْمُعْتَمَدُ مَا فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ وَعَلَيْهِ يُمْكِنُ مَنْعُ قَوْلِهِمَا هُنَا: إنَّهَا إبَاحَةٌ بَلْ هِيَ تَمْلِيكٌ عَلَى وَجْهٍ خَاصٍّ وَبِهِ يُشْعِرُ قَوْلُ الْمُهِمَّاتِ: إنَّهُ نَظِيرُ الْوَقْفِ عَلَى زَيْدٍ ثُمَّ عَمْرٍو إلَخْ نَعَمْ إنْ ذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّقْيِيدِ بِانْتِفَاعِهِ بِنَفْسِهِ كَتَسْكُنُ أَوْ تَنْتَفِعُ امْتَنَعَ إيجَارُهُ م ر
(قَوْلُهُ: وَبَيْعُهُ لِوَارِثٍ إنْ أَقَّتَا إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَوْ أَرَادَ صَاحِبُ الْمَنْفَعَةِ بَيْعَهَا فَقِيَاسُ مَا سَبَقَ الصِّحَّةُ مِنْ الْوَارِثِ دُونَ غَيْرِهِ وَبِهِ جَزَمَ الدَّارِمِيُّ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَسَيَأْتِي تَصْوِيرُ بَيْعِ الْمَنْفَعَةِ اهـ ثُمَّ ذَكَرَ اسْتِشْكَالَ بَيْعِ الْمَنْفَعَةِ وَحْدَهَا ثُمَّ قَالَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ بَيْعَهَا وَحْدَهَا مَعْقُولٌ فَقَدْ قَالُوا بِهِ مِنْ بَيْعِ حَقِّ الْبِنَاءِ عَلَى السَّطْحِ وَنَحْوِهِ وَبِأَنَّهَا تُبَاعُ وَحْدَهَا بِإِجَازَةٍ. اهـ.، وَالْوَجْهُ الَّذِي لَا مَحِيصَ عَنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهَا مِنْ غَيْرِ الْوَارِثِ أَيْضًا لِظُهُورِ الْفَائِدَةِ بِالِانْتِفَاعِ بِالْمَنْفَعَةِ بِاسْتِيفَاءٍ وَإِيجَارٍ وَغَيْرِهِمَا بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الرَّقَبَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: غَالِبًا) كُلُّهُ احْتِرَازٌ عَنْ الْأَكْسَابِ النَّادِرَةِ
ــ
[حاشية الشربيني]
(قَوْلُهُ: لَا يُحَدُّ) أَيْ إنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُ بِمَنْفَعَةٍ أَبَدًا أَمَّا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِهَا مُدَّةً فَالْوَجْهُ أَنَّهُ يُحَدُّ كَالْمُسْتَأْجَرِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَبِهَامِشِهِ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ. اهـ.، وَلَعَلَّهُ تَمَامُ مِلْكِ الْمُوصَى لَهُ حَتَّى قِيلَ بِمِلْكِهِ الرَّقَبَةَ فِي الْمُؤَبَّدَةِ كَذَا قِيلَ تَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا هُنَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا إنَّ حَدَّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مُعْتَمَدٌ أَيْضًا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ، وَالْوَقْفِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ يَمْلِكُ الْإِجَارَةَ، وَالْإِعَارَةَ، وَالسَّفَرَ بِهَا، وَيُورَثُ عَنْهُ، وَلَا كَذَلِكَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ فَكَانَ مِلْكَ الْمُوصَى بِهِ أَقْوَى كَمَا فِي التُّحْفَةِ
(قَوْلُهُ:، وَالْأَوْجَهُ إلَخْ) قَدْ عَرَفْت الْمُعْتَمَدَ فِيهِمَا، وَالْفَرْقَ بَيْنَهُمَا.
(قَوْلُهُ: تَصْحِيحُ جَوَازِهِ) اعْتَمَدَهُ ق ل فَإِنْ كَانَتْ تَحْبَلُ حَرُمَ، وَلَزِمَهُ الْمَهْرُ، وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ حَبَلُهَا لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ ع ش، وَلَعَلَّ وَجْهَ الْحُرْمَةِ تَعْرِيضُهَا لِلْهَلَاكِ بِالطَّلْقِ فَتَفُوتُ الْوَصِيَّةُ بِلَا بَدَلٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَفَرْعُهَا كَهِيَ) أَيْ فَرْعُهَا الَّذِي كَانَتْ حَامِلًا بِهِ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ أَوْ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ كَالْجُزْءِ مِنْهَا، وَالثَّانِي مِنْ فَوَائِدِ مَا اُسْتُحِقَّ مَنْفَعَتُهُ لَا الْحَادِثُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، وَقَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي فَإِنَّهُ لِلْوَارِثِ، وَإِنْ انْفَصَلَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي لِأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ فِي وَقْفِ اسْتِحْقَاقِ الْمُوصَى لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا حَالَ الْوَصِيَّةِ كَمَا فِي م ر وَسم خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْجَلَالِ
(قَوْلُهُ: فِي صُورَةِ تَأْبِيدِهَا بِحَيَاتِهِ) عِبَارَةُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَمَّا إذَا قَالَ أَوْصَيْتُ لَك بِمَنَافِعِهِ حَيَاتَك فَهُوَ إبَاحَةٌ لَا تَمْلِيكٌ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْمَنْفَعَةَ هُنَاكَ لِلسَّيِّدِ) أَيْ وَتَفُوتُ بِالسَّفَرِ، وَاَلَّذِي لِلزَّوْجِ الِانْتِفَاعُ فَعَارَضَ حَقُّ السَّيِّدِ حَقَّ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَقْوَى، وَالْعَيْنُ هُنَا لَا تَفُوتُ بِالسَّفَرِ بِخِلَافِ الْمَنْفَعَةِ فَإِنَّهَا تَفُوتُ بِهِ فَقُدِّمَتْ تَدَبَّرْ حَجَرٌ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ
(قَوْلُهُ: بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ) قَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ بَقَاءُ الْعَيْنِ بَعْدَ انْتِهَائِهَا فَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنْ لَا يَبْقَى بَعْدَهَا فَلَعَلَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَالَهُ أَبُو شُكَيْلٍ فِي شَرْحِهِ لِلْوَسِيطِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ حَاصِلُ مَا ذَكَرُوهُ هُنَا أَنَّ الْبَيْعَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ سِوَى الْإِعْتَاقِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ لِغَيْرِ الْمُوصَى لَهُ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا جَزَمُوا بِهِ فِي أَوَائِلِ الْبَيْعِ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ الْعَبْدِ الزَّمِنِ مُعَلِّلِينَ لَهَا بِأَنَّهُ يُتَقَرَّبُ بِعِتْقِهِ إلَى اللَّهِ فَتَأَمَّلْهُ، وَدَفَعَهُ م ر بِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ هُنَا أَحَالَ بَيْنَ الْمُشْتَرِي، وَبَيْنَ مَنَافِعِ الْعَبْدِ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الزَّمِنِ.
(قَوْلُهُ: لَا إنْ أُبِّدَتْ إلَخْ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَجْتَمِعْ الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ، وَوَارِثُ الْمُوصِي عَلَى
إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ فِيهِ تُقْصَدُ بِالْبَيْعِ غَالِبًا وَلَا إنْ أَقُتِّتَ بِمُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ كَبَيْعِ دَارِ الْمُعْتَدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ فَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِثَمَرَةِ شَجَرَةٍ عَامًا مُبْهَمًا كَأَنْ قَالَ أَوَّلَ عَامٍ تُثْمِرُ فِيهِ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ (وَالْقَيْدُ) وَهُوَ التَّأْقِيتُ أَيْ اعْتِبَارُهُ فِي بَيْعِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ الْمُوصَى لَهُ (فِي الْمُوصَى لَهُ يُخْرِجُهُ) أَيْ لَا نَعْتَبِرُهُ فِي بَيْعِهِ مِنْ الْمُوصَى لَهُ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْهُ مُطْلَقًا لِظُهُورِ الْفَائِدَةِ فِيهِ بِاجْتِمَاعِ الرَّقَبَةِ، وَالْمَنْفَعَةِ فِي مِلْكِهِ (كَالشَّاةِ) إذَا (أَوْصَى بِاَلَّذِي تُنْتِجُهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ فَإِنَّ لِلْوَارِثِ بَيْعُهَا مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِنَتَاجِهَا وَمِنْ غَيْرِهِ لِبَقَاءِ بَعْضِ فَوَائِدِهَا كَالصُّوفِ، وَاللَّبَنِ فَهَذَا تَنْظِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ فِي مُطْلَقِ جَوَازِ الْبَيْعِ لَا فِي التَّفْصِيلِ السَّابِقِ
(وَ) لِلْوَارِثِ دُونَ الْمُوصَى لَهُ (الِاقْتِصَاصُ) مِمَّنْ جَنَى عَلَى الرَّقِيقِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَةِ جِنَايَةٍ تُوجِبُ قِصَاصًا وَإِذَا اقْتَصَّ فِي النَّفْسِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ كَمَا لَوْ مَاتَ (وَاشْتَرَى) الْوَارِثُ (بِالْبَدَلِ) أَيْ بَدَلِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ إذَا جَنَى عَلَيْهِ جِنَايَةً تُوجِبُ مَالًا أَوْ عَفَا عَلَيْهِ (مِثْلًا) لَهُ لِيَنْتَفِعَ الْمُوصَى لَهُ بِهِ وَتَكُونُ رَقَبَتُهُ لِلْوَارِثِ إذْ الْقِيمَةُ بَدَلُ الرَّقَبَةِ، وَالْمَنْفَعَةِ فَتُقَامُ مَقَامَهُمَا وَقِيلَ الْبَدَلُ لِلْوَارِثِ وَقِيلَ لِلْمُوصَى لَهُ وَقِيلَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ حَقِّهِمَا فَتُقَوَّمُ الرَّقَبَةُ بِمَنْفَعَتِهَا وَبِدُونِهَا فَقَدْرُ التَّفَاوُتِ قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ، وَالْبَاقِي قِيمَةُ الرَّقَبَةِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ شِرَاءُ مِثْلٍ اُشْتُرِيَ شِقْصٌ كَمَا فِي الْوَقْفِ أَمَّا بَدَلُ أَطْرَافِهِ فَلِلْوَارِثِ فَقَطْ وَلَهُ إعْتَاقُهُ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ
وَلَا رُجُوعَ لِلْعَتِيقِ بِقِيمَةِ مَنْفَعَتِهِ (وَإِنْ يُبَعْ) الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فِي جِنَايَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ (لِأَرْشٍ) لَهَا لِعَدَمِ الْفِدَاءِ (يَبْطُلُ حَقُّ الَّذِي لَهُ بِنَفْعٍ أُوصِيَا) فِي الْمَنْفَعَةِ كَمَا يَبْطُلُ حَقُّ الْوَارِثِ فِي الرَّقَبَةِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَيَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَى بَيْعِ قَدْرِ الْأَرْشِ إلَّا إذَا لَمْ يُمْكِنْ بَيْعُ الْبَعْضِ فَيُبَاعُ الْكُلُّ وَبِمَا بَحَثَهُ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ فَإِنْ زَادَ الثَّمَنُ عَلَى الْأَرْشِ قَالَ السَّرَخْسِيُّ قُسِمَ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ حَقِّهِمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ قَالَ النَّوَوِيُّ مَجِيءُ الْخِلَافِ هُوَ الْوَجْهُ (وَيَسْتَمِرُّ حَقُّهُ) فِي مَنْفَعَتِهِ (إنْ فُدِيَا) أَيْ الْجَانِي كَمَا يَسْتَمِرُّ حَقُّ الْوَارِثِ فِي رَقَبَتِهِ سَوَاءٌ فَدَيَاهُ مَعًا أَمْ أَحَدُهُمَا أَمْ غَيْرُهُمَا فَإِنْ فَدَى أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ فَقَطْ قَالَ الْحَنَّاطِيُّ تُبَاعُ حِصَّةُ الْآخَرِ وَاسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ إنْ فُدِيَتْ الرَّقَبَةُ فَكَيْفَ تُبَاعُ الْمَنَافِعُ وَحْدَهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا تُبَاعُ وَحْدَهَا بِالْإِجَارَةِ وَمَنْ يُزَوِّجُ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ قَالَ فِي الْوَسِيطِ أَمَّا الْعَبْدُ فَيَظْهَرُ اسْتِقْلَالُ الْمُوصَى لَهُ بِهِ لِأَنَّ مَنْعَ الْعَقْدِ لِتَضَرُّرِ تَعَلُّقِ الْحُقُوقِ بِالِاكْتِسَابِ وَهُوَ الْمُتَضَرِّرُ وَأَمَّا الْأَمَةُ فَيُزَوِّجُهَا الْوَارِثُ عَلَى الْأَصَحِّ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: أَوْصَى بِاَلَّذِي تُنْتِجُهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مُدَّةً مَجْهُولَةً وَقَدْ يَأْتِي فِيهِ مَا فِي بَيْعِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ إجَارَةً مُقَدَّرَةً بِعَمَلٍ
(قَوْلُهُ: أَمَّا بَدَلُ أَطْرَافِهِ) قَدْ يَشْمَلُ الْبَكَارَةَ
(قَوْلُهُ: قَالَ النَّوَوِيُّ مَجِيءُ الْخِلَافِ هُوَ الْوَجْهُ) أَيْ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُشْتَرَى بِالزَّائِدِ مِثْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ فِي الرَّوْضِ فَقَالَ وَلَوْ زَادَ اُشْتُرِيَ مِثْلُهُ اهـ أَيْ أَوْ شِقْصٌ إنْ لَمْ يُمْكِنْ الْمِثْلُ بِالزَّائِدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الشِّقْصُ أَيْضًا فَيَنْبَغِي مَا قَالَهُ السَّرَخْسِيُّ (قَوْلُهُ: فَيَظْهَرُ اسْتِقْلَالُ الْمُوصَى لَهُ بِهِ) الْوَجْهُ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْبَيْعِ، وَالْأَصَحُّ لِوُجُودِ الْفَائِدَةِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ إلَخْ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِبَعْضِ مَنَافِعِهِ صَحَّ بَيْعُهُ لِلْغَيْرِ مُطْلَقًا. اهـ. أَيْ، وَلَوْ مَعَ جَهْلِ الْمُدَّةِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ الْبَعْضُ كَالْمَعْدُومِ لَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِهِ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا إنْ أُقِّتَتْ بِمُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ) خَالَفَ فِيهِ م ر، وَقَالَ: إنَّهُ يَصِحُّ حِينَئِذٍ الْبَيْعُ، وَلَوْ لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ قَالَ، وَطَرِيقُ الصِّحَّةِ حِينَئِذٍ مَا ذَكَرُوهُ فِي اخْتِلَاطِ حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ قَالَ الرَّشِيدِيُّ بِأَنْ يَتَّفِقَا عَلَى بَيْعِهِ لِثَالِثٍ. اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا خِلَافُ الْمَوْضُوعِ لِأَنَّهُ فِي بَيْعِ الْوَارِثِ لِغَيْرِ الْمُوصَى لَهُ، وَمَا قِيلَ فِي اخْتِلَاطِ حَمَامِ الْبُرْجَيْنِ فِي بَيْعِهِمَا لِثَالِثٍ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ قَالَ أَوَّلَ عَامٍ تُثْمِرُ فِيهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لَهُ بِثَمَرَةِ هَذِهِ الشَّجَرَةِ سَنَةً فَإِنَّهَا تَتَعَيَّنُ بِتَعْيِينِ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّ الْمُوصِي جَعَلَ لِلْوَارِثِ شَرِكَةً فِي الْمَنَافِعِ لِأَنَّهُ بَقِيَ نَحْوُ اللِّيفِ، وَالْكِرْنَافِ أَمَّا لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لَهُ بِمَنَافِعِهَا سَنَةً فَيَتَعَيَّنُ اتِّصَالُهَا بِالْمَوْتِ أَفَادَهُ ع ش عَنْ حَجَرٍ، وَبَعْضُهُ فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ أُقِّتَتْ بِمُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ كَأَنْ أَوْصَى لَهُ بِمَنَافِعِهِ حَيَاتَهُ أَوْ مُدَّةَ سَفَرِ زَيْدٍ، وَعِبَارَةُ حَجَرٍ مَعَ الْإِرْشَادِ، وَيَبِيعُهُ الْوَارِثُ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْمُوصَى لَهُ بِمَنَافِعِهِ أَيْ يَصِحُّ بَيْعُهُ لَهُ مُطْلَقًا كَذَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِهِ لَكِنْ أُقِّتَتْ الْوَصِيَّةُ، وَعُلِمَ الْوَقْتُ كَبَيْعِ الْمُؤَجَّرِ بِخِلَافِ مَا إذَا جُهِلَ كَمُدَّةِ حَيَاةِ الْمُوصَى لَهُ لِجَهَالَةِ الْمُسْتَثْنَى مِنْ الْمَنَافِعِ أَوْ أُبِّدَ لِانْتِفَاءِ فَائِدَةٍ تُقْصَدُ. اهـ. فَأَفَادَ صِحَّةَ الْبَيْعِ لِلْمُوصَى لَهُ مُطْلَقًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ لَا يَصِحُّ إلَّا إنْ عُلِمَتْ الْمُدَّةُ فَهُوَ كَالشَّارِحِ خِلَافًا لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ م ر، وَلِاحْتِمَالِ الْجَهْلِ فِي الْمُوصَى لَهُ وَجْهٌ، وَهُوَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ تَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ حَتَّى لَا يَشْتَرِيَ بِبَدَلِ الْعَبْدِ جَارِيَةً، وَلَا الْعَكْسُ، وَلَا يُبْدِلَ الصَّغِيرَ بِالْكَبِيرِ، وَلَا الْعَكْسُ، وَالْمُشْتَرِي هُنَا الْوَارِثُ لَا الْحَاكِمُ لِكَوْنِهِ الْمَالِكَ، وَيَصِيرُ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُبْدَلِ مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ الْمُشْتَرِي لِلْوَصِيَّةِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ. اهـ. نَاشِرِيٌّ (قَوْلُهُ إعْتَاقُهُ) كَمَا فِي الْإِجَارَةِ لَكِنْ لَا يَصِحُّ إعْتَاقُ الْمُوصَى بِهِ، وَالْمُؤَجَّرُ عَنْ الْكَفَّارَةِ، وَالنَّذْرِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَاسْتَظْهَرَ الْأَذْرَعِيُّ صِحَّةَ
لِمِلْكِهِ الرَّقَبَةَ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَى الْمُوصَى لَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَضَرُّرِهِ (وَاحْتَسَبُوا) أَيْ الْأَكْثَرُونَ تَبَعًا لِلنَّصِّ (مِنْ ثُلُثٍ) لِلتَّرِكَةِ (قِيمَتَهُ) أَيْ قِيمَةَ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ بِتَمَامِهَا إنْ أُبِّدَتْ الْوَصِيَّةُ وَلَوْ بِحَيَاةِ الْمُوصَى لَهُ لِتَفْوِيتِ الْيَدِ كَمَا لَوْ بَاعَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ (وَ) احْتَسَبُوا مِنْ الثُّلُثِ (نَقْصَهَا) أَيْ نَقْصَ قِيمَتِهِ بِسَبَبِ الْوَصِيَّةِ (إنْ كَانَ قَدْ أَقَّتَهُ) أَيْ عَقَدَهَا فَتُقَوَّمُ مَعَ مَنْفَعَتِهِ وَمَسْلُوبِهَا تِلْكَ الْمُدَّةُ فَمَا نَقَصَ حُسِبَ مِنْ الثُّلُثِ فَلَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَتِهِ سَنَةً وَقِيمَتُهُ مَعَ مَنْفَعَتِهِ تِلْكَ السَّنَةَ مِائَةٌ وَدُونَهَا تِسْعُونَ حُسِبَتْ الْعَشَرَةُ مِنْ الثُّلُثِ فَلَوْ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ عَبْدِهِ ثَلَاثَ سِنِينَ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ وَكَانَ النَّقْصُ نِصْفَ الْقِيمَةِ رُدَّتْ الْوَصِيَّةُ فِي سُدُسِ الْعَبْدِ وَلَوْ أَوْصَى بِرَقَبَتِهِ لِرَجُلٍ وَبِمَنْفَعَتِهِ لِآخَرَ نُظِرَ فِيمَا سِوَاهُ مِنْ التَّرِكَةِ وَأُعْطِيَ كُلٌّ حَقَّهُ وَإِنْ أَبْقَى الْمَنْفَعَةَ لِلْوَرَثَةِ لَمْ تُعْتَبَرْ الْوَصِيَّةُ مِنْ الثُّلُثِ لِجَعْلِنَا الرَّقَبَةَ الْخَالِيَةَ عَنْ الْمَنْفَعَةِ كَالتَّالِفَةِ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا
(، وَالْحَجُّ) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا (إنْ يُطْلَقْ) فِي الْوَصِيَّةِ بِهِ يَكُنْ (مِنْ الْمِيقَاتِ) الشَّرْعِيِّ كَمَا لَوْ قَيَّدَ بِهِ فَإِنْ عَيَّنَ مِيقَاتًا أَبْعَدَ مِنْ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ تَعَيَّنَ اتِّبَاعًا لِتَعْيِينِهِ (وَحَجُّهُ الْمَفْرُوضُ) مَحْسُوبٌ (كَالزَّكَاةِ، وَالدَّيْنِ، وَالْمَنْذُورِ، وَالْكَفَّارَهْ مِنْ أَصْلِهِ) أَيْ مِنْ أَصْلِ مَالِهِ سَوَاءٌ أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا أَضَافَهَا إلَى أَصْلِ الْمَالِ أَوْ أَطْلَقَ لِلُزُومِهَا عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمَحَلُّهُ فِي الْمَنْذُورِ إذَا الْتَزَمَهُ فِي الصِّحَّةِ فَإِنْ الْتَزَمَهُ فِي الْمَرَضِ فَمِنْ الثُّلُثِ قَطْعًا قَالَهُ الْفُورَانِيُّ وَنَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْإِمَامِ وَقَالَ يَنْبَغِي الْفَتْوَى بِهِ وَخَرَجَ بِالْمَفْرُوضِ النَّفَلُ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ (فَإِنْ تَكُ الْعِبَارَهْ) أَيْ عِبَارَةُ الْمُوصِي بِوَاجِبٍ مِنْ ذَلِكَ مُقَيَّدَةً بِكَوْنِهِ (مِنْ ثُلُثٍ) مِنْ مَالِهِ (فَلِلْوَصَايَا) بِغَيْرِهِ (يَزْحَمُ) لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِمَحَلِّهَا وَكَأَنَّهُ قَصَدَ الرِّفْقَ بِالْوَرَثَةِ وَهَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ قَبْلُ وَمَا سِوَى الْعِتْقِ فَفِيهِ قِسْطًا لَكِنَّهُ أَعَادَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنْ يُرَادَ بِذَاكَ غَيْرُ الْوَاجِبِ وَلِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (ثُمَّ مِنْ أَصْلِ مَالِهِ يُتَمَّمُ) أَيْ الْوَاجِبُ إنْ لَمْ تَفِ بِهِ حِصَّتُهُ مِنْ الثُّلُثِ وَإِذَا احْتَجْنَا لِلتَّتْمِيمِ دَارَتْ الْمَسْأَلَةُ لِتَوَقُّفِ مَعْرِفَةِ مَا يُتَمِّمُ بِهِ عَلَى مَعْرِفَةِ ثُلُثِ الْبَاقِي لِتُعْرَفَ حِصَّةُ الْوَاجِبِ مِنْهُ وَمَعْرِفَةُ ثُلُثِ الْبَاقِي عَلَى مَعْرِفَةِ مَا يُتَمِّمُ بِهِ فَيُسْتَخْرَجُ بِمَا ذَكَرَهُ فِي صُورَةِ الْحَجِّ بِقَوْلِهِ (خَلَا ثَلَاثِمِائَةٍ مِنْ إرْثٍ) أَيْ تَرَكَهَا (مَنْ قَالَ حُجُّوا) عَنِّي (وَاجِبِي مِنْ ثُلُثِ وَكَانَ) قَدْ (وَصَى لِامْرِئٍ بِمِائَةِ وَمِائَةٌ أُجْرَةُ تِلْكَ الْحَجَّةِ فَشَيْءٌ الَّذِي بِهِ الْأَجْرُ كَمَلْ) أَيْ فَيُفْرَضُ أَنَّ مَا يَكْمُلُ بِهِ أُجْرَةُ الْحَجِّ شَيْءٌ فَيَبْقَى ثَلَاثُمِائَةٍ إلَّا شَيْئًا (وَثُلُثُ بَاقٍ) بَعْدَ الشَّيْءِ (مِائَةٌ لَكِنْ نَزَلْ) أَيْ نَقَّصَ مِنْهَا (ثُلُثَ شَيْءٍ وَ) يَصِيرُ (لِحَجٍّ) أَيْ لِلْحَجِّ الْوَاقِعِ (عَنْهُ خَمْسُونَ إلَّا سُدُسَ شَيْءٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي لِقِسْمَتِهِ بَيْنَ الْوَصِيَّتَيْنِ نِصْفَيْنِ (وَهْوَ) أَيْ خَمْسُونَ إلَّا سُدُسَ شَيْءٍ (مَعَ الشَّيْءِ
ــ
[حاشية العبادي]
إذْنِ الْوَارِثِ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكَسْبَ النَّادِرَ لِلْوَارِثِ وَأَنَّ مُؤَنَ النِّكَاحِ تَتَعَلَّقُ بِالْكَسْبِ النَّادِرِ فَالْوَارِثُ أَيْضًا يَتَضَرَّرُ م ر.
(قَوْلُهُ: فِي سُدُسِ الْعَبْدِ) كَذَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ الشَّارِحُ هَكَذَا فِي مِقْدَارِ سُدُسِ الْعَبْدِ بِمَنَافِعِهِ وَهُوَ ثُلُثُ الْمَنْفَعَةِ الْمُوصَى بِهَا فِي الْمُدَّةِ وَقِيلَ يُنْقَصُ مِنْ آخِرِ الْمُدَّةِ سُدُسُهَا، وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْمَنَافِعِ تَخْتَلِفُ بِالْأَوْقَاتِ. اهـ.
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ) لَكِنْ يُقَدَّمُ عَلَى الْوَصَايَا؛ لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ بَعْدَ الْمَوْتِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْآدَمِيِّ فَلَوْ ضَاقَ الثُّلُثُ عَنْهُ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ بِرّ (قَوْلُهُ: عَلَى مَعْرِفَةِ ثُلُثِ الْبَاقِي) أَيْ الْبَاقِي بَعْدَ إخْرَاجِ مَا تَتِمُّ بِهِ أُجْرَةُ الْحَجِّ بِرّ.
(قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ الْمُوصِي (قَوْلُهُ: لِقِسْمَتِهِ) أَيْ ثُلُثِ الْبَاقِي
ــ
[حاشية الشربيني]
إعْتَاقِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ إنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ مُؤَقَّتَةً بِمُدَّةٍ قَرِيبَةٍ قَالَ حَجَرٌ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا دُونَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ سم عَلَى الْمَنْهَجِ
(قَوْلُهُ: احْتَسَبُوا إلَخْ) الْحَاصِلُ كَمَا فِي التُّحْفَةِ وَسم أَنَّهُ إنْ أَوْصَى بِجَمِيعِ الْمَنَافِعِ فَإِنْ كَانَ أَوْصَى بِهِ مُؤَبَّدًا اُعْتُبِرَتْ قِيمَةُ كُلِّ الْعَيْنِ مَعَ مَنْفَعَتِهَا مِنْ الثُّلُثِ أَوْ مُدَّةٍ اُعْتُبِرَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ قِيمَتِهَا مَعَ مَنْفَعَتِهَا، وَقِيمَتِهَا مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ مِنْ الثُّلُثِ، وَإِنْ أَوْصَى بِبَعْضِ الْمَنَافِعِ اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ التَّفَاوُتُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَوْصَى بِالْبَعْضِ مُؤَبَّدًا أَوْ مُؤَقَّتًا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِحَيَاةِ الْمُوصَى لَهُ) فَلِتَعَذُّرِ تَقْوِيمِ الْمَنْفَعَةِ لِلْجَهْلِ بِهَا تَعَيَّنَ تَقْوِيمُ الرَّقَبَةِ بِمَنَافِعِهَا. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ.
(قَوْلُهُ: حُسِبَتْ الْعَشَرَةُ) ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ بِمُؤَجَّلٍ بِأَنَّ يَدَ الْمُشْتَرِي ثَمَّ حَائِلَةٌ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ فِي رَقَبَتِهِ، وَمَنَافِعِهِ فَحُسِبَ كُلُّهُ بِخِلَافِهِ هُنَا. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ
(قَوْلُهُ: مِنْ الْمِيقَاتِ) أَيْ، وَإِنْ وَفَّى الْمَالُ بِهِ، وَإِلَّا وَجَبَ مِنْ حَيْثُ أَمْكَنَ مِنْ دُونِهِ كَمَا اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا هُنَا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ عَلَى مَعْرِفَةِ مَا يَتِمُّ بِهِ) ؛ لِأَنَّ مَا يَتِمُّ بِهِ مِنْ أَصْلِ الْمَالِ فَإِذَا أَخَذْنَاهُ مِنْ الْأَصْلِ نَقَصَ الثُّلُثُ، وَإِذَا نَقَصَ الثُّلُثُ نَقَصَتْ حِصَّةُ الْحَجِّ فَمَا لَمْ يُعْرَفُ الثُّلُثُ لَمْ يُعْرَفْ الْمُكَمَّلُ بِهِ، وَمَا لَمْ يُعْرَفُ الْمُكَمَّلُ بِهِ لَمْ يُعْرَفْ الثُّلُثُ فَيَدُورُ (قَوْلُهُ: فَشَيْءُ الَّذِي إلَخْ) ، وَذَلِكَ الشَّيْءُ يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِ الْمَالِ فَيَكُونُ الْمَالُ الْمُعْتَبَرُ ثُلُثُهُ الْمُنْقَسِمُ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ، وَالْحَجِّ ثَلَاثَمِائَةٍ إلَّا شَيْئًا فَيَكُونُ ثُلُثُهُ مِائَةً إلَّا ثُلُثَ شَيْءٍ كَمَا قَالَ (قَوْلُهُ وَيَصِيرُ لِحَجٍّ إلَخْ) ، وَخَمْسُونَ إلَّا سُدُسَ شَيْءٍ مَعَ الشَّيْءِ الْمُكَمَّلِ بِهِ يَكُونُ خَمْسِينَ، وَخَمْسَةَ أَسْدَاسِ شَيْءٍ فَخَمْسُونَ، وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِ شَيْءٍ تَعْدِلُ مِائَةً الَّتِي هِيَ أُجْرَةُ الْحَجِّ فَخَمْسَةُ أَسْدَاسِ شَيْءٍ تَعْدِلُ خَمْسِينَ فَيَكُونُ الشَّيْءُ الْمُفْرَزُ سِتِّينَ فَعَلِمْنَا أَنَّ الْمُكَمَّلَ بِهِ سِتُّونَ، وَأَنَّ ثُلُثَ
الَّذِي قَدْ كَمَّلَا) بِهِ أُجْرَةُ الْحَجِّ (مِمَّا أَبَنْتُ) أَيْ مِنْ الثَّلَاثِمِائَةِ الَّذِي ذَكَرْتهَا (مِائَةً قَدْ عَدَلَا) أَيْ مَجْمُوعُ ذَلِكَ وَهُوَ خَمْسُونَ وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِ شَيْءٍ يَعْدِلُ مِائَةً أُجْرَةَ الْحَجِّ فَتَسْقُطُ خَمْسِينَ بِخَمْسِينَ (فَخَمْسَةُ الْأَسْدَاسِ) بَعْدَ الْإِسْقَاطِ (لِلْخَمْسِينَا عَادِلَةٌ) أَيْ تَعْدِلُ الْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةَ (وَ) يَكُونُ (شَيْئُنَا) الْمُكَمَّلُ بِهِ (سِتِّينَا فَثُلُثُ الْبَاقِي) بَعْدَهَا (ثَمَانُونَ خَرَجْ النِّصْفُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الثَّمَانِينَ وَهُوَ (مَعَ سِتِّينَ) تَمَامُ الْأُجْرَةِ (لِحَجْ) أَيْ لِلْحَجِّ الْمُوصَى بِهِ وَهِيَ مِائَةٌ
(وَالْحَجُّ) الْوَاجِبُ عَلَى الْمَيِّتِ (أَوْ تَكْفِيرُهُ الْمَالِيُّ) مُرَتَّبًا أَوْ مُخَيَّرًا (أَدَّاهُ) عَنْهُ الْأَجْنَبِيُّ جَوَازًا وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ كَقَضَاءِ دَيْنِهِ (لَا الْإِعْتَاقُ) أَيْ فِي التَّكْفِيرِ وَلَوْ مُرَتَّبًا فَلَا يُؤَدِّيه عَنْهُ لِاجْتِمَاعِ عَدَمِ النِّيَابَةِ وَبَعْدَ إثْبَاتِ الْوَلَاءِ لِلْمَيِّتِ وَلَا ضَرُورَةَ لِسُهُولَةِ التَّكْفِيرِ بِغَيْرِ الْإِعْتَاقِ بِخِلَافِهِ فِي الْمُرَتَّبِ فَقَوْلُهُ (أَجْنَبِيٌّ) فَاعِلُ أَدَّاهُ وَخَرَجَ بِهِ الْوَارِثُ فَيُؤَدِّي عَنْهُ الْإِعْتَاقَ وَغَيْرَهُ لِنِيَابَتِهِ وَبِالْوَاجِبِ الْمَعْلُومِ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ الْحَجِّ النَّفَلُ فَقَدْ تَقَدَّمَ ثَمَّةَ أَنَّ الْوَارِثَ، وَالْأَجْنَبِيَّ إنَّمَا يَأْتِيَانِ بِهِ بِإِيصَاءٍ وَبِالْمَالِيِّ الْبَدَنِيُّ كَالصَّوْمِ لِامْتِنَاعِ النِّيَابَةِ فِيهِ وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضَهُ بِقَوْلِهِ (وَالصَّوْمُ، وَالصَّلَاةُ) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا (مَا إنْ نَفَعَا) بِزِيَادَةِ إنْ أَيْ لَا يَنْفَعَانِ (مَيْتًا) فُعِلَا عَنْهُ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} [النجم: 39] إلَّا رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ عَنْهُ تَبَعًا لَهُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ وَتَقَدَّمَ فِي الصَّوْمِ أَنَّ النَّوَوِيَّ اخْتَارَ الْقَدِيمَ أَنَّهُ يَجُوزُ صَوْمُ الْوَلِيِّ عَنْ الْمَيِّتِ فَيَنْفَعُهُ.
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَلَا يَنْفَعُهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ عَنْهُ لَكِنْ أَفْتَى الْقَاضِي بِجَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ لِلْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَبْرِ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَفِيمَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ لِتَعُودَ الْمَنْفَعَةُ إلَى مَنْ لَهُ الْإِجَارَةُ طُرُقٌ أَحَدُهَا عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّ الْمَيِّتَ كَالْحَاضِرِ فِي شُمُولِ الرَّحْمَةِ النَّازِلَةِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْإِجَارَةِ قَالَ لِأَنَّ مَوْضِعَ الْقِرَاءَةِ مَوْضِعُ بَرَكَةٍ وَتَنْزِلُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَهَذَا مَقْصُودٌ يَنْفَعُ الْمَيِّتَ، وَالثَّانِي أَنْ يَعْقُبَهَا الدُّعَاءُ لِأَنَّ الدُّعَاءَ يَلْحَقُهُ وَهُوَ بَعْدَهَا أَقْرَبُ إجَابَةً وَأَكْثَرُ بَرَكَةً، وَالثَّالِثُ أَنْ يَجْعَلَ أَجْرَهُ الْحَاصِلَ بِقِرَاءَتِهِ لِلْمَيِّتِ فَهُوَ دُعَاءٌ بِحُصُولِ الْأَجْرِ لَهُ فَيَنْتَفِعُ بِهِ فَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ: إنَّ الْقِرَاءَةَ لَا تَصِلُ إلَيْهِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ بَلْ قَالَ السُّبْكِيُّ بَعْدَ حَمْلِهِ كَلَامَهُمْ عَلَى مَا إذَا نَوَى الْقَارِئُ أَنْ يَكُونَ ثَوَابُ قِرَاءَتِهِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: أَوْ تَكْفِيرُهُ الْمَالِيُّ) لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْوَاجِبِ كَأَنَّهُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا وَاجِبًا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْكَفَّارَةِ مَعَ بَحْثٍ لَنَا فِيهِ سم.
(قَوْلُهُ: أَدَّاهُ عِنْدَ الْأَجْنَبِيِّ) قَالَ فِي الْإِسْعَادِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: لِاجْتِمَاعٍ إلَخْ) هَذَا هُوَ التَّعْلِيلُ الصَّحِيحُ دُونَ التَّعْلِيلِ بِسُهُولَةِ التَّكْفِيرِ بِغَيْرِ إعْتَاقٍ الَّذِي بَنَى عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ مَا وَقَعَ لَهُمَا فِي مَحَلٍّ آخَرَ مِمَّا يُخَالِفُ مَا هُنَا.
(قَوْلُهُ: أَجْنَبِيٌّ) وَكَذَا يُؤَدِّي عَنْهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ، وَالْمَالِ بِرّ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِهِ الْوَارِثُ فَيُؤَدِّي) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ مِنْ مَالِهِ أَوْ مَالِ الْمَيِّتِ وَقَوْلُهُ عِنْدَ الْإِعْتَاقِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: تَبَعًا لَهُ) أَيْ الطَّوَافِ (قَوْلُهُ: يَجُوزُ صَوْمُ الْوَلِيِّ)، وَالْأَجْنَبِيِّ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: عَنْ الْمَيِّتِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَفِي الصَّوْمِ عَنْ مَرِيضٍ مَأْيُوسٍ مِنْ بُرْئِهِ وَجْهَانِ قَالَ فِي شَرْحِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ تَشْبِيهًا بِالْحَجِّ وَقَضِيَّتُهُ الْجَوَازُ اهـ.، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْجَوَازِ م ر (قَوْلُهُ: فَهُوَ دُعَاءٌ بِحُصُولِ الْأَجْرِ لَهُ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِجَعْلِ أَجْرِهِ الْحَاصِلِ بِقِرَاءَتِهِ لِلْمَيِّتِ الدُّعَاءُ بِذَلِكَ فَيُفَارِقُ الثَّالِثُ الثَّانِيَ بِأَنَّ الْمَدْعُوَّ بِهِ فِي الثَّانِي لَيْسَ خُصُوصَ جَعْلِ الْأَجْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْبَاقِي ثَمَانُونَ، وَأَنَّ حِصَّةَ الْحَجِّ مِنْهُ أَرْبَعُونَ، وَالْأَرْبَعُونَ مَعَ السِّتِّينَ تَمَامُ أُجْرَةِ الْحَجِّ.
(قَوْلُهُ: مِائَةٌ قَدْ عَدَلَا) قَاعِدَةُ الْجُبْرَانِ يُقَالُ بَعْدَ قِسْمَةِ ثُلُثِ الْبَاقِي، وَضَمِّ الشَّيْءِ لِمَا خَصَّ الْحَجَّةَ صَارَ لَهَا شَيْءٌ وَخَمْسُونَ إلَّا سُدُسَ شَيْءٍ تُعَادِلُ مِائَتَهَا ثُمَّ تُجْبَرُ بِزِيَادَةِ الْمُسْتَثْنَى عَلَى كُلٍّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَتَصِيرُ شَيْءٌ وَخَمْسُونَ تَعْدِلُ مِائَةً، وَسُدُسَ شَيْءٍ ثُمَّ يُقَابَلُ بِطَرْحِ الْخَمْسِينَ وَسُدُسِ شَيْءٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ لِوُقُوعِ الِاشْتِرَاكِ فِيهِمَا فَتَصِيرُ خَمْسُونَ تَعْدِلُ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ شَيْءٍ تُقْسَمُ الْخَمْسِينَ عَلَى خَمْسَةِ أَسْدَاسِ الشَّيْءِ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مِنْ الضَّرْبِ السَّادِسِ بِأَنْ تَضْرِبَ فِي الْمَخْرَجِ، وَهُوَ سِتَّةٌ، وَتَقْسِمَ عَلَى الْبَسْطِ، وَهُوَ خَمْسَةٌ يَخْرُجُ سِتُّونَ، وَهِيَ قَدْرُ الشَّيْءِ الْمُعْتَبَرِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَثُلُثُ الْبَاقِي بَعْدَهُ ثَمَانُونَ تُقْسَمُ بَيْنَ زَيْدٍ، وَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ فَيَخُصُّ كُلًّا أَرْبَعُونَ قَالَ فِي الْيَاسَمِينِيَّةِ
، وَبَعْدَمَا تُجْبَرُ فَالتَّقَابُلْ
…
بِطَرْحِ مَا نَظِيرُهُ يُمَاثِلْ
وَاقْسِمْ عَلَى الْأَمْوَالِ إنْ وَجَدْتَهَا
…
وَاقْسِمْ عَلَى الْأَشْيَاءِ إنْ عَدِمْتَهَا
اهـ.، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ نَاظِرٌ لِمَآلِ الْعَمَلِ بَلْ فِي صَنِيعِهِ إرْشَادٌ لِوَجْهِ اسْتِخْرَاجِ الْمَجْهُولِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ خَمْسُونَ وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِ شَيْءٍ) لِأَنَّك تَحْمِلُ الْخَمْسِينَ بِسُدُسِ الشَّيْءِ يَبْقَى مِنْهُ خَمْسَةُ أَسْدَاسٍ، وَالْقَاعِدَةُ إسْقَاطُ الْمُتَعَادِلَيْنِ كَالْخَمْسِينَ الْمُكَمِّلَةِ، وَالْخَمْسِينَ مِنْ الْمِائَةِ هُنَا
(قَوْلُهُ أَدَّاهُ عَنْهُ) قَالَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ، وَمَا فُعِلَ عَنْهُ بِلَا وَصِيَّةٍ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ إلَّا إنْ عُذِرَ فِي التَّأْخِيرِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُرَتَّبًا) رَدٌّ عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ فِي الْمُرَتَّبِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ م ر (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِهِ الْوَارِثُ) أَمَّا الْقَرِيبُ غَيْرُ الْوَارِثِ فَلَا يُؤَدِّي عَنْهُ الْإِعْتَاقَ بِعَدَمِ النِّيَابَةِ، وَبَعْدَ إثْبَاتِ الْوَلَاءِ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَيَفْعَلُهُ عَنْهُ غَيْرُ الْوَارِثِ لِانْتِفَاءِ مَا ذُكِرَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ صَوْمُ الْوَلِيِّ) ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا. اهـ. نَاشِرِيٌّ، وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الْإِعْتَاقِ، وَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الصَّلَاةِ، وَفِي التُّحْفَةِ أَنَّ لِلْمَالِ فِيهِ مَدْخَلًا كَالْحَجِّ. اهـ.، وَلَعَلَّ مَدْخَلَهُ فِيهِ بِالْإِطْعَامِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ (قَوْلُهُ بَعْدَ حَمْلِهِ كَلَامَهُمْ) أَيْ كَلَامَ الشَّافِعِيِّ، وَغَيْرِهِ أَنَّ الْقِرَاءَةَ لَا تَصِلُ، وَقَوْلُهُ عَلَى مَا إذَا نَوَى إلَخْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إذَا قَرَأَ، وَنَوَى الْمَيِّتَ حَالَ قِرَاءَتِهِ حَصَلَ ثَوَابُهَا لَهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَحْصُلُ مِثْلُ ثَوَابِ الْقَارِئِ
لِلْمَيِّتِ بِغَيْرِ دُعَاءٍ عَلَى أَنَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ بِالِاسْتِنْبَاطِ أَنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ إذَا قُصِدَ بِهِ نَفْعُ الْمَيِّتِ نَفَعَهُ إذْ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْقَارِئَ لَمَّا قَصَدَ بِقِرَاءَتِهِ نَفْعَ الْمَلْدُوغِ نَفَعَتْهُ.
وَأَقَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ بِقَوْلِهِ «وَمَا يَدْرِيَك أَنَّهَا رُقْيَةٌ» وَإِذَا نَفَعَتْ الْحَيَّ بِالْقَصْدِ كَانَ نَفْعُ الْمَيِّتِ بِهَا أَوْلَى انْتَهَى وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ ابْنُ الرِّفْعَةِ (وَلَكِنْ) يَنْفَعُهُ (صَدَقَاتٌ) عَنْهُ (وَدُعَا) لَهُ مِنْ وَارِثٍ وَأَجْنَبِيٍّ بِالْإِجْمَاعِ، وَالْأَخْبَارِ كَخَبَرِ «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ أَوْ عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ» وَخَبَرِ «سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي مَاتَتْ أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا قَالَ نَعَمْ قَالَ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قَالَ سَقْيُ الْمَاءِ» رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَقَالَ تَعَالَى {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ} [الحشر: 10] أَثْنَى عَلَيْهِمْ بِالدُّعَاءِ لِلسَّابِقِينَ قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه وَفِي وُسْعِ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُثِيبَ الْمُتَصَدِّقَ أَيْضًا وَمِثْلُهُ الدَّاعِي بَلْ أَوْلَى وَلَا يَنْفَعُهُ تَضْحِيَةُ غَيْرِهِ عَنْهُ بِغَيْرِ إيصَاءٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْبَغَوِيّ ثُمَّ قَالَا.
وَالْقِيَاسُ تَجْوِيزُهَا لِأَنَّهَا ضَرْبٌ مِنْ الصَّدَقَةِ انْتَهَى وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ فَتَجِبُ نِيَّةُ مَنْ تَقَعُ عَنْهُ
وَ (لَوْ اُسْتُحِقَّ) أَوْ تَلِفَ (ثُلُثَا مَا أُوصِيَا بِثُلْثِهِ فَهْوَ) أَيْ الْمُوصَى بِهِ مِنْ الثُّلُثِ (الَّذِي قَدْ بَقِيَا) فَإِنْ احْتَمَلَهُ ثُلُثُ التَّرِكَةِ نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ فِيهِ إذْ الْمَقْصُودُ إرْفَاقُ الْمُوصَى لَهُ وَإِلَّا فَفِيمَا يَحْتَمِلُهُ ثُلُثُهَا مِنْهُ (وَلَوْ بِجُزْءٍ أَوْ نَصِيبٍ أَوْ بِحَظْ أَوْ سَهْمٍ أَوْ ثُلْثٍ) مِنْ مَالِهِ (سِوَى شَيْءٍ لَفَظْ) أَيْ أَوْصَى (فَاحْمِلْ) كُلًّا مِنْهَا (عَلَى مُمَوَّلٍ أَقَلِّهِ) بِالْجَرِّ بِالْبَدَلِيَّةِ أَيْ عَلَى أَقَلِّ مُمَوَّلٍ حَتَّى يَقْبَلَ تَفْسِيرَهَا بِهِ مِنْ الْوَارِثِ لِوُقُوعِهَا عَلَى الْقَلِيلِ، وَالْكَثِيرِ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَعْطُوهُ كَثِيرًا أَوْ عَظِيمًا مِنْ مَالِي كَمَا فِي الْإِقْرَارِ
(وَ) لَوْ أَوْصَى (بِنَصِيبِ ابْنٍ لَهُ وَمِثْلِهِ) أَيْ أَوْ بِمِثْلِ نَصِيبِهِ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: إنَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ إلَخْ) هَذَا لَا يُنَافِي مَا حُمِلَ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ لِجَوَازِ أَنْ يُرَادَ هُنَا نَفْعُ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ حُصُولِ ثَوَابِ الْقِرَاءَةِ لَهُ كَحُصُولِ الرَّحْمَةِ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ هُنَا النَّفْعُ بِحُصُولِ مَا ذُكِرَ لَمْ يَضُرَّ وَيَكُونُ هَذَا اسْتِدْرَاكًا عَلَى الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: أَنْ يُثِيبَ الْمُتَصَدِّقَ أَيْضًا) يُفِيدُ حُصُولَ ثَوَابِ الصَّدَقَةِ لِلْمَيِّتِ وَكَتَبَ أَيْضًا عِبَارَةَ الرَّوْضِ وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الْمُتَصَدِّقِ شَيْءٌ وَلِهَذَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْعَلَ صَدَقَتَهُ أَيْ يَنْوِ بِهَا عَنْ أَبَوَيْهِ اهـ فَعُلِمَ أَنَّ مَعْنَى نَفْعِ الصَّدَقَةِ لَهُ أَنْ يَصِيرَ كَأَنَّهُ تَصَدَّقَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ وَاسْتِبْعَادُ الْإِمَامِ لَهُ رَدَّهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ ظَاهِرُ السُّنَّةِ وَيُفَارِقُ الدُّعَاءُ بِأَنَّهُ شَفَاعَةٌ أَجْرُهَا لِلشَّافِعِ وَمَقْصُودُهَا لِلْمَشْفُوعِ لَهُ حَجَرٌ.
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الدَّاعِي) يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ فَإِنَّ مَعْنَى نَفْعِ الدُّعَاءِ لَهُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ حُصُولُ الْمَدْعُوِّ بِهِ لَهُ عِنْدَ الْقَبُولِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ عَمَلِ الْمَيِّتِ وَلَا يُسَمَّى ثَوَابًا أَمَّا نَفْسُ الدُّعَاءِ فَثَوَابُهُ لِلدَّاعِي لَا لِلْمَيِّتِ نَعَمْ دُعَاءُ الْوَلَدِ يَحْصُلُ فِيهِ نَفْسُ ثَوَابِ الدُّعَاءِ لِوَالِدِ الْمَيِّتِ لِخَبَرٍ «إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ» السَّابِقِ جَعَلَ دُعَاءَ وَلَدِهِ مِنْ عَمَلِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ مِنْهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ انْقِطَاعِ الْعَمَلِ إذَا أُرِيدَ نَفْسُ الدُّعَاءِ أَمَّا الْمَدْعُوُّ بِهِ فَلَيْسَ مِنْ عَمَلِهِ اهـ (قَوْلُهُ مَنْ يَقَعُ عَنْهُ) أَيْ أَوْ نَائِبِهِ وَلَا يَكُونُ إلَّا بِالْإِيصَاءِ
(قَوْلُهُ: أَوْ تَلِفَ) هَذَا خِلَافُ مَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ أَصْلِهِ فَإِنَّهُ لَمَّا قَرَّرَ مَسْأَلَةَ الِاسْتِحْقَاقِ قَالَ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِ صُبْرَةٍ فَتَلِفَ ثُلُثَاهَا فَلَهُ ثُلُثُ الْبَاقِي أَيْ لَا الْبَاقِي وَإِنْ احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَنَاوَلَتْ التَّالِفَ كَمَا تَنَاوَلَتْ الْبَاقِيَ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ مَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مُخْتَصٌّ بِالْمِثْلِيِّ وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى الْمُتَقَوِّمِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا لَكِنَّ قَوْلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ يَقْتَضِي تَخَالُفَ حُكْمِ التَّلَفِ، وَالِاسْتِحْقَاقِ مُطْلَقًا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مَا أَوْصَيَا بِثُلُثِهِ) فَرْضُهُ فِي الرَّوْضِ فِي عَبْدٍ اُسْتُحِقَّ ثُلُثَاهُ (قَوْلُهُ فَهُوَ الَّذِي قَدْ بَقِيَا) وَقِيلَ يَبْقَى فِي ثُلُثِ الْبَاقِي وَهُوَ تُسْعُ الْكَامِلِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَمِنْهُ يَظْهَرُ بَيَانِيَّةُ مِنْ فِي قَوْلِهِ مِنْ الثُّلُثِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ فَلِلْمُوصَى لَهُ الثُّلُثُ الْبَاقِي اهـ.
(قَوْلُهُ: سِوَى شَيْءٍ) أَوْ سِوَى قَلِيلٍ وَقَوْلُهُ عَلَى مُمَوَّلٍ رَاجِعٌ لِثُلُثٍ وَقَوْلُهُ أَقَلُّهُ خَرَجَ الْمُخْتَصَّاتُ نَظَرًا لِلْعُرْفِ بِرّ
ــ
[حاشية الشربيني]
لِلْمَيِّتِ إنْ كَانَتْ الْقِرَاءَةُ بِحَضْرَتِهِ أَوْ بِنِيَّتِهِ أَوْ بِالدُّعَاءِ يَحْصُلُ ثَوَابُهَا لَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ ثُمَّ قَالَ، وَقَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ إنَّ ثَوَابَ جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ عَنْ الْمَيِّتِ يَحْصُلُ لَهُ حَتَّى الصَّلَاةِ، وَالِاعْتِكَافِ، وَإِنْ كَانَ مَرْجُوحًا عِنْدَنَا. اهـ. وَقَوْلُهُ حَتَّى الصَّلَاةِ أَيْ بِأَنْ يُصَلِّي مَثَلًا، وَيُهْدِيَ ثَوَابَهَا لِلْمَيِّتِ لَا أَنَّهَا كَانَتْ عَلَيْهِ، وَفَعَلَهَا عَنْهُ، وَفِي قَوْلٍ ضَعِيفٍ عِنْدَنَا يَجُوزُ لِلْوَارِثِ فِعْلُهَا عَنْهُ، وَفِي آخَرَ يُخْرِجُ عَنْ كُلِّ صَلَاةٍ مُدًّا (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الَّذِي دَلَّ إلَخْ) فِي هَذَا الِاسْتِنْبَاطِ نَظَرٌ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ. نَاشِرِيٌّ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي حُصُولِ مِثْلِ ثَوَابِ الْقِرَاءَةِ لَا فِي مُجَرَّدِ النَّفْعِ (قَوْلُهُ: إنَّ بَعْضَ الْقُرْآنِ) أَيْ، وَهُوَ الْفَاتِحَةُ لِأَنَّهَا الَّتِي وَقَعَتْ الرُّقْيَا بِهَا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ إلَخْ) مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ
(قَوْلُهُ: بَلْ أَوْلَى) لَعَلَّ وَجْهَ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّ الدُّعَاءَ عِبَادَةٌ فَتَأَمَّلْهُ
(قَوْلُهُ: مِنْ الثُّلُثِ الَّذِي قَدْ بَقِيَا) فَإِنْ كَانَ لَهُ شَيْءٌ غَيْرَ الْمُوصَى بِثُلُثِهِ يُحْتَمَلُ مَعَهُ خُرُوجُهُ مِنْ الثُّلُثِ نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ فِيهِ، وَإِلَّا فَفِيمَا يَحْتَمِلُهُ ثُلُثُهَا كَمَا قَالَ
(قَوْلُهُ: بِنَصِيبِ ابْنٍ لَهُ) أَيْ قَالَ بِنَصِيبِ ابْنِي أَوْ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِي فَقَوْلُهُ لَهُ لَيْسَ مِنْ عِبَارَةِ الْمُوصِي بَلْ بَيَانٌ لِمَعْنَى الْإِضَافَةِ الَّتِي تَرَكَهَا الْحَاوِي؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُ، وَبِنَصِيبِ ابْنٍ، وَمِثْلُهُ. اهـ. وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ
إنْ كَانَ لَهُ ابْنٌ وَارِثٌ وَإِلَّا فَلَا وَإِذَا صَحَّتْ (فَصَحِّحَنْ لَوْلَاهُ) أَيْ الْمُوصَى لَهُ (تِلْكَ الْمَسْأَلَهْ) أَيْ مَسْأَلَةَ الْوَرَثَةِ (وَزِدْ عَلَيْهَا) نَصِيبًا (وَاحِدًا وَادْفَعْهُ لَهْ) فَلَوْ كَانَ لَهُ ابْنُ وَبِنْتٌ وَأَوْصَى بِنَصِيبِ الِابْنِ أَوْ بِمِثْلِ نَصِيبِهِ فَمَسْأَلَةُ الْوَرَثَةِ مِنْ ثَلَاثَةٍ زِدْ عَلَيْهَا اثْنَيْنِ مِثْلَ نَصِيبِ الِابْنِ وَادْفَعْهُمَا لِلْمُوصَى لَهُ أَوْ بِنَصِيبِ الْبِنْتِ أَوْ بِمِثْلِ نَصِيبِهَا زِدْ عَلَى الْمَسْأَلَةِ وَاحِدًا وَادْفَعْهُ لِلْمُوصَى لَهُ وَوَجْهُ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ بِنَصِيبِ ابْنٍ أَنَّ الْمَعْنَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ وَمِثْلُهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ كَثِيرٌ كَيْفَ، وَالْوَصِيَّةُ وَارِدَةٌ عَلَى مَالِ الْمُوصِي إذْ لَيْسَ لِلِابْنِ نَصِيبٌ قَبْلَ مَوْتِهِ وَإِنَّمَا الْغَرَضُ التَّقْدِيرُ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ بَعْدَهُ وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ كَانَ الْمُوصِي بِنَصِيبِهِ مَوْجُودًا أَمْ مُقَدَّرًا وَاحْتَمَلَهُ اللَّفْظُ حَتَّى لَوْ أَوْصَى مَنْ لَهُ ابْنٌ بِنَصِيبِ ابْنٍ ثَانٍ لَوْ كَانَ فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ ابْنَانِ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَلَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ وَلَا ابْنَ لَهُ صَحَّ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ، وَالْكَافِي.
بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ وَلَا ابْنَ لَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَلَوْ أَوْصَى أَبُو ابْنٍ (بِالضِّعْفِ) أَيْ بِضِعْفِ نَصِيبِ ابْنِهِ (زِدْ مِثْلَيْهِ) أَيْ مِثْلَيْ النَّصِيبِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ فَالْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثَيْنِ لِأَنَّ الضِّعْفَ عِبَارَةٌ عَنْ قَدْرِ الشَّيْءِ وَمِثْلِهِ (فِي ضِعْفَيْهِ) أَيْ وَفِي الْوَصِيَّةِ بِضَعْفَيْ نَصِيبِ ابْنِهِ زِدْ عَلَى الْمَسْأَلَةِ (ثَلَاثَ أَمْثَالٍ) لِلنَّصِيبِ فَالْوَصِيَّةُ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الْمَالِ لِأَنَّ ضِعْفَيْ الشَّيْءِ عِبَارَةٌ عَنْ قَدْرِهِ وَمِثْلَيْهِ وَإِنْ شِئْت قُلْت ثَلَاثَةُ أَمْثَالِهِ (وَزِدْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مُصَحِّحِ الْمَسْأَلَةِ (أَرْبَعَةَ الْأَمْثَالِ لِلثَّلَاثِ) أَيْ لِوَصِيَّتِهِ بِثَلَاثَةِ أَضْعَافِ نَصِيبِ ابْنِهِ فَالْوَصِيَّةُ بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْمَالِ وَلَوْ أَوْصَى بِأَرْبَعَةِ أَضْعَافِ نَصِيبِ ابْنِهِ فَالْوَصِيَّةُ بِخَمْسَةِ أَسْدَاسِ الْمَالِ وَهَكَذَا (وَ) لَوْ أَوْصَى (بِنَصِيبِ أَحَدِ الْوُرَّاثِ) لَهُ فَالْمُوصَى بِهِ (أَقَلُّهُ) أَيْ أَقَلُّ نَصِيبٍ مِنْ أَنْصِبَائِهِمْ فَزِدْ عَلَى مَسْأَلَتِهِمْ لَوْلَا الْوَصِيَّةُ مِثْلَ سَهْمِ أَقَلِّهِمْ ثُمَّ اقْسِمْ فَلَوْ كَانَتْ وَرَثَتُهُ ابْنًا وَبِنْتًا.
فَالْمَسْأَلَةُ بِلَا وَصِيَّةٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ زِدْ عَلَيْهَا سَهْمًا فَالْوَصِيَّةُ بِالرُّبُعِ أَوْ زَوْجًا وَأُمًّا وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ فَهِيَ بِالْعَوْلِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ زِدْ عَلَيْهَا سَهْمًا فَالْوَصِيَّةُ بِالتُّسْعِ (وَلَوْ بِجُزْءٍ أُوصِيَا وَجُزْءُ مَا مِنْ بَعْدِهِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ابْنٌ أَصْلًا أَوْ لَهُ ابْنٌ غَيْرُ وَارِثٍ لِكُفْرٍ أَوْ رِقٍّ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ وَلَا ابْنَ لَهُ صَحَّ) مِثْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ بِنَصِيبِ ابْنٍ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْمِثْلِيَّةِ وَحَيْثُ صَحَّ فَالْمُتَّجَهُ كَوْنُ الْوَصِيَّةِ بِالنِّصْفِ لَا بِالْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ عَلَى تَقْدِيرِ الِابْنِ فَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَ مَوْجُودًا بِالْفِعْلِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ قَالَ بِنَصِيبِ ابْنٍ أَوْ بِنَصِيبِ ابْنٍ لِي كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا فَانْظُرْ هَلْ يُشْكِلُ عَلَى تَمْثِيلِهِ الثَّانِي قَوْلُ الْمُصَنِّفِ السَّابِقُ وَبِنَصِيبِ ابْنٍ لَهُ لَكِنْ يُؤَيِّدُهُ عِبَارَةُ الْعُبَابِ فَرَاجِعْهَا.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي التَّهْذِيبِ، وَالْكَافِي) فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ السَّابِقُ وَبِنَصِيبِ ابْنٍ لَهُ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا عَبَّرَ بِقَوْلِهِ بِنَصِيبِ ابْنِي لِأَجْلِ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ إنْ كَانَ لَهُ ابْنٌ وَارِثٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: عِبَارَةٌ عَنْ قَدْرِهِ وَمِثْلَيْهِ) كَأَنْ سَمَّى النِّصْفَ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَلَوْ أَوْصَى بِنَصِيبِ ابْنِهِ صَحَّتْ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِهِ، وَلَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ، وَلَا ابْنَ لَهُ بَطَلَتْ إذْ لَا نَصِيبَ لِلِابْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ، وَلَا ابْنَ لَهُ فَتَصِحُّ، وَكَأَنَّهُ قَالَ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ لِي لَوْ كَانَ. اهـ.، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لَهُ بِنَصِيبِ ابْنٍ، وَلَا ابْنَ لَهُ صَحَّتْ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذِكْرِ مِثْلٍ، وَعَدَمِهِ إلَّا الْخِلَافَ فِي الصِّحَّةِ عِنْدَ حَذْفِهِ الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ بِقَوْلِ الشَّارِحِ، وَوَجْهُ صِحَّةٍ إلَخْ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَوْصَيْت بِنَصِيبِ ابْنٍ لِي، وَبَيْنَ أَوْصَيْت بِنَصِيبِ ابْنِي حَيْثُ صَحَّ الْأَوَّلُ، وَلَا ابْنَ لَهُ دُونَ الثَّانِي حِينَئِذٍ أَنَّ الْإِضَافَةَ تُفِيدُ الْعَهْدَ بِخِلَافِ اللَّامِ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ) ، وَتَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ لَهُ ابْنٌ وَارِثٌ) خَرَجَ الْكَافِرُ، وَالْقَاتِلُ، وَالرَّقِيقُ قَالَ صَاحِبُ الْعُمْدَةِ، وَتَبِعَهُ الْفَقِيهُ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنِ عُجَيْلٍ هَذَا إنْ عَلِمَ الْمُوصِي أَنَّهُ لَا يَرِثُ أَمَّا إذَا كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ يَرِثُهُ فَالْقِيَاسُ صِحَّةُ الْوَصِيَّةِ بِمِثْلِ نَصِيبِهِ لَوْ كَانَ وَارِثًا. اهـ. نَاشِرِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَارِثٌ) فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ابْنُهُ وَارِثًا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ. اهـ. شَرْحُ الْحَاوِي
(قَوْلُهُ: وَوَجْهُ إلَخْ) رَدٌّ لِقَوْلِ الْعِرَاقِيِّينَ، وَتَبِعَهُمْ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِنَصِيبِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ، وَلِهَذَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَعَ عِلْمِهِ مِنْ صِحَّتِهَا بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنِهِ، وَلَوْ قَالَ بِنَصِيبِ وَارِثٍ لَكَانَ أَعَمَّ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ مِثْلِهِ.
(قَوْلُهُ: إنَّ الْمَعْنَى إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ بِأَنْ أَطْلَقَ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ) مِثْلُهُ بِنَصِيبِ ابْنٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَجْهُ الصِّحَّةِ السَّابِقُ.
(قَوْلُهُ: صَحَّ) كَمَا فِي التَّهْذِيبِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنٍ لِي لَوْ كَانَ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ يَأْتِي فِيمَا لَوْ قَالَ بِنَصِيبِ ابْنٍ لِي بِخِلَافِ نَصِيبِ ابْنِي؛ لِأَنَّ الْعَهْدَ يَدُلُّ عَلَى وُجُودِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَبُو ابْنٍ إلَخْ) فَإِنْ كَانَ لَهُ ابْنَانِ فَنِصْفٌ فِي الضِّعْفِ، وَثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ فِي الضِّعْفَيْنِ، وَفِيمَا بَعْدَهُمَا يَزِيدُ وَاحِدًا أَبَدًا فَفِي ثَلَاثَةِ أَضْعَافِ ابْنٍ وَلَهُ ابْنٌ لِوَصِيَّةٍ بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسٍ أَوْ ابْنَانِ هِيَ بِأَرْبَعَةِ أَسْدَاسٍ (تَنْبِيهٌ)
هَلْ هَذَا فِيمَنْ عَرَفَ مَدْلُولَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ أَوْ يَعُمُّ مَنْ تَأَهَّلَ لِمَعْرِفَتِهَا بِأَنْ كَانَ مُخَالِطًا لِأَهْلِ تِلْكَ اللُّغَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا عَمَلًا بِالْمَظِنَّةِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَكَلَامُهُمْ إلَى الثَّانِي أَقْرَبُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي نَظَائِرِ ذَلِكَ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِجُزْءٍ أَوْصَيَا) مَسْأَلَةٌ خَلَفَ ابْنَيْنِ، وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِمِثْلِ نَصِيبِ ابْنَيْهِ إلَّا ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ الْمَسْأَلَةُ مِنْ تِسْعَةٍ لِأَحَدِ ابْنَيْهِ أَرْبَعَةٌ، وَالثَّانِي مِثْلُهُ، وَوَاحِدٌ لِلْمُوصَى لَهُ، وَهُوَ نَصِيبُ أَحَدِ ابْنَيْهِ إلَّا ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ إذَا ضُمَّ إلَى نَصِيبِ الْمُوصَى لَهُ صَارَ أَرْبَعَةً قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ، وَهَذَا حُسْنٌ بَالِغٌ
قَدْ بَقِيَا) أَيْ وَلَوْ أَوْصَى بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ لِوَاحِدٍ وَبِجُزْءٍ مِنْ الْبَاقِي بَعْدَ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ لِآخَرَ (تُجْعَلُ مِثْلَ الْأَسْهُمِ) أَيْ تُجْعَلُ (الْبَقِيَّهْ عَنَيْتُ) الْبَقِيَّةَ (مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّهْ) الْأُولَى كَالسِّهَامِ (وَ) تُجْعَلُ (مَخْرَجًا لِجُزْءٍ بَاقٍ) أَيْ: مَخْرَجَ جُزْءِ الْبَاقِي (جَارِيًا) مَعَهَا (كَالصِّنْفِ) فَتَنْظُرُ بَيْنَهُمَا فِي أَحْوَالِهِمَا مِنْ الِانْقِسَامِ، وَالتَّوَافُقِ، وَالتَّبَايُنِ فَإِنْ انْقَسَمَ الْبَاقِي عَلَى مَخْرَجِ جُزْئِهِ أَخْرَجَ مِنْهُ جُزْءَ الْبَاقِي وَإِنْ لَمْ يَنْقَسِمْ عَلَيْهِ ضَرَبْت الْمُخْرَجَ أَوْ وَفْقَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى (ثُمَّ كَالسِّهَامِ الْبَاقِيَا) أَيْ ثُمَّ تَجْعَلُ الْبَاقِيَ بَعْدَ إخْرَاجِ جُزْئِهِ مَعَ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى كَالسِّهَامِ (وَذَاتُ وَارِثٍ كَصِنْفٍ تَعْتَبِرْ) أَيْ وَتَعْتَبِرُ أَنْتَ مَسْأَلَةَ الْوَرَثَةِ (بَعْدَ زِيَادَةِ النَّصِيبِ إنْ ذِكْرَ) وَبِدُونِهَا إنْ لَمْ يَذْكُرْ كَصِنْفٍ فَإِنْ انْقَسَمَ الْبَاقِي عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ مَعَ النَّصِيبِ إنْ كَانَ فَذَاكَ وَإِلَّا فَتَضْرِبُهَا أَوْ وَفْقَهَا مَعَ النَّصِيبِ فِي مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ.
مِثَالُ الِانْقِسَامِ فِي الْبَاقِي وَبَاقِيه أَوْصَى لِوَاحِدٍ بِالسُّدُسِ وَلِآخَرَ بِخُمُسِ مَا يَبْقَى وَلِآخَرَ بِنَصِيبِ ابْنٍ وَلَهُ ثَلَاثَةُ بَنِينَ مَسْأَلَةُ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى مِنْ سِتَّةٍ يَخْرُجُ مِنْهَا سَهْمٌ لِلْأَوَّلِ يَبْقَى خَمْسَةٌ مُنْقَسِمَةٌ عَلَى مَخْرَجِ جُزْءِ الْبَاقِي وَاحِدٌ مِنْهَا لِلثَّانِي يَبْقَى أَرْبَعَةٌ مُنْقَسِمَةٌ عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ مَعَ النَّصِيبِ وَمِثَالُ التَّبَايُنِ فِيهِمَا أَوْصَى بِالْخُمُسِ وَثُلُثِ مَا يَبْقَى وَبِنَصِيبِ ابْنٍ وَلَهُ ابْنَانِ مَسْأَلَةُ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى مِنْ خَمْسَةٍ يَخْرُجُ مِنْهَا سَهْمٌ يَبْقَى أَرْبَعَةٌ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى مَخْرَجِ جُزْءِ الْبَاقِي وَلَا تُوَافِقْهُ فَتَضْرِبُهُ فِي خَمْسَةٍ تَبْلُغُ خَمْسَةَ عَشَرَ لِلْأَوَّلِ ثَلَاثَةٌ وَلِلثَّانِي أَرْبَعَةٌ يَبْقَى ثَمَانِيَةٌ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ مَعَ النَّصِيبِ وَلَا تُوَافِقُهَا فَاضْرِبْ ثَلَاثَةً فِي خَمْسَةَ عَشَرَ تَبْلُغ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ لِلْأَوَّلِ تِسْعَةٌ وَلِلثَّانِي اثْنَا عَشَرَ يَبْقَى أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ بَيْنَ الِابْنَيْنِ، وَالثَّالِثُ أَثْلَاثًا وَمِثَالُ التَّوَافُقِ فِيهِمَا أَوْصَى بِالْخُمُسِ وَسُدُسِ مَا يَبْقَى وَبِنَصِيبِ ابْنٍ وَلَهُ ثَلَاثَةُ بَنِينَ مَسْأَلَةُ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى مِنْ خَمْسَةٍ يَخْرُجُ مِنْهَا سَهْمٌ يَبْقَى أَرْبَعَةٌ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى مَخْرَجِ جُزْءِ الْبَاقِي لَكِنْ تُوَافِقُهُ بِالنِّصْفِ فَاضْرِبْ نِصْفَهُ فِي الْخَمْسَةِ تَبْلُغْ خَمْسَةَ عَشَرَ لِلْأَوَّلِ ثَلَاثَةٌ وَلِلثَّانِي اثْنَانِ يَبْقَى عَشَرَةٌ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ مَعَ النَّصِيبِ لَكِنْ تُوَافِقُهَا بِالنِّصْفِ فَاضْرِبْ نِصْفَهَا فِي خَمْسَةَ عَشَرَ تَبْلُغْ ثَلَاثِينَ لِلْأَوَّلِ سِتَّةٌ وَلِلثَّانِي أَرْبَعَةٌ يَبْقَى عِشْرُونَ لِلْبَنِينَ الثَّلَاثَةُ، وَالثَّالِثُ أَرْبَاعًا وَمِثَالُ الِانْقِسَامِ فِي الْبَاقِي دُونَ بَاقِيهِ
(أَوْصَى أَبُو ابْنَيْنِ بِرُبُعِ مَا وَجَدْ) لَهُ لِوَاحِدٍ (وَثُلُثِ بَاقٍ) لِآخَرَ (وَنَصِيبِ ابْنِ أَحَدٍ) أَيْ وَاحِدٍ مِنْ ابْنَيْهِ لِثَالِثٍ (أَوَّلَةٌ) أَيْ مَسْأَلَةُ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى (مِنْ أَرْبَعٍ) يَخْرُجُ مِنْهَا لِلْأَوَّلِ سَهْمٌ يَبْقَى ثَلَاثَةٌ مُنْقَسِمَةٌ عَلَى مَخْرَجِ جُزْءِ الْبَاقِي (دَعْ ثُلْثَهْ لِلْبَاقِ) أَيْ اُتْرُكْ مِنْ الْبَاقِي ثُلُثَهُ وَاحِدًا لِلثَّانِي يَبْقَى اثْنَانِ (بَلْ مَسْأَلَةٌ لِلْوَرَثَهْ) أَيْ وَمَسْأَلَةُ الْوَرَثَةِ (ثَلَاثَةٌ حَيْثُ النَّصِيبُ) وَهُوَ وَاحِدٌ (تَبِعَهْ) أَيْ تَبِعَ عَدَدُهَا وَهُوَ اثْنَانِ لَا يَنْقَسِمُ عَلَيْهَا الِاثْنَانِ
ــ
[حاشية العبادي]
مِثْلُ الشَّيْءِ بَعْدَ اعْتِبَارِ قَدْرِهِ فَلَا يَكُونُ الْقَدْرُ مِنْ الْمُسَمَّى وَإِلَّا لَكَانَ الضِّعْفَانِ أَرْبَعَةً بِرّ.
(قَوْلُهُ: مَعَهَا) أَيْ الْبَقِيَّةِ (قَوْلُهُ: جُزْئِهِ) أَيْ الْبَاقِي (قَوْلُهُ: لِوَصِيَّةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِإِخْرَاجٍ وَقَوْلُهُ كَالسِّهَامِ مُتَعَلِّقٌ بِتُجْعَلُ.
(قَوْلُهُ: وَمِثَالُ التَّبَايُنِ فِيهِمَا) أَيْ الْبَاقِي وَبَاقِيهِ وَقَوْلُهُ فَتَضْرِبُهُ أَيْ مُخْرَجُ جُزْءِ الْبَاقِي (قَوْلُهُ: فَاضْرِبْ ثَلَاثَةً) مَسْأَلَةُ الْوَارِثِ مَعَ النَّصِيبِ
(قَوْلُهُ: دَعْ ثُلُثَهُ) أَيْ ثُلُثَ مَا وُجِدَ الْمَنْسُوبُ ذَلِكَ الثُّلُثُ لِلْبَاقِي هَذَا غَايَةُ مَا يُقَالُ فِيهِ وَأَمَّا الَّذِي سَلَكَهُ الشَّارِحُ فَهُوَ حَلُّ مَعْنًى لَا غَيْرُ فَلْيُتَأَمَّلْ بِرّ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَسِوَاهُ غَلَطٌ، وَإِنَّمَا اسْتَفَادَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ فِيمَا نَظُنُّ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فِي مَسْأَلَةِ إنْ كَانَ فِي كُمِّي دَرَاهِمُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَعَبْدِي حُرٌّ فَكَانَ فِيهِ أَرْبَعَةٌ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ رحمه الله قَالَ فِيهَا لَا يُعْتَقُ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْ جُمْلَةِ مَا فِي يَدِهِ دَرَاهِمَ، وَهُوَ جَمْعٌ، وَدِرْهَمٌ لَا يَكُونُ دَرَاهِمَ. اهـ.، وَوَجْهُهُ هُنَا أَنَّ ابْنَ سُرَيْجٍ جَعَلَ إلَّا ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ قَيْدًا فِي مِثْلِ النَّصِيبِ يَعْنِي مِثْلَ النَّصِيبِ خَارِجًا مِنْ ثُلُثِ الْأَصْلِ كَمَا جَعَلَ الشَّافِعِيُّ دَرَاهِمَ قَيْدًا فِي الزَّائِدِ عَلَى الثَّلَاثَةِ اهـ مِنْ طَبَقَاتِ ابْنِ السُّبْكِيّ رحمه الله
(قَوْلُهُ: يَبْقَى ثَلَاثَةٌ) ، وَهِيَ كَالسِّهَامِ، وَمَخْرَجُ الْوَصِيَّةِ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ الثُّلُثُ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَهِيَ كَالصِّنْفِ، وَالسِّهَامُ مُنْقَسِمَةٌ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى ضَرْبٍ، وَقَوْلُهُ يَبْقَى اثْنَانِ، وَهُمَا كَالسِّهَامِ، وَالْوَرَثَةُ مَعَ النَّصِيبِ كَالصِّنْفِ قَالَ فِي بَيَانِ الْفَتَاوَى فِي شَرْحِ الْحَاوِي، وَفِي كَلَامِهِ بَحْثٌ لِأَنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ تَكُونُ حَيْثُ قَيَّدَ النَّصِيبَ بِأَنَّهُ بَعْدَ الْوَصِيَّتَيْنِ، وَلَفْظُهُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَالظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ نَصِيبُ ابْنٍ، وَقَدْ يُرَدُّ بِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ أَنَّ الْمِيرَاثَ الْمُقَدَّرَ بِهِ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْوَصَايَا غَيْرِ الْمُقَدَّرَةِ بِذَلِكَ فَتَأَمَّلْ ثُمَّ قَالَ، وَأَيْضًا الْوَصِيَّةُ إمَّا بِجُزْءٍ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنْ كَانَ بِأَكْثَرَ مِنْ جُزْءٍ وَاحِدٍ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَيَّدَ الثَّانِيَ بِالْبَاقِي أَوْ لَمْ يُقَيِّدْ وَمَا قُيِّدَ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَعَ النَّصِيبِ أَوْ لَا، وَيَخْرُجُ بِهَا الْأَوَّلُ سَوَاءٌ كَانَ مَعَ النَّصِيبِ أَوْ لَا، وَكَذَا الثَّانِي إذَا قُيِّدَ النَّصِيبُ بِأَنَّهُ بَعْدَهُمَا، وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِهَا كَمَا قُلْنَا.
وَأَمَّا الثَّالِثُ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ أَكْثَرَ مِنْ جُزْءٍ، وَلَمْ يُقَيِّدْ الثَّانِيَ بِأَنَّهُ بَعْدَ الْأَوَّلِ فَلَا يَخْرُجُ بِهَا سَوَاءٌ مَعَهُ النَّصِيبُ أَوْ لَا، وَالضَّابِطُ فِي هَذَا أَنْ تَضْرِبَ أَحَدَ الْمُخْرَجَيْنِ فِي الْآخَرِ، وَتَدْفَعَ إلَيْهِمَا جُزْأَهُمَا ثُمَّ الْبَاقِي إنْ انْقَسَمَ عَلَى سِهَامِ الْوَرَثَةِ مَعَ زِيَادَةِ النَّصِيبِ فَذَاكَ، وَإِلَّا ضُرِبَ الْكُلُّ أَوْ الْوَفْقُ فِي الْحَاصِلِ مِنْ
الْبَاقِيَانِ وَلَا يُوَافِقَانِهَا (فَضُرِبَتْ ثَلَاثَةٌ فِي أَرْبَعَهْ) تَبْلُغْ اثْنَيْ عَشَرَ لِكُلٍّ مِنْ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي يَبْقَى سِتَّةٌ لِلِابْنَيْنِ، وَالثَّالِثُ أَثْلَاثًا وَلِذَلِكَ طَرِيقٌ آخَرُ بَيَّنَهُ فِي الْمِثَالِ بِقَوْلِهِ (أَوْ زِدْ عَلَى مَسْأَلَةِ الَّذِي وَرِثْ نَصِيبَهُ) أَيْ نَصِيبَ ابْنٍ يَصِيرُ ثَلَاثَةً (فَنِصْفَهَا) أَيْ ثُمَّ زِدْ عَلَى الْمَسْأَلَةِ مَعَ النَّصِيبِ نِصْفَهَا لِكَوْنِهِ فَوْقَ جُزْءِ الْوَصِيَّةِ الثَّانِيَةِ تَصِيرُ أَرْبَعَةً وَنِصْفًا اُبْسُطْهَا أَنْصَافًا تَبْلُغْ تِسْعَةً (ثُمَّ) زِدْ عَلَى الْمَبْلَغِ (الثُّلُثْ) أَيْ ثُلُثَهُ لِكَوْنِهِ فَوْقَ جُزْءِ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى تَبْلُغُ اثْنَيْ عَشَرَ اقْسِمْهَا كَمَا مَرَّ وَمِثَالُ الِانْقِسَامِ فِي بَاقِي الْبَاقِي دُونَ الْبَاقِي
(أَوْصَى) لِوَاحِدٍ (بِثُلْثٍ) مِنْ مَالِهِ (وَ) لِآخَرَ (بِرُبُعِ مَا فَضَلْ) وَلِآخَرَ (بِنَصِيبِ ابْنٍ أَبُو ابْنَيْنِ) هُوَ فَاعِلُ أَوْصَى (جَعَلْ) أَيْ الْحَاسِبُ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ (مَسْأَلَةً لِثُلُثٍ) أَيْ مَسْأَلَةَ الثُّلُثِ الَّذِي هُوَ الْوَصِيَّةُ الْأُولَى (مِنْ مَخْرَجِهْ) وَهُوَ ثَلَاثَةٌ لِلْأَوَّلِ ثُلُثُهَا (وَمَا تَبَقَّى) وَهُوَ اثْنَانِ لَا يَنْقَسِمُ عَلَى أَرْبَعَةٍ مَخْرَجُ جُزْءِ الْبَاقِي لَكِنَّهُ (ذُو وَفَاقٍ مُتَّجِهْ) بِزِيَادَةِ مُتَّجَهٍ تَكْمِلَةً أَيْ مُوَافِقٌ (لِمَخْرَجِ الرُّبُعِ بِنِصْفٍ فَاضْرِبْ) وَفْقَ الْأَرْبَعَةِ (اثْنَيْنِ فِي ثَلَاثَةٍ) تَبْلُغْ سِتَّةً لِلْأَوَّلِ اثْنَانِ وَلِلثَّانِي وَاحِدٌ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الِابْنَيْنِ، وَالثَّالِثِ أَثْلَاثًا (أَوْ احْسِبْ) عَلَى الطَّرِيقِ الثَّانِي (مَسْأَلَةَ الْإِرْثِ مِنْ اثْنَيْنِ) ثُمَّ (زِدْ) عَلَيْهِمَا (فَرْدًا) أَيْ وَاحِدًا لِلْمُوصَى لَهُ بِالنَّصِيبِ تَبْلُغُ ثَلَاثَةً (فَثُلْثَهُ فَنِصْفَهُ) أَيْ ثُمَّ زِدْ عَلَى الْمَبْلَغِ ثُلُثَهُ تَبْلُغْ أَرْبَعَةً ثُمَّ عَلَى الْمَبْلَغِ الثَّانِي نِصْفَهُ تَبْلُغْ سِتَّةً.
وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (قَدْ) أَيْ فَقَطْ تَكْمِلَةٌ ثُمَّ ذَكَرَ طَرِيقَيْنِ آخَرَيْنِ فِي الْوَصِيَّةِ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ مَعَ نَصِيبٍ أَوْ بِدُونِهِ أَحَدُهُمَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ زِدْ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْإِرْثِيَّهْ مِنْ نَفْسِهَا بِنِسْبَةِ الْوَصِيَّهْ مِنْ فَاضِلِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَلِذَلِكَ طَرِيقٌ آخَرُ بَيَّنَهُ فِي الْمِثَالِ بِقَوْلِهِ إلَخْ) مَعَ قَوْلِهِ بَعْدُ ثُمَّ ذَكَرَ طَرِيقَيْنِ آخَرَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ إذْ قَوْلُ الْمَتْنِ أَوْ زِدْ عَلَى مَسْأَلَةِ الَّذِي وَرِثَ إلَخْ هُوَ عَيْنُ الطَّرِيقَةِ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ أَوْ زِدْ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْجُزْءَ الَّذِي إلَخْ بِرّ (قَوْلُهُ فَنِصْفُهَا ثُمَّ الثُّلُثُ) وَلَوْ عَكَسَ فَزَادَ الثُّلُثَ أَوَّلًا ثُمَّ النِّصْفَ لَكَانَ الْجُمْلَةُ سِتَّةً وَلَيْسَ لَهَا رُبُعٌ، صَحِيحٌ بِرّ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ اثْنَانِ) هُمَا الْمُرَادُ بِالْبَاقِي فِي قَوْلِهِ وَمِثَالُ الِانْقِسَامِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَالْبَاقِي إلَخْ) هُوَ الْمُرَادُ بِبَاقِي الْبَاقِي فِيمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ زِدْ عَلَى الْمَبْلَغِ ثُلُثَهُ) لِكَوْنِهِ فَوْقَ جُزْءِ الْوَصِيَّةِ الثَّانِيَةِ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ عَلَى الْمَبْلَغِ الثَّانِي نِصْفَهُ) لِكَوْنِهِ فَوْقَ جُزْءِ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: مِنْ فَاضِلِ الْمَسْأَلَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِنِسْبَةِ الْوَصِيَّةِ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْمُخْرَجَيْنِ، وَلَفْظُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكُلَّ يَخْرُجُ بِهَا. اهـ. وَيَدْفَعُ كُلَّهُ بِمَا قُلْنَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فِي أَرْبَعَةٍ) هِيَ مَخْرَجُ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ أَوْ زِدْ إلَخْ) قَالَ فِي بَيَانِ الْفَتَاوَى فِي شَرْحِ الْحَاوِي هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مُخْتَصَّةٌ بِمَا تَخْتَصُّ بِهِ الْقَاعِدَةُ السَّابِقَةُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فَحَاصِلُ الْقَاعِدَةِ أَنْ تُصَحِّحَ مَسْأَلَةَ الْوَرَثَةِ، وَتَزِيدَ عَلَيْهَا النَّصِيبَ ثُمَّ تَأْخُذَ الْكَسْرَ الَّذِي فَوْقَ الْجُزْءِ الْمَذْكُورِ آخِرًا، وَتَزِيدَهُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ، وَالنَّصِيبِ ثُمَّ تَأْخُذَ الْكَسْرَ الَّذِي فَوْقَ الْجُزْءِ الَّذِي قَبْلَ ذَلِكَ الْجُزْءِ، وَتَزِيدَهُ عَلَى الْمَجْمُوعِ ثُمَّ تَأْخُذَ الْكَسْرَ الَّذِي فَوْقَ الْجُزْءِ الَّذِي قَبْلَ ذَلِكَ الْجُزْءِ الْآخَرِ، وَعَلَى هَذَا نَزِيدُ النَّصِيبَ، وَنَرْجِعُ الْقَهْقَرَى، وَنَزِيدُ الْكَسْرَ الَّذِي فَوْقَ ذَلِكَ الْجُزْءِ إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى الْوَصِيَّةِ الْأُولَى، وَنَزِيدُ مَا فَوْقَهَا فَلِزَيْدٍ سُدُسٌ، وَلِبِشْرٍ خُمُسُ الْبَاقِي، وَلِبَكْرٍ رُبُعُ الْبَاقِي، وَلِخَالِدٍ ثُلُثُ الْبَاقِي، وَلَسَالِم نَصِيبُ ابْنٍ، وَلَهُ ابْنٌ مَسْأَلَةُ الْوَرَثَةِ مَعَ زِيَادَةِ النَّصِيبِ اثْنَانِ تَزِيدُ النِّصْفَ ثُمَّ الثُّلُثَ ثُمَّ الرُّبُعَ ثُمَّ الْخُمُسَ لِيَصِيرَ سِتَّةً، وَلَك أَنْ تَزِيدَ فِي الْمَسْأَلَةِ نَصِيبًا ثُمَّ تَزِيدُ الثُّلُثَ ثُمَّ تَزِيدُ النِّصْفَ يَعْنِي تَزِيدُ مَا فَوْقَ الْجُزْءِ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا فَأَوَّلًا، وَتُخْرِجُ مِنْهُ الْمَسْأَلَةَ صَحِيحَةً يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ أَوْ زَادَ الْجُزْءَ الَّذِي فَوْقَ جُزْءِ الْوَصِيَّةِ. اهـ. لَكِنْ رَدَّهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ فَانْظُرْهُ
(قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ فَوْقَ جُزْءِ الْوَصِيَّةِ) أَيْ، وَالْقَاعِدَةُ أَنْ يُزَادَ مَا فَوْقَ جُزْءِ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُوجَدُ الْجُزْءُ الْمُوصَى بِهِ مُطَّرِدًا بِخِلَافِ مَا إذَا زِيدَ جُزْءُ الْوَصِيَّةِ فَإِنَّهُ قَدْ لَا يُوجَدُ كَمَا إذَا أَوْصَى بِالثُّلُثِ، وَلَهُ ثَلَاثَةُ بَنِينَ فَإِنَّهُ إذَا زِيدَ الثُّلُثُ كَانَ رُبُعًا بِخِلَافِ مَا إذَا زِيدَ النِّصْفُ كَمَا سَيَأْتِي
(قَوْلُهُ أَوْ زِدْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْحَاوِي أَوْ زَادَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ عَلَيْهَا بِنِسْبَةِ الْوَصِيَّةِ مِنْ بَاقِي مَسْأَلَتِهَا. اهـ. أَيْ أَوْ زَادَ الْمُصَحِّحُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ مِقْدَارًا بِنِسْبَةِ جُزْءِ الْوَصِيَّةِ مِنْ بَاقِي مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ. اهـ. شَرْحٌ فَالْمِقْدَارُ الزَّائِدُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ تَكُونُ جُزْئِيَّتُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا بِأَنْ يَكُونَ نِصْفُهَا أَوْ رُبُعُهَا لَا نِصْفُ أَوْ رُبُعُ عَدَدٍ آخَرَ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ زَادَ مِنْ مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ بَعْدَ النَّصِيبِ إنْ كَانَ عَلَيْهَا بِنِسْبَةِ الْوَصِيَّةِ مِنْ بَاقِي مَسْأَلَتِهَا إلَيْهِ أَيْ إلَى
الْمَسْأَلَةِ الَّتِي لِذِي) أَيْ لِهَذِهِ الْوَصِيَّةِ فَلَوْ أَوْصَى أَبُو ثَلَاثَةِ بَنِينَ بِالثُّلُثِ فَمَسْأَلَةُ الْوَصِيَّةِ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَنِسْبَةُ جُزْئِهَا وَهُوَ وَاحِدٌ إلَى الْفَاضِلِ بَعْدَهُ وَهُوَ اثْنَانِ نِصْفٌ فَزِدْ عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ نِصْفَهَا تَبْلُغْ أَرْبَعَةً وَنِصْفًا اُبْسُطْهَا أَنْصَافًا تَصِرْ تِسْعَةً لِلْمُوصَى لَهُ ثَلَاثَةٌ وَلِكُلِّ ابْنٍ سَهْمَانِ أَوْ بِالثُّلُثَيْنِ فَمَسْأَلَةُ الْوَصِيَّةِ مِنْ ثَلَاثَةٍ أَيْضًا وَنِسْبَةُ جُزْئِهَا وَهُوَ اثْنَانِ إلَى الْفَاضِلِ بَعْدَهُ وَهُوَ وَاحِدٌ مِثْلَانِ فَزِدْ عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ مِثْلَيْهَا تَبْلُغْ تِسْعَةً لِلْمُوصَى لَهُ سِتَّةٌ وَلِكُلِّ ابْنٍ سَهْمٌ أَوْ بِالثُّلُثِ، وَالرُّبُعِ فَمَسْأَلَةُ الْوَصِيَّةِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَنِسْبَةُ جُزْئِهَا وَهُوَ سَبْعَةٌ إلَى الْفَاضِلِ بَعْدَهُ وَهُوَ خَمْسَةٌ مِثْلٌ وَخُمُسَاهُ فَزِدْ عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ مِثْلَهَا وَخُمُسَيْهَا تَبْلُغُ سَبْعَةً وَخُمُسًا اُبْسُطْهَا أَخْمَاسًا تَصِرْ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ اثْنَا عَشَرَ وَبِالرُّبُعِ تِسْعَةٌ تَبْقَى خَمْسَةَ عَشَرَ بَيْنَ الْبَنِينَ الثَّلَاثَةِ.
ثَانِيهِمَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ زِدْ عَلَى الْمَسْأَلَةِ) الْإِرْثِيَّةِ (الْجُزْءَ الَّذِي مِنْ فَوْقِ أَجْزَاءِ الْوَصَايَا لِلرُّبُعِ) أَيْ فَلِلرُّبُعِ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: اُبْسُطْهَا أَنْصَافًا) وَكَأَنَّ الْمَتْنَ إنَّمَا لَمْ يَذْكُرْ الْبَسْطَ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ وُجُودِ الْكَسْرِ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْبَاقِي، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ بِمَعْنَى إلَى أَيْ بِنِسْبَةِ جُزْءِ الْوَصِيَّةِ إلَى بَاقِي مَسْأَلَتِهَا. اهـ. مِنْ الشَّرْحِ أَيْضًا، وَقَدْ جَرَى الشَّارِحُ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَخِيرِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ زِدْ إلَخْ) هَذِهِ الطَّرِيقَةُ، وَاَلَّتِي بَعْدَهَا مُخْتَصَّتَانِ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْوَصِيَّةُ إلَّا بِجُزْءٍ وَاحِدٍ، وَبِجُزْءٍ مَعَ نَصِيبِ ابْنٍ أَوْ ابْنَيْنِ فَصَاعِدًا. اهـ. طَاوُوسِيٌّ فِي تَعْلِيقَتِهِ عَلَى الْحَاوِي لَكِنْ قَالَ صَاحِبُ بَيَانِ الْفَتَاوَى عَلَى الْحَاوِي إنَّ مَا قِيلَ: إنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ الْأُولَى تَخْتَصُّ بِمَا إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِجُزْءٍ فَقَطْ أَوْ مَعَ نَصِيبٍ، وَأَكْثَرَ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِالرُّبُعِ، وَثُلُثِ الْبَاقِي، وَنَصِيبِ ابْنٍ، وَلَهُ ابْنَانِ يَضْرِبُ أَحَدَ الْمُخْرَجَيْنِ فِي الْآخَرِ إذْ بَيْنَهُمَا مُبَايَنَةٌ يَصِيرُ اثْنَيْ عَشَرَ، وَجُزْءُ الْوَصِيَّةِ الَّذِي هُوَ الرُّبُعُ، وَثُلُثُ الْبَاقِي سِتَّةٌ، وَنِسْبَةُ الْأُولَى إلَى الثَّانِيَةِ مِثْلِيَّةٌ فَتَزِيدُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ مَعَ زِيَادَةِ النَّصِيبِ مِثْلَهَا تَصِيرُ سِتَّةً لِصَاحِبِ الرُّبُعِ وَاحِدٌ وَنِصْفٌ، وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَاحِدٌ وَنِصْفٌ، وَلِصَاحِبِ النَّصِيبِ، وَكُلِّ ابْنٍ وَاحِدٌ، وَلَوْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ، وَبِالرُّبُعِ، وَبِنَصِيبِ ابْنٍ، وَلَهُ أَرْبَعَةُ بَنِينَ فَجُزْءُ الْوَصِيَّةِ سَبْعَةٌ، وَنِسْبَتُهُ إلَى الْبَاقِي، وَهُوَ خَمْسَةٌ مِثْلُهَا أَوْ خُمُسَاهَا فَيَزِيدُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ مَعَ النَّصِيبِ مِثْلُهَا، وَخُمُسَاهَا لِتَصِيرَ اثْنَيْ عَشَرَ، وَمِنْ هَذَا عَلِمْت أَنَّ الْقَاعِدَةَ تَشْمَلُ الْجُزْءَ الْوَاحِدَ، وَأَكْثَرَ سَوَاءٌ قَيَّدَ الثَّانِي أَيْ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْبَاقِي أَوْ لَمْ يُقَيِّدْ.
وَقَالَ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ أَيْضًا عَامَّةٌ فِيمَا إذَا كَانَ كَسْرٌ أَوْ أَكْثَرُ سَوَاءٌ مَعَ النَّصِيبِ أَوْ لَا لَكِنْ إذَا قَيَّدَ الْكَسْرَ الثَّانِيَ بِالْبَاقِي، وَمَا قِيلَ: إنَّهَا تَخْتَصُّ بِمَا إذَا كَانَ كَسْرًا وَاحِدًا سَوَاءٌ مَعَ النَّصِيبِ أَوْ لَا فَفِيهِ ضَعْفٌ بَلْ يَخْرُجُ بِهَا الْمُتَعَدِّدُ الْمُقَيَّدُ الثَّانِي بِالْبَاقِي لَا يُقَالُ هَذِهِ هِيَ الَّتِي مَرَّتْ فِي قَوْلِهِ أَوْ زَادَ عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ نَصِيبًا ثُمَّ نِصْفَهُ ثُمَّ ثُلُثَهُ لِأَنَّا نَقُولُ مَا ذُكِرَ أَوَّلًا لَمْ يَكُنْ عَامًّا كُلِّيًّا بِخِلَافِ هَذِهِ، وَأَيْضًا مَا ذُكِرَ أَوَّلًا بَيَانٌ أَنَّهُ يَزِيدُ مَا فَوْقَ الْآخِرِ أَوَّلًا ثُمَّ يَزِيدُ مَا فَوْقَ مَا قَبْلَ الْآخِرِ أَوَّلًا ثُمَّ يَزِيدُ مَا قَبْلَ الْآخِرِ، وَهَذِهِ أَعَمُّ فَيَجُوزُ فِي قَوْلِهِ بِالرُّبُعِ، وَثُلُثِ الْبَاقِي، وَنَصِيبِ ابْنٍ، وَلَهُ ابْنَانِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ وَاحِدًا لِيَصِيرَ ثَلَاثَةً ثُمَّ يَزِيدَ ثُلُثَهَا، وَهُوَ مَا فَوْقَ الرُّبُعِ ثُمَّ يَزِيدَ مَا فَوْقَ الثُّلُثِ، وَهُوَ النِّصْفُ لِيَصِيرَ سِتَّةً، وَيَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ مَا فَوْقَ الثُّلُثِ، وَهُوَ النِّصْفُ ثُمَّ يَزِيدَ مَا فَوْقَ الرُّبُعِ، وَهُوَ الثُّلُثُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ بِالْوَجْهِ الثَّانِي فَقَطْ. اهـ. رحمه الله، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَخْرُجَ النَّصِيبُ صَحِيحًا مُطَّرِدًا، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِجُزْءٍ وَاحِدٍ فَقَطْ أَوْ مَعَ نَصِيبِ ابْنٍ أَوْ ابْنَيْنِ فَصَاعِدًا فَصَحَّ مَا قَالَهُ صَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَأَمَّا مَا قَالَهُ صَاحِبُ بَيَانِ الْفَتَاوَى فِي الثَّانِيَةِ فَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ لَا رُبُعٌ صَحِيحٌ حِينَئِذٍ فَصَحَّ مَا قَالَهُ صَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ فِيهَا، وَيَكُونُ هُوَ الْفَارِقُ بَيْنَهَا، وَبَيْنَ مَا مَرَّ، وَيُصَرِّحُ بِمَا قُلْنَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ قَوْلُ الشَّارِحِ ثُمَّ ذَكَرَ طَرِيقَيْنِ آخَرَيْنِ فِي الْوَصِيَّةِ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ مَعَ نَصِيبٍ أَوْ دُونِهِ حَيْثُ خَصَّهُمَا بِالْوَصِيَّةِ بِجُزْءٍ فَقَطْ مَعَ نَصِيبِ أَوْ دُونَهُ، وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ بَيَانُ كَيْفِيَّةِ الِاسْتِخْرَاجِ إذَا كَانَ مَعَ الْوَصِيَّةِ بِالْجُزْءِ وَصِيَّةٌ بِجُزْءِ الْبَاقِي نَعَمْ قَدْ يُقَالُ إنَّ الطَّرِيقَةَ الثَّانِيَةَ بَعْضُ الطَّرِيقَةِ السَّابِقَةِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ أَوْصَى أَبُو ثَلَاثَةِ بَنِينَ بِالثُّلُثِ إلَخْ) وَلَوْ أَوْصَى بِالثُّلُثِ، وَبِنَصِيبِ ابْنٍ فَزِدْ عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ مَعَ النَّصِيبِ نِصْفَهَا أَيْضًا تَبْلُغْ سِتَّةً لِلْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ اثْنَانِ، وَلِلْوَرَثَةِ مَعَ النَّصِيبِ أَرْبَعَةٌ، أَوْ وَبِنَصِيبِ ابْنَيْنِ فَزِدْ عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ مَعَ النَّصِيبِ، وَهِيَ خَمْسَةٌ نِصْفَهَا تَبْلُغْ سَبْعَةً، وَنِصْفًا اُبْسُطْهَا أَنْصَافًا تَبْلُغْ خَمْسَةَ عَشَرَ لِلْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ خَمْسَةٌ، وَلِلْوَرَثَةِ مَعَ النَّصِيبَيْنِ عَشَرَةٌ، وَهَكَذَا.
(قَوْلُهُ: الْجُزْءَ الَّذِي مِنْ فَوْقِ إلَخْ) أَيْ الْجُزْءَ الْأَعْظَمَ مِنْ جُزْءِ الْوَصِيَّةِ بِمَرْتَبَةٍ
بِهِ (زِدْ ثُلُثًا وَ) زِدْ (النِّصْفَ لِلثُّلْثِ) الْمُوصَى بِهِ فَلَوْ أَوْصَى أَبُو ثَلَاثَةِ بَنِينَ بِالرُّبُعِ فَزِدْ عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ ثُلُثَهَا لِأَنَّهُ فَوْقَ الرُّبُعِ تَبْلُغْ أَرْبَعَةً أَوْ بِالثُّلُثِ فَزِدْ عَلَيْهَا نِصْفَهَا لِأَنَّهُ فَوْقَ الثُّلُثِ تَبْلُغْ أَرْبَعَةً وَنِصْفًا اُبْسُطْهَا كَمَا مَرَّ أَوْ بِالثُّلُثَيْنِ فَزِدْ عَلَيْهَا مِثْلَيْهَا كَنَظِيرِهِ مِنْ الْإِقْرَارِ تَبْلُغْ تِسْعَةً أَوْ بِالثُّلُثِ، وَالرُّبُعِ فَهُمَا سَبْعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ فَعَلَى نَظِيرِهِ مِنْ الْإِقْرَارِ تَنْتَهِي بِالِارْتِقَاءِ سَبْعَ مَرَّاتٍ إلَى الْخَمْسِ فَزِدْ عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ سَبْعَةَ أَخْمَاسِهَا وَابْسُطْ الْمَجْمُوعَ أَخْمَاسًا تَبْلُغْ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ فَإِنْ كَانَ مَعَ الْوَصِيَّةِ بِجُزْءِ الْمَالِ وَصِيَّةٌ بِجُزْءِ الْبَاقِي فَبِالطَّرِيقِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ زِدْ عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ مِنْهَا بِنِسْبَةِ جُزْءِ الْبَاقِي إلَى بَاقِي مَخْرَجِهِ ثُمَّ عَلَى الْمَبْلَغِ مِنْهُ بِنِسْبَةِ جُزْءِ الْمَالِ إلَى بَاقِي مَخْرَجِهِ وَبِالثَّانِي زِدْ عَلَيْهَا مِنْهَا الْجُزْءَ الَّذِي فَوْقَ جُزْءِ الْبَاقِي ثُمَّ عَلَى الْمَبْلَغِ مِنْهُ الْجُزْءَ الَّذِي فَوْقَ جُزْءِ الْمَالِ فَلَوْ أَوْصَى أَبُو ثَلَاثَةِ بَنِينَ بِثُلُثِ مَالِهِ وَرُبُعِ الْبَاقِي فَبِالْأَوَّلِ زِدْ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْوَرَثَةِ ثُلُثُهَا بِنِسْبَةِ وَاحِدٍ إلَى الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ مَخْرَجِ الرُّبُعِ تَبْلُغْ أَرْبَعَةً ثُمَّ عَلَى الْمَبْلَغِ نِصْفَهُ بِنِسْبَةِ وَاحِدٍ إلَى اثْنَيْنِ تَبْلُغْ سِتَّةً وَمِنْهَا تَصِحُّ وَبِالثَّانِي زِدْ عَلَيْهَا ثُلُثَهَا تَبْلُغْ أَرْبَعَةً ثُمَّ عَلَى الْأَرْبَعَةِ نِصْفَهَا تَبْلُغْ سِتَّةً وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (تَبِعْ) بِكَسْرِ ثَانِيهِ فِعْلٌ، وَالْجُمْلَةُ حَالٌ وَبِفَتْحِهِ اسْمٌ مَنْصُوبٌ بِالْحَالِيَّةِ وَوَقَفَ عَلَيْهِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ وَهُوَ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ تَكْمِلَةٌ وَيَجُوزُ رَفْعُهُ وَرَفْعُ النِّصْفِ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَالْخَبَرِ
وَلَوْ مَاتَ (أَبُو ثَلَاثَةٍ) مِنْ الْبَنِينَ (أُولِي اسْتِحْقَاقِ) فِي الْإِرْثِ (وَ) قَدْ أَوْصَى (بِنَصِيبِ ابْنٍ) لِوَاحِدٍ (وَسُدُسِ الْبَاقِي) بَعْدَ النَّصِيبِ لِآخَرَ فَقُلْ (الْمَالُ سِتٌّ وَنَصِيبٌ) فَالنَّصِيبُ لِلْأَوَّلِ وَسَهْمٌ مِنْ السِّتَّةِ لِلثَّانِي (فَبَقِيَ) بَعْدَ الْوَصِيَّتَيْنِ (خَمْسٌ) تُقَسَّمُ (عَلَى ثَلَاثَةٍ) عَدَدِ الْبَنِينَ (لَمْ يَلِقْ) بِهَا صِحَّةً وَلَا وَفْقًا (فَاضْرِبْ إذَنْ ثَلَاثَةً فِي سِتَّهْ) تَبْلُغْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ غَيْرَ النَّصِيبِ الْمَجْهُولِ سُدُسُهَا لِلثَّانِي يَبْقَى خَمْسَةَ عَشَرَ لِلْبَنِينَ الثَّلَاثَةِ لِكُلٍّ مِنْهُمْ خَمْسَةٌ (فَخَمْسَةً بَانَ النَّصِيبُ الْبَتَّهْ زِدْهُ عَلَى الْحَاصِلِ) وَهُوَ الثَّمَانِيَةُ عَشَرَ (كَيْ يَكُونَا) أَيْ الْمَجْمُوعُ (ثَلَاثَةً مِنْ بَعْدِهَا عِشْرُونَا) لِلثَّانِي ثَلَاثَةٌ، وَالْبَاقِي بَيْنَ الْأَوَّلِ، وَالْبَنِينَ أَرَبَاعًا
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فَزِدْ عَلَيْهَا مِثْلَيْهَا) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَاعِدَةَ مَعْرِفَةِ مَا فَوْقَ الْكَسْرِ أَنْ تُسْقِطَ مِنْ مَقَامِ الْمُكَسَّرِ الْمَفْرُوضِ بَسْطَهُ وَتَنْسُبَ الْبَسْطَ إلَى الْبَاقِي فَالْحَاصِلُ بِالنِّسْبَةِ هُوَ مَا فَوْقَ الْكَسْرِ فَمَقَامُ الثُّلُثَيْنِ ثَلَاثَةٌ وَبَسْطُهَا اثْنَانِ وَنِسْبَتُهُمَا إلَى الْبَاقِي وَهُوَ وَاحِدٌ مِثْلَانِ وَإِذَا أَجْرَيْتَ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ صُورَةَ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ، وَالرُّبُعِ فَقُلْ مَقَامُ الثُّلُثِ، وَالرُّبُعِ اثْنَا عَشَرَ وَبَسْطُهُمَا مِنْهُ سَبْعَةٌ وَنِسْبَتُهُمَا إلَى بَاقِيهِ وَهُوَ خَمْسَةٌ مِثْلُ وَخُمُسَانِ وَإِذَا زِدْنَا عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ مِثْلَهَا وَهِيَ ثَلَاثَةٌ وَخُمُسَهَا وَهُمَا وَاحِدٌ وَخُمُسٌ بَلَغَتْ سَبْعَةٌ وَخُمُسًا تَبْسُطُهَا أَخْمَاسًا تَبْلُغُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ سم.
(قَوْلُهُ: تَنْتَهِي بِالِارْتِقَاءِ سَبْعَ مَرَّاتٍ إلَى الْخَمْسِ) وَذَلِكَ بِأَنْ تَرْتَقِيَ إلَى سَبْعَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ ثُمَّ إلَى سَبْعَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ عَشْرَةٍ وَهَكَذَا إلَى سَبْعَةِ أَجْزَاءٍ مِنْ خَمْسَةٍ فَتَبْسُطُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَمْسَةِ سَبْعَةَ أَجْزَاءٍ يَبْلُغُ ذَلِكَ خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ خُمُسُهَا سَبْعَةُ أَجْزَاءٍ كَتَبْتُهُ تَذْكِرَةً بِرّ
ــ
[حاشية الشربيني]
فَلِلْعُشْرِ يَزِيدُ التُّسْعَ، وَلَهُ الثُّمُنُ، وَلَهُ السُّبُعُ، وَلَهُ السُّدُسُ، وَلَهُ الْخُمُسُ، وَلَهُ الرُّبُعُ، وَلَهُ الثُّلُثُ، وَلَهُ النِّصْفُ، وَلَهُ الْمِثْلُ. اهـ. شَرْحُ الْحَاوِي (قَوْلُهُ كَنَظِيرِهِ مِنْ الْإِقْرَارِ) أَيْ فِيمَا إذَا قَالَ لَك أَلْفٌ، وَثُلُثَا مَا عِنْدِي لِزَيْدٍ، وَلِزَيْدِ عَلَيَّ أَلْفٌ، وَثُلُثَا مَا عِنْدِي لَك فَإِنَّهُ يَرْتَقِي إلَى مَا فَوْقَ الثُّلُثِ بِمَرْتَبَتَيْنِ إذْ عَدَدُ الْكَسْرِ اثْنَانِ، وَمَا فَوْقَهُ بِمَرْتَبَتَيْنِ هُوَ الْمِثْلُ؛ لِأَنَّ مَا فَوْقَ الثُّلُثِ النِّصْفُ، وَمَا فَوْقَ النِّصْفِ الْمِثْلُ، وَيَزِيدُ الْمِثْلُ عَلَى الْأَلْفِ مَرَّتَيْنِ فَيَصِيرُ لِكُلٍّ ثَلَاثَةُ آلَافٍ، وَصَدَقَ لِكُلٍّ أَلْفٌ، وَثُلُثَا مَا لِلْآخَرِ كَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ. اهـ. وَقَوْلُهُ، وَصَدَقَ إلَخْ إشَارَةٌ لِعِلَّةِ الِارْتِقَاءِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَصْدُقُ مَا ذُكِرَ إلَّا بِهِ، وَكَذَلِكَ مَا ذَكَرُوهُ هُنَا مِنْ الِارْتِقَاءِ إلَى مَا فَوْقَ جُزْءِ الْوَصِيَّةِ إذْ لَا يَصْدُقُ الْوَصِيَّةُ بِالْجُزْءِ الْمَذْكُورِ إلَّا بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَعَلَى نَظِيرِهِ مِنْ الْإِقْرَارِ) ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الِارْتِقَاءُ بِعَدَدِ الْأَجْزَاءِ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ.
(قَوْلُهُ: فَزِدْ عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ سَبْعَةَ أَخْمَاسِهَا) مَسْأَلَةُ الْوَرَثَةِ ثَلَاثَةٌ، وَسَبْعَةُ أَخْمَاسِهَا وَاحِدٌ وَعِشْرُونَ لِأَنَّك إذَا جَعَلْتهَا أَخْمَاسًا تَبْلُغْ خَمْسَةَ عَشَرَ خُمُسًا، وَأَخْمَاسُ الثَّلَاثَةِ مِنْهَا ثَلَاثَةُ أَخْمَاسٍ، وَسَبْعَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِوَاحِدٍ وَعِشْرِينَ، وَإِذَا بَسَطْتَ الثَّلَاثَةَ مِنْ جِنْسِ الْخُمْسِ، وَضَمَمْتهَا إلَى الْوَاحِدِ وَعِشْرِينَ كَانَ الْمَجْمُوعُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ كَمَا قَالَ لَكِنْ كَانَ أَوْلَى أَنْ يَقُولَ، وَابْسُطْ الثَّلَاثَةَ أَخْمَاسًا يَبْلُغْ الْمَجْمُوعُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ كَمَا ذَكَرْنَا، لِإِيهَامِ عِبَارَتِهِ بَسْطُ الْمَجْمُوعِ مِنْ السَّبْعَةِ أَخْمَاسٍ وَمَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ مَعَ أَنَّ الْمُحْتَاجَ إلَى الْبَسْطِ إنَّمَا هُوَ مَسْأَلَةُ الْوَرَثَةِ فَقَطْ فَلَعَلَّهَا الْمُرَادُ بِالْمَجْمُوعِ، وَلِذَا لَمْ يُعَبِّرْ بِالْجَمِيعِ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: زِدْ عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ مِنْهَا إلَخْ) فَالزِّيَادَةُ هُنَا أَيْضًا تَكُونُ مِنْ الْأَخِيرِ مَعَ الرُّجُوعِ الْقَهْقَرَى (قَوْلُهُ وَبِالثَّانِي زِدْ عَلَيْهَا مِنْهَا) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ مِنْهَا هُنَا تَأَمَّلْ ثُمَّ إنَّ الْوَصِيَّةَ بِجُزْءِ الْبَاقِي مَعَ جُزْءِ الْمَالِ، وَالْعَمَلَ فِيهَا بِالطَّرِيقِ الثَّانِي قَدْ تَقَدَّمَا فِي قَوْلِهِ أَوْصَى أَبُو ابْنَيْنِ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَقَدْ أَوْصَى بِنَصِيبِ ابْنٍ إلَخْ) ، وَلَوْ أَوْصَى لِأَحَدٍ بِنَصِيبِ ابْنٍ، وَلِآخَرَ بِآخَرَ، وَبِثُمُنِ مَا يَبْقَى بَعْدَ النَّصِيبَيْنِ، وَلَهُ أَرْبَعَةُ بَنِينَ عُلِمَ أَنَّ مَالَهُ ثَمَانِيَةٌ، وَنَصِيبَانِ فَيَبْقَى مِنْ ثَمَانِيَةٍ بَعْدَ إخْرَاجِ الثُّمُنِ سَبْعَةٌ لَا تَصِحُّ عَلَى أَرْبَعَةٍ، وَبَيْنَهُمَا تَبَايُنٌ فَتَضْرِبُ أَرْبَعَةً فِي ثَمَانِيَةٍ تَبْلُغْ اثْنَيْنِ، وَثَلَاثِينَ لِصَاحِبِ الثُّمُنِ أَرْبَعَةٌ، وَلِكُلِّ ابْنٍ سَبْعَةٌ فَعُلِمَ أَنَّ الْمَالَ سِتَّةٌ، وَأَرْبَعُونَ لِزِيَادَةِ نَصِيبَيْنِ عَلَى اثْنَيْنِ، وَثَلَاثِينَ، وَعَلَى هَذَا قِيَاسُ غَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: فَقُلْ الْمَالُ سِتٌّ، وَنَصِيبٌ) أَيْ قُلْ دَفْعًا لِلدَّوْرِ مَالُ الْمَرِيضِ سِتَّةٌ، وَنَصِيبٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
لِكُلٍّ خَمْسَةٌ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَلْبَتَّةَ تَكْمِلَةٌ ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ قِسْمَةِ الثُّلُثِ إذْ زَادَ عَلَيْهِ الْمُوصَى بِهِ وَرَّدَ الْوَارِثُ الزَّائِدَ بِطَرِيقَتَيْنِ فَقَالَ (إنْ رُدَّ زَائِدٌ) أَيْ وَإِنْ رَدَّ الْوَارِثُ الزَّائِدَ (عَلَى الثُّلْثِ اقْسِمْ ثُلْثًا) بَيْنَ الْمُوصَى لَهُمْ (عَلَى نِسْبَةِ تِلْكَ الْأَسْهُمِ) الَّتِي لَهُمْ (لَوْ قَدْ أُجِيزَ) لَهُمْ (أَوْ نَقَصْتَ) أَنْتَ (اجْمَعَا) أَيْ كُلًّا مِنْ الْمُوصَى لَهُمْ عَنْ نَصِيبِهِ بِتَقْدِيرِ الْإِجَازَةِ (نِسْبَةَ) أَيْ بِنِسْبَةِ (نَقْصِ الثُّلْثِ عَنْ كُلٍّ) أَيْ كُلِّ الْمُوصَى بِهِ.
وَزَادَ (مَعًا) بِمَعْنَى جَمِيعًا تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِكُلٍّ الْكُلُّ الْمَجْمُوعِيُّ لَا الْإِفْرَادِيُّ فَلَوْ أَوْصَى أَبُو ابْنٍ لِوَاحِدٍ بِنِصْفِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِثُلُثِهِ وَرَّدَ الِابْنُ الزَّائِدَ عَلَى الثُّلُثِ فَمَسْأَلَةُ الْوَصِيَّةِ بِتَقْدِيرِ الْإِجَازَةِ مِنْ سِتَّةٍ لِلْأَوَّلِ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ وَلِلثَّانِي اثْنَانِ وَبِتَقْدِيرِ الرَّدِّ إنْ عَمِلْتَ بِالطَّرِيقِ الْأَوَّلِ اقْسِمْ الثُّلُثَ عَلَيْهِمَا أَخْمَاسًا وَلَا خُمُسَ لَهُ فَاضْرِبْ مَخْرَجَهُ فِي مَخْرَجِ الْخُمُسِ تَبْلُغْ خَمْسَةَ عَشَرَ اقْسِمْ ثُلُثَهُ خَمْسَةً عَلَيْهِمَا أَخْمَاسًا ثَلَاثَةٌ لِلْأَوَّلِ وَاثْنَانِ لِلثَّانِي، وَالْبَاقِي عَشَرَةٌ لِلِابْنِ أَوْ بِالثَّانِي اُنْقُصْ كُلًّا مِنْهُمَا عَنْ نَصِيبِهِ بِتَقْدِيرِ الْإِجَازَةِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ بِنِسْبَةِ نَقْصِ الثُّلُثِ وَهُوَ اثْنَانِ عَنْ مَجْمُوعِ الْوَصِيَّتَيْنِ وَلَا خُمُسَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَاضْرِبْ مَخْرَجَ الْخُمُسِ فِي السِّتَّةِ تَبْلُغُ ثَلَاثِينَ خَمْسَةَ عَشَرَ لِلْأَوَّلِ وَعَشَرَةٌ لِلثَّانِي فَانْقُصْ كُلًّا مِنْهُمَا ثَلَاثَةَ أَخْمَاسِهِ يَبْقَ لِلْأَوَّلِ سِتَّةٌ وَلِلثَّانِي أَرْبَعَةٌ، وَالْبَاقِي عِشْرُونَ لِلِابْنِ وَتَرْجِعُ بِالِاخْتِصَارِ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ لِلِاتِّفَاقِ بِالنِّصْفِ وَلَوْ أَوْصَى لِوَاحِدٍ بِمَالِهِ وَلِآخَرَ بِنِصْفِهِ وَلِآخَرَ بِثُلُثِهِ فَمَخْرَجُ الْجُزْأَيْنِ سِتَّةٌ اجْعَلْهَا كُلَّ الْمَالِ لِلْأَوَّلِ سِتَّةٌ وَلِلثَّانِي ثَلَاثَةٌ وَلِلثَّالِثِ اثْنَانِ وَمَجْمُوعُهَا أَحَدَ عَشَرَ يُقْسَمُ عَلَيْهَا الثُّلُثُ عِنْدَ الرَّدِّ، وَالْمَالُ كُلُّهُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ لِلرَّدِّ، وَالْإِجَازَةِ سَبْعَةُ أَحْوَالٍ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ إمَّا أَنْ يُجِيزُوا كُلَّ الْوَصَايَا أَوْ يَرُدُّوهَا وَقَدْ تَقَدَّمَا أَوْ يُجِيزُوا بَعْضَهَا فَقَطْ أَوْ يُجِيزَ بَعْضُهُمْ كُلَّهَا وَيَرُدَّ بَعْضُهُمْ كُلَّهَا أَوْ يُجِيزَ بَعْضُهُمْ كُلَّهَا وَبَعْضُهُمْ بَعْضًا فَقَطْ أَوْ يَرُدَّ بَعْضُهُمْ كُلَّهَا وَبَعْضُهُمْ بَعْضًا فَقَطْ أَوْ يُجِيزَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَبَعْضُهُمْ الْبَعْضَ الْآخَرَ وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ تُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ (إنْ رَدَّتْ الْوُرَّاثُ شَيْئًا صَحَّحَا) أَيْ الْحَاسِبُ الْمَسْأَلَةَ (لَهُمْ بِتَقْدِيرَيْنِ) تَقْدِيرٌ (أَنْ قَدْ سَمَحَا) أَيْ الْوَارِثُ (بِكُلِّ مَا أَوْصَى بِهِ وَ) تَقْدِيرُ (أَنْ لَا) يَسْمَحَ بِهِ بِأَنْ يَرُدَّهُ (وَالْأَكْثَرَ) أَيْ أَكْثَرَ الْمُصَحَّحِينَ عِنْدَ تَدَاخُلِهِمَا (اقْسِمْ) عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ، وَالْوَرَثَةِ (أَوْ قَسَمْتَ الْمِثْلَا) عِنْدَ تَمَاثُلِهِمَا (أَوْ اقْسِمْنَ مَضْرُوبَ ذَا) أَيْ أَحَدُهُمَا عِنْدَ تَبَايُنِهِمَا (أَوْ وَفْقِهِ) عِنْدَ تَوَافُقِهِمَا (فِي ذَا) أَيْ الْآخَرِ (عَلَى تَقْدِيرَيْ التَّفَقُّهِ) أَيْ افْعَلْ ذَلِكَ عَلَى تَقْدِيرَيْ الْإِجَازَةِ، وَالرَّدِّ اللَّذَيْنِ اقْتَضَاهُمَا التَّفَقُّهُ أَيْ التَّفَهُّمُ (فَبَيْنَ حَاصِلَيْنِ مَا تَفَاوَتَا) أَيْ فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْحَاصِلَيْنِ بِالتَّقْدِيرَيْنِ (لِكُلِّ مَنْ أَجَازَ) مِنْ الْوَرَثَةِ (صَارَ ثَابِتَا لِمَنْ لَهُ أَجَازَ) .
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ أَجَازَ لِلْبَعْضِ ثَبَتَ لَهُ جَمِيعُ التَّفَاوُتِ وَلَيْسَ مُرَادًا وَنَبَّهَ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى كَمِّيَّةِ الْأَحْوَالِ الْمَعْلُومَةِ مِمَّا قُلْنَا بِقَوْلِهِ (وَلْيُجْعَلْ وَرَا ذَا) أَيْ وَرَاءَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحَالَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ (خَمْسُ حَالَاتٍ) مَعْلُومَةٌ مِنْ ذَلِكَ بَلْ دَاخِلَةٌ فِيهِ إنْ جَعَلْت أَلْ فِي الْوَارِثِ لِلْجِنْسِ لَا لِلِاسْتِغْرَاقِ فَلَوْ أَوْصَى أَبُو ابْنَيْنِ لِزَيْدٍ بِالنِّصْفِ وَلِعَمْرٍو بِالثُّلُثِ فَالْمَسْأَلَةُ بِتَقْدِيرِ الْإِجَازَةِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ وَبِتَقْدِيرِ الرَّدِّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ، لِأَنَّ الثُّلُثَ يُوَزَّعُ عَلَى الْوَصِيَّتَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدَدٍ لِثُلُثِهِ خُمْسٌ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَهِيَ مُوَافَقَةٌ لِلِاثْنَيْ عَشَرَ بِالثُّلُثِ فَاضْرِبْ وَفْقَ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ تَبْلُغْ سِتِّينَ فَبِتَقْدِيرِ الْإِجَازَةِ لِزَيْدٍ ثَلَاثُونَ وَلِعَمْرٍو عِشْرُونَ وَلِكُلِّ ابْنٍ خَمْسَةٌ وَبِتَقْدِيرِ الرَّدِّ لِزَيْدٍ اثْنَا عَشَرَ وَلِعَمْرٍو
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: تَقْسِمُ عَلَيْهَا الثُّلُثَ) طَرِيقُهُ أَنْ يَقُولَ الثُّلُثُ مُخْرَجُهُ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَيُعْرَفُ عِنْدَهُمْ بِسِهَامِ التَّعْدِيلِ ثُلُثُهَا وَاحِدٌ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ مَا يَصِحُّ فَاضْرِبْ ثَلَاثَةً فِي أَحَدَ عَشَرَ بِثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ ثُلُثُهَا أَحَدَ عَشَرَ لِلْمُوصَى لَهُمْ بِوَاحِدٍ سِتَّةٌ، وَلِآخَرَ ثَلَاثَةٌ وَلِآخَرَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ لِلْوَارِثِ بِرّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَقَدَّمَا) أَيْ الثَّانِي فِي قَوْلِهِ إنْ رُدَّ زَائِدٌ إلَخْ، وَالْأَوَّلُ فِي الْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ افْعَلْ ذَلِكَ) أَيْ الْقَسْمَ كَأَنَّهُ يُرِيدُ بِهَذَا أَنَّ الْجَارَّ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ مَأْخُوذٍ مِنْ مَعْنَى الْكَلَامِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ حَالٌ تَنَازَعَ فِي الْعَمَلِ فِيهِ اقْسِمْ وَقَسَمْتُ وَاقْتَسَمْتُ فَالْعَامِلُ أَحَدُهَا بِرّ (قَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلِهِ إنْ زَادَتْ الْوَارِثُ إلَخْ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ فَهْمُهَا مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ عَدَدٍ لِثُلُثِهِ خُمُسٌ) طَرِيقُ ذَلِكَ أَنْ تَضْرِبَ فِي هَذَا الْمِثَالِ مَخْرَجَ الْخُمُسِ فِي الْخُمُسِ وَمَخْرَجَ الثُّلُثِ يُعْرَفُ عِنْدَهُمْ بِسِهَامِ التَّعْدِيلِ بِرّ (قَوْلُهُ: فَثُلُثَا الْمَالَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ نَصِيبَا ابْنَيْنِ) مَعَ قَوْلِهِ يَتْبَعُهَا أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ فَهُوَ قَيْدٌ لِلْخَبَرِ وَكَأَنَّهُ قَالَ فَثُلُثَا الْمَالِ هُمَا نَصِيبَا ابْنَيْنِ وَأَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ أَيْ هُمَا مَجْمُوعُ النَّصِيبَيْنِ، وَالْأَرْبَعَةُ أَقْسَامٌ وَقَوْلُهُ مَعَ قِسْمٍ بَقِيَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ إمَّا مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ لِابْنٍ بَقِيَ، وَالتَّقْدِيرُ وَهِيَ أَيْ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ مَعَ قِسْمٍ بَقِيَ كَائِنَةٌ لِابْنٍ بَقِيَ، وَإِمَّا فِعْلٌ ضَمِيرُهُ رَاجِعٌ لِلْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ كَمَا فَعَلَهُ الشَّارِحُ، وَالتَّقْدِيرُ تَكُونُ أَيْ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ مَعَ قِسْمٍ بَقِيَ لِابْنٍ بَقِيَ فَالتَّحْقِيقُ أَنَّ ضَمِيرَ تَكُونُ فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ رَاجِعٌ لِلْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ وَمَعَ قِسْمٍ بَقِيَ مُتَعَلِّقٌ بِتَكُونُ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ جَوَازُ التَّعَلُّقِ بِالْأَفْعَالِ النَّاقِصَةِ بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ دَلَالَتِهَا عَلَى الْحَدَثِ وَلَيْسَ ضَمِيرُ تَكُونُ رَاجِعًا لِلْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ مَعَ الْقِسْمِ كَمَا كَتَبَهُ شَيْخُنَا الْبُرُلُّسِيُّ فَتَأَمَّلْهُ
ــ
[حاشية الشربيني]
مَالَهُ بَعْدَ النَّصِيبِ سِتَّةٌ لِأَنَّهُ أَثْبَتَ لَهُ السُّدُسَ فَإِذَا دَفَعَ النَّصِيبَ إلَى صَاحِبِهِ، وَالسُّدُسَ إلَى صَاحِبِهِ يَبْقَى مِنْ الْمَالِ خَمْسَةٌ لَا تَصِحُّ عَلَى ثَلَاثَةٍ هِيَ دَوْرٌ مِنْ الْوَرَثَةِ فَاضْرِبْ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لِكُلِّ مَنْ أَجَازَ) مُتَعَلِّقٌ بِالتَّفَاوُتِ، وَقَوْلُهُ لِمَنْ أَجَازَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ خَبَرُ قَوْلِهِ مَا تَفَاوَتَا أَيْ فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْحَاصِلِ الْأَوَّلِ، وَالْحَاصِلِ الثَّانِي لِكُلِّ مُجِيزٍ مِنْ الْوَرَثَةِ لِلَّذِي أَجَازَ لَهُمْ مِنْ الْمُوصِي لَهُمْ.
(قَوْلُهُ: بَلْ دَاخِلَةً فِيهِ) أَيْ كَمَا دَخَلَ فِيهِ حِينَئِذٍ رَدُّ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ
ثَمَانِيَةٌ وَلِكُلِّ ابْنٍ عِشْرُونَ فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْحَاصِلَيْنِ لِكُلِّ ابْنٍ خَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنْ أَجَازَا لِزَيْدٍ فَقَطْ فَقَدْ سَامَحَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِتِسْعَةٍ فَيَتِمُّ لَهُ ثَلَاثُونَ وَيَبْقَى لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَحَدَ عَشَرَ أَوْ لِعَمْرٍو فَقَطْ فَقَدْ سَامَحَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِسِتَّةٍ فَيَتِمُّ لَهُ عِشْرُونَ وَيَبْقَى لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَرْبَعَةَ عَشَرَ.
وَإِنْ أَجَازَ أَحَدُهُمَا الْوَصِيَّتَيْنِ وَرَدَّهُمَا الْآخَرُ فَقَدْ سَامَحَ الْمُجِيزُ زَيْدًا بِتِسْعَةٍ وَعَمْرًا بِسِتَّةٍ فَلِزَيْدٍ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَلِعَمْرٍو أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَلِلْمُجِيزِ خَمْسَةٌ وَلِلرَّادِّ عِشْرُونَ أَوْ أَجَازَ أَحَدُهُمَا الْوَصِيَّتَيْنِ، وَالْآخَرُ وَصِيَّةَ زَيْدٍ فَلِزَيْدٍ ثَلَاثُونَ وَلِعَمْرٍو أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَلِلْمُجِيزِ لَهُمَا خَمْسَةٌ وَلِلْمُجِيزِ لِزَيْدٍ أَحَدَ عَشَرَ أَوْ وَصِيَّةَ عَمْرٍو فَلِزَيْدٍ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَلِعَمْرٍو عِشْرُونَ وَلِلْمُجِيزِ لَهُمَا خَمْسَةٌ وَلِلْمُجِيزِ لِعَمْرٍو أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَإِنْ رَدَّ أَحَدُهُمَا الْوَصِيَّتَيْنِ، وَالْآخَرُ وَصِيَّةَ زَيْدٍ فَلِزَيْدٍ اثْنَا عَشَرَ وَلِعَمْرٍو أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَلِلرَّادِّ لَهُمَا عِشْرُونَ وَلِلرَّادِّ لِزَيْدٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَوْ وَصِيَّةَ عَمْرٍو فَلِزَيْدٍ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَلِعَمْرٍو ثَمَانِيَةٌ وَلِلرَّادِّ لَهُمَا عِشْرُونَ وَلِلرَّادِّ لِعَمْرٍو أَحَدَ عَشَرَ وَإِنْ أَجَازَ أَحَدُهُمَا وَصِيَّةَ زَيْدٍ، وَالْآخَرُ وَصِيَّةَ عَمْرٍو فَلِزَيْدٍ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَلِلْمُجِيزِ لَهُ أَحَدَ عَشَرَ وَلِكُلٍّ مِنْ عَمْرٍو، وَالْمُجِيزِ لَهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَيُقَاسُ بِهَذَا غَيْرُهُ مِنْ الْأَمْثِلَةِ (وَحَيْثُ ذَكَرَا) أَيْ الْمُوصِي (نَصِيبَ فَرْدٍ مِنْ بَنِينَ وُرَّثِ ثَلَاثَةٍ) لِوَاحِدٍ (وَنِصْفَ بَاقِي الثُّلُثِ) بَعْدَ النَّصِيبِ لِآخَرَ (فَالثُّلُثُ النَّصِيبُ) أَيْ فَقُلْ الثُّلُثُ نَصِيبٌ (مَعْ قِسْمَيْنِ) فَيَدْفَعُ النَّصِيبَ لِلْمُوصَى لَهُ الْأَوَّلِ وَأَحَدَ الْقِسْمَيْنِ لِلثَّانِي وَإِذَا كَانَ الثُّلُثُ نَصِيبًا وَقِسْمَيْنِ (فَثُلُثَا الْمَالِ نَصِيبَ ابْنَيْنِ يَتْبَعُهَا) أَيْ كَمِّيَّةَ النَّصِيبَيْنِ (أَرْبَعَةُ الْأَقْسَامِ مَعْ قَسَمٍ بَقِيَ) مِنْ الثُّلُثِ تَكُونُ (لِابْنٍ بَقِيَ) مِنْ الْبَنِينَ الثَّلَاثَةِ (فَقَدْ وَقَعْ) أَيْ بَانَ (كُلُّ نَصِيبٍ خَمْسَةً فَالثُّلْثُ سَبْعٌ) لِأَنَّهُ نَصِيبٌ وَقِسْمَانِ أَحَدُهُمَا لِلتَّالِي.
وَالْآخَرُ يُكْمِلُ بِهِ نَصِيبَ أَحَدِ الْبَنِينَ وَإِذَا كَانَ الثُّلُثُ سَبْعَةً فَالْمَالُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ قِسْمًا قِسْمٌ لِلثَّانِي، وَالْبَاقِي لِلْأَوَّلِ، وَالْبَنِينَ أَرْبَاعًا وَزَادَ قَوْلَهُ (فَقِسْمَيْنِ يَزِيدُ الْبَحْثُ) تَكْمِلَةً أَيْ فَيَزِيدُ الْبَحْثُ، وَالِاسْتِخْرَاجُ الثُّلُثَ أَيْ يَجْعَلَانِهِ زَائِدًا عَلَى كُلِّ نَصِيبِ قِسْمَيْنِ كَمَا تَقَرَّرَ قَالَ الْبَارِزِيُّ وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَنَظَائِرِهَا طَرِيقَةٌ أُخْرَى حَسَنَةٌ اسْتَخْرَجْتهَا بِالْفِكْرِ وَهِيَ أَنْ تَضْرِبَ مَخْرَجَ الْمُضَافِ فِي مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ بَعْدَ تَصْحِيحِهَا ثُمَّ تَقْسِمَ الْبَاقِيَ بَعْدَ إسْقَاطِ الْجُزْءِ الْمُضَافِ عَلَى مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ لِتَعْرِفَ النَّصِيبَ وَتَأْخُذَ مِثْلَ النَّصِيبِ وَتَزِيدَهُ عَلَى الْخَارِجِ مِنْ الضَّرْبِ ثُمَّ تَضْرِبَ الْحَاصِلَ فِي مَخْرَجِ الْمُضَافِ إلَيْهِ ثُمَّ تُسْقِطَ مِنْ الْمَبْلَغِ عَدَدَ مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ مَعَ زِيَادَةِ مِثْلِ النَّصِيبِ مَرَّةً فَأَكْثَرَ إلَى أَنْ يَبْقَى دُونَهُ مِنْ الْمَبْلَغِ فَالْبَاقِي هُوَ الْجُزْءُ الْمُوصَى بِهِ وَلِكُلٍّ سَهْمٌ مِنْ الْمَسْأَلَةِ، وَالنَّصِيبُ بِعَدَدِ مَرَّاتِ الْإِسْقَاطِ فَلَوْ أَوْصَى بِنَصِيبِ أَحَدِ بَنِيهِ الثَّلَاثَةِ وَسُدُسِ بَاقِي الثُّلُثِ فَاضْرِبْ سِتَّةً فِي ثَلَاثَةٍ تَبْلُغْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَسْقِطْ مِنْهَا الْجُزْءَ الْمُضَافَ وَهُوَ السُّدُسُ يَبْقَ خَمْسَةَ عَشَرَ لِكُلِّ ابْنٍ خَمْسَةٌ ثُمَّ زِدْ عَلَى الْخَارِجِ مِنْ الضَّرْبِ مِثْلَ نَصِيبِ ابْنٍ يَحْصُلْ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ.
فَاضْرِبْ الْحَاصِلَ فِي مَخْرَجِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ تَبْلُغُ تِسْعَةً وَسِتِّينَ أَسْقِطْهَا أَرْبَعَةً أَرْبَعَةً تَفْنَ بِسَبْعَةَ عَشَرَ مَرَّةً يَبْقَى وَاحِدٌ فَالْجُزْءُ وَاحِدٌ، وَالنَّصِيبُ سَبْعَةَ عَشَرَ وَلَوْ كَانَ الْبَنُونَ أَرْبَعَةٌ فَاضْرِبْ سِتَّةً فِي أَرْبَعَةٍ وَزِدْهُ خَمْسَةً ثُمَّ اضْرِبْ الْحَاصِلَ فِي ثَلَاثَةٍ تَبْلُغُ سَبْعَةً وَثَمَانِينَ فَأَسْقِطْهَا خَمْسَةً خَمْسَةً تَفْنَ بِسَبْعَةَ عَشَرَ مَرَّةً يَبْقَى اثْنَانِ هُوَ الْجُزْءُ وَلَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ زَوْجَةٍ مَعَهَا أُخْتَانِ وَعَمٌّ وَسُدُسُ بَاقِي الثُّلُثِ فَاضْرِبْ سِتَّةً فِي اثْنَيْ عَشَرَ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: أَيْ: كَمِّيَّةِ النَّصِيبَيْنِ) تَوْجِيهٌ لِإِفْرَادِ الضَّمِيرِ (قَوْلُهُ: تَكُونُ) أَيْ الْأَرْبَعَةُ الْأَقْسَامُ مَعَ الْقِسْمِ بِرّ (قَوْلُهُ دُونَهُ) أَيْ مَسْأَلَةِ الْوَرَثَةِ إلَخْ
ــ
[حاشية الشربيني]
جَمِيعَ الْوَصَايَا.
(قَوْلُهُ: وَحَيْثُ ذَكَرَ إلَخْ) أَيْ لَوْ أَوْصَى لِأَحَدٍ بِنَصِيبِ أَحَدِ الْبَنِينَ الثَّلَاثَةِ مَنْ لَهُ ثَلَاثَةُ بَنِينَ، وَأَوْصَى لِآخَرَ بِنِصْفِ بَاقِي الثُّلُثِ بَعْدَ إخْرَاجِ النَّصِيبِ يَعْنِي يُؤْخَذُ الثُّلُثُ، وَيُدْفَعُ مِنْهُ النَّصِيبُ إلَى صَاحِبِهِ، وَيُجْعَلُ الْبَاقِي قِسْمَيْنِ، وَيُدْفَعُ إلَى صَاحِبِ نِصْفِ الْبَاقِي أَحَدُهُمَا، وَيَرُدُّ الْقِسْمَ الْبَاقِيَ إلَى الْبَنِينَ الثَّلَاثَةِ فَالْمَسْأَلَةُ تَدُورُ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ النَّصِيبِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ نَصِيبِ الِابْنِ، وَمَعْرِفَةَ نَصِيبِهِ عَلَى مَعْرِفَةِ نِصْفِ بَاقِي الثُّلُثِ، وَمَعْرِفَتَهُ عَلَى مَعْرِفَةِ النَّصِيبِ فَمَعْرِفَةُ النَّصِيبِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ النَّصِيبِ، وَيُسْتَخْرَجُ بِمَا يُسْتَفَادُ مِنْ لَفْظِ الْمُوصِي فَإِنَّهُ قَالَ، وَنِصْفُ بَاقِي الثُّلُثِ فَأَثْبَتَ لِثُلُثِ الْمَالِ نِصْفًا وَنَصِيبًا فَتَقُولُ الثُّلُثُ نَصِيبٌ وَقِسْمَانِ، قِسْمٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِنِصْفِ بَاقِي الثُّلُثِ وَقِسْمٌ يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ فَالثُّلُثَانِ نَصِيبَانِ لِابْنَيْنِ، وَأَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ مَعَ قِسْمٍ بَقِيَ لِلِابْنِ الثَّالِثِ، وَإِذَا كَانَ لِأَحَدِ الْبَنِينَ خَمْسَةُ أَقْسَامٍ فَالنَّصِيبُ الْمُوصَى بِهِ خَمْسَةٌ أَيْضًا، وَثُلُثُ الْمَالِ سَبْعَةٌ لِصَاحِبِ النَّصِيبِ مِنْهَا خَمْسَةٌ، وَلِصَاحِبِ نِصْفِ الْبَاقِي، وَاحِدٌ، وَرُدَّ وَاحِدٌ إلَى الْوَرَثَةِ، وَلَهُمْ نَصِيبَانِ، وَأَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ
مَسْأَلَةُ الْوَرَثَةِ تَبْلُغْ اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ فَزِدْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ عَدَدَ النَّصِيبِ يَحْصُلْ سَبْعَةٌ وَثَمَانُونَ ثُمَّ اضْرِبْ الْحَاصِلَ فِي ثَلَاثَةٍ تَبْلُغْ مِائَتَيْنِ وَاحِدًا وَسِتِّينَ فَأَسْقِطْهَا خَمْسَةَ عَشَرَ خَمْسَةَ عَشَرَ سَبْعَ عَشْرَةَ مَرَّةً يَبْقَ سِتَّةٌ وَهِيَ الْجُزْءُ الْمُوصَى بِهِ فَلِكُلِّ سَهْمٍ سَبْعَةَ عَشَرَ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِنَصِيبِ الزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ فَيَكُونُ لَهُ أَحَدٌ وَخَمْسُونَ، وَالْبَاقِي لِلْوَرَثَةِ لِلزَّوْجَةِ أَحَدٌ وَخَمْسُونَ وَلِلْأُخْتَيْنِ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ وَلِلْعَمِّ سَبْعَةَ عَشَرَ قَالَ وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْجُزْءِ الْمُضَافِ إذَا كَانَ النَّصِيبُ أَكْثَرَ مِنْ الْجُزْءِ الْمُضَافِ إلَيْهِ الْبَاقِي أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِمِثْلِ نَصِيبِ أَحَدِ بَنِيهِ الثَّلَاثَةِ وَسُدُسِ بَاقِي الرُّبُعِ أَوْ الْخُمُسِ أَوْ بِمِثْلَيْ نَصِيبِهِ وَسُدُسِ بَاقِي الثُّلُثِ وَتَصِحُّ بِالْجُزْءِ إذَا كَانَ النَّصِيبُ أَقَلَّ مِنْ الْجُزْءِ الْمُضَافِ إلَيْهِ
وَلَوْ (أَوْصَى أَبُوهُمْ) أَيْ أَبُو ثَلَاثَةِ بَنِينَ (بِنَصِيبٍ لِابْنِ وَرُبُعَ بَاقٍ بَعْدَهَا يَسْتَثْنِي) أَيْ وَاسْتَثْنَى بَعْدَهَا رُبُعَ الْبَاقِي كَأَنْ قَالَ أَوْصَيْت بِنَصِيبِ ابْنٍ إلَّا رُبُعَ الْبَاقِي بَعْدَ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ (بَاقٍ) أَيْ فَالْبَاقِي بَعْدَهَا (ثَلَاثُ أَنْصِبَا) لِلْبَنِينَ الثَّلَاثَةِ (وَرُبُعُهْ ثَلَاثَ أَرْبَاعٍ نَصِيبٍ نَضَعُهْ) نَحْنُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ نَصِيبِ الْمُوصَى لَهُ (بَقِيَ) لَهُ (رُبُعُ نَصِيبٍ جُعِلَا) أَيْ رُبُعَ النَّصِيبِ (وَصِيَّةً تُبْسَطُ) أَيْ التَّرِكَةُ كُلُّهَا وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَنْصِبَاءَ وَرُبُعُ نَصِيبٍ (أَرْبَاعًا عَلَى ثَلَاثَةٍ وَعَشْرَةٍ كُلُّ وَلَدْ) مِنْ الْأَوْلَادِ الثَّلَاثَةِ (أَرْبَعَةً حَازَ) أَيْ أَخْذُهَا.
(فَالْإِيصَا بِأَحَدْ) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةَ عَشَرَ وَهُوَ رُبُعُ نَصِيبٍ وَلَوْ (أَعْتَقَ) فِي مَرَضِ مَوْتِهِ (أَعْبُدًا ثَلَاثَةً) وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُمْ (وَكُلْ) مِنْهُمْ قِيمَتُهُ مِائَةٌ (وَكَسْبُ فَرْدٍ) مِنْهُمْ اكْتَسَبَهُ بَعْدَ الْعِتْقِ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي (مِائَةٌ وَلَمْ يَقُلْ وَارِثُهُ أَجَزْتُهُ) أَوْ نَحْوَهُ كَأَمْضَيْتُهُ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ (إنْ خَرَجَا قُرْعَتُهُ) أَيْ فَإِنْ خَرَجَتْ قُرْعَةُ الْكَاسِبِ بِالْحُرِّيَّةِ (يَعْتِقْ وَبِالْكَسْبِ نَجَا) وَرُقَّ الْآخَرَانِ لِأَنَّ الْمَالَ حِينَئِذٍ ثَلَاثُمِائَةٍ وَثُلُثُهُ مِائَةٌ (وَإِنْ لِغَيْرٍ) أَيْ غَيْرِ الْكَاسِبِ (خَرَجَتْ) أَيْ قُرْعَةُ الْحُرِّيَّةِ عَتَقَ ثُمَّ (أَعِدْ) أَنْتَ الْقُرْعَةَ لِاسْتِكْمَالِ الثُّلُثِ لِزِيَادَةِ الْمَالِ حِينَئِذٍ عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ لِدُخُولِ الْكَسْبِ أَوْ بَعْضِهِ فِيهِ (فَإِنْ تَخْرُجْ) أَيْ قُرْعَةُ الْحُرِّيَّةِ
ــ
[حاشية العبادي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية الشربيني]
وَالنَّصِيبَانِ عَشَرَةٌ فَالْمَجْمُوعُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَلَوْ قَالَ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَثُلُثُ بَاقِي الثُّلُثِ قُلْنَا الثُّلُثُ نَصِيبٌ، وَثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ فَالثُّلُثَانِ نَصِيبَانِ لِابْنَيْنِ، وَسِتَّةُ أَقْسَامٍ مَعَ قِسْمَيْنِ بَقِيَا مِنْ الثُّلُثِ لِابْنٍ فَالنَّصِيبُ ثَمَانِيَةٌ، وَالثُّلُثُ أَحَدَ عَشَرَ، وَالْمَالُ ثَلَاثَةٌ، وَثَلَاثُونَ. اهـ. بَيَانُ الْفَتَاوَى لِلْحَاوِي (قَوْلُهُ، وَلَا تَصِحُّ إلَخْ) هَذَا حُكْمٌ مُسْتَقِلٌّ لَا يَخُصُّ الطَّرِيقَ الَّذِي ذَكَرَهُ
(قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ إنَّمَا بَقِيَ بَعْدَ إخْرَاجِ النَّصِيبِ مِمَّا بَقِيَ مِنْهُ ذَلِكَ الْبَاقِي، وَإِذَا كَانَ الْمُضَافُ إلَيْهِ الْبَاقِي أَقَلَّ مِنْ النَّصِيبِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ لَا يُمْكِنُ خُرُوجُ النَّصِيبِ مِنْهُ مَعَ بَقَاءِ شَيْءٍ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَرُبُعٌ بَاقٍ بَعْدَهَا إلَخْ) الدَّوْرُ فِيهِ ظَاهِرٌ إذْ مَعْرِفَةُ النَّصِيبِ تَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ نَصِيبِهِمْ، وَلَوْ قَالَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إلَّا ثُلُثَ الْبَاقِي بَعْدَهَا لَا يُمْكِنُ اسْتِخْرَاجُهُ بِهَذَا الضَّابِطِ لِأَنَّ الْبَاقِيَ ثَلَاثَةُ أَنْصِبَاءَ، وَثُلُثُ نَصِيبٍ كَامِلٍ، وَلَا يُمْكِنُ نَقْصُهُ عَنْ نَصِيبٍ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ بَنِينَ، وَأَوْصَى بِنَصِيبِ أَحَدِهِمْ إلَّا رُبُعَ الْبَاقِي أَوْ ثُلُثَ الْبَاقِي بَعْدَ الْوَصِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاسْتِخْرَاجُ كَذَا فِي بَيَانِ الْفَتَاوَى عَلَى الْحَاوِي، وَالظَّاهِرُ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ فِي الشَّرْحِ عَنْ الْبَارِزِيِّ (قَوْلُهُ إلَّا رُبُعَ الْبَاقِي إلَخْ) ، وَالْبَاقِي بَعْدَ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ ثَلَاثَةُ أَنْصِبَاءَ بِثَلَاثَةِ بَنِينَ فَرُبُعُهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ.
(قَوْلُهُ: إلَّا رُبُعَ الْبَاقِي بَعْدَ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ إلَخْ) قَالَ صَاحِبُ بَيَانِ الْفَتَاوَى عَلَى الْحَاوِي، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ أَيْ الْحَاوِي إلَّا رُبُعَ الْبَاقِي بَعْدَهَا مَا لَوْ قَالَ بَعْدَهُ أَيْ النَّصِيبِ فَإِنَّهَا تَكُونُ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ فَالنَّصِيبُ خَمْسَةٌ، وَلِلْمُوصَى لَهُ اثْنَانِ، وَصَدَقَ أَنَّهُمَا نَصِيبُ إلَّا رُبُعَ الْبَاقِي بَعْدَ النَّصِيبِ لِأَنَّ الْبَاقِيَ مِنْ سَبْعَةَ عَشَرَ بَعْدَ الْخَمْسَةِ اثْنَا عَشَرَ، وَرُبُعُهَا ثَلَاثَةٌ فَإِذَا نَقَصَتْ عَنْ الْخَمْسَةِ بَقِيَ اثْنَانِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ حُكْمَ الْجُزْءِ مِنْ بَاقِي الْمَالِ بَعْدَ النَّصِيبِ حُكْمُ الْجُزْءِ الَّذِي دُونَ ذَلِكَ الْجُزْءِ مِنْ بَاقِي الْمَالِ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ فَقَوْلُهُ إلَّا نِصْفَ الْبَاقِي بَعْدَهُ كَقَوْلِهِ إلَّا ثُلُثَ الْبَاقِي بَعْدَهَا، وَالثُّلُثُ كَالرُّبُعِ، وَالرُّبُعُ كَالْخُمُسِ، وَعَلَى هَذَا فَلَوْ أَوْصَى بِنَصِيبِ أَحَدِهِمْ إلَّا ثُلُثَ الْبَاقِي بَعْدَهُ كَانَ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ، وَالنَّصِيبُ أَرْبَعَةٌ وَلِلْمُوصَى لَهُ وَاحِدٌ، وَهُوَ نَصِيبٌ إلَّا ثُلُثَ الْبَاقِي بَعْدَهُ إذْ الْبَاقِي بَعْدَهُ تِسْعَةٌ، وَثُلُثُهَا ثَلَاثَةٌ إذَا نَقَصَتْ مِنْ أَرْبَعَةٍ يَبْقَى وَاحِدٌ، وَلَوْ قَالَ بِنَصِيبِ أَحَدِهِمْ إلَّا ثُلُثَ الْبَاقِي، وَلَمْ يَقُلْ بَعْدَهُ أَوْ بَعْدَهَا فَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ كَمَا إذَا قَالَ بَعْدَهَا إذْ الْأَقَلُّ مُتَيَقَّنٌ، وَالزَّائِدُ مَشْكُوكٌ. اهـ. بِاخْتِصَارٍ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ تَبْسُطْ) بِأَنْ تَضْرِبَ مَخْرَجَ الرُّبُعِ، وَهُوَ أَرْبَعَةٌ فِي الصَّحِيحِ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ، وَتَضُمَّ
الثَّانِيَةِ (لِغَيْرِ كَاسِبٍ) أَيْضًا (يَعْتِقُ مِنْ ذَا) أَيْ مِنْهُ (ثُلُثُهُ) لِكَوْنِ الْمَالِ حِينَئِذٍ أَرْبَعُمِائَةٍ وَيَكُونُ ثُلُثَاهُ، وَالْكَاسِبُ وَكَسْبُهُ لِلْوَرَثَةِ وَلَا دَوْرَ (وَإِنْ لَهُ) أَيْ لِلْكَاسِبِ (تَخْرُجْ) أَيْ الْقُرْعَةُ الثَّانِيَةُ دَارَتْ الْمَسْأَلَةُ، لِأَنَّ مَعْرِفَةَ مَا يَعْتِقُ مِنْهُ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ مَا يَبْقَى مِنْ كَسْبِهِ لِلْوَرَثَةِ وَمَعْرِفَةُ مَا يَبْقَى مِنْ كَسْبِهِ لِلْوَرَثَةِ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ مَا يَعْتِقُ مِنْهُ فَقُلْ (عَتَقْ) مِنْهُ (شَيْءٌ) وَ (بِمِثْلِهِ مِنْ الْكَسْبِ الْتَحَقْ) أَيْ الشَّيْءُ وَأَوْضَحُ مِنْ هَذَا قَوْلُ الْحَاوِي عَتَقَ شَيْءٌ وَتَبِعَهُ مِثْلُهُ مِنْ كَسْبِهِ فَيَخْرُجُ مِنْ أَرْبَعِمِائَةٍ مِائَةٌ بِالْقُرْعَةِ الْأُولَى وَشَيْئَانِ بِالثَّانِيَةِ يَبْقَى (مِئًى ثَلَاثٌ إرْثُهُ وَقَدْ نَقَصْ) أَيْ الْإِرْثُ (شَيْئَيْنِ) أَيْ يَبْقَى الْإِرْثُ ثَلَاثُمِائَةٍ إلَّا شَيْئَيْنِ وَمَا عَتَقَ مِائَةٌ وَشَيْءٌ إذْ لَيْسَ الشَّيْءُ الثَّانِي مِمَّا عَتَقَ بَلْ تَابِعٌ لَهُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَبْقَى لِلْوَرَثَةِ مَثَلًا مَا عَتَقَ فَثَلَاثُمِائَةٍ إلَّا شَيْئَيْنِ (عَادِلٌ لِمِثْلَيْ مَا خَلَصْ) لِلْعِتْقِ وَهُوَ عَبْدٌ وَشَيْءٌ مِنْ عَبْدٍ وَذَلِكَ مِائَتَانِ وَشَيْئَانِ (فَمِئَتَيْنِ مَعَ شَيْئَيْنِ عَدَلْ) أَيْ عَدَلَهَا الثَّلَاثَمِائَةِ إلَّا شَيْئَيْنِ (فَإِنْ جَبَرْتَ) بِرَدِّ الْمُسْتَثْنَى (ثُمَّ قَابَلْتَ حَصَلَ عَدْلُ ثَلَاثِمِائَةٍ سَوَاءٌ) أَيْ كَامِلَةٌ (ثِنْتَيْنِ) أَيْ مِئَتَيْنِ (مَعْ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ وَ) بَعْدَ إسْقَاطِ مِائَتَيْنِ بِمِائَتَيْنِ يَبْقَى (مِائَةٌ تَعْدِلُ أَشْيَا أَرْبَعَهْ) فَعَلِمْنَا أَنَّ الشَّيْءَ رُبُعُ الْمِائَةِ فَلَزِمَ مِنْ ذَلِكَ مَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (فَرُبُعُ عَبْدٍ) وَهُوَ الْكَاسِبُ عَتَقَ وَ (رُبُعُ كَسْبٍ تَبِعَهْ) فَقَدْ عَتَقَ عَبْدٌ وَرُبُعُ عَبْدٍ وَبَقِيَ لِلْوَرَثَةِ عَبْدٌ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ عَبْدٍ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ كَسْبِهِ وَذَلِكَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ وَهُوَ مِثْلَا قِيمَةِ مَا عَتَقَ
وَالْمُتَبَرِّعُ (يَرْجِعُ) جَوَازًا (عَنْ) كُلِّ (تَبَرُّعٍ قَدْ عَلَّقَا) أَيْ عَلَّقَهُ وَلَوْ فِي الصِّحَّةِ (بِمَوْتِهِ) كَقَوْلِهِ إذَا مِتّ فَأَعْطُوا فُلَانًا كَذَا أَوْ أَعْتِقُوا عَبْدِي لِأَنَّهُ عَقْدُ تَبَرُّعٍ لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ الْقَبْضُ فَكَانَ كَالْهِبَةِ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عُمَرَ وَعَائِشَةَ رضي الله عنهما يُغَيِّرُ الرَّجُلُ مِنْ وَصِيَّتِهِ مَا شَاءَ أَمَّا الْمُنَجَّزُ وَلَوْ فِي الْمَرَضِ فَلَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمُعَلَّقِ التَّدْبِيرُ فَلَا رُجُوعَ عَنْهُ بِمَا لَا يُزِيلُ الْمِلْكَ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَيَحْصُلُ الرُّجُوعُ (بِمَا يُنَافِي) التَّبَرُّعَ (مُطْلَقًا) عَنْ كَوْنِهِ أَقْوَى مِنْهُ (وَفِعْلٍ) أَيْ وَبِفِعْلِ (أَقْوَى) مِنْهُ (وَمُقَدِّمَاتِهِ) أَيْ وَبِمُقَدِّمَاتِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُنَافِي، وَالْفِعْلِ الْأَقْوَى فَالْمُنَافِي (كَذَا) أَيْ كَقَوْلِهِ هَذَا (لِوَارِثِي) أَوْ مِيرَاثٌ عَنِّي لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مِيرَاثًا إلَّا إذَا انْقَطَعَ تَعَلُّقُ الْمُوصَى لَهُ عَنْهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ هَذَا يُبْطِلُ نِصْفَ الْوَصِيَّةِ حَمْلًا عَلَى التَّشْرِيكِ بَيْنَ الْوَارِثِ، وَالْمُوصَى لَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِزَيْدٍ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِعَمْرٍو أَنَّ الْوَصِيَّةَ الثَّانِيَةَ تَشْرِيكٌ انْتَهَى.
وَيُجَابُ بِأَنَّهَا إنَّمَا كَانَتْ تَشْرِيكًا هُنَاكَ لِمُشَارَكَتِهَا الْأُولَى فِي التَّبَرُّعِ بِخِلَافِ الْمَذْكُورِ هُنَا الْمُعْتَضَدِ بِقُوَّةِ الْإِرْثِ الثَّابِتِ قَهْرًا ثُمَّ رَأَيْتُ ابْنَ الرِّفْعَةِ فَرَّقَ بِنَحْوِ ذَلِكَ (وَمُشْبِهَاتِهِ) أَيْ وَكَمُشْبَهَاتِ قَوْلِهِ هَذَا لِوَارِثِي كَقَوْلِهِ نَقَضْت وَصِيَّتِي أَوْ فَسَخْتهَا أَوْ رَدَدْتهَا أَوْ هُوَ حَرَامٌ عَلَى الْمُوصَى لَهُ وَكَالْبَيْعِ، وَالْإِعْتَاقِ، وَالتَّدْبِيرِ، وَالْهِبَةِ، وَالرَّهْنِ وَلَوْ بِلَا قَبْضٍ فِيهِمَا فَكُلٌّ مِنْهَا يَحْصُلُ بِهِ الرُّجُوعُ كَمَا لَوْ هَلَكَ الْمُوصَى بِهِ وَلِظُهُورِ قَصْدِ الصَّرْفِ عَنْ الْمُوصَى لَهُ وَمَا ذُكِرَ فِي
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ مِئَيْ ثَلَاثُ إرْثِهِ) أَيْ الْمُوصِي (قَوْلُهُ مِائَةٌ وَشَيْءٌ) لَا شَيْئَانِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ مَا خَلَصَ وَقَوْلُهُ وَذَلِكَ أَيْ الْمِثْلَانِ
(قَوْلُهُ: بِمَا يُنَافِي مُطْلَقًا إلَخْ) اعْتَرَضَ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِهِ اللَّفْظَ الْمَوْضُوعَ لِلرُّجُوعِ لَمْ يَشْمَلْ قَوْلُهُ: هَذَا لِوَارِثِي وَإِنْ أَرَادَ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ اسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ وَفِعْلٍ أَقْوَى كَذَا اعْتَرَضَ ابْنُ الْمُقْرِي وَلَك أَنْ تَقُولَ مُرَادُهُ بِالْمُنَافِي مَا لَا يَصِحُّ اجْتِمَاعُهُ مَعَ الْوَصِيَّةِ فَدَخَلَ هَذَا لِوَارِثِي لِأَنَّهُ يُنَافِي الْوَصِيَّةَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ الْآتِي وَخَرَجَ الْفِعْلُ الْأَقْوَى لِأَنَّهُ لَا يُنَافِيهَا بِرّ
ــ
[حاشية الشربيني]
إلَيْهِ عَدَدَ الْكَسْرِ، وَهُوَ وَاحِدٌ، وَالْوَصِيَّةُ لِصَاحِبِ النَّصِيبِ بِوَاحِدٍ، وَلِكُلِّ ابْنٍ أَرْبَعَةٌ فَيَصْدُقُ عَلَى وَاحِدٍ أَنَّهُ نَصِيبٌ، إلَّا رُبُعَ الْبَاقِي بَعْدَ الْوَصِيَّةِ إذْ الْبَاقِي بَعْدَهَا اثْنَا عَشَرَ، وَرُبُعُهَا ثَلَاثَةٌ فَإِذَا نَقَصَتْ مِنْ أَرْبَعَةٍ بَقِيَ وَاحِدٌ.
(قَوْلُهُ: عَتَقَ مِنْهُ شَيْءٌ) أَيْ لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ.
(قَوْلُهُ: فَمِائَتَيْنِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ رَقِيقٍ يُسَاوِي مِائَةً
(قَوْلُهُ مُطْلَقًا عَنْ كَوْنِهِ أَقْوَى مِنْهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ أَقْوَى مِنْهُ كَالْبَيْعِ، وَالْإِعْتَاقِ، وَالتَّدْبِيرِ أَوْ لَا كَالْهِبَةِ بِلَا قَبْضٍ فَالْمُنَافِي لِكَوْنِهِ لَا يُجَامِعُ الْوَصِيَّةَ ظَاهِرٌ فِي الصَّرْفِ عَنْهَا سَوَاءٌ كَانَ أَقْوَى أَوْ لَا بِخِلَافِ الْفِعْلِ غَيْرِ الْمُنَافِي لِكَوْنِهِ يُجَامِعُهَا لَا يَكُونُ ظَاهِرًا فِي الصَّرْفِ عَنْهَا إلَّا إذَا كَانَ أَقْوَى مِنْهَا.
(قَوْلُهُ: وَفِعْلٌ أَقْوَى) مَعْنَى كَوْنِهِ أَقْوَى أَنَّهُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ رُجُوعُهُ عَنْ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ وَبِمُقَدِّمَاتِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُنَافِي إلَخْ) لَمْ يَذْكُرْ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْمُنَافِي شَيْئًا، وَقَدْ يُقَالُ جَعَلَ مِنْ الْمُنَافِي الْبَيْعَ، وَالْإِعْتَاقَ، وَالتَّدْبِيرَ، وَالْهِبَةَ، وَالرَّهْنَ كَمَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ، وَالْعَرْضُ عَلَى ذَلِكَ، وَالْإِذْنُ فِيهِ وَإِيجَابُهُ مُقَدِّمَاتٌ لَهُ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ الْفِعْلِ الْأَقْوَى فِي قَوْلِهِ لَوْ قَطَعَ الثَّوْبَ إلَخْ، وَمُقَدِّمَتُهُ الْإِذْنُ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: هَذَا لِوَارِثِي) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى بِهِ لِزَيْدٍ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِعَتِيقِهِ أَوْ قَرِيبِهِ غَيْرِ الْوَارِثِ فَإِنَّهُ يَكُونُ شَرِكَةً بَيْنَهُمَا، وَلَا يَكُونُ رُجُوعًا كَمَا فِي م ر خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ تَشْرِيكٌ) أَيْ لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى فَأَثَّرَ هَذَا الِاحْتِمَالُ هُنَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي التَّبَرُّعِ بِخِلَافِ الْمَذْكُورِ هُنَا كَذَا
الْهِبَةِ مَحَلُّهُ فِي الصَّحِيحَةِ أَمَّا الْفَاسِدَةُ فَحَكَى فِيهَا الْمَاوَرْدِيُّ ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ ثَالِثُهَا إنْ اتَّصَلَ بِهَا الْقَبْضُ كَانَتْ رُجُوعًا وَإِلَّا فَلَا قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَكَلَامُهُ يُفْهِمُ طَرْدُهَا فِي الرَّهْنِ الْفَاسِدِ أَيْضًا وَقَوْلُ النَّظْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ مُطْلَقٌ وَمُشْبِهَاتُهُ تَكْمِلَةٌ (وَ) مُقَدِّمَاتُ مَا ذُكِرَ مِثْلُ (الْعَرْضِ لِلْبَيْعِ كَمَا لَوْ أَذِنَا فِيهِ) أَيْ فِي عَرْضِهِ لِلْبَيْعِ (وَكَالْإِيجَابِ فِيمَا رَهَنَا) إذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ قَبُولٌ وَلَا قَبْضٌ
. (وَوَطْءُ) مُوصٍ (مَنْزِلٍ) فِي قُبُلِ الْأَمَةِ لِظُهُورِ قَصْدِ الْإِيلَادِ فَأَشْبَهَ الْعَرْضَ لِلْبَيْعِ بِخِلَافِ وَطْئِهِ فِي غَيْرِ قُبُلِهَا وَوَطْئِهِ فِي قُبُلِهَا بِلَا إنْزَالٍ وَتَبِعَ فِي ذَلِكَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ رُجُوعًا مُطْلَقًا كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمْ الشَّيْخَانِ وَصَحَّحَاهُ فَقَدْ يُنْزِلُ وَلَا يُحْبِلُ وَقَدْ يَعْزِلُ فَيَسْبِقُ الْمَاءُ وَكَالْعَرْضِ عَلَى الْبَيْعِ الْعَرْضُ عَلَى الرَّهْنِ وَنَحْوِهِ وَكَالْإِيجَابِ فِي الرَّهْنِ الْإِيجَابُ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ (وَإِيجَارٍ إذَا فِي مُدَّةٍ أَوْصَى بِهَا يَبْقَى) أَيْ وَكَإِجَارَةٍ تَبْقَى مُدَّةَ الْوَصِيَّةِ كَأَنْ أَوْصَى بِمَنْفَعَةِ عَبْدِهِ سَنَةً ثُمَّ أَجَّرَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً وَمَاتَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا وَبَقِيَ مِنْهَا سَنَةً فَأَكْثَرَ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا سَنَةٌ بَقِيَتْ الْوَصِيَّةُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ وَلَوْ انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ مَعَهُ فَالْوَصِيَّةُ بِحَالِهَا وَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْهُ الْوَارِثُ حَتَّى مَضَتْ سَنَةٌ بِلَا عُذْرٍ غَرِمَ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ أَمْثِلَةِ الْفِعْلِ الْأَقْوَى فَقَالَ (كَذَا) أَيْ مِثْلُ مَا مَرَّ فِي كَوْنِهِ رُجُوعًا (لَوْ قَطَعَ) الْمُوصِي (الثَّوْبَ) الْمُوصَى بِهِ (قَمِيصًا أَوْ عَجَنْ) أَيْ الدَّقِيقَ (أَوْ نَسَجَ الْغَزْلَ أَوْ الْحَبَّ طَحَنْ أَوْ جَعَلَ الْخُبْزَ فَتِيتًا، وَالْقُطُنْ) بِضَمِّ الطَّاءِ (لِلْحَشْوِ) أَيْ أَوْ جَعَلَ الْقُطْنَ حَشْوًا لِنَحْوِ فَرْشٍ (وَالْأَخْشَابَ بَابًا) أَوْ الْعَجِينَ خُبْزًا فَإِنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ الْوَصِيَّةِ لِظُهُورِهِ فِي الصَّرْفِ عَنْ جِهَتِهَا وَإِنْ لَمْ يُنَافِهَا وَلِبُطْلَانِ الِاسْمِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِ الْمُوصَى لَهُ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْخُبْزِ، وَالْحَشْوِ وَكَذَا لَوْ بَذَرَ الْحَبَّ أَوْ ذَبَحَ الشَّاةَ أَوْ دَبَغَ الْجِلْدَ أَوْ أَحْضَنَ الْبَيْضَ أَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ أَوْ قَصَرَهُ لَا إنْ غَسَلَهُ أَوْ خَاطَ الثَّوْبَ الْمَقْطُوعَ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ لَوْ أَوْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ: كَذَا خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ إنْ جُرَّ قَوْلُهُ: وَإِيجَارٍ كَمَا تَقَرَّرَ وَإِنْ رُفِعَ كَانَ خَبَرًا لَهُ وَهُوَ عَلَى الْأَوَّلِ تَكْمِلَةٌ
(وَلْيَكُنْ كَذَا) أَيْ كَالرُّجُوعِ (انْهِدَامُ الدَّارِ) فِي حَيَاةِ الْمُوصَى بِهَا بِحَيْثُ يَزُولُ اسْمُهَا وَهَذَا فِي النَّقْضِ، وَالْخَشَبِ (لَا فِي الْعَرْصَةِ) لِبَقَائِهَا بِحَالِهَا وَكَذَا فِي الِاسْمِ إنْ بَقِيَ فِيمَا يَظْهَرُ فَإِنْ لَمْ يَزُلْ اسْمُ الدَّارِ بِالِانْهِدَامِ بَقِيَتْ الْوَصِيَّةُ فِيمَا بَقِيَ وَفِي الْمُنْفَصِلِ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُ يُفْهِمُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ رُجُوعٌ فِيهِمَا كَالْعَرْضِ عَلَى مَا مَرَّ بَلْ أَوْلَى اهـ (قَوْلُهُ: تَكْمِلَةٌ) كَانَ وَجْهُهُ فِي الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُنَافِي لَا يَكُونُ إلَّا أَقْوَى وَفِي الثَّانِي الِاسْتِغْنَاءُ عَنْهُ بِالْكَافِ
(قَوْلُهُ: وَإِيجَارُ إلَخْ) مِنْ ثَمَّ يُعْلَمُ أَنَّ مُجَرَّدَ عَقْدِ الْإِيجَارِ لَيْسَ بِرُجُوعٍ وَيُعْلَمُ أَنَّ هَذَا مِنْ الْمُنَافِي لَا مِنْ مُقَدَّمَاتِ الْمُنَافِي بِرّ (قَوْلُهُ: غَرِمَ) أَيْ لِلْمُوصَى لَهُ (قَوْلُهُ الْمَقْطُوعُ) أَيْ حِينَ الْوَصِيَّةِ بِهِ
(قَوْلُهُ: أَيْ كَالرُّجُوعِ) هَلَّا قَالَ أَيْ كَقَطْعِ الثَّوْبِ وَمَا بَعْدَهُ فِي أَنَّهُ رُجُوعٌ (قَوْلُهُ بِحَيْثُ يَزُولُ اسْمُهَا) وَلَوْ كَانَتْ صِيغَةُ الْوَصِيَّةِ أَوْصَيْتُ لَهُ بِهَذِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الدَّارِ وَكَذَا نَظَائِرُهُ الْآتِيَةِ بِرّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الرَّوْضِ وَإِلَّا بَطَلَ أَيْ الْإِيصَاءُ فِي نَقْضِ الْمُنْهَدِمِ مِنْهَا أَيْ فَقَطْ اهـ (قَوْلُهُ: لَا فِي الْعَرْصَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ الصِّحَّةِ فِي الْعَرْصَةِ الْمُلْحَقِ بِهَا الْأُسُّ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ تَصْحِيحِ الْمُتَوَلِّي وَقَالَ الرُّويَانِيُّ إنَّ الْقَوْلَ بِبَقَائِهَا فِي الْعَرْصَةِ غَلَطٌ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِدَارٍ فَذَهَبَ السَّيْلُ بِهَا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى دَارًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ، وَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ الْبُطْلَانُ فِي الْجَمِيعِ اهـ وَقَدْ يُقَالُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ لَيْسَ نَصًّا فِي بُطْلَانِهَا فِي الْعَرْصَةِ أَيْضًا وَأَيْضًا قَدْ يَكُونُ مُرَادُهُ بِذَهَابِ
ــ
[حاشية الشربيني]
فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ
(قَوْلُهُ: تَكْمِلَةٌ) ؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ عَنْ التَّقْيِيدِ فِي الْمُنَافِي، وَذِكْرَهُ فِي الْفِعْلِ يُفِيدُ الْإِطْلَاقَ فِي الْمُنَافِي تَأَمَّلْهُ فَإِنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِ الشَّارِحِ عَنْ كَوْنِهِ أَقْوَى مِنْهُ خِلَافًا لِمَا فِي الْحَاشِيَةِ
(قَوْلُهُ: وَوَطْءُ مُنْزِلٍ) أَيْ سَوَاءٌ عَزَلَ أَوْ لَمْ يَعْزِلْ لِأَنَّهُ مُقَدِّمَةٌ لِلْفِعْلِ الْأَقْوَى، وَهُوَ الْإِيلَاجُ، وَأَمَّا الْوَطْءُ بِلَا إنْزَالٍ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ الرُّجُوعُ هَذَا هُوَ اخْتِيَارُهُ.
(قَوْلُهُ: لِنَحْوِ الْفَرْشِ) أَيْ لِغَيْرِ الْمُوصَى لَهُ، وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ رُجُوعًا كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي نَظَائِرِهِ حَيْثُ بَقِيَتْ الْعَيْنَانِ بِحَالِهِمَا. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: أَوْ الْعَجِينَ خُبْزًا) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ تَقْدِيدِ اللَّحْمِ حَيْثُ كَانَ يَفْسُدُ بِبَقَائِهِ غَيْرَ قَدِيدٍ فَإِنَّهُمْ قَالُوا لَا يَكُونُ رُجُوعًا حِينَئِذٍ مَعَ أَنَّ الْعَجِينَ يَفْسُدُ لَوْ تُرِكَ لِأَنَّ التَّهْيِئَةَ لِلْأَكْلِ فِي الْخُبْزِ أَغْلَبُ، وَأَظْهَرُ مِنْهَا فِي التَّقْدِيدِ. اهـ. م ر، وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ
(قَوْلُهُ: لِظُهُورِهِ فِي الصَّرْفِ إلَى قَوْلِهِ وَلِبُطْلَانِ الِاسْمِ) قَالَ م ر كُلٌّ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ تَعْلِيلٌ مُسْتَقِلٌّ فَلَوْ حَصَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ زَالَ الِاسْمُ كَانَ رُجُوعًا، وَإِلَّا فَلَا. اهـ. قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ إنَّ الْأَصْحَابَ عَلَّلُوا بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَقَدْ يُرَجِّحُونَ أَحَدَ الْمَعْنَيَيْنِ عَلَى الْآخَرِ لِمُدْرَكٍ يَخُصُّهُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا تَعْلِيلٌ مُسْتَقِلٌّ إلَّا أَنَّهُ قَدْ يُعَارِضْهُ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الدَّبْغُ، وَالْإِحْضَانُ قَبْلَ التَّفَرُّخِ رُجُوعًا مَعَ بَقَاءِ الِاسْمِ فِيهِمَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِبَقَائِهَا بِحَالِهَا) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ التَّصَرُّفَ فِي بَعْضِ الْمُوصَى بِهِ إنَّمَا يُفِيدُ الرُّجُوعَ فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ لَا الْكُلِّ
وَجْهَانِ الْمَنْصُوصُ مِنْهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ الْمَنْعُ قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ أَمَّا إذَا انْهَدَمَتْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقَبْلَ الْقَبُولِ وَإِنْ زَالَ اسْمُهَا بِالِانْهِدَامِ فَالْوَصِيَّةُ بِحَالِهَا لِاسْتِقْرَارِهَا بِالْمَوْتِ وَبَقَاءِ اسْمِ الدَّارِ يَوْمَئِذٍ وَخَرَجَ بِانْهِدَامِهَا مَا لَوْ هَدَمَهَا الْمُوصِي بِحَيْثُ زَالَ اسْمُهَا فَإِنَّهُ رُجُوعٌ فِي الْعَرْصَةِ أَيْضًا لِظُهُورِهِ فِي الصَّرْفِ عَنْ جِهَةِ الْوَصِيَّةِ أَمَّا لَوْ هَدَمَهَا غَيْرُ الْمُوصِي فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ كَانْهِدَامِهَا
(وَ) يَحْصُلُ الرُّجُوعُ أَيْضًا (بِبِنَا الْعَرْصَةِ) الْمُوصَى بِهَا (أَوْ بِغَرْسٍ تِي) أَيْ أَوْ بِغَرْسِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ لِلدَّوَامِ فَيُشْعِرُ بِأَنَّهُ قَصَدَ إبْقَاءَهَا لِنَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا زَرَعَهَا فَإِنَّهُ كَلُبْسِ الثَّوْبِ (وَخَلْطِهِ) أَيْ وَبِخَلْطِ الْمُوصِي (بُرًّا) وَلَوْ دُونَ الْمُوصَى بِهِ (بِمَا عَيَّنَ مِنْ بُرٍّ) أَيْ بِبُرٍّ مُعَيَّنٍ أَوْصَى بِهِ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ عَنْ إمْكَانِ التَّسْلِيمِ (أَوْ) بِخَلْطِهِ الْبُرَّ (الْأَجْوَدَ بِالصُّبْرَةِ إنْ وَصَّى بِبَعْضِهَا) كَصَاعٍ مِنْهَا لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَمْ تَتَنَاوَلْهَا الْوَصِيَّةُ بِخِلَافِ خَلْطِهِ بِالْمِثْلِ أَوْ الْأَرْدَأِ فَلَيْسَ رُجُوعًا لِأَنَّ الْمُوصَى بِهِ شَائِعٌ مَخْلُوطٌ بِغَيْرِهِ فَلَا يَضُرُّ زِيَادَةُ خَلْطِهِ وَتَغَيُّرِهِ بِالنُّقْصَانِ بِخَلْطِهِ بِالْأَرْدَأِ تَعْيِيبٌ فَلَا يُؤَثِّرُ مَا اخْتِلَاطُهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ غَيْرِ الْمُوصِي فَلَيْسَ رُجُوعًا مُطْلَقًا
(وَ) بِقَوْلِهِ (أَوْصَيْتُ لِذَا بِمَا لِذَا أَوْصَيْت) بِهِ لِظُهُورِهِ فِي الرُّجُوعِ وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا لَوْ أَوْصَى بِعَيْنٍ لِزَيْدٍ ثُمَّ أَوْصَى بِهَا لِعَمْرٍو كَمَا سَيَأْتِي بِأَنَّهُ هُنَاكَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَسِيَ الْوَصِيَّةَ الْأُولَى فَاسْتُصْحِبْنَاهَا بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ بِخِلَافِهِ هُنَا (ضِدَّ) بِنَصْبِهِ حَالًا وَبِرَفْعِهِ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَمَا مَرَّ ضِدَّ (مَا إذَا أَنْكَرَ) الْوَصِيَّةَ فَلَيْسَ رُجُوعًا كَمَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ لَكِنَّهُمَا جَزَمَا هُنَا بِأَنَّهُ رُجُوعٌ قَالَ الرَّافِعِيُّ عَلَى مَا مَرَّ فِي إنْكَارِ الْوَكَالَةِ وَقَضِيَّتُهُ الْفَرْقُ بَيْنَ كَوْنِهِ لِغَرَضٍ وَدُونِهِ وَقَدْ جَمَعَا هُنَاكَ بَيْنَ الْوَكَالَةِ، وَالْوَصِيَّةِ، وَالتَّدْبِيرِ وَذَكَرَا فِيهَا وُجُوهًا أَصَحُّهَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَكَالَةِ وَبَيْنَ الْآخَرَيْنِ فَتَرْتَفِعُ الْوَكَالَةُ لِأَنَّ فَائِدَتَهَا الْعُظْمَى تَتَعَلَّقُ بِالْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ الْآخَرَيْنِ لِأَنَّهُمَا عَقْدَانِ يَتَعَلَّقُ بِهِمَا غَرَضُ شَخْصَيْنِ فَلَا يُجْعَلُ إنْكَارُ أَحَدِهِمَا رَفْعًا لَهُ قَالَ فِي التَّذْنِيبِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ قَالَ النَّشَائِيُّ فَإِطْلَاقُ الْحَاوِي عَلَى الصَّوَابِ (أَوْ تَمَّرَ) الرُّطَبَ الْمُوصَى بِهِ أَيْ جَفَّفَهُ فَلَيْسَ رُجُوعًا لِأَنَّ تَجْفِيفَهُ صَوْنٌ لَهُ عَنْ الْفَسَادِ فَلَا يُشْعِرُ بِتَغْيِيرِ الْقَصْدِ وَقَدْ يُقَالُ قَضِيَّتُهُ أَنْ لَا يَكُونَ خَبْزُ الْعَجِينِ رُجُوعًا وَهُوَ مَا بَحَثَهُ الشَّيْخَانِ لَكِنَّ الْمَنْقُولَ أَنَّهُ رُجُوعٌ كَمَا مَرَّ وَيُجَابُ بِأَنَّ تَتْمِيرَ الرُّطَبِ لِمَحْضِ صَوْنِهِ عَنْ الْفَسَادِ بِخِلَافِ خَبْزِ الْعَجِينِ فَإِنَّ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ تَهْيِئَتَهُ لِلْأَكْلِ وَكَتَتْمِيرِ الرُّطَبِ تَقْدِيدُ اللَّحْمِ إذَا كَانَ مُعَرَّضًا لِلْفَسَادِ (أَوْ) قَالَ (ذَا) أَيْ الْمُوصَى بِهِ (تَرِكَهْ) لِي فَلَيْسَ رُجُوعًا لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ مِنْ التَّرِكَةِ (وَ) ضِدَّ (نَقْلِهِ) الْمُوصَى بِهِ مِنْ مَكَانِ إلَى آخَرَ (وَبَيْعِ مَالِ مَلَكَهُ مُوصٍ بِثُلْثِ مَالِهِ) أَيْ بَيْعِهِ مَالَهُ وَقَدْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ فَلَيْسَ كُلٌّ مِنْهُمَا رُجُوعًا إذْ لَا إشْعَارَ لَهُ بِهِ وَثُلُثُ الْمَالِ
ــ
[حاشية العبادي]
السَّيْلِ مَا يَعُمُّ تَخْرِيبَ عَرْصَتِهَا بِحَيْثُ لَا يَتَأَتَّى الِانْتِفَاعُ بِهَا سم.
(قَوْلُهُ: الْمَنْعَ) أَيْ مَنْعَ بَقَاءِ الْوَصِيَّةِ
(قَوْلُهُ: أَوْ بِغَرْسِهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي بَعْضِهَا كَانَ رُجُوعًا فِيهِ دُونَ الْبَاقِي قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ اهـ فَانْظُرْ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْغِرَاسُ أَوْ الْبِنَاءُ فِي جَانِبٍ مِنْهَا بَلْ مُتَفَرِّقًا فِي أَجْزَائِهَا فَهَلْ تَبْقَى فِي الْمُتَخَلِّلِ بَيْنَ الْبِنَاءِ أَوْ الْغِرَاسِ أَوْ يُقَالُ حَيْثُ صَارَتْ بِحَيْثُ سُمِّيَتْ بُسْتَانًا بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَكَذَا إنْ عَمَّرَ بُسْتَانًا مَثَلًا أَوْصَى بِهِ فَلَيْسَ بِرُجُوعٍ، لَا إنْ غَيَّرَ بِذَلِكَ اسْمَهُ كَأَنْ جَعَلَهُ خَانًا أَوْ لَمْ يُغَيِّرْهُ لَكِنْ أَحْدَثَ فِيهِ بَابًا مِنْ عِنْدِهِ فَيَكُونُ رُجُوعًا اهـ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا زَرَعَهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَزْرُوعُ مِمَّا تَبْقَى أُصُولُهُ دَائِمًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَالْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِهِمْ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ، وَالثِّمَارِ أَنَّهُ كَالْغِرَاسِ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلدَّوَامِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِفِعْلِ غَيْرِ الْمُوصِي فَلَيْسَ رُجُوعًا مُطْلَقًا) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا خَلَطَهُ بِمِلْكِ الْمُوصِي أَمَّا خَلْطُهُ بِمِلْكِ نَفْسِهِ فَقَدْ سَلَفَ فِي الْغَصْبِ أَنَّهُ إتْلَافٌ وَذَلِكَ مَانِعٌ مِنْ الْوَصِيَّةِ كَقَتْلِ الْعَبْدِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي بِرّ (فَرْعٌ)
قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَوْ بَلَّهَا بِالْمَاءِ كَانَ رُجُوعًا شَرْحُ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقِ أَنَّهُ هُنَاكَ لَوْ كَانَ عَالِمًا بِالْوَصِيَّةِ الْأُولَى كَانَ رُجُوعًا لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ الْآتِي لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ التَّشْرِيكِ دُونَ الرُّجُوعِ خِلَافُهُ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي هَامِشِ مَا هُنَاكَ مَا يُؤَيِّدُ مُقْتَضَى الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ جُمِعَا هُنَاكَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُرِيدُ فِي التَّدْبِيرِ بِرّ (قَوْلُهُ فَإِطْلَاقُ الْحَاوِي عَلَى الصَّوَابِ) الْمُعْتَمَدُ التَّفْصِيلُ هُنَا كَالْوَكَالَةِ م ر صَوْنًا عَنْ الْفَسَادِ (فَرْعٌ)
أَوْصَى بِخَشَبٍ ثُمَّ جَعَلَهُ فَحْمًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ رُجُوعًا لِزَوَالِ الِاسْمِ مَعَ عَدَمِ كَوْنِ ذَلِكَ صَوْنًا عَنْ الْفَسَادِ إذْ لَا فَسَادَ مَعَ بَقَائِهِ خَشَبًا.
(قَوْلُهُ: لِمَحْضِ صَوْنِهِ إلَخْ) لِتَأَتِّي أَكْلِهِ وَاعْتِيَادِهِ بِدُونِ تَمَيُّزٍ (قَوْلُهُ: تَقْدِيدُ اللَّحْمِ) قِيَاسُهُ تَجْفِيفُ الْعَجِينِ
ــ
[حاشية الشربيني]
خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْجَلَالِ
(قَوْلُهُ وَخَلْطِهِ بُرًّا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَخْلُوطُ أَجْوَدَ أَوْ لَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا، وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهَا حَيْثُ لَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ إلَّا إذَا كَانَ الْمَخْلُوطُ أَجْوَدَ إنَّ الْمُوصَى بِهِ فِي مَسْأَلَةِ الصُّبْرَةِ مَخْلُوطٌ قَبْلُ فَلَمْ تَحْدُثْ لَهُ صِفَةٌ زَائِدَةٌ بِمُجَرَّدِ خَلْطِ الصُّبْرَةِ بِغَيْرِهَا فَاعْتُبِرَ أَنْ يَكُونَ الْخَلْطُ بِأَجْوَدَ خَاصَّةً لِتَحْصُلَ لَهُ صِفَةٌ مُشْعِرَةٌ بِالرُّجُوعِ، وَالْحِنْطَةُ الْمُعَيَّنَةُ لَمَّا كَانَتْ مُتَمَيِّزَةً وَقْتَ الْوَصِيَّةِ كَانَ فِي مُجَرَّدِ خَلْطِهَا صِفَةٌ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً قَبْلُ فَأَثَّرَ مُطْلَقًا. اهـ. ع ش عَلَى م ر، وَبَيَانِ الْفَتَاوَى عَلَى الْحَاوِي
(قَوْلُهُ: أَمَّا اخْتِلَاطُهُ بِنَفْسِهِ إلَخْ) أَيْ بِمَالِ الْمُوصِي أَمَّا لَوْ اخْتَلَطَ بِمَالِ غَيْرِ الْمُوصِي فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُشْتَرَكًا فَيَلْزَمُ خُرُوجُ نِصْفِ الْمُوصَى بِهِ عَنْ مِلْكِ الْمُوصِي إلَى مِلْكِ صَاحِبِ الْمَالِ الْآخَرِ. اهـ. حَجَرٌ
(قَوْلُهُ: مَا إذَا أَنْكَرَ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ أَوْ لَا، وَإِنْ قَيَّدَ فِي الرَّوْضِ، وَشَرْحَيْ الْمِنْهَاجِ بِجَوَابِ السُّؤَالِ، وَكَوْنِ الْإِنْكَارِ لِغَرَضٍ لَا يَخْتَصُّ بِجَوَابِ السُّؤَالِ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ الْفَرْقُ)
لَا يَخْتَصُّ بِالْمَوْجُودِ بَلْ الْعِبْرَةُ بِحَالَةِ الْمَوْتِ وَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ بِالْبَيْعِ بَلْ ضَابِطُهُ مَا يُزِيلُ الْمِلْكَ وَلَا بِالْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ
(وَالْجَارِيَهْ) إذَا (زَوَّجَهَا) أَيْ وَضِدَّ تَزْوِيجِهِ الْجَارِيَةَ الْمُوصَى بِهَا فَلَيْسَ رُجُوعًا وَمِثْلُهُ تَزْوِيجُهُ الْعَبْدَ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى وَقَوْلِ الْحَاوِي، وَالتَّزْوِيجُ يَشْمَلُهُ بِالْمَنْطُوقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَعْطُوا زَيْدًا هَذِهِ الْأَمَةَ لِيَتَسَرَّى بِهَا ثُمَّ زَوَّجَهَا كَانَ رُجُوعًا وَلَا يَحْصُلُ الرُّجُوعُ أَيْضًا بِخِتَانِ الرَّقِيقِ وَتَعْلِيمِهِ وَإِعَارَتِهِ وَاسْتِخْدَامِهِ، وَالْإِذْنِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ (وَشَرَّكُوا بَا) لِوَصِيِّهِ (الثَّانِيَهْ) فِي الْأُولَى بِأَنْ أَوْصَى بِعَيْنٍ لِزَيْدٍ ثُمَّ أَوْصَى بِهَا لِعَمْرٍو فَلَيْسَ ذَلِكَ رُجُوعًا فِي جَمِيعِ الْأُولَى لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ التَّشْرِيكِ دُونَ الرُّجُوعِ فَنُزِّلَتْ الْوَصِيَّتَانِ مَنْزِلَةَ قَوْلِهِ أَوْصَيْت لَهُمَا بِهَذَا لَكِنْ فِي هَذِهِ لَوْ رَدَّ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لِلْآخَرِ إلَّا النِّصْفُ لِأَنَّهُ الَّذِي أَوْجَبَهُ لَهُ الْمُوصِي صَرِيحًا بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا لَوْ رَدَّ فِيهَا أَحَدُهُمَا كَانَ لِلْآخِرِ الْكُلُّ وَلَوْ أَوْصَى بِالْعَيْنِ لِثَالِثٍ كَانَتْ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا أَوْ لِرَابِعٍ كَانَتْ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا وَهَكَذَا وَلَوْ أَوْصَى بِعَيْنٍ لِوَاحِدٍ ثُمَّ بِنِصْفِهَا لِآخَرَ وَقَبِلَا فَثُلُثَاهَا لِلْأَوَّلِ وَثُلُثُهَا لِلثَّانِي بِأَنْ يُقَالَ مَعَنَا مَالٌ وَنِصْفُ مَالٍ فَنَجْمَعُهُمَا تَكُونُ الْجُمْلَةُ ثَلَاثَةً تُقْسَمُ بِالنِّسْبَةِ فَيَكُونُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا قُلْنَاهُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَلَا بِالْوَصِيَّةِ) عُطِفَ عَلَى الْبَيْعِ
(قَوْلُهُ: وَإِعَارَتُهُ) أَيْ وَإِجَارَتُهُ رَوْضٌ.
(قَوْلُهُ: وَشَرَّكُوا الثَّانِيَةَ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَإِنْ وَصَّى بِهِ لِزَيْدٍ ثُمَّ بِعِتْقِهِ فَيُقَدَّمُ الْعِتْقُ أَوْ يُقْسَمُ وَجْهَانِ وَكَذَا عَكْسُهُ اهـ وَبَيَّنَ فِي شَرْحِهِ أَنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ وَأَنَّهُ نَصُّ الْأُمِّ ثُمَّ فَرَّقَ بَيْن هَذِهِ وَقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَشَرَّكُوا بِالثَّانِيَةِ بِأَنَّ الثَّانِيَةَ هُنَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الْأُولَى ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَإِنْ قَالَ بِيعُوهُ وَاصْرِفُوا ثَمَنَهُ إلَى الْمَسَاكِينِ ثُمَّ قَالَ بِيعُوهُ وَاصْرِفُوا ثَمَنَهُ إلَى الرِّقَابِ اشْتَرَكُوا أَيْ فِي الثَّمَنِ اهـ قَالَ فِي شَرْحِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُوصِي ذَاكِرًا لِلْأُولَى صُرِفَ الْجَمِيعُ إلَى الرِّقَابِ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي نَظَائِرِهِ وَقَدْ صَرَّحَ هُوَ بِهِ فِي بَعْضِهَا وَفَارَقَ اشْتِرَاكُهُمَا فِيمَا ذُكِرَ مَا لَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِلْفُقَرَاءِ ثُمَّ أَوْصَى بِبَيْعِهِ وَصَرْفِهِ لِلْمَسَاكِينِ حَيْثُ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ الثَّانِيَةُ رُجُوعًا بِأَنَّهَا فِي مَسْأَلَتِنَا مِنْ جِنْسِ الْأُولَى بِخِلَافِهَا ثُمَّ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ. اهـ. وَظَاهِرٌ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمَتْنِ أَعْنِي قَوْلَهُ وَشَرَّكُوا بِالثَّانِيَةِ مِنْ نَظَائِرِ مَا ذُكِرَ فَلَوْ كَانَ الْمُوصِي فِيهَا عِنْدَ الثَّانِيَةِ ذَاكِرًا لِلْأُولَى صُرِفَ الْجَمِيعُ لِلثَّانِيَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَثُلُثَاهَا لِلْأَوَّلِ وَثُلُثُهَا لِلثَّانِي) غَلَّطَ الْإِسْنَوِيُّ الشَّيْخَيْنِ فِي ذَلِكَ وَصَوَّبَ أَنَّ لِلْأَوَّلِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ وَلِلثَّانِي الرُّبُعَ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ لِلْأَوَّلِ وَقَدْ شَرَّكَهُ مَعَ الثَّانِي فِي النِّصْفِ الْآخَرِ وَجَزَمَ بِمَا صَوَّبَهُ فِي الرَّوْضِ قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ وَيُرَدُّ يَعْنِي مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ مَا فِي الْأَصْلِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ الْجَارِي عَلَى قَاعِدَةِ الْبَابِ إذْ نِسْبَةُ النِّصْفِ إلَى مَجْمُوعِ الْوَصِيَّتَيْنِ بِالثُّلُثِ.
وَعَلَيْهِ لَوْ أَوْصَى لِلْأَوَّلِ بِالْكُلِّ وَلِلثَّانِي بِالثُّلُثِ اقْتَسَمَاهُ أَرْبَاعًا إذْ نِسْبَةُ الثُّلُثِ إلَى الْمَجْمُوعِ الرُّبُعُ اهـ كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ هُوَ الصَّوَابُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَعَلَ لِلِابْنِ الْكُلَّ وَلِلْبِنْتِ النِّصْفَ إذَا انْفَرَدَا فَإِذَا اجْتَمَعَا قُسِمَ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا وَكَذَا الْأَخُ، وَالْأُخْتُ وَهُوَ الْمَنْقُولُ فِي الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَعِبَارَتُهُ وَإِذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلِلْآخَرِ بِمَالِهِ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةٍ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَاحِدٌ وَلِصَاحِبِ الْكُلِّ ثَلَاثَةٌ وَذَكَرَ الْبُوَيْطِيُّ مِثْلَهُ اهـ وَقَوْلُهُ وَصَوَّبَ أَنَّ لِلْأَوَّلِ إلَخْ وَهَذَا التَّصْوِيبُ عَلَى وَفْقِ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ وَشَرَّكُوا بِالثَّانِيَةِ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ وَفِي الْحَقِيقَةِ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ عَلَى وَفْقِهِ لِأَنَّهُ فِي كِلْتَا الْمَسْأَلَتَيْنِ أَعْنِي الْوَصِيَّةَ لِلثَّانِي بِالْكُلِّ، وَالْوَصِيَّةَ لَهُ بِالنِّصْفِ قَدْ جَمَعْنَا الْوَصِيَّتَيْنِ وَقَسَمْنَا بِاعْتِبَارِ نِسْبَةِ كُلٍّ مِنْ الْوَصِيَّتَيْنِ إلَى مَجْمُوعِهِمَا وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا تَشْرِيكٌ بِالثَّانِيَةِ فَتَأَمَّلْهُ
ــ
[حاشية الشربيني]
اعْتَمَدَهُ م ر
(قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ التَّشْرِيكِ إلَخْ) الْأَوْلَى لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى كَمَا صَنَعَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِيَكُونَ أَنْسَبَ بِأَنَّهُ لَوْ رَدَّ أَحَدُهُمَا كَانَ لِلْآخَرِ الْكُلُّ كَمَا سَيَأْتِي، وَلِيُوَافِقَ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِعَيْنٍ لِوَاحِدٍ ثُمَّ بِنِصْفِهَا لِآخَرَ فَثُلُثَاهَا لِلْأَوَّلِ، وَثُلُثُهَا لِلثَّانِي إذْ لَوْ أَرَادَ مُجَرَّدَ التَّشْرِيكِ لَكَانَتْ الْمُشَارَكَةُ فِي الْمَرْجُوعِ فِيهِ، وَهُوَ النِّصْفُ فَيَكُونُ لِلثَّانِي الرُّبُعُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ أَيْضًا نَعَمْ يُمْكِنُ إرَادَتُهُ الشَّرِكَةَ فِي الْكُلِّ لَكِنَّهُ احْتِمَالٌ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ بِخِلَافِ إرَادَةِ مُجَرَّدِ التَّشْرِيكِ فَإِنَّهُ أَقَلُّ مَا يُمْكِنُ فَعَمِلْنَا بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ