المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

كَالْوَصِيِّ وَفِي كَلَامِ الْجُرْجَانِيِّ إشَارَةٌ إلَيْهِ ثُمَّ قَالَ مَرَّةً أُخْرَى - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٤

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الْوَصَايَا)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْوِصَايَةِ)

- ‌(فَرْعٌ)الْوِصَايَةُ جَائِزَةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ

- ‌(بَابُ الْوَدِيعَةِ)

- ‌(بَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ)

- ‌ بَيَانِ الْغَنِيمَةِ وَتَخْمِيسِهَا

- ‌(بَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ)

- ‌ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَكَافِرٍ

- ‌(بَابُ النِّكَاحِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْعَقْدِ) لِلنِّكَاحِ وَمُقَدِّمَاتِهِ

- ‌[الْكَفَاءَةِ الْمُعْتَبَرَةِفِي النِّكَاحِ]

- ‌ الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْخِيَارِ فِي النِّكَاح]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْخِيَارِ فِي النِّكَاح وَأَحْكَامٍ أُخَرَ]

- ‌(بَابُ الصَّدَاقِ)

- ‌ بَيَانِ تَشْطِيرِ الْمَهْرِ

- ‌ حُكْمَ تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ فِي الْمَهْرِ

- ‌(بَابُ الْقَسْمِ) .وَالنُّشُوزُ

- ‌(بَابُ الْخُلْعِ)

- ‌[فَرْعٌ خَالَعَهَا بِمَا فِي كَفِّهَا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ]

- ‌(بَابُ الطَّلَاقِ)

- ‌[فَرْعٌ قَالَ كُلُّ مَا أَمْلِكُهُ حَرَامٌ عَلَيَّ وَلَهُ زَوْجَاتٌ وَإِمَاءٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الرَّجْعَةِ]

- ‌(بَابُ الْإِيلَاءِ)

- ‌[أَرْكَان الْإِيلَاءِ]

- ‌(بَابُ الظِّهَارِ)

- ‌(بَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ)

- ‌(بَابُ الْعِدَدِ)

- ‌(فَرْعٌ)زَنَتْ الْمُعْتَدَّةُ فِي عِدَّتِهَا وَهِيَ بِكْرٌ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌(بَابُ الرَّضَاعِ)

- ‌[بَابُ النَّفَقَة]

- ‌[أَسْبَابُ وُجُوبِ النَّفَقَة]

- ‌(بَابُ الْحَضَانَةِ)

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْ أَقَارِبِ الْوَلَدِ مِمَّنْ لَهُ الْحَضَانَةُ]

- ‌[فَرْعٌ دَفَعَ إلَيْهِ طَعَامًا ثُمَّ أَرَادَ إبْدَالَهُ فِي نَفَقَة مِلْك الْيَمِين]

- ‌[فَرْعٌ لَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضِرْ فَرْعَ أَيْ وَلَدَ مَوَاشِيهِ]

الفصل: كَالْوَصِيِّ وَفِي كَلَامِ الْجُرْجَانِيِّ إشَارَةٌ إلَيْهِ ثُمَّ قَالَ مَرَّةً أُخْرَى

كَالْوَصِيِّ وَفِي كَلَامِ الْجُرْجَانِيِّ إشَارَةٌ إلَيْهِ ثُمَّ قَالَ مَرَّةً أُخْرَى فِي فَتْوَى بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا قَالَهُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي الْآنَ وَهُوَ الْحَقُّ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ عَلَى وِلَايَتِهِ لِأَنَّهُ حِينَ تَصَرَّفَ كَانَ نَائِبَ الشَّرْعِ وَأَمِينَهُ مِثْلُهُ. اهـ. فَعِنْدَهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا بِلَا يَمِينٍ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ بِدُونِهَا كَالْأَبِ، وَالْجَدِّ

(فَرْعٌ)

الْوِصَايَةُ جَائِزَةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ

فَلِلْمُوصِي الرُّجُوعُ مَتَى شَاءَ وَلِلْوَصِيِّ عَزْلُ نَفْسِهِ مَتَى شَاءَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ تَلَفَ الْمَالِ بِاسْتِيلَاءِ ظَالِمٍ مِنْ قَاضٍ وَغَيْرِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَعَلَيْهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ قَبِلَ فَهَلْ يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ فِيهِ نَظَرٌ يُحْتَمَلُ اللُّزُومُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى دَفْعِ الظَّالِمِ بِذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ. اهـ.، وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ إنْ تَعَيَّنَ طَرِيقًا فِي الدَّفْعِ (خَاتِمَةٌ)

نُقِلَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الْعَبَّادِيِّ أَنَّهُ لَوْ خَافَ الْوَصِيُّ أَنْ يَسْتَوْلِيَ غَاصِبٌ عَلَى الْمَالِ فَلَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ شَيْئًا لِتَخْلِيصِهِ

(بَابُ الْوَدِيعَةِ)

تُقَالُ عَلَى الْإِيدَاعِ وَعَلَى الْعَيْنِ الْمُودَعَةِ مِنْ وَدَعَ الشَّيْءَ يَدَعُ إذَا سَكَنَ لِأَنَّهَا سَاكِنَةٌ عِنْدَ الْمُودِعِ وَقِيلَ مِنْ قَوْلِهِمْ فُلَانٌ فِي دَعَةٍ أَيْ رَاحَةٍ لِأَنَّهَا فِي رَاحَةِ الْمُودَعِ وَمُرَاعَاتِهِ

، وَالْأَصْلُ فِيهَا: قَوْله تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58] وَقَوْلُهُ: {فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: 283] وَخَبَرُ: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إلَى مَنْ ائْتَمَنَك وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَك» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَالْحَاكِمُ وَقَالَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلِأَنَّ بِالنَّاسِ حَاجَةً بَلْ ضَرُورَةً إلَيْهَا وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ لِوَاثِقٍ بِأَمَانَةِ نَفْسِهِ قَادِرٍ عَلَى الْحِفْظِ وَقَدْ تَتَعَيَّنُ حِينَئِذٍ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غَيْرُهُ وَلَا يُجْبَرُ حِينَئِذٍ عَلَى إتْلَافِ مَنْفَعَتِهِ وَمَنْفَعَةِ خَرَزِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَتَحْرُمُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْحِفْظِ لِأَنَّهُ يُعَرِّضُهَا لِلتَّلَفِ وَتُكْرَهُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ لِمَنْ لَمْ يَثِقْ بِنَفْسِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ بِحَالِهِ الْمَالِكُ فَلَا تَحْرُمُ وَلَا تُكْرَهُ، وَالْإِيدَاعُ صَحِيحٌ، الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّحْرِيمِ وَأَثَرُ التَّحْرِيمِ مَقْصُورٌ عَلَى الْإِثْمِ لَكِنْ لَوْ كَانَ الْمُودِعُ وَكِيلًا أَوْ وَلِيَّ يَتِيمٍ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الْإِيدَاعُ فَهِيَ مَضْمُونَةٌ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ قَطْعًا وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ.

قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ مُودِعٌ وَمُودَعِ وَدِيعَةٌ وَصِيغَةٌ كَمَا تَعْلَمُ مِنْ كَلَامِ النَّاظِمِ حَيْثُ قَالَ (أَوْدَعْتُ) أَيْ الْإِيدَاعُ (تَوْكِيلٌ) مِنْ الْمَالِكِ أَوْ نَائِبِهِ لِآخَرَ (بِحِفْظِ الْمَالِ) فَيُعْتَبَرُ فِيهِ مَا يُعْتَبَرُ فِي التَّوْكِيلِ مِنْ كَوْنِ الْعَاقِدَيْنِ جَائِزَيْ التَّصَرُّفِ وَمِنْ الْإِيجَابِ وَمِنْ عَدَمِ الرَّدِّ فَيَكْفِي الْقَبْضُ بِلَا قَبُولٍ فَلَوْ وَضَعَ مَالَهُ بَيْنَ يَدَيْ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ لَمْ يَكُنْ إيدَاعًا فَلَوْ قَبَضَهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ ضَمِنَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

بَابُ الْوَدِيعَةِ)

(قَوْلُهُ: أَوْدَعْتُ تَوْكِيلٌ بِحِفْظِ الْمَالِ) أَوْدَعْتُ هَذَا فِعْلٌ فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ لَفْظُهُ حَتَّى يَصِحَّ كَوْنُهُ مُبْتَدَأً لَمْ يَصِحَّ الْإِخْبَارُ عَنْهُ بِهَذَا الْخَبَرِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ أَوْدَعْتُ لَيْسَ تَوْكِيلًا وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مَعْنَاهُ لَمْ يَصِحَّ الْإِخْبَارُ عَنْهُ مُطْلَقًا فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ اللَّفْظُ لَكِنْ عَلَى حَذْفِ أَيْ مَدْلُولِ أَوْدَعْت أَيْ هَذَا اللَّفْظَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اصْطَلَحَ عَلَى وَضْعِ هَذَا اللَّفْظِ لِمَعْنَى الْإِيدَاعِ كَمَا قَدْ يُشْعِرُ بِهِ تَفْسِيرُ الشَّارِحِ

ــ

[حاشية الشربيني]

كَالْأَبِ، وَالْجَدِّ) أَيْ فِيمَا ذَكَرَ، وَإِنْ كَانَ كَالْوَصِيِّ فِي عَدَمِ تَصْدِيقِهِ فِي دَعْوَى الْبَيْعِ، وَتَرْكِهِ الشُّفْعَةَ لِحَاجَةٍ أَوْ غِبْطَةٍ

[فَرْعٌ الْوِصَايَةُ جَائِزَةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ]

(قَوْلُهُ: فَلَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ شَيْئًا) ، وَيُصَدَّقُ فِيهِ بِيَمِينِهِ فَيَرْجِعُ بِهِ إلَّا إنْ صَرَفَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا إنْ كَانَ بِإِذْنِ حَاكِمٍ أَوْ إشْهَادٍ لَا بِنِيَّةِ رُجُوعٍ نَعَمْ إنْ كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا رَجَعَ بِدُونِ إذْنِ حَاكِمٍ، وَكَذَا غَيْرُهُمَا عِنْدَ تَعَذُّرِهِ. اهـ. ق ل

[بَابُ الْوَدِيعَةِ]

(قَوْلُهُ: عَلَى الْإِيدَاعِ) أَيْ الْعَقْدِ الْمُرَكَّبِ مِنْ الْإِيجَابِ، وَالْقَبُولِ بِالْمَعْنَى الْآتِي.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غَيْرُهُ) قَالَ حَجَرٌ، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْأُمَنَاءُ الْقَادِرُونَ فَالْوَجْهُ تَعَيُّنُهَا عَلَى كُلِّ مَنْ سَأَلَهُ مِنْهُمْ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ التَّوَاكُلُ إلَى تَلَفِهَا، وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر قَالَ سم، وَهُوَ بَحْثٌ لِلْأَذْرَعِيِّ وَالزَّرْكَشِيِّ، وَيُبْعِدُهُ نَقْلًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ مَا شَرَطُوا لِلْوُجُوبِ عَدَمَ غَيْرِهِ بَلْ كَانَ الْمُنَاسِبُ اشْتِرَاطَ سُؤَالِهِ فَقَطْ ثُمَّ رَأَيْتُ بِهَامِشِ التُّحْفَةِ قَوْلَهُ فَالْأَوْجَهُ تَعَيُّنُهَا إلَخْ قَالَ الشَّمْسُ م ر مَحَلُّهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْأُمَنَاءِ الْقَادِرِينَ إذَا سُئِلَ امْتَنَعَ كَامْتِنَاعِهِ أَمَّا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ غَيْرَهُ يُجِيبُ فَلَا يَجِبُ حِينَئِذٍ بَلْ يُسَنُّ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ. اهـ. لَكِنَّ عِبَارَةَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَلَوْ تَعَدَّدَ الْأُمَنَاءُ وَجَبَ عَلَى الْمَسْئُولِ الْقَبُولُ خَوْفَ التَّوَاكُلِ. اهـ. (قَوْلُهُ فَلَا يَحْرُمُ) ، وَلَا يُكْرَهُ، وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ: إنَّ الْوَجْهَ التَّحْرِيمُ عَلَيْهِمَا أَمَّا عَلَى الْمَالِكِ فَلِإِضَاعَتِهِ مَالَهُ، وَأَمَّا عَلَى الْمُودِعِ فَلِإِعَانَتِهِ عَلَى ذَلِكَ مَرْدُودٌ إذْ الشَّخْصُ إذَا عَلِمَ مِنْ غَيْرِهِ أَخْذَ مَالِهِ لِيُنْفِقَهُ أَوْ يَدْفَعَهُ لِغَيْرِهِ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ تَمْكِينُهُ مِنْهُ، وَلَا الْأَخْذُ إنْ عَلِمَ رِضَاهُ. اهـ. شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ إلَخْ فِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ إذَا عَلِمَ مِنْهُ إنْفَاقَهُ بِدُونِ إذْنِهِ وَرِضَاهُ كَانَ مُمَكِّنًا لَهُ مِنْ الْمُحَرَّمِ تَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ وَمِنْ الْإِيجَابِ) الَّذِي اعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ اعْتِبَارُ اللَّفْظِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ مَعَ اللَّفْظِ مِنْ الْآخَرِ أَوْ الْفِعْلِ مِنْهُ، وَلَوْ مُتَرَاخِيًا كَمَا فِي الْوَكَالَةِ، وَالْإِيصَاءِ، وَلَا يَكْفِي السُّكُوتُ مِنْهُ

ص: 52

إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعَرَّضًا لِلضَّيَاعِ فَأَخَذَهُ حِسْبَةً صَوْنًا لَهُ عَنْ الضَّيَاعِ فَلَا يَضْمَنُهُ وَلَوْ كَانَ بِإِيجَابٍ لَكِنَّهُ لَمْ يَقْبَلْهُ أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ فَلَيْسَ بِإِيدَاعٍ أَيْضًا حَتَّى لَوْ تَرَكَهُ وَذَهَبَ لَمْ يَضْمَنْهُ لَكِنَّهُ يَأْثَمُ إنْ ذَهَبَ بَعْدَ غَيْبَةِ مَالِكِهِ وَلَوْ قَالَ قَبِلْت أَوْ ضَعْهُ فَوَضَعَهُ فَإِيدَاعٌ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي لَا حَتَّى يَقْبِضَهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ ذَهَبَ وَتَرَكَهُ، وَالْمَالِكُ حَاضِرٌ فَهُوَ رَدٌّ لِلْوَدِيعَةِ أَوْ غَائِبٌ ضَمِنَهُ وَعَلَى الثَّانِي لَا يَضْمَنُهُ مُطْلَقًا وَخَرَجَ بِالْمَالِ غَيْرُهُ أَيْ مِمَّا لَا اخْتِصَاصَ فِيهِ كَخِنْزِيرٍ وَكَلْبٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ بِخِلَافِ مَا فِيهِ اخْتِصَاصٌ كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ.

وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الْإِيدَاعَ عَقْدٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَلَا يَضْمَنْهُ الصَّبِيُّ وَقِيلَ إذْنِ مُجَرَّدٌ فِي الْحِفْظِ فَيَضْمَنُهُ كَذَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ اسْتِنْبَاطِ الْأَصْحَابِ وَأَنَّهُ يَرْتَفِعُ بِمَا تَرْتَفِعُ بِهِ الْوَكَالَةُ وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ تَعْلِيقُهُ وَجَعَلَهُ الرَّافِعِيُّ الْقِيَاسَ لَكِنَّهُ نَقَلَ عَنْ الرُّويَانِيِّ الْجَوَازَ وَعُلِمَ أَيْضًا أَنَّ الْمُودِعَ أَمِينٌ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا بِعَوَارِضَ

وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ (فَيَضْمَنُ الْمُودَعُ بِالتَّرْحَالِ) أَيْ بِسَفَرِهِ وَإِنْ قَصُرَ وَقَوْلُهُ (لَا إنْ طَرَا نَحْوُ جَلَا أَهْلِ الْبَلَدْ) بِقَصْرِ جَلَا لِلْوَزْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ (بِالْمَالِ) صِلَةُ التَّرْحَالِ أَيْ يَضْمَنُ الْمَالَ الْمُودَعَ بِسَفَرِهِ بِهِ لَا إنْ سَافَرَ بِهِ لِطُرُوٍّ وَخُرُوجِ أَهْلِ الْبَلَدِ مِنْهَا أَوْ نَحْوِهِ كَحَرِيقٍ أَوْ إغَارَةٍ وَعَجَزَ عَنْ رَدِّهِ إلَى مَنْ سَيَأْتِي إذْ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ وَيَلْزَمُهُ السَّفَرُ بِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حَتَّى لَوْ تَرَكَهُ ضَمِنَهُ وَإِنَّمَا يَضْمَنُهُ بِسَفَرِهِ لِغَيْرِ مَا ذُكِرَ إذَا (لَمْ يُودَعْهُ) بِفَتْحِ الدَّالِ (فِيهِ) أَيْ فِي السَّفَرِ (وَوَجَدْ ذَا الْمَالِ أَوْ وَكِيلَهُ) .

وَذِكْرُ الْوَكِيلِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَالْقَاضِيَا فَالْعَدْلَ) لِتَقْصِيرِهِ بِالسَّفَرِ الَّذِي

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: حَتَّى لَوْ تَرَكَهُ وَذَهَبَ لَمْ يَضْمَنْهُ لَكِنَّهُ يَأْثَمُ إلَخْ) قَضِيَّةُ صَنِيعِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّ نَطِيرَ هَذَا مِنْ الْحَالَةِ الْأُولَى لَا إثْمَ فِيهِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ رحمه الله وَأَقُولُ إطْلَاقُ قَوْلِهِ كَغَيْرِهِ مَمْنُوعٌ فَإِنَّ قَوْلَ الرَّوْضِ فَإِنْ لَمْ يُوجِبْ لَهُ أَوْ أَوْجَبَ وَرَدَّ ضَمِنَ بِالْقَبْضِ لَا بِالتَّضْيِيعِ وَإِنْ أَثِمَ اهـ صَرِيحٌ فِي ثُبُوتِ الْإِثْمِ فِي الْحَالَيْنِ سم.

(قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُهُ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُهُ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ يَمْتَنِعُ تَعْلِيقُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ حَتَّى يَسْقُطَ الْمُسَمَّى إنْ كَانَ وَيَرْجِعُ إلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَيَصِحُّ الْحِفْظُ بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ كَمَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ ثَمَّ حِينَئِذٍ

(قَوْلُهُ وَعَجَزَ عَنْ رَدِّهِ إلَى مَنْ سَيَأْتِي) يُقَالُ عَلَيْهِ قَدْ اسْتَوَى السَّفَرُ لِلْجَلَاءِ وَلِعَدَمِهِ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ حِينَئِذٍ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ الْعَجْزُ عِنْدَ الْجَلَاءِ أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ وَحِينَئِذٍ يَفْتَرِقُ الْحَالَانِ وَدَفَعَ الشَّارِحُ بِالتَّقْيِيدِ تَوَهُّمَ أَنَّ الْمُرَادَ الْإِطْلَاقُ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْرُجُ عَنْ اسْتِوَاءِ الْحَالَيْنِ فَتَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ: فَالْقَاضِيَا فَالْعَدْلُ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا الْإِشْهَادُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْقَبْضِ لَكِنْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ فِي الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْقَبْضِ وَفِي الثَّانِي حِكَايَةُ وَجْهَيْنِ فِي لُزُومِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ بِقَبْضِهَا وَقَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَوْجَهُهُمَا اللُّزُومُ

ــ

[حاشية الشربيني]

خِلَافًا لِلْخَطِيبِ، وَيُغْنِي عَنْ الْقَبُولِ أَخْذُ الْأُجْرَةِ، وَلَمْ يَرْتَضِ هَذِهِ شَيْخُنَا الزِّيَادِيُّ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْبِضْهُ) ظَاهِرُهُ مَعَ أَنَّ الْمَوْضُوعَ وَضْعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ أَنَّ الْوَضْعَ بَيْنَ يَدَيْهِ هُنَا لَيْسَ قَبْضًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ النَّقْلِ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَهُوَ مَا فِي شَرْحِ م ر خِلَافًا لِمَا فِي الشَّيْخِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَحَلِّيِّ أَنَّهُ يَكْفِي هُنَا مُجَرَّدُ الْوَضْعِ، وَاسْتَدَلَّ بِمَا لَا يَدُلُّ لَهُ فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَضْمَنْهُ) أَيْ بِالتَّقْصِيرِ فِي الْحِفْظِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْتِزَامِهِ أَمَّا بِالْإِتْلَافِ فَيَضْمَنُ لِعَدَمِ تَسْلِيطِهِ عَلَيْهِ، وَفِي شَرْحِ م ر مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّا إنْ قُلْنَا أَنَّ الْإِيدَاعَ عَقْدٌ لَا يَضْمَنُ إنْ أَتْلَفَهُ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ بَاعَهُ شَيْئًا، وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ إذْنٌ مُجَرَّدٌ فِي الْحِفْظِ ضَمِنَ بِالْإِتْلَافِ لِعَدَمِ تَسْلِيطِهِ عَلَيْهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهَا عَقْدٌ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الضَّمَانِ، وَلَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَى إتْلَافِهَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ إذْنٌ فِي الِاسْتِهْلَاكِ.

(قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُهُ) أَيْ بِالتَّقْصِيرِ فِي الْحِفْظِ

(قَوْلُهُ، وَيَلْزَمُهُ السَّفَرُ بِهَا) ، وَلَوْ مَخُوفًا إنْ عَلِمَ سَلَامَتَهَا بِهِ فَإِنْ ظَنَّهَا جَازَ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ السَّفَرُ بِهَا) فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَفِي غَيْرِهَا يَجُوزُ السَّفَرُ، وَلَا يَلْزَمُهُ، وَدَفَعَ بِقَوْلِهِ، وَيَلْزَمُهُ إلَخْ مَا يُقَالُ: إنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمَتْنِ مَعَ قَوْلِهِ وَعَجَزَ إلَخْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ بِالسَّفَرِ مِنْ اجْتِمَاعِ الْأَمْرَيْنِ الْعُذْرِ الْمَذْكُورِ، وَالْعَجْزِ عَمَّنْ يَدْفَعُهَا إلَيْهِ مَعَ أَنَّ الْعَجْزَ وَحْدَهُ كَافٍ فِي جَوَازِ السَّفَرِ بِهَا وَعَدَمِ الضَّمَانِ لِئَلَّا يَنْقَطِعَ عَنْ مَصَالِحِهِ، وَتَنْفِرَ النَّاسُ عَنْ قَبُولِ الْوَدَائِعِ، وَوَجْهُ الدَّفْعِ أَنَّ الِاجْتِمَاعَ شَرْطٌ فِي اللُّزُومِ فَقَطْ. اهـ. أَفَادَهُ الْكَرْخِيُّ عَلَى الْمَحَلِّيِّ، وَلَعَلَّ بِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ، وَعَجَزَ عَنْ رَدِّهِ إلَى مَنْ سَيَأْتِي أَنَّهُ قَدْ اسْتَوَى السَّفَرُ لِلْجَلَاءِ، وَلِعَدَمِهِ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ حِينَئِذٍ. اهـ. أَيْ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُ الشَّارِحِ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُهَا بِسَفَرِهِ لِغَيْرِ مَا ذُكِرَ إلَخْ، وَوَجْهُ الدَّفْعِ أَنَّهُمَا، وَإِنْ اسْتَوَيَا فِيمَا ذُكِرَ لَكِنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي اللُّزُومِ، وَعَدَمِهِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَالْقَاضِيَا إلَخْ) إنْ رَدَّهَا لِغَيْرِ مَالِكِهَا، وَنَائِبِهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ السَّفَرُ مُبَاحًا، وَإِلَّا فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْمُبَاحِ كَذَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَسَبَبُهُ فِي الْأَوَّلِ أَنَّ إيدَاعَهَا لِغَيْرِ مَالِكِهَا، وَنَائِبِهِ رُخْصَةٌ فَلَا تُنَاطُ بِالْمَعَاصِي. اهـ.

ص: 53

حِرْزُهُ دُونَ حِرْزِ الْحَضَرِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الرَّدِّ إلَى مَنْ ذُكِرَ فَإِنْ أَوْدَعَهُ فِي سَفَرٍ فَاسْتَدَامَهُ أَوْ فِي حَضَرِهِ وَسَافَرَ بِهِ وَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا مِنْ هَؤُلَاءِ، وَالطَّرِيقُ أَمْنٌ لَمْ يَضْمَنْهُ لِرِضَى الْمَالِكِ بِهِ فِي الْأُولَى وَلِئَلَّا يَنْقَطِعَ الْمُودِعُ عَنْ مَصَالِحِهِ وَيَنْفِرَ النَّاسُ عَنْ قَبُولِ الْوَدَائِعِ فِي الثَّانِيَةِ وَلِلْأَوَّلِ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ ثَانِيًا لِرِضَى الْمَالِكِ بِهِ ابْتِدَاءً إلَّا إذَا دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ إحْرَازُهُ بِالْبَلَدِ فَيَمْتَنِعُ ذَلِكَ ذَكَرَهُ الْعَبَّادِيُّ وَمُجِلِّي وَغَيْرُهُمَا وَقَالَ الْإِمَامُ اللَّائِقُ بِالْمَذْهَبِ الْمَنْعُ وَلَوْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا وَلَهُ عُذْرٌ مِنْ نَحْوِ جَلَاءٍ فَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ مَنْعُهُ مِنْ السَّفَرِ بِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إذَا كَانَ احْتِمَالُ الْهَلَاكِ فِي الْحَضَرِ أَقْرَبَ مِنْهُ فِي السَّفَرِ فَلَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهِ وَلَوْ تَرَكَ التَّرْتِيبَ الْمَذْكُورَ فَرُدَّ إلَى الْقَاضِي مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ إلَى عَدْلٍ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ ضَمِنَ وَلَا يَخْتَصُّ الرَّدُّ إلَى الْقَاضِي ثُمَّ الْعَدْلُ بِعُذْرِ السَّفَرِ فَالْحَرِيقُ، وَالْغَرَقُ، وَالْإِغَارَةُ وَإِشْرَافُ الْحِرْزِ عَلَى الْخَرَابِ إذَا لَمْ يَجِدْ حِرْزًا آخَرَ كَذَلِكَ.

(كَالْمَمَاتِ) أَيْ كَمَا يَضْمَنُ بِمَوْتِهِ وَلَوْ بِقَتْلٍ (لَا مُفَاجِيَا) أَيْ لَا بِمَوْتِهِ فَجْأَةً بَلْ بِمَا يُحْسَبُ التَّبَرُّعُ فِيهِ مِنْ الثُّلُثِ إنْ مَاتَ (بِغَيْرِ إيصَاءِ مُمَيِّزٍ) لِلْوَدِيعَةِ (إلَى عَدْلٍ) بِأَنْ لَمْ يُوصِ بِهَا أَوْ أَوْصَى بِهَا إيصَاءً غَيْرَ مُمَيِّزٍ لَهَا أَوْ مُمَيِّزًا لَهَا لَكِنْ لَا إلَى عَدْلٍ لِتَقْصِيرِهِ بِذَلِكَ أَمَّا إذَا مَاتَ فَجْأَةً كَقَتْلِهِ غِيلَةً أَوْ أَوْصَى إلَى عَدْلٍ وَلَوْ وَارِثًا إيصَاءً مُمَيِّزًا لَهَا بِإِشَارَةٍ إلَى عَيْنِهَا أَوْ بَيَانِ جِنْسِهَا وَصِفَتِهَا وَعَجَزَ عَنْ الرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ ثُمَّ الْحَاكِمِ فَلَا ضَمَانَ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْإِيصَاءِ الْإِعْلَامُ، وَالْأَمْرُ بِالرَّدِّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ يَدِهِ مَعَ وُجُوبِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ صَوْنًا لَهُ عَنْ الْإِنْكَارِ، وَالْإِيصَاءِ إلَى الْقَاضِي ثُمَّ الْعَدْلِ كَالرَّدِّ إلَيْهِمَا فَهُوَ مُخَيَّرٌ عِنْدَ فَقْدِ الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ بَيْنَ الْإِيدَاعِ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَالْإِيصَاءِ إلَيْهِ ثُمَّ بَيْنَ الْإِيدَاعِ عِنْدَ عَدْلٍ، وَالْإِيصَاءِ إلَيْهِ ثُمَّ مَحَلُّ الضَّمَانِ بِالْمَوْتِ بِغَيْرِ وَصِيَّتِهِ إذَا أَتْلَفَ الْمَالَ بَعْدَهُ لَا قَبْلَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَمَالَ إلَيْهِ السُّبْكِيُّ.

وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ بَلْ بِمُجَرَّدِ الْمَرَضِ يَصِيرُ ضَامِنًا لَهُ حَتَّى لَوْ تَلِفَ بِآفَةٍ فِي مَرَضِهِ أَوْ بَعْدَ صِحَّتِهِ ضَمِنَهُ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي غَيْرِ الْقَاضِي، أَمَّا الْقَاضِي إذَا مَاتَ وَلَمْ يُوجَدْ مَالُ الْيَتِيمِ فِي تَرِكَتِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهِ لِأَنَّهُ أَمِينُ الشَّرْعِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأُمَنَاءِ وَلِعُمُومِ وِلَايَتِهِ قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ قَالَ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إذَا فَرَّطَ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهَذَا صَرِيحٌ مِنْهُ بِأَنَّ عَدَمَ إيصَائِهِ لَيْسَ تَفْرِيطًا وَإِنْ مَاتَ عَنْ مَرَضٍ وَهُوَ الْوَجْهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْقَاضِي الْأَمِينِ وَنُقِلْ التَّصْرِيحُ بِهِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ

(وَإِنْ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ (أَوْصَى) بِشَيْءٍ إيصَاءً مُمَيِّزًا إلَى عَدْلٍ (فَلَمْ يُوجَدْ) فِي تَرِكَتِهِ (فَلَا) ضَمَانَ إذْ لَا تَقْصِيرَ وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إيصَاءٍ مُمَيِّزٍ وَلَوْ أَوْصَى بِثَوْبٍ إيصَاءً غَيْرَ مُمَيِّزٍ فَوُجِدَ فِي التَّرِكَةِ ثَوْبٌ وَاحِدٌ لَمْ يَتَعَيَّنْ لِلْوَدِيعَةِ بَلْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَاسْتَدَامَهُ إلَخْ) لَوْ عَدَلَ عَنْ مَقْصِدِهِ لِجِهَةٍ أُخْرَى أُخْطِرَ فَمَحَلُّ نَظَرٍ وَلَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فِي بَلَدٍ وَأَقَامَ بِهَا ثُمَّ سَافَرَ فَالظَّاهِرُ الِامْتِنَاعُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ الِامْتِنَاع مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَلِلْأَوَّلِ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ إلَخْ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا لَوْ عَدَلَ عَنْ مَقْصِدِهِ إلَخْ قَدْ يُؤْخَذُ الْمَنْعُ حِينَئِذٍ مِمَّا نَقَلَهُ الْمُزَجَّدُ فِي تَجْرِيدِهِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي لَوْ كَانَ بَعْضُ الطَّرِيقِ غَيْرَ مَأْمُونٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ إخْرَاجُهَا مِنْ الْمَاءِ انْتَهَى وَفِي الرَّوْضِ فَإِنْ حَدَثَ فِي الطَّرِيقِ خَوْفٌ أَقَامَ أَيْ بِهَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ فِي حَضَرِهِ وَسَافَرَ بِهِ إلَخْ) فِي تَجْرِيدِ الْمُزَجَّدِ وَلَوْ أَوْدَعَ فِي الْبَلَدِ بَدْوِيًّا فَلَهُ السَّفَرُ بِهَا قَالَهُ فِي شَرْحِ التَّعْجِيزِ.

(قَوْلُهُ: مَعَ وُجُوبِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَعَ وُجُوبِ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ عِنْدَ إيصَاءِ الْوَارِثِ أَوْ غَيْرِهِ اهـ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْإِيصَاءِ لِلْقَاضِي، وَالْعَدْلِ فَهَلْ وُجُوبُ الْإِشْهَادِ حِينَئِذٍ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ الْإِشْهَادِ عِنْدَ الرَّدِّ إلَيْهِمَا الْمُبَيَّنِ فِيمَا تَقَدَّمَ أَوَّلًا وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الرَّدِّ إلَيْهِمَا، وَالْإِيصَاءِ إلَيْهِمَا (قَوْلُهُ بَلْ بِمُجَرَّدِ الْمَرَضِ يَصِيرُ ضَامِنًا) الضَّمَانُ بِمُجَرَّدِ الْمَرَضِ فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ، وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ ضَامِنًا إلَّا إذَا مَضَى مَا يَتَمَكَّنُ فِيهِ مِنْ الرَّدِّ أَوْ الْإِيصَاءِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مُرَادُهُ وَأَنَّهُ أَرَادَ بِمُجَرَّدِ الْمَرَضِ عَدَمَ التَّوَقُّفِ عَلَى الْمَوْتِ

ــ

[حاشية الشربيني]

حَجَرٌ وَم ر.

(قَوْلُهُ: فِي سَفَرِهِ) مِثْلُهُ مَا لَوْ أَوْدَعَ بَدْوِيًّا أَوْ مُنْتَجِعًا فِي الْحَضَرِ (قَوْلُهُ مَنَعَهُ) أَيْ إنْ عَلِمَ الْهَلَاكَ بِهِ أَوْ ظَنَّهُ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَخْتَصُّ إلَخْ) أَيْ كَمَا عَلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ أَيْ كَمَا يَضْمَنُ إلَخْ) إنَّمَا يَضْمَنُ عِنْدَ تَرْكِ الْإِيصَاءِ الْمَذْكُورِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْوَدِيعَةِ بَيِّنَةٌ بَاقِيَةٌ كَمَا قَيَّدَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ. اهـ. تُحْفَةٌ (قَوْلُهُ مُمَيِّزًا لَهَا) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُمَيِّزًا ضَمِنَ إنْ وُجِدَ فِي تَرِكَتِهِ مُتَعَدِّدٌ بِالصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ تَمْيِيزِهِ، وَلَا يُعْطَى الْمُودَعُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا بَلْ يَضْمَنُ فِي التَّرِكَةِ بِالْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ فَإِنْ وُجِدَ وَاحِدٌ فَقَطْ بِتِلْكَ الصِّفَةِ أُعْطِيَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَصِفْ كَأَنْ قَالَ عِنْدِي ثَوْبٌ لِفُلَانٍ فَلَا يُعْطَاهُ، وَإِنْ وُجِدَ وَاحِدٌ لِتَقْصِيرِهِ. اهـ. تُحْفَةٌ، وَسَيَأْتِي بَعْضُهُ

(قَوْلُهُ: مَعَ وُجُوبِ الْإِشْهَادِ) ، وَلَوْ كَانَ الْإِيصَاءُ لِلْقَاضِي أَوْ الْأَمِينِ، وَلَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ وُجُوبِ الْإِشْهَادِ عَلَى الْقَاضِي، وَالْأَمِينِ، وَذَلِكَ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ هُنَاكَ سُلِّمَتْ لِنَائِبِ الْمَالِكِ شَرْعًا، وَهُوَ الْقَاضِي، وَالْأَمِينُ فَكَانَ كَتَسْلِيمِهَا لِلْمَالِكِ، وَهُنَا لَمْ يُسَلِّمْ لِأَحَدٍ، وَإِنَّمَا أُمِرَ بِرَدِّهَا فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى التُّحْفَةِ

(قَوْلُهُ: إذَا تَلِفَ الْمَالُ) بَعْدُ مُعْتَمَدٌ

(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) رُدَّ بِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ التَّقْصِيرُ إلَّا بِالْمَوْتِ

(قَوْلُهُ: فَلَمْ يُوجَدْ) وَيُصَدَّقُ الْوَارِثُ فِي أَنَّ مُوَرِّثَهُ رَدَّهَا وَفِي عَدَمِ تَقْصِيرِهِ فِي رَدِّهَا، وَفِي عَدَمِ تَقْصِيرِهِ هُوَ، وَفِي تَلَفِهَا عِنْدَ مُوَرِّثِهِ، وَفِي عَدَمِ عِلْمِهِ بِحَالِهِ. اهـ.

ص: 54

تَجِبُ قِيمَتُهُ فِي التَّرِكَةِ كَمَا لَوْ وَجَدَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَوْبٍ.

(أَوْ نَقَلَ الْمُودَعِ) الْوَدِيعَةَ مِنْ حِرْزٍ لَهُ كَبَيْتٍ عَيَّنَهُ الْمَالِكُ وَلَوْ إلَى أَحْرَزَ مِنْهُ (بِالنَّهْيِ) أَيْ مَعَ نَهْيِهِ عَنْ النَّقْلِ مِنْهُ وَكَانَ النَّقْلُ (بِلَا خِيفَةِ غَارَةٍ) ، وَالْفَصِيحُ إغَارَةٍ (وَنَارٍ) وَغَرَقٍ وَغَلَبَةِ لُصُوصٍ وَنَحْوِهَا فَيَضْمَنُ لِصَرِيحِ الْمُخَالَفَةِ بِلَا حَاجَةٍ فَإِنْ نَقَلَهَا لِخِيفَةِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ إذَا كَانَ الثَّانِي حِرْزُ مِثْلِهَا وَلَا بَأْسَ بِكَوْنِهِ دُونَ الْمُعَيَّنِ إذَا لَمْ يَجِدْ أَحْرَزَ مِنْهُ وَلَا مِثْلَهُ وَمَتَى لَمْ يُنْقَلْ ضَمِنَ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ قَصَدَ بِالنَّهْيِ نَوْعًا مِنْ الِاحْتِيَاطِ فَإِذَا عَرَضَ خَوْفٌ فَالِاحْتِيَاطُ النَّقْلُ إلَّا إذَا قَالَ لَا تَنْقُلْ وَإِنْ حَدَثَ خَوْفٌ فَلَا يَضْمَنُ بِالنَّقْلِ وَلَا بِعَدَمِهِ (أَوْ) نَقَلَهَا بِلَا نَهْيٍ (إلَى حِرْزٍ أَقَلَّ) مِنْ الْمُعَيَّنِ وَإِنْ كَانَ حِرْزَ مِثْلِهَا فَيَضْمَنُ بِخِلَافِ مَا إذَا نَقَلَهَا إلَى حِرْزٍ لَيْسَ أَقَلَّ مِنْ الْمُعَيَّنِ لَا يَضْمَنُهَا حَمْلًا لِتَعْيِينِهِ عَلَى اعْتِبَارِ الْحِرْزِيَّةِ دُونَ التَّخْصِيصِ الَّذِي لَا غَرَضَ فِيهِ كَمَا لَوْ اكْتَرَى أَرْضًا لِزَرْعِ حِنْطَةٍ لَهُ أَنْ يَزْرَعَ مَا ضَرَرُهُ مِثْلُ ضَرَرِهَا وَدُونَهُ (أَوْ بِنَقْلِهِ) الْمُودَعَ بِلَا نَهْيٍ وَلَوْ إلَى أَحْرَزَ مِنْ الْمُعَيَّنِ (هَلَكْ) كَأَنْ انْهَدَمَ عَلَيْهِ أَوْ سُرِقَ مِنْهُ فَيَضْمَنُ، لِأَنَّ التَّلَفَ إنَّمَا جَاءَ مِنْ الْمُخَالَفَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا هَلَكَ فِيهِ فَجْأَةً أَوْ بِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ.

أَمَّا إذَا لَمْ يُعَيِّنْهُ الْمَالِكُ فَإِنْ كَانَ أَحْرَزَ مِنْ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا نَعَمْ إنْ نَقَلَهَا مِنْ بَيْتٍ إلَى بَيْتٍ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ أَوْ خَانٍ وَاحِدٍ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَحْرَزَ إلَّا أَنْ يَنْقُلَهَا بِنِيَّةِ التَّعَدِّي قَالَهُ فِي التَّهْذِيبِ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُعَيَّنُ لِلْمَالِكِ فَلَيْسَ لِلْمُودَعِ إخْرَاجُهَا مِنْهُ إلَّا أَنْ يَعْرِضَ خَوْفٌ

(أَوْ عَلْفَهَا) بِإِسْكَانِ اللَّامِ أَيْ الدَّابَّةِ الْمُودَعَةِ (بِغَيْرِ نَهْيِهِ) أَيْ الْمَالِكِ عَنْ عَلْفِهَا (تَرَكْ) أَيْ الْمُودَعُ مُدَّةً تَمُوتُ فِي مِثْلِهَا فَيَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ الْمَالِكُ بِعَلْفِهَا لِأَنَّهُ الْتَزَمَ حِفْظَهَا فَعَلَيْهِ الْقِيَامُ بِهَا بِمَا يَصُونُهَا عَنْ التَّلَفِ، وَالْعَيْبِ فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ بِجُوعٍ سَابِقٍ ضَمِنَ إنْ عَلِمَهُ وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ أَعْطَاهُ الْمَالِكُ عَلَفًا عَلَفَهَا مِنْهُ وَإِلَّا فَيُرَاجِعْهُ أَوْ وَكِيلَهُ لِيَعْلِفَهَا أَوْ يَسْتَرِدَّهَا فَإِنْ فُقِدَا رَاجَعَ الْقَاضِيَ لِيَقْتَرِضَ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ يُؤَجِّرَهَا أَوْ يَبِيعَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ كَبَيْتٍ عَيَّنَهُ الْمَالِكُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِذَلِكَ مَا إذَا قَالَ: اجْعَلْهَا فِي حِرْزِ مِثْلِهَا وَلَا تَنْقُلْهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِرّ (قَوْلُهُ: بِلَا خِيفَةِ غَارَةٍ إلَخْ) وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي وُقُوعِ الْخَوْفِ كُلِّفَ الْوَدِيعُ بَيِّنَةً بِهِ إنْ لَمْ يَعْرِفْ وَإِلَّا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ وَلَا بَيِّنَةَ صُدِّقَ الْمَالِكُ حَجَرٌ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ نَهْيِ الْمَالِكِ أَوْ هَلَاكِهِ بِسَبَبِ النَّقْلِ فَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّهُ مُشْكِلٌ خُصُوصًا فِي الْأُولَى وَتَقَدَّمَ فِي أَسْفَلِ هَامِشِ الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ بَحْثُ الضَّمَانِ فِي الْأَوَّلِ

(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَفَهَا) خَرَجَ بِهَذَا تَرْكُ سَقْيِ الْأَشْجَارِ وَفِيهِ وَجْهَانِ ثَانِيهِمَا عَدَمُ الضَّمَانِ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَقَدْ رَأَيْتُ الْجَزْمَ بِهِ لِابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْإِثْمَ مَوْجُودٌ فِي الدَّابَّةِ دُونَ هَذَا أَقُولُ قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ نَشْرُ ثِيَابِ الصُّوفِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ التَّلَفَ كَالْمُحَقَّقِ وَلَوْ أَشْرَفَ الْحَيَوَانُ عَلَى الْمَوْتِ فَهَلْ يَجِبُ ذَبْحُهُ مَحَلُّ نَظَرٍ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ الْأَذْرَعِيَّ صَحَّحَ عَدَمَ الضَّمَانِ. اهـ.، وَالْأَوْجَهُ الضَّمَانُ وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَلَوْ أَشْرَفَ الْحَيَوَانُ إلَخْ فَفِي تَجْرِيدِ الْمُزَجَّدِ مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ رَأَيْت لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْأَمِينَ عَلَى الْبَهِيمَةِ الْمَأْكُولَةِ كَالْوَدِيعِ وَلِرَاعٍ وَنَحْوِهِمَا لَوْ رَآهَا وَقَعَتْ فِي مَهْلَكَةٍ فَذَبَحَهَا جَازَ وَإِنْ تَرَكَهَا حَتَّى مَاتَتْ فَلَا ضَمَانَ قَالَ وَفِي عَدَمِ الضَّمَانِ إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ بِلَا كُلْفَةٍ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَالِكَ لَوْ نَازَعَهُ فِي ذَبْحِهَا لِمَا ادَّعَاهُ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ قُلْت يَشْهَدُ لِوُجُوبِ الضَّمَانِ مَا فِي الْأَنْوَارِ وَتَابَعَهُ الْغَزِّيِّ أَنَّهُ لَوْ أَوْدَعَهُ حِنْطَةً فَوَقَعَ فِيهَا السُّوسُ لَزِمَهُ الدَّفْعُ فَإِنْ تَعَذَّرَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَبِالْإِشْهَادِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَسْأَلَةَ الْإِشْرَافِ الَّتِي تَوَقَّفَ شَيْخُنَا فِيهَا يُؤْخَذُ حُكْمُهُمَا مِنْ هَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: ضَمِنَ إنْ عَلِمَهُ) أَيْ ضَمِنَ الْجَمِيعَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لَا الْقِسْطَ فَقَطْ خِلَافًا لِمَا فِي الرَّوْضِ م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ: بِالنَّهْيِ إلَخْ) هَذَا التَّفْصِيلُ الْآتِي كُلُّهُ فِي حِرْزٍ لِلْمُودِعِ مِلْكًا أَوْ إجَارَةً أَوْ إعَارَةً فَإِنْ كَانَ لِلْمَالِكِ هَكَذَا لَمْ يَجُزْ إخْرَاجُهُ إلَّا لِضَرُورَةٍ. اهـ. أَنْوَارٌ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْحِرْزُ الْمَنْقُولُ إلَيْهِ أَقَلَّ أَوْ لَا هَلَكَ بِنَقْلِهِ أَوْ لَا، وَسَيَأْتِي قَرِيبًا فِي الشَّرْحِ.

(قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الثَّانِي حِرْزَ مِثْلِهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ النَّقْلُ، وَلَوْ غَلَبَتْ السَّلَامَةُ فِيهِ، وَغَلَبَ أَوْ تَحَقَّقَ الْهَلَاكُ فِي الْأَوَّلِ لَكِنْ عِبَارَةُ الْأَنْوَارِ فِي حَالَةِ النَّهْيِ فَإِنْ نَقَلَ بِلَا ضَرُورَةٍ ضَمِنَ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي أَحْرَزَ، وَإِنْ نَقَلَ لِضَرُورَةِ غَارَةٍ أَوْ حَرْقٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ غَلَبَةِ لُصُوصٍ لَمْ يَضْمَنْ إنْ كَانَ الثَّانِي حِرْزًا لِمِثْلِهَا إلَّا إذَا لَمْ يَجِدْ إلَّا دُونَهُ فَلَا يَضْمَنُ أَيْضًا، وَلَوْ تَرَكَ النَّقْلَ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ ضَمِنَ. اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي جَوَازِ نَقْلِهَا إلَى دُونِ حِرْزِ مِثْلِهَا حِينَئِذٍ بَلْ فِي لُزُومِهِ، وَفِي رَدِّ قَوْلِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَلَوْ تَلِفَتْ فِي مَحَلِّهَا مَعَ النَّهْيِ عَنْ نَقْلِهَا، وَلَوْ بِنَحْوِ حَرِيقٍ فَلَا ضَمَانَ. اهـ. إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا كَانَ أَحْرَزَ مِنْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ أَحْرَزَ إلَخْ) فِي شَرْحِ م ر أَنَّهُ لَوْ نَقَلَهَا إلَى مَحَلَّةٍ أَوْ دَارٍ هِيَ حِرْزُ مِثْلِهَا مِنْ أَحْرَزَ مِنْهَا، وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَالِكُ حِرْزًا لَمْ يَضْمَنْ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعِرَاقِيِّينَ، وَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيهِ الِاتِّفَاقَ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الصَّحِيحُ انْتَهَى، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ نُسِبَ لِلشَّيْخَيْنِ الْجَزْمُ بِخِلَافِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ) قُيِّدَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلَوْ كَانَ الْبَيْتَانِ مِنْ دَارَيْنِ ضَمِنَ إنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَحْرَزَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَوْ كَانَ الْمَنْقُولُ إلَيْهَا حِرْزَ مِثْلِهَا

(قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ) الْقِيَاسُ أَنَّهُ يَصِيرُ ضَامِنًا، وَإِنْ مَاتَتْ بِغَيْرِ عَدَمِ الْعَلَفِ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ شَرْحُ م ر ثُمَّ رَأَيْت سم عَلَى الْمَنْهَجِ جَزَمَ بِمَا هُوَ الْقِيَاسُ

(قَوْلُهُ: ضَمِنَ إنْ عَلِمَهُ) ، وَإِلَّا فَلَا، وَفَارَقَ مَا إذَا كَانَ بِإِنْسَانٍ جُوعٌ سَابِقٌ، وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ نِصْفَ الدِّيَةَ

ص: 55

جُزْءًا مِنْهَا أَمَّا إذَا نَهَاهُ عَنْ عَلْفِهَا فَلَا ضَمَانَ لِلْإِذْنِ فِي الْإِتْلَافِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ مِلْكًا لِغَيْرِهِ كَإِيدَاعِ الْوَلِيِّ أَوْ الْوَصِيِّ مَالَ مَحْجُورِهِ.

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَيُشْبِهُ أَنَّ نَهْيَهُ كَالْعَدَمِ (بِالْإِثْمِ) أَيْ مَعَ إثْمِهِ بِتَرْكِ عَلْفِهَا فِي حَالَتَيْ النَّهْيِ وَعَدَمِهِ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ فَإِنْ كَانَ نَهْيُهُ عَنْ عَلْفِهَا لِعِلَّةٍ فَعَلَفَهَا قَبْلَ زَوَالِهَا فَمَاتَتْ ضَمِنَهَا، وَالسَّقْيُ فِي ذَلِكَ كَالْعَلْفِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْعَلْفِ يَجِبُ فَرْضُهُ فِي الْحَضَرِ حَيْثُ يُعْتَادُ أَمَّا أَهْلُ الْبَادِيَةِ وَنَحْوُهُمْ مِمَّنْ لَا يَعْتَادُ سِوَى الرَّعْيِ فَهُوَ فِي حَقِّهِمْ كَالْعَلْفِ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ نَعَمْ لَوْ فُقِدَ الْكَلَأُ أَوْ الْمَاءُ بِمَكَانِهِ وَعَجَزَ عَنْ رَدِّهَا إلَى مَنْ ذُكِرَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَيْهِ النُّجْعَةَ بِهَا لِحُرْمَةِ الرُّوحِ (أَوْ بِنَشْرِ صُوفٍ) وَنَحْوِهِ لِلرِّيحِ لِدَفْعِ الدُّودِ (مَا اعْتَنَى) بِأَنْ تَرَكَهُ حَتَّى تَلِفَ فَيَضْمَنُ بِذَلِكَ (كَلُبْسِهِ) أَيْ كَمَا يَضْمَنُ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْتَنِ بِلُبْسِهِ (لِلَّدُودِ) أَيْ لِدَفْعِهِ (إنْ تَعَيَّنَا) أَيْ لُبْسُهُ لِيَعْبَقَ بِهِ رَائِحَةُ الْآدَمِيِّ فَتَدْفَعُ الدُّودَ نَعَمْ إنْ نَهَاهُ الْمَالِكُ عَنْ ذَلِكَ فَامْتَنَعَ حَتَّى فَسَدَ كُرِهَ وَلَا يَضْمَنُ وَكَذَا لَا ضَمَانَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ كَأَنْ كَانَ فِي صُنْدُوقٍ مُقْفَلٍ (أَوْ أَخَذَ الْعَيْنَ) الْمُودَعَةَ (لَهُ) أَيْ لِنَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا.

(أَوْ انْتَفَعْ) بِهَا وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهَا لِنَفْسِهِ كَأَنْ لَبِسَ الثَّوْبَ أَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ خِيَانَةً فَيَضْمَنُ لِتَعَدِّيهِ (لَا إنْ نَوَاهُ) أَيْ أَخَذَهَا أَوْ الِانْتِفَاعَ بِهَا فِي الدَّوَامِ فَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْدِثْ فِعْلًا بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى ذَلِكَ فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا فِي الِالْتِقَاطِ (كَرُكُوبِ مَا امْتَنَعْ) قَوْدُهُ وَسَوْقُهُ لِجِمَاحِهِ حَيْثُ أَخْرَجَهُ لِسَقْيٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِذَلِكَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَلَوْ فَتَحَ الصُّنْدُوقَ الْمُقْفَلَ أَوْ فَضَّ خَتْمَ الْكِيسِ ضَمِنَ مَا فِيهِمَا وَفِي الظَّرْفِ وَجْهَانِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْخِيَانَةَ فِيهِ وَلَوْ خَرَقَ الْكِيسَ تَحْتَ الْخَتْمِ فَكَفَضِّ الْخَتْمِ أَوْ فَوْقَهُ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا نَقْصَ الْخَرْقِ وَلَوْ حَلَّ الْخَيْطَ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ رَأْسُ الْكِيسِ أَوْ رِزْمَةُ الْقُمَاشِ فَلَا، ضَمَانَ إذْ الْقَصْدُ مِنْهُ مَنْعُ الِانْتِشَارِ لَا كَتْمُهُ عَنْهُ (أَوْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَدِيعُ الْحَالَ.

(قَوْلُهُ: ضَمِنَهَا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَضْمَنُهَا وَإِنْ جَهِلَ الْعِلَّةَ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ بِفِعْلِهِ وَخُصُوصًا مَعَ النَّهْيِ وَبِذَلِكَ يُفَارِقُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ آنِفًا فِي الْجُوعِ لَكِنْ بَحَثَ بَعْضُ النَّاسِ تَقْيِيدَ الضَّمَانِ بِالْعِلْمِ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ) يَنْبَغِي أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ إذَا عَلِمَ لَكِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِفْتَاحَ الْقُفْلِ لِأَنَّ عَدَمَ إعْطَائِهِ لَهُ كَالنَّهْيِ وَلَوْ تَعَيَّنَ لُبْسُ الْحَرِيرِ لِدَفْعِ الدُّودِ وَكَانَ ذَكَرًا وَعَدَمِ نَحْوَ أُنْثَى يُلْبِسُهُ إيَّاهُ جَازَ لَهُ لُبْسُهُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلضَّرُورَةِ فَلَوْ لَبِسَهُ مَعَ وُجُودِ مَنْ ذُكِرَ فَهَلْ يَضْمَنُ لِلِاسْتِعْمَالِ بِدُونِ مُسَوِّغٍ أَوْ لَا لِلِاحْتِيَاجِ لِلُّبْسِ فِي الْجُمْلَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي.

(قَوْلُهُ: كَأَنْ كَانَ فِي صُنْدُوقٍ مُقْفَلٍ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلَوْ فَتَحَ قُفْلًا عَنْ صُنْدُوقٍ فِيهِ صُوفٌ أَوْ نَحْوُهُ لِذَلِكَ أَيْ لِنَشْرِهِ أَوْ لُبْسِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ نَهَاهُ عَنْ ذَلِكَ لَكِنْ يُكْرَهُ امْتِثَالُهُ (قَوْلُهُ: كَأَنْ لَبِسَ الثَّوْبَ أَوْ رَكِبَ الدَّابَّةَ) مِثْلُ ذَلِكَ الْقِرَاءَةُ فِي الْكِتَابِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَمِثْلُهُ أَيْضًا مَا لَوْ اسْتَعْمَلَهَا ظَانًّا أَنَّهَا مِلْكَهُ (فَائِدَةٌ)

قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ الَّذِي أَقُولُهُ أَنَّ الْمُودَعَ بَعْدَ تَعَدِّيهِ لَا يَجُوزُ لَهُ حِفْظُ الْوَدِيعَةِ بَلْ عَلَيْهِ الرَّدُّ بِخِلَافِ الرَّهْنِ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ، وَالْمَالِ فِي يَدِ الْوَكِيلِ بَعْدَ تَعَدِّيهِمَا اهـ ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْغَصْبِ مِنْ الْفَتَاوَى بِرّ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى ذَلِكَ) قَالَ الْإِمَامُ الْمُرَادُ تَجْدِيدُ الْقَصْدِ أَمَّا مَا يَخْطُرُ بِالْبَالِ وَدَاعِيهِ الدِّينُ تَدْفَعُهُ فَلَا حُكْمَ لَهُ بِرّ (قَوْلُهُ: فَكَفَضِّ الْخَتْمِ) فَيَضْمَنُ مَا فِي الْكِيسِ وَكَذَا نَفْسُ الْكِيسِ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ هُوَ الْأَوْجَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ الْوَجْهُ الضَّمَانُ م ر.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْ إلَّا نَقْصَ الْخَرْقِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ إنْ خَرَقَهُ مُتَعَمِّدًا ضَمِنَ جَمِيعَ الْكِيسِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي آخِرَ الْفَصْلِ الْآتِي اهـ وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَالْكُلُّ إنْ أَتْلَفَ بَعْضًا اتَّصَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا كَتْمُهُ عَنْهُ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ كَتْمُهُ عَنْهُ ضَمِنَ وَهُوَ ظَاهِرٌ م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

إذَا كَانَ جَاهِلًا بِالْجُوعِ حَيْثُ مَاتَ بِالْمُدَّتَيْنِ بِأَنَّ الْوَدِيعَ أَمِينٌ، وَالْجَانِي مُتَعَمِّدٌ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ. اهـ. زي.

(قَوْلُهُ: رَاجَعَ الْقَاضِي إلَخْ) فَإِنْ عَجَزَ اقْتَرَضَ عَلَى الْمَالِكِ حَيْثُ لَا مَالَ بِهِ أَوْ بَاعَ بَعْضَهَا أَوْ كُلَّهَا بِالْمَصْلَحَةِ فَإِنْ فَقَدَ الْحَاكِمُ أَنْفَقَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ إنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ أَشْهَدَ، وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ فَإِنْ تَعَذَّرَ إنْفَاقُهُ إلَّا بِنَحْوِ الْبَيْعِ، وَالْإِيجَارِ، وَالِاقْتِرَاضِ جَازَ لَهُ أَيْ الْوَدِيعِ أَنْ يَفْعَلَ. اهـ. شَرْحُ م ر، وَقَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ أَيْ إنْ وَجَدَ الشُّهُودَ فَإِنْ فَقَدَهُمْ، وَنَوَى الرُّجُوعَ رَجَعَ ع ش، وَفِي ق ل أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِأَنَّهُ عُذْرٌ نَادِرٌ (قَوْلُهُ فَهُوَ فِي حَقِّهِمْ كَالْعَلَفِ) فَيُقَالُ إنْ تَرَكَ الرَّعْيَ بِغَيْرِ نَهْيِهِ ضَمِنَ، وَلَا يَأْتِي فِيهِ قَوْلُهُ فَإِنْ أَعْطَاهُ إلَخْ، وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا لَمْ يَرْجِعْ إلَّا إنْ تَعَذَّرَ تَسْرِيحُهَا لِلرَّعْيِ. اهـ. م ر.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِنَشْرِ صُوفٍ إلَخْ) ، وَيَضْمَنُ، وَإِنْ جَهِلَ وُجُوبَهُ عَلَيْهِ، وَعُذِرَ لِبُعْدِهِ عَنْ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ بِذَلِكَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.

(قَوْلُهُ: كَلُبْسِهِ لِلَّدُودِ) قَالَ حَجَرٌ، وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ نَحْوِ اللُّبْسِ لِأَجْلِ ذَلِكَ، وَإِلَّا ضَمِنَ بِهِ أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ الضَّمَانُ حَتَّى يُوجَدَ لَهُ صَارِفٌ. اهـ. ع ش.

(قَوْلُهُ: وَجْهَانِ) قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَوْجَهُهُمَا الضَّمَانُ اهـ، وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ خَطَأً لَكِنَّ الظَّاهِرَ تَقْيِيدُهُ بِالْعَمْدِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَالْكُلُّ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْ إلَّا نَقْصَ الْخَرْقِ) أَيْ إنْ لَمْ يَتَعَمَّدْهُ وَإِلَّا ضَمِنَ جَمِيعَ

ص: 56

بَدَلَ الْمَأْخُوذِ بِالْبَاقِي خَلَطْ) أَيْ أَوْ خَلَطَ بَدَلَ مَا أَخَذَهُ لِنَفْسِهِ مِنْ الْوَدِيعَةِ بِالْبَاقِي مِنْهَا بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ (فَكُلُّهُ) أَيْ الْمَالِ يَضْمَنُ لِأَنَّهُ خَلَطَهُ بِمَالِ نَفْسِهِ فَإِنْ تَمَيَّزَ (أَوْ) خَلَطَ (عَيْنَهُ) أَيْ الْمَأْخُوذَ بِالْبَاقِي (فَذَا) أَيْ الْمَأْخُوذُ يَضْمَنُهُ (فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْبَاقِي فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ ضَمَانَ الْمَأْخُوذِ لَا يَزُولُ بِرَدِّ بَدَلِهِ وَلَا بِرَدِّ عَيْنِهِ

(وَ) يَضْمَنُ (الْكُلَّ) أَيْ كُلَّ الْمَالِ أَيْ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ (إنْ أَتْلَفَ) مِنْهُ (بَعْضًا اتَّصَلْ) بِبَعْضِهِ الْآخَرَ كَقَطْعِ طَرَفِ عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ (بِالْعَمْدِ) أَوْ شَبَهِهِ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى الْكُلِّ فَإِنْ أَتْلَفَ بَعْضًا مُنْفَصِلًا كَدِرْهَمٍ مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ مُتَّصِلًا لَكِنْ خَطَأً ضَمِنَ الْمُتْلَفَ فَقَطْ لِاقْتِصَارِ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى وَعَدَمِ تَعَدِّيهِ فِي غَيْرِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا تَسْوِيَتَهُمْ الْخَطَأَ بِالْعَمْدِ فِي الضَّمَانِ لِأَنَّ مَحَلَّهَا فِي ضَمَانِ الْإِتْلَافِ كَمَا فِي الْبَعْضِ الْمُتْلَفِ فِي مَسْأَلَتِنَا لَا فِي ضَمَانِ التَّعَدِّي كَمَا فِي الْبَاقِي فِيهَا إذْ لَا تَعَدِّيَ فِيهِ (أَوْ بِخُلْفِهِ) أَيْ مُخَالَفَتِهِ فِي كَيْفِيَّةِ الْحِفْظِ الْمَأْمُورِ بِهِ (الْهُلْكُ) لِلْمَالِ (حَصَلْ كَالنَّوْمِ فَوْقَهُ) أَيْ كَأَنْ نَامَ فَوْقَ ظَرْفِهِ كَصُنْدُوقٍ (بِنَهْيٍ) أَيْ مَعَ نَهْيِ الْمَالِكِ لَهُ عَنْ نَوْمِهِ فَوْقَهُ (وَسُرِقْ) أَيْ الْمَالُ (فِي الْبَرِّ مِنْ حَيْثُ) بِجِيمٍ وَنُونٍ وَمُوَحَّدَةٍ أَوْ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَمُثَنَّاةِ تَحْتٍ وَمُثَلَّثَةٍ (رُقَادًا يَسْتَحِقْ) أَيْ مِنْ جَنْبٍ أَوْ مَكَان يَسْتَحِقُّ الرُّقَادَ فِيهِ عَادَةً فَيَضْمَنُ لِمُخَالَفَتِهِ الْمُؤَدِّيَةِ إلَى الْهِلَالِ بِخِلَافِ مَا إذَا هَلَكَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ رَقَدَ عَلَيْهِ بِلَا نَهْيٍ فَسُرِقَ وَلَوْ مِنْ جَنْبٍ يَرْقُدُ فِيهِ عَادَةً إذْ لَا مُخَالَفَةَ أَوْ نَهَاهُ فَرَقَدَ فَوْقَهُ فِي بَيْتٍ مُحْرَزٍ فَسُرِقَ وَلَوْ مِنْ جَنْبٍ يَرْقُدُ فِيهِ عَادَةً أَوْ فِي بَرِّيَّةٍ فَسُرِقَ مِنْ جَنْبٍ لَا يَرْقُدُ فِيهِ عَادَةً لِأَنَّهُ زَادَ احْتِيَاطًا وَلَمْ يَحْصُلْ الْهَلَاكُ بِفِعْلِهِ.

وَمِثْلُهُ لَوْ قَالَ لَهُ لَا تَفْعَلْ عَلَيْهِ أَوْ لَا تَقْفِلْ عَلَيْهِ قُفْلَيْنِ فَخَالَفَ وَعَطَفَ عَلَى النَّوْمِ قَوْلَهُ (أَوْ عَيَّنَ) الْمَالِكُ (الرَّبْطَ) وَفِي نُسْخَةٍ، وَالْأَمْرُ بِالرَّبْطِ أَيْ وَكَأَمْرِهِ بِرَبْطِ الْمَالِ (بِكُمٍّ) لَهُ (فَصَحِبْ) أَيْ فَصَحِبَهُ (بِكَفِّهِ وَضَاعَ مِنْهُ) بِاسْتِرْخَاءِ يَدِهِ بِنَوْمٍ أَوْ غَفْلَةٍ فَيَضْمَنُ إذْ لَوْ رَبَطَهُ مَا ضَاعَ بِهَذَا السَّبَبِ فَالضَّيَاعُ حَصَلَ بِالْمُخَالَفَةِ (لَا) إنْ (غُصِبْ) مِنْهُ فَلَا يَضْمَنْهُ لِأَنَّ الْكَفَّ أَحْرَزُ مِنْ الرَّبْطِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْغَصْبِ، وَالرَّبْطُ أَحْرَزُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الضَّيَاعِ بِالسُّقُوطِ (أَوْ دَاخِلًا يَرْبِطُهُ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَضَمِّهَا أَيْ أَوْ رَبَطَهُ بِكُمِّهِ كَمَا أَمَرَهُ الْمَالِكُ لَكِنْ رَبَطَهُ دَاخِلَ الْكُمِّ بِأَنْ جَعَلَ الْخَيْطَ الرَّابِطَ دَاخِلَهُ (فَضَاعَ) مَا فِيهِ بِالسُّقُوطِ (أَوْ) رَبَطَهُ (مِنْ خَارِجِ فُطِّرَ) الْكُمِّ أَيْ قَطَعَهُ الطَّرَّارُ وَأَخَذَ مَا فِيهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ فِيهِمَا لِتَنَاثُرِ الْمَالِ بِالِانْحِلَالِ فِي الْأُولَى وَتَنْبِيهِ الطَّرَّارِ وَإِغْرَائِهِ عَلَيْهِ لِسُهُولَةِ قَطْعِهِ أَوْ حَلِّهِ حِينَئِذٍ فِي الثَّانِيَةِ.

(وَالْعَكْسَ نَفَوْا) أَيْ وَنَفَوْا الضَّمَانَ فِي عَكْسِ ذَلِكَ بِأَنْ أَخَذَهُ الطَّرَّارُ فِي الْأُولَى وَضَاعَ بِالسُّقُوطِ فِي الثَّانِيَةِ لِعَدَمِ تَنْبِيهِ الطَّرَّارِ فِي الْأُولَى وَبَقَاءِ الْمَالِ فِي الْكُمِّ فِي الثَّانِيَةِ وَاسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ مُطْلَقُ الرَّبْطِ وَقَدْ أَتَى بِهِ فَلَا يُنْظَرُ إلَى جِهَةِ التَّلَفِ وَبِأَنَّهُ لَوْ قَالَ احْفَظْهُ فِي هَذَا الْبَيْتِ فَوَضَعَهُ فِي زَاوِيَةٍ مِنْهُ فَانْهَدَمَتْ عَلَيْهِ لَا يَضْمَنُ وَلَا يُقَالُ لَوْ كَانَ فِي زَاوِيَةٍ أُخْرَى لَسَلِمَ وَفَرَّقَ غَيْرُهُ بِأَنَّ الرَّبْطَ لَيْسَ كَافِيًا عَلَى أَيِّ وَجْهٍ فُرِضَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَضَمُّنِهِ الْحِفْظَ وَلِهَذَا لَوْ رَبَطَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: مِنْ حَيْثُ إلَخْ) مِنْ ثَمَّ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ جَوَانِبُ الصُّنْدُوقِ كُلُّهَا صَالِحَةً لِلرُّقَادِ فِيهَا فَلَا ضَمَانَ بِنَوْمِهِ فِي أَعْلَاهُ؛ لِأَنَّ الْجَنْبَ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ لِلنَّوْمِ فِيهِ نَعَمْ إنْ عَيَّنَهُ الْمَالِكُ كَأَنْ قَالَ ثَمَّ أَمَامَهُ فَخَالَفَ وَسُرِقَ مِنْ أَمَامِهِ ضَمِنَ بِرّ (قَوْلُهُ: أَيْ وَكَأَمْرِهِ بِرَبْطِ الْمَالِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالرَّبْطِ فِي الْكُمِّ وَلَا يَحْفَظُهَا فِي يَدِهِ فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ بِالرَّبْطِ فِي الْكُمِّ اهـ وَالتَّعْلِيلُ الْآتِي رُبَّمَا يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ بِرَقَدَ يُجَابُ بِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ قَاصِرٌ وَلِعُمُومِ الْحُكْمِ عِلَّةٌ أُخْرَى (تَنْبِيهٌ)

قَالَ فِي الرَّوْضِ بَعْدَ مِثْلِ هَذَا وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ أَيْ بِرَبْطِهَا فِي كُمِّهِ وَلَا بِإِمْسَاكِهَا فِي يَدِهِ فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ فِيمَا سَبَقَ وَإِنْ أَوْدَعَهُ فَوَضَعَهَا فِي الْكُمِّ بِلَا رَبْطٍ أَيْ وَسَقَطَتْ وَهِيَ خَفِيفَةٌ ضَمِنَ أَوْ ثَقِيلَةٌ فَلَا اهـ وَقَوْلُهُ فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ أَمَرَهُ فِيمَا سَبَقَ يُفِيدُ أَنَّهُ إنْ أَمْسَكَهَا بِيَدِهِ فَسَقَطَتْ بِنَوْمٍ أَوْ نِسْيَانٍ ضَمِنَ لِأَنَّهُ لَوْ رَبَطَهَا لَمْ تَضِعْ بِهَذَا السَّبَبِ وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ أَوْ ثَقِيلَةٌ فَلَا؛ لِأَنَّ قِيَاسَهُ الضَّمَانُ فِي الثَّقِيلَةِ أَيْضًا لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ إنْ لَمْ يَأْمُرْهُ وَهُوَ لَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ وَأَمْسَكَهَا بِيَدِهِ فَسَقَطَتْ بِنَوْمٍ أَوْ نِسْيَانٍ ضَمِنَ فَكَذَا إذَا وَضَعَهَا فِي الْكُمِّ فَسَقَطَتْ بِذَلِكَ إذْ الْكُمُّ بِلَا رَبْطٍ كَالْيَدِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَخُصَّ الضَّمَانَ فِيمَا إذَا أَمْسَكَهَا بِيَدِهِ فَسَقَطَتْ بِمَا إذَا كَانَتْ خَفِيفَةً فَلَا ضَمَانَ فِي الثَّقِيلَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ دَاخِلًا يَرْبِطُهُ إلَخْ) صَنِيعُهُ يُوهِمُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ صُوَرِ الْمُخَالَفَةِ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ إلَّا بِتَكَلُّفٍ بِرّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ رَبَطَهُ بِكُمِّهِ كَمَا أَمَرَهُ إلَخْ) أَيْ إنْ كَانَ عَلَيْهِ كُمٌّ وَاحِدٌ أَوْ إلَّا عَلَى إنْ تَعَدَّدَ بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْكِيسِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَنَقَلَهُ الْمُحَشِّي عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ

(قَوْلُهُ: فَكُلُّهُ يَضْمَنُ) أَيْ يَضْمَنُ الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ وَأَقْصَى الْقِيَمِ فِي الْمُتَقَوِّمِ وَيَصِيرُ الْمَخْلُوطُ مِلْكًا لِلْخَالِطِ كَمَا فِي الْغَصْبِ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ: بِمَالِ نَفْسِهِ) لَيْسَ قَيْدًا فِي الْحُكْمِ فَلَوْ خَلَطَهَا بِمَالِ غَيْرِهِ وَلَا تَمْيِيزَ مَلَكَ الْجَمِيعَ وَهُوَ غَاصِبٌ لَهُ

(قَوْلُهُ: الْكُمُّ) أَيْ الْمَعْقُودُ طَرَفُهُ فِي طَرَفِ الْآخَرِ عَلَى قَفَاهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُقَالُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا تَسَبُّبَ مِنْهُ هُنَا بِخِلَافِ مَا مَرَّ مِنْ دَلَالَةِ الطَّرَّارِ أَوْ تَقْصِيرِهِ فِيمَا يَرَاهُ

(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الرَّبْطَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ حِرْزٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ وَغَرَضُ الْمُودِعِ

ص: 57

رَبْطًا غَيْرَ مُحْكَمٍ ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ لَفْظُ الرَّبْطِ يَشْمَلُ الْمُحْكَمَ وَغَيْرَهُ وَلَفْظُ الْبَيْتِ مُتَنَاوِلٌ لِكُلٍّ مِنْ زَوَايَاهُ، وَالْعُرْفُ لَا يُخَصِّصُ مَوْضِعًا مِنْهُ وَبِأَنَّ جِهَاتِ الرَّبْطِ مُخْتَلِفَةٌ وَجِهَاتِ الْبَيْتِ مُسْتَوِيَةٌ فَإِنْ فُرِضَ اخْتِلَافُهَا فِي الْبِنَاءِ أَوْ الْقُرْبِ مِنْ الشَّارِعِ وَنَحْوِهِ فَقَدْ يُقَالُ يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ وَبِهَذَا فَرَّقَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ثُمَّ قَالَ، وَالْحَقُّ إنْ اسْتَشْكَلَ الرَّافِعِيُّ عَلَى وَجْهِهِ لِأَنَّ الرَّبْطَ فِي الْكُمِّ حِرْزٌ كَيْفَ كَانَ وَلَا يَجِبُ الْحِفْظُ فِي الْأَحْرَزِ

(أَوْ ضُيِّعَتْ) أَيْ الْوَدِيعَةُ (بِأَنْ يَدُلَّ) عَلَيْهَا (الْمُودَعُ مُصَادِرًا) لِلْمَالِكِ (أَوْ سَارِقًا) وَيُعَيِّنُ لَهُ مَوْضِعَهَا فَتَضِيعُ بِذَلِكَ السَّبَبِ لِمُنَافَاةِ ذَلِكَ الْحِفْظَ بِخِلَافِ مَا إذَا ضَاعَتْ بِغَيْرِهِ أَوْ بِهِ لَكِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَوْضِعَهَا وَبِخِلَافِ مَا إذَا دَلَّ عَلَيْهَا غَيْرَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ حِفْظَهَا وَلَوْ قَالَ لَا تُخْبِرْ بِهَا أَحَدًا فَخَالَفَ فَسَرَقَهَا مُخْبَرُهُ أَوْ مُخْبَرُ مُخْبَرِهِ ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَوْضِعَهَا لِلْمُخَالَفَةِ (أَوْ يَضَعُ) أَيْ الْوَدِيعَةَ (فِي غَيْرِ حِرْزِ الْمِثْلِ) لَهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا (أَوْ يَنْسَاهَا) فَتَضِيعُ بِالنِّسْيَانِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِحِفْظِهَا فِي حِرْزِ مِثْلِهَا، وَالتَّحَرُّزُ عَنْ أَسْبَابِ تَلَفِهَا (كَالْحُكْمِ) فِيمَا (لَوْ سَلَّمَهَا) لِظَالِمٍ (إكْرَاهَا) فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا لِتَسْلِيمِهِ (لَكِنْ قَرَارُهُ) أَيْ الضَّمَانِ (عَلَى مَنْ يَظْلِمُ) أَيْ عَلَى الظَّالِمِ لِأَنَّهُ الْمُسْتَوْلِي عَلَيْهَا عُدْوَانًا فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهَا لَهُ بَلْ أَخَذَهَا الظَّالِمُ قَهْرًا فَلَا يَضْمَنُهَا كَالسَّرِقَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ هَذَا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا وَإِنْ دَلَّ عَلَيْهَا الظَّالِمَ مُكْرَهًا وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ فَقَالَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا كَالْمُحْرِمِ إذَا دَلَّ عَلَى صَيْدٍ لَا يَضْمَنُهُ تَقْدِيمًا لِلْمُبَاشَرَةِ.

وَقَالَ غَيْرُهُ يَضْمَنُهَا لِأَنَّهُ بِالدَّلَالَةِ مُضَيِّعٌ لَهَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَهَذَا يَجِبُ الْقَطْعُ بِهِ لِلْيَدِ، وَالْتِزَامِ الْحِفْظِ بِخِلَافِ الْمُحْرِمِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ قَرَارًا فِي الضَّمَانِ لَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا أَصْلًا (وَلْيُخْفِهَا) وُجُوبًا (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الظَّالِمِ بِالْإِنْكَارِ (وَمَيْنًا) أَيْ وَكَذِبًا (يُقْسِمُ) جَوَازًا لِحِفْظِهَا إنْ حَلَّفَهُ الظَّالِمُ (وَكُفِّرَتْ) يَمِينُهُ أَيْ يَلْزَمُهُ كَفَّارَتُهَا لِأَنَّهُ كَاذِبٌ فِيهَا وَإِنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ طَلُقَتْ زَوْجَتُهُ وَلَوْ وَقَعَ فِي الْحِرْزِ حَرِيقٌ فَقَدَّمَ أَخْذَ مَتَاعِهِ فَاحْتَرَقَتْ الْوَدِيعَةُ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا لَوْ قَدَّمَ وَدِيعَةً عَلَى أُخْرَى قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ الْوَدَائِعِ هُوَ الَّذِي يُمْكِنُ الِابْتِدَاءُ بِهِ أَمَّا إذَا أَمْكَنَ الِابْتِدَاءُ بِغَيْرِهِ فَيَخْرُجُ عَلَى مَا إذَا قَالَ اُقْتُلْ أَحَدَ الرَّجُلَيْنِ بِخِلَافِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ مَتَاعِهِ عَلَى الْوَدِيعَةِ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَبْدَأَ بِنَفْسِهِ (أَوْ دُونَ إتْمَامِ غَرَضْ مَاطَلَ) أَيْ لَوْ مَاطَلَ (فِي تَخْلِيَةٍ) بَيْنَ الْمَالِكِ، الْوَدِيعَةِ بِدُونِ إتْمَامِ غَرَضٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا (إنْ اعْتَرَضْ) أَيْ تَعَرَّضَ (مَالِكُهَا لِلرَّدِّ) بِأَنْ طَلَبَهَا مِنْهُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ التَّخْلِيَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ بَعْدَ الطَّلَبِ فَإِنْ مَاطَلَ لِإِتْمَامِ غَرَضٍ مِنْ صَلَاةٍ أَوْ طَهَارَةٍ أَوْ أَكْلٍ أَوْ قَضَاءِ حَاجَةٍ أَوْ حَمَّامٍ أَوْ مُلَازَمَةِ غَرِيمٍ يُخَافُ هَرَبَهُ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَا يَطُولُ زَمَنُهُ أَوْ لِغَيْرِ إتْمَامِ غَرَضٍ لَكِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا مَالِكُهَا لَمْ يَضْمَنْهَا لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ.

وَإِطْلَاقُ الْمَطْلِ عَلَيْهِ حَيْثُ لَا طَلَبَ مَجَازٌ سَلِمَ مِنْهُ تَعْبِيرُ الْحَاوِي بِالتَّأْخِيرِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُمَا بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا بِالتَّأْخِيرِ لِتَعَسُّرِ الْوُصُولِ إلَيْهَا كَأَنْ يَكُونَ بِاللَّيْلِ وَهِيَ بِخِزَانَةٍ لَا يَتَأَتَّى فَتْحُ بَابِهَا إذْ ذَاكَ أَوْ يَكُونَ ثَمَّ مَطَرٌ وَهِيَ بِمَكَانٍ آخَرَ بَعِيدٍ وَعَبَّرَا بِالتَّخْلِيَةِ لِأَنَّهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَيُعَيِّنُ لَهُ مَوْضِعَهَا) ثُمَّ قَوْلُهُ: بَعْدُ أَوْ بِهِ لَكِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَوْضِعَهَا ظَاهِرٌ فِي اعْتِبَارِ التَّعْيِينِ فِي كُلٍّ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُصَادِرِ، وَالسَّارِقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ خَاصٌّ بِالثَّانِيَةِ لَا غَيْرُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ سَنَدُهُ فِي ذَلِكَ وَقَدْ أَفْرَدَ الرَّوْضُ مَسْأَلَةَ الْمُصَادِرِ وَقَيَّدَهَا فِي شَرْحِهِ بِهَذَا الْقَيْدِ ثُمَّ صَرَّحَ بِمُحْتَرَزِهِ.

(قَوْلُهُ: فَيَضِيعُ بِالنِّسْيَانِ) مِنْهُ أَنْ يَدْفَعَهَا فِي حِرْزٍ ثُمَّ يَنْسَاهُ جَزَمَ بِهِ الْبَغَوِيّ بِرّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا) هَذَا قَدْ يُشْكِلُ بِعَدَمِ فِطْرِ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ أَضْيَقُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَوْ كَانَ الْمُكْرَهُ آخِذًا لَهَا لَا مَحَالَةَ سَوَاءٌ سَلَّمَهَا الْمُكْرَهُ أَمْ لَا فَلَا ضَمَانَ وَتَسْلِيمُهُ كَلَا تَسْلِيمٍ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا نَقَلَهُ السُّبْكِيُّ مَمْنُوعٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْحِفْظُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ وَجْهُ الْحِفْظِ، وَالْبَيْتُ فِي قَوْلِهِ ضَعْهُ فِي بَيْتِك كَالْكُمِّ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَوْضِعٍ مِنْهُ إلَّا أَنَّ الْوَضْعَ نَفْسُهُ لَيْسَ حِرْزًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ كَالرَّبْطِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ ع ش: إنَّ الْوَضْعَ فِي زَوَايَا الْبَيْتِ كَالرَّبْطِ لِأَنَّ الْوَضْعَ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِي الزَّوَايَا بِخِلَافِ الرَّبْطِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَلَفْظَ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ بِأَنَّ الرَّبْطَ.

(قَوْلُهُ: وَلَفْظَ الْبَيْتِ إلَخْ) أَيْ، وَالْوَضْعُ شَامِلٌ لِأَيِّ فَرْدٍ إذْ لَا مَزِيَّةَ لِبَعْضِ أَفْرَادِهِ بِخِلَافِ الرَّبْطِ (قَوْلُهُ وَبِأَنَّ جِهَاتِ الرَّبْطِ مُخْتَلِفَةٌ) فَلِلْعُرْفِ دَخْلٌ فِي تَخْصِيصِهِ بِالْمُحْكَمِ وَإِنْ شَمِلَ لَفْظُهُ غَيْرَهُ وَلَا كَذَلِكَ الْبَيْتُ إذْ لَا دَخْلَ لِلْعُرْفِ فِي تَخْصِيصِ بَعْضِ زَوَايَا وَإِنْ فُرِضَ اخْتِلَافُهَا بِنَاءً وَقُرْبًا مِنْ الشَّارِعِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ. اهـ. م ر وَحَجَرٌ (قَوْلُهُ حِرْزٌ كَيْفَ كَانَ) قَدْ يُمْنَعُ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ حِرْزٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ إلَخْ

(قَوْلُهُ: فَتَضِيعُ بِذَلِكَ السَّبَبِ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ بِغَيْرِهِ لَا يَضْمَنُ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ أَخْرَجَ الدَّابَّةَ فِي زَمَنِ الْخَوْفِ حَيْثُ دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ وَإِنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ الْخَوْفِ إنَّ إخْرَاجَهَا جِنَايَةٌ عَلَيْهَا نَفْسِهَا فَاقْتَضَتْ الضَّمَانَ بِخِلَافِ الدَّلَالَةِ فَإِنَّهَا لِخُرُوجِهَا عَنْ الْوَدِيعَةِ لَا تُعَدُّ جِنَايَةً. اهـ. م ر وع ش.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَدَمِ الْإِفْطَارِ مُكْرَهًا أَنَّ مَا هُنَا حَقُّ آدَمِيٍّ وَمِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ وَذَاكَ حَقُّ اللَّهِ وَمِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ يُؤَثِّرُ فِيهِ الْإِكْرَاهُ. اهـ. م ر.

(قَوْلُهُ: وَمَيْنًا إلَخْ) بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ وُجُوبَ التَّوْرِيَةِ

ص: 58

لَا يَجِبُ عَلَى الْمُودَعِ مُبَاشَرَةُ الرَّدِّ وَتَحَمُّلُ مُؤْنَتِهِ بَلْ التَّخْلِيَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَالِكِ بِشَرْطِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْقَبْضِ فَلَوْ حُجَرَ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ أَوْ كَانَ نَائِمًا فَوَضَعَهَا فِي يَدِهِ لَمْ يَكْفِ وَلَوْ أَوْدَعَهُ جَمَاعَةٌ مَالًا وَقَالُوا إنَّهُ مُشْتَرَكٌ ثُمَّ طَلَبَهُ بَعْضُهُمْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَسْلِيمُهُ وَلَا قِسْمَتُهُ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى الْإِيدَاعِ فَكَذَا فِي الِاسْتِرْدَادِ بَلْ يُرْفَعُ الْأَمْرُ إلَى الْحَاكِمِ لِيَقْسِمَهُ وَيَدْفَعَ إلَيْهِ نَصِيبَهُ وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِهِمَا بِإِتْمَامِ الْغَرَضِ أَنَّهُ لَا يُعْذَرُ فِي إنْشَاءِ الْغَرَضِ وَلَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ لَهُ أَنْ يُنْشِئَ التَّطَهُّرَ، وَالْأَكْلَ، وَالصَّلَاةَ الَّتِي دَخَلَ وَقْتُهَا أَوْ نَحْوُهَا إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ بَعِيدَةً عَنْ مَجْلِسِهِ (أَوْ مَعْ ذَا) أَيْ طَلَبِ الْمَالِكِ لَهَا (جَحَدْ) أَيْ جَحَدَهَا الْمُودَعُ فَيَضْمَنُهَا لِأَنَّهُ صَارَ خَائِنًا بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا جَحَدَهَا بِدُونِ طَلَبِ الْمَالِكِ وَلَوْ بِحَضْرَتِهِ أَوْ فِي جَوَابِ قَوْلِهِ لِي عِنْدَك وَدِيعَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُمْسِكْهَا لِنَفْسِهِ.

وَقَدْ يَكُونُ لَهُ فِي الْجَحْدُ غَرَضٌ صَحِيحٌ كَأَنْ يُرِيدَ بِهِ زِيَادَةَ الْحِرْزِ بِخِلَافِهِ بَعْدَ الطَّلَبِ (ثُمَّ) بَعْدَ جَحْدِهِ لَهَا مَعَ طَلَبِ الْمَالِكِ لَوْ أَقَامَ الْمَالِكُ بَيِّنَةً بِهَا أَوْ اعْتَرَفَ بِهَا وَادَّعَى رَدَّهَا قَبْلَ الْجُحُودِ أَوْ بَعْدَهُ (اسْتَمِعْ) أَنْتَ (بَيِّنَةً) تَشْهَدْ (لَهُ بِرَدْ) هـ لَهَا عَلَى مَالِكِهَا لِأَنَّهُ رُبَّمَا نَسِيَ ثُمَّ تَذَكَّرَ كَمَا لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي لِشَيْءٍ لَا بَيِّنَةَ لِي ثُمَّ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ وَسَوَاءٌ جَحَدَ أَصْلَ الْإِيدَاعِ أَمْ لُزُومَ تَسْلِيمِ شَيْءٍ إلَيْهِ (قُلْتُ وَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْحَاوِي هُنَا مِنْ أَنَّ بَيِّنَةَ الرَّدِّ تُسْمَعُ بَعْدَ الْجَحْدِ هُوَ (الصَّحِيحُ لَا مَا قَالَهْ مُنَاقِضًا) لِذَلِكَ (فِي آخِرِ الْوَكَالَهْ) مِنْ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ

فَإِنْ ادَّعَى رَدَّهَا بِلَا بَيِّنَةٍ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَمُنْكِرَ اللُّزُومِ فِي الرَّدِّ) كَأَنْ قَالَ لَا يَلْزَمُنِي رَدُّ شَيْءٍ إلَيْك أَوْ مَالَك عِنْدِي شَيْءٌ (اقْبَلْ) قَوْلَهُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ بِيَمِينِهِ إذْ لَا تَنَاقُضَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ بِخِلَافِ مُنْكِرِ أَصْلِ الْإِيدَاعِ نَعَمْ إنْ اعْتَرَفَ بَعْدَ إنْكَارِ اللُّزُومِ بِأَنَّهَا كَانَتْ فِي يَدِهِ يَوْمَ الْجَحْدِ لَمْ يُسْمَعْ قَوْلُهُ: إلَّا بِبَيِّنَةٍ.

وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الرَّوْضَةِ فِي الدَّعَاوَى أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِجَوَابِهِ بِقَوْلِهِ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْك لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ التَّخْلِيَةُ لَا التَّسْلِيمُ ثُمَّ قَالَ وَيَتَعَيَّنُ تَأْوِيلُ مَا فِي الْوَدِيعَةِ أَمَّا لَوْ ادَّعَى تَلَفَهَا فَإِنْ ادَّعَى وُقُوعَهُ قَبْلَ الْجَحْدِ وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً سَقَطَتْ مُطَالَبَتُهُ أَوْ بَعْدَ الْجَحْدِ ضَمِنَهَا لِخِيَانَتِهِ بِالْجَحْدِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَقَدْ حَكَيْنَا فِي الْمُرَابَحَةِ فِيمَا إذَا قَالَ اشْتَرَيْتُ بِمِائَةٍ ثُمَّ قَالَ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ أَنَّ الْأَصْحَابَ فَرَّقُوا بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَ وَجْهًا مُحْتَمَلًا فِي الْغَلَطِ أَوْ بَيْنَ أَنْ لَا يَذْكُرَهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِمِثْلِهِ هُنَا، وَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا مُتَّجِهَةٌ انْتَهَى.

وَفَرَّقَ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ هُنَاكَ مُعَارِضٌ لِمَا أَخْبَرَ بِهِ فَاحْتِيجَ إلَى التَّأْوِيلِ لِيَجْتَمِعَ هَذَا مَعَ ذَاكَ وَإِنْكَارُ الْوَدِيعَةِ غَيْرُ مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ مِنْ تَلَفِهَا فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِ مُحْتَمَلٍ، الْوَدِيعَةُ أَصْلُهَا ثَابِتٌ بِتَوَافُقِهِمَا وَقَدْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى تَلَفِ الْعَيْنِ قَبْلَ الْجُحُودِ فَتُسْمَعُ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَا ضَمَانَ حِينَئِذٍ انْتَهَى وَيُفَرَّقُ أَيْضًا بِأَنَّ مَبْنَى الْوَدِيعَةِ عَلَى الْأَمَانَةِ، وَالْقَصْدِ بِالدَّعْوَى فِيهَا بِمَا ذُكِرَ دَفْعُ الضَّمَانِ فَسُمِعَتْ الْبَيِّنَةُ فِيهَا مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَافْتَقَرَ سَمَاعُهَا فِيهِ إلَى تَأْوِيلٍ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي دَعْوَى التَّلَفِ لَكِنَّهُ يَضْمَنُ الْبَدَلَ إنْ جَحَدَ أَصْلَ الْإِيدَاعِ كَالْغَاصِبِ وَلَهُ تَحْلِيفُ الْمَالِكِ عَلَى الْأَصَحِّ

(أَوْ قَالَ) لَهُ الْمَالِكُ (رُدَّهَا عَلَى الْوَكِيلِ لِي فَلَمْ يَرُدَّ الْمَالَ مَعَ تَمَكُّنِهْ) مِنْ الرَّدِّ عَلَيْهِ فَيَضْمَنُ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهَا الْوَكِيلُ لِأَنَّهُ لَمَّا أَمَرَهُ بِالرَّدِّ إلَيْهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: إذْ لَا تَنَاقُضَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ) لَوْ أَسْنَدَ الرَّدَّ لِبُعْدِ الْإِنْكَارِ فِي قَوْلِهِ مَا لَكَ عِنْدِي شَيْءٌ لَمْ يُقْبَلْ لِتَنَاقُضِهِ بَلْ وَمِثْلُهُ إنْكَارُ لُزُومِ التَّسْلِيمِ قُلْته بَحْثًا وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي نَعَمْ إلَخْ بِرّ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْجَحْدِ) شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الْجَحْدُ لِأَصْلِ الْإِيدَاعِ بِرّ.

(قَوْلُهُ: ثَابِتٌ بِتَوَافُقِهِمَا) هَذَا قَدْ يَقْتَضِي تَصْوِيرَ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا أَنْكَرَ اللُّزُومَ لَا أَصْلَ الْإِيدَاعِ، وَالْعِبَارَةُ السَّابِقَةُ شَامِلَةٌ لِلْأَمْرَيْنِ بَلْ ظَاهِرَةٌ فِي الثَّانِي فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ يَضْمَنُ الْبَدَلَ) هَذَا إذَا لَمْ يَدَّعِ وُقُوعَ التَّلَفِ بَعْدَ الْجَحْدِ وَلَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ جَحْدِ أَصْلِ الْإِيدَاعِ وَغَيْرِهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ ادَّعَى وُقُوعَ التَّلَفِ بَعْدَ الْجَحْدِ صُدِّقَ لَكِنْ يَضْمَنُ مُطْلَقًا أَوْ قَبْلَهُ فَإِنْ جَحَدَ أَصْلَ الْإِيدَاعِ ضَمِنَ أَوْ اللُّزُومُ فَلَا وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ (فَرْعٌ)

وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الْجَاحِدِ أَوْ أَقَرَّ وَادَّعَى التَّلَفَ أَوْ الرَّدَّ قَبْلَهُ نُظِرَتْ فَإِنْ قَالَ فِي جُحُودِهِ لَا شَيْءَ لَك عِنْدِي صُدِّقَ أَوْ لَمْ يُؤَدِّ

ــ

[حاشية الشربيني]

إنْ عَرَفَهَا وَأَمْكَنَتْهُ فِرَارًا مِنْ الْكَذِبِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ

(قَوْلُهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ) أَيْ بَيْنَ إنْكَارِ لُزُومِ الرَّدِّ وَإِنْكَارِ أَصْلِ الْإِيدَاعِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مُنْكِرِ أَصْلِ الْإِيدَاعِ) أَيْ: لَا يُقْبَلُ جَوَابُهُ بِذَلِكَ وَفِي شَرْحِ م ر، وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ الِاكْتِفَاءُ فِي جَوَابِهِ بِلَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا لِتَضَمُّنِهِ دَعْوَى تَلَفِهَا أَوْ رَدِّهَا اهـ وَمِثْلُهُ فِي التُّحْفَةِ قَالَ سم وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ إنْكَارَ أَصْلِ الْإِيدَاعِ يَمْنَعُ قَبُولَ دَعْوَى الرَّدِّ، وَالتَّلَفِ فَكَيْفَ يُقْبَلُ مَا يَتَضَمَّنُ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يُسْمَعْ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) وَأَمَّا دَعْوَاهُ التَّلَفَ فَيُصَدَّقُ فِيهَا بِيَمِينِهِ وَيَضْمَنُ كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ سم عَلَى التُّحْفَةِ

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ التَّخْلِيَةُ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ نَعَمْ عَلَيْهِ حَمْلُهَا إلَيْهِ فِي رَدِّهَا بَعْدَ جَحْدِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: تَأْوِيلُ مَا فِي الْوَدِيعَةِ) أَيْ حَتَّى يَكْتَفِيَ بِجَوَابِهِ هَذَا وَيَحْلِفَ عَلَيْهِ وَتَأْوِيلُهُ أَنَّ الرَّدَّ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّخْلِيَةِ مَجَازًا فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الَّذِي فِي كَلَامِ الْمُنْكِرِ هُوَ التَّخْلِيَةُ

(قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ ادَّعَى تَلَفَهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ مَعَ شَرْحِ حَجَرٍ وَجُحُودُهَا بَعْدَ طَلَبِ الْمَالِكِ لَهَا بِأَنْ قَالَ لَمْ تُودِعْنِي يَمْنَعُ قَبُولَ دَعْوَاهُ الرَّدَّ أَوْ التَّلَفَ الْمُسْقِطَ لِلضَّمَانِ قَبْلَ ذَلِكَ لِلتَّنَاقُصِ اهـ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ قَبْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ ادَّعَى الرَّدَّ أَوْ التَّلَفَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَعْدَ الْجُحُودِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ لَكِنْ يَضْمَنُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ سم (قَوْلُهُ مُعَارِضٌ لِمَا أَخْبَرَ بِهِ) أَيْ مُعَارَضَةً صَرِيحَةً وَقَوْلُهُ: غَيْرُ مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ أَيْ لِأَنَّ لَمْ تُودِعْنِي غَيْرَ

ص: 59