المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(بَابُ الرَّضَاعِ) هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا اسْمٌ لِمَصِّ الثَّدْيِ وَشُرْبِ - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٤

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الْوَصَايَا)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْوِصَايَةِ)

- ‌(فَرْعٌ)الْوِصَايَةُ جَائِزَةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ

- ‌(بَابُ الْوَدِيعَةِ)

- ‌(بَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ)

- ‌ بَيَانِ الْغَنِيمَةِ وَتَخْمِيسِهَا

- ‌(بَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ)

- ‌ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَكَافِرٍ

- ‌(بَابُ النِّكَاحِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْعَقْدِ) لِلنِّكَاحِ وَمُقَدِّمَاتِهِ

- ‌[الْكَفَاءَةِ الْمُعْتَبَرَةِفِي النِّكَاحِ]

- ‌ الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْخِيَارِ فِي النِّكَاح]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْخِيَارِ فِي النِّكَاح وَأَحْكَامٍ أُخَرَ]

- ‌(بَابُ الصَّدَاقِ)

- ‌ بَيَانِ تَشْطِيرِ الْمَهْرِ

- ‌ حُكْمَ تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ فِي الْمَهْرِ

- ‌(بَابُ الْقَسْمِ) .وَالنُّشُوزُ

- ‌(بَابُ الْخُلْعِ)

- ‌[فَرْعٌ خَالَعَهَا بِمَا فِي كَفِّهَا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ]

- ‌(بَابُ الطَّلَاقِ)

- ‌[فَرْعٌ قَالَ كُلُّ مَا أَمْلِكُهُ حَرَامٌ عَلَيَّ وَلَهُ زَوْجَاتٌ وَإِمَاءٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الرَّجْعَةِ]

- ‌(بَابُ الْإِيلَاءِ)

- ‌[أَرْكَان الْإِيلَاءِ]

- ‌(بَابُ الظِّهَارِ)

- ‌(بَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ)

- ‌(بَابُ الْعِدَدِ)

- ‌(فَرْعٌ)زَنَتْ الْمُعْتَدَّةُ فِي عِدَّتِهَا وَهِيَ بِكْرٌ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌(بَابُ الرَّضَاعِ)

- ‌[بَابُ النَّفَقَة]

- ‌[أَسْبَابُ وُجُوبِ النَّفَقَة]

- ‌(بَابُ الْحَضَانَةِ)

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْ أَقَارِبِ الْوَلَدِ مِمَّنْ لَهُ الْحَضَانَةُ]

- ‌[فَرْعٌ دَفَعَ إلَيْهِ طَعَامًا ثُمَّ أَرَادَ إبْدَالَهُ فِي نَفَقَة مِلْك الْيَمِين]

- ‌[فَرْعٌ لَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضِرْ فَرْعَ أَيْ وَلَدَ مَوَاشِيهِ]

الفصل: ‌ ‌(بَابُ الرَّضَاعِ) هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا اسْمٌ لِمَصِّ الثَّدْيِ وَشُرْبِ

(بَابُ الرَّضَاعِ)

هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا اسْمٌ لِمَصِّ الثَّدْيِ وَشُرْبِ لَبَنِهِ وَقَائِلُهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَهُوَ اسْمٌ لِحُصُولِ لَبَنِ امْرَأَةٍ أَوْ مَا حَصَلَ مِنْهُ فِي جَوْفِ طِفْلٍ

كَمَا سَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ، وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» وَتَقَدَّمَتْ الْحُرْمَةُ بِهِ كَالنَّسَبِ فِي بَابِ النِّكَاحِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي بَيَانِ مَا تَحْصُلُ بِهِ وَحُكْمِ عُرُوضِهِ بَعْدَ النِّكَاحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَهُ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ مُرْضِعَةٌ وَرَضِيعٌ وَلَبَنٌ وَحُصُولُهُ فِي جَوْفِ طِفْلٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ حَيْثُ قَالَ (حُصُولُ دَرٍّ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ لَبَنٍ مِنْ امْرَأَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْحَاوِي وَلَوْ بِكْرًا أَوْ خَلِيَّةً أَوْ صَغِيرَةً أَوْ نَائِمَةً بَلَغَتْ تِسْعَ سِنِينَ كَمَا مَرَّ فِي الْحَيْضِ (فِي حَيَاتِهَا حُلِبْ) مَثَلًا بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ يُحَرِّمُ النِّكَاحَ كَمَا سَيَأْتِي وَسَوَاءٌ حَصَلَ فِي جَوْفِ الطِّفْلِ بِالِارْتِضَاعِ أَمْ بِغَيْرِهِ كَالْإِيجَارِ وَلَوْ نَائِمًا وَسَوَاءٌ وَصَلَ إلَيْهِ فِي حَيَاةِ الْمَرْأَةِ أَمْ بَعْدَ مَوْتِهَا؛ لِأَنَّهُ انْفَصَلَ وَهُوَ مُحْتَرَمٌ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ لَبَنُ الرَّجُلِ وَلَبَنُ الْخُنْثَى مَا لَمْ تَظْهَرْ أُنُوثَتُهُ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُخْلَقَا لِغِذَاءِ الْوَلَدِ فَأَشْبَهَا سَائِرَ الْمَائِعَاتِ وَلِأَنَّ اللَّبَنَ أَثَرُ الْوِلَادَةِ وَهِيَ لَا تُتَصَوَّرُ فِي الرَّجُلِ الْخُنْثَى وَلَبَنُ الْبَهِيمَةِ حَتَّى لَوْ شَرِبَ مِنْهُ ذَكَرٌ وَأُنْثَى لَمْ يَثْبُتُ بَيْنَهُمَا أُخُوَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِغِذَاءِ الْوَلَدِ صَلَاحِيَّةَ لَبَنِ الْآدَمِيَّاتِ وَلِأَنَّ الْأُخُوَّةَ فَرْعُ الْأُمُومَةِ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الْأَصْلُ لَمْ يَثْبُتْ الْفَرْعُ وَلَبَنُ الْمَيْتَةِ لِضَعْفِ حُرْمَتِهِ بِمَوْتِهَا وَلِأَنَّهُ مِنْ جُثَّةٍ مُنْفَكَّةٍ عَنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ كَالْبَهِيمَةِ وَلَبَنُ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ لِمَا قَدَّمْته فِي بَابِ الْحَيْضِ بِمَا فِيهِ.

(وَحَاصِلٌ مِنْ دَرِّهَا) كَالزُّبْدِ وَالْأَقِطِ وَالْجُبْنِ يُحَرِّمُ أَيْضًا لِحُصُولِ التَّغَذِّي بِهِ (وَإِنْ غُلِبْ) أَيْ الدَّرُّ أَوْ مَا حَصَلَ مِنْهُ بِمَا خُلِطَ بِهِ بِأَنْ زَالَتْ أَوْصَافُهُ الطَّعْمُ وَاللَّوْنُ وَالرِّيحُ حِسًّا وَتَقْدِيرًا بِالْأَشَدِّ كَلَبَنٍ عُجِنَ بِهِ دَقِيقٌ وَخُبْزٌ فَإِنَّهُ يُحَرِّمُ (إنْ حَصَلَ الْجَمِيعُ فِي مِعْدَةِ حَيْ) وَإِنْ تَقَيَّأَهُ فِي الْحَالِ

ــ

[حاشية العبادي]

لَا يَزِيدُ عَلَى السَّلِيمِ وَهُوَ لَا يَلْحَقُهُ وَلَدُ أَمَتِهِ إلَّا إذَا ثَبَتَ وَطْؤُهُ بِاعْتِرَافِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَتَأَمَّلْهُ وَمَعَ الثُّبُوتِ لَا وَجْهَ لِعَدَمِ اللُّحُوقِ كَمَا لَا يَخْفَى سم

(بَابُ الرَّضَاعِ) ذَكَرَهُ عَقِبَ الظِّهَارِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي مُطْلَقِ التَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ فِي حَيَاتِهَا حُلِبَ) لَوْ خَرَجَ اللَّبَنُ مِنْ ثَدْيٍ زَائِدٍ فَقِيَاسُ النَّظَائِرِ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ لَهُ م ر (قَوْلُهُ: وَلَبَنُ الْخُنْثَى) وَقَوْلُهُ: وَلَبَنُ الْبَهِيمَةِ وَقَوْلُهُ: وَلَبَنُ الْمَيِّتَةِ وَكَذَا لَبَنُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ مَعْطُوفٌ عَلَى لَبَنِ الرَّجُلِ (قَوْلُهُ: عَنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ) مَا مَعْنَى هَذَا مَعَ أَنَّ الْمَيِّتَةَ يَحْرُمُ نِكَاحُهَا وَالِاسْتِمْتَاعُ بِهَا إلَّا أَنْ يُرَادَ الْحِلُّ لَهَا وَالْحُرْمَةُ عَلَيْهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حِلٌّ وَلَا حُرْمَةٌ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِمَا لِذَلِكَ فَصَارَتْ كَالْبَهِيمَةِ (قَوْلُهُ: فِي مَعِدَةِ حَيٍّ) وَإِنْ كَانَ الْوُصُولُ إلَيْهَا مِنْ نَحْوِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْأَقْرَبُ سم

[بَابُ الرَّضَاعِ]

(بَابُ الرَّضَاعِ)(قَوْلُهُ: وَقَائِلُهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَعْنًى شَرْعِيٌّ وَفِي م ر وق ل أَنَّهُ مَعْنًى لُغَوِيٌّ وَمَا بَعْدَهُ شَرْعِيٌّ وَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ وَجْهِيٌّ أَمَّا عُمُومُ الشَّرْعِيِّ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عُمُومُ اللُّغَوِيِّ فَمِنْ حَيْثُ شُمُولُهُ لِثَدْيِ غَيْرِ الْمَرْأَةِ فَتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت لِبَعْضِ الْفُضَلَاءِ أَنَّ بَعْضَهُمْ جَعَلَ الْمَعْنَى الشَّرْعِيَّ هُوَ هَذَا اللُّغَوِيَّ وَأَجَابَ الشَّارِحُ عَنْهُ فِي شَرْحَيْ الْبَهْجَةِ وَالرَّوْضِ بِأَنَّهُ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ الْمُوَافِقِ لِلُّغَةِ. اهـ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ اسْمٌ لِمَصِّ الثَّدْيِ وَشُرْبِ لَبَنِهِ وَقَائِلُهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ الْمُوَافِقِ لِلُّغَةِ وَإِلَّا فَهُوَ اسْمٌ لِحُصُولِ لَبَنِ امْرَأَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ فِي الْحَيْضِ) أَيْ فَيُغْتَفَرُ النَّقْصُ عَنْهَا بِمَا لَا يَسَعُ حَيْضًا وَطُهْرًا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: حُلِبَ) أَيْ فِي خَمْسِ مَرَّاتٍ وَلَا بُدَّ أَنْ يَصِلَ إلَى جَوْفِهِ فِي خَمْسِ مَرَّاتٍ أَيْضًا وَيَكْفِي فِي كُلِّ مَرَّةٍ قَدْرُ مَا يُدْرِكُهُ الطَّرَفُ انْفِصَالًا وَوُصُولًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: فَرْعُ الْأُمُومَةِ) أَيْ أَوْ الْأُبُوَّةِ كَمَنْ ارْتَضَعَ مِنْ كُلٍّ مِنْ خَمْسِ مُسْتَوْلَدَاتٍ لِرَجُلٍ رَضْعَةً (قَوْلُهُ: وَلَبَنُ الْمَيِّتَةِ) مِثْلُهَا مَنْ وَصَلَتْ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ إنْ كَانَ عَنْ جِرَاحَةٍ فَإِنْ كَانَ عَنْ مَرَضٍ فَكَالْحَيَّةِ حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً كَذَا فِي ق ل وَأَطْلَقَ ع ش عَدَمَ الْحُرْمَةِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: عَنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ) أَيْ الْحِلِّ لَهَا وَالْحُرْمَةِ عَلَيْهَا وَلَا تَرِدُ الصَّغِيرَةُ لِأَنَّهَا تُنْهَى عَنْ الْمُحَرَّمِ وَيُؤْذَنُ لَهَا فِي غَيْرِهِ بَلْ تُؤْمَرُ وُجُوبًا بِالْعِبَادَاتِ فَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالْمُكَلَّفَةِ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَتَقْدِيرًا بِالْأَشَدِّ) بِأَنْ يُقَدَّرَ قَدْرَ اللَّبَنِ شَيْءٌ لَهُ لَوْنٌ أَوْ طَعْمٌ أَوْ رِيحٌ أَقْوَى مَا يُنَاسِبُ لَوْنَ اللَّبَنِ أَوْ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ وَلَمْ يَظْهَرْ فِي الْخَلِيطِ ثُمَّ إنَّ التَّقْدِيرَ بِالْأَشَدِّ إنَّمَا يَكُونُ إذَا فَارَقَتْ اللَّبَنَ صِفَاتُهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ طَعْمٌ وَلَا لَوْنٌ وَلَا رِيحٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي الْمِيَاهِ وَمِنْ قَوْلِهِمْ هُنَا فَإِنْ زَايَلَتْ أَيْ فَارَقَتْ اللَّبَنَ الْمُخَالِطَ لِغَيْرِهِ أَوْصَافُهُ اُعْتُبِرَ قَدْرُ اللَّبَنِ بِمَا لَهُ لَوْنٌ أَوْ طَعْمٌ أَوْ رِيحٌ يَسْتَوْلِي عَلَى الْخَلِيطِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْقَدْرُ مِنْهُ يَظْهَرُ فِي الْخَلِيطِ ثَبَتَ التَّحْرِيمُ وَإِلَّا فَلَا وَذَلِكَ إذَا شَرِبَ الْبَعْضَ كَمَا سَيَأْتِي أَمَّا إذَا شَرِبَ الْجَمِيعَ هُنَا فَيَثْبُتُ التَّحْرِيمُ مُطْلَقًا كَمَا فِي الشَّرْحِ.

(قَوْلُهُ: إنْ حَصَلَ الْجَمِيعُ فِي مَعِدَةِ حَيٍّ) أَيْ فِي خَمْسِ رَضَعَاتٍ أَوْ كَانَ هُوَ الْخَامِسَةَ م ر، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ وُصُولَ اللَّبَنِ بِمُجَرَّدِهِ لَيْسَ كَافِيًا فِي التَّحْرِيمِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ وُصُولِ خُصُوصِ اللَّبَنِ فِي خَمْسِ دَفَعَاتٍ وَهَذَا لَا يَتَحَقَّقُ هُنَا فِيمَا إذَا كَانَ اللَّبَنُ مَغْلُوبًا لِاحْتِمَالِ خُلُوِّ بَعْضِ الْخَمْسِ عَنْهُ لِانْحِصَارِهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْبَعْضِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا لَوْ بَقِيَ مِنْ الْمَخْلُوطِ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ اللَّبَنِ فَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّ اللَّبَنَ بِاخْتِلَاطِهِ صَارَ كُلُّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَانِعِ جُزْءًا مِنْهُ قُلْنَا

ص: 373

لِوُصُولِهِ إلَى مَحَلِّ التَّغَذِّي (أَوْ) فِي (الدِّمَاغِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ التَّغَذِّي كَالْمَعِدَةِ إذْ الْأَدْهَانُ إذَا وَصَلَتْ إلَيْهِ انْتَشَرَتْ فِي الْعُرُوقِ وَتَغَذَّتْ بِهَا كَالْأَطْعِمَةِ الْوَاصِلَةِ إلَى الْمَعِدَةِ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْجَمِيعُ فِيمَا ذُكِرَ لَمْ يُحَرِّمُ إلَّا إذَا تَحَقَّقَ حُصُولُ الدَّرِّ مِنْهُ كَأَنْ بَقِيَ مِنْهُ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ الدَّرِّ فَيُحَرِّمُ كَمَا يُحَرِّمُ مُطْلَقًا إذَا كَانَ غَالِبًا وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الدَّرِّ قَدْرًا يُمْكِنُ أَنْ يَسْقِيَ مِنْهُ خَمْسَ دُفُعَاتٍ لَوْ انْفَرَدَ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ السَّرَخْسِيِّ حَكَاهُ عَنْهُ الشَّيْخَانِ وَأَقَرَّاهُ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا تَحْرِيمَ بِحُصُولِ اللَّبَنِ إلَى جَوْفٍ لَيْسَ بِمَعِدَةٍ وَلَا دِمَاغٍ كَالْحَاصِلِ بِصَبِّهِ فِي جِرَاحَةٍ بِبَطْنِهِ أَوْ فِي إحْلِيلِهِ أَوْ فِي أُذُنِهِ إذْ لَا مَنْفَذَ مِنْهَا إلَى الدِّمَاغِ وَلَا بِحُصُولِهِ فِي مَعِدَةِ مَيِّتٍ أَوْ دِمَاغِهِ لَبُطْلَان التَّغَذِّي بِالْمَوْتِ وَيُعْتَبَرُ حُصُولُهُ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ مَنْفَذٍ وَلَوْ مِعًى مُنْخَرِقًا بِجِرَاحَةٍ بِبَطْنِهِ أَوْ أَنْفًا أَوْ مَأْمُومَةً فَلَا يُحَرِّمُ حُصُولُهُ فِيهِ بِصَبِّهِ فِي الْعَيْنِ بِوَاسِطَةِ الْمَسَامِّ وَقَوْلُهُ فِي مَعِدَةِ حَيٍّ أَوْ دِمَاغِهِ تَنَازَعَهُ حُصُولٌ وَحَاصِلٌ وَحَصَلَ وَيُعْتَبَرُ حُصُولُهُ فِيهِمَا (قَبْلَ) بُلُوغِ الرَّضِيعِ (حَوْلَيْنِ بِشَيْ) فَلَوْ حَصَلَ بَعْدَهُمَا لَمْ يُحَرِّمْ لِخَبَرِ «لَا رَضَاعَ إلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ سَهْلَةَ بِنْتَ سَهْلٍ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا كُنَّا نَرَى سَالِمًا وَلَدًا، وَقَدْ نَزَلَ فِي التَّبَنِّي وَالْحِجَابِ مَا قَدْ عَلِمْت فَمَاذَا تَأْمُرُنِي فَقَالَ أَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ يَحْرُمُ بِهِنَّ عَلَيْك فَفَعَلَتْ فَكَانَتْ تَرَاهُ ابْنًا» فَأَجَابَ عَنْهُ الشَّافِعِيّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِسَالِمٍ وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّظْمِ وَأَصْلُهُ أَنَّ الْحَوْلَيْنِ لَوْ تَمَّا فِي الرَّضْعَةِ الْأَخِيرَةِ فَلَا تَحْرِيمَ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ.

وَإِذَا لَمْ يَتِمَّ لَهُ الْخَامِسَةُ إلَّا بَعْدَ سَنَتَيْنِ لَمْ يُحَرِّمْ لَكِنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ الْأَصْحَابُ التَّحْرِيمُ؛ لِأَنَّ مَا يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ فِي كُلِّ رَضْعَةٍ غَيْرُ مُقَدَّرٍ كَمَا قَالُوا لَوْ لَمْ يَحْصُلْ فِي جَوْفِهِ إلَّا خَمْسَ قَطَرَاتٍ فِي كُلِّ رَضْعَةٍ قَطْرَةٌ حَرُمَ وَيُعْتَبَرُ الْحَوْلَانِ بِالْأَهِلَّةِ فَإِنْ انْكَسَرَ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ كُمِّلَ بِالْعَدَدِ مِنْ الشَّهْرِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ وَابْتِدَاؤُهُمَا مِنْ تَمَامِ خُرُوجِ

ــ

[حاشية العبادي]

جَائِفَةٍ م ر (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ. . . إلَخْ) ظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلتَّحْرِيمِ الْمُسْتَنِدِ لِلْمُخْتَلَطِ فَقَطْ أَمَّا لَوْ سُقِيَ مِنْ الْخَالِصِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَسُقِيَ الْمَخْلُوطَ مَرَّةً فَيُؤَثِّرُ وَإِنْ كَانَ الدَّرُّ الَّذِي فِي ذَلِكَ الْمَخْلُوطِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُسْقَى مِنْهُ خَمْسَ دَفَعَاتٍ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ (قَوْلُهُ: إذْ لَا مَنْفَذَ مِنْهَا إلَى الدِّمَاغِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ بِتَقْطِيرٍ فِي أُذُنٍ وَدُبُرٍ وَإِحْلِيلٍ وَجِرَاحَةٍ لَمْ تَصِلْ إلَى الْمَعِدَةِ وَالدِّمَاغِ. اهـ. (قَوْلُهُ: مَخْصُوصٌ لِسَالِمٍ) كَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي تَجْوِيزِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْإِرْضَاعُ عَادَةً مِنْ نَحْوِ الْمَسِّ وَالنَّظَرِ أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِهِ (قَوْله لِأَنَّ مَا يَصِلُ. . . إلَخْ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُمَا لَوْ تَمَّا مَعَ أَوَّلِ قَطْرَةٍ مِنْ الْأَخِيرَةِ فَلَا تَحْرِيمَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ لَمْ يَتِمَّ أَيْ

ــ

[حاشية الشربيني]

فَكَانَتْ تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بِشُرْبِ الْبَعْضِ وَلَوْ قَلِيلًا إذَا شَرِبَ فِي خَمْسِ دَفَعَاتٍ أَيْ وَالصُّورَةُ أَنَّ اللَّبَنَ يَتَأَتَّى مِنْهُ فِي نَفْسِهِ خَمْسُ دَفَعَاتٍ وَلَا يَجِيءُ الْخِلَافُ فِي شُرْبِ الْبَعْضِ مَعَ تَصْحِيحِ أَنَّ شُرْبَهُ لَا يُحَرِّمُ إلَّا إنْ تَحَقَّقَ حُصُولُ اللَّبَنِ إلَى الْجَوْفِ فَالْمُخَلِّصُ مِنْ هَذَا الْإِشْكَالِ أَنْ يَخُصَّ كَلَامَهُ كَغَيْرِهِ حَيْثُ كَانَ اللَّبَنُ مَغْلُوبًا بِمَا إذَا كَانَ الْمُخْتَلِطُ الْمَشْرُوبُ هُوَ الْمَرَّةَ الْخَامِسَةُ فَقَطْ أَمَّا إذَا كَانَ غَالِبًا فَلَا كَلَامَ فِي أَنَّ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَانِعِ جُزْءًا مِنْهُ. اهـ. رَشِيدِيٌّ وسم وع ش مَعَ بَعْضِ إيضَاحٍ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا تَحَقَّقَ حُصُولُ الدَّرِّ مِنْهُ) أَيْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ مِنْ الْخَمْسِ سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ (قَوْلُهُ: كَأَنْ بَقِيَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُخْتَلِطِ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ الدَّرِّ أَوْ تَحَقَّقَ انْتِشَارُهُ فِي الْجَمِيعِ كَذَا فِي شَرْحِ الْعِرَاقِيِّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا كَأَنْ بَقِيَ) أَيْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ اللَّبَنِ أَيْ الْمَوْجُودِ قَبْلَهَا وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِمَا ذُكِرَ لِأَنَّ تَحَقُّقَ وُصُولِ اللَّبَنِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ إلَى الْجَوْفِ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ. اهـ.

سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا سَبَقَ قَرِيبًا عَنْ الرَّشِيدِيِّ وسم وع ش (قَوْلُهُ: كَأَنْ بَقِيَ مِنْهُ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ الدَّرِّ) لِإِخْفَاءِ أَنَّ التَّحَقُّقَ يَحْصُلُ وَإِنْ بَقِيَ مِنْ الْمَخْلُوطِ قَدْرُ اللَّبَنِ فَأَكْثَرُ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْضُهُ مِنْ اللَّبَنِ وَبَعْضُهُ مِنْ الْخَلِيطِ قَطْعًا فَهْدًا الْبَعْضُ مِنْ الْخَلِيطِ بَدَلُ جُزْءٍ ذَهَبَ مِنْ اللَّبَنِ قَطْعًا بَلْ الذَّاهِبُ هُوَ الْجُزْءُ الْأَعْظَمُ إذْ الصُّورَةُ أَنَّ اللَّبَنَ مَغْلُوبٌ. اهـ. رَشِيدِيٌّ وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ كَغَيْرِهِ فِيمَا سَبَقَ مَعَ احْتِمَالِ خُلُوِّ بَعْضِ الْخَمْسِ عَنْهُ لِانْحِصَارِهِ إلَخْ لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ انْتِشَارُهُ فِي جَمِيعِ أَجْزَاءِ الْخَلِيطِ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِكَوْنِ مَا بَقِيَ أَقَلَّ مِنْ قَدْرِ الدَّرِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: كَأَنْ بَقِيَ مِنْهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ مَعَ شَرْحِ الْخَطِيبِ وَلَوْ خُلِطَ بِمَائِعٍ حَرَّمَ إنْ غَلَبَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ عَلَى الْمَائِعِ بِظُهُورِ أَحَدِ صِفَاتِهِ مِنْ طَعْمٍ أَوْ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ سَوَاءٌ شَرِبَ الْكُلَّ أَوْ الْبَعْضَ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ زَالَتْ الْأَوْصَافُ الثَّلَاثَةُ أَيْ مِنْ اللَّبَنِ الْمَخْلُوطِ قَبْلَ خَلْطِهِ اُعْتُبِرَ قَدْرُ اللَّبَنِ بِمَا لَهُ لَوْنٌ قَوِيٌّ يَسْتَوْلِي عَلَى الْخَلِيطِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْقَدْرُ مِنْهُ يَظْهَرُ فِي الْخَلِيطِ ثَبَتَ التَّحْرِيمُ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. وَمِثْلُهُ م ر وَحَجَرٌ (قَوْلُهُ: إذْ لَا مَنْفَذَ مِنْهَا) وَلَا يُنَافِيهِ الْفِطْرُ بِهِ لِأَنَّ مَدَارَهُ الْوُصُولُ لِلْجَوْفِ وَمَا هُنَا مَدَارُهُ الْوُصُولُ لِلْمَعِدَةِ أَوْ الدِّمَاغِ لِأَنَّ الْغَرَضَ هُنَا التَّغَذِّي. اهـ.

م ر (قَوْلُهُ: إذْ لَا مَنْفَذَ مِنْهَا إلَخْ) فِي ع ش أَنَّهُ إذَا وَصَلَ إلَى الدِّمَاغِ مِنْ الْأُذُنِ حَرَّمَ فَيُمْكِنُ بِانْخِرَاقِ الْأُذُنِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فِي مَعِدَةِ مَيِّتٍ) مِنْهُ مَنْ وَصَلَ لِحَرَكَةِ مَذْبُوحٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْمُرْضِعَةِ وَفَائِدَةُ التَّحْرِيمِ لَوْ قُلْنَا بِهِ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ زَوَّجَهُ وَلِيُّهُ بِنْتًا فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَى صَاحِبِ اللَّبَنِ لَوْ قُلْنَا بِالتَّأْثِيرِ لِأَنَّهَا زَوْجَةُ ابْنِهِ مِنْ الرَّضَاعِ وَفِيمَا إذَا كَانَ زَوَّجَهُ الْمُرْضِعَةَ فَعَلَى التَّأْثِيرِ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَلَا تَرِثُ وَعَلَى عَدَمِهِ لَا شَيْءَ مِنْ ذَلِكَ اهـ حَاشِيَةُ مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ: فَفَعَلَتْ) رُوِيَ

ص: 374

الْوَلَدِ كَمَا مَرَّ مَعَ نَظَائِرِهِ فِي الْعِدَّةِ (لَا الْحَقْنُ) بِاللَّبَنِ فَلَا يُحَرِّمُ لِانْتِفَاءِ التَّغَذِّي بِهِ؛ لِأَنَّهُ لِإِسْهَالِ مَا انْعَقَدَ فِي الْأَمْعَاءِ بِخِلَافِ الْقَطْرِ بِهِ لِتَعَلُّقِهِ بِالْوُصُولِ إلَى الْجَوْفِ (خَمْسًا) أَيْ حُصُولُ اللَّبَنِ مِنْ الْمَرْأَةِ خَمْسَ مَرَّاتٍ فِي مَعِدَةِ حَيٍّ أَوْ دِمَاغِهِ خَمْسَ دَفَعَاتٍ يُحَرِّمُ فَخَمْسًا مُتَعَلِّقٌ بِحُصُولٍ وَحَلْبٍ فَلَوْ حَلَبَ خَمْسًا وَأَوْجَرَهُ فِي دَفْعَةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ كَانَ رَضْعَةً رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ «كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٌ يُحَرِّمْنَ فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ» أَيْ يُتْلَى حُكْمُهُنَّ أَوْ يَقْرَؤُهُنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّسْخُ لِقُرْبِهِ وَلَا يُعَارِضُ الْخَبَرَ الْمَذْكُورَ مَفْهُومُ خَبَرِ مُسْلِمٍ أَيْضًا «لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ» لِاعْتِضَادِ مَفْهُومِ الْأَوَّلِ بِالْأَصْلِ وَهُوَ عَدَمُ التَّحْرِيمِ لَا؛ لِأَنَّ الْمَنْطُوقَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَفْهُومِ عَلَى مَا قِيلَ وَإِذَا حَصَلَ التَّعَدُّدُ فِي

ــ

[حاشية العبادي]

لَمْ يَتَحَقَّقْ بِأَنْ شَرَعَ فِيهَا قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ كَأَنْ أَلْقَمَتْهُ الثَّدْيَ حِينَئِذٍ فَلَمْ يَصِلْ اللَّبَنُ إلَى جَوْفِهِ إلَّا بَعْدَهُمَا.

(قَوْلُهُ: خَمْسًا) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَا أَثَرَ لِدُونِ خَمْسِ رَضَعَاتٍ إلَّا إنْ حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ قَالَ فِي شَرْحِهِ فَلَا يُنْقَضُ (قَوْلُهُ: خَمْسًا) مُتَعَلِّقٌ بِحُصُولٍ وَحَلْبٍ فَلَوْ حَلَبَ خَمْسًا وَأَوْجَرَهُ فِي دَفْعَةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ كَانَ رَضْعَةً، هَذَا الْكَلَامُ كَالصَّرِيحِ فِي تَعَلُّقِهِ أَيْضًا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ غَلَبَ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي التَّحْرِيمِ بِالْمَخْلُوطِ بِغَيْرِهِ مِنْ تَعَدُّدِ الْحُصُولِ وَالْحَلْبِ حَتَّى لَوْ اتَّحَدَ حَلْبُهُ لَمْ يُؤَثِّرْ وَإِنْ تَعَدَّدَ حُصُولُهُ فِي الْمَعِدَةِ بِأَنْ أَوْجَرَهُ خَمْسًا كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي الْخَالِصِ لَكِنْ قَدْ يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُمْ السَّابِقَ، وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الدَّرِّ قَدْرًا يُمْكِنُ أَنْ يُسْقَى مِنْهُ خَمْسَ رَضَعَاتٍ لَوْ انْفَرَدَ عَلَى الْأَصَحِّ. . . إلَخْ لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَبَرَ التَّعَدُّدُ هُنَا فِي الْحَلْبِ أَيْضًا لَمْ يَحْتَجْ لِهَذَا الشَّرْطِ وَلَمْ يَتَأَتَّ هَذَا الْخِلَافُ لِأَنَّ مِنْ لَازِمِ مَا تَعَدَّدَ حَلْبُهُ كَوْنُهُ قَدْرًا يُمْكِنُ أَنْ يُسْقَى مِنْهُ خَمْسَ دَفَعَاتٍ إذْ غَيْرُهُ لَا يَتَأَتَّى تَعَدُّدُ حَلْبِهِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِمَنْعِ الْمُنَافَاةِ وَأَنَّهُمْ احْتَرَزُوا بِهَذَا الشَّرْطِ عَمَّا لَوْ تَلِفَ مِنْ الْمَخْلُوطِ الْمُتَعَدِّدِ حَلْبُهُ بَعْضُهُ بِحَيْثُ صَارَ الْبَاقِي لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُسْقَى مِنْهُ خَمْسَ دَفَعَاتٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْخَالِصِ وَالْمَخْلُوطِ فِي اعْتِبَارِ تَعَدُّدِ الْحَلْبِ وَالْحُصُولِ إذْ لَا يُتَّجَهُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بَلْ قَدْ يُقَالُ اعْتِبَارُ ذَلِكَ فِي الْمَخْلُوطِ أَوْلَى مِنْهُ فِي الْخَالِصِ لَكِنَّ عِبَارَتَهُمْ هَذِهِ لَا إفْصَاحَ فِيهَا بِذَلِكَ بَلْ قَدْ تُفْهِمُ خِلَافَهُ لَا يُقَالُ قَوْلُ الرَّوْضِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ تَعَدَّدَا أَيْ الِانْفِصَالُ وَالْإِيجَارُ مَعًا وَلَمْ يُخْلَطْ فَخَمْسٌ وَإِنْ خُلِطَ، ثُمَّ فُرِّقَ خَمْسَ رَضَعَاتٍ فَكَمَا لَوْ لَمْ يُخْلَطْ أَيْ فَتُعَدُّ خَمْسَ رَضَعَاتِ. اهـ.

فِيهِ إشْعَارٌ قَوِيٌّ بِأَنَّ الْمَخْلُوطَ كَالْخَالِصِ فِي اعْتِبَارِ التَّعَدُّدِ فِي الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ كَلَامُنَا فِي اللَّبَنِ الْمَخْلُوطِ بِغَيْرِ اللَّبَنِ وَكَلَامُ الرَّوْضِ فِي اللَّبَنِ الْمَخْلُوطِ بِاللَّبَنِ بِأَنْ خُلِطَتْ مَرَّاتُ حَلْبِهِ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ نَعَمْ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي آخِرَ الصَّفْحَةِ فِي الْحَلْبِ مِنْ امْرَأَتَيْنِ مَا نَصُّهُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسُ دَفَعَاتٍ فِيهِ إشْعَارٌ قَوِيٌّ بِمَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ فِي اعْتِبَارِ تَعَدُّدِ الْحَلْبِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ لَبَنِ الْمَرْأَتَيْنِ وَإِذَا اُعْتُبِرَ ذَلِكَ فِي خَلْطِ لَبَنِ إحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ بِلَبَنِ الْأُخْرَى فَلْيُعْتَبَرْ فِي خَلْطِ اللَّبَنِ بِغَيْرِ اللَّبَنِ إذْ لَا وَجْهَ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا كَمَا يُدْرَكُ بِالتَّأَمُّلِ الصَّادِقِ سم (قَوْلُهُ: نُسِخَتْ. . . إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ النَّاسِخَ سُنَّةٌ لَا قُرْآنٌ إذْ الْخَمْسُ الْمَعْلُومَاتُ لَيْسَتْ فِي الْقُرْآنِ (قَوْلُهُ: وَهُنَّ) أَيْ الْعَشْرُ (قَوْلَهُ مَفْهُومُ. . . إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ يُحَرِّمُ الثَّلَاثُ وَالْأَرْبَعُ (قَوْلُهُ: مَفْهُومِ الْأَوَّلِ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ مَا دُونَ الْخَمْسِ وَكَتَبَ أَيْضًا أَيْ عَلَى إطْلَاقِهِ وَعُمُومِهِ (قَوْلُهُ: لَا لِأَنَّ الْمَنْطُوقَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَفْهُومِ) أَقُولُ أَيْ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ بَابِ تَعَارُضِ الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَنَّهَا حَلَبَتْهُ فِي مُسْعَطٍ وَشَرِبَهُ. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ فَلَا إشْكَالَ (قَوْلُهُ: أَيْ يُتْلَى حُكْمُهُنَّ) أَيْ يُعْتَقَدُ وَقَوْلُهُ أَوْ يَقْرَؤُهُنَّ أَيْ يَقْرَأُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِنَّ وَهُوَ خَمْسٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعَارِضُ الْخَبَرَ الْمَذْكُورَ) أَيْ يُعَارِضُ مَفْهُومَهُ لِأَنَّ التَّعَارُضَ إنَّمَا هُوَ بَيْنَ الْمَفْهُومَيْنِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ يَقْتَضِي عَدَمَ تَحْرِيمِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ وَالثَّانِي يَقْتَضِيَ التَّحْرِيمَ بِهِمَا فَقُدِّمَ مَفْهُومُ الْأَوَّلِ لِاعْتِضَادِهِ بِالْأَصْلِ وَهُوَ عَدَمُ التَّحْرِيمِ وَفِيهِ احْتِجَاجٌ بِمَفْهُومِ الْعَدَدِ وَهُوَ غَيْرُ حُجَّةٍ عِنْدَ الْأَكْثَرُ فَقَدْ يُقَالُ مَحَلُّهُ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ عَلَى اعْتِبَارِهِ وَهُنَا قَرِينَةٌ عَلَيْهِ وَهِيَ ذِكْرُ نَسْخِ الْعَشْرِ بِالْخَمْسِ وَإِلَّا لَمْ يَبْقَ لِذِكْرِهِ فَائِدَةٌ. اهـ.

م ر عَلَى أَنَّ حَاصِلَ عِبَارَةِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ تَصْحِيحُ اعْتِبَارِ مَفْهُومِ الْعَدَدِ سم عَلَى حَجَرٍ (قَوْلُهُ: لَا لِأَنَّ الْمَنْطُوقَ إلَخْ) لِمَا عَرَفْت أَنَّ التَّعَارُضَ إنَّمَا هُوَ بَيْنَ الْمَفْهُومَيْنِ إذْ تَحْرِيمُ الْخَمْسِ

ص: 375

الطَّرَفَيْنِ فَلَا يَضُرُّ الِاتِّحَادُ بَيْنَهُمَا حَتَّى لَوْ حُلِبَ اللَّبَنُ خَمْسَ دَفَعَاتٍ وَخُلِطَ الْجَمِيعُ وَأُوجِرَ خَمْسَ رَضَعَاتٍ حَرَّمَ وَلَوْ حَلَبَ مِنْ امْرَأَتَيْنِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسَ دَفَعَاتٍ وَخَلَطَ الْجَمِيعَ وَأُوجِرَ خَمْسًا ثَبَتَ التَّحْرِيمُ أَيْضًا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَضَبَطَهُنَّ بِالْعُرْفِ فَتَتَعَدَّدُ بِقَطْعِهِ إعْرَاضًا (لَا بِتَحْوِيلٍ) أَيْ تَحَوُّلِهِ مِنْ ثَدْيِهَا إلَى ثَدْيِهَا الْآخَرِ لِنَفَادِ مَا فِيهِ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَعُدُّهُ رَضْعَةً وَاحِدَةً.

(وَمَا كَلَفْظِهِ) أَيْ وَلَا بِمَا هُوَ مِثْلُ تَرْكِهِ الثَّدْيَ (لَهْوًا) ثُمَّ عَوْدُهُ إلَيْهِ حَالًا كَقَطْعِهِ لِتَنَفُّسٍ وَكَتَخَلُّلِ نَوْمٍ خَفِيفٍ أَوْ طَوِيلٍ وَالثَّدْيُ بِفَمِهِ وَكَقِيَامِهِ لِشُغْلٍ خَفِيفٍ ثُمَّ عَوْدِهِ، وَقَطْعُ الْمُرْضِعَةِ كَقَطْعِ الطِّفْلِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى التَّعَدُّدِ وعَدَمِهِ (يَقِينًا) مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ مَا مَرَّ فَلَوْ شُكَّ فِي أَنَّ اللَّبَنَ مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ فِي أَنَّهُ حُلِبَ فِي حَيَاتِهَا أَوْ فِي حُصُولِهِ فِي جَوْفِ حَيٍّ أَوْ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ أَوْ فِي حَلْبِهِ خَمْسَ مَرَّاتٍ أَوْ فِي وُصُولِهِ فِي خَمْسِ دَفَعَاتٍ فَلَا تَحْرِيمَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ (حَرَّمَا) خَبَرُ حُصُولُ كَمَا تَقَرَّرَ أَيْ حَرَّمَ النِّكَاحَ.

(وَلَوْ) كَانَ اللَّبَنُ (مِنْ الْمُسْتَوْلَدَاتِ) لِرَجُلٍ، وَقَدْ (خَمْسَا) أَيْ كُنَّ خَمْسًا (أَوْ مِمَّنْ اسْتَوْلَدَهَا وَمِنْ نِسَا) أَرْبَعٌ لَهُ فَأَرْضَعَتْ كُلٌّ مِنْهُنَّ بِلَبَنِهِ الطِّفْلَ مَرَّةً فَإِنَّهُ يَصِيرُ أَبًا لَهُ؛ لِأَنَّ لَبَنَ الْجَمِيعِ مِنْهُ فَيَحْرُمْنَ عَلَى الطِّفْلِ؛ لِأَنَّهُنَّ مَوْطُوآتُ أَبِيهِ وَبَعْضُهُنَّ فِي الثَّانِيَةِ زَوْجَاتُ أَبِيهِ وَلَا يَصِرْنَ أُمَّهَاتٍ لَهُ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُنَّ لَمْ تُرْضِعْهُ إلَّا مَرَّةً فَلَوْ كَانَتْ الرَّضِيعَةُ زَوْجَتَهُ وَمُرْضِعَاتُهَا ثَلَاثُ نِسْوَةٍ وَمُسْتَوْلَدَتَيْنِ لَهُ ارْتَفَعَ نِكَاحُهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَأَمَّا حُكْمُ الْغُرْمِ فَإِنْ أَرْضَعْنَ مَعًا بِأَنْ حَلَبْنَ فِي مُسْعَطٍ وَأَوْجَرْنَهُ فَلَهُ ثَلَاثُ أَخْمَاسِ الْغُرْمِ عَلَى النِّسْوَةِ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُسْتَوْلَدَتَيْنِ إذْ الْإِنْسَانُ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى مِلْكِهِ شَيْئًا وَلَوْ أَرْضَعْنَ مُرَتَّبًا ثَبَتَتْ الْحُرْمَةُ بِالرَّضْعَةِ الْأَخِيرَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْمُرْضِعَةُ الْأَخِيرَةُ إحْدَى الْمُسْتَوْلَدَتَيْنِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا أَوْ إحْدَى النِّسْوَةِ فَعَلَيْهَا جَمِيعُ الْغُرْمِ فَإِنْ جَهِلْنَا الْأَخِيرَةَ مِنْ الصِّنْفَيْنِ أَوْ جَهِلْنَا فِيمَا إذَا تَأَخَّرَ إرْضَاعُ الثَّلَاثِ هَلْ أَرْضَعْنَ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا

ــ

[حاشية العبادي]

وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِمَفْهُومِ هَذَا الْخَبَرِ هُوَ أَنْ تُحَرِّمَ الثَّلَاثُ رَضَعَاتٍ وَالْأَرْبَعُ وَالْأَوَّلُ لَا يُعَارِضُ فِي ذَلِكَ بِمَنْطُوقِهِ إذْ لَيْسَ ذَلِكَ مَنْطُوقًا لَهُ كَمَا لَا يَخْفَى وَإِنَّمَا يُعَارَضُ فِيهِ بِمَفْهُومِهِ إذْ مَفْهُومُهُ أَنَّ مَا دُونَ الْخَمْسِ كَالْأَرْبَعِ وَالثَّلَاثِ لَا يُحَرِّمُ فَقَدْ بَانَ أَنَّ تَعَارُضَ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ فِي الثَّلَاثِ وَالْأَرْبَعِ بِاعْتِبَارِ مَفْهُومِهِمَا دُونَ مَنْطُوقِهِمَا وَمَنْطُوقِ أَحَدِهِمَا وَمَفْهُومِ الْآخَرِ فَهَذَا وَجْهُ قَوْلِ الشَّارِحِ لَا لِأَنَّ. . . إلَخْ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الْبُرُلُّسِيَّ وَجَّهَ قَوْلَهُ الْمَذْكُورَ بِمَا نَصُّهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَنْطُوقَ هُنَا لَا يُنَافِي هَذَا الْمَفْهُومَ بَلْ هُوَ بَعْضُ مَا مَاصَدَقَاتِ الْمَفْهُومِ. اهـ.

أَيْ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ ذِكْرِ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ بِحُكْمِهِ وَهُوَ لَا يُخَصِّصُ سم (قَوْلُهُ: أَوْ طَوِيلٍ وَالثَّدْيُ بِفَمِهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَكَذَا إنْ طَالَ أَيْ كُلٌّ مِنْ النَّوْمِ وَاللَّهْوِ وَالثَّدْيُ فِي فَمِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَكَذَا إنْ طَالَ وَالثَّدْيُ فِي فَمِهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَتَخْصِيصُ تَقْيِيدِ كَوْنِ الثَّدْيِ فِي فَمِهِ بِحَالَةِ طُولِ اللَّهْوِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَعَلَيْهِ نَصَّ الشَّافِعِيُّ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: خَمْسًا) حَالٌ (قَوْلُهُ: فَأَرْضَعَتْ إلَى مَرَّةٍ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ كَمَنْ ارْتَضَعَ مِنْ خَمْسِ مُسْتَوْلَدَاتِ رَجُلٍ أَوْ أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ وَمُسْتَوْلَدَةٍ رَضْعَةً رَضْعَةً وَلَوْ مُتَوَالِيًا قَالَ فِي شَرْحِهِ وَقَوْلُهُ: رَضْعَةً رَضْعَةً وَلَوْ مُتَوَالِيًا مِنْ تَصَرُّفِهِ وَلَوْ قَالَ بَدَلَهُ وَلَوْ دَفْعَةً كَانَ أَوْلَى لِيُوَافِقَ مَا قَدَّمْتُهُ عَنْ تَصْرِيحِ الْأَصْلِ قُبَيْلَ الْفَرَاغِ انْتَهَى وَلَمَّا قَالَ الرَّوْضُ: قُبَيْلَ الْفَرَاغِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ خُلِطَ لَبَنُ خَمْسٍ وَأَوْجَرَهُ خَمْسَ دَفَعَاتٍ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ رَضْعَةٌ قَالَ فِي شَرْحِهِ عَقِبَ قَوْلِهِ خَمْسَ دَفَعَاتٍ مَا نَصُّهُ أَوْ دَفْعَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ. اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُنَّ. . . إلَخْ) فَلَوْ ارْتَضَعَ مِنْهُنَّ آخَرُ رَضَاعًا كَامِلًا لَمْ يَثْبُتْ التَّحْرِيمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذَا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا حُكْمُ الْغُرْمِ إلَخْ) وَشَرَطَ الْمَاوَرْدِيُّ لِتَغْرِيمِ الزَّوْجِ لِلْمُرْضِعَةِ عَدَمَ إذْنِهِ لَهَا فِي الْإِرْضَاعِ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: هَلْ أَرْضَعْنَ مَعًا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ عُلِمَتْ الْمَعِيَّةُ فَعَلَى الثَّلَاثِ جَمِيعُ الْغُرْمِ أَوْ التَّرْتِيبُ فَعَلَى الْأَخِيرَةِ جَمِيعُهُ كَذَا يَظْهَرُ أَنَّهُ الْمُرَادُ وَفِي الرَّوْضِ وَإِنْ أَوْجَرَهَا الزَّوْجَاتُ أَيْ الثَّلَاثُ الرَّضْعَةَ الْخَامِسَةَ مَعًا اسْتَوَيْنَ فِي الْغُرْمِ وَلَوْ تَفَاضَلَتْ فِي الْإِرْضَاعِ. اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

لَا يَمْنَعُ تَحْرِيمَ مَا دُونَهَا (قَوْلُهُ: مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسُ دَفَعَاتٍ) وَفِي الْمَغْلُوبِ مِنْهُمَا التَّفْصِيلُ السَّابِقُ فَتَثْبُتُ الْأُمُومَةُ لِغَالِبَةِ اللَّبَنِ وَلِلْمَغْلُوبَةِ أَيْضًا بِشَرْطِهِ السَّابِقِ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي أَقَلَّ مِنْ لَبَنِهَا أَوْ شَرِبَ الْكُلَّ وَتَظْهَرُ الْغَلَبَةُ وَعَدَمُهَا هُنَا بِفَرْضِ أَحَدِ اللَّبَنَيْنِ مِنْ نَوْعٍ مُخَالِفٍ لِلْآخَرِ فِي أَشَدِّ الصِّفَاتِ فَإِنْ غَلَبَتْ أَوْصَافُهُ الْمُقَدَّرَةُ أَوْصَافَ الْآخَرِ بِحَيْثُ أَزَالَتْهَا كَانَ الْآخَرُ مَغْلُوبًا وَإِلَّا فَلَا اهـ. م ر وع ش (قَوْلُهُ: وَقَطْعُ الْمُرْضِعَةِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي م ر وَحَاشِيَتِهِ أَنَّهُ إنْ قَطَعَ الرَّضَاعَ أَوْ قَطَعَتْهُ عَلَيْهِ إعْرَاضًا فِيهِمَا ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ وَلَوْ فَوْرًا تَعَدَّدَ الرَّضَاعُ، أَوْ قَطَعَهُ لِنَحْوِ لَهْوٍ كَتَنَفُّسٍ أَوْ ازْدِرَادِ مَا اجْتَمَعَ فِي فِيهِ أَوْ نَوْمٍ خَفِيفٍ أَوْ قَطَعَتْهُ هِيَ لَا إعْرَاضًا بَلْ كَشُغْلٍ خَفِيفٍ لَا يَتَعَدَّدُ إنْ عَادَ فِي الْحَالِ أَوْ بَقِيَ الثَّدْيُ بِفَمِهِ وَإِلَّا تَعَدَّدَ كَمَا إذَا تَحَوَّلَ أَوْ حُوِّلَ لِثَدْيِ غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يَتَعَدَّدُ أَيْضًا بَلْ وَلَوْ عَادَ لِلْأُولَى فِي الْحَالِ بِخِلَافِ التَّحَوُّلِ لِثَدْيِهَا الْآخَرِ فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ التَّعَدُّدُ عَمَلًا بِالْعُرْفِ فِي كُلِّ ذَلِكَ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي نَحْوِ الْجُبْنِ اهـ. مِنْ هَامِشِ الْمُحَلَّيَّ بِخَطِّ شَيْخِنَا ذ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ نِسَاءٍ أَرْبَعٍ)

ص: 376

فَالظَّاهِرُ هُوَ عَدَمُ الْغُرْمِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ.

(لَا) إنْ كَانَ اللَّبَنُ مِنْ خَمْسِ (أَخَوَاتٍ أَوْ بَنَاتٍ) لِرَجُلٍ فَرَضَعَ طِفْلٌ مِنْ كُلٍّ رَضْعَةً فَلَا حُرْمَةَ بَيْنَ الطِّفْلِ وَالرَّجُلِ بِأَنْ يَصِيرَ خَالًا أَوْ جَدًّا لِأُمٍّ؛ لِأَنَّ الْخُؤُولَةَ وَالْجُدُودَةَ لِأُمٍّ إنَّمَا تَثْبُتُ بِتَوَسُّطِ الْأُمُومَةِ وَلَا أُمُومَةَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (قُلْتُ لَا يَثْبُتُ) التَّحْرِيمُ (بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَا) النِّسْوَةِ وَالطِّفْلِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمُسْتَوْلَدَاتِ إذْ اللَّبَنُ فِيهَا مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَهُنَّ وَلَا اسْتِحَالَةَ فِي ثُبُوتِ الْأُبُوَّةِ دُونَ الْأُمُومَةِ كَعَكْسِهِ بِأَنْ يَدِرَّ لَبَنٌ لِبِكْرٍ أَوْ ثَيِّبٍ لَمْ تَأْتِ بِوَلَدٍ أَوْ أَتَتْ بِهِ مِنْ زِنًا فَيَرْضِعُ مِنْهَا طِفْلٌ خَمْسَ مَرَّاتٍ.

(أَوْ مَنْ تَفَرَّقْنَ) أَيْ وَلَا إنْ كَانَ اللَّبَنُ مِنْ خَمْسِ نِسْوَةٍ مُتَفَرِّقَاتٍ لِرَجُلٍ كَأُمِّهِ وَبِنْتِهِ وَأُخْتِهِ وَجَدَّتِهِ وَزَوْجَتِهِ فَرَضَعَ طِفْلٌ مِنْ كُلٍّ رَضْعَةً فَلَا حُرْمَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّجُلِ لِتَعَذُّرِ نِسْبَتِهِ إلَيْهِ لِاخْتِلَافِ الْجِهَاتِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الرَّضِيعِ أَخَا وَلَدٍ وَبَعْضُهُ بِنْتٍ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ.

(عَلَى مَنْ يُنْسَبَنْ إلَيْهِ مَنْ عَلَيْهِ قَدْ دَرَّ اللَّبَنْ) أَيْ حُصُولُ اللَّبَنِ عَلَى الْوَجْه الْمَذْكُورِ يُحَرِّمُ الرَّضِيعَ الْأُنْثَى عَلَى مَنْ يَنْتَسِبُ إلَيْهِ وَلَدُ الْمُرْضِعَةِ الَّذِي دَرَّ عَلَيْهِ اللَّبَنُ سَوَاءٌ كَانَتْ بَاقِيَةً عَلَى نِكَاحِهِ أَمْ لَا اسْتَمَرَّ اللَّبَنُ أَوْ انْقَطَعَ، ثُمَّ عَادَ قَصُرَتْ الْمُدَّةُ بَعْدَ الْفِرَاقِ بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ طَالَتْ إذْ لَمْ يَحْدُثْ مَا يُحَالُ عَلَيْهِ اللَّبَنُ فَلَوْ نَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ وَوَلَدَتْ مِنْهُ فَاللَّبَنُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ لِلزَّوْجِ الثَّانِي وَقَبْلَهَا لِلْأَوَّلِ وَدَخَلَ فِيمَا قَالَهُ الزَّوْجُ وَالْوَاطِئُ بِمِلْكٍ أَوْ شُبْهَةٍ وَخَرَجَ بِهِ وَلَدُ الزِّنَا وَالْوَلَدُ الْمَنْفِيُّ فَلِلزَّانِي وَالنَّافِي نِكَاحُ مَنْ ارْتَضَعَتْ مِنْ اللَّبَنِ الَّذِي دَرَّ عَلَى الْوَلَدِ لِعَدَمِ انْتِسَابِهِ إلَيْهِمَا فَلَوْ اسْتَلْحَقَ النَّافِي الْمَنْفِيَّ لَحِقَهُ وَثَبَتَ التَّحْرِيمُ حِينَئِذٍ.

(وَمَنْ ذَكَرْنَا) وَهُوَ الْوَلَدُ الَّذِي دَرَّ عَلَيْهِ اللَّبَنُ (إنْ) مِنْ كُلٍّ (مِنْ اثْنَيْنِ احْتَمَلْ) كَأَنْ وُطِئَتْ مَنْكُوحَةٌ بِشُبْهَةٍ أَوْ وَطِئَ اثْنَانِ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَأَرْضَعَتْ طِفْلًا (يَنْتَسِبُ الرَّضِيعُ) بَعْدَ كَمَالِهِ لِأَحَدِهِمَا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ. . . إلَخْ) كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ. . . إلَخْ) هَذَا لَا يَحْسُنُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فَالظَّاهِرُ فِيهَا خِلَافُ مَا قَالَهُ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَيُمْكِنُ دَفْعُهُ بِأَنَّهُ حَيْثُ اُحْتُمِلَ التَّرْتِيبُ فَالْأَصْلُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ بِعَيْنِهَا بَرَاءَةُ ذِمَّتِهَا لِاحْتِمَالِ التَّرْتِيبِ وَكَوْنِ الْأَخِيرَةِ غَيْرَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ سم.

(قَوْلُهُ: إذْ اللَّبَنُ فِيهَا مُشْتَرَكٌ) أَيْ فَالتَّحْرِيمُ ثَابِتٌ بِلَا وَاسِطَةٍ بِرّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ تَفَرَّقْنَ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ أَخَوَاتٍ

(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَتْ) أَيْ الْمُرْضِعَةُ وَقَوْلُهُ عَلَى نِكَاحِهِ أَيْ مَنْ يَنْتَسِبُ.

ــ

[حاشية الشربيني]

أَيْ مَدْخُولٍ بِهِنَّ حَتَّى يَكُونَ اللَّبَنُ لِلرَّجُلِ فَمَتَى تَخَلَّفَ الدُّخُولُ عَنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَلَا تَحْرِيمَ. اهـ. عَمِيرَةُ.

(قَوْلُهُ: الَّذِي دَرَّ عَلَيْهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ فَخَرَجَ مَا لَيْسَ بِسَبَبِهِ بِأَنْ نَزَلَ قَبْلَ حَمْلِهَا مِنْهُ وَلَوْ بَعْدَ وَطْئِهَا فَلَا يُنْسَبُ إلَيْهِ وَلَا تَثْبُتُ أُبُوَّتُهُ، أَمَّا بَعْدَ الْحَمْلِ وَلَوْ قَبْلَ الْوَضْعِ فَبِسَبَبِهِ فَيُنْسَبُ إلَيْهِ وَتَثْبُتُ أُبُوَّتُهُ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا فِي الْمِنْهَاجِ أَنَّ اللَّبَنَ لِمَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ حَتَّى تَلِدَ لِأَنَّ مَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَسْبِقْ مَا يُحَالُ عَلَيْهِ اللَّبَنُ فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ فَنُسِبَ لِصَاحِبِ الْحَمْلِ بِخِلَافِ مَا فِي الْمِنْهَاجِ فَإِنَّهُ سَبَقَ فِيهِ مَا يُحَالُ عَلَيْهِ اللَّبَنُ فَقَوَّى جَانِبَهُ فَلَا تَنْقَطِعُ النِّسْبَةُ عَنْهُ حَتَّى تَلِدَ مِنْ الثَّانِي ذَكَرَهُ ع ش وَفِي الرَّشِيدِيِّ وس ل أَنَّهُ لَا يُنْسَبُ لِصَاحِبِ الْحَمْلِ حَتَّى تَلِدَ وَهُوَ قَبْلَ الْوِلَادَةِ مَنْسُوبٌ لِلْمُرْضِعَةِ فَقَطْ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يُحَالُ عَلَيْهِ فَرَاجِعٌ وَفِي الْخَطِيبِ تَنْبِيهٌ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْ الْمِنْهَاجُ أَنَّهُ لَوْ ثَارَ لِلْمَرْأَةِ لَبَنٌ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الزَّوْجُ أَوْ بَعْدَ الْإِصَابَةِ وَلَمْ تَحْبَلْ ثُبُوتُ حُرْمَةِ الرَّضَاعِ فِي حَقِّهَا دُونَ الزَّوْجِ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِيمَا قَبْلَ الْإِصَابَةِ وَقَالَ فِيمَا بَعْدَ الْإِصَابَةِ وَقَبْلَ الْحَمْلِ الْمَذْهَبُ ثُبُوتُهَا فِي حَقِّهِ دُونَهَا. اهـ.

وَفِي سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ أَنَّ اللَّبَنَ لَا يَكُونُ لِلزَّوْجِ قَبْلَ وِلَادَةِ مَنْ يَلْحَقُهُ وَلَوْ بَعْدَ حَمْلِهِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا حِينَئِذٍ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْمُتَوَلِّي فِيمَا لَوْ نُكِحَتْ امْرَأَةٌ لَا لَبَنَ لَهَا فَحَبِلَتْ وَنَزَلَ لَهَا لَبَنٌ مِمَّا حَاصِلُهُ عَدَمُ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ بَيْنَ الزَّوْجِ وَمَنْ ارْتَضَعْ مِنْهَا قَبْلَ الْوِلَادَةِ وَأَنَّهُ لَا تَنْقَطِعُ نِسْبَتُهُ عَنْهُ بِانْقِطَاعِهِ أَوْ بِالْحَمْلِ مِنْ غَيْرِهِ بَلْ بِالْوِلَادَةِ مِنْ الْغَيْرِ. اهـ. لَا يُقَالُ يُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا سَبَقَ مَا يُحَالُ عَلَيْهِ كَأَنْ تَزَوَّجَتْ قَبْلَهُ ثُمَّ طَلُقَتْ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ ثَانِيًا لِأَنَّا نَقُولُ يُنَافِيهِ قَوْلُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَإِنْ نَزَلَ لِبِكْرٍ لَبَنٌ وَتَزَوَّجَتْ وَحَبِلَتْ أَيْ مِنْ الزَّوْجِ فَاللَّبَنُ لَهَا لَا لِلزَّوْجِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا فِي الرَّشِيدِيِّ وس ل (قَوْلُهُ: طَالَتْ) وَلَوْ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ شَرْحُ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: وَقَبْلَهَا لِلْأَوَّلِ) وَإِنْ دَخَلَ وَقْتُ ظُهُورِ لَبَنِ حَمْلِ الْآخَرِ لِأَنَّ اللَّبَنَ غِذَاءٌ لِلْوَلَدِ لَا لِلْحَمْلِ اهـ. شَرْحُ التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ وَالنَّافِي نِكَاحُ مِنْ ارْتَضَعَتْ إلَخْ) ضَعَّفَهُ الْبِرْمَاوِيُّ وَنَقَلَ ح ف ضَعْفَهُ عَنْ الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَبِ ش قَالَ ز ي لَا يُقَالُ كَيْفَ حَلَّتْ لِلنَّافِي مَعَ أَنَّهَا بِنْتُ مَوْطُوءَتِهِ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا يُصَوَّرُ بِمَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِأُمِّهَا وَإِنَّمَا لَحِقَهُ الْوَلَدُ بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ ثُمَّ نَفَاهُ بِاللِّعَانِ. اهـ.

بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: يَنْتَسِبُ الرَّضِيعُ) وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الِانْتِسَابِ وَلَوْ بِقَائِفٍ لِأَنَّ الْقَائِفَ لَا دَخْلَ لَهُ فِي وَلَدِ الرَّضَاعِ لَكِنْ قَبْلَ الِانْتِسَابِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُ بِنْتِ أَحَدِهِمَا وَنَحْوِهَا فَإِذَا انْتَسَبَ كَهَذَا أَبِي مِنْ الرَّضَاعِ اُعْتُبِرَ انْتِسَابُهُ. اهـ. بِخَطِّ شَيْخِنَا ذ بِهَامِشِ الْمُحَلَّيَّ وَهُوَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّهُ لَا يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ لِأَنَّ مُعْظَمَ اعْتِمَادِهِ

ص: 377

؛ لِأَنَّ الرَّضَاعَ يُؤَثِّرُ فِي الطِّبَاعِ هَذَا (إنْ يَأْسٌ حَصَلْ عَنْ أَوَّلٍ) أَيْ عَنْ نَسَبِ الْوَلَدِ الْأَوَّلِ الَّذِي دَرَّ عَلَيْهِ اللَّبَنُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا أَوْ تَحَيَّرَ أَوْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ انْتِسَابِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ أَوْ انْتَسَبَ بَعْضُ أَوْلَادِهِ لِهَذَا وَبَعْضُهُمْ لِلْآخَرِ وَلَا يُجْبَرُ الرَّضِيعُ عَلَى الِانْتِسَابِ بِخِلَافِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يَتَعَلَّقُ بِهِ حُقُوقٌ لَهُ وَعَلَيْهِ كَالْمِيرَاثِ وَالنَّفَقَةِ وَالْعِتْقِ بِالْمِلْكِ وَسُقُوطِ الْقَوَدِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ رَفْعِ الْإِشْكَالِ وَالْمُتَعَلَّقُ بِالرَّضَاعِ حُرْمَةُ النِّكَاحِ وَالْإِمْسَاكُ عَنْهُ سَهْلٌ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْيَأْسُ عَنْ نَسَبِ الْوَلَدِ فَالرَّضِيعُ تَبَعٌ لَهُ وَيُشْتَرَطُ فِي حُرْمَةِ الرَّضَاعِ عَلَى مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ الْوَلَدُ الَّذِي دَرَّ عَلَيْهِ اللَّبَنُ ثُبُوتُ الْوَطْءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْقَاصِّ وَمِثْلُهُ اسْتِدْخَالُ الْمَاءِ.

وَقَدْ تَتَعَلَّقُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ بِالرَّضَاعِ كَمَا ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (وَمُرْضِعًا لِبَانَهَا) أَيْ حُصُولُ اللَّبَنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ يُحَرِّمُ الرَّضِيعَ كَمَا مَرَّ وَيُحَرِّمُ الَّتِي أَرْضَعَتْ لَبَنَهَا (لِزَوْجَةِ الشَّخْصِ) عَلَيْهِ (وَإِنْ أَبَانَهَا) قَبْلَ الرَّضَاعِ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهَا أَعْنِي الْمُرْضِعَةَ صَارَتْ أُمَّ زَوْجَتِهِ وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي النِّكَاحِ وَحَاصِلُ حُرْمَةِ الرَّضَاعِ أَنَّهَا تَنْتَشِرُ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْمُرْضِعَةِ وَذِي اللَّبَنِ إلَى أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ وَحَوَاشِيهِ وَتَنْتَشِرُ مِنْ الرَّضِيعِ إلَى فُرُوعِهِ دُونَ أُصُولِهِ وَحَوَاشِيهِ وَبِهَذَا عُلِمَ قُصُورُ قَوْلِهِ عَلَى مَنْ يُنْسَبْنَ إلَيْهِ إلَى آخِرِهِ وَكَأَنَّهُ رَأَى أَمْرَ ذَلِكَ ظَاهِرًا فَتَرَكَهُ مَعَ أَنَّهُ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي النِّكَاحِ.

(وَيَدْفَعُ) الرَّضَاعُ (الطَّارِي) عَلَى النِّكَاحِ (النِّكَاحَ) كَمَا يَمْنَعُهُ ابْتِدَاءً فَلَوْ نَكَحَ صَغِيرَةً فَأَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ أَوْ أُخْتُهُ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ انْدَفَعَ نِكَاحُهُ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُخْتَهُ أَوْ بِنْتَ أُخْتِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَطُرُوِّ الرِّدَّةِ وَالْعِدَّةِ لِعَدَمِ إيجَابِهِمَا التَّحْرِيمَ الْمُؤَبَّدَ.

(وَانْدَفَعْ) أَيْ النِّكَاحُ (لِزَوْجَتَيْهِ) بِالرَّضَاعِ الطَّارِئِ (كَيْفَ فِيهِمَا وَقَعْ) أَيْ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا لِصَيْرُورَتِهِمَا أُخْتَيْنِ مَعًا لَكِنْ لَا تَنْدَفِعُ الْأُولَى فِي حَالَةِ التَّرْتِيبِ إذَا كَانَتْ الْمُرْضِعَةُ أَجْنَبِيَّةً إلَّا بِرَضَاعِ الثَّانِيَةِ كَمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (قُلْتُ فَإِنْ يَصْدُرْ عَلَى التَّرْتِيبِ ذَا) أَيْ رَضَاعُهُمَا (فَلَيْسَ) النِّكَاحُ (بِالْمَدْفُوعِ لِلْأُولَى إذَا فِي الْأَجْنَبِيَّاتِ تُعَدُّ السَّاقِيَة) أَيْ الْمُرْضِعَةُ (لِلدُّرِّ إلَّا بِرَضَاعِ الثَّانِيَةْ) ؛ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ صَارَتَا أُخْتَيْنِ وَتَحْرِيمُهُمَا فِي حَالَتَيْ الْمَعِيَّةِ وَالتَّرْتِيبِ إذَا كَانَتْ الْمُرْضِعَةُ أَجْنَبِيَّةً تَحْرِيمُ جَمْعٍ فَلَهُ نِكَاحُ إحْدَاهُمَا وَأَفْرَدَ كَأَصْلِهِ هَذِهِ بِالذِّكْرِ مَعَ دُخُولِهَا فِيمَا قَبْلَهَا لِلْخِلَافِ فِيهَا حَالَةَ التَّرْتِيبِ إذْ فِيهَا نَصٌّ بِانْدِفَاعِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِرَضَاعِهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ نَكَحَ امْرَأَةً عَلَى أُخْتِهَا وَخَرَجَ بِالْأَجْنَبِيَّةِ غَيْرُهَا كَأُمِّهِ وَزَوْجَتِهِ فَلَوْ أَرْضَعَتْهُمَا زَوْجَةٌ أُخْرَى لَهُ بِلَبَنِهِ أَوْ لَبَنِ غَيْرِهِ وَهِيَ مَوْطُوءَةٌ لَهُ فَيَنْدَفِعُ نِكَاحُ الْأُولَى بِمُجَرَّدِ رَضَاعِهَا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِنْتَه أَوْ بِنْتَ مَوْطُوءَتِهِ وَالتَّحْرِيمُ فِيهِمَا تَحْرِيمُ تَأْبِيدٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَوْطُوءَةً لَهُ وَلَيْسَ اللَّبَنُ لَهُ لَمْ يَنْدَفِعْ نِكَاحُ الْأُولَى إلَّا بِرَضَاعِ الثَّانِيَةِ وَالتَّحْرِيمُ فِيهِمَا تَحْرِيمُ جَمْعٍ أَمَّا.

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ الْوَلَدُ) يَقْتَضِي حُصُولَ التَّعَذُّرِ بِمَوْتِهِ مَعَ وُجُودِ الْقَائِفِ وَعَدَمِ تَحَيُّرِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: ثُبُوتُ الْوَطْءِ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ ثُبُوتِهِ بَلْ يَكْفِي فِي ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ لُحُوقُ الْوَلَدِ بِالْإِمْكَانِ (قَوْلُهُ: كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْقَاصِّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ يُخَالِفُهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ لِزَوْجَةِ الشَّخْصِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ وَمُرْضِعًا وَقَوْلُهُ: عَلَيْهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُحَرِّمُ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ أَبَانَهَا أَيْ زَوْجَةَ الشَّخْصِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمُرْضِعَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَأَوْلَادُهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ إخْوَتُهُ وَأَخَوَاتُهُ وَإِخْوَتُهَا وَأَخَوَاتُهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ فَيَحْرُمُ التَّنَاكُحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَكَذَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ بِخِلَافِ أَوْلَادِ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ أَخْوَالِهِ وَخَالَاتِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا صَارَتْ بِنْتَهُ) أَيْ فِيمَا لَوْ ارْتَضَعَتْ بِلَبَنِهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ بِنْتَ مَوْطُوءَتِهِ أَيْ فِيمَا لَوْ ارْتَضَعَتْ بِلَبَنِ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ) أَيْ الزَّوْجَةُ الْأُخْرَى مَوْطُوءَةً لَهُ وَلَيْسَ اللَّبَنُ لَهُ يُمْكِنُ جَعْلُ الْوَاوِ

ــ

[حاشية الشربيني]

عَلَى الْأَشْبَاهِ الظَّاهِرَةِ دُونَ الْأَخْلَاقِ. اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ نَسَبَهُ لَا يُعْمَلُ بِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ الْوَلَدُ) لَعَلَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَمُتْ الْوَلَدُ وَلَمْ يَكُنْ قَائِفٌ أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا أَوْ تَحَيَّرَ وَلَمْ يَمُتْ الْوَلَدُ لَا يَنْتَسِبُ الرَّضِيعُ بَلْ يُوقَفُ الْأَمْرُ إلَى انْتِسَابِ الْوَلَدِ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَعِبَارَةُ شَرْحَيْ الرَّوْضِ وَالْإِرْشَادِ بِالْوَاوِ قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا أَوْ تَحَيَّرَ وَأَيِسَ مِنْ مَعْرِفَةِ نَسَبِهِ لِمَوْتِ الْوَلَدِ وَفُرُوعِهِ وَمِثْلُهُ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ حُرْمَةُ النِّكَاحِ) أَيْ وَجَوَازِ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ وَعَدَمِ نَقْضِ الطَّهَارَةِ، وَالْإِمْسَاكُ عَنْ كُلِّ ذَلِكَ سَهْلٌ كَمَا قَالَ (قَوْلُهُ: ثُبُوتُ الْوَطْءِ) أَيْ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الْإِمْكَانِ وَالرَّاجِحُ كِفَايَتُهُ وَعَلَيْهِ فَالتَّحْرِيمُ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَلَا تَحْرِيمَ حَيْثُ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا وَلَا اسْتَدْخَلَتْ مَنِيَّهُ أَفَادَهُ ع ش وَظَاهِرُهُ أَنْ ذَلِكَ كَافٍ وَلَوْ فِي الْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ مَعَ أَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْإِقْرَارِ مَعَ الْبَيِّنَةِ كَمَا مَرَّ فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ: إلَى أُصُولِهِ) أَيْ نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا وَكَذَا قَوْلُهُ: وَفُرُوعِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الرَّوْضَةِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ، ثُمَّ حُرْمَةُ الرَّضِيعِ تَنْتَشِرُ إلَى فُرُوعِهِ مِنْ رَضَاعٍ أَوْ نَسَبٍ لَا إلَى أُصُولِهِ وَحَوَاشِيهِ وَحُرْمَةُ الْمُرْضِعَةِ وَالْفَحْلِ تَنْتَشِرَانِ إلَى جَمِيعِ أُصُولِهِمَا وَفُرُوعِهِمَا وَحَوَاشِيهِمَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ: فَأَشْبَهَ مَا لَوْ نَكَحَ امْرَأَةً عَلَى أُخْتِهَا) فُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ هَذِهِ لَمْ تَجْتَمِعُ مَعَ الْأُولَى أَصْلًا لِوُقُوعِ عَقْدِهَا فَاسِدًا مِنْ أَصْلِهِ فَلَمْ يُؤَثِّرُ فِي بُطْلَانِ الْأُولَى بِخِلَافِ الْكَبِيرَةِ هُنَا لِأَنَّهَا اجْتَمَعَتْ مَعَ الصَّغِيرَةِ فَبَطَلَتْ لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَوْطُوءَةً إلَخْ) حَقُّ الْعِبَارَةِ عَلَى عَكْسِ التَّرْتِيبِ السَّابِقِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ اللَّبَنُ لَهُ وَلَيْسَتْ مَوْطُوءَةً إلَّا أَنْ تُجْعَلَ الْوَاوُ لِلْحَالِ فَتُفِيدَ هَذَا الْمَعْنَى وَيَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ فَيَكُونُ

ص: 378

الْمُرْضِعَةُ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ أَبَدًا فِي الصُّوَر كُلِّهَا؛ لِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتِهِ.

(وَلَوْ) ثَبَتَ الرَّضَاعُ (بِقَوْلِهِ) فَإِنَّهُ يَنْدَفِعُ نِكَاحُهُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَوْلِهِ بِشَرْطِ الْإِمْكَانِ فَلَوْ قَالَ فُلَانَةُ بِنْتِي مِنْ الرَّضَاعِ وَلَمْ يُمْكِنْ كَأَنْ كَانَتْ أَسَنَّ مِنْهُ فَلَغْوٌ وَلَا يَسْرِي قَوْلُهُ فِي حَقِّهَا إذَا كَذَّبَتْهُ فَلَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى قَبْلَ الدُّخُولِ وَكُلُّهُ بَعْدَهُ وَلَهُ تَحْلِيفُهَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَكَذَا بَعْدَهُ إنْ جَاوَزَ الْمُسَمَّى مَهْرَ الْمِثْلِ فَإِنْ نَكَلَتْ حَلَفَ هُوَ وَلَا شَيْءَ لَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ وَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ بَعْدَهُ إلَّا أَنْ تُمَكِّنَهُ عَالِمَةً بِذَلِكَ فَلَا شَيْءَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ زَانِيَةٌ.

(وَقَوْلِهَا) لَهُ بَيْنَنَا رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ وَلَمْ تَكُنْ قَبَضَتْ مَهْرَهَا (دَفَعْ مَهْرًا) بِهَا بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (بِلَا وَطْءٍ) مِنْهُ لَهَا مُؤَاخَذَةً لَهَا بِقَوْلِهَا بِخِلَافِ النِّكَاحِ

ــ

[حاشية العبادي]

لِلْحَالِ اللَّازِمَةِ فَيَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ الَّذِي فِي الْحَاشِيَة بِأَعْلَى الْهَامِشِ وَكَتَبَ أَيْضًا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يُمْكِنُ مَعَ كَوْنِهَا لَيْسَتْ مَوْطُوءَةً لَهُ أَنْ يَكُونَ اللَّبَنُ لَهُ، وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ بِأَنَّ اللَّبَنَ لَا يُنْسَبُ لِلزَّوْجِ قَبْلَ الْوِلَادَةِ مِنْهُ حَتَّى لَوْ نُكِحَتْ امْرَأَةٌ لَا لَبَنَ لَهَا فَحَبِلَتْ وَنَزَلَ لَهَا لَبَنٌ لَمْ تَثْبُتْ بِهِ الْحُرْمَةُ بَيْنَ الرَّضِيعِ وَالزَّوْجِ كَمَا هُوَ حَاصِلُ مَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ كَمَا يُعْلَمُ بِالْوُقُوفِ عَلَى عِبَارَتِهَا فَقَبْلَ وَطْءِ الزَّوْجَةِ لَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُ اللَّبَنِ لَهُ لَا يُقَالُ قَدْ تَسْتَدْخِلُ مَاءَهُ فَتَحْبَلُ وَتَلِدُ مِنْهُ فَهِيَ لَيْسَتْ مَوْطُوءَةً لَهُ وَاللَّبَنُ لَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الِاسْتِدْخَالُ كَالْوَطْءِ فِي إثْبَاتِ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ.

وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ انْدِفَاعُ الْأُولَى قَبْلُ رَضَاعِ الثَّانِيَةِ سَوَاءٌ كَانَ اللَّبَنُ لَهُ بِأَنْ وَلَدَتْ الْمُسْتَدْخِلَةُ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِأَنْ لَمْ تَلِدْ وَحِينَئِذٍ فَإِنْ صُوِّرَ قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَوْطُوءَةً لَهُ بِالْمُسْتَدْخِلَة فَالْأُولَى يَنْدَفِعُ نِكَاحُهَا قَبْلَ رَضَاعِ الثَّانِيَةِ لِثُبُوتِ الْمُصَاهَرَةِ بِالِاسْتِدْخَالِ سَوَاءٌ كَانَ اللَّبَنُ لَهُ أَوْ لَا فَلَا يَتَأَتَّى قَوْلُهُ: وَلَيْسَ اللَّبَنُ لَهُ. . . إلَخْ وَإِنْ صُوِّرَ بِغَيْرِ الْمُسْتَدْخِلَةِ أَيْضًا فَاللَّبَنُ لَا يُتَصَوَّرُ هُنَا أَنْ يَكُونَ لَهُ فَلَا يَتَّجِهُ التَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ وَلَيْسَ اللَّبَنُ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَوْلُهُ: لَمْ تَنْدَفِعْ الْأُولَى إلَّا بِرَضَاعِ الثَّانِيَةِ فَإِنْ قِيلَ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ تَنْدَفِعَ قَبْلَ إرْضَاعِ الثَّانِيَةِ لِاجْتِمَاعِهَا مَعَ أُمِّهَا مِنْ الرَّضَاعِ وَهِيَ الزَّوْجَةُ الْأُخْرَى الْكَبِيرَةُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَوْطُوءَةً لِامْتِنَاعِ اجْتِمَاعِ الْأُمِّ وَبِنْتِهَا مُطْلَقًا وَحِينَئِذٍ تَبْقَى الثَّانِيَةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَجْتَمِعُ مَعَ أُمٍّ وَلَا أُخْتٍ لِانْدِفَاعِ نِكَاحِ الْأُولَى وَالْكَبِيرَةِ قَبْلَ إرْضَاعِهَا قُلْنَا هَذَا صَحِيحٌ لَوْ تَمَّ رَضَاعُ الْأُولَى قَبْلَ تَمَامِ رَضَاعِ الثَّانِيَةِ لَكِنَّ الشَّارِحَ صَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ فِي حَاشِيَةٍ مَنْقُولَةٍ عَنْهُ بِإِرْضَاعِهِمَا الْخَامِسَةَ مَعًا كَأَنْ تُوجِرَهُمَا الْخَامِسَةَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ تُلْقِمَهُمَا ثَدْيَيْهَا، كَذَلِكَ لَا يُقَالُ قَوْلُكُمْ هَذَا صَحِيحٌ لَوْ تَمَّ. . . إلَخْ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ شَرْطَ حُرْمَةِ الرَّبِيبَةِ الدُّخُولُ بِالْأُمِّ وَالْفَرْضُ هُنَا أَنْ لَا دُخُولَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي حُرْمَةِ الْأَبَدِ دُونَ حُرْمَةِ الْجَمْعِ فَتَأَمَّلْ وَمِمَّا يُوَضِّحُ جَمِيعَ مَا تَقَرَّرَ قَوْلُ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ (فَرْعٌ)

أَرْضَعَتْ زَوْجَتُهُ الْكَبِيرَةُ ثَلَاثَ زَوْجَاتٍ لَهُ صَغَائِرَ حَرُمَتْ الْكَبِيرَةُ أَبَدًا وَكَذَا الصَّغَائِرُ إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَأَرْضَعَتْهُنَّ بِلَبَنِهِ وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا وَلَيْسَ اللَّبَنُ لَهُ فَيَحْرُمْنَ لِلْجَمْعِ فَإِنْ أَرْضَعَتْهُنَّ الرَّضْعَةَ الْخَامِسَةَ مَعًا أَوْ وَاحِدَةً ثُمَّ ثِنْتَيْنِ مَعًا انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ أَوْ ثِنْتَيْنِ مَعًا ثُمَّ الثَّالِثَةُ بَقِيَ نِكَاحُ الثَّالِثَةِ فَإِنْ تَعَاقَبْنَ انْفَسَخَ نِكَاحُ الْأُولَى بِاجْتِمَاعِهِمَا مَعَ الْكَبِيرَةِ وَيَنْفَسِخُ نِكَاحُ الثَّالِثَةِ لِاجْتِمَاعِهَا مَعَ الثَّانِيَةِ، وَكَذَا نِكَاحُ الثَّانِيَةِ مَعًا. اهـ. وَقَوْلُهُ: فَإِنْ أَرْضَعَتْهُنَّ الْخَامِسَةَ مَعًا انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ نَظِيرُهُ مَسْأَلَتُنَا مَعَ تَقَيُّدِهَا الْمَنْقُولِ عَنْ الشَّارِحِ وَقَوْلُهُ: أَوْ ثِنْتَيْنِ مَعًا ثُمَّ الثَّالِثَةَ بَقِيَ نِكَاحُ الثَّالِثَةِ قَالَ فِي شَرْحِهِ لِانْفِرَادِهَا وَوُقُوعِ إرْضَاعِهَا بَعْدَ انْدِفَاعِ نِكَاح أُمّهَا وَأُخْتَيْهَا. اهـ. نَظِيرُهُ مَسْأَلَتُنَا إذَا تَمَّ إرْضَاعُ الْأُولَى قَبْلَ تَمَامِ إرْضَاعِ الثَّانِيَةِ، وَالثَّانِيَةُ فِي مَسْأَلَتِنَا نَظِيرُ الثَّالِثَةِ فِي مَسْأَلَةِ الرَّوْضِ سم (قَوْلُهُ: لَمْ يَنْدَفِعْ نِكَاحُ الْأُولَى) ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِنْتَه وَلَا بِنْتَ مَوْطُوءَتِهِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تُمَكِّنَهُ عَالِمَةً بِذَلِكَ) قَدْ يَسْتَشْكِلُ تَصْوِيرُ عِلْمِهَا بِذَلِكَ مَعَ كَوْنِ الْغَرَضِ تَكْذِيبَهَا لَهُ وَنُكُولَهَا بَعْدَ تَحْلِيفِهِ إيَّاهَا؛ لِأَنَّ الْمُكَذِّبَ النَّاكِلَ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ فَلَا يَثْبُتُ عِلْمُهُ بِهِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهَا بَعْدَ التَّكْذِيبِ وَالنُّكُولِ قَدْ تُقِرُّ بِأَنَّهَا مَكَّنَتْهُ عَالِمَةً أَوْ تَقُومُ بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهَا بِذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ فَقَدْ يُنْظَرُ فِي هَذَا بِأَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ شَيْءٍ لَهَا حِينَئِذٍ يَسْتَنِدُ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْحَالُ قَيْدًا فِي النَّفْيِ لَا فِي الْمَنْفِيِّ أَيْ إنَّمَا يَنْفِي الْوَطْءَ إذَا لَمْ يَكُنْ اللَّبَنُ لَهُ وَإِلَّا فَلَا يَنْفِي تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَنْدَفِعُ نِكَاحُهُ) وَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ قَبْلَ النِّكَاحِ حَرُمَ تَنَاكُحُهُمَا وَلَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ عَلَى غَيْرِ الْمُقِرِّ مِنْ فُرُوعِهِ وَأُصُولِهِ إلَّا إنْ صَدَّقَهُ وَمَعَ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ لَا تَثْبُتُ الْمَحْرَمِيَّةُ عَمَلًا بِالِاحْتِيَاطِ فِي كِلَيْهِمَا. اهـ. م ر (قَوْلُهُ حَلَفَ هُوَ) أَيْ عَلَى الْبَتِّ؛ لِأَنَّهُ مُثْبِتٌ. اهـ. شَرْحُ م ر.

(قَوْلُهُ: رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ) وَكَذَا مَعَ إسْقَاطِ مُحَرِّمٍ لِأَنَّ الرَّضَاعَ إذَا أُطْلِقَ انْصَرَفَ لِلْمُحَرِّمِ حَجَرٌ وع ش. (قَوْلُهُ: بِلَا وَطْءٍ) فَإِنْ وَطِئَ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلٍ وَلَوْ زَادَ مَهْرُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُسَمَّى لَمْ تُطَالَبْ بِالزَّائِدِ فِي حَلِفِهِ بِأَنْ زُوِّجَتْ بِرِضَاهَا أَوْ مَكَّنَتْهُ أَمَّا فِي حَلِفِهَا بِأَنْ كَانَتْ مُجْبَرَةً وَلَمْ تُمَكِّنْهُ فَتُطَالِبُهُ بِهِ وَانْظُرْ

ص: 379

لَا يَدْفَعُهُ ذَلِكَ إلَّا إنْ كَانَتْ زُوِّجَتْ بِغَيْرِ رِضَاهَا كَالْمُجْبَرَةِ أَوْ أَذِنَتْ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَلَمْ تُمَكِّنْ الزَّوْجَ كَمَا مَرَّ ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ أَمَّا إذَا وَطِئَهَا فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لَا الْمُسَمَّى إنْ كَانَتْ جَاهِلَةً (وَإِنْ قَبْضٌ) لِمَهْرِهَا أَوْ بَعْضِهِ (وَقَعْ) مِنْهَا فِيمَا ذُكِرَ (لَا يَسْتَرِدُّ) هـ مِنْهَا (مُنْكِرٌ) أَيْ الزَّوْجُ الْمُنْكِرُ لِمَا ادَّعَتْهُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَوْلِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ فِيمَا يَفْعَلُ بِهَذَا الْمَالِ الْخِلَافُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ لِمُنْكِرٍ.

(وَيُثْبِتُهْ أَنْ شَهِدَتْ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ (بِشَرْطِهِ) مِنْ زِيَادَتِهِ (مُرْضِعَتُهْ) فَاعِلُ شَهِدَتْ أَيْ وَيُثْبِتُ الرَّضَاعَ شَهَادَةُ مُرْضِعَتِهِ بِشَرْطِ قَبُولِهَا بِأَنْ تَكُونَ مَقْبُولَةَ الشَّهَادَةِ وَيَشْهَدُ مَعَهَا ثَلَاثُ نِسْوَةٍ أَوْ امْرَأَةٌ وَرَجُلٌ كَذَلِكَ وَتُفَصَّلُ الشَّهَادَةُ بِذِكْرِ الْوَقْتِ وَالْعَدَدِ وَوُصُولِ اللَّبَنِ مَعِدَةَ الْوَلَدِ أَوْ دِمَاغَهُ وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِمُشَاهَدَةِ حَلْبٍ وَإِيجَارٍ وَازْدِرَادٍ أَوْ قَرَائِنَ كَالْتِقَامِ ثَدْيٍ وَمَصِّهِ وَحَرَكَةِ حَلْقِهِ بِتَجَرُّعٍ وَازْدِرَادٍ بَعْدَ الْعِلْمِ بِأَنَّهَا لَبُونٌ سَوَاءٌ أَضَافَتْ الرَّضَاعَ إلَى نَفْسِهَا كَأَرْضَعْتُهُ أَمْ لَا كَبَيْنَهُمَا رَضَاعُ مُحَرِّمٌ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجُرَّ بِشَهَادَتِهَا نَفْعًا وَلَمْ تَدْفَعْ بِهَا ضَرَرًا وَفِعْلُهَا غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْإِثْبَاتِ بِخِلَافِ شَهَادَتِهَا بِوِلَادَتِهَا لِجَرِّهَا نَفْعَ النَّفَقَةِ وَالْإِرْثِ وَغَيْرِهِمَا. وَبِخِلَافِ شَهَادَةِ الْحَاكِمِ بَعْدَ عَزْلِهِ بِحُكْمِهِ لِتَضَمُّنِهَا تَزْكِيَةَ نَفْسِهِ لِتَوَقُّفِ حُكْمِهِ عَلَى الْعَدَالَةِ وَلِأَنَّ فِعْلَهُ مَقْصُودٌ بِالْإِثْبَاتِ وَلَا نَظَرَ إلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِشَهَادَةِ الْمُرْضِعَةِ مِنْ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ وَحِلِّ الْخَلْوَةِ فَإِنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُرَدُّ بِمِثْلِ ذَلِكَ بِدَلِيلِ قَبُولِ شَهَادَةِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَإِنْ اُسْتُفِيدَ بِهَا حِلُّ الْمُنَاكَحَةِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَمَحَلُّ قَبُولِ شَهَادَةِ النِّسْوَةِ الْمُتَمَحِّضَاتِ إذَا وَقَعَ النِّزَاعُ فِي الشُّرْبِ مِنْ الثَّدْيِ فَإِنْ وَقَعَ فِي الشُّرْبِ مِنْ ظَرْفٍ لَمْ يُقْبَلْنَ إذْ لَا اخْتِصَاصَ لَهُنَّ بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ نَعَمْ يُقْبَلْنَ فِي أَنَّ اللَّبَنَ الَّذِي فِي الظَّرْفِ لَبَنُ فُلَانَةَ (لَا إنْ أَرَادَتْ أَجْرَ مَا قَدْ أَرْضَعَتْ) بِأَنْ طَلَبَتْهُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا لِاتِّهَامِهَا بِذَلِكَ.

(وَ) إنْ شَهِدَتْ (أُمُّهَا وَالْبِنْتُ) أَيْ وَيُثْبِتُ الرَّضَاعَ شَهَادَةُ أُمِّ الزَّوْجَةِ وَبِنْتِهَا مَعَ غَيْرِهِمَا إنْ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ وَأَنْكَرَتْهُ الزَّوْجَةُ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَيْهَا (لَا إنْ ادَّعَتْ) ذَلِكَ وَأَنْكَرَهُ الزَّوْجُ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ لَهَا وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ شَهَادَةُ بِنْتِهَا بِذَلِكَ إذَا شَهِدَتْ بِأَنَّ الزَّوْجَ ارْتَضَعَ مِنْ أُمِّهَا أَوْ نَحْوِهَا أَمَّا شَهَادَتُهَا بِأَنَّ أُمَّهَا ارْتَضَعَتْ مِنْ أُمِّ الزَّوْجِ أَوْ نَحْوِهَا فَلَا يُمْكِنُ لِاسْتِحَالَةِ الْمُشَاهَدَةِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الشَّهَادَةِ بِذَلِكَ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لَا إنْ ادَّعَتْ مَا لَوْ شَهِدَتْ أُمُّهَا وَبِنْتُهَا حِسْبَةً بِلَا تَقَدُّمِ دَعْوَى فَتَصِحُّ وَإِنْ احْتَمَلَ أَنَّهَا الْمُدَّعِيَةُ كَمَا لَوْ شَهِدَ أَبُو الزَّوْجَةِ وَابْنُهَا أَوْ ابْنَاهَا عَلَى أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ابْتِدَاءً تَقْبَلُ وَلَوْ ادَّعَتْ الطَّلَاقَ فَشَهِدَا لَمْ تُقْبَلْ وَشَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَحْدَهَا لَا تُقْبَلُ لَكِنَّ الْوَرَعَ تَرْكُ نِكَاحِهَا حِينَئِذٍ وَأَنْ يُطَلِّقَهَا إنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ النِّكَاحِ.

(وَنِصْفَ مَا سُمِّي) إنْ كَانَ الرَّضَاعُ قَبْلَ الْوَطْءِ (أَوْ الْكُلَّ) إنْ كَانَ بَعْدَهُ (دَفَعْ زَوْجٌ إلَى الَّتِي نِكَاحُهَا انْدَفَعْ) بِالرَّضَاعِ وَالتَّصْرِيحِ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ فَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى فَاسِدًا دَفَعَ إلَيْهَا نِصْفَ الْمَهْرِ أَوْ كُلَّهُ (وَنِصْفَ مَهْرِ الْمِثْلِ غَرِّمْ) أَنْتَ (مُرْضِعَهْ) انْدَفَعَ النِّكَاحُ بِإِرْضَاعِهَا (لِلزَّوْجِ) إنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَغْرَمُ إلَّا النِّصْفَ وَيُفَارِقُ شُهُودَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْوَطْءِ إذَا رَجَعُوا حَيْثُ يَغْرَمُونَ الْكُلَّ بِأَنَّ النِّكَاحَ بَاقٍ حَقِيقَةً بِزَعْمِهِمْ مَعَ الزَّوْجِ لَكِنَّهُمْ حَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبُضْعِ فَعَلَيْهِمْ قِيمَتُهُ كَالْغَاصِبِ. وَالرَّضَاعُ يُوجِبُ الْفُرْقَةَ حَقِيقَةً وَهِيَ قَبْلَ الْوَطْءِ لَا تُوجِبُ إلَّا النِّصْفَ كَالطَّلَاقِ (لَكِنْ بَعْدَ وَطْءٍ) مِنْ الزَّوْجِ غَرِّمْ لَهُ الْمُرْضِعَةَ (أَجْمَعَهْ) أَيْ جَمِيعَ الْمَهْرِ لِتَفْوِيتِهَا مَنَافِعَ الْبُضْعِ عَلَيْهَا، ثُمَّ إنْ كَانَتْ حُرَّةً تَعَلَّقَ الْوَاجِبُ بِذِمَّتِهَا أَوْ أَمَةً فَبِرَقَبَتِهَا؛ لِأَنَّ الْإِرْضَاعَ كَجِنَايَةٍ مِنْهَا وَالْقِيَاسُ فِي الْمُبَعَّضَةِ التَّقْسِيطُ عَلَى مَا فِيهَا مِنْ الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ (لَا إنْ تَدِبَّ) .

ــ

[حاشية العبادي]

إلَى إقْرَارِهَا الْمَذْكُورِ لَا إلَى حَلِفِهَا بَعْدَ نُكُولِهَا وَيُمْكِنُ جَعْلُ الِاسْتِثْنَاءِ مُنْقَطِعًا فَلَا إشْكَالَ سم.

(قَوْلُهُ: فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى (قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيُشْبِهُ. . . إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ فَإِنْ كَانَتْ قَدْ قَبَضَتْ الْمُسَمَّى أَيْ أَوْ بَعْضَهُ فَلَهُ حُكْمُ مَالٍ أَقَرَّتْ لَهُ بِهِ وَكَذَّبَهَا قَالَ فِي شَرْحِهِ فَلَا يَسْتَرِدُّهُ مِنْهَا بَلْ يَبْقَى فِي يَدِهَا لِزَعْمِهِ أَنَّهُ لَهَا. اهـ. فَإِنْ رَجَعَ وَصَدَّقَهَا فَهَلْ يَأْخُذُهُ مِنْ غَيْرِ إقْرَارٍ جَدِيدٍ أَوْ لَا بُدَّ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: لِتَوَقُّفِ حُكْمِهِ عَلَى الْعَدَالَةِ بِالْمَشْهُودِ بِهِ) يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعَدَالَةِ بِخِلَافِ الْمَشْهُودِ بِهِ هُنَا.

(قَوْلُهُ: إذَا شَهِدَتْ بِأَنَّ الزَّوْجَ ارْتَضَعَ مِنْ أُمِّهَا) أَيْ حَيْثُ تُصُوِّرَتْ مُشَاهَدَتُهَا وَإِلَّا فَقَدْ تَكُونُ بِنْتَ عَشْرِ سِنِينَ وَالزَّوْجُ ابْنَ عِشْرِينَ وَحِينَئِذٍ لَا تُتَصَوَّرُ الْمُشَاهَدَةُ.

(قَوْلُهُ: وَنِصْفَ مَهْرِ الْمِثْلِ غَرِّمْ أَنْتَ مُرْضِعَةً) أَيْ وَلَوْ فُرِضَ تَعَيُّنُ الْإِرْضَاعِ عَلَيْهَا بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ سِوَاهَا بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

كَيْفَ يَكُونُ لَهَا مَهْرٌ فِي صُورَةِ تَصْدِيقِهِ هُوَ مَعَ أَنَّهَا زَانِيَةٌ إلَّا أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا لَوْ عَلِمَتْ بِالرَّضَاعِ بَعْدَ الْوَطْءِ. اهـ. ق ل عَلَى الْمُحَلَّيَّ مَعَ زِيَادَةٍ عَنْ شَيْخِنَا ذ وَلَا يُقَالُ كَيْفَ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ مَعَ بَقَاءِ النِّكَاحِ الْمُقْتَضِي وُجُوبَ الْمُسَمَّى لِأَنَّ بَقَاءَهُ نَظَرًا لِجَانِبِهِ لَا يُنَافِي وُجُوبَ مَهْرِ الْمِثْلِ نَظَرًا لِجَانِبِهَا لِإِقْرَارِهَا بِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهَا الْمُسَمَّى (قَوْلُهُ: لَا يَدْفَعُهُ) فَيُصَدَّقُ هُوَ بِيَمِينِهِ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ رِضَاهَا) مِنْ الرِّضَى سُكُوتُ الْبِكْرِ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ.

(قَوْلُهُ: وَيَشْهَدُ مَعَهَا إلَخْ) خِلَافًا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ حَيْثُ اكْتَفَى بِشَهَادَتِهَا وَحْدَهَا. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: لَا إنْ أَرَادَتْ إلَخْ) بِأَنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا طَلَبٌ أَصْلًا أَوْ سَبَقَ طَلَبُهَا لِلْأُجْرَةِ وَأَخَذَتْهَا وَلَوْ تَبَرُّعًا مِنْ الْمُعْطِي. اهـ. ع ش فَإِذَا لَمْ تَأْخُذْهَا لِإِنْكَارِهِمْ إرْضَاعَهَا لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ لِاتِّهَامِهَا وَهَذَا فِي الْمُسْتَأْجَرَةِ أَمَّا الْمُتَبَرِّعَةُ فَتُقْبَلُ وَلَوْ مَعَ الطَّلَبِ إذْ طَلَبُهَا

ص: 380