الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْمُرُودَةَ كَالْإِقْرَارِ، وَهِيَ لَوْ أَقَرَّتْ لَهُ بِالسَّبْقِ بَعْدَ إقْرَارِهَا بِهِ لِلْأَوَّلِ غَرِمَتْ لَهُ الْمَهْرَ لِمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ تَغْرِيمِ الْمُقِرِّ لِعُمَرَ، وَبِمَا أَقَرَّ بِهِ لِزَيْدٍ بَلْ لَوْ مَاتَ الْمُقَرُّ لَهُ الْأَوَّلُ فِي هَذِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: صَارَتْ زَوْجَةً لِلثَّانِي وَتَعْتَدُّ مِنْ الْأَوَّلِ عِدَّةَ الْوَفَاةِ إنْ لَمْ يَطَأْهَا، وَإِلَّا اعْتَدَّتْ بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْهَا وَمِنْ الثَّلَاثَةِ أَقْرَاءٍ عِدَّةَ الْوَطْءِ مَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا أَمَّا إذَا لَمْ يَحْلِفْ يَمِينَ الرَّدِّ، فَلَا غُرْمَ لَهُ عَلَيْهَا، وَإِنْ أَقَرَّتْ لَهُمَا مَعًا، فَلَا عِبْرَةَ بِهِ فِي هَذَا كُلِّهِ إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَيْهَا الْعِلْمَ بِسَبْقِ نِكَاحِهِ فَإِنْ ادَّعَيَا أَنَّهَا تَعْلَمُ السَّابِقَ مِنْهُمَا لَمْ تُسْمَعْ هَذِهِ الدَّعْوَى لِلْجَهْلِ بِالْمُدَّعَى قَالَ السُّبْكِيُّ: كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لَكِنَّ نَصَّ الْأُمِّ يَقْتَضِي أَنَّهَا تُسْمَعُ، وَلَوْ ادَّعَيَا عَلَيْهَا زَوْجِيَّةً مُطْلَقَةً، وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِسَبْقٍ، وَلَا لِعِلْمِهَا بِهِ وَفَصَّلَا الدَّعْوَى فَعَلَيْهَا الْجَوَابُ الْبَاتُّ، وَلَا يَكْفِي نَفْيُ الْعِلْمِ بِالسَّابِقِ، لَكِنَّهَا إذَا لَمْ تَعْلَمْ السَّابِقَ فَلَهَا الْجَوَابُ الْبَاتُّ وَالْحَلِفُ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَةً لَهُ
(فَرْعَانِ) أَحَدُهُمَا تُسْمَعُ دَعْوَى كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْوَلِيِّ الْمُجْبِرِ أَيْضًا لِقَبُولِ إقْرَارِهِ بِالنِّكَاحِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، ثَانِيهِمَا لَوْ زَوَّجَ الْأَبُ إحْدَى بِنْتَيْهِ بِعَيْنِهَا ثُمَّ تَنَازَعَتَا فَقَالَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا: أَنَا الْمُزَوَّجَةُ فَمَنْ صَدَّقَهَا الزَّوْجُ ثَبَتَ نِكَاحُهَا، وَالْأُخْرَى تَدَّعِي زَوْجِيَّةً، وَهُوَ مُنْكِرٌ، فَإِنْ حَلَفَ أَوْ نَكَلَ، وَلَمْ تَحْلِفْ هِيَ يَمِينَ الرَّدِّ سَقَطَتْ دَعْوَاهَا أَوْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ يَمِينَ الرَّدِّ فَلَهَا عَلَيْهِ نِصْفُ الْمَهْرِ لِارْتِفَاعِ النِّكَاحِ بِإِنْكَارِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ
وَاعْلَمْ أَنَّ
الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ
إمَّا عَلَى التَّأْبِيدِ أَوْ غَيْرِهِ، وَالْمُحَرَّمَاتُ عَلَى التَّأْبِيدِ إمَّا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ وَلِضَبْطِهِنَّ مِنْ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ عِبَارَتَانِ، وَقَدْ أَخَذَ النَّاظِمُ فِي بَيَانِ ذَلِكَ مُبْتَدِئًا بِإِحْدَاهُمَا فَقَالَ:(مِنْ نَسَبٍ وَمِنْ رَضَاعٍ لِلْأَبَدْ) أَيْ:. (تَحْرُمُ) مِنْهُمَا أَبَدًا عَلَى الرَّجُلِ (مَنْ لَا دَخَلَتْ تَحْتَ) اسْمِ (وَلَدْ عُمُومَةٍ وَوَلَدِ) أَيْ: أَوْ وَلَدِ (الخئوله) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ} [النساء: 23] الْآيَةَ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ الْوِلَادَةِ وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ النَّسَبِ» وَفِي أُخْرَى «حَرِّمُوا مِنْ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» ، وَأُمُّكَ مِنْ النَّسَبِ كُلُّ أُنْثَى وَلَدَتْكَ أَوْ وَلَدَتْ مَنْ وَلَدَكَ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا، وَبِنْتُكَ مِنْهُ كُلُّ أُنْثَى وَلَدْتَهَا أَوْ وَلَدْتَ مَنْ وَلَدَهَا بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا وَقِسْ عَلَيْهَا الْبَاقِيَاتِ، وَأُمُّكَ مِنْ الرَّضَاعِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَرْضَعَتْكَ أَوْ أَرْضَعَتْ مَنْ أَرْضَعَتْكَ أَوْ أَرْضَعَتْ مَنْ وَلَدَكَ بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا، وَكَذَا كُلُّ امْرَأَةٍ وَلَدَتْ الْمُرْضِعَةَ أَوْ الْفَحْلَ، وَبِنْتُكَ مِنْهُ كُلُّ امْرَأَةٍ ارْتَضَعَتْ بِلَبَنِكَ أَوْ بِلَبَنِ مَنْ وَلَدْتَهُ أَوْ أَرْضَعَتْهَا امْرَأَةٌ وَلَدْتَهَا، وَكَذَا بَنَاتُهَا مِنْ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ وَقِسْ عَلَيْهِمَا الْبَاقِيَاتِ، أَمَّا وَلَدُ الْعُمُومَةِ الشَّامِلُ لِوَلَدِ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ، وَوَلَدُ الْخُؤُولَةِ الشَّامِلُ لِوَلَدِ الْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ، وَإِنْ بَعُدُوا فَتَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ ثُمَّ مَثَّلَ لِلْمُحَرَّمَةِ بِقَوْلِهِ:(كَالْبِنْتِ) الَّتِي (يَنْفِيهَا) أَبُوهَا عَنْهُ فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ كَوْنِهَا (مِنْ الْمَدْخُولَهْ وَغَيْرِهَا) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْتَفِي عَنْهُ قَطْعًا بِدَلِيلِ لُحُوقِهَا بِهِ لَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ؛ وَلِأَنَّهَا رَبِيبَةٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَتَتَعَدَّى حُرْمَتُهَا إلَى سَائِرِ مَحَارِمِهِ، وَفِي عُقُوبَتِهِ لَهَا حَدًّا أَوْ قَوَدًا أَوْ شَهَادَتِهِ لَهَا وَجْهَانِ فِي التَّتِمَّةِ وَالْمَدْخُولَةُ فِي كَلَامِ النَّظْمِ أَصْلُهَا الْمَدْخُولُ بِهَا حَذَفَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: عَلَى الْمُجْبِرِ أَيْضًا) فَإِنْ أَنْكَرَ حَلَفَ بَتَّا، وَإِنْ كَانَتْ بَالِغَةً، وَإِذَا حَلَفَ ثُمَّ ادَّعَيَا عَلَيْهَا فَكَمَا مَرَّ عُبَابٌ. (قَوْلُهُ: أَيْ: أَوْ وَلَدٌ) كَأَنَّهُ لَمَّا كَانَ ظَاهِرُ الْمَتْنِ أَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ الدُّخُولِ تَحْتَ الْوَلَدَيْنِ جَمِيعًا مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ الْمُرَادِ، بَلْ قَدْ لَا يُتَصَوَّرُ الدُّخُولُ تَحْتَهُمَا جَمِيعًا حَتَّى يَحْتَاجَ لِنَفْيِهِ أَوَّلَ، الْوَاوُ عَلَى مَعْنَى أَوْ، فَإِنْ قُلْتَ: هَذَا مُشْكِلٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي حُرْمَةَ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ دَخَلَتْ تَحْتَ الْآخَرِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ قُلْتُ لَا إشْكَالَ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ بَعْدَ النَّفْيِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَنْفِيَّ كُلٌّ مِنْ الْمُتَعَاطِفَيْنِ لَا أَحَدُهُمَا كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ، فَالْمَعْنَى هُنَا مَنْ لَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَتَأَمَّلْ.
سم
(قَوْلُهُ: أَوْ أَرْضَعَتْهَا امْرَأَةٌ وَلَدْتَهَا) هَذَا يَشْمَلُهُ قَوْلُهُ: قَبْلَهُ أَوْ بِلَبَنِ مَنْ وَلَدْتَهُ إلَّا أَنْ يَخُصَّ مَنْ بِالذَّكَرِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا بَنَاتُهَا) أَيْ: كُلُّ امْرَأَةٍ ارْتَضَعَتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَجْهَانِ) بَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمَ ثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ هُنَا فَيُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ وَتَحْرُمُ الْخَلْوَةُ بِرّ
ــ
[حاشية الشربيني]
عَادَتْ زَوْجَةً لِهَذَا بَعْدَ عِدَّتِهَا لِلْأَوَّلِ وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْهَا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: كَالْإِقْرَارِ) هُوَ الْأَصَحُّ وَقِيلَ كَالْبَيِّنَةِ. (قَوْلُهُ: صَارَتْ زَوْجَةً لِلثَّانِي) أَيْ: بِلَا عَقْدٍ ق ل قَالَ الْعَزِيزِيُّ وَلَا تَرِثُ مِنْ الْأَوَّلِ عَمَلًا بِإِقْرَارِهَا لِلثَّانِي وَلَا مِنْ الثَّانِي عَمَلًا بِإِقْرَارِهَا لِلْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا عِبْرَةَ بِهِ) لَكِنْ تُؤْمَرُ بِالْحَلِفِ أَوْ الْإِقْرَارِ الْمُعْتَبَرِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي أَنَّهَا تُسْمَعُ) ضَعِيفٌ م ر (قَوْلُهُ: وَالْحَلِفُ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَةً) أَيْ: فَعَدَمُ عِلْمِ السَّبْقِ يُجَوِّزُ لَهَا الْحَلِفَ عَلَى الْبَتِّ. اهـ. خَطِيبٌ عَلَى الْمِنْهَاجِ وَقَدْ مَرَّ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْوَلِيِّ الْمُجْبِرِ) وَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ. اهـ. تُحْفَةٌ
[الْمُحَرَّمَات فِي النِّكَاحِ]
(قَوْلُهُ: حَدًّا) بِأَنْ قَذَفَهَا أَوْ سَرَقَ مَالَهَا أَوْ قَوَدًا بِأَنْ قَتَلَهَا. (قَوْلُهُ: وَجْهَانِ) فِي التَّتِمَّةِ أَشْبَهُهُمَا كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ التَّتِمَّةِ هُنَا نَعَمْ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ قَالَ سم
الْجَارَ وَأَوْصَلَ الضَّمِيرَ بِالْعَامِلِ تَوَسُّعًا فِيهِ وَإِجْرَاءً لَهُ مَجْرَى الْمُتَعَدِّي كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ} [هود: 65] أَيْ: فِيهِ.
(لَا وَلَدِ) أَيْ: لَا كَوَلَدِ (الزِّنَا)، فَلَا يَحْرُمُ (لِأَبْ) أَيْ: عَلَى الْأَبِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي، فَلَوْ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَوَلَدَتْ بِنْتًا جَازَ لَهُ نِكَاحُهَا وَإِنْ تَيَقَّنَ أَنَّهَا مِنْهُ إذْ لَا حُرْمَةَ لِمَاءِ الزِّنَا، فَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ عَنْهُ شَرْعًا بِدَلِيلِ انْتِفَاءِ سَائِرِ أَحْكَامِ النَّسَبِ عَنْهَا، نَعَمْ يُكْرَهُ ذَلِكَ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، وَإِذَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَى الْأَبِ فَغَيْرُهُ مِنْ جِهَتِهِ أَوْلَى، وَخَرَجَ بِالْأَبِ الْأُمُّ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا وَعَلَى سَائِرِ مَحَارِمِهَا نِكَاحُ ابْنِهَا مِنْ الزِّنَا لِثُبُوتِ النَّسَبِ وَالْإِرْثِ بَيْنَهُمَا، وَلِهَذَا عَبَّرَ بِالْوَلَدِ لِيَشْمَلَ الْبِنْتَ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَبِ فِي انْتِفَاءِ الْحُرْمَةِ وَالِابْنَ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُمِّ فِي ثُبُوتِهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الِابْنَ كَعُضْوٍ مِنْهَا وَانْفَصَلَ مِنْهَا إنْسَانًا، وَلَا كَذَلِكَ النُّطْفَةُ الَّتِي خُلِقَتْ مِنْهَا الْبِنْتُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَبِ وَفِي التَّعْبِيرِ بِالْأَبِ مَعَ انْتِفَاءِ الْأُبُوَّةِ عَنْهُ تَسَمُّحٌ خَلَصَ مِنْهُ قَوْلُ الْمِنْهَاجِ وَالْمَخْلُوقَةُ مِنْ زِنَاهُ تَحِلُّ لَهُ. (فَرْعٌ)
تَزَوَّجَ امْرَأَةً مَجْهُولَةَ النَّسَبِ فَاسْتَلْحَقَهَا أَبُوهُ ثَبَتَ نَسَبُهَا، وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ أَيْ: إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الزَّوْجُ حَكَاهُ الْمُزَنِيّ ثُمَّ قَالَ: وَفِيهِ وَحْشَةٌ قَالَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ: وَلَيْسَ لَنَا مَنْ يَطَأُ أُخْتَهُ فِي الْإِسْلَامِ إلَّا هَذَا. (وَأُمِّ عَمٍّ) مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ أَيْ: وَلَا كَأُمِّ عَمٍّ أَوْ عَمَّةٍ، وَلَا أُمِّ خَالٍ أَوْ خَالَةٍ. (وَ) لَا أُمِّ (أَخٍ) أَوْ أُخْتٍ (لَا مِنْ نَسَبْ) بَلْ مِنْ رَضَاعٍ. (وَ) لَا. (أُمِّ أَحْفَادٍ) أَيْ: أَوْلَادِ أَوْلَادٍ. (وَ) لَا (جَدَّةِ الْوَلَدْ وَ) لَا (أُخْتِ أَوْلَادٍ مِنْ الرَّضَاعِ قَدْ) بِمَعْنَى فَقَطْ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَالِابْنُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُمِّ فِي ثُبُوتِهَا) وَوَجْهُ إفَادَتِهِ هَذَا أَنَّ تَقْيِيدَهُ بِقَوْلِهِ: لِأَبٍ أَفَادَ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُمِّ لَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ يَحْرُمُ. (قَوْلُهُ: حَكَاهُ الْمُزَنِيّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقِيسَ بِهِ مَا لَوْ تَزَوَّجَتْ بِمَجْهُولِ النَّسَبِ فَاسْتَلْحَقَهُ أَبُوهَا ثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ الزَّوْجُ اهـ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قِيلَ: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ قَبْلَ تَصْدِيقِهِ، فَلَا يَكُونُ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ أَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ تَصْدِيقٍ وَلَا تَكْذِيبٍ مِنْهُ، وَلَوْ بَعْدَ كَمَالِهِ فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ مِنْ حِينِ الِاسْتِلْحَاقِ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرْنَا تَصْدِيقَهُ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْمُسْتَلْحِقَ غَيْرُهُ فَاعْتُبِرَ لِبُطْلَانِ حَقِّهِ مُوَافَقَتُهُ عَلَيْهِ. اهـ. قُلْتُ وَفِيهِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ قَدْ يُسْتَشْكَلُ قَوْلُهُ: أَوْ صَغِيرًا بِأَنَّ الصَّغِيرَ لَا يُزَوِّجُهُ إلَّا أَبُوهُ أَوْ جَدُّهُ وَلَا أَبَ وَلَا جَدَّ، إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ مَجْهُولٌ، وَأَمَّا الْمَجْنُونُ، فَلَا إشْكَالَ فِيهِ إذْ يُتَصَوَّرُ بِأَنْ يَتَزَوَّجَ عَاقِلًا ثُمَّ يُجَنَّ ثُمَّ يُسْتَلْحَقَ، وَالثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ: مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ تَصْدِيقٍ إلَخْ قَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ عَدَمَ اعْتِبَارِ التَّصْدِيقِ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ لَا يُنَافِي اعْتِبَارَ التَّصْدِيقِ بَعْدَ الْكَمَالِ فِي انْفِسَاخِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ النِّكَاحُ وَتَعَلَّقَ حَقُّهُ بِهِ، فَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِمُوَافَقَتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَا أُمُّ أَحْفَادٍ) وَأَمَّا أُمُّ نَفْسِ الْأَوْلَادِ، فَلَا إشْكَالَ فِي دُخُولِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ حَاشِيَةٍ وَجَدَّةُ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: وَجَدَّةُ الْوَلَدِ) أَيْ: أُمُّ الْمُرْضِعَةِ، وَأَمَّا نَفْسُ الْمُرْضِعَةِ، فَلَا إشْكَالَ فِي عَدَمِ تَحْرِيمِهَا بِرّ أَيْ: وَإِنَّمَا ذَكَرَ أُمَّهَا لِشَبَهِهَا بِجَدَّةِ النَّسَبِ فَيُتَوَهَّمُ تَحْرِيمُهَا
ــ
[حاشية الشربيني]
عَلَى التُّحْفَةِ: وَالْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ مُقَابِلُهُ. اهـ وَيَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أُخْتِهَا الَّتِي لَمْ تُنْفَ احْتِيَاطًا إذْ هِيَ لَمْ تُنْفَ قَطْعًا. اهـ بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ لِلشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ) وَلَا يُنْقَضُ وُضُوءُهُ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ وَلَوْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا كَانَ لَهُ رَجْعَتُهَا أَوْ بَائِنًا امْتَنَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا كَذَا فِي ق ل وَقَيَّدَ م ر الِامْتِنَاعَ بِمَا إذَا صَدَّقَتْهُ الزَّوْجَةُ قَالَ: لِأَنَّ إذْنَهَا شَرْطٌ، وَقَدْ اعْتَرَفَتْ بِالتَّحْرِيمِ، لَكِنْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: فَلَوْ وَقَعَ الِاسْتِلْحَاقُ قَبْلَ التَّزْوِيجِ لَمْ يَجُزْ لِلِابْنِ نِكَاحُهَا وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِتَصْدِيقِهَا فَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي (قَوْلُهُ: وَأُمُّ عَمٍّ أَوْ عَمَّةٍ أَوْ خَالٍ أَوْ خَالَةٍ) أَيْ: مِنْ النَّسَبِ فَأُمُّهُمْ مِنْ الرَّضَاعِ لَا تَحْرُمُ، وَلَوْ كَانَتْ أُمَّ نَسَبٍ لَكَانَتْ فِي الْأُولَيَيْنِ جَدَّةً لِأَبٍ إنْ كَانَ الْعَمُّ وَالْعَمَّةُ شَقِيقَيْنِ، أَوْ مَوْطُوءَةَ جَدٍّ لِأَبٍ إنْ كَانَا لِأَبٍ وَفِي الْأَخِيرَتَيْنِ جَدَّةً لِأُمٍّ إنْ كَانَ الْخَالُ وَالْخَالَةُ شَقِيقَيْنِ أَوْ مَوْطُوءَةَ جَدٍّ لِأُمٍّ إنْ كَانَا لِأَبٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَحْرُمُ. اهـ. شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا أُمَّ أَخٍ أَوْ أُخْتٍ) صُورَتُهَا امْرَأَةٌ لَهَا ابْنٌ ارْتَضَعَ عَلَى امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ لَهَا ابْنٌ، فَالْمَرْأَةُ الْأُولَى أُمُّ أَخِي هَذَا الِابْنِ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ: جَدَّةُ الْوَلَدِ) أَيْ: أُمُّ مُرْضِعَةِ وَلَدِكَ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَوْطُوءَةَ جَدٍّ) أَيْ: وَطْئًا مُحْتَرَمًا، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْبَاقِي كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَكَوْنُ الثَّالِثَةِ أُمًّا أَوْ مَوْطُوءَةَ أَبٍ) أَيْ: تَكُونُ أُمًّا إنْ كَانَ الْأَخُ أَوْ الْأُخْتُ شَقِيقَيْنِ لَكَ وَتَكُونُ مَوْطُوءَةَ
أَيْ: لَا مِنْ النَّسَبِ لِأَنَّهُنَّ إنَّمَا حُرِّمْنَ فِيهِ لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ جَدَّةً أَوْ مَوْطُوءَةَ جَدٍّ، وَكَوْنُ الثَّالِثَةِ أُمًّا أَوْ مَوْطُوءَةَ أَبٍ، وَالرَّابِعَةِ بِنْتًا أَوْ مَوْطُوءَةَ ابْنٍ وَالْخَامِسَةِ أُمًّا أَوْ أُمَّ زَوْجَةٍ، وَالسَّادِسَةِ بِنْتًا أَوْ بِنْتَ زَوْجَةٍ، وَذَلِكَ مُنْتَفٍ عَنْهُنَّ فِي الرَّضَاعِ، وَقَوْلُهُ: لَا مِنْ نَسَبٍ، وَقَدْ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكِلَاهُمَا تَكْمِلَةٌ وَتَأْكِيدٌ لِلِاغْتِنَاءِ عَنْهُمَا بِقَوْلِهِ مِنْ الرَّضَاعِ
وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ هَذِهِ الصُّوَرَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ وَبِهِ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ وَإِنْ اقْتَصَرَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْأَرْبَعِ الْأَخِيرَةِ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: كَذَا قَالَ جَمَاعَةٌ: تُسْتَثْنَى الصُّوَرُ الْأَرْبَعُ وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ: لَا حَاجَةَ لِاسْتِثْنَائِهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ دَاخِلَةً فِي الضَّابِطِ، وَلِهَذَا لَمْ يَسْتَثْنِهَا الشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَلَا اُسْتُثْنِيَتْ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» ؛ لِأَنَّ أُمَّ الْأَخِ لَمْ تَحْرُمْ لِكَوْنِهَا أُمَّ أَخٍ، وَإِنَّمَا حُرِّمَتْ لِكَوْنِهَا أُمًّا أَوْ حَلِيلَةَ أَبٍ، وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِي أُمِّ الْأَخِ مِنْ الرَّضَاعِ، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي بَاقِيهِنَّ وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ فِي الرَّضَاعِ بَحْثًا فَقَالَ: وَقَدْ يُقَالُ: الْمُرَادُ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ
ــ
[حاشية العبادي]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[حاشية الشربيني]
أَبِيكَ إنْ كَانَا لِأَبٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَوْطُوءَةَ أَبٍ) أَيْ: وَطْئًا مُحْتَرَمًا. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَالرَّابِعَةُ بِنْتًا) أَيْ: إنْ كَانَ الْوَلَدُ أُنْثَى أَوْ مَوْطُوءَةَ ابْنٍ إنْ كَانَ ذَكَرًا. (قَوْلُهُ: أَوْ أُمَّ زَوْجَةٍ) أَوْ مَوْطُوءَةَ أَبٍ وَطْئًا مُحْتَرَمًا. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ إلَخْ) أَيْ: حَيْثُ نَصَّ عَلَى تَحْرِيمِهَا مِنْ النَّسَبِ وَحِلِّهَا مِنْ الرَّضَاعَةِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ إلَخْ) عِبَارَةُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَلَا اسْتِثْنَاءَ أَيْ: فِي الصُّوَرِ السِّتِّ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُنَّ لِمَعْنًى فِي النَّسَبِ لَمْ يُوجَدْ فِيهِنَّ فِي الرَّضَاعِ لِكَوْنِ أُمِّ الْأَخِ وَالْأُخْتِ أُمًّا أَوْ مَوْطُوءَةَ أَبٍ، وَأُمِّ وَلَدِ الْوَلَدِ بِنْتًا أَوْ مَوْطُوءَةَ ابْنٍ، وَجَدَّةِ الْوَلَدِ أُمًّا أَوْ أُمَّ زَوْجَةٍ، وَأُخْتِ الْأَوْلَادِ بِنْتًا أَوْ بِنْتَ مَوْطُوءَةٍ، وَأُمِّ الْعَمِّ وَالْعَمَّةِ وَأُمِّ الْخَالِ وَالْخَالَةِ جَدَّةً أَوْ مَوْطُوءَةَ جَدٍّ، وَذَلِكَ مُنْتَفٍ عَنْهُنَّ فِي الرَّضَاعِ. اهـ وَعِبَارَةُ م ر اسْتِثْنَاءُ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ صُورِيٌّ؛ لِأَنَّ سَبَبَ انْتِفَاءِ التَّحْرِيمِ عَنْهُنَّ رَضَاعًا انْتِفَاءُ جِهَةِ الْمَحْرَمِيَّةِ نَسَبًا. اهـ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ الصُّورَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ مِثْلُهَا.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ أُمَّ الْأَخِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ؛ لِأَنَّهُنَّ إنَّمَا حُرِّمْنَ فِي النَّسَبِ لِمَعْنًى لَمْ يُوجَدْ فِيهِنَّ فِي الرَّضَاعِ اهـ أَيْ: وَهُوَ الْأُمُومَةُ وَالْبِنْتِيَّةُ وَالْأُخْتِيَّةُ أَيْ: إنَّ سَبَبَ انْتِفَاءِ التَّحْرِيمِ عَنْهُنَّ رَضَاعًا انْتِفَاءُ جِهَةِ الْمَحْرَمِيَّةِ نَسَبًا أَيْ:؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ أُمًّا وَلَا بِنْتًا وَلَا أُخْتًا وَلَا خَالَةً. اهـ. ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَلِيلَةَ أَبٍ) لَعَلَّ الْأَوْلَى أَوْ مَوْطُوءَةَ أَبٍ وَطْئًا مُحْتَرَمًا كَمَا مَرَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْإِحْلَالِ مَا لَيْسَ بِمُحَرَّمٍ فَيَشْمَلُ وَطْءَ الشُّبْهَةِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ) أَيْ: سَبَقَهُ إلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَإِنْ كَانَ التَّوْجِيهُ مُخْتَلِفًا كَمَا سَتَعْرِفُ (قَوْلُهُ: فَقَالَ: إلَخْ) وَقَالَ الْإِمَامُ: قَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» مِنْ جَوَامِعِ الْكَلِمِ فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِقَوَاعِدِ حُرْمَةِ الرَّضَاعِ لَا يُغَادِرُ مِنْهَا شَيْئًا وَلَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ تَأْوِيلٌ، وَلَا حَاجَةَ فِيهِ إلَى تَتِمَّةٍ بِتَصَرُّفٍ قَائِسٍ، بَلْ هُوَ مُسْتَمِرٌّ لَا قُصُورَ فِيهِ فَلَا اسْتِثْنَاءَ مِنْهُ. اهـ. اهـ. خَطِيبٌ. (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ) يَعْنِي أَنَّ الْمُشَبَّهَ بِهِ هُوَ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ، فَالْمُشَبَّهُ وَهُوَ مَا يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَكُونُ نَظِيرَهُ، فَالْبِنْتُ مِنْ النَّسَبِ نَظِيرُهَا الْبِنْتُ مِنْ الرَّضَاعِ، وَالْأُمُّ مِنْ النَّسَبِ نَظِيرُهَا الْأُمُّ مِنْ الرَّضَاعِ، وَهَكَذَا جَمِيعُ الصُّوَرِ الْمُشَبَّهِ بِهَا صُوَرُ الرَّضَاعِ التَّحْرِيمُ فِيهَا بِالنَّسَبِ، وَالتَّحْرِيمُ فِي تِلْكَ الصُّوَرِ أَيْ: الصُّوَرِ الْمُشَبَّهِ بِهَا هَذِهِ الْمُسْتَثْنَيَاتُ أَعْنِي أُمَّ الْأَخِ وَأُمَّ الْأَحْفَادِ وَجَدَّةَ الْوَلَدِ وَأُخْتَ الْأَوْلَادِ مِنْ النَّسَبِ التَّحْرِيمُ فِيهَا بِالْمُصَاهَرَةِ؛ لِأَنَّا لَمْ نَقُلْ إنَّ التَّحْرِيمَ فِي أُمِّ الْأَخِ لِكَوْنِهَا أُمًّا حَتَّى يَكُونَ مِنْ النَّسَبِ، بَلْ لِكَوْنِهَا أُمَّ أَخٍ وَذَلِكَ مُصَاهَرَةً فَقَطْ، وَكَذَا أُمُّ الْأَحْفَادِ مِنْ النَّسَبِ إذَا كَانَ التَّحْرِيمُ فِيهَا لِأُمَيَّةِ الْأَحْفَادِ، التَّحْرِيمُ فِيهَا إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهَا مَوْطُوءَةَ ابْنٍ، وَكَذَا الْبَاقِي إذَا نَظَرْتَ لِخُصُوصِ الْمَعْنَى الْمَوْجُودِ فِي الْمُشَبَّهِ وَجَدْتَ نَظِيرَهُ فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ مُصَاهَرَةً فَقَطْ لَا نَسَبًا، وَكَذَا الصُّورَتَانِ الْمَزِيدَتَانِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُنَّ إنَّمَا حُرِّمْنَ فِيهِ لِكَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْأُولَيَيْنِ جَدَّةً أَوْ مَوْطُوءَةَ أَبٍ، وَهَكَذَا فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى الْمَطْلُوبِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ التَّحْرِيمُ مِنْ جِهَةِ أُمَيَّةِ الْعَمِّ فَقَطْ الَّتِي هِيَ فِي الْمُشَبَّهِ لَا مِنْ جِهَةِ الْجُدُودَةِ الْمُنْتَفِيَةِ فِيهِ، وَكَذَا الْبَاقِي فَلِلَّهِ دَرُّ الْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ مَا أَدَقَّ نَظَرَهُ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ نُسْخَةَ بِالْمُصَاهَرَةِ لَا بِالنَّسَبِ هِيَ الصَّوَابُ،
وَأَنَّ مَا كَتَبَهُ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ لَيْسَ مُرَادَ الرَّافِعِيِّ، وَإِنْ وَافَقَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَوَّلًا مَعَ أَنَّهُ يَسْتَدْعِي أَنْ تَكُونَ النُّسْخَةُ هَكَذَا، وَالتَّحْرِيمُ فِي تِلْكَ الصُّوَرِ بِالْمُصَاهَرَةِ وَأَنْ يَكُونَ مَحْذُوفًا مِنْهَا أَوْ النَّسَبِ كَمَا زَادَهُ وَأَنْ يَكُونَ بَعْدَ قَوْلِهِ الْمُرَادُ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ حَذَفَ أَوْ الْمُصَاهَرَةِ
وَالتَّحْرِيمُ فِي تِلْكَ الصُّوَرِ بِالْمُصَاهَرَةِ لَا بِالنَّسَبِ، وَلَا تَحْرُمُ أُخْتُ الْأَخِ، سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ نَسَبٍ كَأَنْ كَانَ لِزَيْدٍ أَخٌ لِأَبٍ وَأُخْتٌ لِأُمٍّ فَلِأَخِيهِ نِكَاحُهَا، أَمْ مِنْ رَضَاعٍ كَأَنْ تُرْضِعَ امْرَأَةٌ زَيْدًا وَصَغِيرَةً أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ فَلِأَخِيهِ نِكَاحُهَا ثُمَّ ثَنَّى بِالْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ فَقَالَ:(أَوْ حَرُمَتْ) عَلَيْهِ (أُصُولُهُ) أَيْ: أُمَّهَاتُهُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ، وَإِنْ عَلَوْنَ. وَ (فُصُولُهُ) أَيْ: بَنَاتُهُ وَبَنَاتُ وَلَدِهِ، وَإِنْ سَفَلْنَ. (فُصُولُ أَدْنَى) أَيْ: أَقْرَبَ (مَنْ هُمْ أُصُولُهُ) أَيْ: فُصُولُ أَوَّلِ أُصُولِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي أَيْ: أَخَوَاتُهُ وَبَنَاتُ إخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ، وَإِنْ سَفَلْنَ وَ (أَوَّلُ فَصْلِ سَائِرِ الْأُصُولِ) أَيْ: بَاقِيهَا مِنْ عَمَّاتِهِ وَخَالَاتِهِ وَعَمَّاتِ أُصُولِهِ وَخَالَتِهِمْ وَإِنْ عَلَوْنَ وَخَرَجَ بِأَوَّلِ أُصُولِهِ إلَى آخِرِهِ وَلَدُ الْعُمُومَةِ وَالْخُؤُولَةِ، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ لِلْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ وَالْأُولَى لِتِلْمِيذِهِ أَبِي مَنْصُورِ الْبَغْدَادِيِّ وَبَحَثَ الرَّافِعِيُّ تَرْجِيحَ الْأُولَى بِإِيجَازِهَا وَبِنَصِّهَا عَلَى الْإِنَاثِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ وَعَدَلَ النَّاظِمُ عَنْ قَوْلِ الْحَاوِي: وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ إلَى مَا قَالَهُ لِيُوَافِقَ تَعْبِيرَ الْأُسْتَاذِ بِقَوْلِهِ وَأَوَّلُ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ بَعْدَ الْأَصْلِ الْأَوَّلِ وَلِيَسْلَمَ كَالْأُسْتَاذِ عَنْ التَّكْرَارِ اللَّازِمِ لِعِبَارَةِ الْحَاوِي بِدُخُولِ مَنْ دَخَلَ فِي فُصُولِ أَوَّلِ أُصُولِهِ
وَإِنَّمَا نَصَّ فِي الْعِبَارَتَيْنِ عَلَى الْحُرْمَةِ عَلَى الرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالْعَاقِدُ وَلِيُوَافِقَ الْآيَةَ، وَإِلَّا فَالْحُرْمَةُ ثَابِتَةٌ لِلْمَرْأَةِ أَيْضًا مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ إدْرَاجُهَا فِي الثَّانِيَةِ فِي كَلَامِ النَّظْمِ
ثُمَّ بَيَّنَ الْمُحَرَّمَاتِ بِالْمُصَاهَرَةِ فَقَالَ: (وَ) حُرِّمَتْ أَبَدًا (زَوْجَةُ الْأُصُولِ) مِنْ أَبٍ وَجَدٍّ، وَإِنْ عَلَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ قَالَ تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 22] . (وَ) زَوْجَةُ (الْفُصُولِ) مِنْ ابْنٍ وَحَافِدٍ، وَإِنْ سَفَلَ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ قَالَ تَعَالَى {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ} [النساء: 23] وَقَوْلُهُ {الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} [النساء: 23] لِإِخْرَاجِ زَوْجَةِ مَنْ تَبَنَّاهُ لَا زَوْجَةِ ابْنِ الرَّضَاعِ لِتَحْرِيمِهَا بِالْخَبَرِ السَّابِقِ، وَقُدِّمَ عَلَى مَفْهُومِ الْآيَةِ لِتَقَدُّمِ الْمَنْطُوقِ عَلَى الْمَفْهُومِ حَيْثُ لَا مَانِعَ. وَ (أُصُولُ زَوْجَةٍ) مِنْ أُمٍّ وَجَدَّةٍ، وَإِنْ عَلَتْ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ قَالَ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: 23] وَحُرْمَةُ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثِ تَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى وَطْءٍ، أَمَّا الْفَاسِدُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُرْمَةٌ كَمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حِلِّ الْمَنْكُوحَةِ. (وَإِنْ غَشِيَهَا) أَيْ: زَوْجَتَهُ أَيْ: وَطِئَهَا حُرِّمَ عَلَيْهِ. (فُصُولُهَا أَيْضًا) مِنْ بِنْتٍ وَحَافِدَةٍ، وَإِنْ سَفَلَتْ مِنْ نَسَبٍ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَالتَّحْرِيمُ فِي تِلْكَ الصُّوَرِ بِالْمُصَاهَرَةِ) أَيْ: أَوْ النَّسَبِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَفْقُودٌ مِنْ الرَّضَاعِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ. مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ لَا بِالنَّسَبِ. (قَوْلُهُ: بِدُخُولِ مَنْ دَخَلَ إلَخْ) أَيْ: فِيهِ أَيْ: فِي قَوْلِهِ أَوَّلَ فَصْلٍ مِنْ كُلِّ أَصْلٍ
(قَوْلُهُ: لَا زَوْجَةَ ابْنِ الرَّضَاعِ لِتَحْرِيمِهَا بِالْخَبَرِ السَّابِقِ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ زَوْجَةِ الِابْنِ مِنْ حَيْثُ الْمُصَاهَرَةِ فَكَيْفَ يَتَنَاوَلُهَا الْحَدِيثُ السَّابِقُ؟ بِرّ (قَوْلُهُ: لِتَقَدُّمِ الْمَنْطُوقِ عَلَى الْمَفْهُومِ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الْمَفْهُومُ هُنَا خَاصٌّ، وَالْحَدِيثُ يَتَنَاوَلُ زَوْجَةَ ابْنِ الرَّضَاعِ بِطَرِيقِ الْعُمُومِ، وَالْخَاصُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَكُلُّهُ بَعِيدٌ مُنَابِذٌ لِمُرَادِ الرَّافِعِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالتَّحْرِيمُ فِي تِلْكَ الصُّوَرِ) أَيْ: الْأَرْبَعِ. (قَوْلُهُ: وَالْأُولَى) هِيَ قَوْلُهُ: تَحْرُمُ مَنْ لَا دَخَلَتْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَحَافِدٍ) هُوَ وَلَدُ الْوَلَدِ، سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَدَخَلَ زَوْجَةُ ابْنِ الْبِنْتِ فَتَحْرُمُ عَلَى جَدَّةٍ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَمَّا الْفَاسِدَةُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُرْمَةٌ) أَيْ: الْفَاسِدُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ سَوَاءٌ قَالَ بِصِحَّتِهِ غَيْرُهُ أَوْ لَا قَلَّدَهُ الْعَاقِدُ أَوْ لَا قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ: إذَا زَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَتَّى افْتَرَقَا فَلَا عِدَّةَ وَلَا مَهْرَ، وَإِنْ دَخَلَ وَجَبَ الْمَهْرُ وَلَا حَدَّ سَوَاءٌ اعْتَقَدَ تَحْرِيمَهُ أَوْ إبَاحَتَهُ بِاجْتِهَادٍ أَوْ تَقْلِيدٍ أَوْ ظَنٍّ مُجَرَّدٍ، وَلَوْ تَرَافَعَا إلَى قَاضٍ شَافِعِيٍّ أَبْطَلَهُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا أَوْ إلَى حَنَفِيٍّ فَقَضَى بِصِحَّتِهِ ثُمَّ رُفِعَ إلَيْنَا، فَالْمَذْهَبُ أَنْ لَا يُنْقَضَ وَفِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالِاحْتِيَاجِ إلَى الْمُحَلِّلِ فِي الثَّلَاثِ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الرَّافِعِيِّ لَا؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ بَاطِلٌ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ صَحِيحٌ، وَثَانِيهِمَا نَعَمْ وَبِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ أَخْذًا بِالْأَغْلَظِ وَاحْتِيَاطًا لِلْأَبْضَاعِ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يُحِلُّهَا هَذَا الْوَطْءُ مُطْلَقًا ثَلَاثًا وَعَلَى الثَّانِي وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا يُحِلُّهَا لِإِجْرَائِنَا عَلَيْهِ حُكْمَ الصَّحِيحِ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَثَانِيهِمَا لَا لِأَنَّا أَلْزَمْنَاهُ حُكْمَ الطَّلَاقِ تَغْلِيظًا فَكَانَ مِنْ التَّغْلِيظِ أَنْ لَا تَحِلَّ لِغَيْرِهِ بِإِصَابَتِهِ، وَيُثْبِتُ هَذَا النِّكَاحُ تَحْرِيمَ الْمُصَاهَرَةِ
وَفِي ثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا تَثْبُتُ كَالْمُصَاهَرَةِ، وَثَانِيهِمَا لَا لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْمُصَاهَرَةِ يَثْبُتُ تَغْلِيظًا فَلَا تَثْبُتُ الْمَحْرَمِيَّةُ تَغْلِيظًا، وَالثَّانِي هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْإِمْلَاءِ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ. اهـ بِاخْتِصَارٍ
(قَوْلُهُ: فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُرْمَةٌ) أَيْ: حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ وَالْمَحْرَمِيَّةِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ سَبَبَهَا هُنَا الْمُصَاهَرَةُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ غَشِيَهَا إلَخْ) إنَّمَا حُرِّمَ فَصْلُهُ عَلَيْهَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَلَمْ يَحْرُمْ فَصْلُهَا إلَّا بِالدُّخُولِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِي حَقِّهِ أَصْلِيٌّ مُتَأَكِّدٌ، وَهِيَ تَابِعَةٌ لَهُ فِي أَحْكَامِهِ، وَلِهَذَا مَنَعَهَا مِمَّا لَا يَعْتَقِدُهُ وَهُوَ، وَإِنْ اعْتَقَدَتْهُ فَلِكَوْنِهِ فِي حَقِّهِ أَقْوَى أَثَّرَ بِالنِّسْبَةِ لِفُرُوعِهِ وَلِكَوْنِهِ ضَعِيفًا فِي حَقِّهَا احْتَاجَ إلَى مُقَوٍّ، وَهُوَ الْوَطْءُ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ:
أَوْ رَضَاعٍ قَالَ تَعَالَى {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: 23] وَذِكْرُ الْحُجُورِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ، وَكَوَطْئِهِ فِيمَا ذُكِرَ اسْتِدْخَالُ مَائِهِ الْمُحْتَرَمِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَطْءٌ وَاسْتِدْخَالٌ لَمْ تَحْرُمْ فُصُولُهَا بِخِلَافِ أُصُولِهَا كَمَا مَرَّ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّجُلَ يُبْتَلَى عَادَةً بِمُكَالَمَةِ أُصُولِهَا عَقِبَ الْعَقْدِ لِيُرَتِّبَنَّ أُمُورَهُ فَحَرُمْنَ بِالْعَقْدِ لِيَسْهُلَ ذَلِكَ بِخِلَافِ فُصُولِهَا، وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ لَا تَحْرُمُ بِنْتُ زَوْجِ الْأُمِّ، وَلَا أُمُّهُ، وَلَا بِنْتُ زَوْجِ الْبِنْتِ، وَلَا أُمُّهُ، وَلَا أُمُّ زَوْجَةِ الْأَبِ وَلَا بِنْتُهَا، وَلَا أُمُّ زَوْجَةِ الِابْنِ، وَلَا بِنْتُهَا، وَلَا زَوْجَةُ الرَّبِيبِ، وَلَا زَوْجَةُ الرَّابِّ لِخُرُوجِهِنَّ عَنْ الْمَذْكُورَاتِ.
(وَمَنْ وَطِيهَا) إنْسَانٌ (بِالْمِلْكِ)، وَلَوْ مُحَرَّمَةً أَبَدًا. (أَوْ بِشُبْهَةِ الْوَاطِي) بِنِكَاحٍ أَوْ شِرَاءٍ فَاسِدَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا كَالزَّوْجَةِ فِي ثُبُوتِ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ لِصَيْرُورَتِهَا فِرَاشًا بِذَلِكَ. (كَمَا) أَنَّهَا كَالزَّوْجَةِ (فِي) وُجُوبِ (عِدَّةٍ) عَلَيْهَا يَعْنِي فِي وَطْئِهِ بِشُبْهَتِهِ دُونَ وَطْئِهِ بِالْمِلْكِ (وَفِي) ثُبُوتِ. (انْتِسَابٍ) لِلْوَلَدِ الَّذِي أَتَتْ بِهِ مِنْهُ. (فِيهِمَا) أَيْ: فِي وَطْئِهِ بِالْمِلْكِ وَوَطْئِهِ بِشُبْهَتِهِ، وَسَوَاءٌ فِي ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ الِابْتِدَاءُ وَالدَّوَامُ كَمَا يُفْهِمُهُ إطْلَاقُهُ، فَلَوْ وَطِئَ أُمَّ زَوْجَتِهِ أَوْ بِنْتَهَا بِشُبْهَةٍ انْقَطَعَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا وَكَالْوَطْءِ فِيمَا ذُكِرَ اسْتِدْخَالُ مَاءِ سَيِّدِهَا أَوْ مَاءِ أَجْنَبِيٍّ بِشُبْهَةٍ كَمَا مَرَّ، وَخَرَجَ بِشُبْهَةِ الْوَاطِئِ شُبْهَةُ الْمَوْطُوءَةِ، فَلَا تُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا الْمَحْرَمِيَّةُ فَتَثْبُتُ بِالْوَطْءِ بِالْمِلْكِ لَا بِالْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ إذْ يَحْرُمُ عَلَى الْوَاطِئِ بِهَا الْخَلْوَةُ وَالْمُسَافَرَةُ بِالْمَوْطُوءَةِ، فَبِأُمِّهَا وَبِنْتِهَا أَوْلَى، وَمَشَقَّةُ احْتِجَابِ أُمِّ الْمَوْطُوءَةِ وَبِنْتِهَا فِي دُخُولِهِمَا عَلَيْهَا فِي النِّكَاحِ وَالْمِلْكِ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا. (وَ) كَمَا أَنَّهَا كَالزَّوْجَةِ فِي وُجُوبِ (الْمَهْرُ) لَهَا عَلَى الْوَاطِئِ (فِي شُبْهَتِهَا) ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْهُ شُبْهَةٌ بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَفَتْ شُبْهَتُهَا إذْ لَا مَهْرَ لِبَغِيٍّ. (دُونَ الَّتِي يَزْنِي بِهَا أَوْ لُمِسَتْ) بِمُفَاخَذَةٍ أَوْ تَقْبِيلٍ أَوْ نَحْوِهِمَا وَلَوْ بِشُبْهَةٍ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ كَالزَّوْجَةِ فِيمَا مَرَّ إذْ لَا حُرْمَةَ لِمَاءِ الزِّنَا، وَلَا لِغَيْرِهِ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ، وَلَيْسَ اللَّمْسُ فِي مَعْنَى الْعَقْدِ أَوْ الدُّخُولِ فِي إيجَابِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِمَا فَقَوْلُهُ:(كَالزَّوْجَةِ) خَبَرُ مَنْ وَطِئَهَا كَمَا تَقَرَّرَ
. (وَمَحْرَمُ الشَّخْصِ بِمَعْدُودَاتِ إنْ تَشْتَبِهْ) أَيْ: وَإِنْ تَشْتَبِهْ عَلَيْهِ مَحْرَمُهُ بِمَعْدُودَاتٍ أَيْ: مَحْصُورَاتٍ أَجْنَبِيَّاتٍ. (صِرْنَ مُحَرَّمَاتِ) عَلَيْهِ تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ، وَلَا دَخْلَ لِلِاجْتِهَادِ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ
أَمَّا غَيْرُ الْمَحْصُورَاتِ كَنِسَاءِ بَلْدَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ كَبِيرَةٍ فَلَهُ نِكَاحُ مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ إعْمَالًا لِأَصْلِ الْإِبَاحَةِ مَعَ كَوْنِ الْحَرَامِ مُنْغَمِرًا كَمَا فِي الِاصْطِيَادِ مِنْ صَيُودٍ مُبَاحَةٍ اشْتَبَهَ بِهَا صَيْدٌ
ــ
[حاشية العبادي]
بِرّ سم. (قَوْلُهُ: وَمَنْ وَطِئَهَا بِالْمِلْكِ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: وَلَوْ فِي الدُّبُرِ بِرّ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ مُحَرَّمَةً أَبَدًا كَأُخْتِهِ. (قَوْلُهُ: دُونَ وَطْئِهِ بِالْمِلْكِ) إذْ لَا عِدَّةَ فِي الْوَطْءِ بِالْمِلْكِ
(قَوْلُهُ: إعْمَالًا لِأَصْلِ الْإِبَاحَةِ) قَدْ يُقَالُ:
ــ
[حاشية الشربيني]
مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ) أَيْ: حَالَ النُّزُولِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُحَرَّمَةً أَبَدًا) أَيْ: بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ كَخَالَتِهِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ فَتَحْرُمُ بِنْتُهَا عَلَيْهِ وَتَحْرُمُ هِيَ عَلَى أَبِيهِ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ، وَهَذِهِ غَايَةٌ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ: إنَّ وَطْءَ الْمُحَرَّمَةِ لَا يُفِيدُ شَيْئًا. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ: بِنِكَاحٍ أَوْ شِرَاءٍ فَاسِدَيْنِ) أَيْ: ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ أَمَتَهُ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ. (قَوْلُهُ: دُونَ وَطْئِهِ بِالْمِلْكِ) إذْ الْوَاجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: فِي ذَلِكَ) بِخِلَافِ وُجُوبِ الْمَهْرِ لَهَا عَلَيْهِ فَتُعْتَبَرُ فِيهِ وَمِنْ شُبْهَتِهَا أَنْ يَجْرِيَ خِلَافٌ فِي حِلِّهَا وَإِنْ اعْتَقَدَتْ التَّحْرِيمَ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ تُشْتَبَهْ) خَرَجَ مَا لَوْ تَمَيَّزَتْ كَأَنْ كَانَتْ مَعْلُومَةَ النَّسَبِ بِحَيْثُ تَمَيَّزَتْ بِهِ عَنْ غَيْرِهَا وَكَأَنْ تَيَقَّنَ فِي مَحْرَمِهِ سَوَادًا فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ مَنْ لَا سَوَادَ فِيهِ أَصْلًا، سَوَاءٌ كَانَ الِاخْتِلَاطُ بِمَحْصُورَاتٍ أَمْ لَا. اهـ. م ر مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: أَيْ: مَحْصُورَاتٍ) كَعَشْرَةٍ إلَى آخِرِ الْمِائَتَيْنِ وَالثَّلَاثِمِائَةِ وَالْأَرْبَعمِائَةِ يُسْتَفْتَى فِيهِ الْقَلْبُ أَيْ: الْفِكْرُ فَإِنْ حَكَمَ بِعُسْرٍ عُدَّ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ فَغَيْرُ مَحْصُورٍ وَإِلَّا فَمَحْصُورٌ، وَالْقَلْبُ إلَيْهِ أَمْيَلُ. اهـ. زي عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ نِكَاحُ مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ) ، وَلَوْ كَانَ مَحْرَمُهُ مُتَعَدِّدًا غَيْرَ مَحْصُورٍ لَوْ وُزِّعَ غَيْرُ الْمَحْرَمِ عَلَيْهِ خُصَّ كُلُّ فَرْدٍ مَحْصُورٍ اعْتِبَارًا بِالْجُمْلَةِ وَلَا نَظَرَ لِهَذَا التَّوْزِيعِ أَوْ كَانَ غَيْرُ الْمَحْرَمِ مِثْلَهُ أَوْ أَقَلُّ مِنْهُ كَأَلْفِ مَحْرَمٍ بِأَلْفٍ أَوْ أَقَلَّ قَالَهُ حَجَرٌ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَنَقَلَهُ عَنْ شَيْخِنَا م ر وَنَقَلَ عَنْهُ سم الْمَنْعَ فِي الْمُسَاوِي وَالْأَقَلِّ مُطْلَقًا وَلَعَلَّهُ الْوَجْهُ الْوَجِيهُ. اهـ. ق ل وَقَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا أَيْ: فَيَنْكِحُ إلَى أَنْ يَبْقَى عَدَدٌ قَدْرَ مَحْرَمِهِ سَوَاءٌ كَانَ غَيْرَ مَحْصُورٍ كَأَلْفٍ بِأَلْفٍ أَوْ مَحْصُورًا كَعِشْرِينَ بِأَلْفٍ فَيَنْكِحُ إلَى أَنْ يَبْقَى مَا لَا يَنْقُصُ عَنْ قَدْرِ مَحْرَمِهِ أَفَادَهُ ق ل أَيْضًا وح ل لَكِنْ رُبَّمَا يُعَكِّرُ عَلَيْهِ تَضْعِيفُ الْجَوَازِ إلَى أَنْ تَبْقَى وَاحِدَةٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَحْرَمُ وَاحِدَةً إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِشِدَّةِ الْحَرَجِ لَوْ مُنِعَ مِمَّا زَادَ عَلَى مَحْرَمِهِ إذَا كَانَ مَحْرَمُهُ غَيْرَ مَحْصُورٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مَنْ هُنَّ) اُسْتُفِيدَ مِنْ لَفْظِ مَنْ أَنْ لَا يَسْتَوْفِيَ الْجَمِيعَ فَيَجُوزَ إلَى أَنْ يَبْقَى مَحْصُورٌ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ فِي شَرْحِهِ
مَمْلُوكٌ، وَإِلَّا انْحَسَمَ عَلَيْهِ بَابُ النِّكَاحِ، فَإِنَّهُ وَإِنْ سَافَرَ إلَى بَلْدَةٍ أُخْرَى لَمْ يَأْمَنْ مُسَافَرَتَهَا إلَيْهَا أَيْضًا، وَتَقَدَّمَ بَيَانُ الْمَحْصُورِ وَغَيْرِهِ فِي بَابِ الِاجْتِهَادِ وَكَمَحْرَمِهِ فِيمَا ذُكِرَ كُلُّ مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِجَمْعٍ أَوْ عِدَّةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا. (وَجَمْعُ خَمْسٍ) فِي النِّكَاحِ لَا يَحِلُّ لِحُرٍّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] الْآيَةَ «وَقَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم لِغَيْلَانَ وَقَدْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ نِسْوَةٍ أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ
. (وَلِعَبْدٍ) ، وَلَوْ مُكَاتَبًا. (لَا يَحِلُّ جَمْعُ ثَلَاثٍ) لِأَنَّهُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ، وَقَدْ أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْكِحُ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَتَيْنِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، وَالْمُبَعَّضُ كَالْعَبْدِ (وَهْوَ) أَيْ: جَمْعُ الْحُرِّ خَمْسًا وَالْعَبْدِ ثَلَاثًا. (فِي عَقْدٍ) وَاحِدٍ (بَطَلْ) فِي الْجَمِيعِ إذْ لَا أَوْلَوِيَّةَ لِإِحْدَاهُنَّ عَلَى الْبَاقِيَاتِ، فَإِنْ نَكَحَهُنَّ مُرَتَّبًا بَطَلَ نِكَاحُ الزَّائِدِ عَلَى الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ. (وَلَوْ) كَانَ. (بِهِ) أَيْ: الْعَقْدِ الْجَامِعِ لَهُنَّ، وَكَذَا لَسْتَ فِي الْحُرِّ، وَلِأَرْبَعٍ فِي غَيْرِهِ. (أُخْتَانِ صَحَّ فِي الْأُخَرْ) دُونَهُمَا عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَإِنَّمَا بَطَلَ فِيهِمَا مَعًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَلَا أَوْلَوِيَّةَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ جَمَعَ أَرْبَعَ أَخَوَاتٍ أَوْ سَبْعًا فِيهِنَّ أُخْتَانِ فِي عَقْدٍ بَطَلَ فِي الْجَمِيعِ، وَكَالْأُخْتَيْنِ كُلُّ أُنْثَيَيْنِ يَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا. (وَ) لَا يَحِلُّ جَمْعُ (أُنْثَيَيْنِ أَيَّةٌ) مِنْهُمَا. (تُفْرَضْ ذَكَرْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ.
(وَجَدْتَ) أَنْتَ. (بَيْنَ ذِي وَذِي مُحَرَّمَا) لِلنِّكَاحِ وَلِلْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ. (نِكَاحًا أَوْ وَطْئًا) أَيْ: لَا يَحِلُّ جَمْعُهُمَا فِي نِكَاحٍ أَوْ فِي وَطْءٍ (بِمِلْكٍ أَوْ هُمَا) أَيْ: أَوْ فِي نِكَاحٍ لِإِحْدَاهُمَا وَوَطْءٍ بِمِلْكٍ لِلْأُخْرَى فَيَحْرُمُ الْجَمْعُ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا أَوْ خَالَتِهَا أَوْ أُمِّهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [النساء: 23] وَلِخَبَرِ «لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، وَلَا الْعَمَّةُ عَلَى بِنْتِ أَخِيهَا، وَلَا الْمَرْأَةُ عَلَى خَالَتِهَا وَلَا الْخَالَةُ عَلَى بِنْتِ أُخْتِهَا لَا الْكُبْرَى عَلَى الصُّغْرَى، وَلَا الصُّغْرَى عَلَى الْكُبْرَى» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ، وَإِنْ رَضِيَتْ بِذَلِكَ، فَإِنَّ الطَّبْعَ يَتَغَيَّرُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ صلى الله عليه وسلم فِي خَبَرِ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ «إنَّكُمْ إذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ قَطَّعْتُمْ أَرْحَامَهُنَّ» كَمَا زَادَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَرُوِيَ بِغَيْرِ هَذَا اللَّفْظِ أَيْضًا بِخِلَافِ جَمْعِهِمَا فِي الْمِلْكِ بِلَا وَطْءٍ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ قَدْ يُقْصَدُ بِهِ غَيْرُ الْوَطْءِ، وَلِهَذَا يَجُوزُ أَنْ يَمْلِكَ مَنْ
ــ
[حاشية العبادي]
هَذِهِ الْعِلَّةُ تَشْمَلُ الْمَحْصُورَاتِ
(قَوْلُهُ: أَيْ: الْعَقْدُ الْجَامِعُ لَهُنَّ) أَيْ: الْخَمْسِ وَالثَّلَاثِ. (قَوْلُهُ: وَأُنْثَيَيْنِ) أَيَّةٌ تُفْرَضْ ذَكَرْ وُجِدَتْ أَيَّةٌ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ جُمْلَةُ الشَّرْطِ وَالْجَوَابُ أَوْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْخِلَافِ الْمُبَيَّنِ فِي مَحَلِّهِ، وَالْجُمْلَةُ صِفَةُ أُنْثَيَيْنِ، وَقَوْلُهُ: تُفْرَضُ هُوَ الشَّرْطُ، وَقَوْلُهُ: وُجِدَتْ جَوَابُ الشَّرْطِ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَهَذَا شَامِلٌ لِمَا لَوْ كَانَ مَحْرَمُهُ غَيْرَ مَحْصُورٍ أَيْضًا وَبِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَنَقَلَ سم عَنْ شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ الْمَنْعَ إذَا وَصَلَ إلَى قَدْرِ مَحْرَمِهِ أَيْ: الْغَيْرِ الْمَحْصُورِ، وَهُوَ الْوَجْهُ الْوَجِيهُ الْمُوَافِقُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَوَانِي وَغَيْرِهَا. اهـ. ق ل بِبَعْضِ تَغْيِيرٍ
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ، وَإِنْ سَافَرَ إلَخْ) مُقْتَضَى قَوْلِهِ لَا يَأْمَنُ مُسَافَرَتَهَا عَدَمُ الْجَوَازِ عِنْدَ الْأَمْنِ فَيَقْتَضِي مَنْعَ النِّكَاحِ مِنْ الْمُشْتَبِهَاتِ مَعَ تَيَقُّنِ حَلَالٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَيَجُوزُ، وَلَوْ مَعَ وُجُودِ حَلَالٍ يَقِينًا؛ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّاجِحَ هُنَا أَنَّهُ يَنْكِحُ إلَى أَنْ يَبْقَى مَحْصُورٌ سَوَاءٌ كَانَ مَحْرَمُهُ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ فَإِنْ كَانَ مَحْرَمُهُ غَيْرَ مَحْصُورٍ امْتَنَعَ إذَا وَصَلَ لِقَدْرِ مَحْرَمِهِ الْغَيْرِ الْمَحْصُورِ وَفِي الْأَوَانِي يَسْتَعْمِلُ مَا عَدَا قَدْرِ الْمُشْتَبَهِ وَفَرَّقَ فِي الْمَنْهَجِ بِأَنَّ ذَلِكَ يَكْفِي فِيهِ الظَّنُّ بِدَلِيلِ صِحَّةِ الطُّهْرِ وَالصَّلَاةِ بِمَظْنُونِ الطَّهَارَةِ وَحِلِّ تَنَاوُلِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى تَيَقُّنِهَا بِخِلَافِ النِّكَاحِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ كَذَلِكَ فَقَوْلُهُمْ: بِخِلَافِ النِّكَاحِ مَمْنُوعٌ فَالْأَوْلَى الْفَرْقُ بِالِاحْتِيَاطِ فِيهِ لِلْأَبْضَاعِ كَمَا فِي م ر تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: كُلُّ أُنْثَيَيْنِ إلَخْ) مِثْلُهُمَا مَا إذَا كَانَ فِي الْعَقْدِ مَنْ يَحْرُمُ نِكَاحُهُ كَمَجُوسِيَّةٍ. اهـ. ق ل وَقَوْلُهُ: كَمَجُوسِيَّةٍ أَيْ: أَوْ أَمَةٍ، وَلَوْ كَانَ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: يَبْطُلُ حِينَئِذٍ فِي الْجَمِيعِ اهـ مِنْ هَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَوْ فِي وَطْءٍ)، وَلَوْفِي الدُّبُرِ وَفَارَقَ الْمَحْرَمُ وَالْمَجُوسِيَّةُ كَمَا سَيَأْتِي بِالْهَامِشِ بِأَنَّ الْمَوْطُوءَةَ هُنَا حَلَالٌ فِي ذَاتِهَا فَأَثَّرَ وَطْؤُهَا فِي تَحْرِيمِ غَيْرِهَا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَالَ م ر: وَلَيْسَ الِاسْتِدْخَالُ كَالْوَطْءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ الْجَمْعُ فِي ذَلِكَ) خَرَجَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي غَيْرِ الْوَطْءِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعَاتِ فَيَجُوزُ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ وَالرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ جَائِزٌ) وَتَحِلُّ لَهُ حِينَئِذٍ وَاحِدَةٌ لَا بِعَيْنِهَا فَإِنْ وَطِئَ وَاحِدَةً حُرِّمَتْ الْأُخْرَى حَتَّى يَحْرُمَ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ بِزَوَالِ الْمِلْكِ تَحْرِيمٌ إلَخْ فَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا حَرَامًا عَلَيْهِ بِمَحْرَمِيَّةٍ أَوْ تَمَجُّسٍ أَوْ نَحْوِهِ فَوَطْؤُهُ لَهَا لَا يُحَرِّمُ الْأُخْرَى، وَلَوْ بِشُبْهَةٍ كَأَنْ ظَنَّهَا حَلِيلَةً. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ وَطْأَهُ أُمَّ زَوْجَتِهِ أَوْ زَوْجَةَ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ بِشُبْهَةٍ يَقْطَعُ النِّكَاحَ فَلِمَ أَثَّرَ وَطْءُ الشُّبْهَةِ ثَمَّ لَا هُنَا،
وَيُفَرَّقَ بِأَنَّهُ ثَمَّ يُفِيدُ الْحُرْمَةَ الْمُؤَبَّدَةَ فَقَوِيَ فَتَأَمَّلْ. وَقَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَتْ
لَا تَحِلُّ لَهُ، وَقَوْلُ النَّظْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَوْ هُمَا مَفْهُومٌ مِمَّا قَبْلَهُ بِجَعْلِهِ مَانِعَةَ خُلُوٍّ وَمِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ وَخُصِّصَتْ مَمْلُوكَةٌ بِالْحُرْمَةِ إلَى آخِرِهِ وَأَفَادَ قَوْلُهُ: أَيَّةٌ تَعْمِيمَ الْمُحَرِّمِ بِتَقْدِيرِ الْفَرْضَيْنِ أَيْ: فَرْضِ ذِي ذَكَرًا دُونَ تِلْكَ أَوْ بِالْعَكْسِ لِتَخْرُجَ بِهِ الْمَرْأَةُ وَأُمُّ زَوْجِهَا أَوْ بِنْتُ زَوْجِهَا كَمَا سَيَأْتِي وَالْمُتَبَادِرُ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ مِنْ مُحَرِّمًا التَّحْرِيمُ الْمُؤَبَّدُ الْمُقْتَضِي لِمَنْعِ النِّكَاحِ وَالْوَطْءِ بِالْمِلْكِ، فَخَرَجَتْ السَّيِّدَةُ وَأَمَتُهَا فَيَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ بَيْنَهُمَا قَدْ يَزُولُ؛ وَلِأَنَّ السَّيِّدَةَ لَوْ فُرِضَتْ ذَكَرًا حَلَّ لَهُ وَطْءُ أَمَتِهِ بِالْمِلْكِ، وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ لَهُ نِكَاحُهَا. (فَإِنْ تَبِنْ) مِنْهُ. (سَابِقَةٌ) إلَى نِكَاحِهِ مِنْ اللَّتَيْنِ لَا يَحِلُّ جَمْعُهُمَا بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَوْ كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ (أَوْ اشْتَرَى) مَثَلًا السَّابِقَةَ إذَا كَانَتْ أَمَةً.
(أَوْ بِزَوَالِ الْمِلْكِ تَحْرِيمٌ طَرَا) أَيْ: أَوْ طَرَأَ تَحْرِيمُ وَطْئِهَا بِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا بِبَيْعٍ أَوْ إعْتَاقٍ أَوْ هِبَةٍ مَعَ قَبْضٍ بِإِذْنٍ أَوْ نَحْوِهَا. (أَوْ بِكِتَابَةٍ وَتَزْوِيجٍ) أَيْ: أَوْ طَرَأَ تَحْرِيمُ وَطْئِهَا بِكِتَابَةٍ أَوْ تَزْوِيجٍ. (تُبَحْ أُخْرَى) أَيْ: الْأُخْرَى. (لَهُ) إذْ لَا جَمْعَ حِينَئِذٍ، وَخَرَجَ بِتِبْنِ الْمُطَلَّقَةُ رَجْعِيًّا؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْمَنْكُوحَةِ، وَالْمُرْتَدَّةُ بَعْدَ الدُّخُولِ لِاحْتِمَالِ بَقَاءِ النِّكَاحِ بِعَوْدِهَا فِي زَمَنِ الِانْتِظَارِ إلَى الْإِسْلَامِ وَبِبَقِيَّةِ كَلَامِهِ الْحَيْضُ وَالرَّهْنُ وَالْإِجَارَةُ وَالْإِحْرَامُ وَعِدَّةُ الشُّبْهَةِ وَالْبَيْعُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهَا أَسْبَابٌ عَارِضَةٌ لَمْ تُزِلْ الْمِلْكَ وَالِاسْتِحْقَاقَ
. (وَلَا يُلَامُ مَنْ نَكَحْ أُنْثَى وَبِنْتَ زَوْجِهَا أَوْ أُمَّهْ) ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا إنَّمَا هِيَ بِفَرْضِ ذُكُورَةِ بِنْتِ الزَّوْجِ أَوْ أُمِّهِ لَا بِفَرْضِ ذُكُورَةِ الْأُنْثَى الْأُخْرَى، وَيَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ بِنْتِ الرَّجُلِ وَرَبِيبَتِهِ وَبَيْنَ أُخْتِهِ مِنْ أَبِيهِ وَأُخْتِهِ مِنْ أُمِّهِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَرَبِيبَةِ زَوْجِهَا مِنْ امْرَأَةٍ أُخْرَى (وَخُصِّصَتْ مَمْلُوكَةٌ بِالْحُرْمَهْ) أَيْ: بِحُرْمَةِ وَطْئِهَا عَلَى سَيِّدِهَا، وَإِنْ كَانَتْ مَوْطُوءَةً لَهُ
. (إنْ نَكَحَ السَّيِّدُ مَنْ لَا تُجْمَعَا) مَعَهَا كَأُخْتِهَا وَعَمَّتِهَا، سَوَاءٌ تَقَدَّمَ النِّكَاحُ عَلَى الْمِلْكِ أَمْ تَأَخَّرَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِبَاحَةَ بِالنِّكَاحِ أَقْوَى مِنْهَا بِالْمِلْكِ إذْ يَتَعَلَّقُ بِهِ الطَّلَاقُ وَالظِّهَارُ وَغَيْرُهُمَا، وَالْأَقْوَى يَدْفَعُ الْأَضْعَفَ
(وَ) حُرِّمَتْ عَلَى مُطَلِّقِهَا الْحُرِّ إلَى التَّحْلِيلِ. (مَنْ ثَلَاثًا طَلُقَتْ مُجْتَمَعَا أَوْ لَا) أَيْ: ثَلَاثًا مُجْتَمِعَةً أَوْ مُتَفَرِّقَةً فِي نِكَاحٍ أَوْ أَكْثَرَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ. (وَ) حُرِّمَتْ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: بِجَعْلِهِ مَانِعَةَ خُلُوٍّ) لَا دَلَالَةَ عَلَى إرَادَةِ مَنْعِ الْخُلُوِّ حَتَّى يُفْهَمَ مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: لِتَخْرُجَ بِهِ الْمَرْأَةُ وَأُمُّ زَوْجِهَا) ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ، وَإِنْ حُرِّمَ عَلَيْهِ زَوْجَةُ الِابْنِ لَوْ قُدِّرَتْ ذَكَرًا لَكِنَّ زَوْجَةَ الِابْنِ لَوْ قُدِّرَتْ ذَكَرًا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهَا الْأُخْرَى، بَلْ تَكُونُ أَجْنَبِيَّةً عَنْهَا، وَبِنْتُ الزَّوْجِ، وَإِنْ حُرِّمَ عَلَيْهَا زَوْجَةُ أَبِيهَا لَوْ قُدِّرَتْ ذَكَرًا، لَكِنَّ زَوْجَةَ أَبِيهَا لَوْ قُدِّرَتْ ذَكَرًا لَا تَحْرُمُ عَلَيْهَا الْأُخْرَى، بَلْ تَكُونُ أَجْنَبِيَّةً عَنْهَا وَسَيَأْتِي ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي) فِي قَوْلِهِ: الْآتِي آنِفًا وَلَا يُلَامُ مَنْ نَكَحَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: قَدْ يَزُولُ) بِانْقِطَاعِ الْمِلْكِ. (قَوْلُهُ: الْمُطَلَّقَةُ رَجْعِيًّا) قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ بِانْقِضَائِهَا وَهِيَ تُنْكِرُهُ وَأَمْكَنَ انْقِضَاؤُهَا، فَلَهُ نِكَاحُ أُخْتِهَا لَكِنْ لَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا، وَلَوْ وَطِئَهَا حُدَّ أَيْ: لِزَعْمِهِ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا أَوْ طَلَّقَهَا لَمْ يَقَعْ أَيْ: طَلَاقُهُ لِمَا ذِكْرَ. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: هَلَّا وَقَعَ؛ لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَيْهِ يَتَضَمَّنُ الِاعْتِرَافَ بِقَوْلِهَا: لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَالرَّهْنُ) ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ يَحِلُّ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ بِرّ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ حُرْمَةَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا) الْأَحْسَنُ لِأَنَّ حُرْمَةَ التَّنَاكُحِ بَيْنَهُمَا بِرّ
ــ
[حاشية الشربيني]
إحْدَاهُمَا حَرَامًا إلَخْ أَيْ: مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُصَاهَرَةٌ فَتَحْرُمُ الْأُمُّ بِوَطْءِ الْبِنْتِ وَإِنْ كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ مَجُوسِيَّةً أَوْ نَحْوَهَا كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَقَوْلُهُمْ: هُنَا الْحَرَامُ لَا يَحْرُمُ أَيْ: مَا لَمْ يَكُنْ مُصَاهَرَةٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَوْ مُحَرَّمَةً أَبَدًا وَالْفَرْقُ قُوَّةُ الْمُصَاهَرَةِ (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ السَّيِّدَةَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَةَ وَأَمَتَهَا خَرَجَتَا أَيْضًا بِقَوْلِهِ أَيَّةٌ تُفْرَضُ ذَكَرًا؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ لَيْسَ عَامًّا بِتَقْدِيرِ الْفَرْضَيْنِ، وَمِنْ هُنَا وَمَا سَيَأْتِي عَلَى قَوْلِهِ لَا بِفَرْضِ ذُكُورَةِ الْأُنْثَى الْأُخْرَى يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ فِي إخْرَاجِ ذَلِكَ إلَى زِيَادَةِ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ كَمَا فِي الْمَنْهَجِ حَيْثُ قَالَ: وَحَرُمَ جَمْعُ امْرَأَتَيْنِ بَيْنَهُمَا نَسَبٌ أَوْ رَضَاعٌ لَوْ فُرِضَتْ إحْدَاهُمَا ذَكَرًا حَرُمَ تَنَاكُحُهُمَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ لَوْ فُرِضَتْ أَيْ: وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا فَإِنْ أُرِيدَ فَرْضُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَهُوَ خَارِجٌ بِذِكْرِ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ فَلْيَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِبَيْعٍ) أَيْ: بِلَا خِيَارٍ أَوْ مَعَ خِيَارٍ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ مُوجِبٌ لِلتَّحْرِيمِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: مَعَ قَبْضٍ بِإِذْنٍ قَيْدٌ فِي الْهِبَةِ فَقَطْ كَمَا فِي شَرْحِ م ر خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ فَرَاجِعْهُ
(قَوْلُهُ: لَا بِفَرْضِ ذُكُورَةِ الْأُنْثَى الْأُخْرَى) إذْ لَوْ فُرِضَتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرًا لَمْ تَحْرُمْ الْأُمُّ فِي الْأُولَى وَلَا الْبِنْتُ فِي الثَّانِيَةِ إذْ لَا مَحْرَمِيَّةَ حِينَئِذٍ قَالَ شَيْخُنَا ذ رحمه الله وَقَدْ يُقَالُ: لَا مَعْنَى لِفَرْضِ الْمَرْأَةِ ذَكَرًا إلَّا مَعَ فَرْضِ زَوْجِهَا أُنْثَى وَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ فَالْمَحْرَمِيَّةُ مَوْجُودَةٌ فِيهِمَا. اهـ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا يَحْتَاجُ لِفَرْضٍ آخَرَ، وَالْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ فِي الْفَرْضِ الْوَاحِدِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الِاسْتِبَاحَةَ بِالنِّكَاحِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَا يُنَافِي قَوْلَهُمْ: لَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْمِلْكِ، وَهَذَا فِي الِاسْتِفْرَاشِ، وَالْمِلْكُ نَفْسُهُ أَقْوَى مِنْ نَفْسِ النِّكَاحِ وَاسْتِفْرَاشُ النِّكَاحِ أَقْوَى مِنْ اسْتِفْرَاشِ الْمِلْكِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: وَالْمِلْكُ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ بِهِ الرَّقَبَةَ وَالْمَنْفَعَةَ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ بِهِ الِانْتِفَاعَ وَقَوْلُهُ: وَاسْتِفْرَاشُ النِّكَاحِ إلَخْ كَأَنَّهُ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ مِنْ النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْمِلْكِ فَلِذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ تِلْكَ الْآثَارُ
(قَوْلُهُ: مَنْ ثَلَاثًا طَلُقَتْ) فَلَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ
مَنْ طَلُقَتْ (ثِنْتَيْنِ عَلَى) مُطَلِّقِهَا (الرَّقِيقِ فِي) حَالَةِ الطَّلْقَةِ (الثَّانِيَهْ) بِإِسْكَانِ الْهَاءِ وَصْلًا بِنِيَّةِ الْوَقْفِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَقِيقًا فِي الْأُولَى فَلَوْ طَلَّقَ حُرٌّ ذِمِّيٌّ زَوْجَتَهُ ثُمَّ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَاسْتُرِقَّ ثُمَّ أَعَادَهَا وَطَلَّقَهَا ثَانِيَةً فِي حَالِ رِقِّهِ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ إلَى التَّحْلِيلِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ رَقِيقًا فِي الثَّانِيَةِ كَمَا لَوْ عَلَّقَهَا بِعِتْقِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ.
(لَا) إنْ وَقَعَتْ. (ذِي مَعَ) وُجُودِ. (التَّعْلِيقِ) لَهَا. (بِعِتْقِهِ) ثُمَّ وُجُودِ عِتْقِهِ كَمَا زَادَهُ إيضَاحًا بِقَوْلِهِ. (قُلْتُ وَوُجْدَانُ الصِّفَهْ) الْمُعَلَّقَ بِهَا (شَرْطٌ) لِإِيقَاعِ الثَّانِيَةِ بِأَنْ طَلَّقَهَا طَلْقَةً ثُمَّ قَالَ: إنْ عَتَقْتُ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ عَتَقَ فَيَقَعُ ثَانِيَةً وَيَمْلِكُ ثَالِثَةً فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى تَحْلِيلٍ وَكَمَا لَوْ قَالَ: إنْ مَاتَ سَيِّدِي فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ وَقَالَ سَيِّدُهُ: إنْ مِتُّ فَأَنْت حُرٌّ فَمَاتَ وَخَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ قَالَ: إذَا جَاءَ الْغَدُ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ وَقَالَ سَيِّدُهُ: إذَا جَاءَ الْغَدُ فَأَنْت حُرٌّ فَجَاءَ الْغَدُ، فَلَا يَفْتَقِرُ فِيهِمَا إلَى تَحْلِيلٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَقِيقًا فِي الثَّانِيَةِ لِوُقُوعِ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ مَعًا، وَحَاصِلُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ رَقِيقًا فِي الثَّانِيَةِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى تَحْلِيلٍ، وَإِنْ رَقَّ بَعْدَهَا، سَوَاءٌ وَقَعَتْ بَعْدَ عِتْقِهِ أَمْ مَعَهُ أَمْ وَقَعَتْ وَشَكَّ فِي السَّابِقِ مِنْهُمَا، وَكَالرَّقِيقِ فِيمَا ذُكِرَ الْمُبَعَّضُ وَيَسْتَمِرُّ تَحْرِيمُ الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا مِنْ الْحُرِّ وَثِنْتَيْنِ مِنْ الْعَبْدِ. (إلَى إيلَاجِ) الْحَشَفَةِ أَوْ (قَدْرِ الْحَشَفَهْ) مِنْ مَقْطُوعِهَا، وَلَوْ بِحَائِلٍ كَخِرْقَةٍ مِمَّنْ يُمْكِنُ إيلَاجُهُ، وَلَوْ عَبْدًا أَوْ خَصِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ صَبِيًّا فِي قُبُلِ الْمُطَلَّقَةِ، وَلَوْ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ أَوْ عِدَّةِ شُبْهَةٍ أَوْ إحْرَامٍ، سَوَاءٌ كَانَ الْإِيلَاجُ مِنْهُ أَمْ مِنْهَا، وَلَوْ فِي حَالِ نَوْمِهَا أَوْ نَوْمِهِ، فَلَا يَكْفِي إدْخَالُ الْمَاءِ، وَلَا آلَةُ صَبِيٍّ لَا يُمْكِنُ إيلَاجُهُ، وَمَا قَالَهُ مَحَلُّهُ فِي الثَّيِّبِ، أَمَّا الْبِكْرُ فَأَدْنَاهُ أَنْ يَفْتَضَّهَا بِآلَتِهِ حَكَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ وَالْمَحَامِلِيُّ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَحَمَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ النَّصَّ عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ إزَالَتُهَا بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ، فَلَوْ كَانَتْ غَوْرَاءَ حَصَلَ تَحْلِيلُهَا بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ، وَإِنْ لَمْ تَزُلْ بَكَارَتُهَا. (مَعَ انْتِشَارٍ) لِلْآلَةِ وَلَوْ انْتِشَارًا ضَعِيفًا لِيَحْصُلَ ذَوْقُ الْعُسَيْلَةِ الْآتِي فِي الْخَبَرِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَنْتَشِرْ لِشَلَلٍ أَوْ عُنَّةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا
فَالْمُعْتَبَرُ الِانْتِشَارُ بِالْفِعْلِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَصَاحِبَا الْمُهَذَّبِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ وَقِيلَ بِالْقُوَّةِ وَمِمَّنْ نَقَلَهُمَا الرُّويَانِيُّ فَقَالَ: لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ أَهْلًا لِلْجِمَاعِ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا فِيهِ فَأَمَّا مَنْ لَا يَنْتَشِرُ ذَكَرُهُ، وَإِنَّمَا هُوَ كَالْخِرْقَةِ فَأَدْخَلَتْهُ بِإِصْبَعِهَا فَغَيْرُ مُبِيحٍ كَالطِّفْلِ، وَقِيلَ: إنْ كَانَ مِمَّنْ يَنْتَشِرُ ذَكَرُهُ أَبَاحَ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَشِرْ فَالْعِبْرَةُ بِإِيلَاجِ الْمُنْتَشِرِ. (فِي نِكَاحٍ صَحَّ)، وَلَوْ كَانَ النَّاكِحُ فِي الذِّمِّيَّةِ ذِمِّيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا أَوْ وَثَنِيًّا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ طَلَّقَهَا} [البقرة: 230] أَيْ: الثَّالِثَةَ " فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ " مَعَ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ «جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: كُنْتُ عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي فَتَزَوَّجْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ، وَإِنَّمَا مَعَهُ مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ فَقَالَ: أَتُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ» سُمِّي بِهَا الْوَطْءُ تَشْبِيهًا لَهُ بِالْعَسَلِ بِجَامِعِ اللَّذَّةِ، وَقِيسَ بِالْحُرِّ غَيْرُهُ بِجَامِعِ اسْتِيفَاءِ مَا يَمْلِكُهُ مِنْ الطَّلَاقِ، وَحِكْمَةُ ذَلِكَ التَّنْفِيرُ مِنْ اسْتِيفَاءِ عَدَدِ الطَّلَاقِ، وَلَا يَكْفِي الْإِيلَاجُ فِي حَالِ ضَعْفِ النِّكَاحِ بِأَنْ وَطِئَهَا فِي عِدَّةِ طَلَاقِهَا الرَّجْعِيِّ وَإِنْ رَاجَعَهَا أَوْ فِي عِدَّةِ الرِّدَّةِ، وَإِنْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ فِيهَا وَتُتَصَوَّرُ الْعِدَّةُ بِلَا دُخُولٍ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ أَوْ اسْتِدْخَالِ الْمَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ فِي فَصْلِ الْخِيَارِ، وَخَرَجَ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ الْإِيلَاجُ بِشُبْهَةٍ أَوْ بِمِلْكِ يَمِينٍ أَوْ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ، وَقَدْ ذَكَرَ مِنْ زِيَادَتِهِ الْأَوَّلَيْنِ صَرِيحًا بِقَوْلِهِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ: قَطْعًا لِيَتَنَاوَلَ قَوْلَهُ: أَمْ وَقَعَتْ وَشَكَّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَحَمَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ زَوَالِ الْبَكَارَةِ مُطْلَقًا م ر. (قَوْلُهُ: الْآتِي فِي الْخَبَرِ) يُرِيدُ لَذَّةَ الْجِمَاعِ لَا خُصُوصَ الْإِنْزَالِ بِرّ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَجُوسِيًّا) قَالَ فِي الرَّوْضِ فِي النِّكَاحِ: نُقِرُّهُمْ عَلَيْهِ عِنْدَ تَرَافُعِهِمْ إلَيْنَا. اهـ.
ــ
[حاشية الشربيني]
الْأَمَةَ ثَلَاثًا ثُمَّ اشْتَرَاهَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ الْوَطْءُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ حَتَّى يُحَلِّلَهَا كَمَا فِي الْأَنْوَارِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: إيلَاجُ قَدْرِ الْحَشَفَةِ) يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي التَّحْلِيلُ بِالْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ بِلَا خِلَافٍ فَمَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرِهِ لَا يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ وَلَا الْعَمَلُ بِهِ، وَلَوْ لِلشَّخْصِ نَفْسِهِ خُصُوصًا مَعَ النَّقْلِ عَنْهُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ وَأَنَّهُ قَالَ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَنْسُبَهُ إلَيَّ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: مِمَّنْ يُمْكِنُ إيلَاجُهُ) فِي ق ل يُشْتَرَطُ أَنْ يَبْلُغَ حَدًّا يُشْتَهَى لَكِنَّ عِبَارَةَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ كَالشَّرْحِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَبْدًا) أَيْ: بَالِغًا بِخِلَافِ الصَّغِيرِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُزَوَّجُ لِعَدَمِ الْمُجْبِرِ لَهُ. اهـ. ح ف. (قَوْلُهُ: أَوْ صَبِيًّا) أَيْ: عَاقِلًا، وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَزُلْ بَكَارَتُهَا) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي التَّحْلِيلِ مِنْ زَوَالِهَا، وَإِنْ كَفَى مُجَرَّدُ دُخُولِ الْحَشَفَةِ فِي تَقَرُّرِ الْمَهْرِ. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: أَوْ مَجُوسِيًّا) فَيَحِلُّ نِكَاحُ الْمَجُوسِيِّ الذِّمِّيَّةَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ. اهـ. شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: أَوْ فِي عِدَّةِ الرِّدَّةِ) كَأَنْ ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا وَوَطِئَهَا حَالَ الرِّدَّةِ. (قَوْلُهُ: وَتُتَصَوَّرُ الْعِدَّةُ إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِكَوْنِ الزَّوْجِ الثَّانِي ارْتَدَّ أَوْ طَلَّقَ رَجْعِيًّا
: (لَا) فِي وَطْءِ. (شُبْهَةٍ وَوَطْءِ مِلْكٍ) ، وَالثَّالِثُ إشَارَةٌ بِقَوْلِهِ. (مَثَلَا) وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ شُبْهَةٍ فَاسِدٍ
. (فُرُوعٌ)
لَوْ قَالَتْ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا نَكَحْتُ زَوْجًا وَوَطِئَنِي وَفَارَقَنِي وَاعْتَدَدْتُ قُبِلَ قَوْلُهَا عِنْدَ الِاحْتِمَالِ، وَإِنْ أَنْكَرَ الزَّوْجُ الثَّانِي وَصُدِّقَ فِي نَفْيِ الْمَهْرِ أَوْ نِصْفِهِ، وَلِلْأَوَّلِ نِكَاحُهَا، وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ صِدْقَهَا، فَإِنْ كَذَّبَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِكَاحُهَا
فَإِنْ قَالَ: بَعْدَهُ تَبَيَّنْتُ صِدْقَهَا فَلَهُ نِكَاحُهَا، وَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ كَذِبُهَا فَقِيلَ لَا تَحِلُّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهُوَ غَلَطٌ عِنْدَ الْأَصْحَابِ، وَقَدْ نَقَلَ الْإِمَامُ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى الْحِلِّ قَالَ: وَلَوْ كَذَّبَهَا الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ أَيْ: الثَّانِي وَالشُّهُودُ قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: لَمْ تَحِلَّ عَلَى الْأَصَحِّ وَخَالَفَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَصَحَّحَ الْحِلَّ قَالَ: وَبِهِ جَزَمَ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِقَوْلِهِ الشَّافِعِيُّ لَوْ ذَكَرَتْ أَنَّهَا نُكِحَتْ نِكَاحًا صَحِيحًا وَأُصِيبَتْ، وَلَا يَعْلَمُ حَلَّتْ لَهُ. اهـ. وَفِي الْمَطْلَبِ مَا يُوَافِقُهُ، وَلَوْ قَالَتْ: أَنَا لَمْ أَنْكِحْ ثُمَّ رَجَعَتْ وَقَالَتْ: كَذَبْتُ، بَلْ نَكَحْتُ زَوْجًا وَطِئَنِي وَطَلَّقَنِي وَاعْتَدَدْتُ وَأَمْكَنَ ذَلِكَ وَصَدَّقَهَا الزَّوْجُ، فَلَهُ نِكَاحُهَا، وَلَوْ قَالَتْ: طَلَّقَنِي ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَتْ: كَذَبْتُ مَا طَلَّقَنِي إلَّا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ فَلَهَا التَّزْوِيجُ بِهِ بِغَيْرِ تَحْلِيلٍ قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ، وَوَجْهُهُ أَنَّهَا لَمْ تُبْطِلْ بِرُجُوعِهَا حَقًّا لِغَيْرِهَا
(وَ) حُرِّمَ عَلَى الرَّجُلِ. (مِلْكُهُ) أَيْ: نِكَاحُ مَمْلُوكَتِهِ إذْ الْمِلْكُ أَقْوَى مِنْ النِّكَاحِ؛ لِإِفَادَتِهِ مِلْكَ الرَّقَبَةِ وَالْمَنْفَعَةِ، وَالنِّكَاحُ لَا يُفِيدُ إلَّا ضَرْبًا مِنْ الْمَنْفَعَةِ، وَيَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُهُمَا لِتَنَاقُضِ حُكْمَيْهِمَا، إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا يَقْتَضِي مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْآخَرُ فَسَقَطَ الْأَضْعَفُ بِالْأَقْوَى (وَ) حُرِّمَ عَلَى الْمَرْأَةِ. (مِلْكُهَا) أَيْ: نِكَاحُ مَمْلُوكِهَا؛ لِاقْتِضَاءِ الْمِلْكِ طَاعَةَ الْعَبْدِ لِسَيِّدَتِهِ، وَالنِّكَاحِ طَاعَتَهَا لَهُ وَيَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُهُمَا فَسَقَطَ الْأَضْعَفُ بِالْأَقْوَى. (وَلِلَّذِي كَاتَبَهُ) عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ بِالْإِضَافَةِ الْمُقَدَّرَةِ بِاللَّامِ أَيْ: وَحُرِّمَ عَلَى الرَّجُلِ نِكَاحُ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ وَلِمُكَاتَبِهِ وَعَلَى الْمَرْأَةِ نِكَاحُ الْمَمْلُوكِ لَهَا وَلِمُكَاتَبِهَا؛ لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ فِي رَقَبَةِ مُكَاتَبِهِ وَمَا بِيَدِهِ شُبْهَةَ الْمِلْكِ، وَلِهَذَا تَصِيرُ أَمَةُ مُكَاتَبِهِ مُسْتَوْلَدَةً لَهُ بِإِيلَادِهِ لَهَا.
(وَفَرْعِهِ لِلْحُرِّ) أَيْ: وَحُرِّمَ عَلَى الْحُرِّ مَمْلُوكَةُ فَرْعِهِ، وَإِنْ سَفَلَ؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهَا شُبْهَةً تُسْقِطُ الْحَدَّ كَالْمُشْتَرَكَةِ؛ وَلِأَنَّهَا تَصِيرُ بِإِيلَادِهِ لَهَا مُسْتَوْلَدَةً لَهُ كَأَمَتِهِ وَخَرَجَ بِالْحُرِّ الرَّقِيقُ وَالْحُرَّةُ، فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا مِلْكُ فَرْعِهِمَا لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ التَّحْرِيمِ، وَهِيَ وُجُوبُ الْإِعْفَافِ وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ: مِنْ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْحُرَّةِ مِلْكُ فَرْعِهَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إعْفَافُهَا، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ: مِنْ زِيَادَتِهِ (ذِي) عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ. (بَدْءًا) مُعْتَبَرٌ فِي مَسْأَلَةِ الْفَرْعِ دُونَ مَا قَبْلَهَا أَيْ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَحَلُّهَا فِي الِابْتِدَاءِ لَا فِي الدَّوَامِ، فَلَوْ نَكَحَ الْحُرُّ أَمَةً
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لَوْ قَالَتْ: الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا إلَخْ) فِي الْأَنْوَارِ وَفَتَاوَى شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ادَّعَتْ طَلَاقًا مِنْ نِكَاحِ زَوْجٍ مُعَيَّنٍ لَمْ يُزَوِّجْهَا الْحَاكِمُ حَتَّى تُثْبِتَهُ، فَإِنْ زَوَّجَهَا قَبْلَ الْإِثْبَاتِ حُكِمَ بِبُطْلَانِهِ، فَإِنْ أُقِيمَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهَا كَانَتْ حِلًّا لِلتَّزْوِيجِ حَالَ الْعَقْدِ تَبَيَّنَّا صِحَّتَهُ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَتَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ لَيْسَ بِحُكْمٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَلَهُ اعْتِمَادُ قَوْلِهَا بِخِلَافِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ فَإِنَّ لَهُ اعْتِمَادَ قَوْلِهَا وَتَزْوِيجَهَا فِي الْحَالَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَصُدِّقَ فِي نَفْيِ الْمَهْرِ) بِأَنْ أَنْكَرَ أَصْلَ النِّكَاحِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ نِصْفِهِ بِأَنْ أَنْكَرَ الدُّخُولَ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ كَذِبُهَا إلَخْ) اُنْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ آنِفًا، فَإِنْ كَذَّبَهَا؟ فَإِنْ قِيلَ: صُورَةُ تِلْكَ أَنَّهُ كَذَّبَهَا لَفْظًا بِخِلَافِ هَذِهِ قُلْنَا: فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ هُنَاكَ: لَمْ يَكُنْ لَهُ نِكَاحُهَا أَيْ: فِي الظَّاهِرِ وَيَحِلُّ لَهُ بَاطِنًا، وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ؟ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحْصُولَ مَا ذَكَرَهُ فِي جَوَابِ السُّؤَالِ هُوَ مُرَادُهُمْ. (قَوْلُهُ: لَمْ تَحِلَّ عَلَى الْأَصَحِّ) كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، نَعَمْ فِي التَّهْذِيبِ لَوْ كَذَّبَهَا الزَّوْجُ وَالشُّهُودُ حَلَّتْ وَلَا يَرِدُ ذَلِكَ عَلَى الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا مُنِعَ عِنْدَ تَكْذِيبِ الثَّلَاثَةِ ح ج. (قَوْلُهُ: وَفِي الْمَطْلَبِ مَا يُوَافِقُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَفْقَهُ وَأَحْوَطُ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ لَا شَاهِدَ فِيهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَخْ) ، وَلَوْ طَرَأَ الْمِلْكُ فِي دَوَامِ النِّكَاحِ قَطَعَهُ كَمَا سَيَأْتِي بِخِلَافِ طُرُوُّ مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمَنَافِعِ فِي الْإِيجَارِ أَقْوَى مِنْهُ فِي النِّكَاحِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجِبُ تَسْلِيمُ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ، وَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُ الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ، وَأَيْضًا السَّيِّدُ فِي الْأَمَةِ الْمُزَوَّجَةِ مَالِكٌ لِرَقَبَتِهَا وَلِمَنْفَعَةِ بَعْضِهَا بِدَلِيلِ أَنَّ مَهْرَ الشُّبْهَةِ لَهُ، وَقَدْ نَقَلَهُمَا لِلزَّوْجِ بِالتَّمْلِيكِ فَيَبْطُلُ النِّكَاحُ بِرّ. (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ إلَخْ) وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِي جَوَازِ مِثْلِ هَذَا الْعَطْفِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ مَمْلُوكَةُ فَرْعِهِ) كَذَا أَطْلَقَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَشَمَلَ الْفَرْعَ الْمُوسِرَ وَالْمُعْسِرَ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْعُبَابِ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَبْلَ الدُّخُولِ ثَمَّ وَطِئَ مَعَ أَنَّ الرِّدَّةَ وَالطَّلَاقَ قَبْلَ الدُّخُولِ يُنَجِّزَانِ الْفُرْقَةَ. اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ: قَبْلَ قَوْلِهَا) أَيْ: بِيَمِينِهَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي قَبُولِهِ فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَحَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فِي وَطْءِ الْمُحَلِّلِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ صِدْقَهَا) ، بَلْ، وَإِنْ ظَنَّ كَذِبَهَا حَيْثُ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ، وَلَوْ غَلَبَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَذَّبَهَا إلَخْ) قَالَ عَمِيرَةُ: لَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ التَّصْرِيحِ وَعَدَمِهِ الْحِلُّ فِي الظَّاهِرِ عِنْدَ عَدَمِهِ دُونَ التَّصْرِيحِ فَتَحِلُّ عِنْدَهُ بَاطِنًا. اهـ مِنْ هَامِشِ شَرْحِ الْبَهْجَةِ، وَهُوَ فِي الْحَاشِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ غَلَطٌ) لَكِنَّ نِكَاحَهَا حِينَئِذٍ مَكْرُوهٌ كَمَا فِي الْأَنْوَارِ، وَإِنَّمَا صَحَّ مَعَ ظَنِّ الْكَذِبِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِقَوْلِ أَرْبَابِهَا حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَذَّبَهَا الْوَلِيُّ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ كَذَّبَهَا اثْنَانِ مِنْهُمْ فَتَحِلُّ. اهـ. م ر وق ل وَالْمُرَادُ اثْنَانِ غَيْرَ الزَّوْجِ لِمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: قَالَ الْمَرُّوذِيُّ) : ضُبِطَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَالذَّالِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ قَالَ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيِّ: وَتَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ فِي مَبْحَثِ الْكَفَاءَةِ وَذَكَرَ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيِّ إلَخْ كِلَاهُمَا بِالزَّايِ وَالْمَعْرُوفُ بِالذَّالِ الْمَرْوَرُوذِيُّ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَتْ: أَنَا لَمْ أَنْكِحْ إلَخْ)، وَلَوْ قَالَتْ: نَكَحْتُ وَوَطِئَنِي وَطَلَّقَنِي ثُمَّ رَجَعْتُ قُبِلَتْ إنْ كَانَ قَبْلَ عَقْدِ الزَّوْجِ لَا بَعْدَهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهَا لَمْ تَبْطُلْ إلَخْ) قِيلَ: إنَّهَا أَبْطَلَتْ حَقَّ اللَّهِ، وَهُوَ التَّحْلِيلُ وَرُدَّ بِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ يُسَوِّغُ لِمُدَّعِيهِ الرُّجُوعَ عَنْهُ قَالَهُ الطَّنْدَتَائِيُّ
(قَوْلُهُ: نِكَاحُ مَمْلُوكَتِهِ) أَيْ: وَلَوْ مِلْكًا غَيْرَ تَامٍّ بِأَنْ كَانَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ
ثُمَّ مَلَكَهَا فَرْعُهُ لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ إذْ الدَّوَامُ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَلَكَهَا هُوَ لِمَا مَرَّ فِي تَحْرِيمِ نِكَاحِ مَمْلُوكَتِهِ ابْتِدَاءً وَمَلَكَهَا مُكَاتَبَةً؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَهُ بِمِلْكِ مُكَاتَبِهِ فَوْقَ تَعَلُّقِ الْأَبِ بِمِلْكِ فَرْعِهِ فَأَشْبَهَ حُدُوثَ مِلْكِ نَفْسِهِ فَلَوْ أَوْلَدَهَا الْأَبُ بَعْدَ أَنْ مَلَكَهَا فَرْعُهُ قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُونَ لِرِضَاهُ بِرِقِّ وَلَدِهِ حِينَ نَكَحَهَا؛ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ ثَابِتٌ فَهُوَ وَاطِئٌ بِهِ لَا بِشُبْهَةِ الْمِلْكِ وَيَجُوزُ نِكَاحُ مَمْلُوكَةِ فَرْعِهِ مِنْ الرَّضَاعِ (وَلَوْ) كَانَ كُلٌّ مِنْ مِلْكِهِ وَمِلْكِهَا وَمِلْكِ مُكَاتَبِهِمَا وَمِلْكِ فَرْعِهِ. (بَعْضًا) ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا، سَوَاءٌ كَانَ بَعْضُهُ الْآخَرُ حُرًّا أَمْ مِلْكَ غَيْرِهِ
. (وَلَوْ كَانَ الَّذِي يَنْكِحُهَا) أَيْ: يَنْكِحُ أَمَتَهُ. (عَلَّقَ سَبْقَ عِتْقِ ذِي) أَيْ: أَمَتِهِ. (بِهِ) أَيْ: بِنِكَاحِهَا (كَأَنْ يَقُولَ: إنْ نَكَحْتُكِ بِصِحَّةٍ فَقَبْلَهُ أَعْتَقْتُكِ) يَعْنِي إنْ نَكَحْتُكِ نِكَاحًا صَحِيحًا فَأَنْتِ عَتِيقَةٌ قَبْلَهُ. (ثُمَّ النِّكَاحُ بَعْدَ هَذَا) الْقَوْلِ. (يَجْرِي) بَيْنَهُمَا، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ، فَلَا يَصِحُّ لِتَوَقُّفِ صِحَّتِهِ عَلَى حُصُولِ الْعِتْقِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهَا وَعَلَّلَهُ الشَّيْخَانِ بِأَنَّهُ فِي حَالِ النِّكَاحِ شَاكٌّ فِي حُرِّيَّتِهَا فَصَارَ كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْت حُرَّةٌ قَبْلَهُ لِشَهْرٍ وَأَرَادَ نِكَاحَهَا فِي الْحَالِ، وَذِكْرُهُمَا الشَّهْرَ فِي هَذِهِ مِثَالٌ كَذِكْرِ الْيَوْمِ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ فِي تِلْكَ فَيَكْفِي أَنْ يَقُولَ: فَأَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَهُ
وَقَوْلُهُمَا: فِي الْحَالِ مِثَالٌ، وَأَيْضًا الْمُرَادُ أَنَّهُ أَرَادَ نِكَاحَهَا قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ دُخُولِ الدَّارِ، وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّظْمِ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِالنِّكَاحِ الْعِتْقَ لَا سَبْقَهُ كَقَوْلِكَ إنْ نَكَحْتُكِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ أَيْضًا، وَلَا خِلَافَ فِيهِ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى مَسْأَلَةِ تَعْلِيقِ سَبْقِهِ لِلْخِلَافِ فِيهَا، فَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ: بِصِحَّتِهِ فِيهَا وَجَعَلَ ذَلِكَ حِيلَةً لِوُثُوقِ السَّيِّدِ بِإِعْتَاقِهِ أَمَتَهُ وَنِكَاحِهِ لَهَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ لَا تُوَافِقُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ عَلَى التَّزْوِيجِ، وَالتَّصْوِيرُ بِقَوْلِهِ كَأَنْ يَقُولُ: إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ
(وَأَمَتَيْنِ) أَيْ: جَمْعُهُمَا فِي النِّكَاحِ. (حَرَّمُوا لِلْحُرِّ) أَيْ: عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ لِلضَّرُورَةِ، وَهِيَ تَنْدَفِعُ بِوَاحِدَةٍ. (وَ) حُرِّمَ عَلَى الْحُرِّ. (بَدْؤُهُ) نِكَاحًا (لِأَمَةٍ لَوْ حُرَّهْ) تَصْلُحُ لِلتَّمَتُّعِ (حَصَّلَ) أَيْ: نَكَحَهَا لِاسْتِغْنَائِهِ حِينَئِذٍ عَنْ إرْقَاقِ وَلَدِهِ بِخِلَافِ مَنْ لَا تَصْلُحُ لَهُ بِأَنْ لَا يَتَيَسَّرَ التَّمَتُّعُ بِهَا كَطِفْلَةٍ وَهَرِمَةٍ وَغَائِبَةٍ وَمَجْنُونَةٍ وَمَجْذُومَةٍ وَبَرْصَاءَ وَرَتْقَاءَ وَقَرْنَاءَ وَمُضْنَاةٍ لَا تَحْتَمِلُ الْجِمَاعَ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ تَبَعًا لِتَصْحِيحِ الْمُهَذَّبِ وَالْقَاضِي وَلِقَطْعِ ابْنِ الصَّبَّاغِ
ــ
[حاشية العبادي]
أَمَةُ فَرْعِهِ النَّسِيبِ، وَإِنْ سَفَلَ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْهُ إعْفَافُهُ اهـ وَقَيَّدَهُ ح ج وم ر بِالْمُوسِرِ قَالَا: لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُ بِخِلَافِ الْمُعْسِرِ
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ أَنَّهُ أَرَادَ نِكَاحَهَا قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ) إذْ لَا يُمْكِنُ حُصُولُ الْعِتْقِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَحُرِّمَ عَلَى الْحُرِّ إلَخْ) خَرَجَ الرَّقِيقُ وَسَيَأْتِي قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَلَا بُدَّ فِي نِكَاحِ الْحُرِّ الْكِتَابِيِّ الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ مِنْ أَنْ يَخَافَ زِنًا وَيَفْقِدَ الْحُرَّةَ كَمَا فَهِمَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ كَلَامِهِمْ اهـ وَفِي هَامِشِ الْمُحَلَّى بِخَطِّ شَيْخِنَا مَا نَصُّهُ " هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ أَمْنَ الزِّنَا وَالْيَسَارِ إذَا قَارَنَا عَقْدَ الْكَافِرِ ثُمَّ أَسْلَمَ لَا يَقْدَحُ إلَّا إنْ كَانَ مُقَارِنًا بَعْدَ ذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ الْإِسْلَامَيْنِ " فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي حَقِّ الْكَافِرِ، وَإِلَّا لَأَثَّرَ عِنْدَ مُقَارَنَةِ الْعَقْدِ مَعَ أَحَدِ الْإِسْلَامَيْنِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُفْسَدَاتِ كَالْعِدَّةِ وَنَحْوِهَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَمَةٍ) يَشْمَلُ الصَّغِيرَةَ وَالْأَيِسَةَ وَمَنْ عَلَّقَ سَيِّدُهَا عِتْقَ أَوْلَادِهَا بِصِفَةٍ كَوِلَادَتِهَا، وَوَجْهُ هَذَا انْعِقَادُ الْأَوْلَادِ عَلَى الرِّقِّ. (قَوْلُهُ: كَطِفْلَةٍ وَهَرِمَةٍ إلَخْ) وَكَمُعْتَدَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا فِي الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَغَائِبَةٍ) يَنْبَغِي ضَبْطُ الْغَيْبَةِ بِمَا يَأْتِي فِي الْغَائِبَةِ الَّتِي لَيْسَتْ تَحْتَهُ. (قَوْلُهُ: كَمَا رَجَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ بِخِلَافِ مَنْ لَا يَصْلُحُ
ــ
[حاشية الشربيني]
لِلْمُشْتَرِي لِوُجُودِ الْمِلْكِ، وَلَوْ مُزَلْزَلًا بِخِلَافِ طُرُوُّ الْمِلْكِ عَلَى النِّكَاحِ فَلَا يُبْطِلُهُ إلَّا إنْ كَانَ تَامًّا، وَالْفَرْقُ أَنَّهُ دَوَامٌ وَفِي الْأَوَّلِ ابْتِدَاءٌ فَيُحْتَاطُ لَهُ فَيَبْطُلُ النِّكَاحُ لِوُجُودِ الْمِلْكِ فِي الْجُمْلَةِ فَلَوْ فُسِخَ الشِّرَاءُ لَمْ يَتَبَيَّنْ صِحَّةُ النِّكَاحِ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ: فِيمَا بَعْدُ كَذَا فَرَّقَ ع ش فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ مَلَكَهَا هُوَ) أَيْ: يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَمْلِكَهَا مِلْكًا تَامًّا أَيْ: لَا خِيَارَ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ: إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُوَافِقُ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْفَوَائِدَ الْحَاصِلَةَ فِي زَمَنِهِ لِمَنْ انْفَرَدَ بِهِ. اهـ. ق ل أَمَّا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لَهُمَا فَلَا مِلْكَ أَصْلًا. اهـ. رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ مَلَكَهَا إلَخْ) أَيْ: مِلْكًا تَامًّا لَا خِيَارَ فِيهِ لَهُ فَلَوْ مَلَكَهَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ ثُمَّ فَسَخَ فَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّهُ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ
وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ؛ لِأَنَّهَا لَا تُغْنِيهِ فَوُجُودُهَا كَعَدَمِهَا وَرَجَّحَ فِي الْمُحَرَّرِ تَبَعًا لِقَطْعِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَالْبَغَوِيِّ أَنَّهَا كَالصَّالِحَةِ لِلتَّمَتُّعِ فَلَا يَنْكِحُ الْأَمَةَ حَتَّى تَبِينَ مِنْهُ لِمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ الْحَسَنِ مُرْسَلًا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «نَهَى أَنْ تُنْكَحَ الْأَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ» قَالَ: وَهُوَ، وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا فَهُوَ فِي مَعْنَى الْقُرْآنِ حَيْثُ وَافَقَهُ فِي النَّهْيِ وَمَعَهُ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ اهـ وَالْأَوَّلُ يَحْمِلُهُ عَلَى حُرَّةٍ تَصْلُحُ لِلتَّمَتُّعِ (أَوْلَهُ عَلَيْهَا) أَيْ: الْحُرَّةِ. (قَدْرَهْ) بِأَنْ يَجِدَهَا وَيَجِدَ صَدَاقَهَا فَاضِلًا عَمَّا يَحْتَاجُهُ مِنْ مَسْكَنِهِ وَخَادِمِهِ وَلِبَاسِهِ وَمَرْكُوبِهِ وَنَحْوِهَا أَوْ يَجِدَهَا بِوُجُوبِ الْإِعْفَافِ عَلَى وَلَدِهِ لِمَفْهُومِ الْآيَةِ الْآتِيَةِ
وَقَدْ صَرَّحَ بِمَسْأَلَةِ الْإِعْفَافِ فِي فَصْلِ الْخِيَارِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: بَدْؤُهُ مَا لَوْ نَكَحَ أَمَةً ثُمَّ قَدَرَ عَلَى حُرَّةٍ، فَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُ الْأَمَةِ لِقُوَّةِ الدَّوَامِ عَلَى الِابْتِدَاءِ. (وَلَوْ) كَانَتْ الْحُرَّةُ الَّتِي تَحْتَهُ أَوْ يَقْدِرُ عَلَيْهَا. (كِتَابِيَّةً)، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ لِمَا مَرَّ وَذِكْرُ الْمُؤْمِنَاتِ فِي الْآيَةِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ الْمُؤْمِنَ إنَّمَا يَرْغَبُ فِي الْمُؤْمِنَةِ وَمِنْ أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ مَهْرِ الْمُؤْمِنَةِ عَجَزَ عَنْ مَهْرِ الْكِتَابِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَرْضَى بِالْمُؤْمِنِ إلَّا بِمَهْرٍ كَثِيرٍ. (أَوْ) كَانَتْ حُرَّةً (مَنْ) أَيْ: الَّتِي (بِأَقَلْ مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ قَنِعَتْ) مِنْهُ، وَهُوَ يَجِدُهُ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ وَالْمِنَّةُ بِالنَّقْصِ فِيهِ قَلِيلَةٌ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي الْمُهُورِ وَنَظِيرُهُ مَا إذَا وَجَدَ الْمَاءَ بِثَمَنٍ بَخْسٍ لَا يَتَيَمَّمُ (لَا) إنْ قَنَعَتْ بِمَهْرٍ (ذِي أَجَلٍ) أَيْ: مُؤَجَّلٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ حَالًا، وَإِنْ تَوَقَّعَ قُدْرَتَهُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَحَلِّ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ تَشْتَغِلُ فِي الْحَالِ، وَقَدْ يَعْجَزُ عَمَّا يَتَوَقَّعُهُ، وَفُهِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى عَدَمُ اعْتِبَارِ قُدْرَتِهِ بِالْقَرْضِ إذْ لَا أَجَلَ فِيهِ. (وَلَا الَّتِي غَابَتْ) عَنْ بَلَدِهِ غِيَابًا. (بَعِيدًا) بِأَنْ تَلْحَقَهُ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ فِي قَصْدِهَا أَوْ خَافَ زِنًا مُدَّتَهُ، فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُ الْأَمَةِ، وَضَبَطَ الْإِمَامُ الْمَشَقَّةَ بِأَنْ يُنْسَبَ مُتَحَمِّلُهَا فِي طَلَبِ الزَّوْجَةِ إلَى الْإِسْرَافِ وَمُجَاوَزَةِ الْحَدِّ، فَإِنْ انْتَفَتْ الْمَشَقَّةُ وَخَوْفُ الزِّنَا حُرِّمَتْ الْأَمَةُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَمَحَلُّهُ إذَا أَمْكَنَ انْتِقَالُ الْحُرَّةِ مَعَهُ إلَى وَطَنِهِ، وَإِلَّا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَالْمَعْدُومَةِ لِمَا فِي تَكْلِيفِهِ الْمُقَامَ مَعَهَا هُنَاكَ مِنْ التَّغَرُّبِ، وَالرُّخْصَةُ لَا تَحْتَمِلُ هَذَا التَّضْيِيقَ.
(وَ) لَا. (الَّتِي غَالَتْ) فِي الْمَهْرِ أَيْ: طَلَبَتْ زَائِدًا عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا، وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَجِبُ شِرَاءُ الْمَاءِ لِلطُّهْرِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ، كَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ: وَقَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: هَذَا إنْ كَانَ الزَّائِدُ يُعَدُّ بَذْلُهُ إسْرَافًا، وَإِلَّا فَتَحْرُمُ الْأَمَةُ، وَفَرَّقَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَاءِ الطُّهْرِ بِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْمَاءِ تَتَكَرَّرُ وَعَلَى هَذَا جَرَى النَّوَوِيُّ فِي تَنْقِيحِهِ، وَلَا يَمْنَعُهُ أَيْضًا مِنْ الْأَمَةِ قُدْرَتُهُ عَلَى الْمُفَوِّضَةِ لِوُجُوبِ مَهْرِهَا عَلَيْهِ بِالْوَطْءِ؛ وَلِأَنَّ لَهَا أَنْ تُطَالِبَهُ بِالْفَرْضِ فِي الْحَالِ فَتَشْتَغِلَ ذِمَّتُهُ، وَلَا قُدْرَةَ لَهُ. (وَ) لَا إنْ كَانَتْ (رَتْقَا) أَوْ قَرْنَاءَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِلتَّمَتُّعِ
. (وَ) حُرِّمَ أَيْضًا بَدْؤُهُ نِكَاحَ أَمَةٍ (بِأَمْنِ) أَيْ: مَعَ أَمْنِ. (الْعَنَتِ) أَيْ: الزِّنَا لِضَعْفِ شَهْوَةٍ أَوْ لِقُوَّةِ تَقْوَى أَوْ مُرُوءَةٍ أَوْ نَحْوِهَا كَقُدْرَتِهِ عَلَى التَّسَرِّي كَمَا سَيَأْتِي وَأَصْلُ الْعَنَتِ الْمَشَقَّةُ سُمِّيَ بِهِ الزِّنَا؛ لِأَنَّهُ سَبَبُهَا بِالْحَدِّ فِي الدُّنْيَا وَالْعُقُوبَةِ فِي الْأُخْرَى بِخِلَافِ مَنْ خَافَ الْعَنَتَ، وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ وُقُوعُهُ بَلْ تَوَقَّعَهُ لَا عَلَى نُدُورٍ، وَيَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ إذْ لَمْ يَنْكِحْ حُرَّةً، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا} [النساء: 25] إلَى قَوْلِهِ {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: 25]، وَالطَّوْلُ السَّعَةُ وَالْمُرَادُ بِالْمُحْصَنَاتِ الْحَرَائِرُ قَالَ الْإِمَامُ وَالْمُتَوَلِّي: وَلَيْسَ لِلْمَجْبُوبِ نِكَاحُ أَمَةٍ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الزِّنَا وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: لَهُ وَلِلْخَصِيِّ ذَلِكَ عِنْدَ خَوْفِ الْوُقُوعِ فِي الْفِعْلِ الْمُؤْثِمِ؛ لِأَنَّ الْعَنَتَ الْمَشَقَّةُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا قَالَ الْقَاضِي: وَلَيْسَ لِلْعِنِّينِ ذَلِكَ وَفِي الْقَوَاعِدِ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي جَوَازُ ذَلِكَ لِلْمَمْسُوحِ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ الْوَلَدَ لَا يَلْحَقُهُ.
(وَلَوْ تَسَرِّيًا) أَيْ: وَلَوْ كَانَ الْأَمْنُ بِالتَّسَرِّي، فَإِنَّهُ لَا يَنْكِحُ الْأَمَةَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ خَائِفٍ مِنْ الْعَنَتِ، وَلَوْ مَلَكَ أَمَةً مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ فَإِنْ وَفَّتْ قِيمَتُهَا بِمَهْرِ حُرَّةٍ أَوْ ثَمَنِ أَمَةٍ يَتَسَرَّاهَا حُرِّمَ عَلَيْهِ نِكَاحُ الْأَمَةِ، وَإِلَّا، فَلَا وَكَالْأَمَةِ فِيمَا ذَكَرَ الْمُبَعَّضَةُ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ خِلَافَهُ، وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسَرِّي تَمْنَعُ نِكَاحَ الْأَمَةِ عَقَّبَهُ بِذِكْرِ مَنْ يَحِلُّ وَطْؤُهَا
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ لَا إنْ قَنَعَتْ بِمَهْرٍ ذِي أَجَلٍ إلَخْ) وَلَا إنْ وُجِدَ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ بِأُجْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ تَفِي بِصَدَاقِهَا أَوْ مَنْ يَبِيعُهُ نَسِيئَةَ مَا يَفِي بِهِ أَوْ مَنْ يُقْرِضُهُ أَوْ يَهَبُ لَهُ كَمَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ كَغَيْرِهِمَا. (قَوْلُهُ: إذَا أَمْكَنَ انْتِقَالُ الْحُرَّةِ مَعَهُ) أَيْ: بِأَنْ كَانَتْ تُجِيبُ إلَى الِانْتِقَالِ أَوْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى إجْبَارِهَا عَلَيْهِ بِالْحَاكِمِ أَوْ بِدُونِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ إلَخْ) بِأَنْ كَانَتْ لَا تُجِيبُ لِلِانْتِقَالِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى إجْبَارِهَا عَلَيْهِ، وَلَوْ بِالْحَاكِمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: كَذَا قَالَهُ الْجُمْهُورُ) جَزَمَ بِهِ فِي الْمَنْهَجِ
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَنْ خَافَ الْعَنَتَ) أَيْ: عَلَى الْعُمُومِ حَتَّى لَوْ خَافَهُ مِنْ أَمَةٍ بِعَيْنِهَا لِحُبِّهِ لَهَا وَشِدَّةِ مَيْلِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ نِكَاحُهَا بِرّ وم ر
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْعِنِّينِ ذَلِكَ) يَنْبَغِي إلَّا أَنْ تُوجَدَ شُرُوطُ نِكَاحِ الْأَمَةِ م ر. (قَوْلُهُ يَنْبَغِي جَوَازُ ذَلِكَ لِلْمَمْسُوحِ مُطْلَقًا) الْمُعْتَمَدُ الْمَنْعُ م ر. (قَوْلُهُ: وَكَالْأَمَةِ فِيمَا ذَكَرَ الْمُبَعَّضَةُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَفِي نِكَاحِ الْمُحْصَنَةِ مَعَ تَيَسُّرِ الْمُبَعَّضَةِ تَرَدُّدٌ قَالَ فِي شَرْحِهِ: لِأَنَّ إرْقَاقَ بَعْضِ الْوَلَدِ أَهْوَنُ مِنْ إرْقَاقِ كُلِّهِ، وَعَلَى تَعْلِيلِ الْمَنْعِ الْمَذْكُورِ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّ تَخْفِيفَ الرِّقِّ مَطْلُوبٌ وَالشَّرْعُ مُتَشَوِّفٌ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: بِالْحَدِّ فِي الدُّنْيَا وَالْعُقُوبَةِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ فَلَا يُخَالِفُ الْمُعْتَمَدَ مِنْ أَنَّ الْحُدُودَ جَوَابِرُ أَوْ يُقَالُ: إنَّ الْعِقَابَ عَلَى الْإِقْدَامِ. اهـ. حَاشِيَةُ مَنْهَجٍ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ الرُّويَانِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر نَظَرًا لِعَدَمِ خَوْفِ الْعَنَتِ الَّذِي صَرَّحَتْ الْآيَةُ بِاشْتِرَاطِهِ. (قَوْلُهُ: جَوَازُ ذَلِكَ لِلْمَمْسُوحِ) قَالَ م ر: هُوَ خَطَأٌ فَاحِشٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِنَصِّ الْآيَةِ، وَهُوَ أَمْنُ الْعَنَتِ.
(قَوْلُهُ: الْمُبَعَّضَةُ) وَيَجِبُ تَقْدِيمُ قَلِيلَةِ الرِّقِّ عَلَى كَثِيرَتِهِ وَمَنْ عَلَّقَ حُرِّيَّةَ
بِالتَّسَرِّي، وَمَنْ لَا يَحِلُّ بِقَوْلِهِ
(وَمُسْلِمٌ مَلَكَ ذَاتَ كِتَابٍ) أَيْ: كِتَابِيَّةً (قُلْ) لَهُ (يَجُوزُ الْوَطْءُ لَكْ) أَيْ: وَطْؤُهَا. (دُونَ) وَطْءِ. (الْمَجُوسِيَّةِ أَوْ ذَاتِ الْوَثَنْ) اعْتِبَارًا بِالنِّكَاحِ. (وَحُرَّةٍ وَأَمَةٍ أَنْ يَجْمَعَنْ حُرٌّ) فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ. (أَوْ) يَجْمَعُ فِيهِ (الْحِلَّ وَغَيْرَ الْحِلِّ) كَأَجْنَبِيَّةٍ وَمَحْرَمٍ أَوْ مُسْلِمَةٍ وَوَثَنِيَّةٍ (يَصِحُّ) النِّكَاحُ. (فِي الْأُولَى) مِنْهُمَا، وَهِيَ الْحُرَّةُ وَالْحِلُّ. (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) دُونَ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ الْأَمَةُ وَغَيْرُ الْحِلِّ، سَوَاءٌ حُرِّمَ عَلَيْهِ نِكَاحُ الْأَمَةِ أَمْ حَلَّ كَأَنْ رَضِيَتْ الْحُرَّةُ بِتَأْجِيلِ الْمَهْرِ عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ؛ وَلِأَنَّ الْأَمَةَ كَمَا لَا تَدْخُلُ عَلَى الْحُرَّةِ لَا تُقَارِنُهَا، وَلَيْسَ هَذَا كَنِكَاحِ الْأُخْتَيْنِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْحُرَّةِ وَالْحِلِّ أَقْوَى مِنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ وَغَيْرِ الْحِلِّ، وَالْأُخْتَانِ لَيْسَ فِيهِمَا أَقْوَى فَبَطَلَ نِكَاحُهُمَا مَعًا، وَخَرَجَ بِالْحُرِّ الرَّقِيقُ وَالْمُبَعَّضُ فَلَهُمَا نِكَاحُ الْأَمَةِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ أَمَتَيْنِ وَبَيْنَ أَمَةٍ وَحُرَّةٍ مُطْلَقًا، وَالْآيَةُ وَالْخَبَرُ مَحْمُولَانِ عَلَى غَيْرِهِمَا بِالْمَعْنَى، وَقَدْ صَرَّحَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي قَوْلِهِ:(وَحُرُّ بَعْضٍ كَالرَّقِيقِ) حَتَّى. (لَوْ جَمَعْ لِحُرَّةٍ وَأَمَةٍ) بِزِيَادَةِ اللَّامِ أَيْ: لَوْ جَمَعَهُمَا فِي نِكَاحٍ (لَمَا امْتَنَعْ) ؛ لِأَنَّ مَا فِيهِ مِنْ الرِّقِّ حَطَّهُ عَنْ الْكَمَالِ
(وَ) أَمَّا (أَمَةُ الْكِتَابِ) أَيْ: الْأَمَةُ الْكِتَابِيَّةُ (دُونَ) أَمَةِ (مُسْلِمَهْ) مَمْلُوكَةٍ (لِذِي الْكِتَابِ) أَيْ: لِلْكِتَابِيِّ (فَلَنَا مُحَرَّمَهْ) أَيْ: فَنِكَاحُهَا مُحَرَّمٌ عَلَى الْمُسْلِمِ، سَوَاءٌ الْحُرُّ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا الْحُرُّ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25] ، وَأَمَّا غَيْرُهُ؛ فَلِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ نِكَاحِهَا كُفْرُهَا فَسَاوَى الْحُرَّ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُسْلِمِ مِنْ حُرٍّ وَعَبْدٍ يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَةِ الْكِتَابِيَّةِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الدِّينِ، أَمَّا الْأَمَةُ الْمُسْلِمَةُ الْمَمْلُوكَةُ لِلْكِتَابِيِّ فَيَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ نِكَاحُهَا لِحُصُولِ صِفَةِ الْإِسْلَامِ فِيهَا وَصَرَّحَ بِهَذَا، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّ فِيهِ وَجْهًا بِالْحُرْمَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ إرْقَاقِ الْوَلَدِ الْمُسْلِمِ لِلْكَافِرِ، وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ الْكِتَابِيِّ بِالْكَافِرِ كَانَ أَعَمَّ
(، وَإِنَّمَا حَلَّتْ) لَنَا (مِنْ الْكُفَّارِ مَنْ) هِيَ (مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى) الْمُرَادَيْنِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى
ــ
[حاشية العبادي]
لِلْحُرِّيَّةِ قَالَ وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَيْ: مِنْ هَذَا التَّرَدُّدِ بَنَاهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ وَلَدَ الْمُبَعَّضَةِ يَنْعَقِدُ مُبَعَّضًا، فَإِنْ قُلْنَا: يَنْعَقِدُ حُرًّا كَمَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ امْتَنَعَ نِكَاحُ الْأَمَةِ قَطْعًا. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: قِيَاسُ انْعِقَادِهِ حُرًّا أَنَّ الْمُبَعَّضَةَ كَالْحُرَّةِ فَيَجُوزُ نِكَاحُهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْحُرَّةِ الصَّالِحَةِ فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: وَأَمَةٌ وَحُرَّةٌ أَنْ يُجْمَعْنَ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ تَزَوَّجَ أَيْ: حُرٌّ أَمَتَيْنِ فِي عَقْدٍ بَطَلَ نِكَاحُهُمَا قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَإِنْ حَلَّتْ لَهُ الْأَمَةُ اهـ وَهَذِهِ تَقَدَّمَتْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَمَتَيْنِ حُرِّمُوا لِلْحُرِّ (قَوْلُهُ: كَأَنْ رَضِيَتْ إلَخْ) ضَبَّبَ يْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: حَلَّ. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) صَرِيحٌ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِ الشُّرُوطِ فِي الْمُبَعَّضِ وَتُصَرِّحُ بِهِ عِبَارَةُ الْمَتْنِ الْآتِيَةُ آنِفًا. (قَوْلُهُ بِالْمَعْنَى) أَيْ: أَنَّهُ اسْتَنْبَطَ مِنْ النَّصِّ مَعْنًى خَصَّصَهُ، وَنُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ اسْتَنْبَطَ التَّخْصِيصَ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ} [النساء: 25] إذْ لَوْ كَانَ رَقِيقًا لَتَوَقَّفَ عَلَى إذْنِ أَهْلِهِ أَيْضًا بِرّ
(قَوْلُهُ:، وَإِنْ حَلَّتْ لَنَا) قَضِيَّةُ تَقْيِيدِهِ بِقَوْلِهِ: لَنَا الْحِلُّ لِلْكِتَابِيِّ مُطْلَقًا وَفِي شَرْحِ الْعِرَاقِيِّ مَا نَصُّهُ " وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ تَحْرِيمُهَا أَيْ: الْكَافِرَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ يَهُودِيَّةً وَلَا نَصْرَانِيَّةً عَلَى الْكِتَابِيِّ " أَيْضًا وَفِيهِ وَجْهَانِ فِي الْكِفَايَةِ وَهَلْ تَحْرُمُ الْوَثَنِيَّةُ عَلَى الْوَثَنِيِّ؟ قَالَ السُّبْكِيُّ يَنْبَغِي إنْ قُلْنَا؟ إنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ حُرِّمَتْ، وَإِلَّا، فَلَا حِلَّ وَلَا حُرْمَةَ فَعَلَى التَّحْرِيمِ يَأْثَمُ بِوَطْئِهَا. اهـ
وَمَا نَقَلَهُ عَنْ السُّبْكِيّ نَازَعَ فِيهِ الشَّارِحُ فِي حَاشِيَتِهِ فَقَالَ: ظَاهِرُ
ــ
[حاشية الشربيني]
أَوْلَادِهَا بِوِلَادَتِهَا عَلَى غَيْرِهَا وَتَقْدِيمُ أَمَةِ أَبِيهِ عَلَى أَمَةِ أَجْنَبِيٍّ لِلْحُكْمِ بِعِتْقِهِ عَلَى أَبِيهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ
(قَوْلُهُ: فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ) أَمَّا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُكَ بِنْتِي بِأَلْفٍ وَزَوَّجْتُكَ أَمَتِي بِمِائَةٍ فَقَبِلَ الْبِنْتَ ثُمَّ الْأَمَةَ أَوْ قَبِلَ الْبِنْتَ فَقَطْ صَحَّتْ الْبِنْتُ جَزْمًا فِي الصُّورَتَيْنِ، وَلَوْ قَدَّمَتْ الْأَمَةُ فِي تَفْصِيلِهِمَا إيجَابًا وَقَبُولًا صَحَّ نِكَاحُ الْبِنْتِ، وَكَذَا الْأَمَةُ فِيمَنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا إنْ قَبِلَ الْحُرَّةَ بَعْدَ صِحَّةِ نِكَاحِ الْأَمَةِ وَلَوْ فَصَلَ الْوَلِيُّ الْإِيجَابَ وَجَمَعَ الزَّوْجُ الْقَبُولَ أَوْ عَكْسُهُ فَكَتَفْصِيلِهِمَا فِي الْأَصَحِّ. اهـ. خ ط عَلَى الْمِنْهَاجِ وَحَجَرٍ وم ر. (قَوْلُهُ: دُونَ الثَّانِيَةِ) ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْحُرَّةُ صَالِحَةً لِلتَّمَتُّعِ لِمَا نَقَلَهُ سم عَنْ م ر فِي بَابِ نِكَاحِ الْمُشْرِكِ مِنْ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ حُرَّةٍ، وَلَوْ غَيْرَ صَالِحَةٍ وَأَمَةٍ بِعَقْدٍ لَا يَصِحُّ، وَلَوْ كَانَ هُوَ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى جَمْعِهِمَا فَمَا فِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ لَا وَجْهَ لَهُ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْأَمَةَ كَمَا لَا تَدْخُلُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ قَاصِرٌ لَا يُنَاسِبُ قَوْلَهُ سَابِقًا أَمْ حَلَّ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ امْتِنَاعِ دُخُولِهَا إنْ كَانَتْ الْحُرَّةُ صَالِحَةً. اهـ. ح ل. (قَوْلُهُ: فَلَهُمَا نِكَاحُ الْأَمَةِ) إلَّا أَنْ تَكُونَ كِتَابِيَّةً وَهُوَ مُسْلِمٌ حَجَرٌ
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا حَلَّتْ لَنَا) أَيْ: نِكَاحًا أَوْ تَسَرِّيًا فَلَا يَحِلُّ نِكَاحُ غَيْرِهَا وَلَا التَّسَرِّي بِهَا. اهـ. ق ل عَلَى
{إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} [الأنعام: 156] ذِمِّيَّةً كَانَتْ أَوْ حَرْبِيَّةً بِخِلَافِ عَبَدَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالصُّوَرِ وَالنُّجُومِ وَالْمُعَطِّلَةِ وَالزَّنَادِقَةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ وَالْمَجُوس قَالَ تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5] أَيْ: حِلٌّ لَكُمْ وَقَالَ: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: 221] فَالْمُرَادُ مِنْ الْكِتَابِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ دُونَ سَائِرِ الْكُتُبِ قَبْلَهُمَا كَصُحُفِ شِيثٍ وَإِدْرِيسَ وَإِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَنْزِلْ بِنَظْمٍ يُدْرَسُ وَيُتْلَى، وَإِنَّمَا أُوحِيَ إلَيْهِمْ مَعَانِيَهَا وَقِيلَ: لِأَنَّهَا حِكَمٌ وَمَوَاعِظُ لَا أَحْكَامٌ وَشَرَائِعُ وَفَرَّقَ الْقَفَّالُ بَيْنَ الْكِتَابِيَّةِ وَغَيْرِهَا بِأَنَّ غَيْرَهَا اجْتَمَعَ فِيهِ نَقْصَانِ: الْكُفْرُ فِي الْحَالِ وَفَسَادُ الدِّينِ فِي الْأَصْلِ، وَالْكِتَابِيَّةُ فِيهَا نَقْصٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ كُفْرُهَا فِي الْحَالِ.
(يُعْلَمَنْ قَدْ آمَنَ الْأَوَّلُ مِنْ آبَائِهَا مِنْ قَبْلِ تَحْرِيفٍ بِأَنْبِيَائِهَا) أَيْ: وَإِنَّمَا تَحِلُّ غَيْرُ الْإِسْرَائِيلِيَّة مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى إنْ
ــ
[حاشية العبادي]
كَلَامِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالصِّحَّةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ فِي صِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ، وَقَدْ قَالُوا لَوْ كَانَ تَحْتَهُ مَجُوسِيَّةٌ أَوْ وَثَنِيَّةٌ وَتَخَلَّفَتْ عَنْ الْإِسْلَامِ قَبْلَ الدُّخُولِ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ، أَوْ بَعْدَهُ فَلَا إلَّا أَنْ يَصْبِرَ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِيمَا قُلْتُهُ اهـ وَمِمَّا يُخَالِفُ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ قَوْلُهُمْ: لِلسَّيِّدِ تَزْوِيجُ أَمَتِهِ الْكَافِرَةِ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ، وَلَوْ غَيْرَ كِتَابِيَّةٍ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي الْجِنْسِ الثَّالِثِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَنِكَاحُ الْحُرِّ الْمَجُوسِيِّ أَوْ الْوَثَنِيِّ مَعَ الْأَمَةِ الْمَجُوسِيَّةِ أَيْ: أَوْ الْوَثَنِيَّةِ كَالْكِتَابِيِّ الْأَمَةَ الْكِتَابِيَّةَ اهـ وَقَالَ: قِيلَ: ذَلِكَ لَا عَلَى كِتَابِيٍّ حُرٍّ أَوْ غَيْرِهِ أَيْ: لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْأَمَةُ الْكِتَابِيَّةُ اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ مُخَالَفَةُ الْكُفَّارِ لِلْمُسْلِمِينَ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ تَحْرِيمِ غَيْرِ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ، وَإِنْ كَانُوا مُخَاطَبِينَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ إذْ لَوْ اقْتَضَتْ مُخَاطَبَتُهُمْ ذَلِكَ لَاقْتَضَتْ تَحْرِيمَ الْأَمَةِ غَيْرِ الْكِتَابِيَّةِ عَلَيْهِمْ عَلَى أَنَّ مُخَاطَبَتَهُمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ لَا تَسْتَلْزِمُ مُسَاوَاتَهُمْ لَنَا فِي هَذَا الْفَرْعِ الْمَخْصُوصِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَفَسَادُ الدِّينِ فِي الْأَصْلِ)
ــ
[حاشية الشربيني]
الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَإِنَّمَا حَلَّتْ لَنَا) أَيْ: دُونَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا إذْ لَا يُنَاسِبُ أَنْ تَكُونَ الْكَافِرَةُ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَمَّا التَّسَرِّي بِهَا فَيَحِلُّ لَهُ صلى الله عليه وسلم لَكِنَّهُ لَمْ يَقَعْ فَإِنَّ تَسَرِّيَهُ بِصَفِيَّةَ وَرَيْحَانَةَ كَانَ بَعْدَ إسْلَامِهِمَا كَمَا عَلَيْهِ أَهْلُ السِّيَرِ وَاعْتَمَدَهُ ع ش.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا حَلَّتْ إلَخْ) أَيْ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5] أَيْ: حَلَّ لَكُمْ، وَالْمُرَادُ بِالْمُحْصَنَاتِ الْحَرَائِرُ كَمَا فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ. (قَوْلُهُ: وَالصُّوَرِ) أَيْ: الصُّوَرُ الْحَسَنَةُ لِزَعْمِهِمْ أَنَّ الْإِلَهَ قَدْ حَلَّ فِيهَا. (قَوْلُهُ: وَالْبَاطِنِيَّةِ) وَهُمْ فِرْقَةٌ مِنْ غُلَاةِ الشِّيعَةِ يَقُولُونَ: لِلْقُرْآنِ ظَاهِرٌ وَبَاطِنٌ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْبَاطِنُ فَقَطْ لَا الظَّاهِرُ الَّذِي يُعْلَمُ مِنْ اللُّغَةِ فَمَنْ تَمَسَّكَ بِظَاهِرِهِ يَكُونُ مُتْعِبًا لِنَفْسِهِ. اهـ. الْأَنْوَارُ وَحَوَاشِيهِ. (قَوْلُهُ: كَصُحُفِ شِيثٍ) هِيَ خَمْسُونَ وَصُحُفِ إدْرِيسَ ثَلَاثُونَ وَصُحُفِ إبْرَاهِيمَ عَشْرَةٌ وَالْعَشَرَةُ الْبَاقِيَةُ مِنْ الْمِائَةِ أُنْزِلَتْ عَلَى مُوسَى قَبْلَ التَّوْرَاةِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْله تَعَالَى {صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} [الأعلى: 19] . اهـ. ق ل بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَمْ تَنْزِلْ بِنَظْمٍ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ قِيلَ: لِأَنَّهَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَوْحَى إلَخْ) أَيْ: فَهِمُوا مَعَانِيَهَا بِإِلْهَامٍ مِنْ اللَّهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَوْحَى إلَيْهِمْ مَعَانِيَهَا) اعْتَرَضَهُ ق ل بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى إنْزَالًا فَيَبْطُلُ قَوْلُهُمْ: الْكُتُبُ الْمُنَزَّلَةُ مِنْ السَّمَاءِ؛ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ جَمِيعَ مَا يَقُولُهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَعْدُودٌ مِنْ كِتَابِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْطِقُ إلَّا عَنْ وَحْيٍ وَلَا قَائِلَ بِهِ، فَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ عَلَيْهِمْ بِأَلْفَاظٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إمَّا بِالْعَرَبِيَّةِ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ مِنْ قَوْلَيْنِ وَهُمْ يَعْرِفُونَهَا؛ لِأَنَّهَا مَرْكُوزَةٌ فِي طِبَاعِهِمْ أَوْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَلْهَمَهُمْ مَعَانِيَهَا؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَهَا فَعَبَّرُوا عَنْهَا بِأَلْفَاظٍ تُوَافِقُ لُغَةَ قَوْمِهِمْ، وَأَمَّا بِأَلْفَاظٍ مِنْ لُغَتِهِمْ لَكِنَّهُمْ لَمْ يُؤَمَّرُوا بِالتَّعَبُّدِ بِهَا أَيْ: بِخِلَافِ نَحْوِ التَّوْرَاةِ فَعَبَّرُوا عَنْهَا بِمَا يُوَافِقُ طِبَاعَ قَوْمِهِمْ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ. اهـ. وَقَوْلُهُ: فَعَبَّرُوا أَيْ: الْأَنْبِيَاءُ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَهُوَ رَاجِعٌ لِلِاحْتِمَالَيْنِ مَعْرِفَتُهُمْ لَهَا وَإِلْهَامُهُمْ مَعَانِيَهَا وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ غَيْرَهَا مِنْ الْكُتُبِ كَالتَّوْرَاةِ فَإِنَّهَا مُعَبِّرَةٌ بِأَلْفَاظِهَا النَّازِلَةِ لَكِنَّ هَذَا لَا يَظْهَرُ عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهَا كُلُّهَا نَزَلَتْ عَرَبِيَّةً ثُمَّ عُبِّرَ عَنْهَا بِاللُّغَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ فَلْيُحَرَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَفَسَادُ الدِّينِ فِي الْأَصْلِ) اسْتَشْكَلَ الْقَوْلُ بِالْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: نَزَلَ فَاسِدًا وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ فَاسِدٌ الْآنَ وَرُدَّ أَنَّ التَّوْرَاةَ وَنَحْوَهَا كَذَلِكَ، وَالْجَوَابُ بِأَنَّ تَمَسُّكَهُمْ بِهِ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُؤْمَرُوا بِاتِّبَاعِهِ فِيهِ نَظَرٌ. اهـ. ق ل فَلْيُتَأَمَّلْ. وَجْهُ النَّظَرِ وَفِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ قَوْلُهُ: وَفَسَادُ الدِّينِ يَعْنِي أَنَّهُمْ لَمَّا تَمَسَّكُوا بِمَا لَمْ يَنْزِلْ بِنَظْمٍ يُدَرَّسُ كَانَ بِمَثَابَةِ الدِّينِ الْفَاسِدِ أَوْ الْمُرَادُ بِالدِّينِ التَّمَسُّكُ أَيْ: وَفَسَادُ التَّمَسُّكِ. اهـ. وَهَذَا إنْ كَانَتْ أَحْكَامًا أُوحِيَتْ إلَيْهِمْ بِدُونِ أَلْفَاظٍ، فَإِنْ كَانَتْ حُكْمًا فَالتَّمَسُّكُ بِهَا كَلَا تَمَسُّكٍ، وَكَوْنُهَا بِمَنْزِلَةِ الدِّينِ الْفَاسِدِ لِعَدَمِ الْأَصْلِ فِيمَا يُتَمَسَّكُ بِهِ، وَهُوَ الْأَلْفَاظُ، وَمِثْلُهُ يُقَالُ: فِي فَسَادِ التَّمَسُّكِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: يَعْلَمْنَ) أَيْ: بِعَدَدِ التَّوَاتُرِ أَوْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ لَا بِقَوْلِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ م ر قَالَ سم: وَعَدَمُ الثُّبُوتِ بِقَوْلِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي الظَّاهِرِ فَيَحِلُّ النِّكَاحُ بِعِلْمِهِمَا ذَلِكَ بَاطِنًا فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا تَحِلُّ إلَخْ) أَيْ: مَحَلُّ وَطْئِهَا بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ. اهـ. سم عَنْ م ر (قَوْلُهُ: غَيْرُ الْإِسْرَائِيلِيَّة) أَيْ: غَيْرُهَا يَقِينًا بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهَا غَيْرُ إسْرَائِيلِيَّةٍ أَوْ شَكَّ فِيهَا. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: غَيْرُ الْإِسْرَائِيلِيَّة) قَالَ الطُّوخِيُّ: جَمِيعُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ إلَّا اثْنَيْ عَشَرَ أَيُّوبُ فَإِنَّهُ مِنْ بَنِي الصَّيْفِيِّ بْنِ إِسْحَاقَ فَهُوَ ابْنُ أَخِي إسْرَائِيلَ وَآدَمُ وَإِدْرِيسُ وَنُوحٌ وَصَالِحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَلُوطٌ وَإِسْحَاقُ وَإِسْمَاعِيلُ وَهُودٌ وَيَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ. اهـ بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ وَانْظُرْ
عُلِمَ أَنَّ أَوَّلَ آبَائِهَا قَدْ آمَنَ بِنَبِيِّهَا مُوسَى أَوْ عِيسَى - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَبْلَ التَّحْرِيفِ لِدِينِهِ لِتَمَسُّكِهِ بِذَلِكَ الدِّينِ حِينَ كَانَ حَقًّا، وَلَمَّا كَانَ التَّحْرِيفُ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَاقِعًا قَبْلَ النَّسْخِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى اشْتِرَاطِ كَوْنِ الْإِيمَانِ قَبْلَ النَّسْخِ أَيْضًا فَمِنْ اشْتَرَطَهُ قَصَدَ الْإِيضَاحِ عَلَى أَنَّهُ مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى مِمَّا يَأْتِي فِي الْإِسْرَائِيلِيَّة، أَمَّا مَنْ عُلِمَ أَنَّ أَوَّلَ آبَائِهَا آمَنَ بِنَبِيِّهَا بَعْدَ التَّحْرِيفِ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَلَا تَحِلُّ لَنَا لِفَوْتِ فَضِيلَةِ ذَلِكَ الدِّينِ فِي الْأُولَى وَأَخْذًا بِالْأَغْلَظِ فِي الثَّانِيَةِ، نَعَمْ إنْ تَجَنَّبَ الْمُحَرَّفَ حَلَّتْ وَحَيْثُ حُرِّمَتْ حُرِّمَتْ ذَبِيحَتُهَا أَيْضًا لَكِنَّهَا تُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ (أَوْ الَّتِي تُعْزَى) أَيْ: تُنْسَبُ (لِإِسْرَائِيلِ) بِصَرْفِهِ لِلْوَزْنِ أَيْ:، وَإِنَّمَا تَحِلُّ الْإِسْرَائِيلِيَّة مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى إنْ عُلِمَ أَنَّ أَوَّلَ آبَائِهَا آمَنَ بِنَبِيِّهَا. (مِنْ قَبْلِ نَسْخٍ) لِدِينِهِ، وَلَوْ بَعْدَ تَحْرِيفِهِ لِفَضِيلَةِ دِينِهَا وَشَرَفِ نَسَبِهَا بِخِلَافِ مَنْ عُلِمَ أَنَّ أَوَّلَ آبَائِهَا آمَنَ بِنَبِيِّهَا بَعْدَ النَّسْخِ أَوْ شَكَّ فِيهِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ، وَمُقْتَضَى مَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْأَصْحَابِ حِلُّهَا فِي صُورَةِ الشَّكِّ، وَإِسْرَائِيلُ هُوَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -
ــ
[حاشية العبادي]
يُتَأَمَّلُ هَذَا الْإِطْلَاقُ. (قَوْلُهُ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْ التَّحْرِيفِ مَا وَقَعَ قَبْلَ النَّسْخِ وَمِنْهُ مَا وَقَعَ بَعْدَهُ، وَقَدْ يُقَالُ: هَذَا لَا يَدْفَعُ الْإِيرَادَ عَلَى الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الدُّخُولَ بَعْدَ التَّحْرِيفِ وَقَبْلَ النَّسْخِ مَعَ اجْتِنَابِ الْمُحَرَّفِ لَا يَحْرُمُ كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضِ فِي تَصْوِيرِ مَنْ يَحِلُّ نِكَاحُهَا مِنْ غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيَّات مَا نَصُّهُ " مِمَّنْ دَخَلَ قَوْمُهَا قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّبْدِيلِ أَوْ قَبْلَ النَّسْخِ " أَيْ: وَبَعْدَ التَّبْدِيلِ وَاجْتَنَبُوا الْمُبَدَّلَ لَا بَعْدَهُمَا قَالَ فِي شَرْحِهِ: أَوْ بَعْدَ نَسْخِهِ وَقَبْلَ تَبْدِيلِهِ أَوْ عَكْسِهِ وَلَمْ يَجْتَنِبُوا الْمُبَدَّلَ اهـ.
(قَوْلُهُ: لَكِنَّهَا تُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ) ذَكَرُوا فِي الْجِزْيَةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَدْخُلُ فِي عَقْدِ الْجِزْيَةِ إذْ عُقِدَ لِزَوْجِهَا أَوْ لِمَنْ شَرَطَ دُخُولَهَا لِمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا قَرَابَةٌ أَوْ عُلْقَةٌ، وَلَوْ مُصَاهَرَةً وَكَذَا اسْتِقْلَالًا وَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: مِنْ قَبْلِ نَسْخٍ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: بَلْ لَا يَحْرُمُ مِنْهُنَّ أَيْ: مِنْ الْإِسْرَائِيلِيَّات إلَّا مَنْ دَخَلَ آبَاؤُهَا بَعْدَ دِينِ الْإِسْلَامِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمْ لَوْ دَخَلُوا فِي دِينِ الْيَهُودِ بَعْدَ بَعْثَةِ عِيسَى وَقَبْلَ بَعْثَةِ نَبِيِّنَا حَلَّتْ مُنَاكَحَتُهُنَّ لِشَرَفِ نَسَبِهِنَّ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيَّات كَمَا مَرَّ، اهـ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ شَرِيعَةَ عِيسَى غَيْرُ نَاسِخَةٍ لِشَرِيعَةِ مُوسَى، بَلْ مُخَصِّصَةٌ، وَوَجْهُ ذَلِكَ شَرَفُ النَّسَبِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ تَحْرِيفِهِ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَجْتَنِبُوا الْمُحَرَّفَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ
ــ
[حاشية الشربيني]
لِمَ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا فِي غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيِّ نَ فَحَرِّرْهُ.
(قَوْلُهُ: إنَّ أَوَّلَ آبَائِهَا) أَيْ: أَوَّلَ مَنْ تَدَيَّنَ مِنْهُمْ. اهـ. خ ط عَلَى الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ أَوَّلَ آبَائِهَا) قَالَ حَجَرٌ: أَيْ: أَوَّلُ الْمُنْتَقِلِينَ مِنْهُمْ قَالَ سم: فَاعْتِبَارُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ تَبَعِيَّةُ أَبْنَائِهِ لَهُ وَلِلِاحْتِرَازِ عَنْ دُخُولِ مَا عَدَا الْأَوَّلَ مَثَلًا قَبْلَ النَّسْخِ وَالتَّحْرِيفِ فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ فَيَكُونُ الْحَاصِلُ أَنَّ شَرْطَ الْحِلِّ دُخُولُ الْأَوَّلِ بِشَرْطِهِ يَقِينًا مُطْلَقًا أَوْ احْتِمَالًا فِي الْإِسْرَائِيلِيَّة وَتَبَعِيَّةُ مَنْ بَيْنَهُمَا أَيْ: الْمَنْكُوحَةِ وَبَيْنَهُ أَيْ: الْأَبِ الْمَذْكُورِ لَهُ أَوْ جَهِلَ الْحَالَ فِيهِ، وَلَوْفِي غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيَّة، فَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّرْطَ عَدَمُ عِلْمِ عَدَمِ التَّبَعِيَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. لَكِنْ فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ: دُخُولُ قَوْمِهَا أَيْ: دُخُولُ أُصُولِهَا سَوَاءٌ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ قَالَ شَيْخُنَا م ر: وَالْمُرَادُ اعْتِبَارُ مَنْ تُنْسَبُ إلَيْهِ مِنْ هَؤُلَاءِ قَالَ شَيْخُنَا: أَيْ: زي، وَإِنْ خَالَفَهُ غَيْرُهُ، وَلَوْ مِمَّنْ بَعُدَ وَفِي حَجَرٍ مُخَالَفَةٌ لِبَعْضِ ذَلِكَ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ ثُمَّ ضَرَبَ عَلَيْهِ بِالْقَلَمِ. اهـ أَيْ: فَلَا يَضُرُّ دُخُولُ مَنْ بَعْدَهُ فِيهِ بَعْدَ النَّاسِخَةِ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ مَجُوسِيًّا، فَهَذَا مُقَيِّدٌ لِتَحْرِيمِ الْمُتَوَلِّدَةِ بَيْنَ مَنْ لَا يَحِلُّ وَمَنْ يَحِلُّ أَيْ: إنَّ مَحَلَّ تَحْرِيمِهَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ أَوَّلُ آبَائِهَا فِي ذَلِكَ الدِّينِ قَبْلَ نَسْخِهِ أَفَادَهُ ح ل خِلَافًا لِحَجَرٍ وَتَبِعَهُ م ر فِي نُسَخٍ كَتَبَ عَلَيْهَا الرَّشِيدِيُّ دُونَ نُسَخٍ وَهِيَ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا ق ل وَيُوَافِقُ مَا قَالَهُ زي قَوْلُ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَنْ دَخَلَ قَوْمُهَا أَيْ: آبَاؤُهَا أَيْ: أَوَّلُهُمْ. اهـ (قَوْلُهُ: قَبْلَ النَّسْخِ) أَيْ: بِبَعْثَةِ عِيسَى أَوْ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم. اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: إنْ تَجَنَّبَ) أَيْ: يَقِينًا سم. (قَوْلُهُ: تُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ) تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدِّمَاءِ م ر (قَوْلُهُ: لِإِسْرَائِيلَ) أَيْ: يَعْقُوبَ عليه السلام
(قَوْلُهُ: مِنْ قَبْلِ نَسْخٍ لِدِينِهِ) أَيْ: بِشَرِيعَةِ عِيسَى أَوْ بِشَرِيعَةِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم وَخَرَجَ بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَيْنَهَا فَلَيْسَ نَاسِخًا لِغَيْرِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ التَّمَسُّكُ بِهِ وَلَا عَدَمُهُ، فَلَا يَضُرُّ اعْتِقَادُهُ الزَّبُورَ وَتَمَسُّكُهُ بِهِ مَعَ تَمَسُّكِهِ بِالتَّوْرَاةِ أَيْضًا بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَكَ التَّمَسُّكَ بِالتَّوْرَاةِ مُقْتَصِرًا عَلَى الزَّبُورِ فَإِنَّهُ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ وَلَا ذَبِيحَتُهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ أَفَادَهُ س ل وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي النَّسْخِ أَنْ يَكُونَ بِشَرِيعَةٍ بِخِلَافِ النَّسْخِ بِمَوْتِ الرُّسُلِ كَمَا هُوَ كَالصَّرِيحِ مِنْ كَلَامِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَشَرَفِ نَسَبِهَا) أَيْ: بِانْتِهَائِهِ إلَى الْأَنْبِيَاءِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ غَيْرَ الْإِسْرَائِيلِيَّة لَا يَنْتَهِي نَسَبُهَا إلَى الْأَنْبِيَاءِ وَفِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ يُعْلَمُ مِمَّا سَبَقَ. (قَوْلُهُ: حِلَّهَا فِي صُورَةِ الشَّكِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْإِسْرَائِيلِيَّة لَا تَحِلُّ
، (لَا) الَّتِي تُعْزَى. (إلَى التَّعْطِيلِ) ، فَلَا تَحِلُّ وَهَذَا زَادَهُ تَكْمِلَةً وَإِيضَاحًا، فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ الْحَصْرِ السَّابِقِ، وَالْمُعَطِّلَةُ قَوْمٌ يَقُولُونَ بِأَنَّ الْأَشْيَاءَ وُجِدَتْ بِأَنْفُسِهَا وَيَنْفُونَ الْخَالِقَ وَالْمُدَبِّرَ. (وَ) لَا (وَثَنِيُّ أَحَدِ الْأَصْلَيْنِ لَهْ) أَيْ: أَحَدُ أَصْلَيْهِ وَالْآخَرُ كِتَابِيٌّ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ تَغْلِيبًا لِلتَّحْرِيمِ كَمَا يَحْرُمُ الْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ.
(وَقَرَّرُوا هَذَا) أَيْ: وَثَنِيَّ أَحَدِ الْأَصْلَيْنِ بِالْجِزْيَةِ تَغْلِيبًا لِحَقْنِ الدَّمِ، وَكَوَثَنِيِّ أَحَدِ الْأَصْلَيْنِ فِيمَا ذَكَرَ مَنْ فِي مَعْنَاهُ كَمَجُوسِيَّةٍ
. (وَلَا) تَحِلُّ (مُنْتَقِلَهْ) مِنْ دِينٍ إلَى آخَرَ كَيَهُودِيَّةٍ تَنَصَّرَتْ أَوْ تَوَثَّنَتْ أَوْ الْعَكْسُ؛ لِأَنَّهَا أَحْدَثَتْ دِينًا بَاطِلًا بَعْدَ اعْتِرَافِهَا بِبُطْلَانِهِ، سَوَاءٌ أَصَرَّتْ عَلَيْهِ أَمْ عَادَتْ لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ فَضِيلَةٌ لِبُطْلَانِهَا بِالِانْتِقَالِ عَنْهُ وَصَارَتْ كَالْمُرْتَدَّةِ كَمَا سَيَأْتِي حَتَّى لَوْ انْتَقَلَتْ فِي دَوَامِ النِّكَاحِ كَانَتْ كَمُسْلِمَةٍ ارْتَدَّتْ. (وَحَرُمَتْ) كَالْمَجُوسِ (صَابِئَةٌ) وَهِيَ طَائِفَةٌ مِنْ النَّصَارَى (وَسَامِرَهْ) وَهِيَ طَائِفَةٌ مِنْ الْيَهُودِ. (خَالَفَتْ الْأُصُولَ) أَيْ: خَالَفَتْ الصَّابِئَةُ أُصُولَ دِينِ النَّصَارَى وَالسَّامِرَةُ أُصُولَ دِينِ الْيَهُودِ دُونَ فُرُوعِهِ أَوْ شَكَكْنَا فِي مُخَالِفَتِهَا لَهَا فَإِنْ وَافَقَتْ أُصُولَهُ دُونَ فُرُوعِهِ حَلَّتْ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ فِي الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ وَسُمِّيَتْ الْأُولَى صَابِئَةً قِيلَ: نِسْبَتُهَا إلَى صَابِئٍ عَمِّ نُوحٍ عليه السلام وَقِيلَ لِخُرُوجِهَا مِنْ دِينٍ إلَى آخَرَ، وَالثَّانِيَةُ سَامِرَةٌ لِنِسْبَتِهَا إلَى أَصْلِهَا السَّامِرِيِّ، وَإِطْلَاقُ الصَّابِئَةِ عَلَى مَا مَرَّ هُوَ الْمُرَادُ، وَيُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى قَوْمٍ أَقْدَمَ مِنْ النَّصَارَى يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ وَيُضِيفُونَ الْآثَارَ إلَيْهَا وَيَنْفُونَ الصَّانِعَ الْمُخْتَارَ، وَقَدْ أَفْتَى الْإِصْطَخْرِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ بِقَتْلِهِمْ لَمَّا اسْتَفْتَى الْقَاهِرُ الْفُقَهَاءَ فِيهِمْ فَبَذَلُوا لَهُ أَمْوَالًا كَثِيرَةً فَتَرَكَهُمْ، وَظَاهِرٌ أَنَّ هَؤُلَاءِ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ وَلَا ذَبِيحَتُهُمْ، وَلَا يُقَرُّونَ بِالْجِزْيَةِ، (وَهِيَ) أَيْ: الْمُنْتَقِلَةُ وَالصَّابِئَةُ وَالسَّامِرَةُ الْمُخَالِفَتَانِ لِلْأُصُولِ (مُهْدَرَهْ) كَالْمُرْتَدَّةِ، فَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا إلَّا الْإِسْلَامُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ إهْدَارِ الْمُنْتَقِلَةِ لَا يَقْتَضِي قَتْلَهَا فَوْرًا كَمَا لَا يَقْتَضِيهِ الْأَمْرُ الْمُحْتَجُّ بِهِ عَلَى قَتْلِهَا فِي خَبَرِ «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» فَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْجِزْيَةِ وَرَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ مِنْ أَنَّهَا تُلْحَقُ بِمَأْمَنِهَا كَمَنْ نَبَذَ الْعَهْدَ ثُمَّ هِيَ كَالْحَرْبِيِّ إنْ ظَفِرْنَا بِهَا قَتَلْنَاهَا
وَتُفَارِقُ مَنْ فَعَلَ مَا يُنْتَقَضُ بِهِ عَهْدُهُ مِنْ قِتَالٍ وَنَحْوِهِ حَيْثُ يُقْتَلُ، وَلَا يُلْحَقُ بِمَأْمَنِهِ بِتَعَدِّي ضَرَرِهِ إلَيْنَا بِخِلَافِهَا ضَرَرُهَا عَلَى نَفْسِهَا (وَلَا يَجُوزُ كَوْنُهَا) أَيْ: الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ. (مُقَرَّرَهْ) بِجِزْيَةٍ إذْ لَا كِتَابَ لَهَا، وَلَا شُبْهَةَ كِتَابٍ
(وَرِدَّةٌ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا (وَسَبْقُ إسْلَامِ الْمَرَهْ) إسْلَامَ الزَّوْجِ، (وَ) سَبَقَ إسْلَامُ. (الزَّوْجِ) إسْلَامَ الْمَرْأَةِ (لَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ) بِهَا. (يَقَعُ) ذَلِكَ (إنْ لَمْ تَكُنْ) أَيْ: الْمَرْأَةُ الَّتِي أَسْلَمَ زَوْجُهَا دُونَهَا. (ذَاتَ كِتَابٍ) يَحِلُّ نِكَاحُهَا (يَرْفَعُ) أَيْ: كُلٍّ مِنْ الرِّدَّةِ وَسَبْقِ الْإِسْلَامِ النِّكَاحَ لِعَدَمِ تَأَكُّدِهِ بِالدُّخُولِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَلَا وَثَنِيٌّ) إلَّا إنْ بَلَغَتْ وَاخْتَارَتْ دِينَ الْكِتَابِيِّ مِنْهُمَا كَمَا حَكَيَاهُ عَنْ النَّصِّ وَأَقَرَّاهُ لِاسْتِقْلَالِهَا حِينَئِذٍ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ بِتَحْرِيمِهَا، وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ م ر: وَهُوَ الْأَوْجَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) أَيْ: الْآخَرُ الْأَبَ. (قَوْلُهُ: خَبَرُ مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ) هَذَا الْخَبَرُ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ النِّسَاءِ بِخَبَرِ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ
. (قَوْلُهُ: ثُمَّ هِيَ كَالْحَرْبِيِّ إنْ ظَفِرْنَا بِهَا قَتَلْنَاهَا) قَضِيَّةُ اقْتِصَارِهِ عَلَى الْقَتْلِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي اسْتِرْقَاقُهَا وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ تَرْكَ قَتْلِهِ مُتَضَمِّنٌ قَبُولَ غَيْرِ الْإِسْلَامِ مِنْهُ، وَإِقْرَارَهُ عَلَيْهِ مَعَ امْتِنَاعِ ذَلِكَ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ أُرِقَّتْ فَهَلْ نَقُولُ لَا يَثْبُتُ الرِّقُّ أَوْ نَقُولُ يَثْبُتُ؟ لَكِنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْ قَتْلِهَا، بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ قَتْلِهَا فِيهِ نَظَرٌ، وَقَدْ يُقَالُ: لَا مَعْنَى لِلتَّرَدُّدِ فِي اسْتِرْقَاقِهَا؛ لِأَنَّهَا تُرَقُّ بِنَفْسِ الْأَسْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: إنْ ظَفِرْنَا بِهَا قَتَلْنَاهَا) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْحَرْبِيَّةَ لَا تُقْتَلُ إلَّا إنْ قَاتَلَتْ وَيَكْفِي أَنَّ مِنْ فَوَائِدِ إهْدَارِهَا جَوَازَ اسْتِرْقَاقِهَا إلَّا أَنْ يُحْمَلَ قَتْلُهَا عَلَى مَا إذَا قَاتَلَتْ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ ثُمَّ رَأَيْتُ مَنْ حَكَمَ بِالْوَهْمِ عَلَى ذِكْرِ قَتْلِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: يَقَعُ ذَلِكَ) أَيْ: رِدَّتُهُ وَسَبْقُ إسْلَامِ الْمَرْأَةِ. (قَوْلُهُ: يَدْفَعُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِذَا انْدَفَعَ نِكَاحُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِإِسْلَامِ الزَّوْجِ لَا إسْلَامِهَا اسْتَحَقَّتْ نِصْفَ الْمُسَمَّى الصَّحِيحِ، وَإِلَّا فَنِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا
ــ
[حاشية الشربيني]
فِيهَا لِشَرَفِ الْإِسْرَائِيلِيَّة. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَقَدْ أَفْتَى الْإِصْطَخْرِيُّ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُمْ مُهْدَرُونَ لَا يُقَرُّونَ بِالْجِزْيَةِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: فَبَذَلُوا إلَخْ) هَذَا مِنْ حَمَاقَتِهِ إذْ لَوْ قَتَلَهُمْ لَأَخَذَ جَمِيعَ أَمْوَالِهِمْ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ هِيَ كَالْحَرْبِيِّ إلَخْ) فِي الشَّرْقَاوِيِّ أَنَّ الْمُنْتَقِلَ مِنْ دِينٍ إلَى آخَرَ يَجِبُ قَتْلُهُ وَلَا يَتَخَيَّرُ فِيهِ الْإِمَامُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا ل زي؛ لِأَنَّهُ كَالْمُرْتَدِّ لَا يُقِرُّ، وَكَلَامُهُ فِيمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الرَّجُلِ وَخَالَفَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَجَعَلَ ذَلِكَ فِي الرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ. اهـ وَفِي الرَّشِيدِيِّ أَنَّ مَنْ انْتَقَلَ مِنْ دِينٍ بَاطِلٍ لِآخَرَ مِثْلِهِ يَكُونُ حَالُهُ كَمَا قَبْلَ الِانْتِقَالِ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ لَمْ يَتَغَيَّرْ حُكْمُهُ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ حَرْبِيًّا لَا أَمَانَ لَهُ قُتِلَ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ فَحَرِّرْ ثُمَّ رَأَيْتُ الْخَطِيبَ عَلَى الْمِنْهَاجِ نَقَلَ مَا قَالَهُ الشَّرْقَاوِيُّ عَنْ النَّوَوِيِّ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ ثُمَّ قَالَ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ مِنْ أَنَّهُ يَكُونُ حَالُهُ كَمَا كَانَ قَبْلَ الِانْتِقَالِ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ أَمَانٌ لَمْ يَتَغَيَّرْ حُكْمُهُ بِذَلِكَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ) أَيْ: الْوَطْءِ، وَلَوْفِي الدُّبُرِ، وَمِثْلُهُ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ فِي الْقُبُلِ. اهـ. ق ل عَلَى
فَإِنْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً يَحِلُّ نِكَاحُهَا لَمْ يَرْفَعْ إسْلَامُ الزَّوْجِ النِّكَاحَ لِمَا مَرَّ أَنَّ لِلْمُسْلِمِ نِكَاحَهَا، وَخَرَجَ بِسَبْقِ إسْلَامِ أَحَدِهِمَا مَا لَوْ أَسْلَمْنَا مَعًا، فَإِنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ النِّكَاحُ لِتُسَاوِيهِمَا فِي صِفَةِ الْإِسْلَامِ الْمُنَاسِبَةِ لِلتَّقْرِيرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَدَّا مَعًا وَالْمَعِيَّةُ بِآخِرِ اللَّفْظِ، وَسَوَاءٌ فِيمَا ذَكَرَ كَانَ الْإِسْلَامُ اسْتِقْلَالًا أَمْ تَبَعًا، لَكِنْ لَوْ أَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ مَعَ أَبِي الزَّوْجِ الطِّفْلِ أَوْ عَقِبَهُ بَطَلَ النِّكَاحُ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ لِتَأَخُّرِ إسْلَامِهَا فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنَّهُ قَوْلِيٌّ فَيَتَأَخَّرُ عَنْ إسْلَامِ الطِّفْلِ الَّذِي هُوَ حُكْمِيٌّ وَلِتَقَدُّمِ إسْلَامِهَا فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّ إسْلَامَ الطِّفْلِ عَقِبَ إسْلَامِ الْأَبِ وَاسْتَشْكَلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ تَرَتُّبَ إسْلَامِهِ عَلَى إسْلَامِ أَبِيهِ لَا يَقْتَضِي تَقَدُّمًا زَمَانِيًّا قَالَ السُّبْكِيُّ: وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا صَحَّحُوهُ مِنْ كَوْنِ الْعِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ مَعَ مَعْلُولِهَا وَالْمُخْتَارُ عِنْدِي تَقَدُّمُهَا فَيُتَّجَهُ قَوْلُ الْبَغَوِيّ، وَكَذَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ هُوَ الْفِقْهُ فَإِنَّ الْحُكْمَ لِلتَّابِعِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْحُكْمِ لِلْمَتْبُوعِ، فَلَا يُحْكَمُ لِلطِّفْلِ بِالْإِسْلَامِ حَتَّى يَصِيرَ الْأَبُ مُسْلِمًا.
(وَ) لَوْ يَقَعُ مَا ذَكَرَ (بَعْدَهُ) أَيْ: الدُّخُولِ (عَلَى انْقِضَا الْعِدَّةِ قِفْ) رَفْعَ النِّكَاحِ فَإِنْ جَمَعَهُمَا الْإِسْلَامُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا دَامَ النِّكَاحُ، وَإِلَّا فَالْفُرْقَةُ مِنْ حِينِ الرِّدَّةِ وَسَبْقِ الْإِسْلَامِ وَفِي مُدَّةِ التَّوَقُّفِ لَا يَطَؤُهَا الزَّوْجُ، وَإِنْ كَانَ لِشُبْهَةِ بَقَاءِ أَحْكَامِ النِّكَاحِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ بِوَطْئِهَا وَلَا يَنْكِحُ مَنْ لَا يُجْمَعُ مَعَهَا، وَلَا أَرْبَعًا سِوَاهَا، وَلَا أَمَةً إنْ كَانَ حُرًّا لِاحْتِمَالِ الْبَقَاءِ بِالْعَوْدِ
. (فَرْعٌ)
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ اخْتِلَافُ الْجِنْسِ، فَلَا يَجُوزُ لِلْآدَمِيِّ أَنْ يَنْكِحَ جِنِّيَّةً وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ: لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسَلُّمِهَا، وَفِي تَعْلِيلِهِ بِهَذَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسَلُّمِ فِي النِّكَاحِ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّتِهِ (ثُمَّ نِكَاحَ الْكُفْرِ) أَيْ: النِّكَاحُ الْجَارِي فِيهِ (بِالصِّحَّةِ) أَيْ: بِالْحُكْمِ بِهَا (صِفْ) قَالَ تَعَالَى {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد: 4]" وَقَالَتْ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ " وَلِخَبَرِ «غَيْلَانَ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ أَسْلَمَ عَلَى
ــ
[حاشية العبادي]
فَالْمُتْعَةُ اهـ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَحْرَمَ فِي ذَلِكَ كَغَيْرِهَا، وَكَلَامُ أَصْلِهِ يَمِيلُ إلَيْهِ وَنَقَلَهُ عَنْ الْقَفَّالِ وَنَقَلَ عَنْ الْإِمَامِ الْقَطْعَ بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَنْعَقِدْ وَأَطْنَبَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي تَأْيِيدِ هَذَا إلَى أَنْ قَالَ: قَالَ يَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: أَوْ أَيْ: أَوْ انْدَفَعَ نِكَاحُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ فَالْمُسَمَّى الصَّحِيحُ، وَإِلَّا فَمَهْرُ الْمِثْلِ اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّ قِيَاسَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْإِمَامِ قَبْلَ الدُّخُولِ وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ هُنَا مُطْلَقًا فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ ارْتَدَّا مَعًا) فَإِنَّ النِّكَاحَ يَرْتَفِعُ. (قَوْلُهُ: لِتَأَخُّرِ إسْلَامِهَا فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ إسْلَامُ الطِّفْلِ مُتَأَخِّرًا فِيهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي؛ لِأَنَّ إسْلَامَ الطِّفْلِ عَقِبَ إسْلَامِ الْأَبِ؛ لِأَنَّ إسْلَامَهُ أَسْرَعُ مِنْ إسْلَامِهَا؛ لِأَنَّهُ حُكْمِيٌّ، فَيَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ كَوْنِ الْعِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ إلَخْ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: كَوْنُ الْعِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ مَعَ مَعْلُولِهَا أَوْ مُتَقَدِّمَةٍ، وَالتَّفَاوُتُ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ لَا يَظْهَرُ عَلَى كَوْنِ الْعِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ بِمَعْنَى الْعُرْفِ الَّذِي هُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْحَقِّ كَمَا فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْمُؤَثِّرِ فَلْيُتَأَمَّلْ. سم.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْحُكْمَ لِلتَّابِعِ مُتَأَخِّرٌ) لِلرَّافِعِيِّ أَنْ يَقُولَ: إنْ أَرَدْتُمْ التَّأَخُّرَ الزَّمَانِيَّ فَمَمْنُوعٌ أَوْ الرُّتْبِيَّ، فَلَا يُفِيدُ أَوْ يَقُولُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ تَأَخُّرِ أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ عَنْ الْآخَرِ تَأَخُّرُ الْمَحْكُومِ بِهِ فِي أَحَدِهِمَا عَنْ الْمَحْكُومِ بِهِ فِي الْآخَرِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ حُرًّا) أَيْ: خَائِفَ الْعَنَتِ
(قَوْلُهُ: ثُمَّ نِكَاحُ الْكُفْرِ بِالصِّحَّةِ صِفَةٌ) قَالَ الشَّيْخَانِ: وَهَلْ الْخِلَافُ أَيْ: الَّذِي فِي صِحَّةِ نِكَاحِ الْكُفْرِ مَخْصُوصٌ بِالْعَقْدِ الَّذِي يُحْكَمُ بِفَسَادِ مِثْلِهِ أَمْ يَجْرِي فِي الْكُلِّ؟ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ التَّخْصِيصُ وَقَالَ الْإِمَامُ: يَلْزَمُ الْمُعَمِّمَ الْمَصِيرُ إلَى بُطْلَانِ نِكَاحٍ وَافَقَ الشَّرَائِعَ كُلَّهَا وَلَا يَرْضَى ذَلِكَ ذُو حَاصِلٍ قَالَ فِي زِيَادَاتِ الرَّوْضَةِ قُلْتُ الصَّوَابُ التَّخْصِيصُ. اهـ. بِرّ، وَقَوْلُهُ: أَمْ يَجْرِي فِي الْكُلِّ أَيْ: حَتَّى فِيمَا اسْتَجْمَعَ سَائِرَ الشَّرَائِطِ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْجَلَالُ. (قَوْلُهُ: بِآخِرِ اللَّفْظِ) أَيْ: مِنْهُمَا إنْ أَسْلَمَا اسْتِقْلَالًا وَمِنْ أَبَوَيْهِمَا إنْ أَسْلَمَا تَبَعًا ق ل. (قَوْلُهُ: مَعَ مَعْلُولِهَا) ؛ لِأَنَّ نُطْقَ الْمَتْبُوعِ بِالْإِسْلَامِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ نُطْقِ التَّابِعِ فَلَا تَقَدُّمَ وَلَا تَأَخُّرَ قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ خِلَافًا لِلْبَغَوِيِّ. اهـ لَكِنْ اعْتَمَدَ م ر مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ. اهـ. سم عَلَى حَجَرٍ وَعِبَارَةُ شَرْحٍ م ر وَوَجَّهَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَيْ: وَجَّهَ تَنَجُّزَ الْفُرْقَةِ إذَا أَسْلَمَتْ مَعَ إسْلَامِ أَبِيهِ بِأَنَّ إسْلَامَهُ إنَّمَا يَقَعُ عَقِبَ إسْلَامِ أَبِيهِ فَهُوَ عَقِبَ إسْلَامِهَا وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ مَعَ مَعْلُولِهَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لِلتَّابِعِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْحُكْمِ لِلْمَتْبُوعِ فَلَا يُحْكَمُ لِلْوَلَدِ بِإِسْلَامٍ حَتَّى يَصِيرَ الْأَبُ مُسْلِمًا. اهـ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْحُكْمُ بِتَنَجُّزِ الْفُرْقَةِ جَارِيًا عَلَى الْقَوْلَيْنِ خِلَافًا لِمَا فَهِمَهُ السُّبْكِيُّ؛ لِأَنَّا حَيْثُ اعْتَدَدْنَا بِالتَّرَتُّبِ فِي الْحُكْمِ، وَإِنْ تَقَارَنَا زَمَنًا فَلَا يَتَعَيَّنُ بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ تَتَقَدَّمُ زَمَنًا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ يَقَعُ) أَتَى بِالْمُضَارِعِ مُوَافَقَةً لِلْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ، وَلَوْ فِيهِمَا بِمَعْنَى أَنْ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ انْقِضَائِهَا) فَإِنْ قَارَنَ الِانْقِضَاءَ انْدَفَعَتْ تَغْلِيبًا لِلْمَانِعِ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْعَلَّامَةُ الْعَبَّادِيُّ. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ إلَخْ) ضَعِيفٌ. اهـ. م ر
(قَوْلُهُ: أَيْ: بِالْحُكْمِ بِهَا) حَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ هُنَا أَنَّ مَا لَمْ يَسْتَوْفِ الشُّرُوطَ يُقَالُ لَهُ: مَحْكُومٌ بِصِحَّتِهِ أَيْ: يُعْطَى حُكْمَ الصَّحِيحِ وَأَنَّ مَا اسْتَوْفَاهَا بِأَنْ عَقَدَ لَهُمْ حَاكِمُنَا أَوْ الْوَلِيُّ الْعَدْلُ فِي دِينِهِمْ مَعَ شَاهِدَيْنِ مِنَّا بِالشُّرُوطِ يُقَالُ لَهُ: صَحِيحٌ حَقِيقَةً لِمُوَافَقَتِهِ الشَّرْعِ أَفَادَهُ م ر وَزي وطب وَعَلَى هَذَا فَكَلَامُ
أَكْثَرَ مِنْ الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ وَأَمْرُهُ صلى الله عليه وسلم بِالْإِمْسَاكِ، وَلَمْ يَسْأَلْ عَنْ شَرَائِطِ النِّكَاحِ» ؛ وَلِأَنَّهُمْ لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا أَوْ أَسْلَمُوا لَا نُبْطِلُهُ. (وَلَوْ) كَانَ النِّكَاحُ. (بِغَصْبٍ) أَوْ طَوْعٍ وَاعْتَقَدُوهُ فِيهِمَا نِكَاحًا إقَامَةً لِلْفِعْلِ مَقَامَ الْقَوْلِ (لَا) إنْ كَانَ الْغَصْبُ. (لِذِمِّيَّيْنِ) بِأَنْ غَصَبَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً، فَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهُمَا بِذَلِكَ، وَإِنْ اعْتَقَدُوهُ نِكَاحًا؛ لِأَنَّ عَلَى الْإِمَامِ دَفْعَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ بِخِلَافِ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَلَوْ مُسْتَأْمَنِينَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ غَصْبَ الْحَرْبِيِّ لِلذِّمِّيَّةِ كَغَصْبِ الذِّمِّيِّ لَهَا؛ لِأَنَّ عَلَى الْإِمَامِ دَفْعَ الْحَرْبِيِّ عَنْ الذِّمِّيِّ، فَإِنْ قُلْتَ: هَذِهِ الْعِلَّةُ لَيْسَتْ عِلَّتَهُمْ السَّابِقَةَ، وَتِلْكَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا مَا قَالَهُ، بَلْ عَكْسُهُ قُلْتُ: بَلْ يُؤْخَذُ مِنْهَا ذَلِكَ بِمَفْهُومِ الْأَوْلَى وَقَيَّدَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَتَوَطَّنْ الذِّمِّيُّ دَارَ الْحَرْبِ، وَإِلَّا فَهُوَ كَالْحَرْبِيِّ
وَهُوَ ظَاهِرٌ، إذْ لَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ حِينَئِذٍ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ النَّظْمِ صِحَّةُ النِّكَاحِ بِغَصْبِ كُلٍّ مِنْ الذِّمِّيِّ وَالْمُسْتَأْمَنِ وَالْحَرْبِيِّ لِلْحَرْبِيَّةِ وَالْمُسْتَأْمَنَةِ. (أَوْ كَانَ) نِكَاحُ الْكُفْرِ (مُؤَقَّتًا) بِمُدَّةٍ (وَتَأْبِيدًا رَأَوْا) أَيْ: وَاعْتَقَدُوا تَأْبِيدَهُ، فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْتَقِدُوا تَأْبِيدَهُ. (وَلَوْ) كَانَ (صَحِيحًا) عِنْدَنَا، وَقَدْ. (أَفْسَدُوا) أَيْ: اعْتَقَدُوا فَسَادَهُ، فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ إذْ لَا عِبْرَةَ بِاعْتِقَادِهِمْ فَسَادَ مَا هُوَ صَحِيحٌ عِنْدَنَا (الْمُصَاهَرَهْ يُثْبِتُهَا) أَيْ: وَنِكَاحُ الْكُفْرِ يُثْبِتُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ فَتَحْرُمُ الزَّوْجَةُ عَلَى أُصُولِ الزَّوْجِ وَفُرُوعِهِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أُمَّهَاتُهَا بِالْعَقْدِ وَبَنَاتُهَا بِالدُّخُولِ. (، كَذَا طَلَاقُ الْكَافِرَهْ) يُثْبِتُهُ نِكَاحُ الْكُفْرِ حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا فِيهِ ثَلَاثًا لَمْ تَحِلَّ لَهُ إلَّا بِمُحَلِّلٍ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدُوهُ طَلَاقًا؛ لِأَنَّا إنَّمَا نَعْتَبِرُ حُكْمَنَا بِخِلَافِ طَلَاقِهِ الْمُسْلِمَةَ لَا يُثْبِتُهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ نِكَاحِهِ لَهَا. (كَذَا) يَثْبُتُ. (الْمُسَمَّى) الصَّحِيحُ (وَلِفَاسِدٍ) أَيْ: وَعِنْدَ تَسْمِيَةِ الْفَاسِدِ كَخَمْرٍ وَكَلْبٍ لَمْ تَقْبِضْ الزَّوْجَةُ مِنْهُ شَيْئًا قَبْلَ الْإِسْلَامِ. (قُضِيَ بِمَهْرِ مِثْلٍ) لَهَا لِتَعَذُّرِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَلَوْ بِغَصْبٍ) اعْلَمْ أَنَّ ضَابِطَهُ مَا يُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا عِنْدَنَا أَوْ اعْتَقَدُوا صِحَّتَهُ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا عِنْدَنَا بِرّ. (قَوْلُهُ: هَذِهِ الْعِلَّةُ) أَيْ: قَوْلُهُ: لِأَنَّ عَلَى الْإِمَامِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَجِبُ الدَّفْعُ عَنْهُ حِينَئِذٍ) أَيْ: إلَّا إنْ شَرَطُوا الذَّبَّ عَنْهُمْ فَيَجِبُ الدَّفْعُ كَمَا تَقَرَّرَ فِي بَابِ الْجِزْيَةِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْتَقِدُوا تَأْبِيدَهُ) اقْتَضَى هَذَا كَالْمَتْنِ عَدَمَ الْحُكْمِ بِالصِّحَّةِ إذَا لَمْ يَعْتَقِدُوهُ مُؤَبَّدًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ مَحْكُومٌ لَهُ بِالصِّحَّةِ كَمَا فِي نِكَاحِ الْمَحْرَمِ وَأَوْلَى غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُمْ لَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ لَوْ أَسْلَمُوا، وَلِهَذَا الْمَعْنَى تَرَكَ الْإِرْشَادُ هَذَا الْقَيْدَ هُنَا وَنَبَّهَ أَعْنِي ابْنَ الْمُقْرِي فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ عَلَى أَنَّ لِلْمُوَقَّتِ الَّذِي لَمْ يَعْتَقِدُوهُ مُؤَبَّدًا حُكْمَ الصَّحِيحِ فِي وُجُوبِ الْمُسَمَّى أَوْ نِصْفِهِ وَفِي التَّحْلِيلِ وَلُحُوقِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيّ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَصَحَّ مِنْ كُفَّارٍ نِكَاحُنَا وَنِكَاحُهُمْ. اهـ. وَقَوْلُهُ نِكَاحُنَا أَيْ النِّكَاح الصَّحِيح عِنْدَنَا وَإِنْ اعْتَقَدُوا فَسَادَهُ وَقَوْلُهُ وَنِكَاحُهُمْ أَيْ النِّكَاحُ الصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ وَإِنْ اعْتَقَدْنَا فَسَادَهُ وَفِي شَرْحِهِ لِلشِّهَابِ أَمَّا مَا لَيْسَ صَحِيحًا عِنْدَنَا وَلَا عِنْدَهُمْ كَنِكَاحٍ مُؤَقَّتٍ اعْتَقَدُوا فَسَادَهُ فَلَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَإِنْ تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ قَبْلَهُ أَحْكَامُ الصَّحِيحِ خِلَافًا لِلْحَاوِي. اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُلَاحَظْ مَعَهُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ بِإِزَاءِ قَوْلِ الْمَتْنِ وَسَبْقُ إسْلَامِ الْمَرَهْ (فَرْعٌ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَإِنْ نَكَحَ مُعْتَدَّةَ غَيْرِهِ وَلَوْ عَنْ شُبْهَةٍ أَوْ نَكَحَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا مُدَّةً فَانْقَضَتْ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْمُصَنِّفِ هُنَا فِي الصَّحِيحِ حَيْثُ قَالَ بِالصِّحَّةِ صف وَيُوَافِقُهُ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْتَقِدُوا تَأْبِيدَهُ فَإِنَّهُ أَيْضًا غَيْرُ صَحِيحٍ، وَإِنْ كَانَ مَحْكُومًا لَهُ بِالصِّحَّةِ إلَّا أَنَّ عَطْفَ قَوْلِهِ أَوْ كَانَ مُوَقَّتًا إلَخْ يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُوصَفُ بِالصِّحَّةِ، بَلْ يُحْكَمُ لَهُ بِهَا فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ شُرُوطَ الصِّحَّةِ عِنْدَنَا فَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ أَيْ: بِالْحُكْمِ بِهَا لِيَعُمَّ الصَّحِيحَ وَالْمَحْكُومَ لَهُ بِالصِّحَّةِ لَكِنَّ تَعْلِيلَهُ بِقَوْلِهِ؛ وَلِأَنَّهُمْ لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ قَاصِرٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَاَلَّذِي يُقَرُّ عَلَيْهِ مِمَّا حَكَمَ بِصِحَّتِهِ دُونَ مَا لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ مِنْهُ كَالْمُؤَقَّتِ الَّذِي اعْتَقَدُوا عَدَمَ تَأْبِيدِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا بِذَلِكَ) ظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَحْكُومًا لَهُ بِالصِّحَّةِ رُخْصَةً كَنِكَاحِ الْمَحَارِمِ مَثَلًا فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ آثَارُ الصَّحِيحِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ كَالصَّرِيحَةِ فِي ذَلِكَ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَحْوِ نِكَاحِ الْمَحَارِمِ أَنَّهُ لَمَّا لَزِمَنَا الذَّبُّ عَنْهُمَا كَانَ فِعْلُهُمَا كَلَا فِعْلٍ فَتَأَمَّلْ وَحَرِّرْ، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُقَرُّ عَلَى غَصْبِ حَرْبِيٍّ حَرْبِيَّةً إنْ اعْتَقَدُوهُ نِكَاحًا لَا عَلَى ذِمِّيٍّ ذِمِّيَّةً. اهـ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَالنِّكَاحُ الْمُوَقِّتُ إنْ اعْتَقَدُوهُ مُسْتَمِرًّا قَرَّرْنَاهُ، وَكَذَا الْغَصْبُ لَوْ اعْتَقَدَهُ غَيْرُ أَهْلِ الذِّمَّةِ نِكَاحًا نُقِرُّهُمْ عَلَيْهِ أَمَّا لَوْ غَصَبَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً فَلَا نُقِرُّهُمَا عَلَيْهِ. اهـ
وَهُمَا ظَاهِرَتَانِ فِي عَدَمِ التَّقْرِيرِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَتَأْبِيدًا رَأَوْا) أَيْ: رَأَوْا صِحَّتَهُ مَعَ تَأْبِيدِهِ، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْمُؤَقَّتَ الَّذِي اعْتَقَدُوا فَسَادَهُ لَا يُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ أَيْ: لَا يُعْطَى حُكْمَ الصَّحِيحِ، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُعْطَى حُكْمَهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَقَرُّونَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ، وَإِلَّا فَهُوَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَحْكَامُ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: رَأَوْا) أَيْ: اعْتَقَدُوا، وَالْعِبْرَةُ بِعَقِيدَةِ أَهْلِ مِلَّةِ الزَّوْجِ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَعْتَقِدُوا تَأْبِيدَهُ) سَوَاءٌ أَسْلَمَا قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْدَهُ شَرْحُ الرَّوْضِ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّرْحِ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِصِحَّتِهِ، وَإِنْ اعْتَقَدُوهُ صَحِيحًا وَقَيَّدَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِاعْتِقَادِهِمْ فَسَادَهُ فَلْيُحَرَّرْ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ مَا يُفِيدُ التَّعْمِيمَ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَقَرُّونَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَسْلَمَا قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا نِكَاحَ بَعْدَهَا فِي مُعْتَقِدِهِمْ
طَلَبِ الْفَسَادِ فِي الْإِسْلَامِ، فَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ، فَلَا شَيْءَ لَهَا لِانْفِصَالِ الْأَمْرِ وَمَا مَضَى فِي الْكُفْرِ لَا يُنْقَضُ، نَعَمْ لَوْ أَصْدَقَهَا حُرًّا مُسْلِمًا اسْتَرَقُّوهُ أَوْ عَبْدَ مُسْلِمٍ أَوْ مُكَاتَبَهُ أَوْ أُمَّ وَلَدِهِ ثُمَّ أَسْلَمَا بَعْدَ قَبْضِهِ أَبْطَلْنَاهُ، وَوَجَبَ مَهْرُ مِثْلِهَا وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ بِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا يُقَرُّ عَلَيْهَا الْكَافِرُ بِحَالٍ بِخِلَافِ الْخَمْرَةِ وَنَحْوِهَا وَلِأَنَّ الْفَسَادَ فِي الْخَمْرَةِ وَنَحْوِهَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَجَازَ الْعَفْوُ عَنْهُ وَفِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لِحَقِّ الْمُسْلِمِ، فَلَا يُعْفَى عَنْهُ قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمُسْلِمُ مُطْلَقًا كَذَلِكَ
بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ سَائِرُ مَا يَخْتَصُّ بِهِ غَيْرَ النَّاكِحِ، كَذَلِكَ حَتَّى لَوْ أَصْدَقَهَا خَمْرًا غَصَبَهُ مِنْ ذِمِّيٍّ آخَرَ فَقَبَضَهُ ثُمَّ أَسْلَمَا أَبْطَلْنَاهُ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَعُمُومُ كَلَامِهِمْ فِي بَابِ الصَّدَاقِ يَقْتَضِيهِ. (قِسْطَ) مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ: وَقَضَى لِلزَّوْجَةِ بِمَهْرِ مِثْلِهَا فِي تَسْمِيَةِ الْفَاسِدِ إنْ لَمْ تَقْبِضْ مِنْهُ شَيْئًا قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَبِقِسْطِهِ (مَا لَمْ يُقْبَضْ) إنْ قَبَضَتْ مِنْهُ شَيْئًا قَبْلَ ذَلِكَ وَيَمْتَنِعُ تَسْلِيمُ مَا لَمْ تَقْبِضْهُ مِنْ الْفَاسِدِ، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ كَاتَبَ ذِمِّيٌّ عَبْدَهُ بِعِوَضٍ فَاسِدٍ وَقَبَضَ بَعْضَهُ ثُمَّ أَسْلَمَا حَيْثُ يُسَلِّمُ بَاقِيَهُ بِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْكِتَابَةِ بِحُصُولِ الصِّفَةِ ثُمَّ يَلْزَمُهُ تَمَامُ قِيمَتِهِ، وَلَا يَحُطُّ مِنْهَا قِسْطَ الْمَقْبُوضِ فِي الْكُفْرِ لِتَعَلُّقِ الْعِتْقِ بِأَدَاءِ آخِرِ النُّجُومِ، وَقَدْ جَرَى فِي الْإِسْلَامِ فَكَانَ بِمَثَابَةِ مَا لَوْ كَاتَبَهُ فِي الْإِسْلَامِ بِعِوَضٍ فَاسِدٍ يَعْتِقُ بِالصِّفَةِ، وَيَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ، وَيُعْتَبَرُ التَّقْسِيطُ فِي الْفَاسِدِ. (بِقِيمَةٍ) لَهُ بِفَرْضِهِ مَالًا وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ وَفِي الْمِثْلِيِّ إذَا تَعَدَّدَ الْجِنْسُ دُونَ مَا إذَا اتَّحَدَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (قُلْتُ وَفِي الْمِثْلِيِّ إذَا فَرَضْنَاهُ مِنْ الْمَالِيِّ وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ اعْتَبِرْ) أَنْتَ التَّقْسِيطَ. (بِالْقَدْرِ) مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ (لَا قِيمَةٍ) أَيْ: لَا بِالْقِيمَةِ (كَنِصْفِ زِقِّ خَمْرِ) قَبَضْتَهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ بَعْدَ أَنْ أَصْدَقَهَا الزِّقَّ، فَلَهَا نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَوْ أَصْدَقَهَا زِقَّيْ خَمْرٍ وَقَبَضَتْ أَحَدَهُمَا، فَإِنْ تَسَاوَيَا فِي الْقَدْرِ، فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَيُعْتَبَرُ الْكَيْلُ وَقِيلَ: الْوَزْنُ وَقِيلَ: الْعَدَدُ، نَعَمْ إنْ زَادَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ قِيمَةً لِزِيَادَةِ وَصْفٍ فِيهِ اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ فَيَجِبُ اعْتِبَارُ اتِّحَادِ الْمِثْلِيِّ فِي الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ، وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ تَعَدَّدَ جِنْسُ الْمِثْلِيِّ كَزِقِّ خَمْرٍ وَزِقِّ بَوْلٍ فَقَبَضَتْ بَعْضَ كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ الْقَدْرُ أَيْضًا لَا الْقِيمَةُ، عَكْسُ مَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ النَّظْمِ وَقَوْلُهُ: إذَا فَرَضْنَاهُ مِنْ الْمَالِيِّ مُتَعَلِّقٌ بِاعْتُبِرْ بِالْقَدْرِ، وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ. (لَا لِلَّتِي) أَيْ: قَضَى بِالْمَهْرِ فِيمَا ذَكَرَ لِمَنْ لَمْ تُفَوِّضْ بُضْعَهَا أَوْ فَوَّضَتْهُ وَلَمْ يَعْتَقِدُوا تَأْبِيدَ نَفْيِ مَهْرِهَا بِالتَّفْوِيضِ لَا لِلَّتِي (قَدْ فَوَّضَتْ وَاعْتَقَدُوا بِأَنَّ نَفْيَ مَهْرِهَا) بِالتَّفْوِيضِ.
(يُؤَبِّدُ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ، فَلَا مَهْرَ لَهَا وَإِنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ اسْتِحْقَاقُ وَطْءٍ بِلَا مَهْرٍ، وَلَا يُشْكِلُ بِمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً تَفْوِيضًا وَتَرَافَعَا إلَيْنَا حَكَمْنَا لَهَا بِالْمَهْرِ، إذْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُمَا اعْتَقَدَا أَنْ لَا مَهْرَ بِحَالٍ
. (لَوْ طَلَّقَ) الْكَافِرُ (الْأُخْتَيْنِ
ــ
[حاشية العبادي]
الْعِدَّةُ أَوْ الْمُدَّةُ قَبْلَ إسْلَامِهِمَا أَيْ: إسْلَامِ كُلٍّ مِنْهُمَا أُقِرَّا عَلَى النِّكَاحِ، وَإِلَّا أَيْ: وَإِنْ لَمْ تُنْقَضْ الْعِدَّةُ أَوْ الْمُدَّةُ قَبْلَ إسْلَامِهِمَا بِأَنْ انْقَضَتْ مَعَهُمَا أَوْ بَعْدَهُمَا أَوْ بَيْنَهُمَا، فَلَا يُقَرَّانِ عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ مُبَعَّضَةً، فَلَا شَيْءَ لَهَا) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ، وَلَوْ كَانَتْ الْقَابِضَةُ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ سَفِيهَةً بِرّ (قَوْلُهُ: بِقِيمَةٍ) أَيْ: تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا وَقِيلَ يُقَدِّرُ الْخَمْرَ خَلًّا وَالْخِنْزِيرَ شَاةً مُقَارِبَةً كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ كَغَيْرِهِ بِفَرْضِهِ مَالًا فَمَعْنَاهُ أَنَّا نَفْرِضُهُ مَالًا لِيَضْمَنَ ثُمَّ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا بِرّ (قَوْلُهُ: إذَا فَرَضْنَاهُ) أَيْ: فَرَضْنَاهُ كَيْ يَضْمَنَ بِرّ. (قَوْلُهُ: مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي تَقْسِيطِ الْخَمْرِ وَنَحْوِهَا مِمَّا هُوَ مِثْلِيٌّ لَوْ فُرِضَ مَالًا الْكَيْلُ، وَلَوْ تَعَدَّدَ الزِّقُّ فَلَوْ أَصْدَقَهَا زِقَّيْ خَمْرٍ فَقَبَضَتْ أَحَدَهُمَا اُعْتُبِرَ فِي التَّقْسِيطِ الْكَيْلُ لَا الْوَزْنُ وَلَا الْعَدَدُ وَلَا الْقِيمَةُ إلَخْ اهـ فَقَوْلُ الشَّارِحِ: مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَشَارَ إلَى الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرَهُ ثَانِيًا (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْكِلُ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَاسْتَشْكَلَ بِمَا يَأْتِي فِي الصَّدَاقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً تَفْوِيضًا
ــ
[حاشية الشربيني]
وَقَبْلَهَا يَعْتَقِدُونَهُ مُؤَقَّتًا، وَمِثْلُهُ لَا يَحِلُّ ابْتِدَاؤُهُ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي التُّحْفَةِ ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ قُلْتَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مُؤَقَّتٍ اعْتَقَدُوا صِحَّتَهُ مَعَ التَّأْقِيتِ وَنَحْوِ نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَشُهُودٍ اعْتَقَدُوا صِحَّتَهُ؟ قُلْتُ الْفَرْقُ أَنَّ أَثَرَ التَّأْقِيتِ مِنْ زَوَالِ الْعِصْمَةِ عِنْدَ انْتِهَاءِ الْوَقْتِ بَاقٍ فَلَمْ يُنْظَرْ لِاعْتِقَادِهِمْ. اهـ (قَوْلُهُ: قَبَضَتْهُ) أَيْ: قَبْلَ الْإِسْلَامِ، وَلَوْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَقَبْضُهُ بَعْدَ إسْلَامِ أَحَدِهِمَا كَعَدَمِهِ وَدَخَلَ فِي قَبْضِهَا قَبْضُ وَلِيِّهَا، وَهِيَ غَيْرُ رَشِيدَةٍ. اهـ. ق ل وَظَاهِرُهُ أَنَّ قَبْضَ غَيْرِ الرَّشِيدَةِ كَعَدَمِهِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر فَإِنْ قَبَضَتْهُ أَيْ: الرَّشِيدَةُ أَوْ قَبَضَهُ وَلِيٌّ غَيْرَهَا. اهـ وَمِثْلُهُ حَجَرٌ ثُمَّ قَالَ: وَإِلَّا أَيْ: بِأَنْ قَبَضَتْهُ غَيْرُ الرَّشِيدَةِ بِنَفْسِهَا رَجَعَ لِاعْتِقَادِهِمْ عَلَى الْأَوْجَهِ. اهـ
(قَوْلُهُ: وَاتَّحَدَ الْجِنْسُ إلَخْ) عِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالتَّقْسِيطُ يُعْتَبَرُ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ مَنْ يَرَاهَا إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا أَوْ مِثْلِيًّا مَعَ مُتَقَوِّمٍ أَوْ مِثْلِيًّا اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُ، وَلَوْ بِسَبَبٍ وَصْفٍ كَخَمْرِ عِنَبٍ أَكْثَرَ قِيمَةً مِنْ خَمْرِ غَيْرِهِ، وَإِلَّا فَالتَّقْسِيطُ يُعْتَبَرُ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ وَإِنْ اخْتَلَفَ جِنْسُهُ كَبَوْلٍ وَخَمْرٍ قَالَهُ شَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ. اهـ. وَهُوَ وَجِيهٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: زِقَّيْ خَمْرٍ) أَيْ: اتَّحَدَتْ قِيمَتُهُمَا، وَإِلَّا قُسِّطَ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: فَيُعْتَبَرُ الْكَيْلُ) مُعْتَمَدٌ م ر. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْعَدَدُ) فَيُعْتَبَرُ كُلٌّ مِنْ الِاثْنَيْنِ نِصْفٌ وَمِنْ الثَّلَاثَةِ ثُلُثٌ، وَهَكَذَا بِدُونِ اعْتِبَارِ قَدْرِ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ (قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ فِيهِ
أَوْ رَقِيقَهْ وَحُرَّةً مُثَلَّثًا تَطْلِيقَهْ) لِكُلٍّ مِنْهُمَا (ثُمَّ) بَعْدَ الطَّلَاقِ (الْجَمِيعُ) مِنْهُ وَمِنْهُمَا. (أَسْلَمُوا فَلَيْسَ لَهْ نِكَاحُ إحْدَى) أَيْ: وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا. (لَمْ تَكُنْ مُحَلَّلَهْ) أَيْ: بِلَا تَحْلِيلٍ لِمُصَادَفَةِ طَلَاقِهِمَا حَالَةَ صِحَّةِ نِكَاحِهِمَا. (وَإِنْ جَمِيعًا) أَيْ: دُفْعَةً. (أَسْلَمُوا أَوْ سَبَقَا) أَيْ: أَوْ سَبَقَهُمَا الزَّوْجُ إلَى الْإِسْلَامِ (أَوْ) سَبَقَهُ إلَيْهِ (ثَانِ) أَيْ: الزَّوْجَتَانِ وَاجْتَمَعَ الْإِسْلَامَانِ فِي الْعِدَّةِ (ثُمَّ) بَعْدَ الْإِسْلَامِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ (بِالثَّلَاثِ طَلَّقَا) أَيْ: طَلَّقَهُمَا ثَلَاثًا ثَلَاثًا مَعًا، وَلَوْ بَيْنَ الْإِسْلَامَيْنِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ. (فَخِيرَةُ الْأُخْتَيْنِ وَالْحُرَّةِ لَا يَنْكِحْ) أَيْ: فَلَا يَنْكِحُ الْمُخْتَارَةَ مِنْ الْأُخْتَيْنِ، وَلَا الْحُرَّةَ. (بِلَا مُحَلِّلٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ الْإِسْلَامُ انْدَفَعَ نِكَاحُ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ وَالْأَمَةِ، وَالطَّلَاقُ إنَّمَا يَنْفُذُ فِي الْمَنْكُوحَةِ، وَهِيَ الْمُخْتَارَةُ مِنْ الْأُخْتَيْنِ وَالْحُرَّةِ دُونَ غَيْرِهَا، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى مُحَلِّلٍ وَقَيَّدَ مِنْ زِيَادَتِهِ الِاحْتِيَاجَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ إلَى مُحَلِّلٍ بِقَوْلِهِ:(إنْ دَخَلَا) أَيْ: الزَّوْجُ بِهِمَا، وَإِلَّا تَعَجَّلَتْ الْفُرْقَةُ بِسَبْقِ إسْلَامِهِ أَوْ إسْلَامِهِمَا فَلَا يَلْحَقُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا طَلَاقٌ، فَلَا يَحْتَاجَانِ إلَى مُحَلِّلٍ، أَمَّا إذَا لَمْ يَجْتَمِعْ الْإِسْلَامَانِ فِي الْعِدَّةِ فَالْفُرْقَةُ بِالْإِسْلَامِ لَا بِالطَّلَاقِ، فَلَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا فِيهَا دُونَ أُخْرَى تَعَيَّنَ الطَّلَاقُ فِي الْمُسْلِمَةِ فَتَحْتَاجُ إلَى مُحَلِّلٍ دَوْنَ الْمُتَخَلِّفَةِ
وَأَمَّا إذَا طَلَّقَهُمَا مُرَتَّبًا فَتَتَعَيَّنُ الْأُولَى لِلنِّكَاحِ، فَلَا يَخْتَارُهَا؛ لِأَنَّهَا مُطَلَّقَةً، وَلَا الْأُخْرَى لِأَنَّهَا انْدَفَعَتْ إلَّا أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ فِيهَا إلَى مُحَلِّلٍ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْأُخْتَيْنِ دُونَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ، وَإِذَا أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ (قُرِّرَ) نِكَاحُهُمَا لِحُكْمِنَا بِصِحَّتِهِ فِي الْكُفْرِ (لَا إنْ قَارَنَ الَّذِي فَسَدْ بِهِ) النِّكَاحُ (سِوَى الطَّارِئِ إسْلَامَ أَحَدْ) مِنْهُمَا كَأَنْ نَكَحَ مَحْرَمَهُ أَوْ مُطَلَّقَتَهُ ثَلَاثًا بِلَا تَحْلِيلٍ، أَوْ نَكَحَ امْرَأَةً فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ أَوْ بِشَرْطِ خِيَارٍ وَبَقِيَتْ الْعِدَّةُ وَمُدَّةُ الْخِيَارِ إلَى إسْلَامِ أَحَدِهِمَا، فَإِنَّهُ لَا يُقَرَّرُ، إذْ يَمْتَنِعُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا فِي الْإِسْلَامِ وَاكْتَفَوْا بِمُقَارَنَةِ الْمُفْسِدِ إسْلَامَ أَحَدِهِمَا تَغْلِيبًا لِلْفَسَادِ، فَإِنْ لَمْ يُقَارِنْهُ كَأَنْ نَكَحَ بِلَا وَلِيٍّ، وَلَا شُهُودٍ أَوْ زَوْجِ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ الثَّيِّبِ أَوْ غَيْرِهِمَا الْبِكْرَ أَوْ الثَّيِّبَ بِالْإِجْبَارِ أَوْ رَاجَعَ الرَّجْعِيَّةَ فِي الْقُرْءِ الرَّابِعِ مَعَ اعْتِقَادِ امْتِدَادِ الرَّجْعَةِ إلَيْهِ قُرِّرَ النِّكَاحُ لِانْتِفَاءِ الْمُفْسِدِ عِنْدَ الْإِسْلَامِ وَخَرَجَ بِسِوَى الطَّارِئِ الْمُفْسِدُ الطَّارِئُ إذَا قَارَنَ إسْلَامَ أَحَدِهِمَا، فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَرْفَعْ النِّكَاحَ كَأَنْ وُطِئَتْ بَعْدَهُ بِشُبْهَةٍ وَبَقِيَتْ الْعِدَّةُ إلَى إسْلَامِ أَحَدِهِمَا قُرِّرَ، وَإِنْ رَفَعَهُ كَرَضَاعٍ
ــ
[حاشية العبادي]
وَتَرَافَعَا إلَيْنَا حَكَمْنَا بِالْمَهْرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا هُنَا فِي الْحَرْبِيَّتَيْنِ، وَفِيمَا إذَا اعْتَقَدُوا أَنْ لَا مَهْرَ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فِيهِمَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: انْدَفَعَ نِكَاحًا إلَخْ) هَذَا الِانْدِفَاعُ يُسْنَدُ إلَى وَقْتِ إسْلَامِ الْجَمِيعِ فِيمَا لَوْ أَسْلَمُوا مَعًا وَإِلَى وَقْتِ إسْلَامِ الْمُتَقَدِّمِ فِيمَا لَوْ أَسْلَمُوا مُرَتَّبًا بِرّ. (قَوْلُهُ: دُونَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحُرَّةَ دَافِعَةٌ لِلْأَمَةِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا أَيْ: فَالطَّلَاقُ إنَّمَا يَلْحَقُ الْحُرَّةُ، وَإِنْ تَأَخَّرَ طَلَاقُهَا. (قَوْلُهُ: لَا إنْ قَارَنَ الَّذِي فَسَدَ بِهِ) وَالْمُرَادُ بِالْمُفْسَدِ عِنْدَنَا مَا أَجْمَع عَلَيْهِ عُلَمَاءُ مِلَّتِنَا لَا غَيْرُ ح ج. (قَوْلُهُ: مَعَ اعْتِقَادِ إلَخْ) هَلْ يُعْتَبَرُ نَظِيرُهُ فِيمَا قَبْلَهُ؟ . (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَرْفَعْ النِّكَاحَ إلَخْ) فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ وُطِئَتْ إلَخْ) قَالَ الشَّارِحُ: وَصَوَّرَ الرَّافِعِيُّ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ بَيْنَ الْإِسْلَامَيْنِ
ــ
[حاشية الشربيني]
إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الذِّمِّيَّيْنِ إذَا اعْتَقَدَا أَنْ لَا مَهْرَ لَا يُقْضَى بِهِ
(قَوْلُهُ: ثُمَّ الْجَمِيعُ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ قَبْلَ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَمِيعًا أَسْلَمُوا إلَخْ) أَيْ: وَالْحُرَّةُ حِينَئِذٍ صَالِحَةٌ لِلتَّمَتُّعِ حَتَّى يَتِمَّ مَا يَأْتِي مِنْ انْدِفَاعِ الْأَمَةِ بِالْإِسْلَامِ وَلَا يُقَال: إنَّ الِاجْتِمَاعَ فِي الْإِسْلَامِ كَالِابْتِدَاءِ وَالْأَمَةُ لَا تُقَارِنُ الْحُرَّةَ، وَلَوْ غَيْرَ صَالِحَةٍ؛ لِأَنَّهُ دَوَامٌ قَطْعًا إلَّا أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الِابْتِدَاءِ فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يُعْطَى سَائِرَ أَحْكَامِهِ. اهـ. م ر. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: أَوْ سَبَقَا أَوْ سَبَقَهُ إلَخْ) أَيْ: بِأَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ الْوَطْءِ أَوْ أَسْلَمَا كَذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَطَأْ أَوْ لَمْ يَجْتَمِعْ الْإِسْلَامَانِ فِي الْعِدَّةِ تَعَجَّلَتْ الْفُرْقَةُ بِسَبْقِ إسْلَامِهِ أَوْ إسْلَامِهِمَا شَرْحُ الْإِرْشَادِ وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إنْ دَخَلَا. (قَوْلُهُ: لَا إنْ قَارَنَ الَّذِي فَسَدَ إلَخْ) حَاصِلُ مَا تَحَرَّرَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوجَدْ مَانِعٌ عِنْدَ الْعَقْدِ وَالْإِسْلَامِ لَمْ يَضُرَّ الْمَانِعُ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ وُجِدَ فَإِمَّا أَنْ يَقْتَضِيَ التَّأْبِيدَ لِلتَّحْرِيمِ فَيَضُرُّ مُطْلَقًا، وَإِمَّا أَنْ لَا يَقْتَضِيَهُ فَيَضُرُّ إنْ قَارَنَهُمَا فَإِنْ قَارَنَ الْعَقْدَ فَقَطْ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ قَارَنَ الْإِسْلَامَ فَقَطْ لَمْ يَضُرَّ إلَّا فِي نِكَاحِ أَمَةٍ انْتَفَتْ شُرُوطُهُ عِنْدَ إسْلَامِهِمَا فَلَا بُدَّ فِي إفَادَةِ زَوَالِ الْمُفْسِدِ الصِّحَّةَ مِنْ زَوَالِهِ عِنْدَ إسْلَامِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْهُمَا إلَّا فِي الْأَمَةِ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ زَوَالُهُ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى الْإِسْلَامِ تَأَمَّلْهُ، وَعِبَارَةُ خ ط.
(فَائِدَةٌ)
الْمُفْسِدُ لِلنِّكَاحِ عِنْدَ الْإِسْلَامِ إنْ كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ وَاسْتَمَرَّ بَعْدَهُ كَفَى فِي بُطْلَانِ النِّكَاحِ اقْتِرَانُهُ بِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ كَانَ طَارِئًا كَالْيَسَارِ وَأَمْنِ الْعَنَتِ فِي الْأَمَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ اقْتِرَانِهِ بِإِسْلَامِهِمَا فَعَلَى هَذَا لَوْ أَسْلَمَ عَلَى ثَلَاثِ إمَاءٍ فَأَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ مُعْسِرٌ خَائِفَ الْعَنَتِ ثُمَّ الثَّانِيَةُ فِي عِدَّتِهَا، وَهُوَ مُوسِرٌ ثُمَّ الثَّالِثَةُ كَذَلِكَ، وَهُوَ مُعْسِرٌ خَائِفَ الْعَنَتِ انْدَفَعَتْ الْوُسْطَى وَتَخَيَّرَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْفَسَادَ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي انْدِفَاعِ النِّكَاحِ إذَا اقْتَرَنَ بِإِسْلَامِهِمَا جَمِيعًا بِخِلَافِ مَا لَوْ نَكَحَهَا فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ ثُمَّ أَسْلَمَ الْآخَرُ لَمْ يَدُمْ النِّكَاحُ لِمَا مَرَّ. اهـ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ. (قَوْلُهُ: مَعَ اعْتِقَادِ امْتِدَادِ الرَّجْعَةِ إلَيْهِ) لَمْ يُقَيِّدْ مَا قَبْلَهُ بِاعْتِقَادِهِمْ صِحَّتَهُ؛ لِأَنَّ مَا أَفْسَدَ عِنْدَهُمْ وَلَمْ يَفْسُدْ عِنْدَنَا بِأَنْ قَالَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ
وَوَطْءٍ رَافِعَيْنِ لَهُ، فَلَا. (وَ) لَا إنْ قَارَنَ (الْيُسْرُ أَوْ أَمْنُ الزِّنَا فِي) نِكَاحِ (الْأَمَةِ وَإِنْ طَرَا) أَحَدَهُمَا عَلَيْهِ. (الْإِسْلَامُ مِنْ هَذَا) أَيْ: الزَّوْجِ. (وَتِي) أَيْ: الزَّوْجَةِ، فَإِنَّهُ لَا يُقَرَّرُ نِكَاحَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُقَارِنْ إسْلَامَهُمَا كَأَنْ أَسْلَمَ عَلَيْهَا، وَهُوَ مُوسِرٌ أَوْ أَمِنَ الزِّنَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ، وَهُوَ مُعْسِرٌ خَائِفَ الزِّنَا أَوْ بِالْعَكْسِ، فَإِنَّهُ يُقَرَّرُ نِكَاحُهُمَا لِانْتِفَاءِ الْمُفْسِدِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْإِسْلَامِ وَاعْتُبِرَ هُنَا مُقَارَنَةُ إسْلَامِهِمَا مَعًا؛ لِأَنَّ وَقْتَ اجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ هُوَ وَقْتُ جَوَازِ نِكَاحِ الْأَمَةِ، فَإِنَّهُ إنْ سَبَقَ إسْلَامُهُ
فَالْأَمَةُ الْكَافِرَةُ لَا تَحِلُّ لَهُ أَوْ إسْلَامُهَا، فَالْمُسْلِمَةُ لَا تَحِلُّ لِلْكَافِرِ فَكَانَ اجْتِمَاعُهُمَا فِي الْإِسْلَامِ شَبِيهًا بِحَالِ ابْتِدَاءِ نِكَاحِ الْأَمَةِ، وَاعْتُبِرَ الطَّارِئُ هُنَا دُونَ مَا مَرَّ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْأَمَةِ بَدَلٌ يُعْدَلُ إلَيْهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْحُرَّةِ، وَالْبَدَلُ أَضْيَقُ حُكْمًا مِنْ الْأَصْلِ فَجَرَوْا فِيهِ عَلَى التَّطْبِيقِ اللَّائِقِ بِهِ
(وَحُكْمُنَا) فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ (بِالْحَقِّ) بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ أَوْ مُعَاهَدٍ وَبَيْنَ ذِمِّيٍّ وَمُعَاهَدٍ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُ الْآتِي (إنْ خَصْمٌ) مِنْهُمَا (رَضِي) بِحُكْمِنَا بِأَنْ اسْتَعْدَى عَلَى خَصْمِهِ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ خَصْمُهُ. (حَتْمٌ) أَيْ: وَاجِبٌ كَالْحُكْمِ بَيْنَنَا؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ مَنْعُ الظُّلْمِ عَنْ الذِّمِّيِّ كَالْمُسْلِمِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَهَذِهِ نَاسِخَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 42] وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا فِي شُرْبِ الْخَمْرِ فَإِنَّهُمْ لَا يُحَدُّونَ، وَإِنْ رَضُوا بِحُكْمِنَا، لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ، كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الزِّنَا وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ وَقَالَ الْإِمَامُ: إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ (فَقَرَّرْنَا) أَيْ: إذَا تَرَافَعَ إلَيْنَا ذِمِّيَّانِ أَوْ ذِمِّيٌّ وَمُعَاهَدٌ فِي نِكَاحٍ فَنُقَرِّرُ لَهُمَا. (نِكَاحًا يَقْتَضِي) شَرَعْنَا. (تَقْرِيرَهُ لَوْ صَارَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (مُهْتَدِي) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ أَيْ: مُسْلِمًا وَنُبْطِلُ مَا لَا نُقَرِّرُهُ لَوْ أَسْلَمَا، فَلَوْ نَكَحَ بِلَا وَلِيٍّ، وَلَا شُهُودٍ قَرَّرْنَاهُ وَحَكَمْنَا بِالنَّفَقَةِ (لَا الْحُكْمُ بِالْإِنْفَاقِ حَالَ) قِيَامِ (الْمُفْسِدِ) الْمُقَارِنِ لِلْعَقْدِ فَلَيْسَ بِحَتْمٍ، بَلْ لَيْسَ بِجَائِزٍ، فَلَوْ نَكَحَهَا فِي الْعِدَّةِ وَتَرَافَعَا إلَيْنَا فِيهَا لِأَمْرِ الْإِنْفَاقِ لَمْ نَحْكُمْ بِهِ كَمَا لَا نَحْكُمُ بِتَقْرِيرِ نِكَاحِهِمَا لَوْ تَرَافَعَا لِأَمْرِهِ فِيهَا، بَلْ نُلْغِيهِ، وَهَذَا مَفْهُومٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَلَعَلَّهُ صَرَّحَ بِهِ لِرَفْعِ إيهَامِ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ هُنَا فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ
ــ
[حاشية العبادي]
وَاسْتَشْكَلَ الْقَفَّالُ عُرُوضَ هَذِهِ الشُّبْهَةِ فَإِنَّ أَحَدَهُمَا إذَا أَسْلَمَ جَرَتْ فِي عِدَّةِ النِّكَاحِ، وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى عِدَّةِ الشُّبْهَةِ، فَإِسْلَامُ الْآخَرِ يَكُونُ فِي عِدَّةِ النِّكَاحِ لَا فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ، نَعَمْ لَوْ حَبِلَتْ بِالشُّبْهَةِ تَقَدَّمَتْ عِدَّةُ الشُّبْهَةِ وَأَمْكَنَ اقْتِرَانُهَا بِإِسْلَامِ الْآخَرِ، وَحِينَئِذٍ يَنْدَفِعُ النِّكَاحُ اعْتِبَارًا بِالِابْتِدَاءِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا لَمْ يُتَيَقَّنْ جَرَيَانُهَا فِي عِدَّةِ النِّكَاحِ بِالْإِصْرَارِ إلَى انْقِضَائِهَا، أَمَّا لَوْ أَسْلَمَ الْمُتَخَلِّفُ فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمَاضِيَ لَيْسَ عِدَّةَ نِكَاحٍ، بَلْ عِدَّةُ الشُّبْهَةِ اهـ وَبِهَامِشِهِ نَقْلًا عَنْ الْمُنَاوِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ اعْتِبَارًا بِالِابْتِدَاءِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ، وَهُوَ أَنَّ الِاخْتِيَارَ وَالْإِمْسَاكَ كَابْتِدَاءِ الْعَقْدِ وَأَنَّ إطْلَاقَ أَصْلِ الرَّوْضَةِ يَتَنَاوَلُ مَا إذَا حَبِلَتْ مِنْ الشُّبْهَةِ، وَأَنَّ هَذَا لَا مَحِيصَ عَنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَوَطْءِ) أَيْ: كَوَطْءِ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ طَرَأَ إلَخْ) صَرِيحٌ فِي عُمُومِ الْمَسْأَلَةِ لِلْمُقَارِنِ لِلنِّكَاحِ وَالطَّارِئِ بَعْدَهُ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْمُقَارِنِ إذَا انْتَفَى عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامَيْنِ، وَهَذَا يُشْكِلُ عَلَى السُّبْكِيّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي هَامِشٍ وَبَدْؤُهُ لِأَمَةٍ لَوْ حُرَّةً إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا) أَيْ: الْيُسْرُ أَوْ أَمْنُ الزِّنَا، وَقَوْلُهُ: عَلَيْهِ أَيْ: النِّكَاحِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ أَسْلَمَتْ وَهُوَ مُوسِرٌ أَوْ أَمِنَ الزِّنَا ثُمَّ أَسْلَمَ، وَهُوَ مُعْسِرٌ أَوْ خَائِفُ الزِّنَا اهـ بِخَطِّهِ. (قَوْلُهُ: وَالْبَدَلُ أَضْيَقُ) قَدْ يُقَالُ: قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ طَرَأَ مُفْسِدٌ كَعِدَّةِ الشُّبْهَةِ ضَرَّ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ
. (قَوْلُهُ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ إلَخْ) هَلَّا صَرَّحَ بِقَوْلِهِ أَوْ ذِمِّيَّيْنِ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ نَكَحَهَا فِي الْعِدَّةِ إلَخْ) أَوْ يَشْرِطُ الْخِيَارَ وَتَرَافَعَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ. (قَوْلُهُ: وَتَرَافَعَا إلَيْنَا فِيهَا إلَخْ) كَالصَّرِيحِ فِي أَنْ نُلْغِيَ هَذَا النِّكَاحَ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ رِضًى بِحُكْمِنَا وَرَاءَ مَا تَضَمَّنَهُ التَّرَافُعُ، بَلْ قَوْلُهُ: وَهَذَا مَفْهُومٌ مِمَّا قَبْلَهُ إلَخْ يُشْعِرُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ رِضًى زَائِدٍ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ التَّرَافُعُ فِي كُلِّ تَرَافُعٍ فِيمَا يُقَرُّونَ عَلَيْهِ لَكِنْ فِي الرَّوْضِ
ــ
[حاشية الشربيني]
يِقَرُّونَ عَلَيْهِ فَلْيُنْظَرْ هَلْ فِي كُلٍّ مِنْ تِلْكَ الْمَسَائِلِ خِلَافٌ؟ . (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ حِينَئِذٍ) فَالْمَدَارُ عَلَى الْحِلِّ الْآنَ لَا عِنْدَ الْعَقْدِ فَلَوْ نَكَحَ الْأَمَةَ أَوَّلًا، وَهُوَ مُعْسِرٌ خَائِفُ الْعَنَتِ ثُمَّ نَكَحَ الْحُرَّةَ ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ أَسْلَمَا لَمْ يُقَرَّ عَلَى نِكَاحِ الْأَمَةِ نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ كَالِابْتِدَاءِ لَا الدَّوَامِ. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ. (قَوْلُهُ: اللَّائِقِ بِهِ) ؛ لِأَنَّ الْإِبْدَالَ أَضْيَقُ حُكْمًا مِنْ الْأُصُولِ
(قَوْلُهُ: بِأَنْ اسْتَعْدَى إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ الطَّالِبُ.
(قَوْلُهُ: وَهَذِهِ نَاسِخَةٌ إلَخْ) فِي الْمُحَلَّى أَنَّ الْآيَةَ الثَّانِيَةَ فِي الْمُعَاهَدِينَ وَعَلَى هَذَا لَا حَاجَةَ لِدَعْوَى النَّسْخِ، وَلَوْ قِيلَ بِهِ يَلْزَمُ الْحُكْمُ بَيْنَ الْمُعَاهَدِينَ وَقَدْ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه إلَى الْمَنْعِ وَالْإِيجَابِ بِأَنَّ النَّسْخَ فِي الْحَقِيقَةِ لِقِيَاسِ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُعَاهَدِينَ الَّذِينَ وَرَدَتْ فِيهِمْ الْآيَةُ وَلَمَّا كَانَتْ الْآيَةُ أَصْلًا لِلْقِيَاسِ جُعِلَتْ الْآيَةُ الْأُخْرَى نَاسِخَةً لَهَا مِنْ حَيْثُ الْمَنْعُ مِنْ صِحَّةِ الْقِيَاسِ عَلَيْهَا. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمُحَلَّى وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ مَوْرِدُ الْآيَتَيْنِ مُخْتَلِفًا فَلَا يَتَأَتَّى النَّسْخُ فِي الْحُكْمِ لَكِنْ يَتَأَتَّى فِي صِحَّةِ الْقِيَاسِ فَإِنَّهُ لَوْلَاهَا لَصَحَّ تَدَبَّرْ وَفِي ق ل اعْتِرَاضُ عَلَى ذَلِكَ فَانْظُرْهُ وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ أَنَّهُمْ قَاسُوا الذِّمِّيِّينَ عَلَى الْمُعَاهَدِينَ قَبْلَ نُزُولِ قَوْله تَعَالَى {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ} [المائدة: 49] فَلَمَّا نَزَلَ كَانَ نَاسِخًا لِهَذَا الْقِيَاسِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الْحُكْمُ بَيْنَ الْمُعَاهَدِينَ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِمْ أَحْكَامَنَا. اهـ. وَسَيَأْتِي هَذَا الْأَخِيرُ قَرِيبًا. (قَوْلُهُ: وَانْدَفَعَ) أَيْ: مِنْ حِينِ الْإِسْلَامِ إنْ أَسْلَمُوا مَعًا، وَإِلَّا فَمِنْ إسْلَامِ السَّابِقِ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ الْمُنْدَفِعَةِ فَتَجِبُ
فِي الْمَتْبُوعِ.
(وَلَا) يَلْزَمُنَا الْحُكْمُ (لِمَنْ قَدْ عُوهِدَا) بِأَلْفِ التَّثْنِيَةِ وَفِي نُسْخَةٍ عُوهِدُوا بِوَاوِ الْجَمْعِ أَيْ: لِلْمُعَاهَدِينَ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَلْتَزِمُوا حُكْمَنَا، وَلَا الْتَزَمْنَا دَفْعَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُنَا الْحُكْمُ بَيْنَ حَرْبِيَّيْنِ، وَلَا بَيْنَ حَرْبِيٍّ وَمُعَاهَدٍ
. (وَاخْتَارَا) أَيْ: الْحُرُّ إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَكُنَّ كِتَابِيَّاتٍ أَوْ أَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهِنَّ أَرْبَعًا وَانْدَفَعَ نِكَاحُ الزَّائِدِ «لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِغَيْلَانَ وَقَدْ أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، وَسَوَاءٌ نَكَحَهُنَّ مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا حَتَّى لَوْ اخْتَارَ مِنْهُنَّ الْأَخِيرَاتِ جَازَ، وَإِذَا مَاتَ بَعْضُهُنَّ فَلَهُ اخْتِيَارُ الْمَيِّتَاتِ، وَيَرِثُ مِنْهُنَّ، كُلُّ ذَلِكَ لِتَرْكِ الِاسْتِفْصَالِ فِي الْخَبَرِ. (وَلَوْ فِي الْإِحْرَامِ هُمَا) أَيْ: الزَّوْجُ وَمُخْتَارَاتُهُ (قَدْ صَارَا) ، فَإِنَّهُ يَخْتَارُ فِيهِ أَرْبَعًا؛ لِأَنَّ عُرُوضَهُ لَا يُؤَثِّرُ كَمَا فِي أَنْكِحَتِنَا؛ وَلِأَنَّ الْإِمْسَاكَ اسْتِدَامَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ فَجَازَ مَعَ الْإِحْرَامِ كَالرَّجْعَةِ. (وَ) لَوْ فِي. (عِدَّةِ الشُّبْهَةِ) لِمَا قُلْنَاهُ. (لَا فِي الرِّدَّهْ) مِنْهُ أَوْ مِنْهُنَّ أَوْ مِنْهُمَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ مُنَافَاتَهَا لِلنِّكَاحِ أَشَدُّ مِنْ الْإِحْرَامِ وَالْعِدَّةِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تَقْطَعُهُ فِي الْجُمْلَةِ، وَلَا يَجُوزُ فِيهَا الرَّجْعَةُ بِخِلَافِهِمَا. (أَرْبَعَ زَوْجَاتٍ لَهُ) مَفْعُولُ اخْتَارَ كَمَا تَقَرَّرَ، وَيُعْتَبَرُ فِي الزَّوْجِ الْمُخْتَارِ التَّكْلِيفُ، فَلَا اخْتِيَارَ لِغَيْرِ مُكَلَّفٍ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ، وَلَا لِوَلِيِّهِ، إذْ طَرِيقُهُ التَّشَهِّي فَيُوقَفُ إلَى الْكَمَالِ، وَتَجِبُ نَفَقَتُهُنَّ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُنَّ مَحْبُوسَاتٍ لِأَجْلِهِ. (وَ) اخْتَارَ الزَّوْجُ (فَرَدَّهْ مِنْ أَخَوَاتٍ) أَسْلَمَ عَلَيْهِنَّ، سَوَاءٌ نَكَحَهُنَّ مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا حَتَّى لَوْ اخْتَارَ مِنْهُنَّ الْأَخِيرَةَ جَازَ «لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِفَيْرُوزِ الدَّيْلَمِيِّ وَقَدْ أَسْلَمَ عَلَى أُخْتَيْنِ اخْتَرْ أَيَّتُهُمَا شِئْتَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ وَصَحَّحَ الْبَيْهَقِيُّ إسْنَادَهُ
(وَ) اخْتَارَ الْحُرُّ فَرْدَهُ مِنْ. (إمَاءٍ) أَسْلَمَ عَلَيْهِنَّ وَعَلَى حُرَّةٍ وَأَسْلَمَتْ الْإِمَاءُ مَعَهُ، وَقَدْ (وُصِفَتْ) بِمَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ مُقَارَنَةِ الْيُسْرِ وَأَمْنِ الزِّنَا لِإِسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وُصِفَتْ مِنْ زِيَادَتِهِ. (لِيَأْسِهِ عَنْ حُرَّةٍ تَخَلَّفَتْ) أَيْ: اخْتَارَ أَمَةً عِنْدَ يَأْسِهِ عَنْ الْحُرَّةِ الْمُتَخَلِّفَةِ
ــ
[حاشية العبادي]
مَا نَصُّهُ " وَإِنْ نَكَحَ الْمَجُوسِيُّ مَحْرَمًا لَهُ لَمْ نَعْتَرِضْ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ تَرَافَعَا فِي النَّفَقَةِ فَرَّقْنَا بَيْنَهُمَا، وَلَوْ تَرَافَعُوا أَيْ: الْكُفَّارُ إلَيْنَا فِيهَا أَيْ: فِي النَّفَقَةِ وَتَحْتَهُ أُخْتَانِ أَعْرَضْنَا عَنْهُمْ مَا لَمْ يَرْضَوْا بِحُكْمِنَا " اهـ فَاعْتُبِرَ فِي مَسْأَلَةِ الْأُخْتَيْنِ الرِّضَى بِحُكْمِنَا بَعْدَ التَّرَافُعِ وَلَمْ يُكْتَفَ بِمَا تَضَمَّنَهُ التَّرَافُعُ، وَكَأَنَّهُ؛ لِأَنَّ التَّرَافُعَ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِالْحُكْمِ الْمُتَعَلِّقِ بِالنَّفَقَةِ دُونَ الْمُتَعَلِّقِ بِنَفْسِ هَذَا النِّكَاحِ، وَلَمْ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْمَحْرَمِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ أَغْلَظُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَحْكُمْ بِهِ) أَيْ: الْإِنْفَاقِ، وَقَوْلُهُ: لِأَمْرِهِ أَيْ: التَّقْرِيرِ، وَقَوْلُهُ: فِيهَا أَيْ: الْعِدَّةِ، وَقَوْلُهُ: هَذَا أَيْ: قَوْلُهُ: لَا الْحُكْمُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: مَفْهُومٌ مِمَّا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّهُ فُهِمَ مِنْهُ أَنَّا لَا نُقَرِّرُ هَذَا النِّكَاحَ، فَلَا نُقَرِّرُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ كَالْإِنْفَاقِ. (قَوْلُهُ: وَلَا بَيْنَ حَرْبِيٍّ وَمُعَاهَدٍ) بَقِيَ الْحُكْمُ بَيْنَ ذِمِّيٍّ وَحَرْبِيٍّ وَلَا يَبْعُدُ الْوُجُوبُ
(قَوْلُهُ: أَيْ: الْحُرُّ) شَامِلٌ لِلسَّفِيهِ، فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَخْتَارُ أَرْبَعًا، بَلْ يَجِبُ اخْتِيَارُهَا وَيُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ م ر. (قَوْلُهُ أَرْبَعًا) ظَاهِرُهُ وُجُوبُ اخْتِيَارِ الْأَرْبَعِ وَامْتِنَاعُ الِاقْتِصَارِ عَلَى اخْتِيَارِ وَاحِدَةٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْكُفَّارِ صَحِيحٌ فَيَسْتَمِرُّ بَعْدَ الْإِسْلَامِ فِي أَرْبَعٍ وَلَا تَنْدَفِعُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ إلَّا بِنَحْوِ الطَّلَاقِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَ عَنْ شَيْخِنَا الشِّهَابِ خِلَافَهُ م ر.
(قَوْلُهُ: فِي الْجُمْلَةِ) بِأَنْ وُجِدَتْ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الدُّخُولِ. (قَوْلُهُ: أَرْبَعُ) هَلْ مَحَلُّ اخْتِيَارِ أَرْبَعٍ الرَّشِيدُ؟ فَالسَّفِيهُ لَا يَخْتَارُ إلَّا وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْكِحُ إلَّا وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: التَّكْلِيفُ) يَدْخُلُ فِيهِ مَحْجُورُ السَّفَهِ لَكِنْ هَلْ يُشْتَرَطُ إذْنُ وَلِيِّهِ كَابْتِدَاءِ النِّكَاحِ؟ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ لَا
(قَوْلُهُ: لِيَأْسِهِ عَنْ حُرَّةٍ تَخَلَّفَتْ) بِأَنْ مَاتَتْ وَلَمْ تُسْلِمْ أَوْ لَمْ تُسْلِمْ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَوْ أَسْلَمَتْ وَتَأَخَّرَ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْعِدَّةُ مِنْ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ هُوَ السَّبَبُ فِي الْفُرْقَةِ لَا الِاخْتِيَارِ، وَهِيَ فُرْقَةُ فَسْخٍ لِإِطْلَاقِ شَرْحِ م ر
(قَوْلُهُ: إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ إلَخْ) ، وَلَوْ أَسْلَمَتْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ زَوْجٍ فَإِنْ عَقَدُوا مَعًا لَمْ تُقَرَّ عَلَى أَحَدٍ، سَوَاءٌ مَاتَ بَعْضُهُمْ فِي الْكُفْرِ أَوْ لَا، أَوْ مُرَتَّبًا أُقِرَّتْ مَعَ الْأَوَّلِ فَلَوْ مَاتَ الْأَوَّلُ فِي الْكُفْرِ أُقِرَّتْ مَعَ مَنْ بَعْدَهُ إنْ اعْتَقَدُوا صِحَّتَهُ. اهـ. ق ل بِزِيَادَةِ التَّعْمِيمِ الْأَوَّلِ مِنْ م ر لَكِنْ سَيَأْتِي لِلْمُحَشِّي آخِرَ الْبَابِ مَا يُخَالِفُ هَذَا التَّعْمِيمَ اسْتِظْهَارًا مِنْهُ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ) قَالَ زي: جَرَى السُّبْكِيُّ عَلَى أَنَّ أَمْسِكْ لِلْإِبَاحَةِ وَفَارِقْ لِلْوُجُوبِ لَكِنْ عِنْدَ طَلَبِهِنَّ لَهُ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الْحَبْسِ عَنْهُنَّ حَقٌّ لَهُنَّ فَيَجِبُ عِنْدَ الطَّلَبِ وَقَبْلَهُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ، وَحِينَئِذٍ فَلَهُ قَبْلَ الطَّلَبِ السُّكُوتُ عَنْ الْإِمْسَاكِ لِإِبَاحَتِهِ وَعَنْ الْفِرَاقِ لِعَدَمِ وُجُوبِهِ الْآنَ وَذَلِكَ لَا مَحْذُورَ فِيهِ وَتَعَقَّبَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى السُّكُوتِ عَنْهُمَا إمْسَاكُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فِي الْإِسْلَامِ،
وَذَلِكَ مَحْذُورٌ أَيْ: فَالْمُخَلِّصُ مِنْ ذَلِكَ الْتِزَامُ أَنَّ الْإِمْسَاكَ وَاجِبٌ أَيْ: وَهُوَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِهِنَّ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى ثُمَّ إنَّ هَذَا الْإِمْسَاكَ إمَّا بِالصَّرَاحَةِ كَأَمْسَكْتُ الْمُبَاحَ أَوْ بِالِالْتِزَامِ كَفَارَقْتُ الزَّائِدَ عَلَى الْمُبَاحِ فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ إمْسَاكَ الْمُبَاحِ، وَهَذَا مَعْنَى
بِأَنْ كَانَتْ غَيْرَ كِتَابِيَّةٍ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَوْ أَصَرَّتْ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَوْ مَاتَتْ فِيهَا فَإِنْ اخْتَارَ قَبْلَ الْيَأْسِ فَلَغْوٌ، أَمَّا غَيْرُ الْحُرِّ فَيَخْتَارُ فِيمَا ذَكَرَ ثِنْتَيْنِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ اخْتِيَارُهُ لِأَمَتَيْنِ عَلَى يَأْسِهِ عَنْ حُرَّةٍ تَخَلَّفَتْ (وَالْبِنْتُ لَا لِدَاخِلٍ بِالْأُمِّ) بِأَنْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَوْ دَخَلَ بِالْبِنْتِ وَحْدَهَا (قَدْ تَعَيَّنَتْ) لِلنِّكَاحِ إذَا أَسْلَمَ عَلَيْهِمَا وَأَسْلَمَتَا مَعَهُ أَوْ كَانَتَا أَوْ الْبِنْتُ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لِحُرْمَةِ الْأُمِّ بِالْعَقْدِ عَلَى الْبِنْتِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ:(وَالْأُمُّ بِالْبِنْتِ) أَيْ: بِالْعَقْدِ عَلَيْهَا (تُصَدْ) ، فَإِنْ دَخَلَ بِالْأُمِّ انْدَفَعَ نِكَاحُهُمَا مَعًا، سَوَاءٌ دَخَلَ بِالْبِنْتِ أَمْ لَا
(وَحُرَّةٌ ذَاتُ كِتَابٍ) أَسْلَمَ عَلَيْهَا وَعَلَى إمَاءٍ. (قُدِّمَتْ) عَلَيْهِنَّ بِالنِّكَاحِ أَيْ: تَعَيَّنَتْ لَهُ وَإِنْ أَسْلَمَتْ الْإِمَاءُ وَمَاتَتْ الْكِتَابِيَّةُ إذْ الْقُدْرَةُ عَلَى الْحُرَّةِ تَمْنَعُ اخْتِيَارَ الْأَمَةِ. (أَوْ) الْحُرَّةِ غَيْرِ الْكِتَابِيَّةِ (الَّتِي فِي عِدَّةٍ قَدْ أَسْلَمَتْ) حَيْثُ أَسْلَمَ عَلَيْهَا وَعَلَى إمَاءٍ قُدِّمَتْ عَلَيْهِنَّ أَيْضًا، وَإِنْ تَأَخَّرَ إسْلَامُهَا عَنْ إسْلَامِهِنَّ لِمَا مَرَّ، فَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ فِي الْعِدَّةِ جَازَ اخْتِيَارُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِشَرْطِهِ وَ. (إنْ تَمُتْ الْحُرَّةُ) الْمُتَعَيِّنَةُ لِلنِّكَاحِ بِإِسْلَامِهَا مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ عَلَيْهَا وَعَلَى أَمَةٍ. (وَهِيَ مُسْلِمَةٌ أَوْ تَرْتَدِدْ) بَعْدَ إسْلَامِهَا. (ثُمَّتَ) أَيْ: ثَمَّ بَعْدَ مَوْتِهَا مُسْلِمَةً أَوْ ارْتِدَادِهَا. (تُسْلِمُ الْأَمَهْ نِكَاحَ ذِي) أَيْ: الْأَمَةِ.
(ادْفَعْ) ، وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْحُرَّةِ حِينَئِذٍ إذْ يَكْفِي فِي دَفْعِهَا اقْتِرَانُ إسْلَامِ الْحُرَّةِ بِإِسْلَامِهِ بِخِلَافِ الْيَسَارِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ اقْتِرَانُهُ بِإِسْلَامِهِ وَإِسْلَامِ الْأَمَةِ جَمِيعًا، وَلَمْ يَمْنَعْ الْيَسَارُ السَّابِقُ إمْسَاكَهَا كَمَا مَرَّ وَفَرَّقُوا بِأَنَّ أَثَرَ نِكَاحِ الْحُرَّةِ بَاقٍ بَعْدَ مَوْتِهَا بِدَلِيلِ إرْثِهَا وَغُسْلِهَا وَلُزُومِ تَجْهِيزِهَا، فَكَأَنَّ النِّكَاحَ بَاقٍ بِخِلَافِ الْيَسَارِ، وَبِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَسْلَمَتْ وَتَعَيَّنَتْ حُسِبَتْ عَلَى الزَّوْجِ، وَلَمْ يُؤَثِّرْ مَوْتُهَا بِدَلِيلِ مَا لَوْ أَسْلَمَ عَلَى خَمْسٍ فَأَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ فَاخْتَارَهَا فَمَاتَتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْبَوَاقِي، فَإِنَّمَا يُمْسِكُ ثَلَاثًا مِنْهُنَّ قَالَ الْإِمَامُ: وَلِأَنَّ الْحُرَّةَ فِي الْمَنْعِ أَقْوَى مِنْ الْيَسَارِ إذْ غَيْبَتُهَا تَحْتَهُ تَمْنَعُ نِكَاحَ الْأَمَةِ بِخِلَافِ غَيْبَةِ مَالِهِ، وَهَذَا، وَإِنْ كَانَ عَلَى طَرِيقَتِهِ فِي أَنَّ غَيْبَتَهَا تَمْنَعُ ذَلِكَ دُونَ طَرِيقَةِ غَيْرِهِ يَصِحُّ التَّعْلِيلُ بِهِ فَتَأَمَّلْ. وَتَعْبِيرُ النَّظْمِ بِتَرْتَدِدْ مُوَافِقٌ لِتَعْبِيرِ الْحَاوِي بِارْتَدَّتْ، وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِهِ فِي نُسْخَةٍ شَرَحَ عَلَيْهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: أَوْ فِي ارْتِدَادٍ ثُمَّ تُسْلِمُ الْأَمَةُ لِاقْتِضَائِهِ اشْتِرَاطَ أَنْ تَمُوتَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (وَكَحُرَّةٍ تُعَدْ مُعْتَقَةً) أَيْ:
ــ
[حاشية العبادي]
إسْلَامُهُ حَتَّى مَاتَتْ أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْ كَانَتْ غَيْرَ كِتَابِيَّةٍ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَتْ فِيهَا) أَيْ: عَلَى الْكُفْرِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي إنْ تَمَّتْ الْحُرَّةُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ دَخَلَ بِالْأُمِّ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: تَنْبِيهٌ لَوْ شَكَّ هَلْ دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا أَمْ لَا؟ فَهُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لَكِنَّ الْوَرَعَ تَحْرِيمُهُمَا، وَلَوْ شَكَّ فِي عَيْنِ الْمَدْخُولِ بِهَا بَطَلَ نِكَاحُهُمَا لِتَيَقُّنِ تَحْرِيمِ إحْدَاهُمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ
(قَوْلُهُ: وَمَاتَتْ الْكِتَابِيَّةُ) بِخِلَافِ مَوْتِ غَيْرِ الْكِتَابِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: نِكَاحَ ذِي ادْفَعْ وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْحُرَّةِ حِينَئِذٍ) فَالِانْدِفَاعُ إذَا تَقَدَّمَ إسْلَامُهَا أَوْلَى لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْحُرَّةِ عِنْدَهُ، فَهَذَا حُكْمُهُ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِثُمَّ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَحُرَّةٌ أَيْ: وَتَعَيَّنَتْ حُرَّةٌ إمَّا كِتَابِيَّةٌ أَوْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَإِنْ ارْتَدَّتْ أَوْ مَاتَتْ، وَلَوْ قَبْلَ إسْلَامِ الْأَمَةِ اهـ. (قَوْلُهُ: إذْ يَكْفِي إلَخْ) مِنْ ثَمَّ يُعْلَمُ أَنَّ الْحُرَّةَ لَوْ أَسْلَمَتْ أَوَّلًا وَمَاتَتْ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ كَانَ لَهُ اخْتِيَارُ الْأَمَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ بِرّ تَقَدَّمَ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ فِي الْمَكْتُوبِ عَلَى قَوْلِهِ لِيَأْسِهِ عَنْ حُرَّةٍ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ مَوْتِهَا) لَا يَشْمَلُ رِدَّتَهَا. (قَوْلُهُ: يَصِحُّ التَّعْلِيلُ بِهِ) إذَا مَا اُخْتُلِفَ فِي كَوْنِهِ مَانِعًا أَقْوَى مِمَّا اُتُّفِقَ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ.
(قَوْلُهُ: وَكَحُرَّةٍ تُعَدُّ مُعْتَقَهُ) قَالَهُ الْجَوْجَرِيُّ فِي شَيْئَيْنِ الْأَوَّلُ: تَعَيُّنُهَا وَانْدِفَاعُ الْإِمَاءِ وَلَوْ أَسْلَمْنَ فِي الْعِدَّةِ، الثَّانِي: مُسَاوَاتُهَا لِلْحُرَّةِ الْأَصْلِيَّةِ حَتَّى لَا تَتَقَدَّمَ عَلَيْهَا فِيمَا لَوْ أَسْلَمَتْ مَعَ الْحُرَّةِ ثُمَّ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلِ بَعْضِهِمْ الْوَاجِبُ وَاحِدٌ لَا بِعَيْنِهِ فَلَيْسَ خَارِجًا عَمَّا ذَكَرَ ثُمَّ إنَّ هَذَا الْأَحَدَ الدَّائِرَ لَيْسَ وَاجِبًا لِذَاتِهِ، بَلْ لِيُتَوَصَّلَ بِهِ إلَى الْوَاجِبِ الذَّاتِيِّ، وَهُوَ تَمْيِيزُ الْمُبَاحِ مِنْ غَيْرِهِ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ مِنْ قَوْلِهِ لَا مَعْنَى لِتَعَيُّنِ لَفْظِ أَحَدِهِمَا أَوْ مَعْنَاهُ مُبْهَمًا أَوْ مُعَيَّنًا، وَإِبَاحَةُ الْآخَرِ كَذَلِكَ فَالْوَجْهُ أَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ. اهـ عَلَى أَنَّ فِي وُجُوبِ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ صَادِقٌ بِأَنْ يَمْسِكَ وَيُفَارِقَ أَوْ يَمْسِكَ فَقَطْ أَوْ يُفَارِقَ فَقَطْ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا غَيْرُ وَاجِبٍ فَتَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَتْ غَيْرَ كِتَابِيَّةٍ) أَيْ: مَجُوسِيَّةً أَوْ وَثَنِيَّةً فَإِنَّهَا تَنْدَفِعُ بِالتَّخَلُّفِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَقَّفُ إلَخْ) فَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ تَبَيَّنَ انْدِفَاعُهَا بِاخْتِيَارِهِمَا
(قَوْلُهُ: جَازَ اخْتِيَارُ وَاحِدَةٍ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ تَعَيُّنُ الْوَاحِدَةِ، وَإِنْ لَمْ تُعِفَّهُ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِاخْتِيَارِهَا دُونَ مَنْ تُعِفُّهُ، وَقَدْ يُقَالُ: يَجُوزُ اخْتِيَارُ ثَانِيَةٍ كَمَا لَوْ كَانَتْ تَحْتَهُ فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ وَأَمَةٌ وَأَسْلَمُوا أُقِرَّتْ الْأَمَةُ إنْ كَانَتْ الْحُرَّةُ غَيْرَ صَالِحَةٍ وَمَا هُنَا مِثْلُهُ. اهـ. ق ل وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ اخْتِيَارٌ فَلَا تَقْصِيرَ بِخِلَافِ الْمَقِيسِ لَكِنَّ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ فِيهِنَّ مَنْ تُعِفُّهُ وَمَنْ لَا تُعِفُّهُ وَاخْتَارَ مَنْ لَا تُعِفُّهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَدَمُ الْإِعْفَافِ لِعَدَمِ كِفَايَةٍ أَيْ: وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ فَلْيُحَرَّرْ ثُمَّ قَالَ ق ل: ثُمَّ فِي تَعَيُّنِ الْوَاحِدَةِ فِيمَا قَالُوهُ نَظَرٌ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ أَنْكِحَتِهِمْ وَجَعْلِهِمْ التَّقْرِيرَ كَالدَّوَامِ فَكَانَ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ اخْتِيَارُ أَرْبَعٍ. اهـ
وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ لَهُ أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْإِمَاءِ احْتِيَاطًا لِإِرْقَاقِ الْوَلَدِ فَلَا تَنْظِيرَ؛ لِأَنَّ التَّقْرِيرَ فِيهِنَّ كَالِابْتِدَاءِ لِمَا ذُكِرَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَمْنَعْ الْيَسَارُ إلَخْ) أَيْ: بِخِلَافِ إسْلَامِ الْحُرَّةِ السَّابِقِ عَلَى إسْلَامِ الْأَمَةِ هُنَا حَيْثُ مَنَعَ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ أَثَرَ نِكَاحِ الْحُرَّةِ إلَخْ) فَإِنَّ الدَّافِعَ لِلْأَمَةِ إنَّمَا هُوَ نِكَاحُ الْحُرَّةِ، وَالنِّكَاحُ مِنْ حَيْثُ هُوَ نِكَاحٌ أَثَرُهُ يَبْقَى فَلَا يَرِدُ مَا إذَا ارْتَدَّتْ؛ لِأَنَّ الدَّافِعَ النِّكَاحُ الصَّحِيحُ، وَهُوَ قَبْلَ الرِّدَّةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِاقْتِضَائِهِ
وَالْمُعْتَقَةُ. (مِنْ قَبْلِ إسْلَامِ أَحَدْ) مِنْهَا وَمِنْ الزَّوْجِ أَيْ: مِنْ قَبْلِ اجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ بِأَنْ عَتَقَتْ ثُمَّ أَسْلَمَا، أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ أَعْتَقَتْ ثُمَّ أَسْلَمَ الْآخَرُ فِي الْعِدَّةِ تُعَدُّ كَحُرَّةٍ أَصْلِيَّةٍ فِيمَا مَرَّ حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ عَلَى إمَاءٍ وَعَتَقَتْ إحْدَاهُنَّ ثُمَّ أَسْلَمَتْ تَعَيَّنَتْ أَوْ عَلَى حُرَّةٍ وَإِمَاءٍ فَأَسْلَمَتْ الْحُرَّةُ وَعَتَقَتْ الْإِمَاءُ ثُمَّ أَسْلَمْنَ أَوْ عَلَى مَحْضِ إمَاءٍ فَعَتَقْنَ ثُمَّ أَسْلَمْنَ كُنَّ كَالْحَرَائِرِ الْأَصْلِيَّاتِ حَتَّى يَخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا كَيْفَ شَاءَ أَوْ لَوْ أَسْلَمَ مِنْ أَرْبَعِ إمَاءٍ مَعَهُ ثِنْتَانِ ثُمَّ عَتَقَتَا وَعَتَقَتْ الْمُتَخَلِّفَتَانِ ثُمَّ أَسْلَمَتَا تَعَيَّنَتَا، وَلَوْ أَسْلَمَ ثُمَّ عَتَقَتْ ثِنْتَانِ ثُمَّ أَسْلَمَتَا وَأَسْلَمَتْ الْأُخْرَيَانِ ثُمَّ عَتَقَتَا تَعَيَّنَتْ الْأُولَيَانِ
وَلَوْ أَسْلَمَ مِنْ إمَاءٍ، مَعَهُ وَاحِدَةٌ ثُمَّ عَتَقَتْ ثُمَّ عَتَقَتْ الْبَوَاقِي ثُمَّ أَسْلَمْنَ اخْتَارَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ لِتَقَدُّمِ عِتْقِهِنَّ عَلَى إسْلَامِهِنَّ، وَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارُ الْأُولَى لِرِقِّهَا عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامَيْنِ فَتَنْدَفِعُ بِالْمُعْتَقَاتِ عِنْدَهُ وَالنَّظَرُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إلَى حَالَةِ اجْتِمَاعِ إسْلَامِ الزَّوْجَيْنِ، فَإِنَّهَا حَالَةُ إمْكَانِ الِاخْتِيَارِ كَمَا فِي الْيَسَارِ وَأَمْنِ الزِّنَا وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْعِتْقَ مَعَ الِاجْتِمَاعِ كَهُوَ قَبْلَهُ وَقَوْلُ النَّظْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ تُعَدُّ تَكْمِلَةً
. (وَ) الْمُعْتَقَةُ تَحْتَهُ. (بَعْدَ ذَيْنِ) أَيْ: إسْلَامَيْهِمَا (تُدْفَعُ) الْأَمَةَ (الْمُؤَخَّرَهْ) فِي الْإِسْلَامِ. (عَنْ عِتْقِهَا) دُونَ الْمُتَقَدِّمَةِ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَرْبَعِ إمَاءٍ وَأَسْلَمَ مَعَهُ ثِنْتَانِ وَتَخَلَّفَتْ ثِنْتَانِ فَعَتَقَتْ إحْدَى الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ وَأَسْلَمَتْ الْمُتَخَلِّفَتَانِ عَلَى الرِّقِّ انْدَفَعَ نِكَاحُهُمَا؛ لِأَنَّ تَحْتَ زَوْجِهِمَا حُرَّةً عِنْدَ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِمَا، وَلَا تَنْدَفِعُ الرَّقِيقَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ؛ لِأَنَّ عِتْقَ صَاحِبَتِهَا كَانَ بَعْدَ إسْلَامِهَا وَإِسْلَامِهِ، فَلَا يُؤَثِّرُ فِي حَقِّهَا، بَلْ يَخْتَارُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا.
(قُلْتُ) : كَذَا فِي الْحَاوِي (وَشَيْخِي) الْبَارِزِيِّ كَالْفُورَانِيِّ وَالْإِمَامِ وَابْنِ الصَّلَاحِ وَالنَّوَوِيِّ فِي تَنْقِيحِهِ. (خَيَّرَهْ) بَيْنَ الْجَمِيعِ لِمَا قَالَهُ بَعْدُ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَقَةَ فِي حَالَةِ الِاجْتِمَاعِ فِي الْإِسْلَامِ كَانَتْ أَمَةً. (فَهَاهُنَا الْحَاوِي مِنْ الْمُتَابِعِيِّ سَهْوَ الْوَجِيزِ) وَالْبَسِيطِ وَالْوَسِيطِ لِلْغَزَالِيِّ.
(وَالْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ)، وَمَنْ تَابَعَهُ كَالنَّوَوِيِّ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: اسْتَقَرَّ الرَّأْيُ بَعْدَ الْبَحْثِ وَالتَّنْقِيرِ عَلَى الْحُكْمِ عَلَى الْغَزَالِيِّ بِأَنَّهُ سَاهٍ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَصَوَابُهُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْجَمِيعِ قَالَ: وَكَانَ مَنْشَأُ السَّهْوِ أَنَّهُ سَبَقَ وَهْمُهُ إلَى أَنَّهُ لَمَّا كَانَ عِتْقُ الْمُتَقَدِّمَةِ وَاقِعًا قَبْلَ اجْتِمَاعِ الزَّوْجِ وَالْمُتَخَلِّفَتَيْنِ فِي الْإِسْلَامِ اُلْتُحِقَتْ فِي حَقِّهِمَا بِالْحَرَائِرِ قَالَ: وَهَذَا خَطَأٌ وَعَلَّلَهُ بِمَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ (فَالِاعْتِبَارُ فِيهِ بِالْتِئَامِ) أَيْ: بِاجْتِمَاعِ (مَنْ عَتَقَتْ وَالزَّوْجِ فِي الْإِسْلَامِ لَا غَيْرَ) أَيْ: لَا بِالْتِئَامِ غَيْرِهَا. (وَالزَّوْجِ فَذِي) لَوْ عَبَّرَ بَدَلَ الْفَاءِ بِالْوَاوِ كَمَا عَبَّرَ بِهَا ابْنُ الصَّلَاحِ كَانَ أَوْلَى أَيْ: وَهَذِهِ
ــ
[حاشية العبادي]
عَتَقَتْ الْأَمَةُ ثُمَّ أَسْلَمَتْ بِرّ. (قَوْلُهُ: مِنْ قَبْلِ إسْلَامِ أَحَدٍ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ تَقْتَضِي اشْتِرَاطَ تَقَدُّمِ الْعِتْقِ عَلَى الْإِسْلَامَيْنِ مَعًا، وَلَكِنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا مَا قَالَهُ الشَّارِحُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَعَسُّفٌ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا، وَقَدْ يُقَالُ: يُسَهِّلُ التَّعَسُّفَ أَنَّ قَوْلَهُ الْآتِيَ وَبَعْدَ ذَيْنِ يُشْعِرُ بِهِ
(قَوْلُهُ: يَدْفَعُ الْمُعْتَقَةَ الْمُؤَخَّرَةَ) لَا يَرِدُ هَذَا عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ السَّابِقِ مِنْ قَبْلِ إسْلَامِ أَحَدٍ إذْ عَدَّ هَذِهِ كَحُرَّةٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُؤَخَّرَةِ مَعَ أَنَّ عِتْقَهَا تَأَخَّرَ عِنْدَ الْإِسْلَامَيْنِ؛ لِأَنَّ هَذَا تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ ذَاكَ وَإِشَارَةٌ إلَى تَفْصِيلٍ فِيهِ (قَوْلُهُ: دُونَ الْمُتَقَدِّمَةِ) أَيْ: فِي الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: انْدَفَعَ نِكَاحُهُمَا) قَدْ يَرِدُ هَذَا عَلَى مَفْهُومِ مِنْ قَبْلِ إسْلَامِ أَحَدٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عِتْقَ صَاحِبَتِهَا كَانَ بَعْدَ إسْلَامِهَا) فَلَمْ تَكُنْ تَحْتَ زَوْجِهَا حُرَّةً عِنْدَ إسْلَامِهَا وَإِسْلَامِهِ، وَكَتَبَ أَيْضًا هَذَا الْحُكْمُ يُفِيدُكَ بِالْأَوْلَى أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَ مَعَ أَمَتَيْنِ مَثَلًا، وَكَانَ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامَيْنِ مُعْسِرًا خَائِفَ الزِّنَا ثُمَّ عَرَضَ لَهُ الْيُسْرُ وَأَمْنُ الزِّنَا قَبْلَ صُدُورِ الِاخْتِيَارِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْآنَ الِاخْتِيَارُ مَعَ قِيَامِ الْيُسْرِ وَأَمْنِ الزِّنَا نَظَرًا إلَى فَقْدِ ذَلِكَ وَقْتَ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامَيْنِ بُرُلُّسِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَالِاعْتِبَارُ فِيهِ بِالْتِيَامٍ) أَيْ:
ــ
[حاشية الشربيني]
إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ عَدَمَ الْمَوْتِ أَوْلَى بِالْحُكْمِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَالنَّظَرُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إلَخْ) اُنْظُرْ لِمَ لَمْ يَنْظُرْ لِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَبَعْدَ ذَيْنِ إلَخْ، وَلَعَلَّهُ وَجَّهَ الْحُكْمَ بِالسَّهْوِ الْآتِي، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ فِيهِ النَّظَرَ أَيْضًا لِحَالِ اجْتِمَاعِ الزَّوْجَيْنِ فَإِنَّهُ حَالَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِ الزَّوْجِ وَالْأُولَتَيْنِ كَانَتَا رَقِيقَتَيْنِ لَا حُرَّةَ مَعَهُمَا فَخُيِّرَ بَيْنَهُمَا وَحَالَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِ الزَّوْجِ وَالْأَخِيرَتَيْنِ كَانَ مَعَهُمَا حُرَّةٌ فَلِذَلِكَ انْدَفَعَتَا، وَهَذَا وَجْهُ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَقَةُ تَحْتَهُ بَعْدَ ذَيْنِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَقَةَ مِنْ قَبْلِ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْإِسْلَامِ تُعَدُّ كَالْحُرَّةِ حَتَّى فِيمَنْ أَسْلَمَ مَعَهُ ثُمَّ عَتَقَ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ أَسْلَمَ مِنْ إمَاءٍ مَعَهُ وَاحِدَةٌ ثُمَّ عَتَقَتْ إلَخْ بِخِلَافِ الْمُعْتَقَةِ بَعْدَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِمَا فَإِنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ كَالْحُرَّةِ فِي دَفْعِ مَنْ تَأَخَّرَ إسْلَامُهُ دُونَ مَا تَقَدَّمَ، وَالْأَوَّلُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي مُخْتَلِفٌ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ عِتْقَ صَاحِبَتِهَا إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالُ اجْتِمَاعِ إسْلَامِ الزَّوْجِ مَعَ كُلِّ زَوْجَةٍ إنْ وُجِدَ مَانِعٌ انْدَفَعَتْ، وَإِلَّا فَلَا تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: خَيَّرَهُ) أَيْ: فَيَخْتَارُ أَيَّ وَاحِدَةٍ كَانَتْ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُنَّ حُكْمُ الْإِمَاءِ، سَوَاءٌ مَنْ عَتَقَ وَمَنْ لَمْ يَعْتِقْ. (قَوْلُهُ: كَانَتْ أَمَةً) أَيْ: وَوَقْتُ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامَيْنِ كَوَقْتِ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ. (قَوْلُهُ: فَالِاعْتِبَارُ إلَخْ) أَيْ: الضَّابِطُ لِكَوْنِهِنَّ كَحَرَائِرَ أَصْلِيَّاتٍ أَنْ يَطْرَأَ الْعِتْقُ قَبْلَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِنَّ وَإِسْلَامِ الزَّوْجِ، سَوَاءٌ تَقَدَّمَ إسْلَامُ الزَّوْجِ عَلَيْهِنَّ أَوْ تَأَخَّرَ، وَسَوَاءٌ تَرَتَّبَ إسْلَامُهُنَّ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ تَقَدَّمَ عِتْقُهُنَّ عَلَى إسْلَامِهِنَّ أَوْ لَا وَمُقَارَنَةُ الْعِتْقِ لِاجْتِمَاعِ إسْلَامِهِنَّ وَإِسْلَامِ الزَّوْجِ كَتَقَدُّمِ الْعِتْقِ فِي كَوْنِهِنَّ كَحَرَائِرَ أَصْلِيَّاتٍ كَذَا فِي ق ل وَغَيْرِهِ فَلَوْ كَانَ مَعَهُنَّ حُرَّةٌ أَسْلَمَتْ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ وَعَتَقَ الْإِمَاءُ ثُمَّ أَسْلَمْنَ فِي الْعِدَّةِ لَمْ تَتَعَيَّنْ الْحُرَّةُ، بَلْ يَخْتَارُ أَرْبَعًا مِنْ جَمِيعٍ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَسَيَأْتِي مَا فِي هَذَا مِنْ الْهَامِشِ الْآتِي. (قَوْلُهُ: مَنْ عَتَقَتْ) أَيْ: مَنْ سَبَقَ عِتْقُهَا عَلَى اجْتِمَاعِهَا مَعَ الزَّوْجِ فِي الْإِسْلَامِ
(الْعَتِيقَهْ كَانَتْ زَمَانَ اجْتَمَعَا) أَيْ: هِيَ وَالزَّوْجُ فِي الْإِسْلَامِ. (رَقِيقَهْ، فَحُكْمُهَا فِي حَقِّ مَنْ سِوَاهَا وَحَقِّهَا حُكْمُ الْإِمَاءِ ضَاهَى) أَيْ: شَابَهَ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَقَدْ يُتَكَلَّفُ لَهُ تَأْوِيلٌ يَرُدُّ بِهِ كَلَامَهُ إلَى مُوَافَقَةِ غَيْرِهِ بِأَنْ يُقَالَ: أَرَادَ بِهِ مَا إذَا اخْتَارَ الْمُعْتَقَةَ قَبْلَ إسْلَامِ الْمُتَخَلِّفَتَيْنِ لَكِنَّ سِيَاقَهُ يَأْبَى هَذَا وَنَقَلَ السُّبْكِيُّ ذَلِكَ وَقَالَ: الْأَرْجَحُ مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ مِنْ امْتِنَاعِ الْمُتَخَلِّفَتَيْنِ لِاقْتِرَانِ حُرِّيَّةِ إحْدَى الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ بِإِسْلَامِهِمَا، وَهِيَ مَانِعَةٌ مِنْ ابْتِدَاءِ نِكَاحِ الْأَمَةِ فَتَمْنَعُ التَّقْرِيرَ عَلَيْهِمَا، وَلَا نَقُولُ بِانْدِفَاعِهِمَا بِمُجَرَّدِ عِتْقِ تِلْكَ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَعْتِقَا ثُمَّ تُسْلِمَا، وَإِنَّمَا تَنْدَفِعَانِ إذَا أَسْلَمَتَا عَلَى الرِّقِّ، وَقَوْلُ الْأَصْحَابِ أَنَّ حُدُوثَ الْعِتْقِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ لَا أَثَرَ لَهُ يُرِيدُونَ بِهِ فِي الْمَاضِي بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ تَقَدَّمَ إسْلَامُهُ مِنْ الزَّوْجَاتِ أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْبَوَاقِي، فَلَا وَالْإِمَامُ وَالْفُورَانِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ تَمَسَّكُوا بِهَذَا الْإِطْلَاقِ، وَلَا دَلِيلَ لَهُمْ عَلَى أَنَّ لَنَا أَنْ نَقُولَ بِالْإِطْلَاقِ مَعَ اسْتِيفَاءِ النِّزَاعِ؛ لِأَنَّ انْدِفَاعَ الْمُتَخَلِّفَتَيْنِ لَيْسَ مِنْ أَثَرِ الْعِتْقِ، بَلْ مِنْ أَثَرِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْحُرَّةِ، وَهُوَ مَعْنًى آخَرُ غَيْرُ تَأْثِيرِ الْعِتْقِ بِخُصُوصِهِ، فَيُحْمَلُ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهِ، وَلَا نَقُولُ بِأَنَّ كَلَامَ هَؤُلَاءِ بَاطِلٌ قَطْعًا، بَلْ هُوَ مُحْتَمَلٌ وَلَهُ اتِّجَاهٌ قَلِيلٌ، لَكِنَّ الْأَرْجَحَ مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَأَطَالَ الْكَلَامَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ: وَلَوْلَا الْأَدَبُ لَكُنْتُ أَقْطَعُ بِمَا قَالَهُ وَأَقُولُ: إنَّ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَهْمٌ وَلَعَلَّ الرَّافِعِيَّ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ، وَلَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ لَنَبَّهَ عَلَى مُخَالَفَتِهِ انْتَهَى وَصَوَّبَ الْبُلْقِينِيُّ مَقَالَةَ الْإِمَامِ
(وَ) اخْتَارَ (الْعَبْدُ) إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْنِ وَكُنَّ كِتَابِيَّاتٍ أَوْ أَسْلَمْنَ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ. (ثِنْتَيْنِ) مِنْ الْحَرَائِرِ أَوْ الْإِمَاءِ أَوْ مِنْهُمَا إذْ الْأَمَةُ فِي حَقِّهِ كَالْحُرَّةِ. (وَ) الْعَبْدُ. (بِالْحُرِّ الْتَحَقْ) فِي اخْتِيَارِهِ (فِيمَا إذَا مِنْ قَبْلِ مَا اهْتَدَى) أَيْ: مِنْ قَبْلِ اهْتِدَائِهِ أَيْ: إسْلَامِهِ (عَتَقْ)، سَوَاءٌ عَتَقَ قَبْلَ إسْلَامِهِنَّ أَيْضًا أَمْ بَيْنَ الْإِسْلَامَيْنِ. (أَوْ قَبْلَ عِتْقٍ صَارَ ذَا إيمَانِ) أَيْ: أَوْ صَارَ مُؤْمِنًا قَبْلَ عِتْقِهِ. (وَمَعَهُ مَا أَسْلَمَتْ ثِنْتَانِ) مِمَّنْ أَسْلَمَ عَلَيْهِنَّ بِأَنْ لَمْ تُسْلِمْ مَعَهُ أَيْ: قَبْلَ عِتْقِهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَوْ أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ الْعَبِيدِ قَبْلَ عِتْقِهِ فَكَانَ كَالْحُرِّ فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ إنْ تَمَحَّضْنَ حَرَائِرَ اخْتَارَ أَرْبَعًا أَوْ إمَاءً، وَلَمْ يَعْتِقْنَ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامَيْنِ
ــ
[حاشية العبادي]
الِاعْتِبَارُ فِي دَفْعِ الْمُتَأَخِّرَةِ وَالْتِحَاقِهَا بِالْحَرَائِرِ بِرّ. (قَوْلُهُ: بَلْ مِنْ أَثَرِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْحُرَّةِ) هَذَا الْمَعْنَى أَوْرَدَهُ الْجَوْجَرِيُّ سُؤَالًا عَلَى مَا اخْتَارَهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ ثُمَّ أَجَابَ بِمَا نَصُّهُ قُلْتُ يَلْزَمُ الْغَزَالِيَّ وَالرَّافِعِيُّ أَنْ لَا يُخَيِّرَانِهِ بَيْنَ الرَّقِيقَةِ الَّتِي أَسْلَمَتْ مَعَهَا وَبَيْنَهَا، وَقَدْ خَيَّرَاهُ بَيْنَهُمَا قَالَ: فَقَدْ اتَّفَقَ الْغَزَالِيُّ وَالرَّافِعِيُّ مَعَ مَنْ خَالَفَهُمَا عَلَى إلْغَاءِ هَذَا الشَّرْطِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ جَوَّزُوا الرَّقِيقَةَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى هَذِهِ الْحُرَّةِ. اهـ
أَقُولُ: وَيُقَالُ عَنْ جَوَابِهِ: بِأَنَّهُ قَدْ عُهِدَ فِي الشَّرْعِ أَنَّ الْحُرَّةَ تُؤَثِّرُ فِي مَنْعِ نِكَاحِ مَنْ يَطْرَأُ عَلَيْهَا مِنْ الْإِمَاءِ دُونَ مَنْ سَبَقَهَا، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَعْلِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا مَانِعًا مِنْ نِكَاحِ الْأَمَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ جَعْلُهَا مَانِعًا مِنْ نِكَاحِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَإِنْ قُلْتَ: فَهَلَا سَاغَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ كَمَا فِي الْحُرَّةِ الطَّارِئَةِ عَلَى الْأَمَةِ قُلْتُ: لَمَّا اجْتَمَعَ إسْلَامُهُمَا مَعَهُ فِي حَالِ رِقِّهِمَا خُوطِبَ بِعَدَمِ الْجَمْعِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ صِحَّةِ مِثْلِهِ فِي الْإِسْلَامِ وَلَا يَرْتَفِعُ هَذَا الْخِطَابُ عَنْهُ بِعُرُوضِ الْعِتْقِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، بُرُلُّسِيٌّ.، وَقَوْلُهُ: دُونَ مَنْ يَسْبِقُهَا أَيْ: وَالْحُرَّةُ لَمَّا طَرَأَتْ عَلَى إسْلَامِهِمَا كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ وُجُودِ حُرَّةٍ بَعْدَ الْأَمَةِ
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ عَتَقَ قَبْلَ إسْلَامِهِنَّ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ سَوَاءٌ أَكَانَ قَبْلَ إسْلَامِهِنَّ أَمْ بَعْدَهُ أَمْ مَعَهُ. اهـ. وَقَوْلُهُ: بَيْنَ الْإِسْلَامَيْنِ أَيْ: بِأَنْ أَسْلَمَتْ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَ. (قَوْلُهُ: أَيْ: أَوْ صَارَ مُؤْمِنًا قَبْلَ عِتْقِهِ) بِأَنْ آمَنَ ثُمَّ عَتَقَ (قَوْلُهُ: لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ الْعَبِيدِ) كَأَنَّ الْمُرَادَ بِاسْتِيفَاءِ الْعَدَدِ قَبْلَ عِتْقِهِ إسْلَامُ الْعَبِيدِ: قَبْلَ عِتْقِهِ بَعْدَ إسْلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْتِقْنَ إلَخْ) خَرَجَ مَا إذَا عَتَقْنَ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامَيْنِ فَيَخْتَارُ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ الْحَالُ الثَّانِي أَنْ تَتَمَحَّضَ إمَاءٌ، فَإِنْ كُنَّ عَتَقْنَ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامَيْنِ اخْتَارَ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا، وَإِلَّا، فَلَا يَخْتَارُ إلَّا وَاحِدَةً بِشَرْطِ الْإِعْسَارِ وَخَوْفِ الْعَنَتِ بِشَرْطِهِ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: الْأَرْجَحُ مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ) قَالَ الْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْهَاجِ: هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَقَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: صَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ. (قَوْلُهُ: لِاقْتِرَانِ حُرِّيَّةٍ) أَيْ: فَيُنْظَرُ لِحَالِ اجْتِمَاعِ إسْلَامِ الزَّوْجِ وَكُلِّ زَوْجَةٍ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَانِعٌ خُيِّرَ كَالْأُولَتَيْنِ، وَإِنْ وُجِدَ مَانِعٌ انْدَفَعَ نِكَاحُ مَنْ وُجِدَ مَعَهَا الْمَانِعُ كَالْأَخِيرَتَيْنِ، فَالْمَنْظُورُ إلَيْهِ حَالُ اجْتِمَاعِ إسْلَامِ الزَّوْجِ مَعَ كُلِّ زَوْجَةٍ، إذْ هِيَ الْمُخَيَّرُ فِيهَا أَوْ الْمُنْدَفِعَةُ لَا اجْتِمَاعِ مَنْ سَبَقَ عِتْقُهَا عَلَى اجْتِمَاعِهَا مَعَهُ إذْ لَا وَجْهَ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ إلَخْ) أَيْ: فَتَنْدَفِعُ بِهِمَا الْأُولَتَانِ. (قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ تَقَدَّمَ) ؛ لِأَنَّ حَالَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِمَا مَعَ إسْلَامِ الزَّوْجِ لِأُجْرَةٍ فِيهِ بِخِلَافِ الْبَوَاقِي.
(قَوْلُهُ: اتِّجَاهٌ قَلِيلٌ) أَيْ: لِأَنَّ الْمُعْتَقَةَ حَالَ اجْتِمَاعِهَا مَعَهُ فِي الْإِسْلَامِ كَانَتْ أَمَةً لَكِنَّ الْأَرْجَحَ مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالِ الزَّوْجِ مَعَ كُلِّ زَوْجَةٍ عَلَى حِدَتِهَا؛ لِأَنَّهُ حَالُ جَوَازِ الِاخْتِيَارِ أَوْ الِانْدِفَاعِ تَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: وَالْعَبْدُ بِالْحُرِّ الْتَحَقَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَقَدْ يُتَصَوَّرُ اخْتِيَارُهُ لِأَرْبَعٍ بِأَنْ يَعْتِقَ قَبْلَ إسْلَامِهِ، سَوَاءٌ قَبْلَ إسْلَامِهِنَّ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَقَبْلَ إسْلَامِهِنَّ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِوَقْتِ الِاخْتِيَارِ، وَهُوَ عِنْدَهُ حُرٌّ، وَمِنْ ثَمَّ امْتَنَعَ عَلَيْهِ إمْسَاكُ الْأَمَةِ، وَلَوْ أَسْلَمَ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ ثِنْتَانِ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْبَاقِيَاتُ فِيهَا لَمْ يَخْتَرْ الِاثْنَتَيْنِ، وَلَوْ مِنْ الْمُتَأَخِّرَاتِ لِاسْتِيفَائِهِ عَدَدَ الْعَبِيدِ قَبْلَ عِتْقِهِ. اهـ قَالَ ع ش: قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ إسْلَامِهِ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ عِتْقُهُ عَنْ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ تَعَيَّنَ اخْتِيَارُ ثِنْتَيْنِ، وَهُوَ مُسْتَفَادٌ بِالْأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ، وَلَوْ أَسْلَمَ مَعَهُ أَوْ فِي الْعِدَّةِ إلَخْ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِوَقْتِ الِاخْتِيَارِ الْمُرَادُ بِهِ دُخُولُ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ، وَهُوَ يَحْصُلُ بِاجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ، فَعِتْقُهُ بَعْدُ إنَّمَا حَصَلَ بَعْدَ تَعَيُّنِ اخْتِيَارِ الثِّنْتَيْنِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: مِمَّنْ أَسْلَمَ عَلَيْهِنَّ) أَيْ: وَهُنَّ غَيْرُ كِتَابِيَّاتٍ. (قَوْلُهُ: فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ إلَخْ) ذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ صُوَرَ
اخْتَارَ وَاحِدَةً أَوْ وَجَدَ النَّوْعَانِ انْدَفَعَتْ الْإِمَاءُ وَاخْتَارَ مِنْ الْحَرَائِرِ أَرْبَعًا، وَلَوْ أَسْلَمَ مَعَهُ وَاحِدَةٌ مِنْ أَرْبَعِ إمَاءٍ عَتَقَ، ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْبَوَاقِي لَا يَخْتَارُ إلَّا وَاحِدَةً قَالَ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي: وَتَتَعَيَّنُ الْأُولَى وَحَكَى الْإِمَامُ عَنْ سَائِرِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَخْتَارُ وَاحِدَةً مِنْ الْجُمْلَةِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: لَكِنَّ قِيَاسَ مَا مَرَّ جَوَازُ اخْتِيَارِ ثِنْتَيْنِ
ــ
[حاشية العبادي]
يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ مُعْسِرًا خَائِفًا مِنْ الزِّنَا، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مُعْتَبَرًا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأَخِيرَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ: لَوْ أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ فَقَطْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ إذَا فُرِضَتْ فِي تَمَحَّضَ الْإِمَاءِ كَانَتْ عَيْنَ قَوْلِهِ الْآتِي: وَلَوْ أَسْلَمَ مَعَهُ وَاحِدَةٌ فَقَطْ إلَخْ، وَكَذَا قَوْلُهُ: أَوْ وُجِدَ النَّوْعَانِ إلَخْ إطْلَاقُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَلَوْ عَتَقَتْ الْبَوَاقِي إلَخْ لَا يُقَالُ: قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْتَحَقَ بِالْحُرِّ وَهُوَ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَةِ إلَّا بِشَرْطِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: يَلْزَمُكَ إذَنْ أَنْ لَا يَصِحَّ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي، وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ إمْسَاكُ الْأُولَى لِرِقِّهِ عِنْدَ الْإِسْلَامَيْنِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ
وَكَانَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ: كَانَتْ عَيْنَ قَوْلِهِ الْآتِي إلَخْ الِاعْتِرَاضَ بِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ عَيْنَ ذَلِكَ الْقَوْلِ لَمْ يَصِحَّ اعْتِبَارُ ذَلِكَ الشَّرْطِ فِيهَا لِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ فِي الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ، وَكَانَ مُرَادُهُ حِينَئِذٍ الِاعْتِرَاضَ عَلَى إطْلَاقِ اعْتِبَارِهِ لَا عَلَى اعْتِبَارِهِ فِي الْجُمْلَةِ، فَإِنَّهُ مُعْتَبَرٌ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنَّهُ لَمَّا قَيَّدَ فِي الرَّوْضِ اخْتِيَارَ وَاحِدَةٍ فِي مَسْأَلَةِ الْإِمَامِ وَمَنْ مَعَهُ الْمَذْكُورَةِ فِي الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ الْآتِي بِقَوْلِهِ: بِشَرْطِهَا قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: بِشَرْطِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى مَنْقُولِ الْمُتَوَلِّي أَمَّا عَلَى مَنْقُولِ الْإِمَامِ فَإِنَّمَا يَأْتِي فِيمَا إذَا اخْتَارَ غَيْرَ الَّتِي أَسْلَمَتْ مَعَهُ أَمَّا فِيهَا، فَلَا لِرِقِّهِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الْإِسْلَامِ اهـ وَحِينَئِذٍ يُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْ الشَّارِحِ هُنَا بِحَمْلِ قَوْلِهِ بِشَرْطِهِ عَلَى مَعْنَى بِشَرْطِهِ فِي الْجُمْلَةِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ الْآتِي، وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ إمْسَاكُ الْأُولَى إلَخْ؛ لِأَنَّ تَعْلِيلَهُ يُفْهِمُ عَدَمَ اعْتِبَارِ هَذَا الشَّرْطِ فِي الْأُولَى فَلْيُتَأَمَّلْ. سم، وَقَوْلُهُ: أَمَّا فِيهَا إلَخْ قَدْ يُقَالُ: قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ لَا يَأْتِي عَلَى مَنْقُولِ الْمُتَوَلِّي فَمَا وَجْهُ قَوْلِ شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ يَأْتِي عَلَى مَنْقُولِ الْمُتَوَلِّي وَلَا يَأْتِي عَلَى مَنْقُولِ الْإِمَامِ إذَا اخْتَارَ الْأُولَى مَعَ أَنَّ مَا وُجِّهَ بِهِ عَلَى مَنْقُولِ الْإِمَامِ إذَا اخْتَارَ الْأُولَى مَوْجُودٌ عَلَى مَنْقُولِ الْمُتَوَلِّي؛ لِأَنَّهُ يُعَيِّنُ الْأُولَى؟ . (قَوْلُهُ: إلَّا وَاحِدَةً) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ الْعَبِيدِ قَبْلَ عِتْقِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ: إلَّا وَاحِدَةً قَالَ فِي الرَّوْضِ بِشَرْطِهَا قَالَ فِي شَرْحِهِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِشَرْطِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَهُوَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى مَنْقُولِ الْمُتَوَلِّي أَمَّا عَلَى مَنْقُولِ الْإِمَامِ فَإِنَّمَا يَأْتِي فِيمَا إذَا اخْتَارَ غَيْرَ الَّتِي أَسْلَمَتْ مَعَهُ أَمَّا فِيهَا فَلَا لِرِقِّهِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا إلَخْ، وَعَدَمُ تَأَتِّيهِ عَلَى مَنْقُولِ الْمُتَوَلِّي لِهَذَا التَّعْلِيلِ بِعَيْنِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
وَجْهُ هَذِهِ التَّفْرِقَةِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَخْتَارُ وَاحِدَةً) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا إلَخْ) : اعْلَمْ أَنَّ مُرَادَ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِمَا مَرَّ قَوْلُ أَصْلِهَا فِي حِكَايَةِ ضَابِطٍ لِلْأَصْحَابِ الرِّقُّ وَالْحُرِّيَّةُ إذَا تَبَدَّلَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ، فَإِنْ
ــ
[حاشية الشربيني]
مَا إذَا تَمَحَّضْنَ حَرَائِرَ عَلَى حِدَةٍ وَذَكَرَ مِنْهُمَا مَا إذَا أَسْلَمَ مِنْهُنَّ ثِنْتَانِ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَ الْبَاقِيَاتُ وَمَا إذَا أَسْلَمَ مَعَهُ وَاحِدَةٌ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَ الْبَاقِيَاتُ وَقَالَ فِي الْأُولَى: لَيْسَ لَهُ إلَّا اخْتِيَارُ ثِنْتَيْنِ، وَفِي الثَّانِيَةِ لَهُ اخْتِيَارُ أَرْبَعٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ بِإِسْلَامِ الْوَاحِدَةِ عَدَدَ الْعَبِيدِ ثُمَّ ذَكَرَ حُكْمَ مَا إذَا تَمَحَّضْنَ إمَاءً، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ عَتَقَ قَبْلَ الْإِسْلَامَيْنِ وَقَالَ: إنْ كُنَّ عَتَقْنَ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامَيْنِ اخْتَارَ أَرْبَعًا، وَإِلَّا فَوَاحِدَةً بِشَرْطِ الْإِعْسَارِ وَخَوْفِ الْعَنَتِ ثُمَّ ذَكَرَ حُكْمَ مَا إذَا كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعٌ مِنْهُنَّ وَأَسْلَمَ مَعَهُ اثْنَتَانِ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَ الْمُتَخَلِّفَتَانِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَخْتَارُ إلَّا اثْنَتَيْنِ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي ثُمَّ ذَكَرَ حُكْمَ مَا إذَا أَسْلَمَ مَعَهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْبَوَاقِي فَقَالَ: قَالَ الْمُتَوَلِّي: لَا يَخْتَارُ إلَّا وَاحِدَةً إلَخْ، وَلَا يَخْفَى حُسْنُ هَذَا التَّرْتِيبِ وَسَلَامَتُهُ مِنْ التَّكْرَارِ وَمِنْ اشْتِرَاطِ الْإِعْسَارِ وَخَوْفِ الْعَنَتِ فِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ، وَإِنَّمَا شَرْطُهُمَا فِيمَا فُرِضَ فِيهِ أَنَّهُ عَتَقَ قَبْلَ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامَيْنِ وَلَا يَتَأَتَّى حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ أَسْلَمَ مَعَهُ أَحَدٌ قَبْلَ عِتْقِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مَعَهُ) أَيْ: أَوْ فِي الْعِدَّةِ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْبَاقِيَاتُ أَيْ: فِي الْعِدَّةِ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: لَا يَخْتَارُ إلَّا وَاحِدَةً) شَبَّهَ ذَلِكَ بِمَا إذَا طَلَّقَ الْعَبْدُ زَوْجَتَهُ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ عَتَقَ لَمْ يَمْلِكْ الثَّالِثَةَ وَلَا يَنْكِحُهَا إلَّا بِمُحَلِّلٍ، وَلَوْ طَلَّقَهَا طَلْقَةً ثُمَّ عَتَقَ وَنَكَحَهَا أَوْ رَاجَعَهَا مَلَكَ طَلْقَتَيْنِ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: لِعَيْنِ مَا قَالَهُ) أَيْ:
؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ الْعَبِيدِ قَبْلَ عِتْقِهِ وَأَقُولُ بَلْ قِيَاسُهُ أَنَّهُ لَا يَخْتَارُ إلَّا وَاحِدَةً لِعَيْنِ مَا قَالَهُ كَمَا شَمَلَهُ كَلَامُ النَّظْمِ الْمَذْكُورِ، وَلَوْ عَتَقَتْ الْبَوَاقِي فِي هَذِهِ ثُمَّ أَسْلَمْنَ فَلَهُ إمْسَاكُ الْجَمِيعِ لِذَلِكَ، وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ إمْسَاكُ الْأُولَى لِرِقِّهِ عِنْدَ الْإِسْلَامَيْنِ. (وَمَعَهُ) بِإِسْكَانِ الْعَيْنِ. (إنْ أَسْلَمَتْ اثْنَتَانِ) مِنْ أَرْبَعِ إمَاءٍ مَثَلًا. (ثُمَّ يُحَرَّرْ) هُوَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْأُخْرَيَانِ. (تَتَعَيَّنَانِ) أَيْ: الْأُولَيَانِ لِلنِّكَاحِ لِرِقِّهِ عِنْدَ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِمَا، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ الْمُتَخَلِّفَتَيْنِ، وَلَا وَاحِدَةً مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ عِنْدَ إسْلَامِهِمَا، فَأَفَادَ كَلَامُهُ جَوَازَ جَمْعِهِ رَقِيقَتَيْنِ وَتَعَيُّنَ الْأُولَيَيْنِ لِمَا تَقَرَّرَ وَمَنْعَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِمَا لِاسْتِيفَائِهِ عَدَدَ الْعَبِيدِ قَبْلَ حُرِّيَّتِهِ فَحُدُوثُهَا لَا يُؤْثِرُ كَمَا فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ، وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ.
(إنْ كَانَتَا) أَيْ: الْأُولَيَانِ. (رَقِيقَتَيْنِ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مُصَوَّرَةً بِأَرْبَعِ إمَاءٍ كَمَا تَقَرَّرَ، بَلْ يُوهِمُ اخْتِلَافَ الْحُكْمِ لَوْ كَانَتَا غَيْرَ رَقِيقَتَيْنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ: وَإِنْ كَانَتَا رَقِيقَتَيْنِ بِالْوَاوِ لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ وَرَفَعَ تَتَعَيَّنَانِ، وَإِنْ كَانَ جَوَابُ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الْجَوَابِ الْمَسْبُوقِ بِمَاضٍ حَسَنٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الْحَاوِي وَالْعَبْدُ كَالْحُرِّ إنْ عَتَقَ، وَلَمْ يُسْلِمْ أَوْ ثِنْتَانِ، وَإِلَّا تَعَيَّنَتَا إنْ عَتَقَهُ مَعَ الْإِسْلَامِ مِنْهُ وَمِنْهُمَا كَعِتْقِهِ بَعْدَهُ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَعِتْقِهِ قَبْلَهُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ، وَلَا يُؤْخَذُ شَيْءٌ مِنْهُمَا مِنْ كَلَامِ النَّاظِمِ لِتَقْيِيدِهِ أَوَّلًا بِالْقَبْلِيَّةِ، وَثَانِيًا بِالْبَعْدِيَّةِ الْمُفَادَةِ بِثُمَّ، فَكَلَامُهُ فِيهَا مُتَدَافِعٌ، وَلَوْ عَتَقَتْ الْمُتَخَلِّفَتَانِ فِي الْمِثَالِ قَبْلَ إسْلَامِهِمَا، فَلَهُ اخْتِيَارُهُمَا، وَلَهُ اخْتِيَارُ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَوَاحِدَةٍ مِنْ الْأُولَيَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا حُرَّتَانِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِمَا فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعُ حَرَائِرَ وَأَسْلَمَ مَعَهُ ثِنْتَانِ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْأُخْرَيَانِ، فَإِنَّهُ يَخْتَارُ ثِنْتَيْنِ كَيْفَ شَاءَ، ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. (لَا إذَا تَأَخَّرُ)
ــ
[حاشية العبادي]
بَقِيَ مِنْ الْعَدَدِ الْمُعَلَّقِ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الزَّائِدِ وَالطَّارِئِ شَيْءٌ أَثَّرَ الطَّارِئُ، وَكَانَ الثَّابِتُ الْعَدَدَ الْمُعَلَّقَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمَا جَمِيعًا شَيْءٌ لَمْ يُؤَثِّرْ الطَّارِئُ وَلَمْ يُغَيِّرْ حُكْمًا. اهـ. بِرّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ إلَخْ) كَانَ مَعْنَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَمَّا فَاتَ الِاسْتِيفَاءُ الَّذِي هُوَ لَهُ كَانَ لَهُ تَدَارُكُهُ. (قَوْلُهُ: لِعَيْنِ مَا قَالَهُ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَمَّا فَاتَ الرِّقُّ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الِاسْتِيفَاءِ فَقَدْ فَاتَ الِاسْتِيفَاءُ. (قَوْلُهُ: كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُ النَّظْمِ) وَهُوَ قَوْلُهُ: أَوْ قَبْلَ عِتْقٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَتَقَتْ الْبَوَاقِي فِي هَذِهِ ثُمَّ أَسْلَمْنَ) خَرَجَ مَا لَوْ أَسْلَمْنَ مِنْ غَيْرِ عِتْقٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْبَوَاقِي وَمَا لَوْ أَسْلَمْنَ ثُمَّ عَتَقْنَ. (قَوْلُهُ: لِرِقِّهِ) وَفِي الرَّوْضِ الْجَوَازُ ادِّخَالُ الْحَرَائِرِ عَلَى الْأَمَةِ. (قَوْلُهُ: يَتَعَيَّنَانِ) قَدْ يُشْكِلُ التَّعْيِينُ هُنَا بِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْأُولَى فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ عَلَى مَنْقُولِ الْإِمَامِ عِنْدَ سَائِرِ الْأَصْحَابِ دُونَ مَنْقُولِ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي فَإِنَّ الْأُولَى هُنَاكَ نَظِيرُ الثِّنْتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ هُنَا بِجَامِعِ الْإِسْلَامِ مَعَهُ قَبْلَ عِتْقِهِ، وَتَأَخُّرِ إسْلَامِ الْبَاقِي فِي الصُّورَتَيْنِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَجْهُ هَذِهِ التَّفْرِقَةِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ وَجْهَهَا أَنَّهُ هُنَا قَدْ اسْتَوْفَى عَدَدَ الْعَبِيدِ قَبْلَ عِتْقِهِ فَتَكُونُ الْعِلَّةُ فِي التَّعْيِينِ لَيْسَ مُجَرَّدَ رِقِّهِ عِنْدَ الْإِسْلَامَيْنِ، بَلْ رِقُّهُ مَعَهُ اسْتِيفَاءُ عَدَدِ الْعَبِيدِ، وَهُنَاكَ لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ الْعَبِيدِ، وَقَدْ صَارَ حُرًّا فَيَخْتَارُ وَاحِدَةً بِشَرْطِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ بَعْدُ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي عَدَدِ الطَّلَاقِ) فَإِنَّ حُدُوثَ الْحُرِّيَّةِ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: لَا حَاجَةَ إلَيْهِ) قَدْ يُقَالُ: بَلْ إلَيْهِ حَاجَةٌ وَهِيَ اسْتِقَامَةُ قَوْلِهِ الْآتِي لَا إذَا تَأَخَّرَتْ الْحُرَّةُ فَإِنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا بِاعْتِبَارِ هَذَا الْقَيْدِ بِرّ، وَقَدْ يُدْفَعُ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ الْإِطْلَاقُ هُنَا وَالتَّقْيِيدُ هُنَاكَ بِمَا إذَا كَانَتْ الْأُولَيَانِ رَقِيقَتَيْنِ فَيَسْتَقِيمُ الْآتِي وَيَنْدَفِعُ الْخَلَلُ عَمَّا هُنَا (قَوْلُهُ: وَمِنْهُمَا) أَيْ: الثِّنْتَيْنِ.
(قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ) أَيْ: عِلَّةِ تَعَيُّنِ الْأُولَيَيْنِ، وَهِيَ قَوْلُهُ: لِرِقِّهِ عِنْدَ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِمَا؛ لِأَنَّهُ إذَا قَارَنَ الْعِتْقُ الْإِسْلَامَيْنِ انْتَفَى رَقُّهُ عِنْدَهُمَا ثُمَّ إذَا كَانَ كَعِتْقِهِ قَبْلَهُ، فَحُكْمُهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ: فِيمَا إذَا مِنْ قَبْلِ مَا اهْتَدَى عَتَقَ تَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤْخَذُ شَيْءٌ مِنْهُمَا) أَيْ: الْعِتْقُ مَعَ الْإِسْلَامِ مِنْهُ وَالْعِتْقُ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: فَكَلَامُهُ فِيهَا) أَيْ: فِي الْمَعِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ بِقَوْلِهِ: مَعَ الْإِسْلَامِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَتَقَتْ
ــ
[حاشية الشربيني]
؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْتَوْفِ عَدَدَ الْعَبِيدِ قَبْلَ عِتْقِهِ كَانَ كَالْحُرِّ، وَالْحَرُّ لَا يَجُوزُ لَهُ غَيْرُ رَقِيقَةٍ وَاحِدَةٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَتَقَتْ الْبَوَاقِي إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ إمَاءٌ فَأَسْلَمَ الزَّوْجُ مَعَ وَاحِدَةٍ ثُمَّ عَتَقَتْ ثُمَّ عَتَقَ الْبَاقِيَاتُ ثُمَّ أَسْلَمَتْ اخْتَارَ أَرْبَعًا مِنْهُنَّ لِالْتِحَاقِهِنَّ بِالْأَصْلِيَّاتِ، وَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارُ الْأُولَى؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ رَقِيقَةً عِنْدَ اجْتِمَاعِ الْإِسْلَامَيْنِ. اهـ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى مَا نَحْنُ فِيهِ لِفَرْضِ كَلَامِهِ فِي الْحُرِّ وَكَلَامِنَا فِي الرَّقِيقِ. (قَوْلُهُ: أَوْ ثِنْتَانِ) أَيْ: أَوْ إنْ عَتَقَ وَقَدْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَلَمْ تُسْلِمْ ثِنْتَانِ مَعَهُ مِمَّنْ تَحْتَهُ بِأَنْ لَمْ تُسْلِمْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَوْ أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ فَقَطْ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا تَعَيَّنَتَا أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَمْ تُسْلِمْ ثِنْتَانِ، وَذَلِكَ بِأَنْ تُسْلِمَ مَعَهُ ثِنْتَانِ؛ لِأَنَّ صِدْقَ قَوْلِكَ لَمْ تُسْلِمْ ثِنْتَانِ يَتَوَقَّفُ عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ، وَهُوَ إمَّا عَدَمُ إسْلَامِ أَحَدٍ أَوْ إسْلَامُ وَاحِدَةٍ فَقَطْ فَمَا يَمْنَعُ صِدْقَ ذَلِكَ انْتِفَاءُ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا وَذَلِكَ هُوَ
أَيْ: تَتَأَخَّرُ. (الْحُرَّةُ) بِالْإِسْلَامِ (عَنْ هَذَا وَذَا) أَيْ: إسْلَامِ الْأَمَتَيْنِ مَعَهُ وَعِتْقِهِ بِأَنْ تُسْلِمَ مَعَهُ أَمَتَانِ ثُمَّ يَعْتِقُ ثُمَّ تُسْلِمُ حُرَّةٌ، فَلَا تَتَعَيَّنُ الْأُولَيَانِ، بَلْ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ الْحُرَّةَ مَعَ إحْدَاهُمَا، وَلَوْ أَسْلَمَ مَعَهُ حُرَّةٌ وَأَمَةٌ ثُمَّ عَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَتْ حُرَّةٌ وَأَمَةٌ، فَلَهُ اخْتِيَارُ الْحُرَّتَيْنِ وَاخْتِيَارُ إحْدَاهُمَا مَعَ الْأَمَةِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ لِحُرِّيَّتِهِ عِنْدَ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهَا وَفِي نِكَاحِهِ حُرَّةً، وَلَوْ أَسْلَمَ مَعَهُ أَرْبَعُ حَرَائِرَ أَوْ إمَاءٍ ثُمَّ عَتَقَ لَمْ يَخْتَرْ الِاثْنَتَيْنِ لِرِقِّهِ عِنْدَ إسْلَامِهِ وَإِسْلَامِهِنَّ وَإِذَا اخْتَارَ فِي صُورَةِ الْحَرَائِرِ ثِنْتَيْنِ وَفَارَقَ ثِنْتَيْنِ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهُمَا؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ وَهُمَا حُرَّتَانِ ذَكَرَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ
(ثُمَّ طَلَاقُهُ) أَيْ: طَلَاقُ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ فِي حَقِّهِ بَعْضَ زَوْجَاتِهِ. (وَلَوْ) كَانَ الطَّلَاقُ. (مُعَلَّقَا) تَعْيِينٌ لِلنِّكَاحِ فِي الْمُطَلَّقَةِ، إذْ الْمَنْكُوحَةُ هِيَ الَّتِي يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ وَتُخَاطَبُ بِهِ فَإِذَا طَلَّقَ أَرْبَعًا انْدَفَعَ نِكَاحُهُنَّ بِالطَّلَاقِ وَالْبَاقِيَاتِ بِالشَّرْعِ، وَسَوَاءٌ طَلَّقَ بِالصَّرِيحِ كَطَلَّقْتُكِ أَمْ بِالْكِنَايَةِ كَأَبَنْتُكِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ فَارَقْتُكِ كَطَلَّقْتُكِ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ، وَالْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ كَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ فَسْخٌ كَاخْتَرْتُ فِرَاقَكَ قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَلِأَنَّهُ قَدْ يَقَعُ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجَةِ بِخِلَافِ طَلَّقْتُكِ، وَقَدْ يُقَالُ: أَرَادَ النَّاظِمُ بِالطَّلَاقِ لَفْظَهُ فَيَخْرُجُ الْفِرَاقُ، وَلَكِنَّهُ يُشْكِلُ حِينَئِذٍ بِالسَّرَاحِ، وَلَوْ اخْتَارَ الْجَمِيعَ لِلنِّكَاحِ لَغَا لِامْتِنَاعِ الْجَمْعِ أَوْ لِلْفَسْخِ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مُقَرَّرٌ فِي أَرْبَعٍ، وَلَوْ طَلَّقَهُنَّ وَقَعَ عَلَى أَرْبَعٍ وَيُعَيِّنُهُنَّ. (لَا إنْ يُعَلِّقْ اخْتِيَارًا مُطْلَقَا) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ اخْتِيَارًا لِلنِّكَاحِ أَمْ لِلْفَسْخِ، وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الطَّلَاقَ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي، فَلَا يَكُونُ تَعْيِينًا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالتَّعْيِينِ، وَالِاخْتِيَارُ الْمُعَلَّقُ لَيْسَ بِتَعْيِينٍ؛ وَلِأَنَّ الِاخْتِيَارَ كَابْتِدَاءِ النِّكَاحِ أَوْ كَاسْتِدَامَتِهِ فَتَعْلِيقُهُ كَتَعْلِيقِ النِّكَاحِ أَوْ الرَّجْعَةِ، وَلَا يَصِحُّ فَيُشْتَرَطُ تَنْجِيزُهُ كَأَنْ يَقُولَ: اخْتَرْتُ نِكَاحَكِ أَوْ قَرَّرْتُهُ أَوْ أَمْسَكْتُكِ أَوْ ثَبَتُّكِ لَهُ، وَإِنَّمَا جَازَ تَعْلِيقُهُ فِي ضِمْنِ الطَّلَاقِ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الطَّلَاقِ، وَالِاخْتِيَارُ يَحْصُلُ ضِمْنًا، وَقَدْ يُحْتَمَلُ فِي الضِّمْنِيِّ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي غَيْرِهِ كَمَا يُحْتَمَلُ تَعْلِيقُ التَّمْلِيكِ الضِّمْنِيِّ كَأَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي غَدًا عَلَى كَذَا وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ مُطْلَقًا تَكْمِلَةٌ وَإِيضَاحٌ
(وَالْفَسْخُ)، وَلَوْ مُعَلَّقًا. (إنْ فُسِّرَ) هـ الزَّوْجُ. (بِالسَّرَاحِ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ: الطَّلَاقِ تَعْيِينٌ لِلنِّكَاحِ
فَلَوْ قَالَ: فَسَخْتُ نِكَاحَكِ وَأَرَادَ الطَّلَاقَ، فَهُوَ اخْتِيَارٌ لِلنِّكَاحِ، وَإِنْ أَرَادَ الْفِرَاقَ أَوْ أَطْلَقَ فَهُوَ اخْتِيَارٌ لِلْفِرَاقِ، وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَنِكَاحُكِ مَفْسُوخٌ، وَأَرَادَ الطَّلَاقَ نَفَذَ، وَإِلَّا لَغَا إذْ الْفُسُوخُ تَجْرِي مَجْرَى الْعُقُودِ فِي امْتِنَاعِ قَبُولِ التَّعْلِيقِ فَعُلِمَ أَنَّ الْفَسْخَ كِنَايَةٌ فَيُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: طَلَاقُهُ تَعْيِينٌ لِشُمُولِهِ الْكِنَايَةَ كَمَا مَرَّ وَاسْتُشْكِلَ كَوْنُ الْفَسْخِ هُنَا كِنَايَةً بِأَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوُجِدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ، فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى رِعَايَةً لِغَرَضِ مَنْ رَغِبَ فِي الْإِسْلَامِ وَقَوْلُهُ:(تَعْيِينُهُ) خَبَرُ طَلَاقُهُ كَمَا تَقَرَّرَ. (هَاتِيكَ) مَفْعُولُ تَعْيِينُهُ أَيْ: طَلَاقُهُ تَعْيِينُهُ تِلْكَ الْمُطَلَّقَةَ. (لِلنِّكَاحِ) لَا لِلْفِرَاقِ. (لَا الْوَطْءِ وَالْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ) فَلَيْسَتْ تَعْيِينًا لَهُ؛ لِأَنَّ الِاخْتِيَارَ كَابْتِدَاءِ النِّكَاحِ أَوْ كَاسْتِدَامَتِهِ كَمَا مَرَّ، وَكِلَاهُمَا يَحْصُلُ بِالْقَوْلِ كَالرَّجْعَةِ، فَلَا يَحْصُلُ بِالْوَطْءِ، وَأَمَّا الْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ فَمَعْنَاهُمَا بِالْأَجْنَبِيَّةِ أَلْيَقُ مِنْهُ بِالْمَنْكُوحَةِ فَلَوْ اخْتَارَ الَّتِي آلَى أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا لِلْفِرَاقِ بَطَلَ
ــ
[حاشية العبادي]
الْمُتَخَلِّفَتَانِ فِي الْمِثَالِ قَبْلَ إسْلَامِهِمَا إلَخْ) هَذَا مِنْ جُمْلَةِ مَا دَخَلَ فِي قَوْلِ الْمَتْنِ الْآتِي لَا إذَا تَأَخَّرَتْ الْحُرَّةُ بِرّ
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ فَسْخٌ) اُنْظُرْ لَوْ نَوَى بِفَارَقْتُكِ الطَّلَاقَ. (قَوْلُهُ: تَكْمِلَةٌ وَإِيضَاحٌ) يُتَأَمَّلُ
(قَوْلُهُ: فَهُوَ اخْتِيَارٌ لِلْفِرَاقِ) أَيْ: وَحِينَئِذٍ يَلْغُو إنْ كَانَ مُعَلَّقًا، وَأَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَهُ، وَإِلَّا لَغَا إذْ الْفُسُوخُ إلَخْ
ــ
[حاشية الشربيني]
بِأَنْ تُسْلِمَ ثِنْتَانِ وَحِينَئِذٍ تَعَيَّنَتَا لِلنِّكَاحِ. اهـ. طَاوُوسِيٌّ (قَوْلُهُ: بَلْ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ الْحُرَّةَ) فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ الْأَمَتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا مَعَ الْحُرَّةِ؛ لِأَنَّ الْحُرَّةَ عِنْدَ الِاجْتِمَاعِ فِي الْإِسْلَامِ الَّذِي هُوَ وَقْتُ الِاخْتِيَارِ كَالْعَدَمِ لِتَأَخُّرِ إسْلَامِهَا. اهـ مِنْ بَعْضِ الْهَوَامِشِ
(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ فَارَقْتُكِ صَرِيحُ طَلَاقٍ. (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ تُعْلَمْ الزَّوْجِيَّةُ كَانَ بِالْفَسْخِ أَوْلَى مِنْهُ بِالطَّلَاقِ بِخِلَافِهِ فِي الزَّوْجِيَّةِ الْمُحَقَّقَةِ فَإِنَّهُ مِنْ صَرَائِحِ الطَّلَاقِ. اهـ. شَيْخُنَا ذ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرَادَ الْفِرَاقَ أَوْ أَطْلَقَ فَهُوَ اخْتِيَارٌ لِلْفِرَاقِ) أَيْ: فَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْفِرَاقِ، وَفِيهِ أَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَوُجِدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ فَلَعَلَّهُ أَغْلَبِيٌّ سم وَجَوَابُ م ر بِمَنْعِ وُجُودِ نَفَاذِهِ فِي مَوْضُوعِهِ عِنْدَ إرَادَتِهِ بِهِ الطَّلَاقَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَةَ بِالطَّلَاقِ لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلْفَسْخِ حِينَئِذٍ فِيهِ نَقْضٌ لِأَصْلِ الْقَاعِدَةِ إذْ يُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا وَرَدَ فَلَوْ ظَاهَرَ مَثَلًا مِنْ امْرَأَتِهِ نَاوِيًا بِهِ الطَّلَاقَ نَقُولُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَأَنَّ الظِّهَارَ كِنَايَةٌ فِيهِ لِعَدَمِ وُجُودِهِ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ؛ لِأَنَّ الْمَنْوِيَّ طَلَاقُهَا لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلظِّهَارِ لِفَقْدِ الزَّوْجِيَّةِ حِينَئِذٍ وَلَا قَائِلَ بِهِ وَأَجَابَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ بِأَنَّ صِيغَةَ الْفَسْخِ هُنَا وَرَدَتْ عَلَى مَنْ لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلْفَسْخِ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَهَا لِلنِّكَاحِ مُقَدَّرٌ قَبْلَ الْوُرُودِ لِيَصِحَّ الطَّلَاقُ، وَلَا كَذَلِكَ الظِّهَارُ فَإِنَّ صِيغَتَهُ وَرَدَتْ عَلَى مَنْ هِيَ مَحَلٌّ لَهُ
الْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ أَوْ لِلنِّكَاحِ صَحَا، وَابْتِدَاءُ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ مِنْ وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَحِينَئِذٍ يَصِيرُ عَائِدًا إنْ لَمْ يُفَارِقْهَا
. (وَجَازَ أَنْ يَحْصُرَ مَنْ يَخْتَارُ) مِنْهُنَّ. (فِي بَعْضِهِنَّ) كَأَنْ أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ فَحَصَرَ الْمُخْتَارَاتِ فِي سِتٍّ إذْ يَخَفْ بِهِ الْإِبْهَامَ ثُمَّ يُؤْمَرُ بِاخْتِيَارِ أَرْبَعٍ مِنْ السِّتِّ. (وَ) جَازَ فِيمَا لَوْ أَسْلَمَ عَلَى ثَمَانِ وَثَنِيَّاتٍ وَاهْتَدَى مِنْهُنَّ أَرْبَعٌ أَوْ عَلَى أَرْبَعِ كِتَابِيَّاتٍ وَأَرْبَعِ وَثَنِيَّاتٍ. (اخْتِيَارَ اللَّاتِي قَدْ اهْتَدَيْنَ) أَيْ: أَسْلَمْنَ. (وَالْكِتَابِيَّاتِ لَهُ) أَيْ: لِلنِّكَاحِ. (وَ) اخْتَارَ (لِلْفِرَاقِ عُبَّادَ الصُّوَرْ) أَيْ: الْوَثَنِيَّاتِ، فَلَوْ اخْتَارَهُنَّ لِلنِّكَاحِ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُنَّ قَدْ لَا يُسْلِمْنَ
فَلَا يَتَحَقَّقُ الِاخْتِيَارُ، وَكَذَا لَوْ اخْتَارَ الْأُولَيَاتِ لِلْفِرَاقِ، فَلَوْ سَكَتَ بَعْدَ اخْتِيَارِهِنَّ لِلنِّكَاحِ عَنْ اخْتِيَارِ الْمُتَخَلِّفَاتِ لِلْفِرَاقِ، وَلَمْ يُسْلِمْنَ فِي الْعِدَّةِ انْدَفَعْنَ مِنْ وَقْتِ إسْلَامِهِ، وَإِنْ أَسْلَمْنَ فِيهَا تَبَيَّنَ انْدِفَاعُهُنَّ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ وَيَتَبَيَّنُ تَعْيِينُهُنَّ مِنْ وَقْتِ تَعْيِينِ الْأُولَيَاتِ، وَيَجُوزُ جَرُّ عُبَّادٍ بِتَقْدِيرِ إضَافَةِ اخْتِيَارٍ إلَيْهِ
. (وَاحْبِسْ) أَنْتَ الزَّوْجَ الْمُكَلَّفَ. (لِيَخْتَارَ) مَالَهُ، وَاخْتِيَارُهُ لِوُجُوبِ الِاخْتِيَارِ عَلَيْهِ بِالْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرِ غَيْلَانَ السَّابِقِ فَيُطَالِبُهُ بِهِ الْحَاكِمُ، وَإِنْ سَكَتْنَ عَنْهُ كَمَا اقْتَضَاهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ إذْ إمْسَاكُ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فِي الْإِسْلَامِ مَمْنُوعٌ فَيَعْصِي بِتَأْخِيرِ الِاخْتِيَارِ كَمَا يَعْصِي بِتَأْخِيرِ التَّعْيِينِ أَوْ الْبَيَانِ فِيمَا لَوْ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ مُبْهِمًا أَوْ مُعَيِّنًا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ، وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ انْدَفَعَ مَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ مِنْ أَنَّ وُجُوبَ الِاخْتِيَارِ يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِهِنَّ إزَالَةَ الْحَبْسِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ، وَإِنَّهُ يَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَيْهِ. (وَعَزِّرْ) إنْ. (أَصِرْ) ، وَلَمْ يُغْنِ فِيهِ الْحَبْسُ وَكَرَّرَهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَخْتَارَ بِشَرْطِ تَخَلُّلِ مُدَّةٍ يَبْرَأُ بِهَا عَنْ أَلَمِ الْأَوَّلِ، فَإِنْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي الْحَبْسِ خُلِّيَ حَتَّى يُفِيقَ، وَلَا يَنُوبُ الْحَاكِمُ عَنْ الْمِصْرِ فِي الِاخْتِيَارِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فِي الْإِيلَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا اخْتِيَارُ شَهْوَةٍ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ، وَلِأَنَّ حَقَّ الْفِرَاقِ فِيهِ لَيْسَ لِمُعَيَّنَةٍ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا قَالَ الْإِمَامُ: وَإِذَا حُبِسَ لَا يُعَزَّرُ عَلَى الْفَوْرِ فَلَعَلَّهُ يَتَرَوَّى، وَأَقْرَبُ مُعْتَبَرٍ فِيهِ مُدَّةُ الِاسْتِتَابَةِ وَاعْتَبَرَ الرُّويَانِيُّ فِي الْإِمْهَالِ الِاسْتِنْظَارَ فَقَالَ: وَلَوْ اُسْتُمْهِلَ أَمْهَلَهُ الْحَاكِمُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَطْ وَيَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُنَّ مُدَّةَ التَّوَقُّفِ؛ لِأَنَّهُنَّ فِي حَبْسِهِ
(، فَإِنْ يَمُتْ) أَيْ: الزَّوْجُ. (مِنْ قَبْلِهِ) أَيْ: قَبْلِ اخْتِيَارِهِ.
(فَكُلُّ) مِنْهُنَّ (تَعْتَدُّ الْأَقْصَى)
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: يَصِيرُ عَائِدًا) أَيْ: فِي الظِّهَارِ
(قَوْلُهُ: ثُمَّ يُؤْمَرُ بِاخْتِيَارِ أَرْبَعٍ مِنْ السِّتِّ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ فِي السِّتِّ أُخْتَانِ، وَلَا يُقَالُ: يَنْدَفِعُ نِكَاحُهُمَا وَيَتَعَيَّنُ الْأَرْبَعُ الْبَاقِيَةُ بِلَا اخْتِيَارٍ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْكُفَّارِ صَحِيحٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يَخْتَارَ وَاحِدَةً مِنْ الْأُخْتَيْنِ مَعَ ثَلَاثٍ مِنْ غَيْرِهِمَا مِنْ السِّتِّ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ سَكَتَ بَعْدَ اخْتِيَارِهِنَّ لِلنِّكَاحِ إلَخْ) قَالَ: فِي الرَّوْضِ وَبِاخْتِيَارِهِنَّ أَيْ: الْأَرْبَعِ الْمُسْلِمَاتِ مِنْ الثَّمَانِ الْوَثَنِيَّاتِ يَنْدَفِعُ نِكَاحُ الْبَاقِيَاتِ أَيْ: يَتَبَيَّنُ انْدِفَاعُهُ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: قَالَ الْبَغَوِيّ: إنْ لَمْ يُسْلِمْنَ فِي الْعِدَّةِ، وَإِلَّا فَبِاخْتِيَارِ الْأُولَيَاتِ وَقَالَ الْإِمَامُ: لَا فَرْقَ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَأَصْلِهِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَاسْتَشْكَلَ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ عَلَى إمَاءٍ وَأَسْلَمَ مَعَهُ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ فَاخْتَارَهَا ثُمَّ أَسْلَمَتْ الْبَاقِيَاتُ فِي الْعِدَةِ بِنَّ مِنْ وَقْتِ اخْتِيَارِ الْأُولَى، فَالْمُوَافِقُ لَهُ قَوْلُ الْبَغَوِيّ: وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الِاخْتِيَارَ ثَمَّ لَمْ يَنْقَطِعْ لِجَوَازِ أَنْ تَعْتِقَ وَاحِدَةٌ مَثَلًا مِنْ الْبَاقِيَاتِ ثُمَّ تُسْلِمَ فَيَخْتَارَهَا أَيْضًا، فَكَانَ بِهِ الِاعْتِبَارُ بِخِلَافِهِ هُنَا لِاسْتِيفَائِهِ الْعَدَدَ الشَّرْعِيَّ فَاعْتُبِرَ اخْتِلَافُ الدِّينِ اهـ فَلْيُتَأَمَّلْ. كَلَامُ الشَّرْحِ هُنَا فَإِنَّهُ يُتَوَهَّمُ مُوَافَقَتُهُ لِمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ لَكِنَّ حَاصِلَ الِانْدِفَاعِ مِنْ وَقْتِ الْإِسْلَامِ وَتَبَيُّنَ الِانْدِفَاعِ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ وَاحِدٌ فَيُوَافِقُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ: أَنَّ الِانْدِفَاعَ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ مُطْلَقًا إلَّا أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ: وَيَتَبَيَّنُ تَعْيِينُهُنَّ، قَدْ يُنَافِي ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: مُدَّةَ الِاسْتِتَابَةِ) أَيْ: وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ حَجَرٌ
ــ
[حاشية الشربيني]
حَالَ الْوُرُودِ وَلِوُجُودِ الزَّوْجِيَّةِ حِينَئِذٍ فَقَدْ وَجَدَ نَفَاذًا فِي مَوْضُوعِهِ فَلَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ، وَهَكَذَا يُقَالُ فِي كُلِّ مَا وَرَدَ مِمَّا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ فَتَدَبَّرْ، فَإِنَّهُ أَوْلَى مِنْ جَوَابِ الشَّارِحِ بِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى
(قَوْلُهُ: انْدَفَعْنَ مِنْ وَقْتِ إسْلَامِهِ) أَيْ: تَبَيَّنَ بِاخْتِيَارِ الْأُولَيَاتِ انْدِفَاعُهُنَّ مِنْ وَقْتِ إسْلَامِهِ وَتَبَيَّنَ تَعْيِينُهُنَّ أَيْضًا مِنْ وَقْتِ إسْلَامِهِ إذْ لَا يَصِحُّ اخْتِيَارُهُنَّ بِوَجْهٍ لَكِنْ لِاحْتِمَالِ إسْلَامِهِنَّ فِي الْعِدَّةِ لَا نَحْكُمُ قَبْلَ مُضِيِّهَا بِتَعَيُّنِهِنَّ بِالْإِسْلَامِ إذْ لَوْ أَسْلَمْنَ فِيهَا وَلَمْ يَخْتَرْ الْأُولَيَاتِ لَكَانَ لَهُ اخْتِيَارُهُنَّ، فَإِذَا اخْتَارَ الْأُولَيَاتِ يَكُونُ تَعْيِينُهُنَّ بِالِاخْتِيَارِ فَلَمَّا لَمْ يُسْلِمْنَ فِي الْعِدَّةِ تَبَيَّنَ تَعْيِينُهُنَّ بِالْإِسْلَامِ لِعَدَمِ إمْكَانِ اخْتِيَارِهِنَّ، وَقَوْلُهُ: تَبَيَّنَ انْدِفَاعُهُنَّ أَيْ: تَبَيَّنَ بِاخْتِيَارِ الْأُولَيَاتِ انْدِفَاعُ الْمُسْلِمَاتِ فِي الْعِدَّةِ بِاخْتِلَافِ الدِّينِ، وَهُوَ بِمَعْنَى قَوْلِهِ: انْدَفَعْنَ مِنْ وَقْتِ إسْلَامِهِ وَتَبَيَّنَ تَعْيِينُهُنَّ مِنْ وَقْتِ تَعْيِينِ الْأُولَيَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ الْأُولَيَاتِ وَصَبَرَ إلَى إسْلَامِ الْبَاقِيَاتِ فِي الْعِدَّةِ لَصَحَّ مِنْهُ اخْتِيَارُهُنَّ لِلنِّكَاحِ فَلَمَّا اخْتَارَ الْأُولَيَاتِ عَيَّنَهُنَّ لِلْفِرَاقِ وَكَانَ تَعْيِينُهُنَّ مِنْ وَقْتِ تَعْيِينِ الْأُولَيَاتِ وَقَوْلُ الْبَغَوِيّ: أَنَّ انْدِفَاعَهُنَّ بِالِاخْتِيَارِ مُخَالِفٌ لِقَاعِدَةِ الْبَابِ أَنَّ الِانْدِفَاعَ مِنْ حِينِ الْإِسْلَامِ فَيَكُونُ بِالْإِسْلَامِ، وَهَذَا هُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا تَنَافِيَ بَيْنَ انْدِفَاعٍ بِالْإِسْلَامِ وَالتَّعْيِينِ بِالِاخْتِيَارِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ وُجُوبَ الِاخْتِيَارِ) أَيْ: اخْتِيَارِ الْمُبَاحِ
أَيْ: الْأَكْثَرَ مِنْ عِدَّتَيْ الطَّلَاقِ وَالْوَفَاةِ إنْ دَخَلَ بِهَا لِاحْتِمَالِ اخْتِيَارِهَا لِلنِّكَاحِ وَلِلْفِرَاقِ فَأُخِذَ بِالْأَحْوَطِ، فَذَاتُ الْأَشْهُرِ تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ أَبَدًا؛ لِأَنَّهَا الْأَقْصَى وَذَاتُ الْإِقْرَاءِ إنْ مَضَتْ أَقُرَّاؤُهَا قَبْلَ تَمَامِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ أَوْ الْعَكْسِ أَتَمَّتْ، فَالْمُرَادُ الْأَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ وَمَا بَقِيَ مِنْ الْإِقْرَاءِ، وَابْتِدَاءُ عِدَّةِ الْوَفَاةِ مِنْ الْمَوْتِ، وَالْأَقْرَاءِ مِنْ وَقْتِ إسْلَامِهِمَا إنْ أَسْلَمَا مَعًا، وَإِلَّا فَمِنْ وَقْتِ إسْلَامٍ سَابِقٍ. (قُلْتُ) هَذَا (إذْ) أَيْ: وَقْتَ. (لَا حَمْلُ) ، فَإِنْ كَانَ حَمْلٌ اعْتَدَّتْ بِوَضْعِهِ أَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ لِاحْتِمَالِ اخْتِيَارِهَا لِلنِّكَاحِ. (وَوُقِفَ الْإِرْثُ) لَهُنَّ مِنْ رُبُعٍ وَثُمُنٍ بِعَوْلٍ أَوْ بِدُونِهِ (إلَى الصُّلْحِ) لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِعَيْنِ مُسْتَحِقِّهِ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ. (وَمَعْ تَفَاوُتٍ) فِي الْقِسْمَةِ. (يَجُوزُ) صُلْحُهُنَّ؛ لِأَنَّهُ نُزُولٌ عَنْ بَعْضِ الْحَقِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِنَّ مَحْجُورٌ عَلَيْهَا لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ، وَصَالَحَ عَنْهَا وَلِيُّهَا فَيَمْتَنِعُ بِدُونِ حِصَّتِهَا مِنْ عَدَدِهِنَّ فَلَوْ كُنَّ عَشْرًا فَلَا يَرْضَى وَلِيُّهَا بِأَقَلَّ مِنْ الْعُشْرِ اعْتِبَارًا بِعَدَدِهِنَّ وَتَسَاوِيهِنَّ فِي ثُبُوتِ الْأَيْدِي. (لَا إذَا وَقَعْ) أَيْ: الصُّلْحُ. (عَلَى سِوَى الْإِرْثِ) أَيْ: الْمَوْرُوثِ بِأَنْ يَدْفَعَ بَعْضُهُنَّ مَالًا لِيَفُوزَ بِالتَّرِكَةِ، فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لَهَا، وَشَرْطُهُ تَحَقُّقُ الْمِلْكِ فِي الْعِوَضَيْنِ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَصْطَلِحْنَ جَمِيعًا وَطَلَبَ بَعْضُهُنَّ شَيْئًا فَإِنَّمَا يَدْفَعُ الْمُتَيَقَّنَ فَفِي ثَمَانٍ لَوْ طَلَبَتْ وَاحِدَةٌ إلَى الْأَرْبَعِ لَمْ يُدْفَعْ شَيْءٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الزَّوْجَاتِ غَيْرُهُنَّ، فَإِنْ طَلَبَتْ خَمْسٌ دُفِعَ إلَيْهِنَّ رُبُعُ الْمَوْقُوفِ أَوْ سِتٌّ فَنِصْفُهُ أَوْ سَبْعٌ فَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَلَهُنَّ قِسْمَةُ مَا أَخَذْنَ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الدَّفْعِ أَنْ يَبْرِينَ عَنْ الْبَاقِي؛ لِأَنَّا نَتَيَقَّنُ أَنَّ فِيهِنَّ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْمَدْفُوعَ فَكَيْفَ نُكَلِّفُهُنَّ إسْقَاطَ حَقٍّ آخَرَ إنْ كَانَ؟ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ لِتَنْقَطِعَ الْخُصُومَةُ.
(كَمَنْ إحْدَى النَّسَا طَلَّقَ بِالتَّعْيِينِ ثُمَّ الْتَبَسَا) عَلَيْهِ الْحَالُ وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ، فَإِنَّهُ لِاحْتِمَالِ كُلٍّ مِنْهُنَّ لِلنِّكَاحِ وَلِلْفِرَاقِ تَعْتَدُّ بِالْأَقْصَى وَلِتَحَقُّقِ اسْتِحْقَاقِ بَعْضِهِنَّ يُوقَفُ الْإِرْثُ لَهُنَّ مِنْ رُبُعٍ أَوْ ثُمُنٍ إلَى الصُّلْحِ، وَلَوْ مَعَ التَّفَاوُتِ لَا عَلَى غَيْرِ الْإِرْثِ، وَكَذَا لَوْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا مُبْهِمًا وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ كَمَا فُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ بِالْأَوْلَى. (لَا إنْ يُطَلِّقْ ثُمَّ يُلْبِسْ) أَيْ: لَا أَنْ يُطَلِّقَ. (مَنْ هِيَهْ) بِهَاءِ السَّكْتِ. (إحْدَى الْكِتَابِيَّةِ وَالْمُهْتَدِيَهْ) أَيْ: الْمُسْلِمَةِ ثُمَّ يَلْبَسَ الْحَالُ وَيَمُوتَ قَبْلَ الْبَيَانِ (أَوْ أَرْبَعٌ مِنْ الْكِتَابِيَّاتِ قَدْ تَخَلَّفَتْ) عَنْ الْبَاقِيَاتِ بِالْإِسْلَامِ حَيْثُ أَسْلَمَ عَلَى ثَمَانِ كِتَابِيَّاتٍ أَسْلَمَ مِنْهُنَّ أَرْبَعٌ أَوْ عَلَى أَرْبَعِ وَثَنِيَّاتٍ وَأَرْبَعِ كِتَابِيَّاتٍ وَأَسْلَمَتْ الْوَثَنِيَّاتُ وَمَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ، فَلَا يُوقَفُ شَيْءٌ لِلزَّوْجَاتِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُنَّ الْإِرْثَ غَيْرُ مَعْلُومٍ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِنَّ الْكِتَابِيَّاتِ بَلْ تُقَسَّمُ التَّرِكَةُ بَيْنَ سَائِرِ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ سَبَبَ إرْثِهِمْ مُحَقَّقٌ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمُزَاحِمِ، وَلَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ عَنْ ثَمَانِ كِتَابِيَّاتٍ وَتَرَافَعُوا إلَيْنَا قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ: يَرِثُ الْجَمِيعُ وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يَرِثُ إلَّا أَرْبَعٌ فَيُوقَفُ نَصِيبُ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُنَّ كَمَا فِي نَظِيرِهِ السَّابِقِ وَقَالَ الْقَفَّالُ: إنْ صَحَّحْنَا أَنْكِحَةَ الْكُفَّارِ وَرِثَ الْجَمِيعُ، وَإِلَّا فَأَرْبَعٌ
(وَالنَّفَقَاتِ لِأَمَدْ تَقَدُّمٍ تَأْخُذُ) أَيْ: وَتَأْخُذُ الزَّوْجَةُ لِمُدَّةِ تَقَدُّمِهَا بِالْإِسْلَامِ عَلَى الزَّوْجِ النَّفَقَةَ، سَوَاءٌ أَسْلَمَ الزَّوْجُ فِي الْعِدَّةِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهَا أَحْسَنَتْ وَأَتَتْ بِالْوَاجِبِ عَلَيْهَا فَلَا تَسْقُطُ بِهِ نَفَقَتُهَا كَالصَّلَاةِ؛ وَلِأَنَّ لِلزَّوْجِ قُدْرَةً عَلَى تَقْرِيرِ النِّكَاحِ عَلَيْهَا بِأَنْ يُسْلِمَ فَجُعِلَتْ كَالرَّجْعِيَّةِ وَيُفَارِقُ سُقُوطَ الْمَهْرِ بِإِسْلَامِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ عِوَضُ الْعَقْدِ وَهُوَ يَسْقُطُ بِتَفْوِيتِ الْمُعَوَّضِ، وَلَوْ مَعَ الْعُذْرِ كَمَا لَوْ أَكَلَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ لِلضَّرُورَةِ وَالنَّفَقَةُ فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ، وَلَمْ يَفُتْ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ بِإِسْلَامِهِ وَيُصَدَّقُ الزَّوْجُ فِي قَدْرِ مُدَّةِ التَّقَدُّمِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ كُفْرِهَا. (لَا) النَّفَقَاتُ لِمُدَّةِ (التَّأَخُّرِ) أَيْ: تَأَخُّرِهَا عَنْ الزَّوْجِ بِالْإِسْلَامِ، فَلَا تَأْخُذُهَا، وَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ لِنُشُوزِهَا بِالتَّأَخُّرِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهَا لَوْ تَأَخَّرَتْ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ ثُمَّ زَالَ وَأَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ أَخَذَتْ النَّفَقَةَ لِعَدَمِ نُشُوزِهَا
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: أَوْ الْعَكْسُ) أَيْ: أَوْ مَضَتْ عِدَّةُ الْوَفَاةِ قَبْلَ تَمَامِ الْأَقْرَاءِ، وَقَوْلُهُ: أَتَمَّتْ أَيْ: مَا بَقِيَ مِنْ الْأُخْرَى (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْبَيَانِ) أَيْ: التَّعْيِينِ. (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ: إلَخْ) جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ لِلزَّوْجِ قُدْرَةً إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الثَّانِي عَدَمُ اسْتِمْرَارِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ فِيمَا لَوْ تَخَلَّفَ إسْلَامُهُ لِعُذْرٍ مِنْ صِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ وَدَامَ بِهِ الْمَانِعُ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا يَقْتَضِي إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادًا
ــ
[حاشية الشربيني]
أَوْ مُفَارَقَةِ مَنْ عَدَاهُ،
وَقَوْلُهُ: يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِهِنَّ هَذَا هُوَ مَحَلُّ الْمَنْعِ؛ لِأَنَّ بَيَانَ الْمُبَاحِ مِنْ غَيْرِهِ حَقُّ اللَّهِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبٍ. (قَوْلُهُ: فِي الْإِمْهَالِ) أَيْ: بِدُونِ تَعْزِيرٍ وَحَبْسٍ، بَلْ هُوَ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ: أَمْهَلَهُ الْحَاكِمُ أَيْ: وُجُوبًا ع ش
(قَوْلُهُ: إلَى الصُّلْحِ) وَلَا يُشْتَرَطُ إقْرَارُ كُلٍّ مِنْهُنَّ لِصَاحِبَتِهَا بِالزَّوْجِيَّةِ، وَسُؤَالُهَا لَهَا بِالتَّرْكِ شَيْءٌ مِنْ حَقِّهَا لَهَا حَتَّى يَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ؛ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الصُّلْحِ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْهُ إذْ لَا دَيْنَ بَيْنَهُنَّ وَلَا مُعَامَلَةَ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيُّ. اهـ مِنْ حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ) وَلَا يَنْقَطِعُ بِهِ تَمَامُ حَقِّهِنَّ، وَهُوَ فِي الْأُولَى ثَلَاثَةُ أَثْمَانِ الْمَوْقُوفِ، وَفِي الثَّانِيَةِ ثُمُنَاهُ وَفِي الثَّالِثَةِ ثُمُنُهُ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْخَمْسَةِ خَمْسَةُ أَثْمَانِهِ، وَقَدْ أَخَذْنَ ثُمُنَيْهِ وَالسِّتِّ سِتَّةُ