الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 241] وَقَالَ {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ} [الأحزاب: 28] ؛ وَلِأَنَّ الْمُفَوِّضَةَ لَمْ يَحْصُلْ لَهَا شَيْءٌ فَيَجِبُ لَهَا شَيْءٌ لِلْإِيحَاشِ.
وَالْمَوْطُوءَةُ اسْتَوْفَى الزَّوْجُ مَنْفَعَةَ بُضْعِهَا وَالْمَهْرُ فِي مُقَابَلَتِهَا فَيَجِبُ لِلْإِيحَاشِ شَيْءٌ آخَرُ وَنَصَّ عَلَى جَوَازِ زِيَادَةِ ذَلِكَ عَلَى نِصْفِ الْمَهْرِ لِمَا قِيلَ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ زِيَادَتُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَلَا يَزِيدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ لِوُضُوحِهِ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَاهُ وَكَلَامُهُمْ يَشْمَلُهُ، وَخَرَجَ بِالْحَيَاةِ الْمَزِيدَةِ عَلَى الْحَاوِي الْمُفَارَقَةُ بِالْمَوْتِ فَلَا مُتْعَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا مُتَفَجِّعَةٌ لَا مُسْتَوْحِشَةٌ وَبِقَوْلِهِ: بِلَا سَبَبِهَا مَا لَوْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ بِسَبَبِهَا كَفَسْخِهَا بِعَيْبِهِ وَفَسْخِهِ بِعَيْبِهَا وَارْتِدَادِهَا، فَلَا مُتْعَةَ لَهَا لِانْتِفَاءِ الْإِيحَاشِ، وَكَذَا لَوْ ارْتَدَّا مَعًا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ سُبِيَا مَعًا فَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ الَّذِي يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ فِرَاقٌ مِنْ جِهَتِهَا؛ لِأَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْحِيَازَةِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ، قَالَ: فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا فَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهَا الْمُتْعَةَ، وَأَوْرَدَ عَلَى الضَّابِطِ مَا لَوْ اشْتَرَاهَا فَلَا مُتْعَةَ مَعَ أَنَّهَا فُرْقَةٌ لَا بِسَبَبِهَا وَلِهَذَا يَتَشَطَّرُ الْمَهْرُ وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ بِأَنَّ الْمُسَمَّى وَجَبَ بِالْعَقْدِ، وَهُوَ جَرْيٌ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ فَإِذَا مَلَكَهَا زَوْجُهَا كَانَ لَهُ الشَّطْرُ وَالْمُتْعَةُ تَجِبُ بِالْفِرَاقِ وَهُوَ قَدْ حَصَلَ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ، فَكَيْفَ يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ؟ وَلِهَذَا لَوْ بَاعَهَا مَالِكُهَا لِأَجْنَبِيٍّ، ثُمَّ فُورِقَتْ قَبْلَ الْوَطْءِ كَانَ لَهُ الشَّطْرُ وَلَوْ كَانَتْ مُفَوِّضَةً كَانَتْ الْمُتْعَةُ لِلْمُشْتَرِي وَبِقَوْلِهِ: وَلَا مَهْرَ، أَوْ الْكُلُّ وَجَبَ مَا إذَا وَجَبَ لَهَا الشَّطْرُ فَلَا مُتْعَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِ مَنْفَعَةَ بُضْعِهَا، وَتَشْطُرُ الْمَهْرَ لِمَا لَحِقَهَا مِنْ الْإِيحَاشِ فَلَا حَاجَةَ إلَى شَيْءٍ آخَرَ وَلِإِخْفَاءِ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ عَبْدَهُ، ثُمَّ فَارَقَهَا لَا مُتْعَةَ، كَمَا لَا مَهْرَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تَنْقُصَ الْمُتْعَةُ عَنْ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا، أَوْ مَا قِيمَتُهُ ذَلِكَ وَأَنْ لَا تُزَادَ عَلَى خَادِمٍ.
ثُمَّ بَيَّنَ
حُكْمَ تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ فِي الْمَهْرِ
بِقَوْلِهِ (لَوْ ادَّعَتْ تَسْمِيَةً) لِمَهْرٍ (وَيُنْكِرُ) هَا الزَّوْجُ (وَالْمُدَّعَى مِنْ مَهْرِ مِثْلٍ أَكْثَرُ) أَيْ: وَالْحَالَةُ أَنَّ مُدَّعَاهَا أَكْثَرُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ تَحَالَفَا، كَمَا فِي الْبَيْعِ لِتَضَمُّنِهِ اخْتِلَافَهُمَا فِي الْقَدْرِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ
ــ
[حاشية العبادي]
الْمُعْتَبَرُ حَالُهُمَا وَقْتَ الطَّلَاقِ وَإِنْ تَأَخَّرَ الْفَرْضُ، أَوْ وَقْتَ الْفَرْضِ إذَا تَأَخَّرَ عَنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ، فِيهِ نَظَرٌ. وَالْأَوَّلُ قَرِيبٌ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الطَّلَاقِ وَقْتُ الْوُجُوبِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بَدَلُهُ:) أَيْ: نِصْفِ الْمَهْرِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَاهُ) هَذَا وَاضِحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّوْجَيْنِ فَلَهُمَا الِاتِّفَاقُ عَلَى مَا شَاءَ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْقَاضِي؛ لِأَنَّهُ فِي فَرْضِ الْمَهْرِ لَا يَزِيدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فَفِي الْمُتْعَةِ أَوْلَى فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الزَّوْجِ) فِيهِ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِكَمَالِ الزَّوْجِ. (قَوْلُهُ: فَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهَا الْمُتْعَةَ) جَزَمَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِخِلَافِهِ فَقَالَ: وَكَذَا لَوْ سُبِيَا مَعًا وَالزَّوْجُ صَغِيرٌ، أَوْ مَجْنُونٌ. اهـ. أَيْ: لَا مُتْعَةَ أَقُولُ وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ ارْتَدَّا مَعًا. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: الْعَقْدُ جَرَى فِي مِلْكِ الْبَائِعِ وَقَوْلُهُ: كَانَ لَهُ أَيْ: الْبَائِعِ. (قَوْلُهُ: فَكَيْفَ يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ) فَإِنَّهَا لَوْ وَجَبَتْ لَوَجَبَتْ عَلَيْهِ لِمَالِكِهَا، وَهُوَ مَالِكُهَا. (قَوْلُهُ: كَانَ لَهُ) أَيْ لِمَالِكِهَا الْبَائِعِ لَهَا، فَإِنْ قُلْتَ: لِمَ كَانَ الشَّطْرُ هُنَا أَيْ: إذَا بَاعَ الزَّوْجَةَ - قَبْلَ الْفِرَاقِ - مَالِكُهَا لِبَائِعِهَا، وَفِيمَا إذَا بَاعَ الزَّوْجَ قَبْلَ الْفِرَاقِ مَالِكُهُ لِلْمُشْتَرِي كَمَا تَقَدَّمَ قُلْتُ: لِأَنَّ الشَّطْرَ الَّذِي لِلزَّوْجَةِ كَانَ وَاجِبًا قَبْلَ الْبَيْعِ فَاسْتَحَقَّهُ بَائِعُهَا، وَاَلَّذِي لِلزَّوْجِ إنَّمَا وَجَبَ بَعْدَ الْبَيْعِ فَاسْتَحَقَّهُ الْمُشْتَرِي. (قَوْلُهُ: عَنْ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا) يَنْبَغِي مَا لَمْ تَبْلُغْ الثَّلَاثِينَ قَدْرَ نِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ لِيُوَافِقَ قَوْلَهُمْ أَيْضًا يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا تَبْلُغَ الْمُتْعَةُ نِصْفَ مَهْرِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يُزَادَ عَلَى خَادِمٍ) يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ تَنْقُصْ قِيمَةُ الْخَادِمِ عَنْ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا. (قَوْلُهُ: وَهِيَ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ) قَدْ يُقَالُ: أَوْ قَدْرِهِ نَظَرًا لِقَوْلِهِ الْآتِي
ــ
[حاشية الشربيني]
اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَلَمْ يَسْتَدِلَّ عَلَيْهَا بِآيَةِ وَلِلْمُطَلَّقَاتِ؛ لِأَنَّ عُمُومَهَا مُعَارَضٌ بِذَلِكَ الْمَفْهُومِ، نَعَمْ بَعْضُهُمْ لَا يَجْعَلُ الضَّمِيرَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصْفِ، وَإِنَّمَا الَّذِي يُجْعَلُ كَذَلِكَ عِنْدَهُ اسْمُ الْإِشَارَةِ أَوْ الْمَوْصُولُ فَلَعَلَّ الشَّارِحَ جَرَى عَلَى ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ {فَتَعَالَيْنَ} [الأحزاب: 28] إلَخْ) وَمَعْلُومٌ أَنَّ زَوْجَاتِهِ صلى الله عليه وسلم كُنَّ مَدْخُولًا بِهِنَّ. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ سُبِيَا مَعًا) فِي كَوْنِ السَّبْيِ يَقْطَعُ النِّكَاحَ بَحْثٌ، وَالْحُكْمُ مُسَلَّمٌ، كَذَا وَجَدْتُهُ بِخَطِّ شَيْخِنَا الذَّهَبِيِّ رحمه الله. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) وَلِأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى الشَّطْرِ فِي مَقَامِ نَفْيِ الْجُنَاحِ حَيْثُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] . (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا تُزَادَ عَلَى خَادِمٍ) أَيْ عَلَى قِيمَتِهِ، لَكِنَّ هَذَا إنْ لَمْ يَفْرِضْ الْقَاضِي مَعَ عَدَمِ الرِّضَا بِغَيْرِ اللَّائِقِ وَإِلَّا وَجَبَ اللَّائِقُ وَلَوْ زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْخَادِمِ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ مَعَ شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ.
[حُكْم تَنَازُع الزَّوْجَيْنِ فِي الْمَهْرِ]
(قَوْلُهُ: وَيُنْكِرُهَا) أَيْ: وَلَمْ يَدَّعِ تَفْوِيضًا. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ ادَّعَاهُ فَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّسْمِيَةِ مِنْ جَانِبٍ وَعَدَمُ التَّفْوِيضِ مِنْ جَانِبٍ فَيَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ مُدَّعَى الْآخَرِ تَمَسُّكًا بِالْأَصْلِ فَإِذَا حَلَفَتْ وَجَبَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ هِيَ الْمُدَّعِيَةَ لِلتَّفْوِيضِ وَكَانَتْ دَعْوَاهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَظَاهِرٌ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَدَّعِي عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا فِي الْحَالِ غَايَتُهُ أَنَّ لَهَا أَنْ تُطَالِبَ بِالْفَرْضِ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحَلِفَ عَلَى نَفْيِ مُدَّعَى الْآخَرِ عَلَى التَّحَالُفِ وَنَقَلَ الْمُحَشِّي آخِرَ الْبَابِ عَنْ م ر فِيمَا إذَا كَانَتْ مُدَّعِيَةً لِلتَّفْوِيضِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَنَّ الْوَاجِبَ التَّحَالُفُ وَيَثْبُتُ مَهْرُ الْمِثْلِ لِلتَّسَاقُطِ فَرَاجِعْهُ
الْوَاجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَهِيَ تَدَّعِي أَكْثَرَ مِنْهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَتْ: أَصْدَقَنِي أَلْفًا فَقَالَ: بَلْ خَمْسَمِائَةٍ وَهِيَ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ: وَالْمُدَّعَى إلَى آخِرِهِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُدَّعَى أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَلَا تَحَالُفَ لِوُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ بِدُونِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُدَّعَى مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ تَحَالَفَا، وَإِنْ كَانَ قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِأَعْيَانِ الْأَمْوَالِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ.
وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِ أَنَّ الْحُكَمَ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى مِمَّا ذَكَرَهُ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَوْ ادَّعَى تَسْمِيَةً وَأَنْكَرَتْهَا، وَالْمُدَّعَى دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ، أَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ نَظِيرُ مَا مَرَّ تَحَالَفَا وَيَتَحَالَفُ وَارِثَاهُمَا وَأَحَدُهُمَا وَوَارِثُ الْآخَرِ وَيَحْلِفُ الْوَارِثُ عَلَى الْبَتِّ فِي الْإِثْبَاتِ، وَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فِي النَّفْيِ، وَبَعْدَ التَّحَالُفِ يَفْسَخُ عَقْدَ الصَّدَاقِ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا مَرَّ فِي فَصْلِ التَّحَالُفِ مَعَ بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْيَمِينِ، وَمَنْ يَبْدَأُ بِهِ وَمَنْ يَتَوَلَّى الْفَسْخَ وَلَا يُؤَثِّرُ فِي وُجُوبِهِ مُجَاوَزَتُهُ مَا ادَّعَتْهُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، كَأَنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ أَصْدَقَهَا أَلْفًا فَقَالَ: بَلْ خَمْسَمِائَةٍ وَكَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفَيْنِ؛ لِأَنَّ التَّحَالُفَ يُسْقِطُ مَا يَدَّعِيَانِهِ، وَيَصِيرُ كَأَنْ لَمْ يُذْكَرْ شَيْءٌ أَصْلًا
(أَوْ ادَّعَى الْوَلِيُّ لِلْمَجْنُونَهْ وَطِفْلَةٍ) أَيْ: وَلِيُّ الْمَجْنُونَةِ، أَوْ الطِّفْلَةِ وَلَوْ وَصِيًّا، أَوْ قَيِّمًا (مَا مَهْرُ مِثْلٍ دُونَهْ) أَيْ: قَدْرًا أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ (وَ) ادَّعَى (الزَّوْجُ قَدْرَهُ) تَحَالَفَا؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ هُوَ الْعَاقِدُ وَلَهُ وِلَايَةُ قَبْضِ الْمَهْرِ فَكَانَ اخْتِلَافُهُ مَعَ الزَّوْجِ كَاخْتِلَافِ الْبَالِغَةِ مَعَهُ؛ وَلِأَنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِي النِّكَاحِ وَالْمَهْرِ فَلَا يَبْعُدُ تَحْلِيفُهُ، وَفَائِدَةُ التَّحَالُفِ أَنَّهُ رُبَّمَا يَنْكُلُ الزَّوْجُ فَيَحْلِفُ الْوَلِيُّ فَيَثْبُتُ مُدَّعَاهُ، وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: هَذِهِ الْفَائِدَةُ تَحْصُلُ بِتَحْلِيفِ الزَّوْجِ مِنْ غَيْرِ تَحَالُفٍ كَنَظِيرِهِ الْآتِي فِي كَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ: فَلَوْ أَفَاقَتْ الْمَجْنُونَةُ، أَوْ بَلَغَتْ الطِّفْلَةُ قَبْلَ حَلِفِ الْوَلِيِّ حَلَفَتْ دُونَهُ، وَخَرَجَ
ــ
[حاشية العبادي]
وَفَائِدَةُ التَّحَالُفِ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: لِوُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ بِدُونِهِ) شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ مُدَّعَاهَا دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ لِلُزُومِ الْإِقْرَارِ لِمُنْكِرٍ، وَكَتَبَ أَيْضًا - فِي وُجُوبِهِ بِتَمَامِهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُدَّعَى دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ - وَقَفَهُ؛ لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا زَادَ مِنْهُ عَلَى الْمُدَّعَى مُقِرٌّ بِهِ لِمَنْ يُنْكِرُهُ، فَاسْتِحْقَاقُهَا لَهُ مَعَ إصْرَارِهَا عَلَى الْإِنْكَارِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِمَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَلَا يُؤَثِّرُ فِي وُجُوبِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: تَحَالَفَا) وَكَذَا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا وَإِنْ كَانَ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ، كَمَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: مِمَّا ذَكَرَهُ) أَيْ: مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ. .
(قَوْلُهُ: وَالْمُدَّعَى دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ، فَلَا تَحَالُفَ لِوُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ بِدُونِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ فِي صُورَةِ الْأَكْثَرِ يَبْقَى الزَّائِدُ فِي يَدِهِ كَمَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِمَنْ كَذَّبَهُ وَقَدْ يُشْكِلُ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ لِوُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ بِدُونِهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى مَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ هُوَ الْمَرَدُّ الشَّرْعِيُّ، فَيَجِبُ عِنْدَ تَسَاقُطِ مَا يَدَّعِيَانِهِ إنْ كَانَ حِينَئِذٍ لَمْ يُذْكَرْ شَيْءٌ، كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَا يُؤَثِّرُ إلَخْ
(قَوْلُهُ: تَحَالَفَا) فِي الرَّوْضِ فَإِنْ نَكَلَ الْوَلِيُّ فَهَلْ يَقْضِي بِيَمِينِ صَاحِبِهِ، أَوْ يَنْتَظِرُ بُلُوغَ الصَّبِيَّةِ؟ وَجْهَانِ قَالَ فِي
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: تَحَالَفَا) فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الْإِنْكَارِ لَمْ تُرَدَّ عَلَيْهَا الْيَمِينُ وَلَا يُقْضَى لَهَا بِشَيْءٍ بَلْ يُؤْمَرُ الزَّوْجُ بِالْحَلِفِ، أَوْ الْبَيَانِ. اهـ. ع ش وَانْظُرْ هَلْ هَذَا فِي كُلِّ تَحَالُفٍ؛ لِأَنَّ الْمَرْدُودَ عَلَيْهِ حَلِفٌ عَلَى إثْبَاتِ مَا يَدَّعِيهِ وَنَفْيِ مَا يَدَّعِيهِ صَاحِبُهُ فَلَا مَعْنَى لِحَلِفِهِ عَلَى نَفْيِهِ ثَانِيًا رَاجِعْهُ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُخَالِفُ مَا قَالَهُ ع ش حَيْثُ قَالَ: وَإِذَا حَكَمْنَا بِالتَّحَالُفِ فَحَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ حَكَمْنَا لِلْحَالِفِ. (قَوْلُهُ: دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ) أَمَّا إذَا كَانَ مِثْلَهُ أَوْ فَوْقَهُ فَلَا تَحَالُفَ لِوُجُوبِهِ بِالْعَقْدِ، كَمَا مَرَّ وَيَبْقَى الزَّائِدُ إنْ كَانَ بِيَدِهِ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ يَبْدَأُ بِهِ) وَيَبْدَأُ هُنَا بِالزَّوْجِ لِبَقَاءِ الْبُضْعِ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ يَتَوَلَّى الْفَسْخَ) وَيَنْفَسِخُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إنْ فَسَخَاهُ أَوْ الْحَاكِمُ، أَوْ الْمُحِقُّ مِنْهُمَا وَإِلَّا انْفَسَخَ ظَاهِرًا فَقَطْ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: إلَخْ) فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ إنَّ التَّحَالُفَ وَاضِحٌ إذَا بُدِئَ بِالْوَلِيِّ دُونَ مَا إذَا بُدِئَ بِالزَّوْجِ وَإِنَّ الزَّوْجَ إذَا نَكَلَ حَلَفَ الْوَلِيُّ وَثَبَتَتْ الزِّيَادَةُ. اهـ. فَلْيُحْمَلْ كَلَامُهُمْ عَلَى مَا إذَا بَدَا الْوَلِيُّ، لَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: إنَّ عِلَّةَ التَّحَالُفِ أَنَّ كُلًّا يَدَّعِي شَيْئًا وَيَنْفِي مُدَّعَى صَاحِبِهِ فَلَا مُرَجِّحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ لَهُ فَائِدَةً تَتَرَتَّبُ عَلَى غَيْرِهِ، وَأَمَّا امْتِنَاعُ التَّحَالُفِ فِيمَا يَأْتِي؛ فَلِأَنَّ الزَّوْجَ هُنَاكَ مُعْتَرِفٌ بِأَزْيَدَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، كَمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: حَلَفَتْ دُونَهُ) أَيْ:
بِالْمَجْنُونَةِ وَالطِّفْلَةِ الْبَالِغَةُ الْعَاقِلَةُ فَإِنَّهَا الَّتِي تَحْلِفُ لَا وَلِيُّهَا لِتَأَهُّلِهَا لِلْيَمِينِ، وَبِمَا بَعْدَهُمَا مَا لَوْ ادَّعَى الْوَلِيُّ قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ الزَّوْجُ دُونَهُ، أَوْ فَوْقَهُ وَدُونَ مُدَّعَى الْوَلِيِّ فَلَا تَحَالُفَ؛ لِوُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ بِدُونِهِ فِي الْأُولَى؛ وَلِامْتِنَاعِ التَّزْوِيجِ عَلَى الْمُجْبِرِ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي الثَّانِيَةِ وَلِئَلَّا يَرْجِعَ الْوَاجِبُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فِي الثَّالِثَةِ فَيَجِبُ فِيهَا مَا قَالَهُ الزَّوْجُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: كَذَا قَالُوهُ وَالتَّحْقِيقُ فِيهَا أَنَّهُ يَحْلِفُ الزَّوْجُ لَعَلَّهُ يَنْكُلُ فَيَحْلِفُ الْوَلِيُّ وَيَثْبُتُ مُدَّعَاهُ وَإِنْ حَلَفَ الزَّوْجُ ثَبَتَ مَا قَالَهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْمَرْأَةُ وَوَلِيُّ الصَّغِيرِ، أَوْ الْمَجْنُونِ، أَوْ اخْتَلَفَ وَلِيَّا الصَّغِيرَيْنِ، أَوْ الْمَجْنُونَيْنِ
ــ
[حاشية العبادي]
شَرْحِهِ رَجَّحَ مِنْهُمَا الْإِمَامُ وَالرُّويَانِيُّ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ الثَّانِيَ. اهـ. فَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ الِانْتِظَارِ.
(قَوْلُهُ: الْبَالِغَةُ الْعَاقِلَةُ) دَخَلَ فِيهِ السَّفِيهَةُ لَكِنَّ الزَّرْكَشِيَّ أَلْحَقَهَا بِالْمَجْنُونَةِ بِرّ. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ ادَّعَى الْوَلِيُّ قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ مُدَّعَى الزَّوْجِ أَيْضًا قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ فَهُوَ صَحِيحٌ لَكِنَّهُ لَا يُنَاسِبُ كَوْنَ الْكَلَامِ فِي الِاخْتِلَافِ إذْ لَا اخْتِلَافَ حِينَئِذٍ وَلَا خَفَاءَ فِيهِ لِيَحْتَاجَ إلَى بَيَانٍ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ مُدَّعَاهُ فَوْقَهُ لَمْ يَتَأَتَّ قَوْلُهُ: لِوُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ بَلْ الْوَاجِبُ هُنَا مَا قَالَهُ الزَّوْجُ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْوَلِيُّ مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ، وَالزَّوْجُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَتَحَالَفَا، بَلْ يُؤْخَذُ بِمَا قَالَهُ الزَّوْجُ وَقَدْ نَقَلَ الْأَصْلُ فِيهَا وَجْهَيْنِ عَنْ الْحَنَّاطِيِّ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَا وَجْهَ لِلتَّحَالُفِ فِيهَا. اهـ.
وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ مُدَّعَاهُ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ صَحَّ أَيْضًا كَالِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ وَلَا يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ عَقِبَهُ: أَوْ الزَّوْجُ دُونَهُ؛ لِأَنَّ صُورَةَ ذَاكَ أَنَّ دَعْوَى الْوَلِيِّ أَكْثَرُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَصُورَةُ هَذَا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ أَنَّ دَعْوَى الْوَلِيِّ قَدْرُ مَهْرِ الْمِثْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ الزَّوْجُ دُونَهُ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: يُتَّجَهُ التَّحَالُفُ هُنَا إذَا كَانَ مُدَّعَى الْوَلِيِّ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ لِلتَّحَالُفِ حِينَئِذٍ فَائِدَةً إذْ رُبَّمَا يَنْكُلُ الزَّوْجُ فَيَحْلِفُ الْوَلِيُّ وَتَثْبُتُ الزِّيَادَةُ، ثُمَّ رَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِنَا بِهَامِشِ الْمُحَلَّيْ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ مُدَّعَى الزَّوْجِ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ إلَخْ بَحَثَ فِي الْمُهِمَّاتِ جَرَيَانَ التَّحَالُفِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي نُكَتِهِ: الْحَقُّ عَدَمُ التَّخَالُفِ إذَا كَانَ مُدَّعَى الْوَلِيِّ فِيهَا قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ اتَّجَهَ التَّحَالُفُ رَجَاءً أَنْ يَنْكُلَ الزَّوْجُ فَيَنْفَرِدُ الْوَلِيُّ بِالْحَلِفِ، وَتَثْبُتُ الزِّيَادَةُ قَالَ: وَإِذَا جَعَلَ هَذَا ضَابِطًا لِلتَّحَالُفِ اتَّجَهَ لَكَ أَمْرُهُ. اهـ. قُلْتُ: إذَا بَدَأْنَا بِالزَّوْجِ وَحَلَفَ تَعَذَّرَ الْمَعْنَى الَّذِي نَظَرَ إلَيْهِ الْعِرَاقِيُّ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي تَحْلِيفِ الْوَلِيِّ بَعْدَ ذَلِكَ. اهـ.
مَا رَأَيْتُهُ، وَعَدَمُ الْفَائِدَةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِتَسْلِيمِهِ لَا يَمْنَعُ مَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّ مَعَ أَنَّهُ يَكْفِي فِي الْفَائِدَةِ اسْتِوَاءُ الْجَانِبَيْنِ إذْ لَا مُرَجِّحَ، فَإِنْ قُلْتَ: لَا حَاجَةَ إلَى التَّحَالُفِ، وَالْفَائِدَةُ الْمَذْكُورَةُ يَكْفِي فِيهَا تَحْلِيفُ الزَّوْجِ عَلَى الزِّيَادَةِ قُلْتُ: فَيَلْزَمُ عَدَمُ التَّحَالُفِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ أَعْنِي: إذَا كَانَ مُدَّعَى الزَّوْجِ مَهْرَ مِثْلٍ وَمُدَّعَى الْوَلِيِّ أَكْثَرَ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ فَوْقَهُ وَدُونَ مُدَّعَى الْوَلِيِّ) كَذَلِكَ الْحُكْمُ لَوْ كَانَ فَوْقَهُ وَفَوْقَ مُدَّعَى الْوَلِيِّ وَقَالَ الْحَنَّاطِيُّ: يَتَحَالَفَانِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: لَا وَجْهَ لَهُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: بَلْ وَجْهُهُ أَنَّ الْوَلِيَّ يَقُولُ: تِلْكَ الزِّيَادَةُ لَا يَلْزَمُنِي قَبْضُهَا وَلَا حِفْظُهَا. اهـ. أَقُولُ: الْحَقُّ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى التَّحَالُفِ الْعَوْدُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فَيَضُرُّ بِالْمُوَلِّيَةِ فَوَاتُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ، نَعَمْ بَحْثُهُ لَهُ نَوْعُ اتِّجَاهٍ إذَا كَانَ مُدَّعَى الْوَلِيِّ قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَزَعَمَ الزَّوْجُ الزِّيَادَةَ، وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلِي أَوْ لَا كَذَلِكَ إلَخْ نَقَلْتُهُ مِنْ شَرْحِ الْجَوْجَرِيِّ وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ الْكَمَالِ الْمَقْدِسِيَّ أَنَّ الشَّيْخَيْنِ نَقَلَا فِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الْبُرُلُّسِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ، وَمَا نَقَلَهُ عَنْ شَرْحِ الْكَمَالِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: فَيَجِبُ لَهَا مَا قَالَهُ الزَّوْجُ) زَادَ الْجَوْجَرِيُّ وَلَا بُدَّ مِنْ تَحْلِيفِ الزَّوْجِ عَلَى نَفْيِ الزِّيَادَةِ الَّتِي ادَّعَاهَا الْوَلِيُّ، كَمَا ذَكَرَاهُ فَلَوْ نَكَلَ الزَّوْجُ حَلَفَ الْوَلِيُّ وَأَخَذَهَا. اهـ. وَعَلَيْهِ فَلَا وَجْهَ
ــ
[حاشية الشربيني]
عَلَى الْبَتِّ لِإِمْكَانِ عِلْمِهَا بِمَا فَعَلَهُ الْوَلِيُّ. (قَوْلُهُ: أَوْ الزَّوْجُ دُونَهُ إلَخْ) أَيْ، أَوْ ادَّعَى الْوَلِيُّ فَوْقَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَادَّعَى الزَّوْجُ دُونَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلِامْتِنَاعِ التَّزْوِيجِ إلَخْ) أَيْ فَنِكَاحُ مَنْ ذَكَرْتُ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ يَقْتَضِي مَهْرَ الْمِثْلِ وَلَا يَفْسُدُ، كَمَا هُوَ مَنْقُولٌ عَنْ الرَّافِعِيِّ وَالنَّوَوِيِّ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ بِخِلَافِ إنْكَاحِ الْوَلِيِّ الرَّشِيدَةِ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَإِنَّ الرَّافِعِيَّ يَقُولُ بِفَسَادِ النِّكَاحِ وَخَالَفَهُ النَّوَوِيُّ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: وَالتَّحْقِيقُ إلَخْ) هَذَا التَّحْقِيقُ نَقَلَهُ الْجَوْجَرِيُّ عَنْ الشَّيْخَيْنِ، كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ وَمَا قِيلَ: إنَّهُ لَا يُنَافِي مَا قَالُوهُ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ فِي نَفْيِ التَّحَالُفِ وَمَا هُنَا حَلِفٌ مُسَلَّمٌ، لَكِنَّ قَوْلَهُمْ فَيَجِبُ مَا قَالَهُ الزَّوْجُ ظَاهِرٌ جِدًّا فِي أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ إذْ مَعَهُ قَدْ يَجِبُ مَا قَالَهُ إنْ حَلَفَ، وَقَدْ يَجِبُ أَكْثَرُ مِنْهُ إنْ نَكَلَ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَحْلِفُ الزَّوْجُ) أَيْ عَلَى نَفْيِ الزِّيَادَةِ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ:
فَكَاخْتِلَافِ الزَّوْجِ وَوَلِيِّ الصَّغِيرَةِ.
وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَقْتَضِي جَرَيَانَ التَّحَالُفِ فِي الْوَكِيلِ وَحَكَى فِي الْبَيْعِ فِيهِ وَجْهَيْنِ وَرَجَّحَ مِنْهُمَا النَّوَوِيُّ التَّحَالُفَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَا يُنَافِي مَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ حَلِفِ الْوَلِيِّ مَا فِي الدَّعَاوَى مِنْ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى دَيْنًا لِمُوَلِّيهِ فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَنَكَلَ لَا يَحْلِفُ وَإِنْ ادَّعَى مُبَاشَرَةَ سَبَبِهِ؛ لِأَنَّ حَلِفَهُ هُنَاكَ مُطْلَقًا عَلَى اسْتِحْقَاقِ مُوَلِّيهِ فَهُوَ حَلِفٌ لِلْغَيْرِ فَلَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ، وَهُنَا عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ هَكَذَا فَهُوَ حَلِفٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، وَالْمَهْرُ يَثْبُتُ ضِمْنًا (كَأَنْ يَدَّعِيَا) فَقَالَ الزَّوْجُ:(أَبَوْكٍ أَصْدَقْتُكِ) وَ (قَالَتْ:) بَلْ (أُمِّيَا) فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ، كَمَا فِي الِاخْتِلَافِ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ فَقَوْلُهُ:(فَلْيَتَحَالَفَا) جَوَابُ " لَوْ " ادَّعَتْ وَمَا بَعْدَهُ (وَ) بَعْدَ تَحَالُفِهِمَا فِي الْأَخِيرَةِ، أَوْ نُكُولِهِمَا، أَوْ حَلِفِ الزَّوْجِ فَقَطْ (يَعْتِقُ الْأَبُ) فَقَطْ بِإِقْرَارِ الزَّوْجِ بِدُخُولِهِ فِي مِلْكِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ (وَفِي وَلَاءِ الْأَبِ وَقْفٌ) لَهُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ (يَجِبُ) بِزَعْمِهِ أَنَّهُ لَهَا، وَهِيَ مُنْكِرَةٌ لَهُ.
وَلَيْسَ لَهَا طَلَبُ الْمَهْرِ، إذَا نَكَلَتْ إذْ الْمُدَّعِي النَّاكِلُ كَمَنْ لَمْ يَدَّعِ (وَعَتَقَا) جَمِيعًا (إنْ حَلَفَتْ وَقَدْ نَكَلْ) أَمَّا الْأَبُ فَلِمَا مَرَّ، وَأَمَّا الْأُمُّ فَبِالْحُكْمِ بِيَمِينِ الزَّوْجَةِ وَلَا يَلْزَمُهَا قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا (وَلَوْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) مَعَ النِّكَاحِ (دَعْوَاهَا) عَلَى زَوْجِهَا (حَصَلْ وَزَوْجُهَا أَقَرَّ بِالنِّكَاحِ مِنْ دُونِهِ) أَيْ: دُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ بِأَنْ أَنْكَرَهُ، أَوْ سَكَتَ عَنْهُ وَلَمْ يَدَّعِ تَفْوِيضًا (كُلِّفَ بِالْإِيضَاحِ) أَيْ: بِبَيَانِ مَهْرٍ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَقْتَضِيهِ فَإِنْ ذَكَرَ أَنْقَصَ مِمَّا ذَكَرَتْ تَحَالَفَا، وَإِنْ أَصَرَّ مُنْكِرًا حَلَفَتْ وَقُضِيَ لَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ قَدْ يُعْقَدُ بِأَقَلِّ مُتَمَوِّلٍ فَلَا يَسْتَلْزِمُ وُجُوبَ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَا يَتَوَجَّهُ التَّحَالُفُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ حَلِفِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى إثْبَاتِ مُدَّعَاهُ وَنَفْيِ مُدَّعَى الْآخَرِ وَالْغَرَضُ أَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَدَّعِ قَدْرًا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا تَفْوِيضًا وَالْآخَرُ أَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ مَهْرٌ فَيُشْبِهُ تَصْدِيقَ الثَّانِي وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا تَفْوِيضًا وَالْآخَرُ تَسْمِيَةَ فَالْأَصْلُ عَدَمُهُمَا أَيْ: فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ مُدَّعَى الْآخَرِ، كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَقْدَيْنِ وَلَوْ ادَّعَتْ زَوْجِيَّةً وَمُسَمًّى قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ فَقَالَ: لَا أَدْرِي
ــ
[حاشية العبادي]
لِبَحْثِ الْبُلْقِينِيِّ أَيْ: لِأَنَّ الشَّيْخَيْنِ ذَكَرَاهُ بِرّ. (قَوْلُهُ: فِي الْوَكِيلِ) أَيْ: وَكِيلِ النِّكَاحِ. (قَوْلُهُ: فَلْيَتَحَالَفَا) أَيْ: وَلَوْ فِي فَرْضِ التَّدَاعِي بَعْدَ انْقِضَاءِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ أَثَرَ التَّحَالُفِ يَظْهَرُ فِي الصَّدَاقِ وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ بِرّ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ) يَقْتَضِي أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لِلزَّوْجِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا صَدَقَ فَالْوَلَاءُ لِلزَّوْجَةِ وَإِنْ كَذَبَ فَلَا عِتْقَ حَتَّى يَكُونَ هُنَاكَ وَلَاءٌ. فَلَعَلَّ فِي الْكَلَامِ مُسَامَحَةً. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَدَّعِ تَفْوِيضًا) يُحَرَّرُ حُكْمُ مُحْتَرَزِهِ وَهَلْ هُوَ كَمَسْأَلَةِ الرَّوْضَةِ الثَّانِيَةِ الْآتِيَةِ أَوْ يُفَرَّقُ. (قَوْلُهُ: فَيُشْبِهُ تَصْدِيقَ الثَّانِي) فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ. .
(قَوْلُهُ: أَيْ: فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَإِذَا حَلَفَتْ وَجَبَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ هِيَ
ــ
[حاشية الشربيني]
فَكَاخْتِلَافِ الزَّوْجِ وَوَلِيِّ الصَّغِيرَةِ) قَدْ سَبَقَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَقْدُ وَلِيِّ الصَّغِيرِ بِزَائِدٍ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ إلَّا إذَا كَانَ مِنْ مَالِهِ وَحِينَئِذٍ فَدَعْوَى الزَّوْجَةِ أَوْ وَلِيِّهَا عَلَى وَلِيِّ الصَّغِيرِ أَنَّ الْوَاجِبَ زَائِدٌ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَكَانَ الْمَهْرُ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَحَالُفَ فِيهَا لِعَدَمِ صِحَّةِ الْعَقْدِ بِزَائِدٍ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهَا قِيمَتُهُ إلَخْ) لِأَنَّهُ الْمُفَوِّتُ لِلْأَبِ، وَالْأُمِّ حَكَمَ بِأَنَّهَا صَدَاقٌ بِيَمِينِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ إلَخْ) بِأَنْ لَمْ تَجْرِ تَسْمِيَةٌ صَحِيحَةٌ. اهـ. مَحَلِّيٌّ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَنْكَرَهُ) أَيْ: مُعْتَلًّا بِأَنَّهُ نَفْيٌ فِي الْعَقْدِ، أَوْ سَكَتَ عَنْهُ مُعْتَلًّا بِأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ. اهـ. مَحَلِّيٌّ قَالَ سم: وَفِيهِ أَنَّ نَفْيَهُ لَا يُوجِبُ أَنَّ الْمَهْرَ لَيْسَ عَلَيْهِ بَلْ يُوجِبُ أَنَّهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا نَفَى فِي الْعَقْدِ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ فَكَيْفَ يُجْعَلُ عِلَّةً لِقَوْلِهِ وَلَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ فَكَانَ هَذَا بَيَانٌ لِمُسْتَنَدِهِ فِي الْوَاقِعِ بِحَسَبِ زَعْمِهِ زَعْمًا فَاسِدًا. اهـ. أَيْ: لَا أَنَّهُ صَرَّحَ بِهِ وَإِلَّا حَكَمَ بِلُزُومِ الْمَهْرِ لَهُ وَلَا يُطَالَبُ بِبَيَانٍ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي السُّكُوتِ مُعْتَلًّا بِمَا ذُكِرَ إذْ لَوْ صَرَّحَ بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ سَاكِتًا عَنْهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ فِي الْأَوَّلِ: لَمَّا كَانَ مُجَرَّدُ نَفْيِهِ فِي الْعَقْدِ لَا يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ النَّفْيُ عَلَى وَجْهِ التَّفْوِيضِ الصَّحِيحِ لَمْ يَكُنْ دَعْوَى نَفْيِهِ فِي الْعَقْدِ مُوجِبًا لِلِاعْتِرَافِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَ شَرْطُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا يَدَّعِيَ تَفْوِيضًا؛ لِأَنَّهُ فَرْقٌ بَيْنَ دَعْوَى التَّفْوِيضِ وَدَعْوَى مَا يَحْتَمِلُ التَّفْوِيضَ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي السُّكُوتِ عَنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم بِزِيَادَةٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَدَّعِ تَفْوِيضًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَا إخْلَاءَ النِّكَاحِ عَنْ ذِكْرِ الْمَهْرِ. اهـ. قَالَ سم: خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ ادَّعَى تَفْوِيضًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ صَرَّحْت بِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ لِعَدَمِ التَّسْمِيَةِ فَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا تَفْوِيضًا، وَالْآخَرُ أَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ مَهْرٌ أَوْ صَرَّحَتْ بِأَنَّهُ سُمِّيَ مَهْرُ الْمِثْلِ فَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ: أَوْ وَالْآخَرُ تَسْمِيَةٌ وَيَبْقَى مَا لَوْ لَمْ تُصَرِّحْ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا بَلْ اقْتَصَرَتْ عَلَى دَعْوَى مَهْرِ الْمِثْلِ. اهـ. وَبَقِيَ مَا إذَا صَرَّحَتْ بِأَنَّهُ نَفْيٌ فِي الْعَقْدِ أَيْ: وَلَا تَفْوِيضَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا نَظِيرُ مَا لَوْ ادَّعَى تَفْوِيضًا وَادَّعَتْ تَسْمِيَةً؛ لِأَنَّ النَّفْيَ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَقَوْلُهُ: وَيَبْقَى إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّهَا حِينَئِذٍ تُكَلَّفُ الْبَيَانَ فَرَاجِعْهُ وَقَوْلُهُ: فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَا إخْلَاءَ النِّكَاحِ إلَخْ يَنْبَغِي فِي دَعْوَاهُ الْإِخْلَاءَ وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى دَعْوَى الْإِخْلَاءِ فَدَعْوَاهُ مُوَافِقَةٌ لِدَعْوَاهَا سم عَلَى حَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَدَّعِ تَفْوِيضًا) أَيْ وَلَا إخْلَاءَ النِّكَاحِ عَنْ ذِكْرِ الْمَهْرِ، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الرَّوْضِ وَإِلَّا لَمْ يَتَأَتَّ تَكْلِيفُهُ الْبَيَانَ وَإِنَّمَا لَمْ يَتَحَالَفَا، كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ؛ لِأَنَّ التَّحَالُفَ أَنْ يَحْلِفَ كُلُّ وَاحِدٍ
أَوْ سَكَتَ قَالَ الْإِمَامُ: ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا لِمَا مَرَّ أَنَّ النِّكَاحَ يَقْتَضِي مَهْرَ الْمِثْلِ قَالَ: وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَتْهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ، وَقَضَى لَهَا وَلَوْ ادَّعَتْ عَلَى وَارِثِ الزَّوْجِ تَسْمِيَةَ أَلْفٍ فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ كَمْ سَمَّى فَلَا تَحَالُفَ بَلْ يَحْلِفُ هُوَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ.
(وَإِنْ تُقِمْ) هِيَ عَلَى مَنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ نَكَحَهَا بِأَلْفَيْنِ فِي عَقْدَيْنِ فِي كُلِّ عَقْدٍ بِأَلْفٍ مَثَلًا (بَيِّنَةَ الْأَلْفَيْنِ فِي عَقْدَيْنِ) ، أَوْ يُقِرُّ هُوَ بِالْعَقْدَيْنِ، أَوْ تَحْلِفُ هِيَ عَلَيْهِمَا بَعْدَ نُكُولِهِ (يَلْزَمَاهُ) أَيْ: الْأَلْفَانِ لِإِمْكَانِ صِحَّةِ الْعَقْدَيْنِ كَأَنْ يَتَخَلَّلُهُمَا خُلْعٌ وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّعَرُّضِ لِتَخَلُّلِ الْفُرْقَةِ لِاسْتِلْزَامِ الثَّانِي لَهَا وَلَا لِلْوَطْءِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِمْرَارُ الْمُسَمَّى فِي كُلِّ عَقْدٍ إلَى بَيَانِ الْمُسْقِطِ (وَلْيُكَلَّفْ) الزَّوْجُ (بَيَانَ مُسْقِطٍ) لِشَيْءٍ مِنْ الْأَلْفَيْنِ إنْ ادَّعَى مُسْقِطًا كَطَلَاقٍ، أَوْ فَسْخٍ قَبْلَ الْوَطْءِ، فَلَوْ قَالَ: لَمْ أَطَأْ فِيهِمَا، أَوْ فِي أَحَدِهِمَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِمُوَافَقَتِهِ لِلْأَصْلِ وَسَقَطَ الشَّطْرُ مِنْ الْأَلْفَيْنِ، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا (نَعَمْ لَوْ ذَكَرَا) أَيْ: الزَّوْجُ أَنَّ الثَّانِيَ كَانَ (تَجْدِيدَ لَفْظِ الْعَقْدِ) الْأَوَّلِ (كَيْ يَشْتَهِرَا) أَيْ: الْعَقْدُ (بِلَا فِرَاقٍ) بَيْنَهُمَا (فَلْتُحَلَّفْ) هِيَ عَلَى نَفْيِ مُدَّعَاهُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ.
(وَنُدِبْ وَلِيمَةٌ) مِنْ الْوَلْمِ وَهُوَ الِاجْتِمَاعُ وَهِيَ تَقَعُ عَلَى كُلِّ طَعَامٍ يُتَّخَذُ لِسُرُورِ حَادِثٍ، مِنْ عُرْسٍ وَأَمْلَاكٍ وَغَيْرِهِمَا، لَكِنَّ اسْتِعْمَالَهَا مُطْلَقَةً فِي الْعُرْسِ أَشْهَرُ وَنَدْبُهَا فِيهِ آكَدُ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَصَرِ وَغَيْرِهِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ فَيُقَالُ: وَلِيمَةُ الْخِتَانِ وَغَيْرِهِ وَيُقَالُ: لِلطَّعَامِ الْمُتَّخَذِ لِلْأَمْلَاكِ أَيْ: الْعَقْدِ مَلَاكٌ وَشِنْدِخِيٌّ وَلِلْخِتَانِ إعْذَارٌ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَإِعْجَامِ الذَّالِ وَلِسَابِعِ الْوِلَادَةِ عَقِيقَةٌ، وَلِسَلَامَةِ الطَّلْقِ خُرْسٌ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَبِسِينٍ مُهْمَلَةٍ وَيُقَالُ: بِالصَّادِ وَلِقُدُومِ الْمُسَافِرِ نَقِيعَةٌ، وَلِإِحْدَاثِ الْبِنَاءِ وَكِيرَةٌ وَلِحِفْظِ الْقُرْآنِ حِذَاقٌ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَبِذَالٍ مُعْجَمَةٍ، وَلِلْمُصِيبَةِ وَضِيمَةٌ وَلَيْسَتْ مِنْ الْوَلَائِمِ وَلِغَيْرِ سَبَبٍ مَأْدُبَةٌ بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِهَا وَنَدْبُ الْوَلِيمَةِ ثَابِتٌ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فِعْلًا وَقَوْلًا فَفِي الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَوْلَمَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ، أَوْلَمَ عَلَى صَفِيَّةَ بِتَمْرٍ وَسَمْنٍ وَأَقِطٍ» «وَأَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - وَقَدْ تَزَوَّجَ -: أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ» وَالْأَمْرُ فِيهِ لِلنَّدْبِ قِيَاسًا
ــ
[حاشية العبادي]
الْمُدَّعِيَةَ لِلتَّفْوِيضِ وَكَانَتْ دَعْوَاهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَظَاهِرٌ، كَمَا قِيلَ: إنَّ دَعْوَاهَا لَا تُسْمَعُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَدَّعِي عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا فِي الْحَالِ غَايَتُهُ أَنَّ لَهَا أَنْ تُطَالِبَ بِالْفَرْضِ. اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ نَعَمْ إلَخْ يَجْرِي أَيْضًا فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ اُعْتُرِضَ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْقِيلِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّ هَذَا مُسَلَّمٌ، لَوْ لَمْ يُعَارِضْ دَعْوَاهَا التَّفْوِيضَ دَعْوَى الزَّوْجِ عَدَمَ التَّفْوِيضِ وَعَدَمَ التَّسْمِيَةِ الْمُقْتَضِيَةَ تِلْكَ الدَّعْوَى لِوُجُوبِ الْمَهْرِ، أَمَّا حَيْثُ عَارَضَهَا مَا ذُكِرَ فَالْوَجْهُ سَمَاعُ دَعْوَاهَا لِيَجِبْ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بَعْدَ حَلِفِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ مُدَّعَى الْآخَرِ إذْ بَعْدَ حَلِفِهِمَا يَصِيرُ الْعَقْدُ خَالِيًا عَنْ التَّفْوِيضِ وَالتَّسْمِيَةِ وَذَلِكَ مُوجِبٌ لِمَهْرِ الْمِثْلِ م ر
(قَوْلُهُ وَغَيْرِهِمَا) جَمَعَهَا بَعْضُهُمْ
عَشْرٌ تُجَابُ مِنْ الْوَلَائِمِ يَا فَتَى
…
مَنْ يُحْصِهَا قَدْ عَزَّ فِي أَقْرَانِهِ
فَالْخُرْسُ إنْ نَفِسَتْ كَذَاكَ عَقِيقَةٌ
…
لِلطِّفْلِ وَالْإِعْذَارُ عِنْدَ خِتَانِهِ
وَلِحِفْظِ قُرْآنٍ وَآدَابٍ فَقَدْ
…
قَالُوا الْحِذَاقُ لِحِذْقِهِ وَبَيَانِهِ
ثُمَّ الْمِلَاكُ وَلِعَقْدِهِ فَوَلِيمَةٌ
…
فِي عُرْسِهِ فَاحْرِصْ عَلَى إعْلَانِهِ
وَكَذَاكَ مَأْدُبَةٌ بِلَا سَبَبٍ تَرَى
…
وَوَكِيرَةٌ لِبِنَائِهِ لِمَكَانِهِ
وَنَقِيعَةٌ لِقُدُومِهِ وَوَضِيمَةٌ
…
مِنْ أَقْرِبَاءِ الْمَيْتِ أَوْ جِيرَانِهِ
(قَوْلُهُ: وَلِسَابِعٍ) اُنْظُرْ هَذَا التَّقْيِيدَ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ مِنْ الْوَلَائِمِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَيْسَتْ مِنْ الْوَلَائِمِ لِاعْتِبَارِ السُّرُورِ وَعَلَيْهِ مَشَيْتُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ اعْتِبَارَ السُّرُورِ إنَّمَا هُوَ فِي الْغَالِبِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: لِاعْتِبَارِ السُّرُورِ هَذَا
ــ
[حاشية الشربيني]
عَلَى إثْبَاتِ مَا يَزْعُمُهُ وَنَفْيِ مَا يَزْعُمُهُ صَاحِبُهُ، وَالْمَفْرُوضُ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ إنْكَارُ مُطْلَقٍ، فَلَا مَعْنَى لِلتَّحَالُفِ وَلَمَّا كَانَ مُعْتَرِفًا بِمَا يَقْتَضِي الْمَهْرَ لَمْ يُسْمَعْ إنْكَارُهُ وَكُلِّفَ الْبَيَانَ هَذَا حَاصِلُ مَا فِي الرَّوْضَةِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: مُعْتَرِفًا بِمَا يَقْتَضِي الْمَهْرَ إلَخْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ الْبَيَانُ بِالتَّفْوِيضِ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ إذْ لَوْ ادَّعَاهُ أَوَّلًا لَسُمِعَتْ دَعْوَاهُ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنْ يُكَلِّفَ الْبَيَانَ وَلَوْ بِمَا فِيهِ دَعْوَى التَّفْوِيضِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لَمَا مَرَّ أَنَّ النِّكَاحَ يَقْتَضِي مَهْرَ الْمِثْلِ) فِيهِ أَنَّ النِّكَاحَ إنَّمَا يَقْتَضِي مَهْرًا، كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ كُلِّفَ بِبَيَانِ مَهْرٍ إلَخْ لَا مَهْرَ الْمِثْلِ لِمَا مَرَّ أَنَّ النِّكَاحَ يُعْقَدُ بِأَقَلَّ مُتَمَوِّلٌ وَقَوْلُهُ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَيْ: الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْقِيَاسُ عَلَى تَصْدِيقِ مُدَّعِي عَدَمِ التَّسْمِيَةِ لِأَنَّهَا خِلَافُ الْأَصْلِ تَصْدِيقُهُ هُوَ فَيَحْلِفُ عَلَى مُدَّعَاهُ وَلَا يُكَلَّفُ الْبَيَانَ عَلَى الرَّاجِحِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ هُنَا مَعْلُومٌ، كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَلَا يَتَحَالَفَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ شَيْئًا حَتَّى يُثْبِتَهُ وَيَنْفِي مُدَّعَى الْآخَرِ بِيَمِينِهِ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَتْهُ) ثُمَّ إذَا حَلَفَ يُطَالَبُ بِتَسْمِيَةِ قَدْرٍ، أَوْ تُطَالَبُ هِيَ بِتَسْمِيَةِ قَدْرٍ غَيْرِ مَا سَمَّتْهُ أَوَّلًا أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: يَرْجِعَانِ لِمَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ التَّسْمِيَةَ وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِ مَا ادَّعَتْهُ فَانْتَفَى وَبَقِيَ عَدَمُ التَّسْمِيَةِ وَهُوَ يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَمَا قَالَهُ هُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ ادَّعَتْ عَلَى وَارِثِ الزَّوْجِ تَسْمِيَةً إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَحْلِفُ إلَخْ) وَإِنَّمَا لَمْ يُكَلِّفْ الْبَيَانَ هُنَا، كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى هُنَا مَعْلُومٌ فَكَانَتْ كَنَظَائِرِهَا. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: وَنَدْبُهَا فِيهِ إلَخْ) وَإِرَادَةُ التَّسَرِّي بِالْإِمَاءِ كَالْعَقْدِ وَالدُّخُولُ كَالدُّخُولِ. اهـ. ق ل وَقَالَ م ر: إنَّ التَّسَرِّيَ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوَلِيمَةُ وَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: شِنْدِخِيٌّ) بِشِينٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ فَنُونٌ سَاكِنَةٌ فَدَالٌ مُهْمَلَةٌ فَخَاءٌ مُعْجَمَةٌ مَكْسُورَتَيْنِ فَتَحْتِيَّةٌ مُشَدَّدَةٌ. اهـ. ق ل عَلَى
عَلَى الْأُضْحِيَّةِ وَسَائِرِ الْوَلَائِمِ وَلِأَنَّهُ أَمْرٌ فِيهِ بِالشَّاةِ وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ لَوَجَبَتْ وَهِيَ لَا تَجِبُ إجْمَاعًا وَأَقَلُّهَا لِلْمُتَمَكِّنِ شَاةٌ، وَلِغَيْرِهِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ قَالَ النَّشَائِيُّ وَالْمُرَادُ أَقَلُّ الْكَمَالِ شَاةٌ لِقَوْلِ التَّنْبِيهِ وَبِأَيِّ شَيْءٍ أَوْلَمَ مِنْ الطَّعَامِ جَازَ
(لَكِنْ إجَابَةٌ تَجِبُ) عَيْنًا عَلَى مَنْ دُعِيَ إلَى وَلِيمَةِ الْعُرْسِ دُونَ غَيْرِهَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى الْوَلِيمَةِ فَلْيَأْتِهَا» وَخَبَرُ مُسْلِمٍ «شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ وَتُتْرَكُ الْفُقَرَاءُ وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» قَالُوا: وَالْمُرَادُ وَلِيمَةُ الْعُرْسِ؛ لِأَنَّهَا الْمَعْهُودُ عِنْدَهُمْ، وَقَدْ يُؤَيَّدُ بِمَا فِي مُسْلِمٍ أَيْضًا «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى وَلِيمَةِ عُرْسٍ فَلْيُجِبْ» لَكِنْ فِيهِ أَيْضًا «مَنْ دُعِيَ إلَى عُرْسٍ، أَوْ نَحْوِهِ فَلْيُجِبْ» وَفِي أَبِي دَاوُد «إذَا دَعَا أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُجِبْ عُرْسًا كَانَ، أَوْ غَيْرَهُ» وَقَضِيَّتُهُمَا وُجُوبُ الْإِجَابَةِ فِي سَائِرِ الْوَلَائِمِ وَبِهِ أَجَابَ جُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ، كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ (لِمُسْلِمٍ) أَيْ: لِأَجْلِ الدَّاعِي الْمُسْلِمِ فَلَا تَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ بِدَعْوَةِ كَافِرٍ لِانْتِفَاءِ طَلَبِ الْمَوَدَّةِ مَعَهُ وَلِأَنَّهُ يُسْتَقْذَرُ طَعَامُهُ لِاحْتِمَالِ نَجَاسَتِهِ وَفَسَادِ تَصَرُّفِهِ، وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْمَدْعُوِّ مُسْلِمًا أَيْضًا فَلَوْ دَعَا مُسْلِمٌ كَافِرًا لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَكَلَامُ النَّظْمِ يَحْتَمِلُهُ.
(فِي يَوْمِهَا) أَيْ: يَوْمِ الْوَلِيمَةِ (الْأَوَّلِ) فَلَوْ أَوْلَمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَمْ تَجِبْ الْإِجَابَةُ إلَّا فِي الْأَوَّلِ، وَتُسَنُّ فِي الثَّانِي وَتُكْرَهُ فِي الثَّالِثِ فَفِي أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: الْوَلِيمَةُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حَقٌّ وَفِي الثَّانِي مَعْرُوفٌ وَفِي الثَّالِثِ رِيَاءٌ وَسُمْعَةٌ» نَعَمْ لَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ اسْتِيعَابُ النَّاسِ فِي الْأَوَّلِ لِكَثْرَتِهِمْ، أَوْ صِغَرِ مَنْزِلَةٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ كَوَلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ دَعَا النَّاسَ إلَيْهَا أَفْوَاجًا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَوْ أَوْلَمَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الثَّانِيَةَ كَالْيَوْمِ الثَّانِي، فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ (مَعْ عُمُومِهَا) أَيْ: الدَّعْوَةِ بِأَنْ يَدْعُوَ جَمِيعَ عَشِيرَتِهِ، أَوْ جِيرَانِهِ، أَوْ
ــ
[حاشية العبادي]
قَدْ يَخْرُجُ أَيْضًا مَا لِغَيْرِ سَبَبٍ. (قَوْلُهُ: لَوَجَبَتْ) أَيْ: أَوْ مَا هُوَ أَعْلَى مِنْهَا، فَإِنَّ الْمُبَالَغَةَ بِهَا فِي الْحَدِيثِ تَقْتَضِي أَنَّ الْمَطْلُوبَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَعْلَى وَقَوْلُهُ: وَهِيَ لَا تَجِبُ أَيْ: لَا هِيَ وَلَا الْأَعْلَى. (قَوْلُهُ: وَبِأَيِّ شَيْءٍ أَوْلَمَ مِنْ الطَّعَامِ جَازَ) هَذَا فِي غَيْرِ الْعَقِيقَةِ، أَمَّا هِيَ فَأَقَلُّ مَا يُجْزِئُ فِيهَا شَاةٌ، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِنْ بَابِهَا
(قَوْلُهُ: قَالُوا: وَالْمُرَادُ وَلِيمَةُ الْعُرْسِ) وَقَدْ يُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ «أَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ دُعِيَ إلَى خِتَانٍ فَلَمْ يُجِبْ وَقَالَ: لَمْ يَكُنْ يُدْعَى لَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ عَلَى مُسْلِمٍ بِدَعْوَةِ كَافِرٍ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَا تُسْتَحَبُّ إجَابَةُ الذِّمِّيِّ كَاسْتِحْبَابِ إجَابَةِ الْمُسْلِمِ وَفِي شَرْحِهِ فِيمَا يُسْتَحَبُّ فِيهِ إجَابَتُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إجَابَةُ الذِّمِّيِّ. اهـ. وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ فَلَا تَجِبُ إجَابَةُ ذِمِّيٍّ، بَلْ تُسَنُّ إنْ رُجِيَ إسْلَامُهُ، أَوْ كَانَ نَحْوُ قَرِيبٍ أَوْ جَارٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ) أَيْ: وَتُسَنُّ، كَمَا هُوَ قِيَاسُ الْيَوْمِ الثَّانِي وَقَدْ يُفَرَّقُ. (قَوْلُهُ: بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ)
ــ
[حاشية الشربيني]
الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: تَجِبُ) أَيْ إنْ دُعِيَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَإِلَّا بِأَنْ دُعِيَ قَبْلَهُ، كَمَا يَقَعُ الْآنَ فَلَا. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ وَق ل وَفِي ع ش أَنَّهُ إذَا دُعِيَ قَبْلَ الْعَقْدِ لِوَلِيمَةٍ تُفْعَلُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَجَبَتْ الْإِجَابَةُ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَةَ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ فَهِيَ لِفِعْلِ مَا يَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ. اهـ. وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِعَدَمِ دُخُولِ الْوَقْتِ فَرَاجِعْهُ وَفِي ع ش أَيْضًا أَنَّهُ إذَا دَعَا جَمَاعَةٌ لِيَعْقِدَ الْعَقْدَ ثُمَّ هَيَّأَ طَعَامًا وَدَعَا النَّاسَ ثَانِيًا لَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي. اهـ. وَفِيهِ أَيْضًا نَظَرٌ؛ لِأَنَّ تِلْكَ وَلِيمَةُ الْعَقْدِ، وَالْإِجَابَةُ لَهَا سُنَّةٌ وَهَذِهِ وَلِيمَةُ الدُّخُولِ، وَلَا يَدْخُلُ وَقْتُهَا إلَّا بِالْعَقْدِ فَتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت مَنْ صَوَّرَ كَلَامَهُ بِمَا إذَا صَنَعَ الْوَلِيمَةَ بَعْدَ الْعَقْدِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ هَيَّأَ طَعَامًا وَدَعَا النَّاسَ ثَانِيًا. (قَوْلُهُ: تَجِبُ عَيْنًا) وَقِيلَ: تَجِبُ عَلَى سَبِيلِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ وَقِيلَ: الْإِجَابَةُ سُنَّةٌ. اهـ. مِنْهَاجٌ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ، وَأَمَّا الْإِجَابَةُ إلَى الدَّعْوَةِ فَفِي وَلِيمَةِ الْعُرْسِ تَجِبُ الْإِجَابَةُ عَلَى الْأَظْهَرِ وَقِيلَ: عَلَى الْأَصَحِّ وَالثَّانِي أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ وَإِذَا أَوْجَبْنَا فَهِيَ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ: فَرْضُ كِفَايَةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: إلَى وَلِيمَةِ الْعُرْسِ) وَلَا تَفُوتُ بِطَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، لَكِنَّهَا بَعْدَ سِتٍّ، أَوْ سَبْعٍ قَضَاءً. اهـ. ق ل عَنْ الدَّمِيرِيِّ وَاَلَّذِي فِي سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ عَنْ الدَّمِيرِيِّ أَنَّهَا أَدَاءٌ إلَى سَبْعٍ فِي الْبِكْرِ وَثَلَاثٍ فِي الثَّيِّبِ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْعَقْدُ، أَوْ الدُّخُولُ وَفَعَلَ وَلِيمَةً وَاحِدَةً قَصَدَ بِهَا الْجَمِيعَ كَفَى وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فَإِنْ قَصَدَ وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا بَقِيَ طَلَبُ غَيْرِهَا. اهـ. ق ل عَنْ زي فِي قَوْلِهِ: وَكَذَا إلَخْ، وَانْظُرْ لَوْ قَصَدَ وَاحِدَةً لَا بِعَيْنِهَا وَظَاهِرُ تَقْيِيدِهِ بِعَيْنِهَا الْكِفَايَةُ عَنْ الْجَمِيعِ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: قَالُوا إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى إشْكَالِهِ وَهُوَ حَقِيقٌ بِالْإِشْكَالِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُمْ خَصُّوهُ بِوَلِيمَةِ الْعُرْسِ لَمَّا قَامَ عِنْدَهُمْ وَمِنْهُ طَلَبُ الْإِعْلَانِ فِي النِّكَاحِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ «أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفُوفِ وَلَوْ فِي الْمَسَاجِدِ» ، لَكِنْ ضَعَّفَهُ التِّرْمِذِيُّ ق ل.
(قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ طَلَبِ الْمَوَدَّةِ) بَلْ تُكْرَهُ مَوَدَّتُهُ، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَمِثْلُهَا مُخَالَطَتُهُ، كَمَا هُنَا أَيْضًا وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَيْلٌ قَلْبِيٌّ وَإِلَّا حَرُمَ، كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَاسْتُشْكِلَ؛ لِأَنَّهُ إنْ مَالَ مِنْ حَيْثُ الدِّينُ كَانَ كُفْرًا، أَوْ مِنْ حَيْثُ الْحُسْنُ أَوْ الْإِحْسَانُ فَالْحُرْمَةُ مُشْكِلَةٌ مَعَ تَجْوِيزِ نِكَاحِ الْكَافِرَةِ، وَتَعْلِيلُهُمْ كَرَاهَتُهُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ بِأَنَّهُ قَدْ يُخْشَى عَلَيْهِ افْتِتَانُهُ بِهَا فَلَمْ يُحَرِّمُوهُ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ يَنْجَرُّ الْمَيْلُ إلَى الْكُفْرِ، وَأَيْضًا تَجْوِيزُ نِكَاحِهَا صَرِيحٌ فِي جَوَازِ الْمَيْلِ إلَيْهَا لِلْجَمَالِ وَنَحْوِهِ إذْ هُوَ شَأْنُ الزَّوْجِ مَعَ الزَّوْجَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْمَيْلَ فِي النِّكَاحِ مَيْلٌ لِمُجَرَّدِ الشَّهْوَةِ بِخِلَافِ الْمَيْلِ بِدُونِهِ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: يَحْتَمِلُهُ) بِأَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى عَلَى مُسْلِمٍ. (قَوْلُهُ: مَعْرُوفٌ) أَيْ إحْسَانٌ. (قَوْلُهُ: رِيَاءٌ إلَخْ) أَيْ الْغَالِبُ ذَلِكَ فَإِنْ وُجِدَ كَانَ حَرَامًا ق ل
أَهْلِ حِرْفَتِهِ وَإِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ أَغْنِيَاءَ فَلَوْ خَصَّ الْأَغْنِيَاءَ مِنْهُمْ لَمْ تَجِبْ الْإِجَابَةُ لِخَبَرِ «شَرُّ الطَّعَامِ» .
وَلَيْسَ الْمُرَادُ عُمُومَ جَمِيعِ النَّاسِ فَإِنَّهُ مُتَعَذَّرٌ بَلْ لَوْ كَثُرَتْ عَشِيرَتُهُ، أَوْ نَحْوُهَا، وَخَرَجَتْ عَنْ الضَّبْطِ، أَوْ كَانَ فَقِيرًا لَا يُمْكِنُهُ اسْتِيعَابُهَا فَالْوَجْهُ، كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ، بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَظْهَرَ مِنْهُ قَصْدُ التَّخْصِيصِ (إلَّا) أَنْ يَدْعُوَهُ (لِخَوْفٍ) مِنْهُ (وَطَمَعْ) أَيْ: أَوْ لِطَمَعٍ فِي جَاهِهِ، أَوْ لِإِعَانَةٍ عَلَى بَاطِلٍ فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ فَيُعْتَبَرُ أَنْ يَدْعُوَهُ لِلتَّوَدُّدِ وَالتَّقَرُّبِ فَإِنْ دَعَاهُ لَا بِقَصْدِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَالْأَقْرَبُ الْوُجُوبُ (وَ) إلَّا (حَيْثُ مَنْ يُؤْذِيهِ) أَوْ لَا يَلِيقُ بِهِ مُجَالَسَتُهُ (ذُو حُضُورِ) أَيْ: حَاضِرٍ فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ.
وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ وَلَا يُعْذَرُ بِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّاعِي، أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ حَضَرَ قَالَ الشَّارِحُ فِي تَحْرِيرِهِ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ، وَكَذَا قَوْلُ الرُّويَانِيِّ لَا يُعْذَرُ بِالزِّحَامِ (وَ) إلَّا حَيْثُ وُجِدَ ثَمَّ (مُنْكَرٌ كَالْفُرُشِ مِنْ حَرِيرِ) حَيْثُ تَحْرُمُ (وَصُوَرٍ لِلْحَيَوَانِ) عَلَى سَقْفٍ، أَوْ جِدَارٍ، أَوْ وِسَادَةٍ مَنْصُوبَةٍ، أَوْ ثَوْبٍ مَلْبُوسٍ، أَوْ نَحْوِهَا وَكَشُرْبِ خَمْرٍ وَضَرْبِ مُلَاءَةٍ وَافْتِرَاشِ مَسْرُوقٍ وَمَغْصُوبٍ وَكَذَا جُلُودُ نُمُورٍ بَقِيَ وَبَرُهَا، كَمَا قَالَهُ الْحَلِيمِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُمَا لِلنَّهْيِ عَنْهُ فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ لِحُرْمَةِ الْحُضُورِ حِينَئِذٍ، أَوْ كَرَاهَتِهِ، كَمَا سَيَأْتِي (لَا) إنْ كَانَتْ
ــ
[حاشية العبادي]
أَيْ: فَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا أَمْكَنَ اسْتِيعَابَ النَّاسِ فِي مَرَّةٍ وَإِلَّا فَالْمَرَّتَانِ وَلِيمَةٌ وَاحِدَةٌ. .
(قَوْلُهُ: لِخَبَرِ «شَرُّ الطَّعَامِ» ) قَدْ يُقَالُ قَوْلُهُ: فِيهِ وَمَنْ لَمْ يُجِبْ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ مَعَ التَّخْصِيصِ. (قَوْلُهُ: فَالْوَجْهُ، كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ) لَوْ كَانَ فَقِيرًا لَا يُمْكِنُهُ إلَّا دُعَاءُ عَشَرَةٍ مَثَلًا، فَقَصَدَ تَخْصِيصَ عَشِيرَتِهِ لِمَنْ يُتَّهَمُ بِنَحْوِ صَلَاحٍ، أَوْ عِلْمٍ، فَهَلْ هُوَ مِنْ التَّخْصِيصِ الْمَانِعِ مِنْ الْوُجُوبِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَعِنْدِي لَيْسَ مِنْهُ سم. (قَوْلُهُ: أَوْ لِإِعَانَةٍ عَلَى بَاطِلٍ) أَخْرَجَ الْحَقَّ لَكِنَّ قَوْلَهُ فَيُعْتَبَرُ إلَخْ قَدْ يَقْتَضِي عَدَمَ إخْرَاجِهِ. (قَوْلُهُ: لَا يُعْذَرُ بِالزِّحَامِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ زِحَامٌ لَا يَشُقُّ مَشَقَّةً لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً. (قَوْلُهُ: وَمُنْكَرٌ كَالْفُرُشِ إلَخْ)
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: فَلَوْ خَصَّ الْأَغْنِيَاءَ مِنْهُمْ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر وَحَجَرٍ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَخُصَّ الْأَغْنِيَاءَ لِغِنَاهُمْ فَإِنْ خَصَّهُمْ لِغَيْرِهِ جَازَ أَيْ: كَتَقْوَاهُمْ مَثَلًا قَالَ زي: وَلَوْ خَصَّ الْفُقَرَاءَ وَجَبَتْ الْإِجَابَةُ عَلَيْهِمْ قَالَ ح ل: وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ أَيْ: خِلَافًا لِمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامَيْ حَجَرٍ وَم ر مِنْ أَنَّهُ يَضُرُّ تَخْصِيصُ الْفُقَرَاءِ وَإِنْ وَجَّهَهُ سم عَلَى التُّحْفَةِ فَرَاجِعْهُ وَقَالَ ق ل: وَجَبَتْ الْإِجَابَةُ خِلَافًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي شَرْحَيْ الرَّوْضِ، وَالْمَنْهَجِ وَأَنْ لَا يَخُصَّ الْأَغْنِيَاءَ وَلَا غَيْرَهُمْ. اهـ. وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّهُ إذَا خَصَّ الْفُقَرَاءَ لَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ وَهُوَ ضَعِيفٌ، كَمَا عَرَفْتَ. (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ كَثُرَتْ إلَخْ) هُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَكْثُرْ وَكَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الِاسْتِيعَابِ وَخَصَّ الْأَغْنِيَاءَ لَا لِغِنَاهُمْ أَوْ الْفُقَرَاءَ لَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ وَهُوَ ضَعِيفٌ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَظْهَرَ مِنْهُ قَصْدُ التَّخْصِيصِ) يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ تَخْصِيصَ جِيرَانِهِ أَوْ عَشِيرَتِهِ، أَوْ أَهْلِ حِرْفَتِهِ لَمْ تَجِبْ الْإِجَابَةُ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ مُرَادُهُ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ جِيرَانَهُ مَثَلًا لَا يَخُصُّ بَعْضَهُمْ دُونَ بَعْضٍ بَلْ يَعُمُّهُمْ وَكَذَا الْبَاقِي إلَّا إذَا كَانَ عُذْرٌ مِنْ هَذِهِ الْأَعْذَارِ فَلَا يُشْتَرَطُ التَّعْمِيمُ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ لَا يَظْهَرَ إلَخْ وَظُهُورُ ذَلِكَ بِأَنْ يَدْعُوَ الْأَغْنِيَاءَ مِنْهُمْ لَا لِوَصْفٍ مِنْ أَوْصَافِ الْخَيْرِ كَالتَّقْوَى فَإِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ عُرْفًا أَنَّهُ إنَّمَا دَعَاهُمْ لِغِنَاهُمْ وَإِلَّا فَكَانَ يُمْكِنُ أَنْ يَدْعُوَ عَدَدَهُمْ مِنْ الْفُقَرَاءِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَدْعُوَهُ لِخَوْفٍ) وَإِلَّا إنْ كَانَ قَاضِيًا، أَوْ ذَا وِلَايَةٍ عَامَّةٍ إلَّا إنْ كَانَ الدَّاعِي أَصْلَهُ، أَوْ فُرُوعَهُ الْإِجَابَةُ وَإِلَّا إنْ كَانَ فِي مَالِ الدَّاعِي مُحَرَّمٌ وَإِنْ قَلَّ، أَوْ كَانَ بِهِ أَيْ: الْمَدْعُوِّ عُذْرٌ مُرَخِّصٌ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ، أَوْ اعْتَذَرَ إلَى الدَّاعِي فَقَبِلَ عُذْرَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْعُذْرُ مُرَخِّصًا هَكَذَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ فَرَاجِعْهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ الْمُعَامَلَةِ حَيْثُ قَيَّدُوا كَرَاهَةَ الْمُعَامَلَةِ بِأَنْ يَكُونَ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامًا لِلتَّخْفِيفِ فِي الْمُعَامَلَةِ. اهـ. ق ل وَظَاهِرُهُ كَرَاهَةُ إجَابَةِ الدَّعْوَةِ هُنَا حِينَئِذٍ خِلَافًا لِمَا فِي سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ حَيْثُ قَيَّدَ الْكَرَاهَةَ بِكَوْنِ أَكْثَرِ مَالِهِ حَرَامًا قِيَاسًا عَلَى الْمُعَامَلَةِ. (قَوْلُهُ: مَنْ يُؤْذِيهِ) أَيْ: أَوْ يَتَأَذَّى بِحُضُورِهِ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يَتَأَذَّى غَيْرُهُ بِهِ قَالَهُ حَجَرٌ: وَلَمْ يَرْتَضِهِ شَيْخُنَا أَيْ: زي. اهـ. ق ل وَلَا عِبْرَةَ بِعَدَاوَةٍ بَيْنَ الدَّاعِي، وَالْمَدْعُوِّ فَلَا يَسْقُطُ الطَّلَبُ؛ لِأَنَّ الْإِجَابَةَ قَدْ تَكُونُ سَبَبًا لِزَوَالِهَا. اهـ. م ر وَغَيْرُهُ وَقَالَ حَجَرٌ: إذَا وُجِدَ مَنْ يَتَأَذَّى بِهِ لَمْ تَجِبْ الْإِجَابَةُ وَإِنْ كَانَ هُوَ الدَّاعِيَ عَلَى الْأَوْجَهِ. (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُعْتَمَدٍ) أَيْ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَا يَتَأَذَّى بِهِ م ر. (قَوْلُهُ: حَيْثُ يَحْرُمُ) بِأَنْ كَانَتْ الدَّعْوَةُ لِرِجَالٍ وَكَانَ مَفْرُوشًا، كَمَا ذَكَرَهُ أَمَّا بَسْطُهُ عَلَى الْأَرْضِ يُدَاسُ فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ اسْتِعْمَالًا، كَذَا فِي ق ل فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: مَنْصُوبَةٍ) الْمُرَادُ بِهَا مَا يُصْنَعُ لِلْوَضْعِ بِحَسَبِ الْعَادَةِ فَوْقَ الْمِخَدَّاتِ الْكِبَارِ، كَمَا بِهَامِشِ شَرْحِ م ر أَمَّا نَفْسُ تِلْكَ الْمِخَدَّاتِ فَإِنَّهَا مَصْنُوعَةٌ لِلِاتِّكَاءِ عَلَيْهَا فَهِيَ مُهَانَةٌ مُبْتَذَلَةٌ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ، وَالْوَسَائِدُ الْكَبِيرَةُ الْمَنْصُوبَةُ. اهـ. أَيْ الَّتِي لَا يُتَّكَأُ عَلَيْهَا، كَمَا فِي التَّعْلِيقَةِ. (قَوْلُهُ: مَلْبُوسٍ) أَيْ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ لَا الْمَفْرُوشِ لِيُدَاسَ. اهـ. ق ل عَنْ م ر وَحَجَرٌ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ صُوَرَ الثِّيَابِ لَا ظِلَّ لَهَا، لَكِنْ لَا أَقَلَّ مِنْ كَوْنِهَا مَكْرُوهَةً فَتَمْنَعُ وُجُوبَ الْإِجَابَةِ. (قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ الْحُضُورِ، أَوْ كَرَاهَتِهِ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ كَرَاهَةَ الْحُضُورِ تُسْقِطُ وُجُوبَ الْإِجَابَةِ، لَكِنَّ الَّذِي سَيَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ هُوَ مُجَرَّدُ الدُّخُولِ لَا الْحُضُورُ، كَمَا يُعْلَمُ مِنْ شَرْحَيْ م ر وَحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَتْ إلَخْ) فَلَا يَحْرُمُ الْحُضُورُ، لَكِنَّهَا تَمْنَعُ دُخُولَ
الصُّوَرُ (عَلَى فُرْشٍ) تُدَاسُ (وَمُتَّكًّا) ، أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُمَا كَطَبَقٍ وَخِوَانٍ وَقَصْعَةٍ (وَدِهْلِيزٍ فَلَا) تَمْنَعُ وُجُوبَ الْإِجَابَةِ؛ لِأَنَّ مَا يُوطَأُ وَيُطْرَحُ مُهَانٌ مُبْتَذَلٌ، وَالْمَنْصُوبُ مُرْتَفِعٌ يُشْبِهُ الْأَصْنَامَ، وَالْمُصَوَّرُ عَلَى الدِّهْلِيزِ الْمَزِيدِ عَلَى الْحَاوِي خَارِجٌ عَنْ مَحَلِّ الْحُضُورِ، فَكَانَ كَالْخَارِجِ عَنْ الْمَنْزِلِ (إلَّا) إذَا كَانَتْ الدَّعْوَةُ (لِشَخْصٍ بِالْحُضُورِ شَتَّتَهْ) أَيْ: أَزَالَ الْمُنْكَرَ بِحُضُورِهِ، فَتَجِبُ إجَابَتُهُ إجَابَةً لِلدَّعْوَةِ وَإِزَالَةً لِلْمُنْكَرِ، وَخَرَجَ بِصُوَرِ الْحَيَوَانِ صُوَرُ الشَّجَرِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَمَقْطُوعِ الرَّأْسِ فَلَا تَمْنَعُ وُجُوبَ الْإِجَابَةِ.
(وَحَرَّمُوا) عَلَى الْمَدْعُوِّ (حُضُورَهُ) أَيْ: الْمُنْكَرَ حَيْثُ لَا يَزُولُ بِحُضُورِهِ؛ لِأَنَّهُ كَالرِّضَى بِهِ وَفِي الْخَبَرِ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَقْعُدُ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى حَضَرَ نَهَاهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا فَلْيَخْرُجْ وُجُوبًا، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْخُرُوجُ كَأَنْ كَانَ لَيْلًا وَخَافَ قَعَدَ كَارِهًا وَلَا يَسْتَمِعُ لِمَا يَحْرُمُ اسْتِمَاعُهُ، وَيُنْكِرُ بِقَلْبِهِ، كَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ بِجِوَارِهِ لَا يَلْزَمُهُ التَّحَوُّلُ وَإِنْ بَلَغَهُ الصَّوْتُ وَلَوْ كَانَ الْمُنْكَرُ مُخْتَلَفًا فِيهِ كَشُرْبِ النَّبِيذِ حَرُمَ الْحُضُورُ عَلَى مُعْتَقِدِ تَحْرِيمِهِ، وَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُ مِنْ حُرْمَةِ دُخُولِ بَيْتٍ فِيهِ صُوَرٌ مَمْنُوعَةٌ وَفُرُشُ حَرِيرٍ هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، وَبِهِ صَرَّحَ النَّيْسَابُورِيّ فِي الْهَادِي فِيهِمَا وَالْبَارِزِيُّ فِي الْأَوْلَى وَنَقَلَهُ فِيهَا صَاحِبُ الشَّامِلِ وَالْبَيَانُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَصَاحِبُ الذَّخَائِرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ لَكِنْ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُمْ مَالُوا إلَى الْكَرَاهَةِ وَكَلَامُهُ فِي الْكَبِيرِ يُفْهِمُهُ وَصَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ (وَ) حَرَّمُوا (صَنْعَتَهْ) أَيْ: الْمُنْكَرَ فَيَحْرُمُ تَصْوِيرُ حَيَوَانٍ وَلَوْ عَلَى الْأَرْضِ؛ «لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَعَنَ الْمُصَوِّرِينَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَتَحْرُمُ صَنْعَةُ فُرُشِ الْحَرِيرِ لِمَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ افْتِرَاشُهُ وَاسْتَثْنَى مِنْ تَحْرِيمِ التَّصْوِيرِ لَعِبَ الْبَنَاتِ «لِأَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تَلْعَبُ بِهَا
ــ
[حاشية العبادي]
قَالَ فِي الْأَنْوَارِ مِنْ الْمُنْكَرِ الْمُسْقِطِ لِلْإِجَابَةِ كَوْنُ النِّسَاءِ عَلَى السُّقُوفِ، وَالْمَرَافِقِ. اهـ. وَيُحْتَمَلُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا كُنَّ يَقْصِدْنَ النَّظَرَ إلَى الرِّجَالِ. (قَوْلُهُ: لَا عَلَى فُرُشٍ) اُنْظُرْ لِمَ مَنَعَ فُرُشُ الْحَرِيرِ وُجُوبَ الْحُضُورِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ الصُّوَرُ عَلَى الْفِرَاشِ؟ إلَّا أَنْ يُقَالَ حُرْمَةُ الصُّوَرِ لِشَبَهِهَا بِالْأَصْنَامِ وَلَا تُشْبِهُهَا إلَّا إذَا كَانَتْ مُرْتَفِعَةً وَلَا كَذَلِكَ الْحَرِيرُ. (قَوْلُهُ: وَمَقْطُوعِ الرَّأْسِ) لِأَنَّهُ، كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ لَا يُشْبِهُ حَيَوَانًا فِيهِ رَوْحٌ. اهـ. قِيلَ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ قَطْعَ مَا لَا يَبْقَى الْحَيَوَانُ بِدُونِهِ كَقَطْعِ الرَّأْسِ وَلَا فَرْقَ، كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ فِي الصُّورَةِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لَهَا ظِلٌّ وَغَيْرِهَا كَالْمَنْقُوشَةِ بِنَحْوِ السَّتْرِ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ فَقُيِّدَ بِالْأَوَّلِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: حَرُمَ الْحُضُورُ) هَذَا إذَا كَانَ الْفَاعِلُ يَعْتَقِدُ أَيْضًا تَحْرِيمَهُ، وَإِلَّا لَمْ يَحْرُمُ الْحُضُورُ وَلِهَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: إنَّ الْمَنْقُولَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْحُضُورُ إلَّا إنْ اعْتَقَدَ الْفَاعِلُ التَّحْرِيمَ. اهـ. لَكِنْ يَسْقُطُ الْوُجُوبُ؛ لِأَنَّ الْحُضُورَ مَعَ وُجُودِ مَا يَحْرُمُ فِي اعْتِقَادِهِ فِيهِ مَشَقَّةٌ عَلَيْهِ وَلَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ فَكَانَ الْفَاعِلُ يَعْتَقِدُ حُرْمَتَهُ، وَمُرِيدُ الْحُضُورِ يَعْتَقِدُ حِلَّهُ حَرُمَ الْحُضُورُ أَيْضًا، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ حُضُورُ الْمُنْكَرِ لِغَيْرِ إزَالَتِهِ مُمْتَنِعٌ، فَلْيُتَأَمَّلْ وَهَذَا حُكْمُ جَوَازِ الْحُضُورِ وَامْتِنَاعِهِ، وَأَمَّا الْإِنْكَارُ فَإِنْ كَانَ الْمُنْكَرُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ، أَوْ يَعْتَقِدُ الْفَاعِلُ تَحْرِيمَهُ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا، كَمَا هُوَ حَاصِلُ مَجْمُوعِ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي هَذَا الْبَابِ وَبَابِ السَّيْرِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ هُنَا لَا إنْ كَانُوا شَرَبَةَ نَبِيذٍ يَعْتَقِدُونَهُ أَيْ: حِلَّهُ فَلَا يَنْهَاهُمْ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا اعْتَقَدُوا تَحْرِيمَهُ كَالْمُنْكَرِ الْمُجْمَعِ عَلَى تَحْرِيمِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُ إلَخْ) فَعُلِمَ أَنَّ الْحُضُورَ وَالدُّخُولَ مَسْأَلَتَانِ حُكْمُهُمَا مُخْتَلِفٌ. (قَوْلُهُ: وَصَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ. (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ تَصْوِيرُ حَيَوَانٍ وَلَوْ مَقْطُوعَ الرَّأْسِ)، كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَقِيَاسُهُ أَنَّ مَا لَا حَيَاةَ بِدُونِهِ كَالرَّأْسِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى الْأَرْضِ) فَعُلِمَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالِاسْتِدَامَةِ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْمَلَائِكَةِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: وَقَصْعَةٍ) بِخِلَافِ الْإِبْرِيقِ لِارْتِفَاعِهَا. اهـ. م ر سم. (قَوْلُهُ: وَدِهْلِيزٍ فَلَا) فَلَا يُكْرَهُ الْمُرُورُ بِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَحْرُمُ حُضُورُهُ أَيْ الْجُلُوسُ فِي مَحَلِّهِ وَيُكْرَهُ دُخُولُهُ لَا الْمُرُورُ بِهِ. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: إجَابَةً لِلدَّعْوَةِ) بِأَنْ كَانَتْ لِوَلِيمَةِ الْعُرْسِ حَتَّى تَجِبَ الْإِجَابَةُ، كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: إجَابَةً إلَخْ وَنَقَلَ سم عَنْ م ر أَنَّ الْوُجُوبَ إنَّمَا هُوَ لِإِزَالَةِ الْمُنْكَرِ وَلَا يَخْلُو عَنْ شَيْءٍ وَمَا الْمَانِعُ مِنْ بَقَاءِ الْوُجُوبِ لِإِجَابَةِ الدَّعْوَةِ حَيْثُ جَازَ الْحُضُورُ لِلْإِزَالَةِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: حُضُورَهُ) قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ: يَحْرُمُ حُضُورُ بَيْتٍ فِي حُجْرَةٍ مِنْهُ صُورَةٌ وَإِنْ كَانَ الْحُضُورُ فِي حُجْرَةٍ أُخْرَى مِنْهُ عَلَى الْأَوْجَهِ، بَلْ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ مُنْكَرٌ فَفِي حُضُورِ الدَّارِ الَّتِي هُوَ بِهَا إقْرَارٌ عَلَيْهِ. اهـ. وَاعْتَمَدَ م ر نَظِيرَهُ فِي آلَةِ اللَّهْوِ. (قَوْلُهُ: وَمَا شَمَلَهُ كَلَامُهُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْحُضُورَ يَلْزَمُهُ الدُّخُولُ وَفِيهِ أَنَّهُ وَإِنْ لَزِمَهُ، لَكِنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ الْحُضُورُ لَا الدُّخُولُ فَدُخُولُ الْمَحَلِّ الَّذِي فِيهِ الصُّورَةُ مَكْرُوهٌ، وَحُضُورُهَا بِالْجُلُوسِ فِيهِ حَرَامٌ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مُسْقِطًا لِوُجُوبِ الْإِجَابَةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مَالُوا إلَى الْكَرَاهَةِ) مُعْتَمَدٌ
عِنْدَهُ صلى الله عليه وسلم» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَنَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ عَنْ الْقَاضِي عِيَاضٍ وَسَكَتَ عَلَيْهِ، وَحِكْمَتُهُ تَدْرِيبُهُنَّ أَمْرَ التَّرْبِيَةَ وَمِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ كَوْنُ الدَّاعِي غَيْرَ فَاسِقٍ لِلنَّهْيِ عَنْ الْإِجَابَةِ لِطَعَامِ الْفَاسِقِينَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَكَوْنُ طَعَامِهِ حَلَالًا وَكَوْنُ الْمَدْعُوِّ غَيْرَ قَاضٍ وَعَدَمُ عُذْرٍ يُرَخِّصُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ وَوُجُودِ مَحْرَمٍ، أَوْ نَحْوِهِ إذَا دَعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ الرِّجَالَ وَأَنْ يَخُصَّهُ بِالدَّعْوَةِ، فَلَوْ فَتَحَ الْبَابَ وَقَالَ: لِيَحْضُرْ مَنْ يُرِيدُ، أَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: اُدْعُ مَنْ شِئْت لَمْ تَجِبْ الْإِجَابَةُ وَلَمْ تُسَنُّ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ حِينَئِذٍ لَا يُورِثُ وَحْشَةً وَأَنْ لَا يُعَارِضَ الدَّاعِي غَيْرَهُ، فَلَوْ دَعَاهُ اثْنَانِ قُدِّمَ بِالسَّبْقِ، ثُمَّ بِقُرْبِ الرَّحِمِ، ثُمَّ بِقُرْبِ الدَّارِ ثُمَّ بِالْقُرْعَةِ وَلَوْ اعْتَذَرَ الْمَدْعُوُّ لِلدَّاعِي فَرَضِيَ بِتَخَلُّفِهِ سَقَطَ الْوُجُوبُ، وَأَنْ يَكُونَ لِلدَّاعِي مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فَلَا تَجِبُ إجَابَةُ غَيْرِهِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِحِفْظِ مَالِهِ عَنْ إتْلَافِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: نَعَمْ لَوْ اتَّخَذَهَا الْوَلِيُّ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَهُوَ أَبٌ، أَوْ جَدٌّ فَيَظْهَرُ وُجُوبُ الْحُضُورِ قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَلَا يُعْذَرُ بِالشِّبَعِ.
(وَالْأَكْلُ) لِلضَّيْفِ جَائِزٌ (عَنْ قَرِينَةٍ) أَيْ: بِقَرِينَةٍ تَقْتَضِيهِ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى إذْنٍ لَفْظًا كَأَنْ قَدَّمَ إلَيْهِ الْمَأْكُولَ اكْتِفَاءً بِالْقَرِينَةِ، كَمَا فِي الشُّرْبِ مِنْ السِّقَايَاتِ فِي الطُّرُقِ وَلِخَبَرِ «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ فَجَاءَ مَعَ الرَّسُولِ فَذَلِكَ إذْنٌ لَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَقَدْ تَقْتَضِي الْقَرِينَةُ عَدَمَ الْأَكْلِ كَأَنْ انْتَظَرَ الْمَالِكُ آخَرَ، فَلَا يَأْكُلُ حَتَّى يَحْضُرَ، أَوْ يَأْذَنَ لَهُ الْمَالِكُ لَفْظًا، وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْكُلَ فَوْقَ الشِّبَعِ، كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لِانْتِفَاءِ الْإِذْنِ اللَّفْظِيِّ وَالْعُرْفِيِّ فِيمَا وَرَاءَهُ (قُلْتُ وَلَا يُطْعِمُ) الضَّيْفُ مِنْهُ (هِرَّةً وَلَا مَنْ سَأَلَا) إلَّا بِإِذْنٍ لِلْعُرْفِ فِي ذَلِكَ نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ يُلَقِّمُ بَعْضُ الْأَضْيَافِ بَعْضًا إلَّا إذَا فَاوَتَ بَيْنَهُمْ، فَلَيْسَ لِمَنْ خُصَّ بِنَوْعٍ أَنْ يُطْعِمَ غَيْرَهُ مِنْهُ.
وَظَاهِرُهُ الْمِنَّةُ سَوَاءٌ خُصَّ بِالنَّوْعِ الْعَالِي أَمْ السَّافِلِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُهُ بِمَنْ خُصَّ بِالْعَالِي (وَ) الْأَكْلُ لِلضَّيْفِ، أَوْلَى مِنْ إمْسَاكِهِ (فِي صِيَامِ النَّفْلِ) وَلَوْ آخِرَ النَّهَارِ (إنْ شَقَّ عَلَى دَاعٍ) لَهُ إمْسَاكُهُ جَبْرًا لِخَاطِرِ أَخِيهِ وَإِلَّا فَالْأَوْلَى إمْسَاكُهُ، وَأَمَّا صِيَامُ الْفَرْضِ فَيُمْتَنَعُ الْخُرُوجُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مُوسَعًا، كَمَا فِي بَابِهِ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الصِّيَامَ لَيْسَ عُذْرًا فِي تَرْكِ الْإِجَابَةِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُفْطِرَ الْأَكْلُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِيهِمَا (وَلَا يَأْخُذُ) مِمَّا قُدِّمَ لَهُ (قَدْرًا جَهِلَا رِضًا بِهِ) أَيْ: جَهِلَ رِضَا مَالِكُهُ بِهِ، فَلَا يَأْخُذُ إلَّا مَا عَلِمَ رِضَاهُ بِهِ قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَإِذَا عَلِمَ رِضَاهُ يَنْبَغِي لَهُ مُرَاعَاةُ النَّصَفَةِ مَعَ الرُّفْقَةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ إلَّا مَا يَخُصُّهُ، أَوْ يَرْضَوْنَ بِهِ عَنْ طَوْعٍ لَا عَنْ حَيَاءٍ وَيَحْرُمُ التَّطَفُّلُ وَهُوَ حُضُورُ الْوَلِيمَةِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَةٍ إلَّا إذَا عُلِمَ رِضَا الْمَالِكِ بِهِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْأُنْسِ وَالِانْبِسَاطِ (وَجَائِزٌ أَنْ يَرْجِعَا مَالِكُهُ) فِيهِ (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَبْتَلِعَا) أَيْ: يَبْتَلِعَهُ الضَّيْفُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ قَبْلَ الِازْدِرَادِ وَفِي مِلْكِهِ لَهُ خِلَافٌ قَالَ الْقَفَّالُ: لَا يَمْلِكُهُ بَلْ هُوَ إتْلَافٌ بِإِذْنٍ قَالَ الْإِمَامُ: فِي الْغَصْبِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَرَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْأَيْمَانِ وَحَكَيَا هُنَا عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ، وَعَلَيْهِ هَلْ يَمْلِكُهُ بِالْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْهِ، أَوْ بِأَخْذِهِ، أَوْ بِمَضْغِهِ فِي الْفَمِ، أَوْ بِالِازْدِرَادِ يَتَبَيَّنُ حُصُولُهُ قَبْلَهُ وُجُوهٌ يَنْبَنِي عَلَيْهَا التَّمَكُّنُ مِنْ الرُّجُوعِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ التَّتِمَّةِ تَرْجِيحُ الْأَخِيرِ وَحُكِيَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْأَخِيرَيْنِ ثُمَّ قَالَ: وَرَجَّحَ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِ) يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ مَا يَمْنَعُ الْخَلْوَةَ الْمُحَرَّمَةَ كَالنِّسَاءِ
(قَوْلُهُ: أَنْ يَطْعَمَ غَيْرَهُ مِنْهُ) أَيْ: إلَّا مَعَ قَرِينَةِ رِضَى الْمَالِكِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. .
(قَوْلُهُ: وَرَجَحَ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ) وَبِهِ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَمَعَ مِلْكِهِ بِالْوَضْعِ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحُضُورَ أَيْ الْجُلُوسَ، كَمَا فَسَّرَهُ ق ل كَالرِّضَا بِالْمُنْكَرِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الدُّخُولِ. (قَوْلُهُ: أَجْنَبِيَّةٌ) بِأَنْ كَانَتْ إمَّا وَصِيَّةً فَعَلَتْ الْوَلِيمَةَ مِنْ مَالِهَا فَإِنَّهَا كَالْأَبِ، وَالْجَدِّ فِي وُجُوبِ إجَابَةِ دَعَوْتِهِمَا إذَا فَعَلَا الْوَلِيمَةَ مِنْ مَالِهِمَا كَمَا فِي الشَّيْخِ عَوَضٍ عَلَى الْخَطِيبِ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: قُدِّمَ بِالسَّبْقِ) فِي ح ل وَلَوْ لِغَيْرِ عُرْسٍ، وَالْمُتَأَخِّرَةُ لِعُرْسٍ وَفِي غَيْرِهِ الْعِبْرَةُ بِالْوَاجِبَةِ الْإِجَابَةُ وَلَوْ مُتَأَخِّرَةً فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ اعْتَذَرَ إلَخْ) وَإِنْ كَانَ عُذْرُهُ غَيْرَ مُرَخَّصٍ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ لِاعْتِذَارٍ وَلَا قَبُولٍ، تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ أَبٌ، أَوْ جَدٌّ) قَيَّدَ، كَمَا فِي ق ل وَفِي الشَّيْخِ عَوَضٍ عَلَى الْخَطِيبِ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُمَا الْأُمُّ إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً وَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: إذَا ادَّعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعْذَرُ بِالشِّبَعِ) ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْحُضُورُ لَا الْأَكْلُ.
(قَوْلُهُ: فَوْقَ الشِّبَعِ) أَيْ: الْعُرْفِيِّ ق ل. (قَوْلُهُ: وَلَا يَأْخُذُ قَدْرًا جَهْلًا إلَخْ) قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: وَيَحْرُمُ أَكْلُ لُقَمٍ كِبَارٍ وَسُرْعَةُ ابْتِلَاعٍ خُصُوصًا إنْ قَلَّ الطَّعَامُ، أَوْ لَزِمَ حِرْمَانُ غَيْرِهِ، وَيَحْرُمُ عَدَمُ النَّصَفَةِ مَعَ الرُّفْقَةِ كَجَمْعِ تَمْرَتَيْنِ أَوْ زِيَادَةٍ عَلَى مَا يَخُصُّهُ أَوْ يُمَاثِلُهُمْ فِيهِ لَوْ كَانَ أَكُولًا أَوْ مَا لَا يَعْلَمْ رِضَا الْمَالِكِ بِهِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: أَوْ مَا لَا يَعْلَمْ إلَخْ لَعَلَّ مَعْنَاهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ رُفْقَةٌ، لَكِنْ لَا يَعْلَمُ إلَخْ وَإِلَّا فَتَحْرِيمُ عَدَمِ النَّصَفَةِ مَعَ عِلْمِ رِضَا الْمَالِكِ بَعِيدٌ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَرَجَحَ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ) نَعَمْ
وَضَعَّفَ الْأَذْرَعِيُّ الْقَوْلَ بِالْمِلْكِ وَقَالَ: مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْقَفَّالُ هُوَ قَوْلُ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْأَصْحَابِ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَإِذَا قُلْنَا: يَمْلِكُهُ لَا يَجُوزُ لَهُ إبَاحَتُهُ وَلَا التَّصَرُّفُ فِيهِ بِغَيْرِ الْأَكْلِ عَلَى الصَّحِيحِ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ: كَمَا لَا يُعِيرُ الْمُسْتَعِيرُ.
(تَتِمَّةٌ)
مِنْ آدَابِ الْأَكْلِ أَنْ يَغْسِلَ يَدَيْهِ وَفَمَه قَبْلَ الْأَكْلِ وَبَعْدَهُ، لَكِنَّ الْمَالِكَ يَبْتَدِئُ بِهِ فِيمَا قَبْلَهُ وَيَتَأَخَّرُ بِهِ فِيمَا بَعْدَهُ لِيَدْعُوَ النَّاسَ إلَى كَرْمِهِ، وَأَنْ يُسَمِّيَ اللَّهَ تَعَالَى أَوَّلَهُ فَإِنْ تَرَكَهَا فَفِي أَثْنَائِهِ وَهَذَا تَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ، وَلَوْ سَمَّى مَعَ كُلِّ لُقَيْمَةٍ فَهُوَ أَحْسَنُ حَتَّى لَا يَشْغَلَهُ الشَّرَهُ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَأَنْ يَجْهَرَ بِهَا لِيُذَكِّرَ غَيْرَهُ، وَأَنْ يَأْكُلَ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ، وَأَنْ يَتَحَدَّثَ إذَا كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ بِمَا لَا إثْمَ فِيهِ، وَأَنْ يَأْكُلَ اللُّقْمَةَ السَّاقِطَةَ مَا لَمْ تَتَنَجَّسْ وَيَتَعَذَّرُ تَطْهِيرُهَا، وَأَنْ يَمُدَّ الْأَكْلَ مَعَ رُفْقَتِهِ مَا ظَنَّ بِهِمْ حَاجَةً إلَيْهِ، وَأَنْ يَقُولَ الْمَالِكُ لِضَيْفِهِ وَلِغَيْرِهِ كَزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ - إذَا رَفَعَ يَدَهُ مِنْ الطَّعَامِ -: كُلْ وَيُكَرِّرُهُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ اكْتَفَى مِنْهُ وَلَا يَزِيدُ عَلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ، وَأَنْ يَلْعَقَ الْآكِلُ الْأَصَابِعَ وَالْقَصْعَةَ، وَأَنْ يَلْتَقِطَ فُتَاتَ الطَّعَامِ، وَأَنْ يَتَخَلَّلَ وَلَا يَبْتَلِعُ مَا يَخْرُجُ مِنْ أَسْنَانِهِ بِالْخِلَالِ بَلْ يَرْمِيهِ، وَيَتَمَضْمَضُ بِخِلَافِ مَا يَجْمَعُهُ بِلِسَانِهِ مِنْ بَيْنِهَا فَإِنَّهُ يَبْتَلِعُهُ وَأَنْ يَأْكُلَ - قَبْلَ أَكْلِهِ اللَّحْمَ - لُقْمَةً، أَوْ لُقْمَتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً مِنْ الْخُبْزِ حَتَّى يَسُدَّ الْخَلَلَ.
وَأَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ تَعَالَى فِي آخِرِ الْأَكْلِ وَأَنْ يَدْعُوَ لِلْمَالِكِ كَأَنْ يَقُولُ: أَكَلَ طَعَامَكُمْ الْأَبْرَارُ، وَأَفْطَرَ عِنْدَكُمْ الصَّائِمُونَ وَصَلَّتْ عَلَيْكُمْ الْمَلَائِكَةُ، وَأَنْ يَقْرَأَ سُورَتَيْ الْإِخْلَاصَ وَقُرَيْشَ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَأْكُلَ مُتَّكِئًا وَمُضْطَجِعًا إلَّا مَا يَنْتَقِلُ بِهِ مِنْ الْحُبُوبِ قَالَ الشَّيْخَانِ: وَأَنْ يَأْكُلَ مِمَّا يَلِي غَيْرَهُ مِنْ غَيْرِ الْفَوَاكِهِ وَمِنْ وَسَطِ الْقَصْعَةِ وَأَعْلَى الثَّرِيدِ وَتَعَقَّبَهُمَا فِي الْمُهِمَّاتِ بِنَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَأَنْ يَعِيبَ الطَّعَامَ، وَأَنْ يَقْرِنَ بَيْنَ تَمْرَتَيْنِ، أَوْ عِنَبَتَيْنِ بِغَيْرِ إذْنِ الرُّفَقَاءِ وَأَنْ يَأْكُلَ بِشِمَالِهِ، وَأَنْ يَشْرَبَ مِنْ فِي الْقِرْبَةِ، وَأَنْ يَكْرَعَ بِأَنْ يَشْرَبَ بِالْفَمِ بِلَا عُذْرٍ فِي الْيَدِ، وَأَنْ يَتَنَفَّسَ فِي الْإِنَاءِ، وَأَنْ يَنْفُخَ فِيهِ، أَوْ فِي الطَّعَامِ، وَأَنْ يُقَرِّبَ فَمَهُ مِنْ الْقَصْعَةِ بِحَيْثُ يَرْجِعُ مِنْ فَمِهِ شَيْءٌ، وَأَنْ يَتَمَخَّطَ وَيَبْصُقُ وَقْتَ الْأَكْلِ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ، وَأَنْ يَنْفُضَ يَدَهُ فِي الْقَصْعَةِ وَضَابِطُهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا يَسْتَقْذِرُهُ غَيْرَهُ وَلَا يَشَمُّ الطَّعَامَ، وَلَا يَأْكُلُهُ حَارًّا حَتَّى يُبَرِّدَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاعِيَ أَسْفَلَ الْكُوزِ حَتَّى لَا يَنْقُطَ، وَأَنْ يَنْظُرَ فِي الْكُوزِ قَبْلَ الشُّرْبِ وَلَا يَتَجَشَّأُ فِيهِ بَلْ يُنَحِّيهِ عَنْ فَمِهِ بِالْحَمْدِ، وَيَرُدُّهُ بِالتَّسْمِيَةِ وَيُنْدَبُ أَنْ يَشْرَبَ فِي ثَلَاثَةِ أَنْفَاسٍ بِالتَّسْمِيَةِ فِي أَوَائِلِهَا وَبِالْحَمْدِ فِي أَوَاخِرِهَا
وَيَقُولُ - فِي آخِرِ الْأَوَّلِ -: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَيَزِيدُ فِي الثَّانِي: رَبِّ الْعَالَمِينَ وَفِي الثَّالِثِ: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَلَا يُكْرَهُ الشُّرْبُ قَائِمًا إلَّا سَائِرًا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الشُّرْبَ قَائِمًا بِلَا عُذْرٍ خِلَافُ الْأَوْلَى، وَقَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ الصَّوَابُ بِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَأَمَّا شُرْبُهُ صلى الله عليه وسلم قَائِمًا فَلِبَيَانِ الْجَوَازِ وَلَا يُكْرَهُ الْأَكْلُ قَائِمًا بِلَا حَاجَةٍ وَتَرْكُهُ أَفْضَلُ، وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَأْكُلَ وَحْدَهُ وَلَا يَتَرَفَّعُ عَنْ مُؤَاكَلَةِ الْغِلْمَانِ وَالصِّبْيَانِ وَالزَّوْجَاتِ، وَأَنْ لَا يَتَمَيَّزَ عَنْ جُلَسَائِهِ بِنَوْعٍ إلَّا لِحَاجَةٍ كَدَوَاءٍ وَنَحْوِهِ وَمِنْ آدَابِ الضَّيْفِ أَنْ لَا يَخْرُجَ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ وَمِنْ آدَابِ الْمَضِيفِ أَنْ يُشَيِّعَهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ إلَى بَابِ الدَّارِ وَيَنْبَغِي لِلضَّيْفِ أَنْ لَا يَجْلِسَ فِي مُقَابَلَةِ حُجْرَةِ النِّسَاءِ وَسُتْرَتِهِنَّ، وَأَنْ لَا يُكْثِرَ النَّظَرَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الطَّعَامُ وَيَنْبَغِي لِلْآكِلِ أَنْ يُقَدِّمَ الْفَاكِهَةَ ثُمَّ اللَّحْمَ، ثُمَّ الْحَلَاوَةَ وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ الْفَاكِهَةُ؛ لِأَنَّهَا أَسْرَعُ اسْتِحَالَةً فَيَنْبَغِي أَنْ تَقَعَ أَسْفَلَ الْمَعِدَةِ.
وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَائِدَةِ بَقْلٌ وَإِذَا دَخَلَ ضَيْفٌ لِلْمَبِيتِ عَرَّفَهُ رَبُّ الْبَيْتِ عِنْدَ الدُّخُولِ الْقِبْلَةَ وَبَيْتَ الْخَلَاءِ وَمَوْضِعَ الْوُضُوءِ، وَيَبْدَأُ بِالْمِلْحِ وَيَخْتِمُ بِهِ وَلَا يُكْرَهُ الْأَكْلُ عَلَى الْمَائِدَةِ وَإِنْ كَانَ بِدْعَةً فَلَمْ يَكُنْ صلى الله عليه وسلم يَأْكُلُ عَلَيْهَا وَإِنَّمَا كَانَ يَأْكُلُ عَلَى السُّفْرَةِ وَلَا يُقْطَعُ الْخُبْزُ وَاللَّحْمُ بِالسِّكِّينِ فَقَدْ نَهَى عَنْهُ فِي اللَّحْمِ وَقَالَ: انْهَشُوهُ نَهْشًا لَكِنْ حَمَلُوا النَّهْيَ عَلَى مَنْ اتَّخَذَ ذَلِكَ عَادَةً لَهُ، كَمَا تَفْعَلُهُ الْأَعَاجِمُ لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ «عَنْ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَحْتَزُّ مِنْ كَتِفِ شَاةٍ بِالسِّكِّينِ» وَلَا يُوضَعُ عَلَى الْخُبْزِ قَصْعَةٌ وَلَا غَيْرُهَا إلَّا مَا يُؤْكَلُ الْخَبَرُ بِهِ، وَلَا يَمْسَحُ يَدَهُ وَلَا فَمَه بِالْخُبْزِ وَيَنْبَغِي
ــ
[حاشية العبادي]
فِي الْفَمِ لَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ إلَّا بِالْأَكْلِ نَعَمْ لَوْ مَاتَ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي الْفَمِ وَقَبْلَ ابْتِلَاعِهِ مَلَكَهُ الْوَارِثُ مِلْكًا مُطْلَقًا م ر. (فَرْعٌ)
وَلَوْ تَنَاوَلَ الضَّيْفُ إنَاءَ الطَّعَامِ فَانْكَسَرَ مِنْهُ ضَمِنَهُ، كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ فِي حُكْمِ الْعَارِيَّةُ حَجَرٌ
(قَوْلُهُ: فَفِي أَثْنَائِهِ) وَكَذَا بَعْدَ الْفَرَاغِ لِيَقِيءَ الشَّيْطَانُ مَا أَكَلَهُ قَالَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْوُضُوءِ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَأْكُلَ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ) لَعَلَّهَا مَا عَدَا الْخِنْصِرَ وَالْبِنْصِرَ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَسُدَّ الْخَلَلَ) أَيْ: خَلَلَ الْأَسْنَانِ؛ لِصُعُوبَةِ إخْرَاجِ اللَّحْمِ مِنْ بَيْنِهَا، أَوْ خَلَلَ الْجَوْفِ؛ لِأَنَّ الْمَعِدَةَ قَدْ تَتَأَذَّى بِكَوْنِ اللَّحْمِ لِحَرَارَتِهِ وَبُطْءِ هَضْمِهِ أَوَّلَ نَازِلٍ إلَيْهَا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي الْفَاكِهَةِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: مُتَّكِئًا) قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ الْخَطَّابِيِّ: الْمُتَّكِئُ هُنَا الْجَالِسُ مُعْتَمَدًا عَلَى وِطَاءٍ تَحْتَهُ كَقُعُودِ مَنْ يُرِيدُ الْإِكْثَارَ مِنْ الطَّعَامِ، وَأَشَارَ غَيْرُهُ إلَى أَنَّهُ الْمَائِلُ عَلَى جَنْبِهِ وَمِثْلُهُ: الْمُضْطَجِعُ، كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَأْكُلَ مِمَّا يَلِي غَيْرَهُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَمِمَّا يَلِي غَيْرَهُ وَمِنْ الْوَسَطِ لَا نَحْوُ الْفَاكِهَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِنَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ عَلَى التَّحْرِيمِ) وَهُوَ مَحْمُولٌ، كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَلَى الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْإِيذَاءِ
ــ
[حاشية الشربيني]
مَا يَقَعُ مِنْ تَفْرِقَةِ نَحْوُ لَحْمٍ عَلَى الْأَضْيَافِ يَمْلِكُونَهُ مِلْكًا تَامًّا بِوَضْعِ أَيْدِيهِمْ عَلَيْهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَرَجَحَ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ) وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ عَادَ قَبْلَ الِازْدِرَادِ رَجَعَ لِمَالِكَيْهِ فَلَا يَتِمُّ مِلْكُهُ إلَّا بِالِازْدِرَادِ. اهـ. ق ل
(قَوْلُهُ: أَنْ يَغْسِلَ يَدَيْهِ) ظَاهِرُهُ تَمَامُ الْيَدَيْنِ وَلَا يَكْفِي غَسْلُ الْأَصَابِعِ (قَوْلُهُ: أَنْ يَشْرَبَ فِي ثَلَاثَةِ أَنْفَاسٍ) أَيْ يَشْرَبَ الْمَاءَ بِخِلَافِ اللَّبَنِ فَإِنَّهُ يَشْرَبُهُ عَبًّا دُفْعَةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَهُ سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ وَبَاقِي الْأَشْرِبَةِ