الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُنْكَحْنَ بِمُؤَجَّلٍ وَبِغَيْرِ نَقآدِ الْبَلَدِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْجَرْيُ عَلَى عَادَتِهِنَّ، كَمَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ وَالسُّبْكِيُّ تَفَقُّهًا.
(وَفِي فَاسِدَيْ النِّكَاحِ وَالشِّرَا اُكْتُفِيَ) فِي اعْتِبَارِ مَهْرِ الْمِثْلِ (بِوَقْتِ وَطْءٍ) فِيهِمَا كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ نَظَرًا إلَى حَالَةِ الْإِتْلَافِ لَا بِوَقْتِ الْعَقْدِ إذْ لَا حُرْمَةَ لِلْفَاسِدِ فَإِنْ تَكَرَّرَ الْوَطْءُ اُعْتُبِرَ (أَرْفَعَ الْحَالَاتِ) أَيْ: أَعْلَى حَالَاتِ الْوَطْءِ فَيَجِبُ مَهْرُ تِلْكَ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا لَوَجَبَ ذَلِكَ الْمَهْرُ فَالْوَطَآتُ الزَّائِدَةُ إذَا لَمْ تَقْتَضِ زِيَادَةً لَا تُوجِبُ نَقْصًا هَذَا (عِنْدَ اتِّحَادِ شُبْهَةِ الْوَطْآتِ) وَإِنْ تَعَدَّدَ مَجْلِسُهَا كَوَطْئِهِ امْرَأَةً مِرَارًا بِفَاسِدِ نِكَاحٍ، أَوْ شِرَاءٍ لِشُمُولِهِ جَمِيعَ الْوَطَآتِ كَشُمُولِ النِّكَاحِ لَهَا، وَكَذَا لِوَطْءِ الْأَبِ أَمَةَ فُرُوعِهِ، أَوْ السَّيِّدُ مُكَاتَبَتَهُ، أَوْ الشَّرِيكُ الْأَمَةَ الْمُشْتَرَكَةَ مِرَارًا، نَعَمْ إنْ أَدَّى مَهْرَ كُلِّ مَرَّةٍ قَبْلَ الْأُخْرَى تَعَدَّدَ (تَنْبِيهٌ)
لَوْ وَطِئَ حَرْبِيَّةً بِشُبْهَةٍ فَلَا مَهْرَ لَهَا، كَمَا لَا ضَمَانَ بِإِتْلَافِ مَالِهَا وَكَذَا وَطْءُ مُرْتَدَّةٍ وَمَاتَتْ عَلَى رِدَّتِهَا، أَوْ وَطْءُ الْعَبْدِ أَمَةَ سَيِّدِهِ، كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ.
(وَالْمَهْرُ ذُو تَعَدُّدٍ إنْ عُدِّدَتْ) أَيْ: الشُّبْهَةُ لِتَعَدُّدِ سَبَبِهِ كَأَنْ وَطِئَ امْرَأَةً مَرَّةً بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ مَرَّةً أُخْرَى بِنِكَاحٍ آخَرَ فَاسِدٍ، أَوْ وَطِئَهَا يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ ثُمَّ عَلِمَ الْوَاقِعَ، ثُمَّ ظَنَّهَا مَرَّةً أُخْرَى زَوْجَتَهُ فَوَطِئَهَا، أَوْ وَطِئَهَا مَرَّةً بِظَنِّهَا زَوْجَتَهُ، وَمَرَّةً أُخْرَى بِظَنِّهَا أَمَتَهُ، فَاتِّحَادُ الشُّبْهَةِ كَالنِّكَاحِ الْوَاحِدِ وَتَعَدُّدُهَا كَتَعَدُّدِهِ (أَوْ تُعْدَمُ الشُّبْهَةُ) أَمَّا فِي مَرَّاتِ الْوَطْءِ كُلِّهَا كَأَنْ وَطِئَهَا بِالزِّنَا مِرَارًا مُكْرَهَةً، أَوْ فِي مَرَّةٍ (ثُمَّ وُجِدَتْ) مَرَّةً أُخْرَى كَأَنْ وَطِئَهَا مُكْرَهَةً، ثُمَّ بِشُبْهَةٍ فَيَتَعَدَّدُ الْمَهْرُ بِتَعَدُّدِ الْوَطَآتِ إذْ الْمُوجِبُ الْإِتْلَافُ، وَقَدْ تَعَدَّدَ بِلَا اتِّحَادِ شُبْهَةٍ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ وُجِدَتْ مِنْ زِيَادَتِهِ.
ثُمَّ أَخَذَ فِي
بَيَانِ تَشْطِيرِ الْمَهْرِ
فَقَالَ (وَنِصْفُ مَهْرٍ وَاجِبٍ بِالتَّسْمِيَهْ فِي الْعَقْدِ) وَلَوْ فَاسِدَةً (أَوْ فَرْضٍ) أَيْ: أَوْ بِفَرْضِ (صَحِيحٍ وَلِيَّهْ) أَيْ: الْعَقْدَ أَيْ: وَقَعَ بَعْدَهُ، كَمَا مَرَّ (عَادَ) أَيْ: النِّصْفُ (إلَى الزَّوْجِ) بِفُرْقَةٍ، كَمَا سَيَأْتِي وَإِنْ لَمْ يَخْتَرْهُ وَلَمْ يَقْضِ بِهِ قَاضٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] وَقِيسَ بِالطَّلَاقِ غَيْرُهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْفُرْقَةِ؛ وَلِأَنَّ قَضِيَّةَ ارْتِفَاعِ الْعَقْدِ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ سُقُوطُ كُلِّ الْعِوَضِ كَمَا فِي الْبَيْعِ إلَّا أَنَّ الزَّوْجَةَ كَالْمُسْلِمَةِ لِزَوْجِهَا بِالْعَقْدِ مِنْ وَجْهٍ؛ لِنُفُوذِ تَصَرُّفَاتِهِ الَّتِي يَمْلِكُهَا بِالنِّكَاحِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى قَبْضٍ، فَاسْتَقَرَّ لِذَلِكَ بَعْضُ الْعِوَضِ وَسَقَطَ بَعْضُهُ لِعَدَمِ اتِّصَالِهِ بِالْمَقْصُودِ وَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ: بِالتَّسْمِيَةِ وَقَالَ بِالْعَقْدِ كَانَ أَخْصَرَ، وَأَوْلَى لِيَعُمَّ تَرْكَ التَّسْمِيَةِ حَيْثُ لَا تَفْوِيضَ بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ، خُرُوجٌ بِالْفَرْضِ الصَّحِيحِ الْفَاسِدِ كَخَمْرٍ إذْ لَا عِبْرَةَ بِهِ بَعْدَ إخْلَاءِ الْعَقْدِ عَنْ الْعِوَضِ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ الْفَاسِدِ الْمُقَارِنِ لَهُ، فَإِنَّهُ مُعْتَبَرٌ لِعَدَمِ الْإِخْلَاءِ أَمَّا إذَا لَمْ يَجِبْ مَهْرٌ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَجُوزُ) صَنِيعُهُ كَالصَّرِيحِ فِي شُمُولِ هَذَا لِلْحَاكِمِ وَقَدْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: يَنْبَغِي إذَا زَوَّجَ الْقَاضِي امْرَأَةً لَا وَلِيَّ لَهَا سِوَاهُ أَنْ يَجُوزَ لَهُ تَأْجِيلُ الْمَهْرِ بِالْمَصْلَحَةِ، كَمَا بِبَيْعِ مَالِهَا كَذَلِكَ بِهَا فَإِنْ قُلْتَ: لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَشْمَلَ صَنِيعُهُ الْحَاكِمَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ الصَّغِيرَةَ قُلْتُ: الْكَلَامُ شَامِلٌ لِلْمَجْنُونَةِ وَهُوَ يُزَوَّجُهَا، فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: كَشُمُولِ النِّكَاحِ لَهَا) اعْتَرَضَ فِي الْمُهِمَّاتِ الْقِيَاسَ الْمَذْكُورَ بِأَنَّ الْوَطَآتِ الْوَاقِعَةَ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ اسْتِيفَاءٌ بِحَقٍّ، وَهُنَا قَدْ وَطِئَ وَطْئًا فِي غَيْرِ مِلْكٍ، وَكُلُّ وَطْأَةٍ صَدَرَتْ مِنْهُ انْتِفَاعٌ غَيْرُ الِانْتِفَاعِ الْأَوَّلِ، وَالشُّبَهُ لَا تُؤَثِّرُ فِي دَفْعِ الْغَرَامَاتِ، بَلْ فِي دَفْعِ الْعُقُوبَاتِ وَأَيْضًا فَالْمُوجِبُ هُنَا الْوَطْءُ إذَا عُقِدَ، وَالْوَطْءُ الْأَوَّلُ لَا يُمْكِنُ تَأْخِيرُ الْوُجُوبِ عَنْهُ وَالثَّانِي لَا بُدَّ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَثَرٌ. اهـ. أَقُولُ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ فَاسِدَ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ وَقَدْ يُدْفَعُ جَوَابُهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَصْلُ الضَّمَانِ لَا كَيْفِيَّتُهُ أَيْضًا، فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِشُبْهَةٍ) أَيْ: مِنْهَا إذْ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْمَهْرِ (قَوْلُهُ: أَمَةَ سَيِّدِهِ) أَيْ: بِخِلَافِ مَا لَوْ وَطِئَ بِنْتَ سَيِّدِهِ مَثَلًا، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ لَهَا لَا لِلسَّيِّدِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ وَطِئَهَا يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُقَرَّرَ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْمَهْرِ بِشُبْهَةٍ الْمَوْطُوءَةُ فَتَصْوِيرُهُمْ تَعَدُّدَ الشُّبْهَةِ بِتَعَدُّدِ ظَنِّهِ الْمَذْكُورَ هَلْ هُوَ عَلَى التَّسَامُحِ وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ تَعَدُّدُ ظَنِّهَا، أَوْ الْمُرَادُ أَنَّ أَصْلَ وُجُوبِ الْمَهْرِ يُعْتَبَرُ فِيهِ ظَنُّهَا وَتَعَدُّدُهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ تَعَدُّدُ ظَنِّهِ، فِيهِ نَظَرٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الثَّانِي بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ: أَوْ تُعْدَمُ الشُّبْهَةُ، ثُمَّ وُجِدَتْ إذْ لَوْ عُدِمَتْ مِنْهَا لَمْ تَتَعَدَّدْ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا مَهْرَ لِبَغْيٍ فَلْيُتَأَمَّلْ سم
[بَيَانِ تَشْطِيرِ الْمَهْرِ]
(قَوْلُهُ: وَلَوْ فَاسِدَةً) إذْ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ حِينَئِذٍ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْمَالِكِ هُنَا ضَعِيفٌ فَلَا يَحْتَمِلُ شَيْئَيْنِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ، وَلَا مَا فِي آخِرِ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا فِي الْمَبِيعَةِ بَيْعًا فَاسِدًا مِنْ وُجُوبِ مَهْرِ بِكْرٍ وَأَرْشٍ لِوُجُودِ الْعَقْدِ الْمُخْتَلَفِ فِي حُصُولِ الْمِلْكِ بِهِ ثَمَّ، كَمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَفَاسِدُ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ مَضْمُونٌ فِي صَحِيحِ الْبَيْعِ فَيَجِبُ أَرْشُ بَكَارَةٍ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، كَمَا يَجِبُ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَلَا يَجِبُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، كَمَا لَا يَجِبُ فِي صَحِيحِهِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ أَزَالَ بَكَارَتَهَا بِوَطْءٍ، أَوْ غَيْرِهِ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ بِغَيْرِ أَرْشِ الْبَكَارَةِ وَلَوْ أَزَالَهَا بِأُصْبُعِهِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ ثُمَّ طَلَّقَهَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ أَدَّى إلَخْ) وَيُتَصَوَّرُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِأَنْ وَطِئَ فِيهِ وَأَدَّى الْمَهْرَ قَبْلَ تَبَيُّنِ الْفَسَادِ ثُمَّ وَطِئَ فَتَبَيَّنَ فَيَجِبُ مَهْرٌ آخَرُ وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي الشِّرَاءِ الْفَاسِدِ إذْ أَدَاءُ الْمَهْرِ مَسْبُوقٌ بِالْعِلْمِ وَأَمَّا فِي وَطْءِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَالْمُكَاتَبَةِ وَأَمَةِ الْفَرْعِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ: مِنْ أَنْوَاعِ الْفُرْقَةِ) أَيْ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْهَا وَلَا
بِأَنْ فَارَقَ الْمُفَوِّضَةَ قَبْلَ الْفَرْضِ وَالْوَطْءِ فَلَا عَوْدَ بِشَيْءٍ (وَإِنْ أَبٌ) وَإِنْ عَلَا (دَفَعْ) مِنْ مَالِهِ الْمَهْرَ (عَنْ طِفْلِهِ) الَّذِي زَوَّجَهُ ثُمَّ بَلَغَ وَفَارَقَ قَبْلَ الْوَطْءِ فَإِنَّ نِصْفَهُ يَعُودُ إلَى الزَّوْجِ لَا إلَى الدَّافِعِ، سَوَاءٌ أَمْهَرَهَا عَنْهُ عَيْنًا أَمْ دَيْنًا بِخِلَافِ مَا إذَا دَفَعَهُ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ، أَوْ عَنْ الِابْنِ الْبَالِغِ أَبُوهُ فَإِنَّ النِّصْفَ إنَّمَا يَعُودُ إلَى الدَّافِعِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَبَ يَتَمَلَّكُ لِطِفْلِهِ مِنْ نَفْسِهِ، فَدَفْعُهُ عَنْهُ تَمْلِيكٌ لَهُ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ، وَالْأَبُ مَعَ ابْنِهِ الْبَالِغِ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُمَا عَلَى الْمَدْفُوعِ عَنْهُ الدَّفْعُ عَنْهُ مُجَرَّدُ إسْقَاطٍ، فَتَعْبِيرُ النَّاظِمِ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْحَاوِي وَإِنْ أَدَّى غَيْرُهُ الشَّامِلُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَلِلْأَبِ مَعَ غَيْرِ الطِّفْلِ لَكِنْ مَا فَصَّلَهُ النَّاظِمُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَمَا فِي الْحَاوِي هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِمْلَاءِ، كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ الَّذِي أَوْرَدَهُ أَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرُهُمْ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْإِمْلَاءِ، فَلَا يَغْتَرُّ بِتَصْحِيحِ غَيْرِهِ وَجَوَابُهُ أَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا فَصَّلَهُ الشَّيْخَانِ وَفِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ بِوَفَاءِ الثَّمَنِ ثُمَّ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ مَثَلًا، فَقِيلَ: يَرُدُّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ؛ لِأَنَّهُ الدَّافِعُ وَقِيلَ: عَلَى الْمُشْتَرِي إذْ يُقَدَّرُ دُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ فَإِذَا رُدَّ الْمَبِيعُ رُدَّ مَا يُقَابِلُهُ إلَيْهِ وَبِهَذَا قَطَعَ الْجُرْجَانِيُّ وَكَالطِّفْلِ فِيمَا ذُكِرَ الْمَجْنُونُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ.
(وَالْحَمْلُ) الْمَوْجُودُ عِنْدَ الْإِصْدَاقِ (ذُو الْفَصْلِ) عِنْدَ الْفِرَاقِ (تَبَعْ) لِأُمِّهِ فِي الْعَوْدِ، فَلَوْ أَصْدَقَهَا أَمَةً، أَوْ بَهِيمَةً حَامِلًا، ثُمَّ فَارَقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ بَعْدَ انْفِصَالِ الْوَلَدِ عَادَ بِنِصْفِ الْوَلَدِ تَبَعًا لِنِصْفِ أُمِّهِ، كَمَا قَبْلَ انْفِصَالِهِ، الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِ بِالْأَوْلَى (قُلْتُ) هَذَا (إنْ اخْتَارَتْ) أَيْ: الزَّوْجَةُ عَوْدَ نِصْفِهِ؛ لِأَنَّهُ زَادَ فِي مِلْكِهَا بِانْفِصَالِهِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَخْتَرْهُ (يَعُدْ) أَيْ: الزَّوْجُ (بِالنِّصْفِ مِنْ قِيمَةِ يَوْمِ الْمَوْلِدِ) أَيْ: قِيمَتُهُ يَوْمَ وِلَادَتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ إمْكَانِ تَقْوِيمِهِ وَمَحَلُّ عَوْدِهِ حِينَئِذٍ بِنِصْفِ الْأَمَةِ إذَا مَيَّزَ الْوَلَدَ، وَإِلَّا عَادَ بِنِصْفِ قِيمَتِهَا أَيْضًا لِئَلَّا يَقَعَ فِي التَّفْرِيقِ الْمُحَرَّمِ، فَإِنْ طَرَأَ الْحَمْلُ بَعْدَ الْعَقْدِ، فَإِنْ كَانَ مُنْفَصِلًا عِنْدَ الْفُرْقَةِ فَكُلُّهُ لِلزَّوْجَةِ لِحُدُوثِهِ عَلَى مِلْكِهَا، وَعَادَ الزَّوْجُ بِنِصْفِ أَمَةٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَمَةً وَهُوَ غَيْرُ مُمَيِّزٍ فَيَمْتَنِعُ الْعَوْدُ لِلتَّفْرِيقِ وَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا عِنْدَهَا فَهُوَ زِيَادَةٌ مِنْ وَجْهٍ وَنُقْصَانٌ مِنْ وَجْهٍ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ (كَأَرْشِ مَا جَنَى عَلَى مَا أَمْهَرَهْ غَيْرٌ) هُوَ فَاعِلُ جَنَى أَيْ:، كَمَا يَعُودُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا دَفَعَهُ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ) أَيْ، أَوْ دَفَعَهُ الْأَجْنَبِيُّ عَنْ أَجْنَبِيٍّ آخَرَ وَلَوْ كَامِلًا، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُمَا إلَخْ) مِنْ ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّ الْمَذْكُورَ هُنَا لَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا سَيَأْتِي فِي مَسَائِلِ السَّيِّدِ الْمُصَدِّقِ عَنْ عَبْدِهِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ فِي مَعْنَى وَلِيِّ الطِّفْلِ وَأَوْلَى، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَقَدْ تُمْنَعُ الْأَوْلَوِيَّةُ؛ لِأَنَّ لِوَلِيِّ الطِّفْلِ تَمْلِيكَهُ بِخِلَافِ السَّيِّدِ عَلَى الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: إذْ يُقَدَّرُ دُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ) أَيْ: لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ عِوَضَ الْبَيْعِ إلَّا مَنْ يَمْلِكُ مُعَوَّضَهُ، فَاحْتِيجَ لِتَقْدِيرِ الْمِلْكِ فِيهِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ إذْ قَدْ يَمْلِكُ الْعِوَضَ فِيهِ مَنْ لَا يَمْلِكُ الْمُعَوَّضَ
ــ
[حاشية الشربيني]
بِسَبَبِهَا. (قَوْلُهُ: يَعُودُ إلَى الزَّوْجِ) إلَّا إنْ قَصَدَ الْأَبُ إقْرَاضَهُ لَهُ فَإِنَّهُ يَعُودُ إلَيْهِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَعُودُ إلَى الدَّافِعِ) لِأَنَّ دَفْعَهُ كَانَ تَبَرُّعًا مُسْقِطًا لِلدَّيْنِ لَا تَمْلِيكًا بِخِلَافِ دَفْعِ الْأَبِ عَنْ مُوَلِّيهِ. اهـ. ع ش فَعَلِمَ أَنَّهُ يَعُودُ لَهُ وَلَوْ قَصَدَ التَّبَرُّعَ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْحَوَاشِي عَلَى الْمَنْهَجِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ فِي تَعْلِيلِ الْعَوْدِ إلَى الدَّافِعِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهِ الْإِسْقَاطُ لَا التَّمْلِيكُ وَمِلْكُ الْمَدْفُوعِ لَهُ إنَّمَا قُدِّرَ لِضَرُورَةِ الْإِيفَاءِ عَنْهُ.
(قَوْلُهُ: وَفِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ لَوْ تَبَرَّعَ إلَخْ) اعْتَمَدَ شَيْخُنَا زي أَنَّ دَفْعَ الثَّمَنِ كَدَفْعِ الصَّدَاقِ فِي التَّفْصِيلِ بَيْنَ دَفْعِ الْأَبِ عَنْ مُوَلِّيهِ وَبَيْنَ دَفْعِ غَيْرِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا م ر: يَرْجِعُ لِلْمُشْتَرِي مُطْلَقًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ: إنَّ الْأَخِيرَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَّلَهُ الْبُجَيْرِمِيُّ عَلَى الْمَنْهَجِ بِأَنَّ الْبَيْعَ مُعَاوَضَةٌ مَحْضَةٌ.
(قَوْلُهُ: كَأَرْشِ مَا جَنَى إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الذَّهَبِيُّ رحمه الله: صُوَرُ كُلٍّ مِنْ التَّعَيُّبِ وَالتَّلَفِ سِتَّةَ عَشَرَ بِآفَةٍ، أَوْ فِعْلِ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ قَبْلَ قَبْضٍ، أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ الْفُرْقَةِ أَوْ بَعْدَهَا، فَفِي التَّعَيُّبِ بَعْدَ الْفُرْقَةِ يَسْتَحِقُّ الْأَرْشَ كُلًّا، أَوْ شَطْرًا فِي خَمْسٍ وَهِيَ إذَا كَانَ بِآفَةٍ بَعْدَ الْقَبْضِ، أَوْ بِفِعْلِهَا أَوْ بِفِعْلٍ أَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا وَلَا يَسْتَحِقُّ فِي ثَلَاثٍ وَهِيَ إذَا كَانَ بِآفَةٍ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بِفِعْلِهِ مُطْلَقًا بَلْ عَلَيْهِ نِصْفُ الْأَرْشِ إنْ وَجَبَ التَّشْطِيرُ، وَفِي التَّعَيُّبِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ يَسْتَحِقُّهُ كَذَلِكَ فِي ثَلَاثٍ، وَهِيَ إذَا كَانَ بِفِعْلِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ، أَوْ فِعْلِ أَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا وَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْقَنَعِ بِهِ نَاقِصًا وَأَخْذِ الْبَدَلِ سَلِيمًا فِي ثَلَاثٍ، وَهِيَ إذَا كَانَ بِآفَةٍ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ بِفِعْلِهَا مُطْلَقًا وَيَأْخُذُهُ نَاقِضًا بِلَا خِيَارٍ فِي اثْنَيْنِ وَهُمَا إذَا كَانَ بِآفَةٍ أَوْ فِعْلِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِيهِمَا وَقَدْ رَضِيَتْ بِهِ، وَإِلَّا فَالنَّظَرُ لِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَفِي التَّلَفِ بَعْدَ الْفُرْقَةِ يَسْتَحِقُّ الْبَدَلَ، أَوْ نِصْفَهُ فِي خَمْسٍ وَلَا يَسْتَحِقُّ فِي ثَلَاثٍ وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْبَدَلِ إنْ وَجَبَ التَّشْطِيرَ عَلَى نَسَقِ مَا تَقَدَّمَ فِي التَّعْيِيبِ بَعْدَ الْفُرْقَةِ، أَمَّا التَّلَفُ قَبْلَ الْفُرْقَةِ فَيَسْتَحِقُّ فِيهِ الْبَدَلَ كُلًّا أَوْ شَطْرًا فِي سِتِّ صُوَرٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ بِآفَةٍ، أَوْ فِعْلِ الزَّوْجِ بَعْدَ الْقَبْضِ فِيهِمَا أَوْ فِعْلِهَا، أَوْ فِعْلِ أَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا فِيهِمَا وَيَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فِي صُورَتَيْنِ، وَهُمَا إذَا كَانَ بِآفَةٍ أَوْ بِفِعْلِهِ قَبْلَ
بِنِصْفِ أَرْشِ نَقْصِ جِنَايَةٍ غَيْرِ الزَّوْجَةِ عَلَى الْمَهْرِ وَلَوْ فِي يَدِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الْفَائِتِ وَلَوْ بَقِيَ بِحَالِهِ لَأَخَذَ نِصْفَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَقَصَ فِي يَدِهَا بِجِنَايَتِهَا، أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْعَوْدِ بِنِصْفِ الْمَهْرِ نَاقِصًا، وَالْعَوْدُ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ سَلِيمًا، كَمَا لَوْ تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَلَوْ نَقَصَ فِي يَدِهِ وَأَجَازَتْ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهَا الْأَرْشُ، فَلَيْسَ لَهُ إلَّا نِصْفُهُ؛ لِأَنَّ نَقْصَهُ مِنْ ضَمَانِهِ.
(وَإِنْ عَبْدًا يَبِعْ) سَيِّدُهُ (، أَوْ حَرَّرَهْ بَعْدَ نِكَاحِهِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ ثُمَّ) بَعْدَ الْبَيْعِ، أَوْ التَّحْرِيرِ (النِّكَاحُ يَنْفَسِخْ) بِفَسْخِ أَحَدِهِمَا، أَوْ بِنَحْوِ إسْلَامِ الْمَرْأَةِ وَرِدَّتِهَا (أَوْ يُوجَدْ طَلَاقُ عَبْدٍ) أَيْ: الْعَبْدِ الْمَذْكُورِ (بَعْدَ مَهْرٍ دُفِعَا) أَيْ: بَعْدَ دَفْعِ الْمَهْرِ لِلزَّوْجَةِ وَلَوْ قَبْلَ الْبَيْعِ وَالتَّحْرِيرِ (وَقَبْلَ أَنْ يَطَأْ) هَا (فَكُلٌّ رَجَعَا) أَيْ: فَكُلُّ الْمَهْرِ فِي الِانْفِسَاخِ (أَوْ نِصْفُهُ) فِي الطَّلَاقِ رَجَعَ (لِمُشْتَرٍ) فِي صُورَةِ الْبَيْعِ لَا لِلْبَائِعِ (أَوْ مُعْتَقِ) بِفَتْحِ التَّاءِ فِي صُورَةِ الْإِعْتَاقِ لَا لِلْمُعْتِقِ بِكَسْرِهَا، وَإِنْ دَفَعَهُ الْبَائِعُ، أَوْ الْمُعْتِقُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، أَوْ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ قَبْلَ الْبَيْعِ، أَوْ التَّحْرِيرِ؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ، أَوْ الطَّلَاقَ هُوَ الْمُوجِبُ لِرُجُوعِ الْكُلِّ، أَوْ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: غَيْرِ الزَّوْجَةِ) هُوَ مَعَ قَوْلِهِ: وَلَوْ فِي يَدِ الزَّوْجِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا عَوْدَ فِي جِنَايَةِ الزَّوْجِ عَلَيْهِ فِي يَدِ الزَّوْجِ، فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي يَدِ الزَّوْجِ) وَلَوْ عَفَتْ الزَّوْجَةُ عَنْ الْجَانِي لَمْ يَتَغَيَّرْ الْحُكْمُ بِرّ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَحْصُلْ لَهَا الْأَرْشُ) يَشْمَلُ مَا لَوْ نَقَصَ فِي يَدِهِ بِجِنَايَتِهِ هُوَ فَإِنَّهُ لَا أَرْشَ عَلَيْهِ بَلْ تَتَخَيَّرُ هِيَ فَلَمْ يَحْصُلْ لَهَا الْأَرْشُ بِخِلَافِهِ بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ يَضْمَنُ وَإِنْ عَفَتْ عَنْ الْأَرْشِ.
(قَوْلُهُ: قَبْلَ الْبَيْعِ، أَوْ التَّحْرِيرِ) كَأَنَّهُ رَاجِعٌ أَيْضًا لِقَوْلِهِ: مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَيَخْرُجُ بِهِ مَا إذَا دَفَعَا بَعْدَ الْبَيْعِ وَالتَّحْرِيرِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ قَبِيلِ دَفْعِ الْأَجْنَبِيِّ عَنْ غَيْرِهِ تَبَرُّعًا وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الرَّاجِعُ لَهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ.
ــ
[حاشية الشربيني]
الْقَبْضِ فِيهِمَا أَمَّا الزِّيَادَةُ فَصُوَرُهَا ثَمَانِيَةٌ مُتَّصِلَةٌ أَوْ مُنْفَصِلَةٌ حَدَثَتْ قَبْلَ الْفُرْقَةِ، أَوْ بَعْدَهَا قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ بَعْدَهُ فَتَكُونُ كُلُّهَا لِلزَّوْجَةِ فِيمَا إذَا كَانَتْ مُنْفَصِلَةً حَدَثَتْ قَبْلَ الْفُرْقَةِ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْفِرَاقِ بِسَبَبٍ مُقَارِنٍ، خِلَافًا لِلْحَلَبِيِّ لِحُدُوثِهَا وَانْفِصَالِهَا عَلَى مِلْكِهَا فَهِيَ لَهَا وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ إلَّا الْأَصْلُ أَوْ نِصْفُهُ، فَإِنْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً حَدَثَتْ قَبْلَ الْفُرْقَةِ خُيِّرَتْ بَيْنَ أَنْ تَسْمَحَ بِهَا كُلًّا أَوْ شَطْرًا وَبَيْنَ أَنْ تَدْفَعَ الْقِيمَةَ، أَوْ نِصْفَهَا بِلَا زِيَادَةٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ مِثْلِيَّةً، فَحَرِّرْهُ، هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْفُرْقَةُ بِسَبَبٍ مُقَارِنٍ وَهُوَ الْعَيْبُ وَإِلَّا فَكُلُّهَا لِلزَّوْجِ تَبَعًا لِلْأَصْلِ وَلَا خِيَارَ لَهَا لِضَعْفِ شَأْنِهَا بِاقْتِرَانِ عَقْدِ النِّكَاحِ بِالسَّبَبِ فَكَأَنَّهُ لَا عَقْدَ وَكَذَا تَكُونُ الزِّيَادَةُ لِلزَّوْجِ كُلًّا أَوْ شَطْرًا فِيمَا إذَا حَدَثَتْ بَعْدَ الْفُرْقَةِ مُطْلَقًا تَبَعًا لِلْأَصْلِ. اهـ. أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَحَائِبَ الرِّضْوَانِ.
(وَقَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: فَرْعٌ حَيْثُ وَجَبَتْ الْقِيمَةُ فِي الصَّدَاقِ الْمُتَقَوِّمِ لِتَلَفِهِ أَوْ خُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهَا أَوْ زِيَادَةٍ، أَوْ نَقْصٍ فِيهِ فَهِيَ الْأَقَلُّ مِنْ يَوْمِ الْإِصْدَاقِ وَيَوْمِ الْقَبْضِ. اهـ. فَأَفَادَ تَقْيِيدُ شَارِحِهِ بِالْمُتَقَوِّمِ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْمِثْلِيِّ الْمِثْلُ. (قَوْلُهُ: غَيْرِ الزَّوْجَةِ) مِثْلُهُ الزَّوْجَةُ إذَا جَنَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الزَّوْجِ. اهـ. ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ، لَكِنْ هَذَا إذَا كَانَتْ جِنَايَتُهَا بَعْدَ الْفُرْقَةِ، أَمَّا قَبْلَهَا فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْقَنَعِ بِهِ نَاقِصًا وَبَيْنَ أَخْذِ الْبَدَلِ سَلِيمًا، كَمَا سَبَقَ قَرِيبًا. (قَوْلُهُ: بِنِصْفِ قِيمَتِهِ سَلِيمًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْعَيْنُ مِثْلِيَّةً وَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِنَا الذَّهَبِيِّ حَيْثُ عَبَّرَ بِالْبَدَلِ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْمِثْلِيِّ نِصْفُ الْمِثْلِ فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَحْصُلْ لَهَا الْأَرْشُ) بِأَنْ نَقَصَ بِآفَةٍ، أَوْ فِعْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِفِعْلٍ أَجْنَبِيٍّ فَلَهُ مَعَ النِّصْفِ النَّاقِصِ الْأَرْشُ، أَمَّا إذَا كَانَ بِفِعْلِ الزَّوْجَةِ فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْقَنَعِ بِهِ نَاقِصًا وَأَخَذَ الْبَدَلَ سَلِيمًا، كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: فَلَيْسَ لَهُ إلَّا نِصْفُهُ مَعَ إطْلَاقِ قَوْلِهِ: وَلَمْ يَحْصُلْ لَهَا الْأَرْشُ، إجْمَالٌ تَفْصِيلُهُ مَا ذُكِرَ، تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مُعْتَقٍ إلَخْ) عَلَّلَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَوْدَ النِّصْفِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: لِأَنَّ الْعَوْدَ هُنَا ابْتِدَاءُ مِلْكٍ لَا فَسْخٍ وَلِهَذَا مَنَعَتْ الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ هُنَا الرُّجُوعَ الْقَهْرِيَّ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَبْوَابِ؛ لِأَنَّهُ فِيهَا فَسْخٌ وَهُوَ إنْ رُفِعَ مِنْ أَصْلِهِ فَكَأَنْ لَا عَقْدَ، أَوْ مِنْ حِينِهِ فَالْفَسْخُ مُشَبَّهٌ بِالْعَقْدِ وَالزِّيَادَةُ تَتْبَعُ الْأَصْلَ فِي الْعَقْدِ فَكَذَا فِي الْفَسْخِ. اهـ. وَلِأَنَّ الزَّوْجَ مُتَّهَمٌ بِنَحْوِ الطَّلَاقِ وَلَا كَذَلِكَ الْبَائِعُ لِفَلَسِ الْمُشْتَرِي. اهـ. بِهَامِشِهِ وَقَضِيَّةُ فَرْقِ الشَّارِحِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُمَا لَوْ تَقَايَلَا الصَّدَاقَ، أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ رُجُوعُهُ لِلزَّوْجِ بِزِيَادَتِهِ وَإِطْلَاقُهُمْ يُنَافِيهِ. اهـ. بِهَامِشِهِ أَيْضًا وَقَوْلُهُ: أَوَّلًا ابْتِدَاءُ مِلْكٍ إلَخْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ الْعَوْدُ لِلْمُؤَدِّي غَيْرِ الْأَبِ، وَالْجَدِّ، كَمَا مَرَّ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّمَا عَادَ هُنَاكَ لِلْمُؤَدِّي؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ مُجَرَّدُ الْإِسْقَاطِ فَإِذَا تَبَيَّنَ عَدَمُهُ عَادَ لَهُ وَامْتَنَعَ أَنْ يَمْلِكَهُ غَيْرُهُ بِخِلَافِ السَّيِّدِ فَإِنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الْعَبْدِ بِدَلِيلِ تَعَلُّقِ مَهْرِ الْعَبْدِ بِمَا فِي يَدِهِ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ الَّذِي لِلتِّجَارَةِ فَأَدَاؤُهُ لِمَا لَزِمَهُ بِسَبَبِ إذْنِهِ فِي النِّكَاحِ فَإِذَا ارْتَفَعَتْ النِّيَابَةُ عَادَ لِلْأَصِيلِ هَذَا غَايَةُ مَا أَمْكَنَ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ دَفَعَ الْبَائِعُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الْكُلَّ أَوْ النِّصْفَ يَرْجِعُ لِلسَّيِّدِ عِنْدَ الِانْفِسَاخِ لَا لِلسَّيِّدِ عِنْدَ الْإِصْدَاقِ سَوَاءٌ دَفَعَ السَّيِّدُ الْأَوَّلُ الصَّدَاقَ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ وَفِي التُّحْفَةِ وَحَاشِيَتِهَا مَا يُفِيدُ أَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ لِلسَّيِّدِ عِنْدَ الْفِرَاقِ إنْ دَفَعَ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ وَمَالِ تِجَارَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا دَفَعَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَإِنَّ الرَّاجِعَ يَكُونُ لِلسَّيِّدِ الْأَوَّلِ، لَكِنَّهُ صَرَّحَ
النِّصْفِ، وَقَدْ جَرَى فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي، أَوْ بَعْدَ عِتْقِ الْعَبْدِ.
وَظَاهِرٌ أَنَّ قَوْلَهُ: كَأَصْلِهِ بَعْدَ دَفْعِ الْمَهْرِ مِثَالٌ، فَقَبْلَ دَفْعِهِ كَذَلِكَ (وَحَيْثُ كَانَ الْعَبْدُ) الَّذِي أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي نِكَاحِ أَمَةٍ (مَهْرَهَا)، ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ (بَقِيَ) أَيْ: الْعَبْدُ كُلُّهُ (لِمَالِكِ الْعِرْسِ) أَيْ: الزَّوْجَةِ (وَإِنْ أَعْتَقَهَا أَوْ بَاعَهَا) مَالِكُهَا الْمَالِكُ لِلْعَبْدِ (مِنْ قَبْلِ أَنْ طَلَّقَهَا) أَمَّا النِّصْفُ الْمُسْتَقِرُّ قَبْلَ طَلَاقِهَا فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا النِّصْفُ الَّذِي يَرْجِعُ بِطَلَاقِهَا، فَلِأَنَّ مَالِكَهَا الْمُزَوِّجَ لَهَا هُوَ الْمَالِكُ لِلْعَبْدِ عِنْدَ الطَّلَاقِ فَرَجَعَ إلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ لِمَالِكِهِ الْأَوَّلِ، كَمَا لَا يَرْجِعُ لِلْبَائِعِ وَالْمُعْتِقُ فِيمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ: أَوْ بَاعَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ (لَوْ مَالِكُ الْعِرْسِ لِهَذَا) بِزِيَادَةِ اللَّازِمِ لِتَقْوِيَةِ الْعَامِلِ وَهُوَ (أَعْتَقَا، أَوْ بَاعَ) أَيْ: فَلَوْ أَعْتَقَ مَالِكُ الزَّوْجَةِ هَذَا الْعَبْدَ، أَوْ بَاعَهُ (ثُمَّ انْفَسَخَتْ) عُقْدَةُ نِكَاحِهَا بِسَبَبِهَا (أَوْ طَلَّقَا) أَيْ: الْعَتِيقُ، أَوْ الْمَبِيعُ زَوْجَتَهُ الْعَتِيقَةَ، أَوْ الرَّقِيقَةَ (مِنْ قَبْلِ وَطْءٍ فَعَلَى الْمُعْتِقِ، أَوْ مَنْ بَاعَ كُلَّ قِيمَةِ الْعَبْدِ رَأَوْا) أَيْ: فَقَدْ رَأَى جُمْهُورُ أَئِمَّتِنَا عَلَى الْمُعْتِقِ فِي صُورَةِ الْإِعْتَاقِ، وَعَلَى الْبَائِعِ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ كُلُّ قِيمَةِ الْعَبْدِ فِي الِانْفِسَاخِ.
(، أَوْ نِصْفَهَا) فِي الطَّلَاقِ (لِلزَّوْجِ) فِي الْإِعْتَاقِ (أَوْ مَنْ اشْتَرَى) فِي الْبَيْعِ لِتَفْوِيتِ الْمَهْرِ بِالْإِعْتَاقِ وَالْبَيْعِ، فَرَجَعَ بَدَلُهُ إلَى مُسْتَحِقِّهِ وَهُوَ الْعَتِيقُ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ عِنْدَ الْفُرْقَةِ وَهَذَا مِمَّا يُمْتَحَنُ بِهِ، فَيُقَالُ: أَحْسَنَ إلَى عَبْدِهِ بِإِعْتَاقِهِ، فَرَجَعَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ، وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ مَا يَرْجِعُ لِلْحُرِّ بِالْفُرْقَةِ مِنْ الْمَهْرِ، أَوْ بَدَلِهِ يَرْجِعُ لِسَيِّدِ الرَّقِيقِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الرَّقِيقِ لِلْمِلْكِ، وَسَيِّدُهُ عِنْدَهَا هُوَ الْمُشْتَرِي، وَلَا يَرْجِعُ فِيهِمَا شَيْءٌ لِمَالِكِهِ الْأَوَّلِ، كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ (بِفُرْقَةِ الْأَحْيَا) جَمْعُ حَيٍّ أَيْ: عَادَ إلَى الزَّوْجِ، أَوْ الدَّافِعِ عَنْهُ عَلَى مَا مَرَّ نِصْفُ الْوَاجِبِ بِالْفُرْقَةِ فِي حَيَاةِ الزَّوْجَيْنِ لَا بِسَبَبِهَا، كَمَا سَيَأْتِي (وَمَا وَطْءٌ جَرَى) أَيْ: وَلَمْ يَجْرِ بَيْنَهُمَا وَطْءٌ، فَخَرَجَ بِذَلِكَ الْفُرْقَةُ بِالْمَوْتِ وَلَوْ قَبْلَ الْوَطْءِ وَفِي الْحَيَاةِ بَعْدَ الْوَطْءِ، فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ لِتَقَرُّرِ جَمِيعِ الْمَهْرِ، كَمَا مَرَّ وَفُرْقَةُ الْحَيَاةِ الَّتِي لَيْسَتْ بِسَبَبِ الزَّوْجَةِ (كَالْخُلْعِ) وَإِنْ تَمَّ بِهَا؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ جَانِبُ الزَّوْجِ إذْ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ مِنْهُ الْفِرَاقُ وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ بِهِ؛ وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ.
كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِزِيَادَتِهِ (مُطْلَقًا) أَيْ: عَنْ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ مَعَ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: وَقَدْ جَرَى فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي) أَيْ: فَكَانَ ذَلِكَ كَسَائِرِ الْأَكْسَابِ الْحَادِثَةِ فِي مِلْكِهِ بِرّ (قَوْلُهُ: فَقَبْلَ دَفْعِهِ كَذَلِكَ) هُوَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الصَّدَاقُ عَيْنًا فَإِنْ كَانَ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ فَقَدْ يُشْكِلُ الرُّجُوعُ إلَّا أَنْ يُزَادَ بِرُجُوعِهِ لِلْمُعْتَقِ سُقُوطُهُ عَنْ ذِمَّتِهِ وَبِرُجُوعِهِ لِلْمُشْتَرِي سُقُوطُهُ عَنْ ذِمَّةِ الْعَبْدِ، إذْ لَا يَجِبُ لِلسَّيِّدِ عَلَى مِلْكِهِ شَيْءٌ وَحِينَئِذٍ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ بِبَعْدِ الدَّفْعِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الدَّفْعِ قَدْ لَا يُتَصَوَّرُ رُجُوعُهُ لِلْمُعْتَقِ، أَوْ الْمُشْتَرِي، فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: لِتَقْوِيَةِ الْعَامِلِ) لِتَأَخُّرِهِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ انْفَسَخَتْ) الظَّاهِرُ أَنَّ فَاعِلَ " انْفَسَخَتْ " ضَمِيرُ الزَّوْجَةِ وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ: ثُمَّ انْفَسَخَتْ أَيْ: الزَّوْجَةُ أَيْ: نِكَاحُهَا وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ تَبَادَرَ مِنْ قَوْلِهِ: عُقْدَةُ نِكَاحِهَا أَنَّ فَاعِلَ انْفَسَخَتْ ضَمِيرُ عُقْدَةِ نِكَاحِهَا الْمَفْهُومَةِ مِنْ الْكَلَامِ، فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: لَا بِسَبَبِهَا) أَيْ: الزَّوْجَةِ
ــ
[حاشية الشربيني]
فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِمِثْلِ مَا فِي الشَّرْحِ وَكَذَلِكَ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: بِفُرْقَةِ الْأَحْيَاءِ) وَلَوْ كَانَتْ طَلَاقًا رَجْعِيًّا بِأَنْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ، وَلَوْ فِي الدُّبُرِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْعِدَّةَ لَا الْمَهْرَ وَلَا يَتَوَقَّفُ التَّشْطِيرُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ بَلْ لَوْ رَاجَعَ وَوَطِئَ لَمْ يَجِبْ لَهَا سِوَى الشَّطْرِ الَّذِي أَخَذَتْهُ أَوَّلًا كَمَا فِي ع ش.
(قَوْلُهُ: بِفُرْقَةِ الْأَحْيَاءِ) وَمِنْهَا الْمَسْخُ حَيَوَانًا فَمَسْخُهَا وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ يُنْجِزُ الْفُرْقَةَ وَيَكُونُ الْمَهْرُ مِنْ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ أَمْرُهُ لِلْإِمَامِ، وَيَسْقُطُ الْمَهْرُ قَبْلَهُ أَيْضًا وَلَا تَعُودُ الزَّوْجِيَّةُ بِعَوْدِهَا آدَمِيَّةً وَلَوْ فِي الْعِدَّةِ كَعَكْسِهِ الْآتِي وَفَارَقَ الرِّدَّةَ بِبَقَاءِ الْجِنْسِيَّةِ وَمَسْخُهُ يُنْجِزُ الْفُرْقَةَ أَيْضًا وَلَا يُسْقِطُ الْمَهْرَ وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ لِتَعَذُّرِ عَوْدِهِ إلَيْهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْمِلْكِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ لِبَقَاءِ حَيَاتِهِ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ: يَشْطُرُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَالْأَمْرُ فِي النِّصْفِ الْعَائِدِ إلَيْهِ لِرَأْيِ الْإِمَامِ كَبَاقِي أَمْوَالِهِ وَقَالَ خ ط: الْأَوْجَهُ أَنْ يَكُونَ نِصْفُهُ تَحْتَ يَدِ الْحَاكِمِ حَتَّى يَمُوتَ الزَّوْجُ فَيُعْطِي لِوَارِثِهِ، أَوْ يَرُدُّهُ اللَّهُ، كَمَا كَانَ فَيُعْطِي لَهُ، وَأَمَّا الْمَسْخُ حَجَرًا فَكَالْمَوْتِ وَلَوْ بَعْدَ مَسْخِهِ حَيَوَانًا وَلَوْ بَقِيَ مِنْهُ جُزْءٌ آدَمِيًّا فَحُكْمُ الْآدَمِيِّ بَاقٍ لَهُ مُطْلَقًا أَيْ: حَيْثُ بَقِيَتْ فِيهِ حَيَاةٌ وَلَوْ مُسِخَ بَعْضُهُ حَيَوَانًا وَبَعْضُهُ حَجَرًا فَالْحُكْمُ لِلْأَعْلَى فَإِنْ كَانَ طُولًا فَهُوَ حَيَوَانٌ وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ مَا دَامَ حَيَوَانًا فَإِنْ عَادَ آدَمِيًّا عَادَ إلَيْهِ مِلْكُهُ وَإِنْ مَاتَ أَوْ انْقَلَبَ حَجَرًا وَرِثَ عَنْهُ، وَلَوْ مُسِخَ الزَّوْجُ امْرَأَةً وَعَكْسُهُ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ وَلَا تَعُودُ وَإِنْ عَادَا، كَمَا مَرَّ نَعَمْ إنْ كَانَ انْقِلَابُهُمَا مُجَرَّدَ تَخَيُّلٍ فَلَا فُرْقَةَ. اهـ. ق ل مَعَ زِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ مِنْ ح ل وَغَيْرِهِ وَعِبَارَةُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ كَالْمَوْتِ عِدَّةً وَمَهْرًا وَإِرْثًا مُسِخَ أَحَدُهُمَا حَجَرًا فَإِنْ مُسِخَ الزَّوْجُ حَيَوَانًا فَكَذَلِكَ مَهْرًا لَا عِدَّةً وَإِرْثًا عَلَى الْأَوْجَهِ نَظَرًا لِحَيَاتِهِ وَلَوْ مُسِخَتْ هِيَ حَيَوَانًا رَجَعَ كُلُّ الْمَهْرِ لِلزَّوْجِ عَلَى مَا فِي التَّدْرِيبِ؛ لِأَنَّ الْمَسْخَ
الزَّوْجَةِ وَكَالْخُلْعِ مَا لَوْ فَوَّضَ الطَّلَاقَ إلَيْهَا، أَوْ عَلَّقَهُ بِدُخُولِهَا فَفَعَلَتْ، أَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ بِطَلَبِهَا، أَوْ أَرْضَعَتْ أُمُّ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ (كَذَا إيمَانُهُ) أَيْ: الزَّوْجِ وَ (رِدَّتُهُ) وَ (شِرَاؤُهُ) زَوْجَتَهُ إذَا كَانَتْ أَمَةً وَ (لِعَانُهُ) إذَا قَذَفَهَا (لَا بِ) لِفِرَاقِ (الَّذِي بِسَبَبٍ مِنْهَا جَرَى كَالْفَسْخِ) مِنْ أَحَدِهِمَا (بِالْعَيْبِ) فِي الْآخَرِ (وَعِتْقٍ) أَيْ: وَكَفَسْخِهَا بِعِتْقِهَا (وَشِرَى ذِي) أَيْ: وَكَشِرَى الزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ (زَوْجَهَا) وَلَوْ بِطَلَبِهِ (فَالْكُلُّ) أَيْ: كُلُّ الْمَهْرِ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ يَرْجِعُ إلَى الزَّوْجِ، أَوْ الدَّافِعِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ بِسَبَبِهَا وَالْمُرَادُ بِرُجُوعِهِ إلَيْهِ فِي الْأَخِيرَةِ فِيمَا إذَا كَانَ دَيْنًا لَمْ يُقْبَضْ سُقُوطُهُ.
وَقَدْ اعْتَرَضَ النَّاظِمُ التَّعْبِيرَ عَنْهُ بِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (قُلْتُ وَهْوَ) أَيْ: التَّعْبِيرُ عَنْ السُّقُوطِ بِالرُّجُوعِ (فِي الْأَصْلِ) أَيْ: الْحَاوِي (وَالشُّرُوحِ) لَهُ (جَاءَ سَهْوَا) إذْ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ رُجُوعٌ، كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ. (أَيَرْجِعُ الْمَهْرُ) الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ (لِعَبْدٍ يُشْتَرَى) أَيْ لِلْعَبْدِ الْمُشْتَرَى (كَلًّا) لَا يُتَصَوَّرُ رُجُوعُهُ لَهُ (وَلَا لِسَيِّدٍ) لَهُ (قَدْ أَمْهَرَا) عَنْهُ بِأَنْ عَيَّنَ لَهُ مَا الْتَزَمَهُ، أَوْ ضَمِنَ عَنْهُ الْمَهْرَ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: وَشَرَى ذِي زَوْجِهَا) ، ثُمَّ إنْ كَانَ الصَّدَاقُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ سَقَطَ عَنْهُ، وَالتَّعْبِيرُ عَنْهُ حِينَئِذٍ بِالرُّجُوعِ الَّذِي أَفْهَمَتْهُ عِبَارَتُهُ كَأَصْلِهِ فِيهِ تَسَمُّحٌ وَإِنْ قَبَضَتْهُ مِنْهُ ثُمَّ اشْتَرَتْهُ لَمْ يَرْجِعْ مِنْهُ شَيْءٌ إلَيْهِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْمِلْكِ وَلَا إلَى تَابِعِهِ لِزَوَالِ مِلْكِهِ بِالْبَيْعِ السَّابِقِ عَلَى السَّبَبِ الْمُوجِبِ وَهُوَ الْفُرْقَةُ وَإِنْ كَانَ عَيْنًا أَصْدَقَهَا السَّيِّدُ عَنْهُ ثُمَّ اشْتَرَتْهُ لَمْ يَرْجِعْ إلَى الْمُصَدِّقِ اعْتِبَارًا بِالسَّيِّدِ وَقْتَ الرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ الْمُصَدِّقَ لَمَّا بَاعَهُ كَأَنَّهُ بِالْبَيْعِ تَبِعَتْهُ الْحُقُوقُ الَّتِي تَحْصُلُ لَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ الدَّافِعِ عَنْهُ) أَيْ: عَلَى مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَةِ) لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا التَّقْيِيدِ عَلَى طَرِيقَتِهِ مِنْ فَرْضِ الْكَلَامِ فِي الدَّيْنِ. (قَوْلُهُ: قُلْت وَهُوَ فِي الْأَصْلِ وَالشُّرُوحِ جَاءَ سَهْوًا) أَقُولُ: هَذَا الِاعْتِرَاضُ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالدَّيْنِ، بَلْ لَا يَظْهَرُ إلَّا فِي الْعَيْنِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: أَيَرْجِعُ الْمَهْرُ لِعَبْدٍ لِيَشْتَرِيَ إلَخْ فَإِنَّ هَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي الدَّيْنِ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُعَلَّلَ عَدَمُ الرُّجُوعِ فِي الدَّيْنِ بِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ، وَسَيِّدُهُ قَدْ خَرَجَ الْعَبْدُ عَنْ مِلْكِهِ قَبْلَ جَرَيَانِ سَبَبِ الرُّجُوعِ، كَمَا هُوَ حَاصِلُ هَذَا التَّعْلِيلِ.
وَإِنَّمَا يُعَلَّلُ فِي الدَّيْنِ بِأَنَّهُ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ فَلَا يُتَصَوَّرُ رُجُوعُهُ فِيهِ، وَأَيْضًا لَوْ كَانَ الِاعْتِرَاضُ بِاعْتِبَارِ الدَّيْنِ لَمْ يَخْتَصَّ بِمَسْأَلَةِ شِرَاءِ الزَّوْجِ، بَلْ سَائِرُ صُوَرِ رُجُوعِ جَمِيعِ الْمَهْرِ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا رُجُوعٌ حَقِيقَةً إذَا كَانَ الصَّدَاقُ دَيْنًا وَإِنَّمَا الْمُرَادُ فِيهَا السُّقُوطُ عَنْ ذِمَّةِ الزَّوْجِ وَأَيْضًا إذَا فُرِضَ الْكَلَامُ فِي الدَّيْنِ كَانَ وَجْهُ التَّسَمُّحِ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ رُجُوعٌ فِي الدَّيْنِ فَإِنْ فَرَضَ بَقِيَّةَ الصُّوَرِ فِي الدَّيْنِ أَيْضًا، كَانَ التَّسَمُّحُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ فِي الْجَمِيعِ، فَكَيْفَ يَتَأَتَّى أَنَّهُمْ تَسَمَّحُوا فِيهِ فِي ضِمْنِ مَا لَا تَسَمُّحَ فِيهِ رَوْمًا لِلِاخْتِصَارِ وَإِنْ فَرَضَ الْبَقِيَّةَ فِي الْعَيْنِ، أَوْ أَعَمَّ فَهُوَ تَحَكُّمٌ فَالْوَجْهُ أَنَّ حَاصِلَ اعْتِرَاضِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ الرُّجُوعُ هُنَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَكَانَ عَيْنًا؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ وَالسَّيِّدُ لَمْ
ــ
[حاشية الشربيني]
لَا يَكُونُ عَادَةً إلَّا بَعْدَ عُتُوٍّ وَتَجَبُّرٍ فَكَانَ السَّبَبُ مِنْهَا.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَرْضَعَتْ أُمُّ أَحَدِهِمَا الْآخِرَ) أَيْ فَيَجِبُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ الْمَهْرُ لِلزَّوْجِ، وَفَارَقَ مَا لَوْ أَسْلَمَتْ تَبَعًا لِأَبِيهَا حَيْثُ يَسْقُطُ مَهْرُهَا وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ بِأَنَّ فِي الْإِرْضَاعِ فِعْلًا يَتَّصِلُ بِالرَّضِيعَةِ وَلَا كَذَلِكَ التَّبَعِيَّةُ وَلِذَلِكَ لَوْ دَبَّتْ فَرَضَعَتْ سَقَطَ مَهْرُهَا وَاسْتُشْكِلَ سُقُوطُ مَهْرِهَا بِالتَّبَعِيَّةِ مَعَ عَدَمِ فِعْلٍ مِنْهَا فَهِيَ أَوْلَى بِالتَّشْطِيرِ مِنْ إرْضَاعِ أُمِّهِ لَهَا وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْإِسْلَامَ فِي التَّبَعِيَّةِ قَامَ بِهَا وَحْدَهَا فَكَانَ السَّبَبُ مِنْ جِهَتِهَا فَقَطْ بِخِلَافِ الْأُخُوَّةِ فِي الْإِرْضَاعِ فَإِنَّهَا قَامَتْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَلَيْسَ نِسْبَتُهَا إلَيْهَا أَوْلَى مِنْ نِسْبَتِهَا إلَيْهِ. اهـ. مُلَخَّصًا مِنْ حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ: وَأَرْضَعَتْ إلَخْ) وَتَغْرَمُ لَهُ النِّصْفَ وَخَرَجَ مَا لَوْ دَبَّتْ الصَّغِيرَةُ فَرَضَعَتْ فَإِنَّ الْمَهْرَ يَسْقُطُ بِخِلَافِ مَا لَوْ دَبَّ الصَّغِيرُ فَرَضِعَ مِنْ أُمِّ زَوْجَتِهِ فَإِنَّ الْمَهْرَ يَتَنَصَّفُ. (قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا كَانَ دَيْنًا لَمْ يُقْبَضْ) بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَيْنًا، أَوْ دَيْنًا وَقُبِضَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الدَّافِعِ كَذَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَالْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْهَاجِ عَنْ الْكَمَالِ بْنِ أَبِي شَرِيفٍ وَشَرْحِ الرَّوْضِ وَقَدْ يُنَافِيهِ الرُّجُوعُ لِلْمُشْتَرِي فِيمَا إذَا بَاعَهُ بَعْدَ النِّكَاحِ وَدَفَعَ الْمَهْرَ ثُمَّ انْفَسَخَ النِّكَاحُ أَوْ طَلَّقَ قَبْلَ الْوَطْءِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ سَابِقًا بِقَوْلِهِ: وَإِنْ عَبْدًا يُبَعْ إلَخْ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ الِانْفِسَاخَ فِيمَا مَرَّ وَقَعَ بَعْدَ الْمِلْكِ فَالْمِلْكُ كَانَ لِلْعَبْدِ الثَّابِتِ لَهُ النِّكَاحُ، وَالْمَهْرُ مِنْ
(بَلْ مَهْرُهَا الدَّيْنُ، كَمَا مَرَّ لَغَا) أَيْ: سَقَطَ، كَمَا مَرَّ قُبَيْلَ هَذَا الْبَابِ وَفِي حُكْمِهِ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ بِالسَّهْوِ نَظَرٌ؛ لِوُضُوحِ الْمُرَادِ مِنْهُ وَإِنْ تَسَمَّحُوا فِيهِ فِي ضِمْنِ مَا لَا تَسَمُّحَ فِيهِ؛ رَوْمًا لِلِاخْتِصَارِ نَعَمْ لَوْ عَبَّرَ بِالتَّسَمُّحِ، أَوْ نَحْوِهِ كَانَ أَوْلَى.
(فَرْعٌ) .
لَوْ ارْتَدَّا مَعًا فَنَظِيرُ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا مُتْعَةَ لَهَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الْمَهْرِ وَصَحَّحَهُ الْفَارِقِيُّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَغَيْرُهُمَا؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي الْمَهْرِ جَانِبُهَا وَصَحَّحَ الرُّويَانِيُّ خِلَافَهُ وَنَظَرَهُ بِالْخُلْعِ وَمَحَلُّ الرُّجُوعِ فِي كُلِّ الْوَاجِبِ، أَوْ نِصْفِهِ بِالْفُرْقَةِ (إذَا بَقِيَ) بِعَيْنِهِ وَإِنْ تَغَيَّرَ وَصْفُهُ (كَجِلْدِ مَيِّتٍ دُبِغَا وَخَمْرَةٍ تَخَلَّلَتْ) فِي يَدِ الزَّوْجَةِ (فِي) نِكَاحِ (اثْنَيْنِ) مِنْ الْكُفَّارِ (قَدْ أَسْلَمَا، أَوْ مُتَرَافِعَيْنِ) إلَيْنَا فِي حَالِ الْكُفْرِ بَعْدَ الدَّبْغِ وَالتَّخَلُّلِ، وَقَدْ تَفَرَّقَا قَبْلَ الْوَطْءِ فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ بِالْكُلِّ، أَوْ النِّصْفِ بِخِلَافِ وُقُوعِ ذَلِكَ فِي نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ لَا يَصِحُّ بَلْ يَلْزَمُهَا رَدُّهُ وَيَثْبُتُ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ بِهِ، أَوْ بِنِصْفِهِ أَمَّا إذَا دُبِغَ الْجِلْدُ، أَوْ تَخَلَّلَتْ الْخَمْرَةُ فِي يَدِ الزَّوْجِ، فَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْهُمَا بَلْ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَيَرْجِعُ هُوَ بِهِ، أَوْ بِنِصْفِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ مَهْرًا وَلَا عِبْرَةَ بِالْعَقْدِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَتَّصِلْ بِهِ قَبْضٌ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، أَوْ التَّرَافُعِ.
وَقَوْلُهُ: أَوْ مُتَرَافِعَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ) كَانَ بَقَاؤُهُ فِي يَدِهَا (بِعَوْدِهِ) إلَيْهَا قَبْلَ الْفُرْقَةِ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِهَا عَنْهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ، أَوْ بِنِصْفِهِ، كَمَا فِي نَظِيرِهِ فِي الْفَلَسِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي هِبَتِهِ مِنْ فَرْعِهِ؛ لِاخْتِصَاصِ الرُّجُوعِ فِيهَا بِالْعَيْنِ بِخِلَافِهِ هُنَا، فَكَانَ الرُّجُوعُ فِي الْعَيْنِ أَوْلَى مِنْ الْبَدَلِ (وَ) كَذَا (لَوْ، أَوْصَتْ بِفَكْ) رَقَبَةِ الصَّدَاقِ إذَا كَانَ رَقِيقًا إذْ الْإِيصَاءُ لَيْسَ عَقْدَ قُرْبَةٍ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ، كَمَا سَيَأْتِي (وَ) كَذَا لَوْ (أَحْرَمَ) الزَّوْجُ (الصَّائِدُ) حَالَةَ الْفُرْقَةِ وَكَانَ الصَّدَاقُ صَيْدًا وَإِنْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ بِاخْتِيَارِهِ إذْ لَا يُقْصَدُ بِهَا التَّمَلُّكُ بَلْ الْفِرَاقُ، وَالرُّجُوعُ حُكْمٌ رَتَّبَهُ الشَّرْعُ عَلَيْهِ قَهْرًا، فَكَانَ كَالْإِرْثِ (وَالْكُلَّ تَرَكْ) أَيْ: وَكُلَّ الصَّيْدِ أَرْسَلَهُ الزَّوْجُ الْمُحْرِمُ وُجُوبًا إنْ رَجَعَ إلَيْهِ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ مَمْنُوعٌ مِنْ إمْسَاكِ الصَّيْدِ وَإِنْ رَجَعَ إلَيْهِ نِصْفُهُ لَمْ يَجُزْ إرْسَالُهُ لِحَقِّ الزَّوْجَةِ فِيهِ وَإِرْسَالُ مِلْكِهِ مُفَوِّتٌ لِمِلْكِهَا فَامْتُنِعَ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ الرُّجُوعِ بِالْمَهْرِ، أَوْ بِنِصْفِهِ بِالْفُرْقَةِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ قَبْلَهَا زِيَادَةٌ، أَوْ نَقْصٌ وَإِلَّا، فَلَا بُدَّ مِنْ الرِّضَى.
وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهِ فَقَالَ (بِالِاتِّفَاقِ) أَيْ إنَّمَا
ــ
[حاشية العبادي]
يُبْقِ لَهُ عَلَقَةً، أَوْ دَيْنًا لِذَلِكَ؛ وَلِأَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ رُجُوعُ أَحَدٍ فِيمَا فِي ذِمَّةِ نَفْسِهِ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ ظَهَرَ لَكَ أَنَّ قَصْرَ الشَّارِحِ الِاعْتِرَاضَ عَلَى الدَّيْنِ حَيْثُ قَالَ: وَالْمُرَادُ بِرُجُوعِهِ فِي الْأَخِيرَةِ فِيمَا إذَا كَانَ دَيْنًا إلَى أَنْ قَالَ: وَقَدْ اعْتَرَضَ النَّاظِمُ إلَخْ الَّذِي مِنْهُ تَقْيِيدُ الْمَهْرِ فِي قَوْلِهِ: أَيَرْجِعُ الْمَهْرُ بِقَوْلِهِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ.
وَقَوْلُهُ: وَإِنْ تَسَمَّحُوا فِيهِ فِي ضِمْنِ مَا لَا تَسَمُّحَ فِيهِ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي فَإِنْ قِيلَ يُؤَيِّدُ مَا سَلَكَهُ الشَّارِحُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: بَلْ مَهَرَهَا الدَّيْنَ إلَخْ قُلْنَا: هَذَا لَا يَقْتَضِي قَصْرَ اعْتِرَاضِهِ عَلَى الدَّيْنِ سم. (قَوْلُهُ: بَلْ مَهَرَهَا الدَّيْنَ) هَلَّا اسْتَمَرَّ، فَإِنَّ السَّيِّدَ يُثْبِتُ لَهُ الدَّيْنَ عَلَى مِلْكِهِ إذَا تَقَدَّمَ الثُّبُوتُ الْمِلْكَ
(قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا) قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَهْرَ أَثْبَتُ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ وُجُوبًا وَأَقْوَى لِوُجُوبِهِ بِالْعَقْدِ مَا لَمْ يَنْفِ فِيهِ بِشَرْطِهِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهَا) وَفَارَقَ الْخُلْعَ بِأَنَّ الزَّوْجَ هُنَاكَ هُوَ الْمُتَسَلِّطُ عَلَى الْفُرْقَةِ بِخِلَافِ رِدَّتِهِمَا بِرّ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ الرُّويَانِيُّ خِلَافَهُ) وَعَلَى هَذَا فَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ لَهَا حِينَئِذٍ مُتْعَةٌ؛ لِأَنَّهَا لِلْإِيحَاشِ وَلَا إيحَاشَ مَعَ نِسْبَةِ الْفِرَاقِ إلَيْهِمَا وَالشَّطْرُ هُنَا لِعَدَمِ إتْلَافِهَا الْمُعَوَّضِ، وَهُوَ بِرِدَّتِهَا مَعَهُ لَمْ تُتْلِفْهُ.
كَذَا حَجَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ، وَفِي كَوْنِ الشَّطْرِ لِعَدَمِ إتْلَافِ الْمُعَوَّضِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: كَجِلْدِ مَيْتٍ دُبِغَا) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: لَا إنْ تَلِفَ الْجِلْدُ فِي يَدِهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ وَبَعْدَ الدَّبْغِ فَلَا يَرْجِعُ؛ لِأَنَّ الْجِلْدَ مُتَقَوِّمٌ وَلَا قِيمَةَ لَهُ وَقْتَ الْإِصْدَاقَ وَالْقَبْضِ بِخِلَافِ الْخَلِّ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مِثْلِيٌّ. اهـ. فَانْظُرْ قَوْلَهُ: بِخِلَافِ الْخَلِّ إلَخْ فَإِنَّهُ كَانَ خَمْرًا عِنْدَ الْإِصْدَاقِ، وَالْقَبْضِ، وَالْخَمْرِ لَا اعْتِدَادَ بِهِ شَرْعًا فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ أَصَدَقَهَا عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ فِي يَدِهِ ثُمَّ تَخَلَّلَ، ثُمَّ أَسْلَمَا وَجَبَ قِيمَةُ الْعَصِيرِ وَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ وَجْهَ الْقِيمَةِ مَعَ أَنَّ الْعَصِيرَ مِثْلِيٌّ وَبَيَّنَ النَّظَرَ فِي شَرْحِهِ بِشَيْءٍ آخَرَ غَيْرَ هَذَا. .
(قَوْلُهُ: قَبْلَ الْإِسْلَامِ، أَوْ التَّرَافُعِ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ بَعْدَ الدَّبْغِ وَالتَّخَمُّرِ فِي يَدِ الزَّوْجِ لَوْ قَبَضَتْهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَالتَّرَافُعِ كَانَ، كَمَا لَوْ حَصَلَا فِي يَدِهَا. (قَوْلُهُ: حَالَّةً) مُتَعَلِّقٌ بِأَحْرَمَ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ إرْسَالُهُ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: وَلَكِنْ يَرْفَعُ يَدَهُ عَنْهُ وَلَيْسَ فِي الْعِبَارَةِ إفْصَاحٌ بِزَوَالِ مِلْكِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ
ــ
[حاشية الشربيني]
فَوَائِدِهِ، وَهُنَا لَمْ تَمْلِكْ عَبْدًا ثَابِتًا لَهُ النِّكَاحُ لِارْتِفَاعِهِ بِالْمِلْكِ فَرَجَعَ الْمَهْرُ لِلدَّافِعِ هُنَا دُونَ مَا مَرَّ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ الرُّويَانِيُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ:، كَمَا فِي نَظِيرِهِ فِي الْفَلَسِ) الْمُعْتَمَدُ فِي الْفَلَسِ أَنَّ الزَّائِلَ الْعَائِدَ كَاَلَّذِي لَمْ يَعُدْ خِلَافًا لِلشَّارِحِ فَيَنْتَقِلُ الْغَرِيمُ فِي الْفَلَسِ مَعَ الْعَوْدِ إلَى الثَّمَنِ لِأَنَّهُ أَقَلُّ غَالِبًا مِنْ الْقِيمَةِ رِعَايَةً لِلْمُفْلِسِ وَهُنَا لَوْ انْتَقَلَ الزَّوْجُ انْتَقَلَ إلَى الْبَدَلِ وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ لِمُسَاوَاةِ الْبَدَلِ لِلْعَيْنِ غَالِبًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.
(قَوْلُهُ: لِاخْتِصَاصِ الرُّجُوعِ فِيهَا بِالْعَيْنِ) ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ يَنْقَطِعُ بِزَوَالِ مِلْكِ الْوَلَاءِ عَنْهَا وَحَقُّ الزَّوْجِ لَا يَنْقَطِعُ بِدَلِيلِ رُجُوعِهِ إلَى الْبَدَلِ. (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ الرِّضَا) اعْلَمْ أَنَّ خِيَارَهَا فِي الْمُتَّصِلَةِ ثَابِتٌ عِنْدَ وُجُوبِ الشَّطْرِ وَكَذَا عِنْدَ وُجُوبِ الْكُلِّ إلَّا بِسَبَبٍ مُقَارِنٍ فَلَهُ كُلُّ الْمَهْرِ قَهْرًا بِزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ لِحَجَرٍ وَإِذَا عَادَ
يَرْجِعُ بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الرُّجُوعِ (فِي نَخِيلٍ ذِي ثَمَرْ) بِأَنْ جُعِلَتْ صَدَاقًا ثُمَّ أَثْمَرَتْ فِي مِلْكِ الزَّوْجَةِ ثُمَّ فَارَقَهَا الزَّوْجُ وَلَوْ قَبْلَ التَّأْبِيرِ، فَلَوْ أَرَادَتْ رُجُوعَهُ بِالنَّخِيلِ، أَوْ بِنِصْفِهَا مَعَ إبْقَاءِ الثَّمَرِ إلَى الْجُذَاذِ لَمْ يُجْبَرْ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِيهَا خَالِيَةً وَلَيْسَ لَهَا تَكْلِيفُهُ التَّأْخِيرَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعَيْنَ، أَوْ الْقِيمَةَ فِي الْحَالِ، فَلَا يُؤَخِّرُ إلَّا بِرِضَاهُ وَلَيْسَ لَهُ تَكْلِيفُهَا قَطْعَ الثَّمَرِ لِحُدُوثِهِ فِي خَالِصِ مِلْكِهَا، فَلَهَا تَبْقِيَتُهُ إلَى الْجُذَاذِ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَقُولَ: ارْجِعْ وَاسْقِ لِانْتِفَاعِ مِلْكِهَا بِالسَّقْيِ وَلَا أَنْ تَقُولَ: ارْجِعْ وَلَا تَسْقِ لِتَضَرُّرِ مِلْكِهِ بِالتَّرْكِ وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الرُّجُوعَ وَالْتَزَمَ السَّقْيَ لَمْ يُجْبَرْ الْآخَرُ؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ؛ وَلِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ قَدْ يَأْبَى دُخُولَ الْآخَرِ لِلسَّقْيِ وَلَوْ رَضِيَ بِالرُّجُوعِ وَإِبْقَاءِ الثَّمَرِ إلَى الْجُذَاذِ، أَوْ رَضِيَتْ بِهِ مَعَ قَطْعِ الثَّمَرِ وَلَمْ يَمْتَدَّ زَمَنُ الْقَطْعِ، وَلَمْ تَنْقُصْ النَّخِيلُ بِانْكِسَارِ سَعَفٍ وَأَغْصَانٍ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْآخَرُ وَهُوَ وَجْهٌ قَوِيٌّ فِي الْأُولَى صَحَّحَهُ جَمَاعَاتٌ وَنُقِلَ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِيهَا وَجَزَمَا بِهِ فِي الثَّانِيَةِ إجْبَارُهُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ أُؤَخِّرُ الرُّجُوعَ إلَى الْجُذَاذِ لَمْ تُجْبَرْ هِيَ؛ لِأَنَّ نَصِيبَهُ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهَا، فَلَوْ قَالَ ارْجِعْ وَيَكُونُ نَصِيبِي وَدِيعَةً عِنْدَكَ، وَقَدْ أَبْرَأْتُكَ مِنْ ضَمَانِهِ لَمْ تُجْبَرْ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى بُطْلَانِ الْإِبْرَاءِ مِنْ ضَمَانِ الْعَيْنِ مَعَ بَقَائِهَا، كَمَا لَوْ أَبْرَأ الْغَاصِبَ مَعَ بَقَاءِ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِهِ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى تَأْخِيرِ الرُّجُوعِ إلَى الْجُذَاذِ، ثُمَّ بَدَا لِأَحَدِهِمَا الرُّجُوعُ عَنْهُ، فَلَهُ ذَلِكَ.
(وَ) فِي (أَمَةٍ تُرْضِعُ فَرْعًا) بِأَنْ جُعِلَتْ صَدَاقًا وَلَوْ فِي حَالَةِ الْحَمْلِ ثُمَّ وَلَدَتْ فِي مِلْكِ الزَّوْجَةِ وَلَدًا مَمْلُوكًا، ثُمَّ فَارَقَهَا فَإِنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ بِالْكُلِّ، أَوْ بِالنِّصْفِ بِاتِّفَاقِهِمَا لِئَلَّا يَخْتَلَّ أَمْرُ الْوَلَدِ سَوَاءٌ الْتَزَمَ الْإِرْضَاعَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْتِزَامَهُ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ وَقَالَ الْبَارِزِيُّ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي
ــ
[حاشية العبادي]
مَا فِي الْإِرْثِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ السَّابِقُ فَكَانَ كَالْإِرْثِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ التَّأْبِيرِ) هَذَا سَهْوٌ قَطْعًا؛ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ قَبْلَ التَّأْبِيرِ زِيَادَةٌ مُتَّصِلَةٌ لَا يَتَوَقَّفُ الرُّجُوعُ فِيهَا عَلَى اتِّفَاقِهِمَا، بَلْ لَوْ سَمَحَتْ الْمَرْأَةُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَبُولُ، كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمِنْهَاجِ وَسَائِرِ كُتُبِ الْمَذْهَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. اهـ. بُرُلُّسِيٌّ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُجْبَرْ) وَلَوْ سَمَحَتْ لَهُ بِنِصْفِ الثَّمَرَةِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَبُولِ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَصْدَقَهَا نَخِيلًا بِلَا طَلْعٍ فَأَطْلَعَتْ عِنْدَهَا، ثُمَّ سَمَحَتْ بِنِصْفِ الطَّلْعِ مَعَ نِصْفِ الشَّجَرِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ، وَظُهُورُ النَّوْرِ كَظُهُورِ الطَّلْعِ، وَانْعِقَادُ الثَّمَرِ مَعَ تَنَاثُرِ النَّوْرِ كَالتَّأْبِيرِ بِرّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا إلَخْ) إنْ صَوَّرَ بِالْإِبْقَاءِ إلَى الْجِذَاذِ أَشْكَلُ لِمَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِيمَا بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ هَذِهِ بِالْتِزَامِ السَّقْيِ لَا تَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ، أَوْ بِدُونِهِ أَغْنَى عَنْهُ وَلَيْسَ لَهُ تَكْلِيفُهَا إلَخْ فَلْتُحَرِّرْ صُورَةَ هَذِهِ مَعَ صُورَةِ مَا بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ: لَمْ يُجْبَرْ الْآخَرُ) لَكِنْ لَهُ مُوَافَقَتُهُ فَيَمْلِكُ الزَّوْجُ إنْ وَفَّى، كَمَا سَيَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَتَرْكِ سَقْيٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ) وَهُوَ الَّذِي لَمْ يُوَافِقْ الطَّالِبَ. (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِيهَا إجْبَارُهُ) أَيْ: إذَا قَبَضَ النِّصْفَ شَائِعًا بِحَيْثُ بَرِئَتْ مِنْ ضَمَانِهِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَإِلَّا فَلَا إجْبَارَ لِضَرَرِ الضَّمَانِ. .
(قَوْلُهُ: إجْبَارُهُ) أَيْ: الْآخَرِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَالَ: ارْجِعْ) أَيْ: وَلَا أَقْبِضُهُ الْآنَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِيَتَأَتَّى تَعْلِيلُ عَدَمِ الْإِجْبَارِ بِالْبِنَاءِ عَلَى بُطْلَانِ الْإِبْرَاءِ مِنْ ضَمَانِ الْعَيْنِ إذْ لَوْ قَالَ: ارْجِعْ وَاقْبِضْ النِّصْفَ أَيْ: بِقَبْضِ الْجَمِيعِ، ثُمَّ اجْعَلْهُ وَدِيعَةً عِنْدَك لَمْ يَتَأَتَّ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ؛ إذْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهَا لَوْ تَلِفَتْ الْعَيْنُ فَلَا حَاجَةَ بِهَا إلَى الْإِبْرَاءِ وَلَا إلَى الْبِنَاءِ عَلَى بُطْلَانِ الْإِبْرَاءِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي إجْبَارُهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ ثُمَّ رَأَيْت مَنْ صَرَّحَ بِهِ سم
(قَوْلُهُ: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ: صَاحِبُ
ــ
[حاشية الشربيني]
إلَيْهِ كُلُّ الصَّدَاقِ نَظَرَ فَإِنْ كَانَ بِسَبَبٍ قَارَنَ الْعَقْدَ كَعَيْبِ أَحَدِهِمَا فَيَتَّصِلُ مِنْ الزِّيَادَةِ مَعَهُ كَسَمْنٍ وَصَنْعَةٍ يَرْجِعُ الْمَهْرُ إلَى الزَّوْجِ وَإِنْ لَمْ تَرْضَ هِيَ كَفَسْخِ الْبَيْعِ بِالْعَيْبِ وَبَحَثَ شَيْخُنَا أَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ قَبْلَ الزِّيَادَةِ كَالْمُقَارِنِ فَتَسَلَّطَ الزَّوْجُ عَلَى الْفَسْخِ قَبْلَهَا وَلَا يَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي التَّشْطِيرِ بَلْ يُسَلِّمُ الزَّائِدُ لَهَا مُطْلَقًا أَيْ فِي سَائِرِ صُوَرِ التَّشْطِيرِ لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ بِالْمُقَارِنِ يُوجِبُ الْكُلَّ لَا الشَّطْرَ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: فِي نَخِيلٍ ذِي ثَمَرٍ) أَيْ مَعَ إبْقَاءِ الثَّمَرِ لَهَا، كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: فَلَوْ أَرَادَتْ إلَخْ أَمَّا لَوْ أَرَادَتْ تَرْكَ الثَّمَرِ غَيْرَ الْمُؤَبَّرِ لَهُ فَيُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ، كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِمَا وَقَدْ سَهَا هُنَا الشَّيْخُ عَمِيرَةُ فَحَكَمَ عَلَى الشَّارِحِ بِالسَّهْوِ فَانْظُرْ الْحَاشِيَةَ. (قَوْلُهُ: فَظَاهِرُ كَلَامِهِ إلَخْ) أَيْ: حَيْثُ أَطْلَقَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاتِّفَاقِ فَيَشْمَلُ جَمِيعَ الصُّوَرِ
الرُّجُوعِ بِذَلِكَ مِنْ اتِّفَاقِهِمَا غَيْرُ مُسَاعِدٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ إنْ فُرِضَتْ بِمَا إذَا أَصَدَقَ الْأَمَةَ حَائِلًا، فَمُقْتَضَى الْمَنْقُولِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ إلَّا بِرِضَى الزَّوْجَةِ لِئَلَّا يَخْتَلَّ أَمْرُ الْوَلَدِ وَإِنْ رَضِيَ بِإِرْضَاعِهِ؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ وَلَوْ رَضِيَتْ بِرُجُوعِهِ، فَعَلَيْهِ الْإِجَابَةُ وَهَذَا عِنْدَ مَنْ لَمْ يَمْنَعْ التَّفْرِيقَ الْمُحَرَّمِ، أَمَّا عِنْدَ مَنْ يَمْنَعُهُ، فَلَا رُجُوعَ وَإِنْ رَضِيَتْ الزَّوْجَةُ وَإِنْ فُرِضَتْ الْمَسْأَلَةُ بِمَا إذَا أَصْدَقَهَا حَامِلًا وَرَضِيَتْ الزَّوْجَةُ بِرُجُوعِهِ بِالْوَلَدِ، أَوْ بِنِصْفِهِ فَعَلَيْهِ الْإِجَابَةُ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (مَعْ نَظَرْ) بِإِسْكَانِ الْعَيْنِ (وَتَرْكُ سَقْيٍ) لِلنَّخِيلِ فِي صُورَتِهَا (وَ) تَرْكِ (رَضَاعٍ) لِلْفَرْعِ فِي صُورَتِهِ بِأَنْ اتَّفَقَا عَلَى الرُّجُوعِ فِيهِمَا فِي الْحَالِ وَالْتَزَمَا، أَوْ أَحَدُهُمَا تَرْكَ السَّقْيِ وَالْإِرْضَاعِ (لَزِمَا مُلْتَزَمًا بِتَرْكِ ذَيْنِ مِنْهُمَا) أَيْ: لَزِمَ تَرْكُ السَّقْيِ وَتَرْكُ الْإِرْضَاعِ الْمُلْتَزَمِ بِهِمَا مِنْ الزَّوْجَيْنِ حَتَّى لَوْ أَرَادَ الْعَوْدَ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ وَالْتَزَمَ الضَّرَرَ بِخِلَافِ مَا لَوْ الْتَزَمَا السَّقْيَ وَالْإِرْضَاعَ؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ، كَمَا مَرَّ لَكِنَّهُمَا إذَا لَمْ
ــ
[حاشية العبادي]
الْحَاوِي. (قَوْلُهُ: إنْ فُرِضَتْ) أَيْ: صُوِّرَتْ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِرِضَا الزَّوْجَةِ) قَدْ يُقَالُ: قَضِيَّتُهُ خَوْفُ اخْتِلَالِ أَمْرِ الْوِلْدَانِ لَا اعْتِبَارٌ بِرِضَاهَا، فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَضِيَتْ بِرُجُوعِهِ) فَإِنْ قُلْتَ: هَلْ الْمُرَادُ الرُّجُوعُ فِي الْوَلَدِ، أَوْ بَعْضِهِ أَيْضًا وَحِينَئِذٍ قَدْ يُشْكِلُ وُجُوبُ الْإِجَابَةِ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْوُجُوبِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الثَّمَرَةِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَاشِيَةِ السَّابِقَةِ وَذَكَرَهُ فِي الرَّوْضِ بِقَوْلِهِ: فَلَوْ رَضِيَتْ بِتَرْكِ الْمُتَّصِلَةِ لَا الْمُؤَبَّرَةِ أُجْبِرَ عَلَى أَخْذِ نِصْفِ النَّخْلِ، وَالْجَامِعُ أَنَّ كُلًّا زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ فَلِمَ أُجْبِرَ عَلَى الْقَبُولِ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ، أَوْ الْمُرَادُ فِي الْأَمَةِ فَقَطْ؟ وَحِينَئِذٍ قَدْ يُشْكِلُ بِنَظِيرِهِ مِنْ الثَّمَرَةِ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ: فَلَوْ أَرَادَتْ رُجُوعَهُ بِالنَّخِيلِ إلَيَّ لَمْ تُجْبَرْ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِيهَا خَالِيَةٌ فَإِنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ مَوْجُودٌ هُنَا؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْأَمَةِ خَالِيَةٌ، وَالْوَلَدُ يَشْغَلُهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: يُمْكِنُهُ دَفْعُ الشُّغْلِ بِمَنْعِهَا مِنْ إرْضَاعِهِ وَحَضَانَتِهِ فَيَقُومُ بِذَلِكَ مَالِكُهُ بِتَحْصِيلِ غَيْرِهَا، أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْوَلَدِ وَالثَّمَرَةِ قُلْت: قَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَهَذَا عِنْدَ مَنْ لَمْ يَمْنَعْ التَّفْرِيقَ الْمُحَرَّمِ إلَخْ إرَادَةُ الِاحْتِمَالِ الثَّانِي، فَلْيُحَرَّرْ سم. (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ الْإِجَابَةُ) فَلَمْ يَتَوَقَّفْ الرُّجُوعُ عَلَى اتِّفَاقِهِمَا. (قَوْلُهُ: فَلَا رُجُوعَ وَإِنْ رَضِيَتْ الزَّوْجَةُ) أَيْ فَقَدْ وُجِدَ الِاتِّفَاقُ وَامْتَنَعَ الرُّجُوعُ فَلَمْ يَصْدُقْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ ثُبُوتِ الرُّجُوعِ بِاتِّفَاقِهِمَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ فُرِضَتْ الْمَسْأَلَةُ) أَيْ: صُوِّرَتْ. (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا أَصْدَقَهَا حَامِلًا) أَيْ: وَوَلَدَتْ بِدَلِيلِ التَّوَقُّفِ عَلَى الرِّضَا، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ. (فَرْعٌ)
لَوْ أَصْدَقَهَا حَامِلًا رَجَعَ فِي نِصْفِهَا حَامِلًا فَإِنْ وَلَدَتْ فَلَهُ حَقٌّ فِي الْوَلَدِ لَكِنْ لَهَا الْخِيَارُ لِزِيَادَتِهِ بِالْوِلَادَةِ فَإِنْ تَسَمَّحَتْ أَخَذَ نِصْفَهُمَا وَلَوْ كَانَتْ جَارِيَةً وَإِنْ لَمْ تَسْمَحْ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ نِصْفِ الْأُمِّ، بَلْ نِصْفِ قِيمَتِهِمَا يَوْمَ الِانْفِصَالِ لِحُرْمَةِ التَّفْرِيقِ، وَإِنْ لَمْ يَحْرُمْ التَّفْرِيقُ أَيْ: لِكَوْنِهِ مُمَيِّزًا، أَخَذَ نِصْفَهَا. اهـ. وَقَوْلُهُ: أَخَذَ نِصْفَهَا قَالَ فِي شَرْحِهِ: مَعَ نِصْفِ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا لَمْ تَسْمَحْ بِنِصْفِهِ. اهـ. .
(قَوْلُهُ: وَرَضِيَتْ) اُعْتُبِرَ رِضَاهَا؛ لِأَنَّ الْوِلَادَةَ زِيَادَةٌ. (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ الْإِجَابَةُ) فَلَمْ يَتَوَقَّفْ الرُّجُوعُ عَلَى اتِّفَاقِهِمَا وَكَأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَقُلْ هُنَا وَهَذَا عِنْدَ مَنْ لَمْ يَمْنَعْ التَّفْرِيقَ الْمُحَرَّمَ كَمَا قَالَ فِيمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ هُنَا مِنْ جُمْلَةِ الصَّدَاقِ، فَالرُّجُوعُ بِكُلِّهِمَا، أَوْ بِنِصْفِهِمَا فَلَا تَفْرِيقَ وَكَتَبَ أَيْضًا قَدْ يُشْكِلُ بِنَظِيرِهِ - مِنْ الثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ - الْمَذْكُورِ بِقَوْلِ الرَّوْضِ فَلَوْ رَضِيَتْ بِتَرْكِ الْمُتَّصِلَةِ لَا الْمُؤَبَّرَةِ أُجْبِرَ عَلَى أَخْذِ نِصْفِ النَّخْلِ. اهـ. إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الزِّيَادَةِ عَلَى الصَّدَاقِ، كَمَا فِي الثَّمَرَةِ فَإِنَّهَا مِنْ أَصْلِهَا زِيَادَةً عَلَيْهِ، وَالزِّيَادَةِ فِيهِ كَمَا هُنَا فَإِنَّ الْوَلَدَ مِنْ الصَّدَاقِ وَالزِّيَادَةُ فِيهِ بِوِلَادَتِهِ، وَفِي الرَّوْضِ وَكَذَا يَرْجِعُ فِي نِصْفِ الْكُلِّ مَنْ أَصْدَقَ مُطَلَّعَهُ وَطَلَّقَ وَهِيَ مُطَلَّعَةٌ فَإِنْ أَبَّرَتْهَا أَيْ: وَالْأَوْلَى تَأَبَّرَتْ، كَمَا فِي شَرْحِهِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا يَرْجِعُ فِي نِصْفِ الشَّجَرَةِ وَكَذَا الثَّمَرَةُ أَيْ: نِصْفُهَا إنْ رَضِيَتْ وَإِلَّا أَخَذَ نِصْفَ الشَّجَرِ مَعَ نِصْفِ قِيمَةَ الطَّلْعِ. اهـ.
فَقَوْلُهُ: وَكَذَا الثَّمَرَةُ إنْ رَضِيَتْ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ يُجْبَرُ حِينَئِذٍ وَافَقَ الْفَرْقَ الْمَذْكُورَ وَإِلَّا خَالَفَهُ فَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ)
ــ
[حاشية الشربيني]
لَكِنْ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْأُولَيَيْنِ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي حَالَةِ الْجَهْلِ) عِبَارَةُ م ر وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ حَمْلًا عِنْدَ الْإِصْدَاقِ فَإِنْ رَضِيَتْ رَجَعَ فِي نِصْفِهَا، وَإِلَّا فَلَهُ قِيمَةُ نِصْفِهِ يَوْمَ الِانْفِصَالِ مَعَ نِصْفِ قِيمَتِهَا أَيْ: وَقْتَ الْفُرْقَةِ إنْ لَمْ يُمَيِّزْ وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ: وَلَهَا زِيَادَةٌ قَبْلَ الْفِرَاقِ مُنْفَصِلَةٌ كَوَلَدٍ وَثَمَرٍ فَيَرْجِعُ فِي الْأَصْلِ أَوْ نِصْفُهُ، أَوْ بَدَلُهُ دُونَهَا لِحُدُوثِهَا فِي مِلْكِهَا، وَالْفِرَاقُ إنَّمَا يَقْطَعُ مِلْكَهَا مِنْ حِينِ وُجُودِهِ لَا قَبْلَهُ نَعَمْ فِي وَلَدِ الْأَمَةِ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ يَتَعَيَّنُ نِصْفُ قِيمَةِ أُمِّهِ لَا نِصْفُ أُمِّهِ حَذَرًا مِنْ التَّفْرِيقِ. اهـ. بِإِيضَاحٍ يَسِيرٍ مِنْ ع ش وَقَوْلُهُ: أَوَّلًا فَإِنْ رَضِيَتْ رَجَعَ فِي نِصْفِهِمَا إنَّمَا اُعْتُبِرَ رِضَاهَا لِأَنَّهُ زَادَ صِفَةً هِيَ انْفِصَالُهُ. (قَوْلُهُ: بِرُجُوعِهِ) أَيْ: فِي الْأَمَةِ، أَوْ نِصْفِهَا دُونَ الْوَلَدِ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا هُنَا بِخِلَافِ مَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ أَصْدَقَهَا هُنَا حَائِلًا وَفِيمَا يَأْتِي حَامِلًا وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: وَرَضَاعٍ) يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ فَيَكُونُ هَذَا التَّرَاضِي فِي تَرْكِ الْإِرْضَاعِ بَاطِلًا وَيَتَعَيَّنُ الرُّجُوعُ لِلْقِيمَةِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ) فَلَا يَعُودُ لَهُ
يَفِيَا بِهِ تَبَيَّنَّا أَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَعْدُ إلَى الزَّوْجِ، فَكَأَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى الْوَفَاءِ بِالْوَعْدِ.
(وَ) عَادَ إلَيْهِ فِيمَا إذَا تَلِفَ الْمَهْرُ (بَدَلُ الْوَاجِبِ) لَهُ مِنْ كُلِّ الْمَهْرِ، أَوْ نِصْفِهِ، وَهُوَ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةُ فِي الْمُتَقَوِّمِ، بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِ (يَوْمَ التَّلَفِ) لَهُ فِي يَدِهَا (مِنْ بَعْدِهَا) أَيْ: الْفُرْقَةِ وَلَوْ كَانَ التَّلَفُ بِلَا تَعَدٍّ مِنْ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهَا قَبَضَتْهُ عَنْ مُعَاوَضَةٍ، فَإِذَا ارْتَفَعَتْ كَانَ الْمَقْبُوضُ مَضْمُونًا عَلَيْهَا، كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْإِقَالَةِ وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ قِيمَتَهُ يَوْمَ تَلَفِهِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ قَدْ ثَبَتَ فِي عَيْنِ الْوَاجِبِ فَاسْتَحَقَّهَا، ثُمَّ تَلِفَتْ تَحْتَ يَدٍ ضَامِنَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَتْلَفْ، بَلْ نَقَصَ فِي يَدِهَا وَلَوْ بِجِنَايَتِهَا، أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ عَادَ بِهِ (مَعْ أَرْشِ نَقْصٍ) لَهُ (يَقْتَفِي) أَيْ: يَتَّبِعُ الْفُرْقَةَ، وَالتَّقْيِيدُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَوْ قَدَّمَ مَا قَيَّدَهُ بِهِ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ بَعْدِهَا لَمَا احْتَاجَ إلَيْهِ (وَعَادَ لِلزَّوْجِ أَقَلُّ الْقِيَمِ) لِلْمَهْرِ الْمُتَقَوِّمِ (فِي يَوْمَيْ الْإِقْبَاضِ وَالتَّحَتُّمِ) أَيْ: وُجُوبُ الْمَهْرِ بِالتَّسْمِيَةِ، أَوْ غَيْرِهَا (لِتَلَفٍ) أَيْ: عِنْدَ تَلَفِهِ، أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ كَإِعْتَاقِهِ وَبَيْعِهِ (مِنْ قَبْلِهَا) أَيْ: الْفُرْقَةِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى قِيمَةٍ يَوْمَ الْوُجُوبِ حَادِثَةٌ فِي مِلْكِهَا لَا تَعَلُّقَ لِلزَّوْجِ بِهَا وَالنَّقْصُ عَنْهَا قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ ضَمَانِهِ، فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا.
وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ اعْتِبَارُ الْأَقَلِّ بَيْنَ الْيَوْمَيْنِ أَيْضًا، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ وَمِنْ تَعْبِيرِ التَّنْبِيهِ وَغَيْرِهِ بِالْأَقَلِّ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ إلَى يَوْمِ الْقَبْضِ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ: مِنْ قَبْلِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ مَعَ أَنَّهُ مَفْهُومٌ مِنْ التَّقْيِيدِ فِيمَا مَرَّ بِبَعْدِهَا، بَلْ تَرْكُهُ أَوْلَى لِيَكُونَ مَفْهُومُ الْبَعْدِيَّةَ شَامِلًا لِلْقَبْلِيَّةِ وَالْمَعِيَّةِ فَإِنَّهَا مِثْلُهَا، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ السَّابِقِ (كَالْحُكْمِ) فِيمَا (لَوْ عَلَّقَتْ) الزَّوْجَةُ الْمُوسِرَةُ قَبْلَ الْفُرْقَةِ (الْإِعْتَاقَ) لِلرَّقِيقِ الْمَجْعُولِ صَدَاقًا عَلَى صِفَةٍ فَإِنَّهُ يَعُودُ بِأَقَلِّ قِيمَةٍ فِيمَا تَقَرَّرَ (كَالتَّدْبِيرِ) لَهُ، فَإِنَّ حُكْمَهُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ مَقْصُودَةٌ، فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ تَفْوِيتُهَا كَالزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ؛ وَلِأَنَّ الْمُدَبَّرَ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الْحُرِّيَّةِ، وَالْعَوْدُ بِهِ يُفَوِّتُهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَعَدَمُ الْعَوْدِ بِهِ لَا يُفَوِّتُ حَقُّ الزَّوْجِ بِالْكُلِّيَّةِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ ابْتَاعَ عَبْدًا بِثَوْبٍ وَدَبَّرَ الْعَبْدَ ثُمَّ ظَهَرَ بِالثَّوْبِ عَيْبٌ، أَوْ اتَّهَبَ مِنْ أَصْلِهِ عَبْدًا فَدَبَّرَهُ، فَإِنَّ التَّدْبِيرَ فِيهِمَا لَا يَمْنَعُ الْعَوْدَ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ عِوَضٌ مَحْضٌ وَمَنْعُ الْعَوْدِ فِي الْمُتَّهَبِ يُفَوِّتُ الْحَقَّ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ فِيهِمَا.
وَخَرَجَ بِتَقْيِيدِي بِالْمُوسِرَةِ الْمُعْسِرَةُ، فَإِنَّ الْعَوْدَ يَكُونُ بِعَيْنِ الْعَبْدِ وَعَطَفَ عَلَى عَلَّقَتْ قَوْلَهُ:(أَوْ لَازِمُ حَقٍّ بِصَدَاقٍ اعْتَلَقْ) أَيْ: أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ كَرَهْنٍ مَعَ قَبْضٍ وَإِجَارَةٍ فَإِنَّهُ يَعُودُ بِأَقَلِّ الْقِيَمِ (إنْ هُوَ لَمْ يَصْبِرْ) بِالْعَوْدِ بِهِ (إلَى زَوَالِ حَقْ) لِتَضَرُّرِهِ بِالتَّأْخِيرِ (أَوْ) صَبَرَ بِهِ وَامْتَنَعَ مِنْ تَسَلُّمِهِ وَ (بَادَرَتْ بِدَفْعِ قِيمَةٍ) لِلْمُتَقَوِّمِ وَمِثْلٍ لِلْمِثْلِيِّ (إلَى صَاحِبِهَا) أَيْ: الزَّوْجِ (فَلَازِمٌ) لَهُ (أَنْ يَقْبَلَا) أَيْ: الْقِيمَةَ، أَوْ الْمِثْلَ لِدَفْعِ خَطَرِ الضَّمَانِ عَنْهَا، فَإِنْ قَالَ: أَعُودُ بِهِ وَأَتَسَلَّمُهُ ثُمَّ أُسَلِّمُهُ لِلْمُسْتَحِقِّ
ــ
[حاشية العبادي]
يَنْبَغِي أَنَّ هَذَا إنْ وُجِدَتْ مُرْضِعَةٌ غَيْرُ الْأُمِّ فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ وَكَانَ تَرْكُ الْإِرْضَاعِ مِمَّا يَضُرُّ الْوَلَدَ وَجَبَ لِلضَّرُورَةِ
(قَوْلُهُ: مِنْ بَعْدِهَا) بِخِلَافِ التَّلَفِ قَبْلَ الْفُرْقَةِ فَالْمُعْتَبَرُ أَقَلُّ قِيمَتِهِ الْإِصْدَاقُ إلَى الْقَبْضِ، كَمَا سَيَأْتِي عَلَى الْأَثَرِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا) أَيْ: الْمَعِيَّةَ مِثْلُهَا أَيْ: الْقَبْلِيَّةَ. (قَوْلُهُ: وَعَطَفَ عَلَى عَلَّقَتْ إلَخْ) إنْ جُعِلَ مِنْ عَطْفِ الْمُفْرَدِ، فَالْمَعْطُوفُ اعْتَلَقَ الْمُقَدَّرُ الرَّافِعُ " لِلَازِمِ "، أَوْ الْجُمَلِ جَازَ جَعْلُ الْجُمْلَةِ اسْمِيَّةً، أَوْ فِعْلِيَّةً وَقَوْلُهُ: قَوْلُهُ: إلَخْ وَكَذَا قَوْلُهُ: الْآتِي، أَوْ قَدْ أَبَتْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لَازِمُ) يُمْكِنُ إعْرَابُهُ فَاعِلًا بِمَا يُفَسِّرُهُ اعْتَلَقَ فَيَظْهَرُ الْعَطْفُ. (قَوْلُهُ: كَرَهْنٍ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْمُرْتَهِنَ فَلَوْ رَهَنَتْهُ عِنْدَ الزَّوْجِ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهَا فَإِذَا طَلَّقَهَا يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ النِّصْفُ لَهُ، فَإِذَا رَجَعَ إلَيْهِ انْفَسَخَ الرَّهْن؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ لَا يَكُونُ رَهْنًا عِنْدَهُ وَكَذَا لَوْ أَجَّرَتْ الْعَيْنَ مِنْهُ فَإِذَا رَجَعَ إلَيْهِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى رَأْيِ ابْنِ الْحَدَّادِ وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ بِهَا الزَّوْجُ بِأَنْ كَانَتْ أَمَةً. اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ: أَعُودُ بِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ فَإِنْ صَبَرَ فِي صُورَةِ الْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالتَّزْوِيجِ بِأَنْ قَالَ - مَعَ اخْتِيَارِهِ رُجُوعَهُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فِي صُورَتِهِ - أَنَا أَصْبِرُ إلَى انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ، أَوْ انْفِكَاكِ الرَّهْنِ وَزَوَالِ الزَّوْجِيَّةِ فَلَهَا الِامْتِنَاعُ لِمَا عَلَيْهَا مِنْ خَطَرِ الضَّمَانِ حَتَّى يَقْبِضَ هُوَ الْمُسْتَأْجَرَ، وَالْمَرْهُونَ وَالْمُزَوَّجَ وَيُسَلِّمُهَا، أَيْ: الْعَيْنَ الْمُصَدَّقَةَ لِلْمُسْتَحِقِّ لَهَا لِتَبْرَأَ، أَيْ: الزَّوْجَةُ مِنْ الضَّمَانِ فَلَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ حِينَئِذٍ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ وَيَبْقَى الرَّهْنُ فِي صُورَتِهِ فِي نِصْفِهَا. اهـ.
وَقَوْلُهُ: فِي نِصْفِهَا، قَضِيَّتُهُ انْتِقَالُ مِلْكِ النِّصْفِ الْآخَرِ إلَيْهِ، إذْ لَوْ لَمْ يَنْتَقِلْ إلَيْهِ كَانَ الْوَجْهُ بَقَاءَ الرَّهْنِ فِي الْجَمِيعِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ السَّابِقُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْتَقِلْ مِلْكُ النِّصْفِ إلَيْهِ لَمْ يَحْتَجْ لِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى مِنْ اسْتِشْكَالِ التَّخَلُّصِ بِالتَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ بِأَنَّ مِلْكَهَا مُسْتَمِرٌّ فِي حَالِ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: قِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ) إلَّا إذَا طُولِبَتْ بِهِ فَامْتَنَعَتْ مِنْ التَّسْلِيمِ فَإِنَّهَا تَضْمَنُهُ ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ. اهـ. عب سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: لَوْ عَلَّقَتْ إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَتْ بِهِ لِجَوَازِ الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِالْقَوْلِ بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ وَالتَّدْبِيرِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَسَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: يَكُونُ لِعَيْنِ الْعَبْدِ) فَيَبْطُلُ التَّعْلِيقُ وَالتَّدْبِيرُ فِي النِّصْفِ إنْ كَانَ الرُّجُوعُ فِيهِ وَيَبْقَى النِّصْفُ الْآخَرُ مُدَبَّرًا أَوْ مُعَلَّقًا عِتْقُهُ م ر. (قَوْلُهُ: إنْ هُوَ لَمْ يَصْبِرْ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ مَعَ شَرْحِهِ وَلَمْ يَصْبِرْ الزَّوْجُ د لِزَوَالِ ذَلِكَ الْحَقِّ وَلَا رَضِيَ بِالرُّجُوعِ مَعَ تَعَلُّقِهِ بِهِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَصْبِرْ بِالْعَوْدِ بِهِ) أَيْ: لَمْ يُؤَخِّرْ الْعَوْدَ بِهِ إلَى زَوَالٍ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ صَبَرَ إلَخْ) فِي ق ل إنَّ لَهَا إلْزَامَهُ بِأَخْذِ نِصْفِ الْبَدَلِ، أَوْ نِصْفَ الْعَيْنِ حَالًّا وَإِلْزَامَهُ بِقَبْضِهَا مِمَّنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ لِتَبْرَأَ مِنْ ضَمَانِهَا أَيْ: تُخَيِّرُهُ مَعَ إلْزَامِهِ إنْ
عَادَ بِهِ وَإِنْ بَادَرَتْ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهَا، أَمَّا إذَا صَبَرَ وَلَمْ تُبَادِرْ بِدَفْعِهَا، فَلَهُ أَنْ يَعُودَ بِهِ بَعْدَ زَوَالِ الْحَقِّ هَذَا حَاصِلُ كَلَامِ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي وَالْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ وَغَيْرِهَا كَالرَّهْنِ فِي مَعْنَاهَا إلَّا أَنَّ لِلزَّوْجِ فِيهَا أَنْ يَعُودَ بِالْعَيْنِ دُونَ مَنْفَعَتِهَا مُدَّةَ الْإِجَارَةِ.
وَلَا يُنَافِي مَا ذُكِرَ هُنَا مَا تَقَرَّرَ فِي الْقَرْضِ مِنْ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لِلْمُقْرِضِ بِمَا أَقْرَضَهُ إذَا رَهَنَهُ الْمُقْتَرِضُ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّ الزَّوْجِ فَوْقَ تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُقْرِضِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ مَا قِيلَ هُنَا، حَتَّى لَوْ قَالَ: أَرْجِعُ بِهِ وَأَتَسَلَّمُهُ ثُمَّ أُسَلِّمُهُ لِلْمُرْتَهِنِ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ، وَحَيْثُ لَا يُجَابُ الزَّوْجُ لَوْ زَالَ التَّعَلُّقُ فَهَلْ يَرْجِعُ بِهِ؟ وَجْهَانِ رَجَّحَ الْإِمَامُ مِنْهُمَا الْمَنْعَ؛ لِأَنَّ التَّعَلُّقَ نَقْلُ حَقِّهِ إلَى الْبَدَلِ، وَاسْتَبْعَدَهُ الْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ وَجَزَمَ الْبَارِزِيُّ فِي تَمْيِيزِهِ بِمُقَابِلِهِ وَخَرَجَ بِاللَّازِمِ غَيْرُهُ كَوَصِيَّةٍ وَهِبَةٍ وَرَهْنٍ بِلَا قَبْضٍ فِيهِمَا وَبَيْعٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ (أَوْ قَدْ أَبَتْ) دَفْعَهُ إلَى الزَّوْجِ (لِصِلَةِ الزِّيَادَهْ) أَيْ: لِحُدُوثِ زِيَادَةٍ مُتَّصِلَةٍ بِهِ كَسَمْنٍ وَتَعَلُّمِ حِرْفَةٍ فَإِنَّهُ يَعُودُ بِبَدَلِهِ وَذَلِكَ (كَالْحَمْلِ) الْحَادِثِ مِنْ أَمَةٍ، أَوْ بَهِيمَةٍ فَهُوَ زِيَادَةٌ لِتَوَقُّعِ الْوِلَادَةِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ نُقْصَانٌ أَيْضًا، فَهُوَ زِيَادَةٌ مِنْ وَجْهٍ وَنُقْصَانٌ مِنْ وَجْهٍ فَلَهَا أَنْ لَا تَرْضَى بِرُجُوعِهِ إلَى عَيْنِ الْمَهْرِ لِلزِّيَادَةِ، وَلَهُ أَنْ لَا يَرْضَى بِذَلِكَ لِلنُّقْصَانِ.
(أَوْ كَالصَّنْعَةِ الْمُعَادَهْ) كَأَنْ أَصْدَقَهَا حُلِيًّا فَانْكَسَرَ بِيَدِهَا وَلَوْ بِكَسْرِهَا، ثُمَّ أُعِيدَتْ صَنْعَتُهُ فَلَا يَعُودُ فِيهِ إلَّا بِرِضَاهَا، إذْ الْمَوْجُودُ بَعْدَ إعَادَتِهَا مِثْلَهَا لَا عَيْنَهَا (قُلْتُ رُجُوعُهُ) فِي هَذِهِ (بِنِصْفِ قِيمَةِ حِلْيَتِهِ) بِمَعْنَى حُلِيِّهِ الَّذِي أَصْدَقَهُ لَهَا (بِالْهَيْئَةِ الْقَدِيمَةِ) وَيَقُومُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ (وَلَوْ) كَانَ النَّقْدُ (مِنْ الْجِنْسِ) أَيْ: جِنْسِ الْحُلِيِّ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَقِيلَ: إنَّمَا يَقُومُ بِجِنْسٍ آخَرَ تَحَرُّزًا مِنْ الرِّبَا فَيُقَوِّمُ الذَّهَبَ بِفِضَّةٍ وَبِالْعَكْسِ وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ رُجُوعُهُ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ (عَلَى مَا رَجَّحَهْ) الشَّيْخُ (أَبُو عَلِيٍّ وَالْوَسِيطُ) لِلْغَزَالِيِّ (صَحَّحَهْ) وَبِهِ أَجَابَ ابْنُ الْحَدَّادِ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (وَقِيلَ: نِصْفُهُ بِوَزْنٍ تِبْرَا وَنِصْفُ أَجْرِ مِثْلِ صَوْغٍ مَرَّا) أَيْ: وَقِيلَ: رُجُوعُهُ بِنِصْفِ وَزْنِهِ تِبْرًا وَبِنِصْفِ أُجْرَةٍ مِثْلُ صَوْغِهِ الَّذِي تَقَدَّمَ الِانْكِسَارَ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْغَصْبِ فِيمَا لَوْ أَتْلَفَ حُلِيًّا.
وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ الْغَاصِبَ أَتْلَفَ مِلْكَ غَيْرِهِ فَكَلَّفْنَاهُ رَدَّ مِثْلِهِ وَالْأُجْرَةَ، وَالْمَرْأَةُ إنَّمَا كَسَرَتْ مِلْكَ نَفْسِهَا. وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: أَبَتْ مَا لَوْ سَمَحَتْ بِعَوْدِهِ بِالزِّيَادَةِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ
ــ
[حاشية العبادي]
التَّسْلِيمِ وَبَعْدَهُ، فَلْيُتَأَمَّلْ. فَإِنْ قِيلَ: لِمَ قَيَّدَ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ فِي صُورَتِهِ دُونَ إذْنِ الْمُسْتَأْجِرِ وَالزَّوْجِ فِي صُورَتِهِمَا قُلْتُ: كَانَ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْعَوْدَ فِي نِصْفِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ، أَوْ الْمُزَوَّجَةِ مَسْلُوبُ الْمَنْفَعَةِ فَلَا مُعَارَضَةَ فِي حَقِّهِمَا؛ لِأَنَّ حَقَّهُمَا خَاصٌّ بِالْمَنْفَعَةِ وَلَا رُجُوعَ فِيهَا بِخِلَافِ الرَّهْنِ فَإِنَّ الْعَوْدَ فِي نِصْفِ عَيْنِهِ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ.
(قَوْلُهُ: عَادَ بِهِ) وَاسْتَشْكَلَ جَمْعٌ تَخَلُّصَهَا مِنْهُ بِتَسْلِيمِهِ الْعَيْنَ وَتَسْلِيمِهَا، بِأَنَّ مِلْكَهَا مُسْتَمِرٌّ فِي حَالِ التَّسْلِيمِ وَبَعْدَهُ؛ لِأَنَّ نَحْوَ الرَّهْنِ الْمَقْبُوضِ مَانِعٌ مِنْ انْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَيْهِ فَتَسْلِيمُهُ وَعَدَمُ تَسْلِيمِهِ سَوَاءٌ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ بِالطَّلَاقِ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ فِي الْعَيْنِ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ لَازِمٌ، وَمِنْ ثَمَّ تَخَيَّرَ بَيْنَ الرُّجُوعِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ وَالرُّجُوعِ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ مَعَ تَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهِ، فَإِنْ صَبَرَ فَلَهَا الِامْتِنَاعُ حَتَّى تُعْطِيَهُ نِصْفَ الْقِيمَةِ، أَوْ يَقْبِضَ هُوَ الْعَيْنَ وَيُسَلِّمُهَا لَهُ وَلِلْمُسْتَحِقِّ، لِتَبْرَأَ فَحِينَئِذٍ لَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ فَلَمَّا كَانَ الْأَمْرُ بِخِبْرَتِهِ نَزَلَ تَسَلُّمُهُ مَعَ تَسْلِيمِهِ مَنْزِلَةَ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ، وَخَرَجَتْ بِذَلِكَ مِنْ عُهْدَةِ ضَمَانِهِ تَغْلِيبًا لِجَانِبِهِ الْأَقْوَى هُنَا مِنْ جَانِبِهَا بِحَسَبِ تَخَيُّرِهِ دُونَهَا، كَذَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِلشِّهَابِ فَلْيُتَأَمَّلْ مَا قَرَّرَهُ فِي الْإِشْكَالِ مِنْ اسْتِمْرَارِ مِلْكِهَا فَإِنَّهُ قَدْ يُشْكِلُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا أَنَّهُ فِي الرَّهْنِ مُخَالِفٌ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ، كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِاسْتِمْرَارِ مِلْكِهَا فِي صُورَتَيْ الْإِجَارَةِ وَالتَّزْوِيجِ؛ لِأَنَّ مُتَعَلِّقَ حَقِّ الرُّجُوعِ الْعَيْنُ دُونَ الْمَنْفَعَةِ، وَمُتَعَلِّقَ حَقِّ الْمُسْتَأْجِرِ وَالزَّوْجِ هُوَ الْمَنْفَعَةُ دُونَ الْعَيْنِ فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَهُمَا؛ حَتَّى يَمْتَنِعَ انْتِقَالُ الْمِلْكِ لِلزَّوْجِ مُرَاعَاةً لِحَقِّهِمَا فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: وَلَمْ تُبَادِرْ) أَخْرَجَ مَا إذَا بَادَرَتْ. .
(قَوْلُهُ: أَنْ يَعُودَ بِالْعَيْنِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ وَإِنَّمَا جَازَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَعُودَ بِالْعَيْنِ دُونَ مَنْفَعَتِهَا مُدَّةَ الْإِجَارَةِ لِشِدَّةِ تَعَلُّقِ الزَّوْجَةِ بِالصَّدَاقِ وَبِهِ فَارَقَ، كَمَا مَرَّ مَبْسُوطًا فِي التَّحَالُفِ مَا لَوْ فَسَخَ الْبَيْعَ بَعْدَ أَنْ أَجَّرَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فَإِنَّ الْبَائِعَ يَرْجِعُ بِأُجْرَةِ الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ بَعْدَ الْفَسْخِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَحَيْثُ لَا يُجَابُ الزَّوْجُ) أَيْ: كَأَنْ امْتَنَعَ مِنْ تَسَلُّمِهِ وَبَادَرَتْ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ. (قَوْلُهُ: أَيْ لِحُدُوثِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْبَاءَ لِلسَّبَبِيَّةِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَعُودُ بِبَدَلِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ كَالْمَسَائِلِ قَبْلَهَا فِي الرُّجُوعِ بِأَقَلِّ الْقِيَمِ وَبِهِ صَرَّحَ الْجَوْجَرِيُّ، وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت مَا بَحَثْتُهُ مُصَرَّحًا بِهِ فِي شَرْحِ الْعِرَاقِيِّ بِرّ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ أَصْدَقَهَا حُلِيًّا فَانْكَسَرَ) خَرَجَ بِنَحْوِ الْحُلِيِّ مَا لَوْ كَانَ الْمُنْكَسِرُ إنَاءَ نَقْدٍ فَصَاغَتْهُ كَمَا كَانَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى نِصْفِهِ مِنْ غَيْرِ أَجْرِهِ وَإِنْ أَبَتْ؛ لِأَنَّ صَنْعَتَهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ فَلَيْسَتْ بِزِيَادَةٍ شَرْعًا وَمِثْلُهُ: نِسْيَانُ الْأَمَةِ الْغِنَاءَ الْمُحَرَّمَ بِأَنْ كَانَ يَخَافُ مِنْهُ الْفِتْنَةَ ثُمَّ تَذَكَّرَهُ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أُعِيدَتْ صَنْعَتُهُ) دَلَّ التَّعْبِيرُ بِالْإِعَادَةِ وَإِضَافَةِ الصَّنْعَةِ إلَى ضَمِيرِ الْحُلِيِّ عَلَى تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِإِعَادَتِهِ عَلَى هَيْئَتِهِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ الِانْكِسَارِ، أَمَّا لَوْ أَعَادَتْهُ عَلَى هَيْئَةٍ أُخْرَى فَهُوَ زِيَادَةٌ وَنَقْصٌ وَسَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ نِصْفُهُ) اعْتَمَدَهُ م ر. (قَوْلُهُ: بِالزِّيَادَةِ) أَيْ: الَّتِي لَيْسَ مَعَهَا نَقْصٌ وَإِلَّا كَالْحَمْلِ، كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ
ــ
[حاشية الشربيني]
اخْتَارَ الْعَيْنَ بِالْقَبْضِ. (قَوْلُهُ: عَادَ بِهِ) ، لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ فِي صُورَةِ الرَّهْنِ، كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وسم عَلَى حَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ تُبَادِرْ إلَخْ) بِأَنْ أَخَّرَتْ التَّسْلِيمَ لِزَوَالِ الْحَقِّ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ: فِي مَعْنَاهَا وَهَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ سَابِقًا: فَإِنْ قَالَ: أَعُودُ بِهِ إلَخْ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: فَلَهَا إلَخْ) فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى نِصْفِهَا فَذَاكَ وَإِلَّا عَدَلَ إلَى نِصْفِ قِيمَتِهَا. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ
فَلَا تَعْظُمُ فِيهَا الْمِنَّةُ بِخِلَافِ الْمُنْفَصِلَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ اعْتِبَارِ رِضَاهَا فِي الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ حَيْثُ كَانَ الْعَوْدُ بِعَارِضٍ كَطَلَاقٍ وَرَضَاعٍ وَرِدَّةٍ، فَإِنْ كَانَ بِمُقَارِنٍ لِلْعَقْدِ كَفَسْخٍ بِعَيْبٍ عَادَ بِزِيَادَتِهِ دُونَ رِضَاهَا، كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ لَا تَمْنَعُ الِاسْتِقْلَالَ بِالْعَوْدِ إلَّا فِي هَذَا الْمَحَلِّ، وَفَرَّقُوا بِأَنَّ عَوْدَ الْمِلْكِ فِيهِ لَيْسَ فَسْخًا، بَلْ ابْتِدَاءَ مِلْكٍ يَثْبُتُ فِيمَا فَرَضَ مَهْرًا وَلِهَذَا لَوْ سَلَّمَ الْعَبْدُ مَهْرَهُ مِنْ كَسْبِهِ، ثُمَّ عَتَقَ فَطَلَّقَ قَبْلَ الْوَطْءِ كَانَ النِّصْفُ لَهُ لَا لِمُعْتِقِهِ، وَعَوْدُ الْمِلْكِ فِي غَيْرِهِ بِطَرِيقِ الْفَسْخِ، وَهُوَ وَإِنْ رَفَعَ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ فَالْفُسُوخُ مُشَبَّهَةٌ بِالْعُقُودِ، فَتَتْبَعُ الزَّوَائِدُ فِيهَا الْأَصْلَ، وَخَرَجَ بِالْمُتَّصِلَةِ الْمُنْفَصِلَةُ كَالْكَسْبِ وَاللَّبَنِ وَالْوَلَدِ، فَلَا تَمْنَعُ الْعَوْدَ بِالْأَصْلِ سَوَاءٌ حَدَثَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ أَمْ بَعْدَهُ.
وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى وَلَدِ الْأَمَةِ مُسْتَوْفًى
(وَيُحْبَسُ الْمَهْرُ) عَنْ الزَّوْجَةِ بِمَنْعِهَا مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ حَيْثُ لَهَا الْخِيَارُ وَبِزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ. (إذَا لَمْ تَخْتَرْ) دَفْعَ نِصْفِهِ وَلَا نِصْفِ بَدَلِهِ فِيمَا إذَا اسْتَحَقَّ الزَّوْجُ نِصْفَهُ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّهِ فَوْقَ تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِالْمَرْهُونِ وَالْغُرَمَاءِ بِالتَّرِكَةِ (وَإِنْ أَصَرَّتْ) عَلَى الِامْتِنَاعِ وَزَادَ ثَمَنُ نِصْفِ الْمَهْرِ عَلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا (مَا يَفِي بِهِ شُرِيَ) أَيْ: بِيعَ مِنْ الْمَهْرِ مَا يَفِي بِنِصْفِ الْقِيمَةِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِي بَعْضَهُ بِيعَ كُلُّهُ وَصُرِفَ لِلزَّوْجِ حَقُّهُ وَالْبَاقِي لَهَا (وَثَمَنُ النِّصْفِ) أَيْ: نِصْفُ الْمَهْرِ مَعَ زِيَادَتِهِ (إذَا لَمْ يَفِضْ) أَيْ: لَمْ يَزِدْ (عَنْ نِصْفِ قِيمَةٍ) لَهُ وَهُوَ النِّصْفُ الْوَاجِبُ لِلزَّوْجِ (بِهِ لَهُ قُضِيَ) أَيْ: قَضَى بِنِصْفِهِ لَهُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْبَيْعِ ظَاهِرًا، أَوْ يَجْرِي جَمِيعُ ذَلِكَ فِي الْمَهْرِ إذَا اسْتَحَقَّهُ الزَّوْجُ، كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ النَّظْمِ بِالْأَوْلَى، وَتَعْبِيرُهُ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ تَبِعَ فِيهِ تَعْبِيرَ الشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ.
قَالَ الْإِمَامُ: وَفِيهِ تَسَاهُلٌ وَمُرَادُهُمْ قِيمَةُ النِّصْفِ وَهِيَ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُمَا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ بِالْفُرْقَةِ نِصْفُ الْمَهْرِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ أَخْذُهُ فَتُؤْخَذُ قِيمَتُهُ وَهُوَ قِيمَةُ النِّصْفِ لَا نِصْفُ الْقِيمَةِ، وَقَدْ أَنْكَرَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْوَصَايَا عَلَى الرَّافِعِيِّ فِي تَعْبِيرِهِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ بِنَحْوِ مَا ذُكِرَ، لَكِنَّهُ تَبِعَهُ هُنَا وَصَوَّبَ تَعْبِيرَهُمْ بِذَلِكَ قَالَ: فَإِنَّ قِيمَةَ النِّصْفِ أَقَلُّ؛ لِأَنَّ التَّشْقِيصَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ اعْتِبَارِ رِضَاهَا إلَخْ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِرُجُوعِ كُلِّ الْمَهْرِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِرُجُوعِ نِصْفِهِ أَيْضًا وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَأَمَّا الْمُتَّصِلَةُ كَالسَّمْنِ وَالصَّنْعَةِ فَلِلزَّوْجَةِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ تُسَلِّمَهُ أَيْ: نِصْفَ الْأَصْلِ زَائِدًا وَأَنْ تُسَلِّمَ قِيمَتَهُ غَيْرَ زَائِدٍ إلَى أَنْ قَالَ: وَلَوْ عَادَ إلَيْهِ الْكُلُّ نَظَرَتْ فَإِنْ كَانَ بِسَبَبٍ عَارِضٍ كَرِدَّتِهَا تَخَيَّرَتْ، أَوْ مُقَارِنٍ أَخَذَهُ بِزِيَادَتِهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَكَالْمُقَارِنِ - فِيمَا يَظْهَرُ - الْعَيْبُ الْحَادِثُ قَبْلَ الزِّيَادَةِ لِتَسَلُّطِ الزَّوْجِ عَلَى الْفَسْخِ قَبْلَهَا. اهـ. وَقَدْ يُجَابُ عَنْ إطْلَاقِهِ هُنَا بِأَنَّ الْعَوْدَ لِلْمُقَارِنِ لَا يَكُونُ إلَّا لِلْكُلِّ.
(قَوْلُهُ: بِمَنْعِهَا مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ) قَدْ يُفْهِمُ ذَلِكَ تَفْسِيرَ الْحَبْسِ بِمُجَرَّدِ الْمَنْعِ الْمَذْكُورِ لَكِنْ صَرَّحَ فِي الْإِرْشَادِ كَغَيْرِهِ بِأَنَّهُ يُنْزَعُ مِنْهَا أَيْضًا. (قَوْلُهُ: عَلَى الِامْتِنَاعِ) أَيْ: عَنْ دَفْعِ النِّصْفِ، أَوْ نِصْفِ الْبَدَلِ وَقَوْلُهُ: وَزَادَ إلَخْ هَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ: وَثَمَنُ النِّصْفِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: عَلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ) أَيْ: نِصْفِ قِيمَتِهِ خَالِيًا عَنْ الزِّيَادَةِ بُرُلُّسِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ: النِّصْفِ لَهُ قَضَى قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِالْإِعْطَاءِ حَتَّى يَقْضِيَ لَهُ بِهِ الْقَاضِي وَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ. .
(قَوْلُهُ: بِنِصْفِهِ) أَيْ: نِصْفِ نَفْسِ الْمَهْرِ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: رِضَاهَا) أَيْ مَعَ رِضَا الْغُرَمَاءِ إنْ حَجَرَ عَلَيْهَا بِفَلَسٍ ثُمَّ طَلُقَتْ فَإِنْ انْتَفَى الرِّضَا الْمَذْكُورُ ضَارَبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ الْعَوْدُ بِعَارِضٍ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الْعَائِدُ الشَّطْرَ كَمَا فِي الطَّلَاقِ، أَوْ الْكُلَّ، كَمَا فِي الرَّضَاعِ وَالرِّدَّةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ: وَحُكْمُ الزَّوَائِدِ الْمُتَّصِلَةِ، وَالْمُنْفَصِلَةِ فِيمَا سِوَى الطَّلَاقِ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُشَطَّرَةِ حُكْمُهُمَا فِي الطَّلَاقِ وَمَا يُوجِبُ عَوْدَ الْجَمِيعِ إنْ كَانَ عَارِضًا فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مُقَارِنًا كَفَسْخِهِ بِعَيْبِهَا وَعَكْسِهِ عَادَ بِزِيَادَتِهِ يَعْنِي الْمُتَّصِلَةَ وَلَا حَاجَةَ إلَى رِضَاهَا كَفَسْخِ الْبَيْعِ بِالْعَيْبِ. اهـ. فَعُلِمَ أَنَّ خِيَارَهَا فِي الْمُتَّصِلَةِ ثَابِتٌ عِنْدَ وُجُوبِ الشَّطْرِ وَكَذَا عِنْدَهُ وُجُوبُ الْكُلِّ إلَّا بِسَبَبٍ مُقَارِنٍ وَبَحَثَ الشَّارِحُ رحمه الله أَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ قَبْلَ الزِّيَادَةِ كَالْمُقَارِنِ لِتَسَلُّطِ الزَّوْجِ عَلَى الْفَسْخِ قَبْلَهَا. اهـ. بُرُلُّسِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ وَحَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ وَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ: وَرَضَاعٌ وَرِدَّةٌ إنْ كَانَا مِنْهَا قَيَّدَ بِالْحَادِثَيْنِ بَعْدَ الزِّيَادَةِ وَإِلَّا فَكَالْمُقَارَنِينَ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بِمُقَارِنٍ لِلْعَقْدِ أَيْ: أَوْ حَادِثٍ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الزِّيَادَةِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مِنْ كَسْبِهِ) مِثْلُهُ مَا إذَا دَفَعَهُ عَنْهُ سَيِّدُهُ، كَمَا مَرَّ خِلَافًا لِلتُّحْفَةِ وَالنِّهَايَةِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ كَعِبَارَةِ الشَّرْحِ هُنَا.
(قَوْلُهُ: بِهِ لَهُ قَضَى) ظَاهِرُ كَلَامِهِ كَالنَّوَوِيِّ فِي الْمِنْهَاجِ عَدَمُ مِلْكِهِ بِالْإِعْطَاءِ حَتَّى يَقْضِيَ لَهُ الْقَاضِي بِهِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ رِعَايَةَ جَانِبِهَا تُرَجِّحُ ذَلِكَ وَتَلْغِي النَّظَرَ لِامْتِنَاعِهَا. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: إذْ لَا فَائِدَةَ فِي الْبَيْعِ ظَاهِرًا) أَيْ؛ لِأَنَّ الشِّقْصَ لَا يُرْغَبُ فِيهِ غَالِبًا. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: لَا نِصْفُ الْقِيمَةِ) عَلَّلَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ التَّشْقِيصَ عَيْبٌ. اهـ. وَهُوَ مُسَلَّمٌ، لَكِنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ شَرْعًا إلَّا الشِّقْصُ وَلَمْ تُتْلِفْهُ عَلَيْهِ الزَّوْجَةُ وَيَجِبُ نِصْفُ الْقِيمَةِ عَلَى الشَّرِيكِ إذَا أَتْلَفَ الْمُشْتَرَكُ الْمُتَقَوِّمُ، أَوْ غَصَبَهُ وَتَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ، كَذَا بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: وَصَوَّبَ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ حَجَرٌ وَم ر وَعَلَّلَا بِالرِّعَايَةِ، كَمَا رُوعِيَتْ هِيَ فِي تَخْيِيرِهَا الْآتِي مَعَ كَوْنِهِ مِنْ ضَمَانِهَا. (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ: بِنِصْفِ الْقِيمَةِ، وَالْمُرَادُ بِقِيمَةِ النِّصْفِ فِي كَلَامِ الْغَزَالِيِّ قِيمَتُهُ مُنْضَمًّا فَيَرْجِعُ إلَى نِصْفِ الْقِيمَةِ وَهَذَا خَاصٌّ بِهَذَا الْمَوْضِعِ رِعَايَةً لِلزَّوْجِ بِخِلَافِ مَا فِي الْوَصَايَا
عَيْبٌ وَوَقَعَ فِي كَلَامِ الْغَزَالِيِّ قِيمَةُ النِّصْفِ وَهُوَ تَسَاهُلٌ. اهـ. وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَمْ يَتَسَاهَلْ فِي ذَلِكَ بَلْ قَصَدَهُ تَبَعًا لِإِمَامِهِ لِمَا عَرَفْتَ، وَقَدْ نَبَّهَ الْأَذْرَعِيُّ عَلَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ وَالْجُمْهُورَ قَدْ عَبَّرُوا بِالْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ أَيْضًا (أَوْ قَدْ أَبَى) أَيْ: الزَّوْجُ أَخْذَ الْمَهْرِ، أَوْ نِصْفَهُ (لِلنَّقْصِ) فِيهِ (عِنْدَ الْعِرْسِ) أَيْ: الزَّوْجَةِ فَإِنَّهُ يَعُودُ بِبَدَلِهِ سَلِيمًا فَإِنْ اخْتَارَ الْعَوْدَ بِالْمَهْرِ عَادَ بِهِ بِلَا أَرْشٍ.
كَمَا لَوْ تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ بِيَدِ الْبَائِعِ وَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي الْإِجَازَةَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِلَا أَرْشٍ، كَمَا مَرَّ وَالنَّقْصُ (كَزَرْعِ أَرْضٍ أُصْدِقَتْ) أَيْ: جُعِلَتْ صَدَاقًا (وَالْغَرْسِ) فِيهَا لِاسْتِيفَائِهِمَا قُوتَهَا؛ وَلِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ إبْقَاءَهُمَا مُدَّةً، فَتَفُوتُ مَنْفَعَتُهَا وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِيهِ نَقْصٌ فَقَطْ، وَعَطَفَ عَلَيْهِمَا مَا فِيهِ نَقْصٌ وَزِيَادَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ التَّمْثِيلَ لِمَا فِيهِ نَقْصٌ فَقَالَ:(وَصَنْعَةٍ أُخْرَى) كَأَنْ نَسِيَ حِرْفَةً وَتَعَلَّمَ غَيْرَهَا، أَوْ انْكَسَرَ الْحُلِيُّ، أَوْ كَسَرَتْهُ وَجَعَلَتْهُ عَلَى هَيْئَةٍ أُخْرَى فَحُدُوثُ هَذِهِ زِيَادَةٌ، وَزَوَالُ الْقَدِيمَةِ نَقْصٌ، فَعُلِمَ أَنَّ كَلَامَهُ السَّابِقَ فِي إعَادَةِ تِلْكَ الصَّنْعَةِ بِعَيْنِهَا فَتِلْكَ زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ، فَتَرْكُهُ الْإِعَادَةَ هُنَا أَحْسَنُ مِنْ ذِكْرِ الْحَاوِي لَهَا؛ إذْ الصَّنْعَةُ الْأُخْرَى لَا يُقَالُ فِيهَا: إعَادَةٌ حَقِيقَةً (وَحَمْلٍ) حَدَثَ مِنْ أَمَةٍ، أَوْ بَهِيمَةٍ أَمَّا نَقْصُهُ فَلِلضَّعْفِ حَالًا وَلِلْخَطَرِ مَآلًا خُصُوصًا فِي الْأَمَةِ؛ وَلِأَنَّهُ يُفْسِدُ لَحْمَ الْمَأْكُولَةِ، وَأَمَّا زِيَادَتُهُ فَلِمَا مَرَّ (وَكِبَرْ يَنْقُصُ حُسْنَ الْعَبْدِ) فَنَقْصُهُ مِنْ جِهَةِ نَقْصِ الْحُسْنِ وَالْقِيمَةِ، وَمِنْ جِهَةٍ أَنَّ الصَّغِيرَ يَصْلُحُ لِلْقُرْبِ مِنْ الْحُرَمِ وَأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ الْغَوَائِلِ وَأَشَدُّ تَأَثُّرًا بِالتَّأْدِيبِ وَالرِّيَاضَةِ وَزِيَادَتُهُ مِنْ جِهَةٍ أَنَّهُ أَقْوَى عَلَى الشَّدَائِدِ وَالْأَسْفَارِ وَأَحْفَظُ لِمَا يُسْتَحْفَظُ.
(أَوْ) كِبَرٌ يُنْقِصُ (حَمْلَ الشَّجَرْ) فَنَقْصُهُ مِنْ جِهَةِ قِلَّةِ ثَمَرَتِهِ، وَزِيَادَتُهُ مِنْ جِهَةِ كَثْرَةِ الْحَطَبِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى ثَبَتَ خِيَارٌ لَهُ، أَوْ لَهَا لَمْ يَمْلِكْ الزَّوْجُ الْمَهْرَ، أَوْ نِصْفَهُ حَتَّى يَخْتَارَ ذُو الِاخْتِيَارِ وَهُوَ كَخِيَارِ الْهِبَةِ لَا يَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ لَكِنْ إذَا طَالَبَهَا لَا تُمَكَّنُ مِنْ التَّأْخِيرِ، بَلْ تُكَلَّفُ اخْتِيَارَ أَحَدِهِمَا وَلَيْسَ لَهُ تَعْيِينُ أَحَدِهِمَا فِي الطَّلَبِ بَلْ يُطَالِبُهَا بِحَقِّهِ عِنْدَهَا فَإِنْ أَبَتْ حُبِسَ عَنْهَا الْمَهْرُ، كَمَا مَرَّ، وَلَا تُحْبَسُ هِيَ وَعَطَفَ عَلَى أَبَتْ قَوْلَهُ (أَوْ وَهَبَتْهُ) أَيْ: زَوْجَهَا (الْعَيْنَ) الْمَأْخُوذَةَ مَهْرًا وَلَوْ كَانَ فِي الْأَصْلِ دَيْنًا فَإِنَّ لَهُ الْعَوْدَ بِبَدَلِهَا، كَمَا لَوْ وَهَبَتْهَا لِأَجْنَبِيٍّ وَانْتَقَلَتْ مِنْهُ إلَى الزَّوْجِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْهِبَةُ بِلَفْظِهَا أَمْ بِلَفْظِ التَّمْلِيكِ، أَوْ الْعَفْوِ وَإِنَّمَا اسْتَعْمَلَ الْعَفْوَ فِي هِبَةِ الْمَهْرِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي هِبَةِ غَيْرِهِ لِظَاهِرِ الْقُرْآنِ (لَا إنْ تُبْرِيَا) أَيْ: الزَّوْجَةُ الزَّوْجَ مِنْ الْمَهْرِ إذَا كَانَ دَيْنًا عَلَيْهِ فَلَا يَعُودُ بِبَدَلِهِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: أَوْ قَدْ أَبَى) لَعَلَّ الْعَطْفَ عَلَى " أَوْ عَلَّقَتْ ". (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْعِرْسِ) أَخْرَجَ التَّعَيُّبَ عِنْدَهُ قَبْلَ قَبْضِهَا. (قَوْلُهُ: بِلَا أَرْشٍ) ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ تَعَيُّبٌ أَيْ: فِي يَدِهَا قَبْلَ الْفُرْقَةِ. (قَوْلُهُ:، كَمَا لَوْ تَعَيَّبَ الْبَيْعُ بِيَدِ الْبَائِعِ) لِمَ كَانَ الصَّدَاقُ نَظِيرَ الْمَبِيعِ؟ وَيَتَرَاءَى: أَنَّهُ نَظِيرُ الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ: إنَّ كَلَامَهُ السَّابِقَ) وَهُوَ قَوْلُهُ: أَوْ كَالصَّنْعَةِ الْمُعَادَةِ. (قَوْلُهُ: بِعَيْنِهَا) قَدْ يُشْكِلُ دَعْوَى الْعَيْنِيَّةِ مَعَ قَوْلِهِ هُنَاكَ إذْ الْمَوْجُودُ بَعْدَ إعَادَتِهَا مِثْلُهَا لَا عَيْنُهَا إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْعَيْنِيَّةِ مَا يَشْمَلُ الْمِثْلِيَّةَ وَقَوْلُهُ: فَتِلْكَ زِيَادَةٌ مَحْضَةٌ، قَدْ يُقَالُ: كَيْفَ تَكُونُ زِيَادَةً مَحْضَةً مَعَ أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلُ؟ وَإِنْ لُوحِظَ قَوْلُهُ: هُنَاكَ مِثْلُهَا لَا عَيْنُهَا فَلْتَكُنْ مِنْ بَابِ الزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ؛ لِأَنَّ زَوَالَ الْأُولَى نَقْصٌ وَحُدُوثُ مِثْلِهَا زِيَادَةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: فَلِمَا مَرَّ) أَيْ: مِنْ تَوَقُّعِ الْوِلَادَةِ. (قَوْلُهُ: وَعَطَفَ عَلَى أَبَتْ) الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ: عَلَى عَلَّقَتْ بِرّ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ تَبَرَّيَا) جَعَلَ الْجَوْجَرِيُّ مِنْهُ مَا لَوْ قَالَ لَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ: إنْ أَبْرَأَتْنِي مِنْ صَدَاقِكِ فَأَنْت طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ وَنُقِلَ عَنْ إبْرَاهِيمَ الْحَضْرَمِيِّ أَنَّهَا تَبِينُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَمْ يَرْتَضِ ذَلِكَ وَاعْتَمَدَ الْأَوَّلَ بَحْثًا، وَفِيهِ نَظَرٌ بِرّ. (فَرْعٌ)
قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ أَبْرَأَتْهُ مِنْ النِّصْفِ ثُمَّ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَهَلْ يَسْقُطُ عَنْهُ نِصْفُ الْبَاقِي أَمْ يَلْزَمُهُ لَهَا الْبَاقِي أَيْ: فَيَكُونُ مَا أَبَرَأَتْهُ مِنْهُ مَحْسُوبًا عَنْ حَقِّهِ كَأَنَّهَا عَجَّلَتْهُ وَجْهَانِ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَوْجُهُهَا الثَّانِي أَخْذًا مِمَّا رَجَّحُوهُ فِي هِبَةِ نِصْفِ الْعَيْنِ
ــ
[حاشية الشربيني]
فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِبَدَلِهِ) أَيْ: الْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ، وَالْقِيمَةِ فِي الْمُتَقَوِّمِ. اهـ. م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: أَوْ وَهَبَتْهُ) أَيْ لِأَحَدٍ مُعَيَّنًا وَهُوَ ظَاهِرٌ، أَوْ مُبْهَمًا كَأَنْ وَهَبَتْهُ نِصْفَ الْمَجْعُولِ مَهْرًا وَيَكُونُ قَبْضُهُ بِقَبْضِ الْكُلِّ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ نِصْفُ الْبَاقِي وَرُبُعُ بَدَلِ كُلِّهِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا وَهَبَتْهُ مُطْلَقَ النِّصْفِ وَكَانَ الزَّوْجُ عِنْدَ الطَّلَاقِ يَرْجِعُ بِنِصْفِ الْمَهْرِ بِحَيْثُ يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَهْرِ نِصْفَهُ، وَهُنَا قَدْ خَرَجَ نِصْفُهُ عَنْ مِلْكِهَا لَمْ يَبْقَ لَهُ إلَّا نِصْفُ النِّصْفِ الْبَاقِي إذْ لَا مُرَجِّحَ لَهُ عَلَيْهَا حَتَّى يَأْخُذَ النِّصْفَ الْبَاقِيَ فِي جَمِيعِهِ، كَمَا هُوَ قَوْلٌ وَلَا مَعْنَى لِتَخْيِيرِهِ بَيْنَ نِصْفِ بَدَلِ كُلِّهِ وَنِصْفِ الْبَاقِي وَرُبْعِ بَدَلِ كُلِّهِ، كَمَا هُوَ قَوْلٌ أَيْضًا لِبَقَاءِ بَعْضِ حَقِّهِ وَتَلَفِ الْبَعْضِ الْآخَرِ، بَلْ يَشِيعُ مَا يَأْخُذُهُ فِيمَا أَخْرَجَتْهُ وَفِيمَا أَبْقَتْهُ وَهَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ رحمه الله فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَقَدْ اسْتَصْعَبَهُ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ
لِأَنَّهَا لَمْ تَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا سَوَاءٌ كَانَ الْإِبْرَاءُ بِلَفْظِهِ أَمْ بِلَفْظِ الْهِبَةِ، أَوْ التَّمْلِيكِ، أَوْ الْعَفْوِ، أَوْ الْإِسْقَاطِ، أَوْ التَّرْكِ، أَوْ التَّحْلِيلِ، أَوْ الْإِحْلَالِ، أَوْ الْإِبَاحَةِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ بِخِلَافِ هِبَةِ الْعَيْنِ، كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ.
(وَ) أَمَّا (قِسْطُ تَالِفٍ) مِنْ الْمَهْرِ (وَ) قِسْطُ (مَا قَدْ بَقِيَا) مِنْهُ (فَعَوْدُ هَذَيْنِ) الْقِسْطَيْنِ (إلَى الزَّوْجِ) الْمُفَارِقِ قَبْلَ وَطْئِهِ (ثَبَتْ) وَقَوْلُهُ: (إنْ تَلِفَ الْبَعْضُ) مِنْ الْمَهْرِ إيضَاحٌ (، كَمَا لَوْ وَهَبَتْ) بَعْضَهُ وَلَوْ لِلزَّوْجِ، فَفِي ثَوْبَيْنِ تَلِفَ أَحَدُهُمَا، أَوْ وَهَبَتْهُ يَعُودُ بِنِصْفِ الْبَاقِي وَنِصْفِ قِيمَةِ الْآخَرِ وَكَالْهِبَةِ الْبَيْعُ وَالْإِعْتَاقُ وَنَحْوُهُمَا. (وَيَقْتَضِي إفْسَادَ نِصْفِ الْبَدَلِ خُلْعٌ بِنِصْفِهِ) أَيْ: وَيَقْتَضِي الْخُلْعُ - قَبْلَ الْوَطْءِ بِنِصْفِ الْمَهْرِ شَائِعًا - فَسَادَ نِصْفِ بَدَلِ الْخُلْعِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ الْمَذْكُورَ شَائِعٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فَكَأَنَّهُ خَالَعَهَا عَلَى نِصْفِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَيَفْسُدُ فِي نِصْفِ نَصِيبِهِ وَيَصِحُّ فِي نِصْفِ نَصِيبِهَا فَلَهَا رُبُعُ الْمَهْرِ، وَالْبَاقِي لَهُ بِحُكْمِ التَّشْطِيرِ وَعِوَضِ الْخُلْعِ وَلَهُ مَعَ ذَلِكَ عِوَضُ الْفَاسِدِ وَهُوَ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ، أَمَّا إذَا خَالَعَهَا بِالنِّصْفِ الَّذِي يَبْقَى لَهَا بَعْدَ الْفُرْقَةِ فَيَصِحُّ وَيَبْرَأُ مِنْ كُلِّ الْمَهْرِ إنْ كَانَ دَيْنًا وَيَمْلِكُهُ إنْ كَانَ عَيْنًا وَلَوْ خَالَعَهَا بِالْكُلِّ فَسَدَ فِي نَصِيبِهِ، وَصَحَّ فِي نَصِيبِهَا وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ حَيْثُ فَسَدَ بَعْضُ الْعِوَضِ إنْ كَانَ جَاهِلًا بِالْحَالِ فَإِنْ فَسَخَ، رَجَعَ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى غَيْرِ الْمَهْرِ ثَبَتَ لَهُ الْمُسَمَّى وَعَادَ بِنِصْفِ الْمَهْرِ.
(وَلَا يَعْفُو الْوَلِيّ) وَلَوْ مُجْبَرًا، أَوْ قَبْلَ الْفُرْقَةِ عَنْ شَيْءٍ مِنْ مَهْرِ مُوَلِّيَتِهِ وَلَوْ صَغِيرَةً عَاقِلَةً كَسَائِرِ دُيُونِهَا وَحُقُوقِهَا وَاَلَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ فِي الْآيَةِ الزَّوْجُ يَعْفُو عَنْ حَقِّهِ لِيُسَلِّمَ لَهَا كُلَّ الْمَهْرِ لَا الْوَلِيُّ؛ إذْ لَمْ يُبْقِ بِيَدِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ عُقْدَةً وَإِنَّمَا هِيَ بِيَدِ الزَّوْجِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ رَفْعِهَا بِالْفُرْقَةِ
ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ الْمُتْعَةِ فَقَالَ (لِمَنْ حَيَاةً فُورِقَتْ بِلَا سَبَبْ هَذِي) أَيْ: الزَّوْجَةُ كَأَنْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ، أَوْ ارْتَدَّ، أَوْ أَسْلَمَ، أَوْ لَاعَنَ (وَ) الْحَالَةُ أَنَّهُ (لَا مَهْرَ) لَهَا بِأَنْ كَانَتْ مُفَوِّضَةً وَلَمْ يُفْرَضْ لَهَا شَيْءٌ (أَوْ الْكُلُّ) أَيْ: كُلُّ الْمَهْرِ (وَجَبْ) لَهَا بِأَنْ وَطِئَهَا زَوْجُهَا (مَا بِهِمَا الْقَاضِي يَرَاهُ لَاقَا وَلَوْ عَلَى نَصِيفِ مَهْرٍ فَاقَا) أَيْ: لَهَا عَلَى زَوْجِهَا إنْ لَمْ يَتَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ مَا يَرَاهُ الْقَاضِي بِاجْتِهَادِهِ لَائِقًا بِحَالِهِمَا مِنْ يَسَارِ الزَّوْجِ وَإِعْسَارِهِ وَنَسَبِ الزَّوْجَةِ وَصِفَاتِهَا، وَلَوْ زَادَ مَا رَآهُ الْقَاضِي عَلَى نِصْفِ مَهْرِهَا قَالَ تَعَالَى {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} [البقرة: 236] الْآيَةَ وَقَالَ
ــ
[حاشية العبادي]
عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ هِبَتَهَا كُلَّهَا تَمْنَعُ الرُّجُوعَ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ هِبَةِ الْعَيْنِ، كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ هُنَا وَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ عَيْنًا اشْتَرَطَ التَّمْلِيكَ أَيْ: بِالْإِيجَابِ، وَالْقَبُولِ وَالْإِقْبَاضِ، أَوْ إمْكَانَهُ إنْ كَانَ فِي يَدِهِ وَيَجْزِي لَفْظُ الْعَفْوِ لَا الْإِبْرَاءُ وَنَحْوُهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَيْ وَيَقْتَضِي الْخُلْعَ إلَخْ) عَبَّرَ الْعِرَاقِيُّ بِقَوْلِهِ: الْخَامِسَةُ لَوْ خَالَعَتْ الزَّوْجَ بِنِصْفِ مَهْرِهَا شَائِعًا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَسَدَ نِصْفُ بَدَلِ الْخُلْعِ إلَخْ فَقَوْلُهُ: لَوْ خَالَعَتْ الزَّوْجَ أَيْ أَرَادَتْ، أَوْ طَلَبَتْ مُخَالَعَتَهُ فَلَا يُشْكِلُ مَعَ قَوْلِهِ: ثُمَّ طَلَّقَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: عَنْ شَيْءٍ) مُتَعَلِّقٌ بِيَعْفُو وَقَوْلُهُ: وَلَوْ صَغِيرَةً عَاقِلَةً تُتَأَمَّلُ الْمُبَالَغَةُ بِهِ
(قَوْلُهُ: لَائِقًا بِحَالِهِمَا) هَلْ
ــ
[حاشية الشربيني]
فَتَأَمَّلْهُ.
(قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا) أَيْ إنْ لَمْ يَفْسَخْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُجْبَرًا إلَخْ) هَذِهِ الْغَايَاتُ رَدٌّ عَلَى الْقَدِيمِ فَفِي الْقَدِيمِ الْجَوَازُ بِخَمْسَةِ شُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ أَبًا، أَوْ جَدًّا، أَوْ أَنْ تَكُونَ بِكْرًا عَاقِلَةً صَغِيرَةً وَأَنْ يَكُونَ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَأَنْ يَكُونَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَأَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ دَيْنًا هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ تَفْرِيعًا عَلَى الْقَدِيمِ وَفِي وَجْهٍ لَهُ الْعَفْوُ فِي الثَّيِّبِ، وَالْمَجْنُونَةِ، وَالْبَالِغَةِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا وَالرَّشِيدَةِ وَقَبْلَ الطَّلَاقِ إذَا رَآهُ مَصْلَحَةً وَعَنْ الْعَيْنِ أَيْضًا وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ. اهـ. مِنْ الرَّوْضَةِ وَقَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ أَيْ عَلَى الْقَدِيمِ وَتَرَكَ الشَّارِحُ التَّعْمِيمَ بِالْبِكْرِ لِفَهْمِهِ مِنْ الْمُجْبِرِ وَسَكَتَ أَيْضًا عَنْ الدَّيْنِ لِعُمُومِ الشَّيْءِ لَهُ.
(قَوْلُهُ: لِمَنْ حَيَاةٌ فُورِقَتْ) وَلَوْ رَجْعِيَّةً إنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَلَمْ يُرَاجِعْ وَلَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ عَبْدَهُ وَطَلَّقَهَا لَمْ تَجِبْ مُتْعَةٌ؛ لِأَنَّهَا لِلسَّيِّدِ كَالْمَهْرِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَتْ مُفَوِّضَةً إلَخْ) وَتَرَكَ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ مُفَوِّضَةً وَلَمْ يَجِبْ لَهَا شَيْءٌ لِكَوْنِ الْفُرْقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِسَبَبِهَا لِخُرُوجِهَا بِقَوْلِهِ: بِلَا سَبَبٍ هَذِي وَقَوْلُهُ: أَوْ الْكُلُّ وَجَبَ أَيْ: وَلَيْسَتْ الْمُفَارَقَةُ بِسَبَبِهَا، كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ فَالْمَدْخُولُ بِهَا إذَا فُورِقَتْ بِسَبَبِهَا، وَغَيْرِهَا إذَا فُورِقَتْ بِسَبَبِهَا وَلَمْ تَكُنْ مُفَوِّضَةً، وَالْمُفَوِّضَةُ إذَا فُورِقَتْ بِسَبَبِهَا لَا مُتْعَةَ لَهُنَّ. اهـ. جَمَلٌ عَلَى الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ: لَا جُنَاحَ) أَيْ لَا تَبَعَةَ بِإِثْمٍ وَلَا مَهْرَ وَقَوْلُهُ: أَوْ تَفْرِضُوا دُخُولَ " أَوْ " فِي حَيِّزِ النَّفْيِ مُفِيدٌ لِانْتِفَاءِ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] فَلَا حَاجَةَ لِجَعْلِهَا بِمَعْنَى الْوَاوِ، كَمَا قِيلَ، أَوْ لِجَعْلِهَا بِمَعْنَى إلَى، أَوْ إلَّا؛ لِأَنَّ هَذَا نَاظِرٌ إلَى أَصْلِ اللُّغَةِ وَذَاكَ إلَى اسْتِعْمَالِهَا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: الْآيَةَ) أَيْ قَوْله تَعَالَى {وَمَتِّعُوهُنَّ} [البقرة: 236] أَيْ: مَتِّعُوا النِّسَاءَ الْمَذْكُورَاتِ فِيهَا أَيْ: الْمُطَلَّقَاتِ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ وَلَا فَرْضٍ، وَمَفْهُومُ ذَلِكَ عَدَمُ إيجَابِهَا فِي حَقِّ غَيْرِهِنَّ وَلِذَا قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ رحمه الله: مَفْهُومُ الْآيَةِ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ إيجَابِ الْمُتْعَةِ بِالْمُفَوِّضَةِ الَّتِي لَمْ يَمَسَّهَا الزَّوْجُ وَأَلْحَقَ بِهَا الشَّافِعِيُّ الْمَمْسُوسَةَ قِيَاسًا وَهُوَ أَيْ الْقِيَاسُ مُقَدَّمٌ عِنْدَهُ عَلَى الْمَفْهُومِ