الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنْ لَا يُكْثِرَ الشُّرْبَ فِي أَثْنَاءِ الطَّعَامِ إلَّا إذَا غَصَّ بِلُقْمَةٍ، أَوْ صَدَقَ عَطَشُهُ، وَأَنْ يُصَغِّرَ اللُّقْمَةَ وَيُطِيلَ مَضْغَهَا وَلَا يَمُدَّ يَدَهُ إلَى أُخْرَى مَا لَمْ يَبْلَعْ الَّتِي قَبْلَهَا، وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ التَّمْرِ وَالنَّوَى فِي طَبَقٍ وَلَا يَتْرُكُ مَا اسْتَرْذَلَ مِنْ الطَّعَامِ فِي الْقَصْعَةِ بَلْ يَجْعَلُهُ مَعَ النَّفْلِ لِئَلَّا يَلْتَبِسَ عَلَى غَيْرِهِ فَيَأْكُلُهُ وَلَا يَقُومُ حَتَّى تُرْفَعَ الْمَائِدَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَكْلُ بِالنَّوْبَةِ وَلَا يَبْتَدِئُ بِالطَّعَامِ وَمَعَهُ مَنْ يَسْتَحِقُّ التَّقْدِيمُ لِكِبَرِ سِنٍّ، أَوْ زِيَادَةِ فَضْلٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَتْبُوعَ وَالْمُقْتَدَى بِهِ، فَحِينَئِذٍ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُطِيلَ عَلَيْهِمْ الِانْتِظَارَ وَلَا يَشْرَبَ مِنْ ثُلْمَةِ الْقَدَحِ، وَيُنْدَبُ إدَارَةُ الْمَشْرُوبِ عَنْ يَمِينِ الْمُبْتَدِئِ بِالشُّرْبِ وَأَنْ يُرَحِّبَ بِالضَّيْفِ وَيَحْمَدَ اللَّهَ عَلَى حُصُولِهِ عِنْدَهُ وَيُظْهِرَ سُرُورَهُ بِهِ وَيُثْنِيَ عَلَيْهِ لِجَعْلِهِ أَهْلًا لِتَضْيِيفِهِ، وَأَنْ يَقِلَّ النَّظَرَ إلَى وَجْهِ صَاحِبِهِ، وَأَنْ يَقُولَ إذَا قَرَّبَ إلَيْهِ الطَّعَامَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِيمَا رَزَقْتَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ بِسْمِ اللَّهِ، وَأَنْ يَقُولَ إذَا أَكَلَ مَعَ ذِي عَاهَةٍ: بِسْمِ اللَّهِ ثِقَةً بِاَللَّهِ وَتَوَكُّلًا عَلَيْهِ.
(وَنَثْرُ نَحْوِ سُكَّرٍ) كَلَوْزٍ وَتَمْرٍ وَجَوْزٍ وَزَبِيبٍ وَدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ فِي الْوَلَائِمِ (وَلَقْطُ ذَا) أَيْ: النِّثَارِ (جَازَ) أَيْ: كُلٌّ مِنْهُمَا مَعَ الْكَرَاهَةِ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهَا الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ فِيهِمَا، كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَمِمَّنْ نَقَلَهَا فِي الثَّانِي عَنْ الشَّافِعِيِّ النَّوَوِيُّ فِي الشَّهَادَاتِ لَكِنَّهُ صَحَّحَ هُنَا كَالرَّافِعِيِّ نَفْيَ الْكَرَاهَةِ فِي النَّثْرِ، وَأَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ، ثُمَّ قَالَا: وَاللَّقْطُ جَائِزٌ لَكِنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ إلَّا إذَا عَرَفَ اللَّاقِطُ أَنَّ النَّاثِرَ لَا يُؤَثِّرُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَلَمْ يَقْدَحْ اللَّقْطُ فِي مُرُوءَتِهِ فَلَا يَكُونُ تَرْكُ اللَّقْطِ أَوْلَى، وَلَفْظَةُ " نَحْوُ وَجَازَ " مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ وَلَوْ تَرَكَ " جَازَ " أَغْنَى عَنْهُ قَوْلُهُ قَبْلُ: وَجَائِزٌ (وَلَا يُؤْخَذُ مِمَّنْ أَخَذَا) أَيْ: وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ النِّثَارُ مِمَّنْ أَخَذَهُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْأَخْذِ كَالصَّيْدِ إذَا صِيدَ لَا يُؤْخَذُ مِمَّنْ صَادَهُ لِذَلِكَ (كَوَاقِعٍ) أَيْ:، كَمَا لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْوَاقِعِ (فِي ذَيْلِهِ، وَقَدْ بَسَطْ) وَلَوْ صَبِيًّا، أَوْ مَجْنُونًا ذَيْلَهُ (لَهُ) تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْأَخْذِ بِالْيَدِ (وَصَارَ) بِالْوُقُوعِ فِيهِ (مِلْكَهُ وَإِنْ سَقَطْ) مِنْهُ، كَمَا لَوْ أَفْلَتَ الصَّيْدُ عَقِبَ وُقُوعِهِ فِي الشَّبَكَةِ فَإِنْ لَمْ يَبْسُطْهُ لَهُ لَمْ يَمْلِكُهُ إذْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ قَصْدُ تَمَلُّكٍ وَلَا فِعْلَ فَإِنْ نَفَضَهُ فَكَمَا لَوْ وَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ أَوَّلًا، وَإِلَّا فَهُوَ أَوْلَى بِهِ فَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ مِنْهُ لَمْ يَمْلِكْهُ بِخِلَافِ إحْيَاءِ مَا تَحَجَّرَهُ غَيْرُهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: لِأَنَّ الْمُتَحَجِّرَ غَيْرُ مَالِكٍ فَلَيْسَ الْإِحْيَاءُ تَصَرُّفًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَالْآخِذُ مُتَصَرِّفٌ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَلَوْ سَقَطَ مِنْ ذَيْلِهِ قَبْلَ أَنْ يَقْصِدَ أَخْذَهُ، أَوْ قَامَ فَسَقَطَ بَطَلَ اخْتِصَاصُهُ بِهِ، وَلَا أَوْلَوِيَّةَ لِمَنْ وَقَعَ فِي ذَيْلِهِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَرْغَبُ فِيهِ فَلِغَيْرِهِ أَخْذُهُ مِنْ ذَيْلِهِ، وَقَوْلُهُ: وَصَارَ " مِلْكَهُ " مِنْ زِيَادَتِهِ وَيُكْرَهُ أَخْذُ النِّثَارِ مِنْ الْهَوَاءِ بِإِزَارٍ، أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ أَخَذَهُ مَلَكَهُ، وَلَوْ كَانَ اللَّاقِطُ عَبْدًا مَلَكَهُ سَيِّدُهُ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْمَرْوَزِيِّ وَأَقَرَّهُ.
(بَابُ الْقَسْمِ) .
وَالنُّشُوزُ
لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ حَقٌّ قَالَ الشَّيْخَانِ: فَحَقُّهُ عَلَيْهَا كَالطَّاعَةِ وَمُلَازَمَةِ الْمَسْكَنِ وَحَقُّهَا عَلَيْهِ كَالْمَهْرِ وَالنَّفَّةِ وَالْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ الَّتِي مِنْهَا الْقَسْمُ قَالَ تَعَالَى {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 228](الْقَسْمُ حَتْمٌ) أَيْ: وَاجِبٌ عَلَى الزَّوْجِ إذَا أَرَادَ الْمَبِيتَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْ زَوْجَاتِهِ (وَ) لَوْ (مَعَ امْتِنَاعِ جِمَاعِهَا فِي الشَّرْعِ) كَحَائِضٍ وَمُحْرِمَةٍ (وَ) فِي (الطِّبَاعِ) كَرَتْقَاءَ وَمَرِيضَةٍ (لِزَوْجَتَيْنِ وَلِزَوْجَاتٍ) صِلَةُ حَتْمٌ قَالَ تَعَالَى {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19] «وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا كَانَتْ عِنْدَ الرَّجُلِ امْرَأَتَانِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فِي الْوَلَائِمِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ فِي أَمْلَاكٍ، أَوْ خِتَانٍ زَادَ فِي شَرْحِهِ وَكَذَا سَائِرُ الْوَلَائِمِ فِيمَا يَظْهَرُ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ مِنْهُ لَمْ يَمْلِكْهُ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ فِي الْأَصْلِ: فَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ فَفِي مِلْكِهِ وَجْهَانِ جَارِيَانِ فِيمَا لَوْ عَشَّشَ طَائِرٌ فِي مِلْكِهِ فَأَخَذَ فَرْخَهُ غَيْرُهُ، وَفِيمَا إذَا دَخَلَ السَّمَكُ مَعَ الْمَاءِ حَوْضَهُ، وَفِيمَا إذَا وَقَعَ الْبَلَحُ فِي مِلْكِهِ فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ، وَفِيمَا إذَا أَحْيَا مَا تَحَجَّرَهُ غَيْرُهُ لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الْمُحْيِيَ يَمْلِكُ، وَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ مَيْلُهُمْ إلَى الْمَنْعِ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّ الْمُتَحَجِّرَ غَيْرُ مَالِكٍ، فَلَيْسَ الْإِحْيَاءُ تَصَرُّفًا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ هَذِهِ الصُّوَرِ. اهـ. وَصُورَةُ مَسْأَلَةِ نَحْوِ التَّعْشِيشِ أَنْ لَا يَكُونَ بِقَصْدِ التَّمَلُّكِ مَعَ اعْتِيَادِ ذَلِكَ. وَإِلَّا كَانَ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْمِلْكِ فَلَا يَتَأَتَّى مِلْكُ غَيْرِهِ بِالْأَخْذِ، كَمَا سَيُعْلَمُ ذَلِكَ فِي بَابِ الصَّيْدِ. (قَوْلُهُ: وَالْآخِذُ مُتَصَرِّفٌ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ) يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنْ لَيْسَ الْمُرَادُ يَمْلِكُ الْمَأْخُوذَ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ لِذَلِكَ الْغَيْرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: فَإِنْ لَمْ يَبْسُطْ لَهُ لَمْ يَمْلِكْهُ، بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْمَحَلُّ الَّذِي أُخِذَ مِنْهُ كَالْحَجْرِ هُنَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي بَقِيَّةِ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَاشِيَةِ فِي عِبَارَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ
(بَابُ الْقَسْمِ)
ــ
[حاشية الشربيني]
غَيْرُ اللَّبَنِ كَالْمَاءِ. اهـ. فَتَاوَى حَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ نَفَضَهُ) أَيْ مَنْ لَمْ يَبْسُطْ ثَوْبَهُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ سَقَطَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَقْصِدَ تَمَلُّكَهُ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ: إنْ لَمْ يَنْفُضْهُ أَيْ وَلَمْ يَسْقُطْ، كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ: فَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَمْلِكْهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ وَم ر خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ عَشَّشَ الطَّائِرُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَلَمْ يَقْصِدْ الْغَيْرُ التَّمَلُّكَ حَيْثُ يَمْلِكُهُ مَنْ أَخَذَهَ، قُوَّةُ الِاسْتِيلَاءِ هُنَا بِخِلَافِ ذَاكَ إذْ لَا اسْتِيلَاءَ فِيهِ كَهَذَا فَلَمْ يَقْوَ عَلَى الدَّفْعِ تَأَمَّلْ.
[بَابُ الْقَسْمِ وَالنُّشُوزُ]
(بَابُ الْقَسْمِ) . (قَوْلُهُ: وَالْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ) قَالَ ق ل: هِيَ حَقٌّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا
فَلَمْ يَعْدِلْ بَيْنَهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ، أَوْ سَاقِطٌ» «وَكَانَ يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ» رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَ الْحَاكِمُ الْأَوَّلَ وَإِسْنَادَ الثَّانِيَ، فَيَحْرُمُ التَّفْضِيلُ وَإِنْ تَرَجَّحَتْ وَاحِدَةٌ بِشَرَفٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْقَسْمُ مَعَ امْتِنَاعِ الْجِمَاعِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْأُنْسُ وَالتَّحَرُّزُ عَنْ التَّخْصِيصِ الْمُوحِشِ لَا الْجِمَاعِ؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِالنَّشَاطِ وَلَا يَمْلِكُهُ.
وَلِهَذَا لَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ فِيهِ وَلَا فِي غَيْرِهِ مِنْ التَّمَتُّعَاتِ لَكِنْ تُسْتَحَبُّ، وَخَرَجَ بِالزَّوْجَاتِ الْإِمَاءُ قَالَ تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] أَشْعَرَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْعَدْلُ - الَّذِي هُوَ فَائِدَةُ الْقَسْمِ - فِي مِلْكِ الْيَمِينِ فَلَا يَجِبُ الْقَسْمُ فِيهِ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ، كَمَا سَيَأْتِي وَالتَّصْرِيحُ بِالزَّوْجَتَيْنِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ (خَلَا مُعْتَدَّةٍ) عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ، أَوْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَلَا يَجِبُ لَهَا قَسْمٌ لِحُرْمَةِ الْخَلْوَةِ بِهَا (وَ) خَلَا (نَاشِزًا) بِأَنْ خَرَجَتْ عَنْ طَاعَةِ زَوْجِهَا وَإِنْ لَمْ تَأْثَمْ بِنُشُوزِهَا كَمَجْنُونَةٍ وَخَلَا أَمَةً لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ وَمِثْلُهَا صَغِيرَةٌ، لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا (مُمَثِّلَا) النُّشُوزَ (بِأَنْ دَعَاهُنَّ إلَى مَسْكَنِهِ فَلَمْ تُجِبْهُ) وَاحِدَةٌ وَلَوْ لِشُغْلٍ فَهِيَ نَاشِزَةٌ لِلُزُومِ الْإِجَابَةِ لَهُنَّ وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَدُورَ عَلَيْهِنَّ فِي مَسَاكِنِهِنَّ اقْتِدَاءً بِهِ صلى الله عليه وسلم وَصَوْنًا لَهُنَّ عَنْ الْخُرُوجِ وَاسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ ذَلِكَ مَنْ لَهَا عُذْرٌ كَمَرَضٍ وَنَحْوِهِ وَمَنْ كَانَتْ ذَاتَ قَدْرٍ وَخَفَرٍ لَمْ تَعْتَدْ الْبُرُوزَ فَلَا يَلْزَمُهُمَا إجَابَتُهُ، وَعَلَيْهِ أَنْ يَقْسِمَ لَهُمَا فِي بَيْتِهِمَا، وَكَلَامُ النِّهَايَةِ يُشِيرُ إلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فِيهَا وَهُوَ حَسَنٌ، وَإِنْ اسْتَغْرَبَهُ الرُّويَانِيُّ، وَخَرَجَ بِمَسْكَنِهِ مَسْكَنُ إحْدَاهُنَّ؛ إذْ لَا يَلْزَمُهَا الْإِجَابَةُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَمِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ ضَرَّتَيْنِ بِمَسْكَنٍ وَاحِدٍ بِغَيْرِ رِضَاهُمَا (أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ تَرْحَلُ) أَيْ: تُسَافِرُ وَلَوْ لِغَرَضِهِ فَنَاشِزَةٌ لِفَوَاتِ التَّمَتُّعِ إلَّا أَنْ تُسَافِرَ مَعَهُ نَعَمْ لَوْ بَاتَ عِنْدَ الْحُرَّةِ لَيْلَتَهَا، فَسَافَرَ السَّيِّدُ بِالزَّوْجَةِ الْأَمَةِ قَضَى لَهَا الزَّوْجُ إذَا تَمَكَّنَ؛ لِأَنَّ الْفَوَاتَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (أَوْ) تَرْحَلُ (لِغَرَضٍ شَرْعِيِّ لَهَا) كَحَجٍّ وَتِجَارَةٍ وَلَوْ بِإِذْنِهِ لِفَوَاتِ التَّمَتُّعِ لِمَصْلَحَتِهَا وَإِذْنِهِ رُفِعَ الْإِثْمُ عَنْهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ لِغَرَضِهِ فَيَقْضِي حَقَّهُمَا مِنْ نُوَبِ الْبَاقِيَاتِ.
(فَرْعٌ)
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: قَالَ الرُّويَانِيُّ فِي التَّجْرِبَةِ: لَوْ ظَهَرَ زِنَاهَا حَلَّ لَهُ مَنْعُ قَسْمِهَا وَحُقُوقِهَا لِتَفْتَدِيَ مِنْهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَهُوَ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ وَإِنَّمَا يَجِبُ الْقَسْمُ (عَلَى) الزَّوْجِ (الْعَاقِلِ) وَلَوْ سَفِيهًا وَمُرَاهِقًا بِمَعْنَى أَنَّهُ إنْ جَارَ فَالْإِثْمُ عَلَى وَلِيِّهِ إنْ عُلِمَ (وَ) عَلَى (الْوَلِيِّ) لِلْمَجْنُونِ (وَهْوَ) أَيْ: قَسْمُهُ (بِأَنْ يَطُوفَ بِالْمَجْنُونِ) عَلَى زَوْجَاتِهِ، أَوْ بِدَعْوِهِنَّ إلَيْهِ، أَوْ يَطُوفُ بِهِ عَلَى بَعْضٍ وَيَدْعُو بَعْضًا بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ (إنْ لَمْ يُؤْذِهِ الْوَطْءُ) وَظَهَرَ مِنْهُ مَيْلٌ إلَى النِّسَاءِ، أَوْ قَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ: يَنْفَعُهُ الْوَطْءُ (وَصَوْلُهُ) أَيْ: وَالْحَالَةُ أَنَّ صِيَالَهُ (أُمِنْ) فَإِنْ انْتَفَى شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا وُجُوبَ عَلَى الْوَلِيِّ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْهُ إنْ أَضَرَّ بِهِ الْوَطْءُ هَذَا إنْ جُنَّ قَبْلَ قَسْمِهِ لِبَعْضِهِنَّ، أَوْ بَعْدَ التَّسْوِيَةِ، وَإِلَّا فَعَلَى الْوَلِيِّ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي النَّظْمِ
ــ
[حاشية العبادي]
(قَوْلُهُ: فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ) كَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى مَيْلِ الْقَلْبِ. (قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا) فِيهِ نِزَاعٌ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: حَلَّ لَهُ مَنْعُ قَسْمِهَا) وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ بَاطِنًا مُعَاقَبَةً لَهَا لِتَلَطُّخِ فِرَاشِهِ، أَمَّا فِي الظَّاهِرِ فَدَعْوَاهُ عَلَيْهَا ذَلِكَ مَقْبُولَةٌ، بَلْ وَلَوْ ثَبَتَ زِنَاهَا لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يُمَكِّنَهُ مِنْ ذَلِكَ فِيمَا يَظْهَرُ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى أَنَّهُ) أَيْ: الْمُرَاهِقَ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَعَلَى الْوَلِيِّ إلَخْ) فَإِنْ قِيلَ: تُفَارِقُ هَذِهِ الْحَالَةَ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: لَكِنْ يُسْتَحَبُّ) أَيْ إنْ قَدَرَ فَلَمَّا كَانَ غَيْرَ دَاخِلٍ تَحْتَ الْقُدْرَةِ لَمْ يَجِبْ، فَإِذَا وُجِدَ بِقُدْرَةِ اللَّهِ اُسْتُحِبَّ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي سم عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ: وَخَلَا أَمَةً لَا تَسْتَحِقُّ إلَخْ) بِأَنْ كَانَتْ غَيْرَ مُسْلِمَةٍ لِزَوْجِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا. اهـ. م ر. (قَوْلُهُ: وَمِنْ الْجَمْعِ إلَخْ) فَإِنَّهُ حَرَامٌ إلَّا بِرِضَاهُمَا. اهـ. م ر، لَكِنَّ الْمُرَادَ بِالْمَسْكَنِ مَا يَلِيقُ بِالْمَرْأَةِ مِنْ دَارٍ وَبَيْتٍ وَحُجْرَةٍ فَاَللَّوَاتِي يَلِيقُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ دَارٌ لَا يَجْمَعُهُنَّ فِي دَارٍ وَاَللَّوَاتِي يَلِيقُ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حُجْرَةٌ لَا يَجْمَعُهُنَّ فِي حُجْرَةٍ وَهَكَذَا وَإِذَا جَمَعَهُنَّ فِي حُجَرٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَرَافِقُ كُلٍّ غَيْرَ مَرَافِقِ الْأُخْرَى، كَذَا فِي الْأَنْوَارِ قَالَ سم: وَتَجْوِيزُ إسْكَانِ بَعْضِهِنَّ فِي السُّفْلِ وَبَعْضِهِنَّ فِي الْعُلْوِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعَدُّدُ السَّطْحِ. اهـ. وَفِي الِاقْتِضَاءِ نَظَرٌ، تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَسَافَرَ السَّيِّدُ بِالْأَمَةِ إلَخْ) أَيْ بَعْدَ أَنْ بَاتَ عِنْدَ الْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ وَلَا يُخَالِفُهُ قَوْلُهُمْ: إنَّمَا يَجِبُ لَهَا الْقَسْمُ إذَا سَلَمَتْ لَيْلًا وَنَهَارًا؛ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ حَقَّهَا لَمَّا قَسَمَ لِلْحُرَّةِ وَقَدْ كَانَتْ تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةُ فَلَمَّا سَافَرَ بِهَا لَمْ تَسْقُطْ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ بِخِلَافِ النَّاشِزَةِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَهُوَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَالْقَاضِي وَاعْتَمَدَهُ م ر قَالَ: لِأَنَّهَا مُكْرَهَةٌ فَهِيَ مَعْذُورَةٌ. اهـ. وَكَأَنَّ الْعِلَّةَ هِيَ مَجْمُوعُ اسْتِحْقَاقِهَا بِالْقَسْمِ لِلْحُرَّةِ مَعَ الْعُذْرِ أَمَّا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الشِّقِّ الْأَوَّلِ، وَرَدَ عَلَيْهِ النَّاشِزَةَ بَعْدَ الْقَسْمِ أَوْ الشِّقِّ الثَّانِي، وَرَدَ عَلَيْهِ مَا لَوْ سَافَرَ بِهَا قَبْلَ الْقَسْمِ لِلْحُرَّةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِغَرَضِهِ) وَلَوْ مَعَ غَرَضِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ) الْأَصَحُّ خِلَافُهُ. اهـ. م ر حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَعَلَى الْوَلِيِّ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ) يُفِيدُ أَنَّهُ
أَنْ يَقْسِمَ لِلْبَاقِيَاتِ إنْ طَلَبْنَ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ مَيْلٌ وَلَا أَخْبَرَ مُخْبِرٌ بِمَا ذَكَرَ، وَلَهُنَّ التَّأْخِيرُ إلَى الْإِفَاقَةِ لِتَتِمَّ الْمُؤَانَسَةُ هَذَا كُلُّهُ إنْ أُطْبِقَ جُنُونُهُ، فَإِنْ تَقَطَّعَ وَضُبِطَ كَلَيْلَةٍ وَلَيْلَةٍ لَمْ يَخُصَّ بَعْضَهُنَّ بِالْإِفَاقَةِ، كَمَا قَالَ (وَوَقْتَ عَقْلٍ لَا يَخُصُّ إنْ ضُبِطْ) قَالَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ: بَلْ يَطْرَحُ أَوْقَاتَ الْجُنُونِ كَأَوْقَاتِ الْغَيْبَةِ، وَيَقْسِمُ فِي أَوْقَاتِ إفَاقَتِهِ فَلَوْ أَقَامَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ فِي زَمَنِ الْجُنُونِ فَلَا اعْتِدَادَ بِهِ وَلَا قَضَاءَ بِسَبَبِهِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: يُرَاعِي الْقَسْمَ فِي أَوْقَاتِ الْإِفَاقَةِ وَيُرَاعِيهِ الْوَلِيُّ فِي أَوْقَاتِ الْجُنُونِ، وَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ نَوْبَةٌ مِنْ هَذِهِ وَنَوْبَةٌ مِنْ هَذِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَهَذَا حَسَنٌ وَفِي نُسْخَةٍ مِنْهَا: أَحْسَنُ وَكَلَامُ النَّظْمِ كَالْحَاوِي يَحْتَمِلُ الْمَقَالَتَيْنِ وَهُوَ إلَى الثَّانِي أَقْرَبُ، وَإِنْ حُمِلَ فِي التَّعْلِيقَةِ كَلَامُ الْحَاوِي عَلَى الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَضْبِطْ فَكَالْمُطْبَقِ نَعَمْ لَوْ قَسَمَ لِوَاحِدَةٍ زَمَنَ الْجُنُونِ وَأَفَاقَ فِي نَوْبَةٍ أُخْرَى قَضَى لِلْأُولَى مَا جَرَى فِي زَمَنِ الْجُنُونِ لِنَقْصِهِ، كَمَا قَالَ (وَلْيَقْضِ لِلْأُخْرَى لِفَوْتِ مَا شُرِطْ) مِنْ الضَّبْطِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يُمْكِنُهُ وَطْءٌ أَنْ يَطُوفَ بِهِ لِعَدَمِ الْمَقْصُودِ مِنْ الْقَسْمِ. اهـ.
وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهُ عَلَيْهِ فِيمَا لَوْ قَسَمَ لِبَعْضِهِنَّ وَطَلَبَتْ الْبَاقِيَاتُ لِحُصُولِ الْأُنْسِ بِالصَّبِيِّ كَالْمَجْنُونِ وَكَلَامُهُمْ جَرَوْا فِيهِ عَلَى الْغَالِبِ، وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الْمَجْنُونَ يُمْكِنُهُ الْوَطْءُ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ لَا أَثَرَ لَهُ.
(وَلَيْلَةٌ أَقَلُّهُ) أَيْ: الْقَسْمِ أَيْ: أَقَلُّ نُوَبِهِ لَيْلَةٌ لِمَا فِي تَبْعِيضِهَا مِنْ تَنْغِيصِ الْعَيْشِ وَلِعُسْرِ ضَبْطِ أَجْزَاءِ اللَّيْلِ، وَمِنْ هُنَا لَا يَجُوزُ الْقَسْمُ بِلَيْلَةٍ وَبَعْضِ أُخْرَى وَالْأَوْلَى أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ اقْتِدَاءً بِهِ صلى الله عليه وسلم وَلِيَقْرَبَ عَهْدُهُ بِهِنَّ (وَفِي الْأَصَحْ ثَلَاثُ الْأَقْصَى) أَيْ: وَأَكْثَرُ نُوَبِ الْقَسْمِ ثَلَاثُ لَيَالٍ وَلَا زِيَادَةَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ رِضَاهُنَّ وَإِنْ تَفَرَّقْنَ فِي الْبِلَادِ؛ لِأَنَّ فِيهَا إيحَاشًا وَهَجْرًا لَهُنَّ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي أَنَّهُ يُزَادُ عَلَيْهَا فَقِيلَ: إلَى سَبْعٍ؛ لِأَنَّهَا مُدَّةٌ قَدْ تَسْتَحِقُّ لِلْجَدِيدَةِ، كَمَا سَيَأْتِي وَقِيلَ: مَا لَمْ يَبْلُغْ خَمْسَ سِنِينَ وَقِيلَ: مَا لَمْ يَبْلُغْ مُدَّةَ تَرَبُّصِ الْمُولِي ذَكَرَهَا الرَّافِعِيُّ وَعَزَا الثَّالِثَ مِنْهَا إلَى الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِ وَهَذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْغَزَالِيُّ بَلْ قَالَ فِي بَسِيطِهِ: وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا تَقْدِيرَ بِزَمَانٍ وَلَا تَوْقِيتَ أَصْلًا وَإِنَّمَا التَّقْدِيرُ إلَى الزَّوْجِ وَلَمْ يَنْظُرْ أَحَدٌ إلَى مُدَّةِ الْإِيلَاءِ وَإِنْ كَانَ مُحْتَمِلًا وَفِي النِّهَايَةِ نَحْوُهُ وَعَلَى مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ لَوْ عَبَّرَ قَائِلُهُ فِيهِ بِمَا لَمْ يَبْلُغْ فَوْقَ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ لَكَانَ، أَوْلَى (بِقُرْعَةٍ فَتَحْ) أَيْ: افْتَتَحَ بِهَا وُجُوبًا الْقَسْمَ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ تَحَرُّزًا عَنْ التَّرْجِيحِ فَيَبْدَأُ بِمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهَا وَبَعْدَ تَمَامِ نَوْبَتِهَا يَقْرَعُ بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ، ثُمَّ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ ثُمَّ يُرَاعِي التَّرْتِيبَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْقُرْعَةِ وَلَوْ بَدَأَ بِوَاحِدَةٍ بِلَا قُرْعَةٍ فَقَدْ ظَلَمَ وَيَقْرَعُ بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ فَإِذَا تَمَّتْ أَقْرَعَ لِلْأُولَى وَكَأَنَّهُ ابْتَدَأَ الْقَسْمَ أَيْ: فَيَقْرَعُ بَيْنَ الْجَمِيعِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَارِحُ الْهَادِي (وَجَازَ أَنْ يَتْرُكَهُنَّ) بِلَا مَبِيتٍ وَجِمَاعٍ (دَهْرَهْ) ؛ لِأَنَّهَا حَقُّهُ فَلَهُ تَرْكُهُمَا، لَكِنَّ الْأَوْلَى خِلَافُهُ بَلْ فِي الْبَسِيطِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ فَقَدْ يَحْمِلُهُنَّ ذَلِكَ عَلَى الْفُجُورِ.
(وَضِعْفُ مَا لِأَمَةٍ لِلْحُرَّهْ) فَدَوْرُهُمَا أَثْلَاثُ لَيْلَتَانِ لِلْحُرَّةِ وَلَيْلَةٌ لِلْأَمَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْسِمَ لِلْحُرَّةِ ثَلَاثًا وَلِلْأَمَةِ لَيْلَةً وَنِصْفًا وَالْمُبَعِّضَةُ كَالْأَمَةِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ (لَا لِلَّتِي تَعْتِقُ قَبْلَ اسْتِقْصَا) أَيْ: قَبْلَ تَمَامِ (لَيْلَتِهَا) فَلَيْسَ ضِعْفُ مَا لَهَا لِلْحُرَّةِ فَلَوْ بَدَأَ فِي الْقَسْمِ بِالْحُرَّةِ فَعَتَقَتْ فِي أَوْلَى لَيْلَتَيْهَا الْأَمَةُ أَتَمَّهَا وَبَاتَ الثَّانِيَةَ عِنْدَ الْعَتِيقَةِ، أَوْ فِي الثَّانِيَةِ أَتَمَّهَا وَبَاتَ عِنْدَ الْعَتِيقَةِ لَيْلَتَيْنِ، وَلَوْ خَرَجَ بَقِيَّتَهَا لِنَحْوِ مَسْجِدٍ
ــ
[حاشية العبادي]
الْأُولَى إذْ يَجِبُ أَيْضًا عَلَى الْوَلِيِّ فِيهَا كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ: وَعَلَى الْوَلِيِّ لِلْمَجْنُونِ إلَخْ قُلْتُ: الْوُجُوبُ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى لَيْسَ عَلَى الْإِطْلَاقِ لِسُقُوطِهِ إذَا لَمْ يَرَ الْمَصْلَحَةَ فِيهِ وَلَمْ يَقْسِمْ لِبَعْضِهِنَّ، كَمَا فِي الْعَاقِلِ بِخِلَافِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُتَصَوَّرُ سُقُوطُهُ. .
(قَوْلُهُ: إنْ طَلَبْنَ) فَلَوْ طَلَبْنَ التَّأْخِيرَ إلَى الْإِفَاقَةِ فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الْإِجَابَةِ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا فَلْيُتَأَمَّلْ مَوْقِعُهُ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَهُنَّ التَّأْخِيرُ إلَى الْإِفَاقَةِ. (قَوْلُهُ: فَلَا اعْتِدَادَ بِهِ وَلَا قَضَاءَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: ثُمَّ قَالَ أَيْ: فِي الْأَصْلِ وَحَكَى أَبُو الْفَرَجِ وَجْهًا أَنَّهُ يَقْضِي لِلْبَاقِيَاتِ، ثُمَّ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ هُوَ مَا حَكَاهُ أَبُو الْفَرَجِ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَيَصِحُّ حَمْلُهُ: عَلَى مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر
(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَفَرَّقْنَ فِي الْبِلَادِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ تَبَاعَدْنَ جِدًّا وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً بِالْمَشْرِقِ وَالْأُخْرَى بِالْمَغْرِبِ وَقَدْ يَرِدُ حِينَئِذٍ وُجُودُ الْإِيحَاشِ بِطُولِ مُدَّةِ الْوُصُولِ إلَيْهَا زِيَادَةً عَلَى نَوْبَةِ غَيْرِهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ: الْإِيحَاشُ إنَّمَا يَحْصُلُ بِطُولِ الْمُدَّةِ عِنْدَ ضَرَّتِهَا لَا بِطُولِهَا فِي السَّعْيِ إلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ مَا لَمْ تَبْلُغْ خَمْسَ سِنِينَ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُهُ بِرّ. (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَوْلَى) ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ إنَّمَا يَظْهَرُ بَعْدَهَا بِدَلِيلِ أَنَّ أَحْكَامَ الْإِيلَاءِ إنَّمَا تَثْبُتُ بَعْدَهَا وَقَدْ يُجَابُ
ــ
[حاشية الشربيني]
لَوْ قَسَمَ لِبَعْضِهِنَّ وَبَقِيَ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ دَوْرٍ وَطَلَبْنَهُ وَكَانَ لَا يُؤْمَنُ ضَرَرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ الطَّوَافُ بِهِ وَكَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ كَالصَّرِيحِ فِي الْوُجُوبِ حِينَئِذٍ سم عَلَى حَجَرٍ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ الشَّرْحِ وَلَا يَلْزَمُ الْوَلِيَّ الطَّوَافُ بِالْمَجْنُونِ عَلَيْهِنَّ سَوَاءٌ أَمِنَ مِنْهُ الضَّرَرَ أَمْ لَا إلَّا إنْ طُولِبَ بِقَضَاءِ قَسْمٍ. اهـ. وَيُمْكِنُ تَخْصِيصُ الِاسْتِثْنَاءِ بِالشِّقِّ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ خَوْفَ الْوَلِيِّ عَلَيْهِنَّ مِنْهُ عُذْرٌ فِي إسْقَاطِ الْوُجُوبِ عَنْهُ عِنْدَ خَوْفِ الضَّرَرِ. (قَوْلُهُ: إنْ طَلَبْنَ) قُيِّدَ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْعَاقِلُ إذَا قَسَمَ لِبَعْضِهِنَّ وَجَبَ بِلَا طَلَبٍ تَخْفِيفًا عَلَى وَلِيِّ ذِي الْجُنُونِ مَعَ كَوْنِهِ مَظِنَّةَ الْإِيذَاءِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: لَوْ عَبَّرَ قَائِلُهُ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ بُلُوغَ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ فِيهِ الْمَحْذُورُ الَّذِي يَلْزَمُ الْمُوَلِّي بِخِلَافِ مَا دُونَهُ
(قَوْلُهُ: أَتَمَّهَا وَبَاتَ الثَّانِيَةَ عِنْدَ الْعَتِيقَةِ) أَيْ: إنْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ لِلْحُرَّةِ عَلَى لَيْلَةٍ، وَإِلَّا فَلَهُ تَوْفِيَةُ الْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ وَإِقَامَةُ مِثْلِهِمَا عِنْدَ الْعَتِيقَةِ؛ لِأَنَّ الْمِقْدَارَ الَّذِي يَضُرُّ بِهِ لَا يَتَحَتَّمُ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِهِ قَالَهُ الْإِمَامُ وَقَالَ
لَمْ يَقْضِ مَاضِيَهَا، أَوْ إلَى الْعَتِيقَةِ فَقَدْ أَحْسَنَ، أَوْ عَتَقَتْ فِي لَيْلَةِ نَفْسِهَا كَمَّلَ لَهَا لَيْلَتَيْنِ لِالْتِحَاقِهَا بِالْحُرَّةِ قَبْلَ الْوَفَاءِ، أَوْ بَعْدَ تَمَامِ لَيْلَتِهَا اقْتَصَرَ عَلَى تِلْكَ اللَّيْلَةِ ثُمَّ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا، كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ النَّظْمِ، وَلَوْ بَدَأَ بِالْأَمَةِ فَعَتَقَتْ فِي لَيْلَتِهَا أَتَمَّهَا وَبَاتَ عِنْدَ الْحُرَّةِ لَيْلَةً وَاحِدَةً وَبَعْدَهَا، فَقَضِيَّةُ كَلَامِ النَّظْمِ مَا قَطَعَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَالسَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ يُوَفِّي الْحُرَّةَ لَيْلَتَيْنِ، ثُمَّ يُسَوِّي وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْأَمَةَ قَدْ اسْتَوْفَتْ لَيْلَتَهَا قَبْلَ عِتْقِهَا، فَتَسْتَوْفِي الْحُرَّةُ بِإِزَائِهَا لَيْلَتَيْنِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابُهُ وَصَاحِبَا الْمُهَذَّبِ وَالتَّهْذِيبِ: إنْ عَتَقَتْ فِي أُولَى لَيْلَتَيْ الْحُرَّةِ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا، أَوْ فِي الثَّانِيَةِ خَرَجَ حَالًا لِمُسَاوَاتِهَا الْحُرَّةَ قَبْلَ وَفَائِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فَقَدْ حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْعِرَاقِيُّونَ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْجَدِيدِ مَا يُخَالِفُهُ وَاسْتَشْكَلَ الْمَاوَرْدِيُّ النَّصَّ بِأَنَّ عِتْقَ الْأَمَةِ يُوجِبُ تَكْمِيلَ حَقِّهَا، وَلَا يُوجِبُ نُقْصَانَ حَقِّ غَيْرِهَا فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْحُرَّةُ عَلَى حَقِّهَا وَتَسْتَقْبِلُ زِيَادَةَ الْأَمَةِ بَعْدَ عِتْقِهَا. قَالَ: فَلَوْ لَمْ تَعْلَمْ الْأَمَةُ بِعِتْقِهَا حَتَّى مَرَّ عَلَيْهَا أَدْوَارٌ وَهُوَ يَقْسِمُ لَهَا قَسْمَ الْإِمَاءِ لَا يَقْضِي لَهَا مَا مَضَى وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: الْقِيَاسُ أَنَّهُ يَقْضِي لَهَا. اهـ.
وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ عِنْدَ عِلْمِ الزَّوْجِ بِذَلِكَ.
(وَهْوَ) أَيْ: الزَّوْجُ عِنْدَ الزِّفَافِ (بِسَبْعٍ) مِنْ اللَّيَالِيِ (خَصَّا جَدِيدَةً مَا وُطِئَتْ) فِي قُبُلِهَا وَهِيَ الَّتِي يَكْفِي سُكُوتُهَا فِي الْإِذْنِ فِي النِّكَاحِ (أَمَّا سِوَى بِكْرٍ) يَعْنِي الثَّيِّبَ بِوَطْءٍ (فَبِالثَّلَاثِ خَصَّهَا هُوَ) لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «سَبْعٌ لِلْبِكْرِ وَثَلَاثٌ لِلثَّيِّبِ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ «مِنْ السُّنَّةِ إذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ عَلَى الثَّيِّبِ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا، ثُمَّ قَسَمَ وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ عَلَى الْبِكْرِ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَسَمَ» وَالْمَعْنَى فِيهِ زَوَالُ الْحِشْمَةِ بَيْنَهُمَا وَزِيدَ لِلْبِكْرِ؛ لِأَنَّ حَيَاءَهَا أَكْثَرُ وَالْحِكْمَةُ فِي الثَّلَاثِ وَالسَّبْعِ أَنَّ الثَّلَاثَ مُغْتَفِرَةٌ فِي الشَّرْعِ وَالسَّبْعُ عَدَدُ أَيَّامِ الدُّنْيَا وَمَا زَادَ عَلَيْهَا تَكْرَارٌ، وَلَا فَرْقَ فِي الْجَدِيدَةِ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ وَالْمُسْلِمَةِ وَالْكَافِرَةِ حَتَّى لَوْ وَفَاهَا حَقَّهَا وَأَبَانَهَا وَجَدَّدَ نِكَاحَهَا وَجَبَ لَهَا ذَلِكَ لِعَوْدِ الْجِهَةِ وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ مُسْتَوْلَدَتَهُ، أَوْ مُسْتَفْرِشَتَهُ، ثُمَّ نَكَحَهَا، وَلَوْ أَقَامَ عِنْدَ الْبِكْرِ ثَلَاثًا وَافْتَضَّهَا، ثُمَّ أَبَانَهَا وَنَكَحَهَا فَلَهَا حَقُّ الثَّيِّبِ وَقِيلَ: يُكَمِّلُ عَلَى الْأَوَّلِ.
وَخَرَجَ بِالْجَدِيدَةِ الرَّجْعِيَّةُ لِبَقَائِهَا عَلَى النِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَيُوَالِي بَيْنَ السَّبْعِ وَالثَّلَاثِ بِلَا قَضَاءٍ لِلْبَاقِيَاتِ؛ لِأَنَّ الْحِشْمَةَ لَا تَزُولُ بِالْمَفْرِقِ فَلَوْ فَرَّقَ لَمْ يُحْسَبْ فَيُوفِيهَا حَقَّهَا وَلَاءً، ثُمَّ يَقْضِي مَا فَرَّقَ وَالتَّخْصِيصُ بِمَا ذُكِرَ وَاجِبٌ لِلْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ وَإِنَّمَا يَجِبُ إذَا كَانَ فِي نِكَاحِهِ أُخْرَى يَبِيتُ عِنْدَهَا، وَإِلَّا فَلَا وُجُوبَ؛ لِأَنَّ لَهُ تَرْكَهُنَّ، كَمَا مَرَّ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ وَنَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّاهُ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمَا: لَوْ نَكَحَ جَدِيدَتَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ فِي نِكَاحِهِ غَيْرَهُمَا وَجَبَ لَهُمَا حَقُّ الزِّفَافِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: لَمْ يَقْضِ مَاضِيَهَا) أَيْ: فَلَا يَلْزَمُهُ لِلْعَتِيقَةِ إلَّا لَيْلَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: إنْ قُلْتَ هَذَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ الْأَوَّلَ إنْ كَانَ حَقًّا لِلْحُرَّةِ وَجَبَ إذَا نَامَ عِنْدَهَا اللَّيْلَةَ أَنْ لَا يَقْضِيَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَقًّا لَهَا وَجَبَ قَضَاؤُهُ، قُلْتُ كَأَنَّهُمْ جَعَلُوا مَا قَبْلَ الْعِتْقِ تَابِعًا لِمَا بَعْدَهُ إنْ خَرَجَ، أَوْ اسْتَمَرَّ، أَمَّا إذَا خَرَجَ فَلِوُقُوعِ التَّابِعِ حَالَ نَقْصِهَا، وَأَمَّا إذَا اسْتَمَرَّ فَلِوُقُوعِ الْمُتَبَرِّعِ حَالَ الْكَمَالِ وَأَيْضًا هُوَ فِي الْأَوَّلِ مُمْتَثِلٌ وَفِي الثَّانِي مُقَصِّرٌ. اهـ. بِرّ. (قَوْلُهُ: خَرَجَ حَالًا) بِهَذَا يُخَالِفُ الْأَوَّلَ. (قَوْلُهُ: الْقِيَاسُ أَنَّهُ يَقْضِي لَهَا) يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِعِلْمِ الزَّوْجِ م ر
(قَوْلُهُ: عَلَى الثَّيِّبِ) اُنْظُرْ حِكْمَةَ التَّقْيِيدِ بِالثَّيِّبِ مَعَ أَنَّ الْبِكْرَ كَذَلِكَ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَكَذَا قَوْلُهُ: الْآتِي عَلَى الْبِكْرِ اُنْظُرْ حِكْمَةَ التَّقْيِيدِ فِيهِ بِالْبِكْرِ مَعَ أَنَّ الثَّيِّبَ كَذَلِكَ، ثُمَّ رَأَيْت تَوْجِيهَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَذْكُرُ الْمِثْلَ لِنُدْرَتِهِ فِي الْبِكْرَيْنِ، وَالْعِلْمِ بِهِ بِالْأُولَى مِنْ الثَّيِّبَيْنِ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي النُّدْرَةِ فِي الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَجَبَ لَهَا ذَلِكَ لِعَوْدِ الْجِهَةِ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ وَكَثُرَ. (قَوْلُهُ: يَبِيتُ عِنْدَهَا) التَّعْبِيرُ بِالْمُضَارِعِ دُونَ الْمَاضِي فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَوْ بَاتَ عِنْدَهَا وَقَصَدَ تَرْكَ الْمَبِيتِ عِنْدَهَا بَعْدَ نِكَاحِ
ــ
[حاشية الشربيني]
غَيْرُهُ: وَالثَّلَاثُ كَاللَّيْلَتَيْنِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: فَقَدْ أَحْسَنَ) ظَاهِرُهُ كَشَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ مِنْ نَوْبَتِهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُوَفِّي الْحُرَّةَ) مُعْتَمَدٌ م ر وَقَوْلُهُ: وَقَالَ إلَخْ ضَعِيفٌ.
(قَوْلُهُ: مَا وَطِئَتْ) أَيْ: عِنْدَ الدُّخُولِ لَا عِنْدَ الْعَقْدِ. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: وَافْتَضَّهَا ثُمَّ أَبَانَهَا) أَمَّا لَوْ أَبَانَهَا بِكْرًا فَقَدْ اسْتَقْرَبَ ع ش أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا إذَا جَدَّدَ نِكَاحَهَا سَبْعٌ وَيَسْقُطُ بَاقِي السَّبْعِ الْأَوَّلِ وَقَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: يَجِبُ لَهَا مَعَ السَّبْعِ بَاقِي السَّبْعِ الْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: فَلَهَا حَقُّ الثَّيِّبِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَقْضِي لَهَا مَا فَاتَ بِالْإِبَانَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهَا لَمْ تَبْقَ عَلَى ذِمَّتِهِ قَبْلَ الْإِبَانَةِ إلَّا مُدَّةَ الثَّلَاثِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ السَّبْعَ لَا تَجِبُ إلَّا لِمَنْ بَقِيَتْ زَوْجَةٌ مُدَّتَهَا وَحِينَئِذٍ لَوْ أَبَانَهَا قَبْلَ تَوْفِيَةِ حَقِّهَا ثُمَّ نَكَحَهَا لَزِمَهُ تَوْفِيَةُ حَقِّهَا بِلَا خِلَافٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَلَهَا حَقُّ الثَّيِّبِ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ إنْ قُلْنَا: يَتَجَدَّدُ حَقُّ الزِّفَافِ بَاتَ عِنْدَهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ زِفَافِ الثَّيِّبِ وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَتَجَدَّدُ بِأَنَّ أَرْبَعًا تَتْمِيمًا لِلزِّفَافِ الْأَوَّلِ. اهـ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَقْضِي مَا فَرَّقَ) أَيْ مِنْ نَوْبَتِهَا م ر وَظَاهِرُهُ
لِأَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ أَرَادَ الْقَسْمَ نَعَمْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: الْأَقْوَى الْمُخْتَارُ وُجُوبُهُ مُطْلَقًا لِخَبَرِ أَنَسٍ وَيُسْتَحَبُّ تَخْيِيرُ الثَّيِّبِ بَيْنَ ثَلَاثٍ بِلَا قَضَاءٍ وَسَبْعٍ بِقَضَاءٍ، كَمَا «فَعَلَ صلى الله عليه وسلم بِأُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها حَيْثُ قَالَ لَهَا: إنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ عِنْدَكَ وَسَبَّعْتُ عِنْدَهُنَّ وَإِنْ شِئْتِ ثَلَّثْتُ عِنْدَكِ وَدُرْتُ» أَيْ: بِالْقَسْمِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا لَقَالَ: وَثَلَّثْتُ عِنْدَهُنَّ رَوَاهُ مَالِكٌ وَكَذَا مُسْلِمٌ بِمَعْنَاهُ.
(وَإِنْ يُسَبِّعْ) لِلثَّيِّبِ (وَالْتِمَاسُهَا) لِلسَّبْعِ (بَدَا) أَيْ: ظَهَرَ (قَضَى) جَمِيعَ السَّبْعِ (لِغَيْرِهَا) ؛ لِأَنَّهَا طَمِعَتْ فِي الْحَقِّ الْمَشْرُوعِ لِغَيْرِهَا فَبَطَلَ حَقُّهَا، وَشَبَّهَهُ فِي التَّتِمَّةِ بِبَيْعِ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ سَبَّعَ لَهَا بِغَيْرِ الْتِمَاسِهَا لِلسَّبْعِ بِأَنْ لَمْ تَلْتَمِسْ شَيْئًا، أَوْ الْتَمَسَتْ مَا دُونَ السَّبْعِ قَضَى لِغَيْرِهَا (الزَّائِدَا) عَلَى الثَّلَاثِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَطْمَعْ فِي الْحَقِّ الْمَشْرُوعِ لِغَيْرِهَا، وَلَوْ الْتَمَسَتْ الْبِكْرُ أَكْثَرَ مِنْ حَقِّهَا كَأَنْ الْتَمَسَتْ عَشْرًا لَمْ يَجُزْ إجَابَتُهَا فَإِنْ أَجَابَهَا لَمْ يَقْضِ إلَّا مَا زَادَ عَلَى السَّبْعِ.
قَالَ الشَّيْخَانِ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَقْطَعَهُ حَقُّ الزِّفَافِ عَنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ كَالْجَمَاعَةِ وَالْعِيَادَةِ وَتَشْيِيعِ الْجِنَازَةِ نَهَارًا، أَمَّا لَيْلًا فَيُمْتَنَعُ الْخُرُوجُ لِذَلِكَ تَقْدِيمًا لِلْوَاجِبِ، وَفِي دَوَامِ الْقَسْمِ تَجِبُ التَّسْوِيَةُ فِي الْخُرُوجِ لِأَعْمَالِ الْبِرِّ وَعَدَمِهِ بِأَنْ يَخْرُجَ فِي لَيْلَةِ الْجَمِيعِ، أَوْ لَا يَخْرُجُ أَصْلًا، فَلَوْ خَرَجَ فِي لَيْلَةِ بَعْضِهِنَّ فَقَطْ حَرُمَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَمَا ذَكَرَاهُ فِي اللَّيْلِ طَرِيقَةٌ شَاذَّةٌ لِبَعْضِ الْعِرَاقِيِّينَ وَقَضِيَّةُ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ وَكَلَامُ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فِي اسْتِحْبَابِ الْخُرُوجِ لِمَا ذُكِرَ وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِهِ مِنْ الْمَرَاوِزَةِ الْجُوَيْنِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَالْغَزَالِيُّ فِي خُلَاصَتِهِ نَعَمْ الْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِزِيَادَةِ الْإِقَامَةِ فِي مُدَّةِ الزِّفَافِ عَلَى أَيَّامِ الْقَسْمِ فَيُرَاعَى ذَلِكَ، وَقَوْلُهُمْ: الْإِقَامَةُ لَيْلًا وَاجِبَةٌ فَلَا تُتْرَكُ لِلْمَنْدُوبِ، جَوَابُهُ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ لَا عَلَى مَا ذَكَرْتُمْ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَخْرُجُ لَيْلًا وَكَانَ يَسْمُرُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ فِي أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهَا» وَكَذَلِكَ الصَّحَابَةُ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ لَيَالِيِ الزِّفَافِ وَغَيْرِهَا، وَلَا أَحْفَظُ عَنْهُمْ أَمْرًا بِمُلَازَمَةِ الْعَرُوسِ تِلْكَ اللَّيَالِيِ.
(فَرْعٌ)
مِنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا إذَا كَانَ عِنْدَهُ نِسْوَةٌ فَزُفِّتَ الْجَدِيدَةُ بَعْدَمَا سَوَّى بَيْنَهُنَّ، فَيُوَفِّيهَا حَقَّهَا، ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الْقَسْمُ بَيْنَ الْجَمْعِ وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ زَوْجَتَانِ فَزُفِّتَ الْجَدِيدَةُ بَعْدَمَا قَسَمَ لِإِحْدَاهُمَا اللَّيْلَةَ، وَفِي حَقِّ الزِّفَافِ ثُمَّ يَقْسِمُ لِلْقَدِيمَةِ الْأُخْرَى لَيْلَةً وَيَبِيتُ عِنْدَ الْجَدِيدَةِ نِصْفَ لَيْلَةٍ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ ثُلُثَ الْقَسْمِ، ثُمَّ يَخْرُجُ بَقِيَّةَ اللَّيْلَةِ إلَى مَسْجِدٍ، أَوْ نَحْوِهِ، ثُمَّ
ــ
[حاشية العبادي]
الْجَدِيدَةِ لَمْ يَجِبْ الْمَبِيتُ عِنْدَ الْجَدِيدَةِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ أَنَسٍ) لَكِنْ رَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ فِي مُسْلِمٍ طُرُقًا فِيهَا الصَّرَاحَةُ بِمَا إذَا كَانَتْ عِنْدَهُ زَوْجَةٌ، أَوْ أَكْثَرُ غَيْرَ الَّتِي زُفَّتْ إلَيْهِ فَتَكُونُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ الْمُطْلَقَةُ مُقَيَّدَةً بِتِلْكَ الرِّوَايَاتِ شَرْحٌ رَوْضٌ. .
(قَوْلُهُ: وَشَبَهُهُ فِي التَّتِمَّةِ إلَخْ) أَيْ: حَيْثُ يَبْطُلُ الْعَقْدُ مِنْ أَصْلِهِ وَلَا يَصِحُّ فِي دِرْهَمٍ بِدِرْهَمٍ وَيَبْطُلُ الزَّائِدُ. (قَوْلُهُ: مَا دُونَ السَّبْعِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فَوْقَ الثَّلَاثِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَقْضِ إلَّا مَا زَادَ) لِأَنَّهَا لَمْ تَطْمَعْ فِي حَقٍّ مَشْرُوعٍ لِغَيْرِهَا إذْ الْعَشْرُ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ لِأَحَدٍ بِخِلَافِ الْتِمَاسِ الثَّيِّبِ السَّبْعَ؛ لِأَنَّ السَّبْعَ مَشْرُوعَةٌ لِلْبِكْرِ. (قَوْلُهُ: حَرُمَ) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِحُكْمِ الْقَضَاءِ وَيُتَّجَهُ وُجُوبُهُ إنْ طَالَ زَمَنُ الْخُرُوجِ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَخْرُجَ لَيْلًا) لَعَلَّهُ كَانَ بِرِضَاهُنَّ وَهِيَ وَقَائِعُ أَحْوَالٍ فَعَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ يَقْسِمُ لِلْقَدِيمَةِ الْأُخْرَى لَيْلَةً إلَخْ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ بِعُرُوضِ الْجَدِيدَةِ صَارَ الْقَسْمُ أَثْلَاثًا، وَصَارَتْ اللَّيْلَةُ الْأُولَى مُسْتَحَقَّةً بَيْنَ الْقَدِيمَتَيْنِ نِصْفُهَا حَقٌّ لِلْأُولَى وَنِصْفُهَا حَقٌّ لِلثَّانِيَةِ، فَكَانَتْ نَوْبَةُ الْأُولَى الَّتِي هِيَ حَقُّهَا نِصْفَ لَيْلَةٍ، فَيَكُونُ لِكُلٍّ مِنْ الْجَدِيدَةِ، وَالْأُخْرَى نِصْفُ لَيْلَةٍ فَيَبِيتُ عِنْدَ الْقَدِيمَةِ الْأُخْرَى لَيْلَةً نِصْفُهَا بِمُقْتَضَى حَقِّ الْقَسْمِ وَنِصْفُهَا عَنْ قَضَاءِ النِّصْفِ الَّذِي أَخَذَتْهُ ضَرَّتُهَا الْأُولَى مِنْ حَقِّهَا، ثُمَّ يَبِيتُ عِنْدَ الْجَدِيدَةِ نِصْفَ لَيْلَةٍ بِمُقْتَضَى حَقِّ الْقَسْمِ الَّذِي هُوَ أَثْلَاثٌ، كَمَا تَقَرَّرَ هَذَا مَا ظَهَرَ فِي إيضَاحِ الْحُكْمِ وَتَوْجِيهُهُ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي آخِرِ الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ مَا يَسُوغُ لِلْبَاحِثِ أَنْ يَقُولَ يَنْبَغِي بَعْدَ وَفَاءِ حَقِّ الزِّفَافِ أَنْ يَقْرَعَ بَيْنَ الْجَدِيدَةِ، وَالْقَدِيمَةِ الْأُخْرَى فَإِنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ لِلْقَدِيمَةِ فَعَلَ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ، أَوْ لِلْجَدِيدَةِ بَاتَ عِنْدَهَا نِصْفَ لَيْلَةٍ ثُمَّ يَخْرُجُ لِنَحْوِ مَسْجِدٍ ثُمَّ يَبِيتُ عِنْدَ الْقَدِيمَةِ لَيْلَةً ثُمَّ يَقْسِمُ بِقُرْعَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِذَا نَظَرَتْ لِقَوْلِ الشَّارِحِ، ثُمَّ يَقْسِمُ دُونَ " يَبِيت "، عَلِمْت أَنَّ فِيهِ إشَارَةً إلَى مَا قُلْنَاهُ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَقَوْلُهُ: لَكِنْ سَيَأْتِي إلَخْ كَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ نُوَبِ أَيَّةِ مَنْ كَانَتْ لِظُلْمِهِ سَبَبٌ مِنْ قَوْلِهِ: ثُمَّ يَقْسِمُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَظْلُومَةِ بِالْقُرْعَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ ثُلُثَ الْقَسْمِ)
ــ
[حاشية الشربيني]
وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِدُونِ طَلَبِهَا فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: قَالَ الشَّيْخَانِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ وَقَالَ ق ل: يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ فِي الزِّفَافِ لِجُمُعَةٍ أَوْ جَمَاعَةٍ، أَوْ نَحْوِ عِيَادَةِ مَرِيضٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ إلَّا بِرِضَاهَا وَإِذَا رَضِيَتْ لَمْ يَسْقُطُ حَقُّهَا مَا لَمْ تُصَرِّحْ بِإِسْقَاطِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: يَسْتَأْنِفُ الْقَسْمَ إلَخْ) أَيْ بِقُرْعَةٍ، كَمَا يُفِيدُهُ ق ل وَهُوَ فِي الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: وَفِي حَقِّ الزِّفَافِ) لِأَنَّهُ يَجِبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى بَقِيَّةِ دَوْرٍ مِنْ عِنْدِهِ إنْ لَمْ تَرْضَ بِتَأْخِيرِهِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهَا. اهـ. ق ل.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ ثُلُثَ الْقَسْمِ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَهُوَ فِي لَيْلَةٍ وَنِصْفٍ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَةَ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَدِيدَةِ كَالْمُسْتَأْنَفَةِ لِتِلْكَ
يَسْتَأْنِفُ الْقَسْمُ بَيْنَ الثَّلَاثِ بِالسَّوِيَّةِ.
(وَسُنَّ) لِلسَّيِّدِ (قَسْمٌ فِي الْإِمَا) سَوَاءٌ كُنَّ مُسْتَوْلَدَاتٍ أَمْ لَا لِئَلَّا يَحْقِدَ بَعْضُهُنَّ عَلَى بَعْضٍ (وَسُنَّا مَبِيتُهُ لِفَرْدَةٍ) زَوْجَةٍ، أَوْ سُرِّيَّةٍ تَحْصِينًا لَهَا، وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ لِمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ سَنَا تَكْمِلَةً (وَالْأَدْنَى) فِي السُّنَّةِ مَبِيتُهُ عِنْدَ الزَّوْجَةِ الْفَرْدَةِ (فِي لَيْلَةٍ مِنْ كُلِّ أَرْبَعٍ) اعْتِبَارًا بِمِنْ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ (وَمَنْ مَضَى إلَى) مَسْكَنِ (ذِي) أَيْ: زَوْجَةٍ لَهُ (وَدَعَا ذِي) أَيْ: أُخْرَى إلَى مَسْكَنِهِ (يَأْثَمَنْ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيحَاشِ (قُلْتُ: مُضِيُّهُ لِقُرْبَى سُكْنَى) أَيْ: الْمَسْكَنِ (وَمَنْ) أَيْ: أَوْ لِمَنْ (خَشِي) عَلَيْهَا فِي خُرُوجِهَا (لِحُسْنِهَا) ، أَوْ شَبَابِهَا (يُسْتَثْنَى) مِمَّا ذُكِرَ فَلَا يَأْثَمُ بِذَلِكَ وَكَذَا مُضِيُّهُ لِبَعْضٍ بِقُرْعَةٍ، كَمَا بَحَثَهُ الشَّيْخَانِ وَنَقَلَهُ غَيْرُهُمَا عَنْ النَّصِّ وَرَأَى الْإِمَامُ الْقَطْعَ بِهِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مُضِيُّهُ لِبَعِيدَةِ الْمَسْكَنِ لِمَشَقَّةِ السَّيْرِ عَلَيْهَا لِكِبَرٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَتَقَدَّمَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مَعْذُورَةً بِمَرَضٍ، أَوْ نَحْوِهِ، أَوْ كَانَتْ ذَاتَ قَدْرٍ يَقْسِمُ لَهَا فِي بَيْتِهَا (وَلْتُجْمَعَا) أَيْ: الزَّوْجَتَانِ جَوَازًا (دُونَ الرِّضَى) مِنْهُمَا (فِي لَائِقٍ) بِهِمَا (مِنْ مَسْكَنٍ مُنْفَصِلِ الْمَرَافِقِ) مِنْ نَحْوِ مُسْتَرَاحٍ وَبِئْرٍ وَسَطْحٍ وَمَرْقًى إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَسْكَنَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَنْفَصِلْ مَرَافِقُهُ لَمْ يَجُزْ جَمْعُهُمَا فِيهِ، وَلَوْ لَيْلَةً إلَّا بِرِضَاهُمَا؛ لِأَنَّهُ يُولِدُ كَثْرَةَ الْمُخَاصَمَةِ وَيُشَوِّشُ الْعِشْرَةَ فَإِنْ رَضِيَتَا بِهِ جَازَ، لَكِنْ يُكْرَهُ وَطْءُ إحْدَاهُمَا بِحَضْرَةِ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُ بَعِيدٌ عَنْ الْمُرُوءَةِ، وَلَا يَلْزَمُهَا الْإِجَابَةُ إلَيْهِ وَالزَّوْجَاتُ كَالزَّوْجَتَيْنِ فِيمَا ذَكَرَهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَكَذَا زَوْجَةٌ وَسُرِّيَّةٌ وَلَهُ جَمْعُ إمَائِهِ بِمَسْكَنٍ.
(وَالْأَصْلُ) فِي الْقَسْمِ (لَيْلٌ لِأُولِي السُّكُونِ فِي اللَّيْلِ) ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ سُكُونِهِمْ وَالنَّهَارُ تَبَعٌ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ التَّرَدُّدِ فِي الْحَوَائِجِ قَالَ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا} [يونس: 67] وَقَالَ {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا} [النبأ: 10]{وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} [النبأ: 11] وَلَهُ أَنْ يَجْعَلَ النَّهَارَ قَبْلَ اللَّيْلَةِ، أَوْ بَعْدَهَا وَهُوَ أَوْلَى وَعَلَيْهِ التَّوَارِيخُ، فَإِنَّ أَوَّلَ الْأَشْهُرِ اللَّيَالِي (لَا الْحَارِسِ) لِلْحَوَانِيتِ وَغَيْرِهَا لَيْلًا (وَ) لَا (الْأَتُّونِيّ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقَ وَهُوَ وَقَّادُ الْحَمَّامِ فَالْأَصْلُ لَهُمَا النَّهَارُ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ سُكُونِهِمَا وَاللَّيْلُ تَبَعٌ وَمَنْ فِي مَعْنَاهَا مِثْلُهُمَا (وَ) الْأَصْلُ (لِلَّذِي سَافَرَ وَقْتَ أَنْ نَزَلْ) لَيْلًا، أَوْ نَهَارًا قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا فَإِنَّهُ وَقْتُ الْخَلْوَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّهُ لَوْ لَمْ تَحْصُلْ الْخَلْوَةُ إلَّا حَالَةَ السَّيْرِ بِأَنْ كَانَ فِي مِحَفَّةٍ، أَوْ نَحْوِهَا، وَحَالَةَ النُّزُولِ يَكُونُ مَعَ الْجَمَاعَةِ فِي خَيْمَةِ مَثَلًا يَكُونُ الْأَصْلُ حَالَةَ السَّيْرِ حَتَّى يَلْزَمَهُ التَّسْوِيَةُ فِي ذَلِكَ.
(فَرْعٌ)
لَوْ كَانَ يَعْمَلُ تَارَةً لَيْلًا وَيَسْتَرِيحُ نَهَارًا وَتَارَةً عَكْسُهُ فَأَرَادَ أَنْ يُبَدِّلَ الْأَصْلَ بِالتَّابِعِ بِأَنْ يَجْعَلَ لِوَاحِدَةٍ لَيْلَةً تَابِعَةً وَنَهَارًا مَتْبُوعًا، وَلِلْأُخْرَى عَكْسُهُ فَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ الْمَنْعُ لِتَفَاوُتِ الْغَرَضِ (لَكِنْ عَلَى الضَّرَّةِ) غَيْرِ ذَاتِ النَّوْبَةِ (فِي الْأَصْلِ دَخَلْ) جَوَازًا (لِمَرَضٍ خِيفَ) مِنْهُ الْمَوْتُ، وَلَوْ ظَنًّا قَالَ الْغَزَالِيُّ: أَوْ احْتِمَالًا (زَمَانًا قَلَّا) أَيْ: قَلِيلًا وَكَالْمَرَضِ كُلُّ ضَرُورَةٍ كَحَرِيقٍ وَشِدَّةِ طَلْقٍ (وَ) دَخَلَ فِي (الْغَيْرِ) أَيْ: غَيْرِ الْأَصْلِ جَوَازًا (فِي) حَاجَةٍ (مُهِمَّةٍ) أَيْ: بِسَبَبِهَا زَمَانًا قَلِيلًا كَدَفْعِ نَفَقَةٍ وَوَضْعِ مَتَاعٍ وَأَخْذِهِ وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ فِي الْإِقَامَةِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْأَصْلِ وَلَهُ كُلُّ تَمَتُّعٍ بِلَا وَطْءٍ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ دَخَلَ فِي الْأَصْلِ لِضَرُورَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا
ــ
[حاشية العبادي]
وَكَأَنَّ اللَّيْلَةَ الْبَاقِيَةَ لِلْقَدِيمَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا بَقِيَّةُ دُورِهِمَا فَيَكُونُ لِلْجَدِيدَةِ مِثْلُ نِصْفِهَا
(قَوْلُهُ: وَبِئْرٍ) يُتَّجَهُ أَنَّ مَحَلَّ اعْتِبَارِ تَعَدُّدِ الْبِئْرِ إذَا وَكَّلَهُمَا إلَى مَائِهَا فَإِنْ الْتَزَمَ حَمْلَ الْمَاءِ إلَيْهِمَا أَوْ إلَى إحْدَاهُمَا كَفَى م ر. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُكْرَهُ إلَخْ) ، بَلْ يَحْرُمُ ذَلِكَ إنْ قَصَدَ بِهِ إيذَاءَ الْأُخْرَى، أَوْ لَزِمَ مِنْهُ رُؤْيَةٌ مُحَرَّمَةٌ لِلْعَوْرَةِ م ر. (قَوْلُهُ: وَكَذَا زَوْجَةٌ وَسُرِّيَّةٌ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَجْمَعُهُمَا بِغَيْرِ رِضَى الزَّوْجَةِ وَيَجْمَعُهُمَا بِرِضَاهَا وَإِنْ لَمْ تَرْضَ السُّرِّيَّةُ
(قَوْلُهُ: قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا) اُنْظُرْ لَوْ تَفَاوَتَ وَقْتُ النُّزُولِ بِالْقِلَّةِ، وَالْكَثْرَةِ هَلْ يَكْفِي جَعْلُ الْقَلِيلِ لِوَاحِدَةٍ وَالْكَثِيرِ لِأُخْرَى.
(قَوْلُهُ: كُلُّ ضَرُورَةٍ) وَيَحْرُمُ الدُّخُولُ لِحَاجَةٍ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ كَعِبَادَةٍ. (قَوْلُهُ: أَيْ: وَإِنْ دَخَلَ فِي الْأَصْلِ إلَخْ) بَقِيَ مِمَّا دَخَلَ تَحْتَ وَإِلَّا الدُّخُولُ فِي الْأَصْلِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَمْ
ــ
[حاشية الشربيني]
الَّتِي لَمْ يُوَفِّ حَقَّهَا فَيَكُونُ لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ نِصْفُ نِصْفٍ إلَّا أَنَّ الْأُولَى قَدْ اسْتَوْفَتْ فِي مُقَابَلَةِ نِصْفِهَا فَثَبَتَ حَقُّهُ لِلثَّانِيَةِ فَكَمُلَتْ لَهَا لَيْلَةٌ، وَالْجَدِيدَةُ لَمْ تَأْخُذْ فِي مُقَابَلَتِهِ شَيْئًا فَوَجَبَ لَهَا نِصْفٌ مُسْتَأْنَفٌ. اهـ. وَلَا يَخْلُو عَنْ خَفَاءٍ وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْجَدِيدَةَ لَمَّا حَدَثَتْ بَعْدَ قَسْمِ لَيْلَةٍ لِإِحْدَى الْقَدِيمَتَيْنِ كَانَ وَقْتُ حُدُوثِهَا كَأَنَّهُ ابْتِدَاءُ الدَّوْرِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا، وَكَانَتْ اللَّيْلَةُ الْبَاقِيَةُ كَأَنَّهَا مَقْسُومَةٌ بَيْنَ الْقَدِيمَتَيْنِ إذْ لَمْ تُوجَدْ وَفِي الدَّوْرِ غَيْرُهَا، بَلْ حَدَثَتْ فِي نِصْفِ دَوْرِهِمَا فَلَا تَسْتَحِقُّ إلَّا قَسْمًا بِنِسْبَةِ تَوْزِيعِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِمَا كَمَا لَوْ كَانَتْ مَوْجُودَةً مِنْ أَوَّلِ الدَّوْرِ فَإِنَّهَا تَسْتَحِقُّ قَسْمًا بِنِسْبَةِ تَوْزِيعِ جَمِيعِ الدَّوْرِ عَلَيْهِنَّ فَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نَجْعَلَ لَهَا دَوْرًا كَامِلًا كَانَ دَوْرُهَا إنْصَافًا، هَذَا غَايَةُ تَحْقِيقِ مُرَادِهِمْ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ: ثُمَّ يَقْسِمُ يُفِيدُ أَنَّ اللَّيْلَةَ الثَّانِيَةَ بِقَسْمٍ مُبْتَدَأٍ فَيَكُونُ بِقُرْعَةٍ وَإِلَّا لَقَالَ: ثُمَّ يَبِيتُ بِنَاءً عَلَى الْقَسْمِ الْأَوَّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ هَذَا، وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ ثَلَاثُ زَوْجَاتٍ قَسَمَ لِاثْنَيْنِ مِنْهَا ثُمَّ زُفَّتْ لَهُ جَدِيدَةٌ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ لِلْجَدِيدَةِ ثُلُثُ لَيْلَةٍ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الْقَسْمَ) أَيْ: بِقُرْعَةٍ ق ل.
(قَوْلُهُ: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ} [يونس: 67] إلَخْ) التِّلَاوَةُ هُوَ بِلَا وَاوٍ.
(قَوْلُهُ:
أَوْ فِي غَيْرِ الْأَصْلِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَطَالَ الزَّمَنُ فِي الْجَمِيعِ (قَضَى) لِذَاتِ النَّوْبَةِ وَإِنْ لَمْ يَعْصِ بِالدُّخُولِ فَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقَضَاءِ التَّفْوِيتُ، وَلَوْ بِلَا ظُلْمٍ، فَتَعْبِيرُهُ فِيمَا سَيَأْتِي كَغَيْرِهِ بِالظُّلْمِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ (بِقَدْرِهِ) أَيْ: قَضَى بِقَدْرِ ذَلِكَ الزَّمَنِ (وَإِنْ تَخَصَّصَا بِوَطْئِهَا) أَيْ: الَّتِي دَخَلَ عَلَيْهَا فَلَا يَقْضِي إلَّا الزَّمَنَ دُونَ الْوَطْءِ لِتَعَلُّقِهِ بِالنَّشَاطِ، كَمَا مَرَّ.
(لَا إنْ يَقِلَّ) الزَّمَنُ فَلَا يَقْضِيهِ (وَ) ، لَكِنَّهُ (عَصَى) بِتَعَدِّيهِ بِالدُّخُولِ فِي صُوَرِ التَّعَدِّي، وَالْأَوْلَى فِي الْقَضَاءِ مُرَاعَاةُ الْوَقْتِ فَيَقْضِي لِأَوَّلِ اللَّيْلِ مِنْ أَوَّلِهِ وَلِآخَرِهِ مِنْ آخِرِهِ، وَيُعْرَفُ طُولُ الزَّمَنِ وَقِصَرُهُ بِالْعُرْفِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ فِي غَيْرِ الْأَصْلِ لِحَاجَةٍ وَطَالَ الزَّمَنُ لَا قَضَاءَ، وَهُوَ مُقْتَضَى مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَصَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَالْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِمْ لُزُومُ الْقَضَاءِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ.
(وَ) قَضَى أَيْضًا (بَعْدَ تَجْدِيدٍ) لِنِكَاحِ الْمَظْلُومَةِ، أَوْ الْمَظْلُومِ بِهَا لِتَمَكُّنِهِ، كَمَا يَقْضِي بَعْدَ الرَّجْعَةِ الْمَفْهُومَةِ بِالْأَوْلَى وَلَا يَسْقُطُ الْقَضَاءُ بِالْفُرْقَةِ (وِلَاءً) بِلَا تَفْرِيقٍ وَإِنْ فَرَّقَ نُوَبَ الْمَظْلُومَةِ لِإِمْكَانِ الْوَفَاءِ دُفْعَةً كَالدَّيْنِ (مِنْ نُوَبْ أَيَّةِ مَنْ كَانَتْ لِظُلْمِهِ) أَيْ: الزَّوْجِ (سَبَبْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ أَيْ: إنَّمَا يَقْضِي لِلْمَظْلُومَةِ مِنْ نُوَبِ مَنْ كَانَتْ سَبَبًا لِظُلْمَةِ لِذَاتِ النَّوْبَةِ لَا مِنْ نُوَبِ غَيْرِهَا، فَلَوْ مَاتَتْ الْمَظْلُومُ بِهَا تَعَذَّرَ الْقَضَاءُ، أَوْ نَكَحَ جَدِيدَةً فَلَا يَقْضِي مِنْ نَوْبَتِهَا فَلَوْ ظَلَمَ ثَالِثَةً بِعَشْرِ لَيَالٍ بِأَنْ بَاتَ عِنْدَ كُلٍّ مِنْ ضَرَّتَيْهَا عَشْرًا، ثُمَّ نَكَحَ جَدِيدَةً فَيُمْتَنَعُ تَقْدِيمُ
ــ
[حاشية العبادي]
يَطُلْ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِصْيَانِ وَبَقِيَ مِمَّا دَخَلَ تَحْتَ، وَإِلَّا أَيْضًا مَا لَوْ دَخَلَ فِي غَيْرِ الْأَصْلِ لِحَاجَةٍ وَطَالَ الزَّمَنُ وَسَيُبَيِّنُ حُكْمَهُ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَقَضِيَّةُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ: إلَخْ وَكَأَنَّهُ إنَّمَا أَخَّرَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ هَذَا النِّزَاعِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَطَالَ الزَّمَنُ) بِدَلِيلِ: لَا أَنْ يَقِلَّ. (قَوْلُهُ: لَا أَنْ يَقِلَّ: وَعَصَى) ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عِنْدَ الْقِلَّةِ وَلَوْ مَعَ الْعِصْيَانِ. .
(قَوْلُهُ: وَلَكِنَّهُ عَصَى) ظَاهِرُ هَذَا الصَّنِيعِ عَطْفُ عَصَى عَلَى مُقَدَّرٍ وَهُوَ لَا يَقْضِيهِ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمَتْنِ مِنْ عَطْفِهِ عَلَى قَضَى، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِصَنِيعِ الْإِرْشَادِ حَيْثُ قَالَ: وَدَخَلَ فِيهِ أَيْ: فِي الْأَصْلِ عَلَى ضَرَّةٍ لِضَرُورَةٍ فِي غَيْرِهِ لِحَاجَةٍ وَخَفَّفَ وَإِلَّا عَصَى وَقَضَى. اهـ. فَإِنْ قُلْتَ: مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْإِرْشَادِ مِنْ الْعِصْيَانِ بِالْإِطَالَةِ مُطْلَقًا بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا طَالَ لِضَرُورَةٍ فَلَا وَجْهَ لِعِصْيَانٍ وَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ قُلْتُ: إذَا حُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الْإِطَالَةَ فَوْقَ الْحَاجَةِ اُتُّجِهَ الْعِصْيَانُ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت شَارِحَهُ الشِّهَابَ قَالَ فِي قَوْلِهِ: وَإِلَّا عَصَى مَا نَصُّهُ: وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ الدُّخُولُ كَذَلِكَ بِأَنْ دَخَلَ فِي الْأَصْلِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ أَوَّلَهَا: وَأَطَالَ بِأَنْ مَكَثَ فَوْقَ مَا تَنْدَفِعُ هِيَ بِهِ، أَوْ فِي غَيْرِ الْأَصْلِ: لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَوَّلَهَا " وَأَطَالَ بِأَنْ مَكَثَ فَوْقَ الْحَاجَةِ عَصَى بِجَوْرِهِ ". اهـ.
وَحَاصِلُهُ: الْعِصْيَانُ فِي الدُّخُولِ فِي الْأَصْلِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَفِي غَيْرِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ مُطْلَقًا، وَفِي الدُّخُولِ فِيهِمَا لِضَرُورَةٍ فِي الْأَوَّلِ وَحَاجَةٍ فِي الثَّانِي مَعَ الْإِطَالَةِ فَوْقَ قَدْرِ الضَّرُورَةِ فِي الْأَوَّلِ وَالْحَاجَةِ فِي الثَّانِي. (قَوْلُهُ: بِتَعَدِّيهِ) اُنْظُرْ أَيَّ قَرِينَةٍ عَلَى تَقْيِيدِ الْعِصْيَانِ بِالتَّعَدِّي مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ إلَخْ) حَيْثُ أَطْلَقَا جَوَازَ الدُّخُولِ فِي الْغَيْرِ لِحَاجَةٍ وَلَمْ يُقَيِّدَا بِالزَّمَانِ الْقَلِيلِ، كَمَا قَيَّدَ بِهِ جَوَازَ الدُّخُولِ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ مُقْتَضَى مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَعِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ: وَلَا يُطِيلُ حَيْثُ دَخَلَ مُكْثُهُ فَإِنْ أَطَالَهُ قَضَى، كَمَا فِي الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا خِلَافُهُ فِيمَا إذَا دَخَلَ فِي غَيْرِ الْأَصْلِ، وَقَدْ يُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى مَا إذَا طَالَ فَوْقَ الْحَاجَةِ وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ فِيهِمَا. اهـ. وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ فِيهِمَا أَنَّهُ عَلَى هَذَا الْحَمْلِ لَا قَضَاءَ إذَا طَالَ فِي الْأَصْلِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الْوَجْهُ خِلَافُهُ وَعَلَى هَذَا فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَطُلْ فَلَا قَضَاءَ مُطْلَقًا، وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ قَضَى مُطْلَقًا، أَوْ فِي غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فَلَا قَضَاءَ، وَإِلَّا قَضَى لَكِنَّهُ هَلْ يَقْضِي الزَّائِدَ فَقَطْ؟ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: لُزُومُ الْقَضَاءِ) جَمَعَ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَضَى) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ فِي الْأَصْلِ لِضَرُورَةٍ وَطَالَ زَمَنُ الضَّرُورَةِ أَوْ أَطَالَهُ فَإِنَّهُ يَقْضِي الْجَمِيعَ وَإِنْ دَخَلَ فِي التَّابِعِ لِحَاجَةٍ وَطَالَ زَمَنُ الْحَاجَةِ فَلَا قَضَاءَ وَإِنْ أَطَالَهُ قَضَى الزَّائِدَةَ فَقَطْ فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ فِي الدُّخُولِ فِي التَّابِعِ لِحَاجَةٍ زَمَانًا قَلِيلًا لَيْسَ بِقَيْدٍ، وَحُكْمُ الدُّخُولِ إنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ لِضَرُورَةٍ جَازَ وَإِلَّا حَرُمَ وَفِي التَّابِعِ إنْ كَانَ ثَمَّ أَدْنَى حَاجَةٍ جَازَ، وَإِلَّا حَرُمَ وَحُكْمُ الْإِطَالَةِ فِي الْأَصْلِ حَرَامٌ، وَفِي التَّابِعِ مَكْرُوهٌ، فَالْكَلَامُ فِي ثَلَاثِ مَقَامَاتٍ. اهـ. ح ف عَلَى الْمَنْهَجِ وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، كَمَا فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ وَالطُّولُ هُوَ مَا يَمْتَدُّ زَمَنَ الضَّرُورَةِ أَوْ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَالْإِطَالَةُ هِيَ الِاشْتِغَالُ بِالْحَاجَةِ أَوْ الضَّرُورَةِ زِيَادَةً عَلَى زَمَنِهِمَا، أَوْ الْمُكْثُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُمَا. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: عَصَى) وَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا مَا لَمْ يَكُنْ بِاخْتِيَارِهَا. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: عَصَى) أَيْ وَجَبَ
الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ ظُلْمٌ لَهَا، بَلْ يُوَفِّيهَا حَقَّ الزِّفَافِ ثُمَّ يَقْسِمُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَظْلُومَةِ بِالْقُرْعَةِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، لِلْقَدِيمَةِ لَيْلَتُهَا، وَلَيْلَتَا الْقَضَاءِ وَلَيْلَةٌ لِلْجَدِيدَةِ فَإِذَا دَارَ هَكَذَا ثَلَاثَ نُوَبٍ، فَقَدْ وَفَّى الْقَدِيمَةَ تِسْعًا وَبَقِيَ لَهَا لَيْلَةٌ، فَإِنْ كَانَ الِابْتِدَاءُ بِهَا بَاتَ لَيْلَةً عِنْدَهَا لِتَمَامِ الْعَشْرِ، ثُمَّ ثُلُثَ لَيْلَةٍ لِلْجَدِيدَةِ إذْ حَقُّهَا وَاحِدَةٌ مِنْ أَرْبَعٍ، أَوْ كَانَ الِابْتِدَاءُ بِالْجَدِيدَةِ بَاتَ عِنْدَهَا ثُلُثَ لَيْلَةٍ، ثُمَّ لَيْلَةً عِنْدَ الْقَدِيمَةِ وَكَذَا لَوْ غَابَتْ إحْدَى زَوْجَاتُهُ الْأَرْبَعُ وَظَلَمَ وَاحِدَةً مِنْ الْحَاضِرَاتِ، ثُمَّ عَادَتْ الْغَائِبَةُ فَهِيَ كَالْجَدِيدَةِ (فَإِنْ بِلَيْلٍ تَمَّ) الْقَضَاءُ، أَوْ حَقُّ الْقَسْمِ (يَقْصِدْ) أَيْ: الزَّوْجُ (مَسْجِدَا وَنَحْوَهُ) مِمَّا لَيْسَ مَنْزِلًا لِوَاحِدَةٍ مِنْ زَوْجَاتِهِ أَيْ: يَخْرُجُ إلَيْهِ إلَّا أَنْ يَخَافَ مِنْ خُرُوجِهِ فَيَقْعُدُ، كَمَا قَالَ (قُلْتُ: لِخَوْفٍ قَعَدَا) إلَى زَوَالِهِ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَتَمَتَّعَ بِهَا.
(فَرْعَانِ)
لَوْ قَسَمَ لِوَاحِدَةٍ، ثُمَّ فَارَقَ الْأُخْرَى قَبْلَ الْوَفَاءِ عَصَى لِتَفْوِيتِهِ حَقَّهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ ثَلَاثٌ فَبَاتَ عِنْدَ ثِنْتَيْنِ عِشْرِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ فَارَقَ إحْدَاهُمَا فَفِي التَّهْذِيبِ يَبِيتُ عِنْدَ الْمَظْلُومَةِ عَشْرًا تَسْوِيَةً بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَاقِيَةِ وَفِي التَّتِمَّةِ خَمْسًا؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْعَشْرِ مِنْ حَقِّهِمَا، وَقَدْ بَطَلَ حَقُّ إحْدَاهُمَا كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَعَلَى الْأَوَّلِ اقْتَصَرَ شَيْخُنَا الْحِجَازِيُّ فِي اخْتِصَارِهِ لَهَا، لَكِنَّ كَلَامَ التَّتِمَّةِ أَوْجَهُ لِمُوَافَقَتِهِ قَوْلَهُمْ: إنَّ الْقَضَاءَ مِنْ نَوْبَةِ الْمَظْلُومِ بِهَا وَإِنَّ مَا بَاتَهُ فِي حَالِ فُرْقَتِهَا عِنْدَ الْمَظْلُومَةِ لَا يُحْسَبُ.
(نَوْبَتَهَا مِنْ ضَرَّةٍ لَوْ وَهَبَتْ) أَيْ:، وَلَوْ وَهَبَتْ إحْدَى نِسَائِهِ نَوْبَتَهَا مِنْ ضَرَّتِهَا كَانَ (لَهُ امْتِنَاعٌ) مِنْ قَبُولِهَا؛ لِأَنَّ التَّمَتُّعَ بِهَا حَقُّهُ (لَا لِضَرَّةٍ) مَوْهُوبٍ مِنْهَا أَيْ: لَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ بَلْ يَكْفِي رِضَاهُ وَإِنْ (أَبَتْ) وَيَبِيتُ عِنْدَهَا نَوْبَتَيْهَا «، كَمَا فَعَلَ صلى الله عليه وسلم لَمَّا وَهَبَتْ سَوْدَةُ نَوْبَتَهَا لِعَائِشَةَ» ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَلَوْ وَهَبَتْ حَقَّهَا مِنْ جَمِيعِ الضَّرَّاتِ، أَوْ أَسْقَطَتْهُ مُطْلَقًا سَوَّى بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ (وَ) إنْ وَهَبَتْهَا (مِنْهُ) أَيْ الزَّوْجِ (خَصَّهَا) وَفِي نُسْخَةٍ خَصَّهُ أَيْ: الْحَقَّ (بِمَنْ شَا) مِنْهُنَّ، وَلَوْ فِي كُلِّ دَوْرٍ بِوَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فَيَضَعُهُ حَيْثُ شَاءَ (وَوَصَلْ) نَوْبَتَيْهِمَا (إنْ اتِّصَالُ نَوْبَتَيْهِمَا حَصَلْ) وَإِلَّا فَلَا يَصِلُهُمَا لِئَلَّا يَتَأَخَّرَ حَقُّ الَّتِي بَيْنَهُمَا وَقَيَّدَهُ
ــ
[حاشية العبادي]
بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا طَالَ الزَّمَنُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا طَالَ فَوْقَهَا م ر. (قَوْلُهُ: لِلْقَدِيمَةِ لَيْلَتُهَا) كَأَنْ وَصَفَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ بِأَنَّهَا لَيْلَتُهَا بِالنَّظَرِ لِلْجَدِيدَةِ الْمُشَارِكَةِ لَهَا فِي الْقَسْمِ وَإِلَّا فَهَذِهِ اللَّيْلَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْقَضَاءِ أَيْضًا، وَإِلَّا لَمْ يَحْصُلْ لَهَا مِنْ الثَّلَاثِ نُوَبٍ تِسْعًا بَلْ سِتًّا. (قَوْلُهُ: وَلَيْلَتَا الْقَضَاءِ) أَيْ: لِأَنَّ الْمَظْلُومَ بِهِ الثِّنْتَانِ. (قَوْلُهُ: تِسْعًا) أَيْ: بِالنَّظَرِ لِلْمَظْلُومِ بِهِمَا وَإِلَّا فَلَمْ يَحْصُلْ لَهَا تِسْعٌ بِالنَّظَرِ لِلْجَدِيدَةِ الْمُشَارِكَةِ لَهَا فِي هَذَا الْقَسْمِ. (قَوْلُهُ: إذْ حَقُّهَا وَاحِدٌ مِنْ أَرْبَعٍ) وَاللَّيْلَةُ الْبَاقِيَةُ كَأَنَّهَا لِلثَّلَاثِ لِكُلٍّ ثُلُثٌ فَتَسْتَحِقُّ الْجَدِيدَةُ ثُلُثًا. (قَوْلُهُ: فَهِيَ كَالْجَدِيدَةِ) أَيْ: حَيْثُ لَمْ تُسْقِطُ الْغَيْبَةُ حَقَّهَا، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: الْقَضَاءُ، أَوْ حَقُّ الْقَسْمِ) كَأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ التَّامُّ بِاللَّيْلِ حَقَّ الْقَسْمِ، كَمَا فِي الْمِثَالِ وَقَدْ يَكُونُ الْقَضَاءُ، كَمَا لَوْ كَانَ بَاتَ عِنْدَ كُلٍّ مِنْ الضَّرَّتَيْنِ تِسْعًا وَنِصْفًا، فَإِنَّهُ بَعْدَ الْأَدْوَارِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمِثَالِ يُبْقِي لِلْمَظْلُومَةِ نِصْفَ لَيْلَةٍ، فَإِذَا بَاتَهَا عِنْدَهَا خَرَجَ لِنَحْوِ مَسْجِدٍ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: عَصَى إلَخْ) أَقُولُ: الْوَجْهُ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ وُجُوبُ إعَادَةِ تِلْكَ الْأُخْرَى لِيُوَفِّيَهَا مِنْ نَوْبَةِ الْمَظْلُومِ بِهَا؛ لِأَنَّ وَفَاءَ حَقِّهَا وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَهُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْإِعَادَةِ فَيَجِبُ، كَمَا لَوْ عَصَى بِإِتْلَافِ شَيْءٍ، أَوْ بِغَصْبِهِ، ثُمَّ تَلِفَ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ الِاكْتِسَابُ إذَا تَعَيَّنَ لِأَدَائِهِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ قَبِيلِ تَحْصِيلِ سَبَبِ الْوُجُوبِ، وَهُوَ لَا يَجِبُ لِثُبُوتِ الْوُجُوبِ قَبْلَ الْإِعَادَةِ بِدَلِيلِ عِصْيَانِهِ قَبْلَهَا وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَبِيلِ السَّعْيِ فِيمَا يَتَمَكَّنُ بِهِ مِنْ أَدَاءِ الْوُجُوبِ وَذَلِكَ وَاجِبٌ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ جَعْلَهُمْ هَذَا الْفِرَاقَ مِنْ أَقْسَامِ الطَّلَاقِ الْبِدْعِيِّ وَهُوَ لَا يَجِبُ فِيهِ الرَّدُّ إلَى النِّكَاحِ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ لِوُجُوبِ تَخْصِيصِ ذَلِكَ بِغَيْرِ هَذَا بِدَلِيلِ مَا قَرَّرُوهُ مِنْ تَوَقُّفِ التَّوْبَةِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ.
فَإِنْ قُلْتَ: فَيَلْزَمُ أَنَّ مَنْ طَلَّقَهَا فِي حَيْضٍ مَثَلًا يَجِبُ رَدُّهَا إلَى النِّكَاحِ لِيَنْدَفِعَ بِهِ مَا حَصَلَ لَهَا مِنْ ضَرَرِ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ وَاجِبٍ قُلْتُ: الْفَرْقُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ فِي مَسْأَلَتِنَا قَدْ ثَبَتَ لَهَا حَقٌّ قَبْلَ الْفِرَاقِ وَقَدْ فَوَّتَهُ بِهِ فَيَجِبُ.
(قَوْلُهُ: تَدَارَكَهُ) بِخِلَافِ مَنْ طَلَّقَهَا فِي الْحَيْضِ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ حَقٌّ حَتَّى يَكُونَ بِالطَّلَاقِ مُفَوِّتًا لَهُ وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ تَرَتَّبَ عَلَى الطَّلَاقِ إضْرَارُهَا وَهُوَ شَيْءٌ آخَرُ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ يَظْهَرُ أَنَّ مَنْ زَعَمَ عَدَمَ الْوُجُوبِ فِي مَسْأَلَتِنَا مُحْتَجًّا بِأَنَّ سَبَبَ الْوُجُوبِ لَا يَجِبُ تَحْصِيلُهُ: فَقَدْ الْتَبَسَ عَلَيْهِ سَبَبُ نَفْسِ الْوُجُوبِ بِسَبَبِ أَدَائِهِ وَالْخُرُوجِ مِنْ عُهْدَتِهِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ سم. (قَوْلُهُ: لَا لِضَرَّةٍ أَبَتْ) أَيْ: امْتَنَعَتْ لَا يُقَالُ: حَاصِلُ عِبَارَةِ الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ أَنَّ الضَّرَّةَ الْمُمْتَنِعَةَ لَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّا نَمْنَعُ إشْكَالَهُ؛ لِأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّ امْتِنَاعَ الضَّرَّةِ لَيْسَ لَهَا فَلَا اعْتِبَارَ بِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَاضِحٌ سم.
(قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَتَأَخَّرَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلِأَنَّ الْوَاهِبَةَ قَدْ تَرْجِعُ بَيْنَ اللَّيْلَتَيْنِ، وَالْمُوَالَاةُ تُفَوِّتُ حَقَّ الرُّجُوعِ عَلَيْهَا. اهـ. وَفِي شَرْحِ الْجَوْجَرِيِّ لِلْإِرْشَادِ مِنْ بَيْنِ اللَّيْلَتَيْنِ بِتَقْدِيمِ اللَّيْلَةِ الْمَوْهُوبَةِ وَتَأْخِيرِ حَقِّهِ جَازَ. اهـ. قَالَ شَيْخُنَا الْبُرُلُّسِيُّ: أَقُولُ هُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَفْوِيتُ حَقِّ رُجُوعِ الْوَاهِبَةِ لَوْ أَرَادَتْ
ــ
[حاشية الشربيني]
تَجْدِيدُ نِكَاحِ الْأُخْرَى لِيُوَفِّيَهَا حَقَّهَا كَمَا لَوْ بَاتَ عِنْدَ غَيْرِ ذَاتِ النَّوْبَةِ ثُمَّ فَارَقَهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ تَجْدِيدُ نِكَاحِهَا لِيُوَفِّيَ
ابْنُ الرِّفْعَةِ أَخْذًا مِنْ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ بِمَا إذَا تَأَخَّرَتْ نَوْبَةُ الْوَاهِبَةِ، فَإِنْ تَقَدَّمَتْ وَأَرَادَ تَأْخِيرَهَا جَازَ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ: وَكَذَا لَوْ تَأَخَّرَتْ فَأَخَّرَ نَوْبَةَ الْمَوْهُوبَةِ إلَيْهَا بِرِضَاهَا تَمَسُّكًا بِهَذِهِ الْعِلَّةِ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ لَا يَحْتَاجُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ.
(وَجَازَ عَوْدُهَا) أَيْ: الْوَاهِبَةُ فِيمَا وَهَبَتْهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ لِأَنَّهُ مَوْهُوبٌ لَمْ يُقْبَضْ حَتَّى لَوْ عَادَتْ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ خَرَجَ (وَمَا قَبْلَ الْخَبَرْ فَاتَ) أَيْ: وَمَا فَاتَ مِمَّا وَهَبَتْهُ قَبْلَ وُصُولِ خَبَرِ رُجُوعِهَا فِيهِ إلَى الزَّوْجِ (يَضِيعُ) عَلَيْهَا فَلَا يَقْضِي لَهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ مَيْلٌ (كَإِبَاحَةِ الثَّمَرْ) أَيْ:، كَمَا يَضِيعُ مَا فَاتَ مِنْ ثَمَرِسْتَانَ بِإِبَاحَةِ مَالِكِهِ لَهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ عَنْهَا وَقَبْلَ وُصُولِ خَبَرِ رُجُوعِهِ إلَى الْمُبَاحِ لَهُ فَلَا يَغْرَمُهُ الْمُبَاحُ لَهُ، وَهَذَا مَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ (قُلْتُ)، لَكِنْ (الْإِمَامُ هَاهُنَا) أَيْ: فِي مَسْأَلَةِ الْإِبَاحَةِ (الْغُرْمَ ادَّعَى وَالصَّيْدَلَانِيُّ بِهَذَا قَطَعَا) ؛ لِأَنَّ الْغَرَامَاتِ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ نَقَلَهُ عَنْهُمَا الشَّيْخَانِ ثُمَّ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَا يَبْعُدُ تَرْجِيحُهُ وَاعْتَرَضَهُمَا فِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّ الَّذِي فِي النِّهَايَةِ الْجَزْمُ بِعَدَمِ الْغُرْمِ وَرَجَّحَهُ فِي التَّنْقِيحِ قَالَ: وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ بَعْدَ الرُّجُوعِ جَاهِلًا لَا أَجْرَ عَلَيْهِ، كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِهَا عَنْ الْقَفَّالِ وَمَا لَوْ قَتَلَ مُسْلِمًا ظَنَّ كُفْرَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ لَا قِصَاصَ قَطْعًا وَلَا دِيَةَ عَلَى الْأَظْهَرِ فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ وَمَا لَوْ رَمَى إلَى مُسْلِمٍ تَتَرَّسَ بِهِ الْكُفَّارُ فَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّهُ عُلِمَ إسْلَامُهُ، وَجَبَتْ دِيَتُهُ وَإِلَّا فَلَا وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ الْغُرْمَ وَفِي غَيْرِهِ عَدَمَهُ وَعَلَى الثَّانِي قَالَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ حَيْثُ يَفْسُدُ تَصَرُّفُهُ بَعْدَ انْعِزَالِهِ وَقَبْلَ عِلْمِهِ بِهِ أَنَّ تَصَرُّفَهُ لِلْمُوَكِّلِ فَإِذَا انْعَزَلَ انْعَزَلَ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ، وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ، وَأَمَّا الْمُبِيحُ فَلَا يُؤَثِّرُ رُجُوعُهُ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ عَلَيْهِ لَا لَهُ فَحَقُّهُ إذَا رَجَعَ أَنْ يَعْلَمَ الْمُبَاحَ لَهُ قَالَ: وَمَحَلُّ اسْتِوَاءِ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ فِي الْغَرَامَاتِ إذَا لَمْ يُقَصِّرْ الْمَغْرُومُ لَهُ، فَإِنْ قَصَّرَ لَمْ يَرْجِعْ وَكَذَا لَوْ لَمْ يُقَصِّرْ، لَكِنْ مَنَعَ مِنْ الرُّجُوعِ مَانِعٌ، كَمَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَى زَوْجَتِهِ، ثُمَّ بَانَ فَسَادُ النِّكَاحِ لَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي حَبْسِهِ وَكَذَا فِي عَبْدٍ لَمْ يَخْرُجْ عِتْقُهُ مِنْ الثُّلُثِ، ثُمَّ ظَهَرَ لِلْمُعْتِقِ مَالٌ فَلَا يَرْجِعُ الْوَارِثُ بِمَا أَنْفَقَ.
(وَالزَّوْجُ إنْ سَافَرَ)، وَلَوْ سَفَرًا قَصِيرًا (لَا لِنَقُلْهُ) كَتَفَرُّجٍ (بِالْبَعْضِ) مِنْ نِسَائِهِ (بِالْقُرْعَةِ كَانَ) حَقُّ الْمُقِيمَةِ (مِثْلَهْ) أَيْ: مِثْلَ مَا فَاتَ عَلَى الْوَاهِبَةِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالرُّجُوعِ فَيَضِيعُ عَلَيْهَا فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ» وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ قَضَاءٌ بَعْدَ عَوْدِهِ، فَصَارَ سُقُوطُ الْقَضَاءِ مِنْ رُخَصِ السَّفَرِ لِمَشَقَّتِهِ وَقَيَّدَ الْغَزَالِيُّ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ السَّفَرُ مُرَخِّصًا قَالَ الشَّيْخَانِ: وَهَذَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْقَضَاءِ فِي سَفَرِ الْمَعْصِيَةِ (لَا) مَا فَاتَ عَلَى الْمُقِيمَةِ (مُدَّةَ الْمُقِيمِ) فِي طَرِيقِهِ، أَوْ مَقْصِدِهِ إقَامَةً تَمْنَعُ الْقَصْرَ فَإِنَّهُ لَا يَضِيعُ فَلَوْ أَقَامَ لِشُغْلٍ لَا يَتَجَزَّأُ دُونَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ قَضَى مُدَّةَ إقَامَتِهِ وَكَذَا لَوْ أَقَامَ لِشُغْلٍ يَنْتَظِرُهُ وَمَضَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَيَقْضِي مَا زَادَ عَلَيْهَا مِنْ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ، وَلَا يَقْضِي مُدَّةَ
ــ
[حاشية العبادي]
فَقَدْ جَعَلُوا ذَلِكَ مِنْ عِلَلِ مَنْعِ الْوَصْلِ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا تَأَخَّرَتْ) أَيْ: أَوْ تَوَسَّطَتْ كَأَنْ كَانَتْ الثَّالِثَةَ، وَالْمَوْهُوبَةُ الْأُولَى. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَقَدَّمَتْ) أَيْ: أَوْ تَوَسَّطَتْ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ وُصُولِ خَبَرِهَا إلَخْ) أَيْ: بِخِلَافِ مَا فَاتَ بَعْدَ وُصُولِ الْخَبَرِ إلَيْهِ وَكَذَا إلَى الضَّرَّةِ الْمُسْتَوْفِيَةِ دُونَهُ، كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ. (قَوْلُهُ: وَالصَّيْدُ لِأَنِّي بِهَذَا قَطْعًا) وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضِ وَقَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ: إنَّهُ الرَّاجِحُ. (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَهُ) أَيْ الْإِسْنَوِيُّ، كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَعِيرُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: التَّسَامُحُ فِي الْمَنَافِعِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي الْأَعْيَانِ. (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ قَتَلَ مُسْلِمًا ظَنَّ كُفْرَهُ إلَخْ) قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مُقَاتَلَةَ أَهْلِ الْحَرْبِ مَطْلُوبَةٌ مَعَ كَوْنِ دَارِهِمْ دَارَ إبَاحَةٍ، فَنَاسَبَ عَدَمَ الضَّمَانِ فِيمَا ذُكِرَ وَلَا كَذَلِكَ تَنَاوُلُ الثَّمَرِ لَيْسَ مَطْلُوبًا.
(قَوْلُهُ: فَصَارَ سُقُوطُ الْقَضَاءِ مِنْ رُخَصِ السَّفَرِ) يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ الْقَضَاءُ فِي مُقَابَلَةِ أَيَّامِ السَّفَرِ بِخِلَافِ مَنْ اسْتَحَقَّتْ
ــ
[حاشية الشربيني]
ذَاتَ النَّوْبَةِ مِنْ حَقِّهَا سم عَلَى الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغَرَامَاتِ إلَخْ) وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا.
(قَوْلُهُ: وَالزَّوْجُ إنْ سَافَرَ إلَخْ) وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجَةِ مُوَافَقَتُهُ عَلَى السَّفَرِ وَإِلَّا كَانَتْ نَاشِزَةً قَالَ فِي الْمَطْلَبِ: وَيَجِبُ عَلَيْهِنَّ أَيْ الزَّوْجَاتِ مُوَافَقَتُهُ إذَا كَانَ السَّفَرُ مَأْمُونًا. اهـ. فِي بَابِ الْقَسْمِ، وَقَالَ فِيهِ - فِي بَابِ النَّفَقَاتِ -: وَالنُّشُوزُ مَعْصِيَةُ الزَّوْجِ فِيمَا يَجِبُ لَهُ عَلَيْهَا، بِسَبَبِ النِّكَاحِ كَأَنْ يَطْلُبَهَا لِتَنْتَقِلَ مَعَهُ إلَى حَيْثُ شَاءَ مِنْ الْبِلَادِ عِنْدَ الْأَمْنِ فَتَمْتَنِعُ مِنْهُ. اهـ. وَهُوَ صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ السَّفَرِ وَلَوْ طَوِيلًا وَيُصَرِّحُ بِهِ شَرْحُ م ر، وَالْإِرْشَادُ أَيْضًا فَرَاجِعْهُمَا هُنَا وَفِي بَابِ النَّفَقَاتِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَفَرًا قَصْرًا) وَلَوْ كَانَ لَا يَقْسِمُ لِزَوْجَاتِهِ. اهـ. رَوْضٌ. (قَوْلُهُ: مُرَخِّصًا) الْمُرَادُ بِهِ سَفَرُ غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ وَلَوْ قَصِيرًا ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَهَذَا يَقْتَضِي إلَخْ) أَيْ وَلَوْ سَافَرَ بِإِحْدَى زَوْجَاتِهِ بِقُرْعَةٍ إذْ لَيْسَ لَهُ السَّفَرُ مَعْصِيَةً لَا بِقُرْعَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: فَلَوْ أَقَامَ لِشُغْلٍ) أَيْ بِأَنْ نَوَى قَبْلُ - وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ - إقَامَةً بِهِ مُطْلَقًا أَوْ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَيَقْضِي جَمِيعَ الْأَرْبَعَةِ، فَإِنْ أَقَامَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، أَوْ زِيَادَةً عَلَيْهَا بِدُونِ نِيَّةٍ قَضَى الزَّائِدَ عَلَى دُونِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَهُوَ آخِرُ لَحْظَةٍ مِنْ الرَّابِعِ مَعَ مَا زَادَ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ زِيَادَةً فَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا يَتَرَخَّصُ فِيهِ لَا يَقْضِيهِ وَمَا لَا يَتَرَخَّصُ فِيهِ يَقْضِيهِ، وَهَذَا إنْ كَانَتْ الْإِقَامَةُ فِي غَيْرِ الْمَقْصِدِ فَإِنْ كَانَتْ فِيهِ حَصَلَتْ بِنِيَّتِهَا عِنْدَهُ زِيَادَةً عَلَى مَا مَرَّ، كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ وَقَوْلُهُ: هُنَا قَضَى مُدَّةَ إقَامَتِهِ يَحْتَمِلُ
الرُّجُوعِ عَلَى الْأَصَحِّ.
وَلَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ بِبَلَدٍ وَكَتَبَ إلَى الْبَاقِيَاتِ يَسْتَحْضِرُهُنَّ وَجَبَ الْقَضَاءُ مِنْ وَقْتِ كِتَابَتِهِ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهُوَ الْأَصَحُّ، بَلْ الصَّوَابُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: هَذَا كُلُّهُ إذَا سَاكَنَهَا، فَإِنْ اعْتَزَلَهَا مُدَّةَ الْإِقَامَةِ لَمْ يَقْضِ، وَخَرَجَ بِالْقُرْعَةِ مَا لَوْ سَافَرَ بِدُونِهَا فَيَقْضِي لِلْمُقِيمَةِ جَمِيعَ الْمُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَبِتْ عِنْدَ مَنْ هِيَ مَعَهُ، إلَّا إذَا تَرَكَهَا بِبَلَدٍ وَفَارَقَهَا، كَمَا حَكَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ، ثُمَّ قَالَا نَقْلًا عَنْهَا: وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَقْضِيَ إلَّا مَا بَاتَ عِنْدَهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقْضِيَ وَإِنْ خَلَفَهَا بِبَلَدٍ، أَمَّا لَوْ سَافَرَ لِنَقْلِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَصْحِبَ بَعْضَهُنَّ، وَلَوْ بِقُرْعَةٍ، فَإِنْ فَعَلَ قَضَى إذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَصَّ بِبَعْضٍ كَمَا فِي الْحَضَرِ، بَلْ يَنْقُلُهُنَّ جَمِيعًا بِنَفْسِهِ، أَوْ بِوَكِيلِهِ، أَوْ يُطَلِّقُهُنَّ لِتَضَرُّرِهِنَّ بِالتَّخَلُّفِ وَيَأْسِهِنَّ عَنْ الْبَيْتُوتَةِ وَالتَّحَصُّنِ بِخِلَافِهِ فِي الْحَضَرِ لَا يُكَلَّفُ ذَلِكَ اكْتِفَاءً بِدَاعِيَةِ الطَّبْعِ، وَلَوْ نَقَلَ بَعْضَهُنَّ بِنَفْسِهِ وَبَعْضَهُنَّ بِوَكِيلِهِ بِلَا قُرْعَةٍ قَضَى لِمَنْ مَعَ وَكِيلِهِ وَيَجُوزُ ذَلِكَ بِالْقُرْعَةِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَيَجِبُ الْقَضَاءُ فِي الْأَصَحِّ لِاشْتِرَاكِهِنَّ فِي السَّفَرِ، وَلَوْ سَافَرَ بِوَاحِدَةٍ بِقُرْعَةٍ وَأُخْرَى بِلَا قُرْعَةٍ عَدَلَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ إذَا رَجَعَ قَضَى لِلْمُخَلَّفَةِ مِنْ نَوْبَةِ الَّتِي لَمْ يَقْرَعْ لَهَا، وَلَوْ نَكَحَ فِي طَرِيقِهِ جَدِيدَةً قَضَى حَقَّ زِفَافِهَا، ثُمَّ سَوَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُسْتَصْحَبَةِ، وَلَا قَضَاءَ لِلْمُخَلَّفَةِ وَهَذَا فِي مُدَّةِ سَفَرِهِ، فَإِنْ نَوَى الْإِقَامَةَ، أَوْ أَقَامَ مُدَّتَهَا قَضَى مَا وَرَاءَ أَيَّامِ الزِّفَافِ مِنْ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (أَوْ) سَافَرَ بِقُرْعَةٍ (بِالْبَعْضِ) كَثِنْتَيْنِ لَا لِنَقْلِهِ جَازَ (لَهُ تَخْلِيفُ مَنْ قَدْ قُرِعَتْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ: قَرَعَتْهَا الْأُخْرَى بِخُرُوجِ قُرْعَةِ التَّخَلُّفِ لَهَا وَقُرْعَةِ السَّفَرِ لِلْأُخْرَى فَيَخْلُفُهَا (فِي مَنْزِلَهْ) مِنْ مَنَازِلِ سَفَرِهِ كَبَلَدٍ، وَلَا يَخْلُفُهَا بِغَيْرِ قُرْعَةٍ.
(وَمِنْ ذَوَاتَيْ جِدَّةٍ إذَا خَرَجْ) أَيْ: وَإِذَا خَرَجَ لِلسَّفَرِ بِقُرْعَةٍ (بِزَوْجَةٍ) مِنْ جَدِيدَتَيْنِ (فَحَقُّهَا) مِنْ الزِّفَافِ (فِيهِ) أَيْ: فِيمَا فَازَتْ بِهِ فِي السَّفَرِ (انْدَرَجْ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ زَوَالِ الْحِشْمَةِ (وَلْيَبْقَ لِلْأُخْرَى) الْمُقِيمَةِ حَقَّ الزِّفَافِ يَقْتَضِيهِ بَعْدَ عَوْدِهِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ قَبْلَ السَّفَرِ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ، كَمَا لَوْ قَسَمَ لِبَعْضٍ وَسَافَرَ وَفَارَقَ حَقَّ الْمَظْلُومَةِ، إذَا سَافَرَ بِهَا بِقُرْعَةٍ حَيْثُ لَا يَنْدَرِجُ فِي السَّفَرِ بِأَنَّ مَحَلَّهُ نَوْبَةُ الضَّرَائِرِ وَأَيَّامُ السَّفَرِ حَقٌّ لَهَا خَاصَّةً بِخِلَافِ حَقِّ الزِّفَافِ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِنَّ، وَإِنَّمَا وَجَبَ لِتَحْصِيلِ الْأُنْسِ وَإِذْهَابِ الْوَحْشَةِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالصُّحْبَةِ فِي السَّفَرِ.
(وَ) إذَا (زَوْجٌ يَلْحَظُ مِنْهَا) أَيْ: مِنْ زَوْجَتِهِ (أَمَارَةَ النُّشُوزِ) قَوْلًا كَأَنْ تُجِيبَهُ بِكَلَامٍ خَشِنٍ بَعْدَ أَنْ كَانَ بِلِينٍ، أَوْ فِعْلًا كَأَنْ يَجِدَ مِنْهَا إعْرَاضًا وَعَبُوسًا بَعْدَ لُطْفٍ وَطَلَاقَةِ وَجْهٍ (يَعِظُ) أَيْ: يَعِظُهَا نَدْبًا لِآيَةِ {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ} [النساء: 34] ، وَلَا يَهْجُرُ مَضْجَعَهَا وَلَا يَضْرِبُهَا فَلَعَلَّهَا تُبْدِي عُذْرًا، أَوْ تَتُوبُ عَمَّا جَرَى مِنْهَا بِلَا عُذْرٍ، وَالْوَعْظُ كَأَنْ يَقُولَ: اتَّقِ اللَّهَ فِي الْحَقِّ الْوَاجِبِ لِي عَلَيْكَ وَاحْذَرِي الْعُقُوبَةَ وَيُبَيِّنُ لَهَا أَنَّ النُّشُوزَ يُسْقِطُ النَّفَقَةَ وَالْقَسْمَ (وَإِنْ تَحَقَّقَ) مِنْهَا (النُّشُوزُ) وَلَمْ يَتَكَرَّرْ (هَجَرَا مَضْجَعَهَا)
ــ
[حاشية العبادي]
نَوْبَتَهَا قَبْلَ سَفَرِهِ وَسَافَرَ قَبْلَ أَدَائِهَا فَلَا تَسْقُطُ نَوْبَتُهَا بِالسَّفَرِ، كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: الْآتِي فِي شَرْحِ وَلْيَقْضِ لِلْأُخْرَى، كَمَا لَوْ قَسَمَ لِيَقْضِ وَسَافَرَ مُدَّةَ الْمُقِيمِ فِي طَرِيقِهِ، أَوْ مَقْصِدِهِ إلَى " فَإِنَّهُ لَا يُضِيعُ " أَفْهَمَ أَنَّ مُدَّةَ الذَّهَابِ وَالرُّجُوعِ تَضِيعُ مُطْلَقًا، وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَجَبَ الْقَضَاءُ لَا فِي الرُّجُوعِ أَيْ: وَجَبَ قَضَاءُ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ لَا مُدَّةِ الرُّجُوعِ وَلَا مُدَّةِ الذَّهَابِ. لَكِنْ هَلْ يَقْضِي مُدَّةَ الذَّهَابِ مِنْ الْمَحَلِّ الْآخَرِ فِي صُورَتِهِ السَّابِقَةِ، أَوْ لَا؟ ذَكَرَ فِيهِ الْأَصْلُ احْتِمَالَيْنِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: فِي صُورَتِهِ السَّابِقَةِ أَيْ فِيمَا إذَا نَوَى الْإِقَامَةَ بِمَحَلٍّ آخَرَ فِي طَرِيقَةٍ وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ هُنَا بِقَوْلِهِ فِي طَرِيقَةٍ. .
(قَوْلُهُ: وَجَبَ الْقَضَاءُ مِنْ وَقْتِ كِتَابَتِهِ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ) أَيْ: وَأَمَّا مُدَّةُ الْإِقَامَةِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَلَا كَلَامَ فِي أَنَّهُ يَقْضِيهَا، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مُسْتَفَادٌ مِمَّا تَقَرَّرَ قَبْلُ، وَكَانَ وَجْهُ الِاخْتِلَافِ فِي الْقَضَاءِ مِنْ وَقْتِ الْكِتَابَةِ مَعَ أَنَّهُ حِينَئِذٍ مُقِيمٌ، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّهُ يَقْضِي النَّظَرُ إلَى أَنَّهُ بِالْكِتَابَةِ لِلِاسْتِحْضَارِ كَأَنَّهُ مُعْرِضٌ عَنْ التَّخْصِيصِ. (قَوْلُهُ: وَيَجِبُ الْقَضَاءُ لِمَنْ مَعَ الْوَكِيلِ) وَلَوْ أَقْرَعَ رَوْضٌ. (قَوْلُهُ: مَنْ قَدْ قُرِعَتْ) أَيْ: مِنْ اللَّتَيْنِ سَافَرَ بِهِمَا
(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا يَنْدَرِجُ فِي السَّفَرِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّفَرُ بِهَا بِغَيْرِ قُرْعَةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِنَّ إلَخْ) قَدْ يُشْكِلُ بِأَنَّ حَقَّ الزِّفَافِ إنَّمَا يَجِبُ إذَا كَانَ فِي نِكَاحِهِ مَنْ يَقْسِمُ لَهُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ حَقٌّ عَلَى مَنْ يَقْسِمُ لَهُ وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَى وُجُودِهِ
(قَوْلُهُ: بَعْدَ أَنْ كَانَ بِلِينٍ) يُعَدُّ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي اُنْظُرْ مَفْهُومَهُ وَلَعَلَّهُ مُخْتَلِفٌ
ــ
[حاشية الشربيني]
جَمِيعَ ذَلِكَ فَتَدَبَّرْ. وَقَوْلُهُ: لَوْ أَقَامَ لِشُغْلٍ يَنْتَظِرُهُ إلَخْ أَيْ: بِدُونِ نِيَّةٍ بِدَلِيلِ قَضَاءِ الزَّائِدِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ إلَخْ) مِثْلُهُ مَا لَوْ أَنْشَأَ سَفَرًا آخَرَ غَيْرَ الَّذِي كَانَ نَوَاهُ فَيَقْضِي مُدَّتَهُ لَهُنَّ وَلَوْ كَانَ قَدْ كَتَبَ لَهُنَّ يَسْتَحْضِرُهُنَّ. اهـ. طَنْدَتَائِيٌّ وَلَعَلَّهُ أَنْشَأَهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ تَرَخُّصِهِ، وَإِلَّا فَلَا قَضَاءَ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَبِتْ) مَشَى عَلَيْهِ م ر. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا تَرَكَهَا بِبَلَدٍ) أَيْ: فَلَا يَقْضِي مَا بَعْدَ التَّرْكِ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُ إلَخْ) ضَعِيفٌ كَاَلَّذِي بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: وَيَجِب الْقَضَاءُ فِي الْأَصَحِّ) وَالْقُرْعَةُ إنَّمَا تَدْفَعُ إثْمَ التَّخْصِيصِ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَهْجُرُ مَضْجَعَهَا) أَيْ: هَجْرًا يُفَوِّتُ حَقَّهَا مِنْ الْقَسْمِ، أَمَّا مُجَرَّدُ هَجْرِ الْمَضْجَعِ فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَكَرَّرْ) أَيْ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّ الْوَعْظَ فِي الْهَجْرِ لَا يُفِيدُ، كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي. (وَقَوْلُهُ: هَجْرُهُ مَضْجَعَهَا) أَيْ: وَإِنْ أَدَّى إلَى تَفْوِيتِ حَقِّهَا مِنْ الْقَسْمِ لِمَا هُوَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ النُّشُوزَ يُسْقِطُ حَقَّهَا مِنْ ذَلِكَ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا مَرَّ فِي الْمَرْتَبَةِ الْأُولَى. اهـ. رَشِيدِيٌّ
بِفَتْحِ الْجِيمِ - مَعَ وَعْظِهَا؛ لِأَنَّ فِي الْهَجْرِ أَثَرًا ظَاهِرًا فِي تَأْدِيبِ النِّسَاءِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ تَحْرِيمُ ضَرْبِهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ لَمْ تَتَأَكَّدْ، وَقَدْ يَكُونُ مَا اتَّفَقَ لِعَارِضٍ قَرِيبِ الزَّوَالِ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ كَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ جَوَازَهُ لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا تَحْرِيمُ هَجْرِ كَلَامِهَا مُطْلَقًا وَالصَّوَابُ فِي الرَّوْضَةِ الْجَزْمُ بِتَحْرِيمِهِ فِيمَا زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَجَوَازُهُ فِي الثَّلَاثَةِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» وَهَذَا فِي الْهَجْرِ لِغَيْرِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ، فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ كَبِدْعَةِ الْمَهْجُورِ، أَوْ فِسْقِهِ، أَوْ صَلَاحِ دِينِ أَحَدِهِمَا بِهِ جَازَ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ «هَجْرُهُ صلى الله عليه وسلم كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ مُرَارَةَ بْنَ الرَّبِيعِ وَهِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ» وَكَذَا مَا جَاءَ مِنْ هَجْرِ السَّلَفِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. اهـ.
وَحَمَلَ الْأَذْرَعِيُّ التَّحْرِيمَ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ بِهَجْرِهَا رَدَّهَا لِحَظِّ نَفْسِهِ، فَإِنْ قَصَدَ بِهِ رَدَّهَا عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَإِصْلَاحِ دِينِهَا فَلَا تَحْرِيمَ قَالَ: وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُهُمْ إذْ النُّشُوزُ حِينَئِذٍ عُذْرٌ شَرْعِيٌّ وَذَكَرَ نَحْوَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا حُجَّةَ لِلنَّوَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ عَلَى مُدَّعَاهُ؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي الْهَجْرِ بِغَيْرِ تَعَدٍّ، وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّعَدِّيَ وَالنُّشُوزَ مِمَّا يُسَلِّطُ عَلَى الضَّرْبِ، وَالسُّكُوتُ أَهْوَنُ مِنْهُ (وَإِنْ تُكَرِّرْ) نُشُوزُهَا (أَوْ دَرَى أَنْ) أَيْ: أَوْ عَلِمَ الزَّوْجُ أَنَّ مُجَرَّدَ وَعْظِهَا وَهَجْرِهَا (لَا يُفِيدُ جَازَ) لَهُ مَعَ ذَلِكَ (ضَرْبٌ) لَهَا لِلْآيَةِ فَمَنْ جَوَّزَ الضَّرْبَ فِي حَالَةِ عَدَمِ تَكَرُّرِ النُّشُوزِ قَالَ: التَّقْدِيرُ {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ} [النساء: 34]، فَإِنْ نَشَزَتْ {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ} [النساء: 34] وَمَنْ مَنَعَهُ فِيهَا قَالَ: التَّقْدِيرُ وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ، فَإِنْ نَشَزَتْ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ، فَإِنْ أَصْرَرْنَ فَاضْرِبُوهُنَّ وَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُ ضَرْبُهَا (إنْ نَجُعْ) أَيْ: أَفَادَ فِي ظَنِّهِ حَالَةَ كَوْنِهِ (غَيْرَ مَخُوفٍ) مِنْهُ تَلَفٌ، أَوْ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ (مَعْ ضَمَانِ مَا وَقَعْ) مِنْهُ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ إتْلَافٌ لَا إصْلَاحٌ وَالْأَوْلَى لَهُ تَرْكُ الضَّرْبِ.
وَخَبَرُ النَّهْيِ عَنْ ضَرْبِ النِّسَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ عَلَى الضَّرْبِ بِغَيْرِ سَبَبٍ يَقْتَضِيهِ لَا عَلَى النُّسَخِ إذْ لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ وَعَلِمْنَا التَّارِيخَ، وَهَذَا بِخِلَافِ وَلِيِّ الصَّبِيِّ فَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ لَا يَتْرُكَ ضَرْبَهُ لِلتَّأْدِيبِ؛ لِأَنَّ ضَرْبَهُ لِذَلِكَ مَصْلَحَةٌ لِلصَّبِيِّ وَضَرْبُ الزَّوْجِ زَوْجَتُهُ مَصْلَحَةٌ لِنَفْسِهِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَنْجَعْ الضَّرْبُ، أَوْ خِيفَ مِنْهُ مَا ذُكِرَ فَحَرَامٌ، كَمَا فِي التَّعْزِيرِ (وَإِنْ تَعَدَّى) عَلَيْهَا الزَّوْجُ بِمَنْعِ حَقِّهَا كَقَسْمٍ وَنَفَقَةٍ أَلْزَمَهُ الْقَاضِي تَوْفِيَتَهُ، أَوْ بِضَرْبٍ، أَوْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ سَبَبٍ نَهَاهُ، فَإِنْ عَادَ عَزَّرَهُ وَأَمَرَ مَنْ يُرَاقِبُهُمَا، ثُمَّ إنْ ظَنَّ مِنْهُ تَعْدِيَةً، وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ لَمْ يَحِلَّ بَيْنَهُمَا وَإِنْ تَحَقَّقَهُ مِنْهُ، أَوْ ثَبَتَ عِنْدَهُ وَخَافَ أَنْ يَضْرِبَهَا ضَرْبًا مُبَرِّحًا لِكَوْنِهِ جَسُورًا (فَلْيَحُلْ بَيْنَهُمَا) حَتَّى يَظُنَّ أَنَّهُ عَدْلٌ إذْ لَوْ لَمْ يُحِلْ بَيْنَهُمَا وَاقْتَصَرَ عَلَى التَّعْزِيرِ لَرُبَّمَا بَلَغَ مِنْهَا مَبْلَغًا لَا يُسْتَدْرَكُ هَكَذَا فَصَلَ الْإِمَامُ فَمَنْ لَمْ يَذْكُرْ الْحَيْلُولَةَ أَرَادَ الْحَالَ الْأَوَّلَ وَمَنْ ذَكَرَهَا كَالْغَزَالِيِّ وَالنَّاظِمِ وَأَصْلِهِ وَالنَّوَوِيِّ فِي تَنْقِيحِهِ أَرَادَ الثَّانِيَ وَإِنْ أَطْلَقَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّ أَكْثَرَهُمْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا.
(وَالْحَالُ إنْ تُشْكِلْ) بِأَنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا: إنَّ صَاحِبَهُ مُتَعَدٍّ وَأَشْكَلَ الْحَالُ عَلَى الْقَاضِي تَعْرِفُهُ مِنْ جَارٍ ثِقَةٍ خَبِيرٍ بِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَسْكَنَهُمَا بِجَنْبِ ثِقَةٍ يَتَعَرَّفُهُ وَيَعْلَمُهُ بِهِ لِيَمْنَعَ الظَّالِمَ مِنْ ظُلْمِهِ، فَإِنْ اشْتَدَّ الشِّقَاقُ (فَمِنْ أَهْلِهِمَا يَبْعَثُ قَاضٍ حَكَمَيْنِ) لِلْآيَةِ لِيَنْظُرَا فِي أَمْرِهِمَا بَعْدَ اخْتِلَاءِ حُكْمِهِ بِهِ وَحُكْمِهَا بِهَا وَمَعْرِفَةِ مَا عِنْدَهُمَا فِي ذَلِكَ وَيُصْلِحَا بَيْنَهُمَا، أَوْ يُفَرِّقَا إنْ عَسِرَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ إلَخْ) وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ سَبَبَ الضَّرْبِ النُّشُوزُ وَأَنْكَرَتْ صَدَقَ، كَمَا بَحَثَهُ فِي الْمَطْلَبِ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَهُ وَلِيًّا عَلَيْهَا أَيْ: بِيَمِينِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَصْدُقُ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ مُؤَاخَذَتِهِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ نَفَقَتِهَا وَكِسْوَتِهَا وَحَقِّ قَسْمِهَا، فَهِيَ الْمُصَدَّقَةُ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ فَلَا تَسْقُطُ هَذِهِ الْأُمُورُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي الْهَجْرِ بِغَيْرِ عُذْرٍ) كَلَامُ النَّوَوِيِّ لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَهَذَا فِي الْهَجْرِ لِغَيْرِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ إلَخْ، كَمَا أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ حَمْلَ الْأَذْرَعِيِّ الْمَذْكُورَ فَلَا غُبَارَ عَلَيْهِ سم. (قَوْلُهُ: عَلَى ذَلِكَ) أَيْ: الْأَوْلَى تَرْكُ الضَّرْبِ. (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ لَمْ يَحِلَّ وَاقْتَصَرَ عَلَى التَّعْزِيرِ إلَخْ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ " ثُمَّ " فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ، ثُمَّ إنْ ظَنَّ إلَخْ لِمُجَرَّدِ التَّرْتِيبِ فِي الذِّكْرِ وَإِنَّ الْغَرَضَ مِنْ مَدْخُولِهَا تَفْصِيلُ مَا قَبْلَهُ بِرّ. (قَوْلُهُ: فَمَنْ لَمْ يَذْكُرْ الْحَيْلُولَةَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَيْلُولَةَ بَعْدَ التَّعْزِيرِ، وَالْإِسْكَانِ. .
(قَوْلُهُ: تَعْرِفُهُ مِنْ جَارٍ ثِقَةٍ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: ظَاهِرُ هَذَا الِاكْتِفَاءِ بِخَبَرِ ثِقَةٍ وَاحِدٍ وَلَا يَخْلُو عَنْ شَيْءٍ قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: الظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ لِيُرَتِّبَ الْقَاضِي عَلَيْهِ النَّظَرَ فِي حَالِهِمَا، وَلِهَذَا قَالُوا فَإِذَا تَبَيَّنَ لَهُ الظَّالِمُ مَنَعَهُ، أَمَّا إنْ أَرَادُوا أَنَّهُ يَسْتَنِدَ إلَى قَوْلِهِ فَمُشْكِلٌ بِرّ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: أَوْ دَرَى أَنَّهُ لَا يُفِيدُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ إنْ تَكَرَّرَ جَازَ لَهُ الضَّرْبُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مَا قَبْلَهُ لَا يُفِيدُ، بَلْ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ وَاعْتَمَدَ زي وَحَجَرٌ وَالْخَطِيبُ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ لِلْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ إلَّا إذَا لَمْ تُفِدْ الْأُولَى، وَحَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ مَتَى تَحَقَّقَ النُّشُوزُ جَازَ لَهُ الْهَجْرُ وَالضَّرْبُ وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ، خِلَافًا لِلْمُصَنِّفِ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَظُنَّ أَنَّ مَا عَدَا الضَّرْبَ يُصْلِحُهَا، كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَمُجَلِّي خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ إنْ أَفَادَ وَإِنْ ظَنَّ أَنَّ غَيْرَهُ يُفِيدُ فَلْيُرَاجِعْ وَلْيُحَرَّرْ. (قَوْلُهُ: تَعْرِفُهُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى مَرْتَبَتَيْنِ أَسْقَطَهُمَا الْمُصَنِّفُ إذْ لَا يَبْعَثُ الْحَكَمَيْنِ إلَّا بَعْدَ ذَلِكَ، كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَهُمَا رَشِيدَانِ) إنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى رُشْدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ أَصْرَحُ فِي الرَّدِّ عَلَى الْمُقَابِلِ الْقَائِلِ بِأَنَّهُمَا مُوَلَّيَانِ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ الشَّامِلِ لِلرَّشِيدَيْنِ، وَإِلَّا فَالزَّوْجُ وَلَوْ سَفِيهًا لَا يُوَلَّى عَلَيْهِ فِي الْخُلْعِ وَلِذَا قَالَ الْخَطِيبُ بَعْدَ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ: وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوِلَايَةِ إلَّا فِي الْمُوَلِّي وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْقِيَاسِ. اهـ.