المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قَدْ ادَّعَتْ أَنَّهَا. (زُوِّجَتْ، وَلَمْ تَرْضَ) بِالزَّوَاجِ أَيْ: لَمْ تَأْذَنْ - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٤

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الْوَصَايَا)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْوِصَايَةِ)

- ‌(فَرْعٌ)الْوِصَايَةُ جَائِزَةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ

- ‌(بَابُ الْوَدِيعَةِ)

- ‌(بَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ)

- ‌ بَيَانِ الْغَنِيمَةِ وَتَخْمِيسِهَا

- ‌(بَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ)

- ‌ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَكَافِرٍ

- ‌(بَابُ النِّكَاحِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْعَقْدِ) لِلنِّكَاحِ وَمُقَدِّمَاتِهِ

- ‌[الْكَفَاءَةِ الْمُعْتَبَرَةِفِي النِّكَاحِ]

- ‌ الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْخِيَارِ فِي النِّكَاح]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْخِيَارِ فِي النِّكَاح وَأَحْكَامٍ أُخَرَ]

- ‌(بَابُ الصَّدَاقِ)

- ‌ بَيَانِ تَشْطِيرِ الْمَهْرِ

- ‌ حُكْمَ تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ فِي الْمَهْرِ

- ‌(بَابُ الْقَسْمِ) .وَالنُّشُوزُ

- ‌(بَابُ الْخُلْعِ)

- ‌[فَرْعٌ خَالَعَهَا بِمَا فِي كَفِّهَا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ]

- ‌(بَابُ الطَّلَاقِ)

- ‌[فَرْعٌ قَالَ كُلُّ مَا أَمْلِكُهُ حَرَامٌ عَلَيَّ وَلَهُ زَوْجَاتٌ وَإِمَاءٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الرَّجْعَةِ]

- ‌(بَابُ الْإِيلَاءِ)

- ‌[أَرْكَان الْإِيلَاءِ]

- ‌(بَابُ الظِّهَارِ)

- ‌(بَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ)

- ‌(بَابُ الْعِدَدِ)

- ‌(فَرْعٌ)زَنَتْ الْمُعْتَدَّةُ فِي عِدَّتِهَا وَهِيَ بِكْرٌ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌(بَابُ الرَّضَاعِ)

- ‌[بَابُ النَّفَقَة]

- ‌[أَسْبَابُ وُجُوبِ النَّفَقَة]

- ‌(بَابُ الْحَضَانَةِ)

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْ أَقَارِبِ الْوَلَدِ مِمَّنْ لَهُ الْحَضَانَةُ]

- ‌[فَرْعٌ دَفَعَ إلَيْهِ طَعَامًا ثُمَّ أَرَادَ إبْدَالَهُ فِي نَفَقَة مِلْك الْيَمِين]

- ‌[فَرْعٌ لَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضِرْ فَرْعَ أَيْ وَلَدَ مَوَاشِيهِ]

الفصل: قَدْ ادَّعَتْ أَنَّهَا. (زُوِّجَتْ، وَلَمْ تَرْضَ) بِالزَّوَاجِ أَيْ: لَمْ تَأْذَنْ

قَدْ ادَّعَتْ أَنَّهَا. (زُوِّجَتْ، وَلَمْ تَرْضَ) بِالزَّوَاجِ أَيْ: لَمْ تَأْذَنْ فِيهِ، وَهِيَ مُعْتَبَرَةُ الْإِذْنِ. (يَكُنْ مِثْلَ الرِّضَى التَّمْكِينُ) أَيْ: يَكُنْ تَمْكِينُهَا هُنَا كَرِضَاهَا. (ثُمَّ) أَيْ: فِيمَا مَرَّ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهَا ذَلِكَ تَنْزِيلًا لِتَمْكِينِهَا مَنْزِلَةَ رِضَاهَا، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ تَمْكِينَهَا كَافٍ فِي عَدَمِ سَمَاعِ دَعْوَاهَا، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَهُوَ الْوَجْهُ، وَإِنْ صَوَّرَهَا الْبَغَوِيّ بِمَا بَعْدَ الدُّخُولِ كَمَا نَقَلَهَا عَنْهُ الشَّيْخَانِ كَذَلِكَ وَعَلَّلَاهَا بِقَوْلِهِمَا كَأَنَّهُ جَعَلَ الدُّخُولَ بِمَنْزِلَةِ الرِّضَى أَمَّا دَعْوَاهَا ذَلِكَ قَبْلَ تَمْكِينِهَا فَتُسْمَعُ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إطْلَاقُهُمَا فِي آخِرِ الرَّجْعَةِ قَبُولَ قَوْلِهَا وَحَيْثُ قُبِلَ قَوْلُهَا قَالَا هُنَاكَ: لَوْ رَجَعَتْ فَقَالَتْ: كُنْتُ رَضِيتُ وَنَسِيتُ فَفِي قَبُولِ رُجُوعِهَا وَجْهَانِ: الْمَنْصُوصُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ وَرَجَّحَ الْغَزَالِيُّ أَنَّهُ يُقْبَلُ انْتَهَى، وَلَوْ ادَّعَى الْوَلِيُّ مَحْرَمِيَّةً أَوْ عَدَمَ إذْنِ الْمَرْأَةِ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ حَقُّ الزَّوْجَيْنِ، وَلِهَذَا يَثْبُتُ بِتَفَارُقِهِمَا، وَإِنْ أَنْكَرَ الْوَلِيُّ (وَبَادِعَا الْجُنُونِ وَالْحَجْرِ) مِنْ الْوَلِيِّ. (لَدَى عَقْدٍ) أَيْ: عِنْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ

حَلَفَ الزَّوْجُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهِ، سَوَاءٌ (عَهِدْنَا ذَاكَ) مِنْ الْوَلِيِّ. (أَوْ مَا عُهِدَا) ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ جَرَيَانُ الْعَقْدِ صَحِيحًا وَلِأَنَّهُ حُكِمَ بِصِحَّتِهِ ظَاهِرًا، وَالْأَصْلُ دَوَامُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ: لَدَى عَقْدٍ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (أَوْ الصِّبَا أَوْ عَقْدَةِ) أَيْ: النِّكَاحَ بِإِضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى الْمَفْعُولِ وَفَاعِلِهِ. (الْوَكِيلِ) أَيْ: وَبِادِّعَاءِ الْوَلِيِّ صِبَاهُ الْمُمَكِّنَ عِنْدَ الْعَقْدِ أَوْ أَنَّ النِّكَاحَ عَقَدَهُ الْوَكِيلُ (فِي إحْرَامِ مَنْ وَكَّلَ) أَيْ: الْمُوَكِّلُ (زَوْجًا حَلِّفْ) أَيْ: حَلِّفْ أَنْتَ الزَّوْجَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهِ، سَوَاءٌ عُهِدَ لِلْوَلِيِّ إحْرَامٌ أَمْ لَا لِمَا مَرَّ، وَيُفَارِقُ ذَلِكَ تَصْدِيقُ الْجَانِي إذَا قَالَ: كُنْتُ يَوْمَ الْقَتْلِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا وَأَمْكَنَ الصِّبَا وَعُهِدَ الْجُنُونُ بِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْأَنْكِحَةِ الِاحْتِيَاطُ وَعَقْدُهَا بِشُرُوطِهَا فَصُدِّقَ فِيهَا الزَّوْجُ، وَالْقَوَدُ مِمَّا يُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ فَصُدِّقَ فِيهَا الْجَانِي حَيْثُ ظَهَرَ احْتِمَالُ قَوْلِهِ، وَذِكْرُ الْحَجْرِ بَعْدَ الْجُنُونِ مِنْ ذِكْرِ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ عَكْسُ ذِكْرِ الصِّبَا بَعْدَ الْحَجْرِ، وَاقْتَصَرَ الْحَاوِي عَلَى الْجُنُونِ وَالصِّبَا وَالْإِحْرَامِ

(بَابُ الصَّدَاقِ)

هُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِهَا مَا وَجَبَ بِنِكَاحٍ أَوْ وَطْءٍ أَوْ تَفْوِيتِ بُضْعٍ قَهْرًا كَرَضَاعٍ وَرُجُوعِ شُهُودٍ وَيُقَالُ فِيهِ: صَدُقَةٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ ثَانِيهِ وَكَسْرِهِ وَبِضَمِّ أَوَّلِهِ أَوْ فَتْحِهِ مَعَ إسْكَانِ ثَانِيهِ فِيهِمَا وَبِفَتْحِهِمَا وَضَمِّهِمَا سُمِّيَ بِذَلِكَ لِإِشْعَارِهِ بِصِدْقِ رَغْبَةِ بَاذِلِهِ فِي النِّكَاحِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِي إيجَابِ الْمَهْرِ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا: مَهْرٌ وَنِحْلَةٌ بِكَسْرِ النُّونِ وَضَمِّهَا وَفَرِيضَةٌ وَأَجْرٌ وَطَوْلٌ وَعُقْرٌ وَعَلِيقَةٌ وَحُبًّا وَنِكَاحٌ قَالَ تَعَالَى {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا} [النور: 33] وَقِيلَ: الصَّدَاقُ مَا وَجَبَ بِتَسْمِيَةٍ فِي الْعَقْدِ، وَالْمَهْرُ مَا وَجَبَ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَيُقَالُ مِنْ لَفْظِ الصَّدَاقِ وَالصَّدُقَةِ أَصَدَقْتُهَا وَمِنْ الْمَهْرِ، مَهَرْتُهَا وَلَا يُقَالُ: أَمْهَرْتُهَا وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَهُ وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4] وَقَوْلُهُ: {وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [النساء: 25]«وَقَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم لِمُرِيدِ التَّزْوِيجِ الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (كَالثَّمَنِ) فِي شَرْطِهِ وَحُكْمِهِ لَا فِي كَوْنِهِ رُكْنًا (الصَّدَاقُ) فَمَا صَحَّ ثَمَنًا صَحَّ صَدَاقًا وَمَالًا فَلَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ إنْ كَانَ دَيْنًا وَيَضْمَنُهُ الزَّوْجُ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ ضَمَانَ عَقْدٍ حَتَّى يَمْتَنِعَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَتَرْجِعُ الْمَرْأَةُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ لَا إلَى مِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ إذَا تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ إلَّا إذَا أَتْلَفَتْهُ فَتَكُونُ قَابِضَةً لَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ فَتُخَيَّرُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالرُّجُوعِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَبَيْنَ الْإِجَازَةِ وَطَلَبِ مِثْلِ الْمَهْرِ أَوْ قِيمَتِهِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَحَتَّى تَتَخَيَّرَ الْمَرْأَةُ عِنْدَ تَلَفِ الْبَعْضِ كَأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالرُّجُوعِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَبَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالرُّجُوعِ إلَى حِصَّةِ قِيمَةِ التَّالِفِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَحَتَّى تَتَخَيَّرَ عِنْدَ التَّعَبِ كَالْعَمَى بَيْنَ الْإِجَازَةِ بِلَا أَرْشٍ وَبَيْنَ الْفَسْخِ وَالرُّجُوعِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ.

وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ رُكْنًا كَالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ الْغَرَضِ مِنْ النِّكَاحِ التَّمَتُّعُ وَلِهَذَا سَمَّاهُ اللَّهُ نِحْلَةً فَيَجُوزُ إخْلَاؤُهُ عَنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: 236]

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: أَوْ وَكِيلِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: قَوْلُهُ: أَوْ تَوْكِيلِهِ مَحْمُولٌ عَلَى تَوْكِيلٍ بِبَيْعٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ يَدَّعِي الْمُوَكِّلُ بَعْدَ بَيْعِ الْوَكِيلِ وَلُزُومِهِ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ قَبْلَ التَّوْكِيلِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ الْوِكَالَةُ مُطْلَقَةً أَوْ فِي مُعَيَّنٍ وَادَّعَى عِتْقًا بَعْدَ التَّوْكِيلِ وَلَمْ يُقَصِّرْ فِي تَرْكِ إعْلَامِ الْوَكِيلِ صُدِّقَ الْمُوَكِّلُ بِيَمِينِهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: عَكْسُ ذِكْرِ الصِّبَا بَعْدَ الْحَجْرِ) عَبَّرَ بِذِكْرٍ دُونَ الْعَطْفِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ الْوَاوُ كَعَكْسِهِ

[بَابُ الصَّدَاقِ]

(بَابُ الصَّدَاقِ)(قَوْلُهُ: كَالثَّمَنِ الصَّدَاقُ) قَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ، كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: عَدَمُ صِحَّةِ إصْدَاقِهَا ثَوْبًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ حَقِّ اللَّهِ بِهِ لِأَجْلِ السَّتْرِ، وَالصَّلَاةِ فَكَانَ كَالْمَاءِ الْمُتَعَيَّنِ لِلطَّهَارَةِ فِي الْوَقْتِ قَالَ بَعْضُهُمْ: مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَى التَّعْيِينِ وَإِلَّا فَهُوَ مُغْنٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الثَّوْبِ فَلَا يَتَعَيَّنُ بِرّ (قَوْلُهُ: التَّمَتُّعُ) أَيْ: لَا الْمَالِيَّةُ

ــ

[حاشية الشربيني]

لَكِنْ قَيَّدَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِعَدَمِ رِضَاهَا بَعْدَ الْعَقْدِ بِنُطْقٍ وَلَا تَمْكِينٍ

(بَابُ الصَّدَاقِ)

(قَوْلُهُ: لَا إلَى مِثْلِهِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي ضَمَانِ الْيَدِ لَا الْعَقْدِ

ص: 181

لَكِنَّ الْأَوْلَى ذِكْرُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَخْلُ نِكَاحًا عَنْهُ؛ وَلِأَنَّهُ أَدْفَعُ لِلْخُصُومَةِ نَعَمْ لَوْ زَوَّجَ عَبْدَهُ بِأَمَتِهِ لَا يُسْتَحَبُّ ذِكْرُهُ عَلَى الْجَدِيدِ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَقَدْ يَجِبُ ذِكْرُهُ فِيهِ لِعَارِضٍ بِأَنْ كَانَتْ غَيْرَ جَائِزَةِ التَّصَرُّفِ أَوْ كَانَتْ جَائِزَتَهُ وَأَذِنَتْ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا، وَلَمْ تُفَوِّضْ أَوْ كَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ جَائِزِ التَّصَرُّفِ وَحَصَلَ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَقَلِّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِ الزَّوْجَةِ وَيُسْتَحَبُّ تَخْفِيفُهُ وَأَنْ لَا يَنْقُصَ عَنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى صَدَاقِ بَنَاتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَزَوْجَاتِهِ وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَأَمَّا صَدَاقُ أُمِّ حَبِيبَةَ أَرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ فَكَانَ مِنْ النَّجَاشِيِّ إكْرَامًا لَهُ صلى الله عليه وسلم (بَلْ) انْتِقَالِيَّةٌ لَا إبْطَالِيِّةٌ (لِلْعِرْسِ) أَيْ الزَّوْجَةِ (بِالْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ) أَيْ: مَعَ عَقْلِهَا وَبُلُوغِهَا (حَبْسُ النَّفْسِ) أَيْ: نَفْسِهَا.

(وَلِوَلِيِّ غَيْرِهَا) وَهِيَ الصَّغِيرَةُ وَالْمَجْنُونَةُ (الْحَبْسُ) أَيْضًا (إلَى تَسْلِيمِهِ) أَيْ: الصَّدَاقِ لِلْعَاقِلَةِ الْبَالِغَةَ الرَّشِيدَةَ وَلِوَلِيِّ غَيْرِهَا (إنْ لَمْ يَكُنْ مُؤَجَّلَا) بِأَنْ كَانَ عَيْنًا أَوْ دَيْنًا حَالًّا كَمَا فِي الْبَائِعِ سَوَاءٌ أَخَّرَ الزَّوْجُ تَسْلِيمَهُ لِعُذْرٍ أَمْ لَا وَالْحَبْسُ فِي الْأَمَةِ لِسَيِّدِهَا أَوْ لِوَلِيِّهِ فَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَلَا حَبْسَ وَإِنْ حَلَّ قَبْلَ تَسْلِيمِهَا لِوُجُوبِ تَسْلِيمِهَا قَبْلَ الْحُلُولِ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِالتَّأْجِيلِ وَوَقَعَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ تَصْحِيحُ الْحَبْسِ فِيمَا إذَا حَلَّ قَبْلَ تَسْلِيمِهَا وَمَا ذُكِرَ مِنْ الْحَبْسِ مَحَلَّهُ فِي غَيْرِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ: وَحَبْسُهَا لِلْمَهْرِ لَيْسَ لِأَحَدٍ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: وَلِوَلِيِّ غَيْرِهَا الْحَبْسُ أَنَّ لَهُ تَسْلِيمَهَا قَبْلَ قَبْضِ الْمَهْرِ وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً وَفِيمَا لَوْ سَلَّمَتْ الْمَحْجُورَ عَلَيْهَا بِالسَّفَهِ نَفْسَهَا قَبْلَ ذَلِكَ كَلَامٌ يَأْتِي

(وَفِي النِّزَاعِ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِيمَنْ يَبْدَأُ مِنْهُمَا بِالتَّسْلِيمِ يُجْبَرَانِ لِيُوَفَّى كُلٌّ مِنْهُمَا مَا لِلْآخَرِ بِأَنْ يُؤْمَرُ الزَّوْجُ بِوَضْعِ الصَّدَاقِ عِنْدَ أَمِينٍ ثُمَّ تُؤْمَرُ الزَّوْجَةُ بِالتَّمْكِينِ فَإِذَا مُكِّنَتْ سَلَّمَهُ الْأَمِينُ.

وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (فَلَدَى أَمِينِ) أَيْ: فَعِنْدَ عَدْلٍ (يُوضَعُ) الصَّدَاقُ (فَالتَّسْلِيمُ) أَيْ: ثُمَّ تَسْلِيمُ الْأَمِينِ الصَّدَاقَ يَجِبُ (بِالتَّمْكِينِ) أَيْ: بِسَبَبِ تَمْكِينِهَا وَإِنْ لَمْ يَأْتِهَا الزَّوْجُ قَالَ الْإِمَامُ: فَلَوْ هَمَّ بِالْوَطْءِ بَعْدَ أَنْ تَسَلَّمَتْ الصَّدَاقَ فَامْتَنَعَتْ فَالْوَجْهُ اسْتِرْدَادُهُ وَاسْتَشْكَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَضَعَهُ عِنْدَ أَمِينٍ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ نَائِبَهَا فَالْمُجْبَرُ الزَّوْجُ، وَإِلَّا فَالزَّوْجَةُ وَأَجَابَ بِأَنَّهُ نَائِبُهَا، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْجِيلِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ فِيمَا إذَا أَخَذَ الْحَاكِمُ الدَّيْنَ مِنْ الْمُمْتَنِعِ فَإِنَّ الْمَأْخُوذَ يَمْلِكُهُ الْغَرِيمُ وَتَبْرَأُ ذِمَّةُ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَمَعَ كَوْنِهِ نَائِبَهَا هُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ تَسْلِيمِهِ وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ قَبْلَ تَمْكِينِهَا بِخِلَافِ الْقَوْلِ بِإِجْبَارِ الزَّوْجِ، فَإِنَّا إذَا أَجْبَرْنَاهُ أَطْلَقْنَا تَصَرُّفَهَا فِي الْمَأْخُوذِ بِمُجَرَّدِ الْقَبْضِ وَأَجَابَ آخَرُ بِأَنَّهُ نَائِبُهُمَا، وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَآخَرُ بِأَنَّهُ نَائِبُهُ وَلَا مَحْذُورَ فِي إجْبَارِهَا لِزَوَالِ الْعِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِعَدَمِ إجْبَارِهَا.

(وَمَنْ

ــ

[حاشية العبادي]

(قَوْلُهُ: وَقَدْ يَجِبُ ذِكْرُهُ فِيهِ لِعَارِضٍ) وَمَعَ وُجُوبِهِ لِلْعَارِضِ لَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ بِتَرْكِهِ، كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مَسَائِلِ الْمُخَالَفَةِ الْآتِيَةِ (وَقَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَتْ غَيْرَ جَائِزَةِ التَّصَرُّفِ) ، أَوْ مِلْكًا لِغَيْرِ جَائِزَةٍ شَرْحٌ رَوْضٌ.

(قَوْلُهُ: كَلَامٌ يَأْتِي قَرِيبًا) قُبَيْلَ وَلْتُمْهَلْ

(قَوْلُهُ: يُجْبَرَانِ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي إجْبَارِهِمَا بَيْنَ كَوْنِ الصَّدَاقِ عَيْنًا، أَوْ دَيْنًا وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ مِنْ الْبَيْعِ حَيْثُ لَمْ يَأْتِ قَوْلٌ بِإِجْبَارِهَا وَحْدَهَا، إذَا كَانَ الصَّدَاقُ دَيْنًا نَظِيرَ الْقَوْلِ بِإِجْبَارِ الْبَائِعِ وَحْدَهُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ دَيْنًا بِأَنَّ مِنْ لَازِمِ إجْبَارِهَا أَوَّلًا تَلَفَ بُضْعِهَا، وَلَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ إذْ الِاسْتِمْتَاعُ بِهِ لَا يُتَصَوَّرُ تَدَارُكُهُ مُطْلَقًا وَإِذَا لَمْ يُجْبَرْ مَعَ أَنَّ الْعِوَضَ مِنْ جَانِبِهَا مُعَيَّنٌ نَاسَبَ عَدَمَ إجْبَارِهِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ مِنْ جَانِبِهِ مُعَيَّنًا، فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: يُوضَعُ الصَّدَاقُ عِنْدَ أَمِينٍ) هَذَا لَا يَأْتِي إذَا كَانَ الصَّدَاقُ نَحْوُ تَعْلِيمٍ فَهَلْ يُعْرَضُ عَنْهُمَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْتُ بَعْضَهُمْ بَحَثَ أَنَّهُمَا إذَا تَنَازَعَا فُسِخَ الْعَقْدُ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: فَلِذِي أَمِينٍ) لَعَلَّهُ جَوَابُ أَمَّا مُقَدَّرَةٍ أَيْ: وَأَمَّا فِي النِّزَاعِ فَلِذِي أَمِينٍ، كَمَا قِيلَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي نَحْوِ {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: 3] (قَوْلُهُ: وَاسْتَشْهَدَ لَهُ إلَخْ) كَانَ وَجْهُ الِاسْتِشْهَادِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّ مِلْكَ الْغَرِيمِ وَبَرَاءَةَ ذِمَّةِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ يَتَوَقَّفَانِ عَلَى الْإِقْبَاضِ الصَّحِيحِ مِنْ جِهَةِ الْمَأْخُيذِ مِنْهُ، فَلَوْلَا أَنَّ الْحَاكِمَ نَابَ عَنْهُمَا فِي الْإِقْبَاضِ، وَالْقَبْضِ مَا حَصَلَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِزَوَالِ الْعِلَّةِ) أَيْ: خَوْفِ الْفَوْتِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ مُؤَجَّلًا) أَيْ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ لَا كَمَا يَقَعُ الْآنَ مِنْ التَّأْجِيلِ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ فَيَفْسُدُ وَيَجِبُ مَهْرُ مِثْلٍ حَالًّا. اهـ. ع ش عَلَى م ر، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا إذَا قَبِلَ مُؤَجَّلًا فَقَطْ رَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَلَا حَبْسَ) مِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ تَعْلِيمُ نَحْوِ قُرْآنٍ؛ لِأَنَّ رِضَاهَا بِالتَّعْلِيمِ الَّذِي لَا يَحْصُلُ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ فِي الْعَادَةِ كَالتَّأْجِيلِ، كَذَا نُقِلَ عَنْ م ر، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ انْتِهَاءَ الْأَجَلِ مَعْلُومٌ فَيُمْكِنُهَا الْمُطَالَبَةُ بَعْدَهُ وَزَمَنُ التَّعْلِيمِ لَا غَايَةَ لَهُ فَلَوْ مَكَّنَتْهُ لَرُبَّمَا تَسَاهَلَ فِيهِ فَتَطُولُ مُدَّتُهُ، أَوْ يَفُوتُ مِنْ أَصْلِهِ فَالْمُخَلَّصُ مِنْ ذَلِكَ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي الْبُدَاءَةِ أَنْ يَفْسَخَ الصَّدَاقَ وَيَرْجِعَ لِمَهْرِ الْمِثْلِ فَيُسَلِّمُ لِعَدْلٍ وَتُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهَا، وَنُقِلَ هَذَا أَيْضًا عَنْ م ر وَاعْتَمَدَهُ ع ش.

(قَوْلُهُ: نَائِبُهَا) قَالَ فِي الْعُبَابِ: فَيَكُونُ مِنْ ضَمَانِهَا فَانْظُرْ حُكْمَ الضَّمَانِ عَلَى كَوْنِهِ نَائِبَهُمَا سم عَلَى الْمَنْهَجِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إنْ تَلِفَ كَانَ مِنْ ضَمَانِ الزَّوْجِ، كَمَا فِي عَدْلِ الرَّهْنِ. اهـ. ر م وَحَجَرٌ. (قَوْلُهُ: وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ إلَخْ) رُدَّ بِأَنَّ كَلَامَ الْأَصْحَابِ لَا شَاهِدَ فِيهِ لِذَلِكَ لِاسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ فِيمَا قَالُوهُ بِقَبْضِ الْحَاكِمِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا إذْ لَوْ امْتَنَعَتْ مِنْ التَّسْلِيمِ بَعْدَ قَبْضِ الْعَدْلِ، أَوْ الْحَاكِمِ اسْتَرَدَّهُ الزَّوْجُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرٌ) ؛ لِأَنَّهُ نَابَ فِي الْإِقْبَاضِ، وَالْقَبْضِ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الشَّرْعِ لَا عَنْهُمَا وَلَا عَنْ

ص: 182

يُبَادِرْ) مِنْهُمَا إلَى تَسْلِيمِ مَا عَلَيْهِ (يُجْبَرُ الثَّانِي) عَلَى تَسْلِيمِ مَا يُقَابِلُهُ (وَمَعْ مَنْعِ سِوَى مُبَادِرٍ) أَيْ: عِنْدَ امْتِنَاعِهِ مِنْ التَّسْلِيمِ بِلَا عُذْرٍ (إنْ شَا) أَيْ: الْمُبَادِرُ مِنْهُمَا (رَجَعْ) فِيمَا سَلَّمَهُ لِعَدَمِ حُصُولِ الْغَرَضِ لَكِنَّ رُجُوعَ الزَّوْجِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّهُ يُجْبَرُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْإِجْبَارَ شَرْطُهُ التَّمْكِينُ فَإِنْ قُلْنَا: لَا يُجْبَرُ أَوَّلًا وَهُوَ الْأَصَحُّ فَلَا رُجُوعَ لَهُ لِتَبَرُّعِهِ بِالْمُبَادَرَةِ كَتَبَرُّعِهِ بِتَعْجِيلِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ (لَا هِيَ) أَيْ: الزَّوْجَةُ فَلَا تَرْجِعُ فِي نَفْسِهَا (بَعْدَ الْوَطْءِ) بِتَمْكِينِهَا مِنْهُ مُخْتَارَةً مُكَلَّفَةً، كَمَا لَوْ سَلَّمَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ مُتَبَرِّعًا قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ، أَمَّا الْمُكْرَهَةُ وَغَيْرُ الْمُكَلَّفَةِ، فَلَهُمَا الرُّجُوعُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ، وَحُصُولِ التَّكْلِيفِ نَعَمْ، لَوْ سَلَّمَ الْوَلِيُّ غَيْرَ الْمُكَلَّفَةِ بِالْمَصْلَحَةِ فَيَنْبَغِي، كَمَا فِي الْكِفَايَةِ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهَا وَإِنْ كَمُلَتْ، كَمَا لَوْ تَرَكَ الْوَلِيُّ الشُّفْعَةَ لِمَصْلَحَةٍ لَيْسَ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ الْأَخْذُ بِهَا بَعْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَلَّمَهَا بِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ، بَلْ الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا بِالسَّفَهِ لَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا وَرَأَى الْوَلِيُّ خِلَافَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ الرُّجُوعُ وَإِنْ وُطِئَتْ

(وَلْتُمْهَلْ) أَيْ: الزَّوْجَةُ وُجُوبًا إذَا اُسْتُمْهِلَتْ هِيَ أَوْ وَلِيُّهَا بَعْدَ قَبْضِ الصَّدَاقِ (إلَى طَوْقٍ) مِنْهَا لِلْوَطْءِ حَيْثُ لَمْ تُطِقْهُ لِصِغَرٍ أَوْ مَرَضٍ لِتَضَرُّرِهَا بِهِ فَلَا يَجِبُ تَسْلِيمُهَا حَتَّى يَزُولَ مَانِعُ الْوَطْءِ وَإِنْ قَالَ: سَلِّمُوهَا لِي وَلَا أَقْرَبُهَا حَتَّى يَزُولَ الْمَانِعُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَفِي بِذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ، كَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ وَقَالَ الْبَغَوِيّ يُجَابُ فِي الْمَرِيضَةِ دُونَ الصَّغِيرَةِ؛ لِأَنَّ الْأَقَارِبَ أَحَقُّ بِحَضَانَتِهَا. اهـ. وَيُكْرَهُ لِلْوَلِيِّ تَسْلِيمُ الصَّغِيرَةِ وَيَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجِ وَطْؤُهَا إلَى أَنْ تَحْتَمِلَ. وَفِي مَعْنَى الْمَرِيضَةِ الْهَزِيلَةُ إلَّا أَنْ تَكُونَ نَحِيفَةً خِلْقَةً، فَيَجِبُ عَلَيْهَا التَّسْلِيمُ، إذْ لَا غَايَةَ لِزَوَالِ مَا بِهَا فَكَانَتْ كَالْقَرْنَاءِ ثُمَّ إنْ خَافَتْ مِنْ وَطْئِهِ الْإِفْضَاءَ لِعَبَالَتِهِ لَمْ يَلْزَمْهَا التَّمْكِينُ مِنْ الْوَطْءِ فَيَسْتَمْتِعُ بِغَيْرِهِ أَوْ يُطْلِقُ وَلَا خِيَارَ لَهُ، كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ مَعَ كَلَامٍ فِيهِ لِلْغَزَالِيِّ وَالرَّافِعِيِّ (وَ) إلَى (تَنْظِيفٍ) مِنْ الْوَسَخِ (وَ) إلَى (الِاسْتِحْدَادِ) .

مِنْ شَعْرِ الْعَانَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُتَفَرِّقًا وَإِلَيْهِ ادَّعَى إلَى بَقَاءِ النِّكَاحِ وَقَدْ يُقَالُ: لَوْ تَرَكَ الِاسْتِحْدَادَ أَغْنَى عَنْهُ التَّنْظِيفُ (لَا غَيْرُ) أَيْ: تُمْهَلُ إلَى مَا ذُكِرَ لَا إلَى غَيْرِهِ كَانْقِطَاعِ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ؛ لِأَنَّ مُدَّتَهُمَا قَدْ تَطُولُ وَيَتَأَتَّى التَّمَتُّعُ مَعَهُمَا بِلَا وَطْءٍ، كَمَا فِي الرَّتْقَاءِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ أَنَّ حَيْضَهَا أَوْ نِفَاسَهَا يَنْقَطِعُ عَنْ قُرْبٍ أُمْهِلَتْ وَقَدْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقِيَاسُ مَا ذَكَرُوا فِي الْإِمْهَالِ لِلتَّنْظِيفِ أَنْ تُمْهَلَ الْحَائِضُ إذْ لَمْ تَزِدْ مُدَّةُ حَيْضِهَا عَلَى مُدَّةِ التَّنْظِيفِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتِمَّةِ فَيَخْتَصُّ لِعَدَمِ إمْهَالِهَا بِمَا إذَا كَانَتْ مُدَّةُ الْحَيْضِ تَزِيدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَإِلَّا فَتُمْهَلُ. اهـ. وَحَيْثُ أُمْهِلَتْ الزَّوْجَةُ لِتَنْظِيفٍ وَنَحْوِهِ أُمْهِلَتْ مَا يَرَاهُ قَاضٍ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ (وَأَقْصَاهُ) أَيْ: الْإِمْهَالِ (ثَلَاثَةٌ) مِنْ الْأَيَّامِ بِلَيَالِيِهَا الْمُشْتَمِلَةِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ ذَلِكَ يَحْصُلُ فِيهَا؛ وَلِأَنَّهَا أَقَلُّ الْكَثِيرِ، وَأَكْثَرُ الْقَلِيلِ.

وَشَمَلَ قَوْلُهُ: لَا غَيْرَ، مَا فَرَّعَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (فَلَنْ نُمْهِلَهَا) نَحْنُ (إلَى) تَهْيِئَتِهِ (الْجَهَازِ وَ) حُصُولِ (السِّمَنْ) وَنَحْوِهِ

(وَالْمَهْرُ بِالْوَطْءِ) أَيْ: بِسَبَبِهِ (وَلَوْ مُحَرَّمَا) لِحَيْضٍ أَوْ إحْرَامٍ أَوْ لِكَوْنِهِ فِي الدُّبُرِ أَوْ غَيْرِهَا (مُقَرَّرٌ) أَيْ: مُسْتَقِرٌّ لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ سُقُوطٌ لِاسْتِيفَاءِ مُقَابِلِهِ؛ وَلِأَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ يُوجِبُهُ فَوَطْءُ النِّكَاحِ أَوْلَى

ــ

[حاشية العبادي]

(قَوْلُهُ: فَإِنْ قُلْنَا: لَا يُجْبَرُ وَهُوَ الْأَصَحُّ) قَدْ يُقَالُ: الْأَصَحُّ أَيْضًا أَنَّهُ لَا تُجْبَرُ، كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا عِنْدَ النِّزَاعِ يُجْبَرَانِ، فَلِمَ خُصَّ الزَّوْجُ فِي قَوْلِهِ: لَكِنْ رُجُوعُ الزَّوْجِ وَهَلَّا قَالَ: لَكِنْ رُجُوعُ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا خَصَّ الزَّوْجَ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ تَعَرَّضَ لِلزَّوْجَةِ بِقَوْلِهِ: لَا هِيَ لِلزَّوْجَةِ فَقَوْلُهُ: لَا هِيَ إلَخْ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ: إنْ شَاءَ رَجَعَ، وَالِاسْتِثْنَاءُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهَا لَا تُجْبَرُ فَهِيَ مُتَبَرِّعَةٌ وَقَدْ تَحَصَّلَ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ إذَا امْتَنَعَ غَيْرُ الْمُبَادِرِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْلِمُ الزَّوْجَ، أَوْ الزَّوْجَةَ فَقَدْ يُقَالُ: فَلَا فَائِدَةَ فِي إجْبَارِ غَيْرِ الْمُبَادِرِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: فَائِدَتُهُ الْإِثْمُ، وَالتَّعْزِيرُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: فَلَا رُجُوعَ لَهُ لِتَبَرُّعِهِ) بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْإِمَامِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَمِينِ إذْ لَا تَبَرُّعَ (قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي، كَمَا فِي الْكِفَايَةِ إلَخْ) مَشَى غَيْرُهُ عَلَى أَنَّ لَهَا الرُّجُوعَ وَفَرَّقَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَسْأَلَةِ الشُّفْعَةِ، بِأَنَّ مَا هُنَا تَفْوِيتٌ، وَثَمَّ إمْسَاكٌ عَنْ التَّحْصِيلِ

(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبَغَوِيّ: إلَخْ) وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ (فَرْعٌ)

قَالَ: لَا أَطَأُ وَجَبَ تَسْلِيمَ الْمَرِيضَةِ، بَلْ لَوْ سَلَمَتْ نَفْسَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ الِامْتِنَاعُ وَيَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ وَتَجِبُ نَفَقَةُ النَّحِيفَةِ أَيْ: نَحِيفَةِ الْبَدَنِ بِالتَّسْلِيمِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَى الْمَرِيضَةِ الْهَزِيلَةُ) فَيَأْتِي فِيهَا مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَالْبَغَوِيِّ (قَوْلُهُ: كَانْقِطَاعِ حَيْضٍ) وَإِنْ قَلَّتْ مُدَّتُهُ م ر (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُؤْخَذُ إلَخْ) أَتَى بِقَدْ نَظَرًا لَقَدْ فِي التَّقْلِيلِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ) : خُولِفَ. اهـ. م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

أَحَدِهِمَا قَالَ ق ل: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.

(قَوْلُهُ: وَلْتُمْهَلْ إلَخْ) وَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ مُدَّةَ الْإِمْهَالِ، كَمَا فِي ع ش خِلَافًا لِلْحَلَبِيِّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ إلَخْ) إلَّا إذَا كَانَ ثِقَةً فَيُجَابُ فِي غَيْرِ الصَّغِيرَةِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْبَغَوِيّ: فَلَا مُخَالَفَةَ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْبَغَوِيّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: يَتَأَتَّى إلَخْ) لَعَلَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ فَلَا

ص: 183

بِخِلَافِ اسْتِدْخَالِهَا مَاءَهُ وَالْمُبَاشَرَةِ فِي غَيْرِ الْفَرْجِ وَالْخَلْوَةِ بِلَا وَطْءٍ حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ إلَّا الشَّطْرُ لِآيَةٍ {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [البقرة: 237] أَيْ: تُجَامِعُوهُنَّ (وَمَوْتُ فَرْدٍ مِنْهُمَا) أَيْ: وَمُقَرَّرٌ أَيْضًا بِمَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ قَبْلَ الْوَطْءِ إذْ لَا يَبْطُلُ بِهِ النِّكَاحُ بِدَلِيلِ التَّوَارُثِ، وَإِنَّمَا هُوَ نِهَايَةٌ لَهُ وَنِهَايَةُ الْعَقْدِ كَاسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ الْإِجَارَةِ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ قَتْلَ السَّيِّدِ أَمَتَهُ وَقَتْلَهَا نَفْسَهَا يُسْقِطَانِ الْمَهْرَ

(وَمُوجِبٌ فَسَادِهِ) أَيْ: الصَّدَاقِ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ لِتَعَذُّرِ رَدِّ مُقَابِلِهِ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ فَوَجَبَ بَدَلُهُ، كَمَا لَوْ ابْتَاعَ بِثَمَنٍ فَاسِدٍ وَتَعَذَّرَ رَدُّ الْمَبِيعِ يَجِبُ قِيمَتُهُ وَفَسَادُ الصَّدَاقِ أَنْ يَكُونَ (بِحَيْثُ لَمْ يُمْلَكْ) عِنْدَ الْعَقْدِ لِلزَّوْجِ أَوْ مُطْلَقًا (كَمَغْصُوبٍ وَخَمْرَةٍ وَدَمْ وَالْحُرِّ) سَوَاءٌ تَرَكَ وَصْفَهَا أَمْ وَصَفَتْ بِوَصْفِهَا أَوْ بِغَيْرِهِ كَمَمْلُوكٍ لَهُ وَعَصِيرٍ وَمَغْرَةٍ وَقِنٍّ وَذِكْرُ الدَّمِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهَذَا فِي أَنْكِحَتِنَا أَمَّا أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ، فَكُلُّ مَا اعْتَقَدُوا صِحَّةَ إصْدَاقِهِ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الصَّحِيحِ، كَمَا مَرَّ (أَوْ) بِحَيْثُ (يُعْقَدُ) عَلَى مَنْ لَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِهَا فِي الْعَقْدِ (دُونَ الْإِذْنِ) مِنْ مُعْتَبَرَتِهِ (بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا) أَوْ بِلَا مَهْرٍ لِانْتِفَاءِ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ فِيهِ، كَمَا فِي الْبَيْعِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَتْ فِيهِ مُعْتَبَرَةُ الْإِذْنِ أَوْ عَقَدَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ لَا يَفْسُدُ وَإِنْ خَطَبَهَا غَيْرُ نَاكِحِهَا بِأَكْثَرَ، وَقَوْلُهُ: دُونَ الْإِذْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَقَوْلُهُ: بِدُونِ مَهْرِ مِثْلِهَا تُنَازِعُهُ بِعَقْدٍ وَالْإِذْنِ، أَمَّا مَنْ يَحْتَاجُ إلَى إذْنِهَا فَسَتَأْتِي فِي مُفْسِدِ النِّكَاحِ وَلَا يَخْفَى صِحَّةُ الصَّدَاقِ بِعَقْدِ السَّيِّدِ لِأَمَتِهِ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ

(وَلِابْنِ) أَيْ: أَوْ بِحَيْثُ يَعْقِدُ الْأَبُ لِابْنِهِ غَيْرِ الرَّشِيدِ (بِزَائِدٍ) عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ (مِنْ مَالِ الِابْنِ)، كَمَا فِي الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ صَحَّ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا؛ لِأَنَّ الْمَجْعُولَ صَدَاقًا لَمْ يَكُنْ مِلْكًا لِلِابْنِ حَتَّى يَفُوتَ عَلَيْهِ وَالتَّبَرُّعُ بِهِ إنَّمَا حَصَلَ فِي ضِمْنِ تَبَرُّعِ الْأَبِ فَلَوْ أُلْغِيَ فَاتَ عَلَى الِابْنِ وَلَزِمَ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي مَالِهِ وَبِهَذَا قَطَعَ الْغَزَالِيُّ وَالْبَغَوِيِّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَرَجَّحَ الْمُتَوَلِّي وَالسَّرْخَسِيُّ فَسَادَهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِ الِابْنِ ثُمَّ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِالزَّائِدِ وَأَيَّدَهُ الرَّافِعِيُّ بِمَنْعِهِ إعْتَاقَهُ عَنْهُ عَبْدَ نَفْسِهِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَرُدَّ بِمَا نَقَلَهُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ عَنْ الْقَفَّالِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: اعْتِقْ عَبْدَكَ عَنْ ابْنِي الصَّغِيرِ فَفَعَلَ جَازَ وَكَانَ اكْتِسَابُ وَلَاءٍ لَهُ بِغَيْرِ ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ وَبِأَنَّ لَهُ أَنْ يَعْتِقَ عَبْدَ طِفْلِهِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْوَصَايَا وَذَكَرَهُ الْقَاضِي هُنَاكَ وَالْبَنْدَنِيجِيُّ فِي الْأَيْمَانِ وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ فِي عَبْدِ طِفْلِهِ فَفِي عَبْدِ نَفْسِهِ أَوْلَى (أَوْ) بِحَيْثُ (عَقَدْ) لِابْنِهِ الْمَذْكُورِ (بِأُمِّ الِابْنِ) كَأَنْ وَلَدَتْهُ مِنْهُ وَهِيَ فِي غَيْرِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: أَوْ مُطْلَقًا) عَطْفٌ عَلَى لِلزَّوْجِ (قَوْلُهُ: وَدَمٌ) هَذَا يُشْكِلُ عَلَى مَا قَالُوهُ فِي الْخُلْعِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ خَالَعَهَا عَلَى غَيْرِ مَقْصُودٍ كَالدَّمِ وَقَعَ رَجْعِيًّا؛ إذْ قِيَاسُ ذَلِكَ أَنْ لَا يَجِبَ هُنَا مَهْرُ الْمِثْلِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُغَلَّبَ ثَمَّ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجَةِ الْمُعَاوَضَةُ فَاعْتُبِرَ كَوْنُ الْعِوَضِ مَقْصُودًا بِخِلَافِ مَا هُنَا وَبِأَنَّ مَقْصُودَ النِّكَاحِ الْوَطْءُ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلْمَهْرِ غَالِبًا بِخِلَافِ الْخُلْعِ فَإِنَّ مَقْصُودَهُ الْفُرْقَةُ وَهِيَ تَحْصِيلٌ غَالِبًا بِدُونِ عِوَضٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: مَنْ لَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِهَا) يَدْخُلُ فِيهِ الْمَجْنُونَةُ، وَالصَّغِيرَةُ الْبِكْرُ وَالسَّفِيهَةُ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: دُونَ الْإِذْنِ مِنْ مُعْتَبَرَتِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ لِبَعْضِ أَفْرَادِ مَا دَخَلَ فِيهِ وَفِي الْمِنْهَاجِ إذَا نَكَحَ بِنْتًا لَا رَشِيدَةً أَيْ: كَمَجْنُونَةٍ وَبِكْرٍ صَغِيرَةٍ أَوْ سَفِيهَةٍ، كَمَا فِي شَرْحِهِ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ، أَوْ رَشِيدَةً بِكْرًا بِلَا إذْنٍ بِدُونِهِ فَسَدَ الْمُسَمَّى، وَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ النِّكَاحِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَطَبَهَا غَيْرُ نَاكِحِهَا بِأَكْثَرَ) هَذَا يَقْتَضِي صِحَّةَ الصَّدَاقِ إذَا كَانَ قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ مَعَ وُجُودِ رَاغِبٍ بِأَكْثَرَ، فَلْيُنْظَرْ وَلْيُفَرَّقْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ مِنْ بَيْعِ نَحْوِ الْوَكِيلِ، إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْأَكْثَرِ مَا يَتَغَابَنُ بِهِ وَإِنْ قُلْنَا هُنَاكَ بِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَعْضُ الْعِبَارَاتِ.

(قَوْلُهُ: عَيْنًا كَانَ، أَوْ دَيْنًا) لَوْ كَانَ عَيْنًا فَتَلِفَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ دَيْنًا فَمَاتَ الْأَبُ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي الْأَوَّلِ وَيُؤْخَذُ الْمَهْرُ مِنْ تَرِكَتِهِ فِي الثَّانِي حَتَّى لَوْ لَمْ تَكُنْ تَرِكَةً ضَاعَ عَلَى الزَّوْجَةِ وَلَا مُطَالَبَةَ عَلَى الْوَلَدِ فِي الْحَالَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ بِإِصْدَاقِهِ عَنْهُ تَعَلَّقَ بِهِ الصَّدَاقُ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْوَلَدِ، وَإِنْ قُدِّرَ دُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهِ النِّصْفُ لَا إلَى الْأَبِ لَوْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ يَتَعَلَّقُ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي الْأَوَّلِ، وَالصَّدَاقُ فِي الثَّانِي حَيْثُ لَا تَرِكَةَ لِلْأَبِ بِالْوَلَدِ، أَمَّا الْوَلَدُ فَلِأَنَّ الْعَيْنَ فِي الْأَوَّلِ دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ فَإِذَا تَلِفَتْ قَبْلَ قَبْضِهَا رَجَعَ عَلَيْهِ بِبَدَلِهَا وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِي؛ فَلِأَنَّ الزَّوْجَ هُوَ الْأَصْلُ فِي الصَّدَاقِ فَإِذَا تَعَذَّرَ مِنْ جِهَةِ الْمُصَدَّقِ عَنْهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

يُرَدُّ تَأَتِّيهِ مَعَ تَرْكِ الِاسْتِحْدَادِ ثُمَّ رَأَيْت م ر فَرَّقَ بِأَنَّ الْأَوْسَاخَ مُنَفِّرَةٌ.

(قَوْلُهُ: تَرَكَ وَصْفَهَا) بِأَنْ أَشَارَ إلَيْهَا أَوُصِفَتْ بِوَصْفِهَا، كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَوْ بِغَيْرِهِ، لَكِنْ مَعَ الْإِشَارَةِ إلَيْهِ إذْ لَوْ لَمْ يُشِرْ إلَيْهِ كَانَ مِنْ قُبَيْلِ مَا فِي الذِّمَّةِ، وَمَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُتَصَوَّرُ وَصْفُهُ بِغَيْرِ وَصْفِهِ بَلْ الْوَاجِبُ حِينَئِذٍ هُوَ الْمُتَّصِفُ بِتِلْكَ الصِّفَاتِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: دُونَ الْإِذْنِ مِنْ مُعْتَبَرَتِهِ) بِأَنْ لَا تَكُونَ مُعْتَبَرَةَ الْإِذْنِ أَوْ تَكُونَ مُعْتَبَرَتَهُ وَلَمْ تَأْذَنْ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَطَبَهَا إلَخْ) أَيْ، لَكِنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْأَوَّلِ قَالَهُ ابْنُ الْخَيَّاطِ وَالْأَذْرَعِيُّ سم عَلَى الْمَنْهَجِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْأَوَّلِ فَالْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ الْأَذْرَعِيِّ وَابْنِ الْخَيَّاطِ أَنَّهُ يَفْسُدُ النِّكَاحُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي فَسَادِ الصَّدَاقِ إذْ لَوْ فَسَدَ

ص: 184

مِلْكِهِ بِنِكَاحٍ ثُمَّ مَلَكَهَا إذْ لَوْ صَحَّ لَمَلَكَهَا ابْنُهَا، فَتُعْتَقُ عَلَيْهِ فَيُمْتَنَعُ انْتِقَالُهَا إلَى الْمَرْأَةِ.

(أَوْ) عَقَدَ الْوَلِيُّ أَوْ وَكِيلُهُ بِقَوْلِهِ: لِلْخَاطِبِ زَوَّجْتُكَ (بِمَا شِئْتَ وَقَدْ جَهِلَهُ) وَفِي نُسْخَةٍ جَهِلَهُ أَيْ: وَالْحَالَةُ أَنَّهُ يَجْهَلُ مَا شَاءَهُ الْخَاطِبُ فَيَفْسُدُ (وَلَوْ) كَانَ عَقْدُهُ بِذَلِكَ (بِإِذْنٍ سَبَقَا) مِنْ الْمَرْأَةِ لِلْوَلِيِّ أَوْ مِنْهُ لِلْوَكِيلِ لِلْجَهْلِ بِهِ فَإِنْ عَلِمَهُ صَحَّ لِإِحَاطَةِ الْعَاقِدَيْنِ بِالْمَقْصُودِ وَلَا عِبْرَةَ بِالْإِبْهَامِ فِي اللَّفْظِ (أَوْ) بِحَيْثُ (شَرَطَ) الزَّوْجُ (الْخِيَارَ فِيمَا أَصْدَقَا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَحَّضْ عِوَضًا بَلْ فِيهِ مَعْنَى النِّحْلَةِ، فَلَا يَلِيقُ بِهِ الْخِيَارُ (وَإِنْ) أَيْ: أَوْ بِحَيْثُ نَكَحَ بِأَلْفٍ مَثَلًا قَائِلًا عَلَى أَنَّ (لِلْوَلِيِّ أَلْفًا أَوْ عَلَى أَنْ أُعْطِيَ الْوَلِيُّ أَلْفًا مَثَلَا) ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الصَّدَاقِ فَهُوَ شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ وَإِلَّا فَقَدْ جَعَلَ بَعْضَ مَا الْتَزَمَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْبُضْعِ لِغَيْرِ الزَّوْجَةِ فَيَفْسُدُ، كَمَا فِي الْبَيْعِ

(مِثْلُ نِكَاحٍ وَاخْتِلَاعٍ قَدْ عَرَضْ لِامْرَأَتَيْنِ أَوْ نِسَاءٍ بِعِوَضْ) وَاحِدٍ فَيَفْسُدُ الْعِوَضُ فِيهِمَا لِلْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدَةٍ فِي الْحَالِ، كَمَا لَوْ بَاعَ عَبِيدَ جَمْعٍ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ.

وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ لِلزَّوْجِ فِي الثَّانِيَةِ وَبِالْعَكْسِ فِي الْأُولَى وَمِنْ صُوَرِهَا أَنْ يُزَوِّجَهُ بِهِنَّ أَبُو آبَائِهِنَّ أَوْ مُعْتَقُهُنَّ أَوْ وَكِيلُ أَوْلِيَائِهِنَّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ فَسَادُ الصَّدَاقِ فِيمَا إذَا زَوَّجَ أَمَتَيْهِ مِنْ عَبْدٍ بِمَهْرٍ وَاحِدٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ صَحِيحٌ لِاتِّحَادِ مَالِكِهِ، كَمَا لَوْ بَاعَهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ (كَذَا) يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ (تَعَذُّرٌ) لِتَسْلِيمِ الصَّدَاقِ (، كَمَا لَوْ أَصْدَقَا تَعْلِيمَهَا) بِنَفْسِهِ (الْقُرْآنَ) كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ غَيْرَ الْقُرْآنِ مِنْ فِقْهٍ أَوْ شِعْرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا (ثُمَّ افْتَرَقَا) قَبْلَ التَّعْلِيمِ بِمَوْتٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ بِفَسْخٍ أَوْ انْفِسَاخٍ أَوْ طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ: لِأَنَّهَا صَارَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ، وَلَا يُؤْمَنُ الْوُقُوعُ فِي التُّهْمَةِ وَالْخَلْوَةُ الْمُحَرَّمَةُ لَوْ جَوَّزْنَا التَّعْلِيمَ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ مِنْ غَيْرِ خَلْوَةٍ، وَلَيْسَ سَمَاعُ الْحَدِيثِ كَذَلِكَ فَإِنَّا لَوْ لَمْ نُجَوِّزْهُ لَضَاعَ وَلِلتَّعْلِيمِ بَدَلٌ يَعْدِلُ إلَيْهِ. اهـ.

وَفَارَقَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ حَيْثُ يُبَاحُ النَّظَرُ إلَيْهَا لِلتَّعْلِيمِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الزَّوْجَيْنِ قَدْ تَعَلَّقَتْ آمَالُهُ بِالْآخَرِ وَحَصَلَ بَيْنَهُمَا نَوْعُ وُدٍّ فَقَوِيَتْ التُّهْمَةُ فَامْتُنِعَ التَّعْلِيمُ لِقُرْبِ الْفِتْنَةِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيَّةِ فَإِنَّ قُوَّةَ الْوَحْشَةِ بَيْنَهُمَا اقْتَضَتْ جَوَازَ التَّعْلِيمِ، كَذَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الْعِمَادِ نَقْلًا عَنْ بَعْضِهِمْ قَالَ: وَأَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ غَيْرُهُ: الْمُرَادُ بِالتَّعْلِيمِ الَّذِي يُبِيحُ النَّظَرَ هُوَ التَّعْلِيمُ الْوَاجِبُ كَقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ. وَأَفْهَمَ تَعْلِيلُهُمْ السَّابِقُ أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَحْرُمْ الْخَلْوَةُ بِهَا كَأَنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا تُشْتَهَى أَوْ صَارَتْ مَحْرَمًا لَهُ بِرَضَاعٍ أَوْ نَكَحَهَا ثَانِيًا لَمْ يَتَعَذَّرْ التَّعْلِيمُ وَبِهِ جَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ وَعَلِمَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّعَذُّرِ مَا يَشْمَلُ التَّعَسُّرَ وَإِلَّا فَالتَّعْلِيمُ مُمْكِنٌ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ بِحَضْرَةِ مَنْ

ــ

[حاشية العبادي]

رَجَعَ التَّعَلُّقُ عَلَيْهِ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ صَحَّ لِمِلْكِهَا ابْنَهَا) لِتَضْمِينِ إصْدَاقِهَا عِنْدَهُ دُخُولَهَا فِي مِلْكِهِ (قَوْلُهُ: شَرَطَ الزَّوْجُ) أَيْ مَثَلًا.

(قَوْلُهُ: وَبِالْعَكْسِ) أَيْ: لِكُلِّ وَاحِدَةٍ عَلَى الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّا لَوْ لَمْ نُجَوِّزْهُ إلَخْ) قَدْ يُفِيدُ جَوَازَ إصْدَاقِ سَمَاعِ الْحَدِيثِ فَهَلْ سَمَاعُ الْقُرْآنِ كَذَلِكَ؟ ، أَوْ يُفَرَّقُ.

(قَوْلُهُ: وَأَفْهَمَ تَعْلِيلُهُمْ السَّابِقُ إلَى لَمْ يَتَعَذَّرْ التَّعْلِيمُ) ، ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّ ذَلِكَ يَأْتِي قَبْلَ الدُّخُولِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الْمُصَدَّقُ شَائِعٌ لَا يُمْكِنُ تَعْيِينُهُ فَيَجِبُ قَبْلَ الدُّخُولِ نِصْفُ مَهْرِ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَقَدْ عَقَدَ بِهِ

(قَوْلُهُ: مِنْ عَبْدٍ) قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ إذْ لَوْ زَوَّجَهُمَا مِنْ اثْنَيْنِ بِمَهْرٍ وَاحِدٍ لَأَدَّى إلَى التَّنَازُعِ فَهُوَ بَاطِلٌ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ) أَيْ كُلَّهُ إنْ فَارَقَ بَعْدَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْضَهُ إنْ فَارَقَ قَبْلَهُ وَفِي هَذِهِ يَتَعَذَّرُ التَّعْلِيمُ وَلَوْ لَمْ تَحْرُمُ الْخَلْوَةُ بِهَا لِمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الشَّطْرَ مُشَاعٌ لَا يُمْكِنُ الْقِيَامُ بِهِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ سَمَاعُ الْحَدِيثِ كَذَلِكَ) مِثْلُ سَمَاعِ الْحَدِيثِ إسْمَاعُ الْقُرْآنِ إيَّاهَا وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْحَاصِلُ أَنَّ إصْدَاقَ الْإِسْمَاعِ فِي الْقُرْآنِ، وَالْحَدِيثِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فِي عَدَمِ التَّعَذُّرِ وَأَنَّ إصْدَاقَ التَّعْلِيمِ فِيهِمَا كَذَلِكَ فِي التَّعَذُّرِ. اهـ. جَمَلٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْإِسْمَاعِ تَحْصِيلُ السَّنَدِ بِخِلَافِ التَّعْلِيمِ مَعَ كَوْنِ الْأَمْنِ فِي الْإِسْمَاعِ أَكْثَرَ فَإِنْ قِيلَ: قَدْ يَكُونُ الْمَقْصُودُ مِنْ التَّعْلِيمِ تَحْصِيلَ السَّنَدِ قُلْنَا: تَحْصِيلُهُ إنَّمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِسْمَاعِ لَا التَّعْلِيمُ. (قَوْلُهُ: وَقَالَ غَيْرُهُ إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُ هَذَا الْجَوَابِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي جَوَازِ الْخَلْوَةِ لَا النَّظَرِ وَأَيْضًا مُقْتَضَاهُ جَوَازُ الْخَلْوَةِ لِتَعْلِيمِ الْوَاجِبِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، كَمَا فِي الشَّيْخِ عَوَضٍ عَلَى الْخَطِيبِ. (قَوْلُهُ: شَرَطَ الْخِيَارَ فِيهِ) أَيْ وَلَوْ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِ عَيْبٍ، كَمَا قَالَهُ م ر لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النِّكَاحِ اللُّزُومُ، وَالْخِيَارُ بِذَلِكَ عَارَضَ فَهُوَ خِلَافُ مُقْتَضَاهُ وَخَالَفَ حَجَرٌ فَقَالَ: لَا يَضُرُّ شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهِ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ. اهـ. وَفِي ق ل نَقَلَ مَا قَالَهُ م ر ثُمَّ قَالَ: وَالْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ صَرَّحَ بِالْخِيَارِ بِالْعَيْبِ لَمْ يَضُرَّ؛ لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِالْمُقْتَضَى مَعَ بَقَاءِ الْعَقْدِ عَلَى اللُّزُومِ، كَمَا فِي الْبَيْعِ وَإِنْ صَرَّحَ بِالْخِيَارِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ فَسَدَ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّهُ يُخَالِفُ مُقْتَضَاهُ مِنْ جَوَازِ مُدَّةِ الْخِيَارِ عَلَى أَنَّ إطْلَاقَ الْخِيَارِ عَنْ الْمُدَّةِ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَإِنْ أُطْلِقَ قَالَ شَيْخُنَا زي: هُوَ مُفْسِدٌ وَفِيهِ نَظَرٌ لِإِمْكَانِ حَمْلِهِ عَلَى الْخِيَارِ فِي الْمَهْرِ. اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: يُمْكِنُ أَيْضًا أَنَّ الْمُرَادَ الْخِيَارُ فِي الْعَقْدِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْعَقْدِ تَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ: عَلَى الْخِيَارِ فِي الْمَهْرِ أَيْ فَيَصِحُّ النِّكَاحُ وَيَفْسُدُ

ص: 185

يَزُولُ مَعَهُ الْخَلْوَةُ وَعَلَى هَذَا لَوْ تَيَسَّرَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ التَّعْلِيمُ فِي مَجْلِسٍ كَسُورَةِ قَصِيرَةٍ فَقَدْ يُقَالُ: لَا تَعَذُّرَ وَهُوَ مَا فِي النِّهَايَةِ وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ بَقَاءُ التَّعَذُّرِ.

وَوُجِّهَ بِأَنَّ مَنْ يَزُولُ مَعَهُ الْخَلْوَةُ قَدْ لَا يَرْضَى بِالْحُضُورِ، أَوْ يَرْضَى لَكِنْ بِأُجْرَةٍ، وَذَلِكَ خِلَافُ قَضِيَّةِ الْعَقْدِ فَيَتَعَذَّرُ التَّعْلِيمُ وَعَدَلَ عَنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِالْبَيْنُونَةِ إلَى تَعْبِيرِهِ بِالِافْتِرَاقِ لِيَسْلَمَ مِمَّا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (قُلْتُ: وَشَرْطُهُ) أَيْ: الْحَاوِي (الطَّلَاقَ الْبَائِنَا غَيْرُ مُسَاعِدٍ عَلَيْهِ هَاهُنَا) وَعِبَارَتُهُ فَبَانَتْ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى الِافْتِرَاقِ غَايَتُهُ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالِافْتِرَاقِ أَوْلَى وَقَوْلُهُ: (مَهْرًا لِمِثْلٍ) مَفْعُولُ " مُوجِبٌ "، كَمَا تَقَرَّرَ.

ثُمَّ ذَكَرَ صُوَرًا يَفْسُدُ فِيهَا النِّكَاحُ فَقَالَ (مُفْسِدُ النِّكَاحِ شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهِ) ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ لَا يَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ فَيَفْسُدُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ كَالصَّرْفِ (وَ) شَرْطُ (السَّرَاحِ) أَيْ: الطَّلَاقُ فِيهِ قَبْلَ الْوَطْءِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ مُطْلَقًا لِشَبَهِهِ بِالتَّأْقِيتِ (وَشَرْطُ أَنَّ الْعِرْسَ) أَيْ: الزَّوْجَةَ (لَا تَحِلُّ) لَهُ لِإِخْلَالِهِ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ بِخِلَافِ مَا لَا يُخِلُّ بِهِ فَإِنَّهُ إنْ خَالَفَ مُقْتَضَى النِّكَاحِ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ لَا نَفَقَةَ لَهَا صَحَّ النِّكَاحُ وَفَسَدَ الشَّرْطُ وَالْمَهْرُ الْمُسَمَّى وَإِلَّا لَغَا الشَّرْطُ (وَشَرْطُهَا) بِأَنْ شَرَطَ وَلِيُّهَا فِي الْعَقْدِ (أَنْ لَا يَطَأهَا الْبَعْلُ) مُطْلَقًا أَوْ فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً مَثَلًا بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَهُ الْبَعْلُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ حَقٌّ لَهُ فَلَهُ تَرْكُهُ وَالتَّمْكِينُ حَقٌّ عَلَيْهَا فَلَيْسَ لَهَا تَرْكُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَكَ أَنْ تَقُولَ إنَّمَا يَتِمُّ الْعَقْدُ بِمُسَاعِدَةِ غَيْرِ الشَّارِطِ لِلشَّارِطِ، وَالْمُسَاعِدَةُ مِنْهُ تَرْكٌ لِحَقِّهِ وَمِنْهَا مَنْعٌ لَهُ فَهَلَّا جُعِلَتْ كَالِاشْتِرَاطِ وَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهَا إذَا جُعِلَتْ كَالِاشْتِرَاطِ فَقَدْ تَعَارَضَ مُقْتَضِيَا الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَيُرَجَّحُ بِالِابْتِدَاءِ لِقُوَّتِهِ، وَعَنَى بِمُقْتَضَى الصِّحَّةِ شَرْطَ الزَّوْجِ أَوْ مُسَاعِدَتَهُ وَفِي اقْتِضَائِهِ لَهَا نَظَرٌ؛ إذْ غَايَتُهُ عَدَمُ اقْتِضَائِهِ الْفَسَادَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ اقْتِضَاؤُهُ الصِّحَّةَ وَأَجَابَ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ الِاشْتِرَاطَ إلْزَامٌ وَالْمُسَاعِدَةَ الْتِزَامٌ، وَالشَّرْطُ عَلَى الْمُلْتَزِمِ وَلَا عَكْسَ وَرَدَّهُ ابْنُ النَّقِيبِ بِأَنَّ هَذَا إنْ ظَهَرَ فِي شَرْطِهَا فَلَا يَظْهَرُ فِي شَرْطِهِ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ الْتِزَامٌ لَا إلْزَامٌ وَمُسَاعِدَتَهَا بِالْعَكْسِ؛ لِأَنَّ حَقَّ التَّرْكِ مِنْ جِهَتِهِ عَلَيْهِ لَا لَهُ وَمِنْ جِهَتِهَا بِالْعَكْسِ، وَقَدْ يُجَابُ بِمَنْعِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ وَإِنْ كَانَ الْتِزَامًا نَظَرًا لِلْمَعْنَى فَهُوَ إلْزَامٌ نَظَرًا لِلَّفْظِ، بَلْ لِلْمَعْنَى أَيْضًا إذْ فِيهِ إلْزَامُهَا بِعَدَمِ مُطَالَبَتِهَا لَهُ بِالْوَطْءِ وَإِنْ أَقَامَ بِهِ عَنْهُ أَوْ نَحْوِهَا ثُمَّ مَا رَتَّبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ الْفَسَادِ بِشَرْطِهَا دُونَ شَرْطِهِ، كَمَا سَلَكَهُ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَفِي الْبَحْرِ أَنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْفَسَادُ مُطْلَقًا لِلْإِخْلَالِ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْمَيْئُوسِ مِنْ احْتِمَالِهَا الْوَطْءَ مُطْلَقًا أَوْ حَالًا إذَا شَرَطَ فِي نِكَاحِهَا عَلَى الزَّوْجِ أَنْ لَا يَطَأَهَا مُطْلَقًا أَوْ إلَى الِاحْتِمَالِ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ الْعَقْدِ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ.

(وَ) مُفْسِدُ

ــ

[حاشية العبادي]

الْمِثْلِ بِكُلِّ حَالٍ بِرّ (قَوْلُهُ: قُلْتُ: وَشَرَطَهُ الطَّلَاقَ الْبَائِنَا إلَخْ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا شَرَطَ الْبَائِنَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ التَّعَذُّرِ بِمُجَرَّدِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الِاسْتِقْلَالِ بِالْمُرَاجَعَةِ، ثُمَّ التَّعْلِيمِ.

(قَوْلُهُ: شَرْطُ الْخِيَارِ فِيهِ) أَيْ: النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَغَا الشَّرْطُ) كَشَرْطِ الْقَسْمِ، وَالنَّفَقَةِ (قَوْلُهُ: فَيُرَجَّحُ بِالِابْتِدَاءِ) قَدْ يُقَالُ هَذَا مِنْ بَابِ اجْتِمَاعِ الْمُقْتَضِي وَالْمَانِعِ، وَالْمَانِعُ مُقَدَّمٌ (قَوْلُهُ: وَفِي اقْتِضَائِهِ) أَيْ: شَرْطِ الزَّوْجِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ فِيهِ شَائِبَةَ النِّحْلَةِ فَلَا يَلِيقُ بِهِ الْخِيَارُ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، كَمَا فِي التُّحْفَةِ وَغَيْرِهَا.

(قَوْلُهُ: إنْ خَالَفَ مُقْتَضَى النِّكَاحِ إلَخْ) إنَّمَا كَانَ نِكَاحُ غَيْرِهَا مُقْتَضَاهُ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَهُ عَلَامَةً عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْوَاحِدَةِ مَظِنَّةُ الْحَجْرِ وَلِهَذَا كَانَ نِكَاحُ الْوَاحِدَةِ مَانِعًا فِي شَرِيعَةِ عِيسَى عليه السلام مِنْ تَزَوُّجِ مَا زَادَ فَلَمَّا أَثْبَتَ الشَّارِعُ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ بَعْدَ نِكَاحِهَا كَانَ الْحِلُّ لِمَا زَادَ مِنْ تَوَابِعِ نِكَاحِهَا الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ الْحَجْرِ تَأَمَّلْ سم عَلَى حَجَرٍ بج. (قَوْلُهُ: وَالْمَهْرُ الْمُسَمَّى) ؛ لِأَنَّ شَارِطَهُ لَمْ يَرْضَ بِالْمُسَمَّى إلَّا مَعَ سَلَامَةِ شَرْطِهِ وَلَمْ يُسَلِّمْ فَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ. اهـ.

م ر. (قَوْلُهُ: وَلَك أَنْ تَقُولَ: إلَخْ) عِبَارَةُ حَجَرٍ وَلَمْ تُجْعَلْ مُوَافَقَتُهُ فِي الْأَوَّلِ مَنْزِلَةَ اشْتِرَاطِهِ حَتَّى يَصِحَّ أَيْ حَتَّى يُعَارِضَ شَرْطَهَا وَيَمْنَعُ تَأْثِيرَهُ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: شَرْطُهُ لَا يَقْتَضِي صِحَّةً، وَلَا فَسَادًا فَلَا يُتَخَيَّلُ هَذَا التَّنْزِيلُ حَتَّى يُحْتَاجَ لِدَفْعِهِ، وَلَا مُوَافَقَتُهَا فِي الثَّانِي مَنْزِلَةَ شَرْطِهِمَا حَتَّى يَبْطُلَ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْمُبْتَدِئِ لِقُوَّةِ الِابْتِدَاءِ فَأُنِيطَ الْحُكْمُ بِهِ دُونَ الْمُسَاعِدِ لَهُ عَلَى شَرْطِهِ قَطْعًا لِلتَّعَارُضِ. اهـ. (قَوْلُهُ: إذْ فِيهِ إلْزَامُهَا إلَخْ) فَيَكُونُ شَرْطًا لِمَا يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَهُوَ طَلَبُهَا لِلْوَطْءِ عِنْدَ الْعُنَّةِ فَيَصِحُّ النِّكَاحُ وَيَبْطُلُ الْمُسَمَّى وَيَفْسُدُ الشَّرْطُ هَذَا هُوَ مُقْتَضَى مَا مَرَّ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَقَوْلُهُ: بَعْدُ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ: وَإِنْ أَخَلَّ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَطَأَهَا وَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ وَلِذَا شَرَحَهُ م ر وَغَيْرُهُ هَكَذَا كَشَرْطِ وَلِيِّ الزَّوْجَةِ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ لَا يَطَأَهَا، لَكِنْ لَمَّا كَانَ ظَاهِرُهَا الْإِطْلَاقَ خُصُوصًا فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ قَالَ الشَّارِحُ: جَزَمَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ الْعَقْدِ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ: لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الشَّرْعِ

ص: 186

النِّكَاحِ أَيْضًا عَقْدُ الْوَلِيِّ أَوْ وَكِيلِهِ (دُونَ مَأْمُورٍ) أَيْ: بِدُونِ مَا أَمَرَتْ بِهِ الْمُحْتَاجَ فِي نِكَاحِهَا إلَى إذْنِهَا لِلْمُخَالَفَةِ، كَمَا فِي نِكَاحِهَا لِغَيْرِ مَنْ عَيَّنَتْهُ (وَ) دُونَ (مَهْرِ الْمِثْلِ إنْ تَطْلُقْ) أَيْ: الْإِذْنَ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ مَحْمُولٌ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَقَدْ نَقَصَ عَنْهُ كَذَا صَحَّحَهُ فِيهِمَا الْمُحَرَّرُ وَاسْتَدْرَكَ عَلَيْهِ الْمِنْهَاجُ فَصَحَّحَ فِيهِمَا الصِّحَّةَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَسَائِرِ الْأَسْبَابِ الْمُفْسِدَةِ لِلصَّدَاقِ وَصَحَّحَهُ أَيْضًا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الثَّانِيَةِ وَنَقَلَهُ فِي الْأُولَى عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَمُقَابِلُهُ عَنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَلَوْ أَطْلَقَ، كَمَا أَطْلَقَتْ صَحَّ النِّكَاحُ عَلَى الْأَصَحِّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْمَأْتِيَّ بِهِ مُطَابِقٌ لِلْإِذْنِ؛ وَلِأَنَّ الْمُطْلَقَ إذَا اقْتَضَى مَهْرَ الْمِثْلِ كَانَ إطْلَاقُ الْعَقْدِ كَذِكْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَمَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِلْوَكِيلِ: زَوِّجْهَا بِأَلْفٍ وَجَارِيَةٍ فَزَوَّجَهَا بِأَلْفٍ لَمْ يَصِحَّ جَارٍ عَلَى طَرِيقَةِ الْخُرَاسَانِيِّينَ (كَأَنْ يُزَوِّجَ) السَّيِّدُ (الْحُرَّةَ مِنْ عَبْدٍ لَهُ بِالْعَبْدِ) فَإِنَّهُ فَاسِدٌ لِاقْتِرَانِهِ بِمَا يُنَافِيهِ وَهُوَ مِلْكُ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا، وَخَرَجَ بِالْحُرَّةِ الْأَمَةُ؛ إذْ الْمَهْرُ لِسَيِّدِهَا، كَمَا مَرَّ وَفِي مَعْنَى الْحُرَّةِ الْمُكَاتَبَةُ كِتَابَةً صَحِيحَةً.

(أَوْ أَنْ يَجْعَلْنَ بُضْعًا) لِامْرَأَةٍ (صَدَاقًا) لِأُخْرَى وَهُوَ نِكَاحُ الشِّغَارِ فَيَفْسُدُ النِّكَاحَانِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ نِكَاحِ الشِّغَارِ وَهُوَ: أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ لِرَجُلٍ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ ابْنَتَهُ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ» وَهَذَا التَّفْسِيرُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا، وَأَنْ يَكُونَ مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ عُمَرَ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ، وَالْمَعْنَى فِي الْفَسَادِ بِهِ التَّشْرِيكُ فِي الْبُضْعِ حَيْثُ جُعِلَ مَوْرِدًا لِلنِّكَاحِ وَصَدَاقًا لِلْأُخْرَى فَأَشْبَهَ تَزْوِيجَ وَاحِدَةٍ مِنْ اثْنَيْنِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَسُمِّيَ شِغَارًا: إمَّا مِنْ قَوْلِهِمْ: شَغَرَ الْبَلَدُ عَنْ السُّلْطَانِ إذَا خَلَا عَنْهُ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْمَهْرِ وَقِيلَ لِخُلُوِّهِ عَنْ بَعْضِ الشَّرَائِطِ، وَإِمَّا مِنْ قَوْلِهِمْ: شَغَرَ الْكَلْبُ إذَا رَفَعَ رِجْلَهُ لِيَبُولَ كَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقُولُ لِلْآخَرِ: لَا تَرْفَعُ رِجْلَ ابْنَتَيْ حَتَّى أَرْفَعَ رِجْلَ ابْنَتَك، وَسَوَاءٌ ذَكَرَ مَعَ ذَلِكَ مَهْرًا آخَرَ أَمْ لَا، كَقَوْلِهِ: زَوَّجْتُكَ بِنْتِي أَوْ أَمَتِي بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَكَ أَوْ أَمَتَكَ بِأَلْفٍ، وَبُضْعُ كُلٍّ مِنْهُمَا صَدَاقُ الْأُخْرَى أَوْ زَوَّجْتُكَ بِنْتِي أَوْ أَمَتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَكَ أَوْ أَمَتَكَ وَبُضْعُ كُلٍّ مِنْهُمَا صَدَاقُ الْأُخْرَى فَيَقُولُ الْخَاطِبُ: تَزَوَّجْتُ بِنْتَكَ أَوْ أَمَتَكَ وَزَوَّجْتُكَ بِنْتِي أَوْ أَمَتِي عَلَى مَا ذَكَرْتَ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُجْعَلْ الْبُضْعُ صَدَاقًا صَحَّ النِّكَاحَانِ إذْ لَيْسَ فِيهِ إلَّا شَرْطُ عَقْدٍ فِي عَقْدٍ وَهُوَ لَا يُفْسِدُ النِّكَاحَ، فَلَوْ جَعَلَهُ صَدَاقًا فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَقَطْ بَطَلَ نِكَاحُ الَّتِي جَعَلَ بُضْعَهَا صَدَاقًا، فَلَوْ قَالَ لَهُ: زَوَّجْتُكَ بِنْتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَكَ وَبُضْعُ بِنْتِكَ صَدَاقٌ لِبِنْتِي فَقَبِلَ بَطَلَ نِكَاحُ بِنْتِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ بُضْعَهَا صَدَاقًا لِبِنْتِ الْأَوَّلِ.

(فَرْعٌ)

لَوْ قَالَ طَلَّقْتُ زَوْجَتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي بِنْتَكَ وَبُضْعُ زَوْجَتِي صَدَاقٌ لَهَا، فَزَوَّجَهُ بِنْتَهُ عَلَى ذَلِكَ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ وَجْهَانِ أَفْقَهُهُمَا فِي الرَّوْضَةِ صِحَّتُهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ.

(وَلْيَجِبْ مَهْرُ الْعَلَنْ) فِيمَا إذَا اتَّفَقُوا سِرًّا عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ أَعْلَنُوا أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَقَلَّ فِي الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ بِهِ لَوْ عَقَدُوا سِرًّا بِشَيْءٍ ثُمَّ أَعْلَنُوا أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَقَلَّ فَالْوَاجِبُ مَهْرُ السِّرِّ فَالْمَدَارُ عَلَى مَا عُقِدَ بِهِ الْعَقْدُ، وَعَلَى هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ حُمِلَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي مَوْضِعٍ عَلَى أَنَّ الْمَهْرَ مَهْرُ السِّرِّ وَفِي آخَرَ عَلَى أَنَّهُ مَهْرُ الْعَلَنِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ تَفْوِيضَ الْمَرْأَةِ نَوْعَانِ: تَفْوِيضُ مَهْرٍ كَقَوْلِهَا: زَوِّجْنِي بِمَا شِئْتَ أَوْ شَاءَهُ الْخَاطِبُ أَوْ فُلَانٌ، وَقَدْ مَرَّ فِي قَوْلِهِ: أَوْ بِمَا شِئْتَ، وَتَفْوِيضُ بُضْعٍ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَأَنْ يُزَوِّجْ) سَيِّدٌ (أَمَةً) لَهُ (مِنْ غَيْرِ مَا صَدَاقٍ) بِأَنْ نَفَاهُ (أَوْ بِالْمَهْرِ مَا تَكَلَّمَا) بِأَنْ سَكَتَ عَنْهُ (أَوْ قَالَتْ) الْحُرَّةُ (الرَّشِيدُ) مُرَخَّمُ " الرَّشِيدَةُ " لِلْوَزْنِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا لِوَلِيِّهَا (زَوِّجْنِي بِلَا مَهْرٍ) أَوْ

ــ

[حاشية العبادي]

أَوْ مُسَاعَدَتِهِ لَهَا نَظَرًا هَذَا مَنْعٌ لَا يَضُرُّ فِي مُسَاعِدَتِهِ؛ لِأَنَّ التَّرْجِيحَ بِالِابْتِدَاءِ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ اقْتِضَائِهَا الصِّحَّةَ أَوْلَى مِنْ التَّرْجِيحِ بِهِ عَلَى تَقْدِيرِ اقْتِضَائِهَا الصِّحَّةَ فَتَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ: أَيْ: بِدُونِ مَا) أَيْ: الصَّدَاقُ الَّذِي أُمِرَتْ بِهِ فَصَحَّحَ فِيهِمَا الصِّحَّةَ ظَاهِرُهُ فِي الْأُولَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الصِّحَّةِ بَيْنَ كَوْنِ مَأْمُورِهَا فَوْقَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَمِثْلِهِ وَدُونَهُ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يُزَوِّجَ الْحُرَّةَ إلَخْ) بَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ صِحَّةَ النِّكَاحِ وَالصَّدَاقِ، ثُمَّ يُفْسَخُ وَيَكُونُ فَائِدَتُهُ فِي التَّعَالِيقِ وَنَحْوِهَا قَالَ: قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ قَالَ: إنْ بِعْتُكَ فَأَنْت حُرٌّ وَإِنْ رَاجَعْتُكِ فَأَنْت طَالِقٌ بِرّ (قَوْلُهُ: الْمُكَاتَبَةُ) يَنْبَغِي وَالْمُبَعِّضَةُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَنْ يَجْعَلْنَ بُضْعًا صَدَاقًا لِأُخْرَى) أَيْ: يَكُونَ الْجُعْلُ فِي الْجَانِبَيْنِ بِدَلِيلٍ فَيَفْسُدُ النِّكَاحَانِ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي فَلَوْ جَعَلَهُ صَدَاقًا فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَقَطْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَأَشْبَهَ تَزْوِيجَ وَاحِدَةٍ مِنْ اثْنَيْنِ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ مُطْلَقُ الِاشْتِرَاكِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ جِهَةُ الِاشْتِرَاكِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِرّ.

(قَوْلُهُ: أَفْقَهُهُمَا فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَوَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ قَالَ ابْنُ كَجٍّ: وَكَانَ ابْنُ الْقَطَّانِ يَقُولُ: لَا رَجْعَةَ لِلْمُطَلِّقِ وَلَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُزَوِّجِ، ثُمَّ قَالَ (فَرْعٌ)

لَوْ قَالَ لَهُ: طَلِّقْ امْرَأَتَكَ عَلَى أَنْ أُطَلِّقَ امْرَأَتِي، وَجَعَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا طَلَاقَ هَذِهِ بَدَلًا عَنْ طَلَاقِ الْأُخْرَى قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: يَقَعُ الطَّلَاقَانِ إذَا فَعَلَاهُ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الرَّجْعَةُ وَعِنْدِي لَا رَجْعَةَ لِوَاحِدٍ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الرُّجُوعُ عَلَى الْآخَرِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَيْ: لِيُوَافِقَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ خُلْعٌ فَاسِدٌ وَقَدْ يُوَجَّهُ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ ثُبُوتِ الرَّجْعَةِ بِأَنَّهُ خُلْعٌ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ عِوَضَهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ كَالدَّمِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِالْمَهْرِ مَا تَكَلَّمَا) مِنْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي فِي الشَّرْحِ مَا إذَا طَلُقَتْ فَلَيْسَ بِتَفْوِيضٍ يُعْلَمُ الْفَرْقُ بَيْنَ إطْلَاقِهَا وَإِطْلَاقِ السَّيِّدِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ لَهَا مَنْ يَقُومُ مَقَامَهَا وَهُوَ الْوَلِيُّ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مَا صَدَاقٍ) بِخِلَافِ مَا إذَا ذَكَرَ السَّيِّدُ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ، أَوْ غَيْرَ نَقْدِ الْبَلَدِ مَثَلًا فَلَيْسَ تَفْوِيضًا وَيَقَعُ الْعَقْدُ بِمَا سَمَّاهُ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ. اهـ. ق ل بِزِيَادَةِ التَّعْلِيلِ

ص: 187

عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ لِي (فَيَنْفِي) وَلِيُّهَا فِي الْعَقْدِ (مَهْرَهَا أَوْ أَهْمَلَا) ذِكْرَهُ بِأَنْ سَكَتَ عَنْهُ (أَوْ أُنْكِحَتْ) أَيْ: أَنْكَحَهَا (بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ غَيْرِ نَقْدِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَمَهْرُ مِثْلٍ بِدُخُولٍ وَجَبَا) ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلِأَنَّ شَرْطَ الْمَالِ فِي الزِّنَا لَا يُثْبِتُهُ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِهِ شَرْعًا فَلَا يَنْتَفِي فِي الْوَطْءِ الْمُحْتَرَمِ بِنَفْيِهِ لِتَعَلُّقِهِ بِهِ شَرْعًا.

وَخَرَجَ بِالرَّشِيدَةِ غَيْرُهَا، فَتَفْوِيضُهَا لَغْوٌ لَكِنْ يَسْتَفِيدُ بِهِ الْوَلِيُّ مِنْ السَّفِيهَةِ الْإِذْنَ فِي نِكَاحِهَا وَبِقَوْلِهِ: بِلَا مَهْرٍ مَا إذَا طَلُقَتْ فَلَيْسَ بِتَفْوِيضٍ، كَمَا رَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يُعْقَدُ بِالْمَهْرِ غَالِبًا فَيُحْمَلُ الْإِذْنُ عَلَيْهِ، كَمَا لَوْ أَذِنَ فِي بَيْعِ مِلْكِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: كَأَصْلِهَا بَعْدَ نَقْلِ ذَلِكَ عَنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ، وَفِي بَعْضِ كُتُبِ الْعِرَاقِيِّينَ مَا يَقْتَضِي كَوْنَهُ تَفْوِيضًا وَقَالَ السُّبْكِيُّ: إنَّهُ الَّذِي يَظْهَرُ وَفِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ الصَّوَابُ الْمُفْتَى بِهِ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: فَيَنْفِي مَعَ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ مَا لَوْ أَنْكَحَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ نَقْدِ الْمَحَلِّ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بِالْمُسَمَّى وَبِالدُّخُولِ الْعَقْدُ، وَالْمَوْتُ فَلَا يَجِبُ بِهِمَا الْمَهْرُ لِرِضَاهَا بِعَدَمِهِ وَعَدَمِ وُجُوبِهِ فِي الثَّانِيَةِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ فُرْقَةٌ قَبْلَ الْوَطْءِ، فَأَشْبَهَ الطَّلَاقَ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ وُجُوبَهُ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ

ــ

[حاشية العبادي]

فَلَمْ يَكُنْ إطْلَاقُهَا تَفْوِيضًا بِخِلَافِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنُكِحَتْ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: فَيَنْفِي (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ بِتَفْوِيضٍ إلَخْ) أَيْ: بَلْ يَفْسُدُ النِّكَاحُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ أَنْ تُطْلِقَ وَيَصِحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ الْأَصَحُّ فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ وَكَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ صُورَةِ الْإِهْمَالِ، كَمَا عُلِمَ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمَذْكُورِ أَنَّ إطْلَاقَهُ مَعَ إطْلَاقِهَا يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ: فَلَيْسَ بِتَفْوِيضٍ أَيْ: فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ سَوَاءٌ نَفَى الْمَهْرَ فِي الْعَقْدِ، أَوْ سَكَتَ عَنْهُ، أَوْ عَقَدَ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ، أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ هَذَا مَا يُفِيدُهُ هَذَا التَّعْبِيرُ عَلَى مَا هُوَ مُقْتَضَى أَنَّ الْكَلَامَ فِي بَيَانِ مُحْتَرَزَاتِ الْقُيُودِ الْوَاقِعَةِ فِي تَصْوِيرِ التَّفْوِيضِ السَّابِقِ فِي الْمَتْنِ؛ لِأَنَّ الْخَارِجَ بِكُلِّ قَيْدٍ يُجَامِعُ بَقِيَّةَ الْقُيُودِ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ الْخَارِجِ بِهَذَا الْقَيْدِ أَنْ تُطْلِقَ وَيَعْقِدَ هُوَ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ.

وَقَضِيَّةُ هَذَا الصَّنِيعِ الَّذِي سَلَكَهُ وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ مَعَ أَنَّ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ كَالْحَاوِي تَبَعًا لِلْمُحَرَّرِ فَسَادُ النِّكَاحِ خِلَافًا لِتَصْحِيحِ الْمِنْهَاجِ صِحَّةَ النِّكَاحِ وَوُجُوبَ مَهْرِ الْمِثْلِ، فَهَذَا الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الِاحْتِرَازِ إنَّمَا يُوَافِقُ تَصْحِيحَ الْمِنْهَاجِ دُونَ مَا اعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْمُحَرَّرِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا إذَا نَفَى، أَوْ عَقَدَ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ، أَوْ سَكَتَ مَعَ إطْلَاقِهَا، إنْ ثَبَتَ جَرَيَانُ تَصْحِيحَيْ الْمُحَرَّرِ، وَالْمِنْهَاجِ فِيهِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ اعْتِبَارَ تِلْكَ الْقُيُودِ فِي التَّفْوِيضِ لَا يُنَافِي فَسَادَ النِّكَاحِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ الْخَارِجَةِ بِهَا، وَكَانَ الشَّارِحُ إنَّمَا لَمْ يُنَبِّهْ عَلَى ذَلِكَ لِظُهُورِهِ مِمَّا سَبَقَ خُصُوصًا مَعَ قُرْبِهِ مِنْ هَذَا الْمَحَلِّ، ثُمَّ رَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ مَا يُعْلَمُ فِيهِ مِمَّا ذَكَرْتُهُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ نَصًّا قَاطِعًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَيْسَ كَمَا ادَّعَى وَالنَّصُّ الَّذِي ذَكَرَهُ لَيْسَ قَاطِعًا، بَلْ مُحْتَمَلٌ جِدًّا، كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ. اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: بِأَنْ سَكَتَ عَنْهُ) بِخِلَافِ مَا لَوْ وَكَّلَ غَيْرَهُ فِي تَزْوِيجِ أَمَةٍ وَسَكَتَ عَنْهُ فَزَوَّجَهَا الْوَكِيلُ وَسَكَتَ لَا يَكُونُ تَفْوِيضًا؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَلْزَمُهُ الْحَظُّ لِمُوَكِّلِهِ فَيَنْعَقِدُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي وَلِيٍّ أَذِنَتْ لَهُ وَسَكَتَتْ. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: الرَّشِيدَةِ) الْمُرَادُ بِهَا غَيْرُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا لِيَشْمَل السَّفِيهَةَ الْمُهْمَلَةَ، كَمَا فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ وَدَخَلَ فِي الرَّشِيدَةِ الْمَرِيضَةُ فَيَصِحُّ تَفْوِيضُهَا إنْ لَمْ تَمُتْ أَوْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ؛ لِأَنَّ تَبَرُّعَهَا مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَتِهِمْ. اهـ. سم عَنْ م ر وَعِبَارَةُ سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ وَلَوْ كَانَتْ الْمُوَلِّيَةُ الْمَذْكُورَةُ مَرِيضَةً صَحَّ تَفْوِيضُهَا إنْ بَرِئَتْ مِنْ مَرَضِهَا فَإِنْ مَاتَتْ مِنْهُ قَالَ: بَعْضُهُمْ كَانَ تَبَرُّعًا عَلَى الْوَارِثِ فَإِنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَلَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ أَيْ بِالْعَقْدِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْمَوْتِ وَتَظْهَرُ ثَمَرَتُهُ فِي اعْتِبَارِ الْأَكْثَرِ مِنْ الْعَقْدِ إلَى الْمَوْتِ عِنْدَ الْإِجَازَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ وَارِثٍ فَقِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ فِيمَا لَوْ نُكِحَتْ الْمَرِيضَةُ بِمُحَابَاةٍ مِنْ أَنَّهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ صِحَّةُ التَّفْوِيضِ فَلَا يَجِبُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ شَيْءٌ. اهـ.

وَوَجْهُ التَّبَرُّعِ أَنَّهَا نُكِحَتْ بِلَا مَهْرٍ حِينَ الْعَقْدِ وَلِذَا إذَا لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ وَكَانَ الْمُتَبَرَّعُ بِهِ تَأْخِيرَهُ إلَى الْمَوْتِ وَقَدْ مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّ تَفْوِيتَ الْيَدِ بِتَأْجِيلِ الدَّيْنِ مُلْحَقٌ بِتَفْوِيتِ الْمَالِ فِي حُسْبَانِهِ مِنْ الثُّلُثِ فَكَذَا يَكُونُ التَّأْخِيرُ هُنَا وَصِيَّةً لِوَارِثٍ؛ لِأَنَّهَا فَوَّتَتْ يَدَهَا حِينَ الْعَقْدِ إلَى الْمَوْتِ، كَمَا فَوَّتَتْ يَدَ الْوَرَثَةِ هُنَاكَ هَذَا وَقَدْ نَقَلَ ع ش مَا قَالَهُ سم عَنْ م ر ثُمَّ قَالَ: وَيَنْبَغِي تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِمَا لَوْ أَذِنَتْ أَنْ تُزَوَّجَ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَيَكُونُ مِنْ تَفْوِيضِ الْمَهْرِ وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِإِجَازَةِ الْوَارِثِ وَعَدَمِهَا؛ لِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَا تَبَرُّعَ فِيهِ. اهـ. مُلَخَّصًا وَفِي كَوْنِهِ مِنْ تَفْوِيضِ الْمَهْرِ نَظَرٌ بَعْدَ إذْنٍ إنْ تَزَوَّجَ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ أُهْمِلَا، أَوْ أُنْكِحَتْ إلَخْ) فَهَذَا تَفْوِيضٌ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَكَتَتْ هِيَ عَنْ الْمَهْرِ فَقَالَتْ: زَوِّجْنِي أَوْ قَالَتْ: زَوِّجْنِي بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ، أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ فَلَا يَكُونُ تَفْوِيضًا مِنْهَا بَلْ يَجِبُ فِي الْأَوَّلِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَفِيمَا بَعْدَهُ إنْ نَهَتْهُ عَنْ الزِّيَادَةِ، أَوْ عَنْ نَقْدِ الْبَلَدِ وَعَيَّنَتْ الزَّوْجَ وَخَالَفَ بَطَلَ عَقْدُ الصَّدَاقِ وَرَجَعَ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَالْأَصَحُّ الْعَقْدُ بِالْمُسَمَّى وَفَارَقَ السُّكُوتُ هُنَا مَا مَرَّ مِنْ وُجُوبِ الْمَهْرِ فِيهِ بِالْعَقْدِ بِاسْتِنَادِ السُّكُوتِ هُنَا إلَى تَفْوِيضِ. اهـ. ق ل بِزِيَادَةِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِ نَقْدِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ) أَيْ: أَوْ زَوَّجَهَا بِمُؤَجَّلٍ إلَّا إذَا اعْتَدْنَ التَّأْجِيلَ بِأَجَلٍ مُعَيَّنٍ مُطَّرِدٍ فَيَجُوزُ لِلْوَلِيِّ وَلَوْ حَاكِمًا الْعَقْدُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُجِزْ لِلْحَاكِمِ فَرْضُ الْمُؤَجَّلِ، كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الْعَقْدِ. اهـ. شَرْحُ م ر وَحَجَرٌ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ بِتَفْوِيضٍ) ، كَذَا فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: هُوَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ) ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ

ص: 188

لِأَنَّهُ كَالْوَطْءِ فِي تَقْرِيرِ الْمُسَمَّى فَكَذَا فِي إيجَابِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي التَّفْوِيضِ؛ «وَلِأَنَّ بِرْوَعَ بِنْتَ وَاشِقٍ نُكِحَتْ بِلَا مَهْرٍ، فَمَاتَ زَوْجُهَا قَبْل أَنْ يَفْرِضَ لَهَا فَقَضَى لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَهْرِ نِسَائِهَا وَبِالْمِيرَاثِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا قِيلَ فِي إسْنَادِهِ وَلَوْ زَوَّجَهَا بِإِذْنِهَا عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ فِي الْحَالِ وَلَا عِنْدَ الدُّخُولِ وَلَا غَيْرِهِ صَحَّ النِّكَاحُ، وَهَلْ هُوَ تَفْوِيضٌ فَاسِدٌ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ كَسَائِرِ الْأَسْبَابِ الْمُفْسِدَةِ لِلْمَهْرِ، أَوْ يُلْغِي النَّفْيَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَيَكُونُ تَفْوِيضًا صَحِيحًا، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ النَّاظِمِ وَجْهَانِ وَبِالْأَوَّلِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، وَبِالثَّانِي قَالَ الْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ كَثِيرٍ، وَوَجَّهَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ إنَّمَا يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ حَيْثُ ذَكَرَ مُسَمًّى دُونَ مَا إذَا فَوَّضَ بِزِيَادَةِ النَّفْيِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَهَا عَلَى أَنْ لَا مَهْرَ وَلَا نَفَقَةَ كَانَ أَبْلَغَ فِي التَّفْوِيضِ، مَعَ أَنَّ عَدَمَ النَّفَقَةِ يَقْتَضِيَ فَسَادَ الْمُسَمَّى لَوْ كَانَ مَوْجُودًا فَكَمَا لَا يَقْتَضِي هَذَا الْفَسَادَ عِنْدَ التَّفْوِيضِ، فَكَذَا اشْتِرَاطُ نَفْيِ الْمَهْرِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.

وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَهَا فِي الْكُفْرِ مُفَوِّضَةً، ثُمَّ أَسْلَمَا وَاعْتِقَادُهُمْ أَنْ لَا مَهْرَ لِلْمُفَوِّضَةِ بِحَالٍ، ثُمَّ وَطِئَ فَلَا مَهْرَ لَهَا؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ وَطْئًا بِلَا مَهْرٍ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ لِعَبْدِهِ، ثُمَّ أَعْتَقَهُمَا، أَوْ أَحَدَهُمَا قَبْلَ الْوَطْءِ لَا يَجِبُ لَهَا مَهْرٌ لِذَلِكَ وَالتَّقْيِيدُ بِالرَّشِيدَةِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ وَكَذَا قَوْلُهُ:(فِي يَوْمِ عَقْدٍ) أَيْ: يُعْتَبَرُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِوَقْتِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ الْمُقْتَضِي لِوُجُوبِهِ بِالْوَطْءِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَالشَّرْحُ الصَّغِيرُ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي سِرَايَةِ الْعِتْقِ عَنْ اعْتِبَارِ الْأَكْثَرِينَ لَكِنْ صَحَّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ هُنَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ هُنَا، أَنَّهُ يَجِبُ أَكْثَرُ مَهْرٍ مِنْ الْعَقْدِ إلَى الْوَطْءِ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ دَخَلَ بِالْعَقْدِ فِي ضَمَانِهِ وَاقْتَرَنَ بِهِ الْإِتْلَافُ فَوَجَبَ الْأَكْثَرُ كَالْمَقْبُوضِ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَطْءٌ بَلْ مَوْتٌ، أَوْ فَرْضُ حَاكِمٍ، فَالْعِبْرَةُ بِوَقْتِ الْعَقْدِ لِانْتِفَاءِ الْإِتْلَافِ، وَأَمَّا فَرْضُ الزَّوْجِ فَيَحْسِبُ مَا يَتَّفِقُ مَعَ الزَّوْجَةِ عَلَيْهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي.

(وَلَهَا) أَيْ: الْمُفَوِّضَةِ (أَنْ تَطْلُبَا مِنْ زَوْجِهَا الْفَرْضَ) لِمَهْرِهَا لِتَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا (وَ) لَهَا (حَبْسُ النَّفْسِ) عَنْهُ (لَهُ) أَيْ: لِلْغَرَضِ (وَلِلتَّسْلِيمِ) لِلْمَفْرُوضِ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (قَبْلَ الْمَسِّ) أَيْ: الدُّخُولِ كَالْمُسَمَّى ابْتِدَاءً فَإِنْ قُلْتَ هَلَّا كَانَ رِضَاهَا بِعَدَمِ الْمَهْرِ كَرِضَاهَا بِهِ مُؤَجَّلًا قُلْنَا: الْمُؤَجَّلُ لَهُ أَمَدٌ يُنْتَظَرُ بِخِلَافِ مَا هُنَا هَذَا، وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ لَا حَبْسَ لَهَا بَلْ نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَقَالَ: لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِغَيْرِ مَهْرٍ فَلَا يَلِيقُ بِهَا الْمُضَايَقَةُ فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ (وَلَيْسَ فَرْضُ أَجْنَبِيٍّ) مِنْ مَالِهِ (يَمْضِي) أَيْ: يَصِحُّ وَإِنْ رَضِيَتْ بِهِ الْمُفَوِّضَةُ إذْ الْفَرْضُ تَعْيِينٌ لِمَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ فَلَا يَلِيقُ بِغَيْرِ الْعَاقِدِ اسْتِقْلَالًا، وَإِنْ كَانَ لَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ بِأَدَاءِ الصَّدَاقِ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ نَعَمْ إنْ أَذِنَ لَهُ الزَّوْجُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَبِالْأَوَّلِ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَبِالثَّانِي أَيْ: وَهُوَ الْأَوَّلُ هُنَا قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَصَاحِبَا الْمُهَذَّبِ، وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ: كَمَا فِي سَائِرِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهُوَ قَضِيَّةُ إيرَادِ جُمْهُورِ الْعِرَاقِيِّينَ، كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ فَهُوَ الْمَذْهَبُ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَالْعِبْرَةُ بِوَقْتِ الْعَقْدِ) وَقِيلَ: بِالْأَكْثَرِ أَيْضًا وَقِيلَ: بِيَوْمِ الْمَوْتِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ أَكْثَرُ مَا كَانَ مِنْ الْعَقْدِ إلَى الْوَطْءِ وَكَذَا فِي الْمَوْتِ فِي وَجْهٍ وَيَوْمَ الْعَقْدِ فِي وَجْهٍ. اهـ.

(قَوْلُهُ: هَذَا وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ لَا حَبْسَ) صَنِيعُهُ، كَمَا تَرَى يُوهِمُ أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ فِي الْحَبْسِ لِلْفَرْضِ وَفِي الْحَبْسِ لِلتَّسْلِيمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ خَاصٌّ بِالثَّانِي كَمَا يُفْهِمُهُ آخِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ الْمَذْكُورِ وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ: وَلَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا لِيَفْرِضَ وَكَذَا التَّسْلِيمُ الْمَفْرُوضُ فِي الْأَصَحِّ. اهـ. وَصَرَّحَ شَارِحُوهُ بِأَنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ فِي الشِّقِّ الثَّانِي بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

إلَخْ) مُعْتَمَدٌ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) قُدِّمَ الْقِيَاسُ عَلَى النَّصِّ لِاحْتِمَالِ الْخُصُوصِيَّةِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَفْيُ الْوَطْءِ أَيْضًا. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: بِرْوَعَ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَمَا قِيلَ: إنَّهُ يُكْسَرُ أَيْضًا مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ مَكْسُورًا بِهَذِهِ الزِّنَةِ إلَّا خِرْوَعٌ وَعِتْوَدٌ، الْأَوَّلُ اسْمُ نَبْتٍ وَالثَّانِي اسْمُ مَكَان. اهـ. ق ل وَقَالَ غَيْرُهُ: جَاءَ عِتْوَرٌ اسْمٌ لِوَادٍ خشن ودرود اسْمٌ لِجَبَلٍ وَفِي الْقَامُوسِ بِرْوَعَ بِالْفَتْحِ وَلَا يُكْسَرُ. (قَوْلُهُ: أَبُو إِسْحَاقَ) أَيْ الْإسْفَرايِينِيّ وَمَا قَالَهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ نَكَحَهَا إلَخْ) أَيْ وَهُمَا حَرْبِيَّانِ أَمَّا الذِّمِّيَّانِ فَيَحْكُمُ لَهُمَا بِحُكْمِنَا. اهـ. سم وَزي عَنْ م ر. (قَوْلُهُ: بِوَقْتِ الْعَقْدِ) أَيْ مِنْ نَقْدِ بَلَدِ الْفَرْضِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ كَانَ الْفَرْضُ بِغَيْرِ بَلَدِ الزَّوْجَةِ كَأَنْ بَعَثَتْ وَكِيلًا لِلْفَرْضِ بِغَيْرِ بَلَدِهَا. اهـ. م ر مَعَ إيضَاحٍ. (قَوْلُهُ: لَكِنْ صَحَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِلتَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ: فَالْعِبْرَةُ بِوَقْتِ الْعَقْدِ) الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ م ر وُجُوبُ الْأَكْثَرِ مِنْ الْعَقْدِ إلَى الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ دَخَلَ بِالْعَقْدِ فِي ضَمَانِهِ وَاقْتَرَنَ بِالْمُقَرَّرِ وَهُوَ الْمَوْتُ.

(قَوْلُهُ: وَلَهَا حَبْسُ النَّفْسِ) أَيْ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ وَهُوَ الْعَقْدُ قَدْ وُجِدَ فَانْدَفَعَ أَنَّهُ حَبْسٌ لِمَا لَمْ يَجِبْ ق ل وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْعَقْدَ سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ بِالْفَرْضِ وَهَذَا لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِ الطَّلَبِ قَبْلَ الْوُجُوبِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ لَهَا حَقًّا وَهُوَ أَنْ تَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ. اهـ. ثُمَّ رَأَيْت فِي خ ط عَلَى الْمِنْهَاجِ أَنَّ الْعَقْدَ وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ الْمَهْرَ، لَكِنْ أَوْجَبَ لَهَا الْمُطَالَبَةَ بِأَنْ يَفْرِضَ لَهَا. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فَرْضُ أَجْنَبِيٍّ يَمْضِي) أَيْ: لَا يَلْزَمُهُمَا الرِّضَا بِهِ فَلَوْ رَضِيَا بِهِ صَحَّ. اهـ. بج. (قَوْلُهُ: أَجْنَبِيٍّ) وَهُوَ مَنْ لَيْسَ وَكِيلًا عَنْ

ص: 189

صَحَّ قَطْعًا، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي مُجَلِّي وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيُشْبِهُ أَنْ يَصِحَّ فَرْضُهُ إذَا كَانَ سَيِّدًا لِلزَّوْجِ الْقِنِّ، وَعَلَيْهِ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا، كَمَا فِي فَرْضِ الزَّوْجِ وَيُقَاسُ بِمَا قَالَهُ الْوَلِيُّ الْمُجْبَرُ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ.

(وَقَدْ لَغَا إسْقَاطُ حَقِّ الْفَرْضِ) مِنْ الْمَرْأَةِ كَإِسْقَاطِ مُطَالَبَتِهَا بِالْفَيْئَةِ؛ لِأَنَّ حَقَّ ثُبُوتِ الْمَهْرِ بِالْوَطْءِ لَا يَبْطُلُ بِإِسْقَاطِهَا وَحَقُّ طَلَبِ الْغَرَضِ تَابِعٌ لَهُ (كَذَاكَ) يَلْغُو (الِابْرَا) مِنْهَا عَنْ الْمَفْرُوضِ (قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ عَمَّا لَمْ يَجِبْ وَعَنْ مَجْهُولٍ، كَمَا يَلْغُو الْإِبْرَاءُ عَنْ الْمُتْعَةِ قَبْلَ الطَّلَاقِ لِذَلِكَ وَبَعْدَهُ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِهَا.

(وَجَازَ) لِفَرْضٍ (مَعْ جَهْلٍ) أَيْ: جَهْلِ الزَّوْجَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا (بِمَهْرِ الْمِثْلِ) اكْتِفَاءً بِمَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْمَفْرُوضَ لَيْسَ بَدَلًا عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ لِيَشْتَرِطَ الْعِلْمَ بِهِ، بَلْ الْوَاجِبُ أَحَدُهُمَا مُبْهَمًا (وَ) جَازَ الْفَرْضُ (الَّذِي وَقَعْ) أَيْ: فُرِضَ (بِزَائِدٍ) ، أَوْ نَاقِصٍ (عَنْ مَهْرِ مِثْلٍ) وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ حَالًّا، أَوْ مُؤَجَّلًا كَالْمُسَمَّى ابْتِدَاءً وَيُشْتَرَطُ رِضَاهَا بِمَا يَفْرِضُهُ الزَّوْجُ، فَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُفْرَضْ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ يَجِبُ لَهَا، فَتَوَقَّفَ عَلَى رِضَاهَا كَالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالْقِيَاسُ الَّذِي لَا يَنْقَدِحُ غَيْرُهُ أَنَّهُ إذَا فَرَضَ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا حَالًّا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ لَا يُشْتَرَطُ رِضَاهَا بِهِ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَهُ حِينَئِذٍ عَبَثٌ وَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ (لَا عَلَى) زَوْجٍ (مُمْتَنِعٍ) عَنْ أَصْلِ الْفَرْضِ، أَوْ مِقْدَارُهُ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ فَرْضُهُ مَعَ جَهْلِهِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَا فَرْضُهُ بِأَزْيَدَ مِنْهُ وَلَا أَنْقَصَ، كَمَا فِي قِيَمِ الْمُتْلِفَاتِ. نَعَمْ الْقَدْرُ الْيَسِيرُ الْوَاقِعُ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ لَا عِبْرَةَ بِهِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ لُزُومُ مَا يَفْرِضُهُ عَلَى رِضَاهُمَا بِهِ فَإِنَّهُ حُكْمٌ مِنْهُ وَحُكْمُهُ لَا يَتَوَقَّفُ لُزُومُهُ عَلَى رِضَى الْخَصْمَيْنِ وَلَيْسَ لَهُ فَرْضُهُ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ (وَ) لَا (فَرْضُهُ مُؤَجَّلَا) وَإِنْ رَضِيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْصِبَهُ الْإِلْزَامُ بِمَالٍ حَالٍّ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَتُؤَخِّرُ هِيَ إنْ شَاءَتْ.

(وَالِاعْتِبَارُ) فِي مَهْرِ الْمِثْلِ وَهُوَ مَا يَرْغَبُ بِهِ فِي مِثْلِهَا (بِقَرَابَةِ الْأَبِ) أَيْ: بِالْقَرِيبَاتِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَهُنَّ نِسَاءُ الْعَصَبَةِ أَيْ: مَنْ تُنْسَبُ إلَى مَنْ تُنْسَبُ هِيَ إلَيْهِ وَيُعْتَبَرُ الْقُرْبُ فَتُقَدَّمُ أَخَوَاتٌ لِأَبَوَيْنِ، ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ بَنَاتُ أَخٍ، ثُمَّ بَنَاتُ ابْنِهِ، ثُمَّ عَمَّاتٌ، ثُمَّ بَنَاتُ أَعْمَامٍ كَذَلِكَ فَإِنْ تَعَذَّرَ الِاعْتِبَارُ بِهِنَّ لِعَدَمِهِنَّ، أَوْ جَهْلِ مَهْرِهِنَّ، أَوْ نَسَبِهِنَّ، أَوْ لِأَنَّهُنَّ لَمْ يُنْكَحْنَ اُعْتُبِرَ بِذَوَاتِ الْأَرْحَامِ كَجَدَّاتٍ وَخَالَاتٍ تُقَدَّمُ الْجِهَةُ الْقُرْبَى مِنْهُنَّ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلَا فَرْضُهُ مُؤَجَّلًا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ الَّذِي بَيَّنَ بِهِ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمَتْنِ أَعْنِي كَوْنَ الْقَاضِي لَا يَفْرِضُ مُؤَجَّلًا صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ لَكِنَّ قَوْلَ الْمَتْنِ وَفَرْضُهُ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى الْبَيْتِ الَّذِي قَبْلَ قَوْلِهِ: لَا عَلَى مُمْتَنِعٍ؛ لِيُفِيدَ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَفْرِضَهُ مُؤَجَّلًا وَمَا سَلَكَهُ الشَّارِحُ لَا تُسَاعِدُهُ عَلَيْهِ الْعِبَارَةُ إلَّا بِتَكَلُّفٍ كَأَنْ يُقَالَ الضَّمِيرُ فِي فَرْضِهِ عَائِدٌ عَلَى الْقَاضِي الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ لَا عَلَى مُمْتَنِعٍ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ قُلْتُ: وَعَلَى عَطْفِهِ عَلَى مَا قَبْلَ قَوْلِهِ: لَا عَلَى مُمْتَنِعٍ يَكُونُ قَوْلُهُ: لَا عَلَى مُمْتَنِعٍ مُؤَخَّرًا عَنْهُ فِي التَّقْدِيرِ فَيَكُونُ مُقَابِلًا لَهُ أَيْضًا فَيُفِيدُ امْتِنَاعَ التَّأْجِيلِ أَيْضًا عَلَى الْقَاضِي فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: هِيَ) أَيْ: الَّتِي أُرِيدَ مَعْرِفَةُ مَهْرِ مِثْلِهَا (قَوْلُهُ: الِاعْتِبَارُ بِهِنَّ) أَيْ: نِسَاءِ الْعَصَبَةِ (قَوْلُهُ: بِذَوَاتِ الْأَرْحَامِ) أَيْ: قَرَابَاتٍ لِلْأُمِّ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، أَوْ الْأُمِّ فَهُنَّ هُنَا أَعَمُّ مِنْ أَرْحَامِ الْفَرَائِضِ مِنْ حَيْثُ شُمُولُهُ لِلْجَدَّاتِ الْوَارِثَاتِ وَأَخْصَرُ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ شُمُولِهِ لِبَنَاتِ الْعَمَّاتِ، وَالْأَخَوَاتِ وَنَحْوِهِمَا حَجَرٌ وَقَوْلُهُ: وَالْأَخَوَاتُ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَحَدِهِمَا وَلَا وَلِيًّا وَلَا مَالِكًا وَلَا مَنْ يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ كَالْوَلَدِ فِي الْإِعْفَافِ. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: يُعْتَبَرُ رِضَاهَا) أَيْ: إنْ نَقَصَ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي فَرْضِ الزَّوْجِ: فَإِنْ لَمْ يُنْقَصْ فَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا. اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ: الْوَلِيُّ الْمُجْبِرُ) أَيْ الَّذِي لَهُ تَزْوِيجُهُمَا فَخَرَجَ الْوَصِيُّ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: وَلَا فَرْضُهُ بِأَزْيَدَ مِنْهُ وَلَا أَنْقَصَ) أَيْ وَإِنْ رَضِيَا بِخِلَافِهِ وَظَاهِرُ م ر وَحَجَرٍ سَوَاءٌ رَضِيَا قَبْلَ فَرْضِهِ، أَوْ بَعْدَهُ وَنَازَعَ سم فِيمَا إذَا رَضِيَا قَبْلَ فَرْضِهِ فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ: أَيْ: مَنْ تُنْسَبُ إلَى مَنْ) أَيْ إلَى جَدٍّ أَيْ: أَقْرَبِ جَدٍّ تُنْسَبُ إلَيْهِ الزَّوْجَةُ وَيَخْرُجُ عَنْ هَذَا أُمُّ الْأَبِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ غَيْرَ قَبِيلَتِهَا فَلَا تَكُونُ مِنْ نِسَاءِ الْعَصَبَةِ وَلَا مِنْ الْأَرْحَامِ كَمَا سَيَأْتِي عَنْ الشَّرْقَاوِيِّ وَقَوْلُهُ: لِعَدَمِهِنَّ أَيْ أَصْلًا، كَمَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ لَا مِنْ بَلَدِهَا فَقَطْ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: إلَى مَنْ تُنْسَبُ هِيَ إلَيْهِ) كَالْأَبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُخْتِ، وَالْجَدِّ بِالنِّسْبَةِ لِبِنْتِ الْعَمِّ فَلَا يَرِدُ أَنَّ بِنْتَ الْعَمِّ لَا تُنْسَبُ لِأَبِي هَذِهِ بَلْ لِأَبِيهَا لِاتِّحَادِ جَدِّهِمَا الْمَنْسُوبَتَيْنِ إلَيْهِ. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ عَمَّاتُ) أَيْ: لَا بَنَاتُهُنَّ؛ لِأَنَّهُنَّ لَا يُنْسَبْنَ إلَى الذُّكُورِ الَّتِي تُنْسَبُ هِيَ إلَيْهِمْ بَلْ يُنْسَبْنَ لِأَبِيهِنَّ فَهُنَّ أَجْنَبِيَّاتٌ مِنْهَا. اهـ. م ر بِإِيضَاحٍ. (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ ثُمَّ بَنَاتُ أَوْلَادِ عَمٍّ وَإِنْ سَلَفْنَ كَذَلِكَ. اهـ. ش. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِهِنَّ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْنَ وَإِلَّا فَالْمَيِّتَاتُ يُعْتَبَرْنَ أَيْضًا، كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَسَبُهُنَّ) اُنْظُرْ كَيْفَ يُجْهَلُ نَسَبُهُنَّ مَعَ مَعْرِفَةِ نَسَبِهَا وَلِذَا أَسْقَطَهُ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ. اهـ. ش.

(قَوْلُهُ: بِذَوَاتِ الْأَرْحَامِ) الْمُرَادُ بِهِنَّ هُنَا الْأُمُّ وَقَرَابَاتُهَا مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، أَوْ الْأُمِّ فَهُنَّ أَعَمُّ مِنْ الْأَرْحَامِ الْمَذْكُورَاتِ فِي الْفَرَائِضِ مِنْ حَيْثُ شُمُولُهُنَّ لِلْجَدَّاتِ الْوَارِثَاتِ وَأَخَصُّ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ شُمُولِهِنَّ لِبَنَاتِ الْعَمَّاتِ، وَالْأَخَوَاتِ وَنَحْوِهِمَا فَهُنَّ مِنْ الْأَجْنَبِيَّاتِ هُنَا فَإِنْ اجْتَمَعَ أُمُّ أَبٍ وَأُمُّ أُمٍّ فَوُجُوهٌ أَوْجَهُهَا اسْتِوَاؤُهُمَا، وَالْمُرَادُ أُمُّ أَبٍ لِأُمٍّ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي قَرَابَاتِهَا أَمَّا أُمُّ أَبِي الْمَنْكُوحَةِ فَلَا تَدْخُلُ فِي الْأَرْحَامِ بِالضَّابِطِ الْمَذْكُورِ وَلَا فِي الْعَصَبَاتِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تُنْسَبُ إلَى غَيْرِ قَبِيلَتِهَا، أَوْ أَهْلِ بَلَدِهَا مِنْهُنَّ مِنْ الْأَجْنَبِيَّاتِ، كَمَا حَرَّرَهُ ع ش عَلَى م ر. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ عَلَى التَّحْرِيرِ وَقَوْلُهُ: وَالْأَخَوَاتُ أَيْ وَمِنْ حَيْثُ

ص: 190

عَلَى غَيْرِهَا وَتُقَدَّمُ الْقُرْبَى مِنْ الْجِهَةِ الْوَاحِدَةِ كَالْجَدَّاتِ عَلَى غَيْرِهَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَتُقَدَّمُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْحَامِ الْأُمُّ ثُمَّ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ، ثُمَّ الْجَدَّاتُ ثُمَّ الْخَالَاتُ، ثُمَّ بَنَاتُ الْأَخَوَاتِ، ثُمَّ بَنَاتُ الْأَخْوَالِ وَيُعْتَبَرُ فِي الْمَذْكُورَاتِ الْبَلَدُ أَيْضًا فَلَوْ كُنَّ بِبَلَدَيْنِ وَهِيَ بِإِحْدَاهُمَا اُعْتُبِرَ بِمَنْ بِبَلَدِهَا فَإِنْ كُنَّ كُلُّهُنَّ بِبَلَدٍ أُخْرَى اُعْتُبِرَ بِهِنَّ لَا بِأَجْنَبِيَّاتِ بَلَدِهَا كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.

وَاَلَّذِي اعْتَبَرَهُ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا عَكْسُهُ، وَعَلَّلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ قِيمَةُ مُتْلَفٍ فَاعْتُبِرَ مَحَلُّ الْإِتْلَافِ فَإِنْ اخْتَصَّتْ عَنْهُنَّ بِفَضْلٍ، أَوْ نَقْصٍ فُرِضَ مَهْرٌ لَائِقٌ بِالْحَالِ فَإِنْ تَعَذَّرَ الِاعْتِبَارُ بِهِنَّ اُعْتُبِرَ بِمَنْ يُسَاوِيهَا مِنْ نِسَاءِ بَلَدِهَا، ثُمَّ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهَا، ثُمَّ أَقْرَبِ النِّسَاءِ بِهَا شَبَهًا، كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (قُلْتُ وَمَنْ سَاوَتْ) أَيْ: وَالِاعْتِبَارُ بِمَنْ سَاوَتْهَا فِي الصِّفَاتِ الْآتِيَةِ (لِجَهْلِ النَّسَبِ) أَيْ: عِنْدَ جَهْلِ نَسَبِهَا وَتُعْتَبَرُ الْعَرَبِيَّةُ بِعَرَبِيَّةٍ مِثْلِهَا وَالْقَرَوِيَّةُ بِقَرَوِيَّةٍ مِثْلِهَا وَالْأَمَةُ بِأَمَةٍ مِثْلِهَا، وَالْمُعْتَقَةُ بِمُعْتَقَةٍ مِثْلِهَا وَيُنْظَرُ إلَى شَرَفِ سَيِّدِهِمَا وَخِسَّتِهِ (وَمَا) أَيْ: الِاعْتِبَارُ أَيْضًا بِمَا (بِهِ تَفَاوُتُ الرَّغْبَةِ مِنْ نَحْوِ جَمَالٍ وَفَصَاحَةٍ وَسَنْ) كَبَكَارَةٍ وَثُيُوبَةٍ وَمَالٍ وَعَقْلٍ وَعِفَّةٍ وَصَرَاحَةٍ وَهُجْنَةٍ وَالصَّرِيحُ عَرَبِيُّ الْأَبَوَيْنِ، وَالْهَجِينُ عَرَبِيُّ الْأَبِ فَقَطْ، وَعَكْسُهُ مُقْرِفٌ وَاَلَّذِي أُمُّهُ أَشْرَفُ مِنْ أَبِيهِ مُذَرَّعٌ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ وَيُقَالُ: إنَّمَا سُمِّيَ مُذَرَّعًا بِالرَّقْمَتَيْنِ فِي ذِرَاعِ الْبَغْلِ؛ لِأَنَّهُمَا أَتَتَاهُ مِنْ نَاحِيَةِ الْحِمَارِ.

وَقَوْلُهُ: مِنْ نَحْوِ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَمَا بِهِ تَسَامُحُ الْعَشِيرِ) أَيْ: وَبِمَا تُسَامِحُ بِهِ النِّسْوَةُ عَشِيرَتَهَا فَيُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِمْ فَقَطْ (لَا) إنْ كَانَ التَّسَامُحُ (مِنْ فَرْدَةٍ) أَيْ: وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ اعْتِبَارًا بِالْغَالِبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِنَقْصٍ دَخَلَ النَّسَبَ وَفَتَرَتْ الرَّغَبَاتُ. وَالظَّاهِرُ، كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: إنَّ الْوَاحِدَةَ مِثَالٌ لِلْقِلَّةِ وَالنُّدْرَةِ لَا قَيْدَ وَكَالْعَشِيرَةِ فِيمَا ذَكَرَ الشَّرِيفَ وَالْعَالِمَ وَالصَّالِحَ وَنَحْوَهُمْ مِمَّنْ يُرْغَبُ فِيهِ بَلْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَوْ سَامَحْنَ غَيْرَ الْعَشِيرَةِ دُونَ الْعَشِيرَةِ اُعْتُبِرَ قَالَ: وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي الْقَبِيلَةِ الدَّنِيئَةِ (فَإِنْ يَكُنْ) مَهْرُ الْمُعْتَبَرِ بِهِنَّ، أَوْ بَعْضُهُ (مُؤَجَّلَا) بِأَنْ اعْتَدْنَ تَأْجِيلَهُ (4 فَنَاقِصٌ) أَيْ: فَيُنْقِصُ الْحَاكِمُ مِنْ مَهْرِهَا (قَدْرَ تَفَاوُتٍ) بَيْنَ الْأَجَلِ وَالْحُلُولِ وَلَا يَفْرِضُهُ مُؤَجَّلًا، كَمَا مَرَّ فَلَوْ اعْتَدْنَ مِائَةً مُؤَجَّلَةً وَكَانَتْ مِثْلَ تِسْعِينَ حَالَّةٍ فَمَهْرُ مِثْلِهَا تِسْعُونَ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُسَمَّى ابْتِدَاءً كَأَنْ زَوَّجَ صَغِيرَةً وَكَانَتْ عَادَةُ نِسَائِهَا أَنْ

ــ

[حاشية العبادي]

أَيْ: لِغَيْرِ الْأُمِّ أَخْذًا مِنْ تَفْسِيرِهِ الْأَخَوَاتِ فِي عِبَارَةِ الْمَاوَرْدِيِّ بِقَوْلِهِ أَيْ: لِلْأُمِّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَنَاتُ الْأَخَوَاتِ) أَيْ: لِلْأُمِّ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: فِي الْمَذْكُورَاتِ) يَشْمَلُ نِسَاءَ الْعَصَبَاتِ وَذَوَاتِ الْأَرْحَامِ فَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ اللَّاتِي بِبَلَدِهَا ذَوَاتُ الْأَرْحَامِ اعْتَبَرْنَ دُونَ نِسَاءِ الْعَصَبَاتِ الْخَارِجَاتِ عَنْ بَلَدِهَا (قَوْلُهُ: كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا) قَالَ فِي الرَّوْضِ عَقِبَ هَذَا الْحُكْمِ: نَعَمْ مَنْ سَاكَنَهَا مِنْهُنَّ فِي الْبَلَدِ أَيْ: بَلَدِهَا قَبْلَ انْتِقَالِهَا إلَى الْأُخْرَى قُدِّمَ عَلَيْهِنَّ أَيْ: إذَا لَمْ يُسَاكِنْهَا فِي بَلَدِهَا. اهـ. وَكَانَ فَاعِلُ " سَاكَنَهَا "" وَصَاحِبُ " ضَمِيرُ مِنْهُنَّ، وَعَلَيْهِنَّ الْقَرَابَاتُ وَكَانَ هَاءُ انْتِقَالِهَا لِمَنْ فِي قَوْلِهِ: نَعَمْ مَنْ سَاكَنَهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ الِاعْتِبَارُ بِهِنَّ) لَعَلَّ هَذَا الضَّمِيرَ لِلْمَذْكُورَاتِ مِنْ نِسَاءِ الْعَصَبَاتِ وَذَوَاتِ الْأَرْحَامِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ) لَعَلَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ بِالْإِشَارَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ وَالتَّرْتِيبَ لَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ الْمَذْكُورَةُ وَلِأَنَّ اعْتِبَارَ مَنْ يُسَاوِيهَا مِنْ نِسَاءِ بَلَدِهَا إلَخْ لَا يَتَقَيَّدُ بِجَهْلِ النَّسَبِ بَلْ يَأْتِي مَعَ الْعِلْمِ بِهِ إذَا عَدِمَ الْقَرَابَاتِ، أَوْ جَهِلَ مَهْرَهُنَّ، فَلْيُتَأَمَّلْ. سم (قَوْلُهُ: فِي نَاحِيَةِ الْحِمَارِ) الَّذِي شَرَّفَتْهُ الْأُمُّ الَّتِي هِيَ الْفَرَسُ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارًا بِالْغَالِبِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَلَا يَلْزَمُ الْبَاقِيَاتِ الْمُسَامَحَةُ.

(قَوْلُهُ: لَا قَيْدَ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ اعْتِبَارًا بِالْغَالِبِ أَنَّ الضَّابِطَ هُنَا مَا عَدَا الْغَالِبَ لَكِنْ لَوْ لَمْ يَكُنْ غَالِبٌ بِأَنْ اسْتَوَى الْجَانِبَانِ فَفِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: كَأَنْ زَوَّجَ صَغِيرَةً) أَيْ مَجْنُونَةً

ــ

[حاشية الشربيني]

عَدَمُ شُمُولِهِنَّ لِبَنَاتِ الْأَخَوَاتِ أَيْ لِأَبٍ أَمَّا الشَّقِيقَاتُ، أَوْ لِأُمٍّ فَبَنَاتُهُنَّ مِنْ الْأَرْحَامِ كَالْأُخْتِ لِأُمٍّ وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ أَنَّ بِنْتَ الْأُخْتِ لِلْأَبِ لَيْسَتْ مِنْ الْأَرْحَامِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْعَصَبَاتِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: اعْتَبَرَ بِمَنْ بِبَلَدِهَا) إلَّا إذَا كَانَ مِنْ بِبَلَدِهَا نِسَاءُ الْأَرْحَامِ وَمَنْ بِغَيْرِهَا نِسَاءُ الْعَصَبَاتِ فَالْعِبْرَةُ بِنِسَاءِ الْعَصَبَاتِ، كَمَا ارْتَضَاهُ م رَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا اُعْتُبِرَ بِمَنْ بِبَلَدِهَا) وَإِنْ كُنَّ أَبْعَدَ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر سم. (قَوْلُهُ: كُنَّ كُلُّهُنَّ) شَامِلٌ لِنِسَاءِ الْأَرْحَامِ إذَا كُنَّ بِبَلَدٍ أُخْرَى فَيُقَدَّمْنَ عَلَى أَجْنَبِيَّاتِ بَلَدِهَا. (قَوْلُهُ: تَسَامُحٌ) مِثْلُ الْمُسَامَحَةِ الْمُشَاحَّةُ فَإِنْ شَاحَحْنَ فِي زَوْجٍ لِصِفَةٍ فِيهِ مُنَفِّرَةٍ كَجَهْلٍ شُوحِحَ فِي مُمَاثِلِهِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: دَخَلَ النَّسَبُ) عِبَارَةُ م ر لِنَقْصٍ دَخَلَ فِي النَّسَبِ وَفَتْرِ الرَّغْبَةِ فِيهِ. (قَوْلُهُ: كَأَنْ زَوَّجَ صَغِيرَةً) مِثْلُهَا الْمُفَوِّضَةُ، كَمَا نَقَلَهُ م ر عَنْ السُّبْكِيّ فَارِقًا بَيْنَ الْفَرْضِ، وَالْعَقْدِ بِأَنَّ الْفَرْضَ حُكْمٌ بِخِلَافِ الْعَقْدِ كَأَنْ زَوَّجَ صَغِيرَةً، أَوْ مُفَوِّضَةً فَيَجِبُ حِينَئِذٍ الْمُسَمَّى وَإِنَّمَا يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ عِنْدَ التَّأْجِيلِ، كَمَا مَرَّ بِهَامِشِ التَّفْوِيضِ إنْ لَمْ يَعْتَدْنَ الْأَجَلَ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَجُوزُ) أَيْ: إنْ اعْتَدْنَ التَّأْجِيلَ أَجَلٌ مُعَيَّنٌ مُطَّرِدٌ، كَذَا نَقَلَهُ م ر عَنْ السُّبْكِيّ قَالَ حَجَرٌ: فَإِنْ اخْتَلَفْنَ فِيهِ اُحْتُمِلَ إلْغَاؤُهُ وَاحْتُمِلَ اتِّبَاعُ أَقَلِّهِنَّ فِيهِ. (قَوْلُهُ: فِي اعْتِبَارِ مَهْرِ الْمِثْلِ) أَيْ مَهْرِ ثَيِّبٍ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَبِكْرٍ إنْ كَانَتْ بِكْرًا لَا أَرْشِ بَكَارَةٍ، كَمَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْأَصْحَابِ. اهـ. ق ل أَيْ: مَا لَمْ تَكُنْ مَغْصُوبَةً وَإِلَّا وَجَبَ مَهْرُ ثَيِّبٍ وَأَرْشُ بَكَارَةٍ. اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَفِي الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْهَاجِ فِي بَابِ خِيَارِ النَّقِيصَةِ أَنَّ افْتِضَاضَ الْأَجْنَبِيِّ الْبِكْرَ الْمَبِيعَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ بِلَا زِنًا مِنْهَا يَلْزَمُهُ بِهِ مَهْرُ بِكْرٍ بِلَا إفْرَادِ أَرْشٍ ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا فِي الْغَصْبِ وَالدِّيَاتِ مِنْ وُجُوبِ مَهْرِ ثَيِّبٍ وَأَرْشِ بَكَارَةٍ؛ لِأَنَّ مِلْكَ

ص: 191