المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فرع قال كل ما أملكه حرام علي وله زوجات وإماء] - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٤

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الْوَصَايَا)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْوِصَايَةِ)

- ‌(فَرْعٌ)الْوِصَايَةُ جَائِزَةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ

- ‌(بَابُ الْوَدِيعَةِ)

- ‌(بَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ)

- ‌ بَيَانِ الْغَنِيمَةِ وَتَخْمِيسِهَا

- ‌(بَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ)

- ‌ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَكَافِرٍ

- ‌(بَابُ النِّكَاحِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْعَقْدِ) لِلنِّكَاحِ وَمُقَدِّمَاتِهِ

- ‌[الْكَفَاءَةِ الْمُعْتَبَرَةِفِي النِّكَاحِ]

- ‌ الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْخِيَارِ فِي النِّكَاح]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْخِيَارِ فِي النِّكَاح وَأَحْكَامٍ أُخَرَ]

- ‌(بَابُ الصَّدَاقِ)

- ‌ بَيَانِ تَشْطِيرِ الْمَهْرِ

- ‌ حُكْمَ تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ فِي الْمَهْرِ

- ‌(بَابُ الْقَسْمِ) .وَالنُّشُوزُ

- ‌(بَابُ الْخُلْعِ)

- ‌[فَرْعٌ خَالَعَهَا بِمَا فِي كَفِّهَا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ]

- ‌(بَابُ الطَّلَاقِ)

- ‌[فَرْعٌ قَالَ كُلُّ مَا أَمْلِكُهُ حَرَامٌ عَلَيَّ وَلَهُ زَوْجَاتٌ وَإِمَاءٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الرَّجْعَةِ]

- ‌(بَابُ الْإِيلَاءِ)

- ‌[أَرْكَان الْإِيلَاءِ]

- ‌(بَابُ الظِّهَارِ)

- ‌(بَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ)

- ‌(بَابُ الْعِدَدِ)

- ‌(فَرْعٌ)زَنَتْ الْمُعْتَدَّةُ فِي عِدَّتِهَا وَهِيَ بِكْرٌ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌(بَابُ الرَّضَاعِ)

- ‌[بَابُ النَّفَقَة]

- ‌[أَسْبَابُ وُجُوبِ النَّفَقَة]

- ‌(بَابُ الْحَضَانَةِ)

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْ أَقَارِبِ الْوَلَدِ مِمَّنْ لَهُ الْحَضَانَةُ]

- ‌[فَرْعٌ دَفَعَ إلَيْهِ طَعَامًا ثُمَّ أَرَادَ إبْدَالَهُ فِي نَفَقَة مِلْك الْيَمِين]

- ‌[فَرْعٌ لَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضِرْ فَرْعَ أَيْ وَلَدَ مَوَاشِيهِ]

الفصل: ‌[فرع قال كل ما أملكه حرام علي وله زوجات وإماء]

عَلَى الْحَاوِي، وَلَا بُدَّ مِنْهَا، فَلَوْ تَرَكَهَا لَمْ تَلْزَمْهُ الْكَفَّارَةُ، إلَّا بِنِيَّةِ التَّحْرِيمِ لِشَيْءٍ مِمَّا مَرَّ، كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ

. (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ: كُلُّ مَا أَمْلِكُهُ حَرَامٌ عَلَيَّ وَلَهُ زَوْجَاتٌ وَإِمَاءٌ أَوْ قَالَ لِأَرْبَعِ زَوْجَاتٍ أَوْ إمَاءٍ: أَنْتُنَّ عَلَيَّ حَرَامٌ اُكْتُفِيَ بِكَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ، (وَكَالْعِبَارَهْ مِنْ نَاطِقٍ لِلْأَخْرَسِ الْإِشَارَهْ) أَيْ: وَالْإِشَارَةُ الْمَفْهُومَةُ مِنْ الْأَخْرَسِ كَالْعِبَارَةِ مِنْ النَّاطِقِ، فَيَصِحُّ الطَّلَاقُ بِهَا، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْكِتَابَةِ لِعَجْزِهِ مَعَ دَلَالَتِهَا عَلَى مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ الْعِبَارَةُ، (كَكُلِّ مَا يَعْقِدُهُ) مِنْ بَيْعٍ وَإِقْرَارٍ وَغَيْرِهِمَا، (وَمَا يَحُلْ) بِهَا مِنْ عِتْقٍ وَإِقَالَةٍ وَغَيْرِهِمَا، فَإِنَّهُ يَصِحُّ، نَعَمْ إشَارَتُهُ فِي الصَّلَاةِ وَبِالشَّهَادَةِ وَبِالْكَلَامِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، لَيْسَتْ كَالْعِبَارَةِ فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ وَصِحَّةِ الشَّهَادَةِ وَوُقُوعِ الْحِنْثِ.

(أَمَّا الصَّرِيحُ) مِنْ إشَارَتِهِ (فَهْوَ مَفْهُومٌ) أَيْ الْمَفْهُومُ (لِكُلِّ) أَحَدٍ (وَمَا كَنَى) أَيْ: وَكِنَايَته بِالْإِشَارَةِ هُوَ الْمَفْهُومُ (لِفَطِنٍ) أَيْ ذَكِيٍّ دُونَ غَيْرِهِ، وَكَذَا غَيْرُ الْمَفْهُومِ إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ، فَلَوْ ادَّعَى بِإِشَارَتِهِ الصَّرِيحَةِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهَا الطَّلَاقَ، كَانَ كَالنَّاطِقِ إذَا ادَّعَى بِالصَّرِيحِ ذَلِكَ. أَمَّا إشَارَةُ النَّاطِقِ فَلَيْسَتْ بِصَرِيحَةٍ وَلَا كِنَايَةٍ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ النَّاظِمِ، إذْ لَا يُقْصَدُ بِهَا الْإِفْهَامُ، إلَّا نَادِرًا، وَلَا هِيَ مَوْضُوعَةٌ لَهُ، بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ، فَإِنَّهَا حُرُوفٌ مَوْضُوعَةٌ لِلْإِفْهَامِ كَالْعِبَارَةِ.

(وَإِنْ صُرِفْ) أَيْ صَحَّ الطَّلَاقُ بِمَا مَرَّ، وَإِنْ صُرِفَ (لِجُزْءٍ) شَائِعٍ لِلْمَرْأَةِ كَقَوْلِهِ: بَعْضُك أَوْ جُزْؤُك أَوْ نِصْفُك أَوْ ثُلُثُك أَوْ رُبُعُك طَالِقٌ، بِالْإِجْمَاعِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْعِتْقِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إزَالَةُ مِلْكٍ يَحْصُلُ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ، (أَوْ رُوحٍ) ؛ لِأَنَّهُ أَصْلُ الْآدَمِيِّ، وَقَدْ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْجُمْلَةِ، وَكَذَا إنْ قَالَ: حَيَاتُك طَالِقٌ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ، وَفِي التَّهْذِيبِ يَقَعُ إنْ أَرَادَ الرُّوحَ (وَعُضْوٍ) أَيْ: وَالْجُزْءُ مُعَيَّنٌ أَوْ مُبْهَمٌ (كَكَتِفْ) وَيَدٍ، وَلَوْ زَائِدَةً وَقَلْبٍ (وَشَعْرِهَا) وَسِنِّهَا وَظُفْرِهَا (وَدَمِهَا) وَشَحْمِهَا، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُلْغَى، وَتَبْعِيضُهُ مُتَعَذِّرٌ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَتَبَعَّضُ فِي حُكْمِ النِّكَاحِ، فَوَجَبَ تَعْمِيمُهُ.

وَأَلْحَقَ الْمُتَوَلِّي بِدَمِهَا رُطُوبَةَ بَدَنِهَا، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْجُزْءِ ثُمَّ يَسْرِي كَمَا فِي الْعِتْقِ وَقِيلَ: إيقَاعُهُ عَلَى الْجُزْءِ إيقَاعٌ عَلَى الْجَمِيعِ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْجُزْءِ عَنْ الْكُلِّ، وَاحْتَجَّ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَيَدُك طَالِقٌ ثُمَّ قُطِعَتْ يَدُهَا ثُمَّ دَخَلَتْ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ كَمَا سَيَأْتِي، (لَا) إنْ صُرِفَ إلَى (فَضْلَهْ) مِنْهَا كَرِيقٍ وَعَرَقٍ وَبَلْغَمٍ وَمُرَّةٍ وَمَنِيٍّ وَلَبَنٍ، فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَّصِلَةٍ اتِّصَالَ خِلْقَةٍ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا وَالْمَنِيِّ وَاللَّبَنِ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُمَا دَمًا، فَقَدْ تَهَيَّأَ لِلْخُرُوجِ بِالِاسْتِحَالَةِ كَالْبَوْلِ، (وَمَا بِذَاتٍ) أَيْ وَلَا إنْ صُرِفَ إلَى مَا هُوَ (قَائِمٌ) بِذَاتٍ أَيْ عُضْوٍ (فِي الْجُمْلَهْ) أَيْ: جُمْلَتِهَا كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْكَلَامِ وَالْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ وَالْحُسْنِ وَالْقُبْحِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ جُزْءًا مِنْ بَدَنِهَا وَلَا قِوَامًا لَهُ. وَقَوْلُهُ: وَمَا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَا) إنْ صُرِفَ (لِمَفْقُودٍ) مِنْهَا كَيَدِهَا الْمَقْطُوعَةِ (وَلَوْ) كَانَ الْفَقْدُ (مِنْ بَعْدِ مَا عَلَّقَ زَوْجٌ) الطَّلَاقَ لِفُقْدَانِ الْمُضَافِ إلَيْهِ الَّذِي يَسْرِي مِنْهُ الطَّلَاقُ إلَى الْبَاقِي، كَمَا فِي الْعِتْقِ، وَلَوْ قَالَ: نَفَسُك بِفَتْحِ الْفَاءِ أَوْ اسْمُك طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ قَالَ الْمُتَوَلِّي إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالِاسْمِ ذَاتَهَا فَتَطْلُقُ.

(وَالْوُقُوعُ) لِلطَّلَاقِ (لَزِمَا فِي) قَوْلِهِ: أَنْت (طَالِقٌ فِي رَجَبٍ) مَثَلًا (إذَا اسْتَهَلْ) لِتَحَقُّقِ الِاسْمِ بِأَوَّلِ جُزْئِهِ، وَالْمُعَلَّقُ بِالشَّيْءِ يَقَعُ مُقْتَرِنًا بِأَوَّلِهِ كَمَا فِي دُخُولِ الْبَيْتِ وَغَيْرِهِ، هَذَا إذَا اسْتَهَلَّ بِبَلَدِ التَّعْلِيقِ فَلَوْ عَلَّقَ بِبَلَدٍ وَانْتَقَلَ إلَى أُخْرَى وَرُئِيَ فِيهَا الْهِلَالُ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يُرَ فِي تِلْكَ، فَالِاعْتِبَارُ بِبَلَدِ التَّعْلِيقِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (وَ) لَزِمَ فِي قَوْلِهِ: أَنْت طَالِقٌ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْبَغَوِيّ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ مِنْ نَاطِقٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالْعِبَارَةِ، وَقَوْلُهُ: لِلْأَخْرَسِ مُتَعَلِّقٌ بِالْإِشَارَةِ (قَوْلُهُ فَهُوَ مَفْهُومٌ لِكُلِّ أَحَدٍ) فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرُ تَفْسِيرِهِ بِغَيْرِ الطَّلَاقِ إلَّا بِقَرِينَةٍ. (قَوْلُهُ وَكَذَا غَيْرُ الْمَفْهُومِ) أَيْ مُطْلَقًا بِأَنْ لَمْ يَفْهَمْهَا أَحَدٌ، وَعِبَارَةُ الشِّهَابِ: وَلَوْ لَمْ يَفْهَمْهَا أَحَدٌ فَكِنَايَةٌ أَيْضًا كَمَا بَحَثَهُ الْمُصَنِّفُ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ، وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ فِي الْإِسْعَادِ حَجَرٌ، إذْ لَا يَقْصِدُ بِهَا الْإِفْهَامَ، فَلَوْ قَالَ مَنْ لَهُ امْرَأَتَانِ: امْرَأَتِي طَالِقٌ مُشِيرًا لِإِحْدَاهُمَا وَقَالَ: أَرَدْت الْأُخْرَى قُبِلَ مِنْهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَلَا يَلْزَمُهُ بِالْإِشَارَةِ شَيْءٌ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ إنْ أَرَادَ الرُّوحَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَوْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. وَمَا نَقَلَهُ عَنْ التَّهْذِيبِ جَزَمَ بِهِ الرَّوْضُ وَكَتَبَ أَيْضًا أَيْ: بِخِلَافِ مَا إذَا أَرَادَ الْمَعْنَى الْقَائِمَ بِالْإِنْسَانِ أَوْ أَطْلَقَ بِرّ. وَعَدَمُ الْوُقُوعِ فِي الْإِطْلَاقِ بَيَّنَ الزَّرْكَشِيّ أَنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالتَّهْذِيبِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ وَشَحْمِهَا) وَكَذَا سِمَنُهَا كَمَا فِي الرَّوْضِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ خِلَافًا لِمَا فِي الرَّوْضَةِ م ر. (قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فَرْضُ الْكَلَامِ فِي هَذَا الْمَبْحَثِ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ، فَلَوْ قَصَدَ التَّجَوُّزَ وَاسْتِعْمَالَ اللَّفْظِ الَّذِي أَتَى بِهِ فِي الْجُمْلَةِ مَجَازًا، فَلَا يَبْعُدُ الْوُقُوعُ، وَإِنْ كَانَ مَدْلُولُ ذَلِكَ اللَّفْظِ فَضْلَةً أَوْ مَعْنًى حَيْثُ تَحَقَّقَتْ الْعَلَاقَةُ، بَلْ وَإِنْ فَقَدَ مَدْلُولَهُ، إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ التَّجَوُّزِ وُجُودُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ. سم. (قَوْلُهُ لِفُقْدَانِ الْمُضَافِ إلَيْهِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَصَوَّرَ الرُّويَانِيُّ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا فَقَدَتْ يَمِينَهَا مِنْ الْكَتِفِ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْمَقْطُوعَةِ مِنْ الْكَفِّ أَوْ مِنْ الْمَرْفِقِ اهـ.

(قَوْلُهُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ) وَلَعَلَّهُ إذَا اخْتَلَفَ الْمَطْلَعُ (فَرْعٌ) تُطْلَقُ فِي الْعُرْفِ الْآنَ لَيْلَةُ غَدٍ عَلَى اللَّيْلَةِ التَّالِيَةِ لَهُ، وَحَقِيقَتُهَا اللَّيْلَةُ السَّابِقَةُ عَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ مَثَلًا: إنْ بِتِّ فِي هَذَا الْبَيْتِ لَيْلَةَ غَدٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ شَيْئًا عُمِلَ بِهِ، وَإِنْ أَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى لَيْلَتِهِ السَّابِقَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا حَقِيقَةُ لَيْلَتِهِ حَتَّى لَوْ وَقَعَ التَّعْلِيقُ فِيهَا، وَقَدْ أَطْلَقَ فَالْعِبْرَةُ بِبَاقِيهَا م ر.

(فَرْعٌ) وَقَعَ السُّؤَالُ عَمَّنْ حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا فِي هَذَا الْمَكَانِ مُدَّةَ عُمُرِهِ، فَهَلْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ الْفِعْلُ فِي جَمِيعِ الْعُمُرِ، فَلَا يَحْنَثُ بِالْفِعْلِ فِي بَعْضِهِ أَوْ الْفِعْلِ مُطْلَقًا فِي أَيِّ جُزْءٍ مِنْ عُمُرِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ. وَقِيَاسُ النَّظَائِرِ الْأَوَّلُ. م ر.

ــ

[حاشية الشربيني]

[فَرْعٌ قَالَ كُلُّ مَا أَمْلِكُهُ حَرَامٌ عَلَيَّ وَلَهُ زَوْجَاتٌ وَإِمَاءٌ]

قَوْلُهُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ) بِأَنْ حَلَفَ، وَهُوَ نَاطِقٌ أَمَّا إنْ حَلَفَ، وَهُوَ أَخْرَسُ فَفِي ظَنِّي أَنَّهُ يَحْنَثُ بِإِشَارَتِهِ فَحَرِّرْهُ.

ص: 256

(يَوْمَ الِاثْنَيْنِ بِفَجْرِهِ) إذَا (مَثَلْ) أَيْ: ظَهَرَ وَاتَّصَلَ بِوَجْهِ الْأَرْضِ يُقَالُ: مَثَلَ الشَّيْءُ أَيْ لَطَا بِالْأَرْضِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْمًا لِمَا يُضْرَبُ بِهِ مِنْ الْأَمْثَالِ بِجَعْلِهِ رَاجِعًا إلَى الْيَوْمِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ: يَوْمَ الِاثْنَيْنِ مَثَلًا وَوَقَفَ عَلَيْهِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ، فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ فِي رَجَبٍ أَوْ يَوْمَ كَذَا وَسَطَهُ أَوْ آخِرَهُ، لَمْ يُقْبَلْ وَيَدِيَنْ، وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ فِي رَجَبٍ، وَهُوَ فِيهِ وَقَعَ حَالًّا، (وَ) فِي قَوْلِهِ: أَنْت (طَالِقٌ آخِرَ أَوْ سَلْخَ رَجَبْ) مَثَلًا (فِي آخِرِ الْجُزْءِ مِنْ الشَّهْرِ وَجَبْ) أَيْ: لَزِمَ الْوُقُوعُ فِي آخِرِ الْجُزْءِ مِنْ شَهْرِ رَجَبٍ؛ لِأَنَّهُ الْآخِرُ الْمُطْلَقُ وَالسَّابِقُ لِلْفَهْمِ، وَاسْمُ السَّلْخِ يَقَعُ عَلَيْهِ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ الطَّلَاقُ، وَلَزِمَ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (أَوَّلَ آخِرَ رَجَبٍ) بِإِدْغَامِ الرَّاءِ فِي الرَّاءِ (أَوْ) أَوَّلَ آخِرَ (صَفَرِ أَوْ غَيْرِهِ) مِنْ الْأَشْهُرِ (أَوَّلَ يَوْمِ آخِرِ) مِنْ ذَلِكَ الشَّهْرِ، وَهُوَ أَوَّلُ طُلُوعِ فَجْرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ آخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ، (وَ) لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ (آخِرَ الْأَوَّلِ) مِنْ رَجَبٍ مَثَلًا (فَالتَّطْلِيقُ آخِرَ يَوْمِ أَوَّلٍ يَلِيقُ) أَيْ يُعَلَّقُ أَوْ يُلْصَقُ بِآخِرِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ رَجَبٍ، وَهُوَ غُرُوبُ شَمْسِهِ.

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ: هَذَا الْأَمْرُ لَا يَلِيقُ بِك أَيْ لَا يُعَلَّقُ بِك، وَفُلَانٌ لَا يَلِيقُ دِرْهَمًا أَيْ: لَا يُمْسِكُهُ وَلَا يُلْصَقُ بِهِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ فِي مُنْتَصَفِ الْيَوْمِ وَقَعَ عِنْدَ الزَّوَالِ؛ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْيَوْمُ يُحْسَبُ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ شَرْعًا، وَنِصْفُهُ الْأَوَّلُ أَطْوَلُ، ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ

(وَ) لَزِمَ فِي قَوْلِهِ: أَنْت طَالِقٌ (لَيْلَةَ الْقَدْرِ إذَا تَنَجَّزَا) أَيْ انْقَضَى (لَيْلَاتُ عَشْرٍ آخِرٍ) مِنْ رَمَضَانَ، إنْ قَالَهُ قَبْلَ مُضِيِّ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِيِ الْعَشْرِ، وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ إلَى مُضِيِّ سَنَةٍ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَحَقَّقُ مُضِيُّ لَيَالِيِ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ بَعْدَ حَلِفِهِ، كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَفِي تَعْبِيرِهِ فِي الشِّقَّيْنِ تَجَوُّزٌ أَمَّا الْأَوَّلُ؛ فَلِأَنَّهَا تَطْلُقُ فِي أَوَّلِ اللَّيْلَةِ الْأَخِيرَةِ مِنْ الْعَشْرِ لِصِدْقِ اسْمِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ بِهِ، وَلَا يُتَوَقَّفُ عَلَى مُضِيِّ جَمِيعِ اللَّيَالِيِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ قَدْ يُعَلَّقُ فِي آخِرِ الْيَوْمِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ مَثَلًا، فَيَقَعُ فِي أَوَّلِ لَيْلَتِهِ مِنْ رَمَضَانَ الثَّانِي، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى سَنَةٍ كَامِلَةٍ.

نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ النَّوَوِيُّ. وَمَا قَالَهُ فِي الثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَالَهُ: مِنْ أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ تَلْزَمُ لَيْلَةً بِعَيْنِهَا، وَأَمَّا عَلَى مَا اخْتَارَهُ مِنْ أَنَّهَا تَنْتَقِلُ، فَلَا تَطْلُقُ إلَّا فِي أَوَّلِ لَيْلَةِ آخِرِ رَمَضَانَ الثَّانِي، وَالتَّجَوُّزُ الْأَوَّلُ لَازِمٌ لِكَلَامِ الْحَاوِي كَمَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ:(تَجَوَّزَا فِي الْقَوْلِ) أَيْ: وَقَدْ تَجَوَّزَ الْحَاوِي فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ لِمَا تَقَرَّرَ، وَقَدْ حَرَّرَهُ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ (قُلْتُ: إنْ تُرِدْ تَحْرِيرَهْ) أَيْ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ فَقُلْ: إنَّ نَصْبَ الْحَاوِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ بِالظَّرْفِيَّةِ (أَوْقَعْتَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ (فِي أَوَّلِ) اللَّيْلَةِ (الْأَخِيرَة، وَإِنْ عَلَى) لَفْظِ (الْأَوَّلِ لَيْلَةً عَطَفْ بِالْجَرِّ) لِيَكُونَ التَّقْدِيرُ: وَلَزِمَ فِي قَوْلِهِ: أَنْت طَالِقٌ آخِرَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، إذَا مَضَى لَيَالِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ (صَحَّ) ذَلِكَ الْقَوْلُ.

(وَالتَّجَوُّزُ) فِيهِ (انْصَرَفْ)، وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ فِي أَفْضَلِ الْأَوْقَاتِ وَقَعَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، أَوْ فِي أَفْضَلِ الْأَيَّامِ فَيَوْمُ عَرَفَةَ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْقَفَّالِ وَأَقَرَّاهُ، أَوْ فِي أَفْضَلِ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ فَيَوْمُ الْجُمُعَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ يَوْمُ عَرَفَةَ كَمَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، أَوْ فِي أَفْضَلِ الشُّهُورِ فَشَهْرُ رَمَضَانَ، فَإِنَّهُ أَفْضَلُهَا كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوَاعِدِهِ وَالنَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ، وَفِي شُعَبِ الْإِيمَانِ لِلْحَلِيمِيِّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«سَيِّدُ الشُّهُورِ رَمَضَانُ» وَوَقَعَ فِي قَوْلِهِ: أَنْت طَالِقٌ (إذَا مَضَى يَوْمٌ بِآخِرِ الْغَدِ) ، إنْ قَالَهُ بِاللَّيْلِ، (وَ) إنْ قَالَهُ (بِالنَّهَارِ) وَقَعَ (مِثْلُ وَقْتٍ اُبْتُدِيَ) فِيهِ مِنْ الْيَوْمِ الثَّانِي، وَإِنْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إذَا مَضَى الْيَوْمُ، فَإِنْ قَالَهُ نَهَارًا وَقَعَ بِغُرُوبِ شَمْسِهِ، وَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ لَحْظَةٌ؛ لِأَنَّهُ عَرَّفَهُ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، أَوْ لَيْلًا فَلَغْوٌ، إذْ لَا نَهَارَ حَتَّى يُحْمَلَ عَلَى الْمَعْهُودِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ وَقَعَ حَالًّا، وَإِنْ قَالَهُ لَيْلًا، فَإِنَّهُ تَسْمِيَةٌ لِلْوَقْتِ

ــ

[حاشية العبادي]

وَأَقُولُ: قَدْ يُقَالُ: بَلْ الْقِيَاسُ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ الْمَنْفِيَّ لِلْعُمُومِ، وَالتَّقْدِيرُ لَا يَكُونُ مَتَى فُعِلَ فِي هَذَا الْمَكَانِ فِي مُدَّةِ عُمُرِي، وَالْحُكْمُ فِي الْعَامِّ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ بِانْفِرَادِهِ، فَكُلُّ مَرَّةٍ مَحْلُوفٌ عَلَيْهَا فَلْيُتَأَمَّلْ سم.

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ وَاتَّصَلَ بِوَجْهِ الْأَرْضِ) لَعَلَّهُ مَعْنَاهُ لُغَةً، وَإِلَّا فَصَرِيحُ كَلَامِهِمْ الْوُقُوعُ بِمُجَرَّدِ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَيَبْعُدُ أَنَّهُ مَتَى طَلَعَ اتَّصَلَ بِوَجْهِ الْأَرْضِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ غُرُوبُ شَمْسِهِ) هَذَا عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ وَقَالَ الْعَلَّامَةُ السَّنْبَاطِيُّ تَطْلُقُ بِآخِرِ لَيْلَةِ أَوَّلِ يَوْمٍ اهـ. ق ل وَمَا نَقَلَهُ السَّنْبَاطِيُّ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: صَوَّبَهُ الشَّاشِيُّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ، وَجَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَغَيْرُهُ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ، وَهُوَ الْأَقْيَسُ اهـ. وَالْأَوَّلُ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ أَيْضًا فَاخْتَلَفَ النَّقْلُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَاخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْضًا

(قَوْلُهُ فَلَغْوٌ إذْ لَا نَهَارَ إلَخْ) وَالْحَمْلُ عَلَى الْجِنْسِ مُتَعَذِّرٌ لِاقْتِضَائِهِ التَّعْلِيقَ بِفَرَاغِ أَيَّامِ الدُّنْيَا، وَلَمْ يُحْمَلْ عَلَى الْمَجَازِ لِتَعَذُّرِ الْحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْحَمْلِ عَلَى الْمَجَازِ فِي التَّعَالِيقِ وَنَحْوِهَا قَصْدُ الْمُتَكَلِّمِ لَهُ أَوْ قَرِينَةٌ خَارِجِيَّةٌ تُفِيدُهُ، وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا اهـ. م ر. وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُحْمَلْ عَلَى الْمَجَازِ بِأَنْ يُرَادَ بِالْيَوْمِ مُطْلَقُ الْوَقْتِ، وَقَوْلُهُ أَوْ قَرِينَةٌ خَارِجِيَّةٌ تُفِيدُهُ أَيْ فَيُحْمَلُ

ص: 257

بِغَيْرِ اسْمِهِ لَا تَعْلِيقٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: الشَّهْرُ أَوْ السَّنَةُ.

(وَ) وَقَعَ فِي قَوْلِهِ: أَنْت طَالِقٌ (بِمُضِيِّ الْعَامِ مَتْلُوَّ صَفَرْ) أَيْ الْمُحَرَّمِ أَيْ أَوَّلِهِ، وَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ لَحْظَةٌ

(وَ) وَقَعَ فِي قَوْلِهِ: أَنْت طَالِقٌ بِمُضِيِّ (سَنَةٍ بِأَشْهُرِ) أَيْ بِمُضِيِّ أَشْهُرٍ (اثْنَيْ عَشَرْ) مِنْ التَّعْلِيقِ، وَيُكْمَلُ الْمُنْكَسِرُ ثَلَاثِينَ إنْ عَلَّقَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ كَمَا مَرَّ فِي السِّلْمِ، وَلَوْ ادَّعَى إرَادَةَ السَّنَةِ الْفَارِسِيَّةِ أَوْ الرُّومِيَّةِ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا لِتُهْمَةِ التَّأْخِيرِ.

(وَ) لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ (قَبْلَ مَوْتِ ذَا بِشَهْرٍ فَهَلَكْ) ذَا (عَنْ فَوْقِهِ) ، أَيْ بَعْدَ فَوْقِ شَهْرٍ مِنْ أَثْنَاءِ التَّلَفُّظِ (قَبْلُ بِشَهْرٍ بَانَ لَكْ) أَيْ بَانَ لَك وُقُوعُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ، وَتُحْسَبُ الْعِدَّةُ مِنْ حِينَئِذٍ، إذْ مَعْنَاهُ تَعْلِيقُ الْوُقُوعِ بِزَمَنٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْتِ شَهْرٌ، فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ وَاعْتُبِرَتْ الْفَوْقِيَّةُ الصَّادِقَةُ بِآخِرِ التَّلَفُّظِ فَأَكْثَرَ لِيَقَعَ فِيهَا الطَّلَاقُ، فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ شَهْرٍ فَأَقَلَّ مِنْ أَثْنَاءِ التَّلَفُّظ، فَلَا وُقُوعَ لِتَعَذُّرِ وُقُوعِهِ قَبْلَ آخِرِ التَّلَفُّظِ، فَقَوْلُ الشَّيْخَيْنِ: إنَّهُ يَتَبَيَّنُ الْوُقُوعُ بِمَوْتِهِ بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ مِنْ التَّلَفُّظِ أَيْ مِنْ آخِرِهِ، فَيَتَبَيَّنُ وُقُوعُهُ مَعَ الْآخِرِ، إذْ الشَّرْطُ وَالْجَزَاءُ يَتَقَارَنَانِ فِي الْوُجُودِ كَمَا سَيَأْتِي، فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي طَلُقَتْ فِي الْحَالِ، وَإِنْ قَالَ: قُبَلَ بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ أَوْ قُبَيْلَ بِالضَّمِّ وَزِيَادَةِ يَاءٍ، لَا تَطْلُقُ إلَّا فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ فَتْحِ بَاءِ " قُبَلَ " لَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ، وَإِنَّمَا فِيهِ ضَمُّ الْبَاءِ وَسُكُونُهَا، وَلَوْ قَالَ: بَعْدَ قَبْلِ مَوْتِي طَلُقَتْ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ قَبْلِ مَوْتِهِ

وَلَوْ (قَالَ:) أَنْت طَالِقٌ (ثَلَاثًا كُلَّ يَوْمٍ أَوْ) كُلَّ (سَنَهْ وَاحِدَةً) وَقَعَ طَلْقَةٌ (وَاحِدَةٌ فِي) الْحَالَةِ (الرَّاهِنَهْ) فِي الصُّورَتَيْنِ، (وَطَلْقَةٌ) أُخْرَى فِي الْأُولَى (صُبْحَ غَدٍ) ، وَالثَّالِثَةُ صُبْحَ بَعْدِ غَدٍ، (وَ) طَلْقَتَانِ أُخْرَيَانِ فِي الثَّانِيَةِ (أَوَّلَيْ مُحَرَّمَيْنِ) وَاحِدَةٌ: أَوَّلُ الْمُحَرَّمِ الَّذِي يَلِيهِ وَالْأُخْرَى أَوَّلُ الْآخَرِ، وَمَحَلُّهُ فِي صُورَةِ الْيَوْمِ إذَا عَلَّقَ نَهَارًا، فَإِنْ عَلَّقَ لَيْلًا لَمْ يَقَعْ فِي الْحَالِ شَيْءٌ، بَلْ صُبْحَ كُلِّ يَوْمٍ وَاحِدَةٌ مِنْ الثَّلَاثِ.

(قُلْتُ: قَيِّدْهُ) أَنْتَ فِي الصُّورَتَيْنِ (بِشَيْ) أَيْ (بِرَدِّ وَاطٍ) زَوْجَتَهُ بَعْدَ طَلَاقِهَا إلَى نِكَاحِهِ، (أَوْ بِمَدِّ الْأَزْمِنَهْ) أَيْ أَزْمِنَةِ الْعِدَّةِ إلَى وُقُوعِ الطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ، فَلَوْ لَمْ يَطَأْهَا أَوْ وَطِئَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بَعْدَ الْأُولَى، وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ فَقَطْ أَوْ بَعْدَ الثَّانِيَةِ فَثِنْتَانِ (وَإِنْ يَقُلْ: أَرَدْتُ يَوْمًا) فِي صُورَتِهِ (أَوْ سَنَهْ) فِي صُورَتهَا (بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ كُلِّ طَلْقَتَيْنِ، قُبِلَ مِنْهُ بِيَمِينِهِ حَتَّى يُعْتَبَرَ بَعْدَ وُقُوعِ الْأُولَى فِي كُلِّ طَلْقَةٍ مُضِيُّ يَوْمٍ كَامِلٍ وَسَنَةٍ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ مَتْلُوَّ صَفَرٍ) مَتْلُوَّ ظَرْفٌ وَقَعَ الْمُقَدَّرُ، وَقَوْلُهُ أَيْ: أَوَّلَهُ أَيْ: وَقَعَ فِي أَوَّلِهِ، وَقَوْلُهُ: وَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ أَيْ الْعَامُ عِنْدَ التَّعْلِيقِ لَحْظَةٌ.

(قَوْلُهُ بَانَ لَك) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ قَبْلُ. (قَوْلُهُ فَيَتَبَيَّنُ وُقُوعُهُ مَعَ الْآخَرِ) وَإِذَا كَانَ وُقُوعُهُ مَعَ الْآخَرِ، فَالْعِدَّةُ تَعْقُبُ الْآخَرَ؛ لِأَنَّهَا لَا تُقَارِنُ الطَّلَاقَ. (قَوْلُهُ إذْ الشَّرْطُ إلَخْ) وَهُوَ هُنَا الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ الْجَزَاءُ وَهُوَ هُنَا وُقُوعُ الطَّلَاقِ، وَكَتَبَ أَيْضًا كَأَنَّهُ أَرَادَ بِالشَّرْطِ الزَّمَنَ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوْتِ شَهْرٌ، وَبِالْجَزَاءِ الْوُقُوعَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ: إذْ مَعْنَاهُ. إلَخْ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إلَخْ) رَدَّ ابْنُ الْعِمَادِ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْمُهِمَّاتِ بِشَيْءٍ بَحَثَ فِيهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ وَالثَّالِثَةُ إلَخْ) تَرَكَهُ لِفَهْمِهِ مِمَّا ذَكَرَهُ. (قَوْلُهُ أُولَى مُحَرَّمَيْنِ) قَالَ فِي الْإِرْشَادِ: إنْ عَيَّنَ قَصْدَ عَرَبِيَّةٍ اهـ. أَمَّا إذَا أَرَادَ غَيْرَ الْعَرَبِيَّةِ كَالرُّومِيَّةِ فَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهُ، وَإِنْ كَانَ عَرَبِيًّا نَظِيرُ مَا مَرَّ حَجَرٌ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْأُولَى) وَيُتَصَوَّرُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى بِالْوَضْعِ.

(قَوْلُهُ أَوْ سَنَةً) أَيْ مَعَ قَصْدِهِ السِّنِينَ الْعَرَبِيَّةَ حَجَرٌ (قَوْلُهُ قُبِلَ مِنْهُ بِيَمِينِهِ) وَاسْتَشْكَلَ الشَّارِحُ يَعْنِي: الْجَوْجَرِيَّ التَّحْلِيفَ عِنْدَ إرَادَةِ أَنَّ بَيْنَهُمَا يَوْمًا أَوْ سَنَةً وَالْحَمْلَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَيُجَابُ عَنْهُ: بِأَنَّ إرَادَةَ ذَلِكَ تُنَافِي ظَاهِرَ قَوْلِهِ: كُلَّ سَنَةٍ مَعَ قَصْدِهِ السِّنِينَ الْعَرَبِيَّةَ فَحَلَفَ لِأَجْلِ ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُرِدْ الْعَرَبِيَّةَ، وَلَا غَيْرَهَا، وَلَا أَنَّ بَيْنَ كُلَّ طَلْقَتَيْنِ سَنَةً، فَإِنَّ حَمْلَهُ عَلَى ذَلِكَ هُوَ مَعْنَى اللَّفْظِ، فَكَيْفَ يَحْلِفُ عَلَيْهِ؟ وَكَأَنَّ مَنْشَأَ إشْكَالِهِ فَهْمُهُ عَدَمَ تَقْيِيدِ

ــ

[حاشية الشربيني]

اللَّفْظُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْقَرِينَةُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لَهُ اهـ. ع ش. لَكِنَّ عُلَمَاءَ الْبَيَانِ اشْتَرَطُوا فِي صِحَّةِ التَّجَوُّزِ الْقَصْدَ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي كُتُبِ الْبَيَانِ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْمَجَازِ الْمَعْنَى الَّذِي يَصِحُّ التَّجَوُّزُ فِيهِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا) إلَّا إنْ كَانَ بِبِلَادِ الرُّومِ أَوْ الْفُرْسِ فَيَنْبَغِي قَبُولُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ إلَخْ) وَلَوْ قَالَ: بِآخِرِ يَوْمِ مَوْتِي لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ كَمَا لَوْ قَالَ: بِمَوْتِي ق ل ثُمَّ إنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّرْحِ لَا يُمْنَعُ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ كَمَا فِي ق ل أَيْضًا.

(قَوْلُهُ سَنَةٍ) أَيْ عَرَبِيَّةٍ بِأَنْ أَرَادَ ذَلِكَ، فَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ الْعَرَبِيَّةِ كَأَنْ أَرَادَ سَنَةً رُومِيَّةً عُمِلَ بِمُقْتَضَاهُ، فَيَقَعُ طَلْقَةٌ الْآنَ وَأَوَّلَ كُلِّ سَنَةٍ رُومِيَّةٍ طَلْقَةٌ، فَإِنْ أَرَادَ سَنَةً رُومِيَّةً بَيْنَ كُلِّ طَلْقَتَيْنِ قِيلَ: بِيَمِينِهِ. (قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يَطَأْهَا) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ بِرَدِّ وَاطٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ يَقُلْ إلَخْ) جَوَابُهُ مَعَ مَا بَعْدَهُ فَلْيُقْبَلْ الْآتِي (قَوْلُهُ

ص: 258

كَامِلَةٍ.

وَتَقْيِيدُهُ هَذَا بِإِرَادَةِ سَنَةٍ بَيْنَهُمَا فِي صُورَتِهَا يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ، فِيمَا إذَا لَمْ يُرِدْهَا بَيْنَ إرَادَةِ السِّنِينَ الْعَرَبِيَّةِ وَالْإِطْلَاقِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ صُورَةُ الْإِطْلَاقِ مُلْحَقَةٌ بِمَا إذَا أَرَادَ سَنَةً بَيْنَهُمَا، وَكَلَامُ الْحَاوِي فِيهَا مُتَدَافِعٌ، فَإِنَّهُ قَيَّدَ أَوَّلًا بِإِرَادَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَثَانِيًا بِإِرَادَةِ سَنَةٍ، وَذِكْرُهُمَا ثَلَاثًا وَوَاحِدَةً إيضَاحٌ (وَ) إنْ يَقُلْ فِي قَوْلِهِ:(طَالِقٌ إحْدَاكُمَا) أَوْ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي (لِزَوْجَةٍ) لَهُ (وَغَيْرِهَا) ، كُنْت (مُكَلِّمَا) بِهِ (لِغَيْرِ عِرْسِي) قُبِلَ مِنْهُ بِيَمِينِهِ لِاحْتِمَالِهِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ لِأُمِّ زَوْجَتِهِ: بِنْتك طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت بِنْتَهَا الَّتِي لَيْسَتْ زَوْجَتِي، فَيُقْبَلُ مِنْهُ بِيَمِينِهِ، نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْقَفَّالِ وَأَقَرَّاهُ، وَالْمُرَادُ بِغَيْرِهَا امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ، وَإِلَّا فَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لِزَوْجَتِهِ وَرَجُلٍ أَوْ دَابَّةٍ ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت الرَّجُلَ أَوْ الدَّابَّةَ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ، وَلَوْ قَالَ: زَيْنَبُ طَالِقٌ، وَاسْمُ زَوْجَتِهِ زَيْنَبُ وَقَالَ: أَرَدْت فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةَ، وَاسْمُهَا زَيْنَبُ لَمْ يُقْبَلْ وَيَدِينُ.

وَفَارَقَتْ مَسْأَلَتُنَا بِأَنَّ إحْدَاكُمَا تَتَنَاوَلُهُمَا تَنَاوُلًا وَاحِدًا، وَلَمْ يُصَرِّحْ بِاسْمِ زَوْجَتِهِ وَلَا بِمَا يَقُومُ مَقَامَهُ وَفِي تِلْكَ صَرَّحَ بِاسْمِهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُطَلِّقُهَا لَا غَيْرَهَا، (وَبِشَهْرٍ أَوَّلِ) أَيْ: وَإِنْ يَقُلْ أَرَدْت بِقَوْلِي: أَنْتِ طَالِقٌ فِي الشَّهْرِ الْمَاضِي طَلْقَةً (رَجْعِيَّةً أَوْقَعْتُهَا) فِيهِ رَاجَعْتهَا، أَوْ هِيَ الْآنَ مُعْتَدَّةٌ أَوْ بَائِنٌ (فَلْيُقْبَلْ) مِنْهُ بِيَمِينِهِ، وَتَكُونُ عِدَّتُهَا مِنْ الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ إنْ صَدَّقَتْهُ، وَمِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ إنْ كَذَّبَتْهُ.

(وَ) إنْ يَقُلْ: أَرَدْت بِهِ طَلَاقًا (بَائِنًا) وَقَعَ مِنِّي فِي الْمَاضِي ثُمَّ جَدَّدْت الْعَقْدَ، (وَمِنْ سِوًى) بِالتَّنْوِينِ أَيْ أَوْ وَقَعَ مِنْ غَيْرِي فَلْيُقْبَلْ مِنْهُ بِيَمِينِهِ، (إنْ عُلِمَا ذَاكَ) أَيْ الطَّلَاقَ فِي الصُّورَتَيْنِ مَعَ نِكَاحِهِ، بِأَنْ عُرِفَ أَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ، وَيُخَالِفُ مَا مَرَّ حَيْثُ لَمْ يُحْتَجْ فِيهِ إلَى الْعِلْمِ بِذَلِكَ لِاعْتِرَافِهِ ثَمَّ بِطَلَاقٍ فِي هَذَا النِّكَاحِ، وَهُنَا أَرَادَ صَرْفَهُ عَنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَيُحْكَمْ بِطَلَاقِهَا فِي الْحَالِ، كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ.

وَنُقِلَ فِيهِ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِهِ، وَاقْتُصِرَ فِي الْكَبِيرِ عَلَى بَحْثِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ إلَيْهِ، وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ فِي الرَّوْضَةِ وَالْأَوَّلُ نَقَلَهُ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيِّ عَنْ الْأَصْحَابِ

(وَ) لَوْ قَالَ: (إنْ طَلَّقْتُهَا أَوْ كُلَّمَا) طَلَّقْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ (فَطَلَّقَ) وَقَعَ (اثْنَتَانِ) . إحْدَاهُمَا: بِالتَّنْجِيزِ وَالْأُخْرَى: بِالتَّعْلِيقِ وَلَا تَقَعُ الثَّالِثَةُ فِي كُلَّمَا؛ لِأَنَّ الصِّفَةَ، وَهِيَ التَّطْلِيقُ لَمْ تَتَكَرَّرْ، إذْ الطَّلْقَةُ الثَّانِيَةُ وُقُوعٌ لَا تَطْلِيقٌ، وَلَوْ قَالَ: مَا أَرَدْت التَّعْلِيقَ، بَلْ أَرَدْت أَنِّي كُلَّمَا طَلَّقْتهَا تَكُونُ مُطَلَّقَةً بِتِلْكَ الطَّلْقَةِ، لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا وَيَدِينُ، فَلَوْ طَلَّقَهَا نَائِبُهُ لَمْ يَقَعْ الْمُعَلَّقُ كَمَا أَفْهَمهُ قَوْلُ النَّظْمِ: فَطَلَّقَ؛ لِأَنَّهُ مَا طَلَّقَ وَإِنَّمَا طَلَّقَ نَائِبُهُ (بَلْ إنْ اخْتَلَعْ أَوْ كَانَ) التَّطْلِيقُ (قَبْلَ الْوَطْءِ) فَقُلْ (طَلْقَةً) فَقَطْ (تَقَعْ) ، وَهِيَ الْمُنَجَّزَةُ لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ بِهَا، وَامْتِنَاعُ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ لَيْسَ لِتَأَخُّرِ الْجَزَاءِ عَنْ الشَّرْطِ، إذْ الصَّحِيحُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ تَقَارُنُهُمَا فِي الْوُجُودِ كَالْعِلَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ وَمَعْلُولِهَا، وَالتَّأَخُّرُ إنَّمَا هُوَ بِالرُّتْبَةِ، بَلْ امْتِنَاعُهُ لِلتَّنَافِي بَيْنَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ، إذْ الْبَيْنُونَةُ الْحَاصِلَةُ بِالشَّرْطِ تُنَافِي وُقُوعَ الْمُعَلَّقِ بِهِ، وَيُخَالِفُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ لَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ: أَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ فِيهِ بِهِمَا، وَلَيْسَتْ إحْدَاهُمَا مُنْفَصِلَةً عَنْ الْأُخْرَى.

ــ

[حاشية العبادي]

التَّحْلِيفِ بِمَا إذَا قَصَدَ السِّنِينَ الْعَرَبِيَّةَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِهِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْ: ابْنِ الْمُقْرِي فِي الْإِرْشَادِ، حَيْثُ فَرَّعَ دَعْوَاهُ الْإِرَادَةَ عَنْ قَصْدِ ذَلِكَ حَجَرٌ (قَوْلُهُ وَالْإِطْلَاقِ) الْمَفْهُومُ مِنْ مُقَابَلَتِهِ لِإِرَادَةِ السِّنِينَ الْعَرَبِيَّةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ عَدَمُ إرَادَتِهَا، ثُمَّ إنَّ الْغَرَضَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ سَنَةً بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ هَذَا مُرَتَّبٌ عَلَى قَوْلِهِ: فِيمَا إذَا لَمْ يُرِدْهَا، فَصَارَ حَاصِلُ الْمُرَادِ فِي الْإِطْلَاقِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ أَنَّ بَيْنَ كُلِّ طَلْقَتَيْنِ سَنَةً، وَلَا أَرَادَ السِّنِينَ الْعَرَبِيَّةَ أَيْ، وَلَا غَيْرَهَا. (قَوْلُهُ إيضَاحٌ) أَيْ: وَإِلَّا فَيَكْفِي أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ طَالِقٌ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ سَنَةٍ وَالْحُكْمُ مَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ) أَوْ أَمَةٌ أَوْ مَنْكُوحَةٌ لَهُ فَاسِدًا. (قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ) هَلْ يَدِينُ؟ (قَوْلُهُ وَقَالَ: أَرَدْت فُلَانَةَ الْأَجْنَبِيَّةَ) نَعَمْ، لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَجْنَبِيَّةُ مُطَلَّقَةً وَادَّعَى إرَادَةَ الْإِخْبَارِ بِطَلَاقِهَا قُبِلَ ظَاهِرًا، وهُوَ مَحْمَلُ مَا وَقَعَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ م ر.

(قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ وَيَدِينُ) نَعَمْ، يُتَّجَهُ قَبُولُ إرَادَتِهِ لِمُطَلَّقَةٍ لَهُ أَوْ مَنْكُوحَةٍ لَهُ فَاسِدًا اسْمُهَا زَيْنَبُ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَيْ الْإِرْشَادِ فِي مَسْأَلَةِ إحْدَاكُمَا الْوُقُوعُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِمَا إذَا لَمْ تَطْلُقْ الْأَجْنَبِيَّةُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِلَّا لَمْ تَطْلُقْ زَوْجَتُهُ لِصِدْقِ الْكَلَامِ عَلَيْهِمَا صِدْقًا وَاحِدًا، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ الزَّوْجِيَّةِ، وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِعَتِيقٍ لَهُ وَلِآخَرَ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ لَمْ يَقْتَضِ ذَلِكَ عِتْقَ الْآخَرِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ مَسْأَلَتُنَا) أَيْ مَسْأَلَةُ الْمَتْنِ حَيْثُ قُبِلَ مِنْهَا. (قَوْلُهُ وَفِي تِلْكَ) أَيْ: زَيْنَبُ طَالِقٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ قَوْلُهُ: وَقَعَ مِنِّي فِي الْمَاضِي إلَخْ وَمِنْ سِوًى. (قَوْلُهُ وَيُخَالِفُ مَا مَرَّ) أَيْ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً أَوْقَعْتهَا فِيهِ. (قَوْلُهُ تُنَافِي إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: إنَّمَا تُنَافِيهِ، وَلَوْ اخْتَلَفَ زَمَانُهُمَا.

ــ

[حاشية الشربيني]

قَيَّدَ أَوَّلًا) أَيْ حَيْثُ قَالَ: إنْ عَنَى الْعَرَبِيَّةَ (قَوْلُهُ وَثَانِيًا) أَيْ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ يَقُلْ أَرَدْت يَوْمًا أَوْ سَنَةً بَيْنَهُمَا وَيُمْكِنُ

ص: 259

وَالْمُنَجَّزُ مُنْفَصِلٌ عَنْ الْمُعَلَّقِ

، (وَ) لَوْ قَالَ: أَنْت (طَالِقٌ إنْ لَمْ أُطَلِّقْكِ) وَلَمْ يُطَلِّقْهَا (مَضَى) أَيْ الطَّلَاقُ أَيْ وَقَعَ عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْهُ، وَذَلِكَ (قُبَيْلَ مَوْتٍ) لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ، (وَ) قُبَيْلَ (جُنُونِ مَنْ قَضَى فِيهِ) أَيْ زَوْجٍ مَاتَ فِي جُنُونِهِ لِانْسِلَابِ أَهْلِيَّةِ التَّكْلِيفِ بِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَحْصُلْ الْيَأْسُ بِمُجَرَّدِ جُنُونِهِ لِاحْتِمَالِ الْإِفَاقَةِ وَالتَّطْلِيقِ بَعْدَهَا، (وَ) قُبَيْلَ (فَسْخٍ) لِلنِّكَاحِ (حَيْثُ) الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ (رَجْعِيٌّ وَمَاتْ) أَحَدُهُمَا (وَلَمْ يُجَدِّدْ) أَيْ: الزَّوْجُ النِّكَاحَ بَعْدَ الْفَسْخِ (مَعَ) إيقَاعِ (بَعْضِ الطَّلَقَاتْ) ، بِأَنْ لَمْ يُجَدِّدْهُ أَوْ جَدَّدَهُ وَلَمْ يُطَلِّقْ، إذْ لَا يُمْكِنُ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ لِفَوْتِ الْمَحَلِّ بِالْفَسْخِ، إنْ لَمْ يُجَدِّدْ وَعَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ إنْ جَدَّدَ، وَلَمْ يُطَلِّقْ فَتَعَيَّنَ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الْفَسْخِ، وَاعْتُبِرَ فِي وُقُوعِهِ قُبَيْلَهُ كَوْنُهُ رَجْعِيًّا لِيُتَصَوَّرَ الْفَسْخُ بَعْدَهُ، إذْ لَوْ كَانَ بَائِنًا لَتَعَذَّرَ وُقُوعُهُ قَبْلَ الْفَسْخِ لِلدَّوْرِ، إذْ لَوْ وَقَعَ لَمْ يَحْصُلْ الْفَسْخُ فَلَمْ يَحْصُلْ الْيَأْسُ فَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ.

أَمَّا إذَا لَمْ يَمُتْ أَحَدُهُمَا أَوْ مَاتَ بَعْدَ التَّجْدِيدِ ثُمَّ الطَّلَاقِ، فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلِجَوَازِ التَّجْدِيدِ وَالطَّلَاقِ بَعْدَهُ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ الْيَأْسُ، وَأَمَّا الثَّانِي: فَلِأَنَّ الْبِرَّ وَالْحِنْثَ لَا يَخْتَصَّانِ بِحَالِ النِّكَاحِ، وَلِهَذَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ فِي حَالِ الْبَيْنُونَةِ. قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالتَّعْبِيرُ بِقُبَيْلَ غَيْرُ مُحَرَّرٍ وَالصَّوَابُ وُقُوعُهُ إذَا بَقِيَ مَا لَا يَسَعُ التَّطْلِيقَ، نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ اهـ. وَفِي مَعْنَى التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ التَّطْلِيقِ التَّعْلِيقُ بِنَفْيِ غَيْرِهِ كَالضَّرْبِ، إلَّا أَنَّ الْجُنُونَ لَا يُوجِبُ الْيَأْسَ، وَإِنْ اتَّصَلَ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّ ضَرْبَ الْمَجْنُونِ كَضَرْبِ الْعَاقِلِ، فَلَوْ أَبَانَهَا وَاسْتَمَرَّتْ الْبَيْنُونَةُ إلَى الْمَوْتِ وَلَمْ يَتَّفِقْ ضَرْبٌ، لَمْ يُحْكَمْ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ ضَرْبَهَا فِي حَالِ الْبَيْنُونَةِ مُمْكِنٌ وَتَنْحَلُّ بِهِ الصِّفَةُ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ فِي حَالِ الْبَيْنُونَةِ قَالَهُ الشَّيْخَانِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَكَلَامُهُمَا يُوهِمُ أَنَّهُ إذَا أَبَانَهَا وَلَمْ يَضْرِبْهَا حَتَّى مَاتَ أَحَدُهُمَا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ مَاتَ فِي جُنُونِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَكَالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ وَالْخَرَسِ الَّذِي لَا كِتَابَةَ لِصَاحِبِهِ، وَلَا إشَارَةَ مُفْهِمَةٌ اهـ. (قَوْلُهُ لِلدَّوْرِ) مُحَصِّلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَائِنًا يَلْغُو وَيَنْفُذُ الْفَسْخُ، صُرِّحَ بِذَلِكَ فِي مَتْنِ الرَّوْضِ بِرّ. (قَوْلُهُ وَالْحِنْثِ) يُتَأَمَّلْ هَذَا. (قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَى التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ التَّطْلِيقِ إلَخْ) هَذَا التَّقْرِيرُ وَالتَّفْصِيلُ الْمَذْكُورَانِ فِي هَذَا الْمَقَامِ إنَّمَا يَأْتِيَانِ عَلَى الْمَرْجُوحِ مِنْ عَوْدِ الصِّفَةِ، أَمَّا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَالْبَيْنُونَةُ مَانِعَةٌ مِنْ الْوُقُوعِ مُطْلَقًا م ر. (قَوْلُهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ عَدَمِ عَوْد الْحِنْثِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَ الْمُعَلَّقُ بَائِنًا أَوْ رَجْعِيًّا، وَمِنْ هُنَا يَظْهَرُ: أَنَّ الْمَقْصِدَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ قُبَيْلً الْفَسْخِ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لِوُجُودِ الْبَيْنُونَةِ، إذْ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ وَالْبَيْنُونَةِ بِالطَّلَاقِ، وَهِيَ مَانِعَةٌ مِنْ الْوُقُوعِ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ، وَمَا فِي الْمَتْنِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَرْجُوحِ م ر. أَقُولُ: لَا يَبْعُدُ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ مَا ذُكِرَ أَنْ يُفْصَلَ فِي مَسْأَلَةِ ابْنِ الرِّفْعَةِ بَيْنَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَالْبَائِنِ حَتَّى يَقَعَ الرَّجْعِيُّ قُبَيْلَ الْخُلْعِ، وَوُقُوعُ الرَّجْعِيِّ لَيْسَ مِنْ بَابِ عَوْدِ الْحِنْثِ، بَلْ هُوَ لِتَفْوِيتِ الْبِرِّ مَعَ إمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخُلْعِ سم.

ــ

[حاشية الشربيني]

إرْجَاعُ الضَّمِيرِ فِي يَقُلْ لِمَنْ عَنَى الْعَرَبِيَّةَ، وَمِثْلُهَا غَيْرُهَا فَخَرَجَ مَنْ لَمْ يَعْنِ عَرَبِيَّةً وَلَا غَيْرَهَا، سَوَاءٌ قَالَ: أَرَدْت سَنَةً بَيْنَهُمَا أَوْ أَطْلَقْت، فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ سَنَةٍ كَامِلَةٍ وَيُقْبَلُ ذَلِكَ بِلَا يَمِينٍ، وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ فَحَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ بَعِيدٌ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ وَقَصَدَ عَرَبِيَّةً فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَعَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ) وَقِيلَ: يَعُودُ وَلَا يَقَعُ إلَى قُبَيْلِ الْمَوْتِ إنْ لَمْ يُطَلِّقْ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَمَعْنَى عَوْدِ الْحِنْثِ: أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ عِنْدَ الْيَأْسِ ثُمَّ يَحْصُلُ الْحِنْثُ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي. (قَوْلُهُ وَالْحِنْثَ) رَاجِعْهُ، إلَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ بَعْدَ الْفِرَاقِ مَا يُؤْثِرُ الْوُقُوعَ قَبْلَهُ اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ فَيُقَالُ: إنَّ مُرَادَهُ أَنَّ مَا بِهِ الْبِرُّ وَالْحِنْثُ لَا يَخْتَصُّ وُجُودُهُ بِحَالِ النِّكَاحِ، أَمَّا مَا بِهِ الْبِرُّ فَهُوَ مَا ذَكَرَهُ، وَأَمَّا مَا بِهِ الْحِنْثُ فَكَمَا لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ فَسَخَ نِكَاحَهَا وَلَمْ تَدْخُلْ إلَى الْمَوْتِ، فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْفَسْخِ، وَمِثْلُ فَسْخِ نِكَاحِهَا مَا لَوْ مَاتَ هُوَ فَلَمْ تَدْخُلْ حَتَّى مَاتَتْ، فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ وُقُوعُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا إذَا دَخَلَتْ لَا وُقُوعَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْبِرَّ لَا يَخْتَصُّ بِحَالِ النِّكَاحِ قَالَهُ سم فِيمَا لَوْ مَاتَ هُوَ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ، وَاسْتَبْعَدَهُ بج بِانْحِلَالِ الْعِصْمَةِ بِالْمَوْتِ، وَفِيهِ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ الْبِرُّ أَوْ الْحِنْثُ حَالَ الْحَيَاةِ، فَلَا اسْتِبْعَادَ تَدَبَّرْ. وَيُبْنَى عَلَى هَذَا الْأَيْمَانُ وَالتَّعَالِيقُ.

(قَوْلُهُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ فِي حَالِ الْبَيْنُونَةِ) أَيْ فِي نَحْوِ إنْ لَمْ تَدْخُلِي هَذَا الْبَيْتَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ فَسَخَ بِعَيْبِهَا مَثَلًا ثُمَّ دَخَلَتْ ثُمَّ جَدَّدَ نِكَاحَهَا، فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ الْمُعَلَّقُ، إذَا لَمْ تَدْخُلْ بَعْدَ تَجْدِيدِ النِّكَاحِ إلَى الْمَوْتِ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِالدُّخُولِ حَالَ الْبَيْنُونَةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ) إلَى آخِرِ نَقْلِهِ عَنْ الشَّارِحِ فِي تَحْرِيرِهِ قَالَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: إنَّهُ إذَا لَمْ يَضُرَّ بِهَا حَتَّى مَاتَ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ عَقِبَ ذَلِكَ، وَإِنْ زَعَمَ الْإِسْنَوِيُّ خِلَافَهُ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعَوْدَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ هُنَا مُمْكِنٌ فَلِمَ يَفُتُ الْبِرُّ بِاخْتِيَارِهِ، بِخِلَافِهِ ثُمَّ أَيْ فِي تَلَفِ مَا حَلَفَ أَنَّهُ يَأْكُلُهُ غَدًا، وَمِثْلُهُ حَجَرٌ وَقَالَ سم عَلَى التُّحْفَةِ: إنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ هُوَ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ وَقَعَ قُبَيْلَ الْبَيْنُونَةِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ مَسْأَلَةِ الْفَسْخِ، وَهُوَ مُرَادُ الْإِسْنَوِيِّ، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ لَمْ يَقَعْ، وَهُوَ مُرَادُ الشَّيْخَيْنِ لَكِنَّهُ نَقَلَ فِي حَاشِيَتِهِ هُنَا الْجَزْمَ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ مُطْلَقًا عَنْ م ر، وَأَنَّ مَا فِي الْمُصَنِّفِ وَالشَّرْحِ كُلَّهُ ضَعِيفٌ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ يُوهِمُ إلَخْ) بَلْ هُوَ صَرِيحٌ فِيهِ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْحُكْمِ بِهِ قَبْلَهَا مَبْنِيٌّ

ص: 260

وَهُوَ غَلَطٌ، وَالصَّوَابُ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الْبَيْنُونَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا عَقِبَ ذَلِكَ، وَصُرِّحَ بِهِ فِي الْبَسِيطِ.

قَالَ الشَّارِحُ فِي تَحْرِيرِهِ: وَيُوَافِقُهُ مِنْ حَيْثُ الْمُدْرَكِ مَا صَحَّحُوهُ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّ هَذَا الرَّغِيفَ غَدًا، فَتَلِفَ فِي الْغَدِ بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَكْلِهِ مِنْ أَنَّهُ يَحْنَثُ قَالَا أَعْنِي الشَّيْخَيْنِ: وَعُرُوضُ الطَّلَاقِ فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ الضَّرْبِ وَنَحْوِهِ كَعُرُوضِ الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخِ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَبْقَى مِنْ الطَّلَاقِ عَدَدٌ يُمْكِنُ فَرْضُهُ مُسْتَنِدًا إلَى قُبَيْلِ الطَّلَاقِ، وَأَمَّا فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ التَّطْلِيقِ، فَإِنَّمَا يُفْرَضُ فِيهِ الْبَيْنُونَةُ بِالِانْفِسَاخِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا بَطَلَتْ الصِّفَةُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا، وَيُمْكِنُ أَنْ يُفْرَضَ فِي طَلَاقِ الْوَكِيلِ، فَإِنَّهُ لَا يُفَوِّتُ الصِّفَةَ.

فَرْعَانِ: لَوْ سَرَقَتْ مِنْهُ دِينَارًا فَقَالَ: إنْ لَمْ تَرُدِّيهِ عَلَيَّ فَأَنْت طَالِقٌ، وَقَدْ أَنْفَقَتْهُ لَمْ يَقَعْ إلَى الْيَأْسِ، فَإِنْ تَلِفَ الدِّينَارُ وَهُمَا حَيَّان لَمْ تَطْلُقْ كَالْمُكْرَهِ وَالنَّاسِي، نَعَمْ إنْ تَلِفَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَهُوَ غَلَطٌ، وَالصَّوَابُ وُقُوعُهُ قُبَيْلَ الْبَيْنُونَةِ) قَدْ يُقَالُ: بَلْ الْغَلَطُ هُوَ هَذَا، وَالصَّوَابُ عَدَمُ وُقُوعِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ تُخَلِّصُ مِنْ الْيَمِينِ وَتَمْنَعُ الْوُقُوعَ، إذَا كَانَتْ الصِّيغَةُ إنْ لَمْ، كَمَا حَرَّرَهُ السُّبْكِيُّ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَسْأَلَةِ ابْنِ الرِّفْعَةِ، وَقَضِيَّةُ هَذَا: أَنَّ الصَّوَابَ عَدَمُ الْوُقُوعِ أَيْضًا مُطْلَقًا فِي مَسْأَلَةِ الْفَسْخِ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ الْمَتْنُ بِقَوْلِهِ: وَفَسْخٍ حَيْثُ رَجْعِيٌّ إلَخْ لِوُجُودِ الْبَيْنُونَةِ بِالْفَسْخِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَخُصَّ كَوْنَ الْبَيْنُونَةِ مُخَلِّصَةً مَانِعَةً مِنْ الْوُقُوعِ بِمَا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ بَائِنًا، فَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا لَمْ تَدْفَعْهُ الْبَيْنُونَةُ بِفَسْخٍ أَوْ غَيْرِهِ، بَلْ يَقَعُ قُبَيْلَهَا فَلْيُتَأَمَّلْ، فَإِنَّ هَذَا مُنَافِرٌ كُلَّ التَّنَافُرِ لِقَوْلِ الشَّيْخَيْنِ الْآتِي فِي الْفَرْعِ الْآتِي لِلشَّارِحِ، وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تَخْرُجِي اللَّيْلَةَ إلَخْ، فَإِنَّ الطَّلَاقَ فِي هَذَا التَّعْلِيقِ رَجْعِيٌّ، وَقَدْ حَكَمَا بِأَنَّ الْخُلْعَ مُخَلِّصٌ مِنْهُ، لَكِنَّهُ صَوَّرَهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ فِي فَصْلٍ قَالَ: إنْ ابْتَلَعْت شَيْئًا فَأَنْت طَالِقٌ، بِمَا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ بَائِنًا ثُمَّ حَكَى مَسْأَلَةَ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَقَوْلُهُ فِيهَا: إنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ يُنْتَظَرُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى انْقَضَتْ طَلُقَتْ قُبَيْلَ الْخُلْعِ، وَبَطَلَ الْخُلْعُ، وَعَقَبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ، إنْ كَانَ رَجْعِيًّا صَحَّ الْخُلْعُ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ إنَّهُ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ بَائِنًا كَمَا مَثَّلْنَا لَزِمَ أَنْ لَا يَصِحَّ الْخُلْعُ كَمَا قَالَ، لَكِنْ لَا يَصِحُّ قَوْلُهُ: إنَّهَا تَطْلُقُ قَبْلَ الْخُلْعِ لِبَقَائِهَا مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ مَعَ عَدَمِ الْيَأْسِ مِنْ الْخُرُوجِ حِينَئِذٍ، فَيَلْزَمُ أَنْ لَا تَطْلُقَ إلَّا قُبَيْلَ الْفَجْرِ، وَحَاصِلُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ ذَلِكَ مَفْرُوضٌ فِي الْبَائِنِ، وَأَنَّ وُقُوعَهُ قَبْلَ الْخُلْعِ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ وُقُوعِهِ، فَلَا يَقَعُ لِلدَّوْرِ وَيَصِحُّ الْخُلْعُ، إذْ لَا مَانِعَ اهـ.

نَعَمْ اعْتِرَاضُهُ عَلَى ابْنِ الرِّفْعَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فِي مُدَّةِ كَذَا الَّذِي هُوَ صُورَةُ مَسْأَلَةِ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَبَيْنَ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا الَّذِي هُوَ صُورَةُ مَسْأَلَتِنَا، فَالْعُمْدَةُ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا كَمَا حَقَّقَهُ السُّبْكِيُّ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ قَوْلَهُمَا الْآتِيَ وَعُورِضَ إلَخْ. (قَوْلُهُ كَعُرُوضِ الْفَسْخِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّشْبِيهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ الْعَارِضُ بَائِنًا وَوُجِدَتْ الصِّفَةُ وَقَعَ الْمُعَلَّقُ قُبَيْلَ الْبَيْنُونَةِ إنْ كَانَ رَجْعِيًّا، وَإِلَّا لَغَا فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ لَمْ يَقَعْ إلَى الْيَأْسِ) مَفْهُومُهُ الْوُقُوعُ بِالْيَأْسِ أَيْ مَعَ التَّمَكُّنِ؛ لِأَنَّهُ حَلِفٌ. (قَوْلُهُ لَمْ تَطْلُقْ كَالْمُكْرَهِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

عَلَى عَدَمِ وُقُوعِهِ قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ فَتَلِفَ فِي الْغَدِ) أَمَّا لَوْ تَلِفَ قَبْلَ الْغَدِ، وَلَوْ بِإِتْلَافِهِ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَذَا إذَا تَلِفَ فِيهِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ لَا بِإِتْلَافِهِ لِعَدَمِ التَّقْصِيرِ حِينَئِذٍ، فَإِنْ أَتْلَفَهُ فِيهِ أَوْ تَلِفَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ حِنْث مِنْ حِينِ التَّلَفِ، إذْ لَا مَعْنَى لِانْتِظَارِ مُضِيِّ الْغَدِ مَعَ تَحَقُّقِ الْيَأْسِ، وَلَوْ خَالَعَ هُنَا بَعْدَ التَّمَكُّنِ وَلَمْ يَفْعَلْ إلَى مُضِيِّ الْغَدِ لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ الْبَاجِّي وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالْخَطِيبِ وَغَيْرِهِمْ، وَحَنِثَ عِنْدَ م ر وَز ي تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ لِتَفْوِيتِهِ الْبِرَّ بِاخْتِيَارِهِ.

(قَوْلُهُ وَعُرُوضُ الطَّلَاقِ كَالْخُلْعِ)

ص: 261

مِنْ الرَّدِّ طَلُقَتْ، وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تَخْرُجِي اللَّيْلَةَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ، فَخَالَعَ مَعَ أَجْنَبِيٍّ فِي اللَّيْلِ وَجَدَّدَ النِّكَاحَ وَلَمْ تَخْرُجْ لَمْ تَطْلُقْ، كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّاهُ.

(تَنْبِيهٌ) دَخَلَ فِي عَرُوضِ الْبَيْتِ الْمَذْكُورِ وَضَرْبِهِ التَّذْيِيلُ، وَهُوَ زِيَادَةُ حَرْفٍ سَاكِنٍ عَلَى وَتِدٍ مَجْمُوعٍ فِي آخِرِ الْجُزْءِ، (وَبَعْدَ لَحْظٍ) أَيْ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ فِيمَا ذُكِرَ بَعْدَ لَحْظَةٍ يُمْكِنُ فِيهَا أَنْ يُطَلِّقَ، وَلَمْ يُطَلِّقْ (إنْ تَنُبْ عَنْ إنْ إذَا) بِأَنْ قَالَ: إذَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْت طَالِقٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ إنْ حَرْفُ شَرْطٍ لَا إشْعَارَ لَهُ بِالزَّمَانِ، وَإِذَا ظَرْفُ زَمَانٍ كَمَتَى فِي التَّنَاوُلِ لِلْأَوْقَاتِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا قِيلَ: مَتَى أَلْقَاك صَحَّ أَنْ تَقُولَ: مَتَى شِئْت أَوْ إذَا شِئْت وَلَا يَصِحُّ إنْ شِئْت، فَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ أُطَلِّقْك مَعْنَاهُ إنْ فَاتَنِي تَطْلِيقُك، وَفَوَاتُهُ بِالْيَأْسِ. وَقَوْلُهُ: إذَا لَمْ أُطَلِّقْك مَعْنَاهُ أَيْ وَقْتٌ فَاتَنِي فِيهِ التَّطْلِيقُ، وَفَوَاتُهُ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يَتَأَتَّى فِيهِ التَّطْلِيقُ وَلَمْ يُطَلِّقْ، وَكَذَا فِيمَا ذُكِرَ مَتَى وَنَحْوُهَا كَمَا عُرِفَ مِنْ الْفَرْقِ السَّابِقِ.

(وَ) يَقَعُ فِي قَوْلِهِ: أَنْت طَالِقٌ (بَعْدَ حِينٍ وَإِلَى) أَيْ أَوْ إلَى (حِينِ كَذَا) أَيْ بَعْدَ لَحْظَةٍ (وَ) كَذَا فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ أَوْ إلَى (زَمَنٍ) لِمَا مَرَّ فِي إذَا، (لَا) إنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ أَوْ إلَى (حُقْبٍ أَوْ عَصْرٍ وَلَا) بَعْدَ، أَوْ إلَى (دَهْرٍ)، وَذِكْرُ الدَّهْرِ مِنْ زِيَادَتِهِ (فَذَا) أَيْ الْمَذْكُورُ فِي الثَّلَاثَةِ (كَبَعْدَ مَوْتِي جُعِلَا) أَيْ: جُعِلَ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ مَوْتِي، فَلَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ الْحَالِفَ لَا يَبْقَى إلَى انْقِرَاضِ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ بِنَاءً عَلَى مَا فَسَّرَ بِهِ الْإِمَامُ الْعَصْرَ: مِنْ أَنَّهُ زَمَنٌ طَوِيلٌ يَحْوِي أُمَمًا وَيَنْقَرِضُ بِانْقِرَاضِهِمْ، وَفِي مَعْنَاهُ الْحُقْبُ وَالدَّهْرُ.

وَالْحُكْمُ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ الْمَأْخُوذِ مِمَّا زَادَهُ بِقَوْلِهِ: فَذَا إلَى آخِرِهِ تَبِعَ فِيهِ كَشَيْخِهِ الْبَازِرِيِّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ فِي تَفْسِيرِ الْعَصْرِ الْمُلْحَقِ بِهِ الْآخَرَانِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْحَاوِي أَنَّهُ لَا يَقَعُ بَعْدَ لَحْظَةٍ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ أَصْلًا، كَمَا أَفْصَحَ بِهِ النَّاظِمُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَقَعُ بَعْدَ انْقِرَاضِ مَا ذُكِرَ بِنَاءً عَلَى تَفْسِيرِ الْحُقْبِ الْمُلْحَقِ بِهِ الْآخَرَانِ بِثَمَانِينَ سَنَةً أَوْ بِثَلَاثِينَ سَنَةً، وَالْمَنْقُولُ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَقَعُ بَعْدَ لَحْظَةٍ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَيْضًا عَنْهُمْ فِي الْحُقْبِ وَالْعَصْرِ ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ بَعِيدٌ لَا وَجْهَ لَهُ أَيْ لِمُنَافَاتِهِ مُقْتَضَى التَّفَاسِيرِ السَّابِقَةِ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا بُعْدَ، فَقَدْ فَسَّرَ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ الْحُقْبَ وَالْعَصْرَ بِالدَّهْرِ وَالدَّهْرَ بِالزَّمَنِ، وَأَمَّا الْحُقْبُ بِضَمِّ الْقَافِ فَهُوَ ثَمَانُونَ سَنَةً، وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ، وَوَقَعَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ مَا يُخَالِفُ كَلَامَ الْجَوْهَرِيِّ فُرُوعٌ. لَوْ قَالَ: إنْ تَرَكْت طَلَاقَك فَأَنْت طَالِقٌ فَلَمْ يُطَلِّقْهَا فِي الْحَالِ طَلُقَتْ، فَلَوْ طَلَّقَهَا فِي الْحَالِ ثُمَّ سَكَتَ لَمْ تَقَعْ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ طَلَاقَهَا، وَلَوْ قَالَ: إنْ سَكَتُّ عَنْ طَلَاقِك فَأَنْت طَالِقٌ فَلَمْ يُطَلِّقْهَا فِي الْحَالِ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ، فَلَوْ طَلَّقَهَا فِي الْحَالِ ثُمَّ سَكَتَ وَقَعَتْ أُخْرَى لِسُكُوتِهِ، وَانْحَلَّتْ يَمِينُهُ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَالْفَرْقُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ: أَنَّهُ فِي الْأُولَى عَلَّقَ عَلَى التَّرْكِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى السُّكُوتِ، وَقَدْ وُجِدَ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ: سَكَتَ عَنْ طَلَاقِهَا، وَإِنْ لَمْ يَسْكُتْ أَوَّلًا، وَلَا يَصِحَّ أَنْ يُقَالَ: تَرَكَ طَلَاقَهَا إذَا لَمْ يَتْرُكْهُ أَوَّلًا، وَلَوْ قَالَ: كُلَّمَا سَكَتُّ عَنْ طَلَاقِك أَوْ كُلَّمَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْت طَالِقٌ، وَمَضَتْ ثَلَاثَةُ أَوْقَاتٍ تَسَعُ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ بِلَا تَطْلِيقٍ وَقَعَ الثَّلَاثُ

(وَ) فِي قَوْلِهِ: زَوْجَتِي (طَالِقٌ إنْ كَلَّمَتْ) زَيْدًا (إنْ دَخَلَتْ) دَارِهِ مَثَلًا، يَقَعُ الطَّلَاقُ (إنْ أَوَّلًا بَعْدَ أَخِيرٍ فَعَلَتْ) بِأَنْ دَخَلَتْ ثُمَّ كَلَّمَتْ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ شَرْطٌ لِلْأَوَّلِ، فَهُوَ تَعْلِيقٌ لِلتَّعْلِيقِ، وَيُسَمَّى اعْتِرَاضَ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي} [هود: 34]

ــ

[حاشية العبادي]

هَذَا يَدُلُّ عَلَى حَمْلِ مَا صَدَرَ عَلَى الْحَلِفِ دُونَ مُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ. (قَوْلُهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: ثَلَاثًا ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ تَقْيِيدَهُ بِالْبَائِنِ هُوَ حَاصِلُ كَلَامِ الْأَصْحَاب. (قَوْلُهُ لَمْ تَطْلُقْ) أَيْ: إنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ بَائِنًا، وَإِلَّا طَلُقَتْ قُبَيْلَ الْخُلْعِ أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْفَسْخِ السَّابِقِ عَلَى مَا فِيهَا مِمَّا عُلِمَ مِنْ الْهَامِشِ. (قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ: إذَا لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْت طَالِقٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ، وَإِنْ قَالَ: أَرَدْت بِإِذَا مَعْنَى إنْ قُبِلَ ظَاهِرًا اهـ. وَعَلَّلَهُ فِي شَرْحِهِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ يُقَامُ مَقَامَ الْآخَرِ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَإِنْ أَرَادَ بِإِنْ مَعْنَى إذَا قُبِلَ؛ لِأَنَّهُ أَغْلَطُ، وَإِنْ أَرَادَ بِغَيْرِهَا أَيْ: بِغَيْرِ إنْ وَقْتًا مُعَيَّنًا دِينَ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ) قَدْ يُقَالُ: بَلْ الْكَلَامُ فِيهِ أَيْضًا لِصِدْقِهِ بِاللَّحْظَةِ، فَإِنَّهَا أَزْمَانٌ. اهـ. م ر.

(قَوْلُهُ وَطَالِقٌ إنْ كَلَّمَتْ، إنْ دَخَلَتْ إلَخْ) كَلَامُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ تَأْخِيرَ الْجَزَاءِ عَنْ الشَّرْطَيْنِ وَتَقْدِيمَهُ عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ، فَيُشْتَرَطُ فِيهِمَا فِعْلُ الْأَخِيرِ أَوَّلًا. (قَوْلُهُ إنْ أَوَّلًا بَعْدَ أَخِيرٍ فَعَلَتْ) فَلَوْ فَعَلَتْ الْأَوَّلَ أَوَّلًا ثُمَّ الثَّانِيَ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تَخْرُجِي إلَخْ) هَذَا الْفَرْعُ مُقْتَضَاهُ عَدَمُ الْوَقْعِ فِي مَسْأَلَةِ التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ الضَّرْبِ إذَا أَبَانَهَا، وَلَمْ يَقَعْ ضَرْبٌ إلَى الْمَوْتِ كَمَا سَبَقَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ.

(قَوْلُهُ وَالْمَنْقُولُ عَنْ الْأَصْحَابِ إلَخْ)

ص: 262

الْآيَةَ أَيْ: إنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ فَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي، إنْ أَرَدْت أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ، فَلَوْ كَلَّمَتْ ثُمَّ دَخَلَتْ أَوْ وُجِدَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا فَقَطْ، فَلَا وُقُوعَ، وَالتَّعْلِيقُ بِإِنْ فِي الشَّرْطَيْنِ مِثَالٌ، فَغَيْرُهَا مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ مِثْلُهَا، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَدَاةُ، فَلَوْ وَسَّطَ الْجَزَاءَ فَقَالَ: إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: فَيُحْتَمَلُ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالدُّخُولِ إذَا كَلَّمَتْ، وَيُحْتَمَل عَكْسُهُ فَيُرَاجَعُ وَيُعْمَلُ بِتَفْسِيرِهِ.

قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بَعْدَ كَلَامِهِ عَلَى تَعْلِيقِ التَّعْلِيقِ: قَالَ أَصْحَابُنَا: هَذَا فِي حَقِّ الْعَارِفِ، فَإِنْ كَانَ عَامِّيًّا فَعَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ.

(وَطَالِقٌ إنْ كُنْتِ حَامِلًا ذَكَرْ) بِنَصْبِ ذَكَرٍ، وَالْوَقْفِ عَلَيْهِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ (وَاحِدَةً) بِالنَّصْبِ بِطَالِقٍ، (وَالضِّعْفَ لِلْأُنْثَى ذَكَرْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ وَفِي قَوْلِهِ: إنْ كُنْت حَامِلًا بِذَكَرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً وَاحِدَةً، وَإِنْ كُنْت حَامِلًا بِأُنْثَى فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ، (فَوَلَدَتْهُمَا) أَيْ: الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى يَقَعُ كُلُّ الطَّلَاقِ لِتَبَيُّنِ وُجُودِ الصِّفَتَيْنِ، وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالْوِلَادَةِ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ مِنْ حِينِ التَّلَفُّظِ، فَلَوْ وَلَدَتْ ذَكَرًا وَقَعَ طَلْقَةٌ أَوْ أُنْثَى فَطَلْقَتَانِ أَوْ خُنْثَى فَوَاحِدَةٌ، وَتُوقَفُ الْأُخْرَى إلَى الْبَيَانِ

(وَ) فِي قَوْلِهِ زَوْجَتِي طَالِقٌ (كُلَّمَا وَقَعْ) مِنِّي (طَلَاقُهَا، فَطَلَّقَ) رَجْعِيًّا (الْكُلُّ) أَيْ كُلَّ الطَّلَاقِ (يَقَعْ) ، لِاقْتِضَاءِ كُلَّمَا التَّكْرَارَ، فَيَقَعُ بِوُقُوعِ الْأُولَى طَلْقَةً ثَانِيَةً وَبِوُقُوعِ الثَّانِيَةِ ثَالِثَةً، فَقَوْلُهُ الْكُلَّ يَقَعُ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا تَقَرَّرَ، (لَا) فِي قَوْلِهِ (إنْ يَكُنْ حَمْلُك ذَا) أَيْ ذَكَرًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً، (أَوْ تَا) أَيْ أُنْثَى، فَأَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ فَوَلَدَتْهُمَا، (فَمَا) يَقَعُ (شَيْءٌ) ؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ اللَّفْظِ كَوْنُ جَمِيعِ الْحَمْلِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَلَمْ يُوجَدْ.

وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِك ذَا أَوَتَا، (وَ) فِي قَوْلِهِ: أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً (إنْ وَلَدْتِ) ذَكَرًا وَطَلْقَتَيْنِ إنْ وَلَدَتْ أُنْثَى، (إنْ تَلِدْهُمَا مَعًا) يَقَعْ (ثَلَاثٌ) لِوُجُودِ الصِّفَتَيْنِ، وَهِيَ زَوْجَةٌ وَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ، فَلَوْ وَلَدَتْ أَوَّلًا الذَّكَرَ طَلُقَتْ وَاحِدَةً أَوْ الْأُنْثَى فَثِنْتَيْنِ، وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْمُتَأَخِّرِ، وَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ لِمُصَادَفَتِهِ الْبَيْنُونَةَ، (وَ) إنْ تَلِدْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ (غُلَامَيْنِ) فَقُلْ:(هُمَا كَالْفَرْدِ) أَيْ كَالْغُلَامِ الْوَاحِدِ، فَيَقَعُ طَلْقَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِهِ ذَكَرًا الْجِنْسُ، وَإِنْ وَلَدَتْ أُنْثَيَيْنِ فَكَالْأُنْثَى لِذَلِكَ (لَا بِآخِرٍ) أَيْ لَا يَقَعُ بِالْوَلَدِ الْآخَرِ (فِي) قَوْلِهِ:(كُلَّمَا) وَلَدْت وَلَدًا فَأَنْت طَالِقٌ فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ مُتَعَاقِبِينَ، لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِهِ فَيُصَادِفُ الطَّلَاقُ الْبَيْنُونَةَ (كَطَالِقٌ) أَيْ: كَمَا لَا يَقَعُ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ (مَعَ انْقِضَاءِ الْعِدَّهْ) أَوْ مَعَ مَوْتِي لِمُصَادَفَتِهِ الْبَيْنُونَةَ

(وَ) لَوْ قَالَ: (إنْ وَلَدْتِ وَلَدًا فَفَرْدَهْ) أَيْ: فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً (وَ) إنْ وَلَدْت (ذَكَرًا) فَأَنْت طَالِقٌ (ثِنْتَيْنِ نَالَ) الزَّوْجَةَ (الْوَالِدَهْ) أَيْ: الَّتِي وَلَدَتْ (ذَكَرًا الْكُلُّ) أَيْ: كُلَّ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ مَا وَلَدَتْهُ وَلَدٌ وَذَكَرٌ، فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت رَجُلًا فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً، أَوْ فَقِيهًا فَطَلْقَتَيْنِ، فَكَلَّمَتْ رَجُلًا فَقِيهًا يَقَعُ ثَلَاثٌ، (وَ) إنْ وَلَدَتْ (خُنْثَى) وَقَعَ طَلْقَةٌ (وَاحِدَهْ) ، لِلشَّكِّ فِي ذُكُورَتِهِ، وَيُوقَفُ مَا عَدَاهَا إلَى الْبَيَانِ.

(وَ) يَقَعُ الطَّلَاقُ (لِسُعَادَ) أَيْ عَلَيْهَا فِي قَوْلِهِ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ (إنْ تُجِبْ) زَوْجَهَا، (وَ) عَلَى (مَنْ لَا تَطْلُقُ بَائِنًا) أَيْ الرَّجْعِيَّةِ، (وَ) قَدْ (نَادَى) فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (جُمْلَا) بِأَلِفِ الْإِطْلَاقِ، وَهِيَ زَوْجَتُهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَالَ الْمُتَوَلِّي انْحَلَّتْ الْيَمِينُ حَتَّى لَوْ كَلَّمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تَطْلُقْ، وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِمَا لَوْ قَالَ: إنْ خَرَجْت لَابِسَةَ حَرِيرٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَخَرَجَتْ أَوَّلًا غَيْرَ لَابِسَةٍ، فَإِنَّ الْيَمِينَ لَا تَنْحَلُّ بِذَلِكَ، وَقَدْ وَافَقَ الْمُتَوَلِّي عَلَى ذَلِكَ بِرّ. (قَوْلُهُ فَلَا وُقُوعَ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ) لِأَنَّ الْيَمِينَ تَنْعَقِدُ عَلَى الْمَرَّةِ الْأُولَى، كَذَا نَقَلَاهُ عَنْ الْمُتَوَلِّي فِي صُورَةِ: إنْ دَخَلَتْ، إنْ كَلَّمَتْ، وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ حَجَرٌ (قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ.

(فَرْعٌ) قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ، إنْ كَلَّمْت، وَأَرَادَ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِالدُّخُولِ بَعْدَ الْكَلَامِ أَوْ عَكْسَهُ قُبِلَ مِنْهُ مَا أَرَادَ، قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَإِلَّا اُشْتُرِطَ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ التَّدْبِيرِ اهـ. (قَوْلُهُ فَيُرَاجَعُ وَيُعْمَلُ بِتَفْسِيرِهِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ: فَلَوْ أَطْلَقَ أَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ فَعَنْ بَعْضِهِمْ يُجْعَلُ الْمُقَدَّمُ مُقَدَّمًا وَالْمُؤَخَّرُ مُؤَخَّرًا، وَيَطَّرِدُ هَذَا فِي كُلِّ جُزْءٍ تَوَسَّطَ بَيْنَ شَرْطَيْنِ، وَمُسْتَنَدُهُ أَنْ يُقَدَّرَ جَزَاءُ الثَّانِي مَا دَلَّ عَلَى جَزَاءِ الْأَوَّلِ وَكَأَنَّهُ قَالَ: إنْ كَلَّمْت زَيْدًا، فَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ، فَأَنْت طَالِقٌ، وَتُجْعَلُ مَا بَعْدَ الْفَاءِ كَلِمَةُ جُزْءٍ لِلْأَوَّلِ، قَالَ: وَهَذَا أَوْلَى مِنْ أَنْ يُقَدَّرَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ، فَإِنْ كَلَّمْت زَيْدًا، فَأَنْتِ طَالِقٌ لِمَا فِيهِ مِنْ كَثْرَةِ التَّعْبِيرِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ اهـ. وَاعْلَمْ أَنِّي سَلَكْت فِي تَقْرِيرِ مَا فِي الْخَادِمِ عَلَى مَا يُوَافِقُ تَمْثِيلَ الشَّارِحِ أَعْنِي إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ، وَاَلَّذِي فِي الْخَادِمِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا، وَالْخَطْبُ سَهْلٌ بِرّ.

(قَوْلُهُ وَيُعْمَلُ بِتَفْسِيرِهِ) فَإِنْ تَعَذَّرَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ جُعِلَ الْمُتَقَدِّمُ مُقَدَّمًا وَالْمُؤَخَّرُ مُؤَخَّرًا

(قَوْلُهُ بِنَصْبِ ذَكَرٍ) بِنَزْعِ الْخَافِضِ (قَوْلُهُ فَوَلَدَتْهُمَا) أَيْ: وَلَوْ مُرَتَّبًا فِي التَّوْأَمَيْنِ بِرّ.

(قَوْلُهُ إنْ تَلِدْهُمَا مَعًا) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَكَذَا مُتَعَاقِبَيْنِ، إنْ كَانَ بَعْدَهُمَا ثَالِثٌ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ أَيْ: بِأَنْ يَلْحَقَ الزَّوْجَ، وَإِلَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّانِي وَلَمْ تَطْلُقْ بِهِ، فَإِنْ شُكَّ فِي التَّعَاقُبِ فَالْوَاقِعُ طَلْقَةٌ وَالْوَرَعُ تَرْكُهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ اهـ. (قَوْلُهُ مُتَعَاقِبَيْنِ) مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ لَا بِآخَرَ.

ــ

[حاشية الشربيني]

اسْتَوْجَهَهُ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ.

(قَوْلُهُ فَوَلَدَتْهُمَا) أَيْ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا، وَكَانَ مَا بَيْنَهُمَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ اهـ.

ص: 263

الْأُخْرَى، (وَقَالَ) فِي الثَّانِيَةِ:(زَوْجَاتِي أَوْ نِسْوَتِيَا طَوَالِق) بِالصَّرْفِ لِلْوَزْنِ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ خَاطَبَ بِالطَّلَاقِ سُعَادَ دُونَ جَمَلٍ، وَلَا أَثَرَ لِلظَّنِّ الْبَيِّنِ خَطَؤُهُ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ لِوَاحِدَةٍ مِنْ نِسَائِهِ، وَهُوَ يَظُنُّهَا غَيْرَهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا دُونَ الْمَظْنُونَةِ، فَلَوْ قَالَ: عَلِمْت أَنَّهَا سُعَادُ وَقَصَدْت طَلَاقَ جَمَلٍ طَلُقَتْ جَمَلٌ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا؛ لِأَنَّهُ سَمَّاهَا وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ خَاطَبَهَا وَأَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَيْهَا، وَسُعَادَ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ وَاجَهَهَا بِالطَّلَاقِ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ فِي حُكْمِ الزَّوْجَاتِ وَالنِّسَاءِ. (وَأَيُّ عَدٍّ) مِنْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ (نُوِيَا) أَيْ: نَوَاهُ الزَّوْجُ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ بَائِنٌ مَثَلًا (فَذَاكَ) أَيْ: الْمَنْوِيُّ هُوَ الْوَاقِعُ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهُ، سَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا، (لَا إنْ قَالَ: أَنْتِ وَاحِدَهْ بِالنَّصْبِ) وَنَوَى عَدَدًا، فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةً عَمَلًا بِظَاهِرِ اللَّفْظِ، مِنْ أَنَّ وَاحِدَةً صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ: طَلْقَةً وَاحِدَةً، وَالنِّيَّةُ مَعَ مَا لَا يَحْتَمِلُ الْمَنْوِيَّ لَا تُؤَثِّرُ.

(قُلْتُ) تَبِعَ الْحَاوِي فِي ذَلِكَ الْغَزَالِيَّ وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الْمِنْهَاجِ، لَكِنَّ (جُلُّهُمْ مَا سَاعَدَهْ) عَلَيْهِ، بَلْ قَالُوا: بِوُقُوعِ الْمَنْوِيِّ وَصُحِّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ لِاحْتِمَالِ الْحَمْلِ عَلَى وَاحِدَةٍ مُلَفَّقَةٍ مِنْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ، أَوْ عَلَى تَوَحُّدِ الْمَرْأَةِ عَنْ زَوْجِهَا بِمَا نَوَاهُ حَمْلًا لِوَاحِدَةٍ عَلَى أَنَّهَا حَالٌ مُقَدَّرَةٌ، وَصَوَّرَ كَأَصْلِهِ الْمَسْأَلَةَ بِدُونِ لَفْظِ طَالِقٍ، وَإِنْ صَوَّرَهَا بِهِ الرَّافِعِيُّ إشَارَةً إلَى أَنَّ الظَّاهِرَ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ (لَا مَنْ بِكُلٍّ قَاصِدُ التَّوَحُّدِ) أَيْ: لَا مَنْ قَصَدَ بِذَلِكَ تَوَحُّدَهَا مِنْهُ بِكُلِّ الطَّلَاقِ، فَيَقَعُ الْكُلُّ الْمَنْوِيُّ قَطْعًا، وَيَنْصَرِفُ اللَّفْظُ عَنْ ظَاهِرِهِ بِهَذِهِ النِّيَّةِ.

وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِالنَّصْبِ مَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ وَاحِدَةٌ، وَمِثْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةٌ بِالرَّفْعِ فِيهِمَا، فَيَقَعُ الْمَنْوِيُّ حَمْلًا لِوَاحِدَةٍ عَلَى التَّوَحُّدِ عَنْ الزَّوْجِ بِالْعَدَدِ الْمَنْوِيِّ، وَاحْتِمَالُ كَوْنِ وَاحِدَةٍ صِفَةً لِلطَّلَاقِ مُنْتَفٍ هُنَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ: وَالتَّوْجِيهُ وُقُوعُ الْمَنْوِيِّ أَيْضًا بِالْجَرِّ وَالسُّكُونِ، وَيُقَدَّرُ الْجَرُّ بِأَنْتِ ذَاتُ وَاحِدَةٍ، أَوْ يَكُونُ الْمُتَكَلِّمُ لَحَنَ، وَاللَّحْنُ لَا يَمْنَعُ الْحُكْمَ عِنْدَ نَائِبِهِ عَلَى ذَلِكَ فِي الْمُهِمَّاتِ.

(وَ) لَوْ قَالَ: أَنْت (طَالِقٌ بِالْأَمْسِ) وَقَعَ فِي الْحَالِ، سَوَاءٌ أَرَادَ وُقُوعَهُ أَمْسِ أَوْ فِي الْحَالِ، مُسْتَنِدًا إلَى أَمْسِ أَمْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا، أَمْ مَاتَ أَمْ جُنَّ قَبْلَ بَيَانِ الْإِرَادَةِ، أَمْ خَرِسَ وَلَا إشَارَةَ لَهُ مُفْهِمَةٌ لِأَنَّهُ خَاطَبَهَا بِالطَّلَاقِ وَرَبَطَهُ بِمُمْتَنِعٍ فَيَلْغُو الرَّبْطُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ لِلْبِدْعَةِ وَلَا بِدْعَةَ فِي طَلَاقِهَا، أَمَّا لَوْ أَرَادَ طَلَاقَهَا أَوْقَعَهُ أَمْسِ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا، فَقَدْ مَرَّ حُكْمُهُ، وَلَوْ جَمَعَ أَحْوَالَ الْمَسْأَلَةِ كَانَ أَوْلَى مِنْ تَفْرِيقِهَا، حَتَّى ظُنَّ فِي كَلَامِهِ بِتَفْرِيقِهَا تَكْرَارٌ أَوْ تَنَاقُضٌ، (أَوْ) قَالَ نَهَارًا: أَنْتِ طَالِقٌ (أَمْسِ غَدِ أَوْ غَدَ أَمْسِ) بِالْإِضَافَةِ فِيهِمَا وَقَعَ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ أَمْسِ غَدٍ وَغَدَ أَمْسٍ هُوَ الْيَوْمُ، وَإِنْ قَالَهُ لَيْلًا وَقَعَ حَالًّا فِي الْأُولَى وَغَدًا فِي الثَّانِيَةِ، فَإِنْ لَمْ يُضِفْهُ بِأَنْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ أَمْسِ غَدًا أَوْ غَدًا أَمْسِ، وَقَعَ صَبِيحَةَ الْغَدِ وَلَغَا ذِكْرُ أَمْسِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِالْغَدِ بِالْأَمْسِ، وَلَا يُمْكِنُ الْوُقُوعُ فِيهِمَا وَلَا الْوُقُوعُ فِي أَمْسِ، فَتَعَيَّنَ الْوُقُوعُ فِي الْغَدِ لِإِمْكَانِهِ.

وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ غَدًا وَقَعَ فِي الْحَالِ، وَلَا يَقَعُ شَيْءٌ فِي الْغَدِ؛ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ الْيَوْمَ طَالِقٌ غَدًا، فَإِنْ أَرَادَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا طَلْقَةً أَوْ نِصْفَ طَلْقَةٍ، وَقَعَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا طَلْقَةٌ مَا لَمْ تَبِنْ بِالْأُولَى، وَلَوْ أَرَادَ نِصْفَ طَلْقَةٍ الْيَوْمَ وَنِصْفَهَا غَدًا، لَا يَقَعُ إلَّا طَلْقَةُ الْيَوْمِ؛ لِأَنَّ مَا أَخَّرَهُ تَعَجَّلَ، وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ إذَا جَاءَ الْغَدُ، فَجَاءَ الْغَدُ لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِمَجِيءِ الْغَدِ فَلَا يَقَعُ قَبْلَهُ، وَإِذَا جَاءَ الْغَدُ، فَقَدْ مَضَى الْيَوْمُ الَّذِي جَعَلَهُ مَحَلًّا لِلْإِيقَاعِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ السَّاعَةَ إذَا دَخَلْت الدَّارَ، نَقَلَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَبَاطِنًا) كَيْفَ ذَلِكَ مَعَ احْتِمَالِ كَذِبِهِ فِيمَا قَالَهُ؟ ، (قَوْلُهُ لَكِنَّ جُلَّهُمْ مَا سَاعَدَهْ) وَلَوْ قَالَ: ثِنْتَيْنِ وَنَوَى ثَلَاثًا فَفِي التَّوْشِيحِ يَظْهَرُ مَجِيءُ الْخِلَافِ فِيهِ، هَلْ يَقَعُ مَا نَوَاهُ أَوْ ثِنْتَانِ؟ ، اهـ. وَقَدْ يُوَجَّهُ بِاحْتِمَالِ إرَادَةِ أَنَّ إحْدَى الثِّنْتَيْنِ مُلَفَّقَةٌ مِنْ ثِنْتَيْنِ. (قَوْلُهُ أَوْ ثَلَاثٍ) بِهَذَا مَعَ قَوْلِهِ الْأَتْيِ قَطْعًا يُعْلَمُ الْفَرْقُ بَيْنَ نِيَّةِ الثَّلَاثِ وَنِيَّةِ التَّوَحُّدِ بِالثَّلَاثِ، حَيْثُ اُخْتُلِفَ فِي الْأَوَّلِ وَقُطِعَ بِالثَّانِي.

(فَرْعٌ) قَالَ: طَلَّقْتُك إنْ دَخَلْت الدَّارَ كَانَ تَعْلِيقًا بِالدُّخُولِ، أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ طَلَّقْتُك كَانَ وَعْدًا، إلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّعْلِيقَ، كَذَا حَقَّقَهُ السُّبْكِيُّ وَرَدَّ مَا وَقَعَ لِلْكِنْدِيِّ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ م ر. (قَوْلُهُ بِمَا نَوَاهُ إلَخْ) بِهَذَا يُجَابُ عَمَّا عَسَاهُ أَنْ يُقَالَ: مِنْ أَنَّهُ لَا يَكْفِي تَقْدِيرُ لَفْظِ الطَّلَاقِ حَتَّى لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَنْت وَتَرَكَ لَفْظَ طَالِقٍ لَمْ يَقَعْ، وَإِنْ قُدِّرَ لَفْظُ طَالِقٍ فَيُجَابُ: بِأَنَّهُ وُجِدَ هُنَا مَا يَقُومُ مَقَامَ لَفْظِ الطَّلَاقِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ، وَهُوَ وَاحِدَةٌ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ إشَارَةً إلَى) مُتَعَلِّقٌ بِصَوَّرَ. (قَوْلُهُ لَا مَنْ بِكُلٍّ) هُوَ وَقَوْلُهُ قَاصِدٌ التَّوَحُّدَ صِلَةُ مَنْ. (قَوْلُهُ قَطْعًا) اُنْظُرْ وَجْهَ الْقَطْعِ. (قَوْلُهُ وَيُقَدَّرُ الْجَرُّ بِأَنْتِ ذَاتُ وَاحِدَةٍ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ ذَاتُ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ أَيْ: مُنْفَرِدَةٌ عَنْ الزَّوْجِ.

(قَوْلُهُ أَمْسِ غَدًا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ بِنَاءِ أَمْسِ عَلَى الْكَسْرِ لِإِرَادَتِهِ بِهِ الْيَوْمَ الَّذِي قَبْلَ يَوْمِهِ مُتَّصِلًا بِهِ، وَجَرِّهِ وَتَنْوِينِهِ لِإِرَادَتِهِ بِهِ إمْسَامًا سَابِقًا عَلَى يَوْمِهِ. (قَوْلُهُ وَنِصْفَهَا غَدًا) بِإِضَافَةِ النِّصْفِ إلَى ضَمِيرِ الطَّلْقَةِ الْمُوقَعِ نِصْفُهَا الْيَوْمَ، تُفَارِقُ مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ آنِفًا أَوْ نِصْفَ طَلْقَةٍ فَتَأَمَّلْهُ.

ــ

[حاشية الشربيني]

شَرْحُ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ وَسُعَادُ ظَاهِرًا) أَيْ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَصَدَ الْمُنَادَاةَ صَحَّ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مُسْتَعْمَلًا فِيهَا، وَهُوَ صَالِحٌ أَيْضًا لِلْمُجِيبَةِ فَكَأَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِيهِمَا أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاكِ اهـ. بج. (قَوْلُهُ وَنَوَى عَدَدًا) أَيْ مَعَ نِيَّةِ أَصْلِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ أَنْتِ وَاحِدَةٌ كِنَايَةٌ. (قَوْله وَصَحَّحَهُ إلَخْ) مُعْتَمَد م ر. (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ إلَخْ) فَتَقَعُ الثَّلَاثُ؛ لِأَنَّ لَهُ مَحْمَلًا صَحِيحًا تَصِحُّ إرَادَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ، فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ الْمَعْنَى وَقَعَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ مُسْتَنِدًا إلَى أَمْسِ) يَعْنِي أَنَّ الْحَالَ وَأَمْسِ ظَرْفَانِ لِلْوُقُوعِ، فَيَلْغُو الثَّانِي

ص: 264

الشَّيْخَانِ عَنْ الْبُوشَنْجِيَّ وَأَقَرَّاهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا لَمْ تَدْخُلْ فِي الْحَالِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ غَدًا الْيَوْمَ، لَا يَقَعُ إلَّا فِي الْغَدِ لِتَعَلُّقِ الطَّلَاقِ بِهِ، وَذِكْرُهُ الْيَوْمَ بَعْدَهُ كَتَعْجِيلِ الْمُعَلَّقِ، وَهُوَ لَا يَتَعَجَّلُ، أَوْ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ وَغَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ وَقَعَ فِي الْحَالِ فَقَطْ، إذْ الْمُطَلَّقَةُ الْيَوْمَ مُطَلَّقَةٌ فِيمَا بَعْدَهُ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا وَقَعَ غَدًا؛ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ، وَلَوْ قَالَ: فِي الْيَوْمِ وَفِي غَدٍ وَفِيمَا بَعْدَ غَدٍ وَقَعَ فِي كُلِّ يَوْمٍ طَلْقَةٌ، وَلَوْ قَالَ: فِي اللَّيْلِ وَفِي النَّهَارِ وَقَعَ طَلْقَةٌ بِاللَّيْلِ وَأُخْرَى بِالنَّهَارِ؛ لِأَنَّ الْمَظْرُوفَ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الظَّرْفِ، نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْمُتَوَلِّي ثُمَّ قَالَا، وَلَيْسَ الدَّلِيلُ بِوَاضِحٍ، فَقَدْ يَتَّحِدُ الْمَظْرُوفُ وَيَخْتَلِفُ الظَّرْفُ، وَلَوْ قَالَ: بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا وَاحِدَةً لِاتِّحَادِ الظَّرْفِ. (أَوْ لَهَا الْآنَ ذَكَرْ) أَيْ أَوْ ذَكَرَ لَهَا فِي طَلَاقِهَا لَفْظَ الْآنَ، (ثُمَّ) ذَكَرَ (طَلَاقًا فِي الْمُضِيِّ ذَا أَثَرْ) أَيْ مُؤَثِّرَا، بِأَنْ قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ الْآنَ طَلَاقًا أَثَّرَ فِي الْمَاضِي فَيَقَعُ فِي الْحَالِ وَيَلْغُو قَوْلُهُ: أَثَّرَ فِي الْمَاضِي؛ لِأَنَّهُ مُحَالٌ (أَوْ قَالَ)، وَقَدْ قَالَتْ لَهُ: يَا خَسِيسُ مَثَلًا (إنْ كُنْتُ كَمَا سَمَّيْتِ) أَيْ: وَصَفْت فَأَنْت طَالِقٌ (مُكَافِئًا لَهَا) عَلَى إسْمَاعِهِ مَا يَكْرَهُ، وَقَعَ فِي الْحَالِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِتِلْكَ الصِّفَةِ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ مُغَايَظَتَهَا بِالطَّلَاقِ كَمَا غَايَظَتْهُ بِالشَّتْمِ.

وَخَرَجَ بِمُكَافِئًا لَهَا مَا لَوْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ أَطْلَقَ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ وُجُودُ الصِّفَةِ كَشَأْنِ التَّعْلِيقَاتِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْعَبَّادِيُّ وَالْخَسِيسُ مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَاهُ، وَأَخَسُّ الْأَخِسَّاءِ مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ، قَالَ الشَّيْخَانِ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ: الْخَسِيسُ مَنْ يَتَعَاطَى غَيْرَ لَائِقٍ بِهِ بِخِلَافٍ، فَلَوْ أَشْكَلَ مَعْنَى الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ بِهَا، فَالْأَصْلُ عَدَمُ الْوُقُوعِ، وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ لَهُ: أَنْت مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَقَالَ: إنْ كُنْتَ مِنْ أَهْلِهَا فَأَنْت طَالِقٌ، وَهُوَ مُسْلِمٌ لَمْ يَقَعْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي الظَّاهِرِ، أَوْ كَافِرٌ حُكِمَ بِوُقُوعِهِ، فَإِنْ أَسْلَمَ بَانَ خِلَافُهُ، وَأَنَّهُ لَوْ نُسِبَ إلَى فِعْلِ شَيْءٍ كَالزِّنَا وَاللِّوَاطِ فَقَالَ: مَنْ فَعَلَ هَذَا فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَكَانَ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ، فَإِنَّهُ لَمْ يُوقِعْ طَلَاقًا، وَإِنَّمَا غَرَضُهُ ذَمُّ مَنْ يَفْعَلُهُ وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا: سَرَقْت أَوْ زَنَيْت فَقَالَتْ: لَمْ أَفْعَلْ فَقَالَ: إنْ كُنْت فَعَلْت أَوْ سَرَقْت أَوْ زَنَيْت فَأَنْت طَالِقٌ، حُكِمَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ بِإِقْرَارِهِ السَّابِقِ.

(وَ) لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ (إنْ أَحْيَيْتِ مَيْتًا وَكُلُّ مَا) أَيْ وَسَائِرِ مَا (اسْتَحَالَ عَقْلَا) كَالْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ، وَقَعَ فِي الْحَالِ لِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ فَيَلْغُو التَّعْلِيقُ، كَذَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي.

(وَقَالَ قَوْمٌ وَالْإِمَامُ أَنْ) أَيْ: أَنَّهُ (لَا) وُقُوعَ، وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنَجِّزْهُ وَإِنَّمَا عَلَّقَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ لَا يَقَعُ إلَّا فِي الْغَدِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ قَصَدَ الْوُقُوعَ الْيَوْمَ م ر. (قَوْلُهُ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا وَاحِدَةً) يَنْبَغِي فِي الْحَالِ وَقَوْلُهُ: لِاتِّحَادِ الظَّرْفِ أَيْ: وَهُوَ الْمَجْمُوعُ لِعَدَمِ إعَادَةِ الْعَامِلِ. (قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ) فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ وُجُودُ الصِّفَةِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَإِنْ عَمَّ الْعُرْفُ بِالْمُكَافَأَةِ وَضُبِطَ قُدِّمَ عَلَى الْوَضْعِ عَلَى مَا قَدَّمْته اهـ. وَالظَّاهِرُ: أَنَّ هَذَا فِي حَالَةِ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ: إلَخْ) اُنْظُرْ أَخَسَّ الْأَخِسَّاءِ عَلَى هَذَا. (قَوْلُهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ) شَامِلٌ لِلْمُسْلِمِ الْعَاصِي، بَلْ الْمُصِرِّ عَلَى الْمَعَاصِي وَكَأَنَّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِأَهْلِ النَّارِ الْكَافِرُ، وَقَوْلُهُ: لَمْ يَقَعْ لَعَلَّهُ مَا لَمْ يَقْصِدْ الْمُكَافَأَةَ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي الظَّاهِرِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: فَإِنْ ارْتَدَّ وَمَاتَ مُرْتَدًّا تَبَيَّنَ الْوُقُوعُ. (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا غَرَضُهُ ذَمُّ مَنْ يَفْعَلُهُ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ وَقَعَ

. (قَوْلُهُ أَيْ: وَسَائِرُ) أَيْ بَاقِي مَا اسْتَحَالَ عَقْلًا فَمِنْهُ إنْ أَحْيَيْت مَيِّتًا بِرّ. أَقُولُ: يُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ، وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، هَذَا فِي التَّعْلِيقِ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ، فَلَوْ نَجَّزَ كَأَنْ قَالَ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَتَجْمَعَنَّ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ، أَوْ لَتُحْيِيَنَّ هَذَا الْمَيِّتَ، أَوْ لَتَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ وَقَعَ فِي الْحَالِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضِ كَغَيْرِهِ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ فِي صُوَرٍ مِنْ ذَلِكَ مِنْهَا: أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَيَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ وَحَنِثَ فِي الْحَالِ لِتَحَقُّقِ الْعَجْزِ فِيهِ، وَمِنْهَا مَا لَوْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ مَاءَ هَذَا الْكُوزِ وَكَانَ فَرَاغًا، وَهُوَ عَالِمٌ بِفَرَاغِهِ، أَوْ لَيَقْتُلَنَّ زَيْدًا وَكَانَ مَيِّتًا، وَهُوَ عَالِمٌ بِمَوْتِهِ حَنِثَ فِي الْحَالِ لِتَحَقُّقِ الْعَجْزِ فِيهِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ هُنَاكَ، أَمَّا لَوْ كَانَ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ فَكَانَ فَارِغًا أَوْ مَيِّتًا، فَلَا يَحْنَثُ كَمَا لَوْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ نَاسِيًا اهـ. وَإِنَّمَا لَمْ يُقَيِّدْ مَسْأَلَةَ الصُّعُودِ بِالْعِلْمِ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ مَعْلُومٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.

ــ

[حاشية الشربيني]

لِعَدَمِ إمْكَانِهِ. (قَوْلُهُ الْمَظْرُوفَ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الظَّرْفِ) أَيْ عِنْدَ اسْتِقْلَالِ كُلِّ ظَرْفٍ بِالْمَظْرُوفِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: فِي اللَّيْلِ وَفِي النَّهَارِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَسْتَقِلَّ كَمَا فِي قَوْلِهِ: بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّدْ الظَّرْفُ هُنَا، بَلْ هُوَ ظَرْفٌ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ فَقَدْ يَتَّحِدُ الْمَظْرُوفُ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّ الظَّرْفِيَّةَ عَلَى التَّعَاقُبِ، فَلَيْسَ مَا نَحْنُ فِيهِ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ فَغَيْرُ مُمْكِنٍ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الِاخْتِلَافُ فِي أَبْعَاضِ الظَّرْفِ كَمَا فِي قَوْلِهِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ) كَذَا فِي م ر وَغَيْرِهِ وَبِهِ يُرَدُّ مَا فِي ق ل. مِنْ جَعْلِهِ كَالْمُكَافَأَةِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ أَحْيَيْت مَيِّتًا إلَخْ) هَذَا كُلُّهُ فِي الْإِثْبَاتِ أَمَّا لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تَجْمَعِي بَيْنَ الضِّدَّيْنِ، أَوْ إنْ لَمْ يُنْسَخْ صَوْمُ رَمَضَانَ أَوْ إنْ لَمْ تَصْعَدِي السَّمَاءَ فَيَقَعُ حَالًّا فِي الْجَمِيعِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ سم وَغَيْرُهُ.

(قَوْلُهُ أَيْ وَسَائِرُ إلَخْ) أَيْ بَاقِي وَحَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا رَابِعَ لِأَقْسَامِ الْمُسْتَحِيلِ الثَّلَاثَةِ، فَأَدْخَلَهُ فِي الْمُسْتَحِيلِ عَقْلًا، فَالْمُرَادُ إحْيَاؤُهُ اسْتِقْلَالًا، أَمَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَالْمُسْتَحِيلُ عَادَةً وَسَيَأْتِي، وَقَالَ حَجَرٌ وَم ر: الْمُرَادُ بِإِحْيَاءِ الْمَيِّتِ هُنَا إحْيَاؤُهُ مَعَ مَوْتِهِ حَتَّى يَكُونَ مُسْتَحِيلًا عَقْلًا اهـ. لَكِنْ يَكُونُ هَذَا مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ الْآتِي، فَالْأَوْلَى أَنْ يُرَادَ بِالْإِحْيَاءِ إيجَادُ الْحَيَاةِ اسْتِقْلَالًا فَيَكُونَ خَلْقًا، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ بِأَنَّهُ لَا خَالِقَ

ص: 265

وَلَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ، وَقَدْ يَكُونُ الْغَرَضُ مِنْ التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ امْتِنَاعَ الْوُقُوعِ لِامْتِنَاعِ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ بِهِ كَمَا فِي: قَوْله تَعَالَى {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40](كَمُسْتَحِيلِ الشَّرْعِ) كَأَنْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إنْ نُسِخَ صَوْمُ رَمَضَانَ، فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَقَوْلُهُ: وَكُلُّ مَا إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا) الْمُسْتَحِيلُ فِي (عُرْفِهِمْ) كَقَوْلِهِ: إنْ صَعِدْت السَّمَاءَ أَوْ طِرْت فَأَنْت طَالِقٌ، فَلَا يَقَعُ لِمَا مَرَّ، وَمِثْلُهُ إحْيَاءُ الْمَيِّتِ إذَا أُرِيدَ بِهِ الْمَعْنَى الْمُرَادُ فِي قَوْله تَعَالَى حِكَايَةٍ عَنْ عِيسَى: عليه السلام {وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ} [آل عمران: 49] قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّافِعِيَّ قَدْ صَحَّحَ فِي الْأَيْمَانِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ لَا يَصْعَدُ السَّمَاءَ لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ.

وَقِيَاسُهُ أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ فِي الْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا حَتَّى لَا يَحْنَثَ بِهَا الْحَالِفُ عَلَى الْحَلِفِ، وَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ: الْيَمِينُ إمَّا حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ عَلَى الْحَلِفِ عَلَى الْأَشْيَاءِ الْمُمْكِنَةِ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: بِانْعِقَادِهَا فِي الْمُسْتَحِيلِ عُرْفًا أَوْ شَرْعًا؛ لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ عَقْلًا، وَأَمَّا عَدَمُ انْعِقَادِهَا هُنَاكَ، فَلَيْسَ لِتَعَلُّقِهَا بِالْمُسْتَحِيلِ، بَلْ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْحِنْثِ لَا يُخِلُّ بِتَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ، وَلِهَذَا تَنْعَقِدُ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَيَقْتُلَنَّ فُلَانًا، وَهُوَ مَيِّتٌ مَعَ تَعَلُّقِهَا بِمُسْتَحِيلٍ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْبِرِّ يَهْتِكُ حُرْمَةَ الِاسْمِ فَيُحْوِجُ إلَى التَّكْفِيرِ (وَأَنْ دَخَلْتِهَا وَإِذْ وَأَنْ لَمْ) بِفَتْحِ هَمْزَةِ أَنْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَيْ: وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ أَنْ دَخَلْت الدَّارَ، أَوْ إذْ دَخَلْتهَا، أَوْ أَنْ لَمْ تَدْخُلِيهَا، وَقَعَ فِي الْحَالِ دَخَلَتْ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَى التَّعْلِيلِ لَا التَّعْلِيقِ أَيْ لِلدُّخُولِ أَوْ لِعَدَمِهِ كَمَا فِي: قَوْله تَعَالَى {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ} [القلم: 14] وَهَذَا (لِلُغَوِيٍّ) أَيْ لِعَارِفٍ بِأَنَّ أَنْ الْمَفْتُوحَةَ وَإِذْ لِلتَّعْلِيلِ، وَإِنَّ الْمَكْسُورَةَ وَإِذْ لِلتَّعْلِيقِ، أَمَّا غَيْرُهُ فَذَاكَ تَعْلِيقٌ فِي حَقِّهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ قَصْدُهُ لَهُ، وَهُوَ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْأَدَوَاتِ.

وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا قَالَ فِيهَا: وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ لِامْتِنَاعِ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ بِهِ) وَقَضِيَّتُهُ الْوُقُوعُ حَالًا فِي إنْ لَمْ تُحْيِي مَيِّتًا مَثَلًا لِتَحَقُّقِ الْعَجْزِ حَالًا، فَكَأَنَّ الْمُعَلِّقَ أَرَادَ إيقَاعَهُ حَالًّا لِعِلْمِهِ بِتَحَقُّقِ عَدَمِ مَا عَلَّقَهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ حَجَرٌ أَقُولُ: قَوْلُهُ لِعِلْمِهِ بِتَحَقُّقِ عَدَمِ إلَخْ لَعَلَّ صَوَابَهُ إسْقَاطُ عَدَمِ. (قَوْلُهُ كَمُسْتَحِيلِ الشَّرْعِ) اعْلَمْ أَنَّ مُرَادَ الْمَتْنِ تَشْبِيهُ الْمُسْتَحِيلِ عَقْلًا بِالْمُسْتَحِيلِ شَرْعًا فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ السَّابِقِ فِيهِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ بَعْدَ لَا عُرْفِهِمْ مُخْرِجًا مِنْ الْحُكْمِ بِالْوُقُوعِ فِيهِمَا، هَكَذَا شَرْحُ الْعِرَاقِيِّ، وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ، فَإِنَّ الْخِلَافَ فِي الْعَقْلِيِّ وَالشَّرْعِيِّ وَاحِدٌ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَأَقُولُ: قَوْلُ الشَّارِحِ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ يُفِيدُ حِكَايَةَ الْخِلَافِ السَّابِقِ هُنَا، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى حِكَايَة التَّصْحِيحِ اخْتِصَارًا فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ إحْيَاءُ الْمَيِّتِ إذَا أُرِيدَ بِهِ الْمَعْنَى الْمُرَادُ فِي قَوْله تَعَالَى إلَخْ) أَيْ: فَإِذَا أُرِيدَ بِهِ هَذَا الْمَعْنَى لَا يَكُونُ مُرَادُ الْمَتْنِ مِنْ قَوْلِهِ: إنْ أَحْيَيْت مَيِّتًا إذْ مُرَادُهُ الْمُسْتَحِيلُ عَقْلًا، وَهُوَ إحْيَاءُ الْمَوْتَى مُسْتَقِلًّا بِهِ، هَذَا غَرَضُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِرّ. (قَوْلُهُ إذَا أُرِيدَ بِهِ الْمَعْنَى) أَيْ بِخِلَافِ الْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَهُ الْمَتْنُ بِمِثَالِهِ السَّابِقِ، فَإِنَّهُ مُسْتَحِيلٌ عَقْلًا. (قَوْلُهُ الْمُرَادُ فِي قَوْله تَعَالَى {وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ} [آل عمران: 49] أَمَّا لَوْ أُرِيدَ إحْيَاؤُهَا هِيَ مُسْتَقِلَّةٌ فَهُوَ مُحَالٌ عَقْلًا، قَالَهُ الْقُونَوِيُّ، وَهُوَ مُرَادُ النَّاظِمِ بِقَوْلِهِ: أَوْ قَالَ: إنْ أَحْيَيْت مَيِّتًا قَالَ ابْنُ الْمُقْرِي فَإِذَنْ الْفَرْقُ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْ صُعُودِ السَّمَاءِ وَالطَّيَرَانِ وَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى بِغَيْرِ إذْنِ اللَّهِ مَعْلُومٌ عَقْلًا فِي الْجَمِيعِ، وَاتِّفَاقَهُ لِأَحَدٍ بِقُدْرَتِهِ تَعَالَى مُمْكِنٌ فِي الْجَمِيعِ، فَمَا وَجْهُ الْفَرْقِ؟ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْجَوْجَرِيُّ وَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الْمُسْتَحِيلَ عَقْلًا أَشَدُّ اسْتِحَالَةً مِنْ غَيْرِهِ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَأَقُولُ: قَوْلُهُ مَعْلُومٌ عَقْلًا فِي الْجَمِيعِ فِيهِ أَنَّ الْعَجْزَ الَّذِي يَعْلَمُهُ الْعَقْلُ فِي الْأَوَّلَيْنِ عَجْزٌ عَادِيٌّ وَفِي الْأَخِيرِ عَجْزٌ عَقْلِيٌّ؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ يُحِيلُهُ، فَفِي قَوْلِهِ مُمْكِنٌ فِي الْجَمِيعِ نَظَرٌ.

(تَنْبِيهٌ) فِي الرَّوْضِ فِي آخِرِ الْبَابِ، وَلَوْ حَلَفَ إنْ بَقِيَ لَك هُنَا مَتَاعٌ وَلَمْ أَكْسِرْهُ عَلَى رَأْسِك فَأَنْت طَالِقٌ، فَبَقِيَ هَاوُنٌ فَقِيلَ: لَا تَطْلُقُ وَقِيلَ: تَطْلُقُ عِنْدَ الْمَوْتِ اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَبِهِ جَزَمَ الْخُوَارِزْمِيُّ وَلَمْ يَحْكِ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ غَيْرَهُ اهـ. وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ: الصَّحِيحُ وَجْهٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ الْحِنْثُ الْآنَ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْأَيْمَانِ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الْعَجْزَ مُتَحَقِّقٌ فِي الْحَالِ، وَإِنَّمَا يَحْسُنُ الِانْتِظَارُ فِيمَا يُتَوَقَّعُ حُصُولُهُ مَرْدُودٌ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوهُ فِي هَذِهِ، بَلْ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ مَاءَ هَذَا الْبَحْرِ، وَلَيْسَ مَا نَحْنُ فِيهِ مِثْلَهُ، وَإِنَّمَا يَكُونُ مِثْلَهُ لَوْ قَالَ: لَأَكْسِرَنَّ هَذَا الْهَاوُنَ عَلَى رَأْسِك اهـ. مَا فِي الرَّوْضِ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِنَفْيِ الْمُسْتَحِيلِ يُوجِبُ الْوُقُوعَ فِي الْحَالِ، كَالْحَلِفِ بِإِثْبَاتِهِ مِنْ غَيْرِ تَعْلِيقٍ لِتَحَقُّقِ الْعَجْزِ حَالًا.

(قَوْلُهُ عُرْفًا أَوْ شَرْعًا) -

ــ

[حاشية الشربيني]

سِوَاهُ، فَيَكُونَ مِنْ الْمُحَالِ عَقْلًا لِغَيْرِهِ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ مِنْ الْمُحَالِ عَقْلًا لِذَاتِهِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ فَلَا يَقَعُ) أَيْ: وَإِنْ وُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ كَصُعُودِ السَّمَاءِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ عِنْدَ شَيْخِنَا اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْله وَأُحْيِي الْمَوْتَى) وَكَانَ دُعَاؤُهُ بِإِحْيَائِهِمْ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ اهـ. جَمَلٌ. (قَوْلُهُ بِانْعِقَادِهَا) أَيْ فِي الْمُعَلَّقِ بِالطَّلَاقِ فَيَحْنَثُ بِهَا الْمُعَلِّقُ عَلَى الْحَلِفِ. (قَوْلُهُ بَلْ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ إلَخْ) أَيْ: وَهَذَا لَا يَأْتِي فِي الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ قَصْدُهُ لَهُ) أَيْ: فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَخْبَرَ بِذَلِكَ أَمْ لَا، وَكَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ بِأَنَّهُ أَطْلَقَ يُحْمَلُ عَلَى الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ فَيَقَعُ فَلْيُرَاجَعْ.

ص: 266

وَقِيلَ: يَقَعُ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ مُطْلَقًا، إلَّا أَنْ يَقُولَ غَيْرُ الْعَارِفِ: قَصَدْت التَّعْلِيقَ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحَيْهِ: وَهُوَ الْأَشْبَهُ اهـ. وَهُوَ الْأَوْفَقُ بِمَا صَحَّحَهُ، وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ مِنْ وُقُوعِهِ فِي الْحَالِ مُطْلَقًا فِي قَوْلِهِ: أَنْت طَالِقٌ إذْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ أَنْ شَاءَ اللَّهُ بِالْفَتْحِ، أَوْ إذْ شَاءَ زَيْدٌ أَوْ أَنْ شَاءَ زَيْدٌ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِمْ وُقُوعَهُ فِي الْحَالِ بِمَا مَرَّ.

وَمَحَلُّهُ فِي غَيْرِ التَّوْقِيتِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَلَا، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ أَنْ جَاءَتْ السُّنَّةُ أَوْ الْبِدْعَةُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةٍ لَأَنْ جَاءَتْ، وَاللَّامُ فِي مِثْلِهِ لِلتَّوْقِيتِ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ، وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ، وَإِنْ سَكَتُوا عَنْهُ وَمَا قَالَهُ فِي لَأَنْ جَاءَتْ مَمْنُوعٌ، وَلَوْ سَلِمَ فَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا ذَلِكَ فِي أَنْ جَاءَتْ، فَإِنَّ الْمُقَدَّرَ لَيْسَ فِي قُوَّةِ الْمَلْفُوظِ مُطْلَقًا.

(وَ) لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ (لِيَرْضَى زُرْعَهْ) مَثَلًا أَوْ لِرِضَاهُ وَقَعَ فِي الْحَالِ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ زُرْعَةُ لِظُهُورِهِ فِي التَّعْلِيلِ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت التَّأْقِيتَ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا وَيَدِينُ، وَكُلُّ لَامٍ دَخَلَتْ عَلَى مَا لَا يَتَكَرَّرُ ذَهَابُهُ وَمَجِيئُهُ فَهِيَ لِلتَّعْلِيلِ، بِخِلَافِ الدَّاخِلَةِ عَلَى مَا يَتَكَرَّرُ كَلِسُنَّةٍ أَوْ لِلْبِدْعَةِ، فَإِنَّهَا لِلتَّوْقِيتِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ بِرِضَى زَيْدٍ أَوْ بِقُدُومِهِ، فَهُوَ تَعْلِيقٌ، ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا

(وَ) لَوْ قَالَ: أَنْت (طَالِقٌ بِسُنَّةٍ وَبِدْعَهْ وَطَلْقَةً) أَيْ: أَوْ طَلْقَةٍ (حَسَنَةً قَبِيحَهْ) وَقَعَ فِي الْحَالِ، وَلَغَا الْوَصْفَانِ لِتَنَافِيهِمَا (وَ)، كَذَا لَوْ وَصَفَ الطَّلْقَةَ (بِصِفَاتِ الذَّمِّ وَ) الصِّفَاتِ (الْمَدِيحَهْ) غَيْرِ مَا مَرَّ كَقَوْلِهِ: جَمِيلَةٌ فَاحِشَةٌ أَوْ كَامِلَةٌ سَمِجَةٌ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ، (أَوْ قَالَ: لِلْوَاحِدِ مِنْ) الْوَصْفَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي (مِثَالِي) الْمُتَقَدِّمِ، (لِمَنْ بِهِ لَمْ يَتَّصِفْ) أَيْ أَوْ قَالَ لِمَنْ لَمْ تَتَّصِفْ بِأَحَدِهِمَا فِي الْحَالِ كَصَغِيرَةٍ أَوْ حَامِلٍ أَوْ آيِسَةٍ: أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ قَالَ: لِلْبِدْعَةِ وَقَعَ (فِي الْحَالِ) وَلَغَا الْوَصْفُ، إذْ لَيْسَ فِي طَلَاقِهَا سُنَّةٌ وَلَا

ــ

[حاشية العبادي]

كَلَامُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ يُفِيدُ الِانْعِقَادَ أَيْضًا فِي الْمُسْتَحِيلِ عَقْلًا، فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ، وَأَنَّهُ لَا طَلَاقَ فِيهَا قَالَ: وَالْيَمِينُ فِيمَا ذُكِرَ مُنْعَقِدَةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ حَتَّى يَحْنَثَ بِهَا الْمُعَلَّقُ عَلَى الْحَلِفِ، وَلَا يُخَالِفُهُ مَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ إلَخْ اهـ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوْفَقُ بِمَا صَحَّحَهُ إلَخْ) وَفَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ هَذَا أَيْ نَحْوَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا يَغْلِبُ فِيهِ التَّعْلِيقُ، فَعِنْدَ الْفَتْحِ يَنْصَرِفُ لِلتَّعْلِيلِ بِهِ مُطْلَقًا، وَمَا قَبْلَهُ يَغْلِبُ فِيهِ ذَلِكَ فَعِنْدَ الْفَتْحِ يُفَرَّقُ بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ وَشَيْخُنَا بِأَنَّ حَمْلَ - إنْ شَاءَ اللَّهُ - عَلَى التَّعْلِيقِ يُؤَدِّي إلَى رَفْعِ الطَّلَاقِ أَصْلًا، بِخِلَافِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ، وَصَاحِبُ الْإِسْعَادِ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ الِاطِّلَاعُ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ تَصْلُحْ أَنْ الْمَفْتُوحَةُ لِلتَّعْلِيقِ، فَتَمَخَّضَتْ لِلتَّعْلِيلِ، بِخِلَافِهَا فِي الدُّخُولِ وَنَحْوِهِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ غَيْرَ النَّحْوِيِّ يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى قَصْدِ التَّعْلِيقِ فِي أَنْ شَاءَ اللَّهُ بِالْفَتْحِ، وَأَنَّ مَحَلَّ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ الْفَرْقِ مَا إذَا أُطْلِقَ أَوْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ، وَأَنَّ النَّحْوِيَّ لَا يُقْبَل مِنْهُ دَعْوَى قَصْدِ التَّعْلِيلِ عِنْدَ فَتْحِ أَنْ، لَكِنْ يَدِينُ حَجَرٌ (قَوْلُهُ مَمْنُوعٌ) أَيْ: وَبِالْأَوْلَى إنْ جَاءَتْ بِدَلِيلِ، وَلَوْ سَلِمَ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ تَعْرِفُهُ سم.

(قَوْلُهُ أَوْ لِرِضَاهُ أَوْ لِقُدُومِهِ) أَوْ نَحْوِهِمَا مِمَّا يَبْعُدُ انْتِظَارُهُ وَتَكَرُّرُهُ حَجَرٌ (قَوْلُهُ لِظُهُورِهِ فِي التَّعْلِيلِ) وَالْمَعْنَى فَعَلْت ذَلِكَ لِيَرْضَى. (قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت التَّأْقِيتَ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ: التَّعْلِيقُ (قَوْلُهُ مَا يَتَكَرَّرُ) أَيْ بِنَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ وَقَعَ فِي الْحَالِ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: فَإِنْ أَرَادَ بِالسُّنِّيِّ الْوَقْتَ وَالْبِدْعِيِّ الثَّلَاثَ فِي قَوْلِهِ لِذَاتِ أَقْرَاءٍ: أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا سُنِّيًّا بِدْعِيًّا قُبِلَ، وَإِنْ تَأَخَّرَ الطَّلَاقُ أَيْ وُقُوعُهُ؛ لِأَنَّ ضَرَرَ وُقُوعِ الثَّلَاثِ أَكْثَرُ مِنْ فَائِدَةِ تَأَخُّرِ الْوُقُوعِ اهـ.

(قَوْلُهُ أَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ) لِلْوَاحِدِ (قَوْلُهُ لِمَنْ بِهِ لَمْ تَتَّصِفْ) بِهِ مُتَعَلِّقٌ صبتتصف (قَوْلُهُ كَصَغِيرَةٍ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَلَوْ قَالَ فِي الصَّغِيرَةِ وَنَحْوِهَا: أَنْت طَالِقٌ لِوَقْتِ الْبِدْعَةِ أَوْ لِوَقْتِ السُّنَّةِ، وَنَوَى التَّعْلِيقَ قُبِلَ لِتَصْرِيحِهِ بِالْوَقْتِ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ كَمَا مَرَّ، نَقَلَ الْأَصْلُ ذَلِكَ عَنْ بَسِيطِ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ اهـ. (قَوْله وَقَعَ فِي الْحَالِ) أَيْ فَلَيْسَ فِي الْحَالِ مُتَعَلِّقًا بِتَتَّصِفْ كَمَا يُتَوَهَّمُ قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَلَوْ نَوَى التَّعْلِيقَ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَيَدِينُ.

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ وَقِيلَ: يَقَعُ عَلَيْهِ إلَخْ) ضَعِيفٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَرْفَقُ إلَخْ) يُفَرَّقُ بِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ يَرْفَعُ حُكْمَ الْيَمِينِ مِنْ أَصْلِهَا، فَلَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ ذَلِكَ التَّعْلِيقِ، وَعِنْدَ الْفَسْخِ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ التَّحَقُّقُ فَوَقَعَ مُطْلَقًا أَيْ: وَلَوْ مِنْ غَيْرِ نَحْوِيٍّ بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ بِغَيْرِهَا لَا يَرْفَعُ الْيَمِينَ، بَلْ يُخَصِّصُهُ فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِالْقَرِينَةِ اهـ. ح ل، وَهُوَ مُنْتَقَضٌ بِإِنْ شَاءَ زَيْدٌ وَإِذَا شَاءَ زَيْدٌ، فَإِنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ فِي الْحَالِ مُطْلَقًا كَمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ مَعَ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِمَشِيئَةِ زَيْدٍ لَا يَرْفَعُ حُكْمَ الْيَمِينِ بِالْكُلِّيَّةِ، بَلْ يُخَصِّصُهُ كَالتَّعْلِيقِ بِنَحْوِ الدُّخُولِ؛ لِأَنَّ مَشِيئَةَ زَيْدٍ يَسْهُلُ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ.

(قَوْلُهُ مِنْ وُقُوعِهِ فِي الْحَالِ مُطْلَقًا إلَخْ) لَا يَبْعُدُ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، أَمَّا لَوْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ فَهُوَ تَعْلِيقٌ فَلْيُرَاجَعْ سم عَلَى التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ) اسْتَظْهَرَهُ م ر (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ فِيهِ) وَضَابِطُ مَا تَكُونُ فِيهِ لِلتَّوْقِيتِ أَنْ يُعْهَدَ انْتِظَارُهُ وَتَكَرُّرُهُ اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ

ص: 267

بِدْعَةٌ، فَقَوْلُهُ لِلْوَاحِدِ مُتَعَلِّقٌ بِطَالِقٍ مُقَدَّرًا، وَقَوْلُهُ فِي الْحَالِ مُتَعَلِّقٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ: وَطَالِقٌ بِالْأَمْسِ إلَى هُنَا كَمَا تَقَرَّرَ

(وَ) يَقَعُ (وَقْتَهُ) أَيْ: وَقْتَ الْوَصْفِ الْمُؤَقَّتِ بِهِ مِنْ الْوَصْفَيْنِ، إنْ قَالَ ذَلِكَ (لَهُ) أَيْ لِمَنْ تَتَّصِفُ بِأَحَدِهِمَا بِأَنْ قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ قَالَ لِلْبِدْعَةِ، فَإِنْ كَانَ الْوَصْفُ مَوْجُودًا وَقَعَ فِي الْحَالِ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَلِلْمُعَانِي نَحْوًا) مَفْهُومٌ مِمَّا مَرَّ أَيْ: وَيَقَعُ عَلَى الْمَعَانِي لِلنَّحْوِ يَعْنِي: الْعَارِفَ بِمَعْنَيَيْ أَنْ بِالْفَتْحِ، وَإِنْ بِالْكَسْرِ (بِأَنْ) أَيْ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْ (طَلَّقْتُ) بِالْفَتْحِ (طَلْقَتَانِ) إحْدَاهُمَا بِالتَّطْلِيقِ وَالْأُخْرَى بِالْإِقْرَارِ ظَاهِرًا، أَمَّا غَيْرُ الْعَارِفِ بِالنَّحْوِ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ.

(وَحَامِلًا إنْ كُنْتِ بِالتَّبْيِينِ إنْ وَلَدَتْ لِأَرْبَعِ السِّنِينِ) بِكَسْرِ النُّونِ لُغَةً، وَفِي نُسْخَةٍ لِأَرْبَعٍ سِنِينَ بِتَنْوِينِ أَرْبَعٍ وَتَنْكِيرِ سِنِينَ أَيْ: وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إنْ كُنْت حَامِلًا، وَلَمْ يَظْهَرْ الْحَمْلُ وَقَعَ فِي الْحَالِ بِتَبَيُّنِ كَوْنِهَا حَامِلًا حَالَ التَّعْلِيقِ، وَلَوْ ظَنًّا بِأَنْ تَلِدَ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مِنْ التَّعْلِيقِ، وَلَمْ تُجَامَعْ بَعْدَهُ أَوْ جُومِعَتْ وَوَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ جِمَاعِهَا، كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُ الْآتِي لِعَدَمِ احْتِمَالِ حُدُوثِ الْحَمْلِ حِينَئِذٍ بَعْدَ التَّعْلِيقِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ التَّعْلِيقِ، فَلَا يَقَعُ؛ لِأَنَّا نَتَحَقَّقُ حِينَئِذٍ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا حِينَ التَّعْلِيقِ.

(وَالْوَطْءُ) قَبْلَ التَّبَيُّنِ (لَا يَحْرُمُ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَعَدَمُ الْحَمْلِ، لَكِنْ يُنْدَبُ تَرْكُهُ إلَى أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا احْتِيَاطًا، فَإِنْ وَطِئَ ثُمَّ ظَهَرَ الْحَمْلُ، فَالْوَطْءُ شُبْهَةٌ يُوجِبُ الْمَهْرَ لَا الْحَدَّ، (لَا إنْ جُومِعَتْ) بَعْدَ التَّعْلِيقِ (ثُمَّ لِسِتَّةِ شُهُورٍ) فَأَكْثَرَ مِنْ الْجِمَاعِ (وَضَعَتْ) ، فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْحَمْلِ مِنْ ذَلِكَ الْجِمَاعِ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَضَعَتْهُ لِدُونِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَقَعُ كَمَا مَرَّ، لَكِنْ نَازَعَ فِيهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَالَ: إنَّ كَمَالَ الْوَلَدِ وَنَفْخَ الرُّوحِ فِيهِ يَكُونُ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَمَا شَهِدَ بِهِ الْخَبَرُ، فَإِذَا أَتَتْ بِهِ لِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا اُحْتُمِلَ الْعُلُوقُ بِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ قَالَ: وَالسِّتَّةُ أَشْهُرٍ مُعْتَبَرَةٌ لِحَيَاةِ الْوَلَدِ غَالِبًا، وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ: لَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّ نَفْخَ الرُّوحِ يَكُونُ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ تَحْدِيدًا، فَإِنَّ لَفْظَهُ: ثُمَّ يَأْمُرُ اللَّهُ الْمَلَكَ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ، فَإِتْيَانُهُ بِثُمَّ دَلَّ عَلَى تَرَاخِي أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِذَلِكَ، وَلَا تُعْرَفُ مُدَّةُ التَّرَاخِي، فَلَمَّا اسْتَنْبَطَ الْفُقَهَاءُ مِنْ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ أَنَّ أَقَلَّ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَيَقَعُ وَقْتَهُ إلَخْ) لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ لِلْبِدْعَةِ، وَكَانَتْ مَمْسُوسَةً لَمْ تَطْلُقْ فِي الْحَالِ، بَلْ حَتَّى يَجِيءَ الْوَصْفُ الْآخَرُ قَالَ الْعَبَّادِيُّ لِأَنَّ أَوْ لِلشَّكِّ، فَإِنْ جَاءَتْ الْحَالَةُ الْأُخْرَى حَصَلَ الْوَصْفَانِ هَكَذَا قَالَ رحمه الله، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَأَقُولُ: يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا فِي أَنْتِ طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا فَتَأَمَّلْهُ.

(تَنْبِيهٌ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ (فَرْعٌ) لَوْ قَالَ لِحَائِضٍ وَنَحْوِهَا مِمَّنْ طَلَّقَهَا بِدْعِيًّا: إنْ كُنْت فِي حَالِ سُنَّةٍ فَأَنْت طَالِقٌ، فَلَا طَلَاقَ، وَلَا تَعْلِيقَ حَتَّى لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ إذَا صَارَتْ فِي حَالِ السُّنَّةِ لِعَدَمِ الشَّرْطِ، أَوْ قَالَ لِذَاتِ سُنَّةٍ وَبِدْعَةٍ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ: أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا سُنِّيًّا، أَوْ فِي حَالِ السُّنَّةِ: أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا بِدْعِيًّا، وَقَالَ: أَرَدْت الْوُقُوعَ فِي الْحَالِ لَمْ يَقَعْ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا يُعْمَلُ بِهَا فِيمَا يَحْتَمِلُهُ اللَّفْظُ، لَا فِيمَا يُخَالِفُهُ صَرِيحًا، وَإِذَا تَنَافَيَا لَغَتْ النِّيَّةُ، وَعُمِلَ بِاللَّفْظِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى، وَإِنْ قَالَ لَهَا فِي حَالِ الْبِدْعَةِ: أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا سُنِّيًّا الْآنَ أَوْ فِي حَالُ السُّنَّةِ: أَنْت طَالِقٌ طَلَاقًا بِدْعِيًّا الْآنَ وَقَعَ فِي الْحَالِ لِلْإِشَارَةِ إلَى الْوَقْتِ وَيَلْغُو اللَّفْظُ اهـ.

(قَوْلُهُ بِأَنْ تَلِدَ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مِنْ التَّعْلِيقِ) هَكَذَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الْمَتْنِ، وَبِهِ شَرَحُ الْعِرَاقِيِّ وَالْقُونَوِيِّ قَالَ الْجَوْجَرِيُّ: وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهَا إذَا وَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ التَّعْلِيقِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مُدَّةُ الْحَمْلِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّ الْوَطْءَ هُنَا سَابِقٌ عَلَى التَّعْلِيقِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْقُصَ عَنْ الْأَرْبَعِ بِمِقْدَارِ مَا تَخَلَّلَ بَيْنَ الْوَطْءِ السَّابِقِ وَالتَّعْلِيقِ، نَعَمْ لَوْ عَبَّرُوا بِالْوِلَادَةِ لِأَرْبَعٍ مِنْ الْوَطْءِ لَاسْتَقَامَ، وَسَيُشِيرُ الشَّارِحُ إلَى مِثْلِ هَذَا قَرِيبًا، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا (فَرْعٌ) وَلَوْ قَالَ: إنْ أَحْبَلْتك فَأَنْت طَالِقٌ، فَالتَّعْلِيقُ بِمَا يَحْدُثُ مِنْ الْحَمْلِ، فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَلِدَ وَتَحْمِلَ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ، إنْ وَضَعَتْ أَوْ كَانَتْ حَائِلًا، لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ كُلَّمَا وَطِئَهَا أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا، ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وَنَازَعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهُ مَرَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يَعْنِي: مَسْأَلَةَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كُنْت حَامِلًا أَنَّهُ لَا يَجِبُ، وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تَحْبَلِي فَأَنْت طَالِقٌ قَالَ الرُّويَانِيُّ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَيْأَسَ حَجَرٌ وَشَرْحٌ رَوْضٌ. (قَوْلُهُ فَلَمَّا اسْتَنْبَطَ الْفُقَهَاءُ مِنْ الْقُرْآنِ إلَخْ) وَفِي ادِّعَائِهِ: أَنَّ هَذَا الِاسْتِنْبَاطَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّفْخَ يَكُونُ عِنْدَ السِّتَّةِ أَشْهُرٍ وَقْفَةٌ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ: إنَّ ثُمَّ دَلَّتْ عَلَى التَّرَاخِي، وَلَا تُعْرَفُ مُدَّتُهُ، وَلَا أَنَّهَا هَلْ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَوْلَادِ أَوْ لَا؟ ، فَأُنِيطَ بِالْأَمْرِ الْمُحَقَّقِ، وَهُوَ السِّتَّةُ فَانْدَفَعَ قَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ إذَا أَتَتْ بِهِ لِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا اُحْتُمِلَ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِحَجَرٍ ثُمَّ رَأَيْته فِي الشَّرْحِ قَرِيبًا.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَظْهَرْ الْحَمْلُ) وَظُهُورُهُ بِتَصْدِيقِ الزَّوْجِ أَوْ شَهَادَةِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ، وَلَا يَكْفِي شَهَادَةُ النِّسْوَةِ بِهِ كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِوِلَادَتِهَا فَشَهِدْنَ بِهَا لَمْ تَطْلُقْ، وَإِنْ ثَبَتَ النَّسَبُ وَالْإِرْثُ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ ضَرُورِيَّاتِ الْوِلَادَةِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ اهـ. م ر وَكَرْخِيٌّ (قَوْلُهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْأَرْبَعَ سِنِينَ مُلْحَقَةٌ بِمَا دُونَهَا، وَالسِّتَّةَ أَشْهُرٍ مُلْحَقَةٌ بِمَا فَوْقَهَا اهـ. ق ل لَكِنَّ الْأَرْبَعَ وَالسِّتَّ تُحْسَبُ مِنْ الْوَطْءِ لَا مِنْ التَّعْلِيقِ، كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا. (قَوْلُهُ نَازَعَ فِيهِ) أَيْ فِيمَا إذَا وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مَعَ قِيَامِ الْوَطْءِ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّارِحُ) وَأَجَابَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَلَدِ فِي قَوْلِهِمْ: أَوْ وَلَدَتْهُ، الْوَلَدُ التَّامُّ اهـ. وَقَوْلُهُ: أَوْ وَلَدَتْهُ فِي قَوْلِهِمْ كَالرَّوْضِ لَوْ قَالَ: إنْ كُنْت حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ طَلَقَتْ إنْ كَانَ حَمْلُهَا ظَاهِرًا أَوْ وَلَدَتْهُ

ص: 268

مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ عَلِمْنَا أَنَّهَا مُدَّةُ التَّرَاخِي، وَإِنْ نُفِخَ الرُّوحُ عِنْدَهَا.

وَتَبِعَ النَّاظِمُ وَأَصْلُهُ الشَّيْخَيْنِ فِي قَوْلِهِمَا: السِّتَّةُ أَشْهُرٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ لَحْظَةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْعَدَدِ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ لَحْظَةٍ لِلْوَطْءِ وَلَحْظَةٍ لِلْوَضْعِ، وَتَبِعَاهُمَا أَيْضًا فِي قَوْلِهِمَا: لِأَرْبَعِ سِنِينَ وَقَضِيَّتُهُ: أَنَّ لِلْأَرْبَعِ حُكْمَ مَا دُونَهَا كَمَا تَقَرَّرَ، وَعِبَارَةُ الْوَسِيطِ تَقْتَضِي أَنَّ لَهَا حُكْمَ مَا فَوْقَهَا، وَعَلَيْهِ مَشَى ابْنُ الرِّفْعَةِ وَوَجْهُهُ: أَنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ، فَإِذَا أَتَتْ بِهِ لِأَرْبَعٍ مِنْ الْحَلِفِ تَبَيَّنَّا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ عِنْدَ الْحَلِفِ حَامِلًا، وَإِلَّا زَادَتْ مُدَّةُ الْحَمْلِ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ.

(وَ) لَوْ قَالَ: أَنْت (طَالِقٌ إنْ كُنْتِ حَائِلًا) ، وَقَعَ (إذَا مَضَتْ ثَلَاثَةُ قُرُوءٍ) أَيْ أَطْهَارٍ إنْ كَانَتْ تَحِيضُ، وَإِلَّا فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ بَدَلَهَا لِظُهُورِ عَدَمِ الْحَمْلِ حِينَئِذٍ. (قُلْتُ: ذَا مُخْتَارُهُ) أَيْ: الْحَاوِي تَبَعًا لِجَمَاعَةٍ، (وَمُعْظَمُ النَّاسِ عَلَى إنْ انْقَضَتْ مُدَّةُ) أَيْ عَلَى اعْتِبَارِ انْقِضَاءِ مُدَّةِ (الِاسْتِبْرَا) بِحَيْضَةٍ أَوْ بِشَهْرٍ بَدَلَهَا لِدَلَالَتِهِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَنْقَضِ لَا يُحْكَمُ بِالْوُقُوعِ فِي الْحَالِ وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لَوْ كَانَتْ لَا تَحْتَمِلُ الْحَمْلَ كَصَغِيرَةٍ وَآيِسَةٍ، وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ظُهُورُ الْحِيَالِ، وَلَوْ تَقَدَّمَ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَى التَّعْلِيقِ كَفَى، بِخِلَافِ الْعِدَّةِ لِلطَّلَاقِ وَالِاسْتِبْرَاءِ لِلْمِلْكِ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَالْمِلْكَ مُوجِبَانِ لَهُمَا، فَلَا يُعْتَبَرُ بِمَا سَبْقُ وَقْتُ الْوُجُوبِ، وَالِاسْتِبْرَاءُ هُنَا لَيْسَ وَاجِبًا فِي نَفْسِهِ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ بِهِ مَعْرِفَةُ وُجُودِ الصِّفَةِ، وَطَرِيقُهَا لَا يَخْتَلِفُ بِمَا ذُكِرَ، (لَا إنْ قَبْلَ سِتَّةِ شُهُورٍ) مِنْ التَّعْلِيقِ (تَضَعْ) ، فَإِنَّهُ يَتَبَيَّنُ عَدَمُ الْوُقُوعِ لِكَوْنِهَا حَامِلًا عِنْدَ التَّعْلِيقِ، وَعَطَفَ عَلَى مَضَتْ قَوْلَهُ (أَوْ وَلَدَتْ فَوْقَ سِنِينَ أَرْبَعِ) ، وَلَوْ بِلَا وَطْءٍ (أَوْ مَعَ وَطْءٍ لِلشُّهُورِ السِّتَّهْ) فَأَكْثَرَ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْوَطْءِ، فَيَتَبَيَّنُ الْوُقُوعُ فِيهِمَا لِتَحَقُّقِ الْحِيَالِ فِي الْأُولَى، وَظُهُورِ حُدُوثِ الْحَمْلِ مِنْ الْوَطْءِ فِي الثَّانِيَةِ.

(وَيَحْرُمُ الْجِمَاعُ) إلَى أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا بِمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحِيَالُ، وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (الْبَتَّهْ) تَكْمِلَةٌ وَتَأْكِيدٌ

، (وَ) لَوْ قَالَ: أَنْت (طَالِقٌ)(إنْ حِضْتِ) وَقَعَ (بَدْءَ) الْحَيْضِ (الْمُقْبِلِ) حَتَّى لَوْ قَالَهُ فِي الْحَيْضِ لَمْ تَطْلُقْ، حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَشْرَعَ فِي الْحَيْضِ، فَإِنْ قُلْت: هَلَّا كَانَتْ اسْتِدَامَةُ الْحَيْضِ حَيْضًا، كَمَا قَالُوا فِي بَابِ الْأَيْمَانِ: إنَّ اسْتِدَامَةَ اللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ لُبْسٌ وَرُكُوبُ قُلْت فَرَّقَ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّ دَوَامَ الْحَيْضِ لَيْسَ بِاخْتِيَارِهَا بِخِلَافِ دَوَامِ اللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ، وَيُمْكِنُ رُجُوعُهُ إلَى مَا فَرَّقَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ مَا هُنَا تَعْلِيقٌ مُجَرَّدٌ عَنْ الْحَلِفِ، وَمَا هُنَاكَ حَلِفٌ فَلَوْ قَالَ: إنْ رَكِبْت فَأَنْت

ــ

[حاشية العبادي]

الْعُلُوقُ بَعْدَ التَّعْلِيقِ، وَوَجْهُ انْدِفَاعِهِ أَنَّ هَذَا احْتِمَالٌ بَعِيدٌ وَغَيْرُ مَعْلُومٍ فِي هَذَا الْوَلَدِ بِخُصُوصِهِ، فَلَمْ يَتْرُكُوا لِأَجْلِهِ ظُهُورَ كَوْنِهَا حَامِلًا عِنْدَ التَّعْلِيقِ فَأَوْقَعُوا بِهِ، وَلَا بُعْدَ فِي رَفْعِ عِصْمَةٍ مُحَقَّقَةٍ بِأَمْرٍ مُحْتَمَلٍ، نَظَرًا لِإِفَادَتِهِ الظَّنَّ كَمَا مَرَّ آنِفًا، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا قَالَ عَقِبَ كَلَامِ أَبِي زُرْعَةَ وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ كَيْفَ يُعْلَمَ أَنَّ نَفْخَ الرُّوحِ عِنْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مَعَ أَنَّا كَثِيرًا نُشَاهِدُهُ بَعْدَ انْفِصَالِهِ قَبْلَهَا حَيًّا غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ، بَلْ قِيلَ: إنَّمَا يُنْفَخُ فِيهِ قَبْلَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، بَلْ الْجَوَابُ أَنَّ كَلَامَهُمْ فِي الْوَلَدِ الْكَامِلِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ، فَإِنْ فُرِضَ نَقْصُهُ اُلْتُزِمَ عَدَمُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ اهـ. حَجَرٌ (قَوْلُهُ عَلِمْنَا أَنَّهَا إلَخْ) عَلَيْهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ) وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ لَمْ يُبَيِّنُوا أَنَّ السِّتَّةَ أَشْهُرٍ الَّتِي هِيَ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ هَلْ هِيَ عَدَدِيَّةٌ؟ أَوْ هِلَالِيَّةٌ؟ ، وَاسْتَنْبَطَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهَا عَدَدِيَّةٌ؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ الْأَشْهُرِ الْأُولَى عَدَدِيَّةٌ قَطْعًا، أَرْبَعُونَ نُطْفَةً ثُمَّ أَرْبَعُونَ عَلَقَةً ثُمَّ أَرْبَعُونَ مُضْغَةً فَبَاقِيهَا كَذَلِكَ، إذْ لَا قَائِلَ بِالْفَرْقِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا زَادَتْ مُدَّةُ الْحَمْلِ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ) ؛ لِأَنَّهَا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ شَامِلٌ لِزَمَنِ الْحَلِفِ، وَزَمَنُ الْحَلِفِ زَائِدٌ عَلَى الْأَرْبَعِ. (قَوْلُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ) نُقِلَ عَنْ الشَّارِحِ جَوَابُ ذَلِكَ فِي حَاشِيَةٍ نَصُّهَا: وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْأَرْبَعِ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَ مَعَ زَمَنِ الْوَطْءِ وَالْوَضْعِ، بَلْ الْأَرْبَعَ بِدُونِهِ، فَلَا يَلْزَمُ الزِّيَادَةُ الْمَذْكُورَةُ اهـ. وَكَانَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: بَلْ الْأَرْبَعَ بِدُونِهِ، بَلْ الْأَرْبَعُ نَاقِصَةٌ زَمَنَ الْوَطْءِ وَالْوَضْعِ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَأَقُولُ: يُمْكِنُ أَيْضًا أَنْ يُرِيدُوا بِالْأَرْبَعِ مِنْ الْحَلِفِ الْأَرْبَعَ مِنْ ابْتِدَاءِ الْحَلِفِ أَيْ: مَعَ احْتِمَالِ اتِّصَالِ لَحْظَةِ الْوَطْءِ بِابْتِدَاءِ الْحَلِفِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَقَعَ إذَا مَضَتْ إلَخْ) أَيْ إذَا مَضَى مَا ذُكِرَ تَبَيَّنَ أَنَّهُ وَقَعَ مِنْ حِينِ اللَّفْظِ. (قَوْلُهُ تَعْلِيقٌ مُجَرَّدٌ) لِأَنَّ الْحَيْضَ لَيْسَ فِعْلًا اخْتِيَارِيًّا بِرّ. (قَوْلُهُ عَنْ الْحَلِفِ) مَا فَائِدَةُ الْفَرْقِ؟ وَمَا مَعْنَاهُ؟

(قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ رُجُوعُهُ إلَى مَا فَرَّقَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ) قَضِيَّةُ فَرْقِ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّهُ لَوْ قَصَدَ هُنَاكَ مُجَرَّدَ التَّعْلِيقِ لَمْ يَحْنَثْ بِالِاسْتِدَامَةِ تَعْلِيقٌ. (قَوْلُهُ مُجَرَّدٌ) أَيْ: لِأَنَّ الْحَيْضَ لَيْسَ فِعْلًا اخْتِيَارِيًّا بِرّ. (قَوْلُهُ عَنْ الْحَلِفِ) مَا زُبْدَةُ هَذَا الْفَرْقِ وَمَا مَغْزَاهُ؟

ــ

[حاشية الشربيني]

لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ التَّعْلِيقِ، وَكَذَا لِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ، لَا إنْ وُطِئَتْ فِي مُدَّةِ السِّنِينَ اهـ. أَيْ بِخِلَافِ دُونِ السِّتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِنَّهُ يَقَعُ، وَلَوْ كَانَتْ تُوطَأُ مُدَّتَهَا. (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ لِتِلْكَ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ مِنْ الْجِمَاعِ أَيْ مِنْ انْتِهَائِهِ، فَهَذِهِ لَحْظَةُ الْوَطْءِ وَمَعْنَى الْوَضْعِ لِلسِّتَّةِ أَنَّهُ بَعْدَ تَمَامِهَا، فَهَذِهِ لَحْظَةُ الْوَضْعِ تَدَبَّرْ

. (قَوْلُهُ لَا إنْ قَبْلَ سِتَّةِ شُهُورٍ) لَعَلَّ وَلَحْظَتَيْنِ لِمَا مَرَّ فِي الشَّرْحِ. (قَوْلُهُ لِلشُّهُورِ السِّتَّةِ) لَعَلَّهُ وَلَحْظَتَيْنِ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ تَعْلِيقٌ مُجَرَّدٌ) أَيْ لَا حَلِفَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِاخْتِيَارِهَا فَعَمِلْنَا بِقَضِيَّةِ أَدَاةِ التَّعْلِيقِ مِنْ اقْتِضَائِهَا إيجَادَ فِعْلٍ

ص: 269

طَالِقٌ كَانَ مَنْعًا مِنْ الرُّكُوبِ فَيَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهَا لَهُ.

(وَ) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ حِضْت (حَيْضَةً) وَقَعَ (بِالْآنِفِ) أَيْ بِالْحَيْضِ الْمُسْتَأْنِفِ (الْمُسْتَكْمِلِ) ، فَإِنْ قَالَهُ فِي الطُّهْرِ وَقَعَ عِنْدَ تَمَامِ حَيْضِهَا لَا أَوَّلِهِ، أَوْ فِي الْحَيْضِ فَلَا يَقَعُ حَتَّى تَطْهُرَ وَتَحِيضَ حَيْضَةً تَامَّةً

(وَ) لَوْ قَالَ: (طَالِقٌ حَفْصَةُ إلَّا إنْ قَدِمْ أَوْ شَاءَ ذَا) أَيْ زَيْدٌ مَثَلًا وُقُوعَهُ، (وَمَوْتُهُ قَبْلُ) أَيْ قَبْلَ قُدُومِهِ أَوْ مَشِيئَتِهِ (عُلِمْ) وَقَعَ قُبَيْلَ الْمَوْتِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَمْنَعُ الْفِعْلَ كَالْجُنُونِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَشِيئَةِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْفِعْلَ مَانِعًا مِنْ الْوُقُوعِ، فَإِذَا عُلِمَ عَدَمُهُ وَقَعَ، فَإِنْ عُلِمَ وُجُودُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ لَمْ يَقَعْ، وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِيهِ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ لِلشَّكِّ فِي الصِّفَةِ الْمُوجِبَةِ لِلطَّلَاقِ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى وُقُوعِهِ.

قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَبِهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْفِعْلِ، وَصَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْأَيْمَانِ فِي الْمَشِيئَةِ، وَجَرَى عَلَيْهِ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ هُنَاكَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ، وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْمَشِيئَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ. (وَحَيْضُهَا وَبُغْضُهَا) وَكُلُّ مَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا غَالِبًا (إذْ) أَيْ: وَقْتَ (تُقْسِمُ) هِيَ أَيْ تَحْلِفُ (فِي حَقِّهَا يَثْبُتُ) ذَلِكَ، فَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِحَيْضِهَا مَثَلًا فَزَعَمَتْهُ وَحَلَفَتْ عَلَيْهِ عِنْدَ مُنَازَعَةِ الزَّوْجِ لَهَا فِيهِ، وَقَعَ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلَّقَ بِهِ طَلَاقَ غَيْرِهَا، كَمَا احْتَرَزَ مِنْهُ بِقَوْلِهِ: فِي حَقِّهَا، فَلَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ بِلَا يَمِينٍ، وَلَوْ حَلَّفْنَاهَا كَانَ التَّحْلِيفُ لِغَيْرِهَا. وَالْحُكْمُ لِلْإِنْسَانِ بِحَلِفِ غَيْرِهِ مَعَ عَدَمِ تَعَلُّقِ الْخُصُومَةِ بِهِ مُمْتَنِعٌ، فَيُصَدَّقُ الزَّوْجُ جَرْيًا عَلَى الْأَصْلِ فِي تَصْدِيقِ الْمُنْكِرِ بِيَمِينِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ قَبُولِ قَوْلِهَا فِي الْحَيْضِ ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِهِ وَيَتَعَذَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الدَّمَ، وَإِنْ شُوهِدَ لَا يُعْرَفُ أَنَّهُ حَيْضٌ لِجَوَازِ كَوْنِهِ دَمَ اسْتِحَاضَةٍ.

وَمُرَادُهُمْ بِالتَّعَذُّرِ: التَّعَسُّرُ لِتَعْبِيرِهِمْ قَبْلَهُ بِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِهِ وَلِجَزْمِهِمْ بِقَبُولِ الشَّهَادَةِ بِهِ فِي بَابِهَا، (لَا مَا يُعْلَمُ مِنْ غَيْرِهَا) ، فَلَا يَثْبُتُ بِحَلِفِهَا مُطْلَقًا، بَلْ (بِحُجَّةٍ) لِإِمْكَانِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ، (كَوَضْعِهَا وَكَزِنَاهَا وَجَمِيعِ صُنْعِهَا) كَدُخُولٍ وَقِيَامٍ

(وَ) لَوْ قَالَ: (طَالِقَانِ أَنْتُمَا إنْ حِضْتُمَا)

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ كَأَنْ مُنِعَا مِنْ الرُّكُوبِ) أَيْ: لِأَنَّ الرُّكُوبَ فِعْلٌ اخْتِيَارِيٌّ بِرّ. (قَوْلُهُ الْمُسْتَكْمِلُ) الظَّاهِرُ: أَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ بِمَعْنَى الْكَامِلِ أَوْ الْمُسْتَكْمِلِ زَمَانُهُ.

(قَوْلُهُ وُقُوعَهُ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَاءَ ذَا. (قَوْلُهُ وَمَوْتُهُ قَبْلُ عُلِمَ) اُنْظُرْ لَوْ قَدِمَ بِهِ مَيِّتًا. (قَوْلُهُ وَقَعَ قُبَيْلَ الْمَوْتِ) هَذَا مُرَادُ الْمَتْنِ، وَلَكِنْ فِي اسْتِفَادَتِهِ مِنْهُ عُسْرٌ جِدًّا بِرّ. (قَوْلُهُ كَالْجُنُونِ) أَيْ الْمُتَّصِلِ بِهِ الْمَوْتُ كَمَا فِي الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ لِلشَّكِّ فِي وُجُودِ الصِّفَةِ) قَدْ يَسْتَشْكِلُ مَعَ ذَلِكَ مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ: أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى خُرُوجِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَخَرَجَتْ وَادَّعَى الْإِذْنَ لَهَا وَادَّعَتْ هِيَ عَدَمَهُ، أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا، فَقَدْ حَكَمَا هُنَاكَ بِالطَّلَاقِ مَعَ الشَّكِّ فِي وُجُودِ الصِّفَةِ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا ثَمَّ عَلَى وُجُودِ الصِّفَةِ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنَّمَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي شَرْطِهَا بِخِلَافِهِ هُنَا.

(قَوْلُهُ فِي الْمَشِيئَةِ) فِي وَاَللَّهِ لَأَدْخُلَنَّ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ، وَشُكَّ فِي مَشِيئَتِهِ. (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ) فَرَّقَ ابْنُ الْمُقْرِي بِأَنَّ هُنَاكَ تَحَقَّقَ مُوجِبُ الْحِنْثِ، وَهُوَ الْحَلِفُ وَشُكَّ فِي مُسْقِطِهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَهُنَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْحِنْثِ حِلُّ الْعِصْمَةِ، وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا، وَبِهِ يَتَرَجَّحُ جَانِبُ عَدَمِ الْحِنْثِ، وَرَدَّهُ الْجَوْجَرِيُّ وَصَاحِبُ الْإِسْعَادِ بِمَا حَاصِلُهُ: أَنَّ الْحِنْثَ هُنَاكَ يُؤَدِّي أَيْضًا إلَى رَفْعِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ بِالشَّكِّ وَأُجِيبَ: بِأَنَّ النِّكَاحَ جَعْلِيٌّ وَالْبَرَاءَةَ شَرْعِيَّةٌ، وَالْجَعْلِيُّ أَقْوَى مِنْ الشَّرْعِيِّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الرَّهْنِ، وَهَذَا الْجَوَابُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ إنْ حِضْتُمَا) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَلَوْ قَالَ: إنْ حِضْتُمَا حَيْضَةً أَوْ وَلَدْتُمَا وَلَدًا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ، لَغَا لَفْظُ الْحَيْضَةِ أَوْ الْوَلَدِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: فَإِذَا طَعَنَتَا فِي الْحَيْضِ أَوْ وَلَدَتَا طَلُقَتَا، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ قَالَ: وَلَدًا وَاحِدًا فَتَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ اهـ. قَالَ فِي الْعُبَابِ: وَيُتَّجَهُ مِثْلُهُ فِي حَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ أَرَهُ اهـ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَنْظُرَ فِي قَوْلِ الرَّوْضِ: لَغَا لَفْظُ الْحَيْضَةِ أَوْ الْوَلَدِ بِأَنَّهُ أُرِيدَ بِهِمَا حَيْضَةٌ وَاحِدَةٌ وَوَلَدٌ وَاحِدٌ، فَيَنْبَغِي أَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ، وَإِنْ أُرِيدَ الْجِنْسُ أَوْ أُطْلِقَ فَهُوَ

ــ

[حاشية الشربيني]

مُسْتَأْنَفٍ، وَالِاسْتِدَامَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ بِخِلَافِ نَحْوِ الرُّكُوبِ، فَإِنَّ التَّعْلِيقَ بِهِ يُسَمَّى حَلِفًا؛ لِأَنَّهُ بِاخْتِيَارِهَا، فَأَمْكَنَ فِيهِ الْحَثُّ وَالْمَنْعُ فَأَتَى فِيهِ تَفْصِيلُ الْحَلِفِ: إنَّ اسْتَدَامَتْهُ كَابْتِدَائِهِ، وَلَهُ فَرْقٌ آخَرُ يُوَافِقُ إطْلَاقَ الْأَصْحَابِ أَنَّ الِاسْتِدَامَةَ هُنَا لَيْسَتْ كَالِابْتِدَاءِ مُطْلَقًا، لَكِنَّ كَلَامَ أَصْلِ الرَّوْضَةِ يُخَالِفُهُ فَالْأَوْجَهُ فَرْقُهُ الْأَوَّلُ، وَإِنْ اقْتَضَى التَّخْصِيصَ بِالِاخْتِيَارِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُتَوَلِّي اهـ. تُحْفَةٌ. وَسم عَلَيْهَا.

(قَوْلُهُ الْمُسْتَكْمِلُ) أَيْ لَا بُدَّ مِنْ تَمَامِ الْحَيْضَةِ، فَإِنْ انْقَطَعَتْ قَبْلَهُ لَمْ يَقَعْ، وَكَذَا إنْ مَاتَتْ بَعْدَ رُؤْيَةِ الدَّمِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: إنْ حِضْت وَمَاتَتْ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ وَقَبْلَ تَمَامِ حَيْضَةٍ، فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِالْوُقُوعِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَالْفَرْقُ: أَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحِيَضُ وَقَدْ وُجِدَ، وَفِي تِلْكَ حَيْضَةٌ وَلَمْ تُوجَدْ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْحَيْضَةِ عَادَتُهَا كَمَا قَالَهُ ق ل.

(قَوْلُهُ وَمَوْتُهُ قَبْلَ قُدُومِهِ إلَخْ) أَيْ عُلِمَ بَعْدَ الْحَلِفِ، أَمَّا لَوْ عُلِمَ قَبْلَهُ فَيَقَعُ حَالًّا كَمَا فِي الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ. (قَوْلُهُ وَقَعَ قُبَيْلَ الْمَوْتِ) أَيْ عِنْدَ ضِيقِ الزَّمَنِ الَّذِي قَبْلَ مَوْتِ زَيْدٍ عَنْ قُدُومِهِ وَعَنْ قَوْلِهِ شِئْت؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْيَأْسِ مِنْ قُدُومِهِ وَمَشِيئَتِهِ اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْأَيْمَانِ) قَدْ يُفَرَّقُ: بِأَنَّ الْعِصْمَةَ ثَابِتَةٌ لَا تَزُولُ، إلَّا بِالْيَقِينِ

ص: 270

فَزَعَمَتَاهُ، فَصَدَّقَ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى، طَلُقَتْ الْمُكَذَّبَةُ فَقَطْ إذَا حَلَفَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ لِثُبُوتِ حَيْضِهَا بِيَمِينِهَا وَحَيْضِ ضَرَّتِهَا بِتَصْدِيقِ الزَّوْجِ لَهَا، وَالْمُصَدَّقَةُ لَا يُثْبِتُ فِي حَقِّهَا حَيْضُ ضَرَّتِهَا بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تُؤَثِّرُ فِي حَقِّ غَيْرِ الْحَالِفِ، كَمَا مَرَّ فَلَمْ تَطْلُقْ، فَلَوْ صَدَّقَهُمَا طَلُقَتَا أَوْ كَذَّبَهُمَا لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، (أَوْ أَرْبَعًا أَوْ الثَّلَاثَ كَلَّمَا) أَيْ: وَلَوْ كَلَّمَ أَرْبَعًا أَوْ ثَلَاثًا أَيْ عَلَّقَ طَلَاقَهُنَّ بِحَيْضِهِنَّ فَزَعَمْنَهُ، (ثُمَّ سِوَى وَاحِدَةٍ يُصَدِّقُ) أَيْ ثُمَّ صَدَّقَ غَيْرَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَكَذَّبَ وَاحِدَةً، (فَزَوْجَةٌ كَذَّبَ مِنْهُ تَطْلُقُ) أَيْ: فَزَوْجَتُهُ الَّتِي كَذَّبَهَا تَطْلُقُ مِنْهُ دُونَ الْمُصَدَّقَاتِ لِمَا مَرَّ، وَلَوْ صَدَّقَ الْكُلَّ طُلِّقْنَ، أَوْ كَذَّبَهُنَّ أَوْ اثْنَتَيْنِ مِنْهُنَّ أَوْ ثَلَاثًا لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ أَصْلًا، إذْ لَا يَثْبُتُ حَيْضُ مُكَذَّبَةٍ بِحَلِفِهَا فِي حَقِّ أُخْرَى فَلَمْ يَثْبُتْ الْمُعَلَّقُ بِهِ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُنَّ.

، وَلَوْ خَاطَبَ امْرَأَتَهُ بِأَنْتِ (طَالِقٌ إنْ شِئْتِ) بِدَرْجِ الْهَمْزَةِ وَقَعَ، (بِأَنْ تَقُولَا مَنْ كُلِّفَتْ) أَيْ بِقَوْلِ الْمُكَلَّفَةِ الْمُخَاطَبَةِ شِئْت (حَالًا) لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ تَمْلِيكَهَا الْبُضْعَ، فَإِنْ لَمْ يُخَاطِبْهَا بِأَنْ قَالَ لَهَا، وَلَوْ حَاضِرَةً: زَوْجَتِي طَالِقٌ إنْ شَاءَتْ أَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيٍّ: زَوْجَتِي طَالِقٌ إنْ شِئْت فَلَا يُعْتَبَرُ الْحَالُ فِي الْمَشِيئَةِ لِانْتِفَاءِ التَّمْلِيكِ فِي الثَّانِي، وَبُعْدُهُ فِي الْأَوَّلِ بِانْتِفَاءِ الْخِطَابِ فِيهِ، وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت وَشَاءَ فُلَانٌ اُعْتُبِرَ الْحَالُ فِي مَشِيئَتِهَا دُونَ مَشِيئَتِهِ، أَمَّا مَشِيئَةُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ فَلَا أَثَرَ لَهَا، إذْ لَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِ فِي التَّصَرُّفَاتِ (كَمَا فِي) تَعْلِيقِ (الْإِيَّلَا وَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ) بِالْمَشِيئَةِ كَقَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ: وَاَللَّهِ لَا أَطَؤُك إنْ شِئْت وَلِرَقِيقِهِ: أَنْتَ حُرٌّ أَوْ مُدَبَّرٌ إنْ شِئْت، فَإِنَّهَا تَقَعُ بِقَوْلِ الْمُعَلَّقِ بِمَشِيئَتِهِ، وَهُوَ مُكَلَّفٌ (شِئْتُ) حَالًا لِقَبُولِهَا التَّعْلِيقَ كَالطَّلَاقِ، فَيَجْرِي فِيهَا مَا لَهُ مِنْ أَحْكَامِ الْمَشِيئَةِ فَقَوْلُهُ: شِئْت مَفْعُولُ تَقُولُ وَكَانَ فِيمَا ذُكِرَ إذَا، بِخِلَافِ مَتَى وَنَحْوِهَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْحَالُ، (لَا إذَا مَا عَلَّقَتْ) مَشِيئَتَهَا كَأَنْ قَالَتْ: شِئْت إنْ شِئْت أَوْ شَاءَ فُلَانٌ أَوْ قَالَتْ: شِئْت غَدًا فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَإِنْ وُجِدَ مَا عَلَّقَتْ بِهِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ عَلَّقَ بِمَشِيئَةٍ مَجْزُومٍ بِهَا وَلَمْ تَحْصُلْ، وَمَا فِي كَلَامِهِ زَائِدَةٌ.

(وَلَوْ قَلَتْ) أَيْ يَقَعُ بِقَوْلِهَا شِئْت، وَلَوْ أَبْغَضَتْ (بِالْقَلْبِ ذَا) أَيْ مَا شَاءَتْهُ، إذْ التَّعْلِيقُ حَقِيقَةً بِلَفْظِ الْمَشِيئَةِ لَا بِمَا فِي الْبَاطِنِ، وَلَوْ قَدَّمَ هَذَا عَلَى قَوْلِهِ: لَا إذَا مَا عَلَّقَتْ كَانَ أَوْلَى، وَلَوْ خَرِسَ الْمُعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ بَعْدَ التَّعْلِيقِ فَأَشَارَ إلَيْهَا وَقَعَ، وَلَوْ عَلَّقَ بِمَشِيئَةِ الْمَلَائِكَةِ لَمْ يَقَعْ، إذْ لَهُمْ مَشِيئَةٌ وَلَمْ يُعْلَمْ حُصُولُهَا، أَوْ بِمَشِيئَةِ الْحِمَارِ فَتَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ عُرْفًا، وَقَدْ مَرَّ.

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ كَيْفَ شِئْت قَالَ أَبُو زَيْدٍ وَالْقَفَّالُ تَطْلُقُ شَاءَتْ أَوْ لَمْ تَشَأْ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَشَاءَ فِي الْمَجْلِسِ الطَّلَاقَ أَوْ عَدَمَهُ، قَالَ الْبَغَوِيّ وَكَذَا الْحُكْمُ فِي أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ شِئْت، وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ: وَقَعَ شَاءَتْ أَوْ لَمْ تَشَأْ، كَمَا لَوْ قَالَ: عَلَى أَيِّ وَجْهٍ شِئْت اهـ.

وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت أَوْ أَبَيْت فَقَضِيَّةُ اللَّفْظِ: وُقُوعُهُ بِأَحَدِهِمَا كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إنْ قُمْت أَوْ قَعَدْت، وَلَوْ قَالَ: أَنْت

ــ

[حاشية العبادي]

صَادِقٌ مَعَ التَّعَدُّدِ، فَلَا حَاجَةَ لِلْحُكْمِ بِأَنَّهُ لَغْوٌ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْله مَنْ كُلِّفَتْ) وَلَوْ سَفِيهَةً وَكَالْمُكَلَّفَةِ السَّكْرَانَةُ حَجَرٌ أَيْ الْمُتَعَدِّيَةُ. (قَوْلُهُ أَمَّا مَشِيئَةُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ) كَمَجْنُونَةٍ وَمُرَاهِقَةٍ.

(فَرْعٌ) خَاطَبَهَا، وَهِيَ غَيْرُ مُكَلَّفَةٍ فَصَارَتْ مُكَلَّفَةً فَوْرًا وَأَجَابَتْ، فَالْوَجْهُ عَدَمُ الْإِكْفَاءِ بِذَلِكَ بِرّ. حَجَرٌ (قَوْلُهُ بَعْدَ التَّعْلِيقِ) وَالْعِبْرَةُ فِي الْأَخْرَسِ وَالْخَرْسَاءِ عِنْدَ التَّعْلِيقِ أَوْ بَعْدَهُ بِالْإِشَارَةِ بِالْمَشِيئَةِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ قَالَ أَبُو زَيْدٍ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ فِي: كَيْفَ شِئْت، وَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ: أَنَّهُ لَا تَطْلُقُ حَتَّى تَشَاءَ فِي الْمَجْلِسِ الطَّلَاقَ أَوْ عَدَمَهُ، كَمَا اقْتَضَى تَرْجِيحُ ذَلِكَ كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْعِتْقِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ فِي الرَّوْضِ هُنَا م ر.

(فَرْعٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَبْدُوَ لِفُلَانٍ أَوْ يُرِيدَ غَيْرَ ذَلِكَ، وَلَمْ يَبْدُ لَهُ طَلُقَتْ قُبَيْلَ مَوْتِهِ، أَوْ إلَّا أَنْ أَشَاءَ أَوْ يَبْدُوَ لِي، طَلُقَتْ فِي الْحَالِ اهـ. وَمَا ذَكَرَهُ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ الْوُقُوعِ فِي الْحَالِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر. (قَوْلُهُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ إلَخْ) هُوَ الْأَوْجَهُ م ر.

(قَوْلُهُ بِأَحَدِهِمَا) أَيْ بِأَنْ تَنْطِقَ بِهِ.

ــ

[حاشية الشربيني]

أَوْ الظَّنِّ الْقَوِيِّ

(قَوْلُهُ أَوْ كَذَّبَهُنَّ إلَخْ) أَيْ وَحَلَفَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَصْلِ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ إذْ لَا يَثْبُتُ إلَخْ) لِأَنَّ طَلَاقَهَا مُعَلَّقٌ بِحَيْضِهَا وَحَيْضِ الْأُخْرَى وَحَيْضُهَا وَإِنْ ثَبَتَ بِيَمِينِهَا لَكِنْ لَا يَثْبُتُ حَيْضُ الْأُخْرَى فِي حَقِّهَا بِيَمِينِ الْأُخْرَى، وَلَا حَيْضُهَا فِي حَقِّ الْأُخْرَى بِيَمِينِهَا هِيَ، وَعِبَارَةُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: وَإِنْ كَذَّبَهُنَّ حَلَفَ وَلَا طَلَاقَ؛ لِأَنَّ طَلَاقَ كُلٍّ مُعَلَّقٌ بِشَرْطَيْنِ وَلَمْ يُوجَدَا اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ خَاطَبَ امْرَأَتَهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ غَائِبَةً بِأَنْ قَالَ وَهِيَ غَائِبَةٌ: أَنْت طَالِقٌ إنْ شِئْت وَأَخْبَرَهَا شَخْصٌ بِذَلِكَ فَشَاءَتْ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ أَيْ بِقَوْلِ الْمُكَلَّفَةِ الْمُخَاطَبَةِ شِئْت) أَيْ لَوْ قَالَتْهَا كَارِهَةً بِقَلْبِهَا؛ لِأَنَّ مَا فِي الْبَاطِنِ لِخَفَائِهِ لَا يُقْصَدُ التَّعْلِيقُ بِهِ، وَإِنَّمَا يُقْصَدُ التَّعْلِيقُ بِاللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَيْهِ اهـ. مُحَلَّى.

(قَوْلُهُ أَمَّا مَشِيئَةُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ فَلَا أَثَرَ لَهَا) أَيْ مَا لَمْ يَرِدْ اللَّفْظُ بِذَلِكَ اهـ. ق ل أَيْ بِأَنْ قَالَ: إنْ قُلْت شِئْت وَقَعَ بِمَشِيئَتِهِ؛ لِأَنَّهُ بِتَعْلِيقِهِ بِالْقَوْلِ صَرَفَ لَفْظَ الْمَشِيئَةِ عَنْ مُقْتَضَاهُ مِنْ كَوْنِهِ تَصَرُّفًا يَقْتَضِي الْمِلْكَ أَوْ شِبْهَهُ، هَذَا هُوَ الَّذِي يُتَّجَهُ فِي تَعْلِيلِهِ، وَأَمَّا تَعْلِيلُهُ بِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ مَحْضُ تَلَفُّظِهِ بِالْمَشِيئَةِ، فَهُوَ إنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ ذَلِكَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ: ذَلِكَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ مُجَرَّدَ تَلَفُّظِهِ بِهَا لِمَا أَمَرَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ غَيْرُهُ اهـ. كَرْخِيٌّ عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ وَلَمْ تَشَأْ) أَيْ الطَّلَاقَ بِأَنْ شَاءَتْ عَدَمَهُ، وَحِينَئِذٍ لَا خِلَافَ.

(قَوْلُهُ فَقَضِيَّةُ اللَّفْظِ إلَخْ)

ص: 271

طَالِقٌ شِئْت أَوْ أَبَيْت وَقَعَ فِي الْحَالِ إذْ لَا تَعْلِيقَ، وَلَوْ قَالَ: إذَا رَضِيت أَوْ أَحْبَبْت أَوْ أَرَدْت فَقَالَتْ: رَضِيت أَوْ أَحْبَبْت أَوْ أَرَدْت طَلَقَتْ، وَلَوْ قَالَتْ: شِئْت قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَقَعَ وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ: بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ فِي جَوَابِ أَرَدْت وَأَقُولُ: وَهُوَ الْأَوْجَهُ؛ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ مُرَادِفَةٌ لِلْإِرَادَةِ قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ كَارِهَةً، وَالتَّعْلِيقُ بِالرِّضَى أَوْ الْإِحْبَابِ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَطْلُقَ وَلَمْ أَجِدْهُ مَسْطُورًا.

(وَ) لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ (طَلْقَةً إنْ شِئْتِ إنْ شَاءَتْ) أَيْ: فَشَاءَتْ (هِيَا أَكْثَرَ) مِنْ طَلْقَةٍ (فَالزَّائِدُ عَنْهَا أُلْغِيَا) لِعَدَمِ تَعْلِيقِهِ وَوَقَعَتْ الطَّلْقَةُ؛ لِأَنَّهَا إذَا شَاءَتْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، فَقَدْ شَاءَتْ وَاحِدَةً بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ شِئْت فَشَاءَتْ دُونَ ثَلَاثٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَتَعْبِيرُ الْحَاوِي بِقَوْلِهِ: فَقَالَتْ: شِئْت بِالْفَاءِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ النَّظْمِ بِأَنْ شَاءَتْ، لِإِفَادَتِهِ اعْتِبَارَ الْفَوْرِيَّةِ، وَإِنْ أُفِيدَ مِمَّا مَرَّ وَأَلِفُ هِيَا لِلْإِطْلَاقِ، وَكَذَا أَلِفُ أُلْغِيَا إنْ بُنِيَ لِلْمَفْعُولِ، وَإِلَّا فَهِيَ بَدَلٌ مِنْ نُونِ التَّوْكِيدِ.

(وَ) لَوْ قَالَ: أَنْت (طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَا) بِدَرْجِ الْهَمْزَةِ (أَوْ بَعْدَ مَوْتِهَا، الثَّلَاثُ تُلْفَى) أَيْ تُوجَدُ بِأَنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَلَمْ يُوجَدْ لَفْظُ الثَّلَاثِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهَا، (وَطَلْقَةً) أَيْ أَوْ قَالَ لِمَوْطُوءَةٍ: أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً (بَلْ اثْنَتَيْنِ) وَقَعَ (الْأَنْهَى) أَيْ أَكْثَرُ الطَّلَاقِ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى أَبْقَى نِصْفَ طَلْقَةٍ فَتُكْمَلُ، نَعَمْ إنْ أَرَادَ إلَّا نِصْفَهَا أَيْ الثَّلَاثِ أَوْ أَطْلَقَ وَقَعَ ثِنْتَانِ، كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْبُوشَنْجِيِّ وَأَقَرَّاهُ فَمَحَلُّ وُقُوعِ الثَّلَاثِ إذَا أَرَادَ نِصْفَ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ نِصْفَ طَلْقَةٍ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَتَفْسِيرُهُ بِالثَّلَاثِ يُبَيِّنُ أَنَّ قَوْلَهُ: أَنْتِ طَالِقٌ مَقْصُودٌ بِهِ الثَّلَاثُ، وَقَصْدُهَا مَعَ هَذَا اللَّفْظِ كَافٍ فِي وُقُوعِهَا.

وَقَضِيَّتُهُ: أَنَّهُ لَوْ قَالَ: مَا قَصَدْتهَا تَقَعُ وَاحِدَةً فَقَطْ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الْمُقْرِي لَكِنَّ الْإِمَامَ وَغَيْرَهُ صَوَّرُوا وُقُوعَ الْوَاحِدَةِ بِمَا إذَا قَصَدَ الِاقْتِصَارَ عَلَى أَنْتِ طَالِقٌ، وَقَضِيَّتُهُ: وُقُوعُ الثَّلَاثِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَأَمَّا فِي الثَّالِثَةِ فَظَاهِرٌ، وَفَارَقَتْ نَظِيرَهَا فِي الْإِقْرَارِ بِقُرْبِ الِاسْتِدْرَاكِ فِي الْإِخْبَارِ وَبُعْدِهِ فِي الْإِنْشَاءِ، وَبِظُهُورِ التَّعَدُّدِ فِي الطَّلَاقِ دُونَ الْإِقْرَارِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَعَادَ اللَّفْظَ هُنَا بَعْدَ فَصْلِ تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ بِخِلَافِهِ ثَمَّةَ.

(وَ) لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ (نِصْفَ ثِنْتَيْنِ) وَقَعَ طَلْقَةً؛ لِأَنَّهَا نِصْفُهُمَا، قَالَ الْإِمَامُ: وَلَيْسَ كَقَوْلِهِ لِفُلَانٍ نِصْفُ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا شَخْصَانِ لَا يَتَمَاثَلَانِ، فَالْإِضَافَةُ إلَيْهِمَا إضَافَةٌ إلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، وَالطَّلْقَتَانِ يُشْبِهَانِ الْعَدَدَ الْمَحْضَ، (وَنِصْفًا مِنْهَا) أَيْ أَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ نِصْفًا مِنْ طَلْقَةٍ أَوْ نِصْفَ طَلْقَةٍ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي، وَقَعَ طَلْقَةً؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَجَزَّأُ، فَذِكْرُ جُزْئِهِ كَذِكْرِ كُلِّهِ لِقُوَّتِهِ، (أَوْ قَالَ: نِصْفَيْهِمَا) أَيْ نِصْفَيْ طَلْقَةٍ وَقَعَ طَلْقَةً، إلَّا أَنْ يُرِيدَ كُلَّ نِصْفٍ مِنْ طَلْقَةٍ فَيَقَعَ ثِنْتَانِ.

(وَ) لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ (ثُلْثَ وَسُدُسٌ وَرُبْعَ طَلْقَةٍ) وَقَعَ طَلْقَةً، إذْ كُلُّهَا أَجْزَاءُ طَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ (كَسُبْعٍ وَخُمُسْ)، أَيْ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ سُبُعَ وَخُمُسَ طَلْقَةٍ، فَإِنَّهُ يَقَعُ بِهِ طَلْقَةٌ، وَهَذِهِ مَزِيدَةٌ عَلَى الْحَاوِي، وَهِيَ مَفْهُومَةٌ مِمَّا قَبْلَهَا بِالْأَوْلَى (وَلَوْ) كَانَ التَّعْلِيقُ (بِأَنْ كَرَّرَ) أَيْ مَعَ تَكْرَارِهِ (طَلْقَةً فِي تَصْوِيرِنَا لَكِنْ بِغَيْرِ عَطْفِ) بِأَنْ قَالَ: ثُلُثَ طَلْقَةٍ سُدُسَ طَلْقَةٍ رُبُعَ طَلْقَةٍ أَوْ سُبُعَ طَلْقَةٍ خُمُسَ طَلْقَةٍ، فَإِنَّهُ يَقَعُ طَلْقَةٌ فَقَطْ، إذْ الْجَمِيعُ كَكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ كَرَّرَهَا مَعَ الْعَطْفِ وَقَعَ بِعِدَّةِ مَرَّاتِ التَّكْرَارِ، فَيَقَعُ فِي قَوْلِهِ: ثُلُثَ طَلْقَةٍ وَسُدُسَ طَلْقَةٍ وَرُبُعَ طَلْقَةٍ ثَلَاثٌ، وَفِي قَوْلِهِ سُبُعَ طَلْقَةٍ وَخُمُسَ طَلْقَةٍ ثِنْتَانِ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ كُلَّ جُزْءٍ إلَى طَلْقَةٍ وَعَطَفَ فَاقْتَضَى التَّغَايُرَ.

قَالَ الْقُونَوِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ: الظَّاهِرُ فِي التَّكْرَارِ بِغَيْرِ عَطْفٍ التَّغَايُرُ أَيْضًا

، (وَ) لَوْ قَالَ:

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ أَوْ أَبَيْت) وَلَوْ قَالَ: إنْ شِئْت وَأَبَيْت قَالَ الْبَغَوِيّ اُشْتُرِطَ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي: لَا حِنْثَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَاوَ لِلْجَمْعِ لِاسْتِحَالَةِ الِاجْتِمَاعِ قِيلَ: وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الْأَوَّلُ، وَمَعْنَى كَوْنِهِ لِلْجَمْعِ أَنَّهَا لِمُطْلَقِهِ الصَّادِقِ بِالتَّرْتِيبِ أَيْضًا اهـ. وَهُوَ فِي غَايَةِ الظُّهُورِ وَالصِّحَّةِ (قَوْلُهُ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ إلَخْ) هُوَ الْأَوْجَهُ م ر. (قَوْلُهُ وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ: إلَخْ) وَيُرَدُّ، وَإِنْ قَالَ شَيْخُنَا إنَّهُ الْأَوْجَهُ بِأَنَّ هُنَا فِيهِ شَائِبَةَ تَعْلِيقٍ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ مِنْ امْتِنَاعِ الرُّجُوعِ فِيهِ رِعَايَةً لِتِلْكَ الشَّائِبَةِ، وَالتَّعَالِيقُ تُنَاطُ بِالْأَلْفَاظِ الْوَاقِعَةِ فِيهَا لَا بِمُرَادِفَاتِهَا حَجَرٌ

(CheckOther

[حاشية العبادي]

harh) (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهِيَ بَدَلٌ مِنْ نُونِ التَّوْكِيدِ) وَالْفِعْلُ عَلَى هَذَا فِعْلُ أَمْرٍ.

(قَوْلُهُ بَعْدَ فَصْلٍ) وَكَذَا بِدُونِ فَصْلٍ.

(قَوْلُهُ وَقَعَ طَلْقَةٌ) فِيهِ عُمِلَ بِالْحَصْرِ دُونَ الْإِشَاعَةِ بِرّ.

(قَوْلُهُ مَعَ الْعَطْفِ) وَلَوْ زَادَتْ الْأَجْزَاءُ بِلَا وَاوٍ وَكَرَّرَ الطَّلْقَةَ كَنِصْفِ طَلْقَةٍ ثُلُثِ طَلْقَةٍ رُبُعِ طَلْقَةٍ، وَقَعَ ثِنْتَانِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي ثَلَاثَةِ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ حَجَرٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَضَافَ كُلَّ جُزْءٍ إلَى طَلْقَةٍ، وَعَطَفَ إلَخْ) وَفِي الرَّوْضِ، فَلَوْ زَادَتْ الْأَجْزَاءُ بِلَا وَاوٍ أَيْ وَكُرِّرَتْ الطَّلْقَةُ

ــ

[حاشية الشربيني]

يُحْتَاجُ لِفَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ أَوْ غَدًا، وَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ أَوْ الْبِدْعَةِ، حَيْثُ اُشْتُرِطَ مَجِيءُ الْغَدِ أَوْ الزَّمَنِ الْآخَرِ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا تَعْلِيقٌ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَمَا هُنَاكَ أَوْ لِلشَّكِّ كَمَا مَرَّ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَطْلُقَ) أَيْ بَاطِنًا م ر.

(قَوْلُهُ مَقْصُودٌ بِهِ الثَّلَاثُ) صَوَّرَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَقُولَ: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا وَمَاتَتْ بَعْدَ تَمَامِ طَالِقٌ وَقَبْلَ قَوْلِهِ ثَلَاثًا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِنَّ بِأَنْتِ طَالِقٌ لِتَضَمُّنِ إرَادَتِهِ الْمَذْكُورَةِ قَصْدَهَا، وَقَدْ تَمَّ مَعَهُ فِي حَيَاتِهَا اهـ. فَجَعَلَ إرَادَةَ أَنْ يَقُولَ: ثَلَاثًا كَافِيَةً عَنْ إرَادَةِ الثَّلَاثِ بِأَنْتِ طَالِقٌ لَكِنْ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَقَاءِ إرَادَةِ أَنْ يَقُولَ: ثَلَاثًا إلَى الْمَوْتِ فَلْيُتَأَمَّلْ لِيُعْلَمَ مَا فِي تَقْرِيرِ الشَّارِح لِلْمَسْأَلَةِ وَحُكْمُهُ بِأَنَّ أَنْتِ طَالِقٌ مَقْصُودٌ بِهِ الثَّلَاثُ، وَأَنَّ قَضِيَّتَهُ مَا ذَكَرَهُ، وَيُعْلَمُ أَيْضًا أَنَّ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْإِمَامِ هُوَ الْوَجْهُ حَيْثُ كَانَ نَاوِيًا أَنْ يَقُولَ: ثَلَاثًا الْمُتَضَمِّنَ قَصْدَهَا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا بِهِ.

(قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ إلَخْ) لَكِنَّ تِلْكَ الْقَضِيَّةَ مُخَالِفَةٌ لِصَرِيحِ كَلَامِهِمْ حَيْثُ قَالُوا: لَا يَقَعُ الزَّائِدُ عَلَى الْوَاحِدَةِ، إلَّا بِالنِّيَّةِ.

(قَوْلُهُ وَقَعَ طَلْقَةً) مَا لَمْ يُرِدْ

ص: 272

(أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا طَلْقَةً) وَقَعَ طَلْقَةٌ؛ لِأَنَّهُ بِتَعْقِيبِ الِاسْتِثْنَاءِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ أَخْرَجَهُ عَنْ الِاسْتِغْرَاقِ، فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَى طَلْقَتَيْنِ مِنْ ثَلَاثٍ؛ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْهَا ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً، وَثَلَاثٌ إلَّا وَاحِدَةً ثِنْتَانِ، وَلَا بُدَّ فِيهِ وَفِي أَمْثَالِهِ مِنْ اعْتِبَارِ الْقَصْدِ أَوَّلَ الْكَلَامِ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ، وَزَادَ عَلَى الْحَاوِي قَوْلُهُ (وَقَبْلَا بَيَّنَ) الْحَاوِي (هَذَا الْحُكْمَ فِي الْإِقْرَارِ فَذِكْرُهُ هُنَا مِنْ التَّكْرَارِ) وَلَفْظُ: قَبْلًا زِيَادَةُ إيضَاحٍ (أَوْ قَالَ: يَا طَالِقُ أَنْت طَالِقُ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْخَالِقُ) أَيْ: طَلَاقَك وَقَعَ طَلْقَةً بِالنِّدَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَلَّقُ بِشَيْءٍ كَمَا سَيَأْتِي، وَلَا يَقَعُ الثَّلَاثُ؛ لِأَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ بِعَدَمِ الْمَشِيئَةِ، وَهُوَ يَمْنَعُ الْوُقُوعَ لِمَا سَيَأْتِي (لَا إنْ يُؤَخِّرْ النِّدَا) كَأَنْ يَقُولَ: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا طَالِقُ، إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ أَمَّا بِقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَلِمَا مَرَّ، وَتَخَلَّلَ يَا طَالِقُ لَا يَقْدَحُ كَقَوْلِهِ يَا حَفْصَةُ، وَأَمَّا بِقَوْلِهِ: يَا طَالِقُ فَلِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ ظَاهِرًا عَلَى مَا قَبْلَهُ، وَقَدْ أُلْغِيَ، وَهَذَا وَجْهٌ حَكَاهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَاَلَّذِي قَطَعَ بِهِ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ يَقَعُ وَاحِدَةً.

قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْأَظْهَرَ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ غَيْرَ الْمُتَوَلِّي قَالَا: وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْبَغَوِيّ وَغَيْرَهُ ذَكَرُوا أَنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا زَانِيَةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ رَجَعَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى الطَّلَاقِ، وَوَجَبَ حَدُّ الْقَذْفِ، وَمِثْلُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، إنْ شَاءَ اللَّهُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي

. (وَأَوْقَعَا مَا) بِزِيَادَةِ مَا أَيْ: وَلَوْ أَوْقَعَ (بَيْنَهُنَّ أَوْ عَلَيْهِنَّ مَعًا) طَلْقَةً أَوْ أَكْثَرَ، (مَا لَمْ يَزِدْ عَنْ عَدِّهِنَّ) كَأَنْ قَالَ لِنِسْوَتِهِ الْأَرْبَعِ: أَوْقَعْت بَيْنَكُنَّ أَوْ عَلَيْكُنَّ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا، وَقَعَ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَ إذَا وُزِّعَ عَلَيْهِنَّ خَصَّ كُلًّا مِنْهُنَّ طَلْقَةٌ أَوْ بَعْضُهَا فَتُكْمَلُ، نَعَمْ إنْ قَصَدَ تَوْزِيعَ كُلِّ طَلْقَةٍ عَلَيْهِنَّ، وَقَعَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ فِي ثِنْتَيْنِ ثِنْتَانِ، وَفِي ثَلَاثٍ وَأَرْبَعٍ ثَلَاثٌ، وَلِبُعْدِ هَذَا عَنْ الْفَهْمِ لَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهِ اللَّفْظُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَلَوْ قَالَ: أَرَدْت طَلَاقَ بَعْضِهِنَّ دُونَ بَعْضٍ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا أَوْ يَدِينُ، أَوْ أَرَدْت طَلْقَتَيْنِ عَلَى هَذَا، وَتَوْزِيعُ الثَّالِثَةِ عَلَى الْبَاقِيَاتِ قُبِلَ؛ لِأَنَّهُ غَلَّظَ عَلَى نَفْسِهِ، وَكَالطَّلْقَةِ فِيمَا ذُكِرَ بَعْضُهَا، أَمَّا إذَا زَادَ عَنْ عَدَدِهِنَّ فَسَيَأْتِي.

(وَ) يَقَعُ وَاحِدَةٌ (عَلَى رَابِعَةٍ أَشْرَكَ) أَيْ: أَشْرَكَهَا مَعَ غَيْرِهَا بِأَنْ قَالَ: لِثَلَاثٍ أَوْقَعْت بَيْنَكُنَّ أَوْ عَلَيْكُنَّ طَلْقَةً، ثُمَّ قَالَ لِلرَّابِعَةِ أَوْ قَالَ غَيْرُهُ لِامْرَأَتِهِ: أَشْرَكْتُك مَعَهُنَّ (إنْ يَقْصِدْ) بِالْإِشْرَاكِ (إلَى طَلَاقِهَا، إذْ هُوَ) أَيْ: الْإِشْرَاكُ فِي الطَّلَاقِ (مُمْكِنٌ) .

وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَقْصِدْ إشْرَاكَهَا مَعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ فِي طَلَاقِهَا، وَإِلَّا فَيَقَعُ ثَلَاثٌ، أَمَّا إذَا لَمْ يَقْصِدْ طَلَاقَهَا، فَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا شَيْءٌ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لِغَيْرِ الطَّلَاقِ، ثُمَّ الْمُرَادُ بِإِشْرَاكِهَا جَعْلُهَا مُشَارِكَةً لَهُنَّ فِي كَوْنِهَا مُطَلَّقَةً كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ، لَا فِي طَلَاقِهِنَّ، إذْ الطَّلَاقُ الْوَاقِعُ عَلَيْهِنَّ لَا يُمْكِنُ جَعْلُ بَعْضِهِ لِغَيْرِهِنَّ، وَكَأَشْرَكْتُك مَعَهُنَّ جَعَلْتُك شَرِيكَتَهُنَّ أَوْ أَنْتِ كَهُنَّ أَوْ مِثْلُهُنَّ أَوْ نَحْوُهَا، وَلَوْ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ

ــ

[حاشية العبادي]

كَمَا فِي شَرْحِهِ كَنِصْفِ طَلْقَةٍ ثُلُثِ طَلْقَةٍ رُبُعِ طَلْقَةٍ فَطَلْقَتَانِ اهـ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُعَلَّقُ) قَضِيَّتُهُ: أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: يَا طَالِقُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ - وَقَعَ وَاحِدَةٌ، وَانْظُرْ لَوْ ادَّعَى قَصْدَ تَعْلِيقِهِ هُنَا وَفِي الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ. (قَوْلُهُ لَا يَقْدَحُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَجْنَبِيًّا بِرّ.

(قَوْلُهُ وَلِبُعْدِ هَذَا عَنْ الْفَهْمِ إلَخْ) يَشْهَدُ لِبُعْدِهِ عَنْ الْفَهْمِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: اقْسِمْ هَذَيْنِ الدِّرْهَمَيْنِ عَلَى هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ، لَمْ يُفْهَمْ مِنْهُ الْأَمْرُ بِقِسْمَةِ كُلِّ دِرْهَمٍ عَلَيْهِمْ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا، وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ أَنَّ قَدْرَ الْحَاصِلِ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ لَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهِ اللَّفْظُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَوْ أَوْقَعَ بَيْنَهُنَّ ثُلُثَ طَلْقَةٍ وَرُبُعَ طَلْقَةٍ وَسُدُسَ طَلْقَةٍ، طَلَقَتْ ثَلَاثًا ثَلَاثًا قَالَ فِي شَرْحِهِ: لِأَنَّ تَغَايُرَ الْأَجْزَاءِ وَعَطْفَهَا يُشْعِرُ بِقِسْمَةِ كُلِّ جُزْءٍ مِنْهُنَّ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: فَإِنْ أَوْقَعَ طَلْقَةً وَطَلْقَةً وَطَلْقَةً، فَهَلْ تَطْلُقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا أَيْ: لِأَنَّ التَّفْصِيلَ يُشْعِرُ بِقِسْمَةِ كُلِّ طَلْقَةٍ عَلَيْهِنَّ، أَوْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً أَيْ كَقَوْلِهِ: ثَلَاثَ طَلْقَاتٍ وَجْهَانِ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: أَقْرَبُهُمَا الْأَوَّلُ اهـ. وَلَوْ أَوْقَعَ ثُلُثَ طَلْقَةٍ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ وَثُلُثَ طَلْقَةٍ مَثَلًا، فَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِ الْأُولَى بِتَغَايُرِ الْأَجْزَاءِ: أَنْ لَا يَلْحَقَ بِهَا هَذَا، فَهَلْ يَجْرِي فِيهَا هَذَانِ الْوَجْهَانِ؟ فِيهِ نَظَرٌ.

(قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرٌ أَوْ يَدِيَنْ) هَذَا يَشْتَمِلُ مَا لَوْ أَوْقَعَ بَيْنَ أَرْبَعٍ أَرْبَعًا، وَادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ طَلَاقَ اثْنَيْنِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ دُونَ الْبَاقِيَتَيْنِ، فَقَوْلُ الرَّوْضِ: فَإِنْ أَوْقَعَ بَيْنَ أَرْبَعٍ أَرْبَعًا وَقَالَ: أَرَدْت عَلَى ثِنْتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ دُونَ الْأُخْرَيَيْنِ، لَحِقَ الْأُولَيَيْنِ طَلْقَتَانِ طَلْقَتَانِ، وَالْأُخْرَيَيْنِ طَلْقَةٌ طَلْقَةٌ اهـ. يَنْبَغِي أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ الْوُقُوعُ عَلَى الْأُخْرَيَيْنِ ظَاهِرًا فَقَطْ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ الْمُرَادُ بِإِشْرَاكِهَا إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: أَمَّا لَوْ قَالَ أَشْرَكْتُك مَعَهَا فِي الطَّلَاقِ فَتَطْلُقُ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ، كَذَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الظِّهَارِ اهـ. (قَوْلُهُ لَا فِي طَلَاقِهِنَّ) اُنْظُرْ لَوْ قَصَدَ

ــ

[حاشية الشربيني]

التَّبْعِيضَ وَإِلَّا وَقَعَ ثِنْتَانِ؛ لِأَنَّ التَّبْعِيضَ يُوجِبُ التَّكْمِيلَ خِلَافًا لِمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ

ص: 273

لِلْأُخْرَى: أَشْرَكْتُك مَعَهَا وَنَوَى الطَّلَاقَ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ، وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْقِيَاسُ أَنَّا نَجْمَعُ الثَّلَاثَ وَنُوقِعُ عَلَيْهَا نِصْفَهَا، كَمَا فَعَلْنَا ذَلِكَ بِالنِّسْوَةِ فَيَقَعُ عَلَيْهَا ثِنْتَانِ وَبِهِ صَرَّحَ الْجُرْجَانِيُّ وَفِي الْبَحْرِ قَالَ الْمُزَنِيّ فِي الْمَنْثُورِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ لِلْأُخْرَى: أَنْت شَرِيكَتُهَا فِي هَذَا الطَّلَاقِ ثُمَّ قَالَ لِأُخْرَى: وَأَنْتِ شَرِيكَتهَا أَيْ الثَّانِيَةِ فِي هَذَا الطَّلَاقِ قَالَ الشَّافِعِيُّ تَطْلُقُ الْأُولَى ثَلَاثًا وَالثَّانِيَةُ ثِنْتَيْنِ وَالثَّالِثَةُ وَاحِدَةً، قَالَ الْمُزَنِيّ وَعِنْدِي تَطْلُقُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثَلَاثًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ: فَحَصَلَ أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهَا تَطْلُقُ ثِنْتَيْنِ يَعْنِي فِي الْأُولَى كَالثَّانِيَةِ، وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ قَوْلِهِ فِي الثَّانِيَةِ فِي هَذَا الطَّلَاقِ أَنَّهُ أَرَادَ الْعَدَدَ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ: نَوَيْت الطَّلَاقَ فَالْأَوْجَهُ فِيهِ أَنَّهَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً كَمَا مَرَّ.

(وَإِنْ عَلَّقَ) الطَّلَاقَ كَأَنْ قَالَ لِإِحْدَى امْرَأَتَيْهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِأُخْرَى: أَشْرَكْتُك مَعَهَا، فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْإِشْرَاكُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ، ثُمَّ إنْ أَرَادَ إشْرَاكَهَا مَعَهَا فِي تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا بِدُخُولِ الْأُولَى طَلُقَتَا بِدُخُولِهَا، وَإِنْ أَرَادَ إشْرَاكَهَا مَعَهَا فِي أَنَّ طَلَاقَهَا مُعَلَّقٌ بِدُخُولِهَا كَمَا فِي الْأُولَى تَعَلَّقَ طَلَاقُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِدُخُولِ نَفْسِهَا، فَلَوْ أَطْلَقَ فَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى الثَّانِي، وَلَوْ قَالَ: أَرَدْت تَوَقُّفَ طَلَاقِ الْأُولَى عَلَى دُخُولِ الثَّانِيَةِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ التَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ.

(فَرْعٌ) أَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِيمَنْ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ، وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ وَحَنِثَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ يُعَيِّنُهَا فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوقِعَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ طَلْقَةً حَتَّى تَكْمُلَ الثَّلَاثُ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ ذَلِكَ مَا أَفَادَ الْفُرْقَةَ الْمُوجِبَةَ لِلْبَيْنُونَةِ الْكُبْرَى، وَلَمْ يَقِفْ السُّبْكِيُّ عَلَى هَذَا فَقَالَ تَفَقُّهًا: الظَّاهِرُ جَوَاز ذَلِكَ وَبِمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَفْتَيْت فِيمَنْ حَلَفَ بِالثَّلَاثِ وَلَهُ زَوْجَتَانِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ عَيَّنَ لِإِحْدَاهُمَا

ــ

[حاشية العبادي]

ذَلِكَ هَلْ يُقْبَلُ ظَاهِرًا؟ ، (قَوْلُهُ وَنَوَى الطَّلَاقَ إلَخْ) أَيْ أَصْلَ الطَّلَاقِ فَقَطْ، فَإِنْ نَوَاهُ مَعَ الْعَدَدِ فَطَلْقَتَانِ. (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ: إلَخْ) وَفِيهِ يَعْنِي الْأَنْوَارَ طَلَّقَ وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ لِأُخْرَى: قَسَمْت الصَّلَّاقَ بَيْنَكُمَا لَمْ تَطْلُقْ، وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَنْوِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ كَمَا فَعَلْنَا) كَأَنَّهُ يُرِيدُ مَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ: أَوْقَعْت بَيْنَكُمَا ثَلَاثَ طَلْقَاتٍ، فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ ثِنْتَانِ بِرّ. (قَوْلُهُ تَعَيَّنَ فِي الْأُولَى) أَيْ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَيْ مَسْأَلَةِ الْأَنْوَارِ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الْقُوتِ (فَرْعٌ) لَهُ زَوْجَتَانِ فَقَالَ: زَوْجَتِي أَوْ امْرَأَتِي طَالِقٌ وَلَمْ يَنْوِ عَدَدًا، وَلَا مَحَلًّا وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى إحْدَاهُنَّ، وَيُعَيِّنُ خِلَافًا لِأَحْمَدَ حَيْثُ قَالَ: يَقَعُ عَلَى جَمِيعِهِنَّ، وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ الطَّلَاقُ أَوْ الطَّلَاقُ لَازِمٌ لِي أَوْ يَلْزَمُنِي وَقُلْنَا: بِصَرَاحَةِ ذَلِكَ، وَهُوَ الرَّاجِحُ، أَوْ نَوَى أَفْتَى الْمُتَأَخِّرُونَ، مِنْهُمْ: ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ الصَّلَاحِ وَالْعِمَادُ بْنُ يُونُسَ وَالْكَمَالُ سَلَارٌ شَيْخُ النَّوَوِيِّ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخَائِرِ فِي قَوْلِهِ: عَلَيَّ الطَّلَاقُ، أَنَّهَا كَالَّتِي قَبْلَهَا اهـ. بِرّ

(قَوْلُهُ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ يُعَيِّنُهَا فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ) اُنْظُرْ لَوْ كَانَتْ الصُّورَةُ مَا ذُكِرَ، وَلَكِنَّهُ يَمْلِكُ عَلَى زَوْجَةٍ طَلْقَةً وَعَلَى أُخْرَى ثِنْتَيْنِ وَعَلَى أُخْرَى ثَلَاثًا مَاذَا يُفْعَلُ؟ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَأَقُولُ: يَتَّجِهُ جَوَازُ التَّوْزِيعِ مُطْلَقًا حَيْثُ أَدْخَلَ فِيهِ ذَاتَ الطَّلْقَةِ، بَلْ يَتَّجِهُ جَوَازُ تَعْيِينِهَا وَحْدَهَا لِلطَّلَاقِ لِحُصُولِ مَقْصُودِ الْيَمِينِ مِنْ الْبَيْنُونَةِ الْكُبْرَى فَتَبِينُ بِوَاحِدَةٍ وَتَلْغُو الْبَاقِيَتَانِ، وَلَا يَقَعُ عَلَى صَاحِبَتَيْهَا شَيْءٌ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ خَاطَبَهَا ابْتِدَاءً بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ صَحَّ وَوَقَعَ عَلَيْهَا وَاحِدَةٌ، وَلَغَا الْبَاقِيَتَانِ فَلْيَصِحَّ تَعَيُّنُهَا لَهُ فَتَأَمَّلْ، وَلَوْ عَلَّقَ الثَّلَاثَ عَلَى صِفَةٍ مِنْ إحْدَى نِسَائِهِ عَلَى الْإِبْهَامِ، ثُمَّ وُجِدَتْ الصِّفَةُ عَيَّنَ إحْدَاهُنَّ، فَلَوْ عَيَّنَ مَنْ مَاتَتْ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ، لَمَا صَحَّ هَذَا التَّعْيِينُ، إذْ يَلْزَمُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَى الْمَيِّتَةِ، إذْ الطَّلَاقُ لَا يَسْبِقُ زَمَانَ وُجُودِ الصِّفَةِ، بِخِلَافِ

ــ

[حاشية الشربيني]

إلَخْ) لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ الطَّلَاقَ وَسَيَأْتِي بَسْطُهُ فِي الشَّرْحِ.

(قَوْلُهُ وَنَوَى الطَّلَاقَ) أَيْ لَمْ يَقُلْ: فِي هَذَا الطَّلَاقِ، بَلْ نَوَى أَصْلَ الطَّلَاقِ فَالرَّاجِحُ فِيهِ وُقُوعُ وَاحِدَةٍ فَقَطْ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: أَشْرَكْتُك مَعَهَا فِي هَذَا الطَّلَاقِ كَمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ أَنَّ الْمَذْهَبَ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْأَنْوَارِ.

(قَوْلُهُ فَلَوْ أَطْلَقَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْكَرْخِيِّ عَلَى الْمَحَلِّيِّ: فَإِنْ أَطْلَقَ بِأَنْ قَصَدَ مُطْلَقَ التَّعْلِيقِ فَحُكْمُ الْأُخْرَى حُكْمُ الْأُولَى فَحَيْثُ كَانَ التَّعْلِيقُ فِيهَا عَلَى دُخُولِهَا نَفْسِهَا فَالْأُخْرَى كَذَلِكَ أَيْ: يَكُونُ طَلَاقُهَا مُعَلَّقًا عَلَى دُخُولِهَا نَفْسِهَا. (قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ) وَلَا يَدِينُ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ اهـ. ق ل.

(قَوْلُهُ أَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ)(فَرْعٌ) لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ وَلَهُ زَوْجَتَانِ وَلَمْ يَنْوِ شَيْئًا، تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا فَمَنْ أَرَادَ مِنْهُمَا جَعَلَهُ وَاقِعًا عَلَيْهَا نَقَلَهُ ابْنُ السُّبْكِيّ عَنْ الْكَمَالِ سَلَارٍ شَيْخِ الشَّيْخِ النَّوَوِيِّ ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ قُلْت: هُوَ مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ فِيمَنْ قَالَ: حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَلَهُ امْرَأَتَانِ، أَنَّهُ تَطْلُقُ كُلٌّ مِنْهُمَا طَلْقَةً، وَأَفْتَى الْبَغَوِيّ بِمِثْلِهِ قُلْت لَا، فَإِنَّ حَلَالَ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ كُلَّ حَلَالٍ لَهُ، وَهُوَ الْمَرْأَتَانِ، فَإِنْ قُلْت: وَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ، فَإِنَّهُ عَامٌّ؛ لِأَنَّهُ مُحَلًّى بِاللَّامِ قُلْت اللَّامُ مِنْ الطَّلَاقِ لَا تُحْمَلُ عَلَى الْعُمُومِ لِشُيُوعِ الْعُرْفِ فِيهَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَيْضًا: الْحَلَالُ مُفْرَدَاتُهُ النِّسَاءُ فَيَعُمُّ فِيهَا، وَالطَّلَاقُ

ص: 274

طَلْقَةً رَجْعِيَّةً وَلِلْأُخْرَى طَلْقَتَيْنِ رَجْعِيَّتَيْنِ، ثُمَّ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا قَبْلَ الْحِنْثِ وَمَا بَعْدَهُ، وَإِنْ تُخُيِّلَ فَرْقٌ فَبَعِيدٌ (كَالظِّهَارِ) ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ الْإِشْرَاكُ فِيهِ، وَإِنْ عَلَّقَهُ كَأَنْ قَالَ: أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ قَالَ لِأُخْرَى: أَشْرَكْتُك مَعَهَا تَغْلِيبًا لِشَبَهِ الطَّلَاقِ عَلَى شَبَهِ الْأَيْمَانِ

(لَا الْإِيَّلَا) إذَا (قُرِنْ بِاَللَّهِ) فَلَوْ آلَى مِنْ وَاحِدَةٍ بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ ثُمَّ قَالَ: لِأُخْرَى أَشْرَكْتُك مَعَهَا لَا يَصِيرُ مُولِيًا مِنْهَا أَيْضًا، إذْ لَا يُمْكِنُ الْإِشْرَاكُ فِيهِ؛ لِأَنَّ عِمَادَ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُ اسْمِهِ أَوْ صِفَتِهِ صَرِيحًا، فَلَا يَنْعَقِدُ بِالْكِنَايَةِ فِي الْمَحْلُوفِ بِهِ، حَتَّى لَوْ قَالَ: بِهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَقَالَ: أَرَدْت بِاَللَّهِ لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينُهُ.

وَخَرَجَ بِاَللَّهِ مَا إذَا آلَى بِالْتِزَامِ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ نَحْوِهِمَا كَأَنْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُك فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لِأُخْرَى: أَشْرَكْتُك مَعَهَا فَيَصِحُّ الْإِشْرَاكُ فِيهِ إذَا قَصَدَ أَنَّهُ إذَا وَطِئَ الثَّانِيَةَ طَلَقَتْ وَيَكُونُ مُولِيًا مِنْهَا، فَإِنْ قَصَدَ بِهِ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَ الْأُولَى طَلَقَتْ الثَّانِيَةُ، كَانَ إشْرَاكًا فِي الطَّلَاقِ لَا فِي الْإِيلَاءِ، وَلَوْ قَالَ: قَصَدْت بِهِ تَوَقُّفَ طَلَاقِ الْأُولَى عَلَى وَطْءِ الثَّانِيَةِ، لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِمَا مَرَّ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ (وَحْدَهُ) إيضَاحٌ، وَقَوْلَهُ (فَطَلْقَةً تَقَعْ) أَيْ: فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ جَوَابَ الشَّرْطِ الْمُقَدَّرِ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَنِصْفَ ثِنْتَيْنِ كَمَا تَقَرَّرَ. (وَإِنْ يَكُنْ) أَيْ الطَّلَاقُ الزَّائِدُ عَلَى عَدَدِهِنَّ (عَنْ ضِعْفِهِنَّ مَا ارْتَفَعْ) بِأَنْ أَوْقَعَ عَلَى أَرْبَعٍ خَمْسًا أَوْ سِتًّا أَوْ سَبْعًا أَوْ ثَمَانِيًا، وَقَعَ عَلَى كُلٍّ ثِنْتَانِ، فَإِنْ ارْتَفَعَ عَنْ الضِّعْفِ وَقَعَ عَلَى كُلٍّ ثَلَاثٌ (أَوْ قَالَ:) أَنْتِ طَالِقٌ (خَمْسًا وَالثَّلَاثَ اسْتَثْنَى) كَأَنْ قَالَ: إلَّا ثَلَاثًا وَقَعَ ثِنْتَانِ اعْتِبَارًا لِلِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْمَلْفُوظِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَفْظِيٌّ لَا مِنْ الْعَدَدِ الشَّرْعِيِّ، (أَوْ ثُلِّثَتْ أَنْصَافُهَا) أَيْ الطَّلْقَةِ أَيْ جُعِلَتْ أَنْصَافُهَا ثَلَاثًا، بِأَنْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثَةَ أَنْصَافِ طَلْقَةٍ وَقَعَ ثِنْتَانِ لِزِيَادَةِ النِّصْفِ الثَّالِثِ عَلَى الطَّلْقَةِ، فَتُحْسَبُ مِنْ أُخْرَى فَقَوْلُهُ:(تُثَنَّى) أَيْ: الطَّلْقَةُ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ جَوَابَ قَوْلِهِ، وَإِنْ يَكُنْ

(وَ) لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ فِي (كُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةً) أَوْ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا فِي كُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةً، وَقَعَ طَلْقَةٌ (فِي طُهْرِ مَنْ تَيْأَسُ وَالطِّفْلِ) مُرَخَّمُ الطِّفْلَةِ أَيْ الصَّغِيرَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقُرْءَ الِانْتِقَالُ، قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهُوَ مُخَالِفٌ لِتَصْحِيحِهِمْ فِي الْعِدَّةِ أَنَّ الْقُرْءَ هُوَ الْمُحْتَوِشُ بِدَمَيْنِ، قَالَ هُنَاكَ: وَيَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ تَرْجِيحُهُمْ الْوُقُوعَ فِي هَذِهِ لِمَعْنًى يَخُصُّهَا لَا لِرُجْحَانِ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقُرْءَ الِانْتِقَالُ.

وَبَيَّنَ جَمَاعَةٌ الْمَعْنَى الْمَذْكُورَ بِأَنَّ قُرْءَ الْمَذْكُورَتَيْنِ شَهْرٌ لَا الطُّهْرُ

ــ

[حاشية العبادي]

مَنْ مَاتَتْ بَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ، يَصِحُّ تَعَيُّنُهَا وَكَالْمَيِّتَةِ الْمُبَانَةُ، وَلَوْ عَلَّقَ الثَّلَاثَ كَمَا ذُكِرَ ثُمَّ عَيَّنَ إحْدَاهُنَّ لِهَذَا الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ صَحَّ التَّعْيِينُ، حَتَّى لَوْ مَاتَتْ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ لَغَا التَّعْلِيقُ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْعَمَلِ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهَا، وَلَا يَلْزَمُ تَعْيِينُ غَيْرِهَا، وَلَوْ مُتْنَ أَوَبِنَّ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ، إلَّا وَاحِدَةً، انْحَصَرَ الْوُقُوعُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى تَعْيِينٍ، وَلَوْ مُتْنَ أَوْ بِنَّ كُلُّهُنَّ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ لَغَا التَّعْلِيقُ، وَلَوْ جَدَّدَ نِكَاحَ الْمُبَانَاتِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ عَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ م ر

(قَوْلُهُ بِهِ لَأَفْعَلَنَّ) اُنْظُرْ لَوْ قَالَ: اللَّهُ أَحْلِفُ بِهِ لَأَفْعَلَن كَذَا

(قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقُرْءَ الِانْتِقَالُ إلَخْ) فَلَوْ حَاضَتْ الصَّغِيرَةُ قَبْلَ مُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مِنْ طَلَاقِهَا أَوْ الْآيِسَةُ كَذَلِكَ عَلَى نُدُورِ تَكَرُّرٍ بِتَكَرُّرِ أَقْرَائِهَا، كَمَا سَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ حَجَرٌ وَقَوْلُهُ: قَبْلَ مُضِيِّ إلَخْ أَيْ: بِخِلَافِهِ بَعْدَ مُضِيِّ ذَلِكَ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِمُضِيِّهِ، فَلَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ. (قَوْلُهُ بِأَنَّ قُرْءَ الْمَذْكُورَتَيْنِ شَهْرٌ) قَدْ يُقَالُ:

ــ

[حاشية الشربيني]

مُفْرَدَاتُهُ الطَّلْقَاتُ لَا الْمُطَلَّقَاتُ، فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِمَا، بَلْ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَقَطْ، إذْ لَا عُمُومَ فِي الْمُطْلَقِ، بَلْ فِي الطَّلَاقِ، بِخِلَافِ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ، ثُمَّ نَفْسُ الطَّلَاقِ لَا يَعُمُّ لِمُعَارِضَتِهِ الْعُرْفَ كَمَا ذَكَرْنَا، وَهَذَا تَحْرِيرُ الْجَوَابِ فِي الْحَقِيقَة اهـ. مِنْ طَبَقَاتِ ابْنِ السُّبْكِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَوْلُهُ إذْ لَا فَرْقَ) فَيَبْطُلُ هَذَا التَّعْيِينُ وَيَلْزَمُهُ تَعْيِينٌ آخَرُ إنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ إنْشَاءَ طَلَاقٍ، وَإِلَّا وَقَعَ وَبَقِيَ عَلَيْهِ التَّعْيِينُ اهـ. شَيْخُنَا ذ. رحمه الله

(قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقُرْءَ الِانْتِقَالُ) عِبَارَةُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ هُنَا: أَنَّ الْقُرْءَ هُوَ الطُّهْرُ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَوِشْ بِدَمَيْنِ لِصِدْقِ الِاسْمِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ هَذَا الْبَابُ، وَلَا يُنَافِيهِ اشْتِرَاطُ الِاحْتِوَاشِ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّة؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ تَكْرَارُ الدَّلَالَةِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَلَا يَتِمُّ، إلَّا بِأَطْهَارٍ احْتَوَشَتْهَا الدِّمَاءُ اهـ. فَقَوْلُهُ بَعْدُ لِمَعْنًى يَخُصّهَا هُوَ صِدْقُ الِاسْمِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ هَذَا الْبَابُ كَمَا فِي التَّوْجِيهِ الثَّانِي، وَقَوْلُ حَجَرٍ وَلَا يَتِمُّ إلَخْ فَالِاحْتِوَاشُ إنَّمَا اُعْتُبِرَ لِلتَّكْرَارِ لَا لِتَسْمِيَتِهِ قُرْءًا. ق ل. (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقُرْءَ الِانْتِقَالُ) أَيْ: مِنْ نَقَاءٍ إلَى دَمٍ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ فَكَانَ الْقَائِلُ: بِأَنَّهُ الِانْتِقَالُ يَقُولُ: إنَّ حَقِيقَةَ الِانْتِقَالِ إنَّمَا يُعْمَلُ بِهَا إنْ كَانَتْ تَرَى الدَّمَ، وَإِلَّا كَفَى الطُّهْرُ وَوُقُوعُ طَلْقَةٍ فِي الْحَالِ، هُوَ الَّذِي أَطْلَقَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرُهُمْ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي وَالسَّرَخْسِيُّ فِي الصَّغِيرَةِ: يُؤْمَرُ بِاجْتِنَابِهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا تَرَى الدَّمَ، فَإِنْ رَأَتْهُ تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الطَّلَاقِ يَوْمَ اللَّفْظِ، وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ مَاتَتْ عَلَى النِّكَاحِ، وَأَمَّا الْآيِسَةُ فَلَا خِلَافَ عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّ الْقُرْءَ هُنَا الِانْتِقَالُ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ، وَقَوْلُ الْمُتَوَلِّي وَالسَّرَخْسِيِّ تَبَيَّنَّا إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِانْتِقَالِ الطُّهْرُ الْمُنْتَقَلُ مِنْهُ إلَى الدَّمِ فَتَأَمَّلْ تَعْرِفْ. ثُمَّ رَأَيْت الْمَحَلِّيَّ قَالَ فِي بَابِ الْعِدَدِ: إنَّ أَصْلَ الْخِلَافِ فِي كَيْفِيَّةِ اعْتِبَارِ الطُّهْرِ الْمُفَسَّرِ بِهِ الْقُرْءُ، هَلْ هُوَ طُهْرٌ بَيْنَ دَمَيْنِ؟ أَوْ طُهْرٌ يُنْتَقَلُ مِنْهُ إلَى دَمٍ؟ ، سَوَاءٌ سَبَقَهُ دَمٌ آخَرُ أَوْ لَا، ثُمَّ تَوَسَّعَ عَلَى الثَّانِي وَاعْتَبَرَ نَفْسَ الِانْتِقَالِ قُرْءًا حَتَّى اكْتَفَى فِي انْقِضَاءِ عِدَّةِ مَنْ قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ فِي آخِرِ طُهْرِك لَا مَعَهُ بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ اهـ. فَعَبَّرَ بِالِانْتِقَالِ لِيُفِيدَ الْمَعْنَى الْمُتَوَسَّعَ لِأَجْلِهِ، وَإِلَّا فَالْقُرْءُ اسْمٌ لِلطُّهْرِ الَّذِي يُنْتَقَلُ مِنْهُ إلَى دَمٍ أَيْ: شَأْنُهُ ذَلِكَ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ بِأَنَّ قُرْءَ الْمَذْكُورَتَيْنِ شَهْرٌ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ: وَعَنْ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ وَجْهٌ غَرِيبٌ أَنَّ الْأَقْرَاءَ

ص: 275

وَبِأَنَّ الْقُرْءَ اسْمٌ لِلطُّهْرِ فَوَقَعَ الطَّلَاقُ لِصِدْقِ الِاسْمِ، وَالِاحْتِوَاشُ شَرْطُ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِتَكَرُّرِ الدَّلَالَةِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ بِأَطْهَارٍ احْتَوَشَتْهَا الدِّمَاءُ، وَهَذَا قَدْ يُشْكِلُ بِمَسْأَلَةِ الْحَامِلِ الَّتِي ذَكَرَهَا النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ:(وَلَا يُكَرَّرَنْ) أَيْ الطَّلَاقَ (فِي حَامِلٍ) قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ فِي كُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةً بِتَكَرُّرِ أَطْهَارِهَا فِي حَالِ حَمْلِهَا؛ لِأَنَّ الْقُرْءَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ وَيُعْتَدُّ بِهِ عَنْ الْعِدَّةِ، وَطُهْرُ الْحَامِلِ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةً حَالَ طُهْرِهَا الْأُوَلِ سَوَاءٌ سَبَقَ لَهَا حَيْضٌ أَمْ لَا، بِخِلَافِ غَيْرِ الْحَامِلِ، فَإِنَّهُ يَتَكَرَّرُ طَلَاقُهَا بِتَكَرُّرِ طُهْرِهَا مَا لَمْ تَبِنْ، (وَمَا يُكَرَّرُ) مِنْ لَفْظِ الطَّلَاقِ (عُدِّدَا) أَيْ: الطَّلَاقَ (حَسْبَ) أَيْ بِقَدْرِ (الَّذِي كُرِّرَ) سَوَاءٌ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ أَمْ أَطْلَقَ، (لَا إنْ أُكِّدَا بِغَيْرِ فَصْلٍ) بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ (وَ) بِغَيْرِ (اخْتِلَافٍ) فِي الْعَاطِفِ، فَلَا يَتَعَدَّدُ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (قَطَعَهْ) صِفَةٌ لِفَصْلٍ وَاخْتِلَافٍ، أَيْ: بِغَيْرِ فَصْلٍ وَاخْتِلَافٍ قَاطِعٍ كُلٌّ مِنْهُمَا اللَّفْظَ عَمَّا قَبْلَهُ، فَلَا يُؤَثِّرُ غَيْرُ الْقَاطِعِ مِنْهُمَا كَفَصْلِ التَّنَفُّسِ وَنَحْوِهِ، وَاخْتِلَافِ اللَّفْظِ مَعَ اتِّحَادِ الْعَاطِفِ كَانَتْ مُطَلَّقَةً وَمُسَرَّحَةً وَمُفَارَقَةً، بِخِلَافِ الْقَاطِعِ مِنْهُمَا كَالْفَصْلِ بِزَائِدٍ عَلَى فَصْلِ التَّنَفُّسِ وَنَحْوِهِ، وَالِاخْتِلَافِ فِي الْعَاطِفِ كَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ فَطَالِقٌ فَيَتَعَدَّدُ الطَّلَاقُ بِحَسْبِ تَعَدُّدِ لَفْظِهِ، وَإِنْ قَصَدَ التَّأْكِيدَ.

وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ صَحَّ قَصْدُ تَأْكِيدِ الثَّانِي بِالثَّالِثِ لِتَسَاوِيهِمَا، لَا الْأَوَّلِ بِالثَّانِي لِاخْتِصَاصِهِ بِوَاوِ الْعَطْفِ الْمُوجِبِ

ــ

[حاشية العبادي]

لَوْ كَانَ كَذَلِكَ تَكَرَّرَ الطَّلَاقُ بِتَكَرُّرِ الْأَشْهُرِ. (قَوْلُهُ وَهَذَا قَدْ يُشْكِلُ بِمَسْأَلَةِ الْحَامِلِ) أَيْ: إذْ مُقْتَضَاهُ التَّكَرُّرُ فِيهَا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِمَزِيدِ مُنَافَاةٍ الْحَمْلِ لِتَأْثِيرِ الطُّهْرِ مَعَهُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ قِيلَ: بِاعْتِبَارِ الِانْتِقَالِ فِي الْعِدَّةِ، بِخِلَافِ الطُّهْرِ مَعَ الْحَمْلِ. (قَوْلُهُ وَلَا يَتَكَرَّرْنَ فِي حَامِلٍ) أَمَّا لَوْ قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ فِي كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةً، فَإِنَّ طَلَاقَهَا يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ طُهْرِهَا حَجَرٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْقَاطِعِ مِنْهُمَا كَالْفَصْلِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: نَعَمْ يَدِينُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ اهـ. (قَوْلُهُ وَالِاخْتِلَافُ فِي الْعَاطِفِ) يَنْبَغِي التَّدَيُّنُ هُنَا أَيْضًا، وَفِي الْعُبَابِ فِي صُوَرٍ مِنْهَا: أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ وَطَالِقٌ مَا نَصُّهُ: وَأَكَّدَ الْأُولَى بِالْأَخِيرَتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا، لَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا وَيَدِينُ، وَإِنْ أَكَّدَ الثَّانِيَةَ بِالثَّالِثَةِ قُبِلَ اهـ. فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ قَصَدَ التَّأْكِيدَ) لَوْ عَبَّرَ بَدَلَ هَذَا بِقَوْلِهِ: وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ قَصْدُ التَّأْكِيدِ كَانَ أَنْسَبَ بِالتَّدْيِينِ فِي الْأُولَى. (قَوْلُهُ لَا الْأَوَّلِ بِالثَّانِي) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَقَالَ: أَكَّدْت الْأُولَى أَيْ بِالْأُخْرَيَيْنِ أَوْ بِأَحَدِهِمَا لَمْ نَقْبَلْ ظَاهِرًا اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

فِي الصَّغِيرَة تُحْمَلُ عَلَى الْأَشْهُرِ اهـ. أَيْ وَالْيَائِسَةُ أَوْلَى بِهَذَا الْقَوْلِ، بَلْ قَوْلُهُ: وَالْيَائِسَةُ كَالصَّغِيرَةِ يُفِيدُ جَرَيَانَ هَذَا الْقَوْلِ فِيهَا. (قَوْلُهُ فِي حَالِ حَمْلِهَا) يُفِيدُ أَنَّهُ يَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِ أَطْهَارِهَا بَعْدَ وَضْعِ حَمْلِهَا. (قَوْلُهُ فَلَا يَقَعُ، إلَّا وَاحِدَةٌ) فَإِنْ رَاجَعَهَا قَبْلَ الْوَضْعِ وَقَعَتْ أُخْرَى إذَا طَهُرَتْ مِنْ النِّفَاسِ، وَعَلَيْهَا اسْتِئْنَافُ الْعِدَّةِ، سَوَاءٌ وَطِئَهَا بَعْدَ الرَّجْعَةِ أَوْ لَا، وَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْوَضْعِ، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ، فَلَوْ رَاجَعَهَا حَالَ طُهْرِهَا مِنْ النِّفَاسِ فَهَلْ تَقَعُ ثَالِثَةٌ إذَا طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِهَا بَعْدَهُ؟ الظَّاهِرُ الْوُقُوعُ فَحَرِّرْ. (قَوْلُهُ فَلَا يَقَعُ، إلَّا وَاحِدَةٌ) فَتَقَعُ حَالًا إنْ كَانَتْ غَيْرَ حَائِضٍ، وَإِلَّا فَلَا حَتَّى يَظْهَرَ وَإِنَّمَا وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ أَطْهَارِهَا إنْ كَانَتْ تَحِيضُ بِمَنْزِلَةِ طُهْرٍ وَاحِدٍ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْبَرَاءَةِ. (قَوْلُهُ فَلَا يَقَعُ، إلَّا وَاحِدَةٌ) لِأَنَّهَا إنْ لَمْ تَحِضْ فَطُهْرُهَا مُنْتَقَلٌ مِنْهُ إلَى دَمٍ، وَهُوَ دَمُ النِّفَاسِ، وَإِنْ كَانَتْ تَحِيضُ فَكُلُّ أَطْهَارِهَا بِمَنْزِلَةِ طُهْرٍ وَاحِدٍ مُنْتَقَلٍ مِنْهُ إلَى دَمِ النِّفَاسِ لِعَدَمِ دَلَالَةِ أَطْهَارِهَا عَلَى الْبَرَاءَةِ.

(قَوْلُهُ أَمْ أَطْلَقَ) أَيْ عُلِمَ مِنْهُ الطَّلَاقُ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ قَصْدُهُ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ مُرَاجَعَتُهُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ كَأَنْتِ مُطَلَّقَةٌ وَمُسَرَّحَةٌ وَمُفَارَقَةٌ) أَيْ: فَيَصِحُّ تَأْكِيدُ الثَّانِي بِالثَّالِثِ، بِخِلَافِ تَأْكِيدِ الْأَوَّلِ لَا يَصِحُّ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا لِاشْتِمَالِهِمَا عَلَى الْعَاطِفِ دُونَهُ كَمَا فِي م ر وَحَجَرٍ (قَوْلُهُ بِزَائِدٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّ مَا هُوَ زَائِدٌ جِدًّا، وَاعْتَبَرَ حَجَرٌ أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ لَا يُنْسَبُ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ بِسَبَبِ طُولِ الْفَصْلِ، وَم ر كَالشَّارِحِ (قَوْلُهُ فَيَتَعَدَّدُ الطَّلَاقُ بِحَسْبِ تَعَدُّدِ لَفْظِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ، وَقَدْ تَعَدَّدَ هُنَا ثَلَاثًا وَجُعِلَ الْأَوَّلُ مِنْ قَبِيلِ الِاخْتِلَافِ فِي الْعَاطِفِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَعُمُّ وُجُودَهُ فِي الْمُؤَكِّدِ بِالْكَسْرِ دُونَ الْمُؤَكَّدِ بِالْفَتْحِ. (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ إلَخْ) هَذَا الْحُكْمُ بِعَيْنِهِ هُوَ حُكْمُ أَنْتِ مُطَلَّقَةٌ وَمُسَرَّحَةٌ وَمُفَارَقَةٌ كَمَا مَرَّ بِالْهَامِشِ، وَإِنْ أَوْهَمَ صَنِيعُهُ خِلَافَهُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ صَحَّ قَصْدُ إلَخْ) أَيْ قُبِلَ

ص: 276

لِلتَّغَايُرِ، وَلَا بِالثَّالِثِ لِذَلِكَ وَلِلْفَصْلِ (أَوْ) لَمْ يُؤَكِّدْ كَمَا مَرَّ لَكِنْ كَرَّرَ (قَبْلَ وَطْءٍ) ، فَلَا يَتَعَدَّدُ؛ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ، فَلَا يَقَعُ بِمَا بَعْدَهُ شَيْءٌ، (لَا إذَا قَالَ) لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا (مَعَهْ) طَلْقَةٌ أَوْ مَعَ طَلْقَةٍ (أَوْ فَوْقُ) أَيْ فَوْقَهُ طَلْقَةٌ أَوْ فَوْقَ طَلْقَةٍ أَوْ تَحْتَهُ طَلْقَةٌ أَوْ تَحْتَ طَلْقَةٍ، فَيَتَعَدَّدُ لِاقْتِضَاءِ ذَلِكَ مَعْنَى الضَّمِّ وَالْمُقَارَنَةِ فَيَقَعَانِ مَعًا بِلَا تَرْتِيبٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: طَلْقَةً قَبْلَهَا طَلْقَةٌ أَوْ قَبْلَ طَلْقَةٍ أَوْ بَعْدَهَا طَلْقَةٌ أَوْ بَعْدَ طَلْقَةٍ، لَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ لِظُهُورِ التَّرْتِيبِ فِيهِ وَتَعَذُّرِهِ فِي غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ، (أَوْ عَلَّقَ) الْمُكَرِّرُ قَبْلَ الْوَطْءِ، وَإِنْ أَخَّرَ الشَّرْطَ كَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ أَوْ عَكْسُهُ فَيَتَعَدَّدُ، لِتَعَلُّقِ الْكُلِّ بِالْمُعَلَّقِ بِهِ وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهَا، نَعَمْ إنْ عَطَفَ بِثُمَّ فَقَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ، فَلَا تَعَدُّدَ؛ لِأَنَّ ثُمَّ لِلتَّرَاخِي، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.

وَيَنْبَغِي إلْحَاقُ الْفَاءِ بِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِلتَّرَاخِي؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ التَّرْتِيبِ كَافٍ فِي عَدَمِ وُقُوعِ الثَّانِيَةِ، وَيَدُلُّ لَهُ كَلَامُ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِمَا فَإِلْحَاقُ صَاحِبِ الْأَنْوَارِ لَهَا بِالْوَاوِ أَخْذًا بِظَاهِرِ التَّعْلِيلِ فِيمَا مَرَّ بِالتَّرَاخِي فِيهِ نَظَرٌ، (لَا) الطَّلَاقَ (الْمَشْكُوكُ) فِي وُقُوعِهِ مُنَجَّزًا أَوْ مُعَلَّقًا فَلَا يَقَعُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَبَقَاءُ النِّكَاحِ (كَمِثْلِ) أَنْتِ طَالِقٌ، (إلَّا أَنْ يَشَا الْمَلِيكُ) عَزَّ وَعَلَا أَيْ: طَلَاقَك، فَلَا يَقَعُ لِلشَّكِّ فِي عَدَمِ الْمَشِيئَةِ؛ وَلِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْمَشِيئَةِ يُوجِبُ حَصْرَ الْوُقُوعِ فِي حَالِ عَدَمِهَا، وَذَلِكَ تَعْلِيقٌ بِعَدَمِهَا، وَهُوَ يَمْنَعُ الْوُقُوعَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ:(أَوْ) أَنْتِ (طَالِقٌ إنْ شَاءَ) اللَّهُ (أَوْ إنْ لَمْ) يَشَأْ اللَّهُ أَيْ طَلَاقَك، فَلَا يَقَعُ لِخَبَرِ: مَنْ حَلَفَ ثُمَّ قَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقَدْ اسْتَثْنَى، حَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ؛ وَلِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِهِ مِنْ مَشِيئَةٍ أَوْ عَدَمِهَا غَيْرُ مَعْلُومٍ؛ وَلِأَنَّ الثَّانِيَ يَقْتَضِي الْوُقُوعَ بِدُونِ مَشِيئَتِهِ تَعَالَى، وَهُوَ مُحَالٌ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ لَكَانَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ، وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ وُقُوعَهُ لَانْتَفَى عَدَمُ مَشِيئَتِهِ، فَلَا يَقَعُ لِانْتِفَاءِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ.

وَمَحَلُّ عَدَمِ الْوُقُوعِ فِي الْأُولَى إذَا قَصَدَ بِالْمَشِيئَةِ التَّعْلِيقَ، فَإِنْ سَبَقَتْ إلَى

ــ

[حاشية العبادي]

فَرْعٌ) وَلَوْ قَالَ لِمَمْسُوسَةٍ أَوْ غَيْرِهَا: إنْ دَخَلْت فَأَنْت طَالِقٌ، إنْ دَخَلْت فَأَنْت طَالِقٌ، إنْ دَخَلْت فَأَنْت طَالِقٌ، فَدَخَلَتْ تَعَدَّدَ إنْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ، وَإِلَّا فَلَا كَمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ سَوَاءٌ طَالَ فَصْلٌ وَتَعَدَّدَ مَجْلِسٌ أَمْ لَا، وَإِنَّمَا لَمْ تَتَعَدَّدْ الْكَفَّارَةُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْأَيْمَانِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَحْصُورٌ فِي عَدَدٍ، فَقَصْدُ الِاسْتِئْنَافِ يَقْتَضِي اسْتِيفَاءً بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ لَا إذَا قَالَ: مَعَهُ أَوْ فَوْقَ إلَخْ) اعْتَمَدَ فِي الرَّوْضِ خِلَافَهُ فِي فَوْقَ وَتَحْتَ، حَيْثُ قَالَ: وَكَذَا غَيْرُ الْمَمْسُوسَةِ أَيْ يَقَعُ عَلَيْهَا طَلْقَتَانِ فِي قَوْلِهِ: مَعَ أَوْ مَعَهَا طَلْقَةٌ، قَالَ: فِي شَرْحِهِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَلْفَاظِ لَا يَقَعُ بِهَا إلَّا وَاحِدَةٌ لِظُهُورِ التَّرْتِيبِ فِيهَا، وَتَعَذُّرِهِ فِي غَيْرِ الْمَمْسُوسَةِ، هَذَا مَفْهُومُ كَلَامِهِ، وَهُوَ فِي تَحْتَ وَفَوْقَ مُوَافِقٌ لِمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُتَوَلِّي لَكِنَّ الَّذِي نَقَلَهُ قَبْلَهُ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ أَنَّهُمَا كَمَعَ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ مَشَى شُرَّاحُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ اهـ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: طَلْقَةٌ قَبْلَهَا إلَخْ) فِي الرَّوْضِ، فَإِنْ أَرَادَ بِبَعْدَ أَنِّي سَأُطَلِّقُهَا دِينَ، أَوْ بِقَبْلِهَا أَنَّهُ أَوْ غَيْرُهُ سَبَقَ مِنْهُ طَلَاقٌ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ اهـ. أَيْ أَنَّهُ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ فِي الشَّهْرِ الْمَاضِي وَفَسَّرَ بِهَذَا ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ: أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ تَطْلِيقَةً قَبْلَهَا أَيْ: أَوْ بَعْدَهَا كَمَا فِي أَصْلِهِ كُلَّ تَطْلِيقَةٍ، فَطَلَقَتْ الْمَمْسُوسَةُ ثَلَاثًا أَيْ وَغَيْرُهَا وَاحِدَةً، قَالَ فِي شَرْحِهِ: أَمَّا فِي بَعْدَهَا فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي قَبْلَهَا فَلِأَنَّ الْوَاقِعَ إنَّمَا هُوَ الْمُنَجَّزُ لَا الْمُضَمَّنُ لِئَلَّا يَلْزَمَ الدَّوْرُ اهـ.

(قَوْلُهُ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ إلَخْ) مِثْلُ ذَلِكَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِرّ. (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ عَدَمِ وُقُوعِهِ فِي الْأُولَى، إذَا قَصَدَ بِالْمَشِيئَةِ التَّعْلِيقَ) كَذَا مَحَلُّ عَدَمِ وُقُوعِهِ فِي الثَّانِيَةِ، إذَا قَصَدَ التَّعْلِيقَ بِعَدَمِ الْمَشِيئَةِ، وَلِهَذَا عَبَّرَ الْمِنْهَاجُ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ - إنْ شَاءَ اللَّهُ - أَوْ - إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ - وَقَصَدَ التَّعْلِيقَ لَمْ يَقَعْ اهـ. وَعَبَّرَ بِمِثْلِهِ فِي الْمَنْهَجِ وَزَادَ: إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، وَفَسَّرَ قَصْدَ التَّعْلِيقِ بِقَصْدِ التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ أَوْ بِعَدَمِهَا، وَلَعَلَّ تَقْيِيدَهُ هُنَا بِالْأُولَى؛ لِأَنَّ جَمِيعَ أَقْسَامِ الْمُحْتَرَز عَنْهُ لَا يَأْتِي فِي الثَّانِيَةِ، إذْ لَا يُقْصَدُ التَّبَرُّكُ بِأَنْ لَمْ

ــ

[حاشية الشربيني]

مِنْهُ ذَلِكَ ظَاهِرًا، وَقَوْلُهُ: لَا الْأَوَّلِ إلَخْ أَيْ: لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ظَاهِرًا وَيَدِينُ كَمَا فِي م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ.

(قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِهِ مِنْ مَشِيئَةٍ أَوْ عَدَمِهَا غَيْرُ مَعْلُومٍ) فَلَوْ طَلَّقَ بَعْدَ التَّعْلِيقِ بِالْمَشِيئَةِ، وَقَعَ الْمُنَجَّزُ دُونَ الْمُعَلَّقِ بِهَا لَا يُقَالُ: هُوَ بِطَلَاقِهِ لَهَا عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ لَهُ فَهَلَّا وَقَعَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا أَيْضًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الَّذِي عَلِمَهُ إنَّمَا هُوَ مَشِيئَةُ اللَّهِ لِهَذَا الْمُنْجَزِ، وَأَمَّا مَشِيئَتُهُ لِلْمُعَلَّقِ فَلَمْ تُعْلَمْ، فَلَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فَلَا طَلَاقَ، فَلَوْ كَانَ مُرَادُهُ التَّعْلِيقَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ لِأَيِّ طَلَاقٍ ثُمَّ طَلَّقَ، وَقَعَ الْمُنَجَّزُ وَالْمُعَلَّقُ لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ، وَأَمَّا التَّعْلِيقُ بِعَدَمِ الْمَشِيئَةِ فَيُفْصَلُ فِيهِ بِالنَّظَرِ لِمُتَعَلِّقِهَا، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ لَمْ يَقَعْ لِلدَّوْرِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ: وَلِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ إلَخْ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْمُنَجَّزَ أَيْ إذَا لَمْ يَشَأْ اللَّهُ طَلَاقَك طَلَاقًا مُنَجَّزًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَيَقَعُ الْمُعَلَّقُ إذَا أَيِسَ مِنْ الْمُنَجَّزِ لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ مِنْ غَيْرِ مَحْذُورٍ.

ص: 277

لِسَانِهِ لِتَعَوُّدِهِ بِهَا أَوْ قَصَدَ بِهَا التَّبَرُّكَ، أَوْ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى أَوْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَمْ لَا؟ وَقَعَ وَكَانَ إذَا وَمَتَى وَنَحْوُهُمَا

، وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَجِيءَ الْغَدُ قَالَ الْقَاضِي لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ الْغَدَ يَجِيءُ لَا مَحَالَةَ، وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيمَا قَالَهُ، وَلَوْ قَالَ: حَفْصَةُ وَعَمْرَةُ طَالِقَانِ إنْ شَاءَ اللَّهُ، لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْهُ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ مِنْ أَنَّهُ قَالَ: طَلَّقْت حَفْصَةَ لَا عَمْرَةَ غَلَطٌ، كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ سَبَبُهُ سَقَمُ النُّسْخَةِ الَّتِي وَقَفَ عَلَيْهَا أَوْ انْتِقَالُ نَظَرِهِ، فَإِنَّ الْبَغَوِيّ إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ قَالَ: حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ مَأْخَذِهِ فِي بَابِ الْوَقْفِ مَعَ مَا فِيهِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ حَيْثُ شَكَّ فِي الطَّلَاقِ، فَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ، فَإِنْ شَكَّ فِي أَصْلِهِ وَلَهُ رَغْبَةٌ رَاجَعَهَا إنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً، وَإِلَّا جَدَّدَ نِكَاحَهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَغْبَةٌ طَلَّقَهَا لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ يَقِينًا، وَإِنْ شَكَّ فِي أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ ثِنْتَيْنِ؟ لَمْ يَنْكِحْهَا حَتَّى تُحَلَّلَ، وَإِنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَمْ لَمْ يُطَلِّقْ شَيْئًا؟ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.

(كَفِي إعْتَاقِهِ وَنَذْرَهُ وَالْحَلِفِ) بِاَللَّهِ الْمُعَلَّقَاتُ بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى أَوْ بِعَدَمِهَا، فَإِنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ، وَكَذَا كُلُّ عَقْدٍ وَحَلٍّ، (لَا فِي الظِّهَارِ) الْمُعَلَّقِ بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ وَيَلْغُو التَّعْلِيقُ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ إخْبَارٌ وَلَا يُعَلَّقُ بِخِلَافِ الْإِنْشَاءِ، وَقَضِيَّتُهُ: أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ الْإِقْرَارَ بِذَلِكَ انْعَقَدَ وَلَغَا التَّعْلِيقُ، وَمَنَعَ الرَّافِعِيُّ فِي الظِّهَارِ كَوْنَهُ إخْبَارًا وَقَالَ: الظَّاهِرُ إنَّهُ إنْشَاءٌ كَالطَّلَاقِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ الظِّهَارَ فِي صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ كَغَيْرِهِ صَرَّحَ بِهِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فَقَالَ: وَرَامَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الظِّهَارِ وَغَيْرِهِ وَلَسْت أَرَى لِمَا لَا أَفْهَمُهُ وَجْهًا، وَالصَّحِيحُ أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ يُفْسِدُ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ إقْرَارٍ وَإِنْشَاءٍ وَحَلٍّ وَعَقْدٍ وَطَلَاقٍ وَظِهَارٍ، (وَ) لَا فِي (النِّدَا) الْمُعَلَّقِ بِذَلِكَ كَيَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ وَيَلْغُو التَّعْلِيقُ، قَالُوا: لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إنَّمَا يَدْخُلُ عَلَى الْأَفْعَالِ لَا عَلَى الْأَسْمَاءِ، إذْ لَا يَنْتَظِمُ أَنْ يُقَالَ: يَا أَسْوَدُ إنْ شَاءَ اللَّهُ.

وَاعْتَرَضَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنْ يَخْتَصَّ الِاسْتِثْنَاءُ بِنَحْوِ طَلَّقْتُك، وَلَا يَدْخُلُ فِي نَحْوِ أَنْتِ طَالِقٌ قَالَ: وَقَدْ يُتَخَيَّلُ فَرْقٌ بَيْنَهُمَا وَيُقَالُ: قَوْلُهُ يَا كَذَا يَقْتَضِي حُصُولَ ذَلِكَ الِاسْمِ أَوْ الصِّفَةِ حَالَ النِّدَاءِ وَلَا يُقَالُ لِلْحَاصِلِ: إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ قَدْ يُسْتَعْمَلُ عِنْدَ الْقُرْبِ مِنْهُ وَتَوَقُّعِ الْحُصُولِ، كَمَا يُقَالُ لِلْقَرِيبِ مِنْ الْوُصُولِ: أَنْتَ وَاصِلٌ وَلِلْمَرِيضِ الْمُتَوَقَّعِ شِفَاؤُهُ قَرِيبًا: أَنْتَ صَحِيحٌ فَيَنْتَظِمُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي مِثْلِهِ

(وَطَالِقُ) أَيْ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ الْمَشْكُوكُ فِيهِ كَمَا مَرَّ وَلَا الطَّلَاقُ فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ (ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ طَارِقُ) مَثَلًا (وَاحِدَةً) أَيْ: فَلَا تَطْلُقِينَ (فَشَاءَهَا) طَارِقٌ (أَوْ) شَاءَ (فَوْقَ ذَا) أَيْ فَوْقَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْوَاحِدَةِ كَثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ طَارِقٌ الدَّارَ، فَدَخَلَ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ شَاءَ فَوْقَ وَاحِدَةٍ، فَقَدْ شَاءَ وَاحِدَةً، فَإِنْ أَرَادَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ وَاحِدَةً فَتَطْلُقِينَ وَاحِدَةً، قُبِلَ وَوَقَعَ وَاحِدَةٌ اتِّفَاقًا

ــ

[حاشية العبادي]

يَشَأْ اللَّهُ، وَلَا أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِعَدَمِ مَشِيئَتِهِ لَا لِلِاحْتِرَازِ عَنْ الثَّانِيَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ؟) يَنْبَغِي قِرَاءَتُهُ بِفَتْحِ الْيَاءِ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا، وَهُوَ احْتِرَازٌ عَنْ قِرَاءَتِهِ بِالنُّونِ أَوْ بِالْيَاءِ الْمَضْمُومَةِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْقَصْدِ وَعَدَمِهِ بِهِ لَا بِغَيْرِهِ، فَحَيْثُ قَصَدَ التَّعْلِيقَ وَقَعَ، وَإِنْ شَكَّ غَيْرُهُ، وَحَيْثُ شُكَّ هُوَ هَلْ قَصْدٌ أَوْ لَا؟ لَمْ يَقَعْ، وَلَا عِبْرَةَ بِغَيْرِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا: وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ، خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ وَكَوْنُ اللَّفْظِ لِلتَّعْلِيقِ لَا يُنَافِي اشْتِرَاطَ قَصْدِهِ، كَمَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لِلْإِخْرَاجِ، وَاشْتُرِطَ فِيهِ ذَلِكَ، وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ، أَوْ إنْ شَاءَ أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ طَلَقَتْ حَجَرٌ وَقَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ يَحْتَاجُ حِينَئِذٍ لِلْفَرْقِ بَيْنَ مَا هُنَا وَقَوْلِ الْجُرْجَانِيِّ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْوُضُوءِ.

(قَوْلُهُ إنَّمَا قَالَ: ذَلِكَ فِيمَا لَوْ قَالَ: حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ طَالِقٌ - إنْ شَاءَ اللَّهُ -) أَقُولُ: فِي هَذَا أَيْضًا نَظَرٌ نَظَرًا لِقَاعِدَةِ رُجُوعِ الشَّرْطِ إلَى جَمِيعِ الْجُمَلِ السَّابِقَةِ، وَقَدْ يُقَالُ: قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ شَرْطَ تَأْثِيرِ الْإِتْيَانِ بِالشَّرْطِ قَصْدُ التَّعْلِيقِ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ، فَإِنْ قَصَدَ هُنَا مَعَ كُلٍّ مِنْ جُمْلَتَيْ: حَفْصَةُ طَالِقٌ وَعَمْرَةُ طَالِقٌ، التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ فَالْوَجْهُ عَدَمُ طَلَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ مَعَ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَا ذُكِرَ، فَالْوَجْهُ طَلَاقُهُمَا، وَإِنْ قَصَدَ مَا ذُكِرَ مَعَ إحْدَاهُمَا فَقَطْ، فَالْوَجْهُ عَدَمُ طَلَاقِ مَنْ قَصَدَ، مِنْ جُمْلَتِهَا مَا ذُكِرَ، وَطَلَاقُ مَنْ لَمْ يَقْصِدْ، مَعَ جُمْلَتِهَا ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ يَقِينًا) مَفْهُومُهُ حِلُّهَا لِغَيْرِهِ فِي الْجُمْلَةِ بِدُونِ ذَلِكَ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِزَوْجِيَّتِهَا ظَاهِرًا.

(قَوْلُهُ كَذَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا) يُرِيد أَنَّهُ يَكْفِي فِي الْوَرَعِ أَنْ يُطَلِّقَ وَاحِدَةً فِي الْحَالَةِ الْأَخِيرَةِ. بِرّ.

(قَوْلُهُ بِذَلِكَ) أَيْ الْمَشِيئَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يُقَالُ لِلْحَاصِلِ: إنْ شَاءَ اللَّهُ) فَلَيْسَ الْمَانِعُ مُجَرَّدَ الِاسْمِيَّةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

اهـ. مِنْ خَطِّ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الذَّهَبِيِّ رحمه الله

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَجِيءَ الْغَدُ) لَعَلَّ مِثْلَهُ نَحْوُهُ نَحْوَ إلَّا أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْمُحْتَمَلِ، وَأَمَّا هَذَا فَكَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لَيْسَتْ بِطَلَاقٍ، وَهُوَ لَا يُفِيدُ شَيْئًا. (قَوْلُهُ فِيمَا لَوْ قَالَ: حَفْصَةُ طَالِقٌ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَنْوِ عَوْدَ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى كُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاطِفَيْنِ وَوَافَقَهُ ابْنُ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ، وَالْأَوْجَهُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا نَوَى بِالِاسْتِثْنَاءِ عَوْدَهُ لِلْأَخِيرَةِ فَقَطْ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَهُمَا أَوْ أَطْلَقَ اهـ. م ر، وَقَوْلُهُ أَطْلَقَ أَيْ نَوَى الِاسْتِثْنَاءَ وَأَطْلَقَ.

(قَوْلُهُ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ إلَخْ) هُوَ الْأَصَحُّ وَمَحَلُّهُ فِيمَنْ لَيْسَ اسْمُهَا طَالِقًا، وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ مَا لَمْ يَقْصِدْ الطَّلَاقَ فَحِينَئِذٍ يُفِيدُ الِاسْتِثْنَاءَ اهـ. م ر بِزِيَادَةٍ، وَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ قَصْدِ الطَّلَاقِ فِيمَنْ اسْمُهَا طَالِقٌ حَيْثُ أَفَادَ الِاسْتِثْنَاءَ فِيهِ، وَبَيْنَ نِدَاءِ مَنْ لَيْسَ اسْمُهَا ذَلِكَ حَتَّى لَمْ يُفِدْ.

(قَوْلُهُ أَوْ عَلَّقَاهُ إلَخْ) أَمَّا لَوْ عَلَّقَ وَاحِدٌ طَلَاقَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ بِكَوْنِهِ غُرَابًا، وَطَلَاقَ الْأُخْرَى بِكَوْنِهِ غَيْرَهُ، فَالظَّاهِرُ: وُجُوبُ امْتِنَاعِهِ عَنْهُمَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْحَالُ

ص: 278

(كَالْعَكْسِ) بِأَنْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً إلَّا أَنْ يَشَاءَ طَارِقٌ ثَلَاثًا فَشَاءَ ثَلَاثًا أَوْ فَوْقَهَا، فَلَا يَقَعُ لِمَا مَرَّ، فَإِنْ لَمْ يَشَأْ شَيْئًا أَوْ شَاءَ وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ وَقَعَ وَاحِدَةٌ (أَوْ) قَالَ: أَنْت طَالِقٌ (ثَلَاثًا إِنْ شِئْتِ) لَا يَقَعُ (إذَا تَشَاءُ) هِيَ (طَلْقَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ) ؛ لِأَنَّ مَشِيئَةَ الْوَاحِدَةِ أَوْ الثِّنْتَيْنِ لَيْسَتْ مَشِيئَةً لِلثَّلَاثِ، (أَوْ عَلَّقَاهُ بِمُنَاقِضَيْنِ) أَيْ بِنَقِيضَيْنِ كَأَنَّ عَلَّقَ أَحَدُهُمَا بِكَوْنِ هَذَا الطَّائِرِ غُرَابًا، وَالْآخَرُ بِكَوْنِهِ غَيْرَ غُرَابٍ وَطَارَ وَلَمْ يُعْرَفْ، لَمْ يَقَعْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَلَاقٌ؛ لِأَنَّ كُلًّا لَوْ انْفَرَدَ لَمْ يُحْكَمْ بِوُقُوعِ طَلَاقِهِ لِلشَّكِّ، فَتَعْلِيقُ الْآخَرِ لَا يُغَيِّرُ حُكْمَهُ، (وَفِي) التَّعْلِيقِ بِنَقِيضَيْنِ لِعِتْقِ (رَقِيقِ مُعْسِرَيْنِ) لَمْ يَتَفَاوَتَا فِيهِ إذَا (بَاعَا) هـ لِثَالِثٍ، أَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ لِلْآخَرِ (يَعْتِقُ نِصْفُهُ) عَلَى الْمُشْتَرِي لِوُجُودِ الصِّفَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ يَقِينًا فِي النِّصْفِ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الْبَيْعِ لَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ لِلشَّكِّ فِي الصِّفَةِ كَمَا مَرَّ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ، فَإِنْ تَفَاوَتَا فِيهِ عَتَقَ أَقَلُّ النَّصِيبَيْنِ.

وَخَرَجَ بِمُعْسِرَيْنِ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي الْمُوسِرَانِ فَيَعْتِقُ الْجَمِيعُ بِمُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ لِتَحَقُّقِ أَحَدِهِمَا، فَيَعْتِقُ نَصِيبُهُ وَيَسْرِي إلَى الْبَاقِي وَيُوقَفُ الْوَلَاءُ، وَلِكُلٍّ أَنْ يَدَّعِيَ قِيمَةَ نَصِيبِهِ عَلَى الْآخَرِ وَيُحَلِّفَهُ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَخَرَجَ بِهِ أَيْضًا الْمُعْسِرُ وَالْمُوسِرُ، فَيَعْتِقُ نَصِيبُ الْمُعْسِرِ بِمُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ، إذْ لَا يَخْلُو الْحَالُ مِنْ حِنْثِهِ أَوْ حِنْثِ صَاحِبِهِ وَسِرَايَةِ الْعِتْقِ إلَى نَصِيبِهِ، بِخِلَافِ نَصِيبِ الْمُوسِرِ لِلشَّكِّ وَلِلْمُعْسِرِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ قِيمَةَ نَصِيبِهِ وَيُحَلِّفَهُ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَالْبَيْعِ الْهِبَةُ وَالْإِرْثُ وَنَحْوُهُمَا، وَلَوْ تَبَادَلَ الْمُعْسِرَانِ أَحَدَ النَّصِيبَيْنِ بِالْآخَرِ تَصَرَّفَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِيمَا انْتَقَلَ إلَيْهِ، كَمَا كَانَ يَتَصَرَّفُ فِيمَا انْتَقَلَ عَنْهُ، حَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ ثُمَّ اسْتَشْكَلَ جَوَازُ التَّبَادُلِ بِالْقَطْعِ بِفَسَادِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ: بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يُؤَثِّرُ إذَا كَانَ الْمَقْطُوعُ بِفَسَادِهِ مُعَيَّنًا كَنَظِيرِهِ فِي تَحَرِّي الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهَا، (وَلَا ارْتِجَاعَا) لِلْمُشْتَرِي عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْبَائِعِينَ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَزْعُمُ بَقَاءَ مِلْكِهِ عَلَى نَصِيبِهِ، فَلَمْ يَتَعَيَّنْ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا بِالتَّعْلِيقَيْنِ أَمْ لَا،

(وَ) لَوْ عَلَّقَ اثْنَانِ الْعِتْقَ (فِي رَقِيقَيْنِ) لَهُمَا بِنَقِيضَيْنِ، ثُمَّ (اشْتَرَى) مَثَلًا (فَرْدُهُمَا) أَيْ أَحَدُهُمَا رَقِيقَ الْآخَرِ مُنِعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِمَا، وَعَلَيْهِ الْبَحْثُ عَنْ حَقِيقَةِ الْحَالِ وَالتَّعْيِينُ فِي أَحَدِهِمَا، لِاتِّحَادِ الْمِلْكِ الْآنَ كَمَا لَوْ كَانَا فِي مِلْكِهِ أَوَّلًا، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ ثُمَّ قَالَ النَّوَوِيُّ لَكِنْ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَسَائِرُ الْعِرَاقِيِّينَ أَوْ جَمَاهِيرُهُمْ بِتَعَيُّنِ الْعِتْقِ فِي الْمُشْتَرِي، وَلَوْ قَالَ قَبْلَ الشِّرَاءِ: حَنِثْت فِي يَمِينِك أَوْ مَا حَنِثْت أَنَا، تَعَيَّنَ الْعِتْقُ فِي الْمُشْتَرِي، وَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا رَقِيقَهُ وَاشْتَرَى الْآخَرَ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَفِي الْوَسِيطِ احْتِمَالَانِ أَحَدُهُمَا، وَهُوَ مَا فِي الْبَسِيطِ وَقَالَ فِيهِ: إنَّهُ الْقِيَاسُ إنَّ لَهُ التَّصَرُّفَ فِيهِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ وَاقِعَةٌ قَدْ انْقَضَتْ، كَمَا لَا تُقْضَى الصَّلَاةُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ تَحَرِّي الْقِبْلَةِ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْحَالُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِصْحَابَ ضَعِيفٌ بِالْإِضَافَةِ إلَى التَّحَرِّي.

قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ الْأَقْيَسُ احْتِيَاطًا لِلْعِتْقِ وَلِأَنَّ الْأَمْوَالَ وَغَرَامَتَهَا أَشَدُّ مِنْ الْقِبْلَةِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ، قَالَ: وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى إزَالَةِ مِلْكِ رَقِيقِهِ كَالتَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ، وَأَنَّ الَّذِي عَتَقَ هُوَ رَقِيقُ الْآخَرِ قَالَ: وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى طَرِيقَةِ غَيْرِ الْعِرَاقِيِّينَ، أَمَّا عَلَى

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ أَقَلُّ النَّصِيبَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ إمَّا الَّذِي عَتَقَ أَوْ دَاخِلٌ فِيمَا يُعْتَقُ. (قَوْلُهُ فَيُعْتَقُ الْجَمِيعُ) فَيَمْتَنِعُ بَيْعُهُ. (قَوْلُهُ وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ إلَخْ) قَدْ يُنْظَرُ فِي هَذَا الْجَوَابِ بِأَنَّ فَسَادَ الْمُعَاوَضَةِ مُتَعَيِّنٌ بِالنَّظَرِ لِكُلِّ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ مَا صَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ إمَّا الْجُزْءُ الْحُرُّ أَوْ الْمُقَابَلُ بِعَيْنِ الْجُزْءِ الْحُرِّ، وَكِلَاهُمَا لَا يُتَصَوَّرُ مِلْكُهُ، وَيُفَارِقُ مَسْأَلَةَ الْقِبْلَةِ بِأَنَّ كُلَّ جِهَةٍ حَالَ الصَّلَاةِ إلَيْهَا يُحْتَمَلُ أَنَّهَا الْقِبْلَةُ، فَحِينَ الصَّلَاةِ إلَى كُلِّ جِهَةٍ لَا يَلْزَمُ حُصُولُ الْمُفْسِدِ بِالنَّظَرِ لِتِلْكَ الْجِهَةِ، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ، فَإِنَّ الْمُفْسِدَ بِالنَّظَرِ لِكُلِّ وَاحِدٍ لَازِمُ الْحُصُولِ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ فَتَأَمَّلْهُ. سم.

(قَوْلُهُ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ) وَقَضِيَّتُهُ: أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهُ بِذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ حَجَرٌ. إذْ الْعَقْدُ مُتَعَدِّدٌ، فَلَا يُمْكِنُ رَفْعُهُ بِالنِّسْبَةِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْخَلَلَ مِنْ جِهَةِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ، وَلَا بِالنِّسْبَةِ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ.

(قَوْلُهُ تَعَيَّنَ الْعِتْقُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: مَجَّانًا وَقَوْلُهُ فِي الْمُشْتَرِي: وَلَا يَرْجِعُ بِثَمَنِهِ لِإِقْرَارِهِ بِحُرِّيَّتِهِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا رَقِيقَهُ وَاشْتَرَى رَقِيقَ الْآخَرِ) قَدْ يَشْمَلُ مُبَادَلَةَ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي وَالْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ عَنْ الْأَصْحَابِ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ، فَإِنَّ فِيهِ نَظَرًا، بَلْ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ التَّبَادُلِ أَنَّهُ لَا تَبَادُلَ هُنَا. (قَوْلُهُ رَقِيقَهُ إلَخْ) لَيْسَ فِيهِ إفْصَاحٌ بِبَيْعِ أَحَدِهِمَا رَقِيقَهُ بِرَقِيقِ الْآخَرِ، وَلَعَلَّهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُبَادَلَةِ، إذْ لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَ مُبَادَلَةِ أَحَدِ النِّصْفَيْنِ بِالْآخَرِ وَمُبَادَلَةِ أَحَدِ الرَّقِيقَيْنِ بِالْآخَرِ.

(قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ إقْدَامَهُ إلَخْ) أَيْ: إقْدَامَهُ عَلَى شِرَاءِ رَقِيقِ

ــ

[حاشية الشربيني]

رَاجِعْهُ، ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ ذَكَرَهُ فِيمَا بَعْدُ. (قَوْلُهُ بَاعَاهُ لِثَالِثٍ) أَوْ وَرِثَهُ وَقَوْلُهُ: يُعْتَقُ نِصْفُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَيْ: مَجَّانًا وَإِنَّمَا عَتَقَ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ أَحَدَ النَّصِيبَيْنِ حُرٌّ يَقِينًا، وَقَدْ جَمَعَهُمَا مِلْكٌ وَاحِدٌ، فَانْتَفَى الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِعَدَمِ الْعِتْقِ مَا دَامَ نَصِيبُ كُلٍّ مِلْكَهُ اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَظَاهِرُهُ: أَنَّ الْعِتْقَ مِنْ حِينِ الْبَيْعِ لَا أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ مِنْ وَقْتِ التَّعْلِيقِ، وَإِلَّا لَمَا صَحَّ الْبَيْعُ. (قَوْلُهُ عَتَقَ أَقَلُّ النَّصِيبَيْنِ) لِأَنَّهُ إمَّا الَّذِي عَتَقَ أَوْ دَاخِلٌ فِيمَا عَتَقَ اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ.

(قَوْلُهُ مِنْ حِنْثِهِ) فَيَكُونُ عِتْقُ نَصِيبِهِ تَنْجِيزًا، وَقَوْلُهُ أَوْ حَنِثَ صَاحِبُهُ فَيَكُونُ عِتْقُهُ سِرَايَةً.

(قَوْلُهُ فِي تَحَرِّي الْقِبْلَةِ) أَيْ فِيمَا إذَا صَلَّى رُبَاعِيَّةً مَثَلًا كُلَّ رَكْعَةٍ لِجِهَةٍ بِالِاجْتِهَادِ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ إلَخْ) لَكِنَّهُ قَالَ: إنَّ الْأَوَّلَ أَفْقَهُ (قَوْلُهُ بِتَعْيِينِ إلَخْ) لَعَلَّهُ لِزَعْمِ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ تِلْكَ) أَيْ بَيْعَهُ لِعَبْدِهِ الدَّالَّ عَلَى أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْعَتِيقُ. (قَوْلُهُ كَمَا لَا تَنْقَضِي إلَخْ) التَّشْبِيهُ فِي أَنَّ كُلًّا قَدْ انْقَضَى حُكْمُهُ بِانْقِضَائِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ

ص: 279

طَرِيقَتِهِمْ فَيَعْتِقُ الْمُشْتَرَى بِلَا شَكٍّ اهـ. وَالْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ عَنْ الْأَصْحَابِ فِي مَسْأَلَةِ التَّبَادُلِ مَا فِي الْبَسِيطِ، وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَعْتِقُ الْمُشْتَرَى عَلَى طَرِيقَةِ الْعِرَاقِيِّينَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عِتْقِهِ عَلَيْهَا إذَا اجْتَمَعَا فِي مِلْكِهِ عِتْقُهُ عَلَيْهَا إذَا لَمْ يَجْتَمِعَا فِيهِ.

(وَ) لَوْ عَلَّقَ (وَاحِدٌ فِي اثْنَيْنِ) زَوْجَتَيْنِ أَوْ رَقِيقَيْنِ بِنَقِيضَيْنِ (يُمْنَعْ عَنْهُمَا) وُجُوبًا إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ الْحَالُ، لِحُرْمَةِ أَحَدِهِمَا بِوُجُودِ أَحَدِ الْوَصْفَيْنِ فِي مِلْكِهِ، وَيَلْزَمُهُ الْبَحْثُ عَنْ حَقِيقَةِ الْحَالِ لِتَحَقُّقِ حُصُولِ أَحَدِهِمَا فِي مِلْكِ الْوَاحِدِ، (كَأَنْ) طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً مِنْ زَوْجَتَيْهِ أَوْ أَمَتَيْهِ ثُمَّ (نَسِي) الْمُعَيَّنَةَ، فَإِنَّهُ يُمْنَعُ عَنْهُمَا وَلَا تُطَالِبَانِهِ بِالْبَيَانِ إنْ صَدَّقَتَاهُ فِي النِّسْيَانِ، وَإِنْ كَذَبَتَاهُ وَبَادَرَتْ وَاحِدَةٌ وَقَالَتْ: أَنَا الْمُطَلَّقَةُ أَوْ الْعَتِيقَةُ لَمْ يَكْفِهِ فِي الْجَوَابِ لَا أَدْرِي، بَلْ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا أَوْ لَمْ يَعْتِقْهَا، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَقُضِيَ بِطَلَاقِهَا أَوْ عِتْقِهَا

(وَ) لَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: (طَالِقٌ إحْدَاكُمَا) أَوْ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْحَاوِي (أَوْ) لِأَمَتَيْهِ: (حُرَّةٌ) إحْدَاكُمَا أَوْ إحْدَاكُمَا حُرَّةٌ، (عَيَّنَ) وُجُوبًا (مَنْ هِيَ) الْمُطَلَّقَةُ أَوْ الْعَتِيقَةُ (مِنْهُمَا) أَيْ:

ــ

[حاشية العبادي]

الْآخَرِ لَيْسَ كَالتَّصْرِيحِ بِمَا ذُكِرَ، إذْ قَدْ يَقْصِدُ بِالشِّرَاءِ الِافْتِدَاءَ. (قَوْلُهُ وَالْمُوَافِقُ إلَخْ) وَلِمَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ فِي أَنَّ كُلًّا لَوْ اشْتَرَى عَبْدَ الْآخَرِ وَلَمْ يَتَكَاذَبَا، كَانَ لِكُلٍّ التَّصَرُّفُ فِيمَا اشْتَرَاهُ حَجَرٌ (قَوْلُهُ فِي مِلْكِ الْوَاحِدِ) لَوْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْ أَحَدِهِمَا بِطَلَاقٍ أَوْ بَيْعٍ فَهَلْ يُطْلَقُ تَصَرُّفُهُ فِي الْأُخْرَى؟

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ عَنْهُمَا) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْبَحْثُ وَالتَّوَصُّلُ إلَى بَيَانِ الْحَالِ، سَوَاءٌ صَدَّقَتَاهُ أَمْ كَذَّبَتَاهُ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ تَصْدِيقَهُمَا لَهُ مَانِعٌ مِنْ إلْزَامِ الْقَاضِي لَهُ بِالْبَيَانِ بِرّ. (قَوْلُهُ وَقَالَتْ: أَنَا الْمُطَلَّقَةُ إلَخْ) وَلَوْ ادَّعَتْ وَاحِدَةٌ أَوْ أَكْثَرُ أَنَّهُ يَعْلَمُ الَّتِي عَنَاهَا بِالطَّلَاقِ، وَلَمْ تَقُلْ فِي دَعْوَاهَا: إنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ وَسَأَلْت تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ سُمِعَتْ دَعْوَاهَا، وَحَلَفَ لَهَا كَذَلِكَ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَلَوْ ادَّعَتْ فِي تَعْلِيقِ طَلَاقِهَا بِكَوْنِ الطَّائِرِ غُرَابًا أَنَّهُ غُرَابٌ وَأَنْكَرَ، حَلَفَ بَتًّا أَنَّهُ لَيْسَ غُرَابًا بِخِلَافِ إنْكَارِهِ لِنَحْوِ دُخُولِ غَيْرِ الْمُعَلَّقِ بِهِ طَلَاقُ زَوْجَتِهِ، فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَلِفَ ثَمَّ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ، وَهُنَا عَلَى نَفْيِ صِفَةٍ، وَهِيَ الْغُرَابِيَّةُ فِي الْغَيْرِ، وَنَفْيُ الصِّفَةِ كَثُبُوتِهَا فِي إمْكَانِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهَا، قَالَ الشَّيْخَانِ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَفِي الْقَلْبِ مِنْهُ شَيْءٌ وَقَيَّدَا لُزُومَ الْحَلِفِ عَلَى نَفْيِ الْغُرَابِيَّةِ بِمَا إذَا تَعَرَّضَ لَهُ فِي الْجَوَابِ، وَإِلَّا بِأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى لَيْسَتْ بِمُطَلَّقَةٍ اُكْتُفِيَ مِنْهُ بِذَلِكَ كَنَظَائِرِهِ حَجَرٌ.

(قَوْلُهُ وَطَالِقٌ إحْدَاكُمَا) يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ الْإِرْشَادِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ وَأَجْنَبِيَّةٍ أَوْ أَمَتِهِ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ طُلِبَ مِنْهُ التَّعْيِينُ، وَلَيْسَ مُرَادًا، بَلْ يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ هُنَا مَا لَمْ يُرِدْ الْأَجْنَبِيَّةَ أَوْ الْأَمَةَ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ السَّابِقِ فِي التَّعْلِيقِ بِالْأَوْقَاتِ، وَمِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَالْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ إلَخْ) يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ لَا فِعْلَ مِنْهُ، ثُمَّ يَتَكَرَّرُ بِعَيْنِ الْحُرِّيَّةِ فِي إحْدَى الْحِصَّتَيْنِ بِخِلَافِهِ هُنَا، فَإِنَّ بَيْعَهُ لِعَبْدِهِ يَقْتَضِي أَنَّ الْآخَرَ عَتِيقٌ، لَكِنَّهُ اقْتِضَاءٌ غَيْرُ قَوِيٍّ لِضَعْفِ الدَّلَالَةِ الْفِعْلِيَّةِ عَنْ الْقَوْلِيَّةِ لِاحْتِمَالِ بَيْعِهِ لِلْحُرِّ، فَلِمُجَرَّدِ هَذَا الِاقْتِضَاءِ مَنَعْنَاهُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَلِضَعْفِهِ لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِعِتْقِهِ، فَعَمِلْنَا بِكُلٍّ مِنْ الِاحْتِمَالَيْنِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ مَصْلَحَةِ الْعَبْدِ وَمَصْلَحَةِ السَّيِّدِ اهـ. حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ، لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ مَا نَقَلَهُ حَجَرٌ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّ كُلًّا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا لِآخَرَ وَلَمْ يَتَكَاذَبَا، كَانَ لِكُلٍّ التَّصَرُّفُ فِيمَا اشْتَرَاهُ. (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ إلَخْ) لِثُبُوتِ مِلْكِهِ عَلَى عَبْدِهِ الْمُقْتَضِي عِتْقَ الْآخَرِ بِخِلَافِ مَا إذَا زَالَ.

(قَوْلُهُ طَالِقٌ إحْدَاكُمَا) مِثْلُهُ عَلَيَّ الطَّلَاقُ وَزَوْجَتِي طَالِقٌ، فَلَا يَقَعُ إلَّا طَلَاقٌ وَاحِدٌ عَلَى وَاحِدَةٍ مُبْهَمَةٍ، وَلَا يَرِدُ أَنَّ الْمُفْرَدَ الْمُضَافَ يَعُمُّ، وَكَذَا الْمُعَرَّفُ بِاللَّامِ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي اللُّغَةِ، وَالْعُرْفُ الْمُطَّرِدُ قَدْ نَقَلَهُمَا فِي بَابِ الْأَيْمَانِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَى الْوَاحِدَةِ عَمَلًا بِالْيَقِينِ، فَلَا يَقَعُ فِي عَلَيَّ الطَّلَاقُ، إلَّا طَلْقَةٌ وَلَا تَطْلُقُ فِي نَحْوِ زَوْجَتِي طَالِقٌ، إلَّا زَوْجَةٌ اهـ. شَيْخُنَا ذ عَنْ الرَّوْضِ وَحَوَاشِيهِ.

(قَوْلُهُ عَيَّنَ وُجُوبًا) أَيْ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، أَمَّا الرَّجْعِيُّ فَلَا يَجِبُ فِيهِ التَّعْيِينُ؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ وَحَقُّ اللَّهِ إنَّمَا هُوَ فِي الِاعْتِزَالِ، وَقَدْ أَوْجَبْنَاهُ، وَإِذَا عَيَّنَ ابْتَدَأَتْ الْعِدَّةَ مِنْ التَّعْيِينِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، فَإِنَّهُ مِنْ الْإِيقَاعِ، وَلَا بِدَعَ فِي تَأَخُّرِ الْعِدَّةِ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَجِبُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِالْوَطْءِ وَلَا تُحْسَبُ، إلَّا مِنْ التَّفْرِيقِ، وَتَجِبُ فِي طَلَاقِ الْحَائِضِ بِالطَّلَاقِ وَلَا تُحْسَبُ، إلَّا مِنْ الطُّهْرِ، وَإِذَا عَيَّنَ وَاحِدَةً لِلطَّلَاقِ تَعَيَّنَتْ الْأُخْرَى لِلزَّوْجِيَّةِ وَعَكْسُهُ، وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَمَّنْ عَيَّنَهَا إلَى التَّعْيِينِ فِي غَيْرِهَا، وَإِذَا حَلَفَ بِالثَّلَاثِ أَوْ بِطَلْقَتَيْنِ جَازَ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ مَنْ يَمْلِكُ عَلَيْهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً لِدُخُولِهَا فِي الْيَمِينِ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ عَلَيْهَا الْعَدَدَ فَتَبِينُ بِطَلْقَةٍ وَيَلْغُو بَاقِي الطَّلَاقِ، كَمَا لَوْ خَاطَبَهَا بِالْعَدَدِ ابْتِدَاءً، وَلَيْسَ لَهُ تَعْيِينُ مَنْ حَدَثَتْ زَوْجِيَّتُهَا بَعْدَ الْيَمِينِ لِعَدَمِ دُخُولِهَا فِيهِ، وَلَا أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ لِلطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ اخْتِيَارٌ لِلْمُطَلَّقَةِ وَلَمْ تَطْلُقْ، إلَّا وَاحِدَةٌ، وَلَا يُوَزِّعُ مَنْ حَلَفَ بِالثَّلَاثِ وَكَانَ لَهُ زَوْجَاتٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةِ طَلْقَةٌ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ تُفِيدُ الْبَيْنُونَةَ الْكُبْرَى فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ رَفْعِهَا بِذَلِكَ، بَلْ لَوْ كَانَ فِي زَوْجَاتِهِ مَنْ بَقِيَ لَهَا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ، امْتَنَعَ

ص: 280

مِنْ الزَّوْجَتَيْنِ أَوْ الْأَمَتَيْنِ، إنْ لَمْ يَقْصِدْهَا وَبَيَّنَهَا، إنْ قَصَدَهَا لِتَتَمَيَّزَ الْمُحَرَّمَةُ عَنْ غَيْرِهَا، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ: بَلْ صَرِيحُهُ وُجُوبُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ مِنْهُمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَا وَجْهَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لِمَحْضِ حَقِّهِمَا، وَحَقُّ اللَّهِ فِيهِ الِانْعِزَالُ، وَقَدْ أَوْجَبْنَاهُ قَالَ: وَفِي كَلَامِ الْقَاضِي مَا يُفْهِمُ ذَلِكَ، وَتَقَدَّمَ مِثْلُهُ عَنْ السُّبْكِيّ فِي اخْتِيَارِ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ، وَتَقَدَّمَ رَدُّهُ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ بِأَنَّ إمْسَاكَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فِي الْإِسْلَامِ مَمْنُوعٌ بِخِلَافِ اثْنَيْنِ.

(وَوَارِثٌ) أَيْ وَعَيَّنَ وَارِثُ الزَّوْجِ أَوْ السَّيِّدِ إنْ مَاتَ قَبْلَ تَعْيِينِهِ؛ لِأَنَّهُ خَلِيفَتُهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ، سَوَاءٌ مَاتَ بَعْدَ الزَّوْجَتَيْنِ أَوْ الْأَمَتَيْنِ أَمْ بَيْنَهُمَا، (لَا إنْ يَمُتْ قَبْلَهُمَا) ، فَلَا يُعَيِّنُ وَارِثُهُ، إذْ لَا غَرَضَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَمِيرَاثُ زَوْجَةٍ مِنْ رُبُعٍ أَوْ ثُمُنٍ يُوقَفُ بِكُلِّ حَالٍ إلَى الِاصْطِلَاحِ، سَوَاءٌ خَلَفَ زَوْجَةً أَمْ أَكْثَرَ، بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ بَعْدَهُمَا أَوْ بَيْنَهُمَا، فَقَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي تَعْيِينِ إحْدَاهُمَا لِلطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ: أَنَّ مَوْتَهُ مَعَهُمَا كَمَوْتِهِ بَعْدَهُمَا، وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ كَمَا يَقْتَضِيهِ تَعْلِيلُهُمْ السَّابِقُ، وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا: بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّهُ يُقْبَلُ تَعْيِينُ الْوَارِثِ فِي الطَّلَاقِ كَبَيَانِهِ فِيهِ، وَهِيَ طَرِيقَةٌ صَحَّحَهَا الْغَزَالِيُّ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ

ــ

[حاشية العبادي]

نَظَائِرِهِ ثَمَّ حَجَرٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ اثْنَتَيْنِ) يُرَدُّ بِأَنَّ إمْسَاكَ الْأَجْنَبِيَّةِ مَمْنُوعٌ فِي الْإِسْلَامِ أَيْضًا حَجَرٌ. (قَوْلُهُ وَوَارِثٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ: ثُمَّ وَارِثٌ فِي عِتْقٍ وَكَذَا فِي طَلَاقٍ بَائِنٍ اهـ. وَتَقْيِيدُ الطَّلَاقِ بِالْبَائِنِ قَدْ يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي آخِرَ الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ: هَذَا كُلُّهُ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ كَالْمَوْرُوثِ. (قَوْلُهُ أَيْ وَعَيَّنَ وَارِثُ) يَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ بِالتَّعْيِينِ مَا يَشْمَلُ الْبَيَانَ، وَقَدْ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي: وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا، بَلْ صَرِيحُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ أَوْ بَيَّنَهُمَا) أَيْ: لَوْ عَيَّنَ الْأُولَى لِلنِّكَاحِ، وَلَا نَظَرَ إلَى تُهْمَةِ الْإِرْثِ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ بِرّ. (قَوْلُهُ إذْ لَا غَرَضَ لَهُ فِي ذَلِكَ) هَذَا مَمْنُوعٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، حَتَّى مَسْأَلَةِ الْأَمَتَيْنِ، إذْ قَدْ يَتَعَلَّقُ فِيهَا الْغَرَضُ بِإِرْقَاقِ إحْدَى الْأَمَتَيْنِ لِارْتِفَاعِ قِيمَتِهَا وَكَثْرَةِ أَكْسَابِهَا دُونَ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهَا بِعَكْسِ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت اعْتِرَاضَ الْمُصَنِّفِ الْآتِيَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ.

(قَوْلُهُ فِي تَعْيِينِ إحْدَاهُمَا لِلطَّلَاقِ) لِنَحْوِ قِلَّةِ تَرِكَتِهَا وَكَثْرَةِ تَرِكَتِهِ الْأُخْرَى. (قَوْله كَمَا يَقْتَضِيهِ تَعْلِيلُهُمْ) بِأَنَّهُ لَا غَرَضَ لَهُ (قَوْلُهُ فِي الطَّلَاقِ خَرَجَ الْعِتْقُ) فَلِلْوَارِثِ أَنْ يُعَيِّنَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ خِيَارٌ يَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ، فَيَخْلُفُ الْوَارِثُ الْمُورِثَ فِيهِ كَمَا فِي خِيَارِ الْبَيْعَةِ وَالشُّفْعَةِ إلَخْ حَجَرٌ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُمَا أَيْ الْبَيَانِ وَالتَّعْيِينِ، قَامَ الْوَارِثُ مَقَامَهُ فِي التَّبْيِينِ لَا التَّعْيِينِ اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ، وَتَصْحِيحُ التَّنْبِيهِ خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِهِ: مِنْ أَنَّهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي التَّعْيِينِ أَيْضًا، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا لَوْ مَاتَا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ إحْدَاهُمَا قَبْلَهُ وَالْأُخْرَى بَعْدَهُ أَوْ لَمْ تَمُتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا أَوْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى، وَقَالَ الْقَفَّالُ إنْ مَاتَ قَبْلَهُمَا لَمْ يُعَيِّنْ وَارِثَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ، إذْ لَا غَرَضَ لَهُ فِي ذَلِكَ.

ــ

[حاشية الشربيني]

التَّوْزِيعُ أَيْضًا، وَإِنْ بَانَتْ بِهَا لِمَا عُلِمَ مِنْ امْتِنَاعِ التَّعْيِينِ فِي أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، وَلَهُ تَعْيِينُ مَنْ مَاتَتْ أَوْ بَانَتْ بَعْدَ الْإِيقَاعِ؛ لِأَنَّ التَّصْحِيح أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ مِنْ حِينِ الْإِيقَاعِ، فَتَبِينُ بِالتَّعْيِينِ فِي إحْدَاهُمَا، إذْ الْمَيِّتَةُ مَاتَتْ غَيْرَ زَوْجَةٍ، وَأَنَّ الْمُبَانَةَ بَانَتْ قَبْلُ فَتَلْغُوَ إبَانَتُهَا بَعْدُ، أَمَّا مَنْ مَاتَتْ أَوْ بَانَتْ قَبْلَ الْإِيقَاعِ، بِأَنْ مَاتَتْ أَوْ بَانَتْ بَعْدَ التَّعْلِيقِ وَقَبْلَ الصِّفَةِ، فَلَا يَصِحُّ تَعَيُّنُهَا بَعْدَ الصِّفَةِ، لِاسْتِحَالَةِ الْحِنْثِ فِي الْمَيِّتَةِ وَالْمُبَانَةِ وَامْتِنَاعِ تَقَدُّمِ الْحِنْثِ عَلَى الصِّفَةِ، فَيُعَيِّنُ غَيْرَهُمَا كَذَا اسْتَظْهَرَهُ النَّاشِرِيُّ وَتَبِعَهُ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَوَلَدُهُ.

وَاسْتَظْهَرَ الْبُلْقِينِيُّ الصِّحَّةَ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا زَوْجَةٌ عِنْدَهُ فَتَبَيَّنَ بِالتَّعْيِينِ فِي أَحَدِهِمَا أَنَّ الْمَيِّتَةَ مَاتَتْ غَيْرَ زَوْجَةٍ، وَأَنَّ الْمُبَانَةَ بَانَتْ قَبْلُ، وَلَا بِدَعَ فِي تَقَدُّمِ الْحِنْثِ عَلَى الصِّفَةِ لِاسْتِحَالَتِهِ عِنْدَهَا، وَقَدْ قِيلَ: بِذَلِكَ فِي بَعْضِ مَسَائِلِ الْخُلْعِ، وَالرَّاجِحُ الْأَوَّل وَإِذَا مُتْنَ أَوْ بِنَّ كُلُّهُنَّ أَوْ، إلَّا وَاحِدَةٌ بَقِيَتْ الْمُطَالَبَةُ بِالتَّعْيِينِ لِتُعْلَمَ الْمُطَلَّقَةُ، وَلَا تَتَعَيَّنُ الْوَاحِدَةُ الْبَاقِيَةُ بِدُونِ تَعْيِينٍ، هَذَا كُلُّهُ فِي التَّعْيِينِ بَعْدَ التَّنْجِيزِ أَوْ بَعْدَ الصِّفَةِ فِي التَّعْلِيقِ، أَمَّا التَّعْيِينُ قَبْلَهَا فَصَحِيحٌ أَيْضًا بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ: مِنْ كَوْنِهِ يُعَيِّنُ بِاللَّفْظِ فِي وَاحِدَةٍ لَا أَكْثَرَ، وَلَا فِيمَنْ حَدَثَتْ بَعْدَ التَّعْلِيقِ، وَلَا يُوَزَّعُ لَكِنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ، إذْ لَا مَحْذُورَ فِي الْإِبْهَامِ قَبْلَ الْحِنْثِ، وَإِنَّمَا صَحَّ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ لِوُجُودِ السَّبَبِ، فَإِنْ عَيَّنَ وَاحِدَةً تَعَيَّنَتْ، فَإِنْ مَاتَتْ أَوْ بَانَتْ قَبْلَ الصِّفَةِ بَطَلَ التَّعْلِيقُ، وَلَا يُعَيِّنُ غَيْرَهَا، وَإِنْ بَقِيَتْ زَوْجَةً إلَى الصِّفَةِ طَلَقَتْ حِينَئِذٍ، وَإِنْ كَانَتْ مَيِّتَةً أَوْ مُبَانَةً قَبْلَ التَّعْيِينِ تَبَيَّنَ بِهِ أَنَّ التَّعْلِيقَ بَطَلَ بِالْمَوْتِ أَوْ الْإِبَانَةِ، وَلَا يُعَيِّنُ غَيْرَهَا، وَإِنْ مُتْنَ أَوْ بِنَّ، إلَّا وَاحِدَةٌ تَعَيَّنَتْ لِلتَّعْلِيقِ بِدُونِ تَعْيِينٍ، أَوْ كُلُّهُنَّ بَطَلَ التَّعْلِيقُ وَلَا يَعُودُ بِتَجْدِيدِ نِكَاحِ الْمُبَانَاتِ بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ الْحِنْثَ لَا يَعُودُ بِذَلِكَ، وَأَنَّ الْيَمِينَ يَنْحَلُّ بِالْبَيْنُونَةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُولُوا: بِصِحَّةِ تَعْيِينِ مَنْ مَاتَتْ أَوْ بَانَتْ بَعْدَ التَّعْلِيقِ وَقَبْلَ الصِّفَةِ بَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ فِيمَا مَرَّ قِيَاسًا عَلَى مَا هُنَا؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ فِيمَا مَرَّ إلْغَاءُ الْحِنْثِ مَعَ إمْكَانِهِ بِتَعْيِينِ غَيْرِ الْمَيِّتَةِ وَالْمُبَانَةِ، أَوْ الْتِزَامُ الْحِنْثِ قَبْلَ الصِّفَةِ، بِخِلَافِ مَا هُنَا لِعَدَمِ دُخُولِ وَقْتِ الْحِنْثِ، هَذَا هُوَ مَنْصُوصُ الْمَذْهَبِ الْمُوَافِقِ لِمَا فِي حَوَاشِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ، وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا فِي ع ش مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ اهـ. شَيْخُنَا ذ رحمه الله سبحانه وتعالى.

(قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَوْلُهُ: وَلَا وَجْهَ لَهُ قَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ بَقَاءَهُمَا عِنْدَهُ قَدْ يَجُرُّ إلَى مَحْذُورٍ لِتَشَوُّفِ نَفْسِ كُلٍّ إلَى الْآخَرِ اهـ. شَرْحُ م ر وَع ش وَحَجَرٌ قَالَ سم: لَكِنَّ هَذَا التَّوْجِيهَ لَا يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَتْ فِي غَيْرِ دَارِهِ أَوْ بَلَدِهِ أَيْ: إنَّهُ يَأْتِي فِي الرَّجْعِيَّةِ أَيْضًا وَلَا يَجِبُ فِيهَا التَّعْيِينُ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ بِأَنَّ إمْسَاكَ الْأَجْنَبِيَّةِ إمْسَاكَ

ص: 281

أَنَّهُ يُقْبَلُ بَيَانُهُ دُونَ تَعْيِينِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيَانَ إخْبَارٌ يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ بِخَبَرٍ أَوْ قَرِينَةٍ، وَالتَّعْيِينُ اخْتِيَارٌ يَصْدُرُ عَنْ شَهْوَةٍ، فَلَا يَخْلُفُهُ الْوَارِثُ فِيهِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَمَاتَ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ لَا يَخْلُفُهُ وَارِثُهُ فِيهِ.

(قُلْتُ: وَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الْوَارِثَ لَا يَخْلُفُهُ فِيمَا إذَا مَاتَ قَبْلَهُمَا (فِي الْعِتْقِ لَنْ يَلْتَزِمَا) ، بَلْ يَخْلُفُهُ فِيهِ (وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِ) أَيْ الْحَاوِي كَالْعُبَابِ (التَّسَاوِي) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الطَّلَاقِ، لَكِنَّهُ (يُخَالِفُ الْبَحْرَ) لِلرُّويَانِيِّ (وَشَرْحَ الْحَاوِي) لِلطَّاوُسِيِّ، فَفِيهِمَا أَنَّهُ يَخْلُفُهُ فِي الْعِتْقِ فِيمَا ذُكِرَ، قَالَ الْبَارِزِيُّ: وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي حُرِّيَّةِ عَبْدٍ وَرِقِّ آخَرَ، بِخِلَافِهِ فِي الطَّلَاقِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِإِطْلَاقِ الرَّافِعِيِّ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ، (وَبَانَ بِالتَّعْيِينِ) أَوْ الْبَيَانُ (أَنْ قَدْ وَقَعَا ذَانِ) أَيْ: الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ أَيْ بَانَ وُقُوعُهُمَا (بِلَفْظٍ) أَيْ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ جَزَمَ بِهِمَا وَنَجَّزَهُمَا، فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُمَا إلَّا أَنَّ مَحَلَّهُمَا غَيْرُ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْر مُبَيَّنٍ فَيُؤْمَرُ بِالتَّعْيِينِ أَوْ الْبَيَانِ، وَتُحْسَبُ الْعِدَّةُ فِي التَّعْيِينِ مِنْهُ وَفِي الْبَيَانِ مِنْ اللَّفْظِ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ.

وَيَجُوزُ أَنْ تَتَأَخَّرَ الْعِدَّةُ عَنْ وَقْتِ الْحُكْمِ بِالطَّلَاقِ كَمَا تَجِبُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بِالْوَطْءِ، وَتُحْسَبُ مِنْ التَّفْرِيقِ (لَا بِأَنْ يُجَامِعَا) فَلَيْسَ تَعْيِينًا وَلَا بَيَانًا لِلطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ فِي غَيْرِ الْمُجَامَعَةِ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يُجَامِعَ الْمُطَلَّقَةَ أَوْ الْعَتِيقَةَ، فَإِنْ عَيَّنَ الطَّلَاقَ أَوْ بَيَّنَهُ فِي الْمُجَامَعَةِ حُدَّ إنْ كَانَ بَائِنًا، وَلَزِمَهُ الْمَهْرُ لِجَهْلِهَا أَنَّهَا الْمُطَلَّقَةُ، أَوْ فِي غَيْرِهَا قُبِلَ، وَلِلْمُجَامَعَةِ أَنْ تُحَلِّفَهُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَهَا، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَطَلُقَتَا وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ لَا الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ، كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْأَنْوَارِ، وَذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ أَيْضًا إلَّا وُجُوبَ الْحَدِّ فِي مَسْأَلَةِ التَّعْيِينِ فَسَكَتَا عَنْهُ صَرِيحًا، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا قَائِلَانِ بِهِ وَلَكِنَّهُمَا سَكَتَا عَنْهُ إحَالَةً لَهُ عَلَى مَا قَدَّمَاهُ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيَانِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا قَائِلَانِ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ، وَهُوَ مُقْتَضَى سِيَاقِ كَلَامِهِمَا، وَالْفَرْقُ لَائِحٌ وَمَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ فِي الْعِتْقِ وَجْهٌ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّعْيِينِ فِي الْأَمَةِ، فَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي بَابِهِ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ أَنَّ أَكْثَرَ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّ الْجِمَاعَ تَعْيِينٌ فِي الْعِتْق، وَهُوَ قَضِيَّةُ مَا عَلَّلَا بِهِ هُنَا مِنْ أَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ لَمَّا لَمْ يَحْصُلْ ابْتِدَاءً بِالْفِعْلِ لَمْ يُتَدَارَكْ بِهِ، وَقَضِيَّتُهُ: أَيْضًا أَنَّهُ بَيَانٌ فِي الْعِتْقِ لَكِنَّهُمَا جَزَمَا فِي بَابِهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بَيَانًا، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْبَيَانَ إخْبَارٌ، وَالْأَصْلُ فِيهِ اللَّفْظُ وَالتَّعْيِينِ اخْتِيَارُ شَهْوَةٍ، وَالْجِمَاعُ يَقْتَضِيهِ فِيمَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ بِالْفِعْلِ

، (وَإِنْ يُؤَخِّرْهُ) أَيْ التَّعْيِينَ مَعَ عِلْمِهِ بِتَحْرِيمِ تَأْخِيرِهِ عَصَى، (كَفِي الْبَيَانِ) أَيْ: كَمَا أَنَّهُ إنْ أَخَّرَ الْبَيَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ (عَصَى) لِوُجُوبِهِمَا عَلَى الْفَوْرِ دَفْعًا لِضَرَرِ الْحَبْسِ، فَإِنْ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ إنَّهُ يُقْبَلُ بَيَانُهُ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَازَعَهُ وَارِثُ مَنْ بَيَّنَهَا لِلنِّكَاحِ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْوَارِثُ وَقُضِيَ لَهُ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا لَوْ بَيَّنَ الزَّوْجُ دُونَ مَا إذَا عَيَّنَ، كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بِرّ.

(قَوْلُهُ لَا بِأَنْ يُجَامِعَا) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْبَيَانَ لَا يَحْصُلُ بِالْوَطْءِ مُطْلَقًا، وَأَنَّ التَّعْيِينَ يَحْصُلُ بِهِ فِي الْعِتْقِ دُونَ النِّكَاحِ كَمَا سَيُقَرِّرُهُ الشَّارِحُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَعْصِي بِالْوَطْءِ، إلَّا فِي الْأَمَتَيْنِ إذَا أَعْتَقَ إحْدَاهُمَا مُبْهَمَةً؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ يَحْصُلُ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ، لَكِنْ هَلْ يَتَوَقَّفُ جَوَازُهُ عَلَى قَصْدِ التَّعْيِينِ؟ الظَّاهِرِ: نَعَمْ أَخْذًا مِنْ نَظِيرِهِ فِي الصَّوْمِ بِرّ. (قَوْلُهُ وَلِلْمُجَامَعَةِ أَنْ تُحَلِّفَهُ) يَنْبَغِي اخْتِصَاصُ هَذَا بِمَسْأَلَةِ الْبَيَانِ بِرّ، وَكَتَبَ أَيْضًا أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيَانِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي: وَإِذَا عَيَّنَ فَلَا دَعْوَى لَهَا إلَخْ وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَهَا عِبَارَةُ غَيْرِهِ: أَنَّهُ مَا نَوَاهَا.

(قَوْلُهُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا قَائِلَانِ بِهِ) وَبِهِ جَزَمَ الْأَنْوَارُ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ بِعَدَمِ وُجُوبِهِ) وَفِي شَرْحِ الرَّوْض أَنَّهُ الْأَوْجَهُ لِلِاخْتِلَافِ فِي أَنَّهَا طَلَقَتْ بِاللَّفْظِ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ لَمْ يُتَدَارَكْ بِهِ) ، فَإِنَّ الْمِلْكَ يَحْصُلُ بِالْفِعْلِ ابْتِدَاءً كَالِاحْتِطَابِ، فَيُتَدَارَكُ بِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقْصِدَ بِالْوَطْءِ التَّعْيِينَ، بَلْ الشَّرْطُ عَدَمُ الصَّارِفِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ عَصَى) حَمَلَهُ فِي الْخَادِمِ عَلَى مَا إذَا كَذَّبَتَاهُ، وَقَدْ أَسْلَفْنَا مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْعِصْيَانُ مَعَ الْعِلْمِ، وَإِنْ صَدَّقَتَاهُ بِرّ.

ــ

[حاشية الشربيني]

الزَّوْجَاتِ مُمْتَنِعٌ، وَلَا يَتَمَيَّزُ إمْسَاكُهَا عَنْ إمْسَاكِهِنَّ، إلَّا بِالْبَيَانِ أَوْ التَّعْيِينِ، وَإِلَّا فَإِمْسَاكُ الزَّوْجَاتِ مُنْسَحِبٌ عَلَيْهَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ كَرَدٍّ بِعَيْبٍ وَاسْتِلْحَاقِ نَسَبٍ اهـ. م ر أَيْ: وَأُخِذَ بِشُفْعَةٍ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَقَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ، وَهُوَ إرْثُ مُورِثِهِ أَوْ حِرْمَانُهُ اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْله أَنَّهُ يُقْبَلُ بَيَانُهُ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ مَاتَتَا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ، أَوْ إحْدَاهُمَا قَبْلَهُ وَالْأُخْرَى بَعْدَهُ، أَوْ لَمْ تَمُتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، أَوْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى، اهـ. شَرْحُ م ر. وَإِنَّمَا قُبِلَ فِي الْبَيَانِ لِإِمْكَانِ الِاطِّلَاعِ عَلَى النِّيَّةِ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ اهـ. شَيْخُنَا ذ.

(قَوْلُهُ لَنْ يَلْتَزِمَا) سَوَاءٌ الْبَيَانُ وَالتَّبْيِينُ كَمَا فِي الْحَاشِيَةِ عَنْ حَجَرٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا إلَخْ) هَذَا قَاصِرٌ عَلَى التَّعْيِينِ، إذْ لَيْسَ الْعِبْرَةُ بِغَرَضِهِ فِي الْبَيَانِ، بَلْ بِمُرَادِ الْمُورِثِ فَلَعَلَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى التَّعْيِينِ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَهَا) الظَّاهِرُ عَلَى أَنَّهُ مَا أَرَادَهَا، وَيُمْكِنُ إرْجَاعُ ضَمِيرِ أَرَادَهَا لِغَيْرِهَا الْمَذْكُورِ قَبْلُ. (قَوْلُهُ فِي مَسْأَلَةِ التَّعْيِينِ) هِيَ قَوْلُهُ فِيمَا سَبَقَ، فَإِنْ عَيَّنَ الطَّلَاقَ فِي الْمُجَامَعَةِ إلَى أَنْ قَالَ حُدَّ. (قَوْلُهُ عَلَى مَا قَدَّمَاهُ)، فَإِنَّهُمَا قَدَّمَا مَسْأَلَةَ الْبَيَانِ وَقَالَا: فَإِنْ بَيَّنَ الطَّلَاقَ فِي الْمَوْطُوءَةِ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، إنْ كَانَ بَائِنًا. (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ لَائِحٌ) وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ قِيلَ: إنَّ الطَّلَاقَ مِنْ التَّعْيِينِ لَا مِنْ الْإِيقَاعِ، وَأَمَّا فِي الْبَيَانِ فَهُوَ مِنْ الْإِيقَاعِ جَزْمًا فَلِشُبْهَةِ ذَلِكَ الْقَوْلِ يَمْتَنِعُ الْحَدُّ فِي

ص: 282

امْتَنَعَ حُبِسَ وَعُزِّرَ وَلَا يُقْنَعُ بِقَوْلِهِ: نَسِيت الْمُعَيَّنَةَ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي وَرَّطَ نَفْسَهُ، وَإِذَا بَيَّنَ فَلِلْأُخْرَى أَنْ تَدَّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّك نَوَيْتنِي وَتُحَلِّفَهُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَطَلُقَتَا أَوْ عَتَقَتَا، وَإِذَا عَيَّنَ فَلَا دَعْوَى لَهَا؛ لِأَنَّهُ اخْتِيَارٌ يُنْشِئُهُ، هَذَا كُلُّهُ فِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ، أَمَّا الرَّجْعِيُّ فَلَا يَلْزَمُهُ فِيهِ تَعْيِينٌ وَلَا بَيَانٌ عَلَى الْأَصَحِّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ فَهُوَ يَرِثُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا. وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ: كَفَى الْبَيَانُ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَا مَرَّ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيَجُوزُ عَلَى بُعْدٍ أَنْ يُرَادَ بِهِ أَنَّ جَمِيعَ مَا ثَبَتَ لِلتَّعْيِينِ ثَابِتٌ لِلْبَيَانِ عَلَى مَا مَرَّ.

(تَنْبِيهٌ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَمْهَلَ لَا يُمْهَلُ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يُمْهَلُ لِقَوْلِ الرُّويَانِيِّ فِيمَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ يُمْهَلُ إذَا اسْتَمْهَلَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ: وَهَذَا صَحِيحٌ فِيمَا إذَا عَيَّنَ وَنَسِيَ أَوْ أَبْهَمَ، فَإِنْ عَيَّنَ وَلَمْ يَدَّعِ النِّسْيَانَ، فَلَا وَجْهَ لِلْإِمْهَالِ (وَلَوْ قَدْ مَاتَتْ الثِّنْتَانِ) أَيْ الزَّوْجَتَانِ أَوَالْأَمَتَانِ، فَإِنَّهُ يَعْصِي بِتَأْخِيرِ التَّعْيِينِ وَالْبَيَانِ، (وَلَهُمَا) عَلَى الزَّوْجِ أَوْ السَّيِّدِ (إلَيْهِ) أَيْ التَّعْيِينِ أَوْ الْبَيَانِ (إنْفَاقٌ) لِحَبْسِهِمَا عِنْدَهُ حَبْسَ الزَّوْجَاتِ وَالْمَمَالِيكِ، وَإِذَا عَيَّنَ أَوْ بَيَّنَ لَا يَسْتَرِدُّ الْمَدْفُوعَ لِلْمُطَلَّقَةِ أَوْ الْعَتِيقَةِ لِذَلِكَ، (وَفِي) قَوْلِهِ مُشِيرًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْبَيَانِ (أَرَدْتُ) لِلطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ (ذِي بَلْ تِلْكَ) أَوْ بِدُونِ بَلْ، كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَبِهِ صَرَّحَ مِنْ زِيَادَته بِقَوْلِهِ (أَوْ بَلْ تَنْتَفِي) سَوَاءٌ أَتَى بِبَدَلِهَا أَمْ لَا، كَقَوْلِهِ: هَذِهِ وَتِلْكَ أَوْ هَذِهِ مَعَ تِلْكَ أَوْ هَذِهِ تِلْكَ (فَقَدْ أَقَرَّ لَهُمَا) بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ فَيُحْكَمُ بِهِ، وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْ الْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ، وَيُؤَاخَذُ بِالثَّانِي لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ كَمَا لَوْ قَالَ: عَلَيَّ دِرْهَمٌ، بَلْ دِينَارٌ قَالَ الْإِمَامُ: وَهَذَا فِي الظَّاهِرِ، أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَالْمُطَلَّقَةُ مَنْ نَوَاهَا فَقَطْ، فَإِنْ نَوَاهُمَا جَمِيعًا فَالْوَجْهُ أَنَّهُمَا لَا تَطْلُقَانِ، إذْ لَا وَجْهَ لِحَمْلِ إحْدَاهُمَا عَلَيْهِمَا جَمِيعًا، أَيْ فَتَطْلُقُ إحْدَاهُمَا فَقَطْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعَبَّادِيُّ.

وَيُقَاسُ بِالْمُطَلَّقَةِ الْعَتِيقَةُ، وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ أَوْ هَذِهِ فَالْإِبْهَامُ بَاقٍ، وَلَوْ قَالَ: هَذِهِ ثُمَّ هَذِهِ أَوْ هَذِهِ فَهَذِهِ حُكِمَ بِطَلَاقِ الْأُولَى فَقَطْ كَمَا فِي التَّهْذِيبِ وَالتَّتِمَّةِ، لِفَصْلِ الثَّانِيَةِ بِالتَّرْتِيبِ، وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْقَاضِي فِي ثُمَّ، وَمِثْلُهَا الْفَاءُ، وَاعْتَرَضَهُ بِتَضَمُّنِ الْكَلَامِ الِاعْتِرَافَ بِالطَّلَاقِ فِيهِمَا، فَلْيُحْكَمْ بِوُقُوعِهِ فِيهِمَا كَمَا فِي الْوَاوِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْحَقُّ الِاعْتِرَاضُ لَكِنْ رَجَّحَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَوَّلَ، قَالَ فِيهَا: كَأَصْلِهَا وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: هَذِهِ بَعْدَ هَذِهِ تَطْلُقُ الْمُشَارُ إلَيْهَا ثَانِيًا وَحْدَهَا أَوْ: هَذِهِ قَبْلَ هَذِهِ أَوْ بَعْدَهَا هَذِهِ تَطْلُقُ الْمُشَارُ إلَيْهَا أَوَّلًا وَحْدَهَا.

وَقِيَاسُ الِاعْتِرَاضِ أَنْ تَطْلُقَا مَعًا فِي الصُّورَتَيْنِ، (أَوْ قِيلَا) أَيْ أَوْ قَالَ فِي التَّعْيِينِ:(عَيَّنْتُ ذِي وَذِي) أَوْ ذِي، بَلْ ذِي أَوْ ذِي ثُمَّ ذِي أَوْ ذِي فَذِي أَوْ ذِي ذِي، (فَذَا) تَعْيِينٌ (لِلْأُولَى) لِلطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ وَلَغَا ذِكْرُ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ إنْشَاءُ اخْتِيَارٍ لَا إخْبَارٌ عَنْ سَابِقٍ، وَلَيْسَ لَهُ إلَّا اخْتِيَارُ وَاحِدَةٍ فَيَلْغُو ذِكْرُ اخْتِيَارِ غَيْرِهَا.

(فَرْعٌ) لَوْ كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ فَقَالَ مُشِيرًا إلَى إحْدَاهُمَا: امْرَأَتِي طَالِقٌ وَقَالَ: أَرَدْت الْأُخْرَى قُبِلَ وَبَطَلَتْ الْإِشَارَةُ وَقِيلَ: تَطْلُقَانِ مَعًا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ.

(وَالزَّوْجُ إنْ عَلَّقَهُ بِأَنْ هَلَكْ مُوَرِّثٌ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَإِذَا عَيَّنَ فَلَا) قَدْ يُفْهَمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُعَيِّنْ كَانَ لَهَا أَنْ تُطَالِبَهُ بِالتَّعْيِينِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ) يُؤْخَذُ مِنْهُ التَّقْيِيدُ بِقَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ. (قَوْلُهُ عَلَى مَا مَرَّ) إشَارَةٌ إلَى نَحْوِ أَنَّهُ لَوْ عَيَّنَ الْمُجَامَعَةَ لِلطَّلَاقِ، هَلْ يُحَدُّ؟ فِيهِ التَّرَدُّدُ الَّذِي بَيَّنَهُ هُنَاكَ. (قَوْلُهُ بِتَأْخِيرِ التَّعْيِينِ وَالْبَيَانِ) لِتَبَيُّنِ حَالِ الْإِرْثِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَدْ مَاتَتْ الثِّنْتَانِ) ثُمَّ إذَا بَيَّنَ فَلِلْوَارِثِ أَنْ يُنَازِعَهُ فِي الَّتِي بَيَّنَهَا وَيَطْلُبَ يَمِينَهُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ وَارِثُهَا، وَلَا مِيرَاثَ لِلزَّوْجِ مِنْهَا بِرّ. (قَوْلُهُ وَالْبَيَانِ) لِيَتَبَيَّنَ حَالُ الْإِرْثِ (قَوْلُهُ عَنَيْت ذِي وَذِي إلَخْ)

ــ

[حاشية الشربيني]

التَّعْيِينِ لَا فِي الْبَيَانِ اهـ. ذ.

(قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ فِيهِ تَعْيِينٌ) فِيهِ أَنَّهَا لَا تَبْتَدِئُ عِدَّةً، إلَّا بِالتَّعْيِينِ فَيُؤَدِّي إلَى عَدَمِ وُجُوبِ التَّعْيِينِ فِي الرَّجْعِيَّةِ، فَالْوَجْهُ وُجُوبُ التَّعْيِينِ فَوْرًا حَتَّى فِي الرَّجْعِيَّةِ لِأَجْلِ أَنْ يَبْتَدِئَ فِي الْعِدَّةِ اهـ. قُوَيْسَنِيٌّ اهـ. مَرْصَفِيٌّ، وَقَدْ يُقَالُ: حَيْثُ حُكِمَ بِأَنَّهَا زَوْجَةٌ زَالَ الْإِشْكَالُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَلَا بَيَانٌ) أَيْ مَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ وَإِلَّا وَجَبَ اهـ. شَيْخُنَا ذ. (قَوْلُهُ إنَّ جَمِيعَ مَا ثَبَتَ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَيَانٌ لِحَاصِلِ الْمَعْنَى وَأَنَّهُ تَشْبِيهٌ مَقْلُوبٌ. (قَوْلُهُ فَإِنْ نَوَاهُمَا جَمِيعًا إلَخْ) وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَمَا مَرَّ فِي هَذِهِ مَعَ تِلْكَ، بِأَنَّ ذَاكَ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرِ فَنَاسَبَ التَّغْلِيظَ عَلَيْهِ، وَهَذَا مِنْ حَيْثُ الْبَاطِنُ فَعَمِلْنَا بِقَضِيَّةِ النِّيَّةِ الْمُوَافِقَةِ لِلَّفْظِ دُونَ الْمُخَالِفَةِ لَهُ اهـ. م ر وَحَجَرٌ. قَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَوْلُهُ أَيْ الْإِمَامِ: فَإِنْ نَوَاهُمَا جَمِيعًا أَيْ بِقَوْلِهِ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ فَالْوَجْهُ أَنَّهُمَا لَا تَطْلُقَانِ أَيْ مَعًا، بَلْ تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ فَقَطْ وَيُخْرَجُ فِي هَذِهِ مِنْ الْبَيَانِ إلَى التَّعْيِينِ كَمَا مَرَّ، وَيُحْكَمُ بِطَلَاقِ الْأُولَى مِنْهُمَا اهـ. أَيْ: وَأَمَّا قَوْلُهُ سَابِقًا هَذِهِ وَتِلْكَ أَوْ هَذِهِ مَعَ تِلْكَ، فَهُوَ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيَانِ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَتْ الصِّيغَةُ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ كَمَا تَقَدَّمَ، إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ: أَرَدْت بِإِحْدَاكُمَا هُمَا جَمِيعًا، بَلْ قَالَ: أَرَدْت لِلطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ هَذِهِ وَتِلْكَ أَوْ هَذِهِ مَعَ تِلْكَ، فَهُوَ إقْرَارٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ فَيُعْمَلُ بِهِ ظَاهِرًا فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ لِفَصْلِ الثَّانِيَةِ بِالتَّرْتِيبِ) أَيْ: وَهُوَ مُرَجِّحٌ قَوِيٌّ فَلَمْ يُنْظَرْ مَعَهُ لِتَضَمُّنِ كَلَامِهِ لِلِاعْتِرَافِ لَهُمَا اهـ. م ر وَبِهِ يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ الْآتِي، وَقَدْ يُدْفَعُ أَيْضًا: بِأَنَّ الِاعْتِرَافَ بِمَا لَا يَحْتَمِلُهُ الْكَلَامُ غَيْرُ صَحِيحٍ، إذْ يَبْعُدُ كُلَّ الْبُعْدِ قَصْدُ طَلَاقَيْنِ لِامْرَأَتَيْنِ مُرَتَّبَيْنِ بِلَفْظِ:

ص: 283

زَوْجَةَ هَذَا قَدْ مَلَكْ) بِنَصْبِ زَوْجَةٍ بِمَلَكَ، وَالْجُمْلَةُ صِفَةُ مُورِثٍ أَيْ: وَإِنْ عَلَّقَ الزَّوْجُ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ بِهَلَاكِ مُورِثٍ لَهُ مَالِكٍ لَهَا، فَهُوَ لَغْوٌ؛ لِأَنَّهَا بِهَلَاكِهِ تَنْتَقِلُ إلَيْهِ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ، فَلَا يُصَادِفُ الطَّلَاقُ مَحَلًّا كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِهَلَاكِ نَفْسِهِ أَوْ بِهَلَاكِهَا؛ وَلِأَنَّ هَلَاكَهُ يَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ وَالطَّلَاقَ، وَاجْتِمَاعُهُمَا مُمْتَنِعٌ فَيَقَعُ الْأَقْوَى، وَهُوَ الِانْفِسَاخُ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ قَهْرًا، أَوْ الطَّلَاقُ يَتَعَلَّقُ وُقُوعُهُ بِالِاخْتِيَارِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى بَعْضَهُ وَنَوَى عِتْقَهُ عَنْ كَفَّارَةٍ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَتَلْغُو نِيَّتُهُ، وَخَرَجَ بِالْمُورِثِ غَيْرُهُ كَأَنْ قَامَ بِالزَّوْجِ مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ حِينَئِذٍ، وَكَذَا لَوْ عَلَّقَ سَيِّدُهَا أَيْضًا عِتْقَهَا بِمَوْتِهِ وَخَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ، أَوْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ، إذْ لَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ لِعَدَمِ دُخُولِهَا أَوْ بَعْضِهَا فِي مِلْكِ الْوَارِثِ حِينَئِذٍ، (أَوْ قَالَ: إنْ آلَيْتُ) مِنْك (أَوْ طَلَّقْت)(كَالْفَسْخِ) كَأَنْ قَالَ: فَسَخْت نِكَاحَك (أَوْ رَاجَعْتُ أَوْ ظَاهَرْتُ فَطَالِقٌ أَنْتِ ثَلَاثًا قَبْلَ ذَا) فَهُوَ لَغْوٌ، فَيَقَعُ الْمُنَجَّزُ دُونَ الْمُعَلَّقِ؛ لِأَنَّ وُقُوعَهُ يَمْنَعُ وُقُوعَ الْمُنَجَّزِ فَيَمْتَنِعُ وُقُوعُ الْمُعَلَّقِ لِفَوْتِ شَرْطِهِ، وَلَا امْتِنَاعَ فِي وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ فَيَقَعُ.

وَقَدْ يَتَخَلَّفُ الْجَزَاءُ عَنْ الشَّرْطِ لِأَسْبَابٍ كَمَا لَوْ عَلَّقَ عِتْقَ سَالِمٍ بِعِتْقِ غَانِمٍ ثُمَّ أَعْتَقَ غَانِمًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَلَا يَفِي ثُلُثُ مَالِهِ إلَّا بِأَحَدِهِمَا لَا يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، بَلْ يَتَعَيَّنُ عِتْقُ غَانِمٍ كَمَا مَرَّ فِي الْوَصِيَّةِ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ تَصَرُّفٌ شَرْعِيٌّ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ، فَيَبْعُدُ سَدُّ بَابِهِ

(وَلَوْ) قَالَ (وَإِنْ أَطَأْ) كِ (وَطْئًا مُبَاحًا، أَوْ إذَا) أَطَؤُك وَطْئًا مُبَاحًا (فَطَالِقٌ مِنْ قَبْلِهِ أَنْت، فَذَا لَغْوٌ) حَتَّى لَوْ وَطِئَهَا لَا تَطْلُقُ قَبْلَهُ، وَإِلَّا لَمَّا كَانَ الْوَطْءُ مُبَاحًا فَلَا تَطْلُقُ، وَلَمْ يُقَيِّدْ هُنَا بِالطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّ الدَّوْرَ يَحْصُلُ بِالْوَاحِدَةِ، بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ، وَكَانَ وَإِذَا بَقِيَّةُ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ، (وَ) إذَا عَلَّقَ (بِالْفِعْلِ) وُجُودًا أَوْ عَدَدًا (بِإِنْ أَوْ بِإِذَا) أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ، وَقَصَدَ بِذَلِكَ حَثًّا أَوْ مَنْعًا أَوْ تَحْقِيقَ خَبَرٍ، وَكَانَ الْمُعَلَّقُ بِفِعْلِهِ مِمَّنْ يُبَالَى بِتَعْلِيقِهِ، فَهُوَ حَلِفٌ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ إنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ أَحَدُ هَذِهِ الْأُمُورِ كَقَوْلِهِ: إنْ لَمْ تَدْخُلِي أَوْ إنْ دَخَلْت أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا كَمَا قُلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَتَعْلِيقِهِ بِحَيْضِهَا أَوْ طُهْرِهَا أَوْ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ مَجِيءِ الشَّهْرِ، أَوْ قَصَدَ وَكَانَ الْمُعَلَّقُ بِفِعْلِهِ مِمَّنْ لَا يُبَالَى بِتَعْلِيقِهِ كَأَنْ عَلَّقَ بِقُدُومِ الْحَاجِّ أَوْ السُّلْطَانِ أَوْ نَحْوِهِ فَلَيْسَ بِحَلِفٍ، بَلْ مَحْضُ تَعْلِيقٍ وَإِلَى الْأَوَّلِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ:(لَا فِي سِوَى اللَّجَاجِ كَالطُّلُوعِ) أَيْ: وَإِذَا عَلَّقَ بِالْفِعْلِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ كَالدُّخُولِ وَعَدَمِهِ (فَحَلِفٌ) ، لَا كَالطُّلُوعِ فِي غَيْرِ اللَّجَاجِ فَلَيْسَ بِحَلِفٍ.

وَزَادَ عَلَى الْحَاوِي الْكَافَ لِيَدْخُلَ كُلُّ مَا أَشْبَهَ الطُّلُوعَ، وَزَادَ تَقْيِيدَ الطُّلُوعِ بِغَيْرِ اللَّجَاجِ لِيَخْرُجَ التَّعْلِيقُ بِهِ فِي حَالِ اللَّجَاج أَيْ النِّزَاعِ كَأَنْ قَالَتْ: طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَكَذَّبَهَا فَقَالَ: إنْ طَلَعَتْ فَأَنْت طَالِقٌ، فَإِنَّهُ حَلِفٌ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ تَحْقِيقَ الْخَبَرِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ تَعْلِيقًا بِالطُّلُوعِ، بَلْ بِتَبَيُّنِهِ، فَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّقْيِيدِ، وَمِنْ فَوَائِدِ كَوْنُ التَّعْلِيقِ حَلِفًا كَمَا يُعْرَفُ مِمَّا سَيَأْتِي: أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ، وَقَعَ الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلَّقَ ثَانِيًا بِطُلُوعِ الشَّمْسِ فِي غَيْرِ اللَّجَاجِ، وَيَقَعُ الْمُعَلَّقُ بِالدُّخُولِ أَوْ

ــ

[حاشية العبادي]

بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ: عَنَيْت ذِي بَعْدَ ذِي أَوْ قَبْلَهَا ذِي مَثَلًا.

(قَوْلُهُ زَوْجَةَ هَذَا) أَيْ الزَّوْجِ وَقَوْلُهُ قَدْ مَلَكَ أَيْ الْمُورِثُ. (قَوْلَهُ مُقْتَضَى الِانْفِسَاخِ) مِنْ حَيْثُ مِلْكِ الزَّوْجِ وَقَوْلُهُ: وَالطَّلَاقَ مِنْ حَيْثُ تَعْلِيقُهُ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ) شَامِلٌ لِصُورَةِ الْإِطْلَاقِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْهَامِشِ عَنْ ابْنِ رَزِينٍ وَابْنِ الصَّلَاحِ وَكَتَبَ أَيْضًا: وَلَوْ أَطْلَقَ فَلَمْ يَقْصِدْ حَثًّا، وَلَا مَنْعًا، وَلَا تَعْلِيقًا مَحْضًا، بَلْ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْيَمِينِ وَقَعَ عِنْدَ ابْنِ الصَّلَاحِ وَجَرَى عَلَيْهِ جَمْعٌ، وَإِنْ رَدَّهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ رَزِينٍ بِأَنَّ الْأَصْحَابَ أَطْلَقُوا فِيهَا الْقَوْلَيْنِ، وَمُخْتَارُ كَثِيرِينَ مِنْهُمْ الرَّافِعِيُّ عَدَمُ الْوُقُوعِ وَوَجْهُهُ: بِأَنَّ الْغَالِبَ مِمَّنْ يَحْلِفُ عَلَى فِعْلٍ مُسْتَقْبَلٍ مِنْ مُبَالٍ أَنَّهُ يَقْصِدُ حَثَّهُ أَوْ مَنْعَهُ، فَلَمْ يَقَعْ مَعَ نَحْوِ النِّسْيَانِ، إلَّا أَنْ يَصْرِفَهُ بِقَصْدِ وُجُودِ صُورَةِ الْفِعْلِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ وَكَذَّبَهَا) يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَوَقَّفَ تَحْقِيقُ الْخَبَرِ عَلَى التَّصْرِيحِ بِالتَّكْذِيبِ، بَلْ يَكْفِي فِيهِ اعْتِقَادُهُ أَوْ ظَنُّهُ عَدَمَ الطُّلُوعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ التَّكْذِيبَ فِي الْمَعْنَى وَيُوجِبُ أَنَّ الْمَقْصُودَ تَحْقِيقُ الْخَبَرِ، كَمَا لَا يَخْفَى وَكَأَنَّهُمْ إنَّمَا صَوَّرُوا بِتَكْذِيبِهِ إيَّاهَا؛ لِأَنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِالتَّكْذِيبِ عَلَى اعْتِقَادِ أَوْ ظَنِّ الْخِلَافِ الْمُسْتَلْزِم وَالْمُوجِبِ لِمَا ذُكِرَ فَلْيُتَأَمَّلْ. سم.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ:) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ فُهِمَ أَنَّ التَّعْلِيقَ عَلَى الطُّلُوعِ الْمَاضِي، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَقَدْ يُعْتَذَرُ بِأَنَّ مُرَادَهُ تَبْيِينُ الْوُقُوعِ فِي الْمُسْتَقْبِلِ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَأَقُولُ: إنَّ قَوْلَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَخْ عَجِيبٌ، فَإِنَّ الطُّلُوعَ فِي قَوْلِهِ: إنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَأَنْتِ طَالِقٌ الْمُرَادُ بِهِ الطُّلُوعُ فِي الْمَاضِي قَطْعًا، لِتَعَلُّقِهِ بِقَوْلِهَا: طَلَعَتْ الشَّمْسُ الَّذِي كَذَّبَهَا فِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ. سم. (قَوْلُهُ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى التَّقْيِيدِ) فِيهِ نَظَرٌ، إذْ قَدْ يَقَعُ النِّزَاعُ فِي التَّبَيُّنِ فَتَأَمَّلْهُ. سم. (قَوْلُهُ وَيَقَعُ الْمُعَلَّقُ بِالدُّخُولِ إنْ وُجِدَتْ صِفَتُهُ) هَذَا يُشْكِلُ عَلَى الْقَوْلِ: بِعَدَمِ الْحِنْثِ عِنْدَ الْحَلِفِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا، وَهُوَ عَجِيبٌ، فَإِنَّ التَّعْلِيقَ

ــ

[حاشية الشربيني]

إحْدَاكُمَا فَيُتَأَمَّلْ اهـ. ق ل

(قَوْلُهُ أَوْ قَالَ إلَخْ) هَذِهِ هِيَ الْمَسْأَلَةُ الْمَنْسُوبَةُ لِابْنِ سُرَيْجٍ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَظْهَرَهَا، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا لِنَفْسِهِ لِنَقْلِهَا عَنْ مُعْظَمِ الْأَصْحَابِ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ بِاخْتِصَارٍ كَثِيرٍ، وَرُدَّ الْقِيَاسُ عَلَى الْعِتْقِ بِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ وَلُزُومِ إرْقَاقِ حُرٍّ نَجَّزَ الْمَالِكُ حُرِّيَّتَهُ

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ حَلِفٌ) فَإِنْ قَصَدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي ظَنِّهِ أَوْ اعْتِقَادِهِ أَوْ أَطْلَقَ، فَلَا وُقُوعَ، أَوْ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي الْوَاقِعِ وَبَانَ خِلَافُهُ حَنِثَ

ص: 284

بِالطُّلُوعِ إنْ وُجِدَتْ صِفَتُهُ.

(وَ) التَّعْلِيقُ بِشَيْءٍ (لَيْسَ بِالْوُقُوعِ) أَيْ لَيْسَ وُقُوعًا لِلطَّلَاقِ (وَلَيْسَ إيقَاعًا) لَهُ فَلَوْ قَالَ: إنْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي أَوْ أَوْقَعْت عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْت طَالِقٌ، ثُمَّ وُجِدَ التَّعْلِيقُ لَمْ يَقَعْ بِهِ شَيْءٌ لِعَدَمِ كَوْنِهِ وُقُوعًا وَلَا إيقَاعًا، (وَمَعْ وَصْفِ مَا طَلَاقًا إيقَاعًا وُقُوعًا يُسْمَى) أَيْ: وَالتَّعْلِيقُ مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ بِهَا أَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ يُسَمَّى طَلَاقًا وَوُقُوعًا وَإِيقَاعًا، فَلَوْ قَالَ: إنْ طَلَّقْتُك أَوْ وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي أَوْ أَوْقَعْت عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْت طَالِقٌ، ثُمَّ وُجِدَ التَّعْلِيقُ مَعَ الصِّفَةِ وَقَعَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْوُقُوعُ أَوْ الْإِيقَاعُ، (وَصِفَةً لَا غَيْرُ بِالْوُقُوعِ صِفْ) أَيْ وَسَمِّ الصُّفَّةَ الْمُعَلَّقَ بِهَا وُقُوعًا لَا طَلَاقًا، وَلَا إيقَاعًا، فَلَوْ عَلَّقَ بِالدُّخُولِ ثُمَّ بِالْوُقُوعِ فَدَخَلَتْ وَقَعَ طَلْقَتَانِ. وَاحِدَةٌ بِالدُّخُولِ وَأُخْرَى بِالْوُقُوعِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلَّقَ ثَانِيًا بِالطَّلَاقِ أَوْ الْإِيقَاعِ لَمْ يَقَعْ إلَّا وَاحِدَةٌ بِالدُّخُولِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَلَاقٍ وَلَا إيقَاعٍ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ (مِنْ قَبْلِ بَيْنُونَتِهَا) مَا لَوْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ كَالدُّخُولِ فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا، وَلَوْ بَعْدَ تَجْدِيدِ نِكَاحِهَا فَلَا يَقَعُ بِهَا طَلَاقٌ، وَهَذَا إيضَاحٌ، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّهُ إذَا أَبَانَهَا لَا يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقٌ.

(وَ) لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ (بِالْحَلِفْ أَيْ بِطَلَاقِ عِرْسِهِ فَإِنْ يُعِدْ) ذَلِكَ، وَقَدْ وَطِئَهَا وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ، (عَدَّ) أَيْ بِعَدَدِ (مُعَادِّهِ)، فَلَوْ قَالَ لَهَا: إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك فَأَنْت طَالِقٌ وَأَعَادَهُ مِرَارًا وَقَعَ بِكُلِّ مُعَادٍ طَلْقَةٌ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ فَيَقَعُ بِالْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ طَلْقَةٌ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا، وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ الْأُولَى، وَيَقَعُ بِالثَّالِثَةِ طَلْقَةٌ ثَانِيَةٌ بِحُكْمِ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ وَتَنْحَلُّ، وَيَقَعُ بِالرَّابِعَةِ طَلْقَةٌ ثَالِثَةٌ بِحُكْمِ الْيَمِينِ الثَّالِثَةِ وَتَنْحَلُّ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَرَّرَ التَّعْلِيقَ بِالدُّخُولِ، فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ بِالدُّخُولِ إلَّا وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ فِي صُورَةِ الْحَلِفِ تَنْحَلُّ كُلُّ يَمِينٍ بِالْيَمِينِ الَّتِي بَعْدَهَا، وَالتَّعْلِيقُ بِالدُّخُولِ لَا يَنْحَلُّ بِتَعْلِيقِ الدُّخُولِ الَّذِي بَعْدَهُ فَلَا يَتَكَرَّرُ الطَّلَاقُ (وَإِنْ وَطْءٌ فُقِدْ) مِنْ الزَّوْجِ (فَطَلْقَةٌ) فَقَطْ تَقَعُ؛ لِأَنَّهَا بَانَتْ بِوَاحِدَةٍ وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ، (وَ) لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتَيْهِ بَعْدَ وَطْئِهِمَا بِالْحَلِفِ (بِطَلَاقٍ لَهُمَا) كَأَنْ قَالَ: إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ حَالَةَ كَوْنِهِ (مُعِيدَ) ثَلَاثَ (مَرَّاتٍ ثُلَاثَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مَعْدُولٌ عَنْ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، (لَزِمَا) أَيْ لَزِمَهُمَا الطَّلَاقُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا.

(وَ) أَمَّا (قَبْلَ وَطْءِ امْرَأَةٍ) مِنْهُمَا بِأَنْ لَمْ يَطَأهُمَا أَوْ لَمْ يَطَأْ إلَّا إحْدَاهُمَا (فَمُوَحِّدًا) بِفَتْحِ مِيمِهِ وَحَائِهِ مَعْدُولٌ عَنْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً أَيْ: فَيَلْزَمُهُمَا الطَّلَاقُ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، إذْ غَيْرُ الْمَوْطُوءَةِ بَانَتْ بِالْوَاحِدَةِ وَالْمَوْطُوءَةُ شَرْطُ طَلَاقِهَا الْحَلِفُ بِطَلَاقِهِمَا جَمِيعًا، وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ لِبَيْنُونَةِ إحْدَاهُمَا (وَإِنْ نِكَاحُ مَنْ أُبِينَتْ جَدَّدَا وَبِطَلَاقِ هَذِهِ يَحْلِفْ) أَيْ: وَإِنْ جَدَّدَ الزَّوْجُ نِكَاحَ مَنْ أُبِينَتْ مِنْهُمَا فِيمَا إذَا وَطِئَ إحْدَاهُمَا فَقَطْ وَحَلَفَ بِطَلَاقِهَا وَحْدَهَا، (فَلَا تَطْلُقُ

ــ

[حاشية العبادي]

بِالدُّخُولِ لَيْسَ مِمَّا يَمْنَعُ الْحِنْثَ بِهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ حَلَفَ بِفِعْلِ مَنْ يُبَالَى بِهِ، فَلَا حِنْثَ بِدُخُولِهَا مَعَ نِسْيَانٍ أَوْ جَهْلٍ أَوْ إكْرَاهٍ، وَهَذَا شَيْءٌ آخَرُ، نَعَمْ لَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ لِتَحْقِيقِ الْخَبَرِ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَا وَقِيلَ: بِالْحِنْثِ فِيهِ تُوُجِّهَ هَذَا الْإِشْكَالُ سم.

(قَوْلُهُ فَإِنْ يُعَدَّ عُدَّ مَعَادُهُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: وَيَقَعُ الثَّلَاثُ فِي قَوْلِهِ لِمَوْطُوءَةٍ: إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك بِتَكْرِيرِهِ أَرْبَعًا اهـ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حَلِفٌ) لَعَلَّ صُورَتَهُ أَنَّهُ قَصَدَ مَنْعَ نَفْسِهِ مِنْ الْحَلِفِ لَا مُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا) أَيْ فَقَدْ وُجِدَ بِالْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ صِفَةُ الْمَرَّةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ بِحُكْمِ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ) فَقَدْ وُجِدَ بِالْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ صِفَةُ التَّعْلِيقِ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى، وَكَذَا الْبَاقِي وَقَوْلُهُ وَتَنْحَلُّ أَيْ الثَّانِيَةُ. (قَوْلُهُ وَيَقَعُ بِالرَّابِعَةِ طَلْقَةٌ ثَالِثَةٌ) فَوُقُوعُ الثَّلَاثِ يَحْصُلُ بِقَوْلِهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَقَوْلُهُ وَتَنْحَلُّ أَيْ: الثَّالِثَةُ.

(قَوْلُهُ وَالتَّعْلِيقُ بِالدُّخُولِ إلَخْ) فَعُلِمَ أَنَّ تَكْرِيرَ التَّعْلِيقِ بِالدُّخُولِ لَا يَتَكَرَّرُ بِهِ الْوُقُوعُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ، نَعَمْ يَتَكَرَّرُ إنْ قَصَدَ الِاسْتِئْنَافَ كَمَا قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فِي هَذَا الْبَابِ: وَإِنْ كَرَّرَ فِي مَدْخُولٍ بِهَا أَوْ غَيْرِهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ يَتَعَدَّدْ، إلَّا إنْ نَوَى الِاسْتِئْنَافَ، وَلَوْ طَالَ فَصْلٌ وَتَعَدَّدَ مَجْلِسٌ قَالَ الشَّارِحُ وَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ نَوَى التَّأْكِيدَ أَوْ أَطْلَقَ، فَلَا تَعَدُّدَ فِيهِمَا اهـ. لَكِنْ ذَكَرَ آخِرَ بَابِ الْإِيلَاءِ مَا حَاصِلُهُ التَّعَدُّدُ حَالَةَ الْإِطْلَاقِ عِنْدَ تَعَدُّدِ الْمَجْلِسِ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: فَإِنْ قَالَ لَهَا: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً، وَإِنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ فَدَخَلَتْ طَلَقَتْ ثَلَاثًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ يَقَعُ دَفْعَةً وَاحِدَةً، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ حُذِفَ الْعَاطِفُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ اهـ.، وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا قَبْلَهُ مِنْ عَدَمِ التَّعَدُّدِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِاخْتِلَافِ الْمُعَلَّقِ هُنَا وَاتِّحَادِهِ هُنَاكَ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ كَأَنْ قَالَ: إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ: وَإِنْ حَلَفْت بِطَلَاقِكُمَا فَإِحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَكَرَّرَهُ أَرْبَعًا، فَلَا شَيْءَ أَوْ فَأَنْتُمَا فَثَلَاثًا ثَلَاثًا اهـ. (قَوْلُهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) فَالْجُمْلَةُ بِالْأُولَى أَرْبَعُ مَرَّاتٍ. (قَوْلُهُ مَنْ أُبِينَتْ) بِهَذَا الْحَلِفِ.

ــ

[حاشية الشربيني]

سَوَاءٌ كَانَتْ مُجَاوِرَةً أَمْ لَا خِلَافًا لِ ق ل وَوِفَاقًا ل زي. (قَوْلُهُ أَوْ بِالطُّلُوعِ) أَيْ فِي غَيْرِ اللَّجَاجِ وَلَمْ تُوجَدْ فِي بَعْضِ النُّسَخِ

(قَوْلُهُ وَالتَّعْلِيقُ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ مُجَرَّدَ التَّعْلِيقِ بِفِعْلِ الْبَاتِّ حَلِفٌ فَقَطْ وَأَنَّ مُجَرَّدَ وُجُودِ الصِّفَةِ وُقُوعٌ فَقَطْ كَتَطْلِيقِ الْوَكِيلِ، وَأَنَّ التَّعْلِيقَ مَعَ وُجُودِهَا تَطْلِيقٌ وَإِيقَاعٌ وَوَقَعَ كَتَطْلِيقِهِ بِنَفْسِهِ، وَأَنَّ مُجَرَّدَ التَّعْلِيقِ لَيْسَ وَاحِدًا مِنْ الثَّلَاثَةِ اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَتَفْوِيضُ الطَّلَاقِ إلَيْهَا كَالتَّعْلِيقِ وَطَلَاقُهَا

ص: 285

إلَّا مَنْ بِهَا قَدْ دَخَلَا) أَيْ الزَّوْجُ إنْ لَمْ تَكُنْ بَائِنَةً؛ لِأَنَّهُ كَانَ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا، ثُمَّ حَلَفَ الْآنَ بِطَلَاقِ هَذِهِ فَوُجِدَتْ صِفَةُ طَلَاقِهَا، وَأَمَّا الَّتِي جَدَّدَ نِكَاحَهَا فَلَا تَطْلُقُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ وَالتَّجْدِيدِ.

(وَ) لَوْ قَالَ: (إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقٍ لَكُمَا فَطَالِقٌ مِنِّيَ هِنْدٌ مِنْكُمَا فَهِنْدُ إنَّ كَرَّرَهُ) أَيْ هَذَا الْقَوْلَ (مَا طَلَقَتْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ بِطَلَاقِهِمَا، وَإِنَّمَا حَلَفَ بِطَلَاقِ هِنْدَ فَقَطْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِ إحْدَاكُمَا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ.

(وَلَوْ) عَلَّقَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ (بِتَمْيِيزِ النَّوَى) يَعْنِي بِعَدَمِ تَمْيِيزِهَا نَوَاهُ مَنْ نَوَاهَا (فَفَرَّقَتْ) أَيْ النَّوَى بِحَيْثُ لَا يَلْتَقِي مِنْهُ اثْنَانِ (بَرَّ) اتِّبَاعًا لِلَّفْظِ، إلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّعْيِينَ فَلَا يَبَرُّ بِذَلِكَ، (وَ) لَوْ عَلَّقَ (بِابْتِلَاعِ مَا بِفِيهَا وَالْقَذْفِ فَالْإِمْسَاكِ)، بِأَنْ كَانَ بِفِيهَا تَمْرَةٌ مَثَلًا فَقَالَ: إنْ ابْتَلَعْتهَا فَأَنْت طَالِقٌ، وَإِنْ قَذَفْتهَا فَأَنْت طَالِقٌ، وَإِنْ أَمْسَكْتهَا فَأَنْت طَالِقٌ (بَرَّ فِيهَا) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ (بِأَكْلِ بَعْضٍ) أَيْ: بِأَكْلِهَا بَعْضَ مَا بِفِيهَا مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ عَنْ التَّعْلِيقِ، سَوَاءٌ أَبْقَتْ الْبَعْضَ الْآخَرَ أَمْ قَذَفَتْهُ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَأْخِيرِ التَّعْلِيقِ بِالْإِمْسَاكِ كَمَا أَفَادَهُ الْعَطْفُ بِالْفَاءِ، وَإِلَّا فَيَحْنَثُ بِالْإِمْسَاكِ إلَى تَمَامِ التَّعْلِيقِ

(وَنُزُولٍ) أَيْ: وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِنُزُولِهَا (مِنْ دَرَجْ) كَانَتْ عَلَيْهِ (وَبِالصُّعُودِ) عَلَيْهِ (فَالْوُقُوفِ) عَلَيْهِ، (فَالْحَرَجْ) أَيْ الْحَاصِلُ بِالْيَمِينِ (يَزُولُ بِالطَّفْرَةِ) أَيْ الْوَثْبَةِ، (أَوْ) بِأَنْ (تَنْتَقِلُ لِغَيْرِهِ) كَسُلَّمٍ آخَرَ بِجَنْبِهِ (أَوْ دُونَ أَمْرٍ تُحْمَلُ) أَيْ: أَوْ بِأَنْ يَحْمِلَهَا غَيْرُهَا وَيَنْزِلَ بِهَا أَوْ يَصْعَدَ بِغَيْرِ أَمْرِهَا، أَوْ بِأَنْ يُضْجَعَ السُّلَّمُ عَلَى الْأَرْضِ، وَهِيَ عَلَيْهِ فَتَقُومَ مِنْ مَوْضِعِهَا، وَيُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا عَدَمُ التَّرَاخِي عَنْ التَّعْلِيقِ.

وَكَذَا تَأْخِيرُ التَّعْلِيقِ بِالْوُقُوفِ كَمَا أَفَادَهُ الْعَطْفُ بِالْفَاءِ الْمَزِيدِ عَلَى الْحَاوِي، وَخَرَجَ بِدُونِ أَمْرِهَا الْمَزِيدُ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ الصُّعُودُ أَوْ النُّزُولُ بِأَمْرِهَا فَيَحْنَثُ، نَعَمْ إنْ حَمَلَهَا بِلَا صُعُودٍ وَنُزُولٍ بِأَنْ يَكُونَ وَاقِفًا عَلَى الْأَرْضِ، فَلَا أَثَرَ لِأَمْرِهَا

(وَلَوْ) عَلَّقَ (بِأَكْلِ قُرْصٍ أَوْ رُمَّانَهْ) كَأَنْ قَالَ: إنْ أَكَلَتْ هَذَا الْقُرْصَ أَوْ هَذِهِ الرُّمَّانَةَ أَوْ قُرْصًا أَوْ رُمَّانَةً (بَرَّ بِتَرْكِ أَيِّ شَيْءٍ كَانَهْ) مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ أَنَّهَا لَمْ تَأْكُلْ الْقُرْصَ أَوْ الرُّمَّانَةَ، وَإِنْ تَسَامَحَ أَهْلُ الْعُرْفِ فِي إطْلَاقِ أَكْلِ الْقُرْصِ أَوْ الرُّمَّانَةِ فِي ذَلِكَ، (قُلْتُ) : كَذَا أَطْلَقَهُ الْحَاوِي كَالْقَاضِي فِي الْقُرْصِ، وَمَحَلُّهُ إذَا بَقِيَ مِنْهُ مَا يُحَسُّ وَلَهُ مَوْقِعٌ، بِأَنْ يُسَمَّى قِطْعَةَ خُبْزٍ، إذْ (فُتَاتُ الْقُرْصِ) الَّذِي يَدِقُّ مُدْرَكُهُ (غَيْرُ نَافِعِ) فِي بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ (عِنْدَ الْإِمَامِ) كَأَبِيهِ، نَظَرًا لِلْعُرْفِ.

قَالَ الشَّيْخَانِ وَالْوَجْهُ تَنْزِيلُ إطْلَاقِ الْقَاضِي

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ فَوُجِدَتْ صِفَةُ طَلَاقِهَا) إذْ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْحَلِفُ بِطَلَاقِهِمَا مَعًا حَجَرٌ

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إلَخْ) فَإِذَا أَعَادَهُ طَلُقَتَا مَعًا.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ التَّعْيِينَ) لَوْ فُرِضَ حِينَئِذٍ أَنَّ تَعْيِينَهُ مُتَعَذِّرٌ عَادَةً، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِنْ التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ مَعَ النَّفْيِ، فَتَطْلُقُ حَالًّا فَفِي شَرْحِ الْكَمَالِ: أَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمُسْتَحِيلِ مَعَ النَّفْيِ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ حَالًّا بِرّ. (قَوْلُهُ فَلَا يَبَرُّ بِذَلِكَ) أَيْ فَيَقَعُ كَمَا اعْتَمَدَهُ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمِنْهَاجِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمُسْتَحِيلِ عَادَةً لِتَعَذُّرِهِ، وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ عَادَةً فَمُيِّزَتْ لَمْ يَقَعْ، وَإِلَّا وَقَعَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَادَةً فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ حَجَرٌ. وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا وَقَعَ الْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى هَذَا الْبَابِ إلَّا بِالْيَأْسِ، وَقَوْلُهُ: فَهُوَ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ أَيْ: فِي النَّفْيِ فَيَقَعُ فِي الْحَالِ.

(قَوْلُهُ بِأَكْلِ بَعْضٍ) بَحَثَ الْجَوْجَرِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ فِي مَسْأَلَةِ الرَّغِيفِ الْآتِيَةِ تَقْيِيدَ الْبَعْضِ هُنَا بِأَنْ لَا يَدِقُّ مُدْرَكُهُ اهـ. بِرّ. (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ) لِئَلَّا يَحْنَثَ بِالْإِمْسَاكِ.

(قَوْلُهُ أَوْ بِأَنْ يَنْتَقِلَ لِغَيْرِهِ) أَشَارَ بِتَقْدِيرِ أَنْ إلَى الْعَطْفِ عَلَى الطَّفْرَةِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي بَيَانِ أَسْبَابِ زَوَالِ الْحَرَجِ، وَهِيَ الطَّفْرَةُ وَالِانْتِقَالُ وَالْحَمْلُ الْمَذْكُورَاتُ، وَلَوْ عَطَفَ تَنْتَقِلُ عَلَى تَزُولُ لَمْ يَبْقَ لَهُ مَعْنًى صَحِيحٌ، وَمَعَ تَقْدِيرِ أَنْ لَا يَخْرُجَ الْفِعْلُ عَنْ كَوْنِهِ مَرْفُوعًا كَمَا هُوَ الْمَحْفُوظُ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ: يُحْمَلُ لِجَوَازِ رَفْعِ الْفِعْلِ مَعَ حَذْفِ أَنْ كَمَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ. (قَوْلُهُ عَدَمُ التَّرَاخِي) أَيْ لِئَلَّا يَحْنَثَ بِيَمِينِ الْوُثُوقِ (قَوْلُهُ فَيَحْنَثُ) اسْتَشْكَلَهُ الْجَوْجَرِيُّ بِأَنَّهُ يَنْحَلُّ إلَى أَنَّ الْإِذْنَ الْمُجَرَّدَ يُسَمَّى صُعُودًا وَنُزُولًا، وَهُوَ بَعِيدٌ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَأَقُولُ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَنْحَلُّ إلَى مَا ذُكِرَ، بَلْ إلَى أَنَّ فِعْلَ الْغَيْرِ مَعَ أَمْرِهَا لَهُ يُنْسَبُ إلَيْهَا، وَلَا بُعْدَ فِي ذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت مَنْ أَجَابَ بِنَحْوِهِ سم (قَوْله فَلَا أَثَرَ لِأَمْرِهَا) إذْ غَايَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَالطَّفْرَةِ.

(قَوْلُهُ أَيِّ شَيْءٍ) كَأَنَّهُ شَامِلٌ لِجِلْدِ الرُّمَّانَةِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ غَيْرُ نَافِعٍ عِنْدَ الْإِمَامِ) وَفِي الْأَنْوَارِ فِي لَا أَلْبَسُ هَذِهِ الْعِمَامَةَ أَنَّهُ يَبَرُّ بِقَطْعِ بَعْضِهَا كَمَا فِي الرَّغِيفِ وَقَضِيَّتُهُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ بَعْضٍ يَقَعُ مَوْقِعًا بِأَنْ يُسَمَّى قِطْعَةَ عِمَامَةٍ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ مَا يُصَرِّحُ

ــ

[حاشية الشربيني]

كَوُجُودِ الصِّفَةِ وَمَجْمُوعُهُمَا مِثْلُهُمَا اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ

(قَوْلُهُ بِأَكْلِ بَعْضٍ) أَيْ ابْتِلَاعِهِ، إذْ الْأَكْلُ مُعْتَبَرٌ فِي مُسَمَّاهُ الْمَضْغُ بِخِلَافِ الْبَلْعِ، فَلَوْ أَكَلَتْهَا كُلَّهَا لَمْ يَحْنَثْ، كَذَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَالَ زي: بِالْحِنْثِ، وَمِثْلُهُ شَرْحُ م ر؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْأَكْلِ الْبَلْعُ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ مَضْغٌ مَعَ بَلْعٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: إنْ أَكَلْتِهَا فَأَنْت طَالِقٌ فَبَلَعَتْهَا مِنْ غَيْرِ مَضْغٍ فَلَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْبَلْعَ لَا يُسَمَّى أَكْلًا لُغَةً، وَيَحْنَثُ فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ نَظَرًا لِلْعُرْفِ؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهِ اهـ. بج، وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ إنْ قُلْنَا: إنَّ الطَّلَاقَ مَبْنِيٌّ عَلَى اللُّغَةِ، وَإِنْ اطَّرَدَ الْعُرْفُ فَأَمَّا إذَا قُلْنَا: إنَّهُ لَا يُبْنَى عَلَيْهَا، إلَّا إذَا لَمْ يَطَّرِدْ فَالْبَابَانِ سَوَاءٌ كَمَا فِي الرَّشِيدِيِّ؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ أَيْضًا إنَّمَا تُبْنَى عَلَى الْعُرْفِ إذَا اطَّرَدَ، ثُمَّ مَحَلُّ تَقْدِيمِ الْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ أَوْ الْعُرْفِيِّ مَا لَمْ يَكُنْ لِلشَّارِعِ عُرْفٌ، وَإِلَّا قُدِّمَ عَلَيْهِمَا كَمَا فِي الرَّشِيدِيِّ عَلَى م ر وَبِهَامِشٍ عَنْ ح ل: أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِي الطَّلَاقِ اللُّغَةُ لَا الْعُرْفُ، إلَّا إذَا قَوِيَ وَاطَّرَدَ فَإِذَا تَعَارَضَا الْأَكْثَرُونَ يُغَلِّبُونَ اللُّغَةَ، وَاشْتَهَرَ تَغْلِيبُ الْعُرْفِ فِي الْأَيْمَانِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِيمَا لَيْسَ لِلشَّارِعِ فِيهِ عُرْفٌ، وَإِلَّا قُدِّمَ وَلِذَا لَا يَحْنَثُ بِفَاسِدٍ نَحْوَ صَلَاةٍ اهـ. وَفِي ظَنِّي أَنَّ الطَّلَاقَ تَغْلِبُ فِيهِ اللُّغَةُ مَتَى اشْتَهَرَتْ، وَإِنْ اشْتَهَرَ الْعُرْفُ احْتِيَاطًا لِلْأَبْضَاعِ فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ إذْ فُتَاتُ الْقُرْصِ إلَخْ) ، وَلَوْ كَانَ لَوْ جُمِعَ صَارَ كَثِيرًا كَمَا قَالَهُ وَالِدُ م ر وَوَافَقَهُ زي خِلَافًا

ص: 286

عَلَى ذَلِكَ (وَهْوَ مَيْلُ الرَّافِعِي) فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْإِمَامِ بَعْدَ نَقْلِهِمَا الْإِطْلَاقَ عَنْ الْقَاضِي وَجَرَى فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَكَلَامُ الْإِمَامِ يَأْتِي أَيْضًا فِي الرُّمَّانَةِ فِيمَا إذَا بَقِيَ بَعْضُ حَبَّةٍ

(وَذُو اتِّهَامٍ) لِزَوْجَتِهِ بِسَرِقَةٍ (قَالَ) لَهَا: (إنْ لَمْ تَصْدُقِي) هَلْ سَرَقْت أَمْ لَا؟ ؛ فَأَنْت طَالِقٌ (بَرَّ بِقَدْ) أَيْ بِقَوْلِهَا: قَدْ (سَرَقْتُهُ لَمْ أَسْرِقِي) ؛ لِأَنَّ أَحَدَ هَذَيْنِ الْإِخْبَارَيْنِ صِدْقٌ، وَقَدْ أَخْبَرَتْهُ بِهِ، نَعَمْ إنْ قَصَدَ تَعْيِينًا فَلَا يَبَرُّ بِذَلِكَ، (وَالْخَبَرُ الْأَوَّلُ إنْ صِدْقًا ظَهَرْ) فَهُوَ (بِشَارَةٌ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا، فَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: مَنْ بَشَّرَتْنِي مِنْكُمَا بِكَذَا فَهِيَ طَالِقٌ فَبَشَّرَتْهُ بِهِ إحْدَاهُمَا طَلَقَتْ، أَوْ كِلْتَاهُمَا مَعًا طَلُقَتَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: مَنْ أَكَلَ مِنْكُمَا هَذَا الرَّغِيفَ فَأَكَلَتَاهُ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ أَصْلًا، إذْ لَمْ تَأْكُلْهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا.

وَالْبِشَارَةُ لَفْظٌ عَامٌّ لَا يَنْحَصِرُ فِي وَاحِدَةٍ فَيَصْدُقُ اسْمُهَا بِبِشَارَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا، قَالَهُ النَّوَوِيُّ، وَلَوْ أَخْبَرَتَاهُ مُرَتَّبًا طَلَقَتْ الْأُولَى إنْ صَدَقَتْ، وَإِنْ صَدَقَتْ الثَّانِيَةُ وَحْدَهَا طَلَقَتْ، وَلَوْ شَاهَدَهُ أَوْ بَشَّرَهُ بِهِ أَجْنَبِيٌّ ثُمَّ أَخْبَرَتْهُ بِهِ إحْدَاهُمَا لَمْ تَطْلُقْ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ: أَنَّ الْبِشَارَةَ تَصْدُقُ بِالْخَبَرِ السَّارِّ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ لُغَةً؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَغَيُّرِ الْبَشَرَةِ، وَأَمَّا عُرْفًا، وَهُوَ الْمُرَادُ فَتَخْتَصُّ بِالسَّارِّ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ: الْبِشَارَةُ هِيَ الْخَبَرُ الَّذِي يُغَيِّرُ الْبَشَرَةَ سُرُورًا أَوْ حُزْنًا لَكِنَّهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لِلسُّرُورِ، فَإِنْ أُرِيدَ الْحُزْنُ قُيِّدَتْ قَالَ تَعَالَى فِي الْأَوَّلِ:{فَبَشِّرْ عِبَادِ} [الزمر: 17] وَفِي الثَّانِي {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [آل عمران: 21] اهـ وَمَحَلُّهُ إذَا أَطْلَقَ كَقَوْلِهِ: مَنْ بَشَّرَتْنِي بِخَيْرٍ أَوْ أَمْرٍ عَنْ زَيْدٍ، فَلَوْ قَيَّدَ كَقَوْلِهِ: مَنْ بَشَّرَتْنِي بِقُدُومِ زَيْدٍ فَهِيَ طَالِقٌ، اُكْتُفِيَ بِصِدْقِ الْخَبَرِ، وَإِنْ كَانَ كَارِهًا لَهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَتَحْصُلُ الْبِشَارَةُ بِالْقَوْلِ وَبِالْمُكَاتَبَةِ لَا بِالْإِرْسَالِ، فَإِنَّ الْمُبَشِّرَ هُوَ الرَّسُولُ ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَقُلْ: فُلَانَةُ تُبَشِّرُك بِكَذَا أَوْ أَرْسَلَتْنِي لِأُخْبِرَك بِكَذَا، فَإِنْ قَالَهُ فَهِيَ الْمُبَشِّرَةُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْعِتْقِ فِي كِتَابِ التَّدْبِيرِ.

(وَالصِّدْقُ وَالْكِذْبُ خَبَرْ) فَلَوْ قَالَ: مَنْ أَخْبَرَتْنِي مِنْكُمَا بِكَذَا فَهِيَ طَالِقٌ فَأَخْبَرَتَاهُ صَادِقَتَيْنِ أَوْ كَاذِبَتَيْنِ، أَوْ إحْدَاهُمَا صَادِقَةً وَالْأُخْرَى كَاذِبَةً مَعًا، أَوْ مُرَتَّبًا طَلُقَتَا؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ يَقَعُ عَلَى الصِّدْقِ وَالْأَوَّلِ وَغَيْرِهِمَا. (وَمَسُّ أَوْ قَذْفُ سِوَى الْأَحْيَاءِ) جَمْعُ حَيٍّ (وَرَأْيُهُ) أَيْ رَأْيُ سِوَى الْأَحْيَاءِ بِمَعْنَى رُؤْيَتِهِ أَيْ: وَمَسُّ الْمَيِّتِ أَوْ قَذْفُهُ أَوْ رُؤْيَتُهُ كَمَسِّ الْحَيِّ وَقَذْفِهِ وَرُؤْيَتِهِ، فَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِمَسِّ زَيْدٍ أَوْ قَذْفِهِ أَوْ رُؤْيَتِهِ طَلَقَتْ بِوُجُودِ ذَلِكَ، سَوَاءٌ كَانَ حَيًّا أَمْ مَيِّتًا، لِصِدْقِ الِاسْمِ فِي الْحَالَيْنِ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ الرَّائِي أَوْ الْمَرْئِيِّ مَجْنُونًا أَوْ سَكْرَانَ، وَتَكْفِي رُؤْيَةُ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ، وَإِنْ قَلَّ وَيُعْتَبَرُ مَعَ ذَلِكَ صِدْقُ رُؤْيَتِهِ كُلِّهِ عُرْفًا، فَقَدْ قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَلَا يَخْتَصُّ رُؤْيَتُهُ بِالْوَجْهِ حَتَّى لَوْ بَانَ صَدْرُهُ أَوْ بَطْنُهُ أَوْ ظَهْرُهُ أَوْ رَأْسُهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ، فَأَمَّا إذَا أَخْرَجَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ مِنْ كُوَّةٍ فَرَأَتْ ذَلِكَ الْعُضْوَ مِنْهُ لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ تَقْبِيلُ زَوْجَتِهِ مَيِّتَةً كَتَقْبِيلِهَا حَيَّةً، بِخِلَافِ تَقْبِيلِ وَالِدَتِهِ، فَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ قَبَّلْتُك فَضَرَّتُك طَالِقٌ فَقَبَّلَهَا مَيِّتَةً لَمْ يَحْنَثْ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لِوَالِدَتِهِ: إنْ قَبَّلْتُك فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَقَبَّلَهَا مَيِّتَةً، إذْ قُبْلَةُ الزَّوْجَةِ قُبْلَةُ شَهْوَةٍ، وَلَا شَهْوَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَقُبْلَةُ الْأُمِّ قُبْلَةُ كَرَامَةٍ.

(وَ) رُؤْيَتُهُ (فِي صَفَاءِ الْمَاءِ) الَّذِي لَا يَمْنَعُ إدْرَاكَ لَوْنِ الْبَشَرَةِ، كَرُؤْيَتِهِ خَارِجَ الْمَاءِ وَمِثْلُهُ رُؤْيَتُهُ مِنْ وَرَاءِ زُجَاجٍ شَفَّافٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَلَوْ قَالَ لِعَمْيَاءَ: إنْ رَأَيْت فُلَانًا فَأَنْت طَالِقٌ، فَهُوَ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ تَصْحِيحِ الْإِمَامِ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ فَلَا تَطْلُقُ.

(وَرُؤْيَةُ الْغَيْرِ) أَيْ غَيْرِ الْمُعَلَّقِ بِرُؤْيَتِهِ (الْهِلَالَ وَتَمَامْ عِدَّتِهِ) أَيْ الشَّهْرِ كَرُؤْيَةِ الْمُعَلَّقِ بِرُؤْيَةٍ، فَلَوْ قَالَ: إنْ رَأَيْت الْهِلَالَ فَأَنْت طَالِقٌ فَرَآهُ غَيْرُهَا أَوْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ، لَكِنْ تَمَّ عَدَدُ الشَّهْرِ طَلَقَتْ كَمَا لَوْ رَأَتْهُ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى الْعِلْمِ

ــ

[حاشية العبادي]

بِعَدَمِ الْفَرْقِ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ) بِمَعْنَى أَنَّهُمَا أَطْلَقَا لَا أَنَّهُمَا نَصَّا عَلَى الْإِطْلَاقِ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُمْنَعُ أَنَّهُمَا أَطْلَقَا، فَإِنَّ قَوْلَهُمَا: فَبَقِيَ لُبَابَةٌ أَوْ حَبَّةٌ لَمْ يَحْنَثْ رُبَّمَا أَشْعَرَ بِأَنَّ مَا يَدِقُّ لَا اعْتِبَارَ بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.

(قَوْلُهُ أَوْ كِلْتَاهُمَا مَعًا) هَلْ الْعِبْرَةُ فِي الْمَعِيَّةِ بِأَوَّلِ اللَّفْظِ أَوْ بِآخِرِهِ أَوْ بِهِمَا؟ فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ) أَيْ: حَتَّى بَاعَدَ اسْتِشْكَالَ الرَّافِعِيِّ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِرّ. (قَوْلُهُ أَوْ بَشَّرَهُ بِهِ أَجْنَبِيٌّ) يَنْبَغِي أَنْ لَا يَرِدَ هُنَا عَلَى تَفْسِيرِ الْمَتْنِ، إذْ خَبَرُ الزَّوْجَةِ بَعْدَ الْأَجْنَبِيِّ لَيْسَ خَبَرًا أَوَّلًا فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ لَمْ تَطْلُقْ) فَتَفْسِيرُ الْمَتْنِ مُحْتَاجٌ إلَى التَّقْيِيدِ.

(قَوْلُهُ أَوْ رُؤْيَتِهِ) وَلَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَتِهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَرَادَ الرُّؤْيَةَ الْحَقِيقِيَّةَ أَوْ الْمَنَامِيَّةَ عُمِلَ بِإِرَادَتِهِ، وَقُبِلَ قَوْلُهَا فِي رُؤْيَتِهَا الْمَنَامِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا حُمِلَتْ عَلَى الرُّؤْيَةِ الْحَقِيقِيَّةِ م ر. (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ الرَّائِي) هَذَا فِي التَّعْلِيقِ بِرُؤْيَتِهَا إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا حُمِلَ عَلَى مُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ، نَعَمْ يُحْتَمَلُ أَنَّ السَّكْرَى الْمُتَعَدِّيَةَ كَالصَّاحِيَةِ، وَكَذَا غَيْرُ الْمُتَعَدِّيَةِ إنْ بَقِيَ تَمْيِيزُهَا. (قَوْلُهُ رُؤْيَةُ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ) أَيْ بِلَا حَائِلٍ، وَكَذَا الْمَسُّ بِرّ قَدْ يُخْرِجُ شَعْرَهُ. (قَوْلُهُ مِنْ كُوَّةٍ) بِخِلَافِ لَوْ رَأَتْ وَجْهَهُ مِنْهَا فَتَطْلُقُ بِرّ. (قَوْلُهُ تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ) فَقَدْ حُمِلَتْ الرُّؤْيَةُ هُنَا عَلَى الْمُعَايَنَةِ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى الْعِلْمِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَعَلَى اعْتِبَار الْعِلْمِ يُشْتَرَطُ الثُّبُوتُ عِنْدَ الْحَاكِمِ، أَوْ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ، وَلَوْ أَخْبَرَهُ بِهِ صَبِيٌّ أَوْ عَبْدٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ فَاسِقٌ فَصَدَّقَهُ فَالظَّاهِرُ مُؤَاخَذَتُهُ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ. وَقَضِيَّةُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ إنْ رَأَيْت إنْ حَصَلَ الْعِلْمُ، وَإِنْ

ــ

[حاشية الشربيني]

لِلْقَلْيُوبِيِّ (قَوْلُهُ بَعْضُ حَبَّةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْحَبَّةَ يَبَرُّ بِهَا، وَلَوْ صَغُرَتْ جِدًّا قَالَ فِي التُّحْفَةِ فِي بَابِ الْأَيْمَانِ: هُوَ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ شَاهَدَهُ) أَيْ هُوَ.

ص: 287

بِخِلَافِ رُؤْيَةِ زَيْدٍ مَثَلًا، فَقَدْ يَكُونُ الْغَرَضُ زَجْرَهَا عَنْ رُؤْيَتِهِ، (وَاقْبَلْ) قَوْلَهُ بَاطِنًا وَظَاهِرًا (إذْ الْعِيَانَ رَامْ) بِأَنْ قَالَ: أَرَدْت بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ مُعَايَنَتَهُ، نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ بِرُؤْيَتِهِ أَعْمَى لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ ظَاهِرًا.

قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَجِيءُ عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرْنَا فِيمَا إذَا قَالَ لِلْعَمْيَاءِ: إنْ رَأَيْت فُلَانًا فَأَنْتِ طَالِقٌ أَنْ يُسَوَّى بَيْنَ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ فِي قَبُولِ التَّفْسِيرِ بِالْمُعَايَنَةِ أَيْ: حَتَّى يَكُونَ مِنْ بَابِ التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ قَالَ: وَبِالْقَبُولِ أَجَابَ الْحَنَّاطِيُّ قَالَ الْإِمَامُ وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ عَلَّقَ بِالْعَرَبِيَّةِ أَمْ بِالْعَجَمِيَّةِ، وَتَبِعَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَالَ الْقَفَّالُ إنْ عَلَّقَ بِالْعَجَمِيَّةِ حُمِلَ عَلَى الْمُعَايَنَةِ سَوَاءٌ فِيهِ الْبَصِيرُ وَالْأَعْمَى؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَثْبُت إلَّا فِي الْعَرَبِيَّةِ، وَبِمَا قَالَهُ جَزَمَ الْفُورَانِيُّ وَالْبَغَوِيِّ وَالْخُوَارِزْمِيُّ وَالْمُتَوَلِّي (وَإِنْ قَرَاهُ) أَيْ الْكِتَابِ (الْغَيْرُ) أَيْ غَيْرُ الْمُعَلَّقِ بِقِرَاءَتِهِ عَلَيْهِ (وَهْوَ أُمِّي) فَهُوَ كَقِرَاءَتِهِ، فَلَوْ قَالَ: إذَا قَرَأْت كِتَابِي فَأَنْت طَالِقٌ فَقَرَأَهُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا، وَهِيَ أُمِّيَّةٌ وَقَعَ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ فِي حَقِّ الْأُمِّيِّ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاطِّلَاعِ بِخِلَافِ الْقَارِئَةِ؛ لِأَنَّهَا أَهْلٌ لِلْقِرَاءَةِ، وَلَمْ تَقْرَأْ نَعَمْ إنْ جَهِلَ الزَّوْجُ حَالَهَا حُمِلَ التَّعْلِيقُ عَلَى قِرَاءَتِهَا عَلَى الْأَقْرَبِ فِي الرَّافِعِيِّ قَالَ: لِأَنَّهُ حَقِيقَةُ اللَّفْظِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْقِرَاءَةِ أَنْ تَطَّلِعَ عَلَى مَا فِيهِ، فَإِذَا طَالَعَتْهُ وَفَهِمَتْ مَا فِيهِ يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَإِنْ لَمْ تَتَلَفَّظْ بِشَيْءٍ، نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّاهُ.

(وَ) قِرَاءَةُ غَيْرِ الْمُعَلَّقِ بِقِرَاءَتِهِ عَلَيْهِ (مُطْلَقًا) عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْأُمِّيِّ كِتَابَ الْإِمَامِ (لِعَزْلِ أَهْلِ الْحُكْمِ) كَقِرَاءَتِهِ، فَلَوْ كَتَبَ الْإِمَامُ إلَى حَاكِمٍ: إذَا قَرَأْت كِتَابِي فَأَنْتِ مَعْزُولٌ انْعَزَلَ بِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ قَارِئًا؛ لِأَنَّ غَرَضَ الْإِمَامِ إعْلَامُهُ بِصُورَةِ الْحَالِ لَا قِرَاءَتُهُ بِنَفْسِهِ، وَالطَّلَاقُ قَدْ يُعَلَّقُ عَلَى قِرَاءَتِهَا خَاصَّةً لِغَرَضٍ، فَعُمِلَ بِمُقْتَضَى ظَاهِرِ اللَّفْظِ، لَكِنْ صَوَّبَ فِي الْمُهِمَّاتِ عَدَمَ عَزْلِ الْحَاكِمِ أَيْضًا، فَلَا فَرْقَ عِنْدَهُ، (وَمَعْ ذُهُولِ الْكَلَامِ وَبِمَا يَمْنَعُ سَمْعًا) أَيْ وَالْكَلَامُ مَعَ ذُهُولِ الْمُخَاطَبِ، أَوْ مَعَ مَا يَمْنَعُهُ مِنْ السَّمَاعِ (لَغَطًا) كَانَ الْمَانِعُ

(أَوْ صَمَمَا) أَوْ رِيحًا، كَالْكَلَامِ مَعَ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَوْ قَالَ: إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْت طَالِقٌ، فَكَلَّمَتْهُ مِنْ مَسَافَةٍ يُسْمَعُ مِنْ مِثْلِهَا الْكَلَامُ، فَلَمْ يَسْمَعْهَا لِذُهُولِهِ أَوْ لِوُجُودِ لَغَطٍ أَوْ صَمَمٍ يَمْنَعُهُ مِنْ السَّمَاعِ طَلَقَتْ؛ لِأَنَّهَا كَلَّمَتْهُ وَعَدَمُ السَّمَاعِ لِعَارِضٍ، وَذِكْرُ الصَّمَمِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ وَمَا ذَكَرَهُ فِيهِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ هُنَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَرَأَيْته فِي التَّتِمَّةِ هُنَاكَ مَنْقُولًا عَنْ النَّصِّ، وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ عَدَمَ الْوُقُوعِ.

(وَكُلُّ مَا يُسْمَى بِعَيْنٍ) عُيِّنَ فَلَوْ قَالَ: إنْ رَأَيْت عَيْنًا فَأَنْت طَالِقٌ طَلَقَتْ بِرُؤْيَةِ كُلِّ مَا يُسَمَّى عَيْنًا كَالْبَاصِرَةِ وَالْجَارِيَةِ وَالشَّمْسِ وَالذَّهَبِ وَالْجَاسُوسِ وَغَيْرِهَا.

(وَقَدِمْ كِتَابُهُ سَطْرُ طَلَاقِهَا سَلِمْ) أَيْ: وَلَوْ قَدَّمَ كِتَابَهُ بِطَلَاقِهَا، وَقَدْ سَلِمَ سَطْرُ

ــ

[حاشية العبادي]

حَصَلَ لِي فَقَطْ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ يَخْفَى التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْبَصِيرِ وَالْأَعْمَى فِي قَبُولِ إرَادَةِ الْمُعَايَنَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَاقْبَلْ، إذْ الْعِيَانُ رَامٍ) وَفِيمَا إذَا صَرَّحَ بِالْمُعَايَنَةِ أَوْ فَسَّرَ بِهَا وَقَبِلْنَاهُ يَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِمُضِيِّ ثَلَاثٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى حِينَئِذٍ هِلَالًا شَرْحُ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) مُقَابِلُ نَعَمْ وَقَوْلُهُ: وَيَجِيءُ عَلَى قِيَاسِ إلَخْ وَجْهُ الْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَمَّا حُمِلَتْ الرُّؤْيَةُ ثَمَّ عَلَى الْمُعَايَنَةِ وَجَبَ قَبُولُ التَّفْسِيرِ بِهَا، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّا لَمْ نَحْمِلْهَا هُنَا عَلَيْهَا نَظَرًا لِلْعُرْفِ. (قَوْلُهُ أَنْ يُسَوَّى) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْهِلَالِ خِلَافُ مَا سَلَفَ مِنْ عَدَمِ الْقَبُولِ بِرّ (قَوْلُهُ إلَّا فِي الْعَرَبِيَّةِ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ: أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْحَالِفِ لَا بِالصِّيغَةِ الْعَجَمِيَّةِ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ وَأَنَّ قِرَاءَةَ إلَخْ) .

(فَرْعٌ) عَلَّقَ وَهِيَ قَارِئَةٌ وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ أَنَّهَا قَارِئَةٌ فَنَسِيَتْ الْقِرَاءَةَ وَصَارَتْ أُمِّيَّةً قَبْلَ مَجِيءِ الْكِتَابِ أَوْ، وَهِيَ أُمِّيَّةٌ وَالزَّوْجُ يَعْلَمُ أَنَّهَا أُمِّيَّةٌ فَتَعَلَّمَتْ الْقِرَاءَةَ قَبْلَ مَجِيءِ الْكِتَابِ، فَالْوَجْهُ اعْتِبَارُ قِرَاءَتِهَا بِنَفْسِهَا فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ التَّعْلِيقِ فِيهِمَا، وَلَوْ ادَّعَى فِي الْأُمِّيَّةِ الَّتِي يَعْلَمُ أَنَّهَا أُمِّيَّةٌ إرَادَةَ التَّعْلِيقِ عَلَى قِرَاءَتِهَا بِنَفْسِهَا، فَهَلْ يُقْبَلُ ظَاهِرًا؟ فِيهِ نَظَرٌ.

(قَوْلُهُ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ عَدَمَ الْوُقُوعِ) حَمَلَ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ عَلَى مَنْ يَسْمَعُ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ وَالثَّانِي عَلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْ، وَلَوْ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ.

(قَوْلُهُ وَالْجَاسُوسِ) وَحَرْفُ التَّهَجِّي عَلَى مَا قَالَهُ النَّاشِرِيُّ وَابْنُ كَبَّنَ وَغَيْرُهُمَا لِوُقُوعِ الِاسْمِ عَلَى الْجَمِيعِ بِالِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ، سَوَاءٌ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْوُقُوعِ هُنَا بَيْنَ أَنْ نَقُولَ: بِأَنَّ حَمْلَ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه الْمُشْتَرَكَ عَلَى مَعْنَيَيْهِ أَوْ مَعَانِيهِ مِنْ بَابِ الِاحْتِيَاطِ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْبَيْضَاوِيُّ أَوْ مِنْ بَابِ الْعُمُوم، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْآمِدِيُّ خِلَافًا لِمَا يُتَوَهَّم مِنْ إفْتَاءِ أَبِي زُرْعَةَ فِيمَنْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي بِمِصْرَ طَالِقٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ ظَاهِرًا) أَيْ وَيَدِينُ، وَهَذَا هُوَ مَا دَرَجَ عَلَيْهِ م ر. (قَوْلُهُ فَقَرَأَهُ عَلَيْهَا) أَيْ مَعَ فَهْمِهِمَا لِمَا فِيهِ اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ

(قَوْلُهُ فَكَلَّمَتْهُ) أَيْ لَا مَعَ نَحْوِ نَوْمٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ جُنُونٍ، إلَّا إنْ عَلَّقَ، وَهِيَ مَجْنُونَةٌ شَرْحُ الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ) قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ: هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

ص: 288

الطَّلَاقِ وَانْمَحَى الْبَاقِي بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ قِرَاءَتُهُ، فَهُوَ كَقُدُومِهِ، وَقَدْ سَلِمَ كُلُّهُ فَلَوْ قَالَ: إذَا قَدِمَ عَلَيْك أَوْ جَاءَك أَوْ أَتَاك أَوْ وَصَلَك كِتَابِي أَوْ طَلَاقِي فَأَنْت طَالِقٌ فَقَدِمَ، وَقَدْ انْمَحَى جَمِيعُهُ إلَّا مَوْضِعَ الطَّلَاقِ طَلَقَتْ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بَاقٍ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ ثُمَّ قَالَا: وَقِيلَ: إنْ قَالَ: إذَا جَاءَك كِتَابِي وَقَعَ؛ لِأَنَّهُ جَاءَهَا كِتَابُهُ أَوْ الْكِتَابُ أَوْ كِتَابِي هَذَا، فَلَا إذْ لَمْ يَجِئْهَا جَمِيعُهُ قَالَا: وَيَحْسُنُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ، أَمَّا إذَا انْمَحَى كُلُّهُ أَوْ مَوْضِعُ الطَّلَاقِ فَقَطْ، فَلَا وُقُوعَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِسَلَامَةِ اللَّفْظِ الْمُوقِعِ لِلطَّلَاقِ فَقَطْ لَا سَطْرِهِ.

(وَالْقَذْفُ وَالْقَتْلُ بِمَسْجِدٍ بِهِ) أَيْ فِيهِ (قَاذِفُهُ وَفِيهِ مَقْتُولٌ) أَيْ: وَالْقَذْفُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْقَاذِفُ فِيهِ كَالْقَذْفِ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا فِيهِ، وَالْقَتْلُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَقْتُولُ فِيهِ كَالْقَتْلِ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا فِيهِ، فَلَوْ قَالَ: إنْ قَذَفْت فُلَانًا فِي الْمَسْجِدِ أَوَقَتَلْته فِيهِ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَذَفَتْهُ، وَهِيَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ قَتَلَتْهُ، وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ طَلَقَتْ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْذُوفُ فِي الْأُولَى وَالْقَاتِلُ فِي الثَّانِيَةِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ، إذْ قَرِينَةُ الْحَالِ تُشْعِرُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ الِامْتِنَاعُ عَمَّا يَهْتِكُ حُرْمَةَ الْمَسْجِدِ، وَهَتْكُهَا بِالْقَذْفِ إنَّمَا يَحْصُلُ إذَا كَانَ الْقَاذِفُ فِيهِ وَبِالْقَتْلِ إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ فِيهِ، فَلَوْ قَالَ: أَرَدْت الْعَكْسَ قُبِلَ ظَاهِرًا لِصَلَاحِيَةِ اللَّفْظِ لَهُ، وَلَوْ قَالَ: إنْ قَذَفْت أَوْ قَتَلْت فِي الدَّارِ رُوجِعَ، إذْ لَا قَرِينَةَ، وَالضَّمِيرُ فِي قَاذِفِهِ يَرْجِعُ إلَى الْقَذْفِ أَوْ الْمَقْذُوفِ.

وَقَوْلُهُ (كَهِيَ) خَبَرُ مَسٍّ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ أَيْ: هَذِهِ الْأَشْيَاءُ بِهَذِهِ الْأَحْوَالِ كَهِيَ بِدُونِهَا كَمَا تَقَرَّرَ، لَكِنَّ تَقْدِيرَ هَذَا فِي قَوْلِهِ: كُلُّ مَا يُسَمَّى بِعَيْنٍ بَعِيدٌ كَمَا لَا يَخْفَى فَفِي قَوْلِهِ: كَهِيَ تَغْلِيبٌ وَعَطْفٌ عَلَى مَسٍّ. قَوْلُهُ (لَا مَسُّ شَعْرِهِ وَظُفْرِهِ) وَسِنِّهِ وَكُلِّ عُضْوٍ مُنْفَصِلٍ، فَإِنَّهُ لَيْسَ كَمَسِّهِ (وَلَا رُؤْيَةُ زَيْدٍ فِي الْمِرَاةِ) بِنَقْلِ حَرَكَةِ الْهَمْزَةِ إلَى الرَّاءِ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ كَرُؤْيَتِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَأَى خَيَالَهُ، نَعَمْ إنْ عَلَّقَ بِرُؤْيَتِهَا وَجْهَهَا، فَرَأَتْهُ فِي الْمِرْآةِ طَلَقَتْ، إذْ لَا يُمْكِنُهَا رُؤْيَتُهُ إلَّا كَذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَتِهِ وَجْهَهُ، وَزَادَ قَوْلَهُ (مَثَلَا) لِيَدْخُلَ رُؤْيَةُ خَيَالِهِ فِي الْمَاءِ وَنَحْوِهِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ إنَّهُ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْمَرْئِيَّ فِي الْمِرْآةِ لَيْسَ نَفْسَ زَيْدٍ وَإِنَّمَا هُوَ مِثَالُهُ بَعِيدٌ، (وَ) لَا (الْهَمْسُ بِالْكَلَامِ) وَهُوَ خَفْضُ الصَّوْتِ بِهِ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ الْمُخَاطَبُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ كَلَامًا، وَإِنْ أَفْهَمَ الْغَرَضَ اتِّفَاقًا، إذْ الْعِبْرَةُ فِي الْإِطْلَاقِ بِالْعَادَةِ (أَوْ مِنْ حَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ) أَيْ وَالْكَلَامُ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ الْكَلَامُ عَادَةً، فَإِنَّهُ لَيْسَ كَلَامًا (وَلَوْ بِرِيحٍ حَمَلَا) أَيْ: الْكَلَامُ مِنْ الْمَكَانِ الْمَذْكُورِ حَتَّى سُمِعَ لِمَا قُلْنَاهُ (وَلَا الْقُدُومُ بِاَلَّذِي مَاتَ) فَإِنَّهُ لَيْسَ كَقُدُومِهِ حَيًّا، وَكَذَا الْقُدُومُ بِالْحَيِّ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، وَلَوْ بِاخْتِيَارِهِ فَالْمُرَادُ بِاخْتِيَارِهِ فِي قَوْلِ أَصْلِ الرَّوْضَةِ: فَإِنْ قَدِمَ بِهِ بِاخْتِيَارِهِ طُلِقَتْ بِأَمْرِهِ لِيُوَافِقَ مَا فِيهَا فِي بَابِ الْأَيْمَانِ.

وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ: بِأَمْرِهِ وَاخْتِيَارِهِ، وَهِيَ أَحْسَنُ (وَلَا) الْفِعْلُ (مِنْ مُكْرَهٍ) عِلَّهْ (أَوْ نَاسٍ) لِلتَّعْلِيقِ بِهِ (أَوْ مَنْ جَهِلَا) أَنَّهُ الْمُعَلَّقُ بِهِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ كَالْفِعْلِ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَلَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِالْفِعْلِ لِخَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ

ــ

[حاشية العبادي]

وَامْرَأَتُهُ بِالْقَاهِرَةِ مِنْ أَنْ مِصْرَ تُطْلَقُ عَلَى الْبَلَدِ الْمَعْرُوفَةِ، وَهِيَ مُغَايِرَةٌ لِلْقَاهِرَةِ، وَعَلَى الْإِقْلِيمِ وَمِنْهُ الْقَاهِرَةُ، فَإِنْ أَطْلَقَ لَمْ يَحْنَثْ إنْ قُلْنَا: بِمَا نَقَلَهُ الْبَيْضَاوِيُّ وَيَحْنَثُ إنْ قُلْنَا: بِمَا نَقَلَهُ الْآمِدِيُّ حَجَرٌ

(قَوْلُهُ أَوْ طَلَاقِي) أَوْ قَرَأْت كِتَابِي كَمَا يُفِيدُهُ عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ فَانْظُرْهُ.

(قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ: أَرَدْت إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ قَالَ: أَرَدْت كَوْنَهُمَا فِي الْمَسْجِدِ، وَلَا يَبْعُدُ الْقَبُولُ ظَاهِرًا، وَقَوْلُهُ قَبْلُ أَيْ بِيَمِينِهِ رَوْضٌ. (قَوْلُهُ إذْ لَا قَرِينَةَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ كَوْنِهِمَا فِي الدَّارِ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: قِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ حُمِلَ عَلَى اعْتِبَارِ كَوْنِهِمَا فِي الدَّارِ. (قَوْلُهُ لَكِنَّ تَقْدِيرَ هَذَا إلَخْ) أَقُولُ: وَيُشْكِلُ قَوْلُهُ وَقَدَّمَ كِتَابَهُ مِنْ جِهَةِ الْأَعْرَابِ، إذْ لَا يَصْلُحُ لِلْعَطْفِ عَلَى الْمُبْتَدَأِ، إلَّا أَنْ تُقَدَّرَ أَنْ الْمَصْدَرِيَّةِ أَيْ وَإِنْ قَدَّمَ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ تَغْلِيبٌ) أَقُولُ: لَا تَغْلِيبَ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَكُلُّ مَا يُسَمَّى بِعَيْنٍ غَيْرَ الْبَاصِرَةِ الْمَشْهُورَةِ فَهُوَ كَالْبَاصِرَةِ الْمَشْهُورَةِ بِرّ.

(قَوْلُهُ لَا مَسُّ شَعْرِهِ وَظُفْرِهِ) وَلَا مَسُّهُ بِشَعْرِهِ وَظُفْرِهِ كَمَا فِي الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ عَلَّقَ بِرُؤْيَتِهَا وَجْهَهَا) أَيْ وَلَمْ يَقْصِدْ رُؤْيَتَهُ الْحَقِيقِيَّةَ م ر. (قَوْلُهُ وَإِنْ أَفْهَمَ الْغَرَضَ اتِّفَاقًا) أَيْ: وَإِنْ اتَّفَقَ أَنَّهُ أَفْهَمَ الْغَرَضَ، هَذَا مُرَادُهُ فِيمَا يَظْهَرُ بِرّ. (قَوْلُهُ لِلتَّعْلِيقِ بِهِ) أَيْ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ إنَّهُ الْمُعَلَّقُ بِهِ لَا الْحُكْمُ) كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ حَجَرٌ، فَإِنَّهُ لَيْسَ كَالْفِعْلِ مِنْ غَيْرِهَا، وَلَوْ عَلَّقَ بِدُخُولِ نَحْوِ بَهِيمَةٍ أَوْ طِفْلٍ فَفَعَلَ غَيْرَ مُكْرَهٍ حَنِثَ، أَوْ مُكْرَهًا بِأَنْ أُلْجِئَ إلَى مَا لَا مَنْدُوحَةَ لَهُ عَنْهُ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْإِكْرَاهَ هُنَا لَا يُعْتَدُّ بِهِ، إلَّا إنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا، وَفَارَقَ الْوُقُوعَ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُعَلَّقُ بِفِعْلِهِ التَّعْلِيقَ، وَكَانَ مِمَّنْ لَا يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ أَوْ مِمَّنْ يُبَالِي وَلَمْ يَقْصِدْ الزَّوْجُ إعْلَامَهُ وَدَخَلَ مُكْرَهًا بِأَنَّ فِعْلَ الْآدَمِيِّ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ، وَإِنْ أَتَى بِهِ مُكْرَهًا وَلِهَذَا يَضْمَنُ بِهِ، بِخِلَافِ فِعْلِ الْبَهِيمَةِ فَكَأَنَّهَا حِينَ الْإِكْرَاهِ لَمْ تَفْعَلْ شَيْئًا، وَكَانَ وَجْهُ إلْحَاقهمْ الطِّفْلَ بِهَا هُنَا مَعَ أَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْكَبِيرِ فِي الضَّمَانِ أَنَّهُ مِثْلُهَا فِي عَدَمِ الرُّؤْيَةِ، وَإِلْحَاقُهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ رُؤْيَةَ خَيَالِهِ فِي الْمَاءِ) بِأَنْ وَقَفَ خَارِجَ الْمَاءِ، وَرَأَى خَيَالَهُ فِيهِ أَمَّا رُؤْيَتُهُ، وَهُوَ فِي الْمَاءِ فَيَحْنَثُ بِهَا وَكَذَا رُؤْيَتُهُ مِنْ وَرَاءِ زُجَاجٍ اهـ. شَرْحُ م ر وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ مِنْ مُكْرَهٍ عَلَيْهِ أَوْ نَاسٍ) أَيْ: وَلَوْ احْتِمَالًا بِأَنْ شَكَّ بَعْدَ الْفِعْلِ، هَلْ فَعَلَهُ مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ لَا؟ فَلَا تَطْلُقُ، كَذَا فِي ق ل وَفِي حَجَرٍ تَرْجِيحُ خِلَافِهِ. (قَوْلُهُ أَنَّهُ الْمُعَلَّقُ بِهِ) أَيْ: إنَّ هَذَا الْفِعْلَ هُوَ الْمُعَلَّقُ بِهِ، وَأَمَّا التَّعْلِيقُ فَيَعْلَمُهُ كَمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ أَنَّهُ الْمُعَلَّقُ بِهِ) أَمَّا مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ الْمُعَلَّقُ بِهِ وَلَكِنْ جَهِلَ الْحُكْمَ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ، إذْ لَا عِبْرَةَ بِجَهْلِ الْحُكْمِ كَمَنْ فَعَلَ نَاسِيًا فَظَنَّ الْوُقُوعَ وَانْحِلَالَ الْيَمِينِ فَفَعَلَ عَامِدًا بِدُونِ

ص: 289

وَالْحَاكِمُ: «إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» أَيْ: لَا يُؤَاخِذُهُمْ بِهَا مَا لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ كَضَمَانِ الْمُتْلَفِ، فَالْفِعْلُ مَعَهَا كَلَا فِعْلٍ سَوَاءٌ عَلَّقَ بِفِعْلِهِ أَمْ بِفِعْلِ غَيْرِهِ، وَقَصَدَ مَنْعَهُ مِنْهُ وَكَانَ (مُبَالِيًا) بِتَعْلِيقِهِ بِأَنْ يُرَاعِيَهُ وَيَحْرِصَ عَلَى إبْرَارِ قَسَمِهِ لِصَدَاقَةٍ أَوْ حَيَاءٍ أَوْ نَحْوِهِمَا، (وَشَاعِرًا) أَيْ عَالِمًا بِهِ بِإِعْلَامِ الزَّوْجِ أَوْ غَيْرِهِ (فِي الْكُلِّ) أَيْ: كُلِّ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ الْإِكْرَاهِ وَالنِّسْيَانِ وَالْجَهْلِ، بِخِلَافِ مَنْ لَا يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ كَالسُّلْطَانِ وَالْحَجِيجِ أَوْ يُبَالِي بِهِ وَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ، وَلَمْ يَقْصِدْ الزَّوْجُ إعْلَامَهُ بِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، فَفِعْلُهُ مَعَ الْمَذْكُورَاتِ كَفِعْلِهِ بِدُونِهَا فَيَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ حِينَئِذٍ مُجَرَّدُ التَّعْلِيقِ بِالْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ الْمَنْعِ مِنْهُ، وَسَيَأْتِي فِيمَا إذَا لَمْ يَشْعُرْ بِهِ إشْكَالٌ (وَهَكَذَا الْيَمِينُ) بِاَللَّهِ تَعَالَى كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ الدَّارَ، فَإِنَّ الْفِعْلَ مَعَ الْمَذْكُورَاتِ لَيْسَ كَالْفِعْلِ بِدُونِهَا، فَلَا يَحْنَثُ بِهِ الْحَالِفُ لِمَا مَرَّ فِي الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ؛ وَلِأَنَّ التَّعْوِيلَ فِي الْحِنْثِ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ عَلَى هَتْكِ حُرْمَةِ الِاسْمِ، وَلَا هَتْكَ مَعَ الْمَذْكُورَاتِ (دُونَ حَلِّ) أَيْ: انْحِلَالٍ لِلْيَمِينِ بِالْفِعْلِ مَعَ الْمَذْكُورَاتِ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ إذَا كَانَ كَالْعَدَمِ لَمْ يَنْحَلَّ بِهِ الْيَمِينُ، فَلَوْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بَعْدَ زَوَالِ الْمَذْكُورَاتِ عَالِمًا مُخْتَارًا حَنِثَ.

(قُلْتُ رَأَى شَيْخِي) الْبَارِزِيُّ (الْوُقُوعَ) بِفِعْلِ مَنْ يُبَالِي بِالتَّعْلِيقِ (حَيْثُ لَا شُعُورَ) لَهُ (بِالتَّعْلِيقِ) كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْحَاوِي وَالْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ (أَمْرًا مُشْكِلَا مَعْ قَوْلِهِمْ بِعَدَمِ) وُقُوعِ (التَّطْلِيقِ

ــ

[حاشية العبادي]

بِالْكَبِيرِ فِي الضَّمَانِ إنَّمَا هُوَ احْتِيَاطٌ لِلْأَمْوَالِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ وَكَانَ مُبَالِيًا) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَصْدَ الْمَنْعِ لَا أَثَرَ لَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْفَاعِلُ مُبَالِيًا أَوْ لَمْ يَكُنْ شَاعِرًا، أَوْ سَيَأْتِي اعْتِرَاضُ الْبَارِزِيِّ عَلَيْهِ فِي الثَّانِي. (قَوْلُهُ أَيْ عَالِمًا بِهِ) أَيْ بِتَعْلِيقِهِ (قَوْلُهُ فِي الْكُلِّ) أَيْ الْمُبَالَاةُ وَالشُّعُورُ فِي الْكُلِّ. (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَنْ لَا يُبَالِي إلَخْ) ظَاهِرُهُ: وَإِنْ عَلِمَ وَقَصَدَ إعْلَامَهُ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَقْصِدْ الزَّوْجُ إلَخْ) هَذَا تَقْيِيدٌ لِعِبَارَةِ الْكِتَابِ، زَادَهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا لِيَدْفَعَ بِهِ اعْتِرَاضَ الْبَارِزِيِّ الْآتِيَ بِرّ. وَكَتَبَ أَيْضًا: أَفَادَ هَذَا أَنَّ الْمُبَالِيَ إذَا لَمْ يَشْعُرْ، فَإِنْ قَصَدَ الزَّوْجُ إعْلَامَهُ لَمْ يَقَعْ، وَإِلَّا وَقَعَ عَلَى وَفْقِ مَا يَأْتِي فِي جَوَابِ إشْكَالِ الْبَارِزِيِّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْغَرَضَ حِينَئِذٍ مُجَرَّدُ التَّعْلِيقِ إلَخْ) الظَّاهِرُ: أَنَّ قَصْدَ الْمَنْعِ لَا يُعْتَدُّ بِهِ، إلَّا إنْ كَانَ مَعَ الْمُبَالَاةِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فَمَا ذَكَرَهُ فِي تَفْسِيرِ الْحَلِفِ يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَهَكَذَا) أَيْ مِثْلُ الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْفِعْلَ مَعَ الْمَذْكُورَاتِ لَيْسَ كَالْفِعْلِ بِدُونِهَا) وَمَحَلُّهُ فِي النِّسْيَانِ حَيْثُ لَمْ يُنْكِرْ الْحَالِفُ وُقُوعَهُ مِنْهُ، فَإِنْ أَنْكَرَهُ ثُمَّ ثَبَتَ عَلَيْهِ أَنَّهُ فَعَلَهُ لَمْ تَنْفَعْهُ حِينَئِذٍ دَعْوَى النِّسْيَانِ كَمَا أَفْتَيْت بِهِ اسْتِنْبَاطًا مِنْ كَلَامِهِمْ، ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ صَرَّحَ بِهِ وَأَقَرَّهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ مَا يُؤَيِّدُهُ حَجَرٌ (قَوْلُهُ دُونَ حَلٍّ) يُمْكِن كَوْنُهُ حَالًّا

ــ

[حاشية الشربيني]

اسْتِنَادٍ لِإِفْتَاءٍ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا ذ رحمه الله خِلَافًا لِمَا فِي ع ش أَخْذًا مِنْ شَرْحِ م ر فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ وَقَصَدَ مَنْعَهُ) إنَّمَا ذَكَرَهُ مَعَ أَنَّهُ عِنْدَ قَصْدِ الْمَنْعِ، لَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَشَاعِرًا؛ لِأَنَّهُ مَعَ قَصْدِهِ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الْوُقُوعِ بَيْنَ الشُّعُورِ وَعَدَمِهِ، لِيُتَوَجَّهَ إشْكَالُ الْبَارِزِيِّ إذْ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ لَمْ يَكُنْ الْوُقُوعُ مُشْكِلًا فِي كَلَامِ الْحَاوِي، يَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْحَاوِي، فَانْدَفَعَ مَا فِي الْحَاشِيَةِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ مَنَعَهُ مِنْهُ) أَيْ: أَوْ حَثَّهُ عَلَيْهِ وَبَقِيَ مِنْ أَقْسَامِ الْحَلِفِ مَا إذَا كَانَ لِتَحْقِيقِ الْخَبَرِ، وَحُكْمُهُ أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ أَوْ الطَّلَاقِ أَنَّ الْأَمْرَ الْفُلَانِيَّ لَمْ يَكُنْ أَوْ كَانَ أَوْ سَيَكُونُ، أَوْ إنْ لَمْ أَكُنْ فَعَلْت أَوْ فُلَانٌ فَعَلَ، أَوْ هُوَ فِي الدَّارِ أَوْ لَيْسَ فِيهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، وَقَصَدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي ظَنِّهِ أَوْ اعْتِقَادِهِ أَوْ أَطْلَقَ، فَلَا حِنْثَ، فَإِنْ قَصَدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي الْوَاقِعِ حَنِثَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ فَظَهَرَ أَنَّ حُكْمَ الْإِطْلَاقِ هُنَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافُ حُكْمِهِ فِي التَّعْلِيقِ تَدَبَّرْ وَاعْلَمْ: أَنَّ عَدَمَ الْحِنْثِ فِي الْحَلِفِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ مَا يُطْلَبُ فِيهِ الْيَقِينُ.

قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ السُّبْكِيّ فِي الطَّبَقَاتِ: قَالَ الْأَصْحَابُ: فِيمَا إذَا قَالَ السُّنِّيُّ: إنْ لَمْ يَكُنْ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ مِنْ اللَّهِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَقَالَ الْمُعْتَزِلِيُّ: إنْ كَانَا مِنْ اللَّهِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَفِيمَا إذَا قَالَ السُّنِّيُّ: إنْ لَمْ يَكُنْ أَبُو بَكْرٍ أَفْضَلَ مِنْ عَلِيٍّ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ، وَعَكَسَ الرَّافِضِيِّ يَقَعُ طَلَاقُ الْمُعْتَزِلِيِّ، وَالرَّافِضِيُّ صَرَّحَ بِهِ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيِّ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا حَلَفَ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ خَطَأَ الْمُعْتَزِلِيِّ وَالرَّافِضِيِّ فِيهِ قَطْعِيٌّ وَالْمَسْأَلَةُ قَطْعِيَّةٌ، فَلَا يَنْفَعُهُ الظَّنُّ اهـ. أَيْ: فَكَأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي الْوَاقِعِ، إذْ لَا عِبْرَةَ فِيهِ بِظَنِّهِ حَتَّى يُحْمَلَ عَلَيْهِ، نَعَمْ هَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، فَإِنْ نَوَى فِي ظَنِّهِ عُمِلَ بِهِ.

(قَوْلُهُ وَكَانَ مُبَالِيًا إلَخْ) لِأَنَّ الْيَمِينَ مَعَ تَحَقُّقِ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ فِي قُوَّةِ الْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ الْمُخَالَفَةِ مَعَ الْعَمْدِ وَالْعُلْمِ وَالِاخْتِيَارِ، وَمَعَ فَقْدِهَا أَوْ بَعْضِهَا كَالتَّعْلِيقِ الْمَحْضِ اهـ. شَيْخُنَا ذ. (قَوْلُهُ مُبَالِيًا) أَيْ: وَلَوْ احْتِمَالًا اهـ. ق ل بِأَنْ شُكَّ فِي كَوْنِهِ مُبَالِيًا حَالَ التَّعْلِيقِ، وَفِي حَجَرٍ تَرْجِيحُ خِلَافِهِ، وَالشَّرْطُ كَوْنُهُ مُبَالِيًا وَقْتَ التَّعْلِيقِ وَلَا نَظَرَ لِمَا بَعْدَهُ وَلَا لِمَا قَبْلَهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْغَرَضَ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ قَصَدَ التَّعْلِيقَ فَتَخْرُجُ صُورَةُ الْإِطْلَاقِ، فَلَا يَقَعُ فِيهَا الطَّلَاقُ، وَقَدْ نَقَلَ سم فِي حَاشِيَةِ التُّحْفَةِ عَنْ م ر اعْتِمَادَهُ، لَكِنَّ فِي رِسَالَةِ شَيْخِنَا ذ رحمه الله أَنَّ الْإِطْلَاقَ فِي التَّعْلِيقِ كَإِرَادَةِ مُجَرَّدِ التَّعْلِيقِ، بِخِلَافِهِ فِي الِالْتِزَامِ فَلْيُرَاجَعْ. وَفِي ع ش أَنَّ الْإِطْلَاقَ كَإِرَادَةِ التَّعْلِيقِ الْمُجَرَّدِ، وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ: الْمُتَّجِهُ عِنْدَ شَيْخِنَا أَنَّ الْإِطْلَاقَ كَقَصْدِ الْحَثِّ أَوْ الْمَنْعِ خِلَافًا لِحَجَرٍ اهـ. لَكِنْ اسْتَظْهَرَ الشَّيْخُ الْقُوَيْسِنِيُّ كَلَامَ ع ش. (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَشْعُرْ إلَخْ) أَيْ مَعَ قَصْدِ الْمَنْعِ إذْ لَا إشْكَالَ، إلَّا حِينَئِذٍ. (قَوْلُهُ حَنِثَ) إلَّا إذَا فَعَلَهُ ظَانًّا انْحِلَالَ الْيَمِينِ بِمَا فَعَلَهُ نَاسِيًا مَثَلًا، فَلَا يَحْنَثُ حَيْثُ اسْتَنَدَ لِنَحْوِ إفْتَاءٍ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ أَهْلٍ لَهُ كَمَا فِي ق ل، فَإِنْ لَمْ يَسْتَنِدْ، بَلْ

ص: 290

عَلَى الَّذِي يَعْلَمُ بِالتَّعْلِيقِ حَالَةَ إكْرَاهٍ، وَشِبْهٍ) لَهُ مِنْ نِسْيَانٍ وَجَهْلٍ بِالْمُعَلَّقِ بِهِ فَإِذَا قَالُوا:(يُعْذَرُ) بِهَذِهِ الْأُمُورِ (مَعْ عِلْمِهِ) بِالتَّعْلِيقِ (فَعِنْدَ جَهْلٍ) مِنْهُ بِهِ (أَجْدَرُ) أَيْ: أُلْحِقَ بِالْعُذْرِ وَيُجَابُ بِحَمْلِ كَلَامِ الْحَاوِي وَالْمِنْهَاجِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ الزَّوْجُ الْمَنْعَ مِنْ الْفِعْلِ، فَإِنْ قَصَدَ الْمَنْعَ مِنْهُ بِأَنْ قَصَدَ الْإِعْلَامَ، وَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ مَنْ يُبَالِي بِهِ، فَلَا وُقُوعَ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا السَّابِقُ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْبَارِزِيُّ وَالسُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُمَا.

قَالَ الشَّارِحُ وَيَنْبَغِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنَّهُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ إعْلَامِهِ وَلَمْ يُعْلِمْهُ يَحْنَثُ بِكُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ كَلَا قَصْدٍ

(وَ) لَوْ قَالَ وَتَحْتَهُ أَرْبَعٌ وَلَهُ عَبِيدٌ: (إنْ أُطَلِّقْ زَوْجَةً فَعَبْدُ) مِنْ عَبِيدِي (حُرٌّ إلَى الْأَرْبَعِ) مَذْكُورٌ (هَذَا الْعَدُّ) بِأَنْ قَالَ: وَإِنْ طَلَّقْت ثِنْتَيْنِ فَعَبْدَانِ حُرَّانِ، وَإِنْ طَلَّقْت ثَلَاثًا فَثَلَاثَةٌ أَحْرَارُ، وَإِنْ طَلَّقْت أَرْبَعًا فَأَرْبَعَةٌ أَحْرَارُ (فَإِنْ يُطَلَّقْنَ) أَيْ الْأَرْبَعُ، بِأَنْ يُطَلِّقَهُنَّ الزَّوْجُ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا (فَعَشْرَةٌ) مِنْ عَبِيدِهِ (عَتَقْ) وَاحِدٌ بِطَلَاقِ الْأُولَى، وَاثْنَانِ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ، وَثَلَاثَةٌ بِطَلَاقِ الثَّالِثَةِ، وَأَرْبَعَةٌ بِطَلَاقِ الرَّابِعَةِ، وَكَذَا إذَا عَلَّقَ بِإِذَا أَوْ غَيْرِهَا مِمَّا لَا يَقْتَضِي تَكْرَارًا كَمَتَى وَمَهْمَا، وَذِكْرُ الْوَاوِ فِي تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ شَرْطٌ، فَلَوْ عَطَفَ بِثُمَّ لَمْ يَضُرَّ الْأَوَّلُ لِلثَّانِي لِلْفَصْلِ بِثُمَّ، فَلَا يَعْتِقُ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ وَالرَّابِعَةِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ بَعْدَ الْأُولَى ثِنْتَيْنِ وَلَا بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَرْبَعَةً، وَيَعْتِقُ بِطَلَاقِ الثَّالِثَةِ اثْنَانِ فَمَجْمُوعُ الْعُتَقَاءِ ثَلَاثَةٌ.

وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ نَظِيرَهُ فِي التَّعْلِيقِ بِالْحَيْضِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمُهِمَّاتِ ثُمَّ قَالَ: وَيَتَّجِهُ أَنْ تَكُونَ الْفَاءُ فِي ذَلِكَ كَثُمَّ وَظَاهِرٌ: أَنَّ مَا قَالَهُ فِيهِمَا إنَّمَا يَأْتِي فِي طَلَاقِهِنَّ مُرَتَّبًا (وَخَمْسَةً زِدْ) عَلَى الْعَشَرَةِ (إنْ بِكُلَّمَا نَطَقْ) فِي تَعْلِيقِهِ؛ لِأَنَّهُمَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَمَا عُدَّ مَرَّةً أَيْ بِاعْتِبَارٍ لَا يُعَدُّ أُخْرَى أَيْ: بِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ فَمَا عُدَّ فِي يَمِينِ الثَّانِيَةِ ثَانِيَةً لَا يُعَدُّ بَعْدَهَا أُخْرَى ثَانِيَةً

ــ

[حاشية العبادي]

مِنْ ضَمِيرِ الْيَمِين فِي كَذَا، وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ كَالْيَمِينِ، وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ أَيْ. بِاَللَّهِ أَوْ الطَّلَاقِ. (قَوْلُهُ مَعَ عِلْمِهِ بِالتَّعْلِيقِ) أَيْ عِلْمٍ لِلتَّعْلِيقِ فِي صُورَةِ النِّسْيَانِ، وَقَدْ قُيِّدَ فِيمَا سَبَقَ النِّسْيَانَ بِالتَّعْلِيقِ بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: قَدْ يُعْلَمُ التَّعْلِيقُ، وَلَا يُعْلَمُ كَوْنُهُ بِكَذَا. (قَوْلُهُ بِأَنْ قَصَدَ الْإِعْلَامَ) قَضِيَّتُهُ: أَنَّ قَصْدَ الْمَنْعِ هُوَ قَصْدُ الْإِعْلَامِ أَوْ يَتَحَقَّقُ بِهِ، وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ قَوْلُهُ السَّابِقُ: وَقَصَدَ مَنْعَهُ مِنْهُ، إذْ يَلْزَمُ مِنْهُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَشَاعِرًا؛ لِأَنَّهُ مَعَ قَصْدِ الْإِعْلَامِ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الْوُقُوعِ بَيْنَ الشُّعُورِ وَعَدَمِهِ كَمَا تَقَرَّرَ فَتَأَمَّلْهُ سم. (قَوْلُهُ كَمَا أَفْهَمهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ إلَخْ) وَوَاضِحٌ أَنَّ الْمُبَالَاةَ لَا تَسْتَلْزِمُ قَصْدَ الْإِعْلَامِ، وَكَذَا عَكْسُهُ خِلَافًا لِلشَّارِحِ أَيْ الْجَوْجَرِيِّ، إذْ الشَّخْصُ قَدْ يَقْصِدُ إعْلَامَ السُّلْطَانِ، وَإِلْغَاءُ هَذَا الْقَصْدِ لَيْسَ إلَّا لِأَنَّهُ قَصْدُ لَغْوٍ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِأَنَّ نَحْوَ السُّلْطَانِ لَا يَقْصِدُ مَنْعَهُ، وَلَا حَثَّهُ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ قَالَ الشَّارِحُ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ الْجَوْجَرِيُّ بِأَنَّ الْأَحْسَنَ خِلَافُهُ قَالَ: لِأَنَّهُ بَعْدَ أَنْ عَقَدَ الْيَمِينَ عَلَى حَالَةٍ، وَهِيَ حَثُّ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَلَى الْفِعْلِ أَوْ مَنْعُهُ مِنْهُ، كَيْفَ يَقْدَحُ فِيهَا عَدَمُ الْإِعْلَامِ وَيُرْجِعُهَا إلَى حَالَةٍ أُخْرَى لَمْ تُقْصَدْ، وَهِيَ حَالَةُ التَّعْلِيقِ الْمَحْضِ وَرَبْطُ الْوُقُوعِ بِصُورَةِ الْفِعْلِ الَّذِي لَمْ يُرِدْهُ، كَيْفَ وَالصِّفَةُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا لَا يَمْلِكُ تَغْيِيرَهَا، وَلَا تَتَغَيَّرُ بِالْقَصْدِ الْمُجَرَّدِ بِرّ

. (قَوْلُهُ هَذَا الْعَدُّ) أَيْ جِنْسُ هَذَا الْعَدِّ. (قَوْلُهُ فَعَشَرَةً) يَنْبَغِي نَصْبُهُ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ بِعَتَقَ بَعْدَهُ الْمُسْنَدِ إلَى ضَمِيرِ الزَّوْجِ أَيْ: فَقَدْ عَتَقَ الزَّوْجُ بِهَذَا التَّعْلِيقِ عَشَرَةً، وَأَمَّا رَفْعُهُ وَالْإِخْبَارُ عَنْهُ بِعَتَقَ فَيُشْكِلُ عَلَيْهِ تَذْكِيرُ الضَّمِيرِ فَلْيُتَأَمَّلْ، نَعَمْ يُمْكِن أَنْ يُقَالَ: لَا مَانِعَ مِنْ الرَّفْعِ وَيَكُونُ تَذْكِيرُ الضَّمِيرِ بِاعْتِبَارِ تَأْوِيلِ الْعَشَرَةِ بِالْعَدَدِ مَثَلًا. (قَالَ فِي طَلَاقِهِنَّ مُرَتَّبًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: فَلَوْ طَلَّقَهُنَّ مَعًا عَتَقَ عَبْدٌ وَاحِدٌ اهـ. (قَوْلُهُ فَمَا عُدَّ فِي يَمِينِ الثَّانِيَةِ إلَخْ) أَيْ كَالثَّانِيَةِ، فَإِنَّهَا عُدَّتْ مَعَ الْأُولَى ثَانِيَةً فِي يَمِينِ الثَّانِيَةِ، فَلَا تُعَدُّ ثَانِيَةً مَعَ الثَّالِثَةِ فِي يَمِينِ الثَّالِثَةِ.

ــ

[حاشية الشربيني]

فَعَلَ بِنَاءً عَلَى مُجَرَّدِ ظَنِّهِ لِلِانْحِلَالِ حَنِثَ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا خِلَافًا لع ش.

(قَوْلُهُ بِأَنْ قَصَدَ الْإِعْلَامَ) أَيْ: قَصَدَ إعْلَامَهُ عِنْدَ غَيْبَتِهِ بِالتَّعْلِيقِ لِمَنْعِهِ مِنْهُ، فَالشَّرْطُ فِي الْحَاضِرِ قَصْدُ الْحِنْثِ أَوْ الْمَنْعُ، وَفِي الْغَائِبِ قَصْدُ إعْلَامِهِ لِذَلِكَ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا ذ. (قَوْلُهُ بِأَنْ قَصَدَ إلَخْ) فَقَصْدُ الْمَنْعِ هُوَ قَصْدُ الْإِعْلَامِ، وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَصْدِ الْإِعْلَامِ قَصْدُ الْمَنْعِ، وَإِلَّا فَقَصْدُ الْإِعْلَامِ أَعَمُّ، لَكِنْ إنَّمَا قُصِدَ الْإِعْلَامُ هُنَا بِالتَّعْلِيقِ لِيُفْعَلَ أَوْ يُمْنَعَ، فَالْقَرِينَةُ هُنَا قَائِمَةٌ.

(قَوْلُهُ فَعَشَرَةٌ) عَتَقَ أَيْ: إنْ لَمْ يَقْصِدْ الْمَعْنَى الْآتِيَ فِي ثُمَّ، وَإِلَّا لَمْ يَعْتِقْ إلَّا ثَلَاثَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّكْرَارَ الْآتِيَ فِي كُلَّمَا، وَإِلَّا عَتَقَ خَمْسَةَ عَشَرَةَ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَوَضٌ عَلَى الْخَطِيبِ. (قَوْلُهُ وَخَمْسَةً زِدْ إلَخْ) أَيْ مَا لَمْ يَقْصِدْ عَدَمَ التَّكْرَارِ، وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَوَضٌ عَلَى الْخَطِيبِ (قَوْلُهُ وَخَمْسَةً زِدْ إلَخْ) ضَابِطُ هَذَا وَغَيْرِهِ أَنَّ جُمْلَةَ مَجْمُوعِ الْآحَادِ هِيَ الْجَوَابُ فِي غَيْرِ كُلَّمَا، وَيُزَادُ عَلَيْهِ مَجْمُوعُ مَا تَكَرَّرَ مِنْهَا فِيهَا مِثَالُهُ فِي الْأَرْبَعِ أَنْ يُقَالَ: مَجْمُوعُ الْآحَادِ وَاحِدٌ وَاثْنَانِ وَثَلَاثَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَجُمْلَتُهَا عَشَرَةٌ، وَتَكَرَّرَ فِيهِ الْوَاحِدُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بَعْدَ الْأَوَّلِ، وَالِاثْنَانِ مَرَّةً فَقَطْ وَجُمْلَتُهَا خَمْسَةٌ تُزَادُ عَلَى الْعَشَرَةِ اهـ. ق ل (قَوْلُهُ أَيْ بِذَلِكَ الِاعْتِبَارِ) بَلْ يُعَدُّ بِاعْتِبَارٍ

ص: 291

وَمَا عُدَّ فِي يَمِينِ الثَّالِثَةِ ثَالِثَةً لَا يُعَدُّ بَعْدَهَا ثَالِثَةً فَيَعْتِقُ وَاحِدٌ بِطَلَاقِ الْأُولَى وَثَلَاثَةٌ بِطَلَاقِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ بِهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ، وَطَلَاقُ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعَةٍ بِطَلَاقِ الثَّالِثَةِ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ بِهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ، وَطَلَاقُ ثَلَاثٍ وَسَبْعَةٍ بِطَلَاقِ الرَّابِعَةِ؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ بِهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ، وَطَلَاقُ ثِنْتَيْنِ غَيْرِ الْأُولَيَيْنِ، وَطَلَاقُ أَرْبَعٍ، وَسَوَاءٌ أَتَى بِكُلَّمَا فِي التَّعْلِيقَاتِ كُلِّهَا أَمْ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ أَمْ فِي الْأُولَيَيْنِ، إذْ لَا تَكْرَارَ فِي الْأَخِيرَيْنِ، وَإِنَّمَا صَوَّرَهَا الْأَصْحَابُ بِالْإِتْيَانِ بِهَا فِي الْكُلِّ لِيَتَأَتَّى مَجِيءُ الْأَوْجُهِ كُلِّهَا الَّتِي مِنْهَا أَنَّهُ يَعْتِقُ عِشْرُونَ، لَكِنْ يَكْفِي فِي ذَلِكَ الْإِتْيَانُ بِهَا فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ النَّقِيبِ، وَلَوْ أَتَى بِهَا فِي الْأَوَّلِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْأَخِيرَيْنِ عَتَقَ الثَّلَاثَةَ عَشَرَ، أَوْ فِي الثَّانِي وَحْدَهُ أَوْ مَعَ الْأَخِيرَيْنِ فَاثْنَا عَشَرَ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْعُتَقَاءُ مُبْهَمُونَ وَالرُّجُوعُ فِي التَّعْيِينِ إلَيْهِ.

(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ: كُلَّمَا صَلَّيْت رَكْعَةً فَعَبْدٌ حُرٌّ، وَهَكَذَا إلَى الْعَشَرَةِ فَصَلَّى عَشْرًا عَتَقَ سَبْعَةٌ وَثَمَانُونَ عَبْدًا، وَإِنْ عَلَّقَ بِإِنْ أَوْ نَحْوِهَا فَخَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ.

(وَ) لَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ حَوَامِلَ (كُلَّمَا وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ تَلِدْ فَصَاحِبَاتُهَا أَوْ هُنَّ طَوَالِقُ) فَالْمُعَلَّقُ فِي الصُّورَة الْأُولَى طَلَاقُ غَيْرِ الْوَالِدَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ طَلَاقُ الْوَالِدَةِ وَغَيْرِهَا، وَالْحُكْمُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِيهِمَا لَا يَخْتَلِفُ، وَإِنْ اخْتَلَفَ التَّوْجِيهُ، وَلْنَقْتَصِرْ فِيمَا يَأْتِي عَلَى تَوْجِيهِ الْأُولَى وَمِنْهُ يُعْرَفُ تَوْجِيهُ الثَّانِيَةِ، وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا ثَمَانِيَةُ أَحْوَالٍ؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعَ إمَّا أَنْ يَتَعَاقَبْنَ فِي الْوِلَادَةِ أَوْ تَلِدَ ثَلَاثٌ مَعًا ثُمَّ وَاحِدَةٌ، أَوْ تَلِدَ الْأَرْبَعُ مَعًا أَوْ ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ ثِنْتَانِ مَعًا، أَوْ وَاحِدَةٌ ثُمَّ ثَلَاثٌ مَعًا، أَوْ وَاحِدَةٌ ثُمَّ ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ وَاحِدَةٌ أَوْ ثِنْتَانِ مُتَعَاقِبَتَانِ أَوْ عَكْسُهُ، وَقَدْ بَيَّنَهَا النَّاظِمُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ:(فَإِنْ تَعَاقَبْنَ) فِي الْوِلَادَةِ (لَزِمْ) طَلَاقُ (ثُلَاثُ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مَعْدُولٌ عَنْ ثَلَاثٍ ثَلَاثٍ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ صَدَقَ بِهِ طَلَاقُ وَاحِدَةٍ) أَيْ: وَهِيَ الرَّابِعَةُ وَقَوْلُهُ وَطَلَاقُ ثِنْتَيْنِ وَهُمَا الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ (قَوْلُهُ عَتَقَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ) الْعَشَرَةُ السَّابِقَةُ فِي غَيْرِ كُلَّمَا، وَثَلَاثَةٌ بِتَكْرَارِ الْوَاحِدِ الثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ (قَوْلُهُ فَاثْنَتَا عَشْرَةَ) الْعَشَرَةُ السَّابِقَةُ فِي غَيْرِ كُلَّمَا، وَاثْنَانِ بِتَكْرَارِ الِاثْنَيْنِ بِالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ (قَوْلُهُ وَالرُّجُوعُ فِي التَّعْيِينِ إلَيْهِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَطْلَقُوا ذَلِكَ وَيَجِبُ أَنْ يُعَيِّنَ مَا يُعْتَقُ بِالْوَاحِدَةِ وَبِالثِّنْتَيْنِ وَبِالثَّلَاثِ وَبِالْأَرْبَعِ، فَإِنَّ فَائِدَةَ ذَلِكَ تَظْهَرُ فِي الْأَكْسَابِ إذَا طَلَّقَ مُرَتَّبًا لَا سِيَّمَا مَعَ التَّبَاعُدِ إلَخْ. اهـ. شَرْحٌ رَوْضٌ.

(قَوْلُهُ سَبْعَةٌ وَثَمَانُونَ) وَذَلِكَ عَشَرَةٌ فِي كُلٍّ مِنْ التَّعْلِيقِ بِالْوَاحِدَةِ وَالتَّعْلِيقِ بِالثِّنْتَيْنِ وَالتَّعْلِيقِ بِالْخَمْسِ وَالتَّعْلِيقِ بِالْعَشْرِ فَهَذِهِ أَرْبَعُونَ، وَتِسْعَةٌ فِي كُلٍّ مِنْ التَّعْلِيقِ بِالثَّلَاثِ وَالتَّعْلِيقِ بِالتِّسْعِ، فَهَذِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَثَمَانِيَةٌ فِي كُلٍّ مِنْ التَّعْلِيقِ بِالْأَرْبَعِ وَالتَّعْلِيقِ بِالثَّمَانِ فَهَذِهِ سِتَّةَ عَشَرَ، وَسَبْعَةٌ فِي التَّعْلِيقِ بِالسَّبْعِ وَسِتَّةٌ فِي التَّعْلِيقِ بِالسِّتِّ فَالْجُمْلَةُ سَبْعَةٌ وَثَمَانُونَ، وَقَوْلُهُ فَخَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَشَرَةٌ بِصَلَاةِ الْأَرْبَعِ نَظِيرَ عِتْقِ عَشَرَةٍ بِطَلَاقِ الْأَرْبَعِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَعَشَرَةٌ بِصَلَاةِ الْعَشْرِ وَتِسْعَةٌ بِصَلَاةِ التِّسْعِ وَثَمَانِيَةٌ بِصَلَاةِ الثَّمَانِ وَسَبْعَةٌ بِصَلَاةِ السَّبْعِ وَسِتَّةٌ بِصَلَاةِ السِّتِّ وَخَمْسَةٌ بِصَلَاةِ الْخَمْسِ، وَكَتَبَ أَيْضًا: وَذَلِكَ لِأَنَّهُ بِدُونِ كُلَّمَا يَعْتِقُ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ وَيَزِيدُ بِوَاسِطَةِ كُلَّمَا اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ، تِسْعَةٌ بِاعْتِبَارِ تَكْرَارِ الْوَاحِدِ وَثَمَانِيَةٌ فِي تَكْرَارِ الِاثْنَيْنِ فِي الْأَرْبَعِ وَالسِّتِّ وَالثَّمَانِ وَالْعَشْرِ، وَسِتَّةٌ فِي تَكْرَارِ الثَّلَاثِ فِي السِّتِّ وَالتِّسْعِ، وَأَرْبَعٌ فِي تَكْرَارِهَا فِي الثَّمَانِ، وَخَمْسٌ فِي تَكْرَارِهَا فِي الْعَشْرِ بِرّ

. (قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَ التَّوْجِيهُ مَثَلًا) فِي صُورَةِ التَّعَاقُب تَطْلُقُ الْأُولَى ثَلَاثًا فِي الصُّورَتَيْنِ، لَكِنْ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى لِوِلَادَةِ الثَّلَاثِ بَعْدَهَا، وَفِي الثَّانِيَةِ لِوِلَادَتِهَا وَوِلَادَةِ ثِنْتَيْنِ مِنْ الثَّلَاثِ بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ حَالَةَ التَّعْلِيقِ) خَرَجَ مَا لَوْ حَدَثَتْ الصُّحْبَةُ بَعْدَهُ كَأَنْ أَبَانَ بَعْدَهُ إحْدَى الْأَرْبَعِ وَتَزَوَّجَ أُخْرَى.

(تَنْبِيهٌ) فِي الرَّوْضِ فَإِنْ كَانَ أَيْ التَّعْلِيقُ بِصِيغَةِ كُلَّمَا وَلَدْتُمَا أَيْ: فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ فَوَلَدَتْ إحْدَاهُمَا أَيْ ثَلَاثَةً مِنْ الْأَوْلَادِ فِي بَطْنِ وَاحِدٍ، وَلَوْ مُتَعَاقِبِينَ ثُمَّ الْأُخْرَى كَذَلِكَ أَيْ ثَلَاثًا، وَلَوْ مُتَعَاقِبِينَ طَلَقَتْ الْأُولَى ثَلَاثًا بِوِلَادَةِ الثَّانِيَةِ أَيْ: بِوِلَادَتِهَا الثَّلَاثَةَ، وَالثَّانِيَةُ كَذَلِكَ أَيْ وَطَلَقَتْ الثَّانِيَةُ ثَلَاثًا بِوِلَادَتِهَا الثَّلَاثَةَ، إلَّا إنْ انْفَرَدَ الْأَخِيرُ أَيْ: بِالْوِلَادَةِ فَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَتَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ أَيْ: فَقَطْ بِوِلَادَةِ الْأَوَّلِينَ اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَإِلَّا إنْ وَلَدَتْ الْأَخِيرِينَ مَعًا فَتَنْقَضِي بِهِمَا الْعِدَّةُ وَتَطْلُقُ طَلْقَةً فَقَطْ، فَوُقُوعُ الثَّلَاثِ

ــ

[حاشية الشربيني]

آخَرَ (قَوْلُهُ فَمَا عَدَا إلَخْ) فَالثَّانِيَةُ عُدَّتْ ثَانِيَةً لِانْضِمَامِهَا لِلْأُولَى فَلَا تُعَدُّ الثَّالِثَةُ كَذَلِكَ لِانْضِمَامِهَا لِلثَّانِيَةِ حَجَرٌ وَالْأُولَى فَلَا تُعَدّ ثَانِيَةً بِانْضِمَامِهَا لِلثَّالِثَةِ. (قَوْلُهُ مَجِيءُ الْأَوْجُهِ كُلِّهَا) وَهِيَ أَنَّهُ يَعْتِقُ سَبْعَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ فِي طَلَاقِ الثَّالِثَةِ وَرَاءَ الصِّفَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ صِفَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ طَلَاقُ اثْنَتَيْنِ بَعْدَ الْأُولَى فَيَعْتِقُ عَبْدَانِ آخَرَانِ، وَقِيلَ: يَعْتِقُ عِشْرُونَ سَبْعَةَ عَشَرَ لِمَا ذُكِرَ وَثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّ فِي طَلَاقِ الرَّابِعَةِ صِفَةٌ أُخْرَى وَرَاءَ الصِّفَاتِ الثَّلَاثَةِ، وَهِيَ طَلَاقُ ثَلَاثٍ بَعْدَ الْأُولَى وَقِيلَ: يَعْتِقُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ اهـ. خَطّ.

(قَوْلُهُ سَبْعَةٌ وَثَمَانُونَ) لِأَنَّهُ تَكَرَّرَ صِفَةُ الْوَاحِدِ تِسْعًا، وَصِفَةُ الثِّنْتَيْنِ أَرْبَعًا فِي الرَّابِعَةِ وَالسَّادِسَةِ وَالثَّامِنَةِ وَالْعَاشِرَةِ، وَصِفَةُ الثَّلَاثَةِ مَرَّتَيْنِ فِي السَّادِسَةِ وَالتَّاسِعَةِ، وَصِفَةُ الْأَرْبَعَةِ مَرَّةً فِي الثَّامِنَةِ، وَصِفَةُ الْخَمْسَةِ مَرَّةً فِي الْعَاشِرَةِ، وَمَا بَعْدَ الْخَمْسَةِ لَا يُمْكِنُ تَكَرُّرُهُ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُشْتَرَطْ كُلَّمَا، إلَّا فِي الْخَمْسَةِ الْأُوَلِ، وَجُمْلَةُ هَذِهِ اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ تُضَمُّ لِخَمْسَةٍ وَخَمْسِينَ الْوَاقِعَةِ أَوَّلًا بِلَا تَكْرَارٍ اهـ. شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ فَخَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ) ؛ لِأَنَّهَا مَجْمُوعُ الْآحَادِ مِنْ غَيْرِ تَكْرَارٍ.

(قَوْلُهُ حَوَامِلَ) إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ: وَتَبِينُ بِوِلَادَتِهَا وَفِي بَعْضِهَا، وَتَبِينَانِ بِوِلَادَتِهِمَا وَهَكَذَا كَمَا قَالَهُ الرَّشِيدِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ الْمَدَارُ فِي كَوْنِ الْعِدَّةِ بِالْوَضْعِ عَلَى كَوْنِهَا حَامِلًا عِنْدَ طَلَاقِهَا، وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا لَوْ كَانَ الْحَمْلُ طَارِئًا بَعْدَ التَّعْلِيقِ، فَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ عَمِيرَةُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ، إلَّا أَنْ يُعْتَبَرَ الْحَمْلُ حَالًا أَوْ مَآلًا اهـ. ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِهِ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْجَزْمِ، فَإِنَّ عِدَّةَ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ تَنْقَضِي بِالْوَضْعِ، إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ حَوَامِلُ اُحْتُمِلَ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِهِ إنْ وُجِدَ وَبِغَيْرِهِ إنْ لَمْ يُوجَدْ. (قَوْلُهُ فَإِنْ تَعَاقَبْنَ إلَخْ) ضَابِطُ ذَلِكَ أَنَّ كُلًّا تَطْلُقُ ثَلَاثًا، إلَّا مَنْ وَضَعَتْ عَقِبَ وَاحِدَةٍ فَقَطْ فَتَطْلُقُ وَاحِدَةً، أَوْ عَقِبَ اثْنَيْنِ فَقَطْ فَتَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ، وَأَخَصُّ مِنْهُ أَنْ يُقَالَ: طَلَقَتْ كُلٌّ بِعَدَدِ مَنْ سَبَقَهَا وَمَنْ لَمْ تُسْبَقْ

ص: 292

(فِي الْأُولَى) ، إنْ بَقِيَتْ فِي الْعِدَّةِ، (وَ) فِي (مَنْ بِهَا خُتِمْ) فِي الْوِلَادَةِ، وَهِيَ الرَّابِعَةُ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ثَلَاثَ صَوَاحِبَ فَيَقَعُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِوِلَادَةِ كُلٍّ مِنْهُنَّ طَلْقَةٌ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي الصُّحْبَةِ الِاتِّصَافُ بِهَا حَالَةَ التَّعْلِيقِ، بَلْ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ يُفْهِمُ أَنَّ الِاتِّصَافَ بِهَا لَيْسَ مَقْصُودًا، بَلْ الْمَقْصُودُ تَعْلِيقُ طَلَاقِ كُلٍّ مِنْهُنَّ بِوِلَادَةِ غَيْرِهَا.

وَالْوَصْفُ ذُكِرَ لِلتَّعْرِيفِ (وَ) لَزِمَ (طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ فِي الثَّانِيَهْ) بِوِلَادَةِ الْأُولَى، وَتَبِينُ بِوِلَادَةِ نَفْسِهَا (وَطَلْقَةٌ وَطَلْقَةٌ) أَيْ وَلَزِمَ طَلْقَتَانِ (فِي التَّالِيَهْ) لِلثَّانِيَةِ، وَهِيَ الثَّالِثَةُ بِوِلَادَةِ الْأُولَيَيْنِ وَتَبِينُ بِوِلَادَتِهَا (وَإِنْ) تَلِدْ (ثَلَاثٌ) مَعًا (ثُمَّ أُخْرَى) وَالثَّلَاثُ بَاقِيَاتٌ فِي الْعِدَّةِ (أَوْ مَعًا يَلِدْنَ) كُلُّهُنَّ (يَطْلُقْنَ ثُلَاثَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ (جَمْعَا) أَيْ يُطَلَّقْنَ جَمِيعًا فِي الْحَالَيْنِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا بِوِلَادَةِ كُلِّ صَاحِبَةٍ طَلْقَةً، (وِتَانِ ثُمَّ تَانِ إنْ وَلَدْنَا مَعِيَّةً) بِأَنْ وَلَدَتْ ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ ثِنْتَانِ مَعًا، (فَالْأُخْرَيَانِ) تَطْلُقَانِ (مَثْنَى) أَيْ ثِنْتَيْنِ ثِنْتَيْنِ بِوِلَادَةِ الْأُولَيَيْنِ، وَتَبِينَانِ بِوِلَادَتِهِمَا.

(وَالْأُولَيَانِ تَطْلُقَانِ كُلَّهْ) أَيْ كُلَّ الطَّلَاقِ، إنْ بَقِيَتَا فِي الْعِدَّةِ وَاحِدَةٌ بِوِلَادَةِ إحْدَاهُمَا وَثِنْتَانِ بِوِلَادَةِ الْأُخْرَيَيْنِ، (وَ) إنْ وَلَدَتْ (فَرْدَةٌ ثُمَّ ثَلَاثٌ جُمْلَهْ) أَيْ دَفْعَةً (ثَلِّثْ) أَنْتَ (لِأُولَى) أَيْ أَوْقِعْ لَهَا ثَلَاثًا بِوِلَادَةِ الثَّلَاثِ، (وَ) أَوْقِعْ (لِكُلِّ وَالِدَهْ مِنْ الثَّلَاثِ الْبَاقِيَاتِ وَاحِدَهْ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَطْلُقُ بِوِلَادَةِ الْأُولَى، ثُمَّ تَبِينُ بِوِلَادَةِ نَفْسِهَا (قُلْتُ: وَلَوْ تِي ثُمَّ تَانِ ثُمَّ تِي) أَيْ، وَلَوْ وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ ثُمَّ ثِنْتَانِ مَعًا ثُمَّ وَاحِدَةٌ (ثُلِّثَ لِلْأُولَى وَلِلْأَخِيرَةِ) أَيْ أُوقِعَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ثَلَاثٌ، (وَالْغَيْرِ) أَيْ وَأُوقِعَ لِغَيْرِهِمَا أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ (طَلْقَةٌ) وَتَبِينَانِ بِوِلَادَتِهِمَا (وَلَوْ) وَلَدَتْ (هَاتَانِ) أَيْ ثِنْتَانِ (مَعًا وَتَانِ) أَيْ وَثِنْتَانِ (تَتَعَاقَبَانِ) فِي الْوِلَادَةِ، (طَلِّقْ أَخِيرَةً وَأُولَيَيْنِ ثُلَاثَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ ثَلَاثًا ثَلَاثًا (وَ) طَلَّقَ (الثَّالِثَةَ اثْنَتَيْنِ) وَتَبِين بِوِلَادَتِهِمَا (فِي الْعَكْسِ) أَيْ: عَكْسِ هَذِهِ الْحَالَةِ، بِأَنْ تَلِدَ وَاحِدَةٌ ثُمَّ أُخْرَى ثُمَّ ثِنْتَانِ مَعًا يَقَعُ (لِلْأُولَى ثَلَاثٌ وَ) اُحْكُمْ (لِمَنْ تَتْلُو) هَا، وَهِيَ الثَّانِيَةُ (بِطَلْقَةٍ) وَتَبِينُ بِوِلَادَتِهَا (وَالْأُخْرَيَيْنِ ثَنْ) أَيْ أَوْقِعْ لَهُمَا أَيْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ثِنْتَيْنِ بِوِلَادَةِ الْأُولَيَيْنِ وَتَبِينَانِ بِوِلَادَتِهِمَا، (ضَابِطُهُ) أَيْ: ضَابِطُ مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ (أَنَّ الثَّلَاثَ) أَيْ إيقَاعَهَا عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ هُوَ (الْقَاعِدَهْ) فِي مِثْلِ ذَلِكَ (إلَّا لِوَاضِعٍ) وَلَدِهَا (عَقِيبَ وَاحِدَهْ فَقَطْ فَطَلْقَةٌ) وَاحِدَةٌ تَقَعُ عَلَيْهَا، (أَوْ) عَقِيبَ (اثْنَتَيْنِ فَقَطْ فَذِي تَطْلُقُ طَلْقَتَيْنِ) .

وَهَذَا آخِرُ مَا زَادَهُ النَّاظِمُ هُنَا وَقَوْلُهُ: عَقِيبَ بِالْيَاءِ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ، وَالْكَثِيرُ تَرْكُ الْيَاءِ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ قِيلَ: وَتَعْلِيقُهُمْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِكُلَّمَا مِثَالٌ، فَإِنْ وَغَيْرُهَا مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ كَذَلِكَ، وَهُوَ مَرْدُودٌ بِمَنْعِهِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ كُلَّمَا مِنْ أَدَوَاتِ

ــ

[حاشية العبادي]

عَلَى الثَّانِيَةِ مَحَلُّهُ إذَا وَلَدَتْ الثَّلَاثَةَ مَعًا، وَالتَّصْرِيح بِمَجْمُوعِ الْمُقَيَّدِ وَالْقَيْدِ مِنْ زِيَادَتِهِ اهـ. فَقَدْ أَفَادَ قَوْلُهُ: وَلَوْ مُتَعَاقِبِينَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَنَّ تَكْرَارَ الْوِلَادَةِ يَتَحَقَّقُ بِوِلَادَةِ الْمُتَعَدِّدِ مَعًا، حَيْثُ أَفَادَ وُقُوعَ الثَّلَاثِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا إذَا وَلَدَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا ثَلَاثَةً مَعًا، وَهَذَا مِمَّا يُسْتَغْرَبُ وَيُغْفَلُ عَنْهُ وَيَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْت طَالِقٌ كُلَّمَا وَلَدْت فَوَلَدَتْ ثَلَاثًا مَعًا طَلَقَتْ ثَلَاثًا، أَوْ فَوَلَدَتْ اثْنَيْنِ مَعًا طَلَقَتْ طَلْقَتَيْنِ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الرَّوْضِ بِهَذِهِ فَقَالَ فِي آخِرِ الْبَابِ الْأَوَّلِ فِي السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ فَصْلٌ قَالَ لِمَمْسُوسَةٍ: كُلَّمَا وَلَدْت فَأَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ فَوَلَدَتْ وَاحِدًا طَلَقَتْ بِالطُّهْرِ مِنْ النِّفَاسِ أَوْ تَوْأَمَيْنِ مَعًا فَطَلْقَتَيْنِ بِالطُّهْرِ أَيْضًا قَالَ فِي شَرْحِهِ: لِأَنَّهَا وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ، وَكُلَّمَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ فَلَوْ تُعَاقَبَا طَلَقَتْ بِوِلَادَةِ الْأُولَى لَا بِالطُّهْرِ مِنْ الثَّانِي لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِهِ انْتَهَى. فَلْيُتَفَطَّنْ لِذَلِكَ سم.

(قَوْلُهُ إلَّا لِوَاضِعٍ عَقِيبَ وَاحِدَهْ إلَخْ) لَوْ وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ عَقِبَ الْأُولَى ثُمَّ تَأَخَّرَ ثَانِي تَوْأَمَيْهَا إلَى بَعْدِ الرَّابِعَة، وَقَعَ عَلَيْهَا الثَّلَاثُ وَعِنْدَ التَّأَمُّلِ لَا تَرِدُ عَلَى الضَّابِطِ بِرّ. (قَوْلُهُ لِأَنَّ غَيْرَ كُلَّمَا مِنْ أَدَوَاتِ التَّعْلِيقِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

ثَلَاثًا إنْ بَقِيَتْ عِدَّتُهَا إلَى طَلَاقِ الرَّابِعَةِ اهـ. م ر بِزِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ.

(قَوْلُهُ بَلْ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ إلَخْ) هَذَا لَا تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ، إلَّا فِيمَا لَوْ قَالَ: كُلَّمَا وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ صَوَاحِبِكُنَّ فَصَوَاحِبَتُهَا طَوَالِقُ، فَإِذَا أَبَانَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ ثُمَّ وَلَدَتْ طَلَقَتْ صَوَاحِبُهَا، أَمَّا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ فَلَا فَائِدَةَ لَهُ، إذْ لَوْ أَبَانَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ ثُمَّ وَلَدَتْ الْأُخْرَى لَا يَقَعُ عَلَيْهَا شَيْءٌ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ فَإِنْ وَغَيْرُهَا مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ كَذَلِكَ، وَهُوَ مَرْدُودٌ بِمَنْعِهِ إلَخْ) وَأَيْ، وَإِنْ أَفَادَتْ الْعُمُومَ لَا تُفِيدُ التَّكْرَارَ، كَذَا فِي حَجَرٍ وَمِّ ر قَالَ ق ل: وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ هُنَا الْعُمُومُ لَا التَّكْرَارُ فَمَا يُفِيدُ الْعُمُومَ نَحْوَ مَنْ وَلَدَتْ مِنْكُنَّ وَأَيَّتُكُنَّ وَلَدَتْ إلَخْ كَذَلِكَ، وَمِثْلُهُ فِي سم عَلَى التُّحْفَةِ قَالَ: إنَّهُ يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ بِوِلَادَةِ صَوَاحِبَاتِهَا فِي قَوْلِهِ: أَيَّتُكُنَّ إلَخْ ثَلَاثٌ، وَوُقُوعُهَا لَمْ يَنْشَأْ عَنْ دَلَالَةِ الْأَدَاةِ عَلَى التَّكْرَارِ، بَلْ عَنْ دَلَالَتِهَا عَلَى الْعُمُومِ الْمُقْتَضِي لِتَعَدُّدِ التَّعْلِيقِ، وَيُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الرَّوْضِ أَوْ قَالَ: أَيَّتِكُنَّ لَمْ أَطَأْهَا الْيَوْمَ فَصَوَاحِبَاتُهَا طَوَالِقُ، فَإِنْ لَمْ يَطَأْ فِيهِ طُلِّقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا إلَخْ، نَعَمْ يَظْهَرُ التَّفَاوُتُ بَيْنَ كُلَّمَا وَنَحْوِ أَيٍّ فِي نَحْوِ أَيَّتُكُنَّ وَلَدَتْ فَصَوَاحِبَاتُهَا طَوَالِقُ، فَوَلَدَتْ وَاحِدَةٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقَعَ عَلَى صَوَاحِبَاتِهَا طَلْقَةٌ وَاحِدَة، وَلَوْ أَتَى بَدَلَ أَيٍّ هُنَا بِكُلَّمَا طُلِّقْنَ ثَلَاثًا اهـ.

وَقَدْ يُقَالُ: يُشْكِلُ الْفَرْقُ بَيْنَ إنْ وَأَيٍّ بِأَنَّ النَّكِرَةَ بَعْدَ الشَّرْطِ عَامَّةٌ فَلْتَكُنْ أَيٌّ كَإِنْ مَعَ النَّكِرَةِ، فَإِذَا وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ وَقَعَ عَلَى كُلٍّ طَلْقَةٌ وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ، فَإِنْ وَلَدْنَ مَعًا وَكَانَتْ الصِّيغَةُ: إنْ وَلَدَتْ وَاحِدَةٌ مِنْكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعَيِّنَ وَاحِدَةً لِكَوْنِهَا الْمُعَلَّقَ بِوِلَادَتِهَا، وَمَا عَدَاهَا لِلطَّلَاقِ وَلَا يَقَعُ عَلَى الْأُولَى شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَتْ

ص: 293

التَّعْلِيقِ لَا يَقْتَضِي تَكْرَارًا، فَلَا يَقَعُ فِي التَّعْلِيقِ بِهِ طَلَاقٌ بَعْدَ وُقُوعِ الْأَوَّلِ

ثُمَّ الطَّلَاقُ يَنْقَسِمُ إلَى بِدْعِيٍّ وَسُنِّيٍّ وَلَا وَلَا، وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ، فَقَالَ (وَإِنْ يُطَلِّقْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَا أَوْ) طَاهِرًا (فِي أَخِيرِ الطُّهْرِ) كَأَنْتِ طَالِقٌ مَعَ آخِرِ الطُّهْرِ أَوْ فِي آخِرِهِ، (لَا) حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ فِي أَخِيرِ (الْحَيْضِ) أَوْ النِّفَاسِ (أَسَا) أَيْ أَثِمَ بِهِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ لِمُخَالَفَتِهِ قَوْله تَعَالَى {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] أَيْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَشْرَعْنَ فِيهِ فِي الْعِدَّةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، وَبَقِيَّتُهُمَا لَا تُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ وَالْمَعْنَى فِيهِ تَضَرُّرُهَا بِطُولِ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ، بِخِلَافِ طَلَاقِهَا فِي آخِرِ حَيْضِهَا أَوْ نِفَاسِهَا لِاسْتِعْقَابِهَا الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ.

(كَذَلِكَ) يَحْرُمُ (الطَّلَاقُ فِي طُهْرٍ إذَا فِيهِ وَطِي أَوْ فِي مَحِيضٍ قَبْلَ ذَا) أَيْ إذَا وَطِئَ فِيهِ أَوْ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ مَنْ قَدْ تَحْبَلُ، وَلَوْ فِي الدُّبُرِ عَلَى مَا مَرَّ (أَوْ مَاءَهُ اسْتَدْخَلَتِ الْعِرْسُ) أَيْ الزَّوْجَةُ بَدَلَ وَطْئِهِ (بِلَا ظُهُورِ حَمْلٍ) فِي حَالَتَيْ الْوَطْءِ وَالِاسْتِدْخَالِ فِي قِصَّةِ ابْنِ عُمَرَ الْآتِيَةِ، ثُمَّ إنْ شَاءَ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا يَنْدَمُ لَوْ ظَهَرَ حَمْلٌ وَيَتَعَذَّرُ التَّدَارُكُ فَيَتَضَرَّرُ هُوَ وَالْوَلَدُ، وَأَلْحَقُوا الْوَطْءَ فِي الْحَيْضِ بِالْوَطْءِ فِي الطُّهْرِ؛ لِأَنَّ بَقِيَّةَ الْحَيْضِ لَا تَدُلُّ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَأَلْحَقُوا الِاسْتِدْخَالَ بِالْوَطْءِ لِاحْتِمَالِ الْحَمْلِ مِنْهُ، (لَا اخْتِلَاعٌ حَصَلَا مِنْ زَوْجَةٍ)، وَلَوْ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يَحْرُمُ لِإِطْلَاقِ قَوْله تَعَالَى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] وَلِأَنَّ افْتِدَاءَهَا يَقْتَضِي حَاجَتَهَا إلَى الْخَلَاصِ بِالْفِرَاقِ وَرِضَاهَا بِطُولِ التَّرَبُّصِ، وَأَخْذُهُ الْعِوَضَ يُبْعِدُ احْتِمَالَ النَّدَمِ بِخِلَافِ طَلَاقِهَا بِسُؤَالِهَا بِلَا عِوَضٍ وَبِخِلَافِ خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ، إذْ لَا يُعْلَمُ بِهِ حَاجَتُهَا إلَى الْخَلَاصِ، نَعَمْ قَدْ يُقَالُ: خُلْعُهُ فِي الطُّهْرِ الْمَذْكُورِ جَائِزٌ لِمَا مَرَّ أَنَّ أَخْذَهُ الْعِوَضَ يُبْعِدُ احْتِمَالَ النَّدَمِ، وَلَيْسَ فِيهِ تَطْوِيلُ عِدَّةٍ عَلَيْهَا وَخَرَجَ بِالطَّلَاقِ الْفَسْخُ وَسَيَأْتِي عِتْقُ الْمُسْتَفْرَشَةِ، إذْ مَصْلَحَتُهُ أَعْظَمُ، وَيُسْتَثْنَى مَعَ مَا ذُكِرَ طَلَاقُهُ فِي حَيْضٍ وَاقِعٍ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ لِعَدَمِ التَّطْوِيلِ، وَطَلَاقُ الْقَاضِي عَلَى الْمَوْلَى، وَطَلَاقُ الْحَكَمَيْنِ فِي الشِّقَاقِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا، وَقَدْ طَلَبَتْهُ الزَّوْجَةُ فِي الْأُولَى مِنْهُمَا رَاضِيَةً.

ــ

[حاشية العبادي]

حَتَّى أَيْ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ بَقِيَّةَ الْحَيْضِ) أَخْرَجَ الْحَيْضَ الْكَامِلَ (قَوْلُهُ نَعَمْ خُلْعُهُ) أَيْ الْأَجْنَبِيِّ فِي الطُّهْرِ إلَخْ عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ عَقِبَ قَوْلِ الرَّوْضِ: وَلَوْ سَأَلَتْهُ بِلَا عِوَضٍ أَوْ اخْتَلَعَهَا أَجْنَبِيٌّ فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ، حَرُمَ مَا نَصُّهُ: نَعَمْ قَدْ يُقَالُ: خُلْعُهُ فِي الطُّهْرِ الْمَذْكُورِ جَائِزٌ إلَخْ.

(قَوْلُهُ إنْ أَخَذَهُ) أَيْ الزَّوْجُ (قَوْلُهُ لِعَدَمِ التَّطْوِيلِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا تَبْنِي عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْنَافٍ بِرّ. (قَوْلُهُ وَطَلَاقُ الْقَاضِي عَلَى الْمُولِي) وَكَذَا طَلَاقُ الْمُولِي نَفْسَهُ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَقَدْ يَجِبُ الطَّلَاقُ فِي الْإِيلَاءِ عَلَى الْمُولِي وَفِي الشِّقَاقِ عَلَى الْحَكَمَيْنِ إذَا أَمَرَ الْمُطَلِّقُ بِهِ، فَلَا بِدْعَةَ فِيهِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ مَعَ رِضَا الزَّوْجَةِ بِهِ، قَالَ فِي الْأَصْلِ فِي الْأُولَى: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: بِتَحْرِيمِهِ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَجَهَا بِالْإِيذَاءِ إلَى الطَّلَبِ، وَهُوَ غَيْرُ مُلْجَأٍ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَيْئَةِ، وَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ فِيهِمَا الْوُجُوبُ الْمُخَيَّرُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا إمَّا الطَّلَاقُ وَإِمَّا الْفَيْئَةُ، أَوْ الْوُجُوبُ الْعَيْنِيُّ يَحْمِلُ الطَّلَاقَ عَلَى مَا إذَا تَعَيَّنَ بِأَنْ قَامَ بِالزَّوْجِ عُذْرٌ شَرْعِيٌّ كَإِحْرَامٍ اهـ.

(قَوْلُهُ وَطَلَاقُ الْحَكَمَيْنِ فِي الشِّقَاقِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ:

ــ

[حاشية الشربيني]

فَأَنْتُنَّ طَوَالِقُ وَقَعَ عَلَى كُلٍّ طَلْقَةٌ، وَلَا حَاجَةَ لِلتَّعْيِينِ ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَرَّقَ بَيْنَ إنْ وَأَيٍّ: بِأَنَّ النَّكِرَةَ فِي قَوْلِهِ إنْ لَمْ أَطَأْ الْيَوْمَ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ إنَّمَا وَقَعَتْ بَعْدَ النَّفْيِ صُورَةً لَا مَعْنًى، إذْ الْمَعْنَى إنْ تَرَكْت وَطْءَ وَاحِدَةٍ، هَذَا وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِأَنَّ أَيًّا كَكُلَّمَا الزَّرْكَشِيُّ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الْعُمُومَ فِي أَيٍّ بَدَلِيٌّ لَا شُمُولِيٌّ، فَمَفْهُومُ التَّعْلِيقِ بِأَيٍّ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وَاحِدَةٍ بِعَيْنِهَا، بَلْ أَيُّ وَاحِدَةٍ تَلِدُ تَكْفِي فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَلَيْسَ عُمُومُهَا شُمُولِيًّا خِلَافًا ل سم عَلَى التُّحْفَةِ، وَمَا نَقَلَهُ عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ فِي أَيَّتُكُنَّ لَمْ أَطَأَهَا الْيَوْمَ لَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ الطَّلَاقُ يَنْقَسِمُ) خَرَجَ الْفَسْخُ وَعِتْقُ الْمُسْتَفْرَشَةِ فَلَا يُوصَفُ بِسُنَّةٍ وَلَا بِدْعَةٍ ق ل، وَسَيَأْتِي وَالسُّنِّيُّ هُوَ مَا تَحَقَّقَ فِيهِ الضَّابِطُ الْآتِي، وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا كَطَلَاقِ مُسْتَقِيمَةِ الْحَالِ أَوْ وَاجِبًا كَطَلَاقِ الْمُولِي. (قَوْلُهُ لَا حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ فِي أَخِيرِ الْحَيْضِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ: أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ آخِرِ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ وَكَذَا لَوْ طَلَّقَ مَعَ آخِرِ الْحَيْضِ أَيْ: نُجِّزَ الطَّلَاقُ حِينَئِذٍ أَوْ تَمَّتْ صِيغَتُهُ فِي الطُّهْرِ، فَلَيْسَ بِدْعِيًّا لَكِنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْإِقْدَامُ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِالِانْقِطَاعِ حِينَئِذٍ، وَفِي عَكْسِ الثَّانِيَةِ بِدْعِيٌّ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَعْقِبُ الشُّرُوعَ خِلَافًا لِلْخَطِيبِ اهـ. ع ش وَرَشِيدِيٌّ فَرَاجِعْهُمَا.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ بَقِيَّةَ الْحَيْضِ إلَخْ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْبَقِيَّةِ مِمَّا دَفَعَتْهُ الطَّبِيعَةُ أَوْ لَا، كَذَا عَلَّلُوا، وَهُوَ يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْوَطْءُ مَعَ أَوَّلِ الْحَيْضِ لَا حُرْمَةَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ يَحْرُمُ الطَّلَاقُ حِينَئِذٍ أَيْضًا وَلَا يُقَالُ: إنَّ الْخَارِجَ يُعَدُّ دَلِيلٌ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ، وَلَيْسَ مِمَّا دَفَعَتْهُ الطَّبِيعَةُ قَبْلُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ مُقَارِنٌ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: مُقَارَنَتُهُ لَهُ لَا تَمْنَعُ هَذَا الِاحْتِمَالَ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ حَصَلَا مِنْ زَوْجَةٍ) الْمَدَارُ عَلَى أَنْ تَأْذَنَ بِمَا لَهَا، وَإِنْ اخْتَلَعَ الْأَجْنَبِيُّ بِمَالِهِ أَفَادَهُ ع ش

ص: 294

قَالَ الرَّافِعِيُّ فِيهَا: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: بِحُرْمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَجَهَا بِالْإِيذَاءِ إلَى الطَّلَبِ، وَهُوَ غَيْرُ مُلْجَأٍ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَيْئَةِ، (فَذَاكَ) أَيْ الطَّلَاقُ فِي الْأَحْوَالِ الْمَذْكُورَةِ (بِدْعِيٌّ حُظِرْ) أَيْ مُنِعَ، وَهَذَا يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ فِيمَا مَرَّ: أَسَا وَتَقَدَّمَ فِي الْقَسَمِ أَنَّهُ لَوْ قَسَمَ لِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ ثُمَّ طَلَّقَ الْأُخْرَى قَبْلَ أَنْ يُوفِيَهَا حَقَّهَا عَصَى، فَهُوَ بِدْعِيٌّ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ ثَمَّةَ، (لَكِنْ إلَى وَقْتِ وُقُوعِهِ) أَيْ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ (نُظِرْ) لَا إلَى وَقْتِ التَّعْلِيقِ، إذْ لَا ضَرَرَ حِينَئِذٍ وَلَا نَدَمَ، فَإِنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ فِي حَالِ السُّنَّةِ فَسُنِّيٌّ أَوْ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ فَبِدْعِيٌّ، قَالَ النَّوَوِيُّ: مَعْنَاهُ يُسَمَّى بِدْعِيًّا وَيُرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْبِدْعِيِّ، إلَّا أَنَّهُ لَا إثْمَ فِيهِ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ فِي كُلِّ الطُّرُقِ، وَمَا حُكِيَ عَنْ الْقَفَّالِ مِنْ كَوْنِ التَّعْلِيقِ بِدْعِيًّا لِاحْتِمَالِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ قَدْ أَطْنَبَ الْإِمَامُ فِي تَغْلِيظِهِ وَقَالَ: إنَّهُ فِي حُكْمِ الْهُجُومِ عَلَى مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُونَ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنْ وُجِدَتْ الصِّفَةُ بِاخْتِيَارِهِ أَثِمَ بِإِيقَاعِهِ فِي الْحَيْضِ.

(وَتُنْدَبُ الرَّجْعَةُ) لِمَنْ طَلَّقَ بِدْعِيًّا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ: أَنَّ «ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لَيُطَلِّقهَا طَاهِرًا» وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا: (فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لَيُمْسِكهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ) وَيُقَاسُ بِمَا فِي الْخَبَرِ بَقِيَّةُ صُوَرِ الْبِدْعِيِّ وَإِنَّمَا لَوْ يُوجِبُوا الرَّجْعَةَ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى النِّكَاحِ، وَهُوَ لَا يَجِبُ قَالَ الْإِمَامُ وَمَعَ نَدْبِ الرَّجْعَةِ لَا نَقُولُ: إنَّ تَرْكَهَا مَكْرُوهٌ وَقَالَ النَّوَوِيُّ وَفِيهِ

ــ

[حاشية العبادي]

إذَا أَمَرَ الْمُطَلِّقُ بِهِ اهـ. (قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الرَّافِعِيَّ إنَّمَا بَحَثَ هَذَا فِيمَا لَوْ طَلَّقَ الْمُولِي بِنَفْسِهِ، وَقَضِيَّةُ صَنِيعِ الشَّارِحِ أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ فِيمَا لَوْ طَلَّقَ الْقَاضِي وَلَعَلَّهُ يُرِيدُ أَنَّ امْتِنَاعَ الزَّوْجِ يَحْرُمُ وَيُسَنُّ لَهُ الرَّجْعَةُ، وَإِنْ كَانَ طَلَاقُ الْقَاضِي لَا بِدْعَةَ فِيهِ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَيُوَافِقُ قَوْلَهُ: إنَّ الرَّافِعِيَّ إنَّمَا بَحَثَ هَذَا إلَى آخِرِ مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَانْظُرْهُ مِنْ الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى. (وَقَوْلُهُ فَهُوَ بِدْعِيٌّ) كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ ثَمَّةَ، قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: هَذَا إذَا طَلَّقَهَا بِغَيْرِ سُؤَالِهَا، وَإِلَّا فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِبِدْعِيٍّ كَمَا فِي الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ عَلَى رَأْيِهِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا بِسُؤَالِهَا مُسْقِطَةٌ لِحَقِّهَا مِنْ الْقَسَمِ، فَيَجُوزُ هُنَا قَطْعًا اهـ.

وَكَتَبَ أَيْضًا: وَتَجِبُ الرَّجْعَةُ، وَلَا يُقَالُ هُنَا: إنَّهَا مَنْدُوبَةٌ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا، وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْمَعْصِيَةِ وَاجِبٌ، وَهُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى وَفَاءِ الْحَقِّ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى الرَّجْعَةِ، وَهَذَا الْمَعْنَى مُسْتَفَادٌ مِنْ بَحْثِ التَّوْبَةِ وَيُخَصَّصُ قَوْلُهُمْ هُنَا: إنَّ الْمُرَاجَعَةَ فِي الطَّلَاقِ الْبِدْعِيِّ مَنْدُوبَةٌ بِغَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ فَتَأَمَّلْهُ، وَلَا تَغْتَرَّ بِخِلَافِهِ سم.

(قَوْلُهُ وَتُنْدَبُ الرَّجْعَةُ) وَإِذَا رَاجَعَ ارْتَفَعَ الْإِثْمُ الْمُتَعَلِّقُ بِحَقِّهَا؛ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ قَاطِعَةٌ لِلضَّرَرِ مِنْ أَصْلِهِ فَكَانَتْ بِمَنْزِلَةِ التَّوْبَةِ تَرْفَعُ أَصْلَ الْمَعْصِيَةِ حَجَرٌ وَقَوْلُهُ الْمُتَعَلِّقُ بِحَقِّهَا أَفْهَمَ عَدَمَ ارْتِفَاعِ الْمُتَعَلِّقِ بِحَقِّ اللَّهِ فَيَحْتَاجُ لِلتَّوْبَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَنَظِيرُهُ الْقَتْلُ، فَإِنَّهُ بِالِاقْتِصَاصِ أَوْ أَخْذِ الدِّيَةِ يَسْقُطُ حَقُّ الْآدَمِيِّ دُونَ حَقِّ اللَّهِ، بَلْ يَحْتَاجُ إلَى التَّوْبَةِ. (قَوْلُهُ قَالَ النَّوَوِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَيْ: صَاحِبَ الرَّوْضِ حَذَفَهُ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ قَدْ صَرَّحَ فِيمَا قَالَهُ بِإِجْمَاعِ أَصْحَابِنَا، وَالِاسْتِنَادُ إلَى الْخَبَرِ رُدَّ بِأَنَّهُ لَا نَهْيَ فِيهِ اهـ. وَقَدْ يُجَابُ: بِأَنَّهُمْ أَثْبَتُوا الْكَرَاهَةَ فِي مَوَاضِعَ بِتَأَكُّدِ الطَّلَبِ مَعَ انْتِفَاءِ النَّهْيِ كَمَا فِي إزَالَةِ الْخُلُوفِ وَتَرْكِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ.

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَيْئَةِ) أَيْ، وَلَوْ بِاللِّسَانِ إنْ امْتَنَعَ الْوَطْءُ سم عَلَى ع. (قَوْلُهُ فَذَاكَ بِدْعِيٌّ) مَدَارُ كَوْنِهِ سُنِّيًّا عَلَى وُجُودِ أَمْرَيْنِ: الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ عَقِبَ الطَّلَاقِ وَعَدَمِ النَّدَمِ، وَمَدَارُ كَوْنِهِ بِدْعِيًّا عَلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إمَّا تَأَخُّرُ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ عَنْ الطَّلَاقِ أَوْ النَّدَمُ عِنْدَ ظُهُورِ الْحَمْلِ، وَإِنْ شَرَعَتْ فِي الْعِدَّةِ اهـ. عَوَضٌ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى دُخُولِ الَّذِي لَا وَلَا فِي السُّنِّيِّ (قَوْلُهُ لَا إلَى وَقْتِ التَّعْلِيقِ) ظَاهِرُهُ: وَلَوْ عُلِمَ وُقُوعُهَا أَيْ الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا فِي وَقْتٍ، لَوْ طَلَّقَ فِيهِ كَانَ سُنِّيًّا أَوْ بِدْعِيًّا فَلَا يُقَالُ لَهُ حِينَ التَّعْلِيقِ: سُنِّيًّا وَلَا بِدْعِيًّا، وَإِنْ قِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ أَوْ فِي حَالِ الْبِدْعَةِ) أَيْ بِأَنْ وُجِدَتْ فِي حَيْضٍ أَوْ طُهْرٍ وَطِئَهَا فِيهِ أَوْ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ.

(قَوْلُهُ أَحْكَامُ الْبِدْعِيِّ) كَسَنِّ الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ فِي كُلِّ الطُّرُقِ) أَيْ طُرُقِ نَقْلِ الْمَسَائِلِ عَنْ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه، فَإِنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ لَهَا طَرِيقٌ أَوْ طُرُقٌ فِي النَّقْلِ. (قَوْلُهُ وَقَالَ: إنَّهُ فِي حُكْمِ الْهُجُومِ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ إنْ قُلْنَا: إنَّهُ بِدْعِيٌّ لَا إثْمَ فِيهِ، إذْ الظَّاهِرُ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُونَ، إنَّمَا هُوَ الْبِدْعِيُّ الَّذِي فِيهِ إثْمٌ، وَهَذَا مُجَرَّدُ اصْطِلَاحٍ لَا يَخْتَلِفُ بِهِ الْحُكْمُ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ: إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ بِمَا يُوجَدُ زَمَنَ الْبِدْعَةِ قَطْعًا أَوْ وُجِدَ فِيهِ بِاخْتِيَارِهِ أَثِمَ، وَإِلَّا فَلَا حَجَرٌ وم ر خِلَافًا لِنَقْلِ ق ل عَنْ م ر خِلَافَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا ابْتِدَاءً بِحَيْثُ لَا اعْتِرَاضَ؛ لِأَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ الْقَفَّالِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الِاحْتِمَالِ مَا يُصَرِّحُ بِهِ تَعْلِيلُهُ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَتُنْدَبُ الرَّجْعَةُ) أَيْ مَا بَقِيَ الْحَيْضُ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ أَوْ الطُّهْرُ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ وَالْحَيْضُ الَّذِي بَعْدَهُ، دُونَ مَا بَعْدَ ذَلِكَ لِانْتِقَالِهَا إلَى حَالَةٍ يَحِلُّ فِيهَا طَلَاقُهَا اهـ. م ر وَخَطّ عَلَى الْمِنْهَاجِ وَبِهَا يَرْتَفِعُ الْإِثْمُ الْمُتَعَلِّقُ بِحَقِّهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ؛ لِأَنَّ التَّوْبَةَ لَمْ تَنْحَصِرْ فِيهَا لِحُصُولِهَا بِمُسَامَحَتِهَا اهـ. ق ل وَهُوَ يُفِيدُ الْوُجُوبَ إذَا لَمْ تُسَامِحْ فَلْيُرَاجَعْ. وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ لِجَوَازِ أَنْ تُسَامِحَهُ مِنْ حَقِّهَا اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ حِلَّ تَرْكِ الرَّجْعَةِ مِنْ انْتِظَارِ الْمُسَامَحَةِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَتُنْدَبُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْمَعْصِيَةِ وَاجِبٌ فَهَلَّا وَجَبَتْ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: أَنْزَلَهَا عَنْ مَرْتَبَةِ الْوُجُوبِ انْتِهَاءُ الْإِثْمِ بِانْتِهَاءِ زَمَنِ الْبِدْعَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ. شَيْخُنَا ذ. (قَوْلُهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ إلَخْ) وَاسْتِفَادَةُ النَّدْبِ مِنْهُ بِالْقَرِينَةِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ لَيْسَ أَمْرًا بِهِ

ص: 295

نَظَرٌ وَيَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ فِيهَا وَلِدَفْعِ الْإِيذَاءِ (وَلْيَسْتَأْنِي) أَيْ يَنْتَظِرْ وُجُوبًا بَعْدَ الرَّجْعَةِ (بِهِ) أَيْ بِالطَّلَاقِ إنَّ أَرَادَهُ (إلَى الطُّهْرِ) فَيُطَلِّقْ فِيهِ، لَكِنَّ الْإِمْسَاكَ إلَى الطُّهْرِ الثَّانِي أَوْلَى لِلرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ، وَلِئَلَّا يَكُونَ الْمَقْصُودُ مِنْ الرَّجْعَةِ مُجَرَّدَ الطَّلَاقِ وَكَمَا يُنْهَى عَنْ النِّكَاحِ لِمُجَرَّدِ الطَّلَاقِ يُنْهَى عَنْ الرَّجْعَةِ لَهُ، وَلَا يُنْدَبُ الْوَطْءُ فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ اكْتِفَاءً بِإِمْكَانِهِ.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّهُ يُنْتَظَرُ بِنَدْبِ الرَّجْعَةِ بِمَعْنَى يَسْتَمِرُّ نَدْبُهَا إلَى الطُّهْرِ الْمَذْكُورِ، فَعِنْدَ الطُّهْرِ يَسْقُطُ النَّدْبُ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الرُّويَانِيُّ وَأَقَرَّهُ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ غَيْرِهِمَا بَقَاءُ النَّدْبِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ

(وَإِلَّا) بِأَنْ خَلَا الطَّلَاقُ عَمَّا يُصَيِّرُهُ بِدْعِيًّا وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَعْتَدُّ بِالطُّهْرِ، كَمَا إنَّهَا كَذَلِكَ فِي الْبِدْعِيِّ بِقَرِينَةِ مَا سَيَأْتِي فَهُوَ (سُنِّي، وَلَوْ عَلَى جَمْعِ) الطَّلَاقِ (الثَّلَاثِ) دَفْعَةً وَاحِدَةً (اسْتَوْلَى)، إذْ لَا بِدْعَةَ عِنْدَنَا فِي جَمْعِهَا لِمَا فِي خَبَرِ اللِّعَانِ: أَنَّ «الْمُلَاعِنَ قَالَ هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا، وَلَوْ كَانَ بِدْعِيًّا لَأَنْكَرَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم» لِئَلَّا يَعُودَ إلَى مِثْلِهِ وَلِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ فَجَازَ مُجْتَمِعًا وَمُتَفَرِّقًا كَعِتْقِ الْعَبِيدِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْعِتْقَ مَحْبُوبٌ وَالطَّلَاقَ مَبْغُوضٌ، (لَكِنَّ تَفْرِيقَ الثَّلَاثِ) عَلَى الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ (أَوْلَى) مِنْ جَمْعِهَا، لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الرَّجْعَةِ أَوْ التَّجْدِيدِ إنْ نَدِمَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلْيُفَرِّقْهَا عَلَى الْأَيَّامِ.

(وَهْوَ لِمَنْ بِطُهْرِهَا لَمْ تُجْعَلَا مُعْتَدَّةً) أَيْ وَالطَّلَاقُ لِمَنْ لَا تَعْتَدُّ بِالطُّهْرِ لَا بِدْعِيٌّ وَلَا سُنِّيٌّ كَمَا سَيَأْتِي، وَذَلِكَ بِأَنْ لَا تَعْتَدَّ أَصْلًا، بِأَنْ لَمْ تُوطَأْ وَلَمْ تَسْتَدْخِلْ الْمَاءَ، أَوْ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ لِصِغَرٍ أَوْ يَأْسٍ أَوْ بِوَضْعِ الْحَمْلِ لِانْتِفَاءِ مَا ذُكِرَ فِي الْبِدْعِيِّ وَالسُّنِّيِّ، قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: وَقَدْ تُضْبَطُ الْأَقْسَامُ عَلَى الْإِبْهَامِ بِأَنْ يُقَالَ: الطَّلَاقُ إنْ حَرُمَ إيقَاعُهُ فَبِدْعِيٌّ، وَإِلَّا فَسُنِّيٌّ فِي حَقِّ مَنْ يَعْتَوِرُهَا التَّحْرِيمُ، وَلَيْسَ بِسُنِّيٍّ وَلَا بِدْعِيٍّ فِي حَقِّ غَيْرِهَا، (وَالْفَسْخُ أَيْضًا لَا) بِدْعِيٌّ (وَلَا) سُنِّيٌّ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ لِدَفْعِ ضَرَرٍ نَادِرٍ، فَلَا يُنَاسِبُهُ تَكْلِيفُ رِعَايَةَ الْأَوْقَاتِ وَلِأَنَّهُ فَوْرِيٌّ، فَلَوْ كَانَ كَالطَّلَاقِ فِيمَا ذُكِرَ لَأُخِّرَ عَنْ زَمَنِ الْبِدْعَةِ إلَى زَمَنِ السُّنَّةِ، فَيَتَنَافَى فِي الْفَوْرِيَّةِ وَالتَّأْخِيرِ.

وَيُسْتَثْنَى مِمَّا دَخَلَ تَحْتَ قَوْلِهِ: وَإِلَّا إلَى آخِرِهِ طَلَاقُ زَوْجَتِهِ الْحَامِلِ مِنْ زِنًا وَطَلَاقُ زَوْجَتِهِ الَّتِي وَطِئَهَا غَيْرُهُ بِشُبْهَةٍ فَحَبِلَتْ مِنْهُ، فَإِنَّهُ بِدْعِيٌّ إذْ الْعِدَّةُ تَقَعُ بَعْدَ الْوَضْعِ وَالنِّفَاسِ، فَلَا يُشْرَعُ عَقِبَ الطَّلَاقِ فِي الْعِدَّةِ بِخِلَافِ الْحَامِلِ مِنْهُ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّ الطَّلَاقَ يَنْقَسِمُ إلَى الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ هُوَ الْمَشْهُورُ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ قِسْمَيْنِ سُنِّيًّا، وَهُوَ الْجَائِزُ وَبِدْعِيًّا، وَهُوَ الْمُحَرَّمُ، وَهَذَا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ فَيُطَلِّقُ فِيهِ لَكِنَّ الْإِمْسَاكَ إلَى الطُّهْرِ الثَّانِي أَوْلَى) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: فَإِنْ رَاجَعَ وَالْبِدْعَةُ لِحَيْضٍ، فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا فِي الطُّهْرِ مِنْهُ، أَوْ كَانَتْ الْبِدْعَةُ لِطُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ أَيْ: أَوْ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ وَلَمْ يَبِنْ حَمْلُهَا وَوَطِئَ بَعْدَ الرَّجْعَةِ أَيْ: فِيهِ، فَلَا بَأْسَ بِطَلَاقِهَا فِي الطُّهْرِ الثَّانِي، وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا إلَّا بَعْدَ الطُّهْرِ أَوْ رَاجَعَهَا فِيهِ وَلَمْ يَطَأْهَا اُسْتُحِبَّ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا فِيهِ أَيْ: الطُّهْرِ الثَّانِي اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ طَلَّقَ غَيْرَ مَنْ لَمْ يُسْتَوْفَ دَوْرُهَا مِنْ الْقَسْمِ، بِخِلَافِ مَنْ طَلَّقَ هَذِهِ لِلُزُومِ الرَّجْعَةِ لَهُ لِيُوفِيَهَا حَقَّهَا اهـ. (قَوْلُهُ فَعِنْدَ الطُّهْرِ يَسْقُطُ النَّدْبُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ: يُسْتَحَبُّ لِمَنْ طَلَّقَ بِدْعِيًّا أَنَّهُ يُرَاجِعُ قَالَ فِي شَرْحِهِ: مَا لَمْ يَدْخُلْ الطُّهْرُ الثَّانِي اهـ.

(قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ تَعْتَدُّ بِالطُّهْرِ (قَوْلُهُ بِقَرِينَةِ مَا سَيَأْتِي) أَيْ إنَّ طَلَاقَ مَنْ لَا تَعْتَدُّ بِالطُّهْرِ لَا سُنِّيَّ، وَلَا بِدْعِيَّ. (قَوْلُهُ لِئَلَّا يَعُودَ إلَى مِثْلِهِ) وَلِئَلَّا يَتَوَهَّمَ الْحَاضِرُونَ جَوَازَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ بِدْعِيٌّ إلَخْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَذَكَرَ أَيْ: الْأَصْلُ فِي الْعِدَّةِ فِي حَمْلِ الزِّنَا خِلَافَ هَذَا أَيْ حَيْثُ ذَكَرَ أَنَّ الْعِدَّةَ تَنْقَضِي مَعَ وُجُودِ حَمْلِ الزِّنَا، قَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ: لَيْسَ خِلَافَهُ، بَلْ ذَاكَ فِيمَا إذَا حَاضَتْ، وَهَذَا فِيمَا إذَا لَمْ تَحِضْ بِقَرِينَةِ تَعْلِيلِهِ السَّابِقِ اهـ. وَحِينَئِذٍ فَهَلْ يَأْثَمُ؛ لِأَنَّهَا قَدْ لَا تَحِيضُ فَيَتَأَخَّرُ شُرُوعُ الْعِدَّةِ إلَى الْوَضْعِ وَالنِّفَاسِ؟ ،

ــ

[حاشية الشربيني]

اهـ. م ر.

(قَوْلُهُ يَسْقُطُ النَّدْبُ) عِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ: وَيَنْتَهِي زَمَنُ السُّنَّةِ بِانْتِهَاءِ زَمَنِ الْبِدْعَةِ، وَهِيَ فِي طُهْرٍ وَطِئَ فِيهِ، أَوْ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ بِفَرَاغِهِ مَعَ زَمَنِ الْحَيْضِ بَعْدَهُ، وَفِي حَيْضٍ خَالٍ عَنْ الْوَطْءِ بِفَرَاغِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ قَالَ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَهُ صلى الله عليه وسلم بِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ فَلَوْ حَرُمَ لَنَهَاهُ؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَهُ مُعْتَقِدًا بَقَاءَ الزَّوْجِيَّةِ، وَمَعَ اعْتِقَادِهَا يَحْرُمُ الْجَمْعُ عِنْدَ الْمُخَالِفِ، وَمَعَ الْحُرْمَةِ يَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَى الْعَالِمِ وَتَعْلِيمُ الْجَاهِلِ وَلَمْ يُوجَدَا فَدَلَّ عَلَى أَنْ لَا حُرْمَةَ اهـ. م ر. (قَوْلُهُ فِي حَقِّ مَنْ يَعْتَوِرُهَا التَّحْرِيمُ) وَهِيَ مَنْ تَعْتَدُّ بِالطُّهْرِ.

(قَوْلُهُ طَلَاقُ زَوْجَتِهِ الْحَامِلِ مِنْ زِنًا) إنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّهَا لَا تَحِيضُ، فَهُوَ خُرُوجٌ عَنْ الْمَوْضُوعِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ تَعْتَدُّ بِالطُّهْرِ عَلَى أَنَّهَا حِينَئِذٍ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ، وَإِنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّهَا تَحِيضُ، فَإِنْ كَانَتْ تَحِيضُ مَعَ الْحَمْلِ اعْتَدَّتْ بِالْأَقْرَاءِ كَمَا نَقَلَهُ ع ش عَنْ سم، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَحِيضُ مَعَهُ، فَهُوَ ضَعِيفٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ زَمَنَ حَمْلِ الزِّنَا لَا يُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ، وَالْوَجْهُ حُسْبَانُهُ وَلَا يَضُرُّ طُولُ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ فَلَيْسَ بِدْعِيًّا، كَذَا فِي ح ل عَلَى

ص: 296

مَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ الْمِنْهَاجِ وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ قَرِيبٌ، فَإِنَّهُ اصْطِلَاحٌ وَالْجَائِزُ وَاجِبٌ وَمُسْتَحَبٌّ وَمَكْرُوهٌ، فَالْوَاجِبُ الطَّلَاقُ فِي الْإِيلَاءِ وَعِنْدَ الشِّقَاقِ بِرَأْيِ الْحَكَمَيْنِ، وَالْمُسْتَحَبُّ طَلَاقُهُ لَهَا لِتَقْصِيرِهِ فِي حَقِّهِ لِبُغْضٍ أَوْ خَوْفِ إفْسَادِهَا فِرَاشَهُ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَالْمَكْرُوهُ طَلَاقُهُ مَعَ سَلَامَةِ الْحَالِ فَأَقْسَامُ الطَّلَاقِ أَرْبَعَةٌ، (وَطَلِّقِي نَفْسَكِ مَهْمَا قَالَا) أَيْ وَمَهْمَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: طَلِّقِي نَفْسَك، وَلَوْ مَعَ إنْ شِئْت (تَمْلِيكُهَا ذَا) أَيْ فَذَا تَمْلِيكُهَا الطَّلَاقَ لَا تَوْكِيلُهَا فِيهِ؛ لِعَوْدِ مَصْلَحَتِهَا إلَيْهَا لَا إلَى الزَّوْجِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: مَلَّكْتُك نَفْسَك فَتَمْلِكُهَا بِالطَّلَاقِ، وَإِذَا كَانَ تَمْلِيكًا لَهَا (فَلْتُطَلِّقْ) نَفْسَهَا (حَالَا) ؛ لِأَنَّ تَطْلِيقَهَا نَفْسَهَا مُتَضَمِّنٌ لِلْقَبُولِ فَاعْتُبِرَ فِيهِ الْحَالُ كَمَا فِي سَائِرِ التَّمْلِيكَاتِ، فَلَوْ أَخَّرَتْهُ بِقَدْرِ مَا يَقْطَعُ الْقَبُولَ عَنْ الْإِيجَابِ لَمْ تَطْلُقْ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ تَعْلِيقَهَا الطَّلَاقَ مُلْغًى (وَقَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ تَطْلِيقِهَا نَفْسَهَا (يَرْجِعُ) الزَّوْجُ جَوَازًا، كَمَا فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ.

(وَالْمُعَلَّقُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ تَمْلِيكِ الطَّلَاقِ بِغَيْرِ مَشِيئَتِهَا كَقَوْلِهِ: إذَا جَاءَ رَجَبٌ فَطَلِّقِي نَفْسَك (لَغَا) كَمَا فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ، وَكَذَا تَفْوِيضُ التَّعْلِيقِ إلَيْهَا كَقَوْلِهِ: عَلِّقِي طَلَاقَك؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ يَجْرِي مَجْرَى الْيَمِينِ، فَلَا يُقْبَلُ التَّمْلِيكُ وَالنِّيَابَةُ وَتَفْوِيضُ الْإِعْتَاقِ إلَى الرَّقِيقِ كَتَفْوِيضِ الطَّلَاقِ إلَى الزَّوْجَةِ، (وَيَقَعُ الْمُتَّفَقُ إنْ ذَكَرَا مِنْ عَدَدٍ أَوْ نَوَيَا) أَيْ: وَيَقَعُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ الْمَلْفُوظِ بِهِ أَوْ الْمَنْوِيِّ، إنْ ذَكَرَ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَدَدًا أَوْ نَوَاهُ وَاخْتَلَفَ مَذْكُورُهُمَا أَوْ مَنْوِيُّهُمَا، فَلَوْ قَالَ: طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا أَوْ ثَلَاثًا إنْ شِئْت فَطَلَّقَتْ دُونَ الثَّلَاثِ أَوْ قَالَ: طَلِّقِي نَفْسَك وَنَوَى الثَّلَاثَ فَطَلَّقَتْ وَنَوَتْ دُونَهَا أَوْ بِالْعَكْسِ فِيهِمَا، وَقَعَ الْأَقَلُّ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَدَّمَ الْمَشِيئَةَ عَلَى الْعَدَدِ فَقَالَ: طَلِّقِي نَفْسَك إنْ شِئْت ثَلَاثًا فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً، أَوْ قَالَ: طَلِّقِي إنْ شِئْت وَاحِدَةً فَطَلَّقَتْ ثَلَاثًا قَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَسَائِرُ الْأَصْحَابِ: لَا يَقَعُ؛ لِأَنَّ مَشِيئَةَ ذَلِكَ الْعَدَدِ صَارَتْ شَرْطًا فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.

وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ لَوْ قَدَّمَهَا عَلَى الطَّلَاقِ أَيْضًا فَقَالَ: إنْ شِئْت طَلِّقِي ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً كَانَ كَمَا لَوْ أَخَّرَهَا عَنْ الْعَدَدِ

(وَ) يَقَعُ (مَا يَقُولُ) أَيْ مَا يَذْكُرُهُ (الزَّوْجُ) مِنْ الْعَدَدِ، (إنْ تُطْلِقْ هِيَا) أَيْ الزَّوْجَةُ الْجَوَابَ فَلَوْ قَالَ: طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَقَالَتْ: طَلَّقْت وَلَمْ تَذْكُرْ عَدَدًا وَلَا نَوَتْهُ وَقَعَ الثَّلَاثُ؛ لِأَنَّ السُّؤَالَ مُعَادٌ فِي الْجَوَابِ تَقْدِيرًا، وَخَرَجَ بِمَا يَقُولُهُ الزَّوْجُ مَا يَنْوِيهِ كَأَنْ قَالَ: طَلِّقِي نَفْسَك وَنَوَى ثَلَاثًا فَقَالَتْ: طَلَّقْت وَلَمْ تَنْوِ لَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ لِتَعَذُّرِ عَوْدِ الْمَنْوِيِّ فِي الْجَوَابِ، إذْ التَّخَاطُبُ يَقَعُ بِاللَّفْظِ لَا بِالنِّيَّةِ وَلِأَنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ كِنَايَةٌ فِي عَدَدِهِ كَالْإِبَانَةِ كِنَايَةٌ فِي أَصْلِهِ وَعَدَدِهِ، وَلَوْ قَالَ: أَبِينِي نَفْسَك وَنَوَى فَقَالَتْ: أَبَنْت وَلَمْ تَنْوِ لَمْ يَقَعْ فَكَذَا الْعَدَدُ (وَلَوْ بِالِاخْتِلَافِ) أَيْ يَقَعُ مَا ذَكَرَهُ فِي صُوَرِ التَّمْلِيكِ، وَلَوْ مَعَ اخْتِلَافِ لَفْظِ الزَّوْجَيْنِ (فِي الصَّرِيحِ وَ) فِي (الضِّدِّ) أَيْ الْكِنَايَةِ كَمَا فِي الْبَيْعِ كَالْمِثَالِ الَّذِي زَادَهُ بِقَوْلِهِ (كَالتَّطْلِيقِ وَالتَّسْرِيحِ) وَكَالتَّحْرِيمِ أَوْ التَّطْلِيقِ وَالْإِبَانَةِ فَلَوْ قَالَ: طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ: سَرَّحْت، أَوْ حَرِّمِي نَفْسَك فَقَالَتْ:

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ قَرِيبٌ) فِيهِ شَيْءٌ، فَإِنَّ التَّعْلِيقَ قَدْ يَخْتَلِفُ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ فَاعْتُبِرَ فِيهِ الْحَالُ) لَوْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك مَتَى شِئْت لَمْ يُشْتَرَطْ الْفَوْرُ بِرّ. (قَوْلُهُ وَلَوْ قَدَّمَ الْمَشِيئَةَ عَلَى الْعَدَدِ إلَخْ) يَشْمَلُ مَا لَوْ قَدَّمَهَا عَلَى الطَّلَاقِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ م ر.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَنْوِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَوْ نَوَتْ وَقَعَ الْمَنْوِيُّ، لَكِنْ لَوْ اخْتَلَفَ مَنْوِيُّهُمَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ كَالْمِثَالِ الَّذِي زَادَهُ بِقَوْلِهِ إلَخْ) الْوَجْهُ أَنْ يُجْعَلَ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمَنْهَجِ وَع ش عَلَى م ر نَاقِلًا لَهُ عَنْ الْمُحَشِّي وَقَوْلُهُ: الَّتِي وَطِئَهَا غَيْرُهُ بِشُبْهَةٍ أَيْ: وَلَوْ كَانَتْ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ؛ لِأَنَّ عِدَّةَ الشَّبَهِ مَعَ الْحَمْلِ تُقَدَّمُ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَحْمِلُ، فَإِنَّ الرَّاجِحَ تَقْدِيمُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ أَفَادَهُ م ر فَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْحَامِلِ مِنْهُ أَيْ وَاَلَّتِي تَحْمِلُ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ تَدَبَّرْ. ثُمَّ رَأَيْت فِي الشَّيْخِ عَوَضٍ عَلَى الْخَطِيبِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الْحَامِلِ مِنْ الزِّنَا، وَهِيَ لَا تَحِيضُ أَصْلًا أَوْ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ فَقَطْ أَنَّهَا لَا تَشْرَعُ فِي الْعِدَّةِ، إلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ وَالنِّفَاسِ، إذَا كَانَتْ الْعِدَّةُ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ بَعْدَ الْوَضْعِ، وَلَوْ مَعَ النِّفَاسِ، إذَا كَانَتْ بِالْأَشْهُرِ اهـ.

(قَوْلُهُ فِي الْإِيلَاءِ) أَيْ إذَا لَمْ يَفِئْ، وَلَوْ بِاللِّسَانِ سم فَهُوَ وَاجِبٌ مُخَيَّرٌ اهـ. حَاشِيَةٌ مَنْهَجٌ. (قَوْلُهُ تَمْلِيكُهَا) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ كَمَا قَالَ، لَكِنَّ فِيهِ شَوْبَ تَعْلِيقٍ، نَعَمْ إنْ جَرَى بِلَفْظِ التَّوْكِيلِ فَهُوَ تَوْكِيلٌ اهـ. ق ل. (قَوْلُهُ فَلْتُطَلِّقْ نَفْسَهَا حَالًا) وَلَا يَكْفِي عَنْ التَّطْلِيقِ قَوْلُهَا قَبِلْت، وَإِنْ نَوَتْ بِهِ الطَّلَاقَ كَمَا فِي التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ فَاعْتُبِرَ فِيهِ الْحَالُ) مَا لَمْ يَقُلْ طَلِّقِي نَفْسَك مَتَى شِئْت فَلَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ، وَإِنْ اقْتَضَى التَّمْلِيكُ اشْتِرَاطَهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَمَّا قَبِلَ التَّعْلِيقَ سُومِحَ فِي تَمْلِيكِهِ، وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي وَالْأَصْفُونِيُّ وَالْحِجَازِيُّ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ، وَنَقَلَهُ فِي التَّهْذِيبِ عَنْ النَّصِّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ. اهـ. خ ط وَم ر عَلَى الْمِنْهَاجِ.

(قَوْلُهُ وَفِي الضِّدِّ) كَأَنَّ الشَّارِحَ حَمَلَ الْمُصَنِّفَ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الِاخْتِلَافَ وَاقِعٌ بَيْنَ الصَّرِيحَيْنِ أَوْ الْكِنَاتَيْنِ كَمَا يُفِيدُ زِيَادَةُ لَفْظِهِ فِي قَبْلَ الضِّدِّ، لَكِنْ

ص: 297

أَبَنْت وَنَوَيَا الطَّلَاقَ أَوْ طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ: أَبَنْت وَنَوَتْ أَوْ بِالْعَكْسِ فِي الْجَمِيعِ طَلَقَتْ، وَإِنْ اخْتَلَفَ لَفْظُهُمَا نَعَمْ إنْ قَيَّدَ.

فَقَالَ: طَلِّقِي نَفْسَك بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ أَوْ بِكِنَايَتِهِ فَعَدَلَتْ عَنْ مَأْذُونِهِ لَمْ تَطْلُقْ، وَفِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ، وَلَوْ قَالَ: طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا فَطَلَّقَتْ وَاحِدَةً فَرَاجَعَ فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ ثَانِيَةً وَثَالِثَةً، قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْحَالِ؛ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ (وَقَصْدِ تَفْرِيقٍ عَلَى الْأَقْرَاءِ) لِيَقَعَ فِي كُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةٌ

(لَا يُقْبَلُ) ظَاهِرًا (فِي) إيقَاعِ (ثَلَاثٍ)، وَلَمْ يُوصَلْ بِلَفْظٍ لِلسُّنَّةِ (أَوْ قَدْ وَصَلَا بِلَفْظِ لِلسُّنَّةِ) فَلَوْ قَالَ لِمَوْطُوءَةٍ: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ ثَلَاثًا لِلسُّنَّةِ وَقَالَ: قَصَدْت تَفْرِيقَهَا عَلَى الْأَقْرَاءِ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ لِمُخَالَفَتِهِ مُقْتَضَى اللَّفْظِ مِنْ وُقُوعِ الثَّلَاثِ دَفْعَةً فِي الْحَالِ فِي الْأُولَى، وَفِي حَالِ السُّنَّةِ فِي الثَّانِيَةِ، وَلَا يُعَارِضُهُ ذِكْرُ السُّنَّةِ، إذْ لَا سُنَّةَ فِي التَّفْرِيقِ، نَعَمْ إنْ كَانَ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ كَالْمَالِكِيِّ قُبِلَ مِنْهُ لِمُوَافَقَةِ تَفْسِيرِهِ اعْتِقَادَهُ، كَذَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ تَبَعًا لِلْمُتَوَلِّي لَكِنَّهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَطْلَقَ كَالنَّاظِمِ ثُمَّ حَكَى تَفْصِيلَ الْمُتَوَلِّي ثُمَّ حَكَى عَنْ الْحَنَّاطِيِّ الْقَبُولَ مُطْلَقًا ثُمَّ قَالَ: وَالْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ هُوَ الْأَوَّلُ.

(وَ) لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا قَصْدُ (التَّقْيِيدِ) بِشَرْطٍ (كَشَرْطِ سُكْنَى) زَيْدٍ وَمَشِيئَتِهِ، (وَمَجِيءِ الْعِيدِ) فِي قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لِعَدَمِ إشْعَارِ اللَّفْظِ بِالتَّقْيِيدِ، وَالنِّيَّةُ لَا تُؤَثِّرُ بِمُجَرَّدِهَا وَتَمْثِيلُهُ بِمَجِيءِ الْعِيدِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَهَكَذَا اسْتِثْنَاءُ بَعْضِ النِّسْوَهْ) لَا يُقْبَلُ مِنْهُ قَصْدُهُ ظَاهِرًا فِي قَوْلِهِ: نِسْوَتِي أَوْ نِسَائِي طَوَالِقُ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ لِمُخَالَفَتِهِ عُمُومَ اللَّفْظِ الْمَحْصُورِ أَفْرَادُهُ الْقَلِيلَةُ، أَمَّا بَاطِنًا فَيُقْبَلُ عَلَى الْأَصَحّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا لَوْ قَالَ: إنْ أَكَلْت خُبْزًا أَوْ تَمْرًا ثُمَّ فَسَّرَ بِنَوْعٍ خَاصٍّ اهـ.

وَقَضِيَّتُهُ: أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا حُكِيَ عَنْ النَّصّ فِي لَا آكُلُ مِنْ أَنَّهُ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِنَوْعٍ يُحْمَلُ عَلَى الْقَبُولِ بَاطِنًا، كَمَا فِي نَظِيرِهِ الْآتِي فِي إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، (لَا إنْ بَدَتْ) أَيْ ظَهَرَتْ (قَرِينَةٌ) تُشْعِرُ بِقَصْدِ الِاسْتِثْنَاءِ أَوْ غَيْرِ الطَّلَاقِ فَيُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (لِلْقُوَّهْ) أَيْ: لِقُوَّةِ قَصْدِهِ بِدَلَالَةِ الْقَرِينَةِ (كَعَتْبِهَا) أَيْ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا (بِزَوْجَةٍ جَدِيدَهْ) بِأَنْ قَالَتْ لَهُ: تَزَوَّجْت عَلَيَّ؟ ، فَقَالَ مُنْكِرًا لِذَلِكَ: نِسَائِي طَوَالِقُ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ: قَصَدْت غَيْرَ الْمُعَاتِبَةِ، (أَوْ حَلِّهِ) أَيْ أَوْ كَحَلِّ الزَّوْجِ (الْوَثَاقَ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا (عَنْ) زَوْجَةٍ لَهُ (مَشْدُودَهْ) بِالْوَثَاقِ، وَقَدْ قَالَ لَهَا حِينَ حَلِّهَا: أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ: قَصَدْت حَلَّ وَثَاقِهَا فَيُقْبَلُ مِنْهُ لِمَا قُلْنَا، (أَوْ قَالَ فِي مُطْلَقِ مَا قَدْ عَلَّقَا) أَيْ وَلَا إنْ قَالَ فِي مُطْلَقِ التَّعْلِيقِ: بِتَكَلُّمٍ أَوْ غَيْرِهِ كَقَوْلِهِ: إنْ كَلَّمْت

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ كَالتَّطْلِيقِ لِلتَّنْظِيرِ لَا لِلتَّمْثِيلِ، وَالْمَعْنَى لَا يَضُرُّ الِاخْتِلَافُ بِالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ، كَمَا لَا يَضُرُّ الِاخْتِلَافُ فِي أَلْفَاظِ الصَّرِيحِ، ثُمَّ رَأَيْت الْعَلَّامَةَ الْجَوْجَرِيَّ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِرّ. (قَوْلُهُ فِي الْجَمِيعِ) يُمْكِنُ تَعَلُّقُهُ بِمَا بَعْدَهُ لَكِنَّ الْمُتَبَادَرَ تَعَلُّقُهُ بِمَا قَبْلَهُ

. (قَوْلُهُ ثُمَّ حَكَى تَفْصِيلَ الْمُتَوَلِّي إلَخْ) الَّذِي فِي الرَّوْضِ ذِكْرُ الْحُكْمِ أَوَّلًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ، وَقَالَ عَقِبَهُ: قَالَ الْمُتَوَلِّي إلَّا أَنْ يَكُونَ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ، ثُمَّ حَكَى عَنْ الْحَنَّاطِيِّ الْقَبُولَ مُطْلَقًا ثُمَّ قَالَ: وُ الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ هُوَ الْأَوَّل اهـ. وَهَذَا كَمَا تَرَى إنَّمَا يُفِيدُ تَصْحِيحَ الْأَوَّلِ بَعْدَ أَنْ قَيَّدَ بِمَقَالَةِ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهَا، وَذَلِكَ كَمَا تَرَى يُوَافِقُ مَا فِي الْمِنْهَاجِ بِظَاهِرِهِ وَيَنْبُو عَنْ صَنِيعِ الشَّارِحِ بُرُلُّسِيٌّ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ: قَصَدْت غَيْرَ

ــ

[حاشية الشربيني]

بَقِيَ الِاخْتِلَافُ بِتَصْرِيحِ أَحَدِهِمَا وَتَكْنِيَةِ الْآخَرِ فَيُقَاسُ عَلَى مَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ وَمَشِيئَتِهِ) أَيْ زَيْدٍ بِخِلَافِ مَشِيئَةِ اللَّهِ، فَلَا يَدِينُ فِي إرَادَتِهَا؛ لِأَنَّ إرَادَتَهَا تَرْفَعُ حُكْمَ الْيَمِينِ مِنْ أَصْلِهِ اهـ. م ر أَيْ: بِخِلَافِ شَرْطِ مَشِيئَةِ زَيْدٍ، فَإِنَّهَا تُخَصِّصُهُ بِحَالٍ دُونَ حَالٍ.

(قَوْلُهُ فِي قَوْلِهِ: نِسْوَتِي إلَخْ) بِخِلَافِ قَوْله: أَرْبَعَتُكُنَّ طَوَالِقُ فَلَا يَدِينُ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ الْمَحْصُورِ أَفْرَادُهُ الْقَلِيلَةُ) اُنْظُرْ مَفْهُومَهُ (قَوْلُهُ تُشْعِرُ بِقَصْدِ الِاسْتِثْنَاءِ) هَذَا صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ بِالنِّيَّةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ عَدَدٍ نُصَّ كَأَرْبَعَتِكُنَّ طَوَالِقُ وَأَرَادَ، إلَّا فُلَانَةَ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَأَرَادَ، إلَّا وَاحِدَةً، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَأَنْ قَالَ: نِسَائِي طَوَالِقُ أَوْ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ وَقَالَ: أَرَدْت إلَّا فُلَانَةَ دِينَ؛ لِأَنَّهُ تَخْصِيصٌ لَا رَفْعٌ لِلطَّلَاقِ مِنْ أَصْلِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَرْبَعَتِكُنَّ وَنِسَائِي أَنَّ أَرْبَعَتَكُنَّ لَيْسَ مِنْ الْعَامِّ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَهُ عَدَدٌ مَحْصُورٌ، وَشَرْطُ الْعَامِّ عَدَمُ الْحَصْرِ بِاعْتِبَارِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ فِي أَفْرَادِهِ وَنِسَائِي، وَإِنْ كَانَ مَحْصُورًا بِحَسْبِ الْوَاقِعِ لَكِنْ لَا دَلَالَةَ لَهُ بِحَسْبِ اللَّفْظِ عَلَى عَدَدٍ اهـ. م ر وَحَجَرٌ عَلَى الْمِنْهَاجِ وَع ش فَلِلَّهِ دَرُّ الشَّارِحِ حَيْثُ مَثَّلَ بِنِسَائِي طَوَالِقُ وَكُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ، وَفِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ عَلَى الْمَحَلِّيِّ أَنَّ مُجَرَّدَ النِّيَّةِ لَا يُؤَثِّرُ شَيْئًا لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا، إذَا كَانَ مُسْتَغْرِقًا أَوْ مِثْلَ أَرْبَعَتُكُنَّ طَوَالِقُ وَأَرَادَ، إلَّا فُلَانَةَ أَوْ تَعْلِيقًا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ اهـ.

وَقَوْلُهُ إذَا كَانَ مُسْتَغْرِقًا عَدَمَ تَأْثِيرِهِ لَيْسَ خَاصًّا بِالْمَنْوِيِّ، وَفِي حَاشِيَةِ سم عَلَى التُّحْفَةِ لَوْ قَالَ: أَرْبَعَتُكُنَّ طَوَالِقُ، إلَّا فُلَانَةَ فَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ صِحَّةُ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي بَابِ الْإِقْرَارِ مِنْ صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْمُعَيَّنِ كَلَكِّ عَلَيَّ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ، إلَّا وَاحِدًا مِنْهَا اهـ. م ر. فَفَرْقٌ بَيْنَ النِّيَّةِ وَالتَّلَفُّظِ اهـ. وَلَا يَخْفَى صُعُوبَةُ الْفَرْقِ بَيْنَ النِّيَّةِ وَالتَّلَفُّظِ، إذْ حَيْثُ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ انْتَظَمَ ذِكْرُهُ مَعَ اللَّفْظِ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ مِنْ مَحَلِّ التَّدَيُّنِ كَمَا نَصُّوا عَلَيْهِ اهـ. سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُمْ لَمْ يَسْكُتُوا عَلَى هَذَا، بَلْ اسْتَثْنَوْا مِمَّا يَنْتَظِمُ مَا إذَا كَانَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ نَصًّا فِي مَدْلُولِهِ

ص: 298

زَيْدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ قَصَدْت (يَوْمَيْنِ) مَثَلًا فَيُقْبَلُ مِنْهُ كَمَا حُكِيَ عَنْ النَّصِّ.

(قُلْتُ) : إنَّمَا يُقْبَلُ مِنْهُ (بَاطِنًا لَا مُطْلَقَا) وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا إذَا عَطَفَ قَوْلَهُ أَوْ قَالَ: عَلَى قَوْلِهِ إنْ بَدَتْ، فَإِنْ عَطَفَ عَلَى مَا قَبْلَهُ كَانَ كَبَقِيَّةِ الصُّوَرِ فِي عَدَمِ الْقَبُولِ ظَاهِرًا، وَهَذَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ، إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِحَقِّ آدَمِيٍّ كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ ثُمَّ قَالَ: قَصَدْت يَوْمَيْنِ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، (وَدَيَّنُوهُ) أَيْ قَبِلُوا قَوْلَهُ بَاطِنًا لَا ظَاهِرًا (فِي جَمِيعِ مَا وَرَدْ) مِمَّا لَا يُقْبَلُ ظَاهِرًا، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ لَهُ الطَّلَبُ وَعَلَيْهَا الْهَرَبُ أَيْ: لَهُ طَلَبُهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ إنْ كَانَ صَادِقًا وَعَلَيْهَا الْهَرَبُ مِنْهُ إنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ، وَإِذَا صَدَّقَتْهُ فَرَآهُمَا الْحَاكِمُ مُجْتَمَعَيْنِ، فَهَلْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا فِيهِ وَجْهَانِ. أَقْوَاهُمَا فِي الْكِفَايَةِ، نَعَمْ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّدْيِينِ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ، (لَا إنْ يَقُلْ) بَعْدَ قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ (أَرَدْتُ إنْ شَاءَ الصَّمَدْ) عَزَّ وَعَلَا، أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ الصَّمَدُ، فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا؛ لِأَنَّ هَذَا يَرْفَعُ حُكْمَ الطَّلَاقِ بِالْكُلِّيَّةِ، فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ اللَّفْظِ وَمَا تَقَدَّمَ يُخَصِّصُهُ بِحَالٍ دُونَ حَالٍ قَالَ الشَّيْخَانِ وَشَبَّهُوا ذَلِكَ بِالنَّسْخِ لَمَّا كَانَ رَفْعًا لِلْحُكْمِ بِالْكُلِّيَّةِ، لَمْ يَجُزْ إلَّا بِاللَّفْظِ بِخِلَافِ التَّخْصِيصِ فَلِذَلِكَ جَازَ بِاللَّفْظِ وَبِغَيْرِهِ كَالْقِيَاسِ اهـ.

وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ النَّسْخُ جَائِزٌ بِالْقِيَاسِ عَلَى الصَّحِيحِ كَالتَّخْصِيصِ، لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ، وَضَابِطُ مَا لَا يَدِينُ فِيهِ وَمَا يَدِينُ أَنَّ مَا فُسِّرَ بِهِ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ اللَّفْظِ إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَا يَنْتَظِمُ مَعَ اللَّفْظِ لَوْ وَصَلَ بِهِ كَأَنْ قَالَ: أَرَدْت طَلَاقًا لَا يَقَعُ لَمْ يُدَّيَنْ، وَإِلَّا دِينَ إلَّا إذَا قَالَ: أَرَدْت إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ كَمَا تَقَرَّرَ، أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا مَثَلًا ثُمَّ قَالَ: أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً أَوْ قَالَ: أَرْبَعَتُكُنَّ مَثَلًا طَوَالِقُ ثُمَّ قَالَ: أَرَدْتُ إلَّا فُلَانَةَ فَلَا يُدَّيَنُ عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِ نَحْوِ: نِسَائِي طَوَالِقُ كَمَا مَرَّ قَالُوا: لِأَنَّ لَفْظَ الْأَرْبَعَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْأَعْدَادِ نَصٌّ فِي الْعَدَدِ الْمَعْلُومِ، وَاسْتِعْمَالُهَا فِي بَعْضِهِ غَيْرُ مَفْهُومٍ بِخِلَافِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ الْعَامِّ فِي الْخَاصِّ.

(فَرْعَانِ) لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: قُلْت: إنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَنْكَرَتْهُ الْمَرْأَةُ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا؛ لِأَنَّهُ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ وَأَرَادَ رَفْعَهُ بِمَا الْأَصْلُ عَدَمُهُ، وَلَوْ قَالَتْ: طَلَّقْتَنِي ثَلَاثًا فَقَالَ: قُلْت: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَقَالَتْ: سَمِعْت الطَّلَاقَ دُونَ الشَّرْطِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ.

(فَصْلٌ فِي) بَيَانِ (الرَّجْعَةِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا، وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ عِنْدَ الْجَوْهَرِيِّ وَالْكَسْرُ أَكْثَرُ عِنْدَ الْأَزْهَرِيِّ، وَهِيَ رَدُّ الْمَرْأَةِ إلَى النِّكَاحِ مِنْ طَلَاقٍ غَيْرِ بَائِنٍ فِي الْعِدَّةِ، كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي، وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ

ــ

[حاشية العبادي]

الْمُعَايَنَةِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهَا، وَقَدْ تَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ وَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَدِينَ فَضْلًا عَنْ الْقَبُولِ ظَاهِرًا، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِمَا لَوْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ إلَّا عَمْرَةَ، وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ عَمْرَةَ، فَإِنَّ الشَّيْخَيْنِ نَقَلَا عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّ عَمْرَةَ تَطْلُقُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: النِّسَاءُ طَوَالِقُ إلَّا عَمْرَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُضِفْ النِّسَاءَ إلَى نَفْسِهِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ رَأْيِي أَنَّهُ إذَا قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي غَيْرُك أَوْ إلَّا أَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ، وَإِنْ قَالَ: كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ غَيْرُك أَوْ إلَّا أَنْت طَلَقَتْ، وَالصُّورَتَانِ حَيْثُ لَا زَوْجَةَ لَهُ غَيْرُهَا اهـ. وَوَجْهُهُ أَنَّ غَيْرَ أَوْ إلَّا عِنْدَ تَقَدُّمِهِمَا عَلَى طَالِقٍ يَكُونَانِ صِفَتَيْنِ فَيُفِيدَانِ عَدَمَ الْوُقُوعِ، وَعِنْدَ تَأَخُّرِهِمَا يَكُونَانِ لِلِاسْتِثْنَاءِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ الْمُسْتَفْرَقُ بَاطِلٌ بِرّ. أَقُولُ: الْوَجْهُ أَنَّهُ عِنْدَ تَقْدِيمِهِمَا لَا طَلَاقَ، وَإِنْ قَصَدَ الِاسْتِثْنَاءَ دُونَ الصِّفَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْبِطْ الطَّلَاقَ بِالْمَذْكُورِ إلَّا بَعْدَ إخْرَاجِهِمَا عَنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.

(قَوْلُهُ عَلَى قَوْلِهِ إنْ بَدَتْ) أَيْ عَلَى بَدَتْ مِنْ أَنْ بَدَتْ، ثُمَّ عَطْفُهُ عَلَى هَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ الْخَالِي عَنْ التَّكَلُّفِ، وَأَمَّا عَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ فَهُوَ مُحْوِجٌ إلَى التَّكَلُّفِ؛ لِأَنَّ هَذَا فِعْلٌ وَذَاكَ جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ، وَلَا يَظْهَرُ عَطْفُهُ عَلَيْهِمَا، وَلَا عَلَى جُزْئِهَا كَمَا يُدْرَكُ بِالتَّأَمُّلِ فِيهِمَا فَلْيُتَأَمَّلْ. وَيُجَابُ: بِأَنَّ هَذَا بِاعْتِبَارِ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ، وَأَمَّا عِبَارَةُ الْحَاوِي فَإِنَّهَا صَالِحَةٌ لِلْعَطْفِ عَلَى مَا قِيلَ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ، بَلْ هِيَ ظَاهِرَةٌ فِيهِ كَمَا يُدْرِكُهُ الْوَاقِفُ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ أَنْكَرَتْهُ الْمَرْأَةُ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَتْ: لَمْ أَسْمَعْهُ، فَهُوَ الْمُصَدَّقُ كَمَا فِي نَظِيرِهِ الْآتِي بَعْدَهُ م ر. (قَوْلُهُ فَقَالَتْ: سَمِعْت الطَّلَاقَ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَتْ: لَمْ تَقُلْهُ فَهِيَ الْمُصَدَّقَةُ م ر. وَقَوْلُهُ دُونَ الشَّرْطِ قِيَاسُ مَا قَبْلَهُ أَنَّهَا لَوْ أَنْكَرَتْ الشَّرْطَ مِنْ أَصْلِهِ صُدِّقَتْ.

(فَصْلٌ فِي الرَّجْعَةِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

وَعَلَّلُوا بِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ فِي الْبَعْضِ غَيْرُ مَفْهُومٍ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي الشَّرْحِ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا صَدَّقَتْهُ) أَيْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهَا صِدْقُهُ فَيَجِبُ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ تَمْكِينُهُ، وَإِلَّا حَرُمَ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِالتَّفْرِيقِ، إذْ حُكْمُهُ إنَّمَا يَنْفُذُ بَاطِنًا إذَا وَافَقَ ظَاهِرُ الْأَمْرِ بَاطِنَهُ اهـ. حَجَرٌ لَكِنْ فِي م ر أَنَّهُ إذَا اسْتَوَى عِنْدَهَا صِدْقُهُ وَكَذِبُهُ جَازَ لَهَا

ص: 299