المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فرع خالعها بما في كفها ولم يكن فيه شيء] - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٤

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الْوَصَايَا)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْوِصَايَةِ)

- ‌(فَرْعٌ)الْوِصَايَةُ جَائِزَةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ

- ‌(بَابُ الْوَدِيعَةِ)

- ‌(بَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ)

- ‌ بَيَانِ الْغَنِيمَةِ وَتَخْمِيسِهَا

- ‌(بَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ)

- ‌ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَكَافِرٍ

- ‌(بَابُ النِّكَاحِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْعَقْدِ) لِلنِّكَاحِ وَمُقَدِّمَاتِهِ

- ‌[الْكَفَاءَةِ الْمُعْتَبَرَةِفِي النِّكَاحِ]

- ‌ الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْخِيَارِ فِي النِّكَاح]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْخِيَارِ فِي النِّكَاح وَأَحْكَامٍ أُخَرَ]

- ‌(بَابُ الصَّدَاقِ)

- ‌ بَيَانِ تَشْطِيرِ الْمَهْرِ

- ‌ حُكْمَ تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ فِي الْمَهْرِ

- ‌(بَابُ الْقَسْمِ) .وَالنُّشُوزُ

- ‌(بَابُ الْخُلْعِ)

- ‌[فَرْعٌ خَالَعَهَا بِمَا فِي كَفِّهَا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ]

- ‌(بَابُ الطَّلَاقِ)

- ‌[فَرْعٌ قَالَ كُلُّ مَا أَمْلِكُهُ حَرَامٌ عَلَيَّ وَلَهُ زَوْجَاتٌ وَإِمَاءٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الرَّجْعَةِ]

- ‌(بَابُ الْإِيلَاءِ)

- ‌[أَرْكَان الْإِيلَاءِ]

- ‌(بَابُ الظِّهَارِ)

- ‌(بَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ)

- ‌(بَابُ الْعِدَدِ)

- ‌(فَرْعٌ)زَنَتْ الْمُعْتَدَّةُ فِي عِدَّتِهَا وَهِيَ بِكْرٌ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌(بَابُ الرَّضَاعِ)

- ‌[بَابُ النَّفَقَة]

- ‌[أَسْبَابُ وُجُوبِ النَّفَقَة]

- ‌(بَابُ الْحَضَانَةِ)

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْ أَقَارِبِ الْوَلَدِ مِمَّنْ لَهُ الْحَضَانَةُ]

- ‌[فَرْعٌ دَفَعَ إلَيْهِ طَعَامًا ثُمَّ أَرَادَ إبْدَالَهُ فِي نَفَقَة مِلْك الْيَمِين]

- ‌[فَرْعٌ لَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضِرْ فَرْعَ أَيْ وَلَدَ مَوَاشِيهِ]

الفصل: ‌[فرع خالعها بما في كفها ولم يكن فيه شيء]

(وَبِقَبُولٍ) أَيْ: صَحَّ الْخُلْعُ إذَا جَرَى بِعِوَضٍ وَبِقَبُولٍ (وَبِنَحْوِهِ) مِنْ إعْطَاءٍ، أَوْ الْتِمَاسٍ (إذَا وَافَقَ) ذَلِكَ (إيجَابًا) فِي الْمَعْنَى فَلَوْ طَلَّقَا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ بِنِصْفِهِ، أَوْ بِأَلْفَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَاحِدَةٌ بِثُلُثِهِ لَمْ يَصِحَّ، كَمَا فِي الْبَيْعِ.

وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثَ صُوَرٍ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ (وَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَيْ: وَصَحَّ الْخُلْعُ بِأَنْ (قَالَتْ لِذَا) أَيْ: لِزَوْجِهَا (طَلِّقْ ثَلَاثًا بِكَذَا فَحَقَّقَا وَاحِدَةً) مِنْ الثَّلَاثِ أَيْ: أَوْقَعَهَا (بِثُلْثِهِ) ، أَوْ سَكَتَ عَنْ الْعِوَضِ، فَتَقَعُ طَلْقَةٌ بِثُلُثِهِ إذَا الْمُغَلَّبُ مِنْ جَانِبِهَا شَوْبُ الْجَعَالَةِ فَكَانَ، كَمَا لَوْ قَالَ فِيهَا: رُدَّ عَبِيدِي الثَّلَاثَةَ وَلَكَ أَلْفُ فَرْدٍ أَحَدُهُمْ اسْتَحَقَّ ثُلُثَ الْأَلْفِ فَلَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لَمْ يَصِحَّ وَهَذِهِ الصُّورَةُ دَاخِلَةٌ فِي قَوْلِهِ أَوَاخِرَ الْبَابِ: وَإِلَّا الْقِسْطُ مِمَّا نَطَقَا (أَوْ) بِأَنْ (طَلَّقَا عِرْسًا) أَيْ: زَوْجَةً لَهُ (ثَلَاثًا بِكَذَا فَقَبِلَتْ وَاحِدَةً بِكُلِّهِ) فَيَقَعُ الثَّلَاثُ بِكُلِّهِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَسْتَقِلُّ بِالطَّلَاقِ وَالزَّوْجَةَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ قَبُولُهَا بِسَبَبِ الْمَالِ، وَقَدْ وَافَقَتْهُ فِي قَدْرِهِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ مَحْضُ مُعَاوَضَةٍ (أَوْ) بِأَنْ (سَأَلَتْ صَاحِبَتَانِ) أَيْ: زَوْجَتَانِ لَهُ الطَّلَاقَ بِأَلْفٍ مَثَلًا (فَأَجَابَ ضَرَّهْ) مِنْهُمَا فَتَطْلُقُ فَقَطْ تَغْلِيبًا لِشَوْبِ الْجَعَالَةِ مِنْ جَانِبِهَا فَهُوَ، كَمَا لَوْ قَالَ اثْنَانِ لِثَالِثٍ: رُدَّ عَبْدَيْنَا بِكَذَا فَرْدٍ أَحَدُهُمَا فَقَطْ وَعَلَيْهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لَا قِسْطُهُ وَلَا نِصْفُ الْمُسَمَّى، كَمَا لَوْ جَمَعَ نِسْوَةً فِي نِكَاحٍ، أَوْ خُلْعٍ بِعِوَضٍ وَاحِدٍ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ سَأَلَتْهُ طَلْقَةً، أَوْ طَلْقَتَيْنِ بِكَذَا فَطَلَّقَهَا أَكْثَرَ فَيَقَعُ الْأَكْثَرُ بِهِ وَمَا لَوْ قَالَتْ: طَلِّقْنِي بِكَذَا فَطَلَّقَهَا بِنِصْفِهِ مَثَلًا، فَتَبَيَّنَ بِالنِّصْفِ لِمَا مَرَّ فِي الْأُولَى (أَوْ حَفْصَةً خَالَعَهَا وَعَمْرَهْ) بِأَنْ قَالَ: خَالَعْتُكِ وَعُمْرَةَ بِأَلْفٍ مَثَلًا فَقَبِلَتْ الْمُخَاطَبَةُ فَتَطْلُقَانِ بِأَلْفٍ عَلَى الْمُخَاطَبَةِ لِجَرَيَانِ الْخِطَابِ مَعَهَا فَقَطْ، فَهِيَ مُخْتَلِعَةٌ لِنَفْسِهَا وَقَابِلَةٌ لِضَرَّتِهَا، كَمَا يَقْبَلُ الْأَجْنَبِيُّ، وَمِنْ التَّوْجِيهِ يُعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ مُسْتَثْنَاةً وَإِنْ اسْتَثْنَاهَا الشَّارِحُ كَبَعْضِ شُرَّاحِ الْحَاوِي أَخْذًا بِظَاهِرِ الْمَشْرُوحِ (خِلَافَ) قَوْلِهِ:(خَالَعْتُكُمَا) بِأَلْفٍ (فَتَقْبَلُ) وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا فَقَطْ لَا يَقَعُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ مَعَهُمَا وَالْقَبُولُ مِنْ إحْدَاهُمَا وَالْمُغَلَّبُ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ عِنْدَ إتْيَانِهِ بِصِيغَتِهَا كَمَا لَوْ بَاعَ لِاثْنَيْنِ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ، وَلَوْ قَالَ: طَلَّقْتُ إحْدَاكُمَا بِأَلْفٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ فَقَالَتَا: قَبِلْنَا لَمْ يَقَعْ، ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ.

(فَرْعٌ)

قَالَ فِي الْبَيَانِ لَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ: خَالَعْتُكِ بِكَذَا فَقَالَ: قَبِلْتُ لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ الْإِيقَاعَ إلَيْهِ فَأَشْبَهَ قَوْلَهَا: طَلِّقْنِي بِكَذَا فَقَالَ: قَبِلْتُ (بِاللَّفْظِ) أَيْ: صَحَّ الْخُلْعُ بِقَبُولِ بِاللَّفْظِ كَالْبَيْعِ (حَيْثُ لَمْ يُعَلِّقْ رَجُلُ) أَيْ: الزَّوْجُ الطَّلَاقَ، فَإِنْ عَلَّقَهُ بِفِعْلٍ، أَوْ قَوْلٍ فَالْإِتْيَانُ بِهِ هُوَ الْقَبُولُ فَلَوْ قَالَ: إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ كَفِي الْإِعْطَاءُ، كَمَا مَرَّ، وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ بِاللَّفْظِ؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ مِنْ جَانِبِهِ شَوْبُ التَّعْلِيقِ عِنْدَ إتْيَانِهِ بِصِيغَةٍ بِخِلَافِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَتَبِينُ بِالنِّصْفِ لِمَا مَرَّ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ: رُدَّ عَبْدِي بِكَذَا، فَقَالَ: أَرُدُّهُ بِنِصْفِهِ اسْتَحَقَّ نِصْفَهُ فَقَطْ، وَأَظُنُّ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْجَعَالَةِ اسْتِحْقَاقُ الْجَمِيعِ فَرَاجِعْهُ. .

(قَوْلُهُ: لَمْ يَقَعْ) ذَكَرَ فِيهِ نِزَاعًا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، ثُمَّ فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا جَزَمَ الرَّوْضُ كَأَصْلِهِ فِي الْعِتْقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِأَمَتَيْهِ: إحْدَاكُمَا حُرَّةٌ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتَا عَتَقَتْ وَاحِدَةٌ بِقِيمَتِهَا، وَأُمِرَ بِالتَّعْيِينِ بِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لِلْعِتْقِ وَمُنَفِّرٌ عَنْ الطَّلَاقِ

(قَوْلُهُ: فَقَالَ: قَبِلْتُ لَمْ تَطْلُقْ) فَلَوْ قَالَ: خَالَعْتكِ بِكَذَا فَيَنْبَغِي

ــ

[حاشية الشربيني]

بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ اهـ بِتَصَرُّفٍ.

[فَرْعٌ خَالَعَهَا بِمَا فِي كَفِّهَا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ]

(قَوْلُهُ: فَحَقَّقَ وَاحِدَةً) أَيْ: جَوَابًا لَهَا. اهـ. حَجَرٌ شَرْحُ الْإِرْشَادِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ لِلْمُحَشِّي، لَكِنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ حَجَرٌ هُنَاكَ. (قَوْلُهُ: فَيَقَعُ طَلْقَةٌ بِثُلُثِهِ) أَيْ إذَا كَانَ يَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ، فَإِنْ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ وَهُوَ يَمْلِكُ الثَّلَاثَ اسْتَحَقَّ ثُلُثَيْ الْأَلْفِ، أَوْ وَاحِدَةً وَنِصْفَهَا اسْتَحَقَّ نِصْفَهُ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ الْمُكَمِّلَ لَمْ يُوقِعْهُ وَإِنَّمَا وَقَعَ بِحُكْمِ الشَّرْعِ وَلَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لَمْ يَصِحَّ لِعَدَمِ الْمُوَافَقَةِ أَمَّا إذَا كَانَ لَا يَمْلِكُ إلَّا طَلْقَةً فَطَلَّقَهَا فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأَلْفَ وَإِنْ ظَنَّتْ مِلْكَهُ الثَّلَاثَ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ مَقْصُودُهَا مِنْ الثَّلَاثِ وَهُوَ الْبَيْنُونَةُ الْكُبْرَى. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَمْلِكُ ثِنْتَيْنِ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ النِّصْفَ، لَكِنْ صَرِيحُ شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا الثُّلُثَ ثُمَّ رَأَيْت سم نَقَلَ عَنْ الْعُبَابِ أَنَّهُ إذَا كَانَ يَمْلِكُ ثِنْتَيْنِ وَأَوْقَعَ وَاحِدَةً اسْتَحَقَّ ثُلُثَ الْأَلْفِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مَحْضُ مُعَاوَضَةٍ) فَالْبَائِعُ لَا يَسْتَقِلُّ بِتَمْلِيكِ الزَّائِدِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ هُنَا. (قَوْلُهُ: الطَّلَاقَ بِأَلْفٍ) وَلَمْ يَقُولَا مُنَاصَفَةً وَإِلَّا لَزِمَ الْمُجَابَةَ النِّصْفُ شَرْحُ الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ: فَأَجَابَ ضَرَّهُ) أَمَّا لَوْ أَجَابَهُمَا بَانَتَا، وَلَزِمَ كُلًّا مَهْرُ الْمِثْلِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَسْأَلَاهُ الطَّلَاقَ بِهِ مُنَاصَفَةً وَإِلَّا فَيَلْزَمُ كُلًّا نِصْفُهُ. (قَوْلُهُ: لَا قِسْطُهُ) أَيْ: مِنْ الْأَلْفِ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَفْصَةً خَالَعَهَا إلَخْ) بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: خَالَعْتُكُمَا، فَقَبِلَتْ إحْدَاهُمَا فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ لِعَدَمِ مُوَافَقَةِ الْقَبُولِ لِلْإِيجَابِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ وَعَلَّلَ م ر بِأَنَّ الْخِطَابَ مَعَهُمَا يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ قَبُولِهِمَا. (قَوْلُهُ: فَتَطْلُقَانِ بِأَلْفٍ عَلَى الْمُخَاطَبَةِ) لِاتِّحَادِ دَافِعِ الْمَالِ هُنَا بِخِلَافِ مَا لَوْ سَأَلَتَاهُ الطَّلَاقَ بِأَلْفٍ فَأَجَابَهُمَا حَيْثُ لَزِمَ كُلًّا مَهْرُ الْمِثْلِ، كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا لِلْجَهْلِ بِمَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: فَتُقْبَلُ) لَوْ قَبِلَا مَعًا بَانَتَا وَلَزِمَ كُلًّا مَهْرُ الْمِثْلِ، إنْ لَمْ يَقُولَا مُنَاصَفَةً وَإِلَّا لَزِمَ كُلًّا نِصْفُ

ص: 230

مَا لَوْ عَلَّقَتْ الْمَرْأَةُ كَقَوْلِهَا: إنْ طَلَّقْتَنِي فَلَكَ أَلْفٌ يَتَعَيَّنُ اللَّفْظُ مِنْ جَانِبِهِ؛ لِأَنَّ التَّطْلِيقَ لَا يَكُونُ إلَّا بِاللَّفْظِ وَفِي مَعْنَى تَعْلِيقِهَا الْتِمَاسُهَا الطَّلَاقَ مِنْهُ: كَطَلِّقْنِي وَالْإِشَارَةِ مِنْ الْأَخْرَسِ وَالْكِتَابَةِ، وَلَوْ مِنْ نَاطِقٍ فِي مَعْنَى اللَّفْظِ كَالْبَيْعِ وَالطَّلَاقِ،.

وَلَوْ عَلَّقَهُ بِوَصْفٍ وَذَكَرَ عِوَضًا فَقَالَ: طَلَّقْتُكِ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا جَاءَ الْغَدُ، أَوْ دَخَلْت الدَّارَ بِأَلْفٍ، أَوْ عَلَى أَلْفٍ، فَيُشْتَرَطُ الْقَبُولُ بِاللَّفْظِ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ عِنْدَ وُجُودِ الْوَصْفِ بِالْأَلْفِ وَيَجِبُ تَسْلِيمُهُ فِي الْحَالِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَإِنْ تَعَذَّرَ تَسْلِيمُ مُقَابِلِهِ كَأَنْ أَبَانَهَا قَبْلَ وُجُودِ الْوَصْفِ لَزِمَ رَدُّ الْعِوَضِ، كَمَا لَوْ تَعَذَّرَ تَسْلِيمُ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ صِحَّةِ الْخُلْعِ الْمُعَلَّقِ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ نَصِّ الْإِمْلَاءِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إنْ كُنْتِ حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَهِيَ حَامِلٌ فِي غَالِبِ الظَّنِّ طَلُقَتْ إذَا أَعْطَتْهُ الْمِائَةَ وَلَهُ عَلَيْهَا مَهْرُ الْمِثْلِ قَالَا؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ مَجْهُولٌ لَا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ إلَيْهِ فِي الْحَالِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا جَعَلَهُ عِوَضًا وَمَا نَقَلَاهُ نَقَلَهُ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ (فِي الْحَالِ) أَيْ: صَحَّ الْخُلْعُ بِقَبُولٍ، أَوْ نَحْوِهِ فِي حَالِ التَّوَاجُبِ (لَا) إنْ عَلَّقَ (بِأَيِّ وَقْتٍ وَمَتَى) وَنَحْوُهُمَا وَكَانَ التَّعْلِيقُ (مِنْ صَوْبِهِ) أَيْ: جَانِبِ الزَّوْجِ فَلَا يُعْتَبَرُ الْحَالُ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَلَّقَ " بِإِنْ "، أَوْ " إذَا " أَوْ نَحْوِهِمَا فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ الْحَالُ؛ لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ الْعِوَضِ فِي الْمُعَاوَضَةِ وَإِنَّمَا تُرِكَتْ هَذِهِ الْقَضِيَّةُ فِي " مَتَى " وَنَحْوِهَا لِصَرَاحَتِهَا فِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ وَبِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجَةِ، وَلَوْ " بِمَتَى "، أَوْ نَحْوِهَا فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ الْحَالُ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ مِنْ جَانِبِهَا بِكُلِّ تَقْدِيرٍ إذْ الْمَالُ مُتَعَلِّقٌ بِهَا وَهُوَ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ مِنْ جَانِبِهِ وَلِذَلِكَ جَازَ لَهَا الرُّجُوعُ قَبْلَ جَوَابِ الزَّوْجِ وَإِنْ أَتَتْ بِصِيغَةِ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمُ الْمُعَاوَضَاتِ وَالْجَعَالَاتِ وَكَانَ مُقْتَضَى كَوْنِهِ مُعَاوَضَةً مِنْ جَانِبِهَا أَنْ لَا يَحْتَمِلَ فِيهِ صِيغَةَ التَّعْلِيقِ، لَكِنَّهَا احْتَمَلَتْ لِمَا فِيهَا مِنْ شَائِبَةِ الْجَعَالَةِ الْمُحْتَمِلَةِ لَهَا حَيْثُ يُقَالُ: إنْ رَدَدْت

ــ

[حاشية العبادي]

أَنْ تَطْلُقَ إذَا قَبِلَتْ بَعْدُ. (قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ صِحَّةِ الْخُلْعِ إلَخْ) يُفِيدُ فَسَادَ الْخُلْعِ هُنَا. (قَوْلُهُ: فِي غَالِبِ الظَّنِّ) احْتِرَازٌ، كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ عَمَّا لَوْ شَكَّ فِي حَمْلِهَا فَلَا تَطْلُقُ، وَإِنْ قَبِلَتْ وَأَعْطَتْ لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ، أَوْ ظَنِّهَا، وَفِيهِ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ أَنَّ هَذَا الِاحْتِرَازَ لَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا اُتُّجِهَ الْحُكْمُ بِالْوُقُوعِ لِتَبَيُّنِ وُجُودِ الصِّفَةِ، وَالثَّانِي أَنَّهُ قَدْ يُشْكِلُ الْوُقُوعُ إذَا كَانَتْ حَامِلًا فِي غَالِبِ الظَّنِّ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ مَعَ الشَّكِّ، أَيْ: التَّرَدُّدِ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُمْ اكْتَفَوْا فِي الْوُقُوعِ بِالظَّنِّ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا مَا لَوْ عَلَّقَ بِالْحَيْضِ فَتَطْلُقُ بِمُجَرَّدِ الدَّمِ مَعَ احْتِمَالِ انْقِطَاعِهِ قَبْلَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. (قَوْلُهُ: طَلُقَتْ إذَا أَعْطَتْهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْقَبُولُ، وَفِيهِ نَظَرٌ بِرّ. وَكَتَبَ أَيْضًا: لَا يَبْعُدُ أَنَّ ذِكْرَ الْإِعْطَاءِ تَصْوِيرٌ وَأَنَّهُ يَكْفِي الْقَبُولُ لَفْظًا، فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، بَلْ قَدْ يُقَالُ: هَلَّا شَرَطَ الْقَبُولَ لَفْظًا كَمَا فِي الصُّورَةِ الَّتِي قَبْلَهَا. (قَوْلُهُ: وَلَهُ عَلَيْهَا مَهْرُ الْمِثْلِ) أَيْ: يَسْتَرِدُّ الْمِائَةَ. (قَوْلُهُ: فِي حَالِ التَّوَاجُبِ) مُتَعَلِّقٌ " بِقَبُولٍ ". (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجَةِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَلَمْ يَلْحَقُوا ذَلِكَ فِي هَذَا الْحُكْمِ بِالْجَعَالَةِ، فَإِنَّ رَدَّ الْعَبْدِ فِي الْمَجْلِسِ لَا يُشْتَرَطُ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ التَّعْجِيلَ هُنَا مُتَيَسِّرٌ بِخِلَافِ رَدِّ الْعَبْدِ وَنَحْوِهِ بِرّ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمُسَمَّى، كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَقَعْ) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ.

(قَوْلُهُ: يَتَعَيَّنُ اللَّفْظُ مِنْ جَانِبِهِ) لَوْ كَانَ قَدْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِفِعْلِهِ كَدُخُولِهِ الدَّارَ فَقَالَتْ لَهُ: إنْ طَلَّقْتَنِي فَلَكَ أَلْفٌ، فَدَخَلَ الدَّارَ، ظَاهِرُ الشَّرْحِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأَلْفَ وَلَهُ وَجْهٌ؛ لِأَنَّ التَّطْلِيقَ إنَّمَا هُوَ بِالتَّعْلِيقِ مَجَّانًا، وَالدُّخُولُ شَرْطٌ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَّقَهُ بِوَصْفٍ) وَلَوْ قَالَتْ لَهُ: إذَا جَاءَ الْغَدُ فَطَلِّقْنِي وَلَكَ أَلْفٌ فَطَلَّقَهَا فِي الْغَدِ إجَابَةً لَهَا اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ، وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ إنْ بَقِيَتْ قَابِلَةً لِلطَّلَاقِ إلَى الْغَدِ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: فَيُشْتَرَطُ الْقَبُولُ) أَيْ فَوْرًا. (قَوْلُهُ: فِي الْحَالِ) ؛ لِأَنَّ الْأَعْوَاضَ الْمُطْلَقَةَ يَلْزَمُ تَسْلِيمُهَا فِي الْحَالِ، وَالْمُعَوَّضُ مُتَأَخِّرٌ بِالتَّرَاضِي لِوُقُوعِهِ فِي التَّعْلِيقِ بِخِلَافِ الْمُنَجَّزِ مِنْ خُلْعٍ وَغَيْرِهِ يَجِبُ فِيهِ تَقَارُنُ الْعِوَضَيْنِ فِي الْمِلْكِ. اهـ.: شَرْحُ الرَّوْضِ قَالَ ق ل: وَيَمْلِكُهُ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ بِمَا يُرِيدُ ثُمَّ إنْ دَخَلَتْ فَوَاضِحٌ وَإِنْ تَعَذَّرَ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَتْهُ لَهُ إنْ بَقِيَ وَبَدَّلَهُ إنْ تَلِفَ. اهـ. وَهُوَ إيضَاحٌ لِمَا فِي الشَّرْحِ. (قَوْلُهُ: مِنْ صِحَّةِ الْخُلْعِ الْمُعَلَّقِ) أَيْ: مِنْ وُقُوعِهِ بِالْمُسَمَّى م ر. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ قَالَ: إلَخْ) عِبَارَةُ سم عَلَى التُّحْفَةِ لَوْ قَالَ: إنْ كُنْتِ حَامِلًا فَأَنْت طَالِقٌ بِدِينَارٍ فَقَبِلَتْ، طَلُقَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْمُسَمَّى وَوَجْهُ فَسَادِهِ أَنَّ الْحَمْلَ مَجْهُولٌ لَا يُمْكِنُ التَّوَصُّلُ إلَيْهِ فِي الْحَالِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا جَعَلَهُ عِوَضًا. اهـ. رَوْضٌ وَشَرْحُهُ. اهـ. مَرْصِفِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُمَا) أَيْ: مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ فِي الزَّمَنِ الْآتِي. (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوُهُمَا) أَيْ: مِنْ كُلِّ مَا لَمْ يَدُلَّ عَلَى الْعُمُومِ فِي الزَّمَنِ الْآتِي، وَإِنْ دَلَّ عَلَى الزَّمَنِ الْمُطْلَقِ كَإِذَا. (قَوْلُهُ: وَلِذَلِكَ إلَخْ) لَوْ بَدَأَ الزَّوْجُ بِصِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ بِشَوْبِ تَعْلِيقٍ، فَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ قَبُولٍ نَظَرًا لِلْمُعَاوَضَةِ فَهُوَ حِينَئِذٍ كَالزَّوْجَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَدَأَ بِصِيغَةٍ التَّعْلِيقِ وَهُوَ مَا فِي

ص: 231

عَبْدِي فَلَكَ كَذَا وَالتَّمْثِيلُ بِأَيِّ وَقْتٍ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) لَا (الصُّورَتَانِ) اللَّتَانِ (مَرَّتَا) وَهُمَا إذَا قَالَتْ: طَلِّقْنِي غَدًا، أَوْ فِي هَذَا الشَّهْرِ بِأَلْفٍ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْحَالُ.

(وَفَصْلُ لَفْظٍ قَلَّ) أَيْ: قَلِيلٍ، وَلَوْ أَجْنَبِيًّا بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، أَوْ نَحْوِهِ (لَيْسَ يَمْنَعُ) صِحَّةُ الْخُلْعِ فَلَوْ طَلَّقَ الْمَوْطُوءَةَ بِأَلْفٍ، ثُمَّ ارْتَدَّتْ بِكَلَامٍ ثُمَّ قَبِلَتْ كَانَ الطَّلَاقُ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِسْلَامِ وَلَمْ يُبْطِلْهُ تَخَلُّلُ الرِّدَّةِ؛ لِأَنَّهَا كَلَامٌ يَسِيرٌ بِخِلَافِ الْكَثِيرِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْعُبَابِ وَإِنْ اشْتَغَلَتْ بِكَلَامٍ آخَرَ، ثُمَّ قَبِلَتْ لَمْ يَنْفُذْ (وَقَبْلَ أَنْ يُتِمَّ كُلٌّ يَرْجِعُ) أَيْ: وَلِكُلٍّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ أَنْ يَرْجِعَ قَبْلَ تَمَامِ كَلَامٍ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمُ الْمُعَاوَضَاتِ وَالْجَعَالَاتِ، كَمَا مَرَّ سَوَاءٌ كَانَ الْمُبْتَدِئُ الزَّوْجَ أَمْ الزَّوْجَةَ (إلَّا إذَا عَلَّقَهُ) الزَّوْجُ كَقَوْلِهِ إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ فَلَا رُجُوعَ لَمَا مَرَّ أَنَّ الْمُغَلَّبَ مِنْ جَانِبِهِ حِينَئِذٍ مَعْنَى التَّعْلِيقِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَتْهُ الزَّوْجَةُ كَمَا مَرَّ، فَتَلَخَّصَ أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا بَدَأَتْ بِسُؤَالِ طَلَاقٍ فَالْخُلْعُ مُعَاوَضَةٌ لِمِلْكِهَا الْبُضْعَ بِالْعِوَضِ وَفِيهَا شَوْبُ جَعَالَةٍ؛ لِأَنَّ مُقَابِلَ مَا بَذَلَتْهُ وَهُوَ الطَّلَاقُ يَسْتَقِلُّ بِهِ الزَّوْجُ كَالْعَامِلِ فِي الْجَعَالَةِ وَإِنَّ الزَّوْجَ إذَا بَدَأَ بِالْإِيقَاعِ فَمُعَاوَضَةً لِأَخْذِهِ مُقَابِلَ مِلْكِهِ، وَفِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ لِتَرَتُّبِ الطَّلَاقِ عَلَى الْقَبُولِ، كَمَا يَتَرَتَّبُ الْمُعَلَّقُ بِصِفَةٍ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَدْ يَغْلِبُ مَعْنَى أَحَدِهِمَا، وَقَدْ يُرَاعِي كُلٌّ مِنْهُمَا بِحَسَبِ مَا تَقْتَضِيهِ الصِّيَغُ.

(وَالشَّرْطُ فِيهِ) أَيْ: فِي الْقَابِلِ، أَوْ نَحْوِهِ أَجْنَبِيًّا كَانَ، أَوْ زَوْجَةً (أَهْلِيَّةُ الْتِزَامِهِ) لِلْعِوَضِ بِأَنْ يَكُونَ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فِيهِ فَلَا عِبْرَةَ بِقَبُولِ مَجْنُونٍ وَصَغِيرٍ، كَمَا سَيَأْتِي وَهَلْ يَقَعُ رَجْعِيًّا بِقَبُولِ الْمُمَيِّزِ فِيهِ كَلَامٌ يَأْتِي (أَوْ) الْخُلْعُ بِالْقَبُولِ (مِنْ سَفِيهْ) مَحْجُورٍ عَلَيْهِ أَجْنَبِيًّا كَانَ، أَوْ زَوْجَةً طَلَاقٌ رَجْعِيٌّ، كَمَا سَيَأْتِي لِاسْتِقْلَالِ الزَّوْجِ بِهِ فَلَا يَلْزَمُ الْقَابِلَ الْعِوَضُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَلِيُّهُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلِالْتِزَامِ وَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ صَرْفُ مَالِهِ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالزَّرْكَشِيُّ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا عَلِمَ الزَّوْجُ السَّفَهَ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ إلَّا فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ بِخِلَافِ مَا إذَا عُلِمَ فَإِنَّهُ لَمْ يَطْمَعْ فِي شَيْءٍ وَمَا بَحْثَاهُ مُوَافِقٌ لِبَحْثِ الرَّافِعِيِّ السَّابِقِ فِيمَا لَوْ خَالَعَهَا بِمَا فِي كَفِّهَا، لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَعْرُوفَ خِلَافُهُ أَمَّا إذَا لَمْ يَقْبَلْ فَلَا طَلَاقَ لِاقْتِضَاءِ الصِّيغَةِ الْقَبُولَ فَهُوَ كَالتَّعْلِيقِ بِصِفَةٍ لَا بُدَّ مِنْ حُصُولِهَا لِيَقَعَ الطَّلَاقُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِإِعْطَاءِ السَّفِيهِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَائِهَا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: مَرَّتَا) فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ: أَوْ فِي غَدٍ بِأَلْفٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْمَوْطُوءَةَ) خَرَجَ غَيْرُ الْمَوْطُوءَةِ؛ لِأَنَّهَا تَبِينُ بِالرِّدَّةِ فَلَا يُعْتَدُّ بِقَبُولِهَا بَعْدَهَا.

(قَوْلُهُ: لَا رُجُوعَ) أَيْ: لَهُ قَبْلَ تَمَامِ قَبُولِهَا، أَوْ إعْطَائِهَا. (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمُغَلَّبَ إلَخْ) قَدْ غَلَّبُوا هُنَا فِي " إنْ "" وَإِذَا " - مِنْ الزَّوْجِ - مَعْنَى التَّعْلِيقِ، وَكَذَا فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ مِنْ الْمَرْأَةِ بِاللَّفْظِ، كَمَا سَلَفَ وَخَالَفُوا ذَلِكَ فِي اشْتِرَاطِ إعْطَاءِ الْمَرْأَةِ الْعِوَضَ حَالًّا، كَمَا سَلَفَ قَرِيبًا وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ لِكُلٍّ مُدْرَكًا، فَلْيُتَأَمَّلْ بِرّ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَتْهُ الزَّوْجَةُ فَلَهَا الرُّجُوعُ) تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الْمُعَاوَضَةِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِ) كَالْمُعْطِي الْمُلْتَمِسِ. (قَوْلُهُ: مُوَافِقٌ إلَخْ) أَيْ: بِجَامِعِ الْحَمْلِ عَلَى رَبْطِ الطَّلَاقِ بِالْمَالِ عِنْدَ الْجَهْلِ دُونَ الْعِلْمِ، لَكِنْ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ إثْبَاتُ الْمَالِ هُنَا لِعَدَمِ صَلَاحِيَّةِ السَّفِيهِ لِالْتِزَامِهِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ الْمَرْبُوطُ بِهِ وَلَمَّا أَمْكَنَ إثْبَاتُهُ ثَمَّ لِصَلَاحِيَّةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمُصَنِّفِ فَهُوَ تَعْلِيقٌ فِيهِ شَوْبُ مُعَاوَضَةٍ فَلَا رُجُوعَ لَهُ. اهـ. تُحْفَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَفَصْلُ لَفْظٍ قَلَّ) أَيْ: حَاصِلٌ مِمَّنْ يَطْلُبُ جَوَابَهُ وَخَرَجَ بِهِ الْكَثِيرُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَضُرُّ وَكَذَا الْكَثِيرُ مِمَّنْ لَا يَطْلُبُ جَوَابَهُ، كَمَا اعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: قَدْ يَغْلِبُ مَعْنَى أَحَدِهِمَا) ، كَمَا إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ " بِمَتَى " فَإِنَّهُ يَغْلِبُ التَّعْلِيقُ الَّذِي مِنْ جِهَتِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ وَلَا يُشْتَرَطُ إيجَادُ الصِّفَةِ فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ، وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ شَوْبُ مُعَاوَضَةٍ لِأَخْذِهِ مُقَابِلُ مِلْكِهِ وَيَغْلِبُ بَعْضُ الْمُعَاوَضَةِ فِيمَا إذَا بَدَأَ الزَّوْجُ بِصِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ كَطَلَّقْتُكِ بِأَلْفٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْقَبُولِ وَيُشْتَرَطُ قَبُولُ مُطَابِقٍ فَوْرًا وَإِنْ كَانَ فِيهِ شَوْبُ تَعْلِيقٍ لَتَرَتُّبِ الطَّلَاقِ عَلَى الْقَبُولِ، فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُرَاعِي كُلٌّ مِنْهُمَا إلَخْ) ، كَمَا لَوْ عَلَّقَ " بِأَنْ " أَوْ " إذَا " فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَبُولُ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْإِعْطَاءُ فَوْرًا؛ لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ الْعِوَضِ فِي الْمُعَاوَضَةِ وَإِنَّمَا تُرِكَتْ هَذِهِ الْقَضِيَّةُ فِي " مَتَى " وَنَحْوِهَا لِصَرَاحَتِهَا فِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ مَعَ كَوْنِ الْمُغَلَّبِ فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ فَرُوعِيَ التَّعْلِيقُ بِعَدَمِ جَوَازِ الرُّجُوعِ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ، وَالْمُعَاوَضَةُ بِاشْتِرَاطِ الْإِعْطَاءِ فَوْرًا وَذَلِكَ لِاقْتِضَاءِ الصِّيغَتَيْنِ التَّعْلِيقَ وَلَمَّا كَانَ عَدَمُ دَلَالَتِهِمَا عَلَى الزَّمَنِ هُوَ السَّبَبُ فِي النَّظَرِ لِقَضِيَّةِ الْمُعَاوَضَةِ فَكَأَنَّهُمَا اقْتَضَيَا الْفَوْرِيَّةَ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: بِالْقَبُولِ) فَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ السَّفِيهُ فَلَا طَلَاقَ أَصْلًا؛ لِأَنَّ الصِّيغَةَ تَقْتَضِي الْقَبُولَ نَعَمْ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ وَلَمْ يُضْمِرْ الْتِمَاسَ الْقَبُولِ وَقَعَ الطَّلَاقُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الطَّلَاقِ هُنَا وَلَوْ بِلَفْظِهِ. اهـ. ق ل وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ لِنِيَّتِهِ وَلَوْ بِلَفْظِهِ لِذِكْرِ الْمَالِ الصَّرِيحِ فِي الْمُفَادَاةِ فَاحْتِيجَ لِنِيَّةٍ تَصْرِفُهُ عَنْ الْمُفَادَاةِ وَتُخَلِّصُهُ لِمَحْضِ حِلِّ الْعِصْمَةِ فَلَا إشْكَالَ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ إلَخْ) إلَّا إذَا خَشِيَ مِنْ الزَّوْجِ عَلَى مَالِهَا فَيَجُوزُ لَهُ صَرْفُ الْمَالِ فِيهِ، بَلْ يَجِبُ وَمَعَ ذَلِكَ تُطْلَقُ رَجْعِيًّا لِعَدَمِ صِحَّةِ الْمُقَابِلِ وَعَدَمِ مِلْكِ الزَّوْجِ لَهُ وَإِنَّمَا جَازَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ. اهـ. م ر وَسم عَلَى حَجَرٍ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ) إلَخْ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَقَعُ رَجْعِيًّا لِتَقْصِيرِهِ. اهـ. ق ل وَحَجَرٌ. (قَوْلُهُ: مُوَافِقٌ إلَخْ) قَدْ يُفَرَّقُ

ص: 232

وَبِهِ أَفْتَى السُّبْكِيُّ فِي قَوْلِهِ لَهَا: إنْ أَبْرَأْتِنِي مِنْ مَهْرِكِ فَأَنْت طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي هَذِهِ: لَا طَلَاقَ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْإِبْرَاءُ لَمْ يُوجَدْ قَالَ: وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْخُوَارِزْمِيَّ وَلَهُ أَعْنِي الْبُلْقِينِيَّ فِي صُورَةِ الْإِعْطَاءِ احْتِمَالَانِ أَرْجَحُهُمَا أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ بِالْإِعْطَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْمِلْكُ وَلَيْسَتْ كَالْأَمَةِ؛ لِأَنَّ تِلْكَ يَلْزَمُهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بِخِلَافِ السَّفِيهَةِ، وَالثَّانِي أَنْ يَنْسَلِخَ الْإِعْطَاءُ عَنْ مَعْنَاهُ الَّذِي هُوَ التَّمْلِيكُ إلَى مَعْنَى الْإِقْبَاضِ فَتَطْلُقُ رَجْعِيًّا. اهـ.

وَهَذَا، أَوْجَهُ تَنْزِيلًا لِإِعْطَائِهَا مَنْزِلَةَ قَبُولِهَا، وَالْهَاءُ فِي عَرُوضِ الْبَيْتِ وَضَرْبِهِ سَاكِنَةٌ فَفِيهِمَا تَذْيِيلٌ، وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ هَذَا الْبَيْتِ " لَا أَنَّ تَعَلُّقَهُ وَشَرْطٌ فِيهِ أَهْلُ الْتِزَامٍ، وَمِنْ السَّفِيهِ " بِتَحْرِيكِ الْهَاءِ فَلَا تَذْيِيلَ.

(وَ) الْخُلْعُ (بِدَمٍ) رَجْعِيٍّ؛ لِأَنَّ الدَّمَ لَا يُقْصَدُ بِحَالٍ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَطْمَعْ فِي شَيْءٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ فَإِنَّ الدَّمَ قَدْ يُقْصَدُ لِأَغْرَاضٍ وَقَضِيَّتُهُ وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَيَكُونُ ذِكْرُ الدَّمِ كَالسُّكُوتِ عَنْ الْمَهْرِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ ذِكْرَهُ مَا لَا يُقْصَدُ صَارِفٌ لِلَّفْظِ عَنْ اقْتِضَائِهِ الْعِوَضَ بِخِلَافِ السُّكُوتِ عَنْهُ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ قَائِلَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّمَ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَالرَّافِعِيُّ بَنَى كَلَامَهُ عَلَى أَنَّهُ مَقْصُودٌ، نَعَمْ أَجَابَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الدَّمَ، وَإِنْ قُصِدَ فَإِنَّمَا يُقْصَدُ لِأَغْرَاضٍ تَافِهَةٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَالْمَيْتَةُ قَدْ تَقْصِدُهُ لِإِطْعَامِ الْجَوَارِحِ وَلِلضَّرُورَةِ فَتَلْحَقُ بِالْخَمْرِ لَا بِالدَّمِ.

(وَشَرْطِ) أَيْ: وَالْخُلْعُ بِشَرْطِ (إعْطَاء الْحُرِّ) كَقَوْلِهِ: إنْ أَعْطَيْتِنِي هَذَا الْحُرَّ، أَوْ حُرًّا فَأَنْت طَالِقٌ فَتُعْطِيهِ رَجْعِيٌّ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ لَا يُمْلَكُ، فَالزَّوْجُ لَمْ يَطْمَعْ فِي شَيْءٍ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْغَزَالِيُّ تَبَعًا لِاخْتِيَارِ الْإِمَامِ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ أَنَّهُ بَائِنٌ بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا فِي الْخُلْعِ بِمَغْصُوبٍ (وَ) الْخُلْعُ بِشَرْطٍ (رَجْعَةٍ) كَخَالَعْتُكِ بِدِينَارٍ عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْكِ الرَّجْعَةَ رَجْعِيٌّ لِتَنَافِي شَرْطَيْ الْمَالِ وَالرَّجْعَةِ فَيَتَسَاقَطَانِ وَيَبْقَى أَصْلُ الطَّلَاقِ وَقَضِيَّتُهُ ثُبُوتُ الرَّجْعَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَالَعَهَا بِدِينَارٍ عَلَى أَنَّهُ مَتَى شَاءَ رَدَّهُ، وَلَهُ الرَّجْعَةُ يَقَعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِرِضَاهُ بِسُقُوطِهَا هُنَا وَمَتَى سَقَطَتْ لَا تَعُودُ.

(وَمِنْ أَبِيهَا يَجْرِي وَلَا نِيَابَةً وَلَا اسْتِقْلَالَا أَبْدَى بِمَا مِنْ مَالِ بِنْتِي قَالَا) بِأَلْفِ الْإِطْلَاقِ أَيْ: وَالْخُلْعُ الْجَارِي مِنْ أَبِيهَا بِشَيْءٍ قَالَ: إنَّهُ مِنْ مَالِهَا، وَلَا أَظْهَرُ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ نِيَابَةً عَنْهَا، وَلَا اسْتِقْلَالًا رَجْعِيٌّ كَخُلْعِ السَّفِيهِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ وَإِنْ كَانَ أَهْلًا لِلْقَبُولِ، لَكِنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي مَالِهَا كَالسَّفِيهِ وَهِيَ لَمْ تَلْتَزِمْ مَالًا فَلَا يُمْكِنُ مُطَالَبَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَالزَّوْجُ مُسْتَقِلٌّ بِالطَّلَاقِ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا وَهَذَا التَّوْجِيهُ مَوْجُودٌ فِي اخْتِلَاعِهَا بِمَغْصُوبٍ وَلِهَذَا خَرَّجَ الْقَاضِي هُنَا وَجْهًا أَنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَفَرَّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الزَّوْجَةَ تَبْذُلُ الْمَالَ لِيُصَيِّرَ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ لَهَا وَالزَّوْجُ لَمْ يَبْذُلْ الْمِلْكَ لَهَا مَجَّانًا فَلَزِمَهَا الْمَالُ وَالْأَبُ مُتَبَرِّعٌ بِمَا يَبْذُلُهُ، لَا تَحْصُلُ لَهُ فِيهِ فَائِدَةٌ فَإِذَا أَضَافَ إلَى مَالِهَا فَقَدْ صَرَّحَ بِتَرْكِ التَّبَرُّعِ، وَبَنَى الْبَغَوِيّ عَلَى الْفَرْقِ أَنَّهُ لَوْ خَالَعَ الْأَجْنَبِيُّ بِمَغْصُوبٍ، أَوْ غَيْرِ مَالٍ وَقَعَ رَجْعِيًّا، كَمَا قَدَّمْتُهُ، فَإِنْ أَبْدَى نِيَابَةً لَمْ تَطْلُقْ، كَمَا سَيَأْتِي، أَوْ اسْتِقْلَالًا بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ عَلَيْهِ، كَمَا مَرَّ.

وَكَذَا لَوْ

ــ

[حاشية العبادي]

الزَّوْجَةِ لِلِالْتِزَامِ، أَوْجَبْنَا مَهْرَ الْمِثْلِ فَتَأَمَّلْ سم. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي أَنْ يُفْسَخَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: قِيَاسُ هَذَا أَنْ يَنْسَلِخَ الْإِبْرَاءُ عَنْ مَعْنَاهُ الَّذِي هُوَ جَعْلُ الذِّمَّةِ بَرِيئَةً، إلَى مَعْنَى الْإِتْيَانِ بِالصِّيغَةِ، وَهَذَا يُوَافِقُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ السُّبْكِيّ فِي الْإِبْرَاءِ.

(قَوْلُهُ: كَخَالَعْتُكِ بِدِينَارٍ عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْكِ الرَّجْعَةَ) مِثْلُهُ: إنْ أَبْرَأْتِنِي مِنْ صَدَاقِكِ، فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً، كَمَا أَفْتَى بِهِ جَمْعٌ أَخْذًا مِنْ فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ، وَأَجْرَوْا فِيهِ التَّوْجِيهَ الْمَذْكُورَ بِقَوْلِهِ: لِتَنَافِي إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَاهُ بُطْلَانُ الْبَرَاءَةِ) لِقَوْلِهِمْ: فَلْيَتَسَاقَطَا، وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ، كَمَا بَيَّنَّا بِهَامِشِ شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلشِّهَابِ فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ: بِمَغْصُوبٍ) بِأَنْ صَرَّحَ بِهَذَا الْوَصْفِ. (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتِقْلَالًا بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ عَلَيْهِ) قَالَ السُّبْكِيُّ: وَالْمُرَادُ بِتَصْرِيحِهِ بِالِاسْتِقْلَالِ أَنْ يَقُولَ: اخْتَلَعْتُ لِنَفْسِي، أَوْ عَنْ نَفْسِي. اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ صَرِيحَ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْأَبَ إذَا قَالَ: خَالَعْتُكِ عَلَى عَبْدِهَا هَذَا لِنَفْسِي، أَوْ عَنْ نَفْسِي وَقَعَ الطَّلَاقُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَبِكَوْنِ ذَلِكَ نَظِيرَ مَا لَوْ قَالَ: خَالَعْتُكِ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ صَدَاقِهَا وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ، قَالَ شَيْخُنَا الْبُرُلُّسِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ جَلِيٌّ قَالَ: لَكِنْ رُبَّمَا يَلْزَمُ هَذَا أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ إذَا قَالَ: خَالَعْتُكِ عَلَى عَبْدِهَا هَذَا عَنْ نَفْسِي، أَوْ لِنَفْسِي يَكُونُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ لِتَصْرِيحِهِ بِالِاسْتِقْلَالِ، بَلْ لَوْ قَالَ: عَلَيَّ عَبْدُ فُلَانٍ هَذَا الْمَغْصُوبُ لِنَفْسِي يَكُونُ كَذَلِكَ أَيْضًا، وَيَلْزَمُ أَيْضًا مِثْلُهُ: فِيمَا لَوْ قَالَ: عَلَيَّ الْبَرَاءَةُ مِنْ صَدَاقِهَا، وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ وَيَكُونُ مَحَلُّ قَوْلِهِمْ إذَا صَرَّحَ الْأَجْنَبِيُّ بِالْغَصْبِ يَقَعُ رَجْعِيًّا عِنْدَ عَدَمِ تَصْرِيحِهِ بِالِاسْتِقْلَالِ أَوْ الضَّمَانِ، وَلَا مَانِعَ مِنْ الْتِزَامِ ذَلِكَ كُلِّهِ. اهـ. وَذَكَرَ نَحْوَ ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ، فَإِنَّهُ قَيَّدَ الْوُقُوعَ رَجْعِيًّا فِيمَا إذَا خَالَعَ الْأَجْنَبِيُّ بِنَحْوِ مَغْصُوبٍ، وَصَرَّحَ بِالْمَانِعِ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَضْمَنْ، أَوْ يُصَرِّحْ بِالِاسْتِقْلَالِ قَالَ: أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي خُلْعِ الْأَبِ الْمُنَزَّلِ مَنْزِلَتَهُ الْأَجْنَبِيُّ بِعَبْدِهَا مَثَلًا. اهـ. وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَبِ، وَالْأَجْنَبِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْتُ فِي

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: وَبِهِ أَفْتَى السُّبْكِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ لِعَدَمِ حُصُولِ الْبَرَاءَةِ.

(قَوْلُهُ: أَرْجَحُهُمَا إلَخْ) ، كَذَا م ر وَلَمْ يَسْتَوْجِهْ غَيْرَهُ.

(قَوْلُهُ: كَالسُّكُوتِ عَنْ الْمَهْرِ) لَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ لَفْظَ الْخُلْعِ صَرِيحٌ بِدُونِ ذِكْرِ الْمَالِ وَنِيَّتِهِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ مَالِهَا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ أَظْهَرُ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ

ص: 233

اخْتَلَعَ بِمَالِهَا وَلَمْ يَقُلْ: إنَّهُ مِنْ مَالِهَا؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْمَالَ فِي نَفْسِهِ فَكَانَ كَخُلْعِهَا بِمَغْصُوبٍ (وَبِبَرَاءَةٍ عَنْ الْمَهْرِ وَأَنْ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ (وَالِدُهَا) بِالرَّفْعِ بِمَا يُفَسِّرُهُ ضَمِنَ فِي قَوْلِهِ (إبْرَاءَهُ) بِالْمَدِّ (عَنْهُ ضَمِنْ) وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أَنْ مُخَفَّفَةً مِنْ الثَّقِيلَةِ وَيُنْصَبُ وَالِدُهَا بِأَنَّهُ اسْمُهَا قَالَ أَبُو حَيَّانَ: أَطْلَقَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا جَوَازَ إعْمَالِهَا مُخَفَّفَةً فِي الِاسْمِ الظَّاهِرِ مِنْ غَيْرِ اضْطِرَارٍ، وَلَا ضَعْفٍ أَيْ: وَخُلْعُ الْأَبِ بِبَرَاءَةِ الزَّوْجِ عَنْ مَهْرِهَا، أَوْ بِأَنَّهُ يَضْمَنُ بَرَاءَتَهُ عَنْهُ رَجْعِيٌّ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْإِبْرَاءُ وَلَمْ يَلْتَزِمْ فِي نَفْسِهِ شَيْئًا فَلَمَّا فَاتَ الْعِوَضُ أَشْبَهَ السَّفِيهَ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهُ لَا مَعْنًى لِضَمَانِ الْبَرَاءَةِ فَيَلْغُو وَتَبِعَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا قَدَّمَهُ فِيمَا لَوْ خَالَعَ بِشَرْطِ أَنَّهُ ضَامِنٌ لِلْمَهْرِ إنْ طُولِبَ بِهِ الزَّوْجُ مِنْ وُقُوعِهِ بَائِنًا الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَاَلَّذِي أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ أَنَّهُ إذَا خَالَعَهُ بِالْبَرَاءَةِ عَنْ الْمَهْرِ وَضَمِنَ لَهُ دَرَكَهُ وَقَعَ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْمَالَ فِي نَفْسِهِ فَأَشْبَهَ الْخُلْعَ بِمَغْصُوبٍ وَبِعَدَمِ الْفَرْقِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَالْمُرَادُ بِالضَّمَانِ هُنَا الِالْتِزَامُ لَا الْمُفْتَقِرُ إلَى أَصِيلٍ (أَوْ) بِأَنْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا (أَنْت إنْ طَلَّقْتَنِي بَرِيُّ) مِنْ مَهْرِي (فَطَلَّقَ الزَّوْجُ فَذَا رَجْعِيُّ) ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْإِبْرَاءِ لَغْوٌ وَالطَّلَاقُ طَمَعًا فِيهِ بِغَيْرِ لَفْظٍ صَحِيحٍ فِي الِالْتِزَامِ لَا يُوجِبُ عِوَضًا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا يَبْعُدُ إلْحَاقُهُ بِالْعِوَضِ الْفَاسِدِ لِطَمَعِهِ فِي حُصُولِ الْبَرَاءَةِ وَرَغْبَتِهَا فِي الطَّلَاقِ بِهَا، ثُمَّ أَوْرَدَ هَذَا فِي آخِرِ الْبَابِ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي وَأَقَرَّهُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ مَجَّانًا بِالْإِبْرَاءِ وَظَنَّ صِحَّتَهُ وَاخْتَارَ هَذَا صَاحِبُ الْبَيَانِ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَاعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنْ ظَنَّ الزَّوْجُ الصِّحَّةَ فَبَائِنٌ وَإِنْ عَلِمَ الْبُطْلَانَ فَرَجْعِيٌّ وَهَذَا أَخَذَهُ مِنْ تَعْلِيلِ الرَّافِعِيِّ السَّابِقِ أَمَّا تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالْإِبْرَاءِ فَصَحِيحٌ فَإِنْ عَلَّقَهُ بِالْإِبْرَاءِ مِمَّا لَهَا عَلَيْهِ فَبَائِنٌ، أَوْ مِمَّا لَهَا عَلَى غَيْرِهِ فَرَجْعِيٌّ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْقَفَّالِ وَأَقَرَّهُ؛ لِأَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ مَحْضُ تَعْلِيقٍ، وَفِي الْأُولَى مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ وَصَحَّحَهُ فِيهَا صَاحِبُ الْكَافِي وَجَزَمَ بِهِ فِي الثَّانِيَةِ.

(وَ) لَوْ قَالَ (لِسَفِيهَتَيْنِ) مَحْجُورٍ عَلَيْهِمَا (طَلَّقْتُكُمَا عَلَى كَذَا

ــ

[حاشية العبادي]

الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ: فَإِنْ قَالَ الْأَبُ، أَوْ الْأَجْنَبِيُّ - غَيْرَ مُتَعَرِّضٍ لِاسْتِقْلَالٍ وَلَا نِيَابَةٍ -: طَلِّقْهَا عَلَى عَبْدِهَا، أَوْ عَلَى هَذَا الْمَغْصُوبِ، أَوْ الْخَمْرِ وَقَعَ رَجْعِيًّا. اهـ. فَقَوْلُهُ: غَيْرَ مُتَعَرِّضٍ لِاسْتِقْلَالٍ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ إذَا تَعَرَّضَ لَهُ مَعَ قَوْلِهِ: عَلَى عَبْدِهَا، أَوْ عَلَى هَذَا الْمَغْصُوبِ كَانَ بَائِنًا عَلَى وَفْقِ قَوْلِ شَيْخِنَا لَكِنْ رُبَّمَا يَلْزَمُ هَذَا أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بَيَّنَهَا) أَيْ: الثَّانِيَةَ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ إذَا خَالَعَهُ بِالْبَرَاءَةِ إلَخْ) أَيْ: وَهَذَا حَاصِلُ مَا تَقَدَّمَ فِي تَصْوِيرِ الثَّانِيَةِ مِنْ أَنْ يَضْمَنَ بَرَاءَتَهُ عَنْهُ. (فَرْعٌ)

وَلَوْ قَالَ: إنْ أَبْرَأْتِينِي فَأَنْت طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ بَرَاءَةً صَحِيحَةً وَقَعَ بَائِنًا، أَوْ فَاسِدَةً لَمْ يَقَعْ، فَلَوْ قَالَ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ الْفَاسِدَةِ: أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنْ قَصَدَ الْإِخْبَارَ وَطَابَقَ الْمُعَلَّقَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا بِأَنْ خَالَفَ بِأَنْ كَانَ الْمُعَلَّقُ وَاحِدَةً فَطَلَّقَ ثِنْتَيْنِ، أَوْ قَصَدَ الْإِنْشَاءَ وَقَعَ وَلَا اعْتِبَارَ بِقَصْدِ الْإِخْبَارِ مَعَ عَدَمِ الْمُطَابَقَةِ. (قَوْلُهُ: لِطَمَعِهِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ يَقَعُ رَجْعِيًّا، وَإِنْ وُجِدَ الطَّمَعُ وَالرَّغْبَةُ الْمَذْكُورَانِ نَعَمْ لَوْ قَالَ: أَرَدْتُ بِقَوْلِي: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ صَحَّتْ الْبَرَاءَةُ، أَوْ إنْ بَرِئْتُ مِنْ صَدَاقِكِ فَيَنْبَغِي قَبُولُهُ: ظَاهِرًا وَبَاطِنًا؛ لِوُجُودِ الْقَرِينَةِ حَتَّى لَا يَقَعَ عَلَيْهِ طَلَاقٌ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ حِينَئِذٍ وَلَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَلَّقَهُ بِالْإِبْرَاءِ مِمَّا لَهَا عَلَيْهِ فَبَائِنٌ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ هُنَا بَيْنَ الْمَدْخُولَةِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ غَيْرَهَا وَإِنْ بَانَ بِالطَّلَاقِ مَجَّانًا لَا مَانِعَ مِنْ أَنْ تَبِينَ بِجِهَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: مِمَّا لَهَا عَلَى غَيْرِهِ فَرَجْعِيٌّ) فَلَوْ عَلَّقَهُ بِإِبْرَائِهَا مِمَّا لَهَا عَلَيْهِ، وَمِمَّا لَهَا عَلَى غَيْرِهِ مَعًا فَأَبْرَأَتْهُ مِنْهُمَا بَرَاءَةً صَحِيحَةً فَالْمُتَّجَهُ الْوُقُوعُ بَائِنًا نَظَرًا لِإِبْرَائِهَا مِمَّا لَهَا عَلَيْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: لَا الْمُفْتَقِرُ إلَى أَصِيلٍ) وَلَوْ قَالَ لِأَبِيهَا: إنْ ضَمِنْتَ الْأَلْفَ الَّذِي لِي عَلَى فُلَانٍ فَابْنَتُكَ طَالِقٌ فَضَمِنَهُ اُتُّجِهَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بَائِنًا، كَمَا اسْتَوْجَهَهُ سم فِيمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ فَضَمِنَتْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ خَالَعَ أَبُوهَا بِشَرْطِ أَنْ يَضْمَنَ لَهُ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ فَحَرِّرْهُ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ) وَأَجَابَ بِهِ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ وَالْغَزَالِيُّ. اهـ. سم عَنْ السُّيُوطِيّ وَحَاصِلُ الْأَقْوَالِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةٌ يَقَعُ رَجْعِيًّا، وَلَا مَالَ يَقَعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ يَقَعُ بَائِنًا بِالْبَرَاءَةِ عَمَّا أَبْرَأَتْهُ وَهَذَا أَضْعَفُهَا، وَالْمُعْتَمَدُ الْوُقُوعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَاعْتَمَدَهُ حَجَرٌ الْأَوَّلُ مُطْلَقًا قَالَ: لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْبَرَاءَةِ يُبْطِلُهَا وَهُوَ لَمْ يُعَلِّقْ عَلَى شَيْءٍ وَإِيقَاعُهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا ظَنَّهُ مِنْ الْبَرَاءَةِ لَا يُفِيدُهُ لِتَقْصِيرِهِ بِعَدَمِ التَّعْلِيقِ عَلَيْهِ لَفْظًا بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ عَلَى مَا فِي الْكَفِّ. اهـ. وَجَزَمَ بِهِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَاعْتَمَدَ م ر مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ. (قَوْلُهُ: أَمَّا تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ بِالْإِبْرَاءِ إلَخْ) لَوْ قَالَ: إنْ أَبْرَأْتِنِي مِنْ حَقِّكِ طَلَّقْتُكِ فَأَبْرَأَتْهُ جَاهِلَةً بِالْمُبَرَّأِ مِنْهُ فَقَالَ: أَنْت طَالِقٌ فَإِنْ قَصَدَ الِانْتِقَامَ لِأَجْلِ صُدُورِ الْبَرَاءَةِ الدَّالَّةِ عَلَى رَغْبَتِهَا فِي فِرَاقِهِ وَقَعَ رَجْعِيًّا وَإِنْ أَرَادَ إنْ كَانَتْ الْبَرَاءَةُ صَحِيحَةً لَمْ يَقَعْ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا وَإِنَّمَا ظَنَّ نُفُوذَ الْبَرَاءَةِ فَنَجَّزَ الطَّلَاقَ لِظَنِّهِ ذَلِكَ وَلَمْ يَقْصِدْ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ عَلَى صِحَّتِهَا وَقَعَ رَجْعِيًّا وَلَا مَالَ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبُرُلُّسِيُّ: وَوَافَقَهُ م ر فَإِنْ كَانَتْ الْبَرَاءَةُ صَحِيحَةً بِأَنْ عَلِمَتْ الْمُبَرَّأَ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِقَوْلِهِ: طَلَّقْتُكِ التَّعْلِيقَ وَقَعَ رَجْعِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ لِتَقَدُّمِ الْبَرَاءَةِ عَلَيْهِ وَإِلَّا وَقَعَ بَائِنًا، وَلَوْ قَالَتْ لَهُ: بَذَلْتُ لَكَ صَدَاقِي عَلَى طَلَاقِي فَقَالَ: أَنْت طَالِقٌ عَلَى ذَلِكَ وَقَعَ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْبَرَاءَةِ حَتَّى يَقْتَضِيَ فَسَادُهَا عَدَمَ الْوُقُوعِ بَلْ تَعَلَّقَ بِالْبَذْلِ وَهُوَ لَمْ يَصِحَّ فَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَقَيَّدَهُ زي بِمَنْ جَهِلَ الْفَسَادَ

ص: 234

إنْ تَقْبَلَاهُ لَزِمَا) أَيْ: الطَّلَاقَ رَجْعِيًّا (لَا بَائِنًا) لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمَا لِلِالْتِزَامِ (وَإِنْ يَقُلْ لِمُطَلَّقَهْ) بِإِسْكَانِ الطَّاءِ أَيْ: لِمُطْلَقَةِ التَّصَرُّفِ (وَغَيْرِهَا) أَيْ سَفِيهَةٍ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا طَلَّقْتُكُمَا بِكَذَا (وَتَقْبَلَا فَالْمُلْحَقَهْ) بِالْمُطْلَقَةِ وَهِيَ السَّفِيهَةُ (تَطْلُقُ رَجْعِيًّا) لِمَا مَرَّ (وَالْأُولَى) وَهِيَ الْمُطْلَقَةُ تَطْلُقُ (بَائِنَا) ؛ لِأَنَّهَا أَهْلٌ لِلِالْتِزَامِ (لَكِنْ عَلَيْهَا مَهْرُ مِثْلٍ) لِلْجَهْلِ بِمَا يَلْزَمُهَا مِنْ الْمُسَمَّى (هَاهُنَا) تَكْمِلَةٌ وَ (لَوْ فَرْدَةٌ) مِنْهُمَا (تَقْبَلُ مَا أَلْحَقْنَا شَيْئًا) مِنْ الطَّلَاقِ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ مَعَهُمَا يَقْتَضِي الْقَبُولَ مِنْهُمَا (وَحَيْثُ قَالَتَا: طَلِّقْنَا عَلَى كَذَا فَامْتَثَلَ الْأَمْرَ خُذِي بِبَائِنٍ وَضِدِّهِ فِي ذِي وَذِي) أَيْ: خُذْ بِالطَّلَاقِ الْبَائِنِ فِي الْمُطَلَّقَةِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَبِالرَّجْعِيِّ فِي غَيْرِهَا لِمَا مَرَّ (وَإِنْ يُجِبْ مُطْلَقَةً) فَقَطْ (بَانَتْ) بِمَهْرِ الْمِثْلِ (وَلَوْ يُجَاوَبُ الْأُخْرَى) فَقَطْ (فَرَجْعِيًّا رَأَوْا) وَأُصُولُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ قَدْ تَقَدَّمَتْ.

(وَنَافِذٌ خُلْعُ مَرِيضَةٍ) مَرَضَ الْمَوْتِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَفُوقُ مَهْرَ الْمِثْلِ فَالْمُسَمَّى مَحْسُوبٌ مِنْ رَأْسِ مَالِهَا وَلَمْ يَعْتَبِرُوهُ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ اُعْتُبِرَ وَأَخْلَعَ الْمُكَاتَبَةَ تَبَرُّعًا؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمَرِيضِ، أَوْسَعُ وَمِلْكُهُ أَتَمُّ بِدَلِيلِ جَوَازِ صَرْفِهِ الْمَالَ فِي شَهَوَاتِهِ، وَنِكَاحِ الْأَبْكَارِ بِمُهُورِ أَمْثَالِهِنَّ وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ وَطِئَهُنَّ، وَيَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْمُوسِرِينَ، وَالْمُكَاتَبُ لَا يَتَصَرَّفُ إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا نَفَقَةُ الْمُعْسِرِينَ فَنَزَلَ الْخُلْعُ فِي حَقِّهِ مَنْزِلَةَ التَّبَرُّعِ لِكَوْنِهِ مِنْ قُبَيْلِ قَضَاءِ الْأَوْطَارِ الَّذِي يُمْنَعُ مِنْهُ الْمُكَاتَبُ دُونَ الْمَرِيضِ (وَإِنْ) كَانَ (بِفَوْقِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَالزَّائِدُ) عَلَيْهِ مَحْسُوبٌ (مِنْ ثُلُثٍ) أَيْ: ثُلُثِ مَالِهَا، وَلَا يَكُونُ وَصِيَّةً لِوَارِثٍ لِخُرُوجِهِ بِالْخُلْعِ عَنْ كَوْنِهِ وَارِثًا نَعَمْ إنْ وَرِثَ بِجِهَةٍ أُخْرَى كَابْنِ عَمٍّ، أَوْ مُعْتَقٍ فَالزَّائِدُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ (وَ) لَوْ اخْتَلَعَتْ الْمَرِيضَةُ (بِالْعَبْدِ) أَيْ: بِعَبْدٍ (مُسَاوِي الْأَلْفِ وَمَهْرُ مِثْلِ هَذِهِ) الْمَرِيضَةِ (كَالنِّصْفِ) لِلْأَلْفِ أَيْ: خَمْسُمِائَةٍ، فَإِنْ خَرَجَ قَدْرُ الْمُحَابَاةِ مِنْ ثُلُثِهَا (وَيَكُونُ هَذَا الْعَبْدُ) كُلُّهُ (لِلْمُخْتَلَعِ) نِصْفُهُ مُعَاوَضَةً وَنِصْفُهُ وَصِيَّةً.

(وَقَدْرُ مَا حَابَتْهُ إنْ لَمْ يَطْلُعْ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ قَدْرُ مَا حَابَتْ بِهِ زَوْجَهَا (مِنْ ثُلْثِهَا) وَعَلَيْهَا دَيْنٌ (وَاسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ) مَالَهَا، فَإِنْ شَاءَ (رَضِي) أَيْ: الزَّوْجُ (بِنِصْفِ هَذَا الْعَبْدِ) وَلَا شَيْءَ لَهُ سِوَاهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْمُحَابَاةِ (أَوْ فَلْيَنْقُضْ مَا كَانَ سَمَّى) أَيْ: يَفْسَخُهُ لِلتَّشْقِيصِ (وَبِمَهْرِ مِثْلِهَا ضَارَبَهُمْ) أَيْ: الْغُرَمَاءَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ الدَّيْنُ مَالَهَا أَخَذَ مِنْ الْعَبْدِ نِصْفَهُ، وَقَدْرَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ، أَوْ فَسَخَ الْمُسَمَّى وَضَارَبَهُمْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَا شَيْءَ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ، وَقَدْ ارْتَفَعَتْ بِالْفَسْخِ (وَتِلْكَ) أَيْ: الْمَرِيضَةُ (إنْ كَانَ لَهَا وَصِيَّةٌ) أُخْرَى، وَلَا دَيْنَ عَلَيْهَا، فَإِنْ شَاءَ الزَّوْجُ (يَأْخُذُ نِصْفَ الْعَبْدِ مُضَارِبًا) أَهْلَ الْوَصِيَّةِ (فِي نِصْفِهِ) الْآخَر (مِنْ بَعْدِ) ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فِيهِ كَأَحَدِهِمْ (أَوْ الْمُسَمَّى يَفْسَخَنْ وَقُدِّمَا) أَيْ: الزَّوْجُ عَلَى الْوَصِيَّةِ (بِمَهْرِ مِثْلٍ) ، وَلَا شَيْءَ لَهُ بِهَا لِمَا مَرَّ وَإِنَّمَا تُتَّجَهُ الْمُضَارَبَةُ، كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: فِي وَصِيَّةٍ مُنَجَّزَةٍ مُقَارِنَةٍ لِوَصِيَّةِ الْخُلْعِ، وَإِلَّا فَلَا مُضَارَبَةَ لِتَقَدُّمِ التَّبَرُّعِ الْمُنَجَّزِ عَلَى الْمُعَلَّقِ بِالْمَوْتِ، وَتَقَدَّمَ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ مِنْ الْمُنَجَّزِ (وَهُمَا) أَيْ: الدَّيْنُ وَالْوَصِيَّةُ (إنْ عُدِمَا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا (فَثُلْثَيْ الْعَبْدِ) حَيْثُ لَا مَالَ لَهَا غَيْرُهُ (حَوَى) أَيْ: الزَّوْجُ نِصْفَهُ مُعَاوَضَةً وَسُدُسَهُ وَصِيَّةً وَهُوَ ثُلُثُ الْبَاقِي (أَوْ يَنْقُضُ هَذَا) أَيْ: الْمُسَمَّى (وَمَهْرُ الْمِثْلِ عَنْهُ عِوَضُ) أَيْ: عِوَضٌ عَنْ الْمُسَمَّى وَلَا شَيْءَ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ لِمَا مَرَّ، وَأَمَّا خُلْعُ الْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ فَيَصِحُّ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ لَا يَبْقَى لِلْوَارِثِ لَوْ لَمْ يُخَالِعْ فَلَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِهِ مِنْ الثُّلُثِ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ مُسْتَوْلَدَتَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لَا يَعْتَبِرُ قِيمَتَهَا مِنْ الثُّلُثِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَإِنْ خَرَجَ قَدْرُ الْمُحَابَاةِ مِنْ ثُلُثِهَا يَكُونُ هَذَا الْعَبْدُ كُلُّهُ لِلْمُخْتَلَعِ نِصْفُهُ مُعَاوَضَةً وَنِصْفُهُ وَصِيَّةً) لَوْ كَانَ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ، يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: إنْ شَاءَ رَضِيَ بِنِصْفِ الْعَبْدِ، وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ وَضَارَبَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مَعَ الْغُرَمَاءِ، فَانْظُرْ لِمَ خَصَّ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَطَّلِعْ قَدْرَ الْمُحَابَاةِ مِنْ الثُّلُثِ سم. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ صِحَّةِ الْمُحَابَاةِ) فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ فِي نَفْسِهَا حَتَّى لَوْ أَبْرَأَ أَصْحَابَ الدَّيْنِ مِنْهُ نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ فِيهَا، فَلْيُرَاجَعْ. . (قَوْلُهُ: أَيْ: الْغُرَمَاءَ) أَيْ وَلَا شَيْءَ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ لِمَا يَأْتِي وَقَدْ يَرْجِعُ هَذَا الْآتِي لِمَا هُنَا أَيْضًا. (قَوْلُهُ: فَثُلُثَيْ الْعَبْدِ) لَعَلَّهُ إذَا لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ إنْ كَانَتْ فَإِنْ أَجَازَتْ فَلَهُ الْكُلُّ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا مَالَ لَهَا غَيْرُهُ) بِهَذَا يَظْهَرُ إشْكَالُ الْمَتْنِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ مُصَوَّرَةٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهَا مَالٌ غَيْرُهُ، وَمَا قَبْلَهَا بِمَا إذَا كَانَ وَهَذَا التَّفَاوُتُ غَيْرُ مَفْهُومٍ مِنْهُ سم

ــ

[حاشية الشربيني]

وَإِلَّا وَقَعَ رَجْعِيًّا. اهـ. مِنْ م ر وَق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ: إنْ تَقَبَّلَاهُ إلَخْ) لِأَنَّ الْخِطَابَ مَعَهُمَا يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ قَبُولِهِمَا كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: فَالزَّائِدُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ) فَيَحْتَاجُ إلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ فَإِنْ رَدُّوا وَلَمْ يَرْضَ بِمَا فَضَلَ، رَجَعَ لِمَهْرِ الْمِثْلِ دَيْنًا فِي التَّرِكَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا رَضِيَ بِمَا فَضَلَ الْمُسَاوِي لِمَهْرِ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ حَقُّهُ بِالْعَيْنِ. اهـ. ق ل مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ لَهَا وَصِيَّةٌ أُخْرَى) أَيْ: وَزَاحَمَتْهُ أَرْبَابُ الْوَصَايَا، كَمَا فِي الرَّوْضِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تُزَاحِمْهُ بِأَنْ خَرَجَتْ مَعَ نِصْفِ الْعَبْدِ الْآخَرِ مِنْ الثُّلُثِ فَلَا مُضَارَبَةَ وَهُوَ ظَاهِرٌ

ص: 235

وَلِأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ بِلَا عِوَضٍ لَمْ يُعْتَبَرْ قِيمَةُ الْبُضْعِ مِنْ الثُّلُثِ.

(وَفِي اخْتِلَاعِ أَمَةٍ)، وَلَوْ سَفِيهَةً (وَ) قَدْ (أَذِنَا سَيِّدُهَا) فِيهِ (يَكُونُ) مُسَمَّاهُ حَيْثُ عَيْنُهُ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ (مِمَّا عَيَّنَا وَ) يَكُونُ مِنْ (كَسْبِ هَذِهِ) الْأَمَةِ (وَمَا تَتَّجِرُ فِيهِ) لِسَيِّدِهَا (مُسَمَّى سَيِّدٍ) حَيْثُ (يُقَدَّرُ) أَيْ: يَقْدِرُهُ (دَيْنًا وَمَهْرُ الْمِثْلِ لِلْإِطْلَاقِ) أَيْ: حَيْثُ يُطْلَقُ فَقَوْلُهُ: مُسَمًّى سَيِّدِ إلَى آخَرِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى اسْمِ يَكُونُ وَمَا قَبْلَهُ مَعْطُوفٌ عَلَى خَبَرِهَا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُكْتَسِبَةً، وَلَا مَأْذُونًا لَهَا فِي التِّجَارَةِ بَقِيَ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهَا إلَى عِتْقِهَا وَيَسَارِهَا (وَمَا تَزِدْ) هـ الْأَمَةُ عَلَى الْمُقَدَّرِ فِي التَّقْدِيرِ وَعَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فِي الْإِطْلَاقِ (تَغْرَمْهُ بِالْإِعْتَاقِ) أَيْ: بِسَبَبِهِ يَعْنِي بَعْدَهُ وَسَيَأْتِي حُكْمُ مَا لَوْ جَرَى الْخُلْعُ بِرَقَبَتِهَا.

(وَالشَّرْطُ وَالْإِخْبَارُ) مِنْ الزَّوْجَةِ كَطَلِّقْنِي عَلَى أَنَّ لَكِ عَلَيَّ أَلْفًا وَكَطَلِّقْنِي وَلَكِ عَلَيَّ أَلْفٌ (كَالْتِزَامِ) مِنْهَا لِلْعِوَضِ بِصِيغَةِ الْمُعَاوَضَةِ كَطَلِّقْنِي بِأَلْفٍ. وَعِبَارَةُ الْحَاوِي الْتِزَامٌ بِلَا كَافٍ وَالْمُرَادُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا صَرِيحُ الْتِزَامٍ مِنْهَا فَإِذَا طَلَّقَهَا عَقِبَهُ وَقَعَ بَائِنًا بِالْمُسَمَّى، أَمَّا فِي الشَّرْطِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الْإِخْبَارِ فَلِصَلَاحِيَّةِ صِيغَتِهِ لِلِالْتِزَامِ قَالَ تَعَالَى {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ} [يوسف: 72] وَلِقَرِينَةِ الْإِتْيَانِ بِهَا عَقِبَ السُّؤَالِ وَمِثْلُهُ قَوْلُهَا: طَلِّقْنِي وَأَضْمَنُ لَكِ كَذَا؛ لِأَنَّ لَفْظَ الضَّمَانِ يُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ بِخِلَافِ قَوْلِهَا: طَلِّقْنِي وَأُعْطِيكَ كَذَا فَيَقَعُ الطَّلَاقُ عَقِبَهُ رَجْعِيًّا وَالشَّرْطُ وَالْإِخْبَارُ مِنْ الزَّوْجِ كَطَلَّقْتُكِ عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْكِ أَلْفًا وَكَطَلَّقْتُكِ وَلِي عَلَيْكِ أَلْفٌ (غَيْرُ مُصَرِّحَيْنِ بِالْإِلْزَامِ) مِنْهُ لَهَا بِعِوَضٍ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهِمَا رَجْعِيًّا سَوَاءٌ قَبِلَتْ أَمْ لَا، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ صِيغَةُ شَرْطٍ وَلَيْسَ مِنْ قَضَايَا الطَّلَاقِ فَيَلْغُو كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَنْ لَا أَتَزَوَّجَ بَعْدَكِ، أَوْ عَلَى أَنَّ لَكِ عَلَيَّ كَذَا.

وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا التَّعْلِيلِ عَلَى أَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ ذَلِكَ صَرِيحُ إلْزَامٍ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا، وَلَا شَرْطًا، بَلْ جُمْلَةً مَعْطُوفَةً عَلَى الطَّلَاقِ فَلَا يَتَأَثَّرُ بِهَا وَفَارَقَ جَانِبَ الزَّوْجَةِ بِأَنَّ الْمُتَعَلِّقَ لَهَا الْتِزَامُ الْمَالِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ لَفْظُهَا وَالزَّوْجُ يَنْفَرِدُ بِالطَّلَاقِ فَإِذَا لَمْ يَأْتِ بِصِيغَةِ مُعَاوَضَةِ حُمِلَ لَفْظُهُ عَلَى مَا يَنْفَرِدُ بِهِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ فِي الْإِلْزَامِ حَتَّى لَوْ قَالَ: أَرَدْت مَا يُرَادُ بِطَلَّقْتُكِ بِكَذَا وَصَدَّقَتْهُ وَقَعَ بَائِنًا بِالْمُسَمَّى إنْ قَبِلَتْ وَإِلَّا فَلَا يَقَعُ شَيْءٌ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْإِخْبَارِ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَشِعْ فِي الْعُرْفِ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْإِلْزَامِ وَإِلَّا فَهُوَ كَقَوْلِهِ: طَلَّقْتُكِ عَلَى أَلْفٍ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا لَمْ يُسْبَقْ طَلَبُهَا بِعِوَضٍ وَإِلَّا، فَإِنْ أَبْهَمَتْهُ كَطَلِّقْنِي بِعِوَضٍ، فَإِنْ أَجَابَ بِمُعَيَّنٍ كَطَلَّقْتُكِ وَلِي عَلَيْكِ أَلْفٌ فَمُبْتَدِئٌ، فَإِنْ قَبِلَتْ بَانَتْ بِهِ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ، أَوْ بِمُبْهَمٍ بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ عَيَّنَتْهُ فَأَجَابَ بِذِكْرِهِ وَقَعَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ سَفِيهَةً) تُحْمَلُ عَلَى مَنْ طَرَأَ سَفَهُهَا بَعْدَ رُشْدِهَا وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهَا م ر وَكَتَبَ أَيْضًا: فِيهِ إشْكَالٌ فِيمَا إذَا لَزِمَ الْمَالُ ذِمَّتَهَا بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مُكْتَسِبَةً وَلَا مَأْذُونَةً وَلَمْ يُعَيِّنْ السَّيِّدُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَى الْحُرَّةِ السَّفِيهَةِ وَمُجَرَّدُ إذْنِ السَّيِّدِ لَا يَقْتَضِي مَزِيَّتَهَا عَلَيْهَا، وَقَدْ يُوَجَّهُ إذْ لَمْ يَلْزَمْ ذِمَّتَهَا بِأَنْ عَيَّنَ السَّيِّدُ، أَوْ كَانَتْ مُكْتَسِبَةً، أَوْ مَأْذُونَةً بِأَنَّ الْمَنْعَ فِي الْحُرَّةِ لِلضَّرَرِ عَلَيْهَا وَلَا ضَرَرَ هُنَا، وَقَدْ يُقَالُ: لَا أَثَرَ لِعَدَمِ الضَّرَرِ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ مُعَاوَضَةٌ وَالسَّفَهَ يُنَافِي فِي صِحَّتِهَا. (قَوْلُهُ: مُسَمَّاهُ) اسْمُ يَكُونُ وَقَوْلُهُ: مِمَّا عَيَّنَا خَبَرُ يَكُونُ وَقَوْلُهُ: " كَسْبِ " عَطْفٌ عَلَى الْمَجْرُورِ فِي الْخَبَرِ وَقَوْلُهُ: سُمِّيَ سَيِّدُ مُسَمًّى عَطْفٌ عَلَى اسْمِ يَكُونُ. (قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى خَبَرِهَا) فِيهِ مُسَامَحَةٌ إلَّا أَنْ يُقَدِّرَ " مِنْ ". (تَنْبِيهٌ)

قَالَ فِي الرَّوْضِ " فَإِنْ قَالَ: اخْتَلِعِي بِمَا شِئْت فَلَا حَجْرَ، قَالَ فِي شَرْحِهِ: فَلَهَا أَنْ تَخْتَلِعَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَبِأَزْيَدَ مِنْهُ وَيَتَعَلَّقُ الْجَمِيعُ بِكَسْبِهَا أَوْ بِمَالِ تِجَارَةٍ بِيَدِهَا. اهـ.

(قَوْلُهُ: مِنْ الزَّوْجَةِ) بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: الْتِزَامٌ وَقَوْلُهُ: " عَلَى أَنْ " شَرْطٌ، وَقَوْلُهُ: وَلَكُمْ إلَخْ إخْبَارٌ. (قَوْلُهُ: بِهَا) أَيْ: صِيغَةٍ، وَقَوْلُهُ: السُّؤَالِ أَيْ: وَطَلِّقِي. (قَوْلُهُ: فَأَجَابَ بِذِكْرِهِ) بَقِيَ مَا إذَا أَجَابَ بِمُبْهَمٍ، فَهَلْ هُوَ مُبْتَدِئٌ؟

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: وَلَوْ سَفِيهَةً) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ هُوَ مُقْتَضَى نَصِّ الْأُمِّ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَمِثْلُهُ خ ط عَلَى الْمِنْهَاجِ، لَكِنْ فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ خُلْعُ الْأَمَةِ إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً، وَلَوْ حُكْمًا فَغَيْرُهَا وَلَوْ مُكَاتَبَةً كَالْحُرَّةِ السَّفِيهَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ. وَعِبَارَةُ زي عَلَى الْمَنْهَجِ قَوْلُهُ: أَمَةً أَيْ: رَشِيدَةً خِلَافًا لِمَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ سَفِيهَةً إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحُرَّةِ، وَالْأَمَةِ. اهـ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا يَعُمُّ الْمَأْذُونَةَ وَغَيْرَهَا وَفِي ع ش عَلَى م ر خِلَافُهُ فِي الْمَأْذُونَةِ ثُمَّ رَأَيْت حَجَرَ فِي التُّحْفَةِ قَالَ: إنَّ كَلَامَ الشَّيْخِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ قَاصِرٌ عَلَى الصِّحَّةِ بِالْعَيْنِ أَوْ الْكَسْبِ فِي صُورَتَيْهِمَا الْآتِيَتَيْنِ أَيْ: فِيمَا إذَا أَذِنَ وَعَيَّنَ عَيْنًا، أَوْ قَدَّرَ دَيْنًا أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَلْزَمُ ذِمَّتَهَا فِي الصُّوَرِ الْآتِيَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدَمِ الْحَجْرِ، كَمَا هُوَ وَاضِحٌ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُكْتَسِبَةً وَلَا مَأْذُونًا لَهَا فِي التِّجَارَةِ بَقِيَ إلَخْ فَلَا بُدَّ أَنْ يُحْمَلَ الشَّرْحُ عَلَى السَّفِيهَةِ الْمُهْمَلَةِ حَتَّى يَتِمَّ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُوَ كَقَوْلِهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَصْدِ الْإِلْزَامِ بِهَذَا اللَّفْظِ وَفِي التُّحْفَةِ خِلَافُهُ، وَحَاصِلُ مَا فِيهَا كَ م ر وَسم أَنَّهُ يَصِحُّ قَصْدُ الْإِلْزَامِ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَشِعْ الْعُرْفُ بِذَلِكَ وَأَنَّهُ إنْ شَاعَ عُرْفٌ بِذَلِكَ أَيْ: بِاسْتِعْمَالِهِ فِي الْإِلْزَامِ صَدَقَ فِي إرَادَتِهِ وَإِنْ لَمْ تَصْدُقْهُ الْمُخْتَلِعَةُ فِي تِلْكَ الْإِرَادَةِ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ حِينَئِذٍ بِالْإِشَاعَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَشِعْ عُرْفٌ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: عَلَيْهَا حَيْثُ لَمْ تَصْدُقْهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَبْهَمَتْهُ إلَخْ) وَلَوْ عَيَّنَتْ فَأَجَابَ بِمُبْهَمٍ فَمُبْتَدِئٍ أَيْضًا فَإِنْ قَبِلَتْ بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَإِلَّا فَلَا وُقُوعَ. اهـ. سم وَع ش. (قَوْلُهُ: فَمُبْتَدِئٌ) عِبَارَةُ حَجَرٍ وَم ر فَكَمُبْتَدِئِ. اهـ. أَيْ: لِأَنَّهُ قَالَهُ

ص: 236

وَقَعَ بِهِ، كَمَا سَيَأْتِي فَمَعَ ذِكْرِهِ أَوْلَى.

فَإِنْ ادَّعَى قَصْدَ الِابْتِدَاءِ صَدَقَ بِيَمِينِهِ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا، أَوْ قَصَدَ الْجَوَابَ وَكَذَّبَتْهُ صَدَقَتْ بِيَمِينِهَا لِنَفْيِ الْعِوَضِ وَلَا رَجْعَةَ (قُلْتُ مِنْ الشَّرْطِ) الصَّادِقِ بِالْإِلْزَامِيِّ وَالتَّعْلِيقِيِّ قَوْلُهُ: مَثَلًا: طَلَّقْتُكِ (عَلَى أَنَّ لِيَهْ) بِهَاءِ السَّكْتِ (عَلَيْكِ أَلْفًا) وَهُوَ الشَّرْطُ الْإِلْزَامِيُّ وَ (مُقْتَضَى) كَلَامِ (الْحَاوِي) أَنْ يُقَالَ: (هِيَهْ) بِهَاءِ السَّكْتِ أَيْ: الطَّلْقَةُ الْوَاقِعَةُ بِذَلِكَ طَلْقَةٌ (رَجْعِيَّةٌ) لِمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ: (مَا أَثْبَتَتْ مِنْ مَالِ) بِزِيَادَةٍ مِنْ إيضَاحٍ لِمَا قَبْلَهُ (تَابَعَ دُونَ الْمُعْظَمِ الْغَزَالِيّ) أَيْ: وَقَدْ تَابَعَ الْحَاوِي فِي ذَلِكَ الْغَزَالِيَّ دُونَ مُعْظَمِ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوهُ صَرِيحَ إلْزَامٍ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ بَائِنًا بِالْمُسَمَّى كَقَوْلِهِ: طَلَّقْتُكِ، أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَلْفٍ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَهُوَ الصَّوَابُ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ نَصُّهُ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا وَقَطَعَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ.

وَأَمَّا الشَّرْطُ التَّعْلِيقِيُّ كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ أَعْطَيْتِنِي أَلْفًا فَصَرِيحُ إلْزَامٍ قَطْعًا وَمِنْهُ قَوْلُهُ: (وَإِنْ يُعَلِّقْهُ) أَيْ: الطَّلَاقَ (بِإِعْطَاءٍ) لِمَالٍ (وَضَعَ) أَيْ: الْمُعَلَّقُ بِإِعْطَائِهِ (ذَا) أَيْ: الْمَالَ (عِنْدَهُ) يَعْنِي كَفَى وَضْعُهُ عِنْدَ الزَّوْجِ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ قَبْضِهِ وَإِنْ أَبَاهُ؛ لِأَنَّ التَّمْكِينَ مِنْهُ إعْطَاءٌ إذْ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: إعْطَاءً فَلَمْ يَأْخُذْ وَهُوَ بِالْإِبَاءِ مُفَوِّتٌ لِحَقِّهِ وَصَارَ (مِلْكًا) لَهُ بِالْوَضْعِ وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ يَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْإِعْطَاءِ، وَلَا يُمْكِنُ إيقَاعُهُ مَجَّانًا مَعَ قَصْدِ الْعِوَضِ، وَقَدْ مَلَكَتْ زَوْجَتُهُ بُضْعَهَا، كَمَا صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (وَبَائِنًا يَقَعْ) أَيْ: الطَّلَاقُ فَيَمْلِكُ الْعِوَضَ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَيْنِ يَتَقَارَنَانِ فِي الْمِلْكِ وَكَالْإِعْطَاءِ فِيمَا ذُكِرَ الْإِيتَاءُ.

(وَمَنْ بِإِقْبَاضٍ يُعَلِّقْ) كَقَوْلِهِ: إنْ أَقَبَضْتِنِي كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ (أَخْذَا بِالْيَدِ) أَيْ: اُعْتُبِرَ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ قَبْضُهُ ذَلِكَ مِنْهَا بِالْيَدِ وَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ عِنْدَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ مَحْضُ تَعْلِيقٍ إذْ الْإِقْبَاضُ لَا يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ كَالْأَدَاءِ وَالدَّفْعِ وَالتَّسْلِيمِ بِخِلَافِ الْإِعْطَاءِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا قِيلَ: أَعْطَاهُ عَطِيَّةً فُهِمَ مِنْهُ التَّمْلِيكُ بِخِلَافِ أَقْبَضَهُ.

فَعُلِمَ أَنَّ مَا قَبَضَهُ (لَا) يَصِيرُ (مِلْكًا) لَهُ، وَلَا يَخْتَصُّ قَبْضُهُ بِالْمَجْلِسِ (وَلَمْ تَبِنْ) زَوْجَتُهُ (بِذَا) أَيْ: بِالْقَبْضِ، بَلْ يَقَعُ رَجْعِيًّا، كَمَا فِي سَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ نَعَمْ إنْ قُرِنَ بِهِ مَا يُفْهِمُ الِاعْتِيَاضَ كَقَوْلِهِ: إنْ أَقَبَضْتِنِي كَذَا وَجَعَلْتِهِ لِي أَوَّلًا صَرَفَهُ فِي حَاجَتِي فَكَالْإِعْطَاءِ بِلَا خِلَافٍ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِير،

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَيَقَعُ رَجْعِيًّا) قَدْ يُسْتَشْكَلُ بِأَنَّهُ إذَا وَجَدَ قَبُولَهَا لَمْ يُتَّجَهْ إلَّا الْوُقُوعُ بَائِنًا؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ مُعَيَّنٍ وَقَبِلَتْ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ قَبُولُهَا لَمْ يُتَّجَهْ إلَّا عَدَمُ الْوُقُوعِ؛ لِأَنَّهَا صِيغَةُ مُعَاوَضَةٍ مُبْتَدَأَةٌ، فَتَوَقَّفَ الْوُقُوعُ عَلَى الْقَبُولِ، كَمَا سَبَقَ فِيمَا إذَا أُبْهِمَتْ فَأَجَابَ بِمُعَيَّنٍ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الِابْتِدَائِيَّةَ هُنَا إنَّمَا تَثْبُتُ بِيَمِينِهِ بِخِلَافِهَا ثَمَّ، فَإِنَّهَا مَحْكُومٌ بِهَا شَرْعًا، لَا يُقَالُ: إنَّمَا لَمْ يَحْتَجْ لِلْقَبُولِ لِعَدَمِ صِيغَةِ الِالْتِزَامِ إذْ الْغَرَضُ أَنَّهُ قَالَ: وَلِي عَلَيْكِ أَلْفٌ، وَهَذَا لَيْسَ صِيغَةَ الْتِزَامٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: سَبْقُ طَلَبِهَا بِمَالٍ جَعَلَهُ الْتِزَامًا؛ وَلِهَذَا تَقَيَّدَ الْوُقُوعُ ثَمَّ بِالْقَبُولِ مَعَ إتْيَانِهِ بِالصِّيغَةِ الْمَذْكُورَةِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ هَذَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يُضْمِرْ الْتِمَاسَ الْقَبُولِ، وَذَاكَ عَلَى مَا إذَا أَضْمَرَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

ثُمَّ رَأَيْتُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَقِبَ قَوْلِهِ: فَيَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا بِقَوْلِهِ: كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الرَّابِعِ ثَمَّ، لِمَا قَالَ الرَّوْضُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ الرَّابِعِ: فَقَوْلُهَا: إنْ طَلَّقْتَنِي، أَوْ مَتَى طَلَّقْتَنِي فَلَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ، أَوْ طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ، أَوْ عَلَيَّ أَنْ أَضْمَنَهُ أَوْ أُعْطِيَكَهُ صِيَغٌ صَحِيحَةٌ، وَلَا شَيْءَ إلَّا إنْ طَلَّقَ فَوْرًا وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: قَصَدْتُ الِابْتِدَاءَ، وَلَهَا تَحْلِيفُهُ ثُمَّ عَقِبَ قَوْلِهِ: وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: قَصَدْتُ الِابْتِدَاءَ بِقَوْلِهِ: فَيَتَوَقَّفُ عَلَى جَوَابِهَا إنْ ذَكَرَ مَالًا، وَإِلَّا وَقَعَ رَجْعِيًّا لِاحْتِمَالِ ذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَصَدَ الْجَوَابَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ ذَكَرَ مَالًا، وَوَجْهُ الْوُقُوعِ حِينَئِذٍ أَنَّهُ مُقْتَضَى دَعْوَاهُ، لَكِنْ لَمْ يُقْبَلْ عَلَيْهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْعِوَضِ وَلَمْ تَثْبُتْ الرَّجْعَةُ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى دَعْوَاهُ الْبَيْنُونَةُ. (قَوْلُهُ: وَلَا رَجْعَةَ) لِدَعْوَاهُ مَا يَقْتَضِي الْبَيْنُونَةَ فَيُؤَاخَذُ بِهَا. (قَوْلُهُ: مِنْ الشَّرْطِ إلَخْ وَقَوْلُ الشَّارِحِ: الصَّادِقِ إلَخْ) هَذَا الصَّنِيعُ قَدْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْعِبَارَةِ السَّابِقَةِ شَامِلٌ لِقِسْمَيْهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ بِمَا سَيَأْتِي أَنَّ التَّعْلِيقَ صَرِيحُ إلْزَامٍ قَطْعًا

ــ

[حاشية الشربيني]

جَوَابًا لَهَا، كَمَا تُفِيدُهُ عِبَارَتُهُمَا فَإِنْ قَصَدَ الِابْتِدَاءَ فَالظَّاهِرُ وُقُوعُهُ رَجْعِيًّا كَاَلَّذِي بَعْدَهُ رَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ ادَّعَى قَصْدَ الِابْتِدَاءِ صَدَقَ) قَالَ فِي الْإِرْشَادِ: مَحَلُّ تَصْدِيقِهِ إنْ أَجَابَهَا بِطَلَّقْتُكِ فَقَطْ قَالَ حَجَرٌ: أَمَّا لَوْ قَالَ: طَلَّقْتُكِ بِأَلْفٍ فَلَا يَقْبَلُ دَعْوَاهُ قَصْدَ الِابْتِدَاءِ لِبُعْدِهِ حِينَئِذٍ. اهـ. وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الشَّرْحِ. (قَوْلُهُ: وَقَصَدَ الْجَوَابَ) بَقِيَ مَا إذَا أَطْلَقَ وَظَنِّي أَنَّهُ تَقَدَّمَ لِلْمُحَشِّي أَنَّهُ كَقَصْدِ الْجَوَابِ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: الْإِيتَاءَ) بِأَنْ قَالَ: آتَيْتنِي بِالْمَدِّ، أَمَّا بِالْقَصْرِ مِنْ الْإِتْيَانِ فَكَالْمَجِيءِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ قَرِينَةٍ تُشْعِرُ بِالتَّمْلِيكِ. اهـ. م ر وَرَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَخْتَصُّ قَبْضُهُ بِالْمَجْلِسِ) فَقَوْلُهُمْ: إنَّ أَنْ مَعَ الْمَالِ فِي الثُّبُوتِ لِلْفَوْرِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا أَفَادَتْ الصِّيغَةُ الْمِلْكَ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ:

ص: 237

وَنَقَلَهُ فِي الْكَبِيرِ عَنْ التَّتِمَّةِ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إنَّهُ مُتَعَيَّنٌ وَمَا ذُكِرَ مِنْ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالْوَضْعِ فِي إنْ " أَقْبَضْتنِي " ذَكَرَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ تَبَعًا لِلْغَزَالِيِّ فِي وَسِيطِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَالْفُورَانِيُّ وَالْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ فِي " إنْ قَبَضْتُ مِنْكِ " وَبَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ فَرْقٌ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْبُلْقِينِيُّ فَقَالَ: اشْتِرَاطُ أَخْذِهِ مِنْهَا بِيَدِهِ إنَّمَا هُوَ فِي " إنْ قَبَضْتُ مِنْك " وَكَلَامُ جَمْعٍ مِنْ الْأَصْحَابِ دَالٌّ عَلَيْهِ، أَمَّا لَوْ قَالَ: إنْ أَقْبَضْتِنِي فَيَكْفِي وَضْعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ لِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ رَجْعِيًّا؛ لِأَنَّهَا أَقَبَضَتْهُ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْإِمَامُ فِي النِّهَايَةِ. اهـ.

وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فَإِنَّهُمَا بَعْدَ أَنْ ذَكَرَا مَسْأَلَةَ الْإِقْبَاضِ قَالَا: وَلَوْ قَالَ: إنْ قَبَضْتُ مِنْكِ كَذَا فَهُوَ كَقَوْلِهِ: إنْ أَقْبَضْتِنِي وَيُعْتَبَرُ فِي الْقَبْضِ الْأَخْذُ بِالْيَدِ، وَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى قَبْضًا.

(وَوَقَعَ الطَّلَاقُ) بَائِنًا فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ دَرَاهِمَ مَثَلًا (بِالْمَغْلُوبِ) مِنْهَا أَيْ: بِإِعْطَائِهِ (مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ) وَيَمْلِكُهُ، كَمَا فِي الْغَالِبِ لِشُمُولِ الِاسْمِ وَغَلَبَةِ الْعُرْفِ إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي الْمُعَامَلَاتِ كَخَالَعْتُكِ، أَوْ طَلَّقْتُكِ بِأَلْفٍ، أَوْ عَلَيَّ أَلْفٌ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا وَرَغْبَةِ النَّاسِ فِيمَا يُرَوِّجُ غَالِبًا، وَلَا تُؤَثِّرُ فِي التَّعْلِيقِ لِقِلَّتِهِ، وَلَا فِي الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ، وَقَدْ يَتَقَدَّمُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: ذَكَرَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَيُشْتَرَطُ لِتَحَقُّقِ الصِّفَةِ أَخْذٌ بِيَدِهِ مِنْهَا، وَلَوْ مُكْرَهَةً وَكَتَبَ بِهَامِشِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ، قَوْلَهُ: وَلَوْ مُكْرَهَةً حَمَلَهُ السُّبْكِيُّ عَلَى الْوَهْمِ أَقُولُ: سَيَأْتِي فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ بِفِعْلِ مَنْ يُبَالِي بِهِ وَلَمْ يَقْصِدْ حِنْثًا وَلَا مَنْعًا أَنَّهُ يَحْنَثُ بِالْفِعْلِ جَاهِلًا، أَوْ نَاسِيًا، أَوْ مُكْرَهًا

ــ

[حاشية الشربيني]

وَمَا ذُكِرَ مِنْ عَدَمِ إلَخْ) الَّذِي اُسْتُفِيدَ مِنْ حَوَاشِي الْمَنْهَجِ اشْتِرَاطُ الْأَخْذِ بِالْيَدِ فِي الْقَبْضِ، وَالْإِقْبَاضُ اقْتَرَنَ بِهِ قَرِينَةُ تَمْلِيكٍ أَمْ لَا وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ الِاخْتِيَارِ فِيمَا عَدَا الْإِقْبَاضَ مَعَ قَرِينَةِ التَّمْلِيكِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ إعْطَاءً وَلَا يَكُونُ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

(قَوْلُهُ: وَوَقَعَ الطَّلَاقُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَتَنْزِلُ أَيْ: الدَّرَاهِمُ فِي الْخُلْعِ الْمُعَلَّقِ، وَالْإِقْرَارُ عَلَى الدَّرَاهِمِ الْإِسْلَامِيَّةِ الَّتِي تَقَدَّمَ بَيَانُهَا فِي بَابِ زَكَاةِ النَّقْدِ لَا عَلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَلَا عَلَى الزَّائِدَةِ، أَوْ النَّاقِصَةِ وَإِنْ غَلَبَ التَّعَامُلُ بِهَا؛ لِأَنَّ الْغَلَبَةَ لَا تُؤَثِّرُ فِي ذَلِكَ وَاللَّفْظُ صَرِيحٌ فِي الْوَازِنَةِ ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ أَعْطَتْهُ الْوَازِنَةُ لَا مِنْ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ طَلُقَتْ وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهَا وَيُطَالَبُ بِالْغَالِبِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ يَشْتَمِلُ عَلَى صِفَةٍ وَمُعَاوَضَةٍ فَأَوْقَعْنَا الطَّلَاقَ بِالصِّفَةِ وَأَلْزَمْنَا الْغَالِبَ عَلَى مُوجِبِ الْمُعَاوَضَةِ وَإِنْ غَلَبَتْ الْمَغْشُوشَةُ وَأَعْطَتْهَا لَهُ لَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ اسْمَ الدَّرَاهِمِ لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا الْفِضَّةَ وَالتَّفْسِيرُ بِهَا كَهُوَ بِالنَّاقِصَةِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: أَرَدْتهَا وَلَا تَطْلُقُ أَيْ: إنْ لَمْ يَقُلْ أَرَدْتُهَا إلَّا بِإِعْطَاءِ الْخَالِصَةِ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا الْخَالِصَةَ وَيُطَالِبُهَا بِالْمَغْشُوشَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ يَشْتَمِلُ عَلَى صِفَةٍ إلَخْ فَلَوْ كَانَ نَقْدُ الْبَلَدِ خَالِصًا فَأَعْطَتْهُ مَغْشُوشًا تَبْلُغُ نَقْرَتَهُ أَلْفًا طَلُقَتْ لِمَا مَرَّ أَنَّ لَفْظَ الدَّرَاهِمِ لِلْفِضَّةِ وَلَمْ تُوجَدْ عَادَةٌ صَارِفَةٌ.

وَالْغِشُّ عَيْبٌ فَلَهُ الرَّدُّ بِهِ وَيَرْجِعُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لَا بِبَدَلِ الْمَغْشُوشِ؛ لِأَنَّهُ كَالْعِوَضِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْوَازِنَةِ الَّتِي مِنْ غَيْرِ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ أَيْ: مِنْ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَيُطَالِبُ بِالْغَالِبِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ غَلَبَتْ الْمَغْشُوشَةُ إلَخْ أَيْ: وَإِنْ أَعْطَتْهُ أَلْفًا مِنْهَا لَا تَبْلُغُ نَقْرَتَهَا أَلْفًا خَالِصَةً وَقَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا الْخَالِصَةَ الْأُولَى قَوْلُ الرَّوْضَةِ: وَلَهَا أَنْ تَسْتَرِدَّ مَا أَعْطَتْهُ وَتُعْطِيهِ مَغْشُوشَةً؛ لِأَنَّ الْحَظَّ فِي ذَلِكَ لَهَا وَلِيُفِيدَ أَنَّ لَهَا ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: طَلُقَتْ لِمَا مَرَّ أَيْ: وَمَلَكَ الْمَغْشُوشِ كَمَا رَجَّحَهُ صَاحِبُ الرَّوْضِ ثُمَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّ، كَمَا قَالَ: فَهَذَا كَقَوْلِهِ سَابِقًا: طَلُقَتْ وَلَكِنْ لَهُ إلَخْ، يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرُدَّهُ عَلَيْهَا اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَثَّرَ تَنْزِيلُ الْمُعَامَلَةِ عَلَى الْغَالِبِ إنَّمَا هُوَ جَوَازُ الرَّدِّ لَا بُطْلَانُ الْإِعْطَاءِ وَالتَّمْلِيكِ الَّذِي يُفِيدُهُ الْإِعْطَاءُ، فَانْظُرْ هَلْ هَذَا خَاصٌّ بِهَذَا الْبَابِ مُرَاعَاةً لِصِدْقِ التَّعْلِيقِ بِغَيْرِ الْغَالِبِ وَغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهِ فَلَمَّا اُعْتُبِرَ قَبْضُهُمَا فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ اُعْتُبِرَ فِي الْمِلْكِ أَوْ عَامٌّ فِيهِ، وَفِي غَيْرِهِ فَلْيُرَاجَعْ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْمُعَاوَضَةُ هُنَا فِي ضِمْنِ التَّعْلِيقِ الَّذِي لَا يَتَوَقَّفُ لَمْ يُشْتَرَطْ الْغَالِبُ وَنَقْدُ الْبَلَدِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ أَيِّ نَوْعٍ كَانَ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ مِنْ النَّوْعِ الْجَيِّدِ، أَوْ الرَّدِيءِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْغَالِبِ) أَيْ: كَمَا يَقَعُ بِإِعْطَاءِ الْغَالِبِ. (قَوْلُهُ: إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي الْمُعَامَلَاتِ) فَلَوْ كَانَ الْغَالِبُ فِي الْبَلَدِ دَرَاهِمَ عَدَدِيَّةً نَاقِصَةَ الْوَزْنِ أَوْ زَائِدَتَهُ، لَمْ يَنْزِلْ الْإِقْرَارُ وَالتَّعْلِيقُ عَلَيْهَا وَفِي تَنْزِيلِ الْبَيْعِ، وَالْمُعَامَلَاتِ عَلَيْهَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا التَّنْزِيلُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا الَّتِي تُقْصَدُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْبَلْدَةِ. اهـ. رَوْضَةٌ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ قَبَضَ غَيْرَهَا فِي الْبَيْعِ، وَالْمُعَامَلَاتِ لَمْ يَصِحَّ قَبْضُهُ وَلَا يَقَعُ الْمَوْقِعَ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِغَيْرِ الْمُعَاوَضَةِ الَّتِي فِي ضِمْنِ التَّعْلِيقِ هُنَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَبَضَ غَيْرَ الْغَالِبِ هُنَا مَلَكَهُ، كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ وَيَمْلِكُهُ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ لَهُ رَدَّهُ وَأَخْذَ الْغَالِبِ. (قَوْلُهُ: وَلَا تُؤَثِّرُ فِي التَّعْلِيقِ إلَخْ) أَيْ: بَلْ يَبْقَى اللَّفْظُ عَلَى عُمُومِهِ فِيهِمَا. اهـ. رَوْضَةٌ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَتَقَدَّمُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ أَضَافَ لُزُومَ الْمُقِرِّ بِهِ إلَى مَا بَعْدَ الْغَلَبَةِ يَتَعَيَّنُ الْغَالِبُ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ:

ص: 238

وُجُوبُهُ عَلَى الْغَلَبَةِ، أَوْ يَجِبُ بِمُعَامَلَةٍ أُخْرَى وَفِي قَبُولِ تَفْسِيرِ الْمُقِرِّ بِالنَّاقِصَةِ وَالْمَغْشُوشَةِ تَفْصِيلٌ مَرَّ فِي بَابِهِ، وَلَوْ فُسِّرَ الْمُعَلَّقُ بِالْمَغْشُوشَةِ، أَوْ الْمُعْتَادَةِ قُبِلَ، نَاقِصَةً كَانَتْ، أَوْ زَائِدَةً قَالَ الشَّيْخَانِ: وَلَوْ أَتَتْ بِمَغْشُوشَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْغَالِبَةَ فَقَدْ قَطَعَ الْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيِّ بِأَنَّ اللَّفْظَ يَنْزِلُ عَلَيْهَا وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِإِعْطَائِهَا وَأَطْلَقَ الْغَزَالِيُّ أَنَّهُ لَا يَنْزِلُ عَلَيْهَا فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا إذَا أَعْطَتْهُ الْخَالِصَةَ، لَكِنْ تَسْتَرِدُّ مَا أَعْطَتْهُ وَتُعْطِيهِ مَغْشُوشَةً؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ يَشْتَمِلُ عَلَى صِفَةٍ وَمُعَاوَضَةٍ فَأَوْقَعْنَا الطَّلَاقَ بِالصِّفَةِ وَأَلْزَمْنَا الْغَالِبَ عَلَى مُوجِبِ الْمُعَاوَضَةِ قَالَا: وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ أَصَحُّ، ثُمَّ قَالَا: وَإِذَا قَبِلْنَا التَّفْسِيرَ بِالنَّاقِصَةِ وَالْمَغْشُوشَةِ فَهَلْ تُرَاجِعُهُ لِيُعَبِّرَ عَنْ مَقْصُودِهِ أَمْ نَأْخُذُ بِالظَّاهِرِ إلَّا أَنْ يُفَسِّرَ، فِيهِ احْتِمَالَانِ فِي الْبَسِيطِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: أَفْقَهُهُمَا الثَّانِي وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ الْخَالِصَةَ فَلَا تُطْلَقُ إلَّا إذَا أَعْطَتْ مَا يَبْلُغُ نُقْرَتُهُ أَلْفًا وَهَلْ يَمْلِكُ الزَّوْجُ الْمَغْشُوشَ الْمَدْفُوعَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ اُعْتُبِرَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ فَكَذَا فِي إفَادَةِ الْمِلْكِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ تَنْزِلُ عَلَى الْغَالِبِ وَجْهَانِ وَعَلَى الْأَوَّلِ الْغِشُّ عَيْبٌ فَلَهُ الرَّدُّ بِهِ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا إذْ رَدُّهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لَا يُبَدِّلُ الْمَغْشُوشَ؛ لِأَنَّهُ كَالْعَرَضِ بِخِلَافِ الْوَازِنَةِ الَّتِي مِنْ غَيْرِ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَمْلِكَ الْغِشُّ نَفْسَهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَلَغَتْ الْفِضَّةُ الْخَالِصَةَ أَلْفًا بَقِيَ الْغِشُّ شَيْئًا آخَرَ مَضْمُومًا إلَى النُّقْرَةِ فَلَا يَمْلِكُهُ، كَمَا لَوْ ضَمَّتْ إلَى الْأَلْفِ ثَوْبًا.

قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْقَائِلِ بِالْمِلْكِ أَنَّهُ لَا يَنْظُرُ إلَى الْغِشِّ لِحَقَارَتِهِ فِي جَنْبِ الْفِضَّةِ وَيَكُونُ تَابِعًا، كَمَا فِي مَسْأَلَةِ نَعْلِ الدَّابَّةِ (وَ) وَقَعَ بَائِنًا بِإِعْطَاءِ (الْمَعِيبِ) وَيَمْلِكُهُ الزَّوْجُ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ شَيْءٍ وَوَصَفَهُ بِصِفَاتِ السَّلَمِ وَوَجَدَ بِهَا عِنْدَ الْإِعْطَاءِ لِشُمُولِ الِاسْمِ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بِهَا لَمْ يَقَعْ، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي.

(وَ) وَقَعَ بَائِنًا بِإِعْطَاءِ الْهَرَوِيِّ وَيَمْلِكُهُ الزَّوْجُ (فِي) قَوْلِهِ: خَالَعْتُكِ، أَوْ طَلَّقْتُكِ (عَلَى ذَا) الثَّوْبِ (وَهُوَ مَرْوِيّ) بِسُكُونِ الرَّاءِ (أَوْ عَلَى ذَا الثَّوْبِ) الْمَرْوِيِّ، كَمَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (وَالْمَرْوِيَّ وَصْفًا جَعَلَا، أَوْ) عَلَى (أَنَّهُ مَرْوِيُّ وَهْوَ) فِي الْوَاقِعِ (هَرَوِيٌّ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ إذْ لَمْ يُوجَدْ فِي الْأَخِيرَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

وَذَلِكَ مُؤَيِّدٌ لِمَا فِي الْمِنْهَاجِ. اهـ. وَبَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ فَرْقٌ. وَجَّهَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ مَا فِي الْمِنْهَاجِ بِأَنَّ الْإِقْبَاضَ يَتَضَمَّنُ الْقَبْضَ، وَالتَّعْلِيقَ عَلَى الْإِقْبَاضِ تَعْلِيقٌ عَلَى الْقَبْضِ، وَهُوَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْأَخْذِ بِالْيَدِ أَقُولُ: وَيُوَضِّحُهُ أَنَّ مَعْنَى إنْ أَقْبَضْتِنِي إنْ جَعَلْتِنِي قَابِضًا لَهُ لَا إنْ مَكَّنْتِنِي مِنْ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِهِ.

(قَوْلُهُ: قُبِلَ) ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ التَّفْصِيلِ الْمَارِّ فِي الْإِقْرَارِ. (قَوْلُهُ: فَهَلْ نُرَاجِعُهُ) أَيْ: حَيْثُ أَطْلَقَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ الْخَالِصَةَ) أَيْ: وَقَدْ أَتَتْ بِمَغْشُوشَةٍ وَقَوْلُهُ: فَلَا تَطْلُقُ ظَاهِرُ السِّيَاقِ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ عِنْدَ الْغَزَالِيِّ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا أَعْطَتْ مَا تَبْلُغُ نَقْرَتَهُ أَلْفًا) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ الِاكْتِفَاءُ بِإِعْطَاءِ ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ الْغَزَالِيِّ السَّابِقَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَفَى إعْطَاءُ الْمَغْشُوشِ الَّذِي يَبْلُغُ خَالِصُهُ أَلْفًا فِي حَالِ كَوْنِ الْغَالِبِ الْخَالِصِ فَفِي حَالِ كَوْنِ الْغَالِبِ الْمَغْشُوشَ بِالْأَوْلَى فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَمْلِكُ الزَّوْجُ الْمَغْشُوشَ الْمَدْفُوعَ لَهُ) . أَيْ: فِيمَا إذَا أَتَتْ بِالْمَغْشُوشَةِ وَكَانَ الْغَالِبُ الْخَالِصَةَ، ثُمَّ اُنْظُرْ فِي قَوْلِهِ: إلَّا إذَا أَعْطَتْ إلَخْ هَلْ يَصِحُّ مِنْ الْغَزَالِيِّ وَمِمَّنْ صَحَّحَ مَقَالَتَهُ أَنْ يَقُولَ هَاهُنَا بِمُقْتَضَى هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ؟ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الْبُرُلُّسِيِّ فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ بِمَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ الْإِشْكَالِ أَنَّ الْوُقُوعَ هُنَا بِإِعْطَائِهَا مِنْ الْمَغْشُوشِ مَا يَبْلُغُ نَقْرَتَهُ أَلْفًا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، إلَّا إذَا أَعْطَتْ الْخَالِصَةَ فَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِإِعْطَاءِ الْخَالِصَةِ إعْطَاءُ نَقْرَةٍ تَبْلُغُ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ مُتَمَيِّزَةً عَنْ الْغِشِّ، أَوْ مُصَاحِبَةً، كَمَا هُنَا وَعَلَى هَذَا يَسْتَوِي مَا هُنَا وَمَا تَقَدَّمَ فِي الِاكْتِفَاءِ فِي الْوُقُوعِ بِإِعْطَاءِ كُلٍّ مِنْ النَّقْرَةِ الْمُتَمَيِّزَةِ وَالْمُصَاحِبَةِ لِلْغِشِّ حَيْثُ بَلَغَتْ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَالْمَعِيبِ) وَلَهُ رَدُّهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

بِمُعَامَلَةٍ أُخْرَى) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِمُعَامَلَةٍ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْغَالِبِ كَالْقَرْضِ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَرُبَّمَا تَقَدَّمَ الْوُجُوبُ عَلَى الضَّرْبِ الْغَالِبِ، أَوْ وَجَبَ فِي بُقْعَةٍ أُخْرَى. اهـ. أَيْ: غَيْرُ مَا غَلَبَ فِيهَا ذَلِكَ الْغَالِبُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَتَتْ بِمَغْشُوشَةٍ) أَيْ: لَا تَبْلُغُ نَقْرَتُهَا أَلْفًا. (قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ الْغَزَالِيُّ) أَيْ: أَطْلَقَ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ بِالْمَغْشُوشَةِ سَوَاءٌ قُلْنَا: تَجُوزُ الْمُعَامَلَةُ بِهَا - وَهُوَ الْأَصَحُّ - أَوْ لَا كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ الرَّوْضَةِ.

(قَوْلُهُ: وَأَطْلَقَ الْغَزَالِيُّ إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّ اسْمَ الدِّرْهَمِ هُنَا إنَّمَا يَقَعُ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ الْإِسْلَامِيِّ مِنْ الْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ الْمَضْرُوبَةِ. اهـ. مِنْ الرَّوْضَةِ. (قَوْلُهُ: عَلَى صِفَةٍ) وَهِيَ قَدْرُ الدِّرْهَمِ الْإِسْلَامِيِّ مِنْ الْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَمْلِكُ الزَّوْجُ الْمَغْشُوشَ) رَجَّحَ صَاحِبُ الرَّوْضِ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ لِمَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ) ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ إنَّمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا يَشْمَلُهُ اسْمُ الدِّرْهَمِ وَهُوَ قَدْرُ الدِّرْهَمِ الْإِسْلَامِيِّ مِنْ الْفِضَّةِ الْخَالِصَةِ الْمَضْرُوبَةِ، وَذَلِكَ مَوْجُودٌ هُنَا، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى مَا هُوَ الْغَالِبُ لِقِلَّتِهِ، كَمَا مَرَّ فِي الشَّرْحِ. (قَوْلُهُ:، كَمَا فِي مَسْأَلَةِ نَعْلِ الدَّابَّةِ) أَيْ: إذَا بَاعَ الدَّابَّةَ مَنْعُولَةً فَإِنَّهُ يَتَّبِعُهَا نَعْلَهَا وَيَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ مَلَّكَهُ لَهُ الْبَائِعُ، أَوْ لَا. اهـ. رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَوَقَعَ بَائِنًا بِإِعْطَاءِ الْهَرَوِيِّ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكْفِي الْإِعْطَاءُ هُنَا عَنْ الْقَبُولِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ إنَّمَا يَكْفِي عِنْدَ التَّعْلِيقِ عَلَيْهِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ مَعَ الْمَتْنِ فَإِنْ نَجَّزَ الطَّلَاقَ فَقَالَ: طَلَّقْتُكِ، أَوْ خَالَعْتُكِ عَلَى هَذَا الثَّوْبِ الْمَرْوِيِّ، أَوْ هُوَ مَرْوِيٌّ فَقَبِلَتْ وَأَعْطَتْهُ لَهُ وَبَانَ هَرَوِيًّا طَلُقَتْ وَلَمْ يَرُدَّهُ إذْ لَا تَغْرِيرَ مِنْ جِهَتِهَا وَلَا اشْتِرَاطَ مِنْهُ لِلْوَصْفِ. اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَبُولِ

ص: 239

إلَّا خَلْفَ الشَّرْطِ وَهُوَ لَا يُوجِبُ الْفَسَادَ، بَلْ خِيَارَ الرَّدِّ، وَأَمَّا فِي الْأُولَيَيْنِ فَلِأَنَّهُ أَشَارَ إلَى عَيْنِ الثَّوْبِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْوَصْفَ، بَلْ ذَكَرَهُ ذِكْرَ وَاثِقٍ بِحُصُولِهِ، بَلْ لَوْ اشْتَرَطَهُ لَمْ يُؤَثِّرْ أَيْضًا لِمَا قُلْنَاهُ وَلَبِسَ قَوْلُهُ: وَهُوَ مَرْوِيٌّ هُنَا كَهُوَ فِي قَوْلِهِ إنْ أَعْطَيْتِنِي هَذَا الثَّوْبَ وَهُوَ مَرْوِيٌّ فَبَانَ هَرَوِيًّا حَيْثُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ، كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ ثَمَّ عَلَى كَلَامٍ غَيْرِ مُسْتَقِلٍّ وَهُوَ إنْ أَعْطَيْتنِي، فَتَقَيَّدَ بِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ فِي " إنْ أَعْطَيْتنِي " هَذَا الثَّوْبَ الْمَرْوِيَّ فَبَانَ هَرَوِيًّا أَوْ عَكْسَهُ وَهُوَ وَجْهٌ.

وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا الْوُقُوعُ؛ لِأَنَّ الصِّيغَةَ لَيْسَتْ صِيغَةَ شَرْطٍ، بَلْ صِيغَةَ وَاثِقٍ بِحُصُولِ الْوَصْفِ، لَكِنَّهُ أَخْطَأَ فِيهِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّابِقَةِ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ بِأَنَّ قَوْلَهُ: وَهُوَ مَرْوِيٌّ جُمْلَةٌ فَكَانَ بَعْدَ الشَّرْطِ الَّذِي لَا يَدْخُلُ إلَّا عَلَى الْجُمَلِ أَقْوَى فِي الرَّبْطِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: الْمَرْوِيُّ لِكَوْنِهِ مُفْرَدًا، وَلَوْ قَالَ: خَالَعْتُكِ، أَوْ طَلَّقْتُكِ عَلَى هَذَا الثَّوْبِ عَلَى أَنَّهُ كَتَّانٌ فَبَانَ قُطْنًا، أَوْ عَكْسُهُ لَمْ يَمْلِكْهُ وَبَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ بِخِلَافِ صُوَرِ الْمَرْوِيِّ لِرُجُوعِ الِاخْتِلَافِ هُنَا إلَى الْجِنْسِ وَهُنَاكَ إلَى الصِّفَةِ (وَرَدَّ) الزَّوْجُ (إنْ شَا) فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ الْمَغْلُوبِ وَالْمَعِيبِ وَالْهَرَوِيِّ فِي صُورَةِ الثَّلَاثِ لِلْخَلْفِ (قُلْتُ ذَا) أَيْ: رَدُّ الْهَرَوِيِّ (غَيْرُ قَوِيّ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ) مِنْ صُوَرِهِ (إذْ لَا شَرْطَ) مِنْهُ (، وَلَا تَغْرِيرَ مِنْهَا أَصْلَا) وَهَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا عَنْ الْبَغَوِيّ مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ، لَكِنْ مَا فِي الْحَاوِي هُوَ مَا فِي الْإِبَانَةِ وَالنِّهَايَةِ وَمُخْتَصَرِهَا وَالْبَسِيطِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ فَرَضُوهُ فِي الثَّانِيَةِ إذْ الْأَوْلَى مِثْلُهَا وَهُوَ الْمُوَافِقُ أَيْضًا لِمَا صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي شِرَاءِ دَابَّةٍ تَحَفَّلَتْ بِنَفْسِهَا كَمَا مَرَّ وَمِثْلُ قَوْلِهِ عَلَى أَنَّهُ مَرْوِيٌّ: خَالِعْنِي عَلَى هَذَا الثَّوْبِ فَإِنَّهُ مَرْوِيٌّ لِلتَّغْرِيرِ.

(وَجَائِزٌ حِينَئِذٍ) أَيْ: حِينَ إذْ رُدَّ مَا ذُكِرَ (لِلْبَعْلِ طِلَابُ غَالِبٍ) أَيْ: طَلَبِ الْغَالِبِ فِي رَدِّ الْمَغْلُوبِ (وَمَهْرُ الْمِثْلِ) فِي رَدِّ الْمَعِيبِ وَالْهَرَوِيِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: خَالَعْتُكِ، أَوْ طَلَّقْتُكِ عَلَى عَبْدٍ وَوَصَفَهُ بِصِفَةِ السَّلَمِ فَقَبِلَتْ، وَأَعْطَتْهُ عَبْدًا بِتِلْكَ الصِّفَةِ فَبَانَ مَعِيبًا لَيْسَ لَهُ عِنْدَ رَدِّهِ طَلَبُ مَهْرِ الْمِثْلِ، بَلْ يَطْلُبُ عَبْدًا سَلِيمًا، كَمَا فِي السَّلَمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ، ثُمَّ قَبْلَ الْإِعْطَاءِ بِالْقَبُولِ عَلَى عَبْدٍ فِي الذِّمَّةِ وَهُنَا إنَّمَا وَقَعَ بِالْإِعْطَاءِ فَتَعَلَّقَ بِعَيْنِ الْعَبْدِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ خَالَعَهَا، أَوْ طَلَّقَهَا عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ جَوَازِ الرَّدِّ وَالرُّجُوعِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَعِيبِ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَكَانَ الزَّوْجُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ، أَوْ فَلْسٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُفَوِّتُ الْقَدْرَ الزَّائِدَ عَلَى السَّفِيهِ، أَوْ الْغُرَمَاءِ

ــ

[حاشية العبادي]

وَأَخْذُ مَهْرِ الْمِثْلِ، كَمَا سَيَأْتِي. (قَوْلُهُ: بَلْ لَوْ اشْتَرَطَهُ) أَيْ: فِي الثَّالِثَةِ بِرّ. .

(قَوْلُهُ: لِمَا قُلْنَا) أَيْ: إذَا لَمْ يُوجَدْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ قَوْلُهُ: وَهُوَ مَرْوِيٌّ إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ إلَى بَحْثِ الْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ حَيْثُ قَالَ قَوْلُهُ: وَهُوَ هَرَوِيٌّ أَفَادَ الِاشْتِرَاطَ فِي قَوْلِهِ: إنْ أَعْطَيْتِنِي هَذَا الثَّوْبَ وَهُوَ هَرَوِيٌّ حَتَّى لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ إذَا لَمْ يَكُنْ هَرَوِيًّا فَلِمَ لَمْ يُفِدْ الِاشْتِرَاطَ فِي قَوْلِهِ خَالَعْتكِ عَلَى هَذَا الثَّوْبِ وَهُوَ هَرَوِيٌّ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ الرَّدِّ إذَا لَمْ يَكُنْ هَرَوِيًّا، كَمَا فِي قَوْلِهِ خَالَعْتكِ عَلَى هَذَا الثَّوْبِ عَلَى أَنَّهُ هَرَوِيٌّ؟ ثُمَّ سَاقَ الْجَوَابَ، كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الشَّارِحِ مِنْ أَنَّ ثَمَرَةَ الْإِشْكَالِ عَدَمُ الطَّلَاقِ لَيْسَ مُرَادَ الْمُسْتَشْكِلِ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا. (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا الْوُقُوعُ) أَيْ: بَائِنًا بِالْمُسَمَّى وَلَا رَدَّ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْإِسْعَادِ وَنَقَلَ الْجَوْجَرِيُّ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ مَا هُوَ ظَاهِرٌ فِيهِ رَادًّا بِهِ عَلَى مَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِابْنِ الْمُقْرِي مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَهُ بِغَيْرِ وَصْفِهِ هَذَا مُخْتَصَرُ مَا كَتَبَهُ شَيْخُنَا بِخَطِّهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بِرّ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَا شَرْطَ مِنْهُ) أَيْ: بِخِلَافِ الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ بِرّ وَقَوْلُهُ: وَلَا تَغْرِيرَ احْتِرَازٌ عَنْ نَحْوِ مَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: فِي شِرَاءِ دَابَّةٍ تَحَفَّلَتْ) قَدْ يُفَرَّقُ بِكَثْرَةِ التَّقْصِيرِ هُنَا، فَإِنَّ الثَّوْبَ مَعَ مُشَاهَدَتِهِ يَسْهُلُ الْوُقُوفُ عَلَى وَصْفِهِ وَلَوْ بِسُؤَالِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ، وَلَا كَذَلِكَ التَّحَفُّلُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مَرْوِيٌّ) يَحْتَاجُ لِفَرْقٍ وَاضِحٍ بَيْنَ هَذَا وَمَا فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ وَلِمَ كَانَ هَذَا تَغْرِيرًا دُونَ مَا فِيهِمَا؟ (قَوْلُهُ: لِلتَّغْرِيرِ) قَدْ يَقْتَضِي أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِي خَالِعْنِي عَلَى هَذَا الثَّوْبِ الْمَرْوِيِّ لَكِنَّهُ يُخَالِفُ زِيَادَةَ الْمَتْنِ أَيْ: قُلْتُ: إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَهُنَا إنَّمَا وَقَعَ بِالْإِعْطَاءِ) أَيْ: فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ الْهَرَوِيِّ يَعْنِي مَسْأَلَةَ الْمَعِيبِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْهَرَوِيِّ فَالْعِوَضُ فِيهَا مُعَيَّنٌ، فَلَا إشْكَالَ فِي الرُّجُوعِ فِيهَا إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ الرَّدِّ وَاعْلَمْ أَنَّ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَالْإِعْطَاءِ بَلْ مُقْتَضَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ خَالَعَهَا عَلَى عَيْنٍ فَتَلِفَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ لَزِمَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ أَنَّهَا تَطْلُقُ بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ لَا يُوجِبُ الْفَسَادَ) بَلْ خِيَارَ الرَّدِّ أَيْ: وَيَرْجِعُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَةُ الْهَرَوِيِّ عَنْ الْمَرْوِيِّ لِاشْتِمَالِ هَذَا الْعَقْدِ عَلَى صِفَةٍ فَأَوْقَعْنَا بِهَا، وَمُعَاوَضَةٍ فَأَلْزَمْنَا ذَلِكَ عَلَى مُوجِبِهَا، وَأَمَّا فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فَلَا رَدَّ خِلَافًا لِلْحَاوِي إذْ لَا تَغْرِيرَ مِنْ جِهَتِهَا وَلَا اشْتِرَاطَ مِنْهُ لِلْوَصْفِ وَإِنَّمَا ذِكْرُهُ ذِكْرُ وَاثِقٍ بِحُصُولِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَتْ: خَالِعْنِي عَلَى هَذَا الثَّوْبِ الْمَرْوِيِّ، أَوْ عَلَى هَذَا الثَّوْبِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ فَخَالَعَهَا عَلَيْهِ فَبَانَ هَرَوِيًّا فَإِنَّ لَهُ الرَّدَّ؛ لِأَنَّهَا غَرَّتْهُ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ. (قَوْلُهُ: الْوُقُوعُ) وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ فِيهِ صَيَّرَهُ كَالْمَجْهُولِ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ الصَّغِيرِ، لَكِنْ فِي الْإِسْعَادِ أَنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا بِالْمُسَمَّى. اهـ. أَيْ: لِأَنَّهُ لَا تَغْرِيرَ وَاعْلَمْ أَنَّهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَرَضَ هَذِهِ الْمَسَائِلَ فِي التَّعْلِيقِ بِالْإِعْطَاءِ وَالشَّارِحُ كَمَا تَرَى فَرَضَ مَسَائِلَ الْهَرَوِيِّ، وَالْمَرْوِيِّ فِي غَيْرِهِ، كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ: فِي قَوْلِهِ: خَالَعْتكِ، أَوْ طَلَّقْتُكِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَتَعَلَّقَ بِعَيْنِ الْعَبْدِ)

ص: 240

(وَ) وَقَعَ بَائِنًا (بِالْمُعَيَّنِ الَّذِي تَبَيَّنَّا) أَنَّهُ (لِلْغَيْرِ) ، أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ كَالْمُكَاتَبِ فِيمَا لَوْ عُلِّقَ بِإِعْطَاءٍ مُعَيَّنٍ لِتَعَيُّنِهِ بِالْإِشَارَةِ. (وَالزَّوْجُ لَهُ الْمَهْرُ) لَا قِيمَةُ الْمُعَيَّنِ وَعَلَيْهِ رَدُّهُ، وَخَرَجَ بِالْمُعَيَّنِ غَيْرُهُ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ وَقَوْلُهُ:(هُنَا) تَكْمِلَةٌ، (وَبِغَصِيبِ) أَيْ وَوُقُوعٍ بِمَغْصُوبٍ (خَمْرَةٍ) بِأَنْ كَانَتْ مُحْتَرَمَةً أَوْ لِذِمِّيٍّ فِيمَا لَوْ عُلِّقَ بِإِعْطَاءِ خَمْرَةٍ (لَا) بِمَغْصُوبٍ (قِنِّ وَلَا مُكَاتَبٍ) وَنَحْوُهُمَا كَمُشْتَرَكٍ وَمَرْهُونٍ، فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ عَبْدٍ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ وَلَمْ يَصِفْهُ؛ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ إذَا أُضِيفَ إلَى مَا يُتَصَوَّرُ تَمْلِيكُهُ، فَافْتَرَقَ الْحَالُ بَيْنَ مَا يَقْبَلُ الدُّخُولَ فِي مِلْكِ الزَّوْجِ وَمَا لَا يَقْبَلُهُ بِحَالٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا أُضِيفَ إلَى مَا لَا يَتَأَتَّى تَمْلِيكُهُ، فَلَا يَخْتَلِفُ الْحُكْمُ فِيهِ بِكَوْنِهِ مَغْصُوبًا وَغَيْرَ مَغْصُوبٍ اكْتِفَاءً بِصُورَةِ الْإِعْطَاءِ فِي مِثْلِهِ دُونَ حَقِيقَتِهِ لِتَعَذُّرِهَا، وَقِيلَ: يَقَعُ بِذَلِكَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ فَلَا فَرْقَ، فَلَوْ وُصِفَ الْقِنُّ بِكَوْنِهِ مَغْصُوبًا فَخِلَافٌ مُرَتَّبٌ وَأَوْلَى بِالْوُقُوعِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهُوَ الظَّاهِرُ لِدَلَالَتِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ تَمَلُّكَهُ قَالَ: وَعَلَى هَذَا يَقَعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ ذَكَرَ خَمْرًا وَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ بِقَوْلِهِ: وَلَوْ قَالَ: إنْ أَعْطَيْتنِي هَذَا الْعَبْدَ الْمَغْصُوبَ فَأَعْطَتْهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ بَائِنًا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيَرْجِعُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، أَمَّا لَوْ أَعْطَتْهُ قِنًّا لَهَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ فَيَقَعُ بَائِنًا لَكِنْ لَا يَمْلِكُهُ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ فَلَا يُمْلَكُ بِمُعَاوَضَةٍ وَيَرْجِعُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ.

(وَ) لَا يَقَعُ فِي قَوْلِهِ: (إنْ أَعْطَتْنِي عِرْسِي هَذَا الثَّوْبَ وَهُوَ مَرْوِيّ) فَهِيَ طَالِقٌ. (وَبَعْدُ أَعْطَتْ) لَهُ الثَّوْبَ (وَهْوَ غَيْرُ الْمَرْوِيّ) لِعَدَمِ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ: خَالَعْتكِ أَوْ طَلَّقْتُك عَلَى هَذَا الثَّوْبِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ فَقَبِلَتْ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ هَرَوِيٌّ، وَفِي الْأُمِّ لَوْ قَالَ لَهَا: إنْ أَعْطَيْتنِي عَبْدَك فَأَعْطَتْهُ إيَّاهُ، فَإِذَا هُوَ حُرٌّ طَلُقَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ عَبْدَهَا لَمْ يُوجَدْ، فَلَمْ تَتَحَقَّقْ الصِّفَةُ قَالَ: إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ الشَّافِعِيَّ غَلَّبَ الْإِشَارَةَ عَلَى الْعِبَارَةِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا أَشَارَ إلَى مُعَيَّنٍ بِأَنْ قَالَ: عَبْدُك هَذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَهَذَا مُرَادُ نَصِّ الْأُمِّ فَفِيهَا بَعْدُ بِنَحْوِ وَرَقَتَيْنِ مَا يَدُلُّ لَهُ دَلَالَةً ظَاهِرَةً

(وَ) وَقَعَ بَائِنًا فِي قَوْلِهِ أَنْت (طَالِقٌ مِنِّيَ إنْ ضَمِنْتِ لِي أَلْفًا أَوْ) أَنْت طَالِقٌ (عَلَى كَذَا إنْ شِئْتِ أَوْ طَلِّقِي) نَفْسَك إنْ ضَمِنْت لِي أَلْفًا أَوْ عَلَيَّ كَذَا إنْ شِئْت، (فَجَاوَبَتْ) بِأَنْ قَالَتْ فِي الْأُولَى: (ضَمِنْتُ

ــ

[حاشية العبادي]

هَذَا الْفَرْقَ يَرُدُّ عَلَيْهِ مَسْأَلَةُ الْمَغْلُوبِ فَإِنَّ الرُّجُوعَ فِيهَا بِالْغَالِبِ، كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَقَوْلُهُ: فَإِنَّ الرُّجُوعَ فِيهَا بِالْغَالِبِ يَعْنِي مَعَ أَنَّ الطَّلَاقَ فِيهَا إنَّمَا وَقَعَ بِالْإِعْطَاءِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الدَّرَاهِمَ لَمَّا كَانَتْ مُتَمَاثِلَةً، وَهِيَ قِيَمُ الْأَشْيَاءِ كَانَ التَّعَلُّقُ بِشَخْصٍ مِنْهَا كَتَعَلُّقٍ بِالنَّوْعِ دُونَ خُصُوصِ ذَلِكَ الشَّخْصِ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ وَلَمْ يَصِفْهُ) ظَاهِرُهُ: أَنَّ الْوَصْفَ كَالتَّعْيِينِ فِي أَنَّهَا إذَا دَفَعَتْ غَيْرَ مِلْكِهَا تَبِينُ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، فَيَكُونُ تَعْيِينُهُ بِالْوَصْفِ كَتَعْيِينِهِ بِالْإِشَارَةِ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَلَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: وَلَمْ يَصِفهُ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ وَصَفَهُ بِالْغَصْبِ الْآتِيَةِ قَرِيبًا بُرُلُّسِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَصِفْهُ) شَامِلٌ لِصِفَةِ السَّلَمِ وَغَيْرِهَا، وَقَيَّدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا صَرَّحُوا بِاسْتِثْنَاءِ الْمَغْصُوبِ عِنْدَ عَدَمِ الْوَصْفِ، وَأَطْلَقُوا فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَاءِ عَبْدٍ وَوَصَفَهُ بِصِفَةِ السَّلَمِ أَوْ بِغَيْرِهَا، بِأَنْ لَمْ يَسْتَوْفِهَا، أَنَّهَا إنْ أَعْطَتْهُ عَبْدًا بِالصِّفَةِ طَلُقَتْ بِهِ فِي الْأُولَى، وَبِمَهْرِ الْمِثْلِ فِي الثَّانِيَةِ، وَسَكَتُوا عَنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمَغْصُوبِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ أَعْطَتْهُ عَبْدًا لَا بِالصِّفَةِ لَمْ تَطْلُقْ، وَلَا يَخْفَى إشْكَالُ إطْلَاقِهِمْ فِي ذَلِكَ مَعَ تَعْلِيلِهِمْ مَسْأَلَةَ الْمَتْنِ بِأَنَّ الْإِعْطَاءَ يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ، إذْ قَضِيَّتُهُ التَّفْرِقَةُ فِي الْمَوْصُوفِ أَيْضًا فَلْيُحَرَّرْ.

(قَوْلُهُ وَمَا لَا يَقْبَلُهُ بِحَالٍ) أَيْ كَالْمَغْصُوبِ، وَفَارَقَ مَا سَلَف فِي الْمُعَيَّنِ لِتَعَيُّنِهِ بِالْإِشَارَةِ فِي تَحْصِيلِ الصِّفَةِ بِرّ. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ) أَيْ: وَلَوْ كَانَ مِلْكَهَا لِلْجَهْلِ بِهِ (قَوْلُهُ هَذَا الْعَبْدَ) فَصَوَّرَهُ بِالْمُعَيَّنِ

(قَوْلُهُ وَهُوَ غَيْرُ مَرْوِيٍّ) أَيْ بِخِلَافِ الْمَرْوِيِّ، فَإِنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا كَمَا سَلَفَ فِي الشَّرْحِ، وَلَا رَدَّ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي هَامِشِهِ بِرّ.

ــ

[حاشية الشربيني]

أَيْ: أَوْ بَدَلَهُ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ، كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ

(قَوْلُهُ لَا بِمَغْصُوبٍ) دَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ كَانَ عَبْدُهَا مَغْصُوبًا فَأَعْطَتْهُ لِلزَّوْجِ، فَإِنَّهَا لَا تَطْلُقُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ، وَإِنْ بَحَثَ الْمَاوَرْدِيُّ الْوُقُوعَ، نَعَمْ لَوْ خَرَجَ بِالدَّفْعِ عَنْ كَوْنِهِ مَغْصُوبًا فَلَا شَكَّ فِي الطَّلَاقِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ. خ ط عَلَى الْمِنْهَاجِ. (قَوْلُهُ بَيْنَ مَا يَقْبَلُ الدُّخُولَ) كَمَا لَوْ أَعْطَتْهُ قِنًّا لَهَا فَيَقَعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا سَيَأْتِي، وَمَا لَا يَقْبَلُهُ كَمَا لَوْ أَعْطَتْهُ الْقِنَّ الْمَغْصُوبَ أَوْ الْمُكَاتَبَ أَوْ نَحْوَهُمَا. (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ) أَيْ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَغْصُوبِ وَغَيْرِهِ فِي أَنَّ الْوُقُوعَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ دُونَ الْعَبْدِ، وَلَوْ كَانَ مِلْكَهَا لِلْجَهْلِ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا فِي الشَّرْحِ.

(قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ) وَقِيلَ: لَا يَقَعُ وَقِيلَ: يَقَعُ رَجْعِيًّا، كَذَا

ص: 241

وَ) فِي الثَّانِيَةِ (شِئْتُ أَوْ قَالَتْ لَهُ) فِيهَا: (قَبِلْتُ وَ) فِي الثَّالِثَةِ ضَمِنْت وَفِي الرَّابِعَةِ شِئْت أَوْ قَبِلْت (مَعَ) قَوْلِهِمَا فِيهِمَا. (طَلَّقْتُ) سَوَاءٌ قَدَّمَتْهُ عَلَى ذَلِكَ أَمْ أَخَّرَتْهُ، وَأَفْهَمَ اعْتِبَارُهُ الْمَعِيَّةَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي أَحَدُ اللَّفْظَيْنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ فَوَّضَ إلَيْهَا التَّطْلِيقَ بِشَرْطٍ، فَلَا بُدَّ مِنْهُمَا، وَلَا يُغْنِي عَنْ الضَّمَانِ الْإِعْطَاءُ وَلَا الْمَشِيئَةُ؛ لِأَنَّهُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ، وَلَوْ ضَمِنَتْ أَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ لَمْ يَقَعْ أَوْ أَكْثَرَ وَقَعَ لِوُجُودِ الصِّفَةِ مَعَ زِيَادَةٍ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: خَالَعْتُكِ أَوْ طَلَّقْتُك عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَتْ بِأَكْثَرَ لِاشْتِرَاطِ التَّوَافُقِ فِي صِيغَةِ الْمُعَاوَضَةِ.

وَالْمُرَادُ بِالضَّمَانِ هُنَا: الِالْتِزَامُ كَمَا مَرَّ مِثْلُهُ وَاكْتِفَاؤُهُ بِقَبِلْت بَدَلَ شِئْت تَبِعَ فِيهِ كَأَصْلِهِ الْغَزَالِيِّ وَاَلَّذِي قَطَعَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَاخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ تَعَيُّنُ الْمَشِيئَةِ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِهَا فَيَنْصَرِفُ إلَيْهَا دُونَ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَشِيئَةٍ، وَفِيهِ إشْعَارٌ بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ حَتَّى لَا يُغْنِيَ الِالْتِزَامُ عَنْ الضَّمَانِ وَلَا الْإِسْقَاطُ عَنْ الْإِبْرَاءِ، وَيُحْتَمَلُ إغْنَاءُ الْمُرَادِفِ كَهَذَيْنِ الْمِثَالَيْنِ دُونَ غَيْرِهِ، وَهُوَ الْمُتَّجَهُ، وَفِي كَلَامِهِمْ مَا يَدُلُّ لَهُ، وَمِثْلُ إنْ فِيمَا ذُكِرَ إذَا وَنَحْوُهَا وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: فَجَاوَبَتْ بِأَلْفٍ اعْتِبَارَ الْجَوَابِ فَوْرًا، وَهُوَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَ بِمَتَى أَوْ نَحْوِهَا كَمَا مَرَّ

(وَ) لَوْ قَالَ: (طَلَّقَتْ) وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْعِوَضِ (وَقَدْ قَالَتْ لَهُ: طَلِّقْ بِأَلْفٍ) فَيُنْظَرُ (إنْ قَصَدْ بِهِ ابْتِدَاءً) لَا جَوَابًا (فَهْوَ رَجْعِيٌّ) لِاحْتِمَالِهِ، فَإِنْ اتَّهَمَتْهُ حَلَّفَتْهُ (وَإِنْ يُجِبْ بِهِ) أَيْ يَقْصِدْ بِهِ الْجَوَابَ، (أَوْ لَمْ يُرِدْ) بِهِ (شَيْئًا) مِنْ ذَلِكَ (تَبِنْ) مِنْهُ بِالْأَلْفِ، فَلَوْ تَرَكَ الْبَيَانَ حُكِمَ لَهُ بِالْبَيْنُونَةِ وَالْعِوَضِ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ وَ (إنْ عَدَدًا) مِنْ الطَّلَاقِ كَطَلْقَتَيْنِ (تَطْلُبْ) زَوْجَتُهُ (بِأَلْفٍ فَاتَّفَقْ) جَوَابُهُ مَعَ طَلَبِهَا، بِأَنْ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ فِي الْمِثَالِ (أَوْ زَادَ) عَلَى مَا طَلَبَتْهُ كَأَنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا (أَوْ أَفَادَهَا) الْبَيْنُونَةَ (الْكُبْرَى) ، كَأَنْ طَلَبَتْ مِنْهُ ثَلَاثًا، وَكَانَ لَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا إلَّا وَاحِدَةً، طَلَّقَهَا الْوَاحِدَةَ (اسْتَحَقْ) عَلَيْهَا (أَلْفًا) ، أَمَّا فِي الْأُولَى فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِتَضَمُّنِهِ الْإِجَابَةَ، كَمَا لَوْ زَادَ الْعَامِلُ فِي الْجَعَالَةِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ إذَا قَالَ: بِعْنِي هَذَا بِأَلْفٍ فَقَالَ: بِعْتُكَهُ مَعَ ذَاكَ بِأَلْفٍ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ مَحْضَةٌ، وَالْخُلْعُ شَبِيهٌ بِالْجَعَالَةِ؛ وَلِأَنَّ تَمْلِيكَ الزَّائِدِ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْبَائِعُ بِخِلَافِ إيقَاعِ الزَّائِدِ عَلَى طَلْقَتَيْنِ.

وَأَمَّا فِي الثَّالِثَةِ فَلِحُصُولِ مَقْصُودِ الثَّلَاثِ بِتِلْكَ الْوَاحِدَةِ، وَهُوَ الْحُرْمَةُ الْكُبْرَى سَوَاءٌ عَلِمَتْ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهَا إلَّا وَاحِدَةٌ أَمْ لَا، (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهَا فِي الْعَدَدِ وَلَا زَادَ عَلَيْهِ وَلَا أَفَادَهَا الْبَيْنُونَةَ الْكُبْرَى، بِأَنْ نَقَصَ عَنْهُ وَلَمْ يُفِدْهَا الْكُبْرَى اسْتَحَقَّ (الْقِسْطَ) أَيْ قِسْطُ الْمُسَمَّى (مِمَّا نَطَقَا) بِهِ مِنْ الْعَدَدِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا طَلَبَتْهُ، وَإِنْ زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ، فَلَوْ طَلَبَتْ ثَلَاثًا أَوْ عَشْرًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً، وَهُوَ يَمْلِكُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْهَا اسْتَحَقَّ ثُلُثَ الْأَلْفِ أَوْ عُشْرَهُ، وَإِنْ طَلَّقَ، وَهُوَ يَمْلِكُ عَلَيْهَا الثَّلَاثَ ثِنْتَيْنِ اسْتَحَقَّ ثُلُثَيْهِ أَوْ عُشْرَيْهِ أَيْ خُمُسَهُ، أَوْ نِصْفَ وَاحِدَةٍ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الثُّلُثِ أَيْ السُّدُسَ أَوْ نِصْفَ الْعُشْرِ نَظَرًا لِمَا أَوْ قَعْهُ لَا لِمَا وَقَعَ، أَوْ وَاحِدَةً وَنِصْفًا اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْأَلْفِ لَا ثُلُثَيْهِ نَظَرًا لِذَلِكَ.

، وَلَوْ (قَالَتْ:) طَلَّقَنِي (ثَلَاثًا بِكَذَا) كَأَلْفٍ، وَهُوَ يَمْلِكُ عَلَيْهَا الثَّلَاثَ (فَطَلَّقَا وَاحِدَةً بِهِ وَطَلْقَتَيْنِ مَجَّانًا اقْتَصِرْ) أَنْتَ فِي الْإِيقَاعِ (عَلَى هَاتَيْنِ) الطَّلْقَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِالطَّلَاقِ مَجَّانًا فَتَقَعَانِ رَجْعِيَّتَيْنِ، وَلَا تَقَعُ الْأُولَى لِعَدَمِ التَّوَافُقِ كَمَا لَوْ طَلَبَتْ وَاحِدَةً بِثُلُثِ أَلْفٍ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً بِأَلْفٍ، وَهَذَا مَا قَالَ الْإِمَامُ إنَّهُ الْقِيَاسُ الْحَقُّ وَتَبِعَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الشَّيْخَانِ إنَّهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ أَوْ أَكْثَرَ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: ثُمَّ الزَّائِدُ يَلْغُو ضَمَانُهُ، وَإِذَا قَبَضَ فَهُوَ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْعِوَضِ) وَكَذَا لَوْ تَعَرَّضَ لَهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي قَصْدِ الِابْتِدَاءِ، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ قُلْت مِنْ الشُّرُوطِ (قَوْلُهُ فَطَلَّقَهَا الْوَاحِدَةَ) لَوْ طَلَّقَهَا نِصْفَهَا يَسْتَحِقُّ أَيْضًا الْأَلْفَ كَمَا فِي خَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ (قَوْلُهُ أَكْثَرَ مِنْهَا) شَامِلٌ لِثِنْتَيْنِ فَقَطْ، وَقَدْ يُؤَيِّدُهُ صُورَةُ الْعَشْرِ فَتَأَمَّلْهُ. (قَوْلُهُ وَإِنْ طَلَّقَ ثِنْتَيْنِ) لَوْ طَلَّقَ ثِنْتَيْنِ وَنِصْفًا فَيُحْتَمَلُ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا سَبَقَ عَنْ خَطِّ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ اسْتِحْقَاقُ الْأَلْفِ؛ لِأَنَّهُ أَفَادَهَا الْبَيْنُونَةَ الْكُبْرَى. (قَوْلُهُ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْأَلْفِ) أَيْ فِيمَا إذَا طَلَبَتْ ثَلَاثًا

(قَوْلُهُ وَهَذَا مَا قَالَ الْإِمَامُ إنَّهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

فِي الرَّوْضَةِ ثُمَّ قَالَ، وَلَوْ قَالَ: إنْ أَعْطَيْتنِي زِقَّ خَمْرٍ فَأَنْت طَالِقٌ، فَإِنْ أَتَتْ بِخَمْرٍ مَغْصُوبَةٍ بِأَنْ كَانَتْ مُحْتَرَمَةً أَوْ لِذِمِّيٍّ، فَإِنْ قُلْنَا فِي الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ: يَقَعُ الطَّلَاقُ فَهُنَا أَوْلَى، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْوُقُوعُ؛ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ هُنَا مُضَافٌ إلَى مَا لَا يَتَأَتَّى مِلْكُهُ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا تَخْتَصُّ بِهِ يَدًا، كَمَا حُمِلَ لَفْظُ الْعَبْدِ عَلَى مَا اُخْتُصَّتْ بِهِ مِلْكًا اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْوُقُوعَ فِي مَسْأَلَةِ الْخَمْرِ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَغْصُوبِ عَكْسُ مَا فِي الشَّرْحِ، فَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ مُرَتَّبٌ عَلَى الْوُقُوعِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَاءٍ مُعَيَّنٍ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لِلْغَيْرِ، وَهِيَ الْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْخَمْرِ، وَقَدْ حَكَى فِي الرَّوْضَةِ الْخِلَافَ فِيهَا وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: لَا يَقَعُ وَالثَّانِي: وُقُوعُهُ لِلْإِشَارَةِ وَيَرْجِعُ لِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَوْلَى بِالْوُقُوعِ سَوَاءٌ قَالَ: إنْ أَعْطَيْتنِي هَذَا الْقِنَّ الْمَغْصُوبَ أَوْ قِنًّا مَغْصُوبًا لِتَصْرِيحِهِ بِالْمَانِعِ فِيهِمَا، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ وَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ هَذَا التَّعْبِيرَ لَيْسَ بِلَازِمٍ فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ أَوْ أَفَادَهَا الْكُبْرَى) أَيْ بِثَلَاثٍ فِي الْحُرِّ وَثِنْتَيْنِ فِي غَيْرِهِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ

ص: 242

حَسَنٌ مُتَّجَهٌ، لَكِنَّ مَنْقُولَ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْأُولَى تَقَعُ بِثُلُثِ الْأَلْف؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِوَاحِدَةٍ إلَّا بِهِ كَالْجَعَالَةِ، وَلَا تَقَعُ الْبَاقِيَتَانِ لِلْبَيْنُونَةِ قَالَا: وَهُوَ بَعِيدٌ، وَإِنْ أَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى مَا لَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً بِثُلُثِ الْمُسَمَّى وَثِنْتَيْنِ مَجَّانًا فَلْيُفْعَلْ، وَلَا إشْكَالَ لِمُوَافَقَتِهِ مَا اقْتَضَاهُ طَلَبُهَا مِنْ التَّوْزِيعِ، وَعَلَى الْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ لَوْ أَوْقَعَ عَلَيْهَا، وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا وَاحِدَةً مَجَّانًا وَثِنْتَيْنِ بِأَلْفٍ، وَقَعَتْ الْوَاحِدَةُ دُونَ الثِّنْتَيْنِ، وَعَلَى الْمَنْقُولِ وَقَعَتْ الْوَاحِدَةُ مَجَّانًا وَالثِّنْتَانِ بِثُلُثَيْ الْأَلْفِ وَلَا يُسْتَحَقُّ الْكُلَّ، وَإِنْ حَصَلَ مَقْصُودُهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا أَوْقَعَ الْمَمْلُوكَ مِنْ الطَّلَاقِ فِي مُقَابَلَةِ الْمَالِ، وَهُنَا أَوْقَعَ بَعْضَ الْمَمْلُوكِ مَجَّانًا.

(وَإِنْ يُطَلِّقْ) بَعْدَ طَلَبِهَا ثَلَاثًا بِأَلْفٍ، وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا (طَلْقَةً مَجَّانَا وَبَاقِيًا) أَيْ الْبَاقِيَ، وَهُوَ ثِنْتَانِ (بِثُلُثَيْهِ) أَيْ الْمُسَمَّى (كَانَا) أَيْ الطَّلْقَةُ وَالْبَاقِي (كَقَوْلِهِ) أَيْ كَمَا أَوْقَعَهُمَا، أَمَّا الْأُولَى فَلِاسْتِقْلَالِهِ بِالطَّلَاقِ مَجَّانًا، وَأَمَّا الْبَاقِي فَلِقَضِيَّةِ التَّوْزِيعِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَدْخُولًا بِهَا بَانَتْ بِالْأُولَى، فَلَا يَقَعُ مَا بَعْدَهَا. (أَمَّا اخْتِلَاعُ أَجْنَبِيّ مُصَرَّحٍ نِيَابَةً) أَيْ بِنِيَابَتِهِ عَنْ الزَّوْجَةِ (بِالْكَذِبِ) أَيْ مَعَ كَذِبِهِ فِيهَا فَلَغْوٌ كَمَا سَيَأْتِي، أَيْ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ لِارْتِبَاطِهِ بِالْعِوَضِ وَلَمْ يَلْتَزِمْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ الْخِطَابُ مَعَهَا فَلَمْ تَقْبَلْ، (أَوْ) اخْتِلَاعُ (طِفْلَةٍ) أَوْ مَجْنُونَةٍ فَلَغْوٌ؛ لِأَنَّ عِبَارَتَهُمَا مُلْغَاةٌ، وَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُمَيِّزَةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ وَرَجَّحَ الْبَغَوِيّ وُقُوعَهُ رَجْعِيًّا فِي الْمُمَيِّزَةِ كَمَا فِي السَّفِيهَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْوَجْهَانِ قَرِيبَانِ مِنْ الْوَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَشِيئَتِهِمَا فَقَالَتْ: شِئْت أَوْ هُمَا هُمَا قَالَ: وَيُؤَيِّدُ قَوْلَ الْبَغَوِيّ بِنَاءُ الْمُتَوَلِّي ذَلِكَ عَلَى أَنَّ لِلصَّبِيِّ عَمْدًا أَمْ لَا،

وَالْأَصَحُّ نَعَمْ وَرَجَّحَ قَوْلَ الْبَغَوِيّ الْبُلْقِينِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَنَقَلَاهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ، (أَوْ) اخْتِلَاعُ (وَالِدٍ) لِلزَّوْجَةِ (بِمِلْكِهَا) ، وَقَدْ (صَرَّحَ إنِّي نَائِبٌ) أَيْ بِنِيَابَتِهِ عَنْهَا (فِي فَكِّهَا) مِنْ النِّكَاحِ، وَهُوَ كَاذِبٌ (أَوْ بِوِلَايَةٍ) لَهُ عَلَيْهَا فَلَغْوٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَكِيلٍ، وَلَا وَلِيٍّ فِي ذَلِكَ إذْ الْوِلَايَةُ لَا تُثْبِتُ لَهُ التَّبَرُّعَ بِمَا لَهَا، فَلَوْ صَرَّحَ بِاسْتِقْلَالِهِ وَقَعَ الطَّلَاقُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَطْلَقَ وَقَعَ رَجْعِيًّا كَمَا مَرَّ، أَوْ خُلْعُهُ بِمِلْكِهِ كَخُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ (أَوْ) اخْتِلَاعُ (الْوَكِيلِ لَهْ) أَيْ لِلزَّوْجِ، حَيْثُ (يَنْقُصُ عَنْ مُقَدَّرٍ قَدْ وَكَّلَهْ) بِالِاخْتِلَاعِ بِهِ (أَوْ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَهُ يَنْقُصُ عَنْ مَا هُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ) أَيْ: أَوْ حَيْثُ يَنْقُصُ عَنْ مَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ إطْلَاقِ مُوَكِّلِهِ، بِأَنْ لَمْ يُقَدِّرْ لَهُ شَيْئًا فَلَغْوٌ كَمَا فِي الْبَيْعِ، وَهُوَ فِي الثَّانِيَةِ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ.

وَقَالَ الرَّافِعِيُّ كَأَنَّهُ أَقْوَى تَوْجِيهًا وَقَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: إنَّهُ الْأَقْوَى وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْبَغَوِيّ وَصَحَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَتَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ وُقُوعَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، كَمَا لَوْ خَالَعَ بِخَمْرٍ، وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالرُّويَانِيُّ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَفِي الْمُهِمَّاتِ: أَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ اسْتِنَادًا لِلْأَكْثَرِينَ، (أَوْ) اخْتِلَاعُ السَّيِّدِ (بِعُنْقِ) بِإِسْكَانِ النُّونِ: لُغَةً فِي مَضْمُومِهَا أَيْ بِرَقَبَتِهِ (مَنْ) أَيْ أَمَةِ مِثْلِهِ (تَحْتَ مُكَاتَبٍ وَحُرٍّ) أَيْ أَوْ حُرٍّ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ، وَلَا مُهَايَأَةَ، أَوْ كَانَ الِاخْتِلَاعُ فِي نَوْبَتِهِ فَلَغْوٌ؛ لِأَنَّ وُقُوعَهُ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ وُقُوعِهِ، إذْ لَوْ وَقَعَ لَقَارَنَتْ الْفُرْقَةُ مِلْكَ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ، وَمِلْكُهُ لَهَا يَمْنَعُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالُوا فِيمَنْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ لِأَبِيهِ بِمَوْتِ أَبِيهِ: أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا مَاتَ الْأَبُ؛ لِأَنَّ حُصُولَ الْمِلْكِ حَالَ مَوْتِ الْأَبِ يَمْنَعُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْأَبُ قَدْ قَالَ: إذَا مِتّ فَهِيَ حُرَّةٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ عِنْدَ مَوْتِهِ، أَمَّا اخْتِلَاعُهُ لِرَقَبَةِ أَمَتِهِ الَّتِي تَحْتَ رَقِيقٍ أَوْ تَحْتَ مُبَعَّضٍ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ فَصَحِيحٌ، إذْ لَا يَمْلِكُهَا الزَّوْجُ حِينَئِذٍ. (يُتَّخَذْ لَغْوًا) جَوَابُ أَمَّا بِحَذْفِ الْفَا، وَهُوَ قَلِيلٌ.

(وَإِنْ زَادَ وَكِيلُهَا) عَلَى مِقْدَارِهَا إنْ قَدَّرَتْ أَوْ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ أَطْلَقَتْ (نَفَذْ) أَيْ: الْخُلْعُ، بِخِلَافِ وَكِيلِ الزَّوْجِ إذَا نَقَصَ عَنْ مُقَدَّرِهِ كَمَا مَرَّ لِمُخَالَفَتِهِ الزَّوْجَ الْمَالِكَ لِلطَّلَاقِ، وَالْمَرْأَةُ لَا تَمْلِكُهُ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ مِنْهَا قَبُولُ الْعِوَضِ فَمُخَالَفَةُ وَكِيلِهَا إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي الْعِوَضِ، وَفَسَادُهُ لَا يَمْنَعُ الْبَيْنُونَةَ؛ وَلِأَنَّ الْخُلْعَ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ فِيهِ شَوْبُ تَعْلِيقٍ فَكَانَ التَّعْلِيقُ بِالْمُقَدَّرِ، وَعِنْدَ نَقْصِهِ لَمْ تَحْصُلْ الصِّفَةُ.

(وَلْتُعْطِ) الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا إذَا زَادَ وَكِيلُهَا وَأَضَافَ الْخُلْعَ إلَيْهَا فَقَالَ: اخْتَلَعْتُهَا بِكَذَا مِنْ مَالِهَا بِوَكَالَتِهَا (مَهْرَ الْمِثْلِ) سَوَاءٌ زَادَ عَلَى مُقَدَّرِهَا أَمْ نَقَصَ، لِفَسَادِ الْعِوَضِ كَمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (فَهْوَ) أَيْ

ــ

[حاشية العبادي]

الْقِيَاسُ الْحَقُّ) مَشَى عَلَيْهِ فِي الرَّوْضِ ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ قَالَ: ثَلَاثًا وَاحِدَةً بِأَلْفٍ وَقَعَتْ الثَّلَاثُ، وَاحِدَةٌ مِنْهَا بِثُلُثِهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَهَذَا مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ، وَفِيهِ كَلَامُ الْإِمَامِ السَّابِقُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ، فَعَلَى قَوْلِهِ لَا يَقَعُ الِاثْنَتَانِ رَجْعِيَّتَانِ، وَكَانَ اللَّائِقُ بِالْمُصَنَّفِ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى قَوْلِهِ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ فِيمَا مَرَّ اهـ. وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ: بِأَنَّهُ إنَّمَا مَشَى فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا مَرَّ بِمُوَافَقَةِ الزَّوْجِ لَهَا فِي الْعَدَدِ هُنَا، وَمُخَالَفَتِهِ لَهَا فِيمَا مَرَّ فِيهِ.

(قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ) أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُ صَرَّحَ بِإِضَافَةِ الْمَالِ إلَيْهَا بِرّ. (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ: الْوُقُوعُ بَائِنًا وَالْوُقُوعُ رَجْعِيًّا (قَوْلُهُ وَإِذَا غَرِمَ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا) ظَاهِرُهُ: وَلَوْ نَقَصَ مَهْرُ الْمِثْلِ عَنْ مُسَمَّاهَا

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ لَقَارَنَتْ الْفُرْقَةُ إلَخْ) إذْ الْعِوَضَانِ يَتَسَاوَقَانِ، شَرْحُ الْإِرْشَادِ. (قَوْلُهُ إذَا نَقَصَ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ نَظِيرُ الزِّيَادَةِ هُنَا (قَوْلُهُ إنَّمَا تُؤَثِّرُ إلَخْ) أَيْ وَلَا تَدْفَعُ طَلَاقًا أَوْقَعَهُ مَالِكُهُ.

ص: 243

الْعِوَضُ (فَاسِدُ وَقَالَ فِي الْحَاوِي:) وَ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى وَكِيلِهَا حِينَئِذٍ (الزَّائِدُ) عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا، وَإِذَا غَرِمَهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ مِنْ عِنْدِهِ (قُلْتُ وَشَيْخِي) الْبَازِرِيُّ (كَانَ يَسْتَشْكِلُهُ) أَيْ: لُزُومَ الزِّيَادَةِ بِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ إنَّمَا وَجَبَ لِفَسَادِ الْعِوَضِ، فَلَا وَجْهَ لِلُزُومِهَا قَالَ: وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا الْغَزَالِيُّ وَكَذَا الرَّافِعِيُّ وَإِنَّمَا قَالَ: يَلْزَمُهَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَهَلْ يُطَالَبُ الْوَكِيلُ بِالْوَاجِبِ عَلَيْهَا؟ قَالَ الْأَئِمَّةُ: لَا يُطَالَبُ إلَّا أَنْ يَقُولَ: عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ فَيُطَالَبُ بِمَا سَمَّى، وَإِنْ تَرَتَّبَ ضَمَانُهُ عَلَى إضَافَةٍ فَاسِدَةٍ؛ لِأَنَّ الْخُلْعَ عَقْدٌ يَسْتَقِلُّ بِهِ الْأَجْنَبِيُّ، فَجَازَ أَنْ يُؤَثِّرَ فِيهِ الضَّمَانُ بِمَعْنَى الِالْتِزَامِ، وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ، بِخِلَافِ ضَمَانِ الثَّمَنِ وَنَحْوِهِ، وَإِذَا غَرِمَهُ فَفِي التَّهْذِيبِ: لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا إلَّا بِمَا سَمَّتْ.

وَقَدْ يُوَجَّهُ بِأَنَّ الزَّائِدَ تَوَلَّدَ مِنْ فِعْلِهِ وَقَضِيَّتُهُ: رُجُوعُهَا عَلَيْهِ بِمَا غَرِمَتْهُ زَائِدًا عَلَى مُسَمَّاهَا، وَأَنْ يَكُونَ اسْتِقْرَارُ الزَّائِدِ عَلَيْهِ، وَيَجِيءُ فِيهِ قَوْلٌ آخَرُ: أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالْوَاجِبِ عَلَيْهَا، وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ قَالَ الْبَازِرِيُّ: وَهَذَا يَعْنِي: الرُّجُوعُ بِالْوَاجِبِ عَلَيْهَا هُوَ الظَّاهِرُ، فَإِنَّ مُسَمَّاهَا قَدْ يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ، وَمُطَالَبَتُهُ لَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ بَعِيدٌ، وَمَا اسْتَبْعَدَهُ فِي الثَّانِيَةِ بَعِيدٌ ثُمَّ اقْتَضَاهُ كَلَامُ النَّاظِمِ كَأَصْلِهِ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ ضَمَانِ الْوَكِيلِ وَعَدَمِ ضَمَانِهِ، صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ، (وَإِنْ يُضِفْ) وَكِيلُهَا الْخُلْعَ (لِنَفْسِهِ) أَوْ أَطْلَقَهُ، وَلَمْ يَنْوِهَا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ (فَكُلُّهُ) أَيْ: الْمُسَمَّى عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ خُلْعَهُ حِينَئِذٍ خُلْعُ

ــ

[حاشية العبادي]

، وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي عَنْ الْبَغَوِيّ الرُّجُوعُ لِمَا زَادَ مِنْ مُسَمَّاهَا عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ بِرّ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا الْغَزَالِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ الْغَزَالِيّ فِي الْبَسِيطِ: إذَا حَصَلَتْ الْبَيْنُونَةُ، فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَلْتَزِمُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ إلَى مَالِهَا تَصَرُّفَاتِهَا، وَمَا الَّذِي يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ فِيهِ قَوْلَانِ. الظَّاهِرُ، وَهُوَ الْقِيَاسُ: أَنَّ الرُّجُوعَ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْعِوَضِ، وَلَا نَظَرَ فِي هَذَا الْقَوْلِ إلَى تَفْصِيلٍ أَصْلًا. اهـ. بِرّ. (قَوْلُهُ وَكَذَا الرَّافِعِيُّ) أَيْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا أَيْ عَلَى الْإِطْلَاقِ، بَلْ فِيمَا إذَا ضَمِنَ، وَإِلَّا فَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ إلَّا أَنْ يَقُولَ: عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ إلَخْ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلزِّيَادَةِ فِي الْجُمْلَةِ.

(قَوْلُهُ قَالَ الْأَئِمَّةُ: لَا يُطَالَبُ) قَدْ يُقَال: هَلَّا طُولِبَ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يُطَالَبُ كَمَا تَقَرَّرَ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ، قَالَ فِي الرَّوْضِ هُنَاكَ: وَإِنْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ وَالثَّمَنُ فِي يَدِهِ طُولِبَ، وَإِلَّا فَلَا إنْ اشْتَرَى بِمُعَيَّنٍ، وَإِنْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ فَلِلْبَائِعِ مُطَالَبَتُهَا، أَيْ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا إنْ صُدِّقَ الْوَكِيلُ أَيْ فِي وَكَالَتِهِ، وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ بِيَدِ الْوَكِيلِ قَالَ فِي شَرْحِهِ: أَوْ صَرَّحَ بِالسِّفَارَةِ فِي الْعَقْدِ اهـ. وَكَمَا سِيَاتِي هُنَا فِي قَوْلِهِ: فَلَوْ طَالَبَ الزَّوْجُ الْوَكِيلَ بِالْجَمِيعِ وَأَخَذَهُ مِنْهُ إلَخْ لَا يُقَالُ: إنَّمَا لَمْ يُطَالَبْ لِمُخَالَفَتِهِ؛ لِأَنَّ مُخَالَفَتَهُ إنَّمَا تُنَاسِبُ مُطَالَبَتَهُ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى اسْتِقْلَالِهِ بِالْخُلْعِ السَّائِغِ لَهُ وَالْمُوجِبِ لِمُطَالَبَتِهِ.

(قَوْلُهُ فَيُطَالَبُ بِمَا سَمَّى) ظَاهِرُهُ: وَإِنْ زَادَ عَلَى مَهْر الْمِثْلِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهَا بِرّ أَقُولُ: قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَإِنْ زَادَ مَهْرُ الْمِثْلِ اهـ. سم. (قَوْلُهُ إلَّا بِمَا سَمَّتْ) ظَاهِرُهُ: سَوَاءٌ زَادَ مُسَمَّاهَا عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ نَقَصَ، وَمِنْ ثَمَّ نَشَأَ قَوْلُ الْبَارِزِيِّ الْآتِي: الظَّاهِرُ إلَخْ ثُمَّ قَوْلُهُ بِمَا سَمَّتْ مِثْلُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ بِرّ (تَنْبِيهٌ) قَدْ يُقَالُ: لِمَ رَجَعَ عَلَيْهَا مَعَ عَدَمِ إذْنِهَا فِي الضَّمَانِ؟ فَإِنْ قِيلَ: لَيْسَ هَذَا مِنْ الضَّمَانِ الْمَشْهُورِ فَيُقَالُ: هُوَ أَوْلَى بِعَدَمِ الرُّجُوعِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِذْنِ، إلَّا أَنْ يُجَابَ: بِأَنَّهُ وَكِيلٌ، وَالْوَكِيلُ عَلَيْهِ الْعُهْدَةُ فَيَرْجِعُ. (قَوْلُهُ، وَقَدْ يُوَجَّهُ) أَيْ عَدَم الرُّجُوعِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ)

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ وَقَالَ فِي الْحَاوِي: إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ فَسَادِ الْعِوَضِ بِزِيَادَتِهِ فِيهِ مَعَ إضَافَتِهِ إلَيْهَا اهـ. م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ وَمِثْلُهُ حَجَرٌ قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ وَشَرْحِهِ: وَإِنْ أَطْلَقَ بِأَنْ لَمْ يُضِفْهُ لِنَفْسِهِ وَلَا إلَيْهَا، وَقَدْ نَوَاهَا فَقَالَ: اخْتَلَعَتْ فَلِأَنَّهُ بِأَلْفَيْنِ، فَالْأَظْهَرُ أَنَّ عَلَيْهَا مَا سَمَّتْهُ؛ لِأَنَّهَا الْتَزَمَتْهُ وَعَلَيْهِ الزِّيَادَةُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِهَا فَكَأَنَّهُ افْتَدَاهَا بِمَا سَمَّتْهُ وَزِيَادَةٍ مِنْ عِنْدِهِ اهـ. وَقَوْلُ م ر وَحَجَرٍ فِي الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَيْ: إلَّا إنْ ضَمِنَ، فَقَالَ: وَأَنَا ضَامِنٌ فَيُطَالَبُ مِنْ حَيْثُ الضَّمَانُ اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ فَيُطَالَبُ بِمَا سَمَّى) قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ: هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَبِهِ قَطَعَ الْأَصْحَابُ فِي طُرُقِهِمْ، وَفِي الْمُخْتَصَرِ تَعَرَّضَ لِمِثْلِهِ وَقَالَ الْإِمَامُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَثَرُ الضَّمَانِ فِي مُطَالَبَتِهِ بِمَا تُطَالَبُ بِهِ الْمَرْأَةُ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ فَيُطَالَبُ بِمَا سَمَّى) أَيْ يُطَالَبُ بِهِ، وَلَوْ زَائِدًا عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ حَيْثُ الضَّمَانُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الزَّوْجَ يَسْتَحِقُّ الزَّائِدَ فَيَكُونُ الْخُلْعُ فِي مُقَابَلَةِ الْمِثْلِ خُلْعًا مَعِ الزَّوْجَةِ وَفِي مُقَابَلَةِ الزَّائِدِ خُلْعًا مَعَ أَجْنَبِيٍّ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ عَلَى إضَافَةٍ فَاسِدَةٍ) وَهِيَ إضَافَةُ جُمْلَةِ الْمَالِ إلَيْهَا ع ش (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ) مَشَى عَلَى هَذِهِ الْقَضِيَّةِ حَجَرٌ فِي التُّحْفَةِ. (قَوْلُهُ وَمَا اسْتَبْعَدَهُ فِي الثَّانِيَةِ بَعِيدٌ) إذْ الْأَقَلُّ هُوَ الَّذِي رَضِيَتْ بِهِ. (قَوْلُهُ مِنْ التَّسْوِيَةِ إلَخْ) أَيْ مِنْ التَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِي لُزُومِ مَهْرِ الْمِثْلِ بِتَمَامِهِ لَهَا، سَوَاءٌ زَادَ عَلَى مُسَمَّاهَا أَوْ لَا، وَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا غَرِمَتْهُ فِي الزَّائِدِ، هَذَا هُوَ الْمُرَادُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي الْحَاشِيَةِ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ كَمَا أَفْهَمَهُ إلَخْ) خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ حَيْثُ قَالَ: إذَا أَطْلَقَ وَلَمْ يَنْوِهَا، فَالْمَالُ عَلَيْهَا.

(قَوْلُهُ

ص: 244