المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[أسباب وجوب النفقة] - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٤

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الْوَصَايَا)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْوِصَايَةِ)

- ‌(فَرْعٌ)الْوِصَايَةُ جَائِزَةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ

- ‌(بَابُ الْوَدِيعَةِ)

- ‌(بَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ)

- ‌ بَيَانِ الْغَنِيمَةِ وَتَخْمِيسِهَا

- ‌(بَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ)

- ‌ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَكَافِرٍ

- ‌(بَابُ النِّكَاحِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْعَقْدِ) لِلنِّكَاحِ وَمُقَدِّمَاتِهِ

- ‌[الْكَفَاءَةِ الْمُعْتَبَرَةِفِي النِّكَاحِ]

- ‌ الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْخِيَارِ فِي النِّكَاح]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْخِيَارِ فِي النِّكَاح وَأَحْكَامٍ أُخَرَ]

- ‌(بَابُ الصَّدَاقِ)

- ‌ بَيَانِ تَشْطِيرِ الْمَهْرِ

- ‌ حُكْمَ تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ فِي الْمَهْرِ

- ‌(بَابُ الْقَسْمِ) .وَالنُّشُوزُ

- ‌(بَابُ الْخُلْعِ)

- ‌[فَرْعٌ خَالَعَهَا بِمَا فِي كَفِّهَا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ]

- ‌(بَابُ الطَّلَاقِ)

- ‌[فَرْعٌ قَالَ كُلُّ مَا أَمْلِكُهُ حَرَامٌ عَلَيَّ وَلَهُ زَوْجَاتٌ وَإِمَاءٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الرَّجْعَةِ]

- ‌(بَابُ الْإِيلَاءِ)

- ‌[أَرْكَان الْإِيلَاءِ]

- ‌(بَابُ الظِّهَارِ)

- ‌(بَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ)

- ‌(بَابُ الْعِدَدِ)

- ‌(فَرْعٌ)زَنَتْ الْمُعْتَدَّةُ فِي عِدَّتِهَا وَهِيَ بِكْرٌ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌(بَابُ الرَّضَاعِ)

- ‌[بَابُ النَّفَقَة]

- ‌[أَسْبَابُ وُجُوبِ النَّفَقَة]

- ‌(بَابُ الْحَضَانَةِ)

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْ أَقَارِبِ الْوَلَدِ مِمَّنْ لَهُ الْحَضَانَةُ]

- ‌[فَرْعٌ دَفَعَ إلَيْهِ طَعَامًا ثُمَّ أَرَادَ إبْدَالَهُ فِي نَفَقَة مِلْك الْيَمِين]

- ‌[فَرْعٌ لَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضِرْ فَرْعَ أَيْ وَلَدَ مَوَاشِيهِ]

الفصل: ‌[أسباب وجوب النفقة]

بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ زَوْجَتُهُ (قَبْلَ كَوْنِ عُمْرِهَا حَوْلَيْنِ) إلَى كَبِيرَةٍ نَائِمَةٍ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ أَوْ مُسْتَيْقِظَةٍ سَاكِتَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ وَتَرْتَضِعُ مِنْهَا فَلَا تَغْرَمُ الْكَبِيرَةُ شَيْئًا مِنْ الْمَهْرِ لِلزَّوْجِ إنْ لَمْ تَصْنَعْ شَيْئًا وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْحَاوِي لَا إنْ دَبَّتْ الصَّغِيرَةُ (وَهْوَ) أَيْ ارْتِضَاعُ الَّتِي دَبَّتْ (مُسْقِطٌ لِمَهْرِهَا) ؛ لِأَنَّ الِانْدِفَاعَ حَصَلَ بِفِعْلِهَا قَبْلَ الْوَطْءِ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ فِي مَالِهَا إذَا كَانَتْ الْكَبِيرَةُ زَوْجَةً لَهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ إنْ كَانَ قَدْ وَطِئَهَا وَإِلَّا فَنِصْفُهُ؛ لِأَنَّهَا أَتْلَفَتْ عَلَيْهِ بُضْعَ الْكَبِيرَةِ وَلَوْ وَصَلَتْ قَطَرَاتُ اللَّبَنِ إلَى جَوْفِ الصَّغِيرَةِ بِتَقْطِيرِ الرِّيحِ مَثَلًا كَانَ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ وَلَا غُرْمَ عَلَى صَاحِبَةِ اللَّبَنِ؛ لِأَنَّهُ لَا صُنْعَ مِنْ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا.

(بَابُ النَّفَقَاتِ) جَمْعُ نَفَقَةٍ مِنْ الْإِنْفَاقِ وَهُوَ الْإِخْرَاجُ

وَأَسْبَابُ وُجُوبِهَا ثَلَاثَةٌ مِلْكُ النِّكَاحِ وَقَرَابَةُ الْبَعْضِيَّةِ وَمِلْكُ الْيَمِينِ، وَالْأَصْلُ فِي وُجُوبِهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ مَا سَيَأْتِي وَبَدَأَ بِنَفَقَةِ مِلْكِ النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى لِوُجُوبِهَا بِطَرِيقِ الْمُعَاوَضَةِ فَقَالَ (أَوْجِبْ) مَا يُذْكَرُ مِنْ الْمُؤَنِ (لِعِرْسٍ) أَيْ زَوْجَةٍ (مَكَّنَتْ زَوْجًا) لَهَا مِنْ نَفْسِهَا قَالَ تَعَالَى {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: 7] الْآيَةُ وَقَالَ: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] وَقَالَ صلى الله عليه وسلم «اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ «وَسُئِلَ صلى الله عليه وسلم مَا حَقُّ زَوْجَةِ الرَّجُلِ عَلَيْهِ فَقَالَ تُطْعِمُهَا إذَا طَعِمْتَ وَتَكْسُوَهَا إذَا اكْتَسَيْت» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَكُلُّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ التَّمْكِينِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَصِّلُ لِلْغَرَضِ وَذَلِكَ بِأَنْ تَعْرِضَ نَفْسَهَا عَلَيْهِ وَلَوْ بِأَنْ تَبْعَثَ إلَيْهِ أَنِّي مُسَلِّمَةٌ نَفْسِي إلَيْك وَالْمُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْمُرَاهِقَةِ وَالْمَجْنُونَة عَرْضُ الْوَلِيِّ نَعَمْ لَوْ سَلَّمْت الْمُرَاهِقَةُ نَفْسَهَا إلَى الزَّوْجِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَتَسَلَّمَهَا كَفَى لِحُصُولِ التَّمْكِينِ.

وَكَذَا لَوْ سَلَّمَتْ الْبَالِغَةُ الْعَاقِلَةُ نَفْسَهَا إلَى الْمُرَاهِقِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ بِخِلَافِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعَ لِلْمُرَاهِقِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّةَ أَنْ تَصِيرَ الْيَدُ لِلْمُشْتَرِي وَهِيَ لِلْوَلِيِّ فِيمَا اشْتَرَاهُ لِلْمُرَاهِقِ لَا لَهُ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ الْمُؤْنَةُ بِالْعَقْدِ كَالْمَهْرِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يُوجِبُ عِوَضَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَلِأَنَّ جُمْلَتَهَا فِي مُدَّةِ الْعَقْدِ مَجْهُولَةٌ وَالْعَقْدُ لَا يُوجِبُ مَجْهُولًا فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّمْكِينِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَادَّعَى النُّشُوزَ أَوْ أَدَاءَ مُؤْنَةِ الْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ وَأَنْكَرَتْ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا لِذَلِكَ (وَإِنْ) كَانَتْ الْمُمَكِّنَةُ (رَتْقَاءَ) أَوْ قَرْنَاءَ أَوْ مُفْضَاةً (أَوْ مَرِيضَةً) لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ (أَوْ ذَاتَ جِنْ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ جُنُونٍ فَتَجِبُ لَهَا الْمُؤْنَةُ؛ لِأَنَّهَا مَعْذُورَةٌ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ حَصَلَ التَّسْلِيمُ الْمُمْكِنُ وَيُمْكِنُ التَّمَتُّعُ بِهَا مِنْ بَعْضٍ الْوُجُوهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ غُصِبَتْ لِخُرُوجِهَا عَنْ قَبْضَةِ الزَّوْجِ وَفَوَاتِ التَّمَتُّعِ بِالْكُلِّيَّةِ (وَلَوْ) كَانَ الزَّوْجُ (صَغِيرًا) لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهُ وَالزَّوْجَةُ كَبِيرَةً فَتَجِبُ مُؤْنَتُهَا إذْ لَا مَنْعَ مِنْ جِهَتِهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا إلَى كَبِيرٍ فَهَرَبَ (لَا) إنْ كَانَتْ (صَغِيرَةً) لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ لِتَعَذُّرِهِ لِمَعْنًى فِيهَا كَالنَّاشِزَةِ بِخِلَافِ الْمَرِيضَةِ وَالرَّتْقَاءِ فَإِنَّ الْمَرَضَ يَطْرَأُ وَيَزُولُ وَالرَّتْقُ مَانِعٌ دَائِمٌ قَدْ رَضِيَ بِهِ وَيَشُقُّ مَعَهُ تَرْكُ الْمُؤْنَةِ مَعَ أَنَّ التَّمَتُّعَ بِغَيْرِ الْوَطْءِ لَا يَفُوتُ فِيهِمَا كَمَا مَرَّ.

وَيَسْتَمِرُّ وُجُوبُ الْمُؤَنِ بِالتَّمْكِينِ (إلَى أَنْ بَانَتْ الْمَرْأَةُ) مِنْ زَوْجِهَا بِخُلْعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَحِينَئِذٍ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا (إذْ) أَيْ وَقْتُ (لَا حَبَلَا) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ لَا نَفَقَةَ لَك وَكَانَتْ بَائِنًا حَائِلًا» وَلِمَفْهُومِ آيَةِ {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ} [الطلاق: 6] وَإِنَّمَا وَجَبَتْ لِلرَّجْعِيَّةِ لِبَقَاءِ حَبْسِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا وَسَلْطَنَتِهِ إلَّا أَنَّهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ. . . إلَخْ) لَا يُشْكَلُ هَذَا بِتَضْمِينِ الْمُودَعِ إذَا قَدَرَ عَلَى الدَّفْعِ وَتَرَكَهُ لِأَنَّ الصَّغِيرَةَ هِيَ الْمُتْلِفَةُ لِبَعْضِهَا فَلَا يَكُونُ مَضْمُونًا بِرّ (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ فِي مَالِهَا) شَامِلٌ لِمَسْأَلَةِ الْمُسْتَيْقِظَةِ السَّاكِتَةِ فَلْيُرَاجَعْ

[بَابُ النَّفَقَة]

[أَسْبَابُ وُجُوبِ النَّفَقَة]

(بَابُ النَّفَقَاتِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

كَلَا طَلَبٍ. اهـ. ح ل

(بَابُ النَّفَقَاتِ)

(قَوْلُهُ: جَمْعُ نَفَقَةٍ) هِيَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْإِنْفَاقِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ وَغَيْرَهُ مِنْ الْأَحْكَامِ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ لَا بِالذَّوَاتِ فَأَخْذُهَا مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَى عَكْسِ أَخْذِ الْمَزِيدِ مِنْ الْمُجَرَّدِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ بِمَعْنَى الْبَاءِ وَالْمَعْنَى بِمَعْنَى الْإِنْفَاقِ (قَوْلُهُ: ثَلَاثَةٌ) وَرَدَ عَلَى الْحَصْرِ فِيهَا صُوَرٌ مِنْهَا الْهَدْيُ وَالْأُضْحِيَّةُ الْمَنْذُورَةُ فَإِنَّ نَفَقَتَهُمَا عَلَى النَّاذِرِ وَالْمُهْدِي مَعَ انْتِقَالِ الْمِلْكِ فِيهِمَا لِلْفُقَرَاءِ وَمِنْهَا نَصِيبُ الْفُقَرَاءِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ الْإِمْكَانِ نَفَقَتُهُ عَلَى الْمَالِكِ سم، وَقَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْمِلْكُ الْمُتَقَدِّمُ إذْ لَوْلَاهُ لَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَعْرِضَ) فَإِنْ لَمْ تَعْرِضْ عَلَيْهِ مَعَ سُكُوتِهِ عَنْ طَلَبِهَا وَلَمْ تَمْتَنِعْ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا لِعَدَمِ التَّمْكِينِ سم عَلَى ع (قَوْلُهُ: وَيَشُقُّ مَعَهُ إلَخْ) لِدَوَامِهِ

ص: 381

لَا يَجِبُ لَهَا مُؤْنَةُ التَّنَظُّفِ لِامْتِنَاعِ الزَّوْجِ عَنْهَا، وَلَوْ ظَهَرَ بِهَا إمَارَاتُ الْحَمْلِ وَلَوْ بِشَهَادَةِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ أَوْ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ لَزِمَهُ نَفَقَتُهَا فَإِنْ بَانَ أَنْ لَا حَمْلَ اسْتَرَدَّ الزَّائِدَ عَلَى نَفَقَةِ مُدَّةِ الْعِدَّةِ وَتُسْأَلُ عَنْ قَدْرِ أَقْرَائِهَا فَإِنْ عَيَّنَتْ قَدْرَهَا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا وَإِنْ قَالَتْ لَا أَعْلَمُ مَتَى انْقَضَتْ عِدَّتِي سُئِلَتْ عَنْ عَادَتِهَا فَإِنْ ذَكَرَتْ عَادَةً مَضْبُوطَةً عُمِلَ بِقَوْلِهَا وَإِنْ قَالَتْ عَادَتِي مُخْتَلِفَةٌ أَخَذْنَا بِأَقَلِّ عَادَاتِهَا وَرَجَعَ بِمَا زَادَ وَلَوْ قَالَتْ نَسِيت عَادَتِي فَعَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا زَادَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَخْذًا بِغَالِبِ الْعَادَاتِ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ يَرْجِعُ بِمَا زَادَ عَلَى أَقَلِّ مَا يُمْكِنُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ فِيهِ وَبِهِ قَطَعَ أَبُو الْفَرَجِ السَّرَخْسِيُّ كَذَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ (أَوْ) إلَى أَنْ (وَضَعَتْ) أَيْ الْبَائِنُ حَمْلَهَا إنْ كَانَتْ حَامِلًا لِلْآيَةِ السَّابِقَةِ وَلَا يَجِبُ دَفْعُ النَّفَقَةِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ الْحَمْلُ فَيَجِبُ دَفْعُهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ فَإِنْ بَانَ أَنْ لَا حَمْلَ اُسْتُرِدَّ.

(وَإِنْ قَضَى) أَيْ مَاتَ زَوْجُهَا قَبْلَ وَضْعِ حَمْلِهَا فَأَوْجَبَ لَهَا النَّفَقَةَ (عَلَى أَحَدْ وَجْهَيْنِ) وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَصْلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لِلْحَامِلِ بِسَبَبِ الْحَمْلِ وَهِيَ إذَا كَانَتْ بَائِنًا لَا تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ بِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ بَلْ تَعْتَدُّ عَنْ فُرْقَةِ الْحَيَاةِ وَهِيَ كَأَنَّهَا تُوجِبُ هَذِهِ النَّفَقَةَ دُفْعَةً فَتَصِيرُ كَدَيْنٍ عَلَيْهِ وَالثَّانِي لَا نَفَقَةَ لَهَا؛ لِأَنَّهَا كَالْحَاضِنَةِ لِلْوَلَدِ وَلَا نَفَقَةَ لِلْحَاضِنَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَرَجَّحَهُ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ (قُلْتُ لَكِنْ الثَّانِي أَسَدْ) أَيْ أَقْوَى (مِثْلُ الْإِمَامِ اخْتَارَهُ) وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ وَجَرَى عَلَى الْأَوَّلِ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَرَجَّحَهُ الْغَزَالِيُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَمَحَلُّ وُجُوبِ نَفَقَتِهَا إذَا بَانَتْ بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ بِعَارِضٍ كَرِدَّةٍ وَرَضَاعٍ فَإِنْ بَانَتْ بِفَسْخٍ بِمُقَارِنٍ لِلْعَقْدِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا إذْ الْفَسْخُ بِذَلِكَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ أَمَّا إذَا بَانَتْ الْحَامِلُ بِمَوْتِ الزَّوْجِ فَلَا لِخَبَرِ «لَيْسَ لِلْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا نَفَقَةٌ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَامِلِ بِسَبَبِ حَمْلِهَا كَمَا مَرَّ وَنَفَقَةُ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِالْمَوْتِ فَكَذَا النَّفَقَةُ بِسَبَبِهِ وَإِنَّمَا لَمْ تَسْقُطْ فِي مَسْأَلَةِ الْغَزَالِيِّ السَّابِقَةِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ فِيهَا قَبْلَ الْمَوْتِ فَاغْتُفِرَ بَقَاؤُهَا فِي الدَّوَامِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ الِابْتِدَاءِ.

(أَوْ) إلَى أَنْ (حَبِلَتْ) أَيْ الْمُمَكِّنَةُ (مِنْ) وَطْءِ (شُبْهَةٍ) حَصَلَتْ مِنْ الْوَاطِئِ فَتَسْقُطُ بِذَلِكَ نَفَقَتُهَا وَإِنْ كَانَتْ مَعْذُورَةً فِي بَعْضِ الصُّوَرِ لِفَوَاتِ التَّمَتُّعِ بِذَلِكَ.

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَلَوْ ظَهَرَ بِهَا. . . إلَخْ) أَيْ الرَّجْعِيَّةِ فَلَا إشْكَالَ فِي تَقْيِيدِ الِاسْتِرْدَادِ بِالزَّائِدِ (قَوْلُهُ: فَيَجِبُ دَفْعُهَا. . . إلَخْ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ دَفْعُ مَا مَضَى قَبْلَ ظُهُورِ الْحَمْلِ لِتَبَيُّنِ وُجُوبِهِ (قَوْلُهُ: اسْتَرَدَّ) أَيْ الْجَمِيعَ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ) فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ إلَيْهَا فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا وَقَوْلُهُ: بَلْ تَعْتَدُّ أَيْ الْبَائِنُ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ وُجُوبِ نَفَقَتِهَا) أَيْ الْحَامِلِ (قَوْلُهُ إذْ الْفَسْخُ بِذَلِكَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلِذَلِكَ لَا يَجِبُ الْمَهْرُ إذَا لَمْ يَكُنْ دُخُولٌ. اهـ. ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ التَّرْجِيحَ لِذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَأَنَّ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إشَارَةً إلَيْهِ وَأَنَّ الْأَصْلَ رَجَّحَهُ فِي بَابِ الْخِيَارِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَخْفَى إشْكَالُ هَذَا التَّعْلِيلِ مِنْ وُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّ السَّابِقَ إلَى الْفَهْمِ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْفَسْخَ مُطْلَقًا إنَّمَا يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ فَكَيْفَ يُرَجَّحُ هَذَا الْحُكْمُ وَيُعَلَّلُ بِهَذَا التَّعْلِيلِ وَمِنْهَا أَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ الْمَهْرِ إذَا لَمْ يَكُنْ دُخُولٌ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْفَسْخِ بِالْمُقَارِنِ وَالْفَسْخِ بِالْحَادِثِ فَكَيْفَ يَكُونُ مَعَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَا يَجِبُ الْمَهْرُ إذَا لَمْ يَكُنْ دُخُولٌ وَمِنْهَا أَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ الْمَهْرِ إذَا لَمْ يَكُنْ دُخُولٌ لَا حَاجَةَ فِيهِ إلَى رَفْعِ الْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مَبْحَثِ تَشْطِيرِ الصَّدَاقِ فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا ثَمَّ أَسْبَابًا لِسُقُوطِ جَمِيعِ الْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ انْتِفَاءِ دَفْعِ الْعَقْدِ فِيهَا مِنْ أَصْلِهِ، ثُمَّ رَأَيْت الرَّافِعِيَّ عَلَّلَ بِمَا عَلَّلَ بِهِ الشَّارِحُ مَعَ زِيَادَةِ شَرْحِ الرَّوْضِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي بَابِ الْخِيَارِ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْفَسْخَ بِالْعَيْبِ الْمُقَارِنِ يُسْقِطُ الْمَهْرَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ بَعْدَهُ لَا الْمُسَمَّى وَعَلَّلَ الشِّقَّ الثَّانِيَ بِتَعْلِيلَيْنِ قَالَ مَا نَصُّهُ وَفِيهِ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ أَنَّهُ يَسْتَقِرُّ الْمُسَمَّى وَلَا رُجُوعَ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّ الدُّخُولَ جَرَى فِي عَقْدٍ صَحِيحٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى تَسْمِيَةٍ صَحِيحَةٍ فَأَشْبَهَ الرِّدَّةَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَمِنْهَا خُرِّجَ هَذَا الْقَوْلُ قَالَ الْأَئِمَّةُ: وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ الْقِيَاسِ فَإِنَّ الْفَسْخَ عِنْدَنَا لَا يَسْتَنِدُ إلَى أَصْلِ الْعَقْدِ. اهـ. فَتَأَمَّلْ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْأَئِمَّةِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْبَابِ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا وَجَبَتْ) أَيْ حَالَ الْبَيْنُونَةِ.

ــ

[حاشية الشربيني]

بِخِلَافِ الصِّغَرِ.

(قَوْلُهُ: لِلْحَامِلِ بِسَبَبِ الْحَمْلِ) أَيْ لَا لِلْحَمْلِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لَهُ لَتَقَدَّرَتْ بِقَدْرِ كِفَايَتِهِ وَلَمَا وَجَبَتْ عَلَى الْمُعْسِرِ وَلَمَا اخْتَلَفَتْ بِيَسَارِ الزَّوْجِ وَإِعْسَارِهِ كَمَا هُوَ شَأْنُ نَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ وَجَرَى عَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ م ر وَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ فَسْخٍ بِعَارِضٍ كَرِدَّةٍ وَرَضَاعٍ) أَيْ لِأَنَّ ذَلِكَ كَالطَّلَاقِ بِخِلَافِ الْفَسْخِ بِمُقَارِنٍ فَإِنَّهُ لَمَّا قَارَنَ الْعَقْدَ كَانَ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا بِكَوْنِهِ يُرْفَعُ الْعَقْدُ مِنْ أَصْلِهِ ثُمَّ إنَّهَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ إذَا كَانَ الْفَسْخُ بِعَارِضٍ وَلَوْ كَانَ مِنْهَا كَرِدَّتِهَا وَإِرْضَاعِهَا زَوْجَتَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَانْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَ النَّفَقَةِ وَالصَّدَاقِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِالِانْفِسَاخِ بِالْعَارِضِ إذَا كَانَ مِنْهَا وَلَعَلَّهُ أَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْبُضْعِ، وَقَدْ فَاتَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِفَسْخٍ) لَمْ يَقُلْ أَوْ انْفِسَاخٍ كَمَا وَقَعَ لِبَعْضِهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُقْتَضِي لَهُ كَالرَّضَاعِ مَوْجُودًا عِنْدَ الْعَقْدِ كَانَ الْعَقْدُ بَاطِلًا مِنْ أَصْلِهِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَرْفَعُهُ مِنْ حِينِهِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا تَسْتَحِقُّ بِهِ مُؤْنَةً. اهـ. ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ

(قَوْلُهُ:

ص: 382

وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِمَا قَالَهُ مِنْ حَبَلِهَا بَلْ يَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ الْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ.

(أَوْ مَعَ زَوْجٍ) أَوْ إلَى أَنْ (أَكَلَتْ) مَعَ زَوْجِهَا عَلَى الْعَادَةِ وَهِيَ رَشِيدَةٌ أَوْ غَيْرُ رَشِيدَةٍ وَأَذِنَ وَلِيُّهَا فِي أَكْلِهَا مَعَهُ فَتَسْقُطُ بِذَلِكَ نَفَقَتُهَا وَهَذَا أَوْلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْمُحَرَّرِ وَأَحْسَنُهُمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ لِاكْتِفَاءِ الزَّوْجَاتِ بِهِ فِي الْأَعْصَارِ وَجَرَيَانِ النَّاسِ عَلَيْهِ فِيهَا قَالَ الْإِمَامُ: فَكَأَنَّ نَفَقَتَهَا مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الْكِفَايَةِ إنْ أَرَادَتْ وَبَيْنَ التَّمْلِيكِ عَلَى قِيَاسِ الْأَعْوَاضِ إنْ طُلِبَتْ قَالَ وَهُوَ حَسَنٌ غَامِضٌ وَأَقْيَسُهُمَا فِي الشَّرْحَيْنِ الْمَنْعُ إذْ لَمْ يُؤَدِّ الْوَاجِبَ وَتَطَوَّعْ بِغَيْرِهِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ وَلْيَكُنْ السُّقُوطُ مُفَرَّعًا عَلَى جَوَازِ اعْتِيَاضِ الْخُبْزِ وَأَنْ يَجْعَلَ مَا جَرَى قَائِمًا مَقَامَ الِاعْتِيَاضِ يَعْنِي إنْ لَمْ يُلَاحِظْ مَا جَرَى عَلَيْهِ النَّاسُ فِي الْأَعْصَارِ كَمَا مَرَّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَالتَّصْوِيرُ بِالْأَكْلِ مَعَهُ عَلَى الْعَادَةِ يُشْعِرُ بِأَنَّهَا إذَا أَتْلَفَتْهُ أَوْ أَعْطَتْهُ غَيْرَهَا لَمْ تَسْقُطْ وَبِأَنَّهَا إذَا أَكَلَتْ مَعَهُ دُونَ الْكِفَايَةِ لَمْ تَسْقُطْ وَبِهِ صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ وَهَلْ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِالْكُلِّ أَوْ التَّفَاوُتِ فَقَطْ فِيهِ نَظَرٌ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَيَنْبَغِي الْقَطْعُ بِالْمُطَالَبَةِ بِالتَّفَاوُتِ فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَكَلَتْهُ غَيْرَ مَعْلُومٍ وَتَنَازَعَا فِي قَدْرِهِ رُجِّحَ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قَبْضِهَا الزَّائِدَ أَمَّا إذَا لَمْ يَأْذَنْ وَلِيُّ غَيْرِ الرَّشِيدَةِ فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِذَلِكَ وَخَالَفَ الْبُلْقِينِيُّ فَأَفْتَى بِسُقُوطِهَا بِهِ، ثُمَّ قَالَ وَمَا قَيَّدَهُ النَّوَوِيُّ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ، وَقَدْ ذَكَرَ الْأَئِمَّةُ فِي الْأَمَةِ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ وَعَلَى ذَلِكَ جَرَى النَّاسُ فِي الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ.

(أَوْ وَطْئًا أَوْ تَمَتُّعًا بِهَا أَبَتْ) أَيْ أَوْ إلَى أَنْ مَنَعَتْهُ وَطْأَهَا أَوْ التَّمَتُّعَ بِهَا بِغَيْرِ الْوَطْءِ سَوَاءٌ الْعَاقِلَةُ وَغَيْرُهَا لِنُشُوزِهَا بِذَلِكَ هَذَا (إنْ لَمْ يَضِرْ) بِهَا الْوَطْءُ وَالتَّقْيِيدُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ فَإِنْ أَضَرَّ بِهَا الْوَطْءُ لِمَرَضٍ أَوْ قُرْحٍ بِهَا أَوْ عَبَالَةِ زَوْجِهَا لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا وَكَذَا لَوْ مَنَعَتْهُ لِتَقْبِضَ الْمَهْرَ حَيْثُ لَهَا الْمَنْعُ فَإِنْ أَنْكَرَ الضَّرَرَ بِذَلِكَ فَلَهَا إثْبَاتُهُ بِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ فَيَنْظُرْنَ إلَيْهِمَا مَكْشُوفَيْ الْعَوْرَةِ حَالَ انْتِشَارِ ذَكَرِهِ وَإِرَادَةِ الْوَطْءِ لِيَشْهَدْنَ بِذَلِكَ.

(أَوْ دُونَ إذْنٍ ذَهَبَتْ) أَيْ أَوْ إلَى أَنْ خَرَجَتْ مِنْ مَنْزِلِهَا بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ وَلَوْ غَضَبًا؛ لِأَنَّ لَهُ عَلَيْهَا حَقَّ الْحَبْسِ فِي مُقَابَلَةِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ نَعَمْ لَوْ خَرَجَتْ لِإِشْرَافِ الْمَنْزِلِ عَلَى الِانْهِدَامِ أَوْ لِإِزْعَاجِ مَالِكِهِ أَوْ خَرَجَتْ فِي غَيْبَتِهِ إلَى بَيْتِ أَبِيهَا لِزِيَارَةٍ أَوْ عِيَادَةٍ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: كَمَا فِي الرَّوْضَةِ) لِانْتِفَاءِ التَّمْكِينِ إذْ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.

(قَوْلُهُ لَمْ تَسْقُطْ) أَيْ وَتَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ أَوْ أَعْطَتْهُ غَيْرَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَوْ سَفِيهَةً لِأَنَّ السَّفِيهَ فِي ضَمَانِ الْإِتْلَافِ وَنَحْوِهِ كَالرَّشِيدِ (قَوْلُهُ: بِالتَّفَاوُتِ) هَلْ الْمُرَادُ التَّفَاوُتُ بَيْنَ مَا أَكَلَتْهُ وَكِفَايَتِهَا أَوْ وَالْوَاجِبِ شَرْعًا فِيهِ نَظَرٌ وَيَتَّجِهُ الثَّانِي إذْ اللَّازِمُ لَهُ هُوَ الْوَاجِبُ شَرْعًا دُونَ مَا زَادَ إلَى حَدِّ الْكِفَايَةِ، وَقَدْ يُقَالُ يُشْكِلُ عَلَى الثَّانِي قَوْلُهُ: دُونَ كِفَايَتِهَا مَعَ أَنَّ مَا دُونَ كِفَايَتِهَا قَدْ يَكُونُ قَدْرَ الْوَاجِبِ شَرْعًا أَوْ أَكْثَرَ.

(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَهَا الْمَنْعُ) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا أَوْ حَالًا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا شَرْحُ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ غَصْبًا) كَالْحَبْسِ ظُلْمًا حَجَرٌ د.

ــ

[حاشية الشربيني]

أَوْ غَيْرَ رَشِيدَةٍ وَأَذِنَ) فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إنْ كَانَ رَشِيدًا وَإِنْ قَصَدَ بِهِ جَعْلَهُ عَنْ نَفَقَتِهَا فَإِنْ كَانَ غَيْرَ رَشِيدٍ فَلِوَلِيِّهِ الرُّجُوعُ. اهـ. كَرْخِيٌّ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَمَا فِي ق ل فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: وَأَذِنَ) وَلِيُّهَا وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمَصْلَحَةِ فِي أَكْلِهَا مَعَهُ وَإِلَّا فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا إنْ كَانَ رَشِيدًا وَلَا عَلَى الْوَلِيِّ الْآذِنِ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ تَغْرِيرٌ وَهُوَ لَا يُوجِبُ تَضْمِينًا كَمَا قَالَهُ سم وَنَقَلَهُ عَنْهُ ع ش (قَوْلُهُ: فِيهَا) حَتَّى فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم وَلَوْ كَانَتْ لَا تَسْقُطُ مَعَ عِلْمِهِ صلى الله عليه وسلم بِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَيْهِ لَأَعْلَمَهُمْ بِذَلِكَ وَأَمْضَاهُ مِنْ تَرِكَةِ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يُوَفِّهِ. اهـ. رَوْضَةٌ (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْكِفَايَةِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى الْوَاجِبِ شَرْعًا عِنْدَ التَّمْلِيكِ وَلَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ وَفِيهِ بُعْدٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: إنْ أَرَدْت) فَلَيْسَ لَهُ إجْبَارُهَا عَلَى أَنْ تَأْكُلَ مَعَهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَتَطَوَّعَ بِغَيْرِهِ) كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ الْإِمَامُ الْبُلْقِينِيُّ وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ رُجُوعِهِ عَلَيْهَا وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ إذَا فَعَلَهُ عَلَى أَنَّهُ نَفَقَتُهَا بَلْ إذَا لَمْ تَسْقُطْ وَجَبَ لَهُ بَدَلُ مَا أَتْلَفَتْهُ فَيَتَحَاسَبَانِ وَيُؤَدِّي كُلٌّ مِنْهُمَا مَا عَلَيْهِ وَمِمَّنْ جَزَمَ بِذَلِكَ أَبُو حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيُّ. اهـ. .

اهـ. عِرَاقِيٌّ (قَوْلُهُ: مُفَرَّعًا إلَخْ) فِي الرَّوْضَةِ الَّذِي يَجِبُ تَمْلِيكُهُ مِنْ الطَّعَامِ الْحَبُّ كَمَا فِي الْكِفَايَةِ لَا الْخُبْزُ وَالدَّقِيقُ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ اعْتَاضَتْ خُبْزًا أَوْ دَقِيقًا أَوْ سَوِيقًا فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَهُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُ هُمْ؛ لِأَنَّهُ رِبًا وَقَطَعَ الْبَغَوِيّ بِالْجَوَازِ لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّ الْحَبَّ وَإِصْلَاحَهُ، وَقَدْ فَعَلَهُ. اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ جَوَازِ اعْتِيَاضِ الدَّقِيقِ عَنْ الْحَبِّ حَيْثُ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر وَكُلُّ هَذَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ رضي الله عنه وَعَنَا بِهِ (قَوْلُهُ: يَعْنِي إنْ لَمْ يُلَاحَظْ إلَخْ) وَأَمَّا إذَا لُوحِظَ ذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ إلَى جَعْلِ مَا جَرَى قَائِمًا مَقَامَ الِاعْتِيَاضِ وَتَفْرِيعِهِ عَلَى جَوَازِهِ بَلْ نَفَقَتُهَا كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الْكِفَايَةِ إنْ أَرَادَتْ وَبَيْنَ التَّمْلِيكِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: دُونَ الْكِفَايَةِ) أَمَّا إذَا أَكَلَتْ قَدْرَ الْكِفَايَةِ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا وَلَوْ كَانَتْ كِفَايَتُهَا دُونَ الْوَاجِبِ لَهَا كَمَا أَنَّهَا إذَا لَمْ يَكْفِهَا الْوَاجِبُ وَجَبَتْ كِفَايَتُهَا فَتُطَالِبُ بِبَاقِي الْكِفَايَةِ لَا الْوَاجِبِ وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا ح ل وَهُوَ الظَّاهِرُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَلِيُّ غَيْرِ الرَّشِيدَةِ) مِثْلُهُ مَا إذَا لَمْ يَأْذَنْ سَيِّدُ الْأَمَةِ خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: فَأَفْتَى بِسُقُوطِهَا بِهِ) أَيْ أَخْذًا

ص: 383

لَا عَلَى وَجْهِ النُّشُوزِ لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا (أَوْ دُونَ زَوْجٍ) أَيْ أَوْ إلَى أَنْ (خَرَجَتْ) وَلَوْ بِإِذْنِ الزَّوْجِ دُونَ خُرُوجِهِ مَعَهَا (وَالْغَرَضُ لَهَا) وَلَوْ عِبَادَةً كَحَجٍّ لِخُرُوجِهَا عَنْ قَبْضَتِهِ وَإِقْبَالِهَا عَلَى شَأْنِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا خَرَجَتْ بِإِذْنِهِ لِغَرَضِهِ أَوْ خَرَجَ مَعَهَا وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا لَكِنَّهَا تَعْصِي بِخُرُوجِهَا مَعَهُ بِلَا إذْنٍ نَعَمْ إنْ مَنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ فَخَرَجَتْ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهَا سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ تَفَقُّهًا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّظْمِ كَغَيْرِهِ أَنَّهَا لَوْ خَرَجَتْ بِإِذْنِهِ لِغَرَضِهِمَا مَعًا لَا مَعَهُ لَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا قَالَ الشَّارِحُ وَالزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ قَضِيَّةُ الْمُرَجَّحِ فِي الْأَيْمَانِ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ فِيمَا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: إنْ خَرَجْت لِغَيْرٍ الْحَمَّامِ فَأَنْت طَالِقٌ فَخَرَجَتْ لَهَا وَلِغَيْرِهَا وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ يَنْبَغِي سُقُوطُهَا أَخْذًا مِمَّا رَجَّحُوهُ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْمُتْعَةِ فِيمَا إذَا ارْتَدَّا مَعًا قَبْلَ الْوَطْءِ قَالَ: وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اجْتَمَعَ فِيهِ الْمُقْتَضِي وَالْمَانِعُ فَقُدِّمَ الْمَانِعُ وَمَا قَالَاهُ أَوْجَهُ لِاتِّحَادِ الْفِعْلِ وَهُوَ الْخُرُوجُ لِلْغَرَضَيْنِ فِي مَسْأَلَتِنَا مَعَ مَا احْتَجَّا بِهِ بِخِلَافِهِ فِيهَا مَعَ مَا احْتَجَّ هُوَ بِهِ عَلَى أَنَّ مَا احْتَجَّ بِهِ لَا يُنَافِي عَدَمَ سُقُوطِ نَفَقَتِهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِ الْمُتْعَةِ حَتَّى يُوجَدَ الْمُقْتَضِي لِوُجُوبِهَا خَالِيًا مِنْ الْمَانِعِ وَلَمْ يُوجَدْ وَالْأَصْلُ هُنَا بَعْدَ التَّمْكِينِ عَدَمُ سُقُوطِ النَّفَقَةِ حَتَّى يُوجَدَ الْمُقْتَضِي لِسُقُوطِهَا خَالِيًا مِنْ الْمَانِعِ وَلَمْ يُوجَدْ إذْ الْمُقْتَضِي لِسُقُوطِهَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ خُرُوجُهَا لِغَرَضِهَا وَحْدَهُ (وَمِثْلُ الْيَوْمِ مَا) أَيْ الَّذِي (يُبَعَّضُ) مِنْهُ فِي أَنَّ مَا وَقَعَ فِيهِ مِمَّا مَرَّ يُسْقِطُ نَفَقَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهُ بِمَنْعِ التَّمَتُّعِ مَثَلًا فِي بَعْضِهِ كَمَا تَسْقُطُ بِمَنْعِهِ فِي جَمِيعِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تُسَلَّمُ دُفْعَةً وَاحِدَةً.

(لَكِنْ بِعَوْدِ طَاعَةٍ) مِنْهَا بَعْدَ نُشُوزِهَا (إنْ غَابَا) أَيْ الزَّوْجُ (بِشَرْطِ حُكْمِ حَاكِمٍ) بِطَاعَتِهَا وَكَتْبِهِ لِحَاكِمِ بَلَدِ الزَّوْجِ لِيُعْلِمَهُ فَيَجِيءَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهَا) بَلْ وَإِنْ قَدَرَ م ر (قَوْلُهُ: مَعَ مَا احْتَجَّا بِهِ) بِمَعْنَى أَنَّهُ مُتَّجَهٌ فِي مَسْأَلَتِنَا وَفِيمَا احْتَجَّا بِهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِيهَا مَعَ مَا احْتَجَّ بِهِ) لِأَنَّهُ وَإِنْ اتَّحَدَ فِي مَسْأَلَتِنَا لَمْ يَتَّحِدُ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ وَهُوَ عَدَمُ وُجُوبِ الْمُتْعَةِ عِنْدَ ارْتِدَادِهَا.

(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ حُكْمِ حَاكِمٍ) لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الْمِنْهَاجِ لِاشْتِرَاطِ حُكْمِ الْحَاكِمِ بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى كِتَابِهِ الْمَذْكُورِ

ــ

[حاشية الشربيني]

مِنْ إطْبَاقِ السَّلَفِ السَّابِقِ إذْ لَا اسْتِفْصَالَ فِيهِ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ كَالْوَقَائِعِ الْفِعْلِيَّةِ وَهِيَ تَسْقُطُ بِالِاحْتِمَالَاتِ. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى ج.

(قَوْلُهُ إلَى أَنْ خَرَجَتْ) أَيْ لِغَيْرِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ كَحَمَّامٍ أَوْ اسْتِفْتَاءٍ لِمَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ بِخُصُوصِهِ وَأَرَادَتْ السُّؤَالَ عَنْهُ أَمَّا إذَا أَرَادَتْ حُضُورَ مَجْلِسِ عِلْمٍ لِتَسْتَفِيدَ أَحْكَامًا تَنْتَفِعُ بِهَا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَيْهَا حَالًا أَوْ الْحُضُورَ لِسَمَاعِ الْوَعْظِ فَلَا يَكُونُ عُذْرًا، وَمَحَلُّ جَوَازِ الْخُرُوجِ لِلِاسْتِفْتَاءِ مَا لَمْ يُفْتِهَا الزَّوْجُ أَوْ مَحْرَمٌ أَمَّا لَوْ أَفْتَاهَا أَحَدُهُمَا فَلَا اهـ. م ر وع ش وَقَوْلُهُ: مَا لَمْ يُفْتِهَا الزَّوْجُ إلَخْ أَيْ وَهُوَ عَدْلٌ كَمَا قَيَّدَ بِهِ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَقَوْلُ م ر وع ش أَوَّلًا لِغَيْرِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ يُفِيدُ أَنَّ الْخُرُوجَ لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ لَا يُسْقِطُ النَّفَقَةَ قَالَ م ر عَنْ الرَّافِعِيِّ إنْ لَمْ تَعْلَمْ مُخَالَفَةَ الزَّوْجِ لِأَمْثَالِهِ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ) أَيْ أَوْ ظَنِّ رِضَاهُ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: أَوْ خَرَجَتْ فِي غَيْبَتِهِ إلَى بَيْتِ أَبِيهَا إلَخْ) أَيْ قَبْلَ مَنْعِهِ مِنْهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَيْ فَإِنْ سَبَقَ مَنْعُهُ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا سَوَاءٌ خَرَجَتْ لِعِيَادَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ دُونَ زَوْجٍ خَرَجَتْ) أَيْ سَافَرَتْ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَخَرَجَ بِالسَّفَرِ خُرُوجُهَا فِي الْبَلَدِ وَلَوْ لِصِنَاعَةٍ بِإِذْنِهِ أَوْ عِلْمِ رِضَاهُ فَلَيْسَ مُسْقِطًا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا) أَيْ مَا لَمْ يَسْتَمْتِعْ بِهَا. اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: يُسْقِطُ نَفَقَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ) فَلَوْ وَقَعَ مِنْهَا تَصَرُّفٌ فِي النَّفَقَةِ الَّتِي قَبَضَتْهَا قَبْلَ النُّشُوزِ كَانَ صَحِيحًا لِوُقُوعِهِ فِي مَمْلُوكٍ لَهَا وَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالْبَدَلِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَنْفَقَ حَالَ نُشُوزِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَتَصَرَّفَتْ فِيهِ فَإِنَّ التَّصَرُّفَ فِيهِ بَاطِلٌ وَمَا فِي ق ل هُنَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ (قَوْلُهُ: يُسْقِطُ نَفَقَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ) وَكِسْوَةُ الْفَصْلِ كَنَفَقَةِ الْيَوْمِ وَبَقِيَ النُّشُوزُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَدُومُ وَلَا يَجِبُ كُلُّ فَصْلٍ كَالْفُرُشِ وَالْأَوَانِي وَجُبَّةِ الْبَرْدِ فَهَلْ يَسْقُطُ ذَلِكَ وَيُسْتَرَدُّ بِالنُّشُوزِ وَلَوْ لَحْظَةً فِي مُدَّةِ بَقَائِهَا أَوْ كَيْفَ الْحَالُ. اهـ. سم وَنَقَلَ الشَّيْخُ الطَّبَلَاوِيُّ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ اعْتِبَارَهَا بِالْفَصْلِ كَالْكِسْوَةِ فَيَسْقُطُ اسْتِحْقَاقُهَا لِذَلِكَ فَصْلًا. اهـ. فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: يُسْقِطُ نَفَقَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ) أَيْ مَا لَمْ يَسْتَمْتِعْ بِهَا وَإِلَّا وَجَبَتْ مُؤْنَةُ زَمَانٍ اسْتَمْتَعَ بِهَا فِيهِ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ. اهـ. حَجَرٌ. اهـ. ق ل فَإِنْ اسْتَمْتَعَ بِهَا فِي اللَّيْلِ وَجَبَتْ حِصَّةُ اللَّيْلِ أَوْ فِي النَّهَارِ وَجَبَتْ حِصَّةُ النَّهَارِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجَرٌ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر يَكْفِي فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ الْيَوْمِ تَمَتُّعُ لَحْظَةٍ مِنْهُ وَكَذَا اللَّيْلُ اهـ أَيْ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ اللَّيْلَةِ لَا نَفَقَةَ إلَّا بِعَوْدِهَا مَا لَمْ تَكُنْ مُسَافِرَةً بِغَيْرِ إذْنِهِ وَتَمَتَّعَ بِهَا فَإِنَّ تَمَتُّعَهُ بِهَا فِي السَّفَرِ لَحْظَةً كَافٍ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ حَتَّى يُوجَدَ مِنْهَا مُسْقِطٌ آخَرُ لِأَنَّ عَدَمَ مَنْعِهِ لَهَا مِنْ السَّفَرِ بَعْدَ التَّمَتُّعِ رِضًى مِنْهُ بِالسَّفَرِ مَعَهُ كَمَا اسْتَقَرَّ بِهِ ع ش فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: وَكَتْبِهِ لِحَاكِمِ بَلَدٍ إلَخْ) وَرَجَّحَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ قَوْلَ الْإِمَامِ يُكْتَفَى بِعِلْمِهِ مِنْ.

ص: 384

أَوْ يُوَكِّلَ (وَآبَا) أَيْ وَرَجَعَ الزَّوْجُ إلَيْهَا بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ وَتَسَلَّمَهَا (أَوْ أَمْكَنَ الْإِيَابُ) أَيْ رُجُوعُهُ إلَيْهَا وَلَمْ يَرْجِعْ (بَعْدَ الْعِلْمِ) مِنْهُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِطَاعَتِهَا (عَادَتْ) نَفَقَتُهَا إذْ بِذَلِكَ يَحْصُلُ التَّمْكِينُ قَالَ الْمُتَوَلِّي كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَوْضِعَهُ كَتَبَ الْحَاكِمُ إلَى حُكَّامِ الْبِلَادِ الَّتِي تَرِدُهَا الْقَوَافِلُ مِنْ بَلَدِهِ فِي الْعَادَةِ لِيَعْرِفَ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فَرَضَ نَفَقَتَهَا فِي مَالِهِ الْحَاضِرِ وَيَأْخُذُ مِنْهَا كَفِيلًا لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ أَوْ طَلَاقِهِ (وَ) بِعَوْدِهَا (مِنْ رِدَّتِهَا بِالسِّلْمِ) بِكَسْرِ السِّين أَيْ الْإِسْلَامُ عَادَتْ نَفَقَتُهَا وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِبًا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ وَإِعْلَامِهِ بِهِ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْمُرْتَدَّةِ سَقَطَتْ لِرِدَّتِهَا فَإِذَا عَادَتْ إلَى الْإِسْلَامِ ارْتَفَعَ الْمُسْقِطُ فَعَمِلَ الْمُوجِبُ عَمَلَهُ بِخِلَافِ النَّاشِزَةِ فَإِنَّ نَفَقَتَهَا سَقَطَتْ لِخُرُوجِهَا عَنْ يَدِ الزَّوْجِ وَطَاعَتِهِ فَلَا تَعُودُ إلَّا إذَا عَادَتْ إلَى قَبْضَتِهِ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ فِي غَيْبَتِهِ إلَّا بِمَا مَرَّ.

(أَوْ أَمْسَكَتْ) بِمَعْنَى صَامَتْ أَيْ يَسْتَمِرُّ وُجُوبُ نَفَقَتِهَا إلَى أَنْ بَانَتْ كَمَا مَرَّ أَوْ صَامَتْ (أَوْ صَلَّتْ) الْعِبَادَةَ (الْمُتَّصِفَهْ بِالنَّفْلِ) مِنْ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ مَعَ مَنْعِهِ لَهَا كَمَا سَيَأْتِي لِامْتِنَاعِهَا مِنْ التَّمْكِينِ وَلَا يَجُوزُ لَهَا صَوْمُ نَفْلٍ وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ إلَّا بِإِذْنِهِ نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ فِي بَابِهِ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مُحْتَجًّا بِخَبَرِ «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ أَنْ تَصُومَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إلَّا بِإِذْنِهِ» قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي جَوَازُهُ فَإِنْ أَرَادَ التَّمَتُّعَ تَمَتَّعَ وَفَسَدَ الصَّوْمُ فَالْجَوَابُ أَنَّ صَوْمَهَا يَمْنَعُهُ التَّمَتُّعَ عَادَةً؛ لِأَنَّهُ يَهَابُ انْتِهَاك حُرْمَةِ الصَّوْمِ بِالْإِفْسَادِ اهـ.

وَهَلْ يَلْحَقُ بِهِ فِي ذَلِكَ صَلَاةُ التَّطَوُّعِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوْجَهُ لَا لِقِصَرِ زَمَنِهَا (لَا) إنْ صَامَتْ أَوْ صَلَّتْ (رَاتِبَةً) فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا لِتَأَكُّدِ أَمْرِ الرَّاتِبَةِ بِخِلَافِ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ فَصَوْمُ الرَّاتِبَةِ (كَعَرَفَةِ وَيَوْمِ عَاشُورَا) أَيْ صَوْمُهُمَا بِخِلَافِ صَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ فَإِنَّهُ كَالنَّفْلِ الْمُطْلَقِ، وَصَلَاةُ الرَّاتِبَةِ كَصَلَاةِ رَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ وَصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفَيْنِ فِي مَنْزِلِهَا (وَنَذْرًا) أَيْ أَوْ إلَى أَنْ صَامَتْ أَوْ صَلَّتْ نَذْرًا

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: بَعْدَ الْعِلْمِ) لَعَلَّ قِيَاسَ هَذَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَ حُضُورِ الزَّوْجِ مِنْ عِلْمِهِ بِعَوْدِهَا لِلطَّاعَةِ.

(قَوْلُهُ مَعَ مَنْعِهِ لَهَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا كَمُتَحَيِّرَةٍ وَمَنْ لَا تَحْتَمِلُ الْوَطْءَ شَرْحُ الرَّوْضِ وَكَتَبَ أَيْضًا إذَا لَمْ يَكُنْ بِهِ مَانِعٌ مِنْ التَّمَتُّعِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ غَائِبًا أَوْ بِهِ مَانِعٌ كَإِحْرَامٍ أَوْ تَلَبُّسٍ بِصَوْمِ فَرْضٍ حَجَرٌ وم ر وَكَتَبَ أَيْضًا كَذَا فِي الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ شُرُوعَهَا بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْهُ وَلَا مَنْعٍ لَا يُسْقِطُ نَفَقَتَهَا كَمَا يَأْتِي وَإِنْ دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى حُرْمَةِ شُرُوعِهَا بِغَيْرِ إذْنٍ إذَا كَانَ حَاضِرًا م ر وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ الْمَنْعُ مِنْ النَّفْلِ الْمُطْلَقِ مُطْلَقًا م ر وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَهُ مَنْعُهَا مِنْهُ إذَا أَرَادَ التَّمَتُّعَ قَالَ وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لَهَا صَوْمُ نَفْلٍ. . . إلَخْ) كَالصَّرِيحِ فِي حُرْمَةِ شُرُوعِهَا بِلَا إذْنٍ (فَرْعٌ)

وَلَوْ تَزَوَّجَهَا صَائِمَةً فَلَهَا الْإِتْمَامُ فَإِنْ زُفَّتْ إلَيْهِ كَذَلِكَ فَهَلْ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا رَجَّحَ الْأَذْرَعِيُّ السُّقُوطَ وَشَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ عَدَمَ السُّقُوطِ بَلْ نَقَلَ التَّرْجِيحَ نَقْلَ الْمَذْهَبِ فَقَالَ: إنَّهُ الْأَصَحُّ (قَوْلُهُ: فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا) أَيْ وَإِنْ مَنَعَهَا كَمَا يُفِيدُهُ كَوْنُ الْمُخْرَجِ مِنْهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

غَيْرِ جِهَةِ الْحَاكِمِ وَلَوْ بِإِخْبَارِ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتَهُ اهـ. م ر (قَوْلُهُ: وَأَمْكَنَ الْإِيَابُ) فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بِأَنْ مَنَعَهُ مِنْ السَّيْرِ أَوْ التَّوْكِيلِ عُذْرٌ فَلَا يُفْرَضُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِانْتِفَاءِ تَقْصِيرِهِ م ر (قَوْلُهُ: عَادَتْ نَفَقَتُهَا) أَيْ مِنْ حِينِ رُجُوعِهِ إنْ رَجَعَ وَبَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِ إمْكَانِ رُجُوعِهِ إنْ لَمْ يَرْجِعْ لِغَيْرِ عُذْرٍ (قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُ مِنْهَا كَفِيلًا) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَأْخُذُ الْكَفِيلَ قَبْلَ الدَّفْعِ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ مَا لَمْ يَجِبْ فَإِنْ قِيلَ إنَّهُ ضَمَانُ دَرْكٍ فَفِيهِ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْقَبْضِ إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا مُسْتَثْنًى. اهـ. ع ش وَلَوْ مَنَعَهُ عُذْرٌ مِنْ الْحُضُورِ لَمْ يَفْرِضْ الْقَاضِي عَلَيْهِ شَيْئًا لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ حَتَّى لَوْ فُرِضَ عَلَى ظَنِّ عَدَمِ الْعُذْرِ ثُمَّ تَبَيَّنَ عُذْرٌ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْفَرْضِ. اهـ. ق ل وع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: عَادَتْ نَفَقَتُهَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ النُّشُوزَ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْكَنِ يُقَالُ لَهُ نُشُوزٌ جَلِيٌّ أَيْ ظَاهِرٌ وَبِغَيْرِهِ يُقَالُ لَهُ نُشُوزٌ خَفِيٌّ وَحُكْمُ الْأَوَّلِ مِنْ حَيْثُ عَوْدُ الْمُؤَنِ أَنْ تَرْفَعَ لِلْحَاكِمِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَإِنْ عُدِمَ الْحَاكِمُ أَشْهَدَتْ عَلَى عَوْدِهَا لِلطَّاعَةِ، وَحُكْمُ الثَّانِي أَنْ تَرْفَعَ لِلْحَاكِمِ أَوْ تُرْسِلَ لِلزَّوْجِ تُعْلِمُهُ بِالْعَوْدِ لِلطَّاعَةِ فَإِنْ تَعَذَّرَ كُلٌّ مِنْ الرَّفْعِ وَالْإِرْسَالِ أَشْهَدَتْ عَلَى الْعَوْدِ وَمَحَلُّ الِاكْتِفَاءِ بِالْإِشْهَادِ هُنَا وَفِي الْأَوَّلِ حَيْثُ كَانَ مَظِنَّةً لِبُلُوغِ الْخَبَرِ بِحَيْثُ يَبْعُدُ عَدَمُ وُصُولِ الْخَبَرِ لِلزَّوْجِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ. اهـ. م ر وَحَجَرٌ ع ش وَرَشِيدِيٌّ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا الذَّهَبِيِّ عَلَى شَرْحِ الْمَحَلِّيِّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا نَقَلَهُ م ر عَنْ الْأَذْرَعِيِّ عَنْ الْإِمَامِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْعَوْدِ إلَى الْإِسْلَامِ وَنَحْوِهِ مِنْ إخْبَارِ الزَّوْجِ أَوْ الْإِشْهَادِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: مَعَ مَنْعِهِ) أَيْ وَحُضُورِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ غَائِبًا أَيْ إنْ لَمْ يُضْعِفْهَا الصَّوْمُ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ كَانَ بِهِ مَانِعٌ كَإِحْرَامٍ أَوْ تَلَبُّسٍ بِصَوْمِ فَرْضٍ وَقَيَّدَ الْمَاوَرْدِيُّ مَنْعَهَا مِنْ النَّفْلِ بِمَا إذَا أَرَادَ التَّمَتُّعَ بِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ حَسَنٌ مُتَعَيِّنٌ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَلَمْ يَرْتَضِ ز ي وم ر مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَطْرَأُ لَهُ إرَادَةُ التَّمَتُّعِ. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنٍ) يَظْهَرُ أَنَّ مِثْلَ الْإِذْنِ عِلْمُ رِضَاهُ (قَوْلُهُ: رَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ)

ص: 385

مُؤَقَّتًا (وَقَعَا) مِنْهَا (بَعْدَ النِّكَاحِ) بِغَيْرِ إذْنِهِ مَعَ مَنْعِهِ لَهَا مِنْ فِعْلِهِ فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا لِمَا مَرَّ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ قَبْلَ النِّكَاحِ لِتَعَيُّنِ وَقْتِهِ مَعَ تَقَدُّمِ وُجُوبِهِ عَلَى حَقِّ الزَّوْجِ وَكَذَا إذَا وَقَعَ بَعْدَهُ بِإِذْنِهِ فَإِنْ كَانَ النَّذْرُ مُطْلَقًا أَسْقَطَ فِعْلُهُ النَّفَقَةَ سَوَاءٌ نَذَرَتْهُ قَبْلَ النِّكَاحِ أَمْ بَعْدَهُ وَلَوْ بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّ وَقْتَهُ مُوَسَّعٌ قَالَ الشَّارِحُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مَا إذَا نَذَرَتْ صَوْمًا مُتَتَابِعًا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَشَرَعَتْ فِيهِ بِإِذْنِهِ فَلَا يَكُونُ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ بَاقِيهِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الِاعْتِكَافِ (أَوْ) إلَى أَنْ صَامَتْ أَوْ صَلَّتْ (قَضَاءً وُسِّعَا) مَعَ مَنْعِهِ لَهَا فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا؛ لِأَنَّ حَقَّهُ عَلَى الْفَوْرِ وَهَذَا عَلَى التَّرَاخِي بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُوَسَّعًا بِأَنْ كَانَتْ مُتَعَدِّيَةً بِتَرْكِهِ أَوْ ضَاقَ وَقْتُ الْقَضَاءِ، وَخَرَجَ بِالْقَضَاءِ الْأَدَاءُ فَلَا يُسْقِطُ فِعْلُهُ نَفَقَتَهَا كَمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ لَا رَاتِبَةً أَيْضًا، نَعَمْ أَدَاءُ الصَّوْمِ فِي سَفَرٍ يُبِيحُ الْفِطْرَ يُسْقِطُهَا كَمَا يُشْعِرُ بِهِ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْهُ لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ إذَا كَانَ الصَّوْمُ أَفْضَلَ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ فِعْلِ الْمَكْتُوبَاتِ وَالرَّوَاتِبِ أَوَّلَ الْوَقْتِ لِمَا فِي فِعْلِهَا فِيهِ مِنْ الْفَضِيلَةِ وَلِأَنَّ زَمَنَهَا ضَيِّقٌ بِخِلَافِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَقَوْلُهُ (بِالْمَنْعِ) أَيْ مَعَ مَنْعِ الزَّوْجِ لَهَا مِمَّا ذُكِرَ فَلَمْ تَمْتَنِعْ قَيْدٌ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا تَقَرَّرَ فَلَوْ فَعَلَتْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَمْ يَمْنَعْهَا لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا.

(كُلَّ يَوْمٍ الصَّبِيحَهْ) أَيْ أَوْجَبَ لِلْمُمَكِّنَةِ فِي صَبِيحَةِ كُلِّ يَوْمٍ أَيْ طُلُوعِ فَجْرِهِ نَفَقَتَهَا؛ لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّهَا يَوْمًا فَيَوْمًا لِكَوْنِهَا فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ الْحَاصِلِ فِي الْيَوْمِ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهَا عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَا يَلْزَمُهَا الصَّبْرُ إذْ الْوَاجِبُ الْحَبُّ كَمَا سَيَأْتِي فَيُحْتَاجُ إلَى طَحْنِهِ وَعَجْنِهِ وَخَبْزِهِ قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ إنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ أَنَّهَا تَجِبُ بِهِ وُجُوبًا مُوَسَّعًا كَالصَّلَاةِ أَوْ أَنَّهُ إنْ قَدَرَ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّسْلِيمُ وَإِنْ تَرَكَ عَصَى لَكِنْ لَا يُحْبَسُ وَلَا يُخَاصَمُ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَإِذَا أَرَادَ سَفَرًا طَوِيلًا فَلَهَا مُطَالَبَتُهُ بِنَفَقَتِهَا لِمُدَّةِ ذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ كَمَا لَا يَخْرُجُ إلَى الْحَجِّ حَتَّى يَتْرُكَ لَهَا هَذَا الْقَدْرَ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ هَيَّأَ ذَلِكَ وَدَفَعَهُ إلَى نَائِبِهِ لِيَدْفَعَهُ إلَيْهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ كَفَى وَلَا يُكَلَّفُ إعْطَاءَهُ لَهَا دُفْعَةً وَاحِدَةً قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَلَوْ حَصَلَ الْعَقْدُ وَالتَّمْكِينُ وَقْتَ الْغُرُوبِ فَالْقِيَاسُ الْوُجُوبُ بِالْغُرُوبِ. اهـ. أَيْ غُرُوبِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ وَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ بِالْقِسْطِ فَلَوْ حَصَلَ ذَلِكَ وَقْتَ الظُّهْرِ فَيَنْبَغِي الْوُجُوبُ كَذَلِكَ مِنْ حِينَئِذٍ.

(تَمْلِيكَ مُدِّ حَبَّةٍ صَحِيحَهْ) أَيْ أَوْجَبَ لِلْمُمَكِّنَةِ عَلَى زَوْجِهَا صَبِيحَةَ كُلِّ يَوْمٍ تَمْلِيكَ مُدِّ حَبٍّ صَحِيحِ مِنْ (غَالِبِ قُوتٍ ثَمَّ) أَيْ بَلَدِهِ مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ غَيْرِهَا بِأَنْ يُسَلِّمَهُ لَهَا بِقَصْدِ أَدَاءِ مَا لَزِمَهُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى لَفْظٍ وَاعْتُبِرَ فِي ذَلِكَ التَّمْلِيكُ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَهْلَكُ وَالْغَالِبُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ

ــ

[حاشية العبادي]

هَذَا مُقَيَّدًا بِقَوْلِهِ الْآتِي بِالْمَنْعِ (قَوْلُهُ: مِنْ فِعْلِ الْمَكْتُوبَاتِ وَالرَّوَاتِبِ. . . إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوَاتِبِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ إنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِهِمْ خِلَافُهُ م ر.

(قَوْلُهُ: وُجُوبًا مُوَسَّعًا) لَكِنْ يَتَضَيَّقُ بِالطَّلَبِ فَيَعْصَى بِالتَّأْخِيرِ مَعَ الْقُدْرَةِ م ر (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يُحْبَسُ وَلَا يُخَاصِمُهُ) أَيْ إلَّا إنْ مَضَى الْيَوْمُ م ر وَكَتَبَ أَيْضًا هَذَا يُخَالِفُ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ عَقِبَهُ إنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّ الْقَاضِيَ يُجْبِرُهُ وَمِمَّا يُخَالِفُهُ أَيْضًا أَنَّ الْمُسْتَقْبَلَ لَمْ تَجِبْ نَفَقَتُهُ بَعْدُ فَلَا تَسُوغُ الدَّعْوَى وَالْمُطَالَبَةُ بِهِ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ بَاطِنًا دَفَعَ ذَلِكَ لَهَا إنْ عَلِمَ أَنَّهَا تَضِيعُ بَعْدَهُ بِقَرِيبٍ م ر.

(قَوْلُهُ: بِقَصْدِ أَدَاءِ مَا لَزِمَهُ) لَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ أَوْ قَصْدٍ فَإِنْ انْتَفَيَا لَمْ يَحْصُلْ الْمِلْكُ وَكَذَا

ــ

[حاشية الشربيني]

وَلَوْ غَيْرَ الْمُؤَكَّدِ مِنْهَا. اهـ. عَمِيرَةُ عَلَى الْمَحَلِّيِّ مَعْنًى وع ش قَالَ ع ش بَلْ يَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ الرَّوَاتِبِ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ وَالضُّحَى وَالْخُسُوفِ وَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْأَذْكَارُ الْمَطْلُوبَةُ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ مِنْ التَّسْبِيحِ وَتَكْبِيرِ الْعِيدَيْنِ وَنَحْوِهِمَا. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ ضَاقَ وَقْتُ الْقَضَاءِ) بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ شَعْبَانَ إلَّا مَا يَسَعُهُ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ كَمَا عُلِمَ مِنْ مَفْهُومِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) فَلَهُ تَحْلِيلُهَا مِنْهُمَا وَلَوْ فَرْضًا عَلَى الْأَظْهَرِ وَلَيْسَ إحْرَامُهَا بِهِمَا نُشُوزًا بِخِلَافِ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ يَتَكَرَّرُ فَلَوْ أَمَرْنَاهُ بِالْإِفْسَادِ لَتَكَرَّرَ مِنْهُ فَتَقْوَى مَهَابَتُهُ بِخِلَافِ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهُ نَادِرٌ لَا تَقْوَى مَهَابَتُهُ. اهـ. م ر.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا يُحْبَسُ وَلَا يُخَاصَمُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ وُجُوبٌ مُوَسَّعٌ ق ل وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا إنْ طَلَبَتْ يُحْبَسُ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَيَّقُ بِالطَّلَبِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: فَلَهَا مُطَالَبَتُهُ إلَخْ) الَّذِي فِي التُّحْفَةِ أَنَّ مَنْ أَرَادَ سَفَرًا يُكَلَّفُ طَلَاقَهَا أَوْ تَوْكِيلَ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهَا مِنْ مَالٍ حَاضِرٍ. اهـ. وَفِي الْكَرْخِيِّ عَلَى الْمَحَلِّيِّ أَنَّ لَهَا حِينَئِذٍ الْمُطَالَبَةَ بِنَفَقَةِ مُدَّةِ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ لِأَنَّهَا فِي حَبْسِهِ وَتَحْتَ حِجْرِهِ فِي غَيْبَتِهِ وَحُضُورِهِ وَفِي ز ي عَنْ م ر أَنَّ لَهَا الْمُطَالَبَةَ بِذَلِكَ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الدَّفْعُ لِعَدَمِ وُجُوبِهَا الْآنَ. اهـ. وَمَا قَالَهُ م ر أَوْفَقُ بِالْقَوَاعِدِ وَلَا يُنَافِي مَا قَالَهُ حَجَرٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ الْوُجُوبُ بِالْقِسْطِ) الْمُرَادُ بِالْقِسْطِ تَوْزِيعُهَا عَلَى اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ فَتُحْسَبُ حِصَّةُ مَا مَكَّنَتْهُ مِنْ ذَلِكَ وَتُعْطَاهَا لَا عَلَى الْيَوْمِ فَقَطْ وَلَا عَلَى وَقْتِ الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ. اهـ. م ر أَيْ فَيَجِبُ حِصَّةُ مَا مَكَّنَتْ فِيهِ جَمِيعَهُ.

(قَوْلُهُ: مِنْ غَالِبِ قُوتِ) أَيْ غَالِبِ قُوتِ السَّنَةِ ح ل كَمَا فِي الْفِطْرَةِ وَالْكَفَّارَةِ لَا غَالِبِ قُوتِ كُلِّ يَوْمٍ وَإِنْ أَوْهَمَهُ كَلَامُ ع ش (قَوْلُهُ أَيْ بَلَدِهِ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ سُرَيْجٍ وَالْمُعْتَمَدُ اعْتِبَارُ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِهَا كَمَا فِي م ر وق ل وَحَجَرٍ وَالْمُرَادُ بِبَلَدِهَا مَا هِيَ فِيهِ وَقْتَ الْوُجُوبِ سم (قَوْلُهُ: بِقَصْدِ أَدَاءِ مَا لَزِمَهُ) الَّذِي فِي حَجَرٍ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عَدَمِ قَصْدِ الصَّارِفِ وَأَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ الْحَلَبِيُّ. اهـ. حَاشِيَةُ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: كَسَائِرِ الدُّيُونِ) صَرِيحٌ فِي أَنَّ أَدَاءَ الدُّيُونِ

ص: 386

بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا وَقِيَاسًا عَلَى الْفِطْرَةِ وَالْكَفَّارَةِ (فَالْمُنَاسِبِ لَهُ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبٌ فَمِنْ اللَّائِقِ بِالزَّوْجِ وَخَرَجَ بِالْحَبِّ الدَّقِيقُ وَالْعَجِينُ وَالْخُبْزُ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهَا لِكُلِّ مَا يَصْلُحُ لَهُ الْحَبُّ وَبِالصَّحِيحِ أَيْ السَّلِيمِ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي الْمَعِيبُ كَالْمُسَوِّسِ وَالْمُدَوِّدِ وَمَحَلُّ تَمْلِيكِ الْحَبِّ حَيْثُ اعْتَادُوهُ فَلَوْ اعْتَادُوا لَحْمًا أَوْ لَبَنًا أَوْ أَقِطًا أَوْ جُبْنًا فَهُوَ الْوَاجِبُ وَالْعِبْرَةُ بِمُدِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا وَثُلُثُ دِرْهَمٍ وَعِنْدَ النَّوَوِيِّ مِائَةٌ وَاحِدٌ وَسَبْعُونَ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ رَطْلِ بَغْدَادَ (عَلَى الْمِسْكِينِ) الْمُعَبَّرِ عَنْهُ فِي كُتُبِ الْجُمْهُورِ بِالْمُعْسِرِ أَيْ أَوْجَبَ مَا ذُكِرَ عَلَى مِسْكِينِ الزَّكَاةِ الشَّامِلِ لِفَقِيرِهَا كَعَكْسِهِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ.

قَالَ الشَّيْخَانِ وَالْقُدْرَةُ عَلَى الْكَسْبِ الْوَاسِعِ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ حَدِّ الْإِعْسَارِ فِي النَّفَقَةِ وَإِنْ أَخْرَجَتْهُ عَنْ اسْتِحْقَاقِ سَهْمِ الْمَسَاكِينِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى نَفَقَةِ الْمُوسِرِ لَا يَلْزَمُهُ كَسْبُهَا (وَ) عَلَى (الْمُكَاتَبِ وَمَنْ بِرِقٍّ مُسَّ) كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ وَإِنْ كَثُرَ مَالُهُمَا لِضَعْفِ مِلْكِ الْمُكَاتَبِ وَنَقْصِ حَالِ الْآخَرِ وَعِبَارَتُهُ تَشْمَلُ مَنْ مَسَّهُ رِقٌّ ثُمَّ عَتَقَ وَلَيْسَ مُرَادًا فَتَعْبِيرُ الْحَاوِي بِمَمْسُوسِ الرِّقِّ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُهُ إلَّا مَجَازًا وَالْأَصْلُ فِي الْكَلَامِ الْحَقِيقَةُ (مَعْ نِصْفٍ) أَيْ أَوْجَبَ لِلْمُمَكِّنَةِ تَمْلِيكَ الْمُدِّ مَعَ نِصْفِهِ (عَلَى مَنْ صَارَ ذَا مَسْكَنَةٍ) أَيْ مِسْكِينًا (إنْ كُمِّلَا) أَيْ إنَّ أُلْزِمَ تَكْمِيلَ مُدَّيْنِ فَإِنْ لَمْ يَصِرْ مِسْكِينًا بِذَلِكَ فَمُوسِرٌ يَلْزَمُهُ مُدَّانِ كَمَا سَيَأْتِي وَهُمَا مُقَدَّرَانِ بِكَيْلِ بِلَادِنَا بِقَدَحٍ وَاحْتَجُّوا لِأَصْلِ التَّفَاوُتِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: 7] الْآيَةَ قَالُوا وَاعْتَبَرْنَا النَّفَقَةَ بِالْكَفَّارَةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَالٌ يَجِبُ بِالشَّرْعِ وَيَتَقَرَّرُ وَأَكْثَرُ مَا وَجَبَ فِيهَا لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّانِ وَذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الْأَذَى فِي الْحَجِّ وَأَقَلُّ مَا وَجَبَ فِيهَا لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ وَذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَالظِّهَارِ وَوِقَاعِ رَمَضَانَ فَأَوْجَبُوا عَلَى الْمُوسِرِ الْأَكْثَرَ وَعَلَى الْمُعْسِرِ الْأَقَلَّ وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ مَا بَيْنَهُمَا وَيُعْتَبَرُ الْيَسَارُ وَغَيْرُهُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَيُنْظَرُ إلَى الرُّخْصِ وَالْغَلَاءِ وَقِلَّةِ الْعِيَالِ وَكَثْرَتِهَا وَلَا يُعْتَبَرُ حَالُ الْمَرْأَةِ فِي شَرَفِهَا وَغَيْرِهِ.

(تَنْبِيهٌ)

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَبْقَى النَّظَرُ فِي الْإِنْفَاقِ الَّذِي لَوْ كُلِّفَ بِهِ لَرَجَعَ إلَى حَدِّ الْمِسْكِينِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ النَّوَوِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ أَنَّهُ الْإِنْفَاقُ فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ فَيُعْتَبَرُ يَوْمًا بِيَوْمٍ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَتَكَرَّرُ بِتَكَرُّرِهِ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا كَالْحَوْلِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الزَّكَاةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ مُدَّةَ سَنَةٍ كَمَا قِيلَ بِاعْتِبَارِهَا فِي صَرْفِ

ــ

[حاشية العبادي]

فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي؛ لِأَنَّ الْمَدْفُوعَ مِلْكُهُ وَالْمِلْكُ الْمُحَقَّقُ لَا يَزُولُ بِغَيْرِ لَفْظٍ أَوْ قَصْدٍ حَتَّى لَوْ اخْتَلَفَتْ مَعَ الْوَارِثِ فِي أَنَّهُ حَصَلَ تَمْلِيكٌ فِي حَيَاتِهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْقَصْدِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ (قَوْله فَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَالِبُ) أَيْ أَوْ اخْتَلَفَ الْغَالِبُ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: مِائَةٌ وَاحِدٌ وَسَبْعُونَ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: والْقُدْرَةُ إلَخْ) أَمَّا لَوْ اكْتَسَبَ بِالْفِعْلِ فَهُوَ مِنْ ذَوِي الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكْفِهِ مَا عِنْدَهُ الْعُمْرَ الْغَالِبَ إنْ لَمْ يَبْلُغْهُ وَسَنَةً إنْ بَلَغَهُ فَمِسْكِينٌ وَإِلَّا فَإِنْ كُلِّفَ مُدَّيْنِ رَجَعَ مِسْكِينًا فَمُتَوَسِّطٌ وَإِلَّا فَمُوسِرٌ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ إلَخْ) هُوَ مَا يُفِيدُهُ م ر وَغَيْرُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُ) وَجُعِلَ مُوسِرًا فِي الْكَفَّارَةِ وَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ؛ لِأَنَّ الْإِعْسَارَ يُسْقِطُهُمَا ق ل أَيْ لَوْ قُلْنَا بِإِعْسَارِهِ هُنَاكَ لَسَقَطَتْ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ وَالْكَفَّارَةُ فَإِنَّهَا تَسْقُطُ عَنْ الْمُعْسِرِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ الْأَدَاءُ حَالًا وَإِنْ اسْتَقَرَّتْ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا فِي كَفَّارَةِ نَحْوِ الظِّهَارِ أَوْ يَسْقُطُ عَنْهُ التَّكْفِيرُ بِالْمَالِ وَيَنْتَقِلُ لِلصَّوْمِ كَمَا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى عَدِّهِ هُنَا مُعْسِرًا سُقُوطُ نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ فَتَدَبَّرْ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَيَتَقَرَّرُ) أَيْ يَسْتَقِرُّ فِي الذِّمَّةِ. اهـ.

شَرْحُ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: يَبْقَى النَّظَرُ فِي الْإِنْفَاقِ إلَخْ) أَيْ هَلْ هُوَ الْإِنْفَاقُ فِي بَاقِي عُمْرِهِ الْغَالِبِ أَوْ فِي تِلْكَ السَّنَةِ أَوْ فِي هَذَا الْيَوْمِ الَّذِي كُلِّفَ فِيهِ بِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ مَعَ شَرْحَيْ م ر وَحَجَرٍ وَمَنْ فَوْقَهُ أَيْ مِسْكِينُ الزَّكَاةُ إنْ كَانَ لَوْ كُلِّفَ مُدَّيْنِ كُلَّ يَوْمٍ لِزَوْجَتِهِ رَجَعَ مِسْكَيْنَا فَمُتَوَسِّطٌ. اهـ. وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّا إذَا اعْتَبَرْنَا كُلَّ يَوْمٍ لَا يُدْرَى إلَى أَيِّ غَايَةٍ بَلْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ غَايَةَ النِّكَاحِ لَا حَدَّ لَهَا فَالضَّبْطُ بِذَلِكَ لَا يُفِيدُ ثُمَّ رَأَيْتُهُمْ عَبَّرُوا بِقَوْلِهِمْ وَالِاعْتِبَارُ فِي يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ وَتَوَسُّطِهِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ فَلَا عِبْرَةَ بِمَا يَطْرَأُ لَهُ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ أَيْ فَإِذَا كَانَ لَهُ مَا يَكْفِيهِ الْعُمْرَ الْغَالِبَ نَقُولُ لَهُ لَوْ كُلِّفْت هَذَا الْيَوْمَ الْمُدَّيْنِ صِرْت مُعْسِرًا أَوْ لَا وَكَذَا الْيَوْمُ الثَّانِي وَهَكَذَا وَيُعْتَبَرُ حَالُهُ فِي نَحْوِ الْكِسْوَةِ أَوَّلَ الْفَصْلِ لِأَنَّ الْفَصْلَ ثَمَّ كَالْيَوْمِ هُنَا. اهـ. حَجَرٌ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَقَوْلُهُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ أَيْ إنْ كَانَتْ مُمَكِّنَةً حِينَ طُلُوعِهِ أَمَّا الْمُمَكِّنَةُ بَعْدَهُ فَيُعْتَبَرُ الْحَالُ عَقِبَ تَمْكِينِهَا. اهـ. سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ (قَوْلُهُ: فَيُعْتَبَرُ يَوْمًا بِيَوْمٍ) فَيَكُونُ فِي يَوْمٍ غَنِيًّا وَفِي آخَرَ مُتَوَسِّطًا أَوْ فَقِيرًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَتَكَرَّرُ إلَخْ) أَيْ فَتُعْتَبَرُ كُلُّ نَفَقَةٍ بِمَا وَقَعَتْ فِيهِ لِانْفِرَادِهَا عَنْ غَيْرِهَا.

ص: 387

كِفَايَتِهِ مِنْ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ الْمُدْرَكَ هُنَاكَ الِاحْتِيَاجُ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى تَجْدِيدِ يَوْمٍ وَيَوْمٍ. اهـ.

(وَ) أَوْجَبَ لَهَا تَمْلِيكَ (رِطْلِ لَحْمٍ كُلَّ أُسْبُوعٍ) كَذَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ رحمه الله وَحَمَلَهُ الْأَصْحَابُ عَلَى الْمُعْسِرِ وَجَعَلُوا بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ عَلَى الْمُوسِرِ رَطْلَيْنِ وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ رَطْلًا وَنِصْفًا، ثُمَّ قَالَ الْجُمْهُورُ: إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ عَلَى عَادَةِ أَهْلِ مِصْرَ لِعِزَّةِ اللَّحْمِ فِيهَا أَمَّا حَيْثُ يَكْثُرُ فَيُزَادُ بِحَسَبِ عَادَةِ الْبُقْعَةِ وَبِمَا يَلِيقُ بِيَسَارِهِ وَغَيْرِهِ، وَإِعْطَاءُ اللَّحْمِ إنْ كَانَ مَرَّةً فِي الْأُسْبُوعِ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَكُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ أَوْلَى بِالتَّوَسُّعِ فِيهِ أَوْ مَرَّتَيْنِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ فَيَوْمُ الْجُمُعَةِ وَالثُّلَاثَاءِ أَوْلَى.

(وَمَنْ تُخْدَمُ وَهِيَ حُرَّةٌ فَلْيُخْدِمَنْ) زَوْجُهَا أَيْ يَلْزَمُهُ وَلَوْ مُعْسِرًا أَوْ رَقِيقًا إخْدَامُهَا فَإِنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ (بِحُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ) قَالَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَوْ مَحْرَمٍ لَهَا أَوْ صَبِيٍّ أَيْ غَيْرِ مُرَاهِقٍ وَفِي مَمْلُوكِهَا وَشَيْخٍ هِمٍّ وَذِمِّيَّةٍ خِلَافٌ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: وَفِي مَعْنَى مَحْرَمِهَا الْمَمْسُوحُ وَالرَّاجِحُ فِي مَمْلُوكِهَا الْجَوَازُ بِخِلَافِ الشَّيْخِ وَالذِّمِّيَّةِ، وَالْإِخْدَامُ بِمِنْ ذُكِرَ يَكُونُ بِأُجْرَةٍ أَوْ بِإِنْفَاقٍ وَتَخْصِيصُهُ الْإِنْفَاقَ بِأَمَتِهَا فِي قَوْلِهِ (أَوْ أَنْفَقَا أَمَتَهَا) أَيْ أَوْ بِإِنْفَاقِهِ عَلَى أَمَتِهَا جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ فَإِنْ أَخْدَمَ بِأُجْرَةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهَا أَوْ بِإِنْفَاقٍ فَإِنْ كَانَتْ الْخَادِمَةُ أَمَتَهُ أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِالْمِلْكِ أَوْ غَيْرِهَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا الْمُعْسِرُ وَالْمُتَوَسِّطُ (مُدًّا) وَالْمُوسِرُ مُدًّا وَثُلُثًا كَمَا سَيَأْتِي اعْتِبَارًا فِيهِ وَفِي الْمُتَوَسِّطِ بِثُلْثَيْ نَفَقَةِ الْمَخْدُومَةِ وَاعْتُبِرَ فِي الْمُعْسِرِ مُدٌّ وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَسْوِيَةٌ بَيْنَ الْخَادِمَةِ وَالْمَخْدُومَةِ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَقُومُ بِدُونِهِ غَالِبًا (بِأُدْمٍ) أَيْ مَعَ أُدْمٍ إذْ لَا يَتِمُّ الْعَيْشُ بِدُونِهِ وَقَوْلُهُ (مَارِقَا) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ مَا ارْتَقَا كُلٌّ مِنْ مُدِّ الْخَادِمَةِ وَأُدْمِهَا إلَى نَوْعِ طَعَامِ الْمَخْدُومَةِ وَإِنْ ارْتَقَى إلَى جِنْسِهِ فَجِنْسُ طَعَامِهَا جِنْسُ طَعَامِ الْمَخْدُومَةِ لَكِنَّهُ دُونَ نَوْعِهِ كَمَا فِي الْكِسْوَةِ وَفِي وُجُوبِ اللَّحْمِ لَهَا وَجْهَانِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُمَلِّكُ الزَّوْجَةَ نَفَقَةَ أَمَتِهَا الْخَادِمَةِ كَنَفَقَةِ نَفْسِهَا وَفِي الْحُرَّةِ الْخَادِمَةِ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ تَمْلِكُ نَفَقَتَهَا كَالزَّوْجَةِ وَأَنْ يُقَالَ تَمْلِكُهَا الزَّوْجَةُ لِتَدْفَعَهَا لِلْخَادِمَةِ وَعَلَيْهِ لَهَا أَنْ تَتَصَرَّفَ فِي الْمَأْخُوذِ وَتَكْفِيَ مُؤْنَةُ الْخَادِمَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ عَلَى خَادِمٍ وَاحِدٍ لِحُصُولِ الْكِفَايَةِ بِهِ غَالِبًا وَلَا ضَبْطَ لِلزِّيَادَةِ نَعَمْ إنْ كَانَ بِالزَّوْجَةِ مَرَضٌ أَوْ زَمَانَةٌ فَيَزِيدُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ، وَخَرَجَ بِمَنْ تُخْدَمُ أَيْ فِي بَيْتِ أَبَوَيْهَا لِمَنْصِبِهَا مَنْ لَمْ تُخْدَمْ إذْ ذَاكَ.

وَإِنْ صَارَتْ تُخْدَمُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَالْمُرَادُ عَادَةُ مِثْلِهَا فِي ذَلِكَ وَبِالْحُرَّةِ الْأَمَةُ وَلَوْ جَمِيلَةً يُخْدَمُ مِثْلُهَا عَادَةً لِنَقْصِهَا بِالرِّقِّ نَعَمْ إنْ احْتَاجَتَا لِلْخِدْمَةِ لِمَرَضٍ أَوْ زَمَانَةٍ لَزِمَهُ إخْدَامُهُمَا (وَلْيُعْطِهَا) أَيْ أَمَتَهَا أَوْ نَحْوَهَا

ــ

[حاشية العبادي]

بِلَفْظٍ أَوْ قَصْدٍ فَالْمُصَدَّقُ الْوَارِثُ وَإِنْ كَانَ حَقُّهَا بَاقِيًا فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ وُصُولُهَا إلَيْهِ م ر.

(قَوْلُهُ: وَأَوْجَبَ لَهَا تَمْلِيكَ رِطْلِ لَحْمٍ) هَلْ لَهَا مَنْعُهُ مِنْ أَكْلِ اللَّحْمِ مَعَهَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ أَتَى لَهَا بِقَدْرِ الْوَاجِبِ فَقَطْ أَوْ بِأَكْثَرَ لَكِنْ قَصَدَ التَّبَرُّعَ بِالزَّائِدِ فَلَهَا مَنْعُهُ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّبَرُّعَ بِالزَّائِدِ كَانَ شَرِيكًا لَهَا بِهِ م ر (فَرْعٌ)

يَجِبُ اللَّحْمُ فِي عِيدِ الْأَضْحَى لِلْعَادَةِ فَإِنَّ مَدَارَ الْبَابِ عَلَيْهَا لَكِنْ لَا يَجِبُ الذَّبْحُ بَلْ يَكْفِي شِرَاءُ اللَّحْمِ وَلَوْ اعْتَادُوهُ فِي كُلِّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَجَبَ أَيْضًا وَلَوْ اعْتَادُوا لَحْمَ الدَّجَاجِ وَجَبَ لَكِنْ لَا يَنْبَغِي وُجُوبُ الْحَيِّ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَأْتِيَ بِالْمَذْبُوحِ كَامِلًا أَوْ بِبَعْضِهِ بِحَسَبِ اللَّائِقِ عَادَةً م ر (قَوْلُهُ: لِعِزَّةِ اللَّحْمِ فِيهَا) أَيْ فِي أَيَّامِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ وَهِيَ حُرَّةٌ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَلَوْ بَائِنًا حَامِلًا قَالَ فِي شَرْحِهِ وَلَوْ ذِمِّيَّةً (قَوْلُهُ: فَلْيُخْدِمَنْ) وَالْإِخْدَامُ إمْتَاعٌ لَا تَمْلِيكٌ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فِي أَوَّلِ الطَّرَف الثَّانِي مِنْ الْبَابِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الْمَسْكَنِ فَإِنَّهُ إمْتَاعٌ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ لِمُجَرَّدِ الِانْتِفَاعِ كَالْخَادِمِ. اهـ. ثُمَّ لَمَّا ذَكَرَ الرَّوْضُ قُبَيْلَ الطَّرَفِ الثَّانِي مِنْ الْبَابِ الثَّالِثِ أَنَّ نَفَقَةَ الْخَادِمِ تَصِيرُ دَيْنًا قَالَ فِي شَرْحِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي نَفَقَةِ الْخَادِمِ إنْ كَانَ الْخَادِمُ مَوْجُودًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ خَادِمٌ فَلَا تَصِيرُ نَفَقَتُهُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ. اهـ. مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ نَفْسَ الْإِخْدَامِ إمْتَاعٌ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ سَقَطَ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَإِنْ وُجِدَ صَارَتْ نَفَقَةُ الْخَادِمِ تَمْلِيكًا فَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الشَّيْخِ وَالذِّمِّيَّةِ) جَزَمَ الرَّوْضُ فِيهِمَا بِالْمَنْعِ وَالْوَجْهُ عَدَمُ جَوَازِ عَكْسِهِ أَيْضًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِهْنَةِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَانْظُرْ إذَا رَضِيَتْ الْمُسْلِمَةُ بِخِدْمَةِ الذِّمِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَالْإِخْدَامُ بِمَنْ ذُكِرَ يَكُونُ بِأُجْرَةٍ) يَشْمَلُ مَمْلُوكَهَا فَانْظُرْ صُورَةَ الْإِيجَارِ مَعَ رُجُوعِ الْمَنْفَعَةِ لَهَا (قَوْلُهُ: وَفِي وُجُوبِ اللَّحْمِ لَهَا وَجْهَانِ) أَصَحُّهُمَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ الْمَنْعُ كَمَا بَيَّنَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ تَمْلِكُ) أَيْ الْحُرَّةُ نَفَقَتَهَا عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَفِي مِلْكِهَا نَفَقَةَ الْحُرَّةِ وَالْخَادِمَةِ وَجْهَانِ لَكِنْ لَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهَا اهـ.

وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْخَادِمَةَ الْحُرَّةَ تَمْلِكُ نَفَقَةَ نَفْسِهَا وَمَعَ ذَلِكَ لِلْمَخْدُومَةِ الْمُطَالَبَةُ بِهَا (قَوْلُهُ وَلَا تَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ عَلَى خَادِمٍ) وَلَوْ أَرَادَتْ زِيَادَةَ خَادِمٍ آخَرَ مِنْ مَالِهَا فَلَهُ مَنْعُهُ مِنْ دَارِهِ كَذَا فِي الرَّوْضِ وَقَوْلُهُ: خَادِمٌ آخَرُ شَامِلٌ لِمِلْكِهَا (قَوْلُهُ: أَيْ فِي بَيْتِ أَبَوَيْهَا) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ بِبَيْتِ أَبِيهَا مَثَلًا. اهـ. وَمَنْ لَا تُخْدَمُ إذْ ذَاكَ لَهُ إخْرَاجُ خَادِمِهَا رَوْضٌ (قَوْلُهُ: وَبِالْحُرَّةِ الْأَمَةُ) وَكَالْأَمَةِ الْمُبَعَّضَةُ قَالَهُ الْقَاضِي. اهـ. شَرْحُ رَوْضٍ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: بِحُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ) وَالْخِيرَةُ فِي الْخَادِمِ ابْتِدَاءً لِلزَّوْجِ عَلَى الْأَصَحِّ أَمَّا إذَا أَخْدَمَهَا خَادِمًا وَأَلِفَتْهَا أَوْ كَانَتْ حَمَلَتْ مَعَهَا خَادِمًا وَأَرَادَ إبْدَالَهَا فَلَا يَجُوزُ لِتَضَرُّرِهَا بِقَطْعِ الْمَأْلُوفِ إلَّا إذَا ظَهَرَتْ رِيبَةٌ أَوْ خِيَانَةٌ فَلَهُ الْإِبْدَالُ. اهـ. مِنْ.

ص: 388

مِمَّنْ تَخْدُمُ بِالنَّفَقَةِ (خُفًّا) وَمِلْحَفَةً إذَا كَانَتْ تَخْرُجُ لِاحْتِيَاجِهَا إلَيْهِمَا بِخِلَافِ الْمَخْدُومَةِ؛ لِأَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ وَيَجِبُ لَهَا مَعَهُمَا مِنْ الْكِسْوَةِ مَا يَجِبُ لِلْمَخْدُومَةِ إلَّا السَّرَاوِيلَ فَلَا يَجِبُ لَهَا؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ الزِّينَةُ وَكَمَالُ السِّتْرِ، وَلَا يَجِبُ لَهَا آلَةُ التَّنْظِيفِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَنَظَّفُ لَهُ وَاللَّائِقُ بِحَالِهَا التَّشَعُّثُ لَكِنْ لَوْ كَثُرَ الْوَسَخُ وَتَأَذَّتْ بِالْهَوَامِّ فَلَهَا مَا تُرَفِّهُ بِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْإِخْدَامُ يَسْقُطُ بِالتَّبَرُّعِ بِهِ عَنْهُ أَوْ عَنْهَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا إنْ رَضِيَتْ بِهِ الْمَخْدُومَةُ وَإِلَّا فَلَا تُجْبَرُ لِلْمِنَّةِ وَمَا قَالَهُ مُوَافِقُ لَمَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَبَرَّعَ شَخْصٌ بِأَدَاءِ النَّفَقَةِ عَنْ الْمُعْسِرِ لَمْ يَلْزَمْهَا الْقَبُولُ لِلْمِنَّةِ وَاقْتِصَارُ النَّاظِمِ كَأَصْلِهِ عَلَى الْخُفِّ بِنَاءً مِنْهُمَا عَلَى أَنَّهَا تُشَارِكُ الْمَخْدُومَةَ فِي الْكِسْوَةِ وَتَخْتَصُّ بِالْخُفِّ، وَقَدْ عَرَفْتُ مَا فِيهِ وَمَا تَقَرَّرَ مِنْ اخْتِصَاصِهَا بِالْخُفِّ وَالْمِلْحَفَةِ هُوَ الْمَنْقُولُ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ وُجُوبُهُمَا لِلْمَخْدُومَةِ أَيْضًا فَإِنَّهَا قَدْ تَحْتَاجُ إلَى الْخُرُوجِ إلَى حَمَّامٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ نَادِرًا، ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ أَشَارَ إلَى هَذَا (وَحَيْثُ تَخْدُمُ لِنَفْسِهَا) كَأَنْ قَالَتْ أَنَا أَخْدُمُ نَفْسِي وَآخُذُ الْأُجْرَةَ أَوْ نَفَقَةَ الْخَادِمِ (فَإِنَّ ذَا لَا يَلْزَمُ) الزَّوْجَ؛ لِأَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا وَلَهُ أَنْ لَا يَرْضَى بِهِ لِابْتِذَالِهَا بِذَلِكَ.

(وَ) أَوْجَبَ لِلْمُمَكِّنَةِ صَبِيحَةَ كُلِّ يَوْمٍ تَمْلِيكَ (قَدْرِ مُدَّيْنِ) مِنْ الْحَبِّ (وَ) كُلَّ أُسْبُوعٍ تَمْلِيكَ (رِطْلَيْنِ) مِنْ اللَّحْمِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ وَجَبَ (وَعَنْ مُنْشَئِهِ) أَيْ الْحَاوِي (أَنَّ لِمَنْ تَخْدُمُ) زَوْجَةَ الْمُوسِرِ (مَنْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ أَيْ مَنًّا (وَوَزْنُهُ رِطْلَانِ قُلْتُ) لَكِنْ (نَقَلُوا) أَنَّ لَهَا (مُدًّا وَثُلْثًا وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ) وَذَلِكَ دُونَ رِطْلَيْنِ بِأُوقِيَّتَيْنِ وَثُلُثَيْ أُوقِيَّةٍ وَكَأَنَّ الْحَاوِي ذَكَرَ الْمَنَّ عَلَى سَبِيلِ التَّقْرِيبِ (عَلَى ذَوِي الْيُسْرِ) أَيْ أَوْجَبَ ذَلِكَ عَلَى الْمُوسِرِ.

(وَ) أَوْجَبَ لِلْمُمَكِّنَةِ صَبِيحَةَ كُلِّ يَوْمٍ تَمْلِيكَ (قُرْبِ مَكِيلٍ) بِوَزْنِ مِنْبَرٍ بِمَعْنَى مَكِيلَةٍ بِوَزْنِ مَدِينَةٍ كَمَا عَبَّرَ بِهَا الْحَاوِي (مِنْ زَيْتٍ أَوْ سَمْنٍ) فَلَا يَتَقَدَّرُ الْأُدْمُ بَلْ هُوَ مُفَوَّضٌ إلَى فَرْضِ الْقَاضِي وَاجْتِهَادِهِ فَيَنْظُرُ فِي جِنْسِهِ وَيُقَدِّرُ مِنْهُ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُدَّةَ فَيَفْرِضُهُ عَلَى الْمُعْسِرِ وَضِعْفَهُ عَلَى الْمُوسِرِ وَمَا بَيْنَهُمَا عَلَى الْمُتَوَسِّطِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ رحمه الله مِنْ مَكِيلِهِ زَيْتٍ أَوْ سَمْنٍ أَيْ أُوقِيَّةً، فَتَقْرِيبٌ كَمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَأَشَارَ إلَيْهِ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ كَأَصْلِهِ قُرْبَ، وَجِنْسُ الْأُدْمِ مَا يَلِيقُ بِعَادَةِ الْبَلَدِ مِنْ زَيْتٍ وَسَمْنٍ وَشَيْرَجٍ وَتَمْرٍ وَخَلٍّ وَجُبْنٍ وَغَيْرِهَا وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْفُصُولِ، وَقَدْ تَغْلِبُ الْفَوَاكِهُ فِي أَوْقَاتِهَا فَتَجِبُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ لَا يَجِبُ الْأُدْمُ فِي يَوْمِ اللَّحْمِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إذَا أَوْجَبْنَا عَلَى الْمُوسِرِ اللَّحْمَ كُلَّ يَوْمٍ يَلْزَمُهُ الْأُدْمُ أَيْضًا لِيَكُونَ أَحَدُهُمَا غَدَاءً وَالْآخَرُ عَشَاءً عَلَى الْعَادَةِ قَالَ الشَّارِحُ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ يَكُونَ الْأُدْمُ يَوْمَ إعْطَاءِ اللَّحْمِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ عَادَتِهِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُدْمِ الْكَامِلِ وَاللَّحْمِ بَعِيدٌ.

(وَإِنْ لَمْ تَأْكُلْ) مَا ذُكِرَ مِنْ الْحَبِّ وَاللَّحْمِ وَالْأُدْمِ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ لَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إلَيْهَا وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْ تَرْكِ التَّأَدُّمِ كَمَا لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ صَرْفِ بَعْضِ الْقُوتِ إلَى الْأُدْمِ؛ لِأَنَّهَا مُتَصَرِّفَةٌ فِي مِلْكِهَا وَلَوْ قَتَّرَتْ عَلَى نَفْسِهَا بِمَا يَضُرُّهَا فَلَهُ مَنْعُهَا (وَأُبْدِلَتْ) جَوَازًا مَا وَجَبَ لَهَا بِجِنْسٍ آخَرَ (تَبَرُّمًا) أَيْ سَآمَةً مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ الْإِبْدَالُ.

(وَ) أَوْجَبَ لَهَا فِي أَوَّلِ كُلٍّ مِنْ فَصْلَيْ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ تَمْلِيكَهَا (مِقْنَعَهْ) وَعَبَّرَ عَنْهَا الْحَاوِي كَالْغَزَالِيِّ بِالْخِمَارِ قَالَ الرَّافِعِيُّ أَرَادَ الْغَزَالِيُّ بِالْخِمَارِ الْمُقَنَّعَةَ، وَقَدْ يُخَصُّ بِمَا يُجْعَلُ فَوْقَهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ غَيْرُهَا وَلِهَذَا قَالَ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ يَجِبُ خِمَارٌ أَوْ مُقَنَّعَةٌ وَيَظْهَرُ وُجُوبُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا عِنْدَ الْحَاجَةِ أَوْ حَيْثُ يُعْتَادُ وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِيهِ حَيْثُ أَوْجَبُوا كِفَايَتَهَا بِحَسَبِ الْعَادَةِ وَإِنَّمَا قَالُوا خِمَارًا وَمُقَنَّعَةً جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ أَوْ حَيْثُ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَحَدِهِمَا أَوْ حَيْثُ لَمْ تَدْعُ حَاجَةٌ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَ (نَعْلًا) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَّا إذَا كَانَتْ مِنْ نِسَاءِ قَرْيَةٍ اعْتَدْنَ الْمَشْيَ فِي بُيُوتِهِنَّ حُفَاةً فَلَا يَجِبُ لِرِجْلِهَا شَيْءٌ (سَرَاوِيلَ) أَوْ نَحْوَهُ بِحَسَبِ عَادَتِهَا وَ (قَمِيصًا وَمَعَهْ) فِي الشِّتَاءِ (جُبَّةُ قَزٍّ) أَيْ جُبَّةً مَحْشُوَّةً أَوْ نَحْوَهَا لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ تَكْفِ لِشِدَّةِ بَرْدٍ زِيدَ عَلَيْهَا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَجِنْسُ الْكِسْوَةِ حَيْثُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: مِمَّنْ يَخْدُمُ بِالنَّفَقَةِ) أَخْرَجَ مَنْ يَخْدُمُ بِالْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا السَّرَاوِيلَ) وَالْوَجْهُ وُجُوبُ السَّرَاوِيلِ لِلْخَادِمَةِ حَيْثُ اُعْتِيدَ م ر (قَوْلُهُ: فَلَا تُجْبَرُ لِلْمِنَّةِ) وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ لَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ الْمُتَبَرِّعَةِ لِلْمِنَّةِ يُرَدُّ بِأَنَّ الْمِنَّةَ عَلَيْهِ لَا عَلَيْهَا لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّهَا تَبَرَّعَتْ عَلَيْهِ لَا عَلَيْهَا ح ج (قَوْلُهُ: لَوْ تَبَرَّعَ شَخْصٌ. . . إلَخْ) كَانَ هَذَا إذَا سَلَّمَهَا الْمُتَبَرِّعُ لَهَا فَإِنْ سَلَّمَهَا لِلْمُعْسِرِ، ثُمَّ سَلَّمَهَا الْمُعْسِرُ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهَا الْقَبُولُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ عَرَفْت مَا فِيهِ) كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى نَحْوِ اسْتِثْنَاءِ السَّرَاوِيلِ وَزِيَادَةِ الْمِلْحَفَةِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ لَا يَرْضَى بِهِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ فَكَاعْتِيَاضِهَا عَنْ النَّفَقَةِ أَيْ: حَيْثُ لَا رِبَا قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَقَضِيَّةُ الْجَوَازِ يَوْمًا بِيَوْمٍ. اهـ. وَتَقَدَّمَ فِي هَامِشِ الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ أَنَّ الْإِخْدَامَ إمْتَاعٌ يَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ.

(قَوْلُهُ: قُرْبَ مَكِيلٍ مِنْ زَيْتٍ. . . إلَخْ) قَالَ فِي شَرْح الرَّوْضِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَإِنَّمَا يَتَّضِحُ وُجُوبُ الْأُدْمِ حَيْثُ يَكُونُ الْقُوتُ الْوَاجِبُ مِمَّا لَا يُسَاغُ عَادَةً إلَّا بِأُدُمٍ كَالْخُبْزِ بِأَنْوَاعِهِ، أَمَّا لَوْ كَانَ لَحْمًا، أَوْ لَبَنًا، أَوْ أَقِطًا فَيُتَّجَهُ الِاكْتِفَاءُ إذَا جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِالِاقْتِيَاتِ بِهِ وَحْدَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ. . . إلَخْ) يُتَّجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِاللَّحْمِ إنْ كَفَى غَدَاءً وَعَشَاءً، وَإِلَّا وَجَبَ الْأُدْمُ مَعَهُ أَيْ: مَعَ مُرَاعَاةِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ الْإِبْدَالُ) نَعَمْ لَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً، أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزَةٍ، وَلَيْسَ لَهَا مَنْ يَقُومُ بِذَلِكَ فَاللَّائِقُ بِالْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ أَنَّهُ يَلْزَم الزَّوْجَ إبْدَالُهُ عِنْدَ إمْكَانِهِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ. كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَفِي هَذَا التَّصَرُّفِ فِي مَالِ السَّفِيهَةِ وَالصَّغِيرَةِ بِلَا وِلَايَةٍ عَلَيْهِمَا وَكَأَنَّهُ اُغْتُفِرَ هُنَا لِلْحَاجَةِ.

ــ

[حاشية الشربيني]

الرَّوْضَةُ (قَوْلُهُ: إلَّا السَّرَاوِيلَ فَلَا يَجِبُ لَهَا) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا.

(قَوْلُهُ: أَيْ أُوقِيَّةٌ) قَالَ جَمْعٌ أَيْ حِجَازِيَّةٌ

ص: 389

لَا عَادَةَ مِنْ الْقُطْنِ وَإِلَّا فَمِنْ الْقَزِّ (أَوْ مِنْ الْكَتَّانِ أَوْ الْحَرِيرِ عَادَةَ الْمَكَانِ) أَيْ بِحَسَبِ عَادَتِهِ لِمِثْلِ الزَّوْجِ لَكِنْ لَوْ جَرَتْ عَادَةُ بَلَدٍ بِلُبْسِ الثِّيَابِ الرَّقِيقَةِ كَالْقَصَبِ الَّذِي لَا يَصْلُحُ سَاتِرًا وَلَا تَصِحُّ فِيهِ الصَّلَاةُ لَمْ يُعْطِهَا مِنْهُ لَكِنْ مِنْ الصَّفِيقِ الَّذِي يَقْرُبُ مِنْهُ فِي الْجَوْدَةِ كَالدَّبِيقِيِّ وَالْكَتَّانِ الْمُرْتَقِعِ، وَتَخْتَلِفُ الْكِسْوَةُ بِطُولٍ وَقِصَرٍ وَهُزَالٍ وَسِمَنٍ وَحَرِّ بَلَدٍ وَبَرْدِهَا وَلَا يَخْتَلِفُ عَدَدُهَا بِيَسَارِ الزَّوْجِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا يُؤَثِّرَانِ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَيَجِبُ تَجْدِيدُهَا فِي كُلِّ فَصْلٍ فَتُجَدَّدُ كِسْوَةُ الصَّيْفِ لِلصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ لِلشِّتَاءِ إلَّا جُبَّةَ الْخَزِّ وَالْإِبْرَيْسَمِ فَلَا تُجَدَّدُ فِي كُلِّ شِتْوَة وَلَوْ لَمْ تُغْنِ الثِّيَابُ فِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ عَنْ الْوُقُودِ وَجَبَ مِنْ الْحَطَبِ أَوْ الْفَحْمِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَإِضَافَةُ الْجُبَّةِ إلَى الْقَزِّ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي يَقْتَضِي أَنَّهُ وَمَا بَعْدَهُ جِنْسٌ لِلْجُبَّةِ فَقَطْ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ جِنْسٌ لِلْكِسْوَةِ مُطْلَقًا كَمَا تَقَرَّرَ فَلَوْ قَالَ مِنْ قَزٍّ إلَى آخِرِهِ أَفَادَ ذَلِكَ.

(تَنْبِيهٌ)

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَضِيَّةُ اقْتِصَارِهِمْ عَلَى مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ مَا يُسَمَّى طَاقِيَّةً أَوْ كُوفِيَّةً وَنَحْوَهَا مِمَّا تَلْبَسُهُ تَحْتَ الْمُقَنَّعَةِ وَهُوَ لَهَا بِمَنْزِلَةِ الْقَلَنْسُوَةِ لِلرَّجُلِ تَحْتَ الْعِمَامَةِ وَقِيَاسُ الْبَابِ الْوُجُوبُ وَإِنَّمَا لَمْ يَذْكُرُوهُ إمَّا؛ لِأَنَّ عَادَةَ زَمَانِهِمْ لَمْ تَجْرِ بِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ أَوْ لِوُضُوحِهِ، وَقَدْ سَكَتُوا عَنْ زِرِّ الْقَمِيصِ وَالْجُبَّةِ وَتِكَّةِ السَّرَاوِيلِ وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ الْجَمِيعِ.

(وَأُمْتِعَتْ) لِنَوْمِهَا (لِحَافًا أَوْ كِسَاءَ) وَذِكْرُ الْكِسَاءِ مِنْ زِيَادَتِهِ و (طَرَّاحَةً وَثِيرَةً) بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ لَيِّنَةً (شِتَاءَ) أَيْ فِي الشِّتَاءِ وَمِلْحَفَةً فِي الصَّيْفِ كَمَا ذَكَرَهَا الْغَزَالِيُّ وَعَبَّرَ عَنْهَا بِالشِّعَارِ فَقَالَ وَيَجِبُ لَهَا شِعَارٌ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يَخُصَّ بِالصَّيْفِ كَمَا خَصَّ اللِّحَافَ بِالشِّتَاءِ وَيُمْكِنُ وُجُوبُهُ مَعَ اللِّحَافِ فِي الشِّتَاءِ كَالْقَمِيصِ مَعَ الْجُبَّةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ اهـ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الصَّيْفِ طَرَّاحَةٌ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ وَأُمْتِعَتْ (مِخَدَّةً) بِكَسْرِ الْمِيمِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تُوضَعُ تَحْتَ الْخَدِّ وَيُفَاوَتُ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَغَيْرِهِ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَأُمْتِعَتْ لِجُلُوسِهَا (حَصِيرًا) فِي الصَّيْفِ (أَوْ لِبْدًا) فِي الشِّتَاءِ وَهَذَا عَلَى الْمُعْسِرِ أَمَّا الْمُتَوَسِّطُ فَعَلَيْهِ زِلِّيَّةٌ بِكَسْرِ الزَّايِ وَهِيَ شَيْءٌ مُضْرَبٌ صَغِيرٌ وَقِيلَ بِسَاطٌ صَغِيرٌ فِي الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ وَعَلَى الْمُوسِرِ طِنْفِسَةٌ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَالْفَاءِ وَبِفَتْحِهِمَا وَبِضَمِّهِمَا وَبِكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَهِيَ بِسَاطٌ صَغِيرٌ ثَخِينٌ لَهُ وَبَرَةٌ كَبِيرَةٌ وَقِيلَ كِسَاءٌ فِي الشِّتَاءِ وَنِطْعٌ فِي الصَّيْفِ قَالَ الشَّيْخَانِ وَيُشْبِهُ كَوْنَهُمَا بَعْدَ بُسُطٍ زِلِّيَّةٍ أَوْ حَصِيرٍ وَمَرْجِعُ ذَلِكَ الْعَادَةُ نَوْعًا وَكَيْفِيَّةً حَتَّى قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ لَوْ كَانُوا لَا يَعْتَادُونَ فِي الصَّيْفِ لِنَوْمِهِمْ غِطَاءً غَيْرَ لِبَاسِهِمْ لَمْ يَجِبْ غَيْرُهُ وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَإِنَّمَا يُجَدَّدُ وَقْتَ تَجْدِيدِهِ عَادَةً وَمَا ذَكَرَهُ النَّاظِمُ كَأَصْلِهِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ إمْتَاعُ وَجْهٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ كَمَا فِي النَّفَقَةِ وَالْأُدْمِ.

(كَذَا) ظَاهِرُهُ الْعَوْدُ إلَى الْإِمْتَاعِ لِقُرْبِهِ وَهُوَ وَجْهٌ وَالْمُوَافِقُ لِلْأَصَحِّ أَنْ يُعَادَ إلَى التَّمْلِيكِ السَّابِقِ أَيْ وَمِثْلُ تَمْلِيكِ مَا مَرَّ مِنْ الْحَبِّ وَغَيْرِهِ (آلَةُ) أَيْ تَمْلِيكُ آلَةٍ (شُرْبٍ وَطَبِيخٍ وَغِذَا) كَجَرَّةٍ وَكُوزٍ وَقِدْرِ نُحَاسٍ وَمِغْرَفَةٍ وَقَصْعَةٍ (مِنْ خَزَفٍ وَحَجَرٍ) وَنَحْوِهِمَا لِلْحَاجَةِ إلَى ذَلِكَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهَا لَا تَجِبُ مِنْ نُحَاسٍ وَهُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ لِلْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ رُعُونَةٌ وَثَانِيهمَا يَجِبُ مِنْهُ لِلشَّرِيفَةِ لِلْعَادَةِ وَذِكْرُ آلَةِ الْغِذَاءِ أَيْ الْأَكْلِ مَزِيدٌ عَلَى الْحَاوِي.

(وَ) يَجِبُ لَهَا (مُؤَنُهْ) أَيْ تَمْلِيكُ مُؤَنِ مَا مَرَّ مِنْ الْحَبِّ وَالْأُدْمِ وَاللَّحْمِ كَمُؤْنَةِ الطَّحْنِ وَعَجْنِ الدَّقِيقِ وَخَبْزِهِ وَطَبْخِ اللَّحْمِ وَمَا يَطْبُخُ بِهِ وَإِنْ اعْتَادَتْ تَعَاطِيَ ذَلِكَ وَلِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ احْتِمَالَانِ فِي وُجُوبِهَا فِيمَا لَوْ بَاعَتْ الْحَبَّ أَوْ أَكَلَتْهُ حَبًّا قَالَ الْغَزَالِيُّ وَالْقِيَاسُ وُجُوبُهَا (وَالْخَبْزُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ عَطْفٌ عَلَى مُؤْنَةٍ وَلَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِدُخُولِهِ كَنَخْلِ الدَّقِيقِ وَعَجْنِهِ وَغَيْرِهِمَا فِي مُؤْنَةِ.

(وَ) يَجِبُ لَهَا (الْمُشْطُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا (وَمَا تَدَّهِنُهْ) أَيْ تَدْهِنُ بِهِ مِنْ زَيْتٍ أَوْ نَحْوِهِ وَلَوْ مُطَيَّبًا بِوَرْدٍ أَوْ بَنَفْسَجٍ أَوْ نَحْوِهِمَا إنْ جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ أَيْ يَجِبُ تَمْلِيكُهَا ذَلِكَ بِحَسَبِ الْعَادَةِ لِتَدْفَعَ بِهِ وَسَخَهَا دُونَ مَا يُقْصَدُ لِلتَّزَيُّنِ مِنْ طِيبٍ وَكُحْلٍ وَخِضَابٍ وَنَحْوِهَا فَلَا يَجِبُ لَهَا لَكِنْ إنْ هَيَّأَهُ لَهَا فَعَلَيْهَا اسْتِعْمَالُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ غَابَ عَنْهَا غَيْبَةً طَوِيلَةً هَلْ يَجِبُ لَهَا آلَةُ التَّنْظِيفِ وَهَلْ يَجِبُ ذَلِكَ لِلْبَائِنٍ الْحَامِلِ الظَّاهِرُ فِيهَا الْمَنْعُ كَالرَّجْعِيَّةِ وَفِي الْغَيْبَةِ الْوُجُوبُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجِبَ لَهَا مَا يُزِيلُ الشَّعَثَ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ.

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: أَيْ تَمْلِيكُ آلَةِ شُرْبٍ. . . إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ مِلْكِهَا الْآلَةَ الْمَذْكُورَةَ أَنَّ لَهَا مَنْعَ الزَّوْجِ مِنْ اسْتِعْمَالِهَا حَتَّى لَوْ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ فِيهَا لَهَا نَفَقَتَهَا لَا يَلْزَمُهَا تَمْكِينُهُ فَيَشْتَرِي فِي ظَرْفٍ مِنْ جِهَتِهِ ثُمَّ يَضَعُ مَا اشْتَرَاهُ لَهَا فِي ظَرْفِهَا م ر (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ. . . إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ الْعَمَلُ بِالْعَادَةِ فَإِذَا اُعْتِيدَ لِمِثْلِهَا النُّحَاسُ وَنَحْوُهُ وَجَبَ م ر.

(قَوْلُهُ: كَمُؤْنَةِ الطَّحْنِ وَعَجْنِ الدَّقِيقِ وَخَبْزِهِ وَطَبْخِ اللَّحْمِ. . . إلَخْ) كَالصَّرِيحِ فِي وُجُوبِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ لَهَا الْإِخْدَامُ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ تَمْثِيلَهُ فِي مَسَائِلِ الْإِخْدَامِ الْآتِيَةِ بِالطَّبْخِ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ كَانَتْ مِمَّنْ تُخْدَمُ وَأَخَذَتْ مُؤْنَةَ نَحْوِ الْعَجْنِ وَالْخَبْزِ وَالطَّبْخِ فَهَلْ تَسْتَحِقُّ اسْتِعْمَالَ الْخَادِمَةِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ أَوْ لَا لِئَلَّا يَلْزَمَ تَكَرُّرُ مُؤْنَةِ هَذِهِ الْأُمُورِ؛ لِأَنَّهَا إذَا أَخَذَتْ مُؤْنَتَهَا وَاسْتَحَقَّتْ اسْتِعْمَالَ الْخَادِمَةِ الَّتِي عَلَى الزَّوْجِ أُجْرَتُهَا مَثَلًا فِيهَا أَلْزَمَتْ الزَّوْجَ مُؤْنَتَهَا مَرَّتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ غَرِمَ لَهَا مُؤْنَتُهَا وَلِلْخَادِمَةِ أُجْرَةُ اسْتِعْمَالِهَا فِيهَا فِيهِ نَظَرٌ، ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُصَرِّحُ بِاسْتِحْقَاقِهَا اسْتِعْمَالَ الْخَادِمَةِ فِيهَا فَإِنَّهُ قَالَ فِي الرَّوْضِ: وَلَيْسَ

ــ

[حاشية الشربيني]

وَهِيَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا لَا بَغْدَادِيَّةٌ وَهِيَ نَحْوُ اثْنَيْ عَشَرَ لِأَنَّهَا لَا تُغْنِي عَنْهَا شَيْئًا. اهـ. تُحْفَةٌ.

(قَوْلُهُ: لِمِثْلِ الزَّوْجِ) أَيْ مَعَ مِثْلِهَا فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُعْتَبَرٌ هُنَا. اهـ. م ر.

(قَوْلُهُ: إمْتَاعٌ) أَيْ بِحَيْثُ لَوْ فَاتَ سَقَطَ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ تَمْلِيكًا

ص: 390

عَلَيْهِ فِيهِ زِينَةٌ لِلزَّوْجِ وَهُوَ غَائِبٌ وَفِيهِ بُعْدٌ.

(و) يَجِبُ لَهَا (لِلصُّنَانِ) أَيْ لِدَفْعِهِ إذَا لَمْ يَنْقَطِعْ بِالْمَاءِ وَالتُّرَابِ (مَرْتَكٌ) أَوْ نَحْوُهُ لِتَأَذِّيهَا وَغَيْرِهَا بِالرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَخْتَلِفَ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الرُّتْبَةِ حَتَّى يَجِبَ الْمَرْتَكُ وَنَحْوُهُ لِلشَّرِيفَةِ وَإِنْ كَانَ التُّرَابُ يَقُومُ مَقَامَهُ إذَا لَمْ تَعْتَدْهُ وَالْمَرْتَكُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا مُعَرَّبٌ أَصْلُهُ مِنْ الرَّصَاصِ يَقْطَعُ رَائِحَةَ الْإِبِطِ؛ لِأَنَّهُ يَحْبِسُ الْعَرَقَ (كَالسِّدْرِ) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ كَمَا يَجِبُ لَهَا تَمْلِيكُ مَا تَغْتَسِلُ بِهِ مِنْ سِدْرٍ أَوْ خِطْمِيٍّ أَوْ طِينٍ عَلَى عَادَةِ الْمَكَانِ.

(وَ) يَجِبُ لَهَا (أَجْرُ) أَيْ تَمْلِيكُ أَجْرٍ (حَمَّامٍ لِفَرْطِ الْقُرِّ) أَيْ لِشِدَّةِ الْبَرْد مَعَ عُسْرِ غَسْلِهَا فِي غَيْرِ الْحَمَّامِ كَذَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ (قُلْتُ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَغَوِيِّ) وَالرُّويَانِيُّ (أَنَّهُ فِي الْبَرْدِ وَغَيْرِهِ يَلْزَمُ) الزَّوْجَ أَجْرُ الْحَمَّامِ (فِي الْمُعَوَّدَهْ) بِفَتْحِ الْوَاوِ أَيْ الْمُعْتَادَةِ (دُخُولَهُ) دُونَ غَيْرِهَا (وَالرَّافِعِيُّ أَيَّدَهْ) أَيْ قَوَّاهُ بِأَنَّهُ الظَّاهِرُ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ وَبِذَلِكَ عُلِمَ جَوَازُ دُخُولِ النِّسَاءِ الْحَمَّامَ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ، ثُمَّ قَالَ لَكِنَّ دُخُولَهُنَّ لَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ مَكْرُوهٌ وَعَلَى ذَلِكَ إنَّمَا يَجِبُ (فِي الشَّهْرِ مَرَّةً) كَمَا حَكَيَاهُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّاهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ فِي ذَلِكَ لِعَادَةِ مِثْلَهَا وَتَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ حَرًّا وَبَرْدًا.

(وَلَيْسَتْ تَجِبُ) لِلْمُمَكِّنَةِ (أُجْرَةُ حَجَّامٍ) وَفَاصِدٍ وَخَاتِنٍ (وَمَنْ يُطَبِّبُ) أَيْ وَطَبِيبٌ وَوُجِّهَ ذَلِكَ بِأَنَّ الزَّوْجَ كَالْمُكْتَرِي فَلَا يَلْزَمُهُ مُؤَنُ حِفْظِ الْأَصْلِ بِخِلَافِ الْمُشْطِ وَالدُّهْنِ كَمَا مَرَّ فَإِنَّهُمَا لِلتَّنْظِيفِ وَهُوَ لَازِمٌ لِلْمُكْتَرِي (كَثَمَنِ الْمَا بَعْدَ الِانْقِطَاعِ لِلْحَيْضِ) أَيْ كَمَا لَا يَجِبُ لَهَا ثَمَنُ مَاءِ غُسْلِهَا لِلْحَيْضِ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ أَوْ لِلِاحْتِلَامِ (لَا النِّفَاسِ وَالْجِمَاعِ) مِنْ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ غُسْلَهَا لَهُمَا بِسَبَبِهِ دُونَ مَا قَبْلَهُمَا قَالَ الشَّيْخَانِ وَيُنْظَرُ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ فِي مَاءِ الْوُضُوءِ إلَى كَوْنِ السَّبَبِ مِنْهُ كَلَمْسِهِ أَمْ لَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ عَدَمُ وُجُوبِ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ وَهُوَ نَائِمٌ كَمَا لَوْ احْتَلَمَتْ قَالَ وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. وَكَالنِّفَاسِ الْوِلَادَةُ بِلَا بَلَلٍ كَمَا فُهِمَتْ مِنْهُ بِالْأَوْلَى.

(وَ) أُمْتِعَتْ (مَسْكَنًا لَاقَ بِهَا) عَادَةً لِلضَّرُورَةِ إلَيْهِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ تَسْتَحِقُّهُ فَالزَّوْجَةُ أَوْلَى وَفَارَقَ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ حَيْثُ اُعْتُبِرَا بِحَالِ الزَّوْجِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِمَا التَّمْلِيكُ وَهُنَا الْإِمْتَاعُ وَلِأَنَّهُمَا إذَا لَمْ يَلِيقَا بِهَا يُمْكِنُهَا أَبَدًا لَهُمَا بِلَائِقٍ فَلَا إضْرَارَ بِخِلَافِ الْمَسْكَنِ فَإِنَّهَا مُلْزَمَةٌ بِمُلَازَمَتِهِ (إعَارَة حَتَّى انْقَضَتْ) أَيْ إعَارَةً كَانَ الْمَسْكَنُ (أَوْ مِلْكًا أَوْ إجَارَهْ) مُمْتَدًّا لُزُومُ ذَلِكَ إلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا عَنْ وَفَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا.

(وَجَازَ) لِلزَّوْجِ حَيْثُ قَالَ أَنَا أَخْدُمُهَا بِنَفْسِي وَأُسْقِطُ مُؤْنَةَ الْخَادِمِ (أَنْ يَخْدُمَهَا) فِيمَا لَا تَسْتَحْيِي مِنْهُ (كَالْكَنْسِ) وَالطَّبْخِ وَالْغَسْلِ لِيُخَفِّفَ عَنْ نَفْسِهِ بَعْضَ مُؤْنَةِ الْخَادِمِ (لَا مَا مِنْهُ تَسْتَحْيِي كَمَاءٍ حَمَلَا) أَيْ حَمَلَهُ إلَيْهَا (لِلْمُسْتَحَمِّ) أَوْ لِلشُّرْبِ أَوْ غَسْلِ خِرَقِ حَيْضِهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْدُمَهَا فِيهِ وَالتَّمْثِيلُ بِالْكَنْسِ وَبِحَمْلِ الْمَاءِ لِلْمُسْتَحَمِّ مِنْ زِيَادَتِهِ (قُلْتُ بِالْقَفَّالِ فِي ذَا) التَّفْصِيلِ (اقْتَدَى) أَيْ الْحَاوِي (وَاخْتَارَهُ الْغَزَالِيّ) وَبَقِيَ (وَجْهَانِ آخَرَانِ فِي ذِي الْمَسْأَلَهْ) أَحَدُهُمَا لَهُ أَنْ يَخْدُمَهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ خِدْمَتَهَا عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يُوفِيَهَا بِنَفْسِهِ وَبِغَيْرِهِ وَثَانِيهِمَا الْمَنْعُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا تَسْتَحْيِي مِنْهُ وَتُعَيَّرُ بِهِ وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَالرَّافِعِيُّ يَصْطَفِي) أَيْ يَخْتَارُ (أَنْ لَيْسَ لَهْ) ذَلِكَ وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ وَسَيَأْتِي كَلَامُهُمَا فِيهِ مَبْسُوطًا (ثُمَّ عَلَى مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ) قَالَ الرَّافِعِيُّ نَقْلًا عَنْهُ لَوْ خَدَمَهَا فِيمَ لَا تَسْتَحْيِي مِنْهُ هَلْ لِلْخَادِمَةِ تَمَامُ الْمُؤْنَةِ أَمْ لَا وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ إذَا سَلَّمَ أَمَتَهُ لِلزَّوْجِ لَيْلًا فَقَطْ هَلْ تَسْتَحِقُّ تَمَامَ النَّفَقَةِ وَقَضِيَّةُ الْبِنَاءِ تَرْجِيحُ الثَّانِي وَبِهِ جَزَمَ النَّاظِمُ كَشَيْخِهِ الْبَارِزِيِّ حَيْثُ قَالَ (لَا يُعْطِي الَّتِي تَخْدُمُهَا مُكَمَّلَا) وَعَلَيْهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ نَقْلًا عَنْ الْقَفَّالِ أَيْضًا (وَاحْتَمَلَ التَّشْطِيرُ) لِمَا يَجِبُ لَهَا وَاحْتُمِلَ تَوْزِيعُهُ عَلَى الْأَفْعَالِ وَهَذَا رَجَّحَهُ النَّاظِمُ بِقَوْلِ (قُلْتُ الْأَعْدَلُ) عِنْدِي (تَوْزِيعُنَا لَهُ عَلَى مَا يُفْعَلُ) .

قَالَ الشَّيْخَانِ وَفِيمَا فَصَّلَهُ الْقَفَّالُ إشْعَارٌ بِتَوَظُّفِ النَّوْعَيْنِ عَلَى

ــ

[حاشية العبادي]

عَلَى خَادِمِهَا إلَّا مَا يَخُصُّهَا كَحَمْلِ مَاءٍ إلَى الْمُسْتَحَمِّ وَنَحْوِهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ كَصَبِّهِ عَلَى يَدِهَا وَغَسْلِ خِرَقِ الْحَيْضِ وَالطَّبْخِ لِأَكْلِهَا. اهـ. وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ إذَا أَخْدَمَهَا لَا يَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ ذَلِكَ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا يُشْعِرُ بِهِ مَا سَيَأْتِي عَنْ الْحَاوِي وَالْقَفَّالِ كَقَوْلِ الشَّارِحِ لِيُخَفِّفَ عَنْ نَفْسِهِ مُؤْنَةُ الْخَادِمِ وَقَوْلُ الْمَتْنِ وَالشَّرْحِ، ثُمَّ عَلَى مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ. . . إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.

(قَوْلُهُ وَأُمْتِعَتْ مَسْكَنًا لَاقَ بِهَا) لَهُ مَنَعَ أَهْلَهَا مِنْ دُخُولِ الْمَسْكَنِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ أَوْ فِي إجَارَتِهِ أَوْ إعَارَتِهِ وَهَلْ لَهَا مَنْعُ أَهْلِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ تَضَرَّرَتْ بِهِمْ لِنَحْوِ ضِيقِهِ وَلُزُومِ مُخَالَطَتِهِمْ لَهَا فَلَهَا ذَلِكَ وَإِلَّا كَأَنْ اتَّسَعَ وَكَانُوا فِي جَانِبٍ آخَرَ لَا تَتَضَرَّرُ بِهِمْ فَلَا م ر.

(قَوْلُهُ: وَالرَّافِعِيُّ يَصْطَفِي أَنَّ. . إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر

ــ

[حاشية الشربيني]

لَوْ فَاتَ لَمْ يَسْقُطْ.

(قَوْلُهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ مَكْرُوهٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ رِيبَةٌ وَلَا مَعْصِيَةٌ وَفِي ق ل أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ حِينَئِذٍ فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ مِنْهُ) كَلَمْسِهِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ إذَا لَمَسَ أَجْنَبِيَّةً لَا يَجِبُ عَلَيْهِ مَاءُ وُضُوئِهَا أَفَادَهُ م ر (قَوْلُهُ: وَهُوَ نَائِمٌ) وَإِنْ اسْتَيْقَظَ الزَّوْجُ وَنَزَعَ وَأَعَادَ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ حَصَلَتْ أَوَّلًا بِفِعْلِهِ أَفَادَهُ ع ش.

(قَوْلُهُ: وَأُمْتِعَتْ مَسْكَنًا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمَسْكَنَ وَالْخَادِمَ إمْتَاعٌ يَفُوتَانِ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا. فَإِنَّهُ تَمْلِيكٌ لَا يَفُوتُ بِهِ وَإِنْ كَانَ عَنْ زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ كَالزَّكَاةِ الْمُعَجَّلَةِ وَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهَا أَنَّهَا نَفَقَةٌ مُعَجَّلَةٌ اكْتِفَاءً بِالْقَرِينَةِ عَلَى ذَلِكَ وَبِهِ فَارَقَ

ص: 391

الْخَادِمَةِ لَكِنْ ذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَلَى الزَّوْجِ لِلْمَخْدُومَةِ الطَّبْخُ وَالْغَسْلُ وَنَحْوُهُمَا دُونَ حَمْلِ الْمَاءِ إلَيْهَا لِلشُّرْبِ وَالْمُسْتَحَمُّ إذْ التَّرَفُّعُ عَنْ ذَلِكَ رُعُونَةٌ وَذَكَرَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ مَا يَخْتَصُّ بِهَا كَحَمْلِ الْمَاءِ لِلْمُسْتَحَمِّ وَصَبِّهِ عَلَى يَدِهَا وَغَسْلِ خِرَقِ الْحَيْضِ وَنَحْوِهَا دُونَ الطَّبْخِ وَالْكَنْسِ وَالْغَسْلِ فَلَا يَجِبُ مِنْهَا شَيْءٌ عَلَى الْمَرْأَةِ وَلَا خَادِمِهَا بَلْ عَلَى الزَّوْجِ فَيُوَفِّيهِ بِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَالْكَلَامَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّ النَّوْعَيْنِ لَا يَتَوَظَّفَانِ عَلَى خَادِمِهَا حَتَّى يَفْرِضَ تَوْزِيعَ الْوَاجِبِ وَتَخْفِيفَ بَعْضِهِ وَالْعُمْدَةُ عَلَى كَلَامِ الْبَغَوِيّ زَادَ النَّوَوِيُّ الَّذِي أَثْبَتَهُ الزَّازُ مِنْ الطَّبْخِ وَالْغَسْلِ وَنَحْوِهِمَا هُوَ فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْمَخْدُومَةِ وَاَلَّذِي نَفَاهُ الْبَغَوِيّ هُوَ فِيمَا يَخْتَصُّ بِالزَّوْجِ كَغَسْلِ ثِيَابِهِ وَالطَّبْخِ لِأَكْلِهِ وَنَحْوِهِمَا وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْجَمِيعِ فِي ذَلِكَ أَيْ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِيمَا تَسْتَحْيِي مِنْهُ وَالْعُمْدَةُ فِيهِ عَلَى كَلَامِ الْبَغَوِيّ.

(وَأَنَّهُ يُبْدِلُ مَنْ تَأْلَفُهَا) أَيْ وَلِلزَّوْجِ إبْدَالُ خَادِمَتِهَا الْمَأْلُوفَةِ لَهَا (لِرَيْبٍ) بِفَتْحِ الرَّاءِ بِمَعْنَى رِيبَةٍ بِكَسْرِهَا كَمَا عَبَّرَ بِهَا الْحَاوِي (أَوْ خِيَانَةٍ يَعْرِفُهَا) لَا لِغَيْرِهِمَا. لِأَنَّ الْقَطْعَ عَنْ الْمَأْلُوفِ شَدِيدٌ فَلَا يُرْتَكَبُ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَوْ خِيَانَةٍ يَعْرِفُهَا مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى مِمَّا قَبْلَهُ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي تَعْيِينِ الْخَادِمَةِ ابْتِدَاءً فَالْمُتَّبَعُ اخْتِيَارُهُ لَا اخْتِيَارُهَا؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يَكْفِيَهَا الْخِدْمَةَ بِأَيِّ خَادِمَةٍ كَانَتْ.

(وَ) لَهُ (مَنْعُهَا مِنْ) تَنَاوُلِ (مُمْرِضٍ وَمُنْتِنِ) كَثُومٍ وَكُرَّاثٍ دَفْعًا لِلضَّرَرِ (وَمِنْ خُرُوجٍ) مِنْ مَسْكَنِهَا لِزِيَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَلَوْ لِزِيَارَةِ أَبَوَيْهَا؛ لِأَنَّهَا مُلْزَمَةٌ بِمُلَازَمَتِهِ نَعَمْ إنْ أَعْسَرَ وَأُمْهِلَ أَوْ رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ مَعَهُ فَلَهَا الْخُرُوجُ نَهَارًا لِتَحْصِيلِ الْمُؤْنَةِ بِكَسْبٍ أَوْ تِجَارَةٍ أَوْ سُؤَالٍ وَإِنْ قَدَرَتْ عَلَى الْإِنْفَاقِ مِنْ مَالِ نَفْسِهَا أَوْ كَانَتْ تَكْتَسِبُ بِمَا لَا يُحْوِجُهَا إلَى الْخُرُوجِ كَغَزْلٍ وَخِيَاطَةٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُوَفِّهَا حَقَّهَا لَا يَمْلِكُ الْحَجْرَ عَلَيْهَا (وَ) مِنْ (دُخُولِ الْمَسْكَنِ أُصُولُهَا) بِالرَّفْعِ بِالْفَاعِلِيَّةِ لِدُخُولٍ وَالْمُرَادُ أَنَّ لَهُ مَنْعَ أُصُولِهَا مَعَ الْكَرَاهَةِ وَكَذَا مَنْعُ غَيْرِهِمْ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى مِنْ دُخُولِهِمْ مَسْكَنَهَا عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ مُؤَدَّى كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ لَهُ مَنْعَهَا مِنْ دُخُولِهِمْ عَلَيْهَا لِفَسَادِ هَذَا ظَاهِرًا وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ إدْخَالِ قُمَاشٍ وَأَثَاثٍ لَهَا إلَى مَكَانِهِ.

(لَا) مِنْ (فَرْدَةٍ مِنْ الْإِمَا) أَيْ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا مِنْ اسْتِخْدَامِ أَمَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنَّمَا يَمْنَعُهَا مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى وَاحِدَةٍ دُخُولًا وَاسْتِخْدَامًا وَإِنْ أَنْفَقَتْ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهَا وَعِبَارَةُ الْحَاوِي وَغَيْرِ أَمَةٍ أَيْ وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ اسْتِخْدَامِ غَيْرِ أَمَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ أَحْسَنُ كَمَا لَا يَخْفَى وَالْحُرَّةُ كَالْأَمَةِ فِيمَا ذُكِرَ وَإِنَّمَا خَصَّهَا بِالذِّكْرِ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ وَمُوَافَقَةً لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ أَنْفَقَا أَمَتَهَا.

(وَجَازَ) لِلزَّوْجَةِ (أَنْ تَعْتَاضَ) مِنْ الزَّوْجِ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ وَاجِبِهَا الَّذِي اسْتَقَرَّ مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ (الدِّرْهَمَا) وَالدِّينَارَ وَالثِّيَابَ وَنَحْوَهَا لِاسْتِقْرَارِهِ فِي الذِّمَّةِ لِمُعَيَّنٍ كَدَيْنِ الْقَرْضِ بِخِلَافِ الْخُبْزِ وَالدَّقِيقِ وَالسَّوِيقِ لَا يَجُوزُ اعْتِيَاضُ شَيْءٍ مِنْهَا عَنْ النَّفَقَةِ؛؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ كَمَا لَوْ اعْتَاضَتْ عَنْ الْبُرِّ حَيْثُ وَجَبَ شَعِيرًا أَوْ دَقِيقَهُ أَوْ خُبْزَهُ جَازَ وَاحْتَرَزُوا بِالِاسْتِقْرَارِ عَنْ الْمُسَلَّمِ فِيهَا وَبِكَوْنِهِ لِمُعَيَّنٍ عَنْ طَعَامِ الْكَفَّارَةِ.

(وَبِالنُّشُوزِ) مِنْهَا (فَلْيَعُدْ) زَوْجُهَا (مَا يَبْذُلُ) أَيْ فِيمَا بَذَلَهُ أَيْ أَعْطَاهُ لَهَا مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ كِسْوَةٍ لِلْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ فَلَوْ دَفَعَ إلَيْهَا نَفَقَةَ يَوْمٍ أَوْ كِسْوَةَ فَصْلٍ فَنَشَزَتْ فِي أَثْنَائِهِ اسْتَرَدَّ مَا دَفَعَهُ إلَيْهَا زَجْرًا لَهَا.

(وَعَادَ بِالْمَوْتِ) أَيْ مَوْتِهِ أَوْ مَوْتِهَا أَوْ بِإِبَانَتِهَا فِيمَا بَذَلَهُ لَهَا (لِمَا يُسْتَقْبَلُ) مِنْ الزَّمَنِ (وَكَانَ مِلْكَهَا) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ مَلَكَتْهُ لِتَبَيُّنِ عَدَمِ اسْتِحْقَاقِهَا لَهُ.

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَذَكَرَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ) أَيْ الْمُسْتَحَقُّ عَلَى الزَّوْجِ.

(قَوْلُهُ: وَهِيَ أَحْسَنُ) كَأَنَّ وَجْهَ الْأَحْسَنِيَّةِ أَنَّ عَدَمَ الْمَنْعِ مِنْ الْوَاحِدَةِ عُلِمَ مِمَّا سَبَقَ وَالْمُحْتَاجُ إلَيْهِ بَيَانُ الْمَنْعِ مِنْ الزِّيَادَةِ.

(قَوْلُهُ أَيْ عَنْ وَاجِبِهَا الَّذِي اسْتَقَرَّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ جَوَازِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ نَفَقَةِ الْيَوْمِ قَبْلَ انْقِضَائِهِ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا لِاحْتِمَالِ سُقُوطِهَا بِنُشُوزٍ وَفِيهِ وَقْفَةٌ. اهـ. وَفِي الرَّوْضِ قَبْلَ هَذَا وَلَهَا بَيْعُ نَفَقَتِهِ الْيَوْمَ لَا الْغَدَ مِنْهُ أَيْ مِنْ زَوْجِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ لَا مِنْ غَيْرِهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ كَالرَّوْضَةِ قَدَّمَ فِي بَابِ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ جَوَازَ ذَلِكَ مُطْلَقًا أَمَّا نَفَقَةُ الْغَدِ فَلَا يَجُوزُ لَهَا بَيْعُهَا مُطْلَقًا لِعَدَمِ مِلْكِهَا. اهـ. أَيْ وَأَمَّا النَّفَقَةُ الْمَاضِيَةُ فَيَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَوْ لِغَيْرِ الزَّوْجِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ) يَنْبَغِي وَغَيْرِهِمَا كَالظُّرُوفِ م ر (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ. . . إلَخْ) إذَا عَوَّضَهَا الدَّرَاهِمَ مَثَلًا فَإِنْ عَوَّضَهَا عَنْ جَمِيعِ مَا وَجَبَ لَهَا مِنْ نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَغَيْرِهِمَا جَازَ بِشَرْطِهِ أَوْ عَنْ بَعْضِ ذَلِكَ كَالنَّفَقَةِ مَثَلًا جَازَ وَبَقِيَ الْبَاقِي عَلَى مَا كَانَ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي التَّعْوِيضِ فَقَالَ الزَّوْجُ كَانَ عَنْ الْجَمِيعِ وَقَالَتْ بَلْ عَنْ النَّفَقَةِ فَقَطْ مَثَلًا فَيَنْبَغِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهَا وَعَدَمُ بَرَاءَتِهِ مِنْهُ وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهَا دَرَاهِمَ وَقَالَ: دَفَعْتُهَا عِوَضًا وَقَالَتْ لَمْ أَرْضَ بِالتَّعْوِيضِ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا إذْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهَا بِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ دَفَعَ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنَانِ وَادَّعَى قَصْدَ أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُ هُنَاكَ لَا يُعْتَبَرُ رِضَا الدَّائِنِ، وَلَوْ تَرَاضَيَا أَنْ يَدْفَعَ دَرَاهِمَ عَنْ النَّفَقَةِ مَثَلًا فَلَهُمَا الرُّجُوعُ لَكِنْ كُلُّ مَا أُخِذَ قَبْلَ الرُّجُوعِ يَسْقُطُ بِهِ الْحَقُّ لِوُجُودِ التَّرَاضِي م ر.

ــ

[حاشية الشربيني]

الزَّكَاةُ الْمُعَجَّلَةُ. اهـ. ق ل وَغَيْرُهُ.

(قَوْله مُتَّفِقَانِ إلَخْ) وَإِنْ كَانَ مَا نَفَاهُ أَحَدُهُمَا غَيْرَ مَا أَثْبَتَهُ الْآخَرُ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: هُوَ فِيمَا يَخْتَصُّ بِالزَّوْجِ) إذْ لَا حَاجَةَ لِنَفْيِ وُجُوبِهِ عَلَيْهَا إذَا كَانَ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهَا إذْ لَا يَجِبُ لِلْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ.

(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ إلَخْ) عَطَفَ عَلَى أَنْ يَخْدُمَهَا إلَخْ.

(قَوْلُهُ: أَنْ تَعْتَاضَ إلَخْ) ، الْحَاصِلُ أَنَّ الِاعْتِيَاضَ بِالنَّظَرِ لِلنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ يَجُوزُ مِنْ الزَّوْجِ وَمِنْ غَيْرِهِ وَبِالنَّظَرِ لِمُسْتَقْبِلَةٍ لَا يَجُوزُ مِنْ الزَّوْجِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ وَبِالنَّظَرِ لِلْحَالَّةِ

ص: 392

وَإِنَّمَا مَلَكَتْهُ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْأُجْرَةَ وَالزَّكَاةَ الْمُعَجَّلَةَ أَمَّا مَا بَذَلَهُ لِذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ الْفَصْلِ فَلَا يَعُودُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ فَلَوْ وَقَعَ الْمَوْتُ أَوْ الْبَيْنُونَةُ فِي أَثْنَاءِ الْفَصْلِ قَبْلَ الْبَذْلِ اسْتَحَقَّتْ الْكُلَّ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ فِي فَتَاوِيهِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْقِيَاسُ وَحَكَى عَنْ الصَّيْمَرِيِّ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ الْقِسْطَ.

(وَمَنْ يَعْجِزُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ يَفْسَخُهُ الَّذِي قَضَى أَيْ وَالزَّوْجُ الَّذِي يَثْبُتُ عَجْزُهُ عِنْدَ قَاضٍ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ بِغَيْبَةِ مَالِهِ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ بِكَوْنِهِ مُؤَجَّلًا بِقَدْرِ مُدَّةِ إحْضَارِهِ مِنْهَا أَوْ حَالًّا عَلَى مُعْسِرٍ (عَنْ أَقَلِّ إنْفَاقٍ) وَهُوَ إنْفَاقُ الْمُعْسِرِينَ (لِحَاضِرِ الزَّمَنْ) أَيْ لِلزَّمَنِ الْحَاضِرِ (أَوْ) عَنْ أَقَلِّ (كِسْوَةٍ) وَهِيَ كِسْوَةُ الْمُعْسِرِينَ (أَوْ) عَنْ (مَسْكَنٍ) يَلِيقُ بِهَا (أَوْ) عَنْ (مَهْرِ) مُسَمًّى أَوْ مَفْرُوضٍ أَوْ مَهْرِ مِثْلٍ (قَبْلَ دُخُولِهِ) بِهَا (فَبَعْدَ الصَّبْرِ) مِنْهَا (ثَلَاثَةً) مِنْ الْأَيَّامِ بِإِمْهَالِ الْقَاضِي لَهُ وَإِنْ لَمْ يَسْتَمْهِلْهُ لِيَتَحَقَّقَ عَجْزُهُ فَإِنَّهُ قَدْ يَعْجَزُ لِعَارِضٍ، ثُمَّ يَزُولُ وَهِيَ مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ تُتَوَقَّعُ فِيهَا الْقُدْرَة بِقَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ (يَفْسَخُهُ) أَيْ نِكَاحَهُ (الَّذِي قَضَى) أَيْ الْقَاضِي بِطَلَبِ زَوْجَتِهِ (أَوْ مَكَّنَ الزَّوْجَةَ مِنْ أَنْ تَنْقُضَا) أَيْ تَنْفَسِخَ (صَبِيحَةَ الرَّابِعِ) لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ فَقَالَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فَقِيلَ لَهُ سُنَّةٌ فَقَالَ نَعَمْ سُنَّةٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنَّهُ سُنَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلِأَنَّهَا إذَا فُسِخَتْ بِالْجَبِّ وَالْعُنَّةِ فَلَأَنْ تُفْسَخَ بِعَجْزِهِ عَمَّا عَدَا الْمَهْر أَوْلَى؛ لِأَنَّ الصَّبْرَ عَنْ التَّمَتُّعِ أَسْهَلُ مِنْ الصَّبْرِ عَلَى النَّفَقَةِ وَنَحْوِهَا، وَأَمَّا فَسْخُهَا بِعَجْزِهِ عَنْ الْمَهْرِ فَكَمَا فِي عَجْزِ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ، وَالْفَسْخُ بِذَلِكَ لَا يُنْقِصُ عَدَدَ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ عَمَّا ذُكِرَ عَيْبٌ كَالْعُنَّةِ قَالَ الْإِمَامُ وَلَا حَاجَةَ إلَى إيقَاعِهِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ إثْبَاتُ حَقِّ الْفَسْخِ، وَخَرَجَ بِالْعَاجِزِ الْقَادِرُ وَلَوْ بِالْكَسْبِ حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فَلَا فَسْخَ لِانْتِفَاءِ الْعَجْزِ الْمُثْبِتِ لَهُ وَهِيَ مُتَمَكِّنَةٌ مِنْ تَحْصِيلِ حَقِّهَا بِالْحَاكِمِ أَوْ بِيَدِهَا إنْ قَدَرَتْ وَلَوْ غَابَ مُوسِرًا أَوْ لَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ فَلَا فَسْخَ بَلْ يَبْعَثُ حَاكِمُ بَلَدِهَا إلَى حَاكِمِ بَلَدِهِ لِيُطَالِبَهُ إنْ عَلِمَ مَوْضِعَهُ وَمَتَى ثَبَتَ عَجْزُهُ جَازَ الْفَسْخُ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى بَعْثٍ.

وَفَرَّقَ الْبَغَوِيّ بَيْنَ غَيْبَتِهِ وَغَيْبَةِ مَالِهِ بِأَنَّهُ إذَا غَابَ مَالُهُ فَالْعَجْزُ مِنْ جِهَتِهِ وَإِذَا غَابَ هُوَ مُوسِرًا فَقُدْرَتُهُ حَاصِلَةٌ وَالتَّعَذُّرُ مِنْ جِهَتِهَا وَلَوْ كَانَ يَجِدُ بِالْغَدَاةِ غَدَاءَهَا وَبِالْعَشِيِّ عَشَاءَهَا فَلَا فَسْخَ لِوُصُولِ وَظِيفَةِ الْيَوْمِ إلَيْهَا، وَخَرَجَ بِأَقَلِّ الْإِنْفَاقِ وَالْكِسْوَةِ عَجْزُهُ عَنْ إنْفَاقِ الْمُتَوَسِّطِينَ وَالْمُوسِرِينَ وَكِسْوَتِهِمْ فَلَا فَسْخَ بِهِ؛ لِأَنَّ وَاجِبَهُ الْآنَ وَاجِبُ الْمُعْسِرِينَ وَبِالزَّمَنِ الْحَاضِرِ عَجْزُهُ عَنْ ذَلِكَ لِلزَّمَنِ الْمَاضِي فَلَا فَسْخَ بِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ بِغَيْبَةِ مَالِهِ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ) لَا يَبْعُدُ أَنَّ غَيْبَتَهُ مَعَ مَالِهِ بِمَسَافَةِ الْقَصْر كَغَيْبَةِ مَالِهِ وَحْدَهُ بِهَا إنْ لَمْ تَكُنْ أَوْلَى فَمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَا فَسْخَ بِغَيْبَةِ الْمُوسِرِ مَحَلُّهُ فِي غَيْبَتِهِ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ: فَبَعْدَ الصَّبْرِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَالْخِيَارُ فِي الْمَهْرِ بَعْدَ الطَّلَبِ أَيْ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي عَلَى الْفَوْرِ أَيْ فَلَوْ أَخَّرَتْ الْفَسْخَ سَقَطَ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَا يَتَجَدَّدُ، وَقَدْ رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ وَقَبْلَهُ عَلَى التَّرَاخِي. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ وَعُلِمَ مِنْ كَوْنِهِ عَلَى الْفَوْرِ أَنَّهُ لَا يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَا دُونَهَا وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَيْسَ بِوَاضِحٍ بَلْ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْإِمْهَالَ هُنَا أَوْلَى لِأَنَّهَا تَتَضَرَّرُ بِتَأْخِيرِ النَّفَقَةِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ اهـ. وَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ هُوَ الْوَجْهُ م ر (قَوْلُهُ: بِطَلَبِ زَوْجَتِهِ) أَيْ وَلَوْ رَجْعِيَّةً شَرْحْ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: أَوْ مَكَّنَ الزَّوْجَةَ) يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ مِنْهَا بِدُونِ إذْنِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَابَ مُوسِرًا. . . إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَعَمْ إنْ انْقَطَعَ خَبَرًا لِغَائِبٍ ثَبَتَ لَهَا الْفَسْخُ لِأَنَّ تَعَذُّرَ النَّفَقَةِ بِانْقِطَاعِ خَبَرِهِ كَتَعَذُّرِهَا بِالْإِفْلَاسِ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْمُهَذَّبِ وَالْكَافِي وَغَيْرهِمَا وَأَقَرَّهُ. اهـ.

وَفِي الرَّوْضِ بَعْدَ هَذَا وَاخْتَارَ الْقَاضِي الطَّبَرِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ جَوَازَ الْفَسْخِ إذَا تَعَذَّرَ تَحْصُلِيهَا أَيْ فِي غَيْبَةِ الْغَائِبِ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ وَصَاحِبُ الْعُدَّةِ إنَّ

الْمَصْلَحَةَ

الْفَتْوَى بِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَتَى ثَبَتَ عَجْزُهُ جَازَ الْفَسْخُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمُهْلَةِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْعَجْزِ وَكَتَبَ أَيْضًا يَنْبَغِي بَعْدَ الْمُهْلَةِ كَالْحَاضِرِ لَا يُقَالُ لَا فَائِدَةَ فِيهَا هُنَا خُصُوصًا مَعَ بُعْدِ مَحَلِّهِ كَمَسَافَةِ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مِنْ فَوَائِدِهَا احْتِمَالُ ظُهُورِ مَالٍ لَهُ أَوْ وَكِيلٍ لَهُ أَوْ حُضُورٍ لَهُ قَبْلَ

ــ

[حاشية الشربيني]

يَجُوزُ مِنْ الزَّوْجِ لَا مِنْ غَيْرِهِ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَنْ الْبَابِلِيِّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ عَنْ مَهْرٍ) أَيْ عَنْ الْحَالِّ مِنْهُ وَكَذَا عَنْ بَعْضِهِ عَلَى الرَّاجِحِ فَإِنْ كَانَ الْإِعْسَارُ بِذَلِكَ مَوْجُودًا حَالَ الْعَقْدِ وَكَانَ التَّزْوِيجُ بِالْإِجْبَارِ لِقَاصِرَةٍ أَوْ بَالِغَةٍ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا فِي فَقْدِ الْكَفَاءَةِ إلَّا إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ أَمَةً لِأَنَّ الْمَهْرَ لِسَيِّدِهَا فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ لَمْ يَرْضَ بِالْإِعْسَارِ وَإِنْ طَرَأَ الْإِعْسَارُ بِذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ كَانَ التَّزْوِيجُ بِغَيْرِ الْإِجْبَارِ فَهُوَ مَحَلُّ مَا هُنَا. اهـ. شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ: الصَّبْرُ مِنْهَا) أَيْ حَتَّى فِي الْغَائِبِ الْمُعْسِرِ نَقَلَهُ الرَّشِيدِيُّ عَنْ سم (قَوْلُهُ: بِإِمْهَالِ الْقَاضِي لَهُ) وَإِنْ لَمْ يَسْتَمْهِلْهُ وَإِمْهَالُهُ وَاجِبٌ لَكِنَّ الَّذِي فِي م ر أَنَّ مَنْ غَابَ مَالُهُ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ لَا يَجِبُ إمْهَالُهُ إلَّا إنْ طَلَبَ الْإِمْهَالَ وَفُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُعْسِرِ بِأَنَّ هَذَا مِنْ شَأْنِهِ الْقُدْرَةُ لِتَيَسُّرِ اقْتِرَاضِهِ بِخِلَافِ الْمُعْسِرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَابَ مُوسِرًا) الْمُرَادُ بِالْمُوسِرِ هُنَا مَنْ قَدَرَ وَلَوْ عَلَى مُؤْنَةِ الْمُعْسِرِينَ، وَبِالْمُعْسِرِ خِلَافُهُ إذْ لَا فَسْخَ إلَّا بِالْعَجْزِ عَنْ مُؤْنَةِ الْمُعْسِرِينَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَابَ مُوسِرًا) عِبَارَةُ شَيْخِنَا رحمه الله فِي رِسَالَةِ الْمَنْهَجِ (فَرْعٌ)

إذَا غَابَ الزَّوْجُ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِنْفَاقِ وَهُوَ فِيهِمَا مُوسِرٌ بِمَا مَرَّ أَوْ مَجْهُولُ الْحَالِ فَلَا فَسْخَ وَإِنْ نَفِدَتْ النَّفَقَةُ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْإِعْسَارِ الْوَارِدَةِ فِيهِ السُّنَّةُ هَذَا هُوَ

ص: 393

لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ دَيْنٍ آخَرَ، وَبِقَوْلِهِ قَبْلَ دُخُولِهِ عَجْزُهُ عَنْ الْمَهْرِ بَعْدَ دُخُولِهِ فَلَا فَسْخَ بِهِ لِتَلَفِ الْمُعَوَّضِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ وَهَذَا كَبَقَاءِ الْمَبِيعِ بِيَدِ الْمُفْلِسِ وَتَلَفِهِ وَلِأَنَّ تَمْكِينَهَا قَبْلَ أَخْذِ الْمَهْرِ يَدُلُّ عَلَى رِضَاهَا بِذِمَّتِهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا الِامْتِنَاعُ بَعْدَ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا فَلَأَنْ لَا يَكُونَ لَهَا الْفَسْخُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْلَى وَفَارَقَ الْمَهْرُ الْمَذْكُورَاتِ قَبْلَهُ حَيْثُ يُفْسَخُ بِالْعَجْزِ عَنْهَا وَلَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ بِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْوَطْءِ فَإِذَا اسْتَوْفَاهُ الزَّوْجُ كَانَ تَالِفًا فَيَتَعَذَّرُ عَوْدُهُ بِخِلَافِهَا فَإِنَّهَا فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ فَلَوْ قَبَضَتْ بَعْضَ الْمَهْرِ فَلَا فَسْخَ بِعَجْزِهِ عَنْ بَقِيَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ لَهُ مِنْ الْبُضْعِ بِقِسْطِهِ فَلَوْ فَسَخَتْ لَعَادَ لَهَا الْبُضْعُ بِكَمَالِهِ لِتَعَذُّرِ الشَّرِكَةِ فِيهِ فَيُؤَدِّي إلَى الْفَسْخِ فِيمَا اسْتَقَرَّ لِلزَّوْجِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْفَسْخِ بِالْفَلَسِ لِإِمْكَانِ الشَّرِكَةِ فِي الْمَبِيعِ قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ وَاعْتَمَدَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَعَنْ الْبَارِزِيِّ خِلَافُهُ وَكَلَامُ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ يُوَافِقُهُ لِصِدْقِ الْعَجْزِ عَنْ الْمَهْرِ بِالْعَجْزِ عَنْ بَعْضِهِ وَخَرَجَ بِعَجْزِهِ عَمَّا ذُكِرَ عَجْزُهُ عَنْ الْأُدْمِ فَلَا

ــ

[حاشية العبادي]

مُضِيِّهَا م ر (قَوْلُهُ: وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا الِامْتِنَاعُ. . . إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ بَعْدَ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلْيُرَاجَعْ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْمَذْهَبُ قَالَ فِي الْأُمِّ لَا فَسْخَ مَا دَامَ مُوسِرًا أَيْ مَا دَامَ لَمْ يُعْلَمْ إعْسَارُهُ بِمَا مَرَّ وَإِنْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ وَتَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ النَّفَقَةِ مِنْهُ. اهـ. وَجَرَى ابْنُ الصَّلَاحِ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى أَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ اسْتِيفَاءُ النَّفَقَةِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ لِانْقِطَاعِ خَبَرِهِ أَوْ تَعَذُّرُهُ بِحَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ الْحَاكِمُ مِنْ جَبْرِهِ وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَالٌ فُسِخَتْ بِالْحَاكِمِ قَالُوا لِأَنَّ سِرَّ الْفَسْخِ بِالْإِعْسَارِ التَّضَرُّرُ وَهُوَ مَوْجُودٌ هُنَا وَلَوْ مَعَ الْيَسَارِ فَلَا نَظَرَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْإِعْسَارِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا إمْهَالَ هُنَا لِأَنَّ سَبَبَ الْفَسْخِ كَمَا عَلِمْت هُوَ مَحْضُ التَّضَرُّرِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِلْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ وَكَذَا لَا تَحْكِيمَ عِنْدَ فَقْدِ الْحَاكِمِ لِغَيْبَةِ الزَّوْجِ أَوْ تَعَذُّرِهِ وَانْظُرْ هَلْ لَهَا أَنْ تَسْتَقِلَّ بِالْفَسْخِ قِيَاسًا عَلَى الْفَسْخِ بِالْإِعْسَارِ حَرِّرْهُ أَمَّا إذَا غَابَ الزَّوْجُ مُعْسِرًا بِمَا مَرَّ فَلَهَا الْفَسْخُ اتِّفَاقًا بِأَنْ تَرْفَعَ إلَى الْقَاضِي فَإِذَا ثَبَتَ إعْسَارُ الزَّوْجِ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ الْآنَ وَلَوْ اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ مَا لَمْ تُصَرِّحْ بِأَنَّهُ مُسْتَنَدُهَا وَلَا يَضُرُّ عِلْمُ الْقَاضِي بِأَنَّهُ مُسْتَنَدُهَا وَلَا تَسْأَلُ عَنْ الْمُسْتَنَدِ وَيَمِينٌ مِنْهَا عَلَى أَنَّهُ الْآنَ مُعْسِرٌ وَلَوْ اسْتِصْحَابًا لِمَا كَانَ فَسَخَ أَوْ أَذِنَ لَهَا فِيهِ بِإِمْهَالٍ أَوْ دُونَهُ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ م ر وَحَجَرٍ فَإِنْ فُقِدَ الْقَاضِي فَلَا تَحْكِيمَ لِغَيْبَةِ الزَّوْجِ وَاسْتَقَلَّتْ بِالْفَسْخِ لِتَضَرُّرِهَا مَعَ عِلْمِهَا بِالْإِعْسَارِ. اهـ.

شَيْخُنَا ذ قَالَ ق ل وَالْقَادِرُ عَلَى الْكَسْبِ الْمُمْتَنِعُ مِنْهُ كَالْمُوسِرِ الْمُمْتَنِعِ قَالَهُ شَيْخُنَا م ر اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَابَ مُوسِرًا إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا غَابَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا أَوْ جُهِلَ حَالُهُ لَا فَسْخَ وَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ غَابَ مُعْسِرًا وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ بِأَنْ تَوَاصَلَتْ الْقَوَافِلُ إلَى الْأَمَاكِنِ الَّذِي يُظَنُّ وُصُولُهُ إلَيْهَا وَلَمْ تُخْبَرْ بِهِ وَلَمْ يَبْلُغْ الْعُمْرَ الْغَالِبَ نَعَمْ مَنْ غَابَ مُعْسِرًا إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ مُعْسِرٌ الْآنَ اعْتِمَادًا عَلَى إعْسَارِهِ السَّابِقِ عَلَى غَيْبَتِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُصَرِّحَ بِذَلِكَ قُبِلَتْ وَإِنْ عَلِمَهُ الْقَاضِي وَجَازَ لَهَا ذَلِكَ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ إلَّا صِحَّةُ اعْتِمَادِ بَيِّنَةِ الْمُعْسِرِ عَلَى إعْسَارِهِ السَّابِقِ بِخِلَافِ مَنْ غَابَ مُوسِرًا أَوْ مَجْهُولَ الْحَالِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بَعْدَ دُخُولِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا ذ رحمه الله لِلزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ الْفَسْخُ بِالْوَجْهِ الْآتِي إنْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَهَا الزَّوْجُ طَوْعًا أَوْ رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ وَإِلَّا فَلَا فَسْخَ وَكَرِضَاهَا بِالْإِعْسَارِ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُحَاكَمَةِ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ بِالْمَهْرِ لَا قَبْلَهَا لِأَنَّ الْإِمْسَاكَ قَبْلَهَا يَكُونُ لِتَوَقُّعِ الْيَسَارِ لَا رِضًى مِنْهَا بِالْإِعْسَارِ، وَالْحَقُّ فِي الْأَمَةِ لِسَيِّدِهَا لِأَنَّ الْمَهْرَ لَهُ فَلَا أَثَرَ لِوَطْئِهَا طَوْعًا وَلَا لِرِضَاهَا وَفِي الْمُبَعَّضَةِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَإِذَا انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْفَسْخِ نَفَذَ وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْهُ الْآخَرُ عَلَى الرَّاجِحِ وَإِذَا رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِالْإِعْسَارِ سَقَطَ خِيَارُهُ وَبَقِيَ خِيَارُ الْآخَرِ، وَلَا حَقَّ لِوَلِيِّ الْقَاصِرَةِ بَلْ يُنْتَظَرُ كَمَالُهَا وَإِنْ وُطِئَتْ طَوْعًا إذْ لَا عِبْرَةَ بِرِضَاهَا. اهـ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَظِيرِهِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ نَظِيرَ مَا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ فِيهَا دَخَلَ تَحْتَ يَدِ الْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا نَظِيرُ مَا نَحْنُ فِيهِ مَا إذَا سَلَّمَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بَعْضَ الثَّمَنِ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ تَسْلِيمُ حِصَّةِ مَا سُلِّمَ إلَيْهِ مِنْ الْمَبِيعِ أَوْ لَا الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ. اهـ. كَذَا بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ. اهـ. مَرْصِفِيٌّ (قَوْلُهُ: وَعَنْ الْبَارِزِيِّ خِلَافُهُ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: هُوَ الْوَجْهُ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. اهـ. شَرْحُ الْمِنْهَاجِ لِ م ر وَرَدَّ ابْنُ الْعِمَادِ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّ الْمَهْرَ فِي مُقَابَلَةِ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ فَلَوْ سَلَّطْنَاهُ عَلَى اسْتِيفَاءِ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ بِتَسْلِيمِ الْبَعْضِ لَأَدَّى إلَى إضْرَارِ الْمَرْأَةِ وَلَا يُزَالُ الضَّرَرُ بِالضَّرَرِ وَبِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ بِتَسْلِيمِ بَعْضِ الْعِوَضِ إذَا لَمْ يَخْشَ تَلَفَ الْبَاقِي وَمَنْفَعَةُ الْبُضْعِ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ بَعْضِهَا إلَّا بِاسْتِيفَاءِ كُلِّهَا وَبِأَنَّا لَوْ جَوَّزْنَا ذَلِكَ لَاتَّخَذَهُ الْأَزْوَاجُ ذَرِيعَةً إلَى إبْطَالِ حَقِّ الْمَرْأَةِ مِنْ حَبْسِ بُضْعِهَا بِتَسْلِيمِ دِرْهَمٍ وَاحِدٍ مِنْ صَدَاقٍ هُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَهُوَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ وَبِأَنَّهُ مَنْقُوضٌ بِمَا إذَا تَسَلَّمَ دَارًا وَسَلَّمَ

ص: 394

فَسْخَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ وَالنَّفْسُ تَقُومُ بِدُونِهِ وَكَذَا عَجْزُهُ عَنْ مُؤَنِ الْخَادِمِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ ضَرُورِيًّا وَيَثْبُتَانِ فِي الذِّمَّةِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ أَوْ مَكَّنَ الزَّوْجَةَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِوَلِيِّهَا فِي الْفَسْخِ وَلَا لِسَيِّدِهَا؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ مُتَعَلِّقٌ بِالطَّبْعِ وَالشَّهْوَةِ فَيُفَوَّضُ إلَى خِيرَةِ ذِي الْحَقِّ نَعَمْ لِلسَّيِّدِ حَقُّ الْفَسْخِ فِي الْمَهْرِ؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ حَقِّهِ.

وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَ ثُبُوتِ الْعَجْزِ مِنْ الرَّفْعِ إلَى الْقَاضِي كَمَا فِي الْعُنَّةِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ فَلَا تَسْتَقِلُّ بِهِ الزَّوْجَةُ فَلَوْ اسْتَقَلَّتْ بِهِ لَمْ يَنْفُذْ ظَاهِرًا وَهَلْ يَنْفُذُ بَاطِنًا؟ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الشَّيْخَانِ، ثُمَّ قَالَا قَالَ فِي الْبَسِيطِ وَلَعَلَّ هَذَا حَيْثُ كَانَ ثَمَّ حَاكِمٌ أَوْ مُحَكَّمٌ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ إثْبَاتُ اسْتِقْلَالِهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالرَّاجِحُ مِنْ الْوَجْهَيْنِ عَدَمُ النُّفُوذِ فَفِي النِّهَايَةِ أَنَّهُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْأَوَانِي وَالْفُرُشِ فَالْمُتَّجَهُ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي أَنَّهُ لَا فَسْخَ أَوْ عَنْ بَعْضِ الْكِسْوَةِ فَقَدْ أَطْلَقَ الْفَارِقِيُّ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ وَالْمُخْتَارُ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ كَالْقَمِيصِ وَالْخِمَارِ وَجُبَّةِ الشِّتَاءِ فَلَهَا الْفَسْخُ أَوْ مِمَّا مِنْهُ بُدٌّ كَالسَّرَاوِيلِ وَالنَّعْلِ فَلَا (بَلْ إنْ سَلَّمَا) أَيْ الزَّوْجُ النَّفَقَةَ (لَهُ) أَيْ لِلْيَوْمِ الرَّابِعِ فَلَا فَسْخَ لِتَبَيُّنِ زَوَالِ الْعَارِضِ الَّذِي كَانَ الْفَسْخُ لِأَجْلِهِ وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَقُولَ آخُذُ هَذَا عَنْ نَفَقَةِ بَعْضِ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ وَأَفْسَخُ لِعَجْزِهِ الْيَوْمَ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْأَدَاءِ بِقَصْدِ الْمُؤَدِّي فَلَوْ سَلَّمَهَا عَمَّا مَضَى فَظَاهِرُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: قَالَ فِي الْبَسِيطِ:. . . إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ فَفِي الْوَسِيطِ لَا خِلَافَ فِي اسْتِقْلَالِهَا بِالْفَسْخِ اهـ وَحِينَئِذٍ يَنْفُذُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْوَجْهُ إثْبَاتُ اسْتِقْلَالِهَا) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَإِنْ اسْتَقَلَّتْ بِالْفَسْخِ لِعَدَمِ حَاكِمٍ أَوْ مُحَكَّمٍ ثَمَّ أَوْ لِعَجْزٍ عَنْ الدَّفْعِ نَفَذَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِلضَّرُورَةِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْأَوَانِي وَالْفِرَاشِ. . . إلَخْ) لَوْ كَانَ الْعَجْزُ عَنْ الْفُرُشِ عَلَى الْإِطْلَاقِ حَتَّى عَنْ حَصِيرٍ أَوْ قِطْعَةِ لَبَدٍ

ــ

[حاشية الشربيني]

بَعْضَ الْأُجْرَةِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ تَسْلِيمُ الدَّارِ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْبَاقِي وَبِأَنَّ قَوْلَهُ لَوْ جَوَّزْنَا لِلْمَرْأَةِ الْفَسْخَ لَعَادَ إلَيْهَا الْبُضْعُ بِكَمَالِهِ يُعَارَضُ بِمِثْلِهِ وَهُوَ أَنَّا لَوْ أَجْبَرْنَا عَلَى التَّسْلِيمِ لَفَاتَ عَلَيْهَا الْبُضْعُ بِكَمَالِهِ وَبِأَنَّهُ لَا مَحْذُورَ فِي رُجُوعِ الْبُضْعِ إلَيْهَا بِكَمَالِهِ لِأَنَّ الصَّدَاقَ يُرَدُّ عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْفَسْخِ يَجِبُ عَلَيْهَا رَدُّ مَا قَبَضَتْهُ. اهـ.

بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ. اهـ. مَرْصِفِيٌّ (قَوْلُهُ وَيَثْبُتَانِ فِي الذِّمَّةِ) مَحَلُّهُ فِي نَفَقَةِ الْخَادِمِ حَيْثُ كَانَ ثَمَّ خَادِمٌ وَصَبَرَ بِهَا أَوْ اقْتَرَضَتْ لَهُ أَمَّا لَوْ مَضَتْ مُدَّةٌ مِنْ غَيْرِ اسْتِخْدَامٍ فَلَا شَيْءَ لَهَا لِمَا مَرَّ أَنَّ الْخَادِمَ إمْتَاعٌ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ فَلَوْ اسْتَقَلَّتْ بِهِ) نَقَلَ ق ل عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي ثُبُوتِ اسْتِقْلَالِهَا بِالْفَسْخِ عِنْدَ فَقْدِ الْحَاكِمِ أَوْ الْمُحَكَّمِ مِنْ تَقَدُّمِ رَفْعِهِ إلَى الْقَاضِي لِثُبُوتِ الْإِعْسَارِ وَالْإِمْهَالِ بِأَنْ فُقِدَ بَعْدَهُمَا إذْ لَا عِبْرَةَ بِمُهْلَةٍ بِلَا قَاضٍ (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَنْفُذُ بَاطِنًا) أَيْ حَتَّى إذَا ثَبَتَ إعْسَارُهُ مُتَقَدِّمًا عَلَى الْفَسْخِ إمَّا بِاعْتِرَافِ الزَّوْجِ وَإِمَّا بِبَيِّنَةٍ يُكْتَفَى بِهِ وَتُحْسَبُ الْعِدَّةُ مِنْهُ. اهـ. رَوْضَةٌ (قَوْلُهُ: بَلْ إنْ سَلَّمَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَهَا الْفَسْخُ صَبِيحَةَ الرَّابِعِ بِنَفَقَةٍ لِتَحَقُّقِ الْإِعْسَارِ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ نَفَقَتَهُ أَيْ الرَّابِعَ. اهـ.

فَيُفِيدُ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ بِنَفَقَتِهِ وَإِنْ سَلَّمَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ أَعْنِي نَفَقَةَ أَيَّامِ الْإِمْهَالِ (قَوْلُهُ عَنْ نَفَقَةِ بَعْضِ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ) مِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَتْ آخُذُهُ عَنْ نَفَقَةِ مَا مَضَى قَبْلَ الثَّلَاثَةِ وَأَفْسَخُ الْآنَ فَلَا تُجَابُ إلَّا بِرِضَاهُ فَإِنْ رَضِيَ فُسِخَتْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ حَالًا كَمَا فِي ح ل وزي (قَوْلُهُ وَأَفْسَخُ لِعَجْزِهِ الْيَوْمَ) أَيْ لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَجِبُ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فَإِذَا أَخَذْت مَا دَفَعَهُ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ عَنْ أَوَّلِ ثَلَاثَةِ الْإِمْهَالِ مَثَلًا صَارَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ الْإِمْهَالِ عَاجِزًا فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ، وَأَخْذُهَا عَمَّا مَضَى لَا يُبْطِلُ مُدَّةَ الْإِمْهَالِ لِأَنَّهَا مَضَتْ مَعَ عَجْزِهِ وَإِنَّمَا أُخِذَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَعْطَى لَهَا ابْتِدَاءً نَفَقَةَ ثَلَاثَةِ الْإِمْهَالِ جَمِيعِهَا بَعْدَ مُضِيِّهَا فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُهَا عَنْ الْفَسْخِ بِعَجْزِهِ عَنْ نَفَقَةِ الرَّابِعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُ فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَرْضَ لَمْ تُفْسَخْ إلَّا فِي الْخَامِسِ بِخِلَافِ مَا إذَا رَضِيَ فَإِنَّهَا تُفْسَخُ صَبِيحَةَ الرَّابِعِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ شَيْخِنَا ذ رحمه الله عُمُومُ مَا فِي م ر يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ هُنَا لِرِضَاهُ إذْ لَا فَسْخَ حَتَّى تَتِمَّ الثَّلَاثَةُ بِالتَّلْفِيقِ فَتُفْسَخُ صَبِيحَةَ الْخَامِسِ سَوَاءٌ رَضِيَ بِمَا أَرَادَتْهُ أَوْ لَا فَلْيُحَرَّرْ. اهـ.

لِمَا عَرَفْت أَنَّهَا تَفْسَخُ صَبِيحَةَ الرَّابِعِ لِأَخْذِهَا مَا دَفَعَهُ عَنْ الدَّيْنِ وَحُسْبَانِ مُدَّةِ الْإِمْهَالِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ وَإِنَّ الثَّالِثَ يُسَلِّمُ فِيهِ نَفَقَتَهُ فَإِنَّ قَوْلَهُ يُسَلِّمُ فِيهِ يُخْرِجُ مَا لَوْ سَلَّمَ عَنْهُ بَعْدَ مُضِيِّهِ وَأَيْضًا الْفَسْخُ مَعَ التَّلْفِيقِ لَيْسَ فِيهِ هَذَا الْخِلَافُ وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْفَسْخِ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ كَمَا فِي شَرْحِ الْعِرَاقِيِّ وَعِبَارَتُهُ فَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى جَعْلِ الْمَأْخُوذِ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ عَمَّا مَضَى فَفِي فَسْخِهَا فِي الرَّابِعِ احْتِمَالَانِ لِلرَّافِعِيِّ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَ الرَّوْضِ كَشَرْحِ م ر وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ نَفَقَةَ يَوْمٍ قُدِّرَ فِيهِ عَنْ يَوْمٍ قَبْلَهُ عَجَزَ فِيهِ فَإِنْ تَرَاضَيَا فَاحْتِمَالَانِ أَرْجَحُهُمَا نَعَمْ عِنْدَ تَمَامِ الْمُدَّةِ بِالتَّلْفِيقِ لِأَنَّ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا فُعِلَ ذَلِكَ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الْإِمْهَالِ وَمَا هُنَا فِيمَا بَعْدَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ:

ص: 395

كَلَامِهِمْ أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ رَجَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَكْسَهُ وَلِلرَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ احْتِمَالَانِ وَإِنْ سَلَّمَهَا عَنْ الرَّابِعِ وَعَجَزَ عَنْهَا فِي الْخَامِسِ أَوْ السَّادِسِ (فَفِي الْخَامِسِ) أَوْ السَّادِسِ يَفْسَخُ (أَيٌّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْقَاضِي أَوْ الزَّوْجَةِ كَمَا مَرَّ وَلَا تُسْتَأْنَفُ الْمُدَّةُ لِتَضَرُّرِهَا (وَإِنْ لِثَالِثٍ) أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَيَّامِ الْمُهْلَةِ (يُسَلِّمْ) فِيهِ نَفَقَتَهُ لَهَا وَيَعْجَزُ عَنْهَا فِي الرَّابِعِ (تَبْنِي) بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ عَلَى الْيَوْمَيْنِ الْمَاضِيَيْنِ وَلَا تَسْتَأْنِفُهَا لِتَضَرُّرِهَا وَتَفْسَخُ فِي الْخَامِسِ وَلَوْ عَجَزَ فِي يَوْمٍ وَقَدَرَ فِي الثَّانِي وَعَجَزَ فِي الثَّالِثِ وَقَدَرَ فِي الرَّابِعِ لُفِّقَتْ أَيَّامُ الْعَجْزِ فَإِذَا تَمَّتْ مُدَّةُ الْمُهْلَةِ كَانَ لَهَا الْفَسْخُ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَبْسُهَا أَيَّامَ الْمُهْلَةِ بَلْ لَهَا الْخُرُوجُ لِتَحْصِيلِ الْمُؤْنَةِ وَعَلَيْهَا أَنْ تَرْجِعَ إلَى الْمَسْكَنِ لَيْلًا قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَيْسَ لَهَا مَنْعُهُ مِنْ التَّمَتُّعِ بِهَا وَقَالَ الْبَغَوِيّ لَهَا مَنْعُهُ قَالَ الشَّيْخَانِ وَهُوَ أَقْرَبُ وَلَا نَفَقَةَ لِزَمَنِ الِامْتِنَاعِ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ مِنْ عَدَمِ الْمَنْعِ مَحَلُّهُ فِي اللَّيْلِ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ سِيَاقُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ وَالْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي وَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ مَرْدُودٌ فَإِنَّهُ أَطْلَقَ عَدَمَ وُجُوبِ الْمُلَازَمَةِ وَالتَّمْكِينِ وَلَمْ يَخُصَّ اللَّيْلَ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فَيَتَرَجَّحُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ وَالْمَاوَرْدِيِّ اهـ.

وَلَوْ رَضِيَتْ بِعَجْزِهِ، ثُمَّ رَجَعَتْ عَنْ رِضَاهَا اسْتَأْنَفَتْ الْمُدَّةَ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَبِرُجُوعٍ عَنْ رِضًى تُثَنِّي) مُدَّةَ الْإِمْهَالِ لِتَعَلُّقِهَا بِطَلَبِهَا فَيَسْقُطُ أَثَرُهَا بِرِضَاهَا (خِلَافَ الْإِيلَاءِ) فَإِنَّهَا إذَا رَضِيَتْ بِالْمُقَامِ مَعَهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ بِلَا وَطْءٍ، ثُمَّ رَجَعَتْ لَا تُسْتَأْنَفُ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ لِطُولِهَا وَلِعَدَمِ تَوَقُّفِهَا عَلَى طَلَبِهَا لِلنَّصِّ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْمُدَّةِ هُنَا (وَالرِّضَى) بِعَجْزِهِ (لِلْأَبَدِ) بِأَنْ قَالَتْ رَضِيت بِعَجْزِهِ أَبَدًا (لَا يَلْزَمُ الْوَفَا) بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ وَعْدٍ فَلَهَا الْفَسْخُ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا فِي نَظِيرِهِ فِي الْإِيلَاءِ وَكَذَا لَوْ نَكَحَتْهُ عَالِمَةً بِعَجْزِهِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَهْرِ لِتَجَدُّدِ الضَّرَرِ بِخِلَافِ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لَا يَتَجَدَّدُ.

(وَمِلْكُ السَّيِّدِ مُنْفَقُ مَمْلُوكَتِهِ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ وَنَفَقَةُ الْأَمَةِ الْوَاجِبَةُ عَلَى الزَّوْجِ مِلْكٌ لِسَيِّدِهَا فَإِنَّهَا لَا تَمْلِكُ (وَأُهِّلَا) أَيْ سَيِّدِهَا (لِأَخْذِهِ) أَيْ مُنْفَقِهَا مِنْ الزَّوْجِ أَوْ مِنْهَا بَعْدَ قَبْضِهَا لَهُ (وَبَيْعِهِ) وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ بِسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَهْلًا لِلْمِلْكِ لَكِنَّهُ إنَّمَا يُتَصَرَّفُ فِيهِ (إنْ أَبْدَلَا) بِهِ غَيْرَهُ أَيْ أَعْطَاهَا بَدَلَهُ فَإِنَّ نَفَقَتَهَا وَإِنْ كَانَتْ لَهُ بِحَقِّ الْمِلْكِ لَكِنْ لَهَا فِيهَا حَقُّ التَّوَثُّقِ كَمَا أَنَّ كَسْبَ الْعَبْدِ مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ وَيَتَعَلَّقُ بِهِ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ فَإِنْ لَمْ يُبْدِلْهُ بِغَيْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَهَا قَبْضُهُ وَتَنَاوُلُهُ؛ لِأَنَّهَا كَالْمَأْذُونَةِ فِي الْقَبْضِ بِحُكْمِ التَّزْوِيجِ وَفِي تَنَاوُلِهِ بِحُكْمِ الْعُرْفِ وَإِذَا عَجَزَ زَوْجُهَا وَأَرَادَتْ الْفَسْخَ فَلَا اعْتِرَاضَ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهَا وَإِنْ تَرَكَتْهُ فَلَا فَسْخَ لَهُ كَمَا مَرَّ وَلَا يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا بَلْ يَقُولُ.

ــ

[حاشية العبادي]

تَجْلِسُ عَلَيْهَا بِحَيْثُ يَلْزَمُ جُلُوسُهَا عَلَى الْأَرْضِ الْبَارِدَةِ أَوْ الْحَارَّةِ عَلَى وَجْهٍ يَضُرُّ كَانَ عَدَمُ الْفَسْخِ هُنَا فِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ (قَوْلُهُ: إنَّ لَهَا الْفَسْخَ) اعْتَمَدَهُ م ر وَالْمُرَادُ عِنْدَ تَمَامِ الثَّلَاثِ بِالتَّلْفِيقِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ شَرْحَ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَكْسَهُ) وَلِجَعْلِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا مُبْطِلَةً لِلْمُهْلَةِ لِتَحْصِيلِ الْمُؤْنَةِ وَإِنْ قَدَرَتْ عَلَى الْإِنْفَاقِ بِمَالِهَا أَوْ الْكَسْبِ فِي بَيْتِهَا شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: قَالَ الشَّيْخَانِ: وَهُوَ أَقْرَبُ) الْمُتَّجَهُ الْجَمْعُ بِأَنَّ لَهَا الْمَنْعَ فِي وَقْتِ تَحْصِيلِ الْمُؤْنَةِ دُونَ غَيْرِهِ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا فِيهِمَا م ر (قَوْلُهُ: فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ) أَيْ لِأَنَّهُ بَنَى الْمَنْعَ عَلَى عَدَمِ لُزُومِ الْمُلَازَمَةِ مُطْلَقًا وَهُوَ مَرْدُودٌ لِأَنَّ الْمُلَازَمَةَ تَجِبُ لَيْلًا هَذَا مُرَادُ الْإِسْنَوِيِّ بِرّ.

(قَوْلُهُ: لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ) أَيْ الرِّضَا نَعَمْ تَسْقُطُ بِهِ الْمُطَالَبَةُ بِنَفَقَةِ يَوْمِهِ وَيُمْهَلُ بَعْدَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ مَا مَضَى مِنْ الْمُهْلَةِ ح ج (قَوْلُهُ فَلَهَا الْفَسْخُ) أَيْ بَعْدَ الْإِمْهَالِ وَلَا يُعْتَدُّ بِالْإِمْهَالِ الْمَاضِي لِبُطْلَانِهِ بِالرِّضَى كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَيُسْتَثْنَى يَوْمُ الرِّضَى فَلَا خِيَارَ لَهَا فِيهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ وَحَكَاهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَلْيُتَأَمَّلْ، مَفْهُومُ قَوْلِهِ يَوْمَ الرِّضَى مَعَ أَنَّ الرِّضَى يُبْطِلُ الْمُهْلَةَ وَيُحْوِجُ إلَى تَجْدِيدِهَا وَكَانَ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ يَوْمُ الرِّضَى بَعْدَ الرُّجُوعِ مِنْ مُدَّةِ الْمُهْلَةِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ الَّذِي) أَيْ الشَّخْصُ الَّذِي (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ) أَيْ

ــ

[حاشية الشربيني]

أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ) أَيْ فِي الرَّابِعِ وَهُوَ مَحَلُّ الِاحْتِمَالَيْنِ لِلرَّافِعِيِّ كَمَا فِي شَرْحِ الْعِرَاقِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لِثَالِثٍ إلَخْ) الضَّابِطُ أَنَّهُ مَتَى أَنْفَقَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَوَالِيَةٍ اسْتَأْنَفَتْ وَإِلَّا فَتَبْنِي. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: عَدَمُ وُجُوبِ الْمُلَازَمَةِ) أَيْ لِلْمَسْكَنِ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا عَجَزَ زَوْجُهَا) أَيْ عَنْ النَّفَقَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَجَزَ عَنْ الْمَهْرِ فَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فِي

ص: 396

لَهَا افْسَخِي أَوْ اصْبِرِي عَلَى الْجُوعِ وَبِهَذَا الطَّرِيقِ يُلْجِئُهَا إلَى الْفَسْخِ (تَنْبِيهٌ)

لَوْ كَانَتْ أَمَةُ الْمُوسِرِ زَوْجَةَ أَحَدِ أُصُولِهِ الَّذِينَ يَلْزَمُهُ إعْفَافُهُمْ فَمُؤْنَتُهَا عَلَيْهِ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ ثَمَّةَ حِينَئِذٍ فَلَا فَسْخَ لَهُ وَلَا لَهَا وَأُلْحِقَ بِهَا نَظَائِرُهَا كَمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ بِعَبْدِهِ وَاسْتَخْدَمَهُ.

، ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ فَقَالَ (وَيَلْزَمُ الْفَاضِلَ) أَيْ الَّذِي فَضَلَ (عَنْ تَقَوُّتِهْ) بِمَعْنَى قُوتِهِ (وَ) قُوتِ (عِرْسِهِ) أَيْ زَوْجَتِهِ إنْ كَانَتْ (لِيَوْمِهِ وَلَيْلَتِهْ لِفَرْعِهِ) وَإِنْ نَزَلَ (وَأَصْلِهِ) وَإِنْ عَلَا (مُقِلَّا) أَيْ عَاجِزًا كُلٌّ مِنْهُمَا عَمَّا يَكْفِيهِ (وَلَوْ) كَانَ (كَسُوبًا) وَلَمْ يَكْتَسِبْ أَوْ مُخَالِفًا فِي الدِّينِ أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ (مَا بِهِ اسْتَقَلَّا) هَذَا تَنَازَعَهُ يَلْزَمُ وَالْفَاضِلُ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ وَقَوْلُهُ لِيَوْمِهِ صِلَةُ تَقَوُّتِهِ وَقَوْلُهُ لِفَرْعِهِ صِلَةُ يَلْزَمُ وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ التَّقَوُّتِ بِالْحَاجَةِ كَانَ أَوْلَى وَالْأَصْلُ فِي لُزُومِ نَفَقَةِ الْفَرْعِ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] إذْ إيجَابُ الْأُجْرَةِ لِإِرْضَاعِ الْأَوْلَادِ يَقْتَضِي إيجَابَ مُؤَنِهِمْ «وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِهِنْدٍ خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفِي لُزُومِ نَفَقَةِ الْأَصْلِ قَوْله تَعَالَى {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15] وَخَبَرُ «أَطْيَبُ مَا يَأْكُلُ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَوَلَدُهُ مِنْ كَسْبِهِ فَكُلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْقِيَاسُ عَلَى الْفَرْعِ بِجَامِعِ الْبَعْضِيَّةِ بَلْ هُوَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْأَصْلِ أَعْظَمُ وَالْفَرْعُ بِالتَّعَهُّدِ وَالْخِدْمَةُ أَلْيَقُ، وَاعْتُبِرَ فِي لُزُومِ نَفَقَتِهِمَا أَنْ تَكُونَ فَاضِلَةً عَمَّا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ عَلَى سَبِيلِ الْمُوَاسَاةِ وَمَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ شَيْءٌ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا بِخِلَافِ مَنْ فَضَلَ عَنْهُ سَوَاءٌ فَضَلَ بِالْكَسْبِ أَمْ بِغَيْرِهِ حَتَّى يَلْزَمَ الْكَسُوبَ كَسْبُهَا كَمَا يَلْزَمُهُ كَسْبُ نَفَقَةِ نَفْسِهِ وَيُبَاعُ فِيهَا مَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ مِنْ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ، وَهَلْ يُبَاعُ مِنْ الْعَقَارِ كُلَّ يَوْمٍ جُزْءٌ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ أَوْ يُقْتَرَضُ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَجْتَمِعَ مَا يَسْهُلُ بَيْعُهُ وَجْهَانِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: رَجَّحَ النَّوَوِيُّ فِي نَظِيرِهَا مِنْ مَسْأَلَةِ النَّفَقَةِ عَلَى الْعَبْدِ الثَّانِي فَلْيُرَجَّحْ هُنَا وَقَضِيَّةُ قَوْلِ النَّظْمِ وَلَوْ كَسُوبًا أَنَّ الْفَرْعَ الْكَامِلَ إذَا وَجَدَ كَسْبًا يَلِيقُ بِهِ يَلْزَمُ الْأَصْلَ نَفَقَتُهُ وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ لَكِنَّ الَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ فِي شَرْحَيْهِ تَرْجِيحُ عَدَمِ لُزُومِهَا لَهُ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ وَأَصْلِ الرَّوْضَةِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ لِعِظَمِ حُرْمَةِ الْأَصْلِ وَلِأَنَّ فَرْعَهُ مَأْمُورٌ بِمُصَاحَبَتِهِ بِالْمَعْرُوفِ وَلَيْسَ مِنْهَا تَكْلِيفُهُ الْكَسْبَ.

قَالَ الْأَذْرَعِيُّ، وَقَدْ ذَكَرُوا فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ أَنَّ مَنْ لَمْ تَجْرِ عَادَتُهُ بِالْكَسْبِ أَوْ جَرَتْ بِهِ لَكِنَّهُ يَشْتَغِلُ بِالْعِلْمِ وَلَوْ اكْتَسَبَ لَانْقَطَعَ عَنْهُ تَحِلُّ لَهُ الزَّكَاةُ فَلْتَجِبْ نَفَقَتُهُ، وَخَرَجَ بِفَرْعِهِ وَأَصْلِهِ أَيْ الْحُرَّيْنِ فَرْعُهُ وَأَصْلُهُ الرَّقِيقَانِ وَلَوْ مُكَاتَبَيْنِ وَإِخْوَتُهُ وَأَخَوَاتُهُ وَنَحْوُهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَا مُبَعَّضَيْنِ لَزِمَهُ نَفَقَتُهُمَا بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِمَا أَوْ هُوَ مُبَعَّضٌ فَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَسِيطِ الظَّاهِرِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمَا وَصَحَّحَ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ لُزُومَ نَفَقَةٍ تَامَّةٍ وَالْمُرَادُ بِمَا يَسْتَقِلُّ بِهِ مَا يَتَمَكَّنُ بِهِ مِنْ التَّرَدُّدِ وَالتَّصَرُّفِ وَلَا يَجِبُ الْإِشْبَاعُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَلَا يَكْفِي مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ وَيَجِبُ أَيْضًا الْأُدْمُ وَالْكِسْوَةُ وَالسُّكْنَى وَمُؤْنَةُ الْخَادِمِ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ وَأُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَثَمَنُ الْأَدْوِيَةِ فَالْمُعْتَبَرُ الْكِفَايَةُ وَهِيَ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ سَبِيلُ الْمُوَاسَاةِ لِدَفْعِ الْحَاجَةِ فَيُعْتَبَرُ حَالُهُ فِي السِّنِّ وَالرَّغْبَةِ وَالزَّهَادَةِ.

وَلَوْ اسْتَغْنَى فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ بِضِيَافَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَمْ تَجِبْ وَلَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ وَجَبَ الْإِبْدَالُ وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَهَا بِنَفْسِهِ

ــ

[حاشية العبادي]

زَوْجَتُهُ (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ مَا بِهِ اسْتَقَلَّا (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى) لِيَشْمَلَ غَيْرَ الْقُوتِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ قَوْلِ النَّظْمِ. . . إلَخْ) بَلْ قَضِيَّتُهُ مَعَ مُلَاحَظَةِ قَوْلِ الشَّارِحِ السَّابِقِ سَوَاءٌ فَضَلَ بِالْكَسْبِ أَمْ بِغَيْرِهِ. . . إلَخْ. أَنَّهُ يَلْزَمُ الْأَصْلَ كَسْبُهَا لِلْفَرْعِ الْمُكْتَسَبِ وَقَضِيَّةُ ضَعْفِ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَصْلِ فَقَطْ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْفَرْعَ كَسْبُهَا لِلْأَصْلِ الْمُكْتَسَبِ إذَا لَمْ يَكْتَسِبْ (قَوْلُهُ: فَلْتَجِبْ نَفَقَتُهُ) الْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْوُجُوبِ فِي صُورَةِ الِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ وَالْفَرْقُ أَنَّ بَابَ الزَّكَاةِ أَوْسَعُ مِنْ بَابِ الْإِنْفَاقِ م ر (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ الْإِشْبَاعُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ الْمُبَالَغَةُ فِيهِ أَمَّا الشِّبَعُ فَوَاجِبٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: لِمَرَضٍ أَوْ زَمَانَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا اهـ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَغْنَى. . . إلَخْ) وَكَالِاسْتِغْنَاءِ فِيمَا يَظْهَرُ مَا لَوْ شَغَلَهُ الْمَرَضُ عَنْ نَحْوِ الْأَكْلِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَهَا بِنَفْسِهِ) اُنْظُرْ التَّلَفَ بِتَقْصِيرٍ

ــ

[حاشية الشربيني]

غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ وَلِلْمُبَعَّضَةِ الْفَسْخُ بِالْمَهْرِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْفَسْخِ بِبَعْضِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ.

(قَوْلُهُ: وَقُوتِ عِرْسِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ فَاضِلًا عَنْ نَفَقَةِ الْمُعْسِرِينَ فَلَوْ مَلَكَ مُدَّيْنِ أَعْطَى الزَّوْجَةَ مُدًّا وَالْبَاقِي لِلْقَرِيبِ. اهـ. ح ل فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَقُوتُ عِرْسِهِ) مِثْلُهَا خَادِمُهَا وَكَالزَّوْجَةِ الْمُسْتَوْلَدَةُ. اهـ. عَمِيرَةُ عَنْ الْخَادِمِ وَهُوَ فِي شَرْحِ م ر وَهَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ هُمْ الْمُرَادُ بِالْعِيَالِ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: لِيَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ) فَيُعْتَبَرُ الْيَسَارُ عِنْدَ فَجْرِ كُلِّ يَوْمٍ وَلَا يُعْتَبَرُ الْفَضْلُ عَنْ كِفَايَةِ الْعُمْرِ الْغَالِبِ هُنَا بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الزَّوْجَةِ نَظَرًا لِحُرْمَةِ الْبَعْضِيَّةِ وَلِعَدَمِ الدَّيْنِيَّةِ بِفَوَاتِهَا كَمَا سَيَأْتِي فَكُلُّ مُوسِرٍ فِي الزَّوْجَةِ مُوسِرٌ هُنَا وَلَا عَكْسَ. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: فَنَازَعَهُ يَلْزَمُ وَالْفَاضِلُ) أَيْ يَلْزَمُ الشَّخْصَ الَّذِي فَضَلَ عَنْ تَقَوُّتِهِ مَا اسْتَقَلَّ بِهِ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ ذَلِكَ الَّذِي اسْتَقَلَّ بِهِ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ (قَوْلُهُ: مِنْ عَقَارٍ إلَخْ) أَيْ إذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ. اهـ. ق ل وَفِي شَرْحِ م ر أَنَّهُ يُبَاعُ لَهَا مَسْكَنُهُ وَإِنْ احْتَاجَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ الْإِشْبَاعُ) أَيْ الْمُبَالَغَةُ فِيهِ وَأَمَّا إشْبَاعُهُ فَوَاجِبٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ. اهـ.

ص: 397

لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ بَدَلُهَا إذَا أَيْسَرَ، وَقَدْ جَمَعَ النَّاظِمُ فِي كَلَامِهِ الْآتِي بَيْنَ الْمُنْفِقِينَ وَالْمُنْفَقِ عَلَيْهِمْ فَإِذَا كَانَ لِمُحْتَاجٍ فَرْعٌ وَأَصْلٌ مُوسِرَانِ أَوْ لِمُوسِرٍ فَرْعٌ وَأَصْلٌ مُعْسِرَانِ وَلَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ إلَّا مَا يَكْفِي أَحَدَهُمَا قُدِّمَ فِيهِمَا (الْفَرْعُ)

وَإِنْ نَزَلَ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ أَوْلَى بِالْقِيَامِ بِشَأْنِ أَصْلِهِ لِعِظَمِ حُرْمَتِهِ وَفِي الثَّانِي إنْ كَانَ صَغِيرًا فَلِلْآيَةِ السَّابِقَةِ وَلِشِدَّةِ حَاجَتِهِ أَوْ بَالِغًا فَبِالْقِيَاسِ عَلَى الصَّغِيرِ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْبَالِغِ بَعْضُ شُرَّاحِ الْحَاوِي وَهُوَ وَجْهٌ وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي بَابِ زَكَاةِ الْفِطْرِ تَقْدِيمُ الْأَصْلِ وَحَكَيَا هُنَا عَنْ اخْتِيَارِ الْقَفَّالِ اسْتِوَاءَهُمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَإِنْ كَانَ الْفَرْعُ صَغِيرًا وَالْأَصْلُ مَجْنُونًا أَوْ زَمِنًا فَيَنْبَغِي اسْتِوَاؤُهُمَا (ثُمَّ) بَعْدَ الْفَرْعِ (الْأَصْلُ) وَإِنْ عَلَا (ثُمَّ) إنْ كَانَ فَرْعَانِ أَوْ أَصْلَانِ قُدِّمَ (الْأَقْرَبُ) ؛ لِأَنَّ الْقُرْبَ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ مِنْ الْإِرْثِ وَالْأَوْلَى حَذْفُ ثُمَّ إذْ لَا تَرْتِيبَ بَيْنَ الْأَقْرَبِ وَمَا قَبْلَهُ إلَّا بِتَكَلُّفٍ وَإِنَّمَا هُوَ بَدَلٌ مِنْهُ (فَوَارِثٌ) أَيْ فَإِنْ اسْتَوَيَا قُرْبًا قُدِّمَ الْوَارِثُ (مِنْ ذَيْنِ) أَيْ مِنْ الْفَرْعِ وَالْأَصْلِ لِقُوَّةِ قَرَابَتِهِ وَقَوْلُهُ مِنْ ذَيْنِ تَنَازَعَهُ الْأَقْرَبُ وَوَارِثٌ و (قُدِّمَ الْأَبُ وَقُدِّمَتْ آبَاؤُهُ أَعْنِي عَلَى أُمٍّ) فِي الْإِعْطَاءِ؛ لِأَنَّهُمْ أَقْدَرُ عَلَى الْقِيَامِ وَلِأَنَّ الْمُنْفَقَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ صَغِيرًا فَلِلْآيَةِ السَّابِقَةِ أَوْ بَالِغًا فَلِلِاسْتِصْحَابِ (وَفِي الْأَخْذِ بِعَكْسٍ جُعِلَا) فَتُقَدَّمُ الْأُمُّ عَلَى الْأَبِ وَآبَائِهِ لِزِيَادَةِ عَجْزِهَا وَتَأَكُّدِ حَقِّهَا بِالْحَمْلِ وَالْوَضْعِ وَالرَّضَاعِ وَالتَّرْبِيَةِ وَتَقَدَّمَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ أَنَّهُ يُقَدَّمُ فِيهَا الْأَبُ عَلَى الْأُمِّ وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ثَمَّةَ (وَلِلتَّسَاوِي بِالسَّوَاءِ) أَيْ وَلِتَسَاوِي الْمُحْتَاجِينَ أَوْ الْمُنْفِقِينَ قُرْبًا مَعَ الْإِرْثِ أَوْ عَدَمِهِ فِي غَيْرِ مَا مَرَّ فِي الْأَبِ وَالْأُمِّ (وَزِّعَا) عَلَيْهِمْ الْوَاجِبُ فِي الْإِعْطَاءِ وَالْأَخْذِ بِالسَّوَاءِ وَإِنْ وَقَعَ تَفَاوُتٌ فِي الْيَسَارِ نَعَمْ إنْ تَفَاوَتُوا فِي الْإِرْثِ فَهَلْ يُوَزَّعُ عَلَيْهِمْ بِالسَّوَاءِ أَوْ بِحَسَبِ الْإِرْثِ وَجْهَانِ الْأَكْثَرُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَلَى الْأَوَّلِ فِي تَفَاوُتِ الْمُحْتَاجِينَ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ وَاخْتَارَ فِي الْعُجَابِ فِي تَفَاوُتِ الْمُنْفِقِينَ الثَّانِيَ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ أَيْضًا وَهُوَ قِيَاسُ مَا رُجِّحَ فِيمَنْ لَهُ أَبَوَانِ وَقُلْنَا نَفَقَتُهُ عَلَيْهِمَا لَكِنَّ قَوْلَ النَّظْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِالسَّوَاءِ يَقْتَضِي اخْتِيَارَ الْأَوَّلِ (وَلِلْقَلِيلِ) الَّذِي (لَا يَسُدُّ) مَسَدًّا بِتَوْزِيعِهِ بَيْنَ الْمُتَسَاوِيَيْنِ الْمُحْتَاجِينَ (أُقْرِعَا) بَيْنَهُمْ.

(وَيَسْتَقِرُّ ذَا) أَيْ وَاجِبُ الْقَرِيبِ فِي ذِمَّةِ مَنْ تَلْزَمُهُ النَّفَقَةُ (بِفَرْضِ الْقَاضِي) يُطَالِبُ بِهَا عَنْ الْمَاضِي كَمَا يُطَالِبُ بِهَا عَنْ الْحَالِ وَهَذَا مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ وَوَجِيزِهِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ وَالْبَنْدَنِيجِيُّ وَجَمَاعَاتٌ كَثِيرَةٌ حَتَّى الْغَزَالِيُّ فِي تَحْصِينِ الْمَآخِذِ أَنَّهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ بَدَلُهَا إذَا أَيْسَرَ) بَحَثَ الْأَذْرَعِيُّ اسْتِثْنَاءَ السَّفِيهِ قَالَ: لِأَنَّ الْمُنْفِقَ مُقَصِّرٌ حَيْثُ دَفَعَ إلَيْهِ وَلَمْ يَتَعَاطَ الصَّرْفَ بِنَفْسِهِ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ يَضْمَنُ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ كَالْوَدِيعَةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا بِالْإِتْلَافِ وَلَا يُقَالُ قَدْ سَلَّطَهُ الدَّافِعُ عَلَى إتْلَافِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَى إتْلَافِهِ بِغَيْرِ الْأَكْلِ م ر (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ صَغِيرًا) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَلَهُ أَيْ لِلْوَلِيِّ حَمْلُ الصَّغِيرِ عَلَى الِاكْتِسَابِ إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ كَسْبِهِ فَإِنْ تَرَكَ الصَّغِيرُ الِاكْتِسَابَ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ أَوْ هَرَبَ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى وَلِيِّهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: تَقْدِيمُ الْأَصْلِ) اُنْظُرْ لَوْ كَانَ الْفَرْعُ الْبَالِغُ مَجْنُونًا دُونَ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ فَيَنْتَفِي اسْتِوَاؤُهُمَا) فَيَأْتِي فِيهِ مَا يَأْتِي فِي الِاسْتِوَاءِ (قَوْلُهُ: بِالسَّوَاءِ) أَصْلُهُ وَزِّعَا الْآتِيَ (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ فِي الْعُجَابِ فِي تَفَاوُتِ الْمُنْفِقِينَ الثَّانِيَ) اعْتَمَدَ فِي الرَّوْضِ الْأَوَّلَ فَقَالَ أَنْفَقَا بِالسَّوَاءِ وَلَا تُوَزَّعُ عَلَى قَدْرِ الْإِرْثِ. اهـ. ثُمَّ قَالَ: الْأَمْثِلَةُ ابْنٌ وَبِنْتٌ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ إلَى أَنْ قَالَ ابْنٌ وَخُنْثَى أَوْ بِنْتٌ وَخُنْثَى سَوَاءٌ. اهـ. فَانْظُرْ حُكْمَ ذَلِكَ إذَا قُلْنَا بِالثَّانِي هَلْ يُنْفِقَانِ سَوَاءً، ثُمَّ إنْ بَانَ الْخُنْثَى أُنْثَى رَجَعَ فِي الْأُولَى عَلَى الِابْنِ بِالسُّدُسِ مُطْلَقًا أَوْ أَنْ أَذِنَ الْقَاضِي أَوْ أَشْهَدَ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ أَوْ لَا يَلْزَمُ الْخُنْثَى فِي الْأُولَى وَالْبِنْتَ فِي الثَّانِيَةِ غَيْرُ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ وَعَلَى هَذَا فَهَلْ يَلْزَمُ الِابْنَ فِي الْأُولَى الثُّلُثَانِ، ثُمَّ يَرْجِعُ بِالسُّدُسِ إنْ بَانَ الْخُنْثَى ذَكَرًا وَهَلْ يُوقَفُ الثُّلُثُ فِي الثَّانِيَةِ إلَى تَبَيُّنِ ذُكُورَةِ الْخُنْثَى فَيَلْزَمُهُ أَوْ أُنُوثَتِهِ فَيَلْزَمُهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَإِنْ تَضَرَّرَ الْمُنْفِقُ عَلَيْهِ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: مِنْ مَالِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ لَهَا ذَلِكَ إلَّا إذَا امْتَنَعَ الْأَبُ أَوْ غَابَ وَلَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ. اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: قُدِّمَ الْوَارِثُ) كَابْنِ ابْنٍ مَعَ ابْنِ بِنْتٍ فِي الْفُرُوعِ وَأَبِ الْأَبِ مَعَ أَبِ الْأُمِّ فِي الْأُصُولِ النَّفَقَةُ عَلَى الْأَوَّلِ أَوَّلَهُ؛ لِأَنَّهُ الْوَارِثُ بِتَقْدِيرِ مَوْتِ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ أَوْ الْمُنْفِقِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: قُدِّمَ الْوَارِثُ) أَيْ بِتَقْدِيرِ مَوْتِ الْمُنْفِقِ أَوْ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَقُدِّمَ الْأَبُ) فِي ق ل وَإِنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ. اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْمُنْفِقَ أَبُو الْأُمِّ مَعَ وُجُودِهَا وَفِيهِ نَظَرٌ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: أَعْنِي عَلَى الْأُمِّ) أَيْ وَعَلَى آبَائِهَا أَيْضًا لِعَدَمِ إرْثِهِمْ، وَقَدْ يُقَالُ هَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ فَوَارِثٌ (قَوْلُهُ: فِيهَا) أَيْ فِي الْإِخْرَاجِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَلِلتَّسَاوِي بِالسَّوَاءِ) يُفِيدُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْأَوْلَادِ سَوَاءٌ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّ الصَّغِيرَ يُقَدَّمُ عَلَى الْكَبِيرِ وَتَسْوِيَةُ الْحَاوِي بَيْنَ الْفُرُوعِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ وَقَعَ تَفَاوُتٌ فِي الْيَسَارِ) أَيْ فِي الْمُعْطِينَ وَلَا يَظْهَرُ فِي الْآخِذِينَ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: الْعُجَابِ) اسْمُ شَرْحِ الْحَاوِي لِمُصَنَّفِهِ (قَوْلُهُ: الثَّانِي) مُعْتَمَدُ م ر (قَوْلُهُ: الثَّانِي) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِإِشْعَارِ زِيَادَةِ الْإِرْثِ بِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ. اهـ. مَحَلِّيٌّ (قَوْلُهُ: وَقُلْنَا نَفَقَتُهُمَا عَلَيْهِمَا) فَالْمُرَجَّحُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا أَنَّ ثُلُثَيْ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَبِ وَثُلُثَهَا عَلَى الْأُمِّ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى الْأَبِ.

(قَوْلُهُ: بِفَرْضِ الْقَاضِي) وَلَا بُدَّ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ.

ص: 398

لَا يَسْتَقِرُّ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُوَاسَاةٌ وَإِمْتَاعٌ فَلَا يَصِيرُ دَيْنًا بِذَلِكَ حَتَّى قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْإِسْنَوِيُّ إنَّ ذَلِكَ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَبَحْثًا وَأَطَالُوا فِيهِ، ثُمَّ قَالَ وَلَفْظُ الرَّافِعِيِّ قَرِيبٌ مِنْ التَّصْحِيفِ فَإِنَّهُ قَالَ إذَا فَرَضَ الْقَاضِي وَكَأَنَّ مُرَادَهُ اقْتَرَضَ بِالْقَافِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي بَعْضِ نُسَخِهِ كَذَلِكَ وَأَنَّ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّيَ صَرَّحَا بِأَنَّهُ لَا يُسْتَثْنَى غَيْرُهَا، وَقَدْ عَلِمْتُ كَثْرَةَ نَقْلِهِ عَنْهُمَا فَيَبْعُدُ عَادَةً تَرْكُهُ لِذَلِكَ. اهـ. وَقَالَ الشَّيْخُ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ فِي قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَلَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِفَرْضِ قَاضٍ، الصَّوَابُ قِرَاءَتُهُ بِالْقَافِ (وَ) يَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ (وَاجِبُ الْعِرْسِ بِلَا افْتِرَاضِ) بِالْفَاءِ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْ التَّمْكِينِ.

(وَأَخْذُهُ) أَيْ وَاجِبِ الصَّغِيرِ مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَمِنْ مَالِ أَبِيهِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا لِلْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ جَائِزٌ (لِلْأُمِّ) وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي (حَيْثُ مَنَعَا) أَيْ الْأَبُ ذَلِكَ أَوْ غَابَ لِقِصَّةِ هِنْدٍ حَمْلًا لِمَا قَالَهُ لَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْإِفْتَاءِ وَالْحُكْمِ الْعَامِّ لَا عَلَى الْقَضَاءِ وَالْإِذْنِ الْخَاصِّ (وَ) لَهَا (صَرْفُهُ مِنْ مَالِهَا) عَلَى الصَّغِيرِ (لِتَرْجِعَا) بِهِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أَبِيهِ عَلَى مَا مَرَّ (إنْ مَنَعَ الْأَصْلُ) أَيْ الْأَبُ ذَلِكَ أَوْ غَابَ وَأَفَادَ قَوْلُهُ لِتَرْجِعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِهَا الرُّجُوعَ لِتَرْجِعَ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ حَيْثُ مَنَعَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ إنْ مَنَعَ الْأَصْلُ (كَالِاسْتِقْرَاضِ) عَلَى الْأَبِ لِنَفَقَةِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ لِلْأُمِّ بِإِذْنِ الْقَاضِي عِنْدَ عَجْزِهَا عَنْ مَالِهِ وَلَا تَرْجِعُ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا إلَّا إذَا أَذِنَ لَهَا الْقَاضِي فِي الصَّرْفِ وَالِاسْتِقْرَاضِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَأَشْهَدَتْ عَلَيْهِمَا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ وَلَا تَرْجِيحَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي جَوَازِ الِاسْتِقْرَاضِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ إذْنٌ وَلَا إشْهَادٌ وَالرَّاجِحُ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ الْمَنْعُ فَقَدْ مَرَّ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ فِي الرَّافِعِيِّ مَا يَدُلُّ لَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ إنْفَاقُهُمَا عَلَى الطِّفْلِ مِنْ مَالِهِ أَيْ مَالِ الطِّفْلِ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْأَبِ أَوْ الْقَاضِي وَهَذَا كَالصَّرِيحِ بِجَوَازِ الْأَخْذِ عِنْدَ الْغَيْبَةِ أَوْ الِامْتِنَاعِ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي مَعَ وُجُودِهِ وَهُوَ صَرِيحُ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي حَيْثُ مَنَعَا. . . إلَخْ (قَوْلُهُ حَمْلًا لِمَا قَالَهُ. . . إلَخْ) هَذَا خِلَافُ مَا وَقَعَ لَهُمْ مِنْ الِاسْتِدْلَالِ بِقِصَّةِ هِنْدٍ هَذِهِ عَلَى جَوَازِ

ــ

[حاشية الشربيني]

احْتِيَاجُ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ وَغِنَى الْمُنْفِقِ. اهـ. م ر وَيُسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ الثُّبُوتِ بِغَيْرِ فَرْضٍ الْقَاضِي مَا لَوْ نَفَى الْوَلَدَ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ فَإِنَّ مَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ يَرْجِعُ بِنَفَقَتِهِ عَلَى أَبِيهِ سَوَاءٌ أُمُّهُ وَغَيْرُهَا لِتَقْصِيرِهِ بِنَفْيِهِ الَّذِي تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ فَعُوقِبَ بِإِيجَابِ مَا فَوَّتَهُ فَلِذَا خَرَجَتْ هَذِهِ عَنْ نَظَائِرِهَا وَنَفَقَةُ الْحَمْلِ فَإِنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَإِنْ جُعِلَتْ لَهُ عَلَى الْمَرْجُوحِ السَّابِقِ لِأَنَّ الْحَامِلَ لَمَّا كَانَتْ هِيَ الْمُنْتَفِعَةَ بِهَا الْتَحَقَتْ بِنَفَقَتِهَا. اهـ. م ر (قَوْلُهُ وَجَمَاعَاتٌ إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ صُورَةَ فَرْضِ الْقَاضِي أَنَّهُ قَالَ: قَدَّرْت لِفُلَانٍ كَذَا عَلَى فُلَانٍ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ بِذَلِكَ دَيْنًا وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادَ الْغَزَالِيِّ وَالشَّيْخَيْنِ وَإِنَّمَا مُرَادُهُمْ أَنْ يُقَدِّرَهَا الْحَاكِمُ وَيَأْذَنَ لِشَخْصٍ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ فَإِذَا أَنْفَقَهُ صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْغَائِبِ وَالْمُمْتَنِعِ وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَلَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِفَرْضِ قَاضٍ أَوْ إذْنِهِ فِي اقْتِرَاضٍ وَصُورَةُ الْفَرْضِ عَلَى مَا تَقَدَّمَتْ وَهِيَ إذْنٌ فِي الْإِقْرَاضِ وَالصُّورَةُ الثَّانِيَةُ إذْنٌ فِي الْإِقْرَاضِ وَالْإِقْرَاضُ غَيْرُ الِاقْتِرَاضِ وَمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْغَزَالِيِّ فِي تَحْصِينِ الْمَأْخَذِ مُرَادُهُ بِهِ الصُّورَةُ الْأُولَى اهـ مِنْ م ر وز ي مَعَ زِيَادَةِ حَمْلِ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْغَزَالِيِّ فِي تَحْصِينِ الْمَآخِذِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ مُرَادُهُ اقْتَرَضَ) يُفِيدُ صُورَةً ثَالِثَةً صَرَّحَ بِهَا فِي الْمَنْهَجِ وَهِيَ اقْتِرَاضُ الْقَاضِي بِنَفْسِهِ وَلَا يَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِاقْتِرَاضِهِ لَا قَبْلَهُ قَالَ م ر أَيْضًا وَلَا بُدَّ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ احْتِيَاجُ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ وَغِنَى الْمُنْفِقِ. اهـ. (قَوْلُهُ: صَرَّحَا بِأَنَّهُ لَا يُسْتَثْنَى غَيْرُهَا) قَدْ عَلِمْت صِحَّةَ اسْتِثْنَاءِ الْفَرْضِ بِالْفَاءِ أَيْضًا بِالتَّصْوِيرِ الَّذِي بِالْهَامِشِ (قَوْلُهُ: لَا يُسْتَثْنَى إلَخْ) أَيْ مِنْ عَدَمِ الِاسْتِقْرَارِ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: فَيَبْعُدُ إلَخْ) هُوَ لَمْ يَتْرُكْ نَقْلَهُ عَنْهُمَا بَلْ نَقَلَ مَا قَالَاهُ وَزَادَ الْفَرْضَ بِالْفَاءِ نَقْلًا عَنْ غَيْرِهِمَا وَعِبَارَةُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ تَسْقُطُ نَفَقَةُ الْقَرِيبِ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَلَا تَصِيرُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ قَالَ وَيُسْتَثْنَى مَا إذَا أَقْرَضَهَا الْقَاضِي أَوْ أَذِنَ فِي الِاقْتِرَاضِ لِغَيْبَةٍ أَوْ امْتِنَاعٍ فَيَصِيرُ ذَلِكَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ كَمَا مَرَّ ثُمَّ قَالَ (فَرْعٌ)

إذَا كَانَ الْأَبُ الَّذِي عَلَيْهِ الْإِنْفَاقُ غَائِبًا وَالْجَدُّ حَاضِرًا فَإِنْ تَبَرَّعَ بِالْإِنْفَاقِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَيَقْتَرِضُ الْقَاضِي عَلَيْهِ أَوْ يَأْذَنُ لِلْجَدِّ فِي الْإِنْفَاقِ لِيَرْجِعَ عَلَى الْأَبِ وَفِي الْبَحْرِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ. اهـ. فَذَكَرَ إقْرَاضَ الْقَاضِي وَإِذْنَهُ فِي الِاقْتِرَاضِ وَاقْتِرَاضَهُ وَإِذْنَهُ فِي الْإِنْفَاقِ وَهُوَ الْفَرْضُ الْمُتَقَدِّمُ وَنَقَلَ كُلَّ ذَلِكَ نَقْلَ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الشَّيْخُ جَلَالُ الدِّينِ) اُنْظُرْهُ مَعَ نَقْلِ م ر عَنْهُ أَنَّهُ رَدَّ قَوْلَ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ قَوْلَ الْمِنْهَاجِ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِفَرْضِ قَاضٍ بِالْفَاءِ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَمَعْنًى.

(قَوْلُهُ: لِقِصَّةِ هِنْدٍ) لَفْظُ الْحَدِيثِ «خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ» فَيُفِيدُ أَنَّ لِلزَّوْجَةِ أَنْ تَأْخُذَ كِفَايَتَهَا مِنْ الزَّوْجِ الْمُمْتَنِعِ بِلَا إذْنِ قَاضٍ إذَا حُمِلَ عَلَى الْإِفْتَاءِ وَلَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ إلَّا فِي الْقَرِيبِ فَرَاجِعْ (قَوْلُهُ: وَأَشْهَدَتْ عَلَيْهِمَا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ) وَإِلَّا لَمْ تَرْجِعْ وَإِنْ تَعَذَّرَ الْإِشْهَادُ؛ لِأَنَّهُ عُذْرٌ نَادِرٌ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَلَا تَرْجِيحَ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ.

ص: 399

(وَلِقَرِيبٍ) مُحْتَاجٍ (عَاجِزٍ عَنْ) مُرَاجَعَةِ (قَاضِي) اسْتِقْرَاضٌ لِنَفَقَتِهِ عَلَى مَنْ لَزِمَتْهُ إذَا امْتَنَعَ أَوْ غَابَ إنْ (أَشْهَدَ) عَلَى الِاسْتِقْرَاضِ عَلَيْهِ لِيَرْجِعَ (كَالْجَدِّ) فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَقْرِضَ عَلَى أَبِي الصَّغِيرِ لِنَفَقَتِهِ إذَا امْتَنَعَ أَوْ غَابَ وَعَجَزَ هُوَ عَنْ مُرَاجَعَةِ الْقَاضِي وَأَشْهَدَ عَلَى الِاسْتِقْرَاضِ لِيَرْجِعَ فَإِنْ اسْتَقْرَضَ الْقَرِيبُ وَالْجَدُّ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى مُرَاجَعَتِهِ أَوْ لَمْ يُشْهِدَا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ مُرَاجَعَتِهِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُمَا الرُّجُوعُ وَلِلْأَبِ وَالْجَدِّ أَنْ يَسْتَقِلَّا بِأَخْذِ نَفَقَتِهِمَا الْوَاجِبَةِ لَهُمَا عَلَى مَحْجُورِهِمَا مِنْ مَالِهِ بِحُكْمِ الْوِلَايَةِ وَإِنْ يُؤَجِّرَاهُ لِمَا يُطِيقُهُ وَيَأْخُذَا نَفَقَتَهُمَا مِنْ أُجْرَتِهِ بِخِلَافِ الْأُمِّ لَا تَأْخُذُ وَلَا تُؤَجِّرُ إلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ لِعَدَمِ وِلَايَتِهَا وَكَذَا وَلَدٌ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى أَبِيهِ الْمَجْنُونِ فَلَوْ كَانَ يَصْلُحُ لِصَنْعَةٍ فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَأْذَنَ لِلْوَلَدِ فِي إيجَارِهِ وَأَخْذِ نَفَقَتِهِ مِنْ أُجْرَتِهِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا.

(وَ) أَمَّا (إرْضَاعُ اللُّبَا) وَهُوَ اللَّبَنُ أَوَّلَ الْوِلَادَةِ وَمُدَّتُهُ يَسِيرَةٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُرْجَعَ فِي مُدَّتِهِ الَّتِي لَا يَسْتَغْنِي الْوَلَدُ عَنْهَا إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ فَإِذَا قَالُوا يَكْفِيهِ مَرَّةٌ بِلَا ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ كَفَتْ وَإِلَّا عُمِلَ بِقَوْلِهِمْ (فَهْوَ عَلَى أُمِّ الصَّغِيرِ وَجَبَا) ، وَإِنْ وُجِدَتْ مُرْضِعَةٌ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَعِيشُ أَوْ لَا يَقْوَى غَالِبًا إلَّا بِهِ، (ثُمَّ) بَعْدَ إرْضَاعِ اللُّبَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهَا إرْضَاعُ مَا بَعْدَهُ (إذَا تَعَيَّنَتْ) لِلْإِرْضَاعِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا أَجْنَبِيَّةٌ تَعَيَّنَ عَلَيْهَا أَيْضًا إبْقَاءً عَلَى الْوَلَدِ وَلَوْ وُجِدَتَا لَمْ تُجْبَرْ الْأُمُّ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي نِكَاحِ أَبِيهِ أَمْ لَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6] (وَأَجْرُهَا) أَيْ الْأُمِّ حَالَتَيْ إرْضَاعِهَا اللِّبَأَ وَغَيْرَهُ تَعَيَّنَتْ أَمْ لَا (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الصَّغِيرِ (إنْ لَمْ يَتَبَرَّعْ) بِالْإِرْضَاعِ (غَيْرُهَا) وَتَعَيُّنُ الْإِرْضَاعِ عَلَيْهَا لَا يُوجِبُ التَّبَرُّعَ بِهِ كَمَا يَلْزَمُ مَالِكَ الطَّعَامِ بَذْلُهُ لِلْمُضْطَرِّ بِبَدَلِهِ فَإِنْ تَبَرَّعَ بِهِ غَيْرُهَا فَلِلْأَبِ انْتِزَاعُ الْوَلَدِ مِنْ أُمِّهِ وَدَفْعُهُ لِلْمُتَبَرِّعَةِ وَمِثْلُهَا الرَّاضِيَةُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ إذَا لَمْ تَرْضَ الْأُمُّ إلَّا بِهَا فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ مُتَبَرِّعَةٍ أَوْ رَاضِيَةٍ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّهَا تَدَّعِي عَلَيْهِ أُجْرَةً وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا.

(وَجَازَ) لِلزَّوْجِ حَيْثُ اخْتَارَتْ الْأُمُّ إرْضَاعَ وَلَدِهَا (أَنْ يَمْنَعَهَا) مِنْ إرْضَاعِهِ (إنْ حَصَلَتْ) مُرْضِعَةٌ (أُخْرَى وَعَنْ نِكَاحِهِ مَا انْفَصَلَتْ) أَيْ الْأُمُّ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ التَّمَتُّعَ بِهَا وَقْتَ الْإِرْضَاعِ لَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ الْمَنْعُ كَذَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا؛ لِأَنَّهَا أَشْفَقُ عَلَى الْوَلَدِ مِنْ غَيْرِهَا

ــ

[حاشية العبادي]

الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ يُتَأَمَّلُ.

(قَوْلُهُ: وَلِقَرِيبٍ مُحْتَاجٍ عَاجِزٍ. . . إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَصْلٌ لَوْ امْتَنَعَ الْقَرِيبُ مِنْ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ لَهُ أَوْ غَابَ وَلَهُ ثُمَّ مَالٌ فَلَهُ أَخْذُهَا مِنْ مَالِهِ وَكَذَا الْأُمُّ لِلطِّفْلِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ إنْ عَدِمَ الْجِنْسَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَذِنَ الْقَاضِي لِلْقَرِيبِ فِي الِاقْتِرَاضِ. . . إلَخْ اهـ فَأَفَادَ جَوَازَ أَخْذِ الْقَرِيبِ مِنْ مَالِ قَرِيبِهِ إذَا امْتَنَعَ أَوْ غَابَ نَفَقَتُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي كَمَا هُوَ مُقْتَضَى هَذَا الصَّنِيعِ فَإِنَّهُ أَطْلَقَ فِي جَوَازِ الْأَخْذِ مِنْ مَالِ قَرِيبِهِ وَفَصَّلَ فِي الِاقْتِرَاضِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بَيْنَ إذْنِ الْقَاضِي وَعَدَمِهِ وَهَذَا نَظِيرُ جَوَازِ أَخْذِ الْأُمِّ لِلصَّغِيرِ مِنْ مَالِ أَبِيهِ إذَا امْتَنَعَ أَوْ غَابَ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأُمِّ. . . إلَخْ) وَهَذَا بِخِلَافِ أَخْذِهَا نَفَقَةَ الطِّفْلِ لَهُ مِنْ مَالِ أَبِيهِ الْغَائِبِ أَوْ الْمُمْتَنِعِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي كَمَا تَقَدَّمَ وَكَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَصْلٌ لَوْ امْتَنَعَ الْقَرِيبُ مِنْ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ لَهُ أَوْ غَابَ وَلَهُ ثَمَّ مَالٌ فَلَهُ أَخْذُهَا مِنْ مَالِهِ وَكَذَا الْأُمُّ لَهَا أَخْذُهَا لِلطِّفْلِ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي مِنْ مَالِ أَبِيهِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ نَفَقَتِهِ أَوْ غَابَ وَلَهُ ثَمَّ مَالٌ لِقِصَّةِ هِنْدٍ وَلَوْ كَانَ مَالُهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ أَيْ الْوَاجِبِ إنْ عُدِمَ الْجِنْسُ وَإِلَّا فَلَا يُؤْخَذُ إلَّا مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ثَمَّ مَالٌ أَذِنَ الْقَاضِي لِلْقَرِيبِ فِي الِاقْتِرَاضِ عَلَى قَرِيبِهِ الْغَائِبِ أَوْ لِلْأُمِّ فِي الِاقْتِرَاضِ عَلَى الْأَبِ الْغَائِبِ وَالْإِنْفَاقِ عَلَى الصَّغِيرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الِاقْتِرَاضِ عَلَيْهِ لَمْ يَقْتَرِضْ عَلَيْهِ. . . إلَخْ. اهـ.

(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وِلَايَتِهَا) اُنْظُرْ لَوْ كَانَتْ وَصِيَّةً (قَوْلُهُ: وَكَذَا وَلَدٌ. . . إلَخْ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا إشْكَالَ فِي امْتِنَاعِ الْأَخْذِ هُنَا مَعَ مَا تَقَرَّرَ أَنَّ لِلْقَرِيبِ أَخْذَ نَفَقَتِهِ مِنْ مَالِ قَرِيبِهِ إذَا غَابَ أَوْ امْتَنَعَ إذْ لَا غَيْبَةَ وَلَا امْتِنَاعَ (قَوْلُهُ: فِي إيجَارِهِ وَأَخْذِ نَفَقَتِهِ مِنْ أُجْرَتِهِ) قَدْ يُوهِمُ إشْكَالُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْأَصْلَ لَا يَلْزَمُهُ الْكَسْبُ وَهُوَ غَلَطٌ لِأَنَّ الَّذِي لَا يَلْزَمُ الْأَصْلَ هُوَ الْكَسْبُ لِنَفَقَةِ نَفْسِهِ إذَا قَدَرَ فَرْعُهُ عَلَى إنْفَاقِهِ بِمَالٍ أَوْ كَسْبٍ أَمَّا كَسْبُ الْأَصْلِ الْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ لِنَفَقَةِ فَرْعِهِ الْمُعْدَمِ الْعَاجِزِ عَنْ الْكَسْبِ فَهُوَ لَازِمٌ لَهُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ عَلَى أُمِّ الصَّغِيرِ وَجَبَا) وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ أَمْكَنَ سَقْيُهُ لِبَأَ غَيْرِ الْأُمِّ وَقَالَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ إنَّهُ يَكْفِيهِ بِلَا ضَرَرٍ أَنْ لَا يَجِبَ عَلَى الْأُمِّ إرْضَاعُهَا لَبَأَهَا (قَوْلُهُ: وَأَجْرُهَا عَلَيْهِ. . . إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ فَإِنْ طَالَبَتْ بِالْأُجْرَةِ وَلَوْ لِلِّبَأِ إنْ كَانَ لِمِثْلِهِ أُجْرَةٌ أُجِيبَتْ وَلَوْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً بِأَبِيهِ. اهـ.

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ وَجَبَتْ إلَخْ) فِي نُسْخَةٍ وَكَذَا وَلَدٌ وَجَبَتْ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا) قَالَ م ر هَذَا الْخِلَافُ فِي وَلَدٍ وَأُمٍّ حُرَّيْنِ أَمَّا إذَا كَانَتْ

ص: 400