المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فِي الَّذِي مَاتَ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ فَوَجَدُوا لَهُ دِينَارَيْنِ كَيَّتَانِ - الغرر البهية في شرح البهجة الوردية - جـ ٤

[زكريا الأنصاري]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابُ الْوَصَايَا)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْوِصَايَةِ)

- ‌(فَرْعٌ)الْوِصَايَةُ جَائِزَةٌ مِنْ الطَّرَفَيْنِ

- ‌(بَابُ الْوَدِيعَةِ)

- ‌(بَابُ قَسْمِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ)

- ‌ بَيَانِ الْغَنِيمَةِ وَتَخْمِيسِهَا

- ‌(بَابُ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ)

- ‌ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَكَافِرٍ

- ‌(بَابُ النِّكَاحِ)

- ‌(فَصْلٌ فِي الْعَقْدِ) لِلنِّكَاحِ وَمُقَدِّمَاتِهِ

- ‌[الْكَفَاءَةِ الْمُعْتَبَرَةِفِي النِّكَاحِ]

- ‌ الْمُحَرَّمَاتِ فِي النِّكَاحِ

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْخِيَارِ فِي النِّكَاح]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ الْخِيَارِ فِي النِّكَاح وَأَحْكَامٍ أُخَرَ]

- ‌(بَابُ الصَّدَاقِ)

- ‌ بَيَانِ تَشْطِيرِ الْمَهْرِ

- ‌ حُكْمَ تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ فِي الْمَهْرِ

- ‌(بَابُ الْقَسْمِ) .وَالنُّشُوزُ

- ‌(بَابُ الْخُلْعِ)

- ‌[فَرْعٌ خَالَعَهَا بِمَا فِي كَفِّهَا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ]

- ‌(بَابُ الطَّلَاقِ)

- ‌[فَرْعٌ قَالَ كُلُّ مَا أَمْلِكُهُ حَرَامٌ عَلَيَّ وَلَهُ زَوْجَاتٌ وَإِمَاءٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الرَّجْعَةِ]

- ‌(بَابُ الْإِيلَاءِ)

- ‌[أَرْكَان الْإِيلَاءِ]

- ‌(بَابُ الظِّهَارِ)

- ‌(بَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ)

- ‌(بَابُ الْعِدَدِ)

- ‌(فَرْعٌ)زَنَتْ الْمُعْتَدَّةُ فِي عِدَّتِهَا وَهِيَ بِكْرٌ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَانِ الِاسْتِبْرَاءِ]

- ‌(بَابُ الرَّضَاعِ)

- ‌[بَابُ النَّفَقَة]

- ‌[أَسْبَابُ وُجُوبِ النَّفَقَة]

- ‌(بَابُ الْحَضَانَةِ)

- ‌[فَرْعٌ لَمْ يُوجَدْ أَحَدٌ مِنْ أَقَارِبِ الْوَلَدِ مِمَّنْ لَهُ الْحَضَانَةُ]

- ‌[فَرْعٌ دَفَعَ إلَيْهِ طَعَامًا ثُمَّ أَرَادَ إبْدَالَهُ فِي نَفَقَة مِلْك الْيَمِين]

- ‌[فَرْعٌ لَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِ أَنْ يُضِرْ فَرْعَ أَيْ وَلَدَ مَوَاشِيهِ]

الفصل: فِي الَّذِي مَاتَ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ فَوَجَدُوا لَهُ دِينَارَيْنِ كَيَّتَانِ

فِي الَّذِي مَاتَ مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ فَوَجَدُوا لَهُ دِينَارَيْنِ كَيَّتَانِ مِنْ نَارٍ» قَالَ وَأَمَّا سُؤَالُهَا فَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ إنْ كَانَ مُحْتَاجًا لَمْ يَحْرُمْ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا بِمَالٍ أَوْ بِصَنْعَةٍ فَحَرَامٌ وَمَا يَأْخُذُهُ حَرَامٌ وَمَتَى تَصَدَّقَ بِشَيْءٍ كُرِهَ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ مِنْ جِهَةِ مَنْ دَفَعَهُ إلَيْهِ بِمُعَاوَضَةٍ أَوْ هِبَةٍ وَلَا بَأْسَ بِمِلْكِهِ مِنْهُ بِالْإِرْثِ وَلَا بِتَمَلُّكِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

(بَابُ النِّكَاحِ)

هُوَ لُغَةً الضَّمُّ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ تَنَاكَحَتْ الْأَشْجَارُ إذَا تَمَايَلَتْ وَانْضَمَّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ وَشَرْعًا عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ إبَاحَةَ وَطْءٍ بِلَفْظِ إنْكَاحٍ أَوْ تَزْوِيجٍ أَوْ بِتَرْجَمَتِهِ وَهُوَ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ وَالْأَخْبَارُ وَإِنَّمَا حُمِلَ عَلَى الْوَطْءِ فِي قَوْله تَعَالَى {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] لِخَبَرِ «حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ» وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: 3] وَقَوْلُهُ {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ} [النور: 32] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ «تَنَاكَحُوا تَكْثُرُوا» وَخَبَرُ «مَنْ أَحَبَّ فِطْرَتِي فَلْيَسْتَنَّ بِسُنَّتِي وَمِنْ سُنَّتِي النِّكَاحُ» رَوَاهُمَا الشَّافِعِيُّ بَلَاغًا وَكَخَبَرِ «الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَخَيْرُ مَتَاعِهَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ

وَابْتَدَأَ النَّاظِمُ كَجَمَاعَةٍ الْبَابَ بِذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّهَا فِي النِّكَاحِ أَكْثَرُ مِنْهَا فِي غَيْرِهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ مَنَعَ ابْنُ خَيْرَانَ الْكَلَامَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ انْقَضَى فَلَا مَعْنَى لِلْكَلَامِ فِيهِ.

وَقَالَ سَائِرُ الْأَصْحَابِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْعِلْمِ قَالَ وَالصَّوَابُ الْجَزْمُ بِجَوَازِهِ بَلْ بِاسْتِحْبَابِهِ بَلْ لَا يَبْعُدُ وُجُوبُهُ لِئَلَّا يَرَى جَاهِلٌ بَعْضَ الْخَصَائِصِ فِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ فَيَعْمَلُ بِهَا أَخْذًا بِأَصْلِ التَّأَسِّي فَوَجَبَ بَيَانُهَا لِتُعْرَفَ فَأَيُّ فَائِدَةٍ أَهَمُّ مِنْ هَذِهِ؟ وَأَمَّا مَا يَقَعُ فِي ضِمْنِ الْخَصَائِصِ مِمَّا لَا فَائِدَةَ فِيهِ الْيَوْمَ فَقَلِيلٌ لَا تَخْلُو أَبْوَابُ الْفِقْهِ عَنْ مِثْلِهِ لِلتَّدَرُّبِ وَمَعْرِفَةِ الْأَدِلَّةِ وَتَحْقِيقِ الشَّيْءِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ وَاجِبَاتٌ وَمُحَرَّمَاتٌ وَمُبَاحَاتٌ وَتُسَمَّى تَخْفِيفَاتٌ وَفَضَائِلُ وَتُسَمَّى كَرَامَاتٌ وَقَدْ بَدَأَ مِنْهَا بِالْوَاجِبَاتِ فَقَالَ (خُصَّ النَّبِيُّ) صلى الله عليه وسلم (بِوُجُوبِ الْأُضْحِيَّهْ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِهَا وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا وَبِهِ يَنْضَبِطُ كَلَامُ النَّاظِمِ (وَالْوَتْرِ وَالضُّحَى) لِخَبَرِ «ثَلَاثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرَائِضُ وَلَكُمْ تَطَوُّعٌ النَّحْرُ وَالْوَتْرُ وَرَكْعَتَا الضُّحَى» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَضَعَّفَهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ أَقَلُّ إلَّا لِضُحًى لَا أَكْثَرَهُ وَقِيَاسُهُ فِي الْوَتْرِ كَذَلِكَ وَوُجُوبُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا وَفِيهِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ نَظَرٌ لِضَعْفِ الْخَبَرِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَيْسَ الْوَتْرُ وَاجِبًا عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَا صَحَّحُوهُ فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ كَانَ يُوتِرُ عَلَى بَعِيرِهِ وَبِهِ احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ عَلَى الْأُمَّةِ.

فَيَكُونُ مَذْهَبُهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَلَا دَلِيلَ لِمَنْ قَالَ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ فِي الْحَضَرِ دُونَ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: فَحَرَامٌ) اسْتَثْنَى فِي الْإِحْيَاءِ مِنْ تَحْرِيمِ السُّؤَالِ عَلَى الْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ مَنْ يَسْتَغْرِقُ الْوَقْتَ بِطَلَبِ الْعِلْمِ مِنْ خَطِّهِ بِرّ وَكَتَبَ أَيْضًا يَنْبَغِي جَوَازُ سُؤَالِ الْقَادِرِ بِالْكَسْبِ لِدَيْنِهِ كَمَا تَحِلُّ لَهُ الزَّكَاةُ لِدَيْنِهِ سم (قَوْلُهُ: وَمَا يَأْخُذُهُ حَرَامٌ) أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ مَعَ حُرْمَةِ السُّؤَالِ يَمْلِكُ مَا يَأْخُذُهُ (فَرْعٌ)

أَبْرَأَهُ يَظُنُّ إعْسَارَهُ فَبَانَ خِلَافُهُ نَفَذَتْ الْبَرَاءَةُ أَوْ بِشَرْطِ إعْسَارِهِ فَبَانَ خِلَافُهُ لَمْ تَصِحَّ م ر

(بَابُ النِّكَاحِ)

(قَوْلُهُ: حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) أَقُولُ كَانَ يُمْكِنُ حَمْلُهُ هُنَا أَيْضًا عَلَى الْعَقْدِ وَلَا يُنَافِيهِ تَوَقُّفُ الْحِلِّ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ وَرَاءَ الْعَقْدِ كَالْوَطْءِ كَمَا أَنَّهُ بَعْدَ حَمْلِهِ عَلَى الْوَطْءِ يَتَوَقَّفُ الْحِلُّ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ كَالطَّلَاقِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَالْعَقْدِ عَلَيْهَا فَلْيُتَأَمَّلْ سم

(قَوْلُهُ: بِوُجُوبِ الْأُضْحِيَّةِ) الْمُنَاسِبُ لِلْوُجُوبِ أَنْ يُرَادَ بِهَا التَّضْحِيَةُ أَوْ يُقَدَّرُ مُضَافٌ (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ فِي الْوَتْرِ كَذَلِكَ) هَلْ يُشْكِلُ بِأَنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْأَقَلِّ مَكْرُوهٌ فَكَيْفَ يَكُونُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ مَا يُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَقَلُّ كَمَالِهِ وَهُوَ ثَلَاثٌ (قَوْلُهُ: لِضَعْفِ الْخَبَرِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَدْ يُجَابُ بِاحْتِمَالِ أَنَّهُ اُعْتُضِدَ بِغَيْرِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَكِنْ بِتَعَدُّدِ طُرُ قِه نَزَّلُوهُ مَنْزِلَةَ الْحَسَنِ حَجَرٌ.

(قَوْلُهُ: فَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ كَانَ يُوتِرُ عَلَى بَعِيرِهِ) فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمِ أَنَّ إيتَارَهُ عَلَى بَعِيرِهِ كَانَ مِنْ خَصَائِصِهِ صلى الله عليه وسلم أَيْضًا حَجَرٌ

ــ

[حاشية الشربيني]

إلَّا يَوْمًا وَلَيْلَةً وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخْذُهَا إنْ أَظْهَرَ الْفَاقَةَ وَلَا يَمْلِكُ مَا أَخَذَهُ إنْ ظَنَّهُ الدَّافِعُ مُتَّصِفًا بِهَا؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ بِلَا رِضًى مِنْ صَاحِبِهِ إذْ لَمْ يَسْمَحْ لَهُ إلَّا عَلَى ظَنِّ الْفَاقَةِ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مَتَى أَذَلَّ نَفْسَهُ أَوْ أَلَحَّ فِي السُّؤَالِ أَوْ آذَى الْمَسْئُولَ حَرُمَ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ أَيْ إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ سم وَفِي الْإِحْيَاءِ مَتَى أَخَذَ مَنْ جَوَّزْنَا لَهُ الْمَسْأَلَةَ عَالِمًا بِأَنَّ بَاعِثَ الْمُعْطِي الْحَيَاءُ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْحَاضِرِينَ وَلَوْلَاهُ لَمَّا أَعْطَاهُ فَهُوَ حَرَامٌ إجْمَاعًا وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ وَحَيْثُ أَعْطَاهُ عَلَى ظَنِّ صِفَةٍ وَهُوَ فِي الْبَاطِنِ بِخِلَافِهَا وَلَوْ عَلِمَ مَا بِهِ لَمْ يُعْطِهِ لَمْ يَمْلِكْ الْأَخْذَ مَا أَخَذَهُ. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْإِيذَاءَ وَالْإِلْحَاحَ وَالْإِذْلَالَ حَرَامٌ لَكِنَّهُ يَمْلِكُ الْمَدْفُوعَ لَهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الذَّهَبِيُّ رحمه الله.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا) أَيْ بِمَا يَكْفِيهِ مِنْ ذَلِكَ يَوْمًا وَلَيْلَةً (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا) أَيْ فِي غَيْرِ مَا اُعْتِيدَ سُؤَالُهُ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا) فِي الْإِحْيَاءِ سُؤَالُ الْغَنِيِّ حَرَامٌ إنْ وَجَدَ مَا يَكْفِيهِ هُوَ وَمُمَوَّنَهُ يَوْمَهُمْ وَلَيْلَتَهُمْ وَسِتْرَتَهُمْ وَآنِيَةً يَحْتَاجُونَ إلَيْهَا قَالَ م ر وَالْأَوْجَهُ جَوَازُ سُؤَالِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ بَعْدَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إنْ كَانَ السُّؤَالُ عِنْدَ نَفَادِ ذَلِكَ غَيْرَ مُتَيَسِّرٍ وَإِلَّا امْتَنَعَ. اهـ.

[بَابُ النِّكَاحِ]

(قَوْلُهُ: بِلَفْظِ النِّكَاحِ) خَرَجَ بِهِ الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ وَنَحْوُهُمَا

ص: 83

السَّفَرِ قَالَ وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّ صَلَاةَ الضُّحَى كَانَتْ وَاجِبَةً عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَا جَزَمُوا بِهِ وَقَوْلُ النَّظْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلِلزُّلْفَى هِيَهْ) بِهَاءِ السَّكْتِ بَيَانٌ لِحِكْمَةِ ذَلِكَ أَيْ خُصَّ بِوُجُوبِ الثَّلَاثَةِ عَلَيْهِ كَغَيْرِهَا لِنَيْلِ الزُّلْفَى أَيْ الْقُرْبِ وَالْمَنْزِلَةِ فَلَنْ يَتَقَرَّبَ الْمُتَقَرِّبُونَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمِثْلِ أَدَاءِ مَا افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا ثَوَابُ الْفَرِيضَةِ يَزِيدُ عَلَى ثَوَابِ النَّافِلَةِ بِسَبْعِينَ دَرَجَةً (وَ) خُصَّ بِوُجُوبِ (نَفْلِ لَيْلٍ) وَإِنْ قَلَّ وَهُوَ التَّهَجُّدُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ} [الإسراء: 79] وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَنَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ الْجُمْهُورِ ثُمَّ قَالَ وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ نُسِخَ وُجُوبُهُ فِي حَقِّهِ كَمَا نُسِخَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ أَوْ الصَّحِيحُ وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَعَطْفُ التَّهَجُّدِ عَلَى الْوَتْرِ يَقْتَضِي تَغَايُرَهُمَا وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا لَكِنَّهُمَا رَجَّحَا فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ اتِّحَادَهُمَا وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ.

وَيُؤَيِّدُ مَا هُنَا مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَاكَ مِنْ اعْتِبَارِ وُقُوعِ التَّهَجُّدِ بَعْدَ النَّوْمِ بِخِلَافِ الْوَتْرِ، وَمَنْعُ الْقَمُولِيِّ لِهَذَا الِاعْتِبَارِ رَدَّهُ الزَّرْكَشِيُّ بِمَنْعِ كَوْنِ الْمُصَلِّي قَبْلَ نَوْمِهِ مُتَهَجِّدًا بَلْ لَهُ أَجْرُ مُتَهَجِّدٍ قَالَ: وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الطَّبَرِيُّ فِي الْعِدَّةِ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «أَنَّ الْحَجَّاجَ بْنَ عَمْرٍو رضي الله عنه قَالَ يَحْسَبُ أَحَدُكُمْ إذَا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ يُصَلِّي حَتَّى يَصْبَحَ أَنَّهُ قَدْ تَهَجَّدَ إنَّمَا التَّهَجُّدُ الْمَرْءُ يُصَلِّي الصَّلَاةَ بَعْدَ رَقْدَةٍ ثُمَّ الصَّلَاةَ بَعْدَ رَقْدَةٍ ثُمَّ الصَّلَاةَ بَعْدَ رَقْدَةٍ وَتِلْكَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» انْتَهَى وَقَوْلُهُ: إنَّمَا الْمُتَهَجِّدُ أَيْ الْكَامِلُ لِصِدْقِ الْمُتَهَجِّدِ عَلَى مَنْ صَلَّى بِاللَّيْلِ بَعْدَ رَقْدَةٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ قَدْ يَجْمَعُ بَيْنَ تَرْجِيحَيْ الشَّيْخَيْنِ بِحَمْلِ مَا هُنَاكَ عَلَى مَا إذَا أَوْتَرَ بَعْدَ النَّوْمِ وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا أَوْتَرَ قَبْلَهُ وَتَهَجَّدَ بَعْدَهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ وُقُوعُهُ بَعْدَ وَقْتِ الْعِشَاءِ أَيْضًا (وَ) بِوُجُوبِ (سِوَاكِ فِيهِ) بِالْإِضَافَةِ أَيْ سِوَاكِ فَمِهِ لِكُلِّ صَلَاةٍ؛؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِهِ لِكُلِّ صَلَاةٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ (وَ) بِوُجُوبِ (أَنْ يُخَيِّرَ النِّسَاءَ) أَيْ نِسَاءَهُ (فِيهِ) بَيْنَ مُفَارَقَتِهِ طَلَبًا لِلدُّنْيَا وَالْمَقَامِ مَعَهُ طَلَبًا لِلْآخِرَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ} [الأحزاب: 28] الْآيَتَيْنِ وَلِئَلَّا يَكُونَ مُكْرِهًا لَهُنَّ عَلَى الصَّبْرِ عَلَى مَا آثَرَهُ لِنَفْسِهِ مِنْ الْفَقْرِ وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا صَحَّ أَنَّهُ تَعَوَّذَ مِنْ الْفَقْرِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا تَعَوَّذَ مِنْ فِتْنَتِهِ كَمَا تَعَوَّذَ مِنْ فِتْنَةِ الْغَنِيِّ أَوْ تَعَوَّذَ مِنْ فَقْرِ الْقَلْبِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ «لَيْسَ الْغِنَى بِكَثْرَةِ الْعَرَضِ وَإِنَّمَا الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ» وَلَمَّا خَيَّرَهُنَّ وَاخْتَرْنَهُ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ التَّزَوُّجَ عَلَيْهِنَّ وَالتَّبَدُّلَ بِهِنَّ مُكَافَأَةً لَهُنَّ فَقَالَ {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} [الأحزاب: 52] الْآيَةَ ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ} [الأحزاب: 50] الْآيَةَ لِيَكُونَ لَهُ الْمِنَّةُ بِتَرْكِ التَّزَوُّجِ عَلَيْهِنَّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ طَلَاقُهُنَّ بَعْدَمَا اخْتَرْنَهُ وَأَنَّهُ لَوْ اخْتَارَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ فِرَاقَهُ لَمْ يَحْصُلْ الْفِرَاقُ بِالِاخْتِيَارِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ} [الأحزاب: 28] .

وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي جَوَابِهِنَّ فَوْرٌ لِمَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ مِنْ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا نَزَلَتْ آيَةُ التَّخْيِيرِ بَدَأَ بِعَائِشَةَ وَقَالَ إنِّي ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا فَلَا تُبَادِرِينِي بِالْجَوَابِ حَتَّى تَسْتَأْمِرِي أَبَوَيْك» وَهَلْ قَوْلُهَا اخْتَرْتُ نَفْسِي صَرِيحُ فِرَاقٍ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وُقُوعُ التَّهَجُّدِ بَعْدَ النَّوْمِ) ظَاهِرُهُ يَشْمَلُ النَّوْمَ قَبْلَ فِعْلِ الْعِشَاءِ بَلْ وَقَبْلَ وَقْتِهَا لَكِنْ يَأْتِي خِلَافُ هَذَا وَقَدْ شَرَطَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ لِلتَّهَجُّدِ شَرْطَيْنِ كَوْنِهِ بَعْدَ فِعْلِ الْعِشَاءِ وَكَوْنِهِ بَعْدَ نَوْمٍ (قَوْلُهُ: بَعْدَ وَقْتِ الْعِشَاءِ) هَلْ وَلَوْ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ بِأَنْ جَمَعَهَا مَعَ الْمَغْرِبِ فِي وَقْتِهِ تَقْدِيمًا فِيهِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: أَمَرَ بِهِ لِكُلِّ صَلَاةٍ) قِيلَ وَلَا يُنَافِيهِ مَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم أُمِرْت بِالسِّوَاكِ حَتَّى خَشِيت أَنْ يُكْتَبَ عَلَيَّ لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ بِأَنْ كُتِبَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ. اهـ. وَلَك أَنْ تَقُولَ الْجَمْعُ بِهَذَا لَيْسَ بِأَرْجَحَ مِنْ حَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ بِدَلِيلِ هَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: صَرِيحُ فِرَاقٍ) هَلْ الْمُرَادُ صَرِيحٌ فِي طَلَبِ الْفِرَاقِ لَا فِي نَفْسِ الْفِرَاقِ لِئَلَّا يُخَالِفَ قَوْلَهُ السَّابِقَ وَأَنَّهُ لَوْ اخْتَارَتْ وَاحِدَةً إلَخْ إذْ كَيْفَ يَجْزِمُ بِأَنَّ الِاخْتِيَارَ لَيْسَ طَلَاقًا ثُمَّ يَذْكُرُ فِيهِ وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي نَفْسِ الْفِرَا ق وَلَا مُخَالَفَةَ فِيهِ لِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي اخْتِيَارِ الْفِرَا ق وَهَذَا فِي اخْتِيَارِ النَّفْسِ الْمُرَادُ الثَّانِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ قَوْلُ الرَّوْضِ أَوْ كَرِهَتْهُ أَيْ بِأَنْ اخْتَارَتْ الدُّنْيَا تَوَقَّفَتْ الْفُرْقَةُ عَلَى الطَّلَا ق وَهَلْ قَوْلُهَا أَخْتَرْتُ نَفْسِي طَلَاقٌ إلَخْ؟ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَتَعْبِيرُهُ بِالطَّلَاقِ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: كَمَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ) لَعَلَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ جَاءَ بِإِطْلَاقِهِ عَلَى الْعَقْدِ بِدُونِ قَرِينَةٍ وَعَلَى الْوَطْءِ بِقَرِينَةٍ (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ إلَخْ) ؛ وَلِأَنَّهَا نَزَلَتْ جَوَابًا بِالسُّؤَالِ عَنْ وَطْءِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ بَعْدَ طَلَاقِهَا هَلْ يُحَلِّلُهَا لِلزَّوْجِ. اهـ. شَيْخُنَا ذ

(قَوْلُهُ: مِنْ خَصَائِصِهِ) أَيْ أَشْيَاءَ انْفَرَدَ بِهَا عَنْ سَائِرِ أُمَّتِهِ مِنْهَا مَا انْفَرَدَ بِهِ عَنْ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ وَمِنْهَا مَا شَارَكَهُ فِيهِ الْأَنْبِيَاءُ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُهُ فِي الْوَتْرِ كَذَلِكَ) فِيهِ أَنَّ الْقِيَاسَ لَا يُدْخِلُ الْخَصَائِصَ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: كَمَا نُسِخَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ التَّهَجُّدُ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَعَلَى أُمَّتِهِ حَوْلًا كَامِلًا ثُمَّ نُسِخَ فَصَارَ تَطَوُّعًا فِي حَقِّهِ وَحَقِّهِمْ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْأَنْوَارِ وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ مِنْ الْخَصَائِصِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الشَّارِحِ وَحَكَى الشَّيْخُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهَلْ قَوْلُهَا اخْتَرْت إلَخْ) إنَّمَا كَانَ فِي هَذَا خِلَافٌ دُونَ اخْتِيَارِ فِرَا قِه فِيمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَ نَفْسِهَا بَعْدَ تَخْيِيرِهَا كَتَطْلِيقِهَا نَفْسَهَا بَعْدَ تَفْوِيضِ طَلَاقِهَا إلَيْهَا بِخِلَافِ اخْتِيَارِ فِرَاقِهَا فَإِنَّهُ اخْتِيَارٌ لَأَنْ يُفَارِقَهَا هُوَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: صَرِيحُ فِرَاقٍ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ

ص: 84

أَوْ هَلْ كَانَ يَحِلُّ لَهُ التَّزَوُّجُ بِهَا بَعْدَ الْفِرَاقِ؟ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (كَذَا) خُصَّ بِأَنَّهُ يَجِبُ (طَلَاقُ امْرَأَةٍ مَرْغُوبَهْ لَهُ) أَيْ رَغِبَ فِي نِكَاحِهَا (عَلَى الزَّوْجِ) لِيَنْكِحَهَا هُوَ قَالَ الْغَزَالِيُّ لِقِصَّةِ زَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ وَلَعَلَّ السِّرَّ فِيهِ امْتِحَانُ إيمَانِ الزَّوْجِ بِتَكْلِيفِهِ النُّزُولَ عَنْ أَهْلِهِ وَابْتِلَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِبَلِيَّةِ الْبَشَرِيَّةِ وَمَنْعُهُ مِنْ خَائِنَةِ الْأَعْيَنِ وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} [الأحزاب: 37] وَلَا شَيْءَ أُدْعَى إلَى حِفْظِ الْبَصَرِ مِنْ هَذَا التَّكْلِيفِ وَهَذَا مِمَّا يُورِدُهُ الْفُقَهَاءُ فِي نَوْعِ التَّخْفِيفَاتِ وَعِنْدِي أَنَّهُ فِي حَقِّهِ فِي غَايَةِ التَّشْدِيدِ إذْ لَوْ كُلِّفَ بِهِ آحَادُ النَّاسِ لَمَا فَتَحُوا أَعْيُنَهُمْ فِي الشَّوَارِعِ وَالطَّرَقَاتِ خَوْفًا مِنْ ذَلِكَ وَلِذَلِكَ قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها لَوْ كَانَ صلى الله عليه وسلم يُخْفِي آيَةً لَأَخْفَى هَذِهِ. اهـ. وَلِذَلِكَ خَالَفَ النَّاظِمُ وَأَصْلُهُ غَيْرَهُمَا فَأَوْرَدَا ذَلِكَ فِي نَوْعِ الْوَاجِبَاتِ عَلَيْهِ نَظَرًا لِمُطْلَقِ الْوُجُوبِ وَإِلَّا فَهُوَ إنَّمَا يَجِبُ عَلَى غَيْرِهِ بِسَبَبِهِ فَلَوْ كَانَتْ الْمَرْغُوبَةُ لَهُ خَلِيَّةً وَجَبَ عَلَيْهَا الْإِجَابَةُ وَحَرُمَ عَلَى غَيْرِهِ خِطْبَتُهَا (وَ) خُصَّ بِوُجُوبِ (أَنْ يُجِيبَهْ مَنْ هُوَ فِي الصَّلَاةِ) إذَا دَعَاهُ وَهُوَ فِيهَا وَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا نَادَى أَبَا سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى فَلَمْ يُجِبْهُ لِكَوْنِهِ فِي الصَّلَاةِ قَالَ لَهُ مَا مَنَعَك أَنْ تَسْتَجِيبَ وَقَدْ سَمِعْتَ قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنفال: 24] » وَأَوْرَدَ النَّاظِمُ وَأَصْلُهُ هَذَا فِي نَوْعِ الْوَاجِبَاتِ عَلَيْهِ نَظَرًا لِمَا مَرَّ آنِفًا.

وَغَيْرُهُمَا أَوْرَدَهُ فِي نَوْعِ الْفَضَائِلِ وَشَمِلَ كَلَامُهُمَا الْإِجَابَةَ بِالْفِعْلِ وَإِنْ كَثُرَ فَتَجِبُ وَلَا تَبْطُلُ بِهَا الصَّلَاةُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ (وَ) بِوُجُوبِ (الْمُشَاوَرَهْ) عَلَيْهِ لِذَوِي الْأَحْلَامِ فِي الْأَمْرِ قَالَ تَعَالَى {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} [آل عمران: 159] وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ حَكَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ عِنْدَ اسْتِئْذَانِ الْبِكْرِ (وَرَفْعِهِ الْمُنْكَرَ وَالْمُصَابَرَهْ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ) أَيْ وَخُصَّ بِوُجُوبِ تَغْيِيرِهِ الْمُنْكَرَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَوْ يَظُنَّ أَنَّ فَاعِلَهُ يَزِيدُ فِيهِ عِنَادًا كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَبِوُجُوبِ مُصَابَرَتِهِ (لِعَدُوٍّ كَثُرَا) بِأَنْ زَادَ عَلَى الضِّعْفِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ فِيهِمَا بِعَدَمِ الْخَوْفِ؛ لِأَنَّهُ مَوْعُودٌ بِالْعِصْمَةِ وَالنَّصْرِ فَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ مُتَعَلِّقٌ بِالصُّورَتَيْنِ (كَذَا) خُصَّ

ــ

[حاشية العبادي]

أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِقَوْلِهِ صَرِيحٌ فِي الْفِرَاقِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ كَانَ يَحِلُّ لَهُ التَّزَوُّجُ بِهَا بَعْدَ الْفِرَاقِ) إذَا لَمْ يُكْرَهْ تَزَوُّجُهُ شَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ: وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَوْجُهُهُمَا لَا فِي الْأُولَى وَنَعَمْ فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ كُلِّفَ بِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَيْ بِمَنْعِ خَائِنَةِ الْأَعْيَنِ وَقَوْلُهُ: آحَادُ النَّاسِ إلَخْ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْآحَادَ غَيْرُ مَعْصُومِينَ فَيَثْقُلُ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ بِخِلَافِهِ صلى الله عليه وسلم. اهـ. (قَوْلُهُ: فِي الْأَمْرِ) يَشْمَلُ أَمْرَ الدُّنْيَا وَأَمْرَ الْآخِرَةِ وَأَمَّا ضَابِطُ مَا تَجِبُ الْمُشَاوَرَةُ فِيهِ هَلْ كَانَ مَا لَا وَحْيَ فِيهِ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ) قَالَ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَسُكُوتُهُ أَيْ عليه الصلاة والسلام وَلَوْ غَيْرَ مُسْتَبْشِرٍ عَلَى الْفِعْلِ مُطْلَقًا وَقِيلَ إلَّا فِعْلَ مَنْ يُغْرِيهِ الْإِنْكَارُ إلَى أَنْ يُقَالَ دَلِيلُ الْجَوَازِ قَالَ الْمَحَلِّيُّ عَقِبَ

ــ

[حاشية الشربيني]

طَلَاقٌ وَهِيَ أَوْلَى لِئَلَّا يُفِيدَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الصَّرَاحَةِ مَعَ أَنَّهُ فِي كَوْنِهِ طَلَاقًا أَوَّلًا تَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَجْهَانِ) أَوْجَهُهُمَا فِي الْأَوَّلِ لَا وَفِي الثَّانِي نَعَمْ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: يَجِبُ طَلَاقُ امْرَأَةٍ مَرْغُوبَةٍ لَهُ) وَإِذَا وَجَبَ ذَلِكَ حَرُمَ عَلَى غَيْرِهِ خِطْبَةُ الْخَلِيَّةِ الَّتِي رَغِبَ فِيهَا بِالْأَوْلَى وَلِذَا فَرَّعَهَا الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي عَلَى هَذِهِ (قَوْلُهُ: بِبَلِيَّةِ الْبَشَرِيَّةِ) هِيَ وُقُوعُهَا فِي نَفْسِهِ حِينَ أَبْصَرَهَا بَعْدَمَا أَنْكَحَهَا زَيْدًا اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: مِنْ خَائِنَةِ الْأَعْيَنِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ خَائِنَةُ الْأَعْيَنِ هِيَ الْإِيمَاءُ بِمَا يَظْهَرُ خِلَافُهُ مِنْ مُبَاحٍ مِنْ نَحْوِ ضَرْبٍ أَوْ قَتْلٍ وَسُمِّيَ خَائِنَةُ الْأَعْيَنِ لِشَبَهِهِ بِالْخِيَانَةِ بِإِخْفَائِهِ. اهـ. وَسَيَأْتِي فِي الْمُصَنَّفِ وَالشَّارِحِ وَفِي الْكَشَّافِ الْخَائِنَةُ صِفَةٌ لِلنَّظْرَةِ أَوْ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْخِيَانَةِ كَالْعَافِيَةِ بِمَعْنَى الْمُعَافَاةِ وَالْمُرَادُ اسْتِرَاقُ النَّظَرِ. اهـ. لَكِنْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِخَائِنَةِ الْأَعْيَنِ نَظِيرُهَا وَهُوَ إظْهَارُ خِلَافِ مَا فِي النَّفْسِ إذْ لَمْ يَقَعْ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم خَائِنَةُ الْأَعْيَنِ وَإِنَّمَا وَقَعَ مِنْهُ أَنَّهُ رَأَى زَيْنَبَ اتِّفَاقًا فَوَقَعَتْ فِي نَفْسِهِ وَأَظْهَرَ لِزَيْدٍ خِلَافَ مَا فِي نَفْسِهِ اسْتِهْجَانًا لِذِكْرِهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ خَائِنَةِ الْأَعْيَنِ وَيَكُونُ الْمَنْعُ مِنْهَا بِقِيَاسِهَا عَلَى مَا وَقَعَ ثُمَّ رَأَيْت مَا سَيَأْتِي فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّ خَائِنَةَ الْأَعْيَنِ اسْمٌ عَامٌّ لِمَا يَقَعُ بِالْأَعْيُنِ وَبِغَيْرِهَا وَأُضِيفَتْ لِلْأَعْيُنِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ بِهَا.

(قَوْلُهُ: وَلِذَلِكَ) أَيْ لِمَنْعِهِ مِنْ خَائِنَةِ الْأَعْيُنِ (قَوْلُهُ: إلَى حِفْظِ الْبَصَرِ) أَيْ مِنْ لَمَحَاتِهِ الِاتِّفَاقِيَّةُ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَقَوْلُهُ: مِنْ هَذَا التَّكْلِيفِ أَيْ الْمَنْعِ مِنْ خَائِنَةِ الْأَعْيُنِ (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ كُلِّفَ بِهِ) أَيْ بِمَنْعِ خَائِنَةِ الْأَعْيُنِ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: خَوْفًا مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ إظْهَارِ خِلَافِ مَا وَقَعَ فِي أَنْفُسِهِمْ الَّذِي هُوَ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ فَإِنَّ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ كَمَا تُطْلَقُ عَلَى مَا وَقَعَ بِالْأَعْيُنِ تُطْلَقُ عَلَى إظْهَارِ خِلَافِ الْوَاقِع فِي النَّفْسِ كَمَا سَيَأْتِي بِالْهَامِشِ (قَوْلُهُ: الْإِجَابَةُ بِالْفِعْلِ) أَيْ إذَا تَوَقَّفَتْ الْإِجَابَةُ عَلَيْهِ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَوْ يَظُنَّ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر وَتَغْيِيرُ مُنْكَرٍ رَآهُ وَإِنْ خَافَ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ فَاعِلَهُ يَزِيدُ فِيهِ عِنَادًا خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ. اهـ. وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم يَحْصُلُ لَهُ خَوْفٌ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ أَيْضًا وَلَعَلَّهُ الْخَوْفُ عَلَى عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ مَثَلًا وَهُوَ لَا يُنَافِي الْعِصْمَةَ وَالنَّصْرَ (قَوْلُهُ:

ص: 85

بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ (قَضَاءُ دَيْنِ مَيْتٍ) مُسْلِمٍ (أَعْسَرَا) أَيُّ مُعْسِرٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَمَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ فَتَرَكَ دَيْنًا فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ» وَقَيَّدَهُ الْإِمَامُ بِمَا إذَا اتَّسَعَ الْمَالُ وَفِي وُجُوبِهِ عَلَى الْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَجَزَمَ الْإِمَامُ فِيمَا اسْتَدَانَهُ بِالْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ لَقِيَ اللَّهَ وَلَا مَظْلَمَةٌ عَلَيْهِ قَالَ فَإِنْ ظَلَمَ بِالْمَطْلِ فَفِيهِ احْتِمَالٌ وَالْأَوْلَى الْمَنْعُ فَإِنْ أَوْجَبْنَاهُ فَشَرْطُهُ اتِّسَاعُ الْمَالِ وَفَضْلُهُ عَنْ مَصَالِحِ الْأَحْيَاءِ. اهـ. وَيُقَاسُ بِالْمَطْلِ نَحْوُهُ ثُمَّ ثَنَّى بِالْمُحَرَّمَاتِ فَقَالَ (وَحُرْمَةُ) أَيْ وَخُصَّ بِحُرْمَةِ (الصَّدَقَتَيْنِ) عَلَيْهِ (نَفْلِهَا وَفَرْضِهَا) وَلَوْ كَفَّارَةً لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إنَّ هَذِهِ الصَّدَقَاتِ إنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ وَإِنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ» وَصِيَانَةً لِمَنْصِبِهِ الشَّرِيفِ؛ لِأَنَّهَا تُنَبِّئُ عَنْ ذُلِّ الْآخِذِ وَعِزِّ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَأُبْدِلَ بِهَا الْفَيْءُ الَّذِي يُؤْخَذُ عَلَى سَبِيلِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ الْمُنْبِئُ عَنْ عِزِّ الْآخِذِ وَذُلِّ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ.

(وَ) بِحُرْمَةِ صَدَقَةٍ (الْفَرْضِ لَا مَا قَبْلَهَا) وَهُوَ صَدَقَةُ النَّفْلِ (عَلَى قَرَابَتَيْهِ) بِمَعْنَى قَرِيبِيهِ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ لِمَا مَرَّ آنِفًا (وَ) عَلَى (الْمَوَالِي لَهُمْ) أَيْ لِلنَّبِيِّ وَقَرِيبِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ: «إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لَنَا وَأَنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَلِكَوْنِ تَحْرِيمِ ذَلِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ بِسَبَبِ انْتِسَابِهِمْ إلَيْهِ عُدَّ مِنْ خَصَائِصِهِ أَمَّا صَدَقَةُ النَّفْلِ فَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِمْ لِقَوْلِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ مِنْ سِقَايَاتٍ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فَقِيلَ لَهُ أَتَشْرَبُ مِنْ الصَّدَقَةِ فَقَالَ إنَّمَا حَرُمَ عَلَيْنَا الصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ» رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فَثَبَتَ بِهِ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْقَرَابَةِ وَيُقَاسُ بِهَا مَوَالِيهَا وَقَوْلُ النَّظْمِ مِنْ زِيَادَتِهِ لَا مَا قَبْلَهَا مَفْهُومٌ مِنْ الْفَرْضِ وَتَعْبِيرُهُ بِالْفَرْضِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِالزَّكَاةِ (وَتَصْوِيتٍ عَلَيْهِ عَالِي) أَيْ وَبِحُرْمَةِ إعْلَاءِ صَوْتِ غَيْرِهِ عَلَى صَوْتِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ} [الحجرات: 2] الْآيَةَ قَالَ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ وَأَمَّا خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ نِسْوَةً كُنَّ يُكَلِّمْنَهُ عَالِيَةً أَصْوَاتُهُنَّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَبْلَ النَّهْيِ. اهـ.

(وَ) بِحُرْمَةٍ (أَنْ يُنَادَى مِنْ وَرَاءِ حُجْرَتِهْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} [الحجرات: 4] الْآيَةَ (وَ) بِحُرْمَةِ أَنْ يُنَادَى (بِاسْمِهِ) كَيَا مُحَمَّدُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63] وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ التَّعْظِيمِ بَلْ يُنَادَى بِوَصْفِهِ كَيَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ آنِفًا: وَعَلَى هَذَا فَلَا يُنَادَى بِكُنْيَتِهِ وَأَمَّا مَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ: فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ قَائِلُهُ أَوْ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ النِّدَاءَ بِالْكُنْيَةِ لَا تَعْظِيمَ فِيهِ مَمْنُوعٌ إذْ التَّكْنِيَةُ تَعْظِيمٌ بِالِاتِّفَاقِ وَلِهَذَا اُحْتِيجَ إلَى الْجَوَابِ عَنْ حِكْمَةِ تَكْنِيَةِ عَبْدِ الْعُزَّى فِي قَوْله تَعَالَى {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: 1]

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلِهِ وَقِيلَ إلَّا فِعْلَ مَنْ يُغْرِيه الْإِنْكَارُ بِنَاءً عَلَى سُقُوطِ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ اهـ فَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ الْمَذْكُورُ مُوَافِقٌ لِهَذَا الْقَوْلِ دُونَ الْأَوَّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا) رَجَّحَ فِي الرَّوْضِ عَدَمَ الْوُجُوبِ عَلَى وَفْقِ مَا يَأْتِي عَنْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى قَرِيبِيهِ) ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْقَرَابَةِ لَا مَعْنَى لَهَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمَوَالِي لَهُمْ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ وَيَحْرُمُ عَلَى آلِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَمَوَالِي الْكُلِّ صَدَقَةُ الْفَرْضِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: كَانَ يَشْرَبُ مِنْ سِقَايَاتِ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى حُرْمَةِ الصَّدَقَاتِ الْعَامَّةِ أَيْضًا عَلَيْهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامِ وَفِي النَّاشِرِيِّ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ صَدَقَاتُ الْأَعْيَانِ كَانَتْ حَرَامًا عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم دُونَ الْعَامَّةِ كَالْمَسَاجِدِ وَمِيَاهِ الْآبَارِ وَأَبْدَى الْمَاوَرْدِيُّ وَجْهًا آخَرَ اخْتَارَهُ أَنَّ مَا كَانَ أَمْوَالًا مُتَقَوِّمَةً كَانَتْ مُحَرَّمَةً دُونَ مَا كَانَ مِنْهَا غَيْرَ مُتَقَوِّمٍ فَتَخْرُجُ صَلَاتُهُ فِي الْمَسَاجِدِ وَشُرْبُهُ مَاءَ زَمْزَمَ وَبِئْرِ رُومَةَ (تَنْبِيهٌ)

اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ يُشَارِكُونَ نَبِيَّنَا صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ أَمْ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِهِ دُونَهُمْ فَقَالَ بِالْأَوَّلِ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَبِالثَّانِي سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. اهـ. مَا فِي النَّاشِرِيِّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي حُرْمَةِ الصَّدَقَةِ عَلَيْهِ بَيْنَ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ وَلَا بَيْنَ مَا كَانَ أَمْوَالًا مُتَقَوِّمَةً وَمَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَكِنْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ شَرِبَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الصَّدَقَاتِ اُسْتُثْنِيَتْ عَلَى هَذَا وَأَنَّهُ صَلَّى فِي بَعْضِ الْمَسَاجِدِ فَيَحْتَاجُ لِاسْتِثْنَائِهِ عَلَى هَذَا وَلِتَوْجِيهِ اسْتِثْنَائِهِ وَأَمَّا صَلَاتُهُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامُ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى فَقَدْ يُقَالُ لَا تَرِدُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَهُمَا عَلَى يَدِ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَيُقَاسُ بِهَا مَوَالِيهَا) يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَمَوَالِيهِ (قَوْلُهُ: وَتَصْوِيتٌ عَلَيْهِ عَالِي) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَكَرِهَ بَعْضُهُمْ رَفْعَهُ عِنْدَ قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم. اهـ. فَانْظُرْ لَوْ رَفَعَهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم هَلْ يُكْرَهُ أَيْضًا وَكَتَبَ أَيْضًا وَنَقَلَ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ كَرَاهَةَ الرَّفْعِ عِنْدَ قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ظَاهِرٌ وَأَلْحَقَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ كَلَامَهُ الْمَأْثُورَ بَعْدَ مَوْتِهِ بِكَلَامِهِ فِي حَيَاتِهِ قَالَ فَإِذَا قُرِئَ وَجَبَ عَلَى كُلِّ حَاضِرٍ أَنْ لَا يَرْفَعَ صَوْتَهُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْرِضُ عَنْهُ كَمَا كَانَ يَجِبُ ذَلِكَ عِنْدَ تَلَفُّظِهِ بِهِ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالِاسْتِمَاعِ لِلْقُرْآنِ وَالسُّنَّةُ وَحْيٌ فَلَهَا حُكْمُ الْقُرْآنِ. اهـ. وَاَلَّذِي يَجِيءُ عَلَى قَوَاعِدِنَا عَدَمُ وُجُوبِ ذَلِكَ فِيهِمَا وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ التَّأْكِيدَ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: عَلَى صَوْتِهِ) الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ اعْتِبَارُ صَوْتِهِ الْوَاقِعِ بِالْفِعْلِ وَهُوَ وَجِيهٌ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: مِنْ وَرَاءِ حُجْرَتِهِ) التَّقْيِيدُ بِإِضَافَةِ الْحُجْرَةِ إلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لِلْغَالِبِ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ حُجْرَتُهُ وَحُجْرَةِ غَيْرِهِ نَظَرًا لِلْمَعْنَى فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَبِاسْمِهِ)

ــ

[حاشية الشربيني]

يَجِبُ عَلَيْهِ إلَخْ) إنْ كَانَ مِنْ مَالِهِ فَوَجْهُ الْخُصُوصِيَّةِ ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ فَبِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْأَئِمَّةِ بَعْدَهُ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَبِحُرْمَةِ أَنْ يُنَادَى بِاسْمِهِ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ

ص: 86

مَعَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ التَّكْنِيَةَ؛ لِأَنَّهَا تَعْظِيمٌ فَالْأَوْجَهُ جَوَازُ نِدَائِهِ صلى الله عليه وسلم بِكُنْيَتِهِ وَإِنْ كَانَ نِدَاؤُهُ بِوَصْفِهِ أَعْظَمَ وَأَوْرَدَ النَّاظِمُ وَأَصْلُهُ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ فِي الْمُحَرَّمَاتِ عَلَيْهِ نَظَرًا لِمُطْلَقِ التَّحْرِيمِ وَإِلَّا فَهِيَ إنَّمَا تَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ إكْرَامًا لَهُ وَلِهَذَا أَوْرَدَهَا غَيْرُهُمَا فِي نَوْعِ الْفَضَائِلِ وَمِثْلُ هَذَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَاَلَّتِي دَخَلَ لِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ: وَأَنْ يُكْنَى أَبَا الْقَاسِمِ (وَ) بِحُرْمَةِ (نَزْعِهِ لِلَأْمَتِهْ) أَيْ دِرْعِهِ (إلَى الْمُلَاقَاةِ) مِنْهُ لِلْعَدُوِّ وَمُقَاتَلَتِهِ لَهُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهَا لِخَبَرِ «لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ يَلْبَسَ لَامَّتَهُ فَيَضَعَهَا حَتَّى يُقَاتِلَ» عَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ وَأَسْنَدَهُ أَحْمَدُ وَحَسَّنَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَاللَّامَّةُ تُجْمَعُ عَلَى لَامٍ كَتَمْرَةٍ وَتَمْرٍ وَعَلَى لُؤَمٍ كَنُغَرٍ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ كَأَنَّهُ جَمْعُ لُؤَمَةٍ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ.

(وَ) بِحُرْمَةٍ (بَذْلِ الْمِنَنِ) أَيْ إعْطَائِهِ الْعَطَايَا (مُسْتَكْثِرًا) قَالَ تَعَالَى {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: 6] أَيْ لَا تُعْطِ شَيْئًا لِتَأْخُذَ أَكْثَرَ مِنْهُ (وَ) بِحُرْمَةِ (خَائِنَاتِ الْأَعْيَنِ) لِخَبَرِ «مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيَنِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَهِيَ الْإِيمَاءُ إلَى مُبَاحٍ مِنْ نَحْوِ ضَرَبَ أَوْ قَتَلَ عَلَى خِلَافِ مَا يَظْهَرُ زَادَ فِي التَّهْذِيبِ وَغَيْرِهِ ثُمَّ أُبِيحَ لَهُ إذَا أَرَادَ سَفَرًا أَيْ لِحَرْبٍ أَنْ يُورِي بِغَيْرِهِ وَسُمِّيَ خَائِنَةَ الْأَعْيَنِ لِشَبَهِهِ بِالْخِيَانَةِ بِإِخْفَائِهِ وَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ إلَّا فِي مَحْظُورٍ (وَ) بِحُرْمَةِ (حَبْسِ مَنْ تَقْلَاهُ) أَيْ إمْسَاكِهِ مَنْ تَكْرَهُهُ فِي نِكَاحِهِ كَمَا هُوَ قَضِيَّةُ تَخْيِيرِهِ نِسَاءَهُ وَاحْتَجَّ لَهُ كَغَيْرِهِ بِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ (لِلْعَائِذَةِ) أَيْ لِخَبَرِ الْعَائِذَةِ (بِاَللَّهِ مِنْهُ) بِقَوْلِهَا أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك وَهُوَ «قَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم لَهَا لَقَدْ اسْتَعَذْتِ بِمَعَاذٍ الْحَقِي بِأَهْلِك» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَ) بِحُرْمَةِ (نِكَاحِ الْأَمَةِ) عَلَيْهِ وَلَوْ مُسْلِمَةً؛ لِأَنَّ نِكَاحَهَا مُعْتَبَرٌ بِخَوْفِ الْعَنَتِ وَهُوَ مَعْصُومٌ وَبِفِقْدَانِ مَهْرِ الْحُرَّةِ وَنِكَاحُهُ غَنِيٌّ عَنْ الْمَهْرِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً (وَ) بِحُرْمَةِ نِكَاحِهِ (لِلْكِتَابِيَّةِ) ؛ لِأَنَّهَا تَكْرَهُ صُحْبَتَهُ؛ وَلِأَنَّهُ أَشْرَفُ مِنْ أَنْ يَضَعَ مَاءَهُ فِي رَحِمِ كَافِرَةٍ.

وَفِي الْخَبَرِ «سَأَلْت رَبِّي أَنْ لَا أُزَوَّجَ إلَّا مَنْ كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ فَأَعْطَانِي» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَخَرَجَ بِالنِّكَاحِ التَّسَرِّي وَلَوْ بِالْكِتَابِيَّةِ فَيَجُوزُ لَهُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا (وَ) بِحُرْمَةِ (الَّتِي دَخَلْ) بِهَا بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ (لِغَيْرِهِ) أَيْ عَلَى غَيْرِهِ قَالَ تَعَالَى {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ} [الأحزاب: 53] الْآيَةَ وَقَالَ {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6] وَقِيسَ بِزَوْجَتِهِ أَمَتُهُ وَمَا قَرَّرْتُهُ فِيهَا هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الطَّاوُسِيُّ وَالْبَارِزِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا بِلَا تَرْجِيحٍ وَظَاهِرُ الْأَدِلَّةِ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَا تَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ وَلَا أُمٍّ لِلْمُؤْمِنِينَ لَكِنْ الْمَنْعُ أَقْوَى مَعْنًى وَخَرَجَ غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا فَإِنْ كَانَتْ أَمَتَهُ لَمْ تَحْرُمْ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ زَوْجَتَهُ حَرُمَتْ إنْ مَاتَ عَنْهَا وَإِنْ فَارَقَهَا فِي الْحَيَاةِ فَقَدْ حَكَى الرَّافِعِيُّ تَصْحِيحَ عَدَمِ تَحْرِيمِهَا عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لَكِنَّهُ حَكَى عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ تَحْرِيمَهَا مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْأَدِلَّةِ وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ هَذَا إذَا لَمْ تَخْتَرْ الْمُخَيَّرَةُ فِرَاقَهُ فَإِنْ اخْتَارَتْ فِرَاقَهُ

ــ

[حاشية العبادي]

نَعَمْ تَكَرَّرَ نِدَاءُ جِبْرِيلَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ لَهُ بِيَا مُحَمَّدُ فَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْحُرْمَةَ خَاصَّةٌ بِالْبَشَرِ وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ أَنَّهُ مُرْسَلٌ لِلْمَلَائِكَةِ حَجَرٌ وَقَوْلُهُ: خَاصَّةً بِالْبَشَرِ يَنْبَغِي وَالْجِنُّ (قَوْلُهُ: وَنَزْعِهِ لَلَامَّتِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ إيجَابُ الذَّهَابِ إذَا تَوَجَّهَ لِلْعَدُوِّ لَا خُصُوصُ اللَّامَّةِ (قَوْلُهُ: خَائِنَةِ الْأَعْيَنِ) كَانَ الْإِضَافَةُ لِلْأَعْيُنِ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ بِهَا (قَوْلُهُ: بِقَوْلِهَا أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ رُوِيَ أَنَّ نِسَاءً لَقَّنَّهَا أَنْ تَقُولَ لَهُ ذَلِكَ وَقُلْنَ لَهَا إنَّهُ كَلَامٌ يُعْجِبُهُ. اهـ. فَإِنْ قُلْت كَيْفَ وَقَعْنَ فِي ذَلِكَ مَعَ أَنَّ فِيهِ إضْرَارًا لَهَا وَكَذِبَا عَلَيْهِ عليه الصلاة والسلام قُلْت لَعَلَّهُ بِاجْتِهَادٍ مِنْهُنَّ أَدَّاهُنَّ إلَى جَوَازِ ذَلِكَ لِدَفْعِ ضَرَرِ الْغِيرَةِ عَنْهُنَّ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ خَبَرُ الْعَائِذَةِ (قَوْلُهُ: فِي رَحِمِ كَافِرَةٍ) أَيْ بِطَرِيقِهِ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ النِّكَاحُ (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى غَيْرِهِ)(تَنْبِيهٌ آخَرُ)

تَحْرِيمُ أَزْوَاجِهِ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ خَاصٌّ بِهِ دُونَ سَائِرٍ الْأَنْبِيَاءِ فَلَا تَحْرُمُ أَزْوَاجُ الْأَنْبِيَاءِ بَعْدَ مَوْتِهِمْ عَلَيْهِمْ قَالَهُ الْقُضَاعِيُّ فِي عُيُونِ الْمَعَارِفِ كَذَا فِي النَّاشِرِيِّ وَلَيْسَ فِيهِ إفْصَاحٌ بِحُكْمِ مُفَارَقَتِهِمْ (قَوْلُهُ: وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ فَلَقَدْ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَيْ يُقَالُ لَهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ لَا أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنَاتِ وَلَا يُقَالُ لِبَنَاتِهِنَّ أَخَوَاتُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا لِآبَائِهِنَّ وَأُمَّهَاتُهُنَّ أَجْدَادُ الْمُؤْمِنِينَ وَجَدَّاتُهُمْ وَلَا لِإِخْوَتِهِنَّ وَأَخَوَاتِهِنَّ أَخْوَالُ الْمُؤْمِنِينَ وَخَالَاتُهُمْ. اهـ. وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ التَّعَرُّضُ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ

ــ

[حاشية الشربيني]

مَوْتِهِ ع ش (قَوْلُهُ: وَبِحُرْمَةِ نَزْعِهِ لِلَأْمَتِهِ) بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ وَمِثْلُهُ سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ؛ لِأَنَّ نَزْعَهَا يُنْبِئُ عَنْ الْجُبْنِ النَّاشِئِ عَنْ ضَعْفِ الْيَقِينِ الْمُنَافِي لِمَقَامِ النُّبُوَّةِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: أَيْ دِرْعُهُ) فَسَّرَهَا حَجَرٌ وَغَيْرُهُ بِالسِّلَاحِ (قَوْلُهُ: أَيْ لَا تُعْطِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِهِ جَائِزٌ لَكِنْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ الْآخِذُ فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ: أَيْضًا أَيْ لَا تُعْطِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر: 6] أَيْ تَطْلُبُ الْكَثْرَةَ بِالطَّمَعِ فِي الْعِوَضِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ خِلَافًا لِلْحَاوِي كَالْعَزِيزِ مِنْ أَنَّ الْمَعْنَى لَا تُعْطِ شَيْئًا طَالِبًا أَكْثَرَ مِنْهُ إذْ الْأَوَّلُ هُوَ اللَّائِقُ بِمَقَامِهِ صلى الله عليه وسلم وَنَقْلُ الْبَغَوِيّ الثَّانِيَ عَنْ الْأَكْثَرِ مُعَارِضٌ بِنَقْلِ غَيْرِهِ الْأَوَّلَ مِنْهُمْ. اهـ. وَمِثْلُهُ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: فِي نِكَاحِهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ حَبْسُ مَنْ كَرِهَتْهُ فِي مِلْكِهِ إذَا كَانَتْ أَمَةً م ر (قَوْلُهُ: الْحَقِي) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ شَرْقَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ) هُوَ الْأَصَحُّ رَوْضٌ (قَوْلُهُ:

ص: 87

فَمِنْهُمْ مَنْ طَرَدَ فِيهَا الْخِلَافُ وَالْأَظْهَرُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْقَطْعُ بِالْحِلِّ وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِلتَّخْيِيرِ وَجَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَحَكَوْا فِيهِ الِاتِّفَاقَ وَزَادَ قَوْلُهُ (قِيلَ وَ) بِحُرْمَةِ أَكْلِ (ثُومٍ وَبَصَلْ) وَكُرَّاثٍ عَلَيْهِ وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا الْكَرَاهَةُ وَإِنَّمَا تَرَكَ أَكْلَهَا لِتَأَذِّي الْمَلَائِكَةِ بِرَائِحَتِهَا وَفِي مُسْلِمٍ أَنَّ «أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ صَنَعَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا فِيهِ ثُومٌ وَفِي رِوَايَةٍ أَرْسَلَ إلَيْهِ بِطَعَامٍ مِنْ خَضِرَةٍ فِيهِ بَصَلٌ أَوْ كُرَّاثٌ فَرَدَّهُ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ أَحَرَامٌ هُوَ قَالَ لَا وَلَكِنِّي أَكْرَهُهُ» .

وَخُصَّ بِحُرْمَةِ مَدِّ الْعَيْنِ إلَى مَا مُتِّعَ بِهِ النَّاسُ قَالَ تَعَالَى {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ} [طه: 131] الْآيَةَ وَبِحُرْمَةِ الْخَطِّ وَالشِّعْرِ قَالَ تَعَالَى {وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} [العنكبوت: 48] وَقَالَ {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ} [يس: 69] قَالَ الرَّافِعِيُّ وَإِنَّمَا يُتَّجَهُ الْقَوْلُ بِتَحْرِيمِهِمَا مِمَّنْ يَقُولُ إنَّهُ كَانَ يُحْسِنُهُمَا لَكِنَّهُ يَمْتَنِعُ مِنْهُمَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ كَانَ لَا يُحْسِنُهُمَا زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قُلْت لَا يَمْتَنِعُ تَحْرِيمُهُمَا وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهُمَا وَالْمُرَادُ تَحْرِيمُ التَّوَصُّلِ إلَيْهِمَا (قُلْتُ وَ) بِحُرْمَةِ (أَنْ يُكَنَّى أَبَا الْقَاسِمِ مَنْ سُمِّي مُحَمَّدًا) غَيْرُهُ صلى الله عليه وسلم (وَلَوْ) فِي (هَذَا الزَّمَنْ) بِخِلَافِ التَّكَنِّي بِهِ لِمَنْ لَيْسَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا لِخَبَرِ «مَنْ تَسَمَّى بِاسْمِي فَلَا يُكْتَنَى بِكُنْيَتِي وَمَنْ تَكَنَّى بِكُنْيَتِي فَلَا يَتَسَمَّى بِاسْمِي» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ الْمَنْعُ مُطْلَقًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «تَسَمَّوْا بِاسْمِي وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِي» وَرَجَّحَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَالرَّافِعِيُّ الْأَوَّلَ بَعْدَ نَقْلِهِمَا النَّصَّ الْمَذْكُورَ وَمَا رَجَّحَاهُ فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ بِخِلَافِ النَّصِّ وَأَمَّا تَكْنِيَةُ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَلَدَهُ مُحَمَّدَ ابْنَ الْحَنَفِيَّةِ بِذَلِكَ فَرُخْصَةٌ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ.

قَالَ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ وَأَمَّا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي قَدْ وَلَدْت غُلَامًا فَسَمَّيْته مُحَمَّدًا وَكَنَيْتُهُ أَبَا الْقَاسِمِ فَذُكِرَ لِي أَنَّك تَكْرَهُ ذَلِكَ فَقَالَ مَا الَّذِي أَحَلَّ اسْمِي وَحَرَّمَ كُنْيَتِي أَوْ مَا الَّذِي حَرَّمَ كُنْيَتِي وَأَحَلَّ اسْمِي» فَيُشْبِهُ إنْ صَحَّ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ النَّهْيِ؛ لِأَنَّ أَحَادِيثَ النَّهْيِ أَصَحُّ. اهـ. وَلَوْ قَالَ وَلِأَنَّ بِالْوَاوِ كَانَ حَسَنًا وَضَعَّفَ النَّوَوِيُّ مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ: ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ أَحَدُهُمَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ وَالثَّانِي مَذْهَبُ مَالِكٍ وَهُوَ الْجَوَازُ مُطْلَقًا وَالثَّالِثُ يَجُوزُ لِمَنْ لَيْسَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا دُونَ غَيْرِهِ وَمَنْ جَوَّزَ مُطْلَقًا جَعَلَ النَّهْيَ مُخْتَصًّا بِحَيَاتِهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: وَقَدْ اسْتَدَلَّ لَهُ بِمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ سَبَبِ النَّهْيِ وَهُوَ أَنَّ الْيَهُودَ تَكَنَّوْا بِهِ وَكَانُوا يُنَادُونَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ فَإِذَا الْتَفَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالُوا لَمْ نُعْنِكْ إظْهَارًا لِلْإِيذَاءِ وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ الْمَعْنَى وَهَذَا الْمَذْهَبُ أَقْرَبُ. اهـ.

وَمَا قَالَ إنَّهُ أَقْرَبُ مُخَالِفٌ لِقَاعِدَةِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ وَإِنَّمَا لَمْ يَنْهَ عَنْ التَّسْمِيَةِ بِاسْمِهِ مَعَ وُجُودِ الْإِيذَاءِ بِالنِّدَاءِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يُنَادَى بِهِ غَالِبًا وَلَوْ نُودِيَ بِهِ لَمْ يَجِبْ إلَّا لِضَرُورَةٍ ثُمَّ ثَلَّثَ بِالْمُبَاحَاتِ فَقَالَ (وَ) خُصَّ (بِإِبَاحَةِ الْوِصَالِ صَائِمَا) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ «صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ الْوِصَالِ فَقِيلَ إنَّك تُوَاصِلُ فَقَالَ إنِّي لَسْت مِثْلَكُمْ إنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى» أَيْ أُعْطَى قُوَّةَ الطَّاعِمِ وَالشَّارِبِ (وَ) بِإِبَاحَةِ (أَخْذِهِ الصَّفِيَّ مِنْ مَغَانِمَا أَيْ الَّذِي يَخْتَارُ) مِنْهَا (قَبْلَ الْقَسْمِ) مِنْ جَارِيَةٍ وَغَيْرِهَا وَهَذَا التَّفْسِيرُ مِنْ زِيَادَتِهِ (وَ) بِإِبَاحَةِ (خُمُسِ خُمْسِ فَيْئِهِ وَالْغُنْمِ) كَانَ صلى الله عليه وسلم يُنْفِقُ مِنْهُ فِي مَصَالِحِهِ وَمَا فَضَلَ جَعَلَهُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّهُ كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ الْفَيْءِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ هُنَا مَا يَأْخُذُهُ لَهُ وَلِأَهْلِهِ وَهُنَاكَ مَا كَانَ لَهُ لَوْ أَرَادَ أَخْذَهُ لَكِنَّهُ لَمْ يَسْتَأْثِرْ بِهِ (وَ) بِإِبَاحَةِ (جَعْلِهِ الْمِيرَاثَ عَنْهُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَهِيَ أَيْ الْفَضَائِلُ وَالْإِكْرَامُ تَحْرِيمُ مَنْكُوحَاتِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَلَوْ مُطَلَّقَاتٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَلَوْ بِاخْتِيَارِهِنَّ لِفِرَا قِه وِفَاقًا لِلْجُمْهُورِ خِلَافًا لِمَا فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ.

وَسَوَاءٌ كُنَّ مَوْطُوآتٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَبِحُرْمَةِ الْخَطِّ) وَبِحُرْمَةِ تَعَلُّمِ الْخَطِّ وَالْقِرَاءَةِ مِنْ الْكِتَابِ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْمُعْجِزَةِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: كَانَ حَسَنًا) ؛ لِأَنَّ كُلًّا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا مُسْتَقِلًّا (قَوْلُهُ: وَبِإِبَاحَةِ الْوِصَالِ صَائِمًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمُبَاحِ هُنَا مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ بَلْ مَا لَا حَرَجَ فِي فِعْلِهِ وَلَا فِي تَرْكِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ أُعْطِيَ قُوَّةَ الطَّاعِمِ وَالشَّارِبِ) فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إذَا كَانَ يُطْعَمُ وَيُسْقَى فَلَا وِصَالَ فَلَمْ يَصِحَّ أَنَّهُ خَصَّ بِإِبَاحَةِ الْوِصَالِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ فَرَضَ الْحَمْلَ عَلَى الظَّاهِرِ وَأَنَّهُ يُطْعَمُ وَيُسْقَى حَقِيقَةً لَمْ يَرِدْ؛ لِأَنَّ ذَاكَ مِنْ طَعَامِ وَشَرَابِ الْجَنَّةِ وَهُوَ غَيْرُ مُفْطِرٍ وَأَقُولُ فِي الْحَدِيثِ إشَارَةٌ قَوِيَّةٌ إلَى وُقُوعِ الْوِصَالِ حَقِيقَةً مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: فِي جَوَابِ قَوْلِهِمْ إنَّك تُوَاصِلُ إنِّي لَسْت مِثْلَكُمْ دُونَ أَنْ يَقُولَ إنِّي لَا أُوَاصِلُ كَمَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِرَدِّ قَوْلِهِمْ لَوْ لَمْ يَكُنْ يُوَاصِلُ حَقِيقَةً فَتَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ: خُمُسُ خُمُسِ فَيْئِهِ وَالْمَغْنَمُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَلَهُ أَيْضًا مَعَ خُمُسِ خُمُسِ الْغَنِيمَةِ سَهْمٌ كَسِهَامِ الْغَانِمِينَ (قَوْلُهُ: وَجَعْلُهُ الْمِيرَاثَ عَنْهُ صَدَقَةً) وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا فَضَلَ مِنْ التَّرِكَةِ عَنْ نَحْوِ الدَّيْنِ وَمُؤَنِ التَّجْهِيزِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْكَرَاهَةُ) أَيْ وَلَوْ مَطْبُوخًا كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ. اهـ. شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ: وَبِحُرْمَةِ أَنْ يُكَنَّى إلَخْ) قَالَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ مُطْلَقًا عَلَى الْمَذْهَبِ قَالَ ع ش أَيْ سَوَاءٌ كَانَ اسْمُهُ مُحَمَّدًا أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ فِي زَمَنِهِ أَوْ لَا وَلَوْ سُمِّيَ شَخْصٌ ابْتِدَاءً بِأَبِي الْقَاسِمِ حَرُمَ مُطْلَقًا أَيْ فِي زَمَنِهِ أَوْ لَا. اهـ.

(قَوْلُهُ: جَمَعَ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ) فَيَكُونُ الْمَعْنَى وَلَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي عِنْدَ تَسْمِيَتِكُمْ بِاسْمِي (قَوْلُهُ: بِالْمُبَاحَاتِ) الْمُرَادُ بِهَا مَا لَا حَرَجَ فِي فِعْلِهِ وَلَا فِي تَرْكِهِ لَا مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: بِإِبَاحَةِ الْوِصَالِ) أَيْ اسْتِحْبَابِهِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: بِإِبَاحَةِ جَعْلِ الْمِيرَاثِ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ فَوَّضَ إلَيْهِ الْأَمْرَ فِيهِ فَجَعَلَهُ صَدَقَةً فَوَجَبَ التَّصَدُّقُ بِهِ وَعِبَارَةُ

ص: 88

صَدَقَهْ) عَلَى الْمُسْلِمِينَ لَا يَخْتَصُّ بِهِ الْوَارِثُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةً» .

وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِنَبِيِّنَا بَلْ سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ مِثْلُهُ فَهُوَ مِنْ خَصَائِصِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ وَزَادَ قَوْلَهُ (تَخْفِيفًا أَوْ كَرَامَةً مُحَقَّقَهْ) تَنْبِيهًا عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ ذَلِكَ مِنْ نَوْعِ التَّخْفِيفَاتِ كَمَا قَالَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ أَوْ مِنْ نَوْعِ الْكَرَامَاتِ كَمَا قَالَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ (وَ) بِإِبَاحَةِ (أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا) لِنَفْسِهِ وَفَرْعِهِ (وَ) أَنْ يَكُونَ (قَابِلَهْ) أَيْ الشَّاهِدُ لَهُ وَلِفَرْعِهِ (وَ) أَنْ يَكُونَ (حَاكِمًا) لَهُمَا وَأَنْ يَحْكُمَ وَيُفْتِيَ حَالَ غَضَبِهِ بِغَيْرِ كُرْهٍ؛ لِأَنَّهُ مَعْصُومٌ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَشْهَدُ وَيُقْبَلُ وَيَحْكُمُ عَلَى عَدُوِّهِ فَقَوْلُهُ: (لِفَرْعِهِ الزَّاكِي وَلَهْ) أَيْ وَلِنَفْسِهِ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ.

وَوَصْفُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ الْفَرْعَ بِالزَّاكِي لِمُجَرَّدِ الْمَدْحِ (وَبِالْحِمَى) أَيْ وَبِإِبَاحَةِ الْحِمَى (لِنَفْسِهِ) وَإِنْ لَمْ يَحْمِ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ «لَا حِمَى إلَّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ» وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ إنَّمَا يَحْمِي لِنَحْوِ نَعَمِ الصَّدَقَةِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (وَ) بِإِبَاحَةِ أَنْ (يَأْخُذَا طَعَامَ ذِي الْحَاجَةِ) مِنْ مَأْكُولٍ وَمَشْرُوبٍ (وَلْيَبْذُلَهُ) لَهُ وُجُوبًا (ذَا) أَيْ الْمُحْتَاجَ إلَيْهِ وَيَفْدِيَ بِمُهْجَتِهِ مُهْجَتَهُ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِثْلُهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ لَوْ قَصَدَهُ ظَالِمٌ فَعَلَى مَنْ حَضَرَهُ أَنْ يَبْذُلَ نَفْسَهُ دُونَهُ (وَأَنَّهُ مِمَّنْ يَشَا وَمِنْهُ زَوَّجَ مَنْ شَاءَ) أَيْ إبَاحَةُ أَنَّهُ يُزَوِّجُ مَنْ شَاءَ مِنْ النِّسَاءِ مِمَّنْ يَشَاءُ مِنْ غَيْرِهِ وَمِنْ نَفْسِهِ (وَلَمْ يَأْذَنْهُ) أَيْ وَالْحَالَةُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْوَلِيِّ وَالْمَرْأَةِ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَيَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ بِلَا إذْنٍ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ (وَبِالنِّكَاحِ هِبَةً) أَيْ وَبِإِبَاحَةِ نِكَاحِهِ بِلَفْظِ الْهِبَةِ مِنْ جِهَةِ الْمَرْأَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً} [الأحزاب: 50] الْآيَةَ أَمَّا مِنْ جِهَتِهِ صلى الله عليه وسلم فَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ النِّكَاحِ أَوْ التَّزَوُّجِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ تَرْجِيحِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا} [الأحزاب: 50] وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تَحِلُّ لَهُ بِتَزْوِيجِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ تَلَفُّظٍ بِعَقْدٍ كَمَا فِي قِصَّةِ امْرَأَةِ زَيْدٍ {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} [الأحزاب: 37](وَ) بِإِبَاحَةِ (إنْ نَكَحْ مَا فَوْقَ أَرْبَعٍ) إلَى تِسْعٍ اتِّفَاقًا وَقَدْ مَاتَ عَنْ تِسْعٍ كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ (وَ) مَا فَوْقَ (تِسْعٍ فِي الْأَصَحْ) ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُونُ الْجَوْرِ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ الْمَزِيدُ عَلَى الْحَاوِي أَنَّهُ لَا يَنْكِحُ مَا فَوْقَ تِسْعٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ جَوَازِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِنَّ فَفِي ذِكْرِ مَا فَوْقَ التِّسْعِ تَنْبِيهٌ عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ عَدَمِ انْتِهَاءِ الزِّيَادَةِ إلَيْهِنَّ إذْ لَوْ سَكَتَ عَنْهُ لَاحْتَمَلَ كَلَامُهُ الِانْتِهَاءَ إلَيْهِنَّ أَخْذًا بِالْمُقَابِلِ الضَّعِيفِ.

(وَ) بِإِبَاحَةِ أَنْ يَنْكِحَ (دُونَ مَهْرٍ) وَهُوَ بِمَعْنَى الْهِبَةِ فَلَا يَجِبُ مَهْرٌ ابْتِدَاءً وَلَا انْتِهَاءً (وَ) دُونَ (شُهُودٍ وَوَلِيّ) ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ الشُّهُودِ لَا مِنْ الْجُحُودِ وَهُوَ مَأْمُونٌ مِنْهُ وَالْمَرْأَةُ لَوْ جَحَدَتْ لَا يَلْتَفِتُ إلَيْهَا بَلْ قَالَ الْعِرَاقِيُّ شَارِحُ الْمُهَذَّبِ تَكْفُرُ بِتَكْذِيبِهِ وَاعْتِبَارُ الْوَلِيِّ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى الْكَفَاءَةِ وَهُوَ فَوْقَ الْأَكْفَاءِ (وَ) بِإِبَاحَةِ أَنْ يَنْكِحَ (قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ بِالتَّحَلُّلِ) مِنْ الْإِحْرَامِ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَكَلَامُ النَّقَلَةِ بِتَرْجِيحِهِ أَشْبَهُ وَصَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَكَحَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ» لَكِنْ أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ كَانَ حَلَالًا كَمَا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَفِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ «قَالَتْ تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ حَلَالَانِ بِسَرَفٍ» وَقَالَ أَبُو رَافِعٍ «تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ وَكُنْت السَّفِيرَ بَيْنَهُمَا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَقَدْ رَدَّ الشَّافِعِيُّ بِهَذَا رِوَايَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ الْأُولَى (قُلْت وَ) بِإِبَاحَةِ (أَنْ يَدْخُلَ مَكَّة) بِالصَّرْفِ لِلْوَزْنِ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: تَخْفِيفًا) أَيْ خَفَّفَ عَنْهُ بِأَنْ أُبِيحَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ صَدَقَةً بِرّ (قَوْلُهُ: لِمُجَرَّدِ الْمَدْحِ) إذْ لَا يَكُونُ إلَّا رَاكِبًا (قَوْلُهُ: مِنْ النِّسَاءِ) حَاوَلَ الْجَوْجَرِيُّ التَّعْمِيمَ بِرّ (قَوْلُهُ: تَحِلُّ لَهُ بِتَزْوِيجِ اللَّهِ تَعَالَى) فَقَوْلُهُ: السَّابِقُ أَمَّا مِنْ جِهَتِهِ إلَخْ مَحِلُّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ تَزْوِيجُ اللَّهِ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ وَخُصَّ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّهُ لَا يُورَثُ وَبِوُجُوبِ تَصَدُّقٍ بِإِرْثِهِ. اهـ. وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ نَوْعِ الْكَرَامَاتِ وَالشَّارِحُ جَرَى عَلَى أَنَّهُ مِنْ التَّخْفِيفَاتِ أَيْ خَفَّفَ عَنْهُ بِأَنْ أُبِيحَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ صَدَقَةً كَمَا قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ وَلِذَلِكَ قَالَ فِي حِلِّ الْمَتْنِ وَبِإِبَاحَةِ جَعْلِ الْمِيرَاثِ إلَخْ لَكِنْ هَذَا لَا يُنَاسِبُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ تَخْفِيفًا أَوْ كَرَامَةً فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَبْقَى الْمَتْنُ عَلَى إجْمَالِهِ بِأَنْ يَتْرُكَ لَفْظَ الْإِبَاحَةِ حَتَّى يَكُونَ مُحْتَمَلًا لِلْأَمْرَيْنِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ نَوْعِ الْكَرَامَاتِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَصَدَّقَ بِهِ اسْتَمَرَّ لَهُ ثَوَابُهُ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ قَابِلُهُ) أَيْ الشَّاهِدُ كَمَا «قَبِلَ شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ لِنَفْسِهِ صلى الله عليه وسلم» شَرْحُ الرَّوْضِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ شَهِدَ لَهُ وَلَوْ وَاحِدًا بِلَا تَزْكِيَةٍ وَلَا يَحْتَاجُ لِآخَرَ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: ذِي الْحَاجَةِ) وَلَوْ اُضْطُرَّ إلَيْهِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: مَأْمُونُ الْجَوْرِ) فَكَانَ النِّكَاحُ فِي حَقِّهِ كَالشِّرَاءِ فِي حَقِّنَا وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ وَلِيٌّ وَلَا شُهُودٌ وَلَا إذْنٌ وَلَا شَيْءٌ مِمَّا يَأْتِي. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: أَكْثَرُ) أَيْ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ

ص: 89

وَبِمَنْعِهِ بِدُخُولِ الْخَيْلِ (وَلَا إحْرَامَ) أَيْ بِلَا إحْرَامٍ وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ بِلَا خِلَافٍ (فِي التَّلْخِيصِ) وَغَيْرِهِ (هَذَا نُقِلَا) وَفِي جَوَازِهِ لِغَيْرِهِ بِلَا عُذْرٍ خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ أَيْضًا (وَ) بِإِبَاحَةِ (كَوْنِهِ بَيْنَ النِّسَاءِ لَا يُجْرِي قَسْمًا) أَيْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْسِمَ بَيْنَهُنَّ (كَذَا صَحَّحَهُ الْإِصْطَخْرِي) وَاَلَّذِي (قَالَ) بِهِ (الْعِرَاقِيُّونَ وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ) بِتَرْكِ تَنْوِينِهِ لِلْوَزْنِ (ثُمَّ الْبَغَوِيّ) أَنَّهُ (يَجِبُ) عَلَيْهِ كَغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ «اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَرُوِيَ مُرْسَلًا وَهُوَ أَصَحُّ (وَ) بِإِبَاحَةِ (أَنْ يُصَلِّي بَعْدَ نَوْمٍ يَنْقُضُ وُضُوءَ مَنْ سِوَاهُ مِنْ غَيْرِ وُضُو) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم اضْطَجَعَ وَنَامَ حَتَّى نَفَخَ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» وَقَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ وُضُوءٍ صِلَةُ يُصَلِّي أَمَّا نَوْعُ الْفَضَائِلِ فَلَمْ يُفْرِدْهُ الْحَاوِي عَنْ الْأَنْوَاعِ السَّابِقَةِ بَلْ ذَكَرَ مِنْهُ قَلِيلًا فِي أَثْنَائِهَا كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ وَقَدْ أَفْرَدَهُ النَّاظِمُ فَذَكَرَ مِنْهُ مَسَائِلَ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ زِيَادَتِهِ فَقَالَ (وَبَعْضُ مَا أَكْرَمَهُ اللَّهُ بِهِ) دُونَ غَيْرِهِ لَكِنْ شَارَكَهُ الْأَنْبِيَاءُ فِي بَعْضِهَا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ (مَنَامُهُ) أَيْ نَوْمُهُ (بِالْعَيْنِ دُونَ قَلْبِهِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلَا يَنَامُ قَلْبِي» .

وَفِي الْبُخَارِيِّ فِي خَبَرِ الْإِسْرَاءِ عَنْ أَنَسٍ وَكَذَلِكَ «الْأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ» وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُمْ يُشَارِكُونَهُ فِي هَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الْإِحْدَاثِ: فَإِنْ قِيلَ هَذَا مُخَالِفٌ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَامَ فِي الْوَادِي عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ» وَلَوْ كَانَ غَيْرَ نَائِمِ الْقَلْبِ لَمَا تَرَكَ صَلَاةَ الصُّبْحِ فَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْقَلْبَ يَقْظَانُ يُحِسُّ بِالْحَدَثِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْبَدَنِ وَيَشْعُرُ بِهِ الْقَلْبُ وَلَيْسَ طُلُوعُ الْفَجْرِ وَالشَّمْسِ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُدْرَكُ بِالْعَيْنِ وَهِيَ نَائِمَةٌ وَالثَّانِي حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا قَالَ كَانَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَوْمَانِ أَحَدُهُمَا يَنَامُ قَلْبُهُ وَعَيْنُهُ وَالثَّانِي عَيْنُهُ دُونَ قَلْبِهِ فَكَانَ نَوْمُ الْوَادِي مِنْ النَّوْعِ الْأَوَّلِ (وَأَنَّهُ يُبْصِرُ مِنْ وَرَائِهِ كَمِثْلِ مَا يُبْصِرُ مِنْ تِلْقَائِهِ) كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالْأَخْبَارُ الْوَارِدَةُ فِيهِ مُقَيَّدَةٌ بِحَالَةِ الصَّلَاةِ فَهِيَ مُقَيَّدَةٌ لِقَوْلِهِ «لَا أَعْلَمُ مَا وَرَاءَ جِدَارِي» هَذَا كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَيْسَ فِيهَا أَنَّهُ كَانَ يَرَى مِنْ وَرَاءِ الْجِدَارِ وَقِيَاسُ الْجِدَارِ عَلَى جَسَدِهِ صلى الله عليه وسلم فَاسِدٌ كَمَا لَا يَخْفَى (وَأَنَّهُ لِلْأَنْبِيَاءِ قَدْ خَتَمْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40](وَأَنَّ أُمَّةً لَهُ خَيْرُ الْأُمَمْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} [آل عمران: 110](وَأَنَّهَا عَلَى الْخُطَا لَا تَجْتَمِعْ) وَأَنَّ إجْمَاعَهَا حُجَّةٌ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «لَا يَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ قَائِمَةٌ بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ» .

وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ خَبَرَ «لَا تَجْتَمِعُ هَذِهِ الْأُمَّةُ عَلَى ضَلَالَةٍ أَبَدًا» وَفِي سَنَدِهِ ضَعِيفٌ لَكِنْ أَخْرَجَ الْحَاكِمُ لَهُ شَوَاهِدَ (وَ) أَنَّ (شَرْعَهُ نَاسِخُ كُلِّ مَا شُرِعْ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ وَقَدْ أُمِرَ بِتَرْكِ شَرَائِعِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ (وَأَنَّهُ سَيِّدُ وُلْدِ آدَمَ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِهِمَا جَمْعُ وَلَدٍ بِفَتْحِهَا وَهَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَنَوْعُ الْآدَمِيِّ أَفْضَلُ الْخَلْقِ فَهُوَ صلى الله عليه وسلم أَفْضَلُ الْخَلْق (وَمِنْهُ) أَيْ وَأَنَّهُ (يُسْتَشْفَى بِبَوْلٍ وَدَمِ) مِنْهُ رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ «أَنَّ أُمَّ أَيْمَنَ شَرِبَتْ بَوْلَهُ فَقَالَ إذًا لَا تَلِجُ النَّارَ بَطْنُك» لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي الضُّعَفَاءِ «أَنَّ غُلَامًا حَجَمَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ حِجَامَتِهِ شَرِبَ دَمَهُ فَقَالَ وَيْحَك مَا صَنَعْت بِالدَّمِ؟ قَالَ: غَيَّبْته فِي بَطْنِي قَالَ: اذْهَبْ فَقَدْ أَحْرَزْت نَفْسَك مِنْ النَّارِ» قَالَ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ وَكَانَ السِّرُّ فِي ذَلِكَ مَا صَنَعَهُ الْمَلَكَانِ مِنْ غَسْلِهِمَا جَوْفَهُ وَأَنَّهُ (أَوَّلُ شَافِعٍ وَ) أَوَّلُ (مَنْ يُشَفَّعُ) وَ (أَوَّلُ مَنْ بَابِ الْجِنَانِ يَقْرَعُ)

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ أَيْضًا) وَالْكَلَامُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي دُخُولٍ لَا بِقَصْدِ النُّسُكِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ نَوْمٍ يُنْقَضُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ نَامَ قَبْلَهُ بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ لَكِنْ قَوْلُهُ: الْآتِي وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ قَدْ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا تَزَالُ مِنْ أُمَّتِي أُمَّةٌ) الْمُرَادُ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ الْعُلَمَاءُ (قَوْلُهُ: وَنَوْعُ الْآدَمِيِّ أَفْضَلُ الْخَلْقِ) فِي هَذَا الصَّنِيعِ إشَارَةً إلَى أَنَّ السِّيَادَةَ تَقْتَضِي الْأَفْضَلِيَّةَ فَتَأَمَّلْهُ

ــ

[حاشية الشربيني]

قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا يَنَامُ) قَلْبُهُ وَعَيْنُهُ وَيَكُونُ مَعْنَى تَنَامُ أَعْيُنُنَا وَلَا تَنَامُ قُلُوبُنَا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ ذَلِكَ مِنَّا ثُمَّ إنَّ الظَّاهِرَ عَلَى هَذَا أَنْ يُنْتَقَضَ وُضُوءُهُ إذَا نَامَ قَلْبُهُ فَهَذَا الْجَوَابُ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) أَيْ إنْ لَمْ يُرِدْ أَنَّهَا مُقَيِّدَةٌ لِمَفْهُومِهِ إذْ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا وَرَاءَهُ هُوَ فَيُقَيَّدُ بِحَالِ الصَّلَاةِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ مَعْنَى (قَوْلُهُ: وَقِيَاسُ الْجِدَارِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ جَسَدَهُ نُورٌ لَا يَحْجُبُ مَا وَرَاءَهُ وَلِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ظِلٌّ (قَوْلُهُ: سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ) تَبِعَ فِيهِ الْخَبَرَ «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ» وَالْمُرَادُ أَنَّهُ سَيِّدُ آدَمَ وَوَلَدِهِ وَالْخَلْقِ أَجْمَعِينَ. اهـ. بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ وَكَوْنُهُ سَيِّدُ آدَمَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَوْنِهِ سَيِّدَ وَلَدِهِ؛ لِأَنَّ فِي وَلَدِهِ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ كَأُولِي الْعَزْمِ (قَوْلُهُ: مَنْ يَشْفَعُ) أَيْ مَنْ تُجَابُ شَفَاعَتُهُ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ) وَأَمَّا خَبَرُ «فَإِذَا مُوسَى مُتَعَلِّقٌ بِقَائِمَةِ

ص: 90

رَوَاهَا مُسْلِمٌ وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَكْثَرُ الْأَنْبِيَاءِ تَبَعًا وَأَنَّ الْمَاءَ الطَّهُورَ نَبَعَ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ وَأَنَّهُ صَلَّى بِالْأَنْبِيَاءِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ لِيَظْهَرَ أَنَّهُ إمَامُ الْكُلِّ فِي الدُّنْيَا وَالْأُخْرَى وَأَنَّ كِتَابَهُ مُعْجِزٌ بِخِلَافِ كُتُبِ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ، وَمَحْفُوظٌ عَنْ التَّحْرِيفِ وَالتَّبْدِيلِ وَأُقِيمَ بَعْدَهُ حُجَّةً عَلَى النَّاسِ وَمُعْجِزَاتُ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ انْقَرَضَتْ بِانْقِرَاضِهِمْ وَكَانَ سُكُوتُهُ حُجَّةً عَلَى جَوَازِ مَا رَأَى وَلَمْ يُنْكِرْهُ.

بِخِلَافِ سُكُوتِ غَيْرِهِ وَمَنْ اسْتَهَانَ بِهِ أَوْ سَبَّهُ أَوْ هَجَاهُ أَوْ أَبْغَضَهُ أَوْ زَنَى بِحَضْرَتِهِ كَفَرَ. قَالَ النَّوَوِيُّ: وَفِي الزِّنَا نَظَرٌ وَكَانَ يُؤْخَذُ عَنْ الدُّنْيَا عِنْدَ تَلَقِّي الْوَحْيِ وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الصَّلَاةُ وَلَا غَيْرُهَا، وَنُصِرَ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ وَجُعِلَتْ لَهُ وَلِأُمَّتِهِ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَتُرَابُهَا طَهُورًا، وَأُحِلَّتْ لَهُ الْغَنَائِمُ، وَرِسَالَتُهُ عَامَّةٌ لِلْإِنْسِ وَالْجِنِّ، وَرِسَالَةُ غَيْرِهِ خَاصَّةٌ وَأَمَّا عُمُومُ رِسَالَةِ نُوحٍ بَعْدَ الطُّوفَانِ فَلِانْحِصَارِ الْبَاقِينَ فِيمَنْ كَانَ مَعَهُ، وَشَفَاعَةُ نَبِيِّنَا عَامَّةٌ وَأُمَّتُهُ شُهَدَاءُ عَلَى الْأُمَمِ بِتَبْلِيغِ الرُّسُلِ إلَيْهِمْ رِسَالَتَهُمْ، وَتَطَوُّعُهُ بِالصَّلَاةِ قَاعِدًا كَتَطَوُّعِهِ قَائِمًا وَلَوْ بِلَا عُذْرٍ، وَيُخَاطِبُهُ الْمُصَلِّي بِقَوْلِهِ سَلَامٌ عَلَيْك أَيّهَا النَّبِيُّ وَلَا يُخَاطِبُ سَائِرَ النَّاسِ وَكَانَ صلى الله عليه وسلم لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ وَيَبْلُغُهُ سَلَامُ النَّاسِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَكَانَ إذَا مَشَى فِي الشَّمْسِ أَوْ الْقَمَرِ لَا يَظْهَرُ لَهُ ظِلٌّ وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ أَنَّهُ سَأَلَ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ فِي جَمِيعِ أَعْضَائِهِ وَجِهَاتِهِ نُورًا وَخَتَمَ بِقَوْلِهِ وَاجْعَلْنِي نُورًا وَلَا يَقَعُ مِنْهُ الْإِيلَاءُ الَّذِي تُضْرَبُ لَهُ الْمُدَّةُ وَلَا الظِّهَارُ؛ لِأَنَّهُمَا حَرَامَانِ وَهُوَ مَعْصُومٌ وَيَسْتَحِيلُ اللَّعَّانُ فِي حَقِّهِ وَنَقَلَ الْفَخْرُ الرَّازِيّ أَنَّهُ كَانَ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الذُّبَابُ وَلَا يَمْتَصُّ دَمَهُ الْبَعُوضُ وَيُنْسَبُ إلَيْهِ أَوْلَادُ بَنَاتِهِ فِي الْكَفَاءَةِ، وَغَيْرِهَا وَرُؤْيَتُهُ فِي الْمَنَامِ حَقٌّ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ بِهِ لَكِنْ لَا يُعْمَلُ بِمَا سَمِعَهُ الرَّائِي مِنْهُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْأَحْكَامِ لِعَدَمِ ضَبْطِهِ لَا لِلشَّكِّ فِي رُؤْيَتِهِ.

وَالْهَدِيَّةُ لَهُ حَلَالٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ الْحُكَّامِ وَأُعْطِي جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الِاحْتِلَامُ وَكَذَا سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ، وَلَا يَجُوزُ الْجُنُونُ عَلَيْهِمْ بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ وَالْأَرْضُ لَا تَأْكُلُ لُحُومَهُمْ، وَتَعَمُّدُ الْكَذْبَةِ الْوَاحِدَةِ عَلَيْهِ كَبِيرَةٌ، وَزَوْجَاتُهُ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ فِي ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ وَوُجُوبِ الِاحْتِرَامِ دُونَ الْخَلْوَةِ وَالنَّظَرِ وَالْمُسَافَرَةِ وَالظِّهَارِ فِي التَّشْبِيهِ بِهَا قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْبَغَوِيّ: وَلَسْنَ بِأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها وَهَذَا جَارٍ عَلَى الصَّحِيحِ أَنَّ النِّسَاءَ لَا يَدْخُلْنَ فِي خِطَابِ الرِّجَالِ قَالَ الْبَغَوِيّ وَكَانَ صلى الله عليه وسلم أَبَا الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا وَقَالَ الْوَاحِدِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ هُوَ أَبُو الْمُؤْمِنِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الأحزاب: 40] قَالَ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ أَبُو الْمُؤْمِنِينَ أَيْ فِي الْحُرْمَةِ وَمَعْنَى الْآيَةِ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَدَ صُلْبِهِ، وَزَوْجَاتُهُ أَفْضَلُ النِّسَاءِ وَثَوَابُهُنَّ وَعِقَابُهُنَّ مُضَاعَفٌ وَلَا يَحِلُّ سُؤَالُهُنَّ إلَّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَيَحِلُّ سُؤَالُ

ــ

[حاشية العبادي]

(قَوْلُهُ: وَأَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ) فَيَدْخُلُهَا أَوَّلًا ثُمَّ يَخْرُجُ لِمَصَالِح الْخَلْقِ فِي الْمَوْقِفِ مِنْ الشَّفَاعَةِ وَغَيْرِهَا فَدُخُولُهُ الْجَنَّةَ سَابِقٌ أَيْضًا عَلَى دُخُولِ السَّبْعِينَ أَلْفًا الَّذِينَ يَدْخُلُونَهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْخَطَأُ) إنْ أُرِيدَ الْخَطَأُ مُسْتَمِرًّا شَمِلَ الْقَوْلَ بِجَوَازِ الْخَطَأِ فِي الِاجْتِهَادِ لَكِنْ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ بَلْ يُنَبَّهُ فِي الْحَالِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ إذْ لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ يَسْتَدْرِكُ خَطَأَهُ بِخِلَافِ غَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ. اهـ. وَقَضِيَّتُهُ جَوَازُ الْخَطَأِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ لَحْظَةً أَوْ لَحْظَتَيْنِ شَرْحٌ رَوْضٌ (قَوْلُهُ: وَمَعْنَى الْآيَةِ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَدُ صُلْبِهِ) عِبَارَةُ الْبَيْضَاوِيِّ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الأحزاب: 40] عَلَى الْحَقِيقَةِ فَيَثْبُتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مَا بَيْنَ الْوَالِدِ وَالْوَلَدِ مِنْ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ وَغَيْرِهَا وَلَا يُنْتَقَضُ عُمُومُهُ بِكَوْنِهِ أَبًا لِلطَّاهِرِ وَالْقَاسِمِ وَإِبْرَاهِيمَ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَبْلُغُوا مَبْلَغَ الرِّجَالِ وَلَوْ بَلَغُوا كَانُوا رِجَالَهُ لَا رِجَالَهُمْ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحِلُّ سُؤَالُهُنَّ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ النَّوَوِيُّ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْعَرْشِ فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صُعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي أَوْ كَانَ مِمَّنْ اسْتَثْنَى اللَّهُ» فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَالَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَبِهَامِشِهِ أَنَّ الْجَوَابَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ أَخْبَارَهُ مَقْطُوعَةُ الصِّحَّةِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الْأَرْضُ أَنْ يَكُونَ سَابِقًا فَإِنْ قُلْت يَفُوتُ مَعْنَى الْمُفَاجَأَةِ قُلْت لَا نُسَلِّمُ؛ لِأَنَّ مُفَاجَأَةَ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ. اهـ. فَتَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ اسْتَهَانَ بِهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَجْرِي فِي سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ فَلَعَلَّهُ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِأُمَّتِهِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: يُؤْخَذُ) أَيْ يَحْصُلُ لَهُ حَالَةٌ بَرْزَخِيَّةٌ مَعَ بَقَاءِ التَّكْلِيفِ. اهـ. شَيْخُنَا ذ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَفَاتَهُ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَانِ بَعْدَ الظُّهْرِ فَقَضَاهُمَا بَعْدَ الْعَصْرِ ثُمَّ وَاظَبَ عَلَيْهِمَا بَعْدَ الْعَصْرِ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِهَذِهِ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ. (قَوْلُهُ: قَالَ النَّوَوِيُّ إلَخْ) أَشَارَ م ر إلَى رَدِّ النَّظَرِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ نَظَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَخِيرِ (قَوْلُهُ: وَالْهَدِيَّةُ لَهُ جَلَالٌ) وَإِنْ كَانَ لِصَاحِبِهَا خُصُومَةٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ) أَيْ لِلْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ فَقَطْ شَيْخُنَا ذ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِلَحْظَةٍ أَوْ لَحْظَتَيْنِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَلَسْنَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ) اُنْظُرْ الْمُرَادَ بِهِ وَهَلْ هُوَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ ثُبُوتُ الْحُرْمَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلنِّسَاءِ إذْ لَا يَتَأَتَّى أَنْ يُحْرَمَ عَلَيْهِنَّ التَّزَوُّجُ بِهِنَّ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِنَّ احْتِرَامُهُنَّ (قَوْلُهُ: فِي خِطَابِ الرِّجَالِ) أَيْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِمْ سَوَاءٌ كَانَ خِطَابًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: مُضَاعَفٌ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ فَإِنْ أَتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ بِكْرًا بِفَاحِشَةٍ عُوِّذْنَ بِاَللَّهِ جُلِدَتْ مِائَتَيْنِ وَغُرِّبَتْ سَنَتَيْنِ وَثَيِّبًا جُلِدَتْ مِائَةً وَرُجِمَتْ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَحِلُّ سُؤَالُهُنَّ إلَّا مِنْ وَرَاءِ

ص: 91