الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غَيْرِهِنَّ مُشَافَهَةً وَأَفْضَلُهُنَّ خَدِيجَةُ وَعَائِشَةُ وَفِي أَفْضَلِهِمَا خِلَافٌ صَحِيحُ ابْنِ الْعِمَادِ تَفْضِيلُ خَدِيجَةَ لِمَا ثَبَتَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَائِشَةَ حِينَ قَالَتْ لَهُ قَدْ رَزَقَك اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا لَا وَاَللَّهِ مَا رَزَقَنِي اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا آمَنَتْ بِي حِينَ كَذَّبَنِي النَّاسُ وَأَعْطَتْنِي مَالَهَا حِينَ حَرَمَنِي النَّاسُ» وَسُئِلَ ابْنُ دَاوُد أَيُّهُمَا أَفْضَلُ فَقَالَ عَائِشَةُ أَقْرَأَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم السَّلَامَ مِنْ جِبْرِيلَ وَخَدِيجَةُ أَقْرَأَهَا جِبْرِيلُ مِنْ رَبِّهَا السَّلَامَ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ فَهِيَ أَفْضَلُ قِيلَ لَهُ فَمَنْ أَفْضَلُ خَدِيجَةُ أَمْ فَاطِمَةُ فَقَالَ «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي» وَلَا أَعْدِلُ بِبَضْعَةِ رَسُولِ اللَّهِ أَحَدًا، وَيَشْهَدُ لَهُ «قَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم لَهَا أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ إلَّا مَرْيَمَ» وَاحْتَجَّ مَنْ فَضَّلَ عَائِشَةَ بِمَا احْتَجَّتْ بِهِ مِنْ أَنَّهَا فِي الْآخِرَةِ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الدَّرَجَةِ وَفَاطِمَةُ مَعَ عَلِيٍّ فِيهَا وَسُئِلَ السُّبْكِيُّ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ الَّذِي نَخْتَارُهُ وَنَدِينُ اللَّهَ بِهِ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ أَفْضَلُ ثُمَّ أُمُّهَا خَدِيجَةُ ثُمَّ عَائِشَةُ ثُمَّ اسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِمَا تَقَدَّمَ بَعْضُهُ: وَأَمَّا خَبَرُ الطَّبَرَانِيِّ «خَيْرُ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ ثُمَّ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ ثُمَّ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ ثُمَّ آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ» فَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ خَدِيجَةَ إنَّمَا فَضَلَتْ فَاطِمَةَ بِاعْتِبَارِ الْأُمُومَةِ لَا بِاعْتِبَارِ السِّيَادَةِ وَاخْتَارَ السُّبْكِيُّ أَنَّ مَرْيَمَ أَفْضَلُ مِنْ خَدِيجَةَ لِهَذَا الْخَبَرِ وَلِلِاخْتِلَافِ فِي نُبُوَّتِهَا. وَخَصَائِصُهُ صلى الله عليه وسلم لَا تَنْحَصِرُ فِيمَا ذُكِرَ وَفِيهَا كُتُبٌ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى بَعْضِهَا
(فَصْلٌ فِي الْعَقْدِ) لِلنِّكَاحِ وَمُقَدِّمَاتِهِ
(يُنْدَبُ لِلْمُحْتَاجِ) إلَى النِّكَاحِ أَيْ التَّائِقِ لَهُ وَلَوْ خَصِيًّا (ذِي التَّأَهُّبِ) لَهُ بِأَنْ كَانَ وَاجِدَ الْأُهْبَةِ أَيْ مُؤْنَةٍ مِنْ الْمَهْرِ وَكِسْوَةِ فَصْلِ التَّمْكِينِ وَنَفَقَةِ يَوْمِهِ (أَنْ يَنْكِحَ) سَوَاءٌ كَانَ مُتَعَبِّدًا أَمْ لَا تَحْصِينًا لِلدِّينِ وَلِخَبَرِ «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» بِالْمَدِّ أَيْ قَاطِعٌ لِلشَّهْوَةِ، وَالْبَاءَةُ بِالْمَدِّ لُغَةً الْجِمَاعُ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا ذَلِكَ وَقِيلَ مُؤَنُ النِّكَاحِ وَالْقَائِلُ بِالْأَوَّلِ رَدَّا إلَى مَعْنَى الثَّانِي إذْ التَّقْدِيرُ عِنْدَهُ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْجِمَاعَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى مُؤَنِ النِّكَاحِ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْهُ لِعَجْزِهِ عَنْهَا فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ وَإِنَّمَا قَدَّرَهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الْجِمَاعَ لِعَدَمِ شَهْوَتِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى الصَّوْمِ لِدَفْعِهَا وَإِنْ فَقَدْ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ أُهْبَتَهُ نُدِبَ لَهُ تَرْكُهُ كَمَا فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ وَبَالَغَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فَقَالَ كُرِهَ لَهُ النِّكَاحُ وَيَكْسِرُ شَهْوَتَهُ بِالصَّوْمِ لِخَبَرِ «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ» قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: فَإِنْ لَمْ تَنْكَسِرْ بِهِ لَمْ يَكْسِرْهَا بِكَافُورٍ وَنَحْوِهِ بَلْ يَنْكِحُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الِاخْتِصَاءِ وَعِبَارَةُ الْبَغَوِيّ يُكْرَهُ أَنْ يَحْتَالَ لِقَطْعِ شَهْوَتِهِ أَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فَإِنْ فَقَدْ أُهْبَتَهُ أَوْ وَجَدَهَا وَبِهِ عِلَّةٌ كَهَرَمٍ أَوْ مَرَضٍ دَائِمٍ أَوْ تَعْنِينٍ كُرِهَ لَهُ النِّكَاحُ لِانْتِفَاءِ حَاجَتِهِ إلَيْهِ فِيهِمَا مَعَ الْتِزَامِ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى وَخَطَرَ الْقِيَامُ بِوَاجِبِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ وَجَدَهَا وَلَا عِلَّةَ بِهِ لَمْ يُكْرَهْ لَهُ لَكِنْ تَخْلِيَتُهُ لِلْعِبَادَةِ أَفْضَلُ
ــ
[حاشية العبادي]
فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ خَصَّصَ بِفَرْضِ الْحِجَابِ عَلَيْهِنَّ بِلَا خِلَافٍ فِي الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَلَا يَجُوزُ لَهُنَّ كَشْفُ ذَلِكَ لِشَهَادَةٍ وَلَا غَيْرِهَا وَلَا إظْهَارُ شُخُوصِهِنَّ وَإِنْ كُنَّ مُسْتَتِرَاتٍ إلَّا لِضَرُورَةِ خُرُوجِهِنَّ لِلْبِرَازِ. اهـ. (قَوْلُهُ: قَالَ «فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي» ) قَدْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا الِاسْتِدْلَال أَنَّ أَوْلَادَهُ الذُّكُورَ عليه الصلاة والسلام بَضْعَةٌ مِنْهُ مَعَ تَفْضِيلِ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ عَلَيْهِمْ وَأَنَّ مَا عَدَا فَاطِمَةَ مِنْ بَنَاتِهِ بَضْعَةٌ مِنْهُ مَعَ تَفْضِيلِ خَدِيجَةَ وَعَائِشَةَ عَلَيْهِنَّ
(فَصْلٌ فِي الْعَقْدِ)
(قَوْلُهُ: وَلَوْ خَصِيًّا) اُنْظُرْ الْمَمْسُوحَ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكْسِرْهَا بِكَافُورٍ وَنَحْوِهِ) مُعَالَجَتُهَا بِنَحْوِ الْكَافُورِ إنْ كَانَ يُؤَدِّي إلَى ضَعْفِهَا كَرِهَ أَوْ إلَى قَطْعِهَا بِالْكُلِّيَّةِ حَرُمَ م ر
ــ
[حاشية الشربيني]
الْحِجَابِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ خُصِّصْنَ بِفَرْضِ الْحِجَابِ عَلَيْهِنَّ بِلَا خِلَافٍ فِي الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَلَا يَجُوزُ لَهُنَّ كَشْفُ ذَلِكَ لِشَهَادَةٍ وَلَا غَيْرِهَا وَلَا إظْهَارُ شُخُوصِهِنَّ وَإِنْ كُنَّ مُسْتَتِرَاتٍ إلَّا لِضَرُورَةِ خُرُوجِهِنَّ لِلْبِرَازِ. اهـ.
[فَصْلٌ فِي الْعَقْدِ لِلنِّكَاحِ وَمُقَدِّمَاتِهِ]
(قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ) أَيْ فَعَلَيْهِ الصَّوْمُ أَوْ فَلْيَتَمَسَّكْ بِالصَّوْمِ وَهُوَ أَمْرُ إرْشَادٍ وَإِنْ قَصَدَ فَاعِلُهُ الِامْتِثَالَ أُثِيبَ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. ع ش وق ل (قَوْلُهُ: لِقُدْرَتِهِ عَلَى مُؤَنِ النِّكَاحِ) وَأَمَّا قُدْرَتُهُ عَلَى الْجِمَاعِ فَمَعْلُومَةٌ كَمَا سَيَقُولُ مِنْ الِاحْتِيَاجِ لِلصَّوْمِ فَثَبَتَ الْمُدَّعِي وَهُوَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ النِّكَاحُ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى الْجِمَاعِ وَمُؤَنِ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: وَبَالَغَ إلَخْ) وَرَدَ بِأَنَّ الَّذِي فِي الْخَبَرِ عَدَمُ طَلَبِ الْفِعْلِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ النَّهْيِ عَنْ الْفِعْلِ بَلْ وَمِنْ طَلَبِ الْفِعْلِ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: بَلْ يَنْكِحُ) وَيُكَلَّفُ اقْتِرَاضَ الْمَهْرِ إنْ لَمْ تَرْضَ بِذِمَّتِهِ ع ش (قَوْلُهُ: يُكْرَهُ أَنْ يَحْتَالَ إلَخْ) هُوَ حَرَامٌ إنْ قَطَعَ النَّسْلَ وَمَكْرُوهٌ إنْ فَتَرَ الشَّهْوَةَ وَقَطَعَ الْحَبَلَ مِنْ الْمَرْأَةِ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَأَمَّا إلْقَاءُ مَا فِي الرَّحِمِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ نَفْخِ الرُّوحِ فَحَرَامٌ أَوْ قَبْلَهُ جَازَ بِإِذْنِ وَالِدِهِ وَإِلَّا حَرُمَ. اهـ. شَيْخُنَا ذ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا غَيْرُ الْمُحْتَاجُ) أَيْ التَّائِقُ كَمَا سَلَفَ فَيَخْرُجُ الْمُحْتَاجُ لِلْخِدْمَةِ الْوَاجِدُ لِلْأُهْبَةِ مَعَ الْعِلَّةِ وَقَالَ حَجَرٌ فِي حَوَاشِي الْإِرْشَادِ يُسَنُّ لَهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَالنِّكَاحُ أَفْضَلُ) أَيْ مِنْ تَرْكِهِ وَقِيلَ تَرْكُهُ حِينَئِذٍ أَفْضَلُ مِنْهُ لِلْخَطَرِ فِي الْقِيَامِ بِوَاجِبِهِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا
إنْ كَانَ مُتَعَبِّدًا وَإِلَّا فَالنِّكَاحُ أَفْضَلُ كَيْ لَا تَقْتَضِي بِهِ الْبَطَالَةُ إلَى الْفَوَاحِشِ وَنَصَّ فِي الْأُمِّ وَغَيْرِهَا عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ التَّائِقَةَ يُنْدَبُ لَهَا النِّكَاحُ وَفِي مَعْنَاهَا الْمُحْتَاجَةُ إلَى النَّفَقَةِ وَالْخَائِفَةُ مِنْ اقْتِحَامِ الْفَجَرَةِ.
وَيُنْدَبُ لِمُرِيدِ النِّكَاحِ أَنْ يَنْكِحَ (الْوَلُودَ) الْوَدُودَ لِخَبَرِ «تَزَوَّجُوا الْوَلُودَ الْوَدُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ (ذَاتَ النَّسَبِ) لِخَبَرِ «تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ بَلْ يُكْرَهُ نِكَاحُ بِنْتِ الزِّنَا وَبِنْتِ الْفَاسِقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِمَا اللَّقِيطَةُ وَمَنْ لَا يُعْرَفُ أَبُوهَا (وَ) ذَاتَ (الدِّينِ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ لِمَالِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِدِينِهَا فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك» أَيْ افْتَقَرَتَا إنْ خَالَفْت مَا آمَرْتُك بِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (بِكْرًا) إنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَابِرٍ «هَلَّا بِكْرًا تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُك» وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ خَبَرَ «عَلَيْكُمْ بِالْأَبْكَارِ فَإِنَّهُنَّ أَعْذَبُ أَفْوَاهًا وَأَنْتَقُ أَرْحَامًا وَأَرْضَى بِالْيَسِيرِ» بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عُذْرٌ كَضَعْفِ آلَتِهِ عَنْ الِافْتِضَاضِ أَوْ احْتِيَاجِهِ لِمَنْ يَقُومُ عَلَى عِيَالِهِ كَمَا اتَّفَقَ لِجَابِرٍ فَإِنَّهُ «لَمَّا قَالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم مَا تَقَدَّمَ اعْتَذَرَ لَهُ بِأَنَّ أَبَاهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ تِسْعَ بَنَاتٍ فَكَرِهْت أَنْ أَجْمَعَ إلَيْهِنَّ جَارِيَةً خَرْقَاءَ مِثْلَهُنَّ وَلَكِنْ امْرَأَةٌ تُمَشِّطُهُنَّ وَتَقُومُ عَلَيْهِنَّ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم أَصَبْتَ» وَيُعْرَفُ كَوْنُ الْبِكْرِ وَلُودًا بِأَقَارِبِهَا (بَعُدَتْ) عَنْهُ نَسَبًا بِأَنْ تَكُونَ أَجْنَبِيَّةً أَوْ قَرَابَةً بَعِيدَةً لِضَعْفِ الشَّهْوَةِ فِي الْقَرِيبَةِ فَيَجِيءُ الْوَلَدُ نَحِيفًا.
قَالَ الزَّنْجَانِيُّ وَلِأَنَّ مِنْ مَقَاصِدِ النِّكَاحِ اشْتِبَاكُ الْقَبَائِلِ لِأَجْلِ التَّعَاضُدِ وَاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي نِكَاحِ الْقَرِيبَةِ، وَالْبَعِيدَةُ أَوْلَى مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ مُسْتَقِلَّةٌ بِالنَّدْبِ وَيُنْدَبُ أَنْ تَكُونَ بَالِغَةً إلَّا لِحَاجَةٍ أَوْ
مَصْلَحَةٍ
ذَاتَ جَمَالٍ وَعَقْلٍ خَفِيفَةَ الْمَهْرِ ذَاتَ خُلُقٍ حَسَنٍ وَأَنْ لَا يَكُونَ مَعَهَا وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهِ إلَّا
لِمَصْلَحَةٍ
وَأَنْ لَا تَكُونَ شَقْرَاءَ وَلَا مُطَلَّقَةً يَرْغَبُ فِيهَا مُطَلِّقُهَا وَأَنْ يَعْقِدَ فِي شَوَّالٍ وَأَوَّلَ النَّهَارِ وَأَنْ يَدْخُلَ فِي شَوَّالٍ أَيْضًا وَأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى وَاحِدَةٍ بِلَا حَاجَةٍ (وَأَنْ يَرَى) مِنْهَا (وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا) ظَهْرًا وَبَطْنًا «لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِلْمُغِيرَةِ وَقَدْ خَطَبَ امْرَأَةً اُنْظُرْ إلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا» أَيْ تَدُومَ الْمَوَدَّةُ وَالْأُلْفَةُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَلِقَوْلِهِ فِي خَبَرِ جَابِرٍ «إذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا إلَى مَا يَدْعُوهُ إلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ قَالَ جَابِرٌ: فَخَطَبْت جَارِيَةً فَكُنْت أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتَّى رَأَيْت مِنْهَا مَا دَعَانِي إلَى نِكَاحِهَا فَتَزَوَّجْتُهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.
وَخَرَجَ بِالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ غَيْرُهُمَا فَلَا يَنْظُرُهُ؛ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ مِنْهَا وَفِي نَظَرِهِمَا كِفَايَةٌ إذْ يُسْتَدَلُّ بِالْوَجْهِ عَلَى الْجَمَالِ وَبِالْكَفَّيْنِ عَلَى خِصْبِ الْبَدَنِ وَمِنْ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: أَعْذَبُ أَفْوَاهًا) أَيْ أَلْيَنُ كَلَامًا وَقَوْلُهُ: وَأَنْتَقُ أَرْحَامًا أَيْ أَكْثَرَ أَوْلَادًا (قَوْلُهُ وَالْبَعِيدَةُ أَوْلَى) أَيْ الْقَرَابَةُ الْبَعِيدَةُ أَوْلَى وَقَوْلُهُ: مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ قَدْ يُقَالُ قَضِيَّةُ تَوْجِيهِ الزَّنْجَانِيِّ الْعَكْسُ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَرَى وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَيَنْظُرُ كُلٌّ مِنْ الْآخَرِ قَبْلَ الْخِطْبَةِ غَيْرَ الْعَوْرَةِ. اهـ. أَيْ عَوْرَةَ الصَّلَاةِ قَالَ فِي شَرْحِهِ فَيَنْظُرُ الرَّجُلُ مِنْ الْحُرَّةِ الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ وَمِنْ الْأَمَةِ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَالَ إنَّهُ مَفْهُومُ كَلَامِهِمْ وَهُمَا يَنْظُرَانِهِ مِنْهُ وَالنَّوَوِيُّ إنَّمَا حَرَّمَ نَظَرَ ذَلِكَ بِلَا حَاجَةٍ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ لِخَوْفِ
ــ
[حاشية الشربيني]
فَالنِّكَاحُ أَفْضَلُ) أَيْ مَنْدُوبٌ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ مَعَ شَرْحِهِ لِحَجَرٍ نُدِبَ النِّكَاحُ لِقَادِرٍ عَلَى مُؤْنَةٍ تَاقَ أَوْ لَمْ يَتُقْ لَا لِعِلَّةٍ بِهِ وَلَكِنْ تَرْكُ التَّعَبُّدِ. اهـ. وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ تَقْيِيدَ الشَّارِحِ فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ تَبَعًا لِلْمُصَنِّفِ أَيْ التَّائِقِ لِلتَّفْصِيلِ فِي مَفْهُومِهِ لَا لِعَدَمِ النَّدْبِ لِغَيْرِ التَّائِقِ مُطْلَقًا تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: وَنَصَّ فِي الْأُمِّ) عِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ فِي الرَّجُلِ يَجْرِي فِي الْمَرْأَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَاحْتِيَاجُهَا لِلنَّفَقَةِ نَظِيرُ وُجُودِ الْأُهْبَةِ فِي الرَّجُلِ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ يَقْتَضِي أَنَّ التَّائِقَةَ وَاجِدَةَ النَّفَقَةِ لَا يَنْدُبُ لَهَا النِّكَاحُ وَفِيهِ بُعْدٌ لَا يَخْفَى.
(قَوْلُهُ: وَالْخَائِفَةُ إلَخْ) فَلَوْ لَمْ تَنْدَفِعْ عَنْهَا الْفُجْرَةُ إلَّا بِهِ وَجَبَ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: ذَاتُ النَّسَبِ) أَيْ ذَاتُ النَّسَبِ إلَى ذِي الصِّفَاتِ الْحَمِيدَةِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: أَعْذَبُ أَفْوَاهًا) أَيْ أَلْيَنُ كَلَامًا أَوْ أَطْيَبُ وَأَحْلَى وَأَنْقَى أَرْحَامًا أَيْ أَكْثَرُ أَوْلَادًا وَأَرْضَى بِالْيَسِيرِ مِنْ الْعَمَلِ أَيْ الْجِمَاعِ وَتَمَامِهِ وَأَعَزُّ غِرَّةً بِالْكَسْرِ أَيْ أَبْعَدُ مِنْ مَعْرِفَةِ الشَّرِّ وَالتَّفَطُّنِ لَهُ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: وَالْبَعِيدَةُ) أَيْ ذَاتُ الْقَرَابَةِ الْبَعِيدَةِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: ذَاتُ جَمَالٍ) نَعَمْ يُكْرَهُ ذَاتُ الْجَمَالِ الْمُفْرِطِ؛ لِأَنَّهَا تَزْهُو بِهِ وَتَتَطَلَّعُ إلَيْهَا أَعْيَنُ الْفَجَرَةِ اهـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَعْقِدَ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ الْوَاقِع مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي زَوَاجِ السَّيِّدَةِ عَائِشَةَ وَالدُّخُولِ بِهَا ع ش (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَرَى مِنْهَا إلَخْ) وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَى نَحْوِ وَلَدِهَا الْأَمْرَدِ إذَا بَلَغَهُ اسْتِوَاؤُهُمَا كَمَا قَالَهُ م ر لَكِنْ يَنْبَغِي مَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ وَعَدَمِ الشَّهْوَةِ لِلْفَرْ ق بَيْنَ هَذَا وَنَفْسِ الْمَقْصُودِ نِكَاحُهَا وَأَنَّهُ يَجُوزُ نَظَرُ نَحْوِ أُخْتِهَا بِإِذْنِ زَوْجِهَا إنْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً أَوْ ظَنَّ رِضَا وَبِرِضَاهَا أَوْ ظَنَّهُ إنْ كَانَتْ عَزَبًا سم عَلَى حَجَرٍ (قَوْلُهُ: أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا) هُوَ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ وَبَعْدَ أَوَّلِهِ هَمْزَةٌ قَدْ تُبْدَلُ وَاوًا قِيلَ أَصْلُهُ يَدُومُ فَقُدِّمَتْ الْوَاوُ عَلَى الدَّالِ وَهُمِزَتْ فَهُوَ مِنْ الدَّوَامِ
هُنَا عُلِمَ أَنَّ مَحَلَّ نَظَرِهِ إلَيْهِمَا إذَا كَانَتْ سَاتِرَةً لِمَا عَدَاهُمَا وَبِهِ جَزَمَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الرُّويَانِيُّ وَابْنُ دَاوُد وَنَقَلَاهُ عَنْ النَّصِّ وَلَهُ تَكْرِيرُ نَظَرِهِ لِيَتَبَيَّنَ هَيْئَتَهَا فَلَا يَنْدَمُ بَعْدَ نِكَاحِهَا عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِضَبْطِ التَّكْرَارِ وَيُحْتَمَلُ تَقْدِيرُهُ بِثَلَاثٍ وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الَّذِي تَرْجَمَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ الرُّؤْيَةَ قَبْلَ الْخُطْبَةِ «أَرَيْتُك ثَلَاثَ لَيَالٍ» (وَإِنْ لَمْ يُؤْمَرَا) بِإِبْدَالِ الْأَلْفِ مِنْ نُونِ التَّوْكِيدِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُؤَمِّرْنَ بِأَنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ الْوَلِيُّ وَالْمَرْأَةُ لِإِطْلَاقِ الْأَخْبَارِ وَلِئَلَّا تَتَزَيَّنَ فَيَفُوتُ غَرَضُهُ وَوَقْتُهُ قَبْلَ الْخِطْبَةِ (إذَا ارْتَضَاهَا) أَيْ عَزَمَ عَلَى نِكَاحِهَا إذْ لَوْ كَانَ بَعْدَهَا فَرُبَّمَا أَعْرَضَ عَنْهَا فَيُؤْذِيَهَا وَقَبْلَ الْعَزْمِ لَا حَاجَةَ إلَى النَّظَرِ.
وَالْمُرَادُ بِخَطَبَ فِي الْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ عَزَمَ عَلَى خِطْبَتِهَا بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «إذَا أَلْقَى فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا» قَالَ الْإِمَامُ وَالرُّويَانِيُّ: وَلَهُ النَّظَرُ وَإِنْ خَافَ الْفِتْنَةَ لِغَرَضِ التَّزَوُّجِ وَإِذَا لَمْ تُعْجِبْهُ فَلْيَسْكُتْ وَلَا يَقُلْ لَا أُرِيدُهَا؛ لِأَنَّهُ إيذَاءٌ (وَهِيَ أَيْضًا تَنْظُرُ) إلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ نَدْبًا إذَا عَزَمَتْ عَلَى نِكَاحِهِ؛ لِأَنَّهُ يُعْجِبُهَا مِنْهُ مَا يُعْجِبُهُ مِنْهَا وَخَرَجَ بِالنَّظَرِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ الْمَسُّ إذْ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (وَمَنْ عَلَى الرُّؤْيَةِ لَيْسَ يَقْدِرُ) أَوْ لَمْ يُرِدْهَا (يَبْعَثُ مَنْ يَأْتِي لَهُ بِالصِّفَةِ) ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «بَعَثَ أُمَّ سُلَيْمٍ إلَى امْرَأَةٍ وَقَالَ اُنْظُرِي عُرْقُوبَيْهَا وَشُمِّي عَوَارِضَهَا» رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ «وَشُمِّي مَعَاطِفَهَا» وَتَعْبِيرُ النَّظْمِ بِمَنْ يَأْتِي لَهُ بِالصِّفَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِامْرَأَةٍ لِتَنَاوُلِهِ الْمَحْرَمَ وَنَحْوَهُ مِمَّنْ يُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهَا.
وَيُؤْخَذُ مِنْ الْخَبَرِ أَنَّ لِلْمَبْعُوثِ أَنْ يَصِفَ لِلْبَاعِثِ زَائِدًا عَلَى مَا يَنْظُرُهُ هُوَ فَيَسْتَفِيدُ بِالْبَعْثِ مَا لَا يَسْتَفِيدُهُ بِنَظَرِهِ
(بِخُطْبَةٍ) بِضَمِّ الْخَاءِ وَهِيَ حَمْدُ اللَّهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى نَبِيِّهِ وَالْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى أَيْ يُنْدَبُ النِّكَاحُ مَعَ تَقَدُّمِ خُطْبَةٍ لِلْعَقْدِ (وَ) مَعَ تَقَدُّمِ (خُطْبَةٍ) أُخْرَى (لِلْخِطْبَةِ) بِكَسْرِ الْخَاءِ وَهِيَ الْتِمَاسُ التَّزْوِيجِ لِخَبَرِ «كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللَّهِ فَهُوَ أَجْذَمُ» فَيَحْمَدُ اللَّهَ الْخَاطِبُ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيُوصِي بِتَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى ثُمَّ يَقُولُ جِئْتُكُمْ خَاطِبًا كَرِيمَتَكُمْ وَيَخْطُبُ الْوَلِيُّ كَذَلِكَ ثُمَّ يَقُولُ لَسْت بِمَرْغُوبٍ عَنْك أَوْ نَحْوَهُ وَسَيَأْتِي لِلْعَقْدِ خُطْبَةٌ ثَانِيَةٌ تَتَخَلَّلُهُ كَمَا أَنَّ لِلْخِطْبَةِ خُطْبَةٌ ثَانِيَةٌ مِنْ جِهَةِ الْوَلِيِّ كَمَا عَرَفْت فَالْخُطَبُ أَرْبَعٌ وَتَبَرَّك الْأَئِمَّةُ بِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا
ــ
[حاشية العبادي]
الْفِتْنَةِ وَهِيَ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ هُنَا كَمَا سَيَأْتِي فَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَا قَالَهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ غَيْرِهِ بِالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَحْتَمِلُ تَقْدِيرُهُ بِثَلَاثٍ) الْوَجْهُ ضَبْطُهُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: وَوَقْتُهُ قَبْلَ الْخِطْبَةِ) فَقَوْلُهُ: فِي خَبَرِ جَابِرٍ إذَا خَطَبَ يُحْمَلُ عَلَى مَعْنَى أَرَادَ أَنْ يَخْطُبُ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ قَبْلَهُ وَقَدْ خَطَبَ أَيْ الْمُغِيرَةُ امْرَأَةً فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَلَى ظَاهِرِهِ ثُمَّ رَأَيْت كَلَامَ الشَّارِحِ الْآتِي (قَوْلُهُ: إذَا ارْتَضَاهَا) أَيْ الْمَرْأَةَ بِدَلِيلِ تَفْسِيرِهِ (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ كَانَ بَعْدَهَا) أَيْ الْخِطْبَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَافَ الْفِتْنَةَ) قَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ وَلَوْ بِشَهْوَةٍ وَنَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: إلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَأَنْ يَنْظُرَ كُلٌّ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ مِنْ الْآخَرِ قَبْلَ الْخِطْبَةِ وَبَعْدَ عَزْمِهِ عَلَى نِكَاحِهِ غَيْرَ الْعَوْرَةِ الْمُقَرَّرَةِ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ فَيَنْظُرُ الرَّجُلُ مِنْ الْحُرَّةِ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَقِيلَ مِنْ الْإِدَامِ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ يَطِيبُ بِهِ. اهـ. ق ل وَتَفْسِيرُ الشَّارِحِ إنَّمَا يُنَاسِبُ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ سَاتِرَةً) يُفِيدُ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ السَّتْرِ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ قَالَ م ر وَاشْتِرَاطُ النَّصِّ وَكَثِيرِينَ سَتْرَ مَا عَدَاهُمَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَنْعُ نَظَرِ غَيْرِهِمَا أَوْ نَظَرِهِمَا إنْ أَدَّى إلَى نَظَرِ غَيْرِهِمَا.
وَرُؤْيَتُهُمَا مَعَ عَدَمِ عِلْمِهَا لَا تَسْتَلْزِمُ تَعَمُّدَ رُؤْيَةِ مَا عَدَاهُمَا قَالَ ع ش أَيْ فَإِنْ اتَّفَقَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِلنَّظَرِ وَجَبَ الْغَضُّ سَرِيعًا فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَتَى نَظَرَ إلَيْهِمَا أَدَّى ذَلِكَ إلَى نَظَرِ غَيْرِهِمَا حَرُمَ النَّظَرُ وَبَعَثَ إلَيْهَا مَنْ يَصِفُهَا لَهُ إنْ أَرَادَ. اهـ. (قَوْلُهُ: ثَلَاثٌ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بَلْ حَتَّى تَتَبَيَّنَ لَهُ هَيْئَتُهَا وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اكْتَفَى بِنَظْرَةٍ حَرُمَ كَمَا فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: وَوَقْتُهُ) أَيْ الْأَفْضَلُ لِئَلَّا يَعْرِضَ بَعْدَ الْخِطْبَةِ فَتَتَأَذَّى وَإِلَّا فَسَنُّ النَّظَرُ إنْ احْتَاجَهُ بَاقٍ بَعْدَ الْخِطْبَةِ. اهـ. م ر بِزِيَادَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَافَ الْفِتْنَةَ) وَلَوْ بِشَهْوَةٍ وَاسْتَغْنَى عَنْ النَّظَرِ بِالِاسْتِيصَافِ بِخِلَافِ الشَّاهِدِ لَيْسَ لَهُ النَّظَرُ مَعَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ إلَّا إنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ
مَصْلَحَةَ
النَّظَرِ هُنَا دَائِمَةٌ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ: فِي الْحَدِيثِ أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا أَيْ تَدُومَ الْمَوَدَّةُ وَالْأُلْفَةُ فَتَسَامَحُوا فِيهِ بِمَا لَمْ يَتَسَامَحُوا فِي الشَّهَادَةِ وَقِيَامُ الِاسْتِيصَافِ مَقَامَهُ إنَّمَا هُوَ فِي أَمْرٍ تَابِعٍ وَهُوَ إدْرَاكُ مُجَرَّدِ الصُّورَةِ دُونَ مَعْنَاهَا الْمَطْبُوعِ فِيهَا الَّذِي الْمَدَارُ عَلَى إدْرَاكِهِ كَمَا يُفِيدُهُ خَبَرُ «لَيْسَ الْخَبَرُ كَالْمُعَايَنَةِ» . اهـ. حَوَاشِي شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ عَلَى الرُّؤْيَةِ لَيْسَ يَقْدِرُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الرُّؤْيَةِ وَالِاسْتِيصَافِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ لَهُ تَكْرِيرُ النَّظَرِ لَعَلَّهُ يَزِيدُ رَغْبَةً أَوْ إعْرَاضًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ لَهُ ضَمُّ الِاسْتِيصَافِ لِلنَّظَرِ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا حَرُمَ اسْتِيصَافُ امْرَأَةٍ خَلِيَّةٍ مِنْ أُخْرَى مِنْ غَيْرِ عَزْمٍ عَلَى الْخِطْبَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّجَسُّسِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَمِنْ ثَمَّ يَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ عَلَى الْمَرْأَةِ اسْتِيصَافُ رَجُلٍ خَلِيٍّ لَمْ يَعْزِمْ هُوَ وَلَا هِيَ عَلَى نِكَاحِهَا وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهَا عَدَمُ إجَابَتِهِ لَهَا. اهـ. حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: وَهِيَ حَمْدُ اللَّهِ إلَخْ) سَكَتَ عَنْ قِرَاءَةِ الْآيَةِ وَالدُّعَاءِ لِلْمُؤْمِنِينَ مَعَ نَدْبِهِمَا أَيْضًا كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ مَعَ أَنَّهَا لَا تُسَمَّى خِطْبَةً إلَّا بِذَلِكَ إمَّا؛ لِأَنَّهُ الْمَذْكُورُ فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ. اهـ. ق ل عَلَى
وَكَانَ الْقَفَّالُ يَقُولُ بَعْدَهَا أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْأُمُورَ كُلَّهَا بِيَدِ اللَّهِ يَقْضِي فِيهَا مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ لَا مُؤَخِّرَ لِمَا قَدَّمَ وَلَا مُقَدِّمَ لِمَا أَخَّرَ وَلَا يَجْتَمِعُ اثْنَانِ وَلَا يَفْتَرِقَانِ إلَّا بِقَضَاءٍ وَقَدَرٍ وَكِتَابٍ قَدْ سَبَقَ وَأَنَّ مِمَّا قَضَى اللَّهُ تَعَالَى وَقَدَّرَ أَنْ خَطَبَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ عَلَى صَدَا قِ كَذَا أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ أَجْمَعِينَ وَلَا تَتَعَيَّنُ الْخُطْبَةُ مِنْ الْخَاطِبِ وَالْوَلِيِّ بَلْ غَيْرُهُمَا كَهُمَا.
وَلَمَّا ذَكَرَ هُنَا حُكْمَ النَّظَرِ لِلْمَخْطُوبَةِ اسْتَطْرَدَ ذِكْرَ حُكْمِهِ مُطْلَقًا مُقَدِّمًا عَلَيْهِ حُكْمَ الْمَسِّ فَقَالَ: (وَمِنْ نِسَاءٍ مَسُّ) أَيْ وَمَسُّ (شَيْءٍ) مِنْ النِّسَاءِ الْأَجْنَبِيَّاتِ مِنْ (شَعَرٍ وَغَيْرِهِ مُحَرَّمٌ لِلذَّكَرِ) أَيْ عَلَى الذَّكَرِ الْفَحْلِ الْبَالِغِ (وَإِنْ أُبِينَ) الشَّيْءُ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَرُمَ النَّظَرُ إلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي فَالْمَسُّ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي اللَّذَّةِ وَقَدْ يَحْرُمُ الْمَسُّ دُونَ النَّظَرِ كَمَا سَيَأْتِي
(وَكَذَاكَ) يَحْرُمُ عَلَيْهِ (النَّظَرُ) إلَى مَا ذَكَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30] وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ نَظَرُهُ إلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا مَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ بِهَا وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ وَوَجَّهَهُ الْإِمَامُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَنْعِ النِّسَاءِ مِنْ الْخُرُوجِ سَافِرَاتِ الْوُجُوهِ وَبِأَنَّ النَّظَرَ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ وَمُحَرِّكٌ لِلشَّهْوَةِ فَاللَّائِقُ بِمَحَاسِّ الشَّرْعِ سَدُّ الْبَابِ وَالْإِعْرَاضُ عَنْ تَفَاصِيلِ الْأَحْوَالِ كَالْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ لَكِنْ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] وَهُوَ مُفَسَّرٌ بِالْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ لَكِنْ يُكْرَهُ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّهُ الصَّوَابُ لِكَوْنِ الْأَكْثَرِينَ عَلَيْهِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ: التَّرْجِيحُ بِقُوَّةِ الْمُدْرِكِ وَالْفَتْوَى عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ كَذَاك تَأْكِيدٌ (لَا) إنْ كَانَ النَّظَرُ (لِاحْتِيَاجٍ) فِي غَيْرِ السَّوْأَةِ (كَالْعِلَاجِ) مِنْ فَصْدٍ وَحِجَامَةٍ وَغَيْرِهِمَا وَكَمُعَامَلَةٍ وَشَهَادَةٍ تَحَمُّلًا وَأَدَاءً فَقَوْلُهُ:
ــ
[حاشية العبادي]
الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ وَمِنْ الْأَمَةِ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَهُمَا يَنْظُرَانِهِ مِنْهُ اهـ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا تَنْظُرُ مِنْ الرَّجُلِ مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ خِلَافَ قَوْلِ الشَّارِحِ هُنَا إلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ
(قَوْلُهُ: كَمَا سَيَأْتِي) وَكَمَا تَقَدَّمَ فِي الْخَاطِبِ
وقَوْله تَعَالَى {مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30] مِنْ ظَاهِرَةٌ فِي التَّبْعِيضِ فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى صُوَرِ الْجَوَازِ.
(قَوْلُهُ: يَحْظُرُ) أَيْ النَّظَرُ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْجَلَالِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَبَيْنَ) أَيْ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ فَإِنْ جَهِلَ جَازَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وإنْ أَبَيْنَ) قَالَ حَجَرٌ غَيْرُ الدَّمِ وَالرِّيقِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّ رُؤْيَةَ ذَلِكَ لَيْسَتْ مَظِنَّةً لِلْفِتْنَةِ عِنْدَ أَحَدٍ (قَوْلُهُ: أَيْضًا وَإِنْ أَبَيْنَ) وَالْعِبْرَةُ فِي الْمُبَانِ بِوَقْتِ النَّظَرِ لَا بِوَقْتِ الْإِبَانَةِ فَلَوْ أَبَانَتْ شَعْرًا وَهِيَ غَيْرُ زَوْجَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا هَلْ لَهُ نَظَرُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبَانَتْهُ وَهِيَ زَوْجَةٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَيَحْرُمُ ح ل
(قَوْلُهُ: مَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ بِهَا) أَيْ وَالنَّظَرِ بِلَا شَهْوَةٍ. اهـ. حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: وَوَجَّهَهُ الْإِمَامُ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مَنْعِ الْإِمَامِ لَهُنَّ مِنْ الْكَشْفِ لِكَوْنِهِ مَكْرُوهًا وَلِلْإِمَامِ الْمَنْعُ مِنْ الْمَكْرُوهِ لِمَا فِيهِ مِنْ
الْمَصْلَحَةِ
الْعَامَّةِ. وُجُوبُ السَّتْرِ عَلَيْهِنَّ بِدُونِ مَنْعٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى حُرْمَةِ نَظَرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَلَعَلَّهُ لِهَذَا عَزَاهُ لِلْإِمَامِ وَمَعَ هَذَا فَالْأَصَحُّ حُرْمَةُ خُرُوجِهِنَّ سَافِرَاتِ الْوُجُوهِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِلْحَرَامِ الَّذِي هُوَ النَّظَرُ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ. اهـ. حَجَرٌ وم ر وق ل وطب مَعَ زِيَادَةٍ وَأَمَّا الرَّجُلُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ سَتْرُ وَجْهِهِ إلَّا إنْ عَلِمَ أَنَّ امْرَأَةً تَنْظُرُ إلَيْهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ النِّسَاءَ مَحَلُّ الشَّهْوَةِ أَصَالَةً وَأَنَّ سَتْرَهُنَّ أَسْهَلُ مِنْ سَتْرِ الرِّجَالِ وَلِقِلَّةِ بُرُوزِهِنَّ فِي الْأَسْوَاقِ وَنَحْوِهَا. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْعِ إلَخْ) أَيْ مَنْعِ الْوُلَاةِ لَهُنَّ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: التَّرْجِيحُ بِقُوَّةِ الْمُدْرَكِ) أَيْ لَا بِكَوْنِ الْأَكْثَرِينَ عَلَيْهِ وَوَجْهُ قُوَّةِ الْمُدْرَكِ أَنَّ الْآيَةَ كَمَا دَلَّتْ عَلَى جَوَازِ كَشْفِهِنَّ لِوُجُوهِهِنَّ دَلَّتْ عَلَى وُجُوبِ غَضِّ الرِّجَالِ أَبْصَارَهُمْ عَنْهُنَّ وَيَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ الْغَضِّ حُرْمَةُ النَّظَرِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ حِلِّ الْكَشْفِ جَوَازُهُ. اهـ. شَرْحُ الْمِنْهَاجِ لِحَجَرٍ.
وَقَوْلُهُ: دَلَّتْ عَلَى وُجُوبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: 30](قَوْلُهُ: وَشَهَادَةٌ) وَإِنْ تَيَسَّرَ وُجُودُ نِسَاءٍ أَوْ مَحَارِمَ يَشْهَدُونَ؛ لِأَنَّهُمْ تَوَسَّعُوا هُنَا بِخِلَافِ التَّعْلِيمِ. اهـ. حَجَرٌ وزي وَلَوْ عَرَفَهَا الشَّاهِدُ مِنْ النِّقَابِ حَرُمَ الْكَشْفُ. اهـ. ح ل. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: وَشَهَادَةٌ) وَلَا يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ عِنْدَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ إلَّا إنْ تَعَيَّنَ كَمَا مَرَّ وَانْظُرْ غَيْرَ الشَّهَادَةِ ثُمَّ رَأَيْت الشَّيْخَ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِأَنَّهُ كَالشَّهَادَةِ فَلَا يَنْظُرُ إلَّا إنْ تَعَيَّنَ وَمَعَ ذَلِكَ يَضْبِطُ نَفْسَهُ فَإِنْ حَصَلَتْ شَهْوَةٌ قَالَ السُّبْكِيُّ أَثِمَ وَحَمَلَهُ م ر عَلَى مَا إذَا كَانَ بِاخْتِيَارِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ اخْتِيَارٌ فَلَا إثْمَ (قَوْلُهُ:
مِنْ زِيَادَتِهِ.
(يُحْظَرُ) أَيْ يُمْنَعُ تَكْمِلَةً (وَلَا) إنْ كَانَ النَّظَرُ (لِمَا لَيْسَ يُعَدُّ الْكَشْفُ لَهْ تَهَتُّكًا) لِلْمُرُوءَةِ (فِي سَوْأَةٍ فَحَلِّلَهْ) أَيْ فَحَلِّلْ لِكُلٍّ مِنْ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ النَّظَرَ لِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ يُعْذَرُ فِي ذَلِكَ عَادَةً وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْحَاوِي وَمُؤَكِّدُهَا أَيْ الْحَاجَةُ إلَى قَوْلِهِ وَلَا لِمَا لَيْسَ إلَى آخِرِهِ لِيُفِيدَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي حِلِّ النَّظَرِ لِلسَّوْأَةِ مُجَرَّدُ مُؤَكِّدِ الْحَاجَةِ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا مَعًا الِاكْتِفَاءُ بِمُطْلَقِ الْحَاجَةِ فِي جَمِيعِ مَا سِوَى السَّوْأَتَيْنِ وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي النَّظَرِ إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ أَصْلُ الْحَاجَةِ وَفِي غَيْرِهِمَا سِوَى السَّوْأَتَيْنِ تَأَكُّدُهَا وَفِي السَّوْأَتَيْنِ مَزِيدُ تَأَكُّدِهَا وَفِيهِمَا أَنَّهُ يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى فَرَجِ الزَّانِيَيْنِ لِتَحَمُّلِ شَهَادَةِ الزِّنَا وَإِلَى فَرْجِ الْمَرْأَةِ لِلشَّهَادَةِ عَلَى الْوِلَادَةِ وَإِلَى ثَدْيِهَا لِلشَّهَادَةِ عَلَى الرَّضَاعِ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الْجَمِيعِ.
وَيُعْتَبَرُ فِي النَّظَرِ لِلْعِلَاجِ حُضُورُ مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ أَوْ نَحْوِهِمَا مِمَّنْ يُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ بِغَيْرِ حَاجَةٍ وَفَقْدُ مُعَالِجٍ مِنْ الْجِنْسِ وَأَنْ لَا يَكُونَ كَافِرًا مَعَ وُجُودِ مُسْلِمٍ وَالتَّمْثِيلُ بِالْعِلَاجِ زَادَهُ النَّاظِمُ (وَلَا) إنْ كَانَ النَّظَرُ (لِمَمْسُوحٍ) أَيْ مِنْ مَمْسُوحٍ بِمَعْنَى ذَاهِبِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ إلَى مَا سِوَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ فَلَا يَحْرُمُ وَعَلَيْهِ حُمِلَ قَوْله تَعَالَى {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ} [النور: 31] أَيْ الْحَاجَةِ إلَى النِّكَاحِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْمُخْتَارُ فِي غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ أَنَّهُ الْمُغَفَّلُ فِي عَقْلِهِ الَّذِي لَا يَكْتَرِثُ النِّسَاءَ وَلَا يَشْتَهِيهِنَّ كَذَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ انْتَهَى، وَخَرَجَ بِالْمَمْسُوحِ الْمَجْبُوبُ وَهُوَ مَنْ جُبَّ ذَكَرُهُ وَبَقِيَ أُنْثَيَاهُ وَالْخَصِيُّ الَّذِي قُطِعَ أُنْثَيَاهُ أَوْ سُلِتَا وَبَقِيَ ذَكَرُهُ وَالْعِنِّينُ وَالْمُخَنَّثُ وَهُوَ الْمُتَشَبِّهُ بِالنِّسَاءِ وَالشَّيْخُ الْهَرِمُ فَيَحْرُمُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ وَلَا إنْ كَانَ النَّظَرُ) قَيَّدَ هُنَا بِالنَّظَرِ مَعَ أَنَّ
الضَّرُورَةَ
قَدْ تُحْوِجُ لِلْمَسِّ (قَوْلُهُ: كُلٌّ) فَاعِلٌ (قَوْلُهُ: وَالنَّظَرَ) مَفْعُولٌ (قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَكُونَ كَافِرًا مَعَ وُجُودِ مُسْلِمٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي نَظَرِ الْكَافِرَةِ أَنْ لَا يَجُوزَ مَعَ وُجُودِ مُسْلِمَةٍ. اهـ. وَنَقَلَهُ عِنْدَ النَّوَوِيِّ الْمُعْتَمَدُ مَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عِنْدَ الْقَاضِي بِدُونِ تَقْيِيدِ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُعْتَبَرُ فِي الْوَجْهِ وَالْكَفِّ أَدْنَى حَاجَةً وَفِيمَا عَدَاهُمَا مُبِيحُ تَيَمُّمٍ إلَّا الْفَرْجَ وَقُرْبَهُ فَيُعْتَبَرُ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ اشْتِدَادُ الضَّرَرِ حَيْثُ لَا يُعَدُّ الْكَشْفُ لِذَلِكَ هَتْكًا لِلْمُرُوءَةِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: مُبِيحُ تَيَمُّمٍ كَشِدَّةِ الضَّنَا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ خَافَ شَيْئًا فَاحِشًا فِي عُضْوٍ بَاطِنٍ امْتَنَعَ النَّظَرُ بِسَبَبِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: لِتَحَمُّلِ شَهَادَةِ الزِّنَا) أَيْ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الشَّهَادَةِ فَلَا يَكْفِي الْإِطْلَاقُ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ يَكْفِي ظَنُّ الزِّنَا.
فَلَا يَجُوزُ بِالتَّوَهُّمِ وَلَا مَعَ الشَّكِّ وَلَا يُشْتَرَطُ تَحَقُّقُهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَنْعُ النَّظَرِ إذْ كُلُّ صُورَةِ وَطْءٍ يُمْكِنُ لَهَا مُسَوِّغٌ لِإِمْكَانِ شُبْهَةٍ تَرْفَعُ الْحَدَّ بَلْ الْإِثْمَ (قَوْلُهُ: لِلشَّهَادَةِ عَلَى الْوِلَادَةِ) وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهَا الْآنَ؛ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَصَالِحُ وَحَاجَاتٌ حَافَّةٌ. اهـ. حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: وَفَقْدُ مُعَالَجٍ مِنْ الْجِنْسِ) ذَكَرَ الشَّيْخُ الرَّشِيدِيُّ فِي مُعَالَجَةِ الْأُنْثَى حَاصِلًا عَنْ مَشَايِخِهِ نَصُّهُ أَنَّهُمْ إذَا اسْتَوَوْا فِي الْأَجْرِ وَالْفَرَاهَةِ يُقَدَّمُ فِي مُعَالَجَةِ الْمُسْلِمَةِ الْمَرْأَةُ الْمُسْلِمَةُ فَمُسْلِمٌ غَيْرُ مُرَاهِقٍ فَمَمْسُوحٌ فَمُسْلِمٌ مُرَاهِقٌ فَكَافِرٌ غَيْرُ مُرَاهِقٍ فَكَافِرٌ مَمْسُوحٌ فَكَافِرٌ مُرَاهِقٌ فَمَحْرَمٌ مُسْلِمٌ فَمَحْرَمٌ كَافِرٌ فَكَافِرَةٌ فَأَجْنَبِيٌّ مُسْلِمٌ فَأَجْنَبِيٌّ كَافِرٌ اهـ بِالْحَرْفِ وَتَأَمَّلْهُ. اهـ. شَيْخُنَا ذَهَبِيٌّ بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ قَالَ سم عَلَى حَجَرٍ هَلَّا قُدِّمَتْ الْمَرْأَةُ الْكَافِرَةُ عَلَى الْمُرَاهِقِ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا؛ لِأَنَّ الْمُرَاهِقَ كَالْبَالِغِ فِي النَّظَرِ.
وَالْكَافِرَةُ لَهَا نَظَرُ مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ. اهـ. وَقَدْ جَرَى ق ل عَلَى الْجَلَالِ عَلَى تَقْدِيمِهَا عَلَى الْمُرَاهِقِ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَخَالَفَ مَا هُنَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَانْظُرْهُ قَالَ سم فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ قَالَ م ر وَالْكَلَامُ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْعِبَارَةِ فِي مُعَالَجَةٍ تَتَوَقَّفُ عَلَى نَظَرٍ أَوْ لَمْسِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُعَالِجِ لَمْسُهُ أَوْ نَظَرُهُ لَوْلَا الْعُذْرُ أَمَّا مَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا ذُكِرَ فَلِلذِّمِّيِّ مُعَالَجَةُ الْمُسْلِمِ مَعَ وُجُودِ مُسْلِمٍ يُعَالِجُ حَيْثُ لَا نَظَرَ وَلَا لَمْسَ لِعَوْرَتِهِ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى مُعَالَجَتِهِ تَرْكُ عِبَادَةٍ. اهـ. قَالَ م ر فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَالْأَوْجَهُ فِي الْأَمْرَدِ مَجِيءُ نَظِيرِ ذَلِكَ التَّرْتِيبِ فِيهِ فَيُقَدَّمُ مَنْ يَحِلُّ نَظَرُهُ إلَيْهِ فَغَيْرُ مُرَاهِقٍ فَمُرَاهِقٌ فَمُسْلِمٌ بَالِغٌ فَكَافِرٌ. اهـ. (قَوْله وَلَا لِمَمْسُوحٍ) بِشَرْطِ كَوْنِهِ مُسْلِمًا فِي مُسْلِمَةٍ وَكَوْنُهُمَا عَفِيفَيْنِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ) وَمِثْلُهُ نَظَرُهَا إلَيْهِ. اهـ. شَرْحُ مَنْهَجٍ.
(قَوْلُهُ: إلَى سِوَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ يُبَاحُ لَهُ النَّظَرُ إلَى مَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ. اهـ. فَخَرَجَتْ السُّرَّةُ وَالرُّكْبَةُ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الْمَحْرَمِ وَالْقِنِّ قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَمَا أَفَادَتْهُ عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ مِنْ حُرْمَةِ نَظَرِ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ هُوَ الْوَجْهُ؛ لِأَنَّهُ الْأَحْوَطُ. اهـ. وَنَقَلَهُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ م ر لَكِنْ فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّ السُّرَّةَ وَالرُّكْبَةَ لَيْسَا بِعَوْرَةٍ نَعَمْ يَحْرُمُ نَظَرُ الْجُزْءِ الَّذِي لَاصَقَ الْعَوْرَةَ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: قَالَ النَّوَوِيُّ إلَخْ) أَيْ لَمْ يَرْضَ بِهَذَا الْحَمْلِ وَقَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ: إنَّهُ الْمُغَفَّلُ) عِبَارَةُ الْمَحَلِّيِّ الْمُرَادُ
الشَّارِحُ تَقْيِيدُ حِلِّ نَظَرِ الْمَمْسُوحِ إلَى الْمَرْأَةِ بِعِفَّتِهِمَا كَنَظِيرِهِ الْآتِي فِي الْقِنِّ (وَمَحْرَمٍ) أَيْ وَلَا إنْ كَانَ النَّظَرُ مِنْ مَحْرَمٍ إلَى مَحْرَمَةٍ فَلَا يَحْرُمُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ} [النور: 31] الْآيَةَ؛ وَلِأَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ مَعْنًى يَمْنَعُ الْمُنَاكَحَةَ أَبَدًا فَكَانَا كَالرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَتَيْنِ سَوَاءٌ كَانَتْ بِنَسَبٍ أَمْ رَضَاعٍ أَمْ مُصَاهَرَةٍ (وَقِنْ لَهَا) أَيْ وَلَا إنْ كَانَ النَّظَرُ مِنْ قِنِّ الْمَرْأَةِ إلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور: 31] وَيُعْتَبَرُ عِفَّتُهُمَا كَمَا قَالَهُ الْوَاحِدِيُّ وَغَيْرُهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْمُكَاتَبَ وَبِهِ صَرَّحَ جَمَاعَةٌ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ كَمَا نَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ لَكِنْ صَرَّحَ الْقَاضِي فِيهِ بِالْمَنْعِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ النَّوَوِيُّ وَأَقَرَّهُ وَقَيَّدَهُ الْقَاضِي بِمَا إذَا كَانَ مَعَهُ وَفَاءٌ لِخَبَرِ أُمِّ سَلَمَةَ «إذَا كَانَ مَعَ مُكَاتَبِ إحْدَاكُنَّ وَفَاءٌ فَلْتُحْتَجَبْ مِنْهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ خَاصٌّ بِزَوْجَاتِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّ لَهُنَّ مِنْ الْحُرْمَةِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِنَّ.
وَقَدْ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا بِجَوَازِ نَظَرِ الرَّجُلِ إلَى مُكَاتَبَتِهِ وَسَيَأْتِي وَخَرَجَ بِالْقِنِّ الْمُبَعَّضُ وَبِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ لَهَا الْمُشْتَرَكُ فَكَالْأَجْنَبِيِّ لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ الْمُشْتَرَكَةَ يُبَاحُ النَّظَرُ إلَيْهَا مَعَ مَا فِيهِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَالِكِيَّةَ أَقْوَى مِنْ الْمَمْلُوكِيَّةِ فَأُبِيحَ لِلْمَالِكِ مَا لَا يُبَاحُ لِلْمَمْلُوكِ (وَطِفْلٍ) أَيْ وَلَا إنْ كَانَ النَّظَرُ مِنْ طِفْلٍ إلَى امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور: 31](لَا مُرَاهِقٍ) لِظُهُورِهِ عَلَى عَوْرَاتِهِنَّ فَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ مَنْعُهُ مِنْ النَّظَرِ إلَيْهِنَّ كَمَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَمْنَعَهُ الزِّنَا وَسَائِرَ الْمُحَرَّمَاتِ وَيَلْزَمُهُنَّ الِاحْتِجَابُ مِنْهُ كَمَا يَلْزَمُهُنَّ الِاحْتِجَابُ مِنْ الْمَجْنُونِ (وَ) لَا إنْ كَانَ النَّظَرُ إلَى شَيْءٍ (مِنْ أَمْرَدَ وَ) مِنْ (الْإِمَا) لِغَيْرِ النَّاظِرِ (بِغَيْرِ إرْبَةٍ) يَعْنِي شَهْوَةً كَمَا عَبَّرَ بِهَا الْحَاوِي (بِالْأَمْنِ) أَيْ مَعَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ فِيمَا يَظْهَرُ وَلِلنَّاظِرِ مِنْ نَفْسِهِ فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ مِنْهُمَا وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْأَمْرَدِ وَصَحَّحَهُ فِي الْأَمَةِ وَاَلَّذِي
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) وَسَيَأْتِي عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ امْتِنَاعُ نَظَرِ كُلٍّ مِنْ السَّيِّدِ وَمُكَاتَبَتِهِ إلَى مَا بَيْنَ سُرَّةِ الْآخَرِ وَرُكْبَتِهِ وَحِلُّ نَظَرِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: الْمُبَعَّضَ) بِخِلَافِ الْمُبَعَّضَةِ يَجُوزُ لِسَيِّدِهَا أَنْ يَنْظُرَ مِنْهَا مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَالرُّويَانِيِّ كَمَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَنْظُرَ إلَى مَا عَدَا مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ كَمَا سَيَأْتِي عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ إلَخْ) وَقَضِيَّةُ هَذَا الْفَرْقُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَى الْمُشْتَرَكَةِ النَّظَرُ إلَى سَيِّدِهَا وَأَنْ يَجُوزَ لِلسَّيِّدَةِ النَّظَرُ إلَى الْمُشْتَرَكِ وَكَلَامُهُمْ دَالٌّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ وَسَيَأْتِي عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِلشِّهَابِ مَا يُفِيدُ الْجَوَازَ فِي الْأَوَّلِ وَالْمَنْعَ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَطِفْلٌ) الْمُرَادُ بِهِ مَا عَدَا الْمُرَاهِقَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ شَرْحِ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: إلَى امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ) فَيَنْظُرُ مِنْهَا مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةُ إلَّا إنْ كَانَ لَا يُحْسِنُ حِكَايَةَ مَا يَرَاهُ فَيَنْظُرُ مَا بَيْنَهُمَا
ــ
[حاشية الشربيني]
بِالْآيَةِ الْمُغَفَّلُونَ الَّذِينَ لَا يَشْتَهُونَ النِّسَاءَ قَالَ عَمِيرَةُ اُنْظُرْ مَا وَجْهُ حِلِّ نَظَرِهِمْ وَمَا الْمُرَادُ بِهِمْ. اهـ. (قَوْلُهُ: عِفَّتُهُمَا) يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ هُوَ عَفِيفًا دُونَهَا امْتَنَعَ نَظَرُهُ وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ يَحِلُّ نَظَرُ الْعَفِيفِ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ وَلَا وَجْهَ لِمَنْعِ الْعَفِيفِ مِنْ النَّظَرِ مَعَ كَوْنِ غَيْرُهُ غَيْرَ نَاظِرٍ. اهـ. مُخَالِفًا ل ق ل وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِيمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بِجَوَازِ نَظَرِ الرَّجُلِ إلَخْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ أَنَّ الْأَمَةَ مَحَلُّ اسْتِمْتَاعِهِ دُونَ عَبْدِ الْمَرْأَةِ فَكَانَ نَظَرُ الرَّجُلِ إلَى أَمَتِهِ أَقْوَى مِنْ نَظَرِ الْمَرْأَةِ إلَى عَبْدِهَا فَأَثَّرَتْ الْكِتَابَةُ فِي الثَّانِي لِضَعْفِهِ دُونَ الْأَوَّلِ لِقُوَّتِهِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ وَالْمُبَعَّضَ وَالْمُشْتَرَكَ مَعَ سَيِّدَتِهِمْ كَالْأَجْنَبِيِّ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُبَعَّضَةِ وَالْمُشْتَرَكَةِ مَعَ سَيِّدِهِنَّ فَكَالْمَحْرَمِ قَالَهُ الْعَلَّامَةُ الْعَلْقَمِيُّ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: الْمُشْتَرَكَةُ) وَمَلَكَ غَيْرُهَا كَزَوْجِهَا فَيَحْرُمُ نَظَرُ عَبْدِهِ إلَى زَوْجَتِهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُفَرَّقُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمَالِكِيَّةَ إلَخْ) أَيْ مِمَّنْ لَهُ التَّمَتُّعُ أَصَالَةً وَهُوَ السَّيِّدُ فَلَا يَرِدُ حُرْمَةُ نَظَرِ السَّيِّدَةِ إلَى الْمُكَاتَبِ وَالْمُبَعَّضِ وَالْمُشْتَرَكِ بِخِلَافِ السَّيِّدِ مَعَ الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُبَعَّضَةِ وَالْمُشْتَرَكَةِ وَقَوْلُهُ: مَا لَا يُبَاحُ لِلْمَمْلُوكِ أَيْ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ التَّمَتُّعُ أَصَالَةً فَلَا يُرَدُّ لِمَمْلُوكِ السَّيِّدُ الْمُكَاتَبِ وَالْمُبَعَّضِ وَالْمُشْتَرَكِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَطِفْلٌ لَا مُرَاهِقٌ) الطِّفْلُ هُوَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ الْقُدْرَةَ عَلَى حِكَايَةِ مَا يَرَاهُ مِنْ النِّسَاءِ وَمَعَ ذَلِكَ إنْ بَلَغَ حَدَّ الشَّهْوَةِ فَكَالْمَحْرَمِ وَإِلَّا فَكَالصَّغِيرِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا} [النور: 31] فَسَّرُوا الظُّهُورَ عَلَى الْعَوْرَاتِ بِحِكَايَةِ مَا يَرَاهُ فَيَكُونُ مَنْ لَمْ يَظْهَرْ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى حِكَايَتِهَا لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ هَذَا يَجُوزُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ عِنْدَهُ وَمَا نَحْنُ فِيهِ هُوَ مَنْ يَجُوزُ لَهُ نَظَرُ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَقَطْ فَلَعَلَّهُ فَسَّرَ مَنْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَى عَوْرَةِ النِّسَاءِ بِمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى حِكَايَتِهَا بِشَهْوَةٍ بِأَنْ يَقْدِرَ عَلَى حِكَايَتِهَا بِلَا شَهْوَةٍ فَإِنَّهُ كَالْمَحْرَمِ كَمَا سَيَأْتِي عَنْ م ر وَفِي ق ل أَنَّ مَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى حِكَايَةِ الْعَوْرَةِ إنْ بَلَغَ حَدَّ الشَّهْوَةِ فَكَالْمَحْرَمِ وَإِلَّا فَكَالصَّغِيرِ وَهَذَا أَوْفَقُ بِالشَّرْحِ هُنَا دُونَ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ مَنْ لَا يُحْسِنُ يَجُوزُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ عِنْدَهُ إلَّا أَنْ يَخُصَّ بِمَنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الشَّهْوَةِ تَدَبَّرْ وَحَرِّرْ فَلَا يَخْفَى مُخَالَفَةُ مَا فِي ق ل لِمَا فِي م ر (قَوْلُهُ: لَا مُرَاهِقٌ) عِبَارَةُ حَجَرٍ فِي حَوَاشِي شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ الْمُرَاهِقُ مَنْ قَارَبَ الْبُلُوغَ أَيْ بِالسِّنِّ بِأَنْ يَكُونَ ابْنَ نَحْوِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً لَا الْبُلُوغُ بِالِاحْتِلَامِ وَهُوَ نَحْوُ ثَمَانٍ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي هَذَا أَنْ لَا تُخْشَى غَائِلَتُهُ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ اهـ (قَوْلُهُ: مَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ: وَصَحَّحَهُ فِي الْأَمَةِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: مِنْ أَمْرَدَ) فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي تَعْلِيمِ الْأَمْرَدِ شَرْطٌ وَاحِدٌ أَنْ يَكُونَ هُوَ
صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ التَّحْرِيمُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ النَّظَرَ مَظِنَّةُ الْفِتْنَةِ نَعَمْ يُعْتَبَرُ فِي الْأَمْرَدِ أَنْ يَكُونَ جَمِيلَ الْوَجْهِ كَمَا قَيَّدَهُ بِهِ فِي فَتَاوِيهِ وَغَيْرِهَا تَبَعًا لِلْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُؤْمَرْ بِالِاحْتِجَابِ كَالْمَرْأَةِ لِلْمَشَقَّةِ عَلَيْهِ فِيهِ وَفِي تَرْكِ الْأَسْبَابِ اللَّازِمِ لَهُ وَعَلَى غَيْرِهِ غَضُّ الْبَصَرِ.
وَلَمْ يَعْتَبِرُوا جَمَالَ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الطَّبْعَ يَمِيلُ إلَيْهَا فَضُبِطَ بِالْأُنُوثَةِ أَمَّا النَّظَرُ بِشَهْوَةٍ بِأَنْ يَلْتَذَّ بِهِ أَوْ بِدُونِهَا لَكِنْ مَعَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ فَحَرَامٌ قَطْعًا فِي الْأَوَّلِ وَعَلَى الْأَصَحِّ فِي الثَّانِي وَيَحْرُمُ النَّظَرُ بِشَهْوَةٍ إلَى الْمُلْتَحِي أَيْضًا وَلَوْ مَحْرَمًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَعَ خَوْفِ الْفِتْنَةِ كَذَلِكَ (لَا) إنْ كَانَ النَّظَرُ مِنْ الْمَمْسُوحِ وَمَا بَعْدَهُ إلَى شَيْءٍ (مِنْ سُرَّةٍ لِرُكْبَةٍ) فَيَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ نَعَمْ الطِّفْلُ الَّذِي لَا يُحْسِنُ حِكَايَةَ مَا يَرَاهُ يَجُوزُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ عِنْدَهُ (كَلِلنِّسَا) أَيْ كَمَا يَحْرُمُ النَّظَرُ مِنْ النِّسَاءِ إلَى شَيْءٍ مِنْ النِّسَاءِ أَوْ الرِّجَالِ مِنْ سُرَّةٍ لِرُكْبَةٍ دُونَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ مِنْ النِّسَاءِ بِالنَّظَرِ إلَيْهِنَّ كَالرِّجَالِ مَعَ الرِّجَالِ وَلَا مِنْ الرِّجَالِ أَصْلًا وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها «أَنَّهَا نَظَرَتْ إلَى الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ» وَمَا ذَكَرَهُ فِي الثَّانِيَةِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ التَّحْرِيمَ كَنَظَرِهِمْ إلَيْهِنَّ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [النور: 31] وَلِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ أَنَّ «أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ كُنْت عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ مَيْمُونَةُ فَأَقْبَلَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ نَزَلَ الْحِجَابُ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم احْتَجِبَا مِنْهُ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَيْسَ أَعْمَى لَا يُبْصِرُنَا وَلَا يَعْرِفُنَا قَالَ أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ» .
وَأَجَابَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ خَبَرِ عَائِشَةَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهَا نَظَرَتْ إلَى وُجُوهِهِمْ وَأَبْدَانِهِمْ وَإِنَّمَا نَظَرَتْ إلَى لَعِبِهِمْ وَحِرَابِهِمْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَعَمُّدُ النَّظَرِ إلَى الْبَدَنِ وَإِنْ وَقَعَ بِلَا قَصْدٍ صَرَفَتْهُ فِي الْحَالِ وَأَفْهَمَ كَلَامُ النَّاظِمِ حِلَّ نَظَرِ الْكَافِرَةِ إلَى الْمُسْلِمَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي مَمْلُوكَتِهَا وَمَحْرَمِهَا وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَصَحَّحَ الْغَزَالِيُّ حِلَّهُ أَيْضًا لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: إنَّهُ الْأَقْيَسُ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ وَصَحَّحَ الْبَغَوِيّ وَالشَّيْخَانِ تَحْرِيمَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: 31] وَالْكَافِرَةُ لَيْسَتْ مِنْ نِسَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ فَلَا تَدْخُلُ الْحَمَّامَ مَعَ الْمُسْلِمَةِ وَمَا الَّذِي تَرَاهُ مِنْهَا قَالَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ هِيَ مَعَهَا كَالْأَجْنَبِيِّ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَشْبَهُ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهَا تَرَى مِنْهَا مَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ وَهُوَ الْوَجْهُ وَالرَّأْسُ وَالْيَدُ إلَى الْمَرْفِقِ، وَالرِّجْلُ إلَى الرُّكْبَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا غَرِيبٌ لَمْ أَرَهُ نَصًّا بَلْ صَرَّحَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرُهُمْ بِأَنَّهَا مَعَهَا كَالْأَجْنَبِيِّ انْتَهَى.
وَأَفْتَى النَّوَوِيُّ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمَةِ كَشْفُ وَجْهِهَا لَهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا كَالْأَجْنَبِيِّ وَأَمَّا عَلَى الْأَشْبَهِ عِنْدَهُ كَالرَّافِعِيِّ فَمُشْكِلٌ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا كَالْأَجْنَبِيِّ فَلَا يَحْرُمُ كَشْفُ وَجْهِهَا لَهَا عَلَى مَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْأَكْثَرِينَ فِي نَظَرِ الْأَجْنَبِيِّ إلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ وَكَفَّيْهَا وِفَاقًا لِلْآيَةِ كَمَا مَرَّ إذْ الْمُرَادُ بِالزِّينَةِ فِيهَا الْخَفِيَّةُ وَهِيَ مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ بِقَرِينَةِ اسْتِثْنَائِهِمَا فِي قَوْلِهِ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا كَمَا مَرَّ وَأَمَّا نَظَرُ الْمُسْلِمَةِ لِلْكَافِرَةِ فَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ جَوَازُ (وَ) لَا إنْ كَانَ النَّظَرُ مِنْ الرِّجَالِ إلَى شَيْءٍ (مِنْ رِجَالٍ) مِنْ سُرَّةٍ إلَى رُكْبَةٍ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ بِخِلَافِ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَفِي نَسْخِ بَدَلِ رِجَالٍ إمَاءً وَهُوَ تَكْرَارٌ مَعَ مَا مَرَّ وَلَا يُوَافِقُ الْأَصْلَ وَلَعَلَّهُ تَحْرِيفٌ
(وَ) لَا إلَى شَيْءٍ مِنْ الصَّغِيرَةِ (الَّتِي
ــ
[حاشية العبادي]
أَيْضًا كَمَا يَأْتِي آنِفًا (قَوْلُهُ: يَجُوزُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ عِنْدَهُ) فَعُلِمَ أَنَّ لِلطِّفْلِ حَالَيْنِ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ) أَيْ وَهِيَ نَظَرُ النِّسَاءِ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ الرِّجَالِ (قَوْلُهُ: وَمَحْرَمُهَا) أَيْ مَمْلُوكَةٌ وَمَحْرَمُ الْمُسْلِمَةِ (قَوْلُهُ: وَأَفْتَى النَّوَوِيُّ إلَخْ) هَذَا مُخَالِفٌ لِلْأَشْبَهِ السَّابِقِ عَنْ الشَّيْخَيْنِ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَمُعَلِّمُهُ عَدْلَيْنِ وَفِي تَعْلِيمِ الْأُنْثَى أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ فَقْدُ الْجِنْسِ وَالْمَحْرَمُ الصَّالِحُ لِلتَّعْلِيمِ وَأَنْ لَا يُمْكِنَ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَأَنْ لَا يَلْزَمَ عَلَيْهِ خَلْوَةٌ فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ حَرُمَ. اهـ. وَلَا يَخْفَى اشْتِرَاطُ الْعَدَالَةِ أَيْضًا فَمَا وَجْهُ السُّكُوتِ عَنْهُ؟ حَرِّرْهُ (قَوْلُهُ: إلَى الْمُلْتَحِي) قَالَ ع ش بَلْ إلَى الْجَمَادِ (قَوْله نَعَمْ الطِّفْلُ الَّذِي إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ أَمَّا غَيْرُ الْمُمَيِّزِ فَيَجُوزُ كَشْفُ الْعَوْرَةِ عِنْدَهُ. اهـ. وَهِيَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ مَنْ لَا يُحْسِنُ إنْ بَلَغَ حَدَّ الشَّهْوَةِ فَهُوَ مَا مَرَّ وَإِلَّا فَهُوَ هَذَا وَإِنَّ مَنْ يُحْسِنُ حِكَايَةَ مَا يَرَاهُ فَهُوَ الْمُرَاهِقُ هَكَذَا يُؤْخَذُ مِنْ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَضَبَطَ حَجَرٌ الْمُرَاهِقَ بِابْنِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَقَدْ مَرَّ.
وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر أَمَّا غَيْرُ الْمُرَاهِقِ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يُحْسِنُ حِكَايَةَ مَا يَرَاهُ عَلَى وَجْهِهِ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ فَكَالْمَحْرَمِ أَوْ بِشَهْوَةٍ فَكَالْبَالِغِ أَوْ لَا يُحْسِنُ ذَلِكَ فَكَالْعَدَمِ. اهـ. وَهُوَ مُخَالِفٌ ل ق ل فَحَرِّرْ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ الْبَغَوِيّ وَالشَّيْخَانِ تَحْرِيمَهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّحْرِيمَ عَلَى الذِّمِّيَّةِ وَهُوَ صَحِيحٌ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ تَكْلِيفِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ. اهـ. شَرْحُ الْمِنْهَاجِ ل م ر وَاسْتَشْكَلَهُ حَجَرٌ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِأَنَّ تَكْلِيفَهُمْ بِالْفُرُوعِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا مُشْكِلٌ فَإِنَّ تَعْيِينَ وَاحِدٍ مِنْهَا تَحَكُّمٌ مُمْتَنِعٌ فَتَعَيَّنَ أَنَّهُمْ لَا يُكَلَّفُونَ إلَّا بِالْفُرُوعِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا وَحِينَئِذٍ فَأَيُّ مُسَوِّغٍ لِقَوْلِهِمْ هُنَا يَحْرُمُ نَظَرُ كَافِرَةٍ لِمُسْلِمَةٍ مَعَ أَنَّ هَذِهِ
مَا بَلَغَتْ فِي السِّنِّ حَدَّ الشَّهْوَةِ) لِانْتِفَاءِ مَظِنَّةِ الشَّهْوَةِ عَنْهَا (لَا) إلَى (فَرْجِهَا) فَلَا يَجُوزُ كَفَرْجِ غَيْرِهَا.
وَبِهِ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَ الْفُورَانِيُّ وَأَصْحَابُ الْعُدَّةِ وَالْمُذْهَبِ وَالْبَيَانِ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَرَدَّ النَّوَوِيُّ الْجَزْمَ وَالِاتِّفَاقَ بِمَا زَادَهُ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ (قُلْتُ) الْقَاضِي (الْحُسَيْنُ جَوَّزَهْ) جَزْمًا (وَالْمُتَوَلِّي) عَلَى الْأَصَحِّ (مِنْ سِوَى الْمُمَيِّزَهْ) لِتَسَامُحِ النَّاسِ بِهِ إلَى بُلُوغِهَا سِنَّ التَّمْيِيزِ وَمَصِيرُهَا بِحَيْثُ يُمْكِنُهَا سَتْرَ عَوْرَتِهَا عَنْ النَّاسِ وَالْمُتَوَلِّي إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي فَرْجِ الصَّغِيرِ فَقَاسَ عَلَيْهِ النَّاظِمُ فَرْجَ الصَّغِيرَةِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ مِنْ سِوَى الْمُمَيِّزَةِ لَأَغْنَى عَنْهُ مَا قَبْلَهُ إذْ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ حَدَّ الشَّهْوَةِ
(وَلَا) يَحْرُمُ نَظَرُ الرَّجُلِ إلَى الْمَرْأَةِ وَعَكْسُهُ (مَعَ النِّكَاحِ وَالْمِلْكِ) اللَّذَيْنِ يَجُوزُ مَعَهُمَا التَّمَتُّعُ وَإِنْ عَرَضَ مَانِعٌ قَرِيبُ الزَّوَالِ كَحَيْضٍ وَرَهْنٍ (وَلَوْ) كَانَ النَّظَرُ (فِي سَوْأَةٍ) وَلَوْ بَاطِنًا؛ لِأَنَّهَا مَحَلُّ تَمَتُّعِهِ (لَكِنْ كَرَاهَةً) لِلنَّظَرِ إلَيْهَا (رَأَوْا) لِخَبَرِ «النَّظَرُ إلَى الْفَرَجِ يُورِثُ الطَّمْسَ أَيْ الْعَمَى» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ فِي الضُّعَفَاءِ وَخَالَفَ ابْنُ الصَّلَاحِ فَقَالَ إنَّهُ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ.
وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ الدُّبُرَ وَقَوْلُ الْإِمَامِ وَالتَّلَذُّذُ بِالدُّبْرِ بِلَا إيلَاجٍ جَائِزٌ كَالصَّرِيحِ فِيهِ وَكَذَا قَوْلُ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا هُنَا لِلزَّوْجِ النَّظَرُ إلَى جَمِيعِ بَدَنِ زَوْجَتِهِ إلَّا الْفَرَجَ فَفِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ وَفِي بَابِ مَا يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ مِنْ التَّمَتُّعِ لَهُ جَمِيعُ التَّمَتُّعِ إلَّا النَّظَرَ إلَى الْفَرْجِ فَفِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ فِي حُكْمِ النَّظَرِ وَإِلَّا الْإِتْيَانَ فِي الدُّبُرِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ وَاَلَّذِي سَبَقَ لَهُمَا فِي حُكْمِ النَّظَرِ جَوَازُهُ إلَى الْفَرْجِ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءِ الدُّبُرِ فَهَذَا مِنْهُمَا كَالصَّرِيحِ فِي جَوَازِ نَظَرِهِ إلَيْهِ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ بِحُرْمَتِهِ أَمَّا إذَا امْتَنَعَ مَعَهُمَا التَّمَتُّعُ كَزَوْجَةٍ مُعْتَدَّةٍ عَنْ شُبْهَةٍ وَأَمَةٍ مُرْتَدَّةٍ وَمَجُوسِيَّةٍ وَوَثَنِيَّةٍ وَمُزَوَّجَةٍ وَمُكَاتَبَةٍ وَمُشْتَرَكَةٍ فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ مِنْهُنَّ إلَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ دُونَ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا.
لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُشْتَرَكَةِ مَمْنُوعٌ وَالصَّوَابُ فِيهَا وَفِي الْمُبَعَّضَةِ وَالْمُبَعَّضِ بِالنِّسْبَةِ إلَى سَيِّدَتِهِ أَنَّهُمْ كَالْأَجَانِبِ
ثُمَّ نَبَّهَ النَّاظِمُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَحْرُمُ الْمَسُّ دُونَ النَّظَرِ بِقَوْلِهِ (قُلْت وَلَا يَغْمِزْ وَلَا يُقَبِّلَا) بِإِبْدَالِ أَلِفِهِ مِنْ نُونِ التَّوْكِيدِ (مَحْرَمَهْ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَغْمِزَ سَاقَهَا وَلَا رِجْلَهَا وَلَا أَنْ يُقَبِّلَ وَجْهَهَا وَلَا أَنْ يَمَسَّ شَيْئًا مِمَّا يُبَاحُ النَّظَرُ إلَيْهِ مِنْهَا كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْقَفَّالِ وَأَقَرَّاهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَرَدَّ النَّوَوِيُّ الْجَزْمَ وَالِاتِّفَاقَ) أَيْ لَا الْحُكْمَ (قَوْلُهُ: وَالْمُتَوَلِّي إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ إلَخْ) فِي شَرْحِ الرَّوْضِ ثُمَّ قَالَ أَيْ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ تَبَعًا لِلْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَى فَرْجِ الصَّغِيرِ إلَى التَّمْيِيزِ. اهـ. وَالْمُعْتَمَدُ حُرْمَةُ النَّظَرِ أَيْضًا إلَى فَرْجِ الصَّغِيرِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ م ر
(قَوْلُهُ: وَمُكَاتَبَةٍ وَمُشْتَرَكَةٍ) فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِلشِّهَابِ مَا نَصُّهُ أَمَّا زَوْجَتُهُ الْمُحَرَّمَةُ عَلَيْهِ لِكَوْنِهَا فِي عِدَّةِ شُبْهَةٍ وَأَمَتُهُ الْمُحَرَّمَةُ عَلَيْهِ بِكِتَابَةٍ وَتَزْوِيجٍ وَنَحْوِ تَمَجُّسٍ وَتَوَثُّنٍ وَرِدَّةٍ وَشَرِكَةٍ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَتَبْعِيضٍ وَعِدَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ وَنَسَبٍ وَرَضَاعٍ وَمُصَاهَرَةٍ فَلَا يَحِلُّ لَهُ وَلَا لَهَا نَظَرُ وَلَا مَسُّ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَيَحِلُّ مَا عَدَا ذَلِكَ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ مِنْ التَّحْرِيمِ مُطْلَقًا عِنْدَ عَدَمِ حِلِّ الِاسْتِمْتَاعِ.
وَالتَّقْيِيدُ بِحِلِّهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَوَّرَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الْمُشْتَرَكَةِ وَالْمُبَعَّضَةِ وَالْمُبَعَّضِ بِالنِّسْبَةِ إلَى سَيِّدَتِهِ أَنَّهُمْ كَالْأَجَانِبِ اهـ وَقَوْلُهُ: وَيَحِلُّ مَا عَدَا ذَلِكَ يُفِيدُ جَوَازَ مَسِّ السَّيِّدِ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ أَمَتِهِ الْمُحَرَّمَةِ عَلَيْهِ بِنَحْوِ تَزْوِيجٍ فَلْيُرَاجَعْ وَيُفِيدُ جَوَازَ النَّظَرِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ حَتَّى فِي مَسْأَلَةِ الشَّرِكَةِ وَالتَّبْعِيضِ وَذَكَرَ بَعْدَهَا امْتِنَاعَهُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ مَعَ عَبْدِهَا فَقَالَ أَمَّا إذَا كَانَا أَيْ هِيَ وَعَبْدُهَا فَاسِقَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَاسِقًا بِالزِّنَا أَوْ غَيْرُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ أَوْ بَعْضُهُ حُرٌّ أَوْ لِغَيْرِهَا فَلَا يَحِلُّ النَّظَرُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ إلَخْ. اهـ. فَيَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ لَا يُقَالُ الْمَالِكِيَّةُ أَقْوَى مِنْ الْمَمْلُوكَةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَلَّمَ ذَلِكَ لَمْ يَقْتَضِ حِلَّ نَظَرِ الْمَمْلُوكِ فِيمَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا وَمَنَعَ نَظَرَ الْمَالِكِ فِيمَا ذَكَرَهُ ثَانِيًا نَعَمْ قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ السَّيِّدِ وَأَمَتِهِ مَحَلُّ اسْتِمْتَاعٍ الْآخَرِ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ السَّيِّدَةِ مَعَ عَبْدِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُرَاجَعْ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْحُرْمَةَ مُخْتَلَفٌ فِيهَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ غَيْرِنَا بَلْ الْخِلَافُ فِيهَا فِي مَذْهَبِنَا نَفْسِهِ وَالْمُسْلِمُ الشَّافِعِيُّ إنَّمَا أَثِمَ لِالْتِزَامِهِ الْعَمَلَ بِالرَّاجِحِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَالذِّمِّيُّ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ الْتِزَامٌ حَتَّى يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِالْحُرْمَةِ وَالْإِثْمِ وَلَا يَصِحُّ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ بِاعْتِقَادِ الشَّافِعِيِّ إذْ لَا يَلْزَمُهُ الْجَرْيُ عَلَى اعْتِقَادِهِ إذَا أَسْلَمَ بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ فِي اتِّبَاعِ مَا شَاءَ مِنْ الْمَذَاهِبِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ الْمُتَأَخِّرِينَ وَمَنْ قَبْلَهُمْ كَادُوا أَنْ يَتَطَابَقُوا عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَنَظَائِرِهَا مِنْ غَيْرِ تَأَمُّلٍ لِهَذِهِ الْمُنَاقَصَةِ. اهـ. بج وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا حَرُمَ عَلَيْهَا ذَلِكَ لِتَرْكِهَا بِسَبَبِ تَرْكِهَا الْإِسْلَامِ. تَقْلِيدَ مَنْ يَقُولُ بِحِلِّ ذَلِكَ وَإِيقَاعِهَا إيَّاهُ عَلَى غَيْرِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: حَدَّ الشَّهْوَةِ) أَيْ حَدًّا تُشْتَهَى فِيهِ عُرْفًا حَجَرٌ شَرْحُ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: لَا إلَى فَرْجِهَا) وَلِلْأُمِّ مَثَلًا نَظَرُهُ وَمَسُّهُ زَمَنَ الرَّضَاعِ وَالتَّرْبِيَةِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: مِمَّا زَادَهُ النَّاظِمُ) أَيْ مِنْ تَجْوِيزِ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ جَزْمًا وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُتَوَلِّي؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي فَرْجِ الصَّغِيرِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ
(قَوْلُهُ: اللَّذَيْنِ يَجُوزُ مَعَهُمَا التَّمَتُّعُ) خَرَجَ مَا لَا يَحِلُّ مَعَهُ مِنْهُمَا كَزَوْجَتِهِ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ شُبْهَةٍ وَأَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ مَعَهُ النَّظَرُ لِمَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ ثُمَّ رَأَيْت الشَّرْحَ الْآتِي
(قَوْلُهُ: وَلَا يُقَبِّلَانِ) مَسْأَلَةٌ
يُسَنُّ
إذَا مَسَّ بِلَا حَاجَةٍ وَلَا شَفَقَةٍ وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسِّ وَالنَّظَرِ وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِيمَا ذَكَرَ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمَسَّ أَبْلَغُ فِي اللَّذَّةِ وَلِأَنَّ حَاجَةَ النَّظَرِ أَعَمُّ فَسُومِحَ فِيهِ مَا لَمْ يُسَامَحْ فِي الْمَسِّ وَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ فِي بَابِ الْغَزْوِ فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ مَسُّ الْمَحَارِمِ فِي الرَّأْسِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَسِّ لِحَاجَةٍ أَوْ شَفَقَةٍ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمَمْسُوحِ وَغَيْرِهِ وَعَبْدِ الْمَرْأَةِ مَسُّهَا وَإِنْ أُبِيحَ النَّظَرُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُضَاجِعَ رَجُلٌ رَجُلًا وَلَا امْرَأَةٌ امْرَأَةً إذَا كَانَا عَارِيَّيْنِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ فِي جَانِبٍ مِنْ الْفِرَاشِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا يُفْضِي الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ وَلَا تُفْضِي الْمَرْأَةُ إلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ» قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا تَبَعًا لِلْقَاضِي وَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ الصَّبِيَّةُ عَشْرَ سِنِينَ وَجَبَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُمِّهِ وَأَبِيهِ وَأُخْتِهِ وَأَخِيهِ فِي الْمَضْجَعِ وَاحْتَجَّ لَهُ الرَّافِعِيُّ بِخَبَرِ «مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعٍ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» .
وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ عَلَى صَدْرِ الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّهُ بَيْنَهُمْ لَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ بَلْ يَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْحِصْنِيُّ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ تَحْرِيمِ الْإِفْضَاءِ الْإِفْضَاءُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ لِخَبَرِ «وَلَا تُبَاشِرُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَلَا الرَّجُلُ الرَّجُلَ إلَّا الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ وَفِي رِوَايَةٍ إلَّا وَلَدًا وَوَالِدًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَقَالَ إنَّهُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ فَهَذِهِ الزِّيَادَةُ تُخَصِّصُ خَبَرَ مُسْلِمٍ السَّابِقَ وَوَجْهُ ذَلِكَ قُوَّةُ الْمَحْرَمِيَّةِ بَيْنَهُمَا وَكَمَالُ الِاحْتِشَامِ
(وَاحْتِيطَ فِيمَنْ أَشْكَلَا) أَيْ فِي نَظَرِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ وَالنَّظَرِ إلَيْهِ فَيُجْعَلُ مَعَ النِّسَاءِ رَجُلًا وَمَعَ الرِّجَالِ امْرَأَةً كَذَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ ثُمَّ حَكَيَا عَنْ الْقَفَّالِ الْجَوَازَ مُطْلَقًا اسْتِصْحَابًا بِالْحُكْمِ الصِّغَرُ وَزَادَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ قَطَعَ بِهِ الْفُورَانِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَالْمَرُّوذِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ الْقَاضِي. اهـ. وَيُوَافِقُهُ مَا مَرَّ فِي الْجَنَائِزِ أَنَّهُ يُغَسِّلُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِضَعْفِ الشَّهْوَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِهَا قَبْلَهُ
(وَكَالْجَوَابِ خِطْبَةَ الْمُعْتَدَّهْ تَصْرِيحًا امْنَعْ) أَيْ وَامْنَعْ خِطْبَةَ الْمُعْتَدَّةِ تَصْرِيحًا رَجْعِيَّةً كَانَتْ أَوْ بَائِنًا بِطَلَاقٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً عَنْ شُبْهَةٍ كَمَا تَمْنَعُ جَوَابَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فِي الْمَضْجَعِ) أَيْ عِنْدَ الْعُرْيِ
ــ
[حاشية الشربيني]
تَقْبِيلُ يَدِ الْعَالِمِ أَوْ الصَّالِحِ أَوْ الشَّرِيفِ أَوْ الزَّاهِدِ كَمَا فَعَلَتْهُ الصَّحَابَةُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيُكْرَهُ ذَلِكَ لِغَنِيٍّ وَنَحْوِهِ وَيُسْتَحَبُّ الْقِيَامُ لِأَهْلِ الْفَضْلِ إكْرَامًا لَا رِيَاءً وَإِعْظَامًا أَيْ تَفْخِيمًا. اهـ. مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مَحْمُولٌ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) أَيْ مِنْ قَصْرِهِ الِاسْتِثْنَاءَ فِيهَا عَلَى النَّظَرِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ) كَالْخَاطِبِ (قَوْلُهُ: مَسَّهَا) وَكَذَلِكَ لَا يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ مَسُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ وَإِنْ أُبِيحَ النَّظَرُ. اهـ. حَجَرٌ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَا عَارِيَّيْنِ) فَإِنْ لَمْ يَكُونَا عَارِيَّيْنِ جَازَ نَوْمُهُمَا فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ وَلَوْ مُلْتَصِقَيْنِ سم عَلَى تح (قَوْلُهُ: فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ) أَيْ مَعَ الْعُرْيِ وَإِلَّا جَازَ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَجَبَ) أَيْ عِنْدَ الْعُرْيِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ م ر (قَوْلُهُ: لِخَبَرِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَحَلُّهُ فِي مُبَاشَرَةِ غَيْرِ الْعَوْرَةِ وَعِنْدَ الْحَاجَةِ عَلَى أَنَّهُ يُحْتَمَلُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى الْوَلَدِ الصَّغِيرِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: وَعِنْدَ الْحَاجَةِ؛ لِأَنَّ مَسَّ مَا يُبَاحُ النَّظَرُ إلَيْهِ مِنْ الْمَحَارِمِ مَشْرُوطٌ بِالْحَاجَةِ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ: عَلَى الْوَلَدِ الصَّغِيرِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ أَنَّهُ يَجُوزُ نَوْمُ اثْنَيْنِ مَعَ الْعُرْيِ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا صَغِيرًا لَمْ يَبْلُغْ عَشْرَ سِنِينَ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيَحْرُمُ مُضَاجَعَةُ رَجُلَيْنِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ عَارِيَّيْنِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وَإِنْ لَمْ يَتَمَاسَّا وَلَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا إذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ أَوْ الصَّبِيَّةُ عَشْرَ سِنِينَ اهـ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ الْعَشْرِ جَائِزٌ لِلْأَجَانِبِ
(قَوْلُهُ: فَيُجْعَلُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: اسْتِصْحَابًا بِالْحُكْمِ الصِّغَرِ) اُنْظُرْ الْمُرَادَ بِالصِّغَرِ أَهُوَ عَدَمُ بُلُوغِهِ حَدًّا يُشْتَهَى فَيَنْظُرُ الرِّجَالُ مِنْهُ مَا عَدَا الْفَرْجَ وَهُوَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ أَوْ بُلُوغُهُ حَدَّ الشَّهْوَةِ فَيَحْرُمُ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ فَقَطْ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ جَاوَزَ هَذَا الْحَدَّ
(قَوْلُهُ: وَكَالْجَوَابِ إلَخْ) حُكْمُ جَوَابِ الْخِطْبَةِ مِنْ الْمَرْأَةِ أَوْ وَلِيِّهَا حُكْمُ الْخِطْبَةِ مِنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ وَالتَّعْرِيضِ وَالتَّصْرِيحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَفِي قَوْلِ الشَّارِحِ بِالْخِطْبَةِ وَالْإِجَابَةُ إشَارَةٌ إلَى ذَلِكَ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: الْمُعْتَدَّةُ) .
وَأَمَّا الْأَمَةُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِرَاشًا لِلسَّيِّدِ فَكَالْخَلِيَّةِ وَإِلَّا فَفِي زَمَنِ الْفِرَاشِ كَالْمَنْكُوحَةِ وَفِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ كَالرَّجْعِيَّةِ وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ كَالْبَائِنِ قَالَهُ شَيْخُنَا فَرَاجِعْهُ وَحَرِّرْهُ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَنَّ السَّرِيَّةَ وَأُمَّ الْوَلَدِ الْمُسْتَفْرَشَةَ كَالْمَنْكُوحَةِ نَعَمْ مَتَى وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءُ وَلَمْ يَقْصِدْ الشِّرَاءَ جَازَ التَّعْرِيضُ كَالْبَائِنِ. اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا كَالْبَائِنِ حَتَّى زَمَنَ الِاسْتِبْرَاءِ وَمَا قَالَهُ ق ل أَوْجَهُ فَرَاجِعْ
خِطْبَتِهَا تَصْرِيحًا فَيَحْرُمُ التَّصْرِيحُ بِهِمَا إجْمَاعًا وَزَادَ قَوْلَهُ (لَا لِرَبِّ الْعِدَّهْ) فَلَا تَحْرُمُ خِطْبَتُهُ فِيهَا لِلْمُفَارَقَةِ مِنْهُ كَالْجَوَابِ لَا تَصْرِيحًا ولَا تَعْرِيضًا؛ لِأَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا فِي عِدَّتِهِ وَخَرَجَ بِهَذَا مَعَ قَوْلِهِ تَصْرِيحًا التَّعْرِيضُ مِنْ غَيْرِ رَبِّ الْعِدَّةِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (وَلِسِوَى الرَّجْعِيَّةِ التَّعْرِيضُ) بِالْخِطْبَةِ وَالْإِجَابَةِ فِي عِدَّتِهَا (مَا) أَيْ لَا (يَحْرُمُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ} [البقرة: 235] أَيْ أَضْمَرْتُمْ فِي قُلُوبِكُمْ فَلَمْ تَذْكُرُوهُ صَرِيحًا وَلَا تَعْرِيضًا وَلِإِنْقَاءِ سَلْطَنَةِ الزَّوْجِ عَنْهَا بِخِلَافِ التَّصْرِيحِ؛ لِأَنَّهُ إذَا صَرَّحَ تَحَقَّقَتْ رَغْبَتُهُ فِيهَا فَرُبَّمَا تَكْذِبُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَبِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ فَيَحْرُمُ التَّعْرِيضُ لَهَا؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْمَنْكُوحَةِ وَالتَّصْرِيحُ مَا يَقْطَعُ بِالرَّغْبَةِ فِي النِّكَاحِ كَأُرِيدُ أَنْ أَنْكِحَك وَإِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُك نَكَحْتُك وَالتَّعْرِيضُ مَا يَحْتَمِلُ الرَّغْبَةَ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرَهَا كَرُبَّ رَاغِبٍ فِيك وَمَنْ يَجِدُ مِثْلَك وَأَنْتِ جَمِيلَةٌ وَلَا فَرْقَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَالْكِنَايَةِ وَهِيَ مَا يَدُلُّ عَلَى الشَّيْءِ بِذِكْرِ لَوَازِمِهِ كَقَوْلِك فُلَانٌ طَوِيلُ النِّجَادِ لِلطَّوِيلِ وَكَثِيرُ الرَّمَادِ لِلْمِضْيَافِ.
وَمِثَالُهَا هُنَا لِلتَّصْرِيحِ أُرِيدُ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْك نَفَقَةَ الزَّوْجَاتِ وَأَتَلَذَّذَ بِك وَلِلتَّعْرِيضِ أُرِيدُ أَنْ أُنْفِقَ عَلَيْك نَفَقَةَ الزَّوْجَاتِ فَكُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ إنْ أَفَادَ الْقَطْعَ بِالرَّغْبَةِ فِي النِّكَاحِ فَهُوَ تَصْرِيحٌ أَوْ الِاحْتِمَالَ لَهَا فَتَعْرِيضٌ، كَوْنُ الْكِنَايَةِ أَبْلَغَ مِنْ التَّصْرِيحِ الْمُقَرَّرِ فِي عِلْمِ الْبَيَانِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ فَمَنْ قَالَ هُنَا الظَّاهِرُ أَنَّهَا كَالتَّصْرِيحِ؛ لِأَنَّهَا أَبْلَغُ مِنْهُ الْتَبَسَ عَلَيْهِ التَّصْرِيحُ هُنَا بِالتَّصْرِيحِ هُنَاكَ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْأُمِّ لَوْ قَالَ عِنْدِي جِمَاعٌ يُرْضِي مَنْ جُومِعَتْ فَهُوَ تَعْرِيضٌ مُحَرَّمٌ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ بَعْضَ التَّعْرِيضِ حَرَامٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ التَّعْرِيضُ بِالْجِمَاعِ تَصْرِيحٌ بِالْخِطْبَةِ وَيُمْكِنُ رَدُّ كَلَامِ الْأُمِّ إلَيْهِ
(بَلْ) امْنَعْ (ذِي بَعْدَ ذِي) أَيْ الْخِطْبَةَ بَعْدَ الْخِطْبَةِ (إنْ عَلِمَا) أَيْ الْخَاطِبُ الثَّانِي أَنَّ الْأَوَّلَ (أَجَابَ) أَيْ أَجَابَهُ لِخِطْبَتِهِ (مَنْ يَجْبُرُهَا) مِنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ.
(أَوْ غَيْرُ مَنْ تُجْبَرُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ أَوْ إجَابَةُ غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ مِنْ الثَّيِّبِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا فِي عِدَّتِهِ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا لَيْسَ لَهُ خِطْبَتُهَا تَصْرِيحًا وَلَا تَعْرِيضًا حَتَّى تَتَحَلَّلَ وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا مِنْ الْمُحَلَّلِ إنْ طَلَّقَ رَجْعِيًّا وَإِلَّا جَازَ التَّعْرِيضُ فِي عِدَّةِ الْمُحَلَّلِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: لَا يُنَافِي ذَلِكَ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ وَجْهَ كَوْنِهَا أَبْلَغَ أَنَّ الِانْتِقَالَ فِيهَا إلَى الْمَقْصُودِ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ فَهُوَ كَدَعْوَى الشَّيْءِ بِبَيِّنَةٍ وَلَا يُنَافِي إفَادَتَهَا الْقَطْعَ بِالرَّغْبَةِ فِي النِّكَاحِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالتَّصْرِيحِ هُنَا وَلَا يَسْتَلْزِمُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكِنَايَةَ ذِكْرُ الشَّيْءِ بِذِكْرِ لَازِمِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
فَهِيَ هُنَا ذِكْرُ الرَّغْبَةِ فِي النِّكَاحِ بِذِكْرِ لَازِمِهَا مِنْ نَحْوِ نَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ وَالتَّلَذُّذِ بِهَا فَتَارَةً يَدُلُّ ذِكْرُ لَازِمِهَا عَلَيْهَا قَطْعًا فَيَكُونُ تَصْرِيحًا وَتَارَةً يَدُلُّ عَلَيْهَا احْتِمَالًا فَهُوَ تَعْرِيضٌ مَعَ تَحَقُّقِ الْكِنَايَةِ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ وَقَوْلُهُ: الْتَبَسَ عَلَيْهِ التَّصْرِيحُ هُنَا بِالتَّصْرِيحِ هُنَاكَ أَيْ تَوَهُّمِ أَنَّهُ وَاحِدٌ هُنَا وَهُنَاكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ هُوَ هُنَا الْقَطْعُ بِالرَّغْبَةِ فِي النِّكَاحِ، وَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ بِذِكْرِ لَازِمِهَا وَهُنَاكَ ذِكْرُ الْمَعْنَى الْأَصْلِيِّ بِلَفْظِهِ، وَأَيْنَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ؟ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَيُمْكِنُ رَدُّ كَلَامِ الْأُمِّ إلَيْهِ) بِأَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُ تَعْرِيضٌ بِالْجِمَاعِ لَا بِالْخِطْبَةِ بَلْ هُوَ تَصْرِيحٌ بِهَا لَكِنْ يَرُدُّ هَذَا تَعْبِيرُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْأُمِّ بِقَوْلِهِ فَقَدْ عَرَّضَ بِالْخِطْبَةِ تَعْرِيضًا مُحَرَّمًا
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: فَلَا تَحْرُمُ بَلْ تُسْتَحَبُّ) إنْ اُسْتُحِبَّ النِّكَاحُ وَإِلَّا فَلَا. اهـ. بِرّ عَلَى الْمَحَلِّيِّ وَفِي ق ل عَلَى م ر الْكَبِيرُ أَنَّ لَهَا حُكْمَ النِّكَاحِ وُجُوبًا وَنَدْبًا وَكَرَاهَةً وَتَحْرِيمًا. اهـ. وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مُجَرَّدِ الْتِمَاسِ النِّكَاحِ أَمَّا إتْيَانُ الْأَوْلِيَاءِ مَعَ الْخِطْبَةِ فَهُوَ سُنَّةٌ مُطْلَقًا كَمَا فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: يَحِلُّ لَهُ إلَخْ) أَمَّا مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا فِي تِلْكَ الْعِدَّةِ كَأَنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا رَجْعِيًّا فَوُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ فِي الْعِدَّةِ وَحَمَلَتْ مِنْهُ فَإِنَّ عِدَّةَ الْحَمْلِ تُقَدَّمُ فَلَا يَحِلُّ لِصَاحِبِ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ أَنْ يَخْطُبَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا حِينَئِذٍ كَمَا سَيَأْتِي. اهـ. خَطِيبٌ عَلَى الْمِنْهَاجِ وَأَمَّا مُطَلِّقُهَا فَلَيْسَتْ الْعِدَّةُ لَهُ (قَوْلُهُ: فَرُبَّمَا تَكْذِبُ إلَخْ) هَذِهِ حِكْمَةٌ وَلَا تَرِدُ الْعِدَّةُ بِالْأَشْهُرِ إذَا عُلِمَ وَقْتُ فِرَا قِهَا حَجَرٌ (قَوْلُهُ: أَيْضًا فَرُبَّمَا تَكْذِبُ) أَيْ أَوْ تَحْتَالُ فِي إلْقَاءِ الْحَمْلِ إنْ كَانَتْ عِدَّتُهَا بِوَضْعِهِ (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ التَّعْرِيضُ لَهَا) أَيْ وَلَوْ أَذِنَ الزَّوْجُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَالَ وَمِثْلُهَا الْمُعْتَدَّةُ عَنْ رِدَّةِ الزَّوْجِ أَيْ بَعْدَ الدُّخُولِ كَمَا فِي م ر (قَوْلُهُ: لَا يُنَافِي ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّ الْأَبْلَغِيَّةَ فِيهَا لَيْسَتْ مِنْ حَيْثُ إفْهَامُ الْمَقْصُودِ فَالصَّرِيحُ أَبْلَغُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ بِالِاتِّفَاقِ لِعَدَمِ احْتِيَاجِ الذِّهْنِ فِيهِ إلَى الِانْتِقَالِ مِنْ أَمْرٍ إلَى أَمْرٍ آخَرَ وَالْأَبْلَغِيَّةُ فِي الْكِنَايَةِ لِكَوْنِهَا كَدَعْوَى الشَّيْءِ بِبَيِّنَةٍ. اهـ. رَشِيدِيٌّ وَلَا يَخْفَى أَنَّ أَبْلَغِيَّةَ الْكِنَايَةِ مِنْ الْبَلَاغَةِ وَأَبْلَغِيَّةَ الصَّرِيحِ مِنْ الْبُلُوغِ رَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ: تَعْرِيضٌ مُحَرَّمٌ) ؛ لِأَنَّهُ تَضَمَّنَ التَّصْرِيحَ بِذِكْرِ الْجِمَاعِ فَهُوَ تَعْرِيضٌ بِالْخِطْبَةِ وَتَصْرِيحٌ بِالْجِمَاعِ وَحُرْمَتِهِ مِنْ حَيْثُ التَّصْرِيحُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ فُحْشٌ قَالَ تَعَالَى {وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا} [البقرة: 235] . اهـ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ بَعْضَ التَّعْرِيضِ حَرَامٌ) قَدْ يُقَالُ إنَّ حُرْمَةَ هَذَا لَيْسَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ تَعْرِيضًا بِالْخِطْبَةِ بَلْ مِنْ حَيْثُ اشْتِمَالُهُ عَلَى الْمُوَاعَدَةِ بِالْجِمَاعِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: بَلْ امْنَعْ ذِي بَعْدَ ذِي) وَإِذَا خَطَبَتْ الْمَرْأَةُ رَجُلًا فَهُوَ مُسْتَحَبٌّ وَيَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهَا خِطْبَتُهُ إنْ أَجَابَهَا وَكَمُلَ بِهَا الْعَدَدُ الشَّرْعِيُّ أَوْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى وَاحِدَةٍ كَذَا نَقَلَهُ حَجَرٌ عَنْ الْمُهِمَّاتِ وَاعْتَمَدَهُ م ر اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ) أَيْ مَنْ لَهُ التَّزْوِيجُ مِنْهُمْ فَلَا يُعْتَبَرُ الْوَلِيُّ الْبَعِيدُ مَعَ وُجُودِ الْقَرِيبِ. اهـ. ق ل عَلَى
وَالْبِكْرُ الَّتِي وَلِيُّهَا غَيْرُ الْمُجْبِرِ (وَالسُّلْطَانُ) أَيْ أَوْ أَجَابَهُ السُّلْطَانُ (فِي) الْبَالِغَةِ (الَّتِي تَجْنِ) وَلَا مُجْبِرَ لَهَا أَوْ إجَابَةُ السَّيِّدِ أَوْ وَلِيِّهِ فِي الْأُمِّ غَيْرِ الْمُكَاتَبَةِ (نُطْقًا) صَرِيحًا وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْأَوَّلُ وَلَمْ يَعْرِضْ وَلَا أَعْرَضَ عَنْهُ الْمُجِيبُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ وَفِي رِوَايَةٍ حَتَّى يَذَرَ» سَوَاءٌ كَانَ الْأَوَّلُ مُسْلِمًا أَمْ كَافِرًا مُحْتَرَمًا وَذِكْرُ الْأَخِ فِي الْخَبَرِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ وَلِأَنَّهُ أَسْرَعُ امْتِثَالًا أَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ إجَابَتَهُ كَمَا ذُكِرَ بِأَنْ لَمْ يُجَبْ أَوْ أُجِيبَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْإِجَابَةِ أَوْ عَلِمَ بِهَا وَلَمْ يَعْلَمْ كَوْنَهَا بِالنُّطْقِ أَيْ فِي غَيْرِ الْبِكْرِ فَإِنَّهُ يَكْتَفِي فِيهَا بِالسُّكُوتِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ أَوْ عَلِمَ كَوْنَهَا بِالنُّطْقِ وَلَمْ يَعْلَمْ كَوْنَهُ بِالصَّرِيحِ أَوْ عَلِمَ كَوْنَهُ بِالصَّرِيحِ وَأَذِنَ لَهُ الْأَوَّلُ أَوْ أَعْرَضَ وَلَوْ بِطُولِ الزَّمَنِ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُعْرِضًا أَوْ أَعْرَضَ عَنْهُ الْمُجِيبُ فَلَا تَحْرُمُ خِطْبَتُهُ لِسُقُوطِ حَقِّ الْأَوَّلِ فِي الْأَخِيرَةِ بِأَحْوَالِهَا الثَّلَاثَةِ وَلِأَصْلِ الْإِبَاحَةِ فِي الْبَقِيَّةِ وَلِخَبَرِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ الْآتِي حَيْثُ تَوَارَدَ عَلَيْهَا الْخُطَّابُ وَلَمْ يَنْهَ صلى الله عليه وسلم الْمُتَأَخِّرَ مِنْهُمْ لِمَا لَمْ تُصَرِّحْ بِالْإِجَابَةِ بَلْ أَشَارَ عَلَيْهَا بِغَيْرِهِمْ وَإِذَا كَانَ الْخَاطِبُ غَيْرَ كُفُؤٍ فَالنِّكَاحُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى رِضَى الْوَلِيِّ وَالْمَرْأَةِ مَعًا فَلَا تَحْرُمُ الْخِطْبَةُ إلَّا بَعْدَ إجَابَتِهِمَا كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيُعْتَبَرُ فِي التَّحْرِيمِ أَيْضًا كَوْنُ الْخِطْبَةِ الْأُولَى جَائِزَةً وَإِلَّا كَأَنْ خُطِبَتْ فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ فَلَا تَحْرِيمَ ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ أَنَّهُ لَوْ خَطَبَ خَمْسًا دَفْعَةً فَأَجَبْنَ لَا يَحِلُّ لِغَيْرِهِ خِطْبَةُ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَتَّى يَتْرُكَهَا أَوْ يَعْقِدَ عَلَى أَرْبَعٍ غَيْرَهَا وَلَوْ خَطَبَهُنَّ مُرَتَّبًا فَأَجَبْنَ حَلَّتْ الْخَامِسَةُ وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ تَحْرِيمَهَا فَإِنَّهُ قَدْ يَرْغَبُ فِيهَا
(وَجَازَ) بَلْ وَجَبَ (الذِّكْرُ لِلْقِبَاحِ) أَيْ ذِكْرُ الْقُبْحِ الْكَائِنِ (مِنْ خَاطِبٍ) أَوْ نَحْوِهِ لِلْمُسْتَشِيرِ فِيهِ بِالصِّدْقِ لِيُحَذِّرَ بَذْلًا لِلنَّصِيحَةِ «وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رضي الله عنها لَمَّا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَاهَا أَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْحَاكِمِ «وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْك مِنْ شَقَاشِقِهِ» وَلِقَوْلِهِ «إذَا اسْتَنْصَحَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيَنْصَحْهُ» ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا بِصِيغَةِ الْجَزْمِ وَصَحَّ فِي خَبَرِ «جَرِيرٍ بَايَعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى النُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ» .
وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ الْغِيبَةِ الْمُحَرَّمَةِ نَعَمْ إنْ انْدَفَعَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ لَا تَفْعَلْ هَذَا أَوْ لَا تَصْلُحُ لَك مُصَاهَرَتُهُ أَوْ لَا خَيْرَ لَك فِيهِ أَوْ نَحْوَهُ لَمْ يَجُزْ ذِكْرُ عُيُوبِهِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ إذَا انْدَفَعَ بِذِكْرِ الْبَعْضِ لَا يَذْكُرُ الْجَمِيعَ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْأَدِلَّةِ أَنَّهُ لَوْ اُسْتُشِيرَ فِي نَفْسِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ ذِكْرُ عُيُوبِهِ وَهُوَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: غَيْرُ الْمُكَاتَبَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَوْ أَجَابَهُ السَّيِّدُ مَعَ الْمُكَاتَبَةِ كِتَابَةً صَحِيحَةً. اهـ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ أَوْ أَجَابَهُ السَّيِّدُ وَالْوَلِيُّ فِي الْمُبَعَّضَةِ إنْ أَصَرَّتْ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ إذْنُهَا مَعَ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: أَيْ فِي غَيْرِ الْبِكْرِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِخِلَافِ اسْتِئْذَانِهَا فِي النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الْحَيَاءَ هُنَاكَ أَشَدُّ م ر (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَةِ) هِيَ قَوْلُهُ: إذْ كَوْنُهُ وَقَوْلُهُ بِأَحْوَالِهَا الثَّلَاثَةِ عُلِمَ كَوْنُهَا بِالصَّرِيحِ هِيَ إذْنُ الْأَوَّلِ أَوْ إعْرَاضُهُ أَوْ إعْرَاضُ الْمُجِيبِ (قَوْلُهُ: فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْخَاطِبِ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْرِضْ) وَلَوْ بِالْقَرِينَةِ كَعَدَمِ إنْفَاقِهِ فِي الْمَوَاسِمِ وَكَذَا إعْرَاضُ الْمُجِيبِ كَعَدَمِ قَبُولِ مَا يُرْسِلُهُ إلَيْهَا. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: أَيْ فِي غَيْرِ الْبِكْرِ إلَخْ) قَالَ م ر الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِخِلَافِ اسْتِئْذَانِهَا فِي النِّكَاحِ؛ لِأَنَّ الْحَيَاءَ هُنَاكَ أَشَدُّ. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: كَوْنُ الْخِطْبَةِ الْأُولَى جَائِزَةٌ) هَلْ مِنْ غَيْرِ الْجَائِزِ الْمُمْتَنِعِ الْخِطْبَةُ بَعْدَهُ التَّعْرِيضُ الْمُحَرَّمُ السَّابِقُ؟ رَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ م ر وَلَوْ كَانَ مَعَهُ أَرْبَعٌ وَخَطَبَ خَامِسَةً لِيُطَلِّق وَاحِدَةً إنْ أَجَابَتْهُ حَلَّتْ خِطْبَتُهُ لَهَا وَحَرُمَتْ إجَابَتُهَا لَهُ إنْ عَلِمَتْ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ كَثِيرُ التَّطَلُّعِ لِلنِّسَاءِ يُطَلِّقُ مَنْ فِي عِصْمَتِهِ بِأَدْنَى هَوًى أَوْ لَمْ تَعْلَمْ مِنْ حَالِهِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ فِي جَوَابِهَا إفْسَادًا لَهُ فَإِنْ عَلِمَتْ ثَبَاتَهُ عَلَى مَنْ مَعَهُ فَلَا حُرْمَةَ قَالَهُ حَجَرٌ فِي حَوَاشِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ
(قَوْلُهُ: وَجَازَ إلَخْ) أَيْ بِقَصْدِ النَّصِيحَةِ لَا الْوَقِيعَةِ فِي الْعَرْضِ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: لِلْمُسْتَشِيرِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ يَجِبُ ذِكْرُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُسْتَشَرْ كَمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ عَلِمَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا أَنْ يُخْبِرَ بِهِ مَنْ يُرِيدُ شِرَاءَهُ مُطْلَقًا. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ وَسَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ قَوْلُهُ: لِيُحَذِّرَ إلَخْ إذَا عَلِمَ أَنَّ الذِّكْرَ لَا يُفِيدُ أَمْسَكَ كَالْمُضْطَرِّ لَا يُبَاحُ لَهُ إلَّا مَا اُضْطُرَّ إلَيْهِ. اهـ. حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم إلَخْ) وَلَمْ يَكْتَفِ بِقَوْلِهِ لَا يَصْلُحُ لِئَلَّا تَظُنَّ وَصْفًا أَقْبَحَ مِمَّا هُوَ فِيهِ وَلَا يُقَاسُ بِهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرُهُ فِي ذَلِكَ فَيَلْزَمُهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ تُوُهِّمَ نَقْصٌ أَفْحَشُ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ لَا يُتَعَبَّدُ بِهِ فَلَا مُبَالَاةَ بِإِيهَامِهِ. اهـ. شَرْحٌ م ر.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ إلَخْ) كِنَايَةٌ عَنْ كَثْرَةِ أَسْفَارِهِ قِيلَ أَوْ ضَرَبَهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَجِبُ ذِكْرُ الْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ مِنْ الْعُيُوبِ. اهـ. حَجَرٌ قَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ وَلَوْ مَا فِيهِ جُرْحٌ كَزِنًا وَلَا يُعَدُّ بِهِ قَاذِفًا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَجَبَ عَلَيْهِ ذِكْرُ عُيُوبِهِ) كَذَا فِي م ر وَحَجَرٍ وَفِي ق ل أَنَّهُ إذَا اُسْتُشِيرَ فِي نَفْسِهِ لِلنِّكَاحِ يَجِبُ ذِكْرُ الْعَيْبِ إنْ ثَبَتَ بِهِ الْخِيَارُ كَعُنَّةٍ وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْصِيَةٌ كَبُخْلِ مَنْ ذَكَرَهُ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ
ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَنْدَفِعْ مُسْتَشِيرُهُ بِدُونِ ذِكْرِهَا (تَنْبِيهَانِ)
أَحَدُهُمَا تَقْيِيدِي وُجُوبَ ذَلِكَ بِالِاسْتِشَارَةِ تَبَعًا لِلْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الصَّلَاحِ وُجُوبُهُ ابْتِدَاءً وَهُوَ قِيَاسُ وُجُوبِهِ عَلَى مَنْ يَعْلَمُ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا وَمَا فَرَّقَ بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ الْأَعْرَاضَ أَشَدُّ حُرْمَةً مِنْ الْأَمْوَالِ رَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ النَّصِيحَةَ هُنَا آكَدُ وَأَوْجَبُ ثَانِيهمَا الْغِيبَةُ ذِكْرُ الْإِنْسَانِ بِمَا فِيهِ مِمَّا يَكْرَهُ وَلَوْ فِي مَالِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ زَوْجِهِ أَوْ نَحْوِهَا سَوَاءٌ ذَكَرَهُ بِلَفْظٍ أَمْ كِتَابَةٍ أَمْ إشَارَةٍ بِالْعَيْنِ أَوْ الرَّأْسِ أَوْ الْيَدِ أَوْ نَحْوِهَا وَتُبَاحُ لِأَسْبَابٍ الْأَوَّلُ التَّحْذِيرُ كَمَا ذَكَرَ الثَّانِي التَّظَلُّمُ إلَى سُلْطَانٍ أَوْ قَاضٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةٌ أَوْ قُدْرَةٌ عَلَى إنْصَافِهِ مِمَّنْ ظَلَمَهُ فَيَقُولُ ظَلَمَنِي فُلَانٌ أَوْ فَعَلَ بِي كَذَا الثَّالِثُ الِاسْتِعَانَةُ عَلَى تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ وَرَدِّ الْعَاصِي فَيَقُولُ لِمَنْ يَرْجُو قُدْرَتَهُ عَلَى الدَّفْعِ فُلَانٌ يَفْعَلُ كَذَا فَازْجُرْهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ الرَّابِعُ الِاسْتِفْتَاءُ كَأَنْ يَقُولَ لِلْمُفْتِي ظَلَمَنِي فُلَانٌ أَوْ أَبِي أَوْ أَخِي بِكَذَا فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا وَمَا طَرِيقِي فِي الْخَلَاصِ مِنْهُ وَدَفْعِ ظُلْمِهِ عَنِّي وَنَحْوِ ذَلِكَ؟ الْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ الْمُغْتَابُ مُجَاهِرًا بِفِسْقِهِ أَوْ بِدْعَتِهِ كَالْخَمْرِ وَمُصَادَرَةِ النَّاسِ وَجِبَايَةِ الْمُكُوسِ وَتَوَلِّي الْأُمُورِ الْبَاطِلَةِ فَيَجُوزُ ذِكْرُهُ بِمَا يُجَاهِرُ بِهِ وَلَا يَجُوزُ بِغَيْرِهِ إلَّا بِسَبَبٍ آخَرَ السَّادِسُ التَّعْرِيفُ كَمَا إذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِلَقَبِ كَالْأَعْمَشِ وَالْأَزْرَقِ وَالْقَصِيرِ يَجُوزُ تَعْرِيفُهُ بِهِ وَلَا يَجُوزُ ذِكْرُهُ بِهِ تَنْقِيصًا وَإِنْ أَمْكَنَ التَّعْرِيفُ بِغَيْرِهِ كَانَ أَوْلَى
ثُمَّ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ صِيغَةٌ وَمَنْكُوحَةٌ وَشَهَادَةٌ وَعَاقِدَانِ وَقَدْ أَخَذَ النَّاظِمُ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ (وَصِحَّةُ النِّكَاحِ) تَحْصُلُ (يَقُولُ) الْوَلِيُّ (زَوَّجْتُ وَأَنْكَحْتُ) أَيْ زَوَّجْتُك أَوْ أَنْكَحْتُك (ابْنَتِي) أَوْ (تَزَوَّجْ) أَوْ (أَنْكِحْ) بِنْتِي (وَ) بِقَوْلِ الزَّوْجِ (قَبِلْتُ بَعْدَ تِي) أَيْ بَعْدَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ أَيْ وَاحِدٍ مِنْهَا (نِكَاحَهَا) وَ (تَزْوِيجَهَا) أَوْ هَذَا النِّكَاحَ أَوْ التَّزْوِيجَ أَوْ بِقَوْلِهِ (نَكَحْتُ أَوْ لَفْظَ تَزَوَّجْتُ) بِنْتَك (وَ) بِقَوْلِهِ (زَوِّجْ) أَوْ أَنْكِحْ مِنِّي بِنْتَك مَعَ قَوْلِ الْوَلِيِّ زَوَّجْتُكهَا أَوْ أَنْكَحْتُكهَا وَيَقُومُ مَقَامَ كُلٍّ مِنْ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ وَكِيلُهُ (وَرَوَوْا فِي ذِي) أَيْ زَوِّجْنِي (خِلَافًا مِثْلَ) مَا رَوَوْهُ فِي (انْكِحْ) وَتَزَوَّجْ بِنْتِي فَقِيلَ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ بِشَيْءٍ مِنْهَا لِاحْتِمَالِهِ اسْتِبَانَةَ الرَّغْبَةِ وَالْأَصَحُّ صِحَّتُهُ كَمَا تَقَرَّرَ فَلَا يَحْتَاجُ بَعْدَ إيجَابِ الْوَلِيِّ إلَى الْقَبُولِ ثَانِيًا لِوُجُودِ الِاسْتِدْعَاءِ الْجَازِمِ وَذِكْرُ الْخِلَافِ زَادَهُ النَّاظِمُ وَكَذَا تَقْيِيدُ قَبِلْت بِالْبَعْدِيَّةِ إذْ لَا يَنْتَظِمُ الِابْتِدَاءُ بِقَبِلْتُ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الصِّيَغِ وَهَذَا قَاسَهُ عَلَى الْبَيْعِ عِنْدَ الْإِمَامِ.
وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي مَبْحَثِ التَّوْكِيلِ جَوَازُ تَقَدُّمِهَا أَيْضًا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مَعَهُ كَالتَّأَخُّرِ وَأَمَّا كَلَامُ الْإِمَامِ فَقَدَّمْتُ أَنَّ الْأَوْجَهَ خِلَافُهُ (وَ) صِحَّةُ النِّكَاحِ تَحْصُلُ أَيْضًا (بِمَا كَانَ بِمَعْنَى هَذِهِ) الْأَلْفَاظِ مِنْ الْعَجَمِيَّةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ (مُتَرْجَمَا)
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي مَالِهِ) يَدْخُلُ فِيهِ الْحَيَوَانُ كَالرَّقِيقِ وَالْبَهِيمَةِ (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى) يُفِيدُ جَوَازَ التَّعْرِيفِ بِهِ مَعَ إمْكَانِ التَّعْرِيفِ بِغَيْرِهِ
(قَوْلُهُ: مُتَرْجَمًا) يَنْبَغِي جَوَازُ بِنَائِهِ لِلْفَاعِلِ أَيْ مُتَرْجِمًا هُوَ عَنْ مَعْنَى هَذِهِ وَلِلْمَفْعُولِ أَيْ مُتَرْجَمًا بِهِ عَنْهُ حَالًا مِنْ ضَمِيرِ الْخَبَرِ أَوْ خَبَرًا ثَانِيًا فَلْيُتَأَمَّلْ
ــ
[حاشية الشربيني]
التَّوْبَةُ مِنْهُ وَسَتْرُ نَفْسِهِ. اهـ. وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَمَّا لَوْ اُسْتُشِيرَ إلَخْ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَالذِّكْرُ وَاجِبٌ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ. اهـ. م ر وَحَجَرٌ ثُمَّ رَأَيْت مَا فِي الشَّرْحِ وَقَوْلُهُ: يَجِبُ ذِكْرُ الْعَيْبِ إلَخْ أَيْ إنْ لَمْ يَنْدَفِعْ بِنَحْوِ لَا أَصْلُحُ لَكُمْ وَبَحَثَ حَجَرٌ وم ر أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَكْتَفُوا مِنْهُ بِقَوْلِهِ أَنَا لَا أَصْلُحُ يَذْكُرُ كُلَّ مَذْمُومٍ فِيهِ شَرْعًا أَوْ عُرْفًا أَيْ يَلْزَمُهُ التَّرْكُ وَالْإِخْبَارُ بِذَلِكَ. اهـ. فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَجَبَ عَلَيْهِ ذِكْرُ عُيُوبِهِ أَيْ إنْ لَمْ يَتْرُكْ (قَوْلُهُ: الْغِيبَةُ إلَخْ) هِيَ حَرَامٌ وَلَوْ لِذِمِّيٍّ أَمَّا الْحَرْبِيُّ فَيَجُوزُ غِيبَتُهُ. اهـ. خ ط عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: ذِكْرُ الْإِنْسَانِ) أَيْ أَوْ الْإِشَارَةُ أَوْ الْإِيمَاءُ إلَى مَا ذُكِرَ بَلْ وَبِالْقَلْبِ بِأَنْ أَصَرَّ فِيهِ عَلَى اسْتِحْضَارِ ذَلِكَ. اهـ. حَجَرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ وَلَدَهُ إلَخْ) كَأَبِي زَيْدٍ الْفَاسِقِ وَزَوْجِ الْفَاسِقَةِ أَمَّا لَوْ ذَكَرَ زَوْجَتَهُ أَوْ وَلَدَهُ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِذِكْرِهِ فَلَيْسَ غِيبَةً لَهُ؛ لِأَنَّك لَمْ تَصِفْهُ أَفَادَهُ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ الْمُغْتَابُ مُجَاهِرًا) قَالَ الْغَزَالِيُّ: لَا يَجُوزُ غِيبَةُ الْعَالِمِ بِمَا هُوَ مُتَجَاهِرٌ بِهِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ إذَا سَمِعُوا ذَلِكَ تَسَاهَلُوا فِي ارْتِكَابِ الْمَعَاصِي وَالِاسْتِخْفَافِ بِالدِّينِ وَالْعِلْمِ وَأَهْلِهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَبِهَامِشِ الشَّرْحِ أَنَّ مَعْنَى كَلَامِ الْغَزَالِيِّ أَنْ لَا يَذْكُرَ مَا هُوَ مُتَجَاهِرٌ بِهِ مِنْ جِهَةِ الْمُجَاهَرَةِ أَمَّا ذِكْرُهُ لِمُرِيدِ الِاجْتِمَاعِ مَثَلًا فَلَا بُدَّ مِنْهُ حَيْثُ اُحْتِيجَ لِلذِّكْرِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ الْمُغْتَابُ إلَخْ) فِي ظَنِّي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذِكْرُهُ بِمَا تَجَاهَرَ بِهِ إلَّا إنْ كَانَ يَرْتَدِعُ بِهِ فَرَاجِعْهُ
(قَوْلُهُ: قَبِلْتُ) أَيْ نِكَاحَهَا أَوْ تَزْوِيجَهَا وَلَا يَكْفِي قَبِلْتُ وَحْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: قَبِلْتُ إلَخْ) مِثْلُهُ رَضِيتُ إلَخْ. اهـ. حَاشِيَةُ شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ هَذَا النِّكَاحُ) فِي ق ل أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ لَفْظِ هَذَا وَمِثْلُهُ فِي الْأَنْوَارِ وَفِي الرَّوْضَةِ
بِأَيِّ لِسَانٍ كَانَ وَإِنْ أَحْسَنَ الْمُتَرْجِمُ الْعَرَبِيَّةَ اعْتِبَارًا بِالْمَعْنَى وَمَحِلِّهِ إذَا فَهِمَ كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ كَلَامَ الْآخَرِ فَإِنْ لَمْ يَفْهَمْهُ وَأَخْبَرَهُ ثِقَةٌ بِمَعْنَاهُ فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ رَجَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ الْمَنْعَ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ كَلَفْظِ الْبَيْعِ وَالتَّمْلِيكِ وَالْهِبَةِ وَالْإِحْلَالِ وَالْإِبَاحَةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ» وَلِأَنَّ النِّكَاحَ يَنْزِعُ إلَى الْعِبَادَاتِ لِوُرُودِ النَّدْبِ فِيهِ، وَالْأَذْكَارُ فِي الْعِبَادَاتِ تُتَلَقَّى مِنْ الشَّرْعِ وَالشَّرْعُ إنَّمَا وَرَدَ بِلَفْظَيْ الْإِنْكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ وَأُلْحِقَ بِهِمَا تَرْجَمَتُهُمَا كَمَا تَقَرَّرَ.
وَمَا فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم زَوَّجَ امْرَأَةً فَقَالَ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ» فَقِيلَ: وَهْمٌ. وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ مُعَارِضٌ بِرِوَايَةِ الْجُمْهُورِ زَوَّجْتُكهَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَالْجَمَاعَةُ أَوْلَى بِالْحِفْظِ مِنْ الْوَاحِدِ وَعُلِمَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَكْفِي تُزَوِّجُنِي بِنْتَك أَوْ زَوَّجْتهَا مِنِّي فَيَقُولُ الْوَلِيُّ زَوَّجْتهَا مِنْك إلَّا أَنْ يَقْبَلَ الزَّوْجُ بَعْدَ الْإِيجَابِ وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ مُتَوَسِّطٌ لِلْوَلِيِّ زَوَّجْت بِنْتَك مِنْ فُلَانٍ فَقَالَ زَوَّجْت ثُمَّ قَالَ لِلزَّوْجِ قَبِلْتَ نِكَاحَهَا فَقَالَ قَبِلْتُ نِكَاحَهَا صَحَّ لِوُجُودِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ مُرْتَبِطَيْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَا أَوْ أَحَدُهُمَا نَعَمْ وَإِنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ قَبِلْتُ لَمْ يَصِحَّ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِحَاجَةِ النِّكَاحِ إلَى مَزِيدِ احْتِيَاطٍ وَنَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ قَبِلْتُ النِّكَاحَ أَوْ التَّزْوِيجَ صَحَّ أَوْ قَبِلْتُهَا لَمْ يَصِحَّ وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ قَدْ يَقْتَضِي عَدَمَ الصِّحَّةِ فِيهِمَا حَيْثُ قَالَا بَعْدَ تَصْحِيحِ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِي قَبِلْتُ وَلَوْ قَالَ قَبِلْتُ النِّكَاحَ أَوْ قِبْلَتَهَا فَخِلَافٌ مُرَتَّبٌ وَأَوْلَى بِالصِّحَّةِ.
وَقَوْلِي فِي مَسْأَلَةِ الْمُتَوَسِّطِ فَقَالَ قَبِلْتُ نِكَاحَهَا هُوَ مَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي أَكْثَرِ نُسَخِهِ وَأَنَّهُ مُرَادُهُ بِتَعْبِيرِهِ فِي بَعْضِهَا بِقَبِلْتُ قَالَ وَأَمَّا تَعْبِيرُ الرَّوْضَةِ بِقَبِلْتُهُ فَيُوهِمُ أَنَّ الْهَاءَ تَقُومُ مَقَامَ نِكَاحِهَا وَلَيْسَ بِجَيِّدٍ. اهـ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الرَّوْضَةَ مُخْتَصَرَةٌ مِنْ النُّسَخِ الَّتِي عَبَّرَ فِيهَا بِقَبِلْتُ مَعَ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ نُسَخَهَا أَيْضًا مُخْتَلِفَةٌ فَإِنَّ الْأَصْفُونِيَّ عَبَّرَ فِي مُخْتَصَرِهَا بِقَبِلْتُ نِكَاحَهَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ فَهِمَ أَنَّهُ مُرَادُ الرَّوْضَةِ وَيَعْتَبِرُ تَعْيِينُ كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ وَالْعِلْمُ بِذُكُورَةِ الزَّوْجِ وَأُنُوثَةِ الزَّوْجَةِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: رَجَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ الْمَنْعَ) زَادَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ وَصُورَتُهُ أَنْ لَا يُفْهِمَهَا إلَّا بَعْدَ إتْيَانِهِ بِهَا فَلَوْ أَخْبَرَ بِمَعْنَاهَا قَبْلُ صَحَّ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ. اهـ. مَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَلْيُتَأَمَّلْ التَّقْيِيدُ بِعَدَمِ طُولِ الْفَصْلِ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَإِنَّهُ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِيمَا إذَا لَمْ يَفْهَمْ الْمُتَأَخِّرُ كَلَامَ الْمُتَقَدِّمِ وَعَرَفَهُ قَبْلَ إتْيَانِ الْمُتَقَدِّمِ بِهِ وَأَمَّا اشْتِرَاطُ عَدَمِ الطُّولِ حِينَئِذٍ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَهُوَ شَيْءٌ آخَرُ مَعْلُومٌ لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ هُنَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَفْهَمْ الْمُتَقَدِّمُ كَلَامَ الْمُتَأَخِّرِ وَعَرَفَهُ قَبْلَ إتْيَانِ الْمُتَأَخِّرِ بِهِ فَيُشْتَرَطُ عَدَمُ الطُّولِ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِهِ لِئَلَّا يَطُولَ مَا بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ تَعْيِينُ كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ فَزَوَّجْتُك إحْدَى بَنَاتِي أَوْ زَوَّجْتُ أَحَدَكُمَا بَاطِلٌ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَلَوْ مَعَ الْإِشَارَةِ كَالْبَيْعِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَالْعِلْمُ بِذُكُورَةِ الزَّوْجِ إلَخْ) لَا يَبْعُدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ وَالِاعْتِقَادَ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ اعْتَقَدَ أَوْ ظَنَّ ذُكُورَةَ الزَّوْجِ ثُمَّ بَانَ بَعْدَ الْعَقْدِ خُنْثَى ثُمَّ ذَكَرًا أَوْ أُنُوثَةَ الزَّوْجَةِ ثُمَّ بَانَتْ بَعْدَ
ــ
[حاشية الشربيني]
إنْ قَبِلْت هَذَا النِّكَاحَ لَا خِلَافَ فِي صِحَّتِهِ بِخِلَافِ قَبِلْت النِّكَاحَ وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: كَلَامُ الْآخَرِ) أَيْ وَكَلَامُ نَفْسِهِ أَيْضًا وَلَوْ بِإِخْبَارِ الثِّقَةِ (قَوْلُهُ: وَأَخْبَرَهُ ثِقَةٌ) أَيْ بِالْإِيجَابِ أَوْ الْقَبُولِ بَعْدَ تَقَدُّمِهِ مِنْ عَارِفٍ بِهِ وَلَوْ بِإِخْبَارِ الثِّقَةِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَأَخْبَرَهُ ثِقَةٌ) أَيْ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِهَا وَالْأَصَحُّ إنَّ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ عُرْفًا بَيْنَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولِ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْقَوْلَ الْآخَرَ يَقُولُ إنْ أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِهَا صَحَّ الْعَقْدُ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الشَّرْطَ قَبُولُ مَا عَرَفَهُ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مَوْجُودٌ.
(قَوْلُهُ: وَهْمٌ) أَيْ مِنْ الرَّاوِي (قَوْلُهُ: أَوْ زَوَّجْتهَا مِنِّي) فِي بَعْضِ الْعِبَارَاتِ أَوْ زَوِّجْهَا مِنِّي بِصِيغَةِ الْأَمْرِ وَهُوَ خَطَأٌ لِصِحَّةِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَقَالَ زَوَّجْت) قَالَ ع ش لَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ الْوَلِيُّ بَعْدَ قَوْلِ الْمُتَوَسِّطِ زَوَّجْتَ بِنْتَك فُلَانًا زَوَّجْتَهَا لَهُ أَوْ زَوَّجْتُهُ إيَّاهَا وَلَا يَكْفِي زَوَّجْت بِدُونِ الضَّمِيرِ وَلَا زَوَّجْتهَا بِدُونِ ذِكْرِ الزَّوْجِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَقَالَ قَبِلْت نِكَاحَهَا) وَلَا يَكْفِي قَبِلْت عَلَى الرَّاجِحِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: عَلَى قَوْلِهِ قَبِلْت) مِثْلُهُ قَبِلْته كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: صَحَّ) لِذِكْرِ النِّكَاحِ أَوْ التَّزْوِيجِ وَقَوْلُهُ: لَمْ يَصِحَّ أَيْ لِعَدَمِ ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْهُمَا فَلَا يَصِحُّ أَيْضًا قَبِلْته؛ لِأَنَّهُ كِنَايَةٌ هُنَا (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى بِالصِّحَّةِ)
فَالْخُنْثَى الْمُشْكِلُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ زَوْجًا وَإِنْ بَانَ بَعْدَ الْعَقْدِ ذَكَرًا وَلَا زَوْجَةَ وَإِنْ بَانَ بَعْدَهُ أُنْثَى (وَالْحَمْدُ وَالصَّلَاةُ بَعْدَهُ عَلَى مُحَمَّدٍ) صلى الله عليه وسلم (يُنْدَبُ إنْ تَخَلَّلَا) أَيْ تَخَلَّلَهُمَا بَيْنَ كَلَامَيْ الْعَاقِدَيْنِ كَأَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ بَعْدَ إيجَابِ الْوَلِيِّ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجْتُهَا وَلَا يَضُرُّ هَذَا الْفَصْلُ؛ لِأَنَّ الْمُتَخَلَّلَ مُقَدِّمَةُ الْقَبُولِ فَلَا يَقْطَعُ الْوَلَاءَ كَالْإِقَامَةِ بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ كَذَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَصَحَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ لَكِنَّهُ تَابَعَ فِي الرَّوْضَةِ الرَّافِعِيَّ عَلَى نَدْبِهِ بِزِيَادَةِ الْوَصِيَّةِ بِالتَّقْوَى فَإِنْ طَالَ الْفَاصِلُ ضَرَّ، وَالتَّصْرِيحُ بِكَوْنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْحَمْدِ زَادَهُ النَّاظِمُ وَيُنْدَبُ الدُّعَاءُ لِلزَّوْجَيْنِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَيُقَالُ بَارَكَ اللَّهُ لَك وَبَارَكَ عَلَيْك وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ وَيُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِينَ لِخَبَرٍ وَرَدَ بِالنَّهْيِ عَنْهُ؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ أَلْفَاظِ الْجَاهِلِيَّةِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ
وَإِنَّمَا يَصِحُّ النِّكَاحُ (بِشَرْطِ تَنْجِيزٍ) لَهُ فَلَوْ عَلَّقَهُ لَمْ يَصِحَّ كَالْبَيْعِ بَلْ أَوْلَى لِاخْتِصَاصِهِ بِمَزِيدِ احْتِيَاطٍ نَعَمْ قَالَ الْبَغَوِيّ لَوْ بُشِّرَ بِبِنْتٍ فَقَالَ إنْ صَدَقَ الْمُخْبِرُ فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا صَحَّ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ تَعْلِيقًا بَلْ هُوَ تَحْقِيقٌ كَقَوْلِهِ إنْ كُنْتِ زَوْجَتِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَتَكُونُ إنْ بِمَعْنَى إذْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175] قَالَ وَكَذَا لَوْ أُخْبِرَ بِمَوْتِ إحْدَى نِسَائِهِ فَقَالَ إنْ صَدَقَ الْمُخْبِرُ فَقَدْ تَزَوَّجْتُ بِنْتَك قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا: وَمَا قَالَهُ يَجِبُ فَرْضُهُ فِيمَا إذَا تَيَقَّنَ صِدْقَ الْمُخْبِرِ وَإِلَّا فَلَفْظُ إنْ لِلتَّعْلِيقِ (وَ) بِشَرْطِ (إطْلَاقٍ) لَهُ فَلَوْ أَقَّتَهُ وَلَوْ بِمَعْلُومٍ كَسَنَةٍ لَمْ يَصِحَّ لِمَا مَرَّ، وَلِلنَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ فِي الصَّحِيحَيْنِ
(وَلَا تَنْسَ حُضُورَ) شَاهِدَيْنِ (سَامِعَيْنِ) يَعْنِي يُعْتَبَرُ حُضُورُهُمَا وَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةً لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» وَمَا كَانَ مِنْ نِكَاحٍ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ بَاطِلٌ، فَإِنْ تَشَاجَرُوا فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ.
وَالْمَعْنَى فِي اعْتِبَارِهِمَا الِاحْتِيَاطُ لِلْأَبْضَاعِ وَصِيَانَةُ الْأَنْكِحَةِ عَنْ الْجُحُودِ وَلَا يُعْتَبَرُ إحْضَارُهُمَا كَمَا أَفْهَمَهُ تَعْبِيرُهُ بِحُضُورِهِمَا وَخَرَجَ بِسَامِعَيْنِ الْأَصَمَّانِ وَالْأَصَمُّ وَالسَّامِعُ، وَيُعْتَبَرُ فِي السَّامِعَيْنِ قَبُولُ شَهَادَتِهِمَا فِي النِّكَاحِ كَمَا قَالَ (قُبِلَا أَيْ فِي) شَهَادَةِ (نِكَاحٍ) فَيُعْتَبَرُ فِيهِمَا حُرِّيَّةٌ وَذُكُورَةٌ وَعَدَالَةٌ وَسَمْعٌ وَبَصَرٌ وَضَبْطٌ وَنُطْقٌ وَفَقْدُ الْحِرَفِ الدَّنِيَّةِ وَمَعْرِفَةُ لُغَةِ الْعَاقِدَيْنِ فَإِنْ كَانَا يَضْبِطَانِ اللَّفْظَ فَوَجْهَانِ رَجَّحَ الْقَاضِي مِنْهُمَا الِانْعِقَادَ؛ لِأَنَّهُمَا يَنْقُلَانِهِ إلَى الْحَاكِمِ وَلَا يُؤَثِّرُ النِّسْيَانَ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَضْبِطُ وَيَنْسَى عَنْ قَرِيبٍ وَلَا يُعْتَبَرُ قَبُولُهُمَا فِي هَذَا النِّكَاحِ بَلْ يَكْفِي فِي نِكَاحٍ مَا
ــ
[حاشية العبادي]
الْعَقْدِ خُنْثَى ثُمَّ أُنْثَى فَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَنْدُبُ) أَيْ وَلَا يَضُرُّ بِرّ
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَفْظُ إنْ لِلتَّعْلِيقِ) قَالَ السُّبْكِيُّ هُوَ تَعْلِيقٌ سَوَاءٌ أَتَيَقَّنَ صِدْقَهُ أَوْ لَا بِرّ؟ أَقُولُ قَدْ يَمْنَعُ فِي الْأَوَّلِ إذْ إنْ حِينَئِذٍ بِمَعْنَى إذْ (قَوْلُهُ: فَلَوْ وَقَّتَهُ) وَلَوْ بِمَعْلُومٍ كَسَنَةٍ أَوْ أَلْفِ سَنَةٍ أَوْ بِحَيَاةِ أَحَدِهِمَا م ر (قَوْلُهُ: وَلِلنَّهْيِ عَنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَيْسَ مِنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ مَا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُكهَا مُدَّةَ حَيَاتِك أَوْ عُمْرَك بَلْ هُوَ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الْعَقْدِ كَنَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ قَالَ وَهَبْتُك أَوْ أَعَمَرْتُك الدَّارَ مُدَّةَ حَيَاتِك أَوْ عُمْرِك. اهـ. .
وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْحَابَ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ إذَا قَالَ بِعْتُك هَذَا حَيَاتَك لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فَالنِّكَاحُ أَوْلَى
(قَوْلُهُ: رَجَّحَ الْقَاضِي مِنْهُمَا الِانْعِقَادَ) الَّذِي اقْتَضَاهُ تَرْجِيحُ أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَخْذًا مِنْ مُقْتَضَى
ــ
[حاشية الشربيني]
أَيْ مِنْ قَبِلْت بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْعَقْدِ بِهِ وَرُبَّمَا فُهِمَ مِنْ تَرْتِيبِ الْخِلَافِ فِيهِ عَلَى الْخِلَافِ فِي قَبِلْت أَنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ الصِّحَّةِ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ قَدْ يَقْتَضِي إلَخْ لَكِنْ جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ بِصِحَّةِ قَبِلْتُ النِّكَاحَ (قَوْلُهُ: فَالْخُنْثَى إلَخْ) وَلَا يُقَالُ الْعِبْرَةُ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ كَالْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ بِخِلَافِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ
لِلِاحْتِيَاطِ
فِيهِ. اهـ. م ر وَلَوْ تَزَوَّجَ مَنْ يَعْتَقِدُهَا مُحَرَّمًا فَبَانَ خِلَافُهُ قَالَ الرُّويَانِيُّ يَصِحُّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُحَرَّمَ يَصِحُّ نِكَاحُهَا فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْخُنْثَى. اهـ. سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَهَا بِمَنْ يَعْتَقِدُهُ غَيْرَ كُفْءٍ فَبَانَ كُفُؤًا الصِّحَّةُ لِلْعِلَّةِ وَإِنْ كَانَ بِهَامِشِ شَرْحِ الرَّوْضِ خِلَافُهُ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ أَنَّهُ يَحْرُمُ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ. اهـ. لَكِنْ بِهَامِشٍ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُ مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ فَانْظُرْ شَرْحَ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ بَانَ) ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ مِنْ شَأْنِهِ الْعِبَادَةُ وَلِمَا يُطْلَبُ فِيهِ مِنْ الِاحْتِيَاطِ رُوعِيَ فِيهِ حُكْمُ الْعِبَادَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مَعَ الشَّكِّ وَإِنْ بَانَ. اهـ. م ر سم عَلَى الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا يُنْدَبُ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر وَمَعَ عَدَمِ النَّدْبِ لَا يَضُرُّ. اهـ. م ر أَيْضًا (قَوْلُهُ: بِالرِّفَاءِ) أَيْ أَعْرَسَتْ بِالرِّفَاءِ أَيْ الِالْتِئَامِ ع ش
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَفْظُ إنَّ لِلتَّعْلِيقِ) بَلْ لَوْ لَمْ يُعَلِّقْ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ لِلتَّرَدُّدِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثَةِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا الِاحْتِيَاطُ لِلنِّكَاحِ لَكِنْ لَوْ زَوَّجَ أَمَةَ مُوَرِّثَةِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا صَحَّ كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ تَيَقُّنُ صَلَاحِيَّةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ عَلَى فَرْضِ مَوْتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَبَصَرٌ فَلَا يَكْفِي الْأَعْمَى) وَلَوْ وَضَعَ كُلٌّ مِنْ الْمُوجِبِ وَالْقَابِلِ فَمَه فِي أُذُنٍ مِنْ أُذُنَيْهِ وَأَوْجَبَ أَحَدُهُمَا وَقَبْلَ الْآخَرِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَنْ وَضَعَ فَمَه عَلَى أُذُنِهِ وَقَبِلَ غَيْرُ مَنْ أَوْجَبَ لَهُ الْوَلِيُّ فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ لِعَدَمِ تَوْجِيهِ الْخِطَابِ لِمَنْ قَبِلَ فَلَا تَصِحُّ هَذِهِ الشَّهَادَةُ وَبِهِ فَارَقَ مَا لَوْ أَمْسَكَ مَنْ أَقَرَّ فِي أُذُنِهِ بِشَيْءٍ وَشَهِدَ عَلَيْهِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ لِعَدَمِ هَذَا الِاحْتِمَالِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ إنَّمَا هِيَ عَلَى مُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ أَفَادَهُ الرَّشِيدِيُّ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا أَوْرَدَهُ سم (قَوْلُهُ: فِي هَذَا النِّكَاحِ) أَيْ فِي إثْبَاتِهِ لَوْ أَنْكَرَتْهُ الزَّوْجَةُ وَأَرَادَ الزَّوْجُ
كَمَا أَفَادَهُ تَعْبِيرُهُ بِنِكَاحٍ فَيَنْعَقِدُ بِحُضُورِ عَدُوَّيْ الزَّوْجَيْنِ وَعَدُوَّيْ أَحَدِهِمَا وَعَدُوِّ أَحَدِهِمَا مَعَ عَدُوِّ الْآخَرِ وَابْنَيْهِمَا وَابْنَيْ أَحَدِهِمَا وَابْنِ أَحَدِهِمَا مَعَ ابْنِ الْآخَرِ وَإِنْ تَعَذَّرَ إثْبَاتُهُ بِشَهَادَتِهِمَا وَالْخُنْثَى كَالْأُنْثَى نَعَمْ لَوْ عَقَدَ بِخُنْثَيَيْنِ فَبَانَا ذَكَرَيْنِ فَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ الصِّحَّةُ بِخِلَافِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنَّ عَدَمَ الْجَزْمِ مُؤَثِّرٌ فِيهِ وَقَدْ بَانَ بِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ سَامِعَيْنِ لِفَهْمِهِ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَإِذْ قَدْ ذَكَرَهُ فَلْيَذْكُرْ بَقِيَّةَ شُرُوطِ قَبُولِهَا تَفْصِيلًا.
قَالَ الشَّارِحُ: وَلَعَلَّ عُذْرَهُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ شَهَادَةَ الْأَصَمِّ مَقْبُولَةٌ فِي الْجُمْلَةِ فِيمَا تَحَمَّلَهُ قَبْلَ الصَّمَمِ أَوْ طَرِيقَةِ الْمُشَاهَدَةِ دُونَ السَّمَاعِ وَهُنَا لَا يُمْكِنُ اسْتِشْهَادُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْمَعُ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ وَيُنْدَبُ إحْضَارُ جَمْعٍ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ زِيَادَةً عَلَى الشَّاهِدَيْنِ (لَا شَهَادَةِ الرِّضَى) أَيْ صِحَّةُ النِّكَاحِ مُعْتَبَرَةٌ بِمَا مَرَّ لَا بِالشَّهَادَةِ عَلَى رِضَى الْمَرْأَةِ بِالنِّكَاحِ حَيْثُ يُعْتَبَرُ رِضَاهَا بِهِ؛ لِأَنَّ رِضَاهَا لَيْسَ مِنْ نَفْسِ النِّكَاحِ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ الشَّهَادَةُ وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِيهِ لَكِنَّهَا تُسْتَحَبُّ احْتِيَاطًا لِيُؤْمَنَ إنْكَارُهَا وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ الْحَاكِمَ وَبِهِ أَفْتَى الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ وَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْبُلْقِينِيُّ مِنْ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يُزَوِّجُهَا حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ إذْنُهَا؛ لِأَنَّهُ يَلِي ذَلِكَ بِجِهَةِ الْحُكْمِ فَيَجِبُ ظُهُورُ مُسْتَنِدِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ بِالْحُكْمِ حُكْمٌ، وَقَدْ اضْطَرَبَ فِيهِ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ الصَّحِيحُ عِنْدِي وِفَاقًا لِلْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ لَيْسَ بِحُكْمٍ (وَلَوْ بِمَسْتُورَيْ عَدَالَةٍ مَضَى) أَيْ صَحَّ النِّكَاحُ وَلَوْ وَقَعَ بِحُضُورِ مَسْتُورِي الْعَدَالَةِ وَهُمَا الْمَعْرُوفَانِ بِهَا ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا بِأَنْ عُرِفَتْ بِالْمُخَالَطَةِ دُونَ التَّزْكِيَةِ عِنْدَ الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْعَدَالَةُ؛ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ يَجْرِي بَيْنَ أَوْسَاطِ النَّاسِ وَالْعَوَامِّ.
وَلَوْ اُعْتُبِرَ فِيهِ الْعَدَالَةُ الْبَاطِنَةُ لَاحْتَاجُوا إلَى مَعْرِفَتِهَا لِيُحْضِرُوا مَنْ هُوَ مُتَّصِفٌ بِهَا فَيَطُولُ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ وَيَشُقُّ هَذَا إذَا عَقَدَ بِهِمَا غَيْرُ الْحَاكِمِ فَإِنْ عَقَدَ بِهِمَا الْحَاكِمُ لَمْ يَصِحَّ لِسُهُولَةِ الْكَشْفِ عَلَيْهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ وَالنَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَاقْتَضَى كَلَامُ الْمُتَوَلِّي تَصْحِيحَ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا (لَا) بِمَسْتُورِي (الدِّينِ) أَيْ الْإِسْلَامِ (أَوْ) بِمَسْتُورِي (حُرِّيَّةٍ) بِأَنْ لَمْ يَظْهَرْ إسْلَامُهُمَا وَلَا حُرِّيَّتُهُمَا بِأَنْ يَكُونَا بِمَوْضِعٍ يَخْتَلِطُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ بِالْكُفَّارِ، وَالْأَحْرَارُ بِالْأَرِقَّاءِ وَلَا غَالِبَ فَلَا يَصِحُّ بِهِمَا بَلْ وَلَا بِظَاهِرَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ بِالدَّارِ حَتَّى يُعْرَفَ حَالُهُمَا فِيهِمَا بَاطِنًا لِسُهُولَةِ الْوُقُوفِ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ الْعَدَالَةِ وَالْفِسْقِ إذَا عُرِفَ ذَلِكَ (فَالْفِسْقُ) مِنْ الشَّاهِدَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا عِنْدَ الْعَقْدِ (إنْ يَعْرِفْهُ بَعْضُ الصَّاحِبِينَ) أَيْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ (أَوْ يَبِنْ بِحُجَّةٍ أَوْ بِتَذَكُّرٍ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا بَعْدَ
ــ
[حاشية العبادي]
كَلَامِ الْجُمْهُورِ فِي الْعَقْدِ بِالْعَجَمِيَّةِ هُوَ عَدَمُ الِانْعِقَادِ وَلِهَذَا أَشَارَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إلَى ضَعْفِ كَلَامِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ الصِّحَّةُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمِثْلُهُ الْوَلِيُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْمُسْلِمِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الزَّوْجَيْنِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَاقْتَضَى كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُمَا الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْ النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْوَلِيِّ وَالشَّاهِدِ وَإِنْ اشْتَرَكُوا فِي الرُّكْنِيَّةِ عَلَى مَا مَرَّ وَلَا يُشْكِلُ عَلَى عَدَمِ الصِّحَّةِ مَا صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ مِنْ الصِّحَّةِ فِيمَا لَوْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً يَعْتَقِدُ أَنَّ بَيْنَهُمَا مَحْرَمِيَّةً ثُمَّ بَانَ خَطَؤُهُمَا؛ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ يَصِحُّ نِكَاحُهَا فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ عَلَى أَنَّ مَا صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ قَدْ جَزَمَ الْأَصْلُ فِي بَابِ الزِّنَا بِخِلَافِهِ وَمَا قَرَّرْته أَوْجَهُ مِمَّا صَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ كَالشَّاهِدَيْنِ. اهـ. بِاخْتِصَارِ.
(قَوْلُهُ مَسْتُورِي الْعَدَالَةِ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَيَبْطُلُ السَّتْرُ بِتَفْسِيقِ عَدْلٍ أَيْ فِي الرِّوَايَةِ (قَوْلُهُ: بِالدَّارِ) وَإِنْ كَانَ كُلُّ أَهْلِهِ مُسْلِمِينَ وَأَحْرَارًا (قَوْلُهُ: لِسُهُولَةِ الْوُقُوفِ عَلَى ذَلِكَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَوْ عَقَدَ بِمَجْهُولَيْ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ فَبَانَا مُسْلِمَيْنِ حُرَّيْنِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُمَا كَالْخُنْثَيَيْنِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَصِحُّ بِهِمَا إذَا بَانَا ذَكَرَيْنِ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَالْفِسْقُ) جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ (قَوْلُهُ: مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا) لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَوَافَقَا عَلَى اخْتِلَالِ شَرْطٍ عِنْدَ الْعَقْدِ لَمْ يُؤَثِّرْ وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَةً بِهِ لَمْ تُسْمَعْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ التَّحْلِيلُ وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ رَدَّهَا إلَى بَيْتِهِ وَصَارَ يَطَؤُهَا حَرَامًا فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَالْآنَ يُرِيدُ أَنْ يَنْكِحَهَا لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ تَطْلِيقِهِ إيَّاهَا إنَّمَا طَلَّقَ مَنْكُوحَتَهُ فَفِي الْحُكْمِ نَمْنَعُهُ نِكَاحَهَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تُصَدِّقُهُ قَالَ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ تَصَادَقَ الزَّوْجَانِ أَنَّهُ قَدْ كَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ رَاجَعَهَا وَلَا ابْتَدَأَ نِكَاحَهَا يُرِيدَانِ بِذَلِكَ أَنَّ هَذَا الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ فَإِنِّي
ــ
[حاشية الشربيني]
إثْبَاتَهُ بِعَدُوَّيْهَا أَوْ ابْنَيْهِ أَوْ عَكْسِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قِيلَ يَكْفِي فِي الشَّاهِدَيْنِ ثُبُوتُ هَذَا النِّكَاحِ بِهِمَا فِي الْجُمْلَةِ أَيْ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ بِهِمَا فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ فَاكْتَفَى الْأَوَّلُ بِثُبُوتِهِ فِيمَا لَوْ كَانَ الشَّاهِدُ ابْنَيْهَا أَوْ عَدُوَّيْهَا وَادَّعَاهُ الزَّوْجُ فِي الْأُولَى وَالزَّوْجَةُ فِي الثَّانِيَةِ، وَقَالَ الثَّانِي لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ شِقَّيْهِ مَعًا بِهِمَا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يَتَعَذَّرُ ثُبُوتُهُ إذَا كَانَ الْمُدَّعِي فِي الْأَوَّلِ الزَّوْجَةَ وَفِي الثَّانِي الزَّوْجَ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ كَمَا عَرَفْتَ وَقَدْ اعْتَرَضَ الشَّارِحُ ذَلِكَ وَاعْتَبَرَ ثُبُوتَ أَيْ النِّكَاحُ كَانَ بِهِمَا سَوَاءٌ هَذَا النِّكَاحُ أَوْ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ بِعَدُوَّيْهِمَا وَلَا يَثْبُتُ هَذَا النِّكَاحُ بِهِمَا فِي صُورَةٍ.
نَعَمْ يَثْبُتُ بِهِمَا فِي صُورَةِ دَعْوَى حِسْبَةٍ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ عَرَفَتْ إلَخْ) وَقِيلَ يَصِحُّ بِمِنْ عُلِمَ إسْلَامُهُ وَإِنْ لَمْ تُخَالِطْهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالصَّوَابُ الْمَنْصُوصُ الِانْعِقَادُ بِهِ. اهـ. لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: تَصْحِيحُ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ شَرْحُ م ر سم (قَوْلُهُ: لَا بِمَسْتُورِي الدِّينِ إلَخْ) لَكِنْ لَوْ عَقَدَ بِهِمَا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُمَا مُسْلِمَانِ حُرَّانِ صَحَّ. اهـ. ز ي (قَوْلُهُ: وَلَا غَالِبَ) هُوَ قَيْدٌ فِي
النِّسْيَانِ (بَطَلْ) أَيْ النِّكَاحُ أَيْ تَبَيَّنَ بُطْلَانُهُ لِفَوَاتِ الْعَدَالَةِ كَمَا لَوْ بَانَا كَافِرَيْنِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِهِمَا كُنَّا فَاسِقَيْنِ يَوْمَئِذٍ.
كَمَا لَا اعْتِبَارَ بِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَيْسَ لَهُمَا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا عَلَى الزَّوْجَيْنِ وَأَنَّهُ لَوْ عَرَفَهُ الزَّوْجَانِ مَعًا كَانَ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ وَذِكْرُهُ مَعْرِفَةَ أَحَدِهِمَا يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ أَوْ بِتَذَكُّرٍ وَمَا ذَكَرَهُ فِيهَا صَحِيحٌ فِيمَا إذَا عَرَفَهُ الزَّوْجُ فَقَطْ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَهِيَ فُرْقَةُ فَسْخٍ لَا فُرْقَةُ طَلَاقٍ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالرَّضَاعِ وَعَلَيْهِ نِصْفُ الْمُسَمَّى إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَإِلَّا فَكُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عَلَيْهَا فِي الْمَهْرِ أَمَّا لَوْ عَرَفَتْهُ الزَّوْجَةُ فَقَطْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بِيَدِهِ وَهِيَ تُرِيدُ رَفْعَهَا وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهَا لَكِنْ لَا تَرِثُهُ وَلَا مَهْرَ لَهَا إنْ مَاتَ أَوْ فَارَقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ لِإِنْكَارِهَا.
وَلَهَا بِالْوَطْءِ الْأَقَلُّ مِنْ الْمُسَمَّى وَمَهْرُ الْمِثْلِ فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَكَالْفِسْقِ فِيمَا ذُكِرَ الْإِحْرَامُ وَالرِّدَّةُ وَالْعِدَّةُ (فَرْعٌ)
قَالَتْ نَكَحَنِي بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَشُهُودٍ فَقَالَ بَلْ بِهِمَا نَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الذَّخَائِرِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنْكَارٌ لِأَصْلِ الْعَقْدِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ
(بِسَيِّدٍ) أَيْ صِحَّةُ النِّكَاحِ بِمَا مَرَّ مَعَ إيجَابِ السَّيِّدِ إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ أَمَةً؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِهَا فَيَمْلِكُ نَقْلَهُ إلَى غَيْرِهِ كَاسْتِيفَاءِ سَائِرِ الْمَنَافِعِ وَنَقْلِهَا بِالْإِجَارَةِ، وَدَخَلَ فِي كَلَامِهِ الْمُكَاتَبُ فَيُزَوِّجُ أَمَتَهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ وَأَفْتَى الْبَغَوِيّ بِأَنَّ السَّيِّدَ الْمُبَعَّضَ لَا يُزَوِّجُ أَمَتَهُ وَاعْتَرَضَهُ الْعَلَّامَةُ الْبُلْقِينِيُّ بِمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ (وَفِسْقُ هَذَا) أَيْ السَّيِّدِ (مَا نَقُلْ) وِلَايَةَ التَّزْوِيجِ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ فَيُزَوِّجُهَا وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهُ لَهَا بِالْمِلْكِ لَا بِالْوِلَايَةِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِهَا وَ (لِلسَّيِّدِ الْمُسْلِمِ تَزْوِيجُ أَمَهْ) لَهُ (كَافِرَةٍ) سَوَاءٌ كَانَتْ كِتَابِيَّةً؛ لِأَنَّ لَهُ التَّمَتُّعَ بِهَا أَمْ غَيْرَ كِتَابِيَّةٍ كَمَا صَحَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَجَرَى عَلَيْهِ شُرَّاحُ الْحَاوِي؛ لِأَنَّ لَهُ بَيْعَهَا وَإِجَارَتَهَا.
وَعَدَمُ جَوَازِ التَّمَتُّعِ بِهَا لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ كَمَا فِي أَمَتِهِ الْمَحْرَمِ كَأُخْتِهِ وَجَزَمَ الْبَغَوِيّ فِيهَا بِالْمَنْعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِهَا (لَا كَافِرٍ) فَلَا يَصِحُّ تَزْوِيجُهُ (لِمُسْلِمَهْ) مَمْلُوكَةٍ لَهُ إذْ لَا يَمْلِكُ التَّمَتُّعَ بِالْمُسْلِمَةِ أَصْلًا بَلْ وَلَا سَائِرَ التَّصَرُّفَاتِ فِيهَا سِوَى إزَالَةِ الْمِلْكِ عَنْهَا وَالْكِتَابَةِ لَهَا بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ فِي الْكَافِرَةِ وَلِأَنَّ حَقَّ الْمُسْلِمِ فِي
ــ
[حاشية العبادي]
لَا أُصَدِّقُهُمَا فِي ذَلِكَ وَصَارَ كَرَجُلِ أَعْتَقَ عَبْدًا ثُمَّ قَالَ إنَّهُ كَانَ لِابْنِي وَإِنَّمَا وَرِثْتُهُ الْآنَ وَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَرِقَّهُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَكَذَا هُنَا. اهـ. وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَيُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ فَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ أَنَا أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَيْت لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّ سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ يَقْتَضِي تَقَدُّمَ دَعْوَى إلَّا أَنَّهُمَا لَوْ جَدَّدَا الْعَقْدَ فِي الْبَاطِنِ يَجُوزُ. اهـ.
وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيّ نَحْوُ ذَلِكَ وَإِذَا تَأَمَّلْت التَّنْظِيرَ السَّابِقَ فِي كَلَامِ الْقَفَّالُ آنِفًا لَاحَ لَك مِنْهُ أَنَّ مُفْسِدَ الْعَقْدِ إذَا ثَبَتَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْشَأَ ذَلِكَ عَنْ الزَّوْجَيْنِ لَمْ يَخْتَلِفْ الْحُكْمُ فَلْيُتَأَمَّلْ بُرُلُّسِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمَا ذُكِرَ فِيهَا) أَيْ مَعْرِفَةُ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: نَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ: الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ
(قَوْلُهُ: بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) تَوَقُّفُهُ عَلَى إذْنِ سَيِّدِهِ هُوَ الْمُرَادُ بِعَدَمِ إجْبَارِهِ أَمَتَهُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَيُجْبِرُ السَّيِّدُ غَيْرُ الْمُكَاتِبِ أَمَتَهُ إلَخْ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ يَحْتَاجُ لِإِذْنِهَا وَأَمَةُ الْمُكَاتَبِ يُزَوِّجُهَا سَيِّدُهَا بِإِذْنِ الْمُكَاتَبِ طب (قَوْلُهُ: كَافِرَةٌ) أَيْ لِكَافِرٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ غَيْرُ كِتَابِيَّةٍ)
ــ
[حاشية الشربيني]
كَوْنِهِمَا مَسْتُورَيْنِ تَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: لَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِهِمَا) فَلَا أَثَرَ لَهُ إلَّا فِي حَقِّهِمَا كَأَنْ كَانَا وَارِثَيْ الزَّوْجَةِ فَإِذَا مَاتَتْ لَا يَسْتَحِقَّانِ شَيْئًا مِمَّا وَجَبَ لَهَا بِالنِّكَاحِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: كَانَ أَوْلَى بِالْبُطْلَانِ) أَيْ فِي حَقِّهِمَا لَا فِي حَقِّ اللَّهِ كَأَنْ أَرَادَ إنْكَاحًا جَدِيدًا بَعْدَ الطَّلَاقِ ثَلَاثًا وَهَذَا فِي الْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ أَمَّا عِلْمُهُمَا بَاطِنًا فَيَجُوزُ لَكِنْ إنْ عَلِمَهُ الْحَاكِمُ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَتَرِثُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لَوْ حَلَفَتْ أَنَّهُ عَقَدَ بِعَدْلَيْنِ. اهـ. سم عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ:) أَيْ بِيَمِينِهِ ق ل (قَوْلُهُ: وَلَهَا بِالْوَطْءِ الْأَقَلُّ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ اعْتَقَدَتْ التَّحْرِيمَ وَقَدْ يُوَجَّهُ بِشُمُولِ الْخَبَرِ وَبِأَنَّ مُرَاعَاةَ الْقَوْلِ بِصِحَّتِهِ أَوْرَثَتْ شُبْهَةً فِي الْجُمْلَةِ مُوجِبَةً لِلْمَالِ لَكِنْ فِي الْعُبَابِ لَعَلَّ وُجُوبَ الْمَهْرِ إذَا اعْتَقَدَتْ حِلَّهُ أَوْ جَهِلَتْ تَحْرِيمَهُ. اهـ. أَيْ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهَا زَانِيَةٌ وَإِنَّمَا وَجَبَ الْأَقَلُّ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ أَقَلَّ أَوْ مُسَاوِيًا فَهُوَ الَّذِي تَدَّعِيهِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ فَهِيَ مُدَّعِيَةٌ بِهِ عَلَيْهِ وَلَا يُوَافِقُهَا فَلَا يُؤَاخَذُ بِدَعْوَاهَا وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَقَلَّ يَكُونُ هُوَ مُقِرًّا بِالزَّائِدِ وَهِيَ تُنْكِرُهُ سم (قَوْلُهُ: إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا) الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ: بِيَمِينِهِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ. اهـ. م ر وق ل قَالَ م ر وَالْأَوَّلُ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِ تَصْدِيقِ مُدَّعِي الْفَسَادِ. اهـ. لَكِنْ بِهَامِشِ بَعْضِ نُسَخِ الشَّرْحِ مَا نَصُّهُ اعْتَمَدَ الطَّنْدَتَائِيُّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَقَالَ إنَّ إنْكَارَ الْوَلِيِّ إنْكَارٌ لِأَصْلِ الْعَقْدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّتْ بِهِ وَأَنْكَرَتْ الشُّهُودُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ. اهـ. وَهُوَ وَجِيهٌ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ لَكِنْ نَظَرَ سم عَلَى التُّحْفَةِ فِي كَوْنِهِ إنْكَارًا لِأَصْلِ الْعَقْدِ
(قَوْلُهُ: وَلِلسَّيِّدِ الْمُسْلِمِ إلَخْ) وَكَذَا لِوَلِيِّهِ أَيْ السَّيِّدِ ذَكَرًا مُطْلَقًا أَوْ أُنْثَى مُسْلِمَةً فَلِوَلِيِّهِ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ الْكَافِرَةَ أَوْ قَاضٍ فَيُزَوِّجُ نِسَاءَ أَهْلِ الذِّمَّةِ إمَّا لِعَدَمِ الْوَلِيِّ الْكَافِرِ لَهَا أَوْ لِسَيِّدِهَا وَإِمَّا لِعَضْلِهِ، وَلَا يُزَوِّجُ قَاضِيهِمْ وَالزَّوْجُ مُسْلِمٌ بِخِلَافِ الزَّوْجِ الْكَافِرِ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْكُفَّارِ صَحِيحٌ وَإِنْ صَدَرَ مِنْ قَاضِيهِمْ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَوَجْهُ قَوْلِهِ ذَكَرًا مُطْلَقًا إلَخْ أَنَّ الذَّكَرَ لَمَّا كَانَ لَهُ تَزْوِيجُ أَمَتِهِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا قَامَ وَلِيُّهُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأُنْثَى فَإِنَّهَا لَا تُزَوِّجُ فَيُقَيَّدُ تَزْوِيجُ الْوَلِيِّ بِمَا إذَا كَانَ لَهُ وِلَايَةُ تَزْوِيجِهَا وَذَلِكَ إذَا كَانَتْ مُسْلِمَةً. اهـ. م ر سم عَلَى التُّحْفَةِ.
(قَوْلُهُ: كَمَا صَحَّحَهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ
الْوِلَايَةِ آكَدُ وَلِهَذَا تَثْبُتُ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَى الْكَافِرَاتِ بِالْجِهَةِ الْعَامَّةِ (وَبِوَلِيِّ سَيِّدٍ) أَيْ صِحَّةُ النِّكَاحِ بِإِيجَابِ سَيِّدِ الْأَمَةِ كَمَا مَرَّ وَبِإِيجَابِ وَلِيِّ سَيِّدِهَا إنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِصَبًى أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ (بِالْمَصْلَحَهْ) يَعْنِي الْغِبْطَةَ فِي تَحْصِيلِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ وَقَوْلُهُ: (إنْ يَلِ مَالًا وَوَلِيّ أَنْ يَنْكِحَهْ) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ إنَّمَا يُزَوِّجُ الْوَلِيُّ أَمَةَ مَحْجُورِهِ إذَا كَانَ وَلِيَ مَالِهِ وَنِكَاحَهُ فَلَيْسَ لِلسُّلْطَانِ تَزْوِيجُ أَمَةِ الصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ وَإِنْ وَلِي مَالَهُ وَلَا لِلْأَبِ وَالْجَدِّ تَزْوِيجُ أَمَةِ الثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ الْعَاقِلَة وَإِنْ كَانَا يَلِيَانِ مَالَهَا وَلَا لِغَيْرِهِمْ تَزْوِيجُ أَمَةِ الصَّغِيرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلِي نِكَاحَهَا وَلَا مَالَهَا وَيُعْتَبَرُ إذْنُ السَّفِيهِ لِوَلِيِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلِي نِكَاحَهُ إلَّا بِإِذْنِهِ كَمَا سَيَأْتِي
(وَالنُّطْقِ) أَيْ بِوَلِيِّ السَّيِّدِ كَمَا مَرَّ وَبِالنُّطْقِ (مِنْ سَيِّدَةٍ) عَا قُلَةٍ بَالِغَةٍ بِإِذْنِهَا لَهُ فِي تَزْوِيجِ أَمَتِهَا فَلَا يَكْفِي سُكُوتُهَا وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَحْيِيَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا حَاجَةَ إلَى إذْنِ الْأَمَةِ وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً عَاقِلَةً (وَيُجْبِرُ) السَّيِّدُ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ أَمَتَهُ
ــ
[حاشية العبادي]
أَيْ كَوَثَنِيَّةٍ وَمَجُوسِيَّةٍ بِنَاءً عَلَى حِلِّهِمَا لِلْكَافِرِ الْآتِي عَنْ السُّبْكِيّ تَرْجِيحُ خِلَافِهِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لِلسُّلْطَانِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَلِلسُّلْطَانِ تَزْوِيجُهَا أَيْ أَمَةِ مُوَلِّيهِ لَا إنْ كَانَ أَيْ مُوَلِّيهِ صَغِيرًا أَوْ صَغِيرَةً. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا لِغَيْرِهِمْ تَزْوِيجُ أَمَةِ الصَّغِيرَةِ) أَيْ وَلَا الْكَبِيرَةِ؛ لِأَنَّ نَحْوَ الْأَخِ وَالْعَمِّ وَإِنْ وَلِيَ نِكَاحَهَا لَا يَلِي مَالَهَا (قَوْلُهُ: إذْنُ السَّفِيهِ) عَبَّرَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ بِمَا يَشْمَلُ السَّفِيهَةَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الثَّيِّبِ دُونَ الْبِكْرِ؛ لِأَنَّهُ يَلِي مَالَهَا وَنِكَاحَهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا يَلِي نِكَاحَهُ إلَّا بِإِذْنٍ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ السَّفِيهَةَ الثَّيِّبَ كَذَلِكَ وَأَنَّ السَّفِيهَةَ الْبِكْرَ لَا يُحْتَاجُ لِاسْتِئْذَانِهَا فَتُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَالنُّطْقُ مِنْ سَيِّدِهِ أَوَّلًا يَحْتَاجُ لِاسْتِثْنَائِهَا؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا غَيْرُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا فَلْيُرَاجَعْ
(قَوْلُهُ: وَالنُّطْقُ مِنْ سَيِّدَةٍ) وَبَحَثَ أَنَّ أَمَةَ الْمُبَعَّضَةِ يُزَوِّجُهَا مَنْ يُزَوِّجُ الْمُبَعَّضَةَ بِإِذْنِهَا أَيْ مَنْ يُزَوِّجُ الْمُبَعَّضَةَ لَوْ كَانَتْ حُرَّةً وَهُوَ الْوَلِيُّ لَا مَنْ يُزَوِّجُهَا الْآنَ وَهُوَ مَالِكُ الْبَعْضِ وَالْوَلِيُّ حَجَرٌ.
(قَوْلُهُ: عَاقِلَةٌ بَالِغَةٌ) أَيْ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ: بِإِذْنِهَا لَهُ أَيْ لِوَلِيِّهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا) فَالْأَبُ يُزَوِّجُ الْبِكْرَ بِغَيْرِ إذْنِهَا مُطْلَقًا وَلَا يُزَوِّجُ أَمَتَهُ إلَّا بِإِذْنِهَا نُطْقًا (قَوْلُهُ: أَيْ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ) أَمَّا الْمُكَاتَبُ فَلَا يُزَوِّجُ أَمَتَهُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: أَنْ يَلِي مَالًا وَوَلِيٌّ إلَخْ) أَيْ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِ وِلَايَةِ الْمَالِ وَالنِّكَاحِ لَكِنْ نَقَلَ الْمُحَشِّي فِيمَا يَأْتِي أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ مَنْ طَرَأَ سَفَهُهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ فَإِنَّهُ يُزَوِّجُهَا الْأَبُ وَالْجَدُّ وَإِنْ كَانَ وَلِيُّ مَالِهَا السُّلْطَانَ. اهـ. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ وَلِيُّ مَالِهِ وَنِكَاحِهِ) أَيْ وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ فَلَهُ تَزْوِيجُ أَمَةِ مَنْ ذُكِرَ بِالْمَصْلَحَةِ وَإِنْ امْتَنَعَ تَزْوِيجُهُ هُوَ لِعَدَمِ الْمَصْلَحَةِ حَتَّى يُزَوِّجَ أَمَتَهُ. اهـ. خ ط عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ) مُرَادُهُ بِهِ خُصُوصُ الصَّغِيرَةِ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ وَالْمَجْنُونَةِ وَالسَّفِيهُ وَالسَّفِيهَةُ فَيُزَوِّجُ أَمَتَهُمَا؛ لِأَنَّهُ يَلِي مَالَ مَالِكِهِمَا وَنِكَاحَهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: الْعَا) بِخِلَافِ الْمَجْنُونَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا أَيْ الثَّيِّبَ الصَّغِيرَةَ لِلْمَصْلَحَةِ فَيَجُوزُ لَهُ تَزْوِيجُ أَمَتِهَا (قَوْلُهُ: أَمَةُ الصَّغِيرَةِ) بِخِلَافِ الْكَبِيرَةِ فَلِغَيْرِ مَنْ ذُكِرَ تَزْوِيجُهَا وَإِنْ لَمْ يَلِ مَالَهَا كَمَا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَا فِي الْحَاشِيَةِ إذْ اعْتِبَارُ اجْتِمَاعِ وِلَايَةِ النِّكَاحِ وَالْمَالِ إنَّمَا هُوَ فِي الَّذِي وِلَايَةُ مَالِهِ لِغَيْرِهِ وَهُوَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ أَيْضًا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ: عَا قُلَةٌ بَالِغَةٌ) أَيْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا إذْ لَا تَسْتَحْيِيَ؛ وَلِأَنَّهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وِلَايَةٌ وَلَا إجْبَارٌ لَهَا مِلْكٌ فَاعْتُبِرَ إذْنُهَا فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً ثَيِّبًا امْتَنَعَ عَلَى الْأَبِ تَزْوِيجُ أَمَتِهَا إلَّا إذَا كَانَتْ مَجْنُونَةً كَذَا فِي الشَّرْقَاوِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ عَنْ شَرْحِ م ر بِزِيَادَةِ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ؛ وَلِأَنَّهَا إلَخْ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي وُجُوبِ اسْتِئْذَانِ الْبِكْرِ السَّفِيهَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَالشَّرْحِ الْكَبِيرِ لِلرَّافِعِيِّ وَالْجَوَاهِرِ خِلَافًا لِمَا فِي الْحَاشِيَةِ وَقَوْلُهُ: صَغِيرَةٌ ثَيِّبًا إلَخْ قَضِيَّتُهُ أَنَّ لِلْأَبِ تَزْوِيجَ أَمَةِ الْبِكْرِ الْقَاصِرِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ هُنَا تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: السَّيِّدُ إلَخْ) أَمَّا غَيْرُهُ وَلَوْ حَاكِمًا أَوْ وَلِيًّا لِسَيِّدَتِهَا فَلَا يُجْبِرُهَا
غَيْرَ الْمُكَاتَبَةِ بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ عَلَى النِّكَاحِ وَلَوْ مِنْ عَبْدٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ لَكِنْ لَا يُزَوِّجُهَا مِنْ غَيْرِ كُفُؤٍ لَهَا بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ أَمَّا الْمُكَاتَبَةُ فَلَا تُجْبَرُ وَكَذَا الْمُبَعَّضَةُ (لَا الْعَبْدِ) وَلَوْ صَغِيرًا فَلَا يُجْبِرُهُ سَيِّدُهُ عَلَى النِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ ذِمَّتَهُ عُهْدَةُ الْمَهْرِ وَغَيْرُهُ؛ وَلِأَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ رَفْعَهُ بِالطَّلَاقِ.
وَيُفَارِقُ الْأَمَةَ بِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ بُضْعِهِ وَالْأَمَةُ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ بُضْعِهَا فَيُورِدُ الْعَقْدَ عَلَى مَا يَمْلِكُهُ وَقِيلَ يُجْبَرُ الصَّغِيرُ كَالِابْنِ الصَّغِيرِ وَفَرَّقَ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ وِلَايَةَ الْأَبِ الَّتِي يُزَوِّجُ بِهَا ابْنَهُ الصَّغِيرَ تَنْقَطِعُ بِبُلُوغِهِ بِخِلَافِ وِلَايَةِ السَّيِّدِ لَا تَنْقَطِعُ بِبُلُوغِ عَبْدِهِ فَإِذَا لَمْ يُزَوِّجْهُ بِهَا بَعْدَ بُلُوغِهِ مَعَ بَقَائِهَا فَكَذَا قَبْلَهُ كَالثَّيِّبِ الْعَاقِلَة (وَالسَّيِّدُ لَيْسَ يُقْهَرُ) أَيْ لَا يُجْبَرُ عَلَى تَزْوِيجِ عَبْدِهِ وَلَا أَمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يُشَوِّشُ عَلَيْهِ مَقَاصِدَ الْمِلْكِ وَفَوَائِدَهُ وَيُنْقِصُ الْقِيمَةَ وَيُفَوِّتُ عَلَيْهِ التَّمَتُّعَ (وَبِوَلِيٍّ) أَيْ بِإِيجَابِ سَيِّدٍ أَوْ وَلِيِّهِ فِي الْأَمَةِ كَمَا مَرَّ وَبِإِيجَابِ وَلِيٍّ فِي الْحُرَّةِ فَلَا تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا وَلَا غَيْرَهَا بِإِذْنٍ وَلَا بِغَيْرِهِ وَلَا تَقْبَلُ نِكَاحًا لِأَحَدٍ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ عَبْدٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ) كَذَا عَبَّرَ الشَّيْخَانِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُزَوِّجُهَا إذَا كَانَتْ عَرَبِيَّةً مِنْ عَجَمِيٍّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فَيُنَافِي قَوْلَهُمَا فِيمَا مَرَّ وَالْأَمَةُ الْعَرَبِيَّةُ بِالْحُرِّ الْعَجَمِيِّ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ أَيْ الْخِلَافِ فِي انْجِبَارِ بَعْضِ الْخِصَالِ بِبَعْضٍ نَظِيرُ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الرَّوْضِ يُزَوِّجُهَا مِنْ عَرَبِيٍّ دَنِيءِ النَّسَبِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا إذَا كَانَتْ عَرَبِيَّةً مِنْ عَجَمِيٍّ وَلَوْ حُرًّا وَذَكَرَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْحَقَّ مَا قَالَاهُ قَالَ وَلَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْكَفَاءَةِ فِي النَّسَبِ لِسَيِّدِهَا لَا لَهَا وَقَدْ أَسْقَطَهُ هُنَا بِتَزْوِيجِهَا مِمَّنْ ذُكِرَ وَمَا مَرَّ مَحَلُّهُ إذَا زَوَّجَهَا غَيْرُ سَيِّدِهَا بِإِذْنٍ أَوْ وَلَائِهِ عَلَى مَالِكِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) يَدْخُلُ فِيهِ الْفِسْقُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ) أَيْ سَيِّدَهُ لَا يَمْلِكُ وَقَوْلُهُ:
ــ
[حاشية الشربيني]
عَلَى نِكَاحِ عَبْدٍ وَدَنِيءِ النَّسَبِ. اهـ. شَيْخُنَا ذ (قَوْلُهُ: بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ) أَيْ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ فَلَا تُزَوَّجُ أَمَةٌ مَرْهُونَةٌ إلَّا لِلْمُرْتَهِنِ أَوْ بِإِذْنِهِ وَلَا أَمَةُ الْمُفْلِسِ بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ وَلَا أَمَةُ قِرَاضٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْعَامِلِ لِئَلَّا تَنْقُصَ قِيمَتُهَا فَتَمْتَنِعُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ رِبْحٌ وَلَا جَانِيَةٌ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهَا مَالٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ نَعَمْ إنْ كَانَ السَّيِّدُ مُوسِرًا صَحَّ التَّزْوِيجُ وَكَانَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ وَفَارَقَ عَدَمَ صِحَّةِ الْبَيْعِ قَبْلَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ بِأَنَّ فِيهِ فَوَاتَ الرَّقَبَةِ وَلَا يُزَوِّجُ السَّيِّدُ أَمَةَ مَأْذُونٍ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ بَلْ لَوْ وَطِئَهَا لَزِمَهُ الْمَهْرُ مُطْلَقًا لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) وَلَوْ عَدَمِ الْعِفَّةِ خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ (قَوْلُهُ: فَلَا تُزَوِّجُ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا) فِي الْأَنْوَارِ لَوْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا أَوْ زَوَّجَهَا غَيْرُ الْوَلِيِّ بِإِذْنِهَا دُونَ إذْنِهِ بَطَلَ وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ سَوَاءٌ صَدَرَ مِنْ مُعْتَقِدِ الْجَوَازِ كَالْحَنَفِيِّ أَوْ التَّحْرِيمِ كَالشَّافِعِيِّ وَيُعَزَّرُ مُعْتَقِدُ التَّحْرِيمِ وَيَجِبُ الْمَهْرُ وَالْعِدَّةُ وَلَا يَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْمُحَلِّلِ لَوْ طَلَّقَ ثَلَاثًا. اهـ. الْمَقْصُودُ مِنْهُ وَقَوْلُهُ: وَيَجِبُ الْمَهْرُ أَيْ مَهْرُ الْمِثْلِ لِفَسَادِ النِّكَاحِ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَفِي الرَّوْضَةِ وَالشَّرْحِ الْكَبِيرِ لِلرَّافِعِيِّ إنَّمَا تَحْرُمُ أُمُّ الزَّوْجَةِ وَزَوْجَةُ الِابْنِ وَزَوْجَةُ الْأَبِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ صَحِيحًا فَأَمَّا النِّكَاحُ الْفَاسِدُ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ حِلَّ الْمَنْكُوحَةِ وَحُرْمَةَ غَيْرِهَا فَرْعُ حِلِّهَا. اهـ. وَحِينَئِذٍ فَلَا تَثْبُتُ الْمَحْرَمِيَّةُ بِالْأُولَى؛ لِأَنَّ سَبَبَهَا هُنَا حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ وَقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ سَبَبَهَا هُنَا حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ يَعْنِي أَنَّهَا إنْ ثَبَتَتْ هُنَا وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْهَا مَانِعٌ فَلَا سَبَبَ لَهَا إلَّا الْمُصَاهَرَةُ وَهَذَا لَا يُنَافِي ثُبُوتَ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ دُونَهَا كَمَا سَيَأْتِي لِوُجُودِ الْمَانِعِ كَمَا سَيَأْتِي أَيْضًا. اهـ. مِنْهُ لِقَوْلِ الرَّوْضَةِ الْمَحْرَمِيَّةُ هِيَ الْوَصْلَةُ الْمُحَرِّمَةُ لِلنِّكَاحِ وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَسْبَابٍ الْقَرَابَةُ وَالرَّضَاعُ وَالْمُصَاهَرَةُ. اهـ. .
فَثَبَتَ أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ لَا يُثْبِتُ الْمَحْرَمِيَّةَ وَفِي الْأُمِّ لَوْ نَكَحَ رَجُلٌ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا لَمْ يَحْرُمْ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ بِلَا إصَابَةٍ فِيهِ شَيْئًا مِنْ قِبَلِ أَنَّ حُكْمَهُ لَا يَكُونُ فِيهِ صَدَاقٌ وَلَا شَيْءٌ مِمَّا يَجِيءُ مِنْ الزَّوْجَيْنِ. اهـ. وَفِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا لَوْ وَطِئَ فِي نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ وَجَبَ الْمَهْرُ وَلَا حَدَّ سَوَاءٌ صَدَرَ مِمَّنْ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ أَوْ إبَاحَتَهُ بِاجْتِهَادٍ أَوْ تَقْلِيدٍ أَوْ حُسْبَانٍ مُجَرَّدٍ إلَى أَنْ قَالَ وَلَوْ طَلَّقَ فِيهِ لَمْ يَقَعْ فَلَوْ طَلَّقَ ثَلَاثًا لَمْ يَفْتَقِرْ إلَى مُحَلِّلٍ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ يَقَعُ وَيَفْتَقِرُ إلَى مُحَلِّلٍ احْتِيَاطًا لِلْأَبْضَاعِ. اهـ. وَاعْتَمَدَ م ر وزي وع ش وق ل وَغَيْرُهُمْ فَسَادَ نِكَاحِ الْمُقَلِّدِ وَعَدَمَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ وَخَالَفَ حَجَرٌ فَجَرَى عَلَى قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ مِنْ أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ يَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ وَلِذَا أَفْتَى بِأَنَّ الْوَلَدَ الْحَاصِلَ مِنْهُ لَيْسَ بِوَلَدِ شُبْهَةٍ وَرَدَهُ سم بِمَا نَقَلْنَاهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ الْمُعْتَمَدِ فَهَذَا الْعَقْدُ لَا يُثْبِتُ الْمَحْرَمِيَّةَ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا الْوَطْءُ فِيهِ فَفِيهِ كَمَا فِي الشَّرْحُ الْكَبِيرِ لِلرَّافِعِيِّ قَوْلَانِ أَوْ وَجْهَانِ فَقِيلَ يُثْبِتُ الْمَحْرَمِيَّةَ؛ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ النَّسَبَ وَيُوجِبُ الْعِدَّةَ فَكَذَا الْمَحْرَمِيَّةُ.
وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْخَلْوَةُ وَالْمُسَافَرَةُ بِالْمَوْطُوءَةِ فَبِأُمِّهَا وَبِنْتِهَا أَوْلَى وَلَيْسَ كَالْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ وَمِلْكِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ أُمَّ الْمَوْطُوءَةِ وَبِنْتَهَا يَدْخُلَانِ عَلَيْهَا وَيَشُقُّ عَلَيْهِمَا الِاحْتِجَابُ عَنْ زَوْجِهَا وَمِثْلُ هَذِهِ الْحَاجَةِ مَفْقُودَةٌ هَاهُنَا وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَهُوَ قَوْلٌ قَدِيمٌ كَمَا فِي حَاوِي الْمَاوَرْدِيِّ وَالثَّانِي عِنْدَ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ وَحَكَوْهُ عَنْ نَصِّهِ فِي الْإِمْلَاءِ. اهـ. قَالَ الْعَلَائِيُّ وَالثَّانِي هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا فِي الشَّامِلِ وَرَجَّحَهُ الْأَكْثَرُونَ وَفِي الْأَنْوَارُ وَالْوَطْءُ بِالشُّبْهَةِ لَا يُوجِبُ الْمَحْرَمِيَّةَ فَلَا يَجُوزُ الْخَلْوَةُ وَالْمُسَافَرَةُ بِأُمِّهَا وَبِنْتِهَا فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ لَا تَثْبُتُ بِهَذَا الْعَقْدِ وَلَا بِالْوَطْءِ فِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمَعْنَى هَذَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّ الشَّافِعِيَّ يَعْمَلُ بِهَذِهِ الْأَحْكَامِ فِي نَفْسِهِ كَأَنْ لَا تَحِلَّ لَهُ الْمَوْطُوءَةُ فِي هَذَا النِّكَاحِ
كَذَلِكَ إذْ لَا يَلِيقُ بِمَحَاسِنِ الْعَادَاتِ دُخُولُهَا فِيهِ لِمَا قَصَدَ مِنْهَا مِنْ الْحَيَاءِ وَعَدَمِ ذِكْرِهِ أَصْلًا وَقَدْ قَالَ تَعَالَى الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ وَتَقَدَّمَ خَبَرُ «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ خَبَرَ «لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَلَا الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا» وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادٍ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وقَوْله تَعَالَى {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232] أَصْرَحُ دَلِيلٍ عَلَى اعْتِبَارِ الْوَلِيِّ وَإِلَّا لَمَا كَانَ لِعَضْلِهِ مَعْنًى.
وَيُقَدَّمُ مِنْ جِهَاتِ الْوِلَايَةِ الْقَرَابَةُ لِاخْتِصَاصِ الْأَقَارِبِ بِزِيَادَةِ الشَّفَقَةِ ثُمَّ الْوَلَاءُ لِالْتِحَاقِهِ بِالنَّسَبِ بِخَبَرِ «الْوَلَاءِ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» ثُمَّ السَّلْطَنَةُ لِخَبَرِ السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ الْوَلِيُّ وَالسُّلْطَانُ فَحَكَّمَتْ عَدْلًا يُزَوِّجُهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا جَازَ عَلَى الْمُخْتَارِ فِي الرَّوْضَةِ الْمُوَافِقِ لِظَاهِرِ نَصٍّ نُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ
ثُمَّ بَيَّنَ تَرْتِيبَ الْأَوْلِيَاءِ فَقَالَ (وَالِدٍ) بِالْجَرِّ بَدَلًا مِنْ وَلِيٍّ فَيُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَشْفَقُ مِنْ سَائِرِ الْعَصَبَاتِ وَلِأَنَّهُمْ يُدْلُونَ بِهِ (وَإِنْ عَرَضْ عِتْقٌ لَهَا جَمِيعِهَا) بِالْجَرِّ تَأْكِيدًا لِلْهَاءِ (حَالَ الْمَرَضْ) أَيْ مَرَضِ مَوْتِ السَّيِّدِ وَأَمْكَنَ رَقُّ بَعْضِهَا لِضِيقِ الثُّلُثِ عَنْ جَمِيعِهَا فَإِنَّمَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا بِوَلِيٍّ مِنْ وَالِدٍ أَوْ غَيْرِهِ لِلْحُكْمِ بِحُرِّيَّتِهَا ظَاهِرًا ثُمَّ إنْ اسْتَمَرَّ عِتْقُهَا فَذَاكَ وَإِلَّا بَانَ فَسَادُ نِكَاحِهَا وَلَوْ قَدَّمَ قَوْلَهُ وَإِنْ عَرَضَ إلَى آخِرِهِ عَلَى وَالِدٍ كَانَ أَوْلَى لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ تَخْصِيصُهُ بِهِ (وَبِهِمَا) أَيْ وَبِإِيجَابِ السَّيِّدِ أَوْ وَلِيِّهِ وَوَلِيِّ الْمَرْأَةِ (إذْ بَعْضُهَا يُحَرَّرُ) أَيْ وَقْتَ كَوْنِ بَعْضِهَا حُرًّا وَفَاءً بِحَقِّ الْمِلْكِ وَالْحُرِّيَّةِ.
(ثُمَّ) صِحَّةُ النِّكَاحِ بَعْدَ الْأَبِ (بِجَدٍّ عَنْ أَبٍ) وَإِنْ عَلَا الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّ لَهُ وِلَادَةً وَعُصُوبَةً كَالْأَبِ فَيُقَدَّمُ عَلَى مَنْ لَيْسَ لَهُ إلَّا عُصُوبَةٌ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ عَنْ أَبٍ الْجَدُّ لِأُمٍّ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَهُ بِقَوْلِهِ لِأَبٍ لَمَا ضَرَّهُ وَكَانَ أَوْضَحَ
(وَيُجْبِرُ) كُلٌّ مِنْ الْأَبِ وَالْجَدِّ مُوَلِّيَتَهُ الَّتِي لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى النِّكَاحِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ
ــ
[حاشية العبادي]
مَنْفَعَةَ بُضْعِهِ أَيْ الْعَبْدِ وَقَوْلُهُ: وَالْأَمَةُ يَمْلِكُ أَيْ السَّيِّدُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَذَّرَ الْوَلِيُّ وَالسُّلْطَانُ) قَالَ بَعْضُهُمْ مُطْلَقًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِأَنْ لَا يَسْهُلُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ عَادَةً (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا) الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ شَيْخِنَا الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ جَوَازُ تَحْكِيمِ الْمُجْتَهِدِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْحَاكِمِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُجْتَهِدِ لَا يَجُوزُ تَحْكِيمُهُ مَعَ وُجُودِهِ وَلَوْ قَاضِي ضَرُورَةٍ وَسَوَاءٌ فِي الشِّقَّيْنِ السَّفَرُ وَالْحَضَرُ
(قَوْلُهُ: مِنْ الْأَبِ) وَإِنْ لَمْ يَلِ الْمَالَ لِطُرُوِّ سَفَهٍ بَعْدَ الْبُلُوغِ عَلَى النَّصِّ؛ لِأَنَّ الْعَارَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ فَزَعَمَ أَنَّ وِلَايَةَ تَزْوِيجِهَا حِينَئِذٍ لِلْقَاضِي كَوِلَايَةِ مَالِهَا حَجّ (قَوْلُهُ: الَّتِي لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَعْتَبِرَ فِي الْإِجْبَارِ أَيْضًا انْتِفَاءَ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ. اهـ.
وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ ظُهُورُ الْعَدَاوَةِ هُنَا كَمَا اُعْتُبِرَ ثَمَّ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ الزَّوْجُ وَالْوَلِيِّ الْمُجْبِرِ بَلْ قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَى مَا قَالَهُ؛ لِأَنَّ انْتِفَاءَ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَلِيِّ يَقْتَضِي أَنْ لَا يُزَوِّجَهَا إلَّا مَنْ يَحْصُلُ لَهَا مِنْهُ حَظٌّ وَمَصْلَحَةٌ لِشَفَقَتِهِ عَلَيْهَا إمَّا لِمُجَرَّدِ كَرَاهَتِهَا لَهُ فَلَا يُؤَثِّرُ لَكِنْ يُكْرَهُ لِوَلِيِّهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ. اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ وَكَوْنَهُ مِنْ كُفْءٍ مُوسِرٍ بِحَالِ الْمَهْرِ مُعْتَبَرَانِ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ وَأَمَّا كَوْنُهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ فَمُعْتَبَرٌ لِجَوَازِ الْإِجْبَارِ لَا لِصِحَّةِ النِّكَاحِ، فَلَا يُفْسِدُهُ الْإِخْلَالُ بِهِ
ــ
[حاشية الشربيني]
إنْ كَانَ قَدْ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ ثَلَاثًا بَعْدَ طَلَاقِ الْحَنَفِيِّ لَهَا وَأَنْ لَا يَحِلَّ لَهُ إعَانَةُ عَاقِدِهِ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْخَلْوَةِ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهَا أَوْ أُمِّهَا وَبِنْتِهَا وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّا نَحْكُمُ عَلَى الْحَنَفِيِّ بِهَذِهِ الْأَحْكَامِ إذْ أَحْكَامُهُ تَابِعَةٌ لِاعْتِقَادِهِ.
وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَوَضٌ عَلَى الْخَطِيبِ وَغَيْرُهُ مِنْ عَدَمِ ثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ فِيهِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَمَّا حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ فَالْأَصَحُّ ثُبُوتُهَا بِالْوَطْءِ فِيهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَحْرَمِيَّةِ أَنَّ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ تَثْبُتُ تَغْلِيظًا فَلَا تُثْبِتُ الْمَحْرَمِيَّةَ تَغْلِيظًا كَمَا فِي الْبَحْرُ لِلرُّويَانِيِّ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ وَقَوْلُهُ: فَلَا تُثْبِتُ إلَخْ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمَحْرَمِيَّةِ إنَّمَا هُوَ التَّخْفِيفُ كَحِلِّ الْمُسَافَرَةِ بِهَا وَعَدَمِ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِمَسِّ أُمِّهَا وَهَكَذَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ الْمَحْرَمِيَّةُ كَمَا فِي الْمُلَاعَنَةِ وَأُمِّ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ غَيْرِ هَذِهِ وَبِنْتِهَا وَقَدْ نَصَّ عَلَى عَدَمِ التَّلَازُمِ فِي شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ السَّلْطَنَةُ) قَالَ م ر الْمُرَادُ بِالسُّلْطَانِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي مَنْ شَمِلَهَا وِلَايَتُهُ عَامًّا كَانَ أَوْ خَاصًّا كَالْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي لِعُقُودِ الْأَنْكِحَةِ. اهـ. وَالْمُرَادُ بِالْمُتَوَلِّي لِعُقُودِ الْأَنْكِحَةِ مَنْ نَصَّبَهُ بَدَلَهُ فِي وِلَايَةِ الْعُقُودِ لَا مَنْ نَصَّبَهُ لِإِجْرَاءِ الْعَقْدِ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ كَمَا هُمْ الْآنَ
(قَوْلُهُ: وَلَدٌ) وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي وَلِيَّ مَالِهَا لِطُرُوِّ سَفَهِهَا بَعْدَ الرُّشْدِ إذْ لَا تَتْبَعُ وِلَايَةُ النِّكَاحِ وِلَايَةَ الْمَالِ خِلَافًا لِمَنْ وَهَمَ فِيهِ. اهـ. حَجَرٌ سم عَلَى الْمَنْهَجِ
(قَوْلُهُ: عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ) أَمَّا وَكِيلُ الْوَلِيِّ فَلَا بُدَّ مِنْ انْتِفَاءِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ وَلَوْ خُفْيَةً. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: عَدَاوَةٌ ظَاهِرَةٌ) بِأَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهَا أَهْلُ مَحَلَّتِهَا وَهَذَا شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَيُشْتَرَطُ لَهَا أَيْضًا الْيَسَارُ بِحَالِ الصَّدَاقِ وَالْكَفَاءَةِ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا وَعَدَمُ عَدَاوَةِ الزَّوْجِ لَهَا وَلَوْ بَاطِنًا فَإِذَا اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْعَقْدِ وَيُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى الْعَقْدِ كَوْنُهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ أَيْ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ فِيهَا وَلَوْ عَرَضًا حَالًا إنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِحُلُولِهِ وَالْمُرَادُ بِقُدْرَتِهِ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِقَدْرِهِ مِمَّا يُبَاعُ فِي الدِّينِ وَإِذَا حَرُمَ الْإِقْدَامُ فَسَدَ عَقْدُ الصَّدَاقِ فَقَطْ وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ وَيَرْجِعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذَا كَانَ غَيْرُ نَقْدِ الْبَلَدِ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ. اهـ.
ق ل وَإِذَا فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ بَطَلُ النِّكَاحِ وَلَوْ عَقَدَ لِمَنْ مَهْرُهَا مِائَةٌ بِمِائَتَيْنِ حَالَّتَيْنِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى مِائَةٍ فَقَطْ فَهَلْ يُقَالُ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ كَوْنُ قَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ حَالًّا مَقْدُورًا عَلَيْهِ فَالشَّرْطُ مَوْجُودٌ فَمَا هَذِهِ الصُّورَةُ؟ الظَّاهِرُ نَعَمْ فَحَرِّرْهُ قَالَ ق ل وَمَحَلُّ اعْتِبَارِ هَذِهِ
مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ مِنْ كُفْءٍ لَهَا مُوسِرٌ بِالْمَهْرِ (لِفَقْدِ وَطْءِ قُبُلٍ) أَيْ عِنْدَ فَقْدِ وَطْءِ قُبُلِهَا صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً بَاقِيَةَ الْبَكَارَةِ أَوْ فَاقِدَتَهَا بِلَا وَطْءٍ كَأَنْ زَالَتْ بِسَقْطَةٍ أَوْ إصْبَعٍ أَوْ خُلِقَتْ بِلَا بَكَارَةٍ أَمَّا فِي بَاقِيَتِهَا فَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا» زَادَ الدَّارَقُطْنِيّ «وَالْبِكْرُ يُزَوِّجُهَا أَبُوهَا» وَأَمَّا فِي فَاقِدَتِهَا فَلِأَنَّهَا لَمْ تُمَارِسْ الرِّجَالَ بِالْوَطْءِ فِي مَحَلِّ الْبَكَارَةِ وَهِيَ عَلَى غَبَاوَتِهَا وَحَيَائِهَا فَهِيَ كَالْأَبْكَارِ فَلَا يُؤَثِّرُ زَوَالُ حَيَاءِ الْبِكْرِ بِمُخَالَطَةِ الرِّجَالِ مَعَ بَقَاءِ بَكَارَتِهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ.
وَخَرَجَ بِالْقُبُلِ الْمَزِيدِ عَلَى الْحَاوِي هُنَا الدُّبُرُ فَلَا يُعْتَبَرُ فَقْدُ وَطْئِهِ أَمَّا الْمَوْطُوءَةُ فِي قُبُلِهَا حَلَالًا أَوْ حَرَامًا أَوْ شُبْهَةً وَلَوْ فِي حَالِ جُنُونِهَا أَوْ إكْرَاهِهَا أَوْ نَوْمِهَا فَلَا تُجْبَرُ وَإِنْ عَادَتْ بَكَارَتُهَا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ وَسَيَأْتِي أَنَّ لَهُ تَزْوِيجَهَا إذَا كَانَتْ مَجْنُونَةً وَلَوْ صَغِيرَةً وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ يَقْتَضِي أَنَّ الْغَوْرَاءَ وَهِيَ الَّتِي بَكَارَتُهَا دَاخِلَ الْفَرْجِ فَلَا تَفْتَضُّهَا الْحَشَفَةُ بِغِيبَتِهَا فِيهِ إنْ وُطِئَتْ وَلَمْ تُزَلْ بَكَارَتُهَا فَثَيِّبٌ وَإِنْ لَمْ تُوطَأْ فَبِكْرٌ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّهَا بِكْرٌ مُطْلَقًا كَنَظِيرِهِ الْآتِي فِي التَّحْلِيلِ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ (فَرْعٌ)
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ لَوْ قَالَتْ لِوَلِيِّهَا الْمُجْبِرِ أَنَا ثَيِّبٌ قَبْلَ قَوْلِهَا وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهَا زَوْجٌ وَلَا تُسْأَلُ عَنْ الْوَطْءِ الَّذِي صَارَتْ بِهِ ثَيِّبًا
(وَلَزِمَهْ) أَيْ كُلًّا مِنْ الْأَبِ وَالْجَدِّ (تَزْوِيجُ مَنْ جُنَّتْ) وَلَوْ ثَيِّبًا (لِتَوْقٍ) مِنْهَا لِلنِّكَاحِ (فَهِمَهْ) عَنْهَا بِظُهُورِ إمَارَاتِهِ لِمَكَانِ الْحَاجَةِ وَكَالتَّوْقِ تَوَقُّعُ الشِّفَاءِ بِالْوَطْءِ بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ مِنْ الْأَطِبَّاءِ (لَا) تَزْوِيجُ (طِفْلَةٍ) مَجْنُونَةٍ أَوْ عَا قُلَةٍ فَلَا يَلْزَمُ وَلِيَّهَا لِانْتِفَاءِ تَوْقِهَا وَتَوَقُّعِ شِفَائِهَا (ولَا) التَّزْوِيجُ (مِنْ الطِّفْلِ) فَلَا يَلْزَمُ وَلِيَّهُ لِانْتِفَاءِ حَاجَتِهِ (وَمِنْ مَنْ جُنَّ فَرْدَةً يُزَوِّجَانِ) أَيْ وَيُزَوِّجُ الْأَبُ وَالْجَدُّ أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا لُزُومًا مِنْ الْمَجْنُونِ وَاحِدَةً (إنْ يَحْتَجْ) إلَى التَّزْوِيجِ بِأَنْ تَظْهَرَ رَغْبَتُهُ فِي النِّسَاءِ أَوْ يُتَوَقَّعَ شِفَاؤُهُ بِالْوَطْءِ أَوْ يَحْتَاجُ إلَى مُتَعَهِّدَةِ وَلَا يُوجَدُ فِي مَحَارِمِهِ مَنْ يَقُومُ بِذَلِكَ وَتَكُونُ مُؤْنَةُ النِّكَاحِ أَخَفَّ مِنْ مُؤْنَةِ شِرَاءِ أَمَةٍ وَاعْتَرَضَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا وَقَدْ تَمْتَنِعُ مِنْهُ وَلَوْ وَعَدَتْ بِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: أَمَّا الْمَوْطُوءَةُ فِي قُبُلِهَا) وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمَوْطُوءَةَ فِي أَحَدِ الْقُبُلَيْنِ الْأَصْلِيَّيْنِ ثَيِّبٌ
(قَوْلُهُ: وَتَوَقُّعُ شِفَائِهَا) كَانَ وَجْهُهُ أَنَّ تَوَقُّعَ الشِّفَاءِ إنَّمَا يَكُونُ لِمَنْ يَتَأَثَّرُ وَلَا تَأَثُّرَ بِهِ مَعَ الصِّغَرِ (قَوْلُهُ: مِنْ الطِّفْلِ) أَيْ عَا قِلًا أَوْ مَجْنُونًا (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُ وَلِيُّهُ) بَلْ لَا يَجُوزُ فِي الْمَجْنُونِ كَمَا سَيَأْتِي
ــ
[حاشية الشربيني]
الشُّرُوطِ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمَرْأَةِ إذْنٌ فِي التَّزْوِيجِ. اهـ. وَمُحَلُّ اشْتِرَاطِ نَقْدِ الْبَلَدِ إنْ لَمْ يَعْتَدْنَ خِلَافَهُ أَيْضًا ع ش.
(قَوْلُهُ: مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ) أَيْ بَلَدِ الْفَرْضِ وَلَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ بِغَيْرِهِ بِأَنْ بَعَثَتْ وَكِيلًا وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ اعْتِبَارِ نَقْدِ بَلَدِ الْفَرْضِ وَاعْتِبَارِ مَهْرِ الْمِثْلِ لِلْعَصَبَاتِ وَالنَّقْدُ مُخْتَلِفٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ اعْتِبَارِ مَهْرِهِنَّ اعْتِبَارُ نَقْدِ بَلَدِهِنَّ وَإِلَّا لَتَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ مَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ أَصْلِهِ إذْ لَا مَعْنَى لِمَعْرِفَةِ عَشَرَةٍ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ أَنْ تَعْرِفَ مِنْ أَيِّ نَقْدِهِنَّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى اعْتِبَارِ مَهْرِ الْمِثْلِ لِلْعَصَبَاتِ اعْتِبَارُهُ قَدْرًا فَقَطْ لَا قَدْرًا وَصِفَةً فَلَوْ كَانَ مَهْرُهُنَّ عِشْرِينَ دِينَارًا وَنَقْدُ بَلَدِ الْفَرْضِ دَرَاهِمَ فَرَضَ الْقَاضِي مِنْ ذَلِكَ الدَّرَاهِمِ قَدْرًا تُسَاوِي قِيمَتُهُ عِشْرِينَ دِينَارًا وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَ م ر أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الصِّفَةِ بِبَلَدِ الْفَرْضِ فَلَا يَكُونُ إلَّا مِنْ نَقْدِ تِلْكَ الْبَلْدَةِ وَفِي الْقَدْرِ بِبَلَدِ نِسَاءِ قَرَابَاتِهَا. اهـ. فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ: لَمْ تُمَارِسْ الرِّجَالَ) هُوَ لِلْأَغْلَبِ وَإِلَّا فَوَطْءُ الْقِرْدِ كَرَجُلٍ فَهِيَ ثَيِّبٌ عَلَى الْأَوْجَهِ. اهـ. م ر وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهَا لَوْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِلَا وَطْءٍ ثُمَّ وُطِئَتْ كَانَتْ ثَيِّبًا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي حَوَاشِي الْمَنْهَجِ فَقَوْلُهُ: وَفَاقِدَتُهَا بِلَا وَطْءٍ الْبَاءُ فِيهِ لِلْمُصَاحَبَةِ أَيْ فَقْدًا مُصَاحِبًا لِعَدَمِ الْوَطْءِ أَوْ لِلتَّعْدِيَةِ وَيُقَيَّدُ بِعَدَمِ الْوَطْءِ بَعْدُ تَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُعْتَبَرُ فَقْدُ وَطْئِهِ) وَإِنْ زَالَتْ بَكَارَتُهَا بِهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ م ر (قَوْلُهُ: قَبْلَ قَوْلِهَا) أَيْ بِيَمِينِهَا فِيمَا يَظْهَرُ شَرْحٌ م ر خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ
(قَوْلُهُ: أَيْ كُلًّا مِنْ الْأَبِ وَالْجَدِّ تَزْوِيجُ مَنْ جُنَّتْ) وَمِثْلُهُمَا الْحَاكِمُ عِنْدَ عَدَمِهِمَا أَصْلًا أَوْ بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ الرُّجُوعُ إلَيْهِمَا. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لِتَوْقٍ مِنْهَا لِلنِّكَاحِ) مِثْلُهُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ احْتِيَاجُ الْأُنْثَى لِلْمَهْرِ أَوْ النَّفَقَةِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الدَّمِيرِيِّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ فَلَيْسَ مِنْ تَفَقُّهِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ كَمَا زَعَمَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ عَلَى الْمَنْهَجِ وَاسْتَدَلَّ بِمَا لَا يَدُلُّ لَهُ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: بِظُهُورِ أَمَارَاتِهِ) أَيْ كَالدَّوَرَانِ حَوْلَ الرِّجَالِ (قَوْلُهُ: بِقَوْلِ عَدْلَيْنِ) فِي شَرْحِ م ر بِقَوْلِ عَدْلٍ طَبِيبٍ لَكِنْ اعْتَمَدَ ز ي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْ شَهَادَةٍ. اهـ. ق ل وَقَدْ اعْتَمَدَ م ر فِي فَصْلٍ لَا يُزَوَّجُ مَجْنُونٌ إلَخْ الْمَذْكُورُ بَعْدَ قَوْلِ عَدْلَيْنِ لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ كِفَايَةُ عَدْلٍ وَلَوْ عَدْلَ رِوَايَةٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُ وَلِيُّهَا) وَيَجُوزُ فِي الْمَجْنُونَةِ الصَّغِيرَةِ مُطْلَقًا بِالْمَصْلَحَةِ وَيَمْتَنِعُ فِي الثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ الْعَاقِلَة كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: أَنْ يَحْتَجَّ إلَخْ) فَالْمَدَارُ فِي وُجُوبِ تَزْوِيجِ الْمَجْنُونِ وَالْمَجْنُونَةِ عَلَى تَحَقُّقِ الْحَاجَةِ وَهِيَ إمَّا ظَاهِرَةٌ بِظُهُورِ أَمَارَاتِهَا كَالدَّوَرَانِ حَوْلَ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ أَوْ
طَبْعَهَا يَدْعُوهَا لِتَعَهُّدِهِ وَخِدْمَتِهِ وَكَأَنَّهُمْ اقْتَصَرُوا عَلَى مَحَارِمِهِ؛ لِأَنَّهُمْ الَّذِينَ يَتَعَاطَوْنَ تَعَهُّدَهُ غَالِبًا وَإِلَّا فَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ فِي مَعْنَاهُمْ مِثْلُهُمْ وَإِنَّمَا لَمْ يُزَوَّجْ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ لِانْدِفَاعِ
الْحَاجَةِ
بِهَا أَمَّا تَزْوِيجُهُ بِغَيْرِ حَاجَةٍ فَلَا يَلْزَمُ بَلْ لَا يَجُوزُ وَعُلِمَ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْحَاجَةِ اعْتِبَارُ الْبُلُوغِ فَلَا يُزَوَّجُ الصَّغِيرُ الْمَجْنُونُ لِانْتِفَاءِ حَاجَتِهِ فِي الْحَالِ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ لَا يَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ الْأَمْرُ بِخِلَافِ الْعَاقِل كَمَا سَيَأْتِي إذْ الظَّاهِرُ حَاجَتُهُ إلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَلَا مَجَالَ لِحَاجَةِ تَعَهُّدِهِ وَخِدْمَتِهِ فَإِنَّ لِلْأَجْنَبِيَّاتِ أَنْ يَقُمْنَ بِهِمَا وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْنُونِ وَالْمَجْنُونَةِ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْجُنُونُ مُطْبَقًا فَإِنْ كَانَ مُتَقَطِّعًا لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ حَتَّى يُفِيقَا.
وَتَأْذَنَ الْمَرْأَةُ وَيَقْبَلَ الرَّجُلُ أَوْ يَأْذَنَ وَيَقَعُ الْعَقْدُ وَقْتَ الْإِفَاقَةِ وَكَالْمَجْنُونِ فِيمَا ذُكِرَ الْمُخْبَلُ وَهُوَ الَّذِي فِي عَقْلِهِ خَلَلٌ وَفِي أَعْضَائِهِ اسْتِرْخَاءٌ وَلَا حَاجَةَ بِهِ إلَى النِّكَاحِ غَالِبًا وَأَمَّا الْمَغْلُوبُ عَلَى عَقْلِهِ بِمَرَضٍ فَتُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ إنْ تُوُقِّعَتْ وَإِلَّا فَكَالْمَجْنُونِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا
(وَ) يُزَوِّجَانِ جَوَازًا الصَّغِيرَ الْعَاقِلَ (أَرْبَعًا) ؛ لِأَنَّ الْمَرْعِيَّ فِي نِكَاحِهِ
الْمَصْلَحَةُ
وَقَدْ يَكُونُ لَهُ فِيهِ مَصْلَحَةٌ وَغِبْطَةٌ تَظْهَرُ لِلْوَلِيِّ (وَ) يُزَوِّجَانِهِ (غَيْرَ الْكُفُؤِ) لَهُ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ لَا يَتَغَيَّرُ بِاسْتِفْرَاشِهِ مَنْ لَا تُكَافِئُهُ (لَا مَعِيبَةً) بِعَيْبٍ يُثْبِتُ الْخِيَارَ فِي النِّكَاحِ لِانْتِفَاءِ الْغِبْطَةِ (وَ) لَا (أَمَةً) لِانْتِفَاءِ الْعَنَتِ عَنْهُ فَلَوْ زَوَّجَهُ عَمْيَاءَ أَوْ عَجُوزًا أَوْ فَاقِدَةَ بَعْضِ الْأَطْرَافِ فَوَجْهَانِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا صَحَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ عَدَمَ الْجَوَازِ وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ.
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا: وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي تَزْوِيجِ الصَّغِيرَةِ بِأَعْمَى أَوْ أَقْطَعَ أَوْ شَيْخٍ هُمْ الْوَجْهَانِ
وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْكَفَاءَةِ تَصْحِيحُ الْجَوَازِ فَقَوْلُ النَّظْمِ (مَنْ عَقَلَا) مَفْعُولُ يُزَوِّجَانِ الْمُقَدَّرُ كَمَا تَقَرَّرَ (وَزَوَّجَا) أَيْ الْأَبُ وَالْجَدُّ أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا جَوَازًا (مَجْنُونَةً) صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا (بِالْمَصْلَحَهْ) فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ كِفَايَةِ نَفَقَةٍ وَغَيْرِهَا وَلَا تُعْتَبَرُ الْحَاجَةُ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يُفِيدُهَا الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ وَيَغْرَمُ الْمَجْنُونُ وَيُفَارِقُ ذَلِكَ امْتِنَاعُ تَزْوِيجِ الثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ الْعَاقِلَة كَمَا فُهِمَ مِمَّا مَرَّ؛ لِأَنَّ لِلْبُلُوغِ غَايَةً مُرْتَقَبَةً فَيُمْكِنُ انْتِظَارُهَا لِلْإِذْنِ بِخِلَافِ الْإِفَاقَةِ (وَإِنْ طَرَا) جُنُونُهَا (بَعْدَ الْبُلُوغِ) فَالْحَاوِي كَأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ (رَجَّحَهْ) أَيْ جَوَازَ تَزْوِيجِ كُلٍّ مِنْ الْأَبِ وَالْجَدِّ لَهَا بِالْمَصْلَحَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ بَلَغَ عَا قِلًا ثُمَّ جُنَّ فَوِلَايَةُ مَالِهِ لِأَبِيهِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَغَيْرُهُمْ) أَيْ كَالرِّجَالِ الْأَجَانِبِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ لِلْأَجْنَبِيَّاتِ أَنْ يَقُمْنَ بِهِمَا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا فِي صَغِيرٍ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ أَمَّا غَيْرُهُ فَيَلْحَقُ بِالْبَالِغِ فِي جَوَازِ تَزْوِيجِهِ لِحَاجَةِ الْخِدْمَةِ. اهـ. وَنُوزِعَ فِي ذَلِكَ م ر
(قَوْلُهُ: صَحَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ عَدَمَ الْجَوَازِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَدْ فَرَضَ الْكَلَامَ فِي الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّهُ أَيْ الْوَلِيَّ إنَّمَا يُزَوِّجُهُمَا
بِالْمَصْلَحَةِ
وَلَا مَصْلَحَةَ لَهُمَا فِي ذَلِكَ بَلْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِمَا ثُمَّ قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْجَوَازِ الْآتِي فِي الصَّغِيرَةِ؛ لِأَنَّ وَلِيَّهَا إنَّمَا يُزَوِّجُهَا بِالْإِجْبَارِ مِنْ الْكُفْءِ وَكُلٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ كُفْءٌ فَالْمَأْخَذُ فِي هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا مُخْتَلِفٌ. اهـ.
وَقَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ مَنْعُ الِاكْتِفَاءِ بِالْكَفَاءَةِ فِي إجْبَارِهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَهَا مِنْ مُعْسِرٍ لَمْ يَصِحَّ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ وَأَقَرَّاهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ نَازَعَ فِيهِ وَوَجْهُهُ انْتِفَاءُ
الْمَصْلَحَةِ
فِي تَزْوِيجِ الْمُعْسِرِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم
(قَوْلُهُ: رَجِّحْهُ) يَنْبَغِي جَوَازُ ضَبْطِ رَجِّحْ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ أَيْ رَجِّحْهُ أَنْتَ أَيْ اعْتَقِدْ تَرْجِيحَهُ؛ لِأَنَّهُ
ــ
[حاشية الشربيني]
خُفْيَةٌ يَعْلَمُهَا خُصُوصُ الْأَطِبَّاءِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ صَنِيعُ الْمِنْهَاجِ فَرَاجِعْ (قَوْلُهُ: لِانْدِفَاعِ
الْحَاجَةِ
بِهَا) وَفُرِضَ الِاحْتِيَاجُ لِلْأَكْثَرِ نَادِرٌ وَلَا يُنْظَرُ إلَيْهِ. اهـ. شَرْحُ م ر لَكِنْ هَذَا فِي حَاجَةِ النِّكَاحِ أَمَّا لَوْ لَمْ تَكْفِ الْوَاحِدَةُ لِلْخِدْمَةِ فَيُزَادُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ. اهـ. شَرْحُ م ر أَيْضًا وَهُوَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ لِلْأَجْنَبِيَّاتِ إلَخْ) فَإِنْ لَمْ تُوجَدْ أَجْنَبِيَّةٌ زَوْجٌ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَوْ يَأْذَنُ) أَيْ يُوَكِّلُ فِي الْقَبُولِ. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: وَقْتَ الْإِفَاقَةِ) أَيْ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْإِذْنُ فَلَوْ أَذِنَتْ ثُمَّ جُنَّتْ أَوْ وَكَّلَ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ ثُمَّ جُنَّ بَطَلَ الْإِذْنُ وَالتَّوْكِيلُ كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَهُوَ كَمَا فِي إذْنِ الذَّكَرِ أَيْ تَوْكِيلِهِ دُونَ إذْنِ الْأُنْثَى إذْ لَيْسَ تَوْكِيلًا حَتَّى يَبْطُلَ فَحَرِّرْ. اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمَرْعِيَّ فِي نِكَاحِهِ الْمَصْلَحَةُ) أَيْ إنْ كَانَ التَّزْوِيجُ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ وَإِلَّا لَمْ تُشْتَرَطْ الْمَصْلَحَةُ. اهـ. شَيْخُنَا بَاجْ (قَوْلُهُ: عَدَمَ الْجَوَازِ لِانْتِفَاءِ الْغِبْطَةِ) ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ لِلْمَهْرِ وَقَوْلُهُ: بَعْدَ تَصْحِيحِ الْجَوَازِ لِوُجُودِ الْغِبْطَةِ؛ لِأَنَّهَا مُحَصِّلَةٌ لِلْمَهْرِ وَلَهَا الْخِيَارُ إذَا بَلَغَتْ. اهـ. سم عَنْ م ر (قَوْلُهُ: جَوَازًا) فَالْجَوَازُ
وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْحَجْرِ وَقِيلَ إنَّمَا يُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوِلَايَةَ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَأَرَادَ بِتَرْجِيحِ الْحَاوِي جَزْمَهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا فِي ذَلِكَ، وَإِنْ ذَكَرَهُ غَيْرُهُ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ الْإِجْبَارِ وَاللُّزُومِ وَغَيْرِهِمَا لَا يَكُونُ لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَهُوَ كَذَلِكَ لِانْتِفَاءِ كَمَالِ الشَّفَقَةِ إلَّا فِي تَزْوِيجِ الْمَجْنُونَةِ وَالْمَجْنُونِ الْمُحْتَاجِينَ فَلِلسُّلْطَانِ ذَلِكَ بَعْدَهُمَا كَمَا ذَكَرَ الْأَوَّلَ صَرِيحًا وَالثَّانِي تَلْوِيحًا بِقَوْلِهِ
(ثُمَّ) بَعْدَهَا زَوَّجَ (الْإِمَامُ بَعْدَ شُورَى الْأَقْرَبِ) أَيْ مَشُورَتِهِ الْأَقْرَبَ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ فِي التَّزْوِيجِ (مَجْنُونَةً) بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا (تَحْتَاجُ) إلَى التَّزْوِيجِ بِأَنْ تَظْهَرَ رَغْبَتُهَا فِيهِ أَوْ يُتَوَقَّعَ شِفَاؤُهَا بِالْوَطْءِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا بِالْمَصْلَحَةِ؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهَا حِينَئِذٍ يَقَعُ إجْبَارًا وَلَيْسَ هُوَ لِغَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ وَأَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ الصَّغِيرَةَ لِانْتِفَاءِ حَاجَتِهَا وَقُدِّمَ عَلَى الْأَقْرَبِ؛ لِأَنَّهُ يَلِي مَالَهَا وَمَشُورَتُهُ إيَّاهُ مَنْدُوبَةٌ تَطْيِيبًا لِقَلْبِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ كَثِيرٍ وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَالرُّويَانِيُّ وَقَالَ إنَّهُ ظَاهِرُ النَّصِّ وَقِيلَ وَاجِبَةٌ وَصَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ وَالْخُوَارِزْمِيِّ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِمَصْلَحَتِهَا وَعَلَيْهِ لَوْ لَمْ يُشِرْ بِشَيْءٍ بَعْدَ الْمَشُورَةِ اسْتَقَلَّ الْإِمَامُ فَلَوْ أَشَارَ بِعَدَمِ التَّزْوِيجِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا اسْتِقْلَالَ وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي وُجُوبِ الْمَشُورَةِ فِي تَزْوِيجِ الْمَجْنُونِ وَعُدُولِ النَّظْمِ عَنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي كَغَيْرِهِ بِمُشَاوَرَةِ الْأَقَارِبِ إلَى مَا قَالَهُ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مُشَاوَرَةُ جَمِيعِهِمْ بَلْ الْأَقْرَبُ فَقَطْ وَالْمُرَادُ بِالْإِمَامِ مَا يَعُمُّهُ وَنُوَّابُهُ.
وَيَجُوزُ رَفْعُهُ فِي كَلَامِ النَّظْمِ كَمَا شَرَحْت عَلَيْهِ وَجَدُّهُ عَطْفًا عَلَى وَالِدٍ
(ثُمَّ الْعَصَبِ) أَيْ ثُمَّ صِحَّةُ النِّكَاحِ بَعْدَ الْأَبِ وَالْجَدِّ بِإِيجَابِ الْعَصَبَةِ فِي غَيْرِ الْمَجْنُونَةِ (لَا الْفَرْعِ) مِنْ الِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ (دُونَ سَبَبٍ) فَإِنَّهُ لَا يُزَوِّجُ أُمَّهُ بِالْبُنُوَّةِ وَإِنْ كَانَ أَوْلَى الْعَصَبَةِ فِي الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُشَارَكَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فِي النَّسَبِ فَلَا يَعْتَنِي بِدَفْعِ الْعَارِ عَنْ النَّسَبِ وَلِهَذَا لَمْ تَثْبُتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَخِ مِنْ الْأُمِّ فَإِنْ كَانَ فِيهِ سَبَبٌ كَكَوْنِهِ ابْنَ ابْنِ عَمٍّ أَوْ مُعْتَقًا أَوْ قَاصِيًا أَوْ لَهُ قَرَابَةٌ أُخْرَى تَوَلَّدَتْ مِنْ أَنْكِحَةِ الْمَجُوسِ أَوْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ فَإِنَّهُ يُزَوِّجُ بِهِ وَلَا تَضُرُّهُ الْبُنُوَّةُ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُقْتَضِيَةٍ لَا مَانِعَةٍ (وَ) لَا خُنْثَى (مُشْكِلِ أَعْتَقَ) أَمَةً لَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا لِاحْتِمَالِ
ــ
[حاشية العبادي]
الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا) قَدْ يُقَالُ التَّرْجِيحُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ذِكْرِ الْخِلَافِ بَلْ يَكْفِي فِيهِ وُجُودُهُ وَالْعِلْمُ بِهِ فَجَزْمُ مَنْ عَلِمَ خِلَافًا بِأَحَدِ طَرَفَيْهِ أَوْ أَطْرَافَهُ تَسْتَلْزِمُ التَّرْجِيحَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَلِلسُّلْطَانِ) لَا يُنَافِي فِي وُجُوبِهِ
(قَوْلُهُ: ثُمَّ الْإِمَامُ) أَيْ وُجُوبًا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْإِرْشَادِ فَإِنْ فُقِدَ أَيْ الْأَصْلُ فِي صُورَتَيْ الْمَجْنُونِ وَالْمَجْنُونَةِ فَعَلَى قَاضٍ أَيْ فَيَجِبُ عَلَى قَاضٍ تَزْوِيجُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ فِي الطَّرَفِ الْخَامِسِ يَلْزَمُ الْوَلِيَّ تَزْوِيجُ الْمَجْنُونَةِ وَالْمَجْنُونِ عِنْدَ
الْحَاجَةِ
وَأَعَادَ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ مَسْأَلَةَ الْمَجْنُونِ وَقَالَ وَيُزَوِّجُهُ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ ثُمَّ السُّلْطَانُ. اهـ. (قَوْلُهُ: الْأَقْرَبُ) وَلَوْ نَحْوُ خَالٍ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: لَا يُزَوِّجُ الصَّغِيرَةَ) أَيْ الْمَجْنُونَةَ (قَوْلُهُ: وَمَشُورَتُهُ إيَّاهُ مَنْدُوبَةٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَقَدْ عَبَّرَ الرَّوْضُ بَدَلَ الْأَقْرَبِ بِأَهْلِهَا؛ وَلِأَنَّهُمْ أَعْرَفُ بِمَصْلَحَتِهِمَا أَيْ الْمَجْنُونِ وَالْمَجْنُونَةِ وَمِنْ هُنَا قَالَ الْمُتَوَلِّي وَيُرَاجِعُ الْجَمِيعَ حَتَّى الْأَخَ وَالْعَمَّ لِلْأُمِّ وَالْخَالَ وَقِيلَ تَجِبُ الْمُرَاجَعَةُ قَالَ وَعَلَيْهِ يُرَاجِعُ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ لَوْ لَمْ يَكُنْ جُنُونٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَجَدُّهُ) عَطْفًا عَلَى وَالِدٍ لَا يَخْفَى أَنَّ التَّقْدِيرَ حِينَئِذٍ ثُمَّ بِإِيجَابِ الْإِمَامِ فَيُشْكِلُ نَصْبُ مَجْنُونَةٍ إذْ لَا مَعْنَى لِقَوْلِنَا ثُمَّ بِإِيجَابِ الْإِمَامِ مَجْنُونَةً إلَّا أَنْ تَجْعَلَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ تَزْوِيجُ مَجْنُونَةٍ وَأَنَّهُ حَذَفَ الْمُضَافَ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ تَكَلُّفٌ
(قَوْلُهُ: كَكَوْنِهِ ابْنَ ابْنِ عَمٍّ) لَوْ كَانَ مَعَهُ ابْنُ ابْنِ عَمٍّ آخَرَ لَيْسَ
ــ
[حاشية الشربيني]
يَكْفِي فِيهِ
الْمَصْلَحَةُ
كَمَا هُنَا وَالْوُجُوبُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْحَاجَةِ كَمَا مَرَّ. اهـ. ح ل وَهَذَا فِي الْمَجْنُونَةِ أَمَّا الْمَجْنُونُ فَلَا يُزَوَّجُ لِلْمَصْلَحَةِ كَمَا فِي الشَّرْحِ ثُمَّ الْمُرَادُ أَنْ تَكُونَ الْمَصْلَحَةُ فِي الْوَاقِعِ فَلَوْ ظَنَّهَا الْوَلِيُّ وَالْوَا قعُ خِلَافُهُ بَطَلَ النِّكَاحُ. اهـ. حَوَاشِي الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ
(قَوْلُهُ: بِنَاءً إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ وِلَايَةَ النِّكَاحِ تَابِعَةٌ لِوِلَايَةِ الْمَالِ كَمَا فِي النَّاشِرِيِّ وَرَدَّهُ حَجَرٌ فِيمَنْ طَرَأَ سَفَهُهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَالَ إنَّ وِلَايَةَ نِكَاحِهَا لِأَبِيهَا وَإِنْ كَانَتْ وِلَايَةُ مَالِهَا لِلسُّلْطَانِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: الْمُحْتَاجِينَ) هُوَ قَيْدٌ فِي تَزْوِيجِ السُّلْطَانِ الْمَجْنُونَ وَالْمَجْنُونَةَ فَلَيْسَ لَهُ تَزْوِيجُهُمَا لِلْمَصْلَحَةِ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا
(قَوْلُهُ: بِأَنْ تَظْهَرَ رَغْبَتُهَا فِيهِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَزْوِيجُهَا إذَا احْتَاجَتْ لِلنَّفَقَةِ وَلَا مُنْفِقَ لَهَا وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ فِي الْفَصْلِ الْأَخِيرِ لَكِنَّهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى وُجُوبِ تَزْوِيجِ الْأَبِ لِلْمَجْنُونَةِ صَرَّحَ بِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَ احْتِيَاجِهَا لِلنَّفَقَةِ أَيْضًا وَقَدْ نَقَلْنَاهُ سَابِقًا عَنْ الدَّمِيرِيِّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْأَبِ وَالسُّلْطَانِ فِي ذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت ح ل نَقَلَ عَنْ م ر وَحَجَرٍ أَنَّهُمَا قَالَا إنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ لَهَا مُنْفِقٌ أَوْ مَالٌ يَكْفِيهَا عَنْ الزَّوْجِ وَإِلَّا كَانَ الْإِنْفَاقُ حَاجَةً أَيَّ حَاجَةٍ. اهـ. وَهُوَ فِي شَرْحَيْهِمَا عَلَى الْمِنْهَاجِ.
(قَوْلُهُ: بِالْمَصْلَحَةِ) أَيْ كَنَفَقَةٍ وَلَهَا مَالٌ يَكْفِيهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ فَإِنَّ النَّفَقَةَ حِينَئِذٍ تَكُونُ مِنْ أَفْرَادِ الْحَاجَةِ. اهـ. حَجَرٌ (قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا اسْتِقْلَالَ) لَكِنْ جَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْخِطْبَةِ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ رَدُّ السُّلْطَانِ وَإِجَابَتُهُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِهَذَا الْجَزْمِ مَعَ وُجُوبِ الْمَشُورَةِ إذْ لَا فَائِدَةَ حِينَئِذٍ فِيهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ: كَكَوْنِهِ ابْنَ عَمٍّ) وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهَا ابْنٌ مِنْ سَيِّدِهَا فَإِنَّهُ يَلِيهَا بِالْوَلَاءِ الَّذِي وَرِثَهُ مِنْ أَبِيهِ. اهـ. تَقْرِيرُ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: لَا مَانِعَةً) ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ هُوَ الْوَصْفُ الظَّاهِرُ الْمُنْضَبِطُ الْمُعَرِّفُ نَقِيضَ الْحُكْمِ وَلَيْسَتْ الْبُنُوَّةُ مُقْتَضِيَةً لِفِعْلِ مَا تُعَيَّرُ بِهِ الْأُمُّ حَتَّى تَكُونَ مَعْرِفَةُ نَقِيضِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: أَعْتَقَ أَمَةً) مِثْلُ عَتِيقَتِهِ أَمَتُهُ سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ:
أُنُوثَتِهِ (كَالْمَرْأَةِ) الْمُعْتِقَةِ لِأَمَةٍ لَيْسَ لَهَا إنْ تُزَوِّجَهَا إذْ لَا عِبَارَةَ لِلنِّسَاءِ فِي النِّكَاحِ (لَكِنَّ الْوَلِيّ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْكِلِ يُزَوِّجُ عَتِيقَتَهُ (بِإِذْنِهْ) بِإِسْكَانِ الْهَاءِ لِلْوَزْنِ لِاحْتِمَالِ ذُكُورَتِهِ فَيَكُونُ قَدْ زَوَّجَهَا وَكِيلُهُ بِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ وَوَلِيُّهَا بِتَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِ فَلَوْ عَقَدَ الْمُشْكِلُ فَبَانَ ذَكَرًا صَحَّ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ فِي الشَّاهِدِ.
وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُسْلِمِ فِيمَا لَوْ زَوَّجَ أُخْتَهُ ثُمَّ بَانَ رَجُلًا (وَ) الْوَلِيُّ لِلْمَرْأَةِ الْمُعْتَقَةِ يُزَوِّجُ فِي (حَيَاتِهَا) عَتِيقَتَهَا بِالْوِلَايَةِ عَلَيْهَا تَبَعًا لِوِلَايَتِهِ عَلَى مُعْتَقَتِهَا (بِلَا) اشْتِرَاطِ (إذْنٍ) مِنْ الْمُعْتِقَةِ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهَا أَمَّا إذْنُ الْعَتِيقَةِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي حَيَاتِهَا بَعْدَ مَوْتِهَا فَلَا يُزَوِّجُ وَلِيُّهَا عَتِيقَتَهَا حِينَئِذٍ بَلْ يُزَوِّجُهَا مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَيْهَا لِانْقِطَاعِ تَبَعِيَّةِ الْوِلَايَةِ بِالْمَوْتِ فَيُقَدَّمُ فِي حَيَاتِهَا الْأَبُ ثُمَّ مَنْ يَلِيهِ بِتَرْتِيبِ الْأَوْلِيَاءِ وَلَا يُزَوِّجُهَا الِابْنُ وَبَعْدَ مَوْتِهَا يُزَوِّجُهَا الِابْنُ ثُمَّ مَنْ يَلِيهِ بِتَرْتِيبِ عَصَبَةِ الْوَلَاءِ (عَلَى تَرْتِيبِ إرْثٍ) بِنَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ (نُزِّلَا) وِلَايَةُ الْعَصَبَةِ فِيهِمَا حَتَّى يُقَدَّمَ الشَّقِيقُ عَلَى الَّذِي لِلْأَبِ وَابْنُ الشَّقِيقِ عَلَى ابْنِ الَّذِي لِلْأَبِ لِزِيَادَةِ الْقُرْبِ وَالشَّفَقَةِ، وَابْنُ الْمُعْتِقِ عَلَى أَبِيهِ بِقُوَّةِ عُصُوبَتِهِ وَأَخُوهُ وَابْنُ أَخِيهِ عَلَى جَدِّهِ لِقُوَّةِ الْبُنُوَّةِ نَعَمْ يُقَدَّمُ فِي النَّسَبِ الْجَدُّ عَلَى الْأَخِ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْإِرْثِ؛ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ وِلَايَةٌ وَالْجَدُّ أَوْلَى بِهَا لِزِيَادَةِ شَفَقَتِهِ وَلِهَذَا اخْتَصَّ بِوِلَايَةِ الْمَالِ (وَبَعْدَهُ السُّلْطَانُ) بِرَفْعِهِ وَجَرِّهِ كَمَا مَرَّ فِي الْإِمَامِ أَيْ وَبَعْدَ الْعَاصِبِ زَوَّجَ السُّلْطَانُ أَيْ مَنْ لَهُ سَلْطَنَةٌ مِنْ الْإِمَامِ وَنُوَّابِهِ (لِلْمَرْأَةِ) بِزِيَادَةِ اللَّامِ أَيْ زَوَّجَ الْمَرْأَةَ (فِي مَحَلِّ حُكْمِهِ) وَإِنْ كَانَ مَالُهَا فِي غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْغَائِبَةِ عَنْ مَحَلِّ حُكْمِهِ وَإِنْ كَانَ مَالُهَا فِيهِ
وَإِنَّمَا يُزَوِّجُ غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ (بِإِذْنٍ) مِنْ بِكْرٍ وَثَيِّبٍ وَلَوْ بِلَفْظِ التَّوْكِيلِ لِلْخَبَرِ الْآتِي مَعَ خَبَرِ «لَا تَنْكِحُوا الْيَتَامَى حَتَّى تَسْتَأْمِرُوهُنَّ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَإِذْنُ الْخَرْسَاءِ بِالْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَالظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ بِكَتْبِهَا قَالَ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ وَلَا كِتَابَةٌ هَلْ تَكُونُ فِي مَعْنَى الْمَجْنُونَةِ حَتَّى يُزَوِّجَهَا الْأَبُ وَالْجَدُّ ثُمَّ الْحَاكِمُ دُونَ غَيْرِهِمْ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهَا عَا قُلَةٌ؟ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَلَعَلَّ
ــ
[حاشية العبادي]
وَلَدَهَا كَانَتْ الْبُنُوَّةُ مُرَجَّحَةً (قَوْلُهُ: بِإِذْنِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالْحَاوِي وَالْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِمَا وُجُوبُ إذْنِهِ وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُزَوِّجَهَا أَبُوهُ بِإِذْنِهِ. اهـ. لَكِنْ قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ فَلَوْ كَانَ الْأَقْرَبُ خُنْثَى مُشْكِلًا زَوَّجَ الْأَبْعَدُ وَالْخُنْثَى كَالْمَفْقُودِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ لِإِذْنِهِ وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ.
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِذْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُزَوِّجَ السُّلْطَانُ فَلَوْ عَقَدَ الْخُنْثَى فَبَانَ ذَكَرًا صَحَّ كَمَا مَرَّ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْوَلِيُّ لِلْمَرْأَةِ الْمُعْتَقَةِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْوَلِيُّ وَالْعَتِيقَةُ كَافِرَيْنِ وَالْمُعْتَقَةُ مُسْلِمَةً وَكَذَا لَوْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ وَالْمُعْتَقَةُ كَافِرَةً؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ وَلِيُّهَا لَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُزَوَّجَةُ عَلَى دِينِ الْعَتِيقَةِ بِرّ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْهُ) أَيْ فِي الصُّورَتَيْنِ صَرَّحَ بِهِ الْجَوْجَرِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِرّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُقَدَّمُ فِي النَّسَبِ) أَيْ فِي اسْتِحْقَاقِ التَّزْوِيجِ بِعُصُوبَةِ النَّسَبِ (قَوْلُهُ أَيْ وَبَعْدَ الْعَاصِبِ إلَخْ) هَذَا تَقْدِيرُ الرَّفْعِ وَتَقْدِيرُ الْجَرِّ وَصِحَّةُ النِّكَاحِ بَعْدَهُ بِإِيجَابِ السُّلْطَانِ لِلْمَرْأَةِ
ــ
[حاشية الشربيني]
بِإِذْنِهِ) فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِذْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُزَوِّجَ السُّلْطَانُ شَرْحُ الرَّوْضِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بَلْ يَنْبَغِي أَنَّ الْمُزَوِّجَ هُوَ السُّلْطَانُ وَالْوَلِيُّ كَأَنْ يُزَوِّجَ أَحَدَهُمَا بِإِذْنِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ الذُّكُورَةِ الْحَقُّ لِلسُّلْطَانِ لِلِامْتِنَاعِ وَبِتَقْدِيرِ الْأُنُوثَةِ يَكُونُ الْحَقُّ لِلْوَلِيِّ مُطْلَقًا وَلَا عِبْرَةَ بِالِامْتِنَاعِ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: تَبَعًا لِوِلَايَتِهِ عَلَى مُعْتَقَتِهَا) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا وِلَايَةٌ كَالثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ الْعَاقِلَةِ لَمْ يُزَوِّجْ عَتِيقَتَهَا وَصُورَةُ عَتِيقَةِ الصَّغِيرَةِ أَنْ يَعْتِقَ وَلِيُّهَا أَمَتَهَا عَنْ كَفَّارَةٍ كَالْقَتْلِ سم عَلَى التُّحْفَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذْنُ الْعَتِيقَةِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ) يَكْفِي سُكُوتُ الْبِكْرِ. اهـ. م ر وَحَجَرٌ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذْنُ الْعَتِيقَةِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ) أَيْ لِلْخُنْثَى، وَوَلِيُّهُ فِي الْأُولَى وَلِوَلِيِّ الْمَرْأَةِ الْمُعْتَقَةِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ كَانَ الْخُنْثَى مِنْ أَوْلِيَاءِ النَّسَبِ بِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ وَكَانَ أَقْرَبَ مِنْ غَيْرِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُزَوِّجُ الْأَبْعَدَ بِإِذْنِهِ لِيَكُونَ وَكِيلًا لَهُ بِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ وَوَلِيًّا لَهَا بِتَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِ خِلَافًا لِإِفْتَاءِ الْبَغَوِيّ بِانْتِقَالِ الْوِلَايَةِ لِلْأَبْعَدِ الْمُقْتَضِي لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ لِلْإِذْنِ. اهـ. م ر.
وَشَرْحُ الرَّوْضِ وَلَا بُدَّ مِنْ سَبْقِ الْإِذْنِ لِلْخُنْثَى عَلَى إذْنِهِ لِمَنْ يَلِيهِ إذْ لَا يَصِحُّ إذْنُهُ لِمَنْ يَلِيهِ بِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ إلَّا إذَا أَذِنَتْ لَهُ الْعَتِيقَةُ فِي التَّزْوِيجِ لِيَصِحَّ تَوْكِيلُهُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَأَخُوهُ وَابْنُ أَخِيهِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَالْإِرْثِ نَعَمْ أَخُو الْمُعْتِقِ وَابْنُ أَخِيهِ يُقَدَّمَانِ هُنَا عَلَى جَدِّهِ وَكَذَا الْعَمُّ يُقَدَّمُ هُنَا عَلَى أَبِي الْجَدِّ قَالَ ع ش وَعَمُّ أَبِي الْمُعْتِقِ يُقَدَّمُ عَلَى جَدِّ جَدِّهِ وَهَكَذَا كُلُّ عَمٍّ أَقْرَبُ لِلْمُعْتِقِ بِدَرَجَةٍ يُقَدَّمُ عَلَى مَنْ فَوْقَهُ مِنْ الْأُصُولِ. اهـ. وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ م ر نَعَمْ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ فِي الْإِرْثِ بِالْوَلَاءِ كَذَلِكَ كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: فِي مَحَلِّ حُكْمِهِ) هَذَا فِي غَيْرِ رَ قِيقَةٍ يُزَوِّجُهَا مَأْذُونُ الْمَالِكِ فَلَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ فِي غَيْرِ بَلَدِ سَيِّدَتِهَا وَأَذِنَتْ السَّيِّدَةُ لِقَاضِي بَلَدِ السَّيِّدَةِ فِي تَزْوِيجِ أَمَتِهَا الْغَائِبَةِ عَنْ مَحَلِّ وِلَايَةِ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ فَزَوَّجَ صَحَّ تَزْوِيجُهُ كَذَا بِهَامِشِ بَعْضِ نُسَخِ الشَّرْحِ وَفِي الْحَقِيقَةِ لَا اسْتِثْنَاءَ. اهـ. مَرْصَفِيٌّ
(قَوْلُهُ: الْيَتَامَى) فِي نُسْخَةٍ الْأَيَامَى (قَوْلُهُ: وَإِذْنُ الْخَرْسَاءِ إلَخْ) وَيَصِحُّ الْعَقْدُ بِالْإِشَارَةِ مِنْ الْأَخْرَسِ إنْ فَهِمَهَا
الْأَوَّلَ أَوْجَهُ وَمَا قَالَهُ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِكَتْبِ مَنْ لَهَا إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ ظَاهِرٌ إنْ نَوَتْ بِهِ الْإِذْنَ كَمَا قَالُوا كِتَابَةُ الْأَخْرَسِ بِالطَّلَاقِ كِنَايَةٌ عَلَى الْأَصَحِّ (وَاكْتُفِيَ بِالصَّمْتِ فِي) إذْنِ (الْبِكْرِ) بَعْدَ اسْتِئْذَانِهَا فِي التَّزْوِيجِ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ إذْنُهَا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا وَالْبِكْرُ تُسْتَأْمَرُ وَإِذْنُهَا سُكُوتُهَا» سَوَاءٌ ضَحِكَتْ أَمْ بَكَتْ إلَّا إذَا بَكَتْ مَعَ صِيَاحٍ وَضَرْبِ خَدٍّ فَإِنَّ ذَلِكَ يُشْعِرُ بِعَدَمِ الرِّضَا وَأَفْهَمَ اعْتِبَارُ الْإِذْنِ فِي غَيْرِ الْأَبِ وَالْجَدِّ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ الصَّغِيرَةَ وَالْمَجْنُونَةَ إذْ لَا إذْنَ لَهُمَا.
وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَجْنُونَةَ قَدْ يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ أَمَّا الْأَبُ وَالْجَدُّ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي تَزْوِيجِهِمَا إذْنٌ إلَّا فِي الثَّيِّبِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ الِاكْتِفَاءُ بِصَمْتِ الْبِكْرِ وَلَوْ فِي تَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ وَبِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَبِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْأُولَى دُونَ الْأَخِيرَتَيْنِ لِتَعَلُّقِهِمَا بِالْمَالِ كَبَيْعِ مَالِهَا
(وَيَلْزَمُ الْوَلِيّ) الْمُجْبِرَ وَغَيْرَهُ (إجَابَةُ الْمُلْتَمِسَاتِ) لِلتَّزْوِيجِ مِنْ الْأَكْفَاءِ (الْعَقْلِ) الْبَالِغَاتِ سَوَاءٌ تَعَيَّنَ الْوَلِيُّ كَالْأَبِ أَمْ لَا كَأَحَدِ الْإِخْوَةِ تَحْصِينَا لَهُنَّ كَمَا يَجِبُ إطْعَامُ الطِّفْلِ إذَا اسْتَطْعَمَ فَإِنْ امْتَنَعَ أَثِمَ وَزَوَّجَهَا السُّلْطَانُ كَمَا سَيَأْتِي فَلَوْ عَيَّنَتْ كُفُؤًا وَأَرَادَ الْوَلِيُّ تَزْوِيجَهَا مِنْ آخَرَ فَسَيَأْتِي، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ تَبَعًا لِلْوَسِيطِ لُزُومُ إجَابَتِهَا وَإِنْ لَمْ تُعَيِّنْ كُفُؤًا وَهُوَ مَا رَجَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ ثُمَّ قَالَ وَمَفْهُومُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ عَدَمُ لُزُومِهَا إذَا لَمْ تُعَيِّنْهُ وَلَهُ وَجْهٌ بَيِّنٌ إذْ طَلَبُ ذَلِكَ مَعَرَّةٌ فِي الْعُرْفِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَا شَكَّ أَنَّ تَعْيِينَهَا لَيْسَ بِشَرْطٍ إذْ لَوْ خَطَبَهَا أَكْفَاءُ فَالْتَمَسَتْ مِنْهُ التَّزْوِيجَ بِلَا تَعْيِينٍ لَزِمَتْهُ الْإِجَابَةُ أَمَّا لُزُومُهَا وَلَا خَاطَبَ فَبَعِيدٌ نَعَمْ لَوْ سَأَلَتْهُ وَلَا خَاطَبَ ثُمَّ خَطَبَهَا كُفُؤٌ لَزِمَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْهُ. اهـ. وَالتَّصْرِيحُ بِالْعَقْلِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ
ثُمَّ بَيَّنَ مَوَانِعَ الْوِلَايَةِ الَّتِي تَنْقُلُهَا لِلْأَبْعَدِ فَقَالَ (وَعَتَهٌ) وَهُوَ اخْتِلَالُ النَّظَرِ بِهِرِمٍ أَوْ خَبَلٍ أَصْلِيٍّ أَوْ عَارِضٍ يَنْقُلُ الْوِلَايَةَ لِلْأَبْعَدِ لِلْعَجْزِ مَعَهُ عَنْ الْبَحْثِ عَنْ أَحْوَالِ الْأَزْوَاجِ وَمَعْرِفَة الْكُفُؤِ مِنْهُمْ وَفِي مَعْنَاهُ الْآلَامُ وَالْأَسْقَامُ الشَّاغِلَةُ عَنْ النَّظَرِ وَالْعِلْمِ بِمَوَاقِع الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ كَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ ثُمَّ اعْتَرَضَهُ بِأَنَّ سُكُونَ الْأَلَمِ لَيْسَ بِأَبْعَدَ مِنْ إفَاقَةِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَإِذَا انْتَظَرْنَا الْإِفَاقَةَ فِي الْإِغْمَاءِ وَجَبَ أَنْ نَنْتَظِرَ السُّكُونَ هُنَا وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِ الِانْتِظَارِ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ لَا الْأَبْعَدُ كَمَا فِي صُورَةِ الْغَيْبَةِ.
؛ لِأَنَّ
ــ
[حاشية العبادي]
وَلَعَلَّ التَّقْدِيرَ كَنِكَاحِ الْمَرْأَةِ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ زِيَادَةِ اللَّامِ
(قَوْلُهُ: إنْ طَلَبَ ذَلِكَ) أَيْ طَلَبَ الْوَلِيُّ ذَلِكَ بِرّ
ــ
[حاشية الشربيني]
كُلَّ أَحَدٍ فَإِنْ اخْتَصَّ بِفَهْمِهَا الْفَطِنُ فَلَا بَلْ يُوَكِّلُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ كِنَايَةٌ وَلَا يَصِحُّ بِهَا النِّكَاحُ وَإِنْ صَحَّ بِهَا التَّوْكِيلُ فِيهِ. اهـ. ق ل عَنْ الْمَجْمُوعِ.
وَلَا يَصِحُّ بِالْكِتَابَةِ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ النِّيَّةِ كِنَايَةٌ وَلَا يَصِحُّ الْعَقْدُ فِي النِّكَاحِ بِالْكِنَايَاتِ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي الثَّيِّبِ) أَيْ الْعَاقِلَة كَبِيرَةً أَوْ صَغِيرَةً (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي تَزْوِيجِهَا بِغَيْرِ كُفْءٍ) أَيْ بِأَنْ اُسْتُؤْذِنَتْ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا فَسَكَتَتْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ خ ط عَلَى الْمِنْهَاجِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَلَوْ اسْتَأْذَنُوا بِكْرًا لِكُفْءٍ أَوْ غَيْرِهِ فَسَكَتَتْ كَفَى ثُمَّ قَالَ (فَرْعٌ)
لَوْ اُسْتُؤْذِنَتْ بِكْرٌ فِي التَّزْوِيجِ بِدُونِ الْمَهْرِ أَيْ بِدُونِهِ أَصْلًا أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِغَيْرِ النَّقْدِ فَسَكَتَتْ لَمْ يَكْفِ أَوْ اُسْتُؤْذِنَتْ فِي التَّزْوِيجِ بِرَجُلٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَفَى. اهـ. وَفِي سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَنَّهَا لَوْ أَذِنَتْ فِي نِكَاحِ مُعَيَّنٍ فَزَوَّجَهَا مِنْهُ وَهُوَ غَيْرُ كُفْءٍ صَحَّ فَإِنْ أَطْلَقَتْ الْإِذْنَ فَبَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ كُفْءٍ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ عَلَى الْأَظْهَرِ سَوَاءٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلِمَ الْوَلِيُّ عَدَمَ الْكَفَاءَةِ أَوْ جَهِلَ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْأُولَى) وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا نُطْقًا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْكُفْءِ وَبِالنِّسْبَةِ لِكَوْنِهِ عَدُوًّا أَوْ غَيْرَ مُوسِرٍ بِحَالِ الصَّدَاقِ. اهـ. أَيْ فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ بِدُونِ صَرِيحِ الْإِذْنِ؛ لِأَنَّهَا شُرُوطُ الصِّحَّةِ (قَوْلُهُ: دُونَ الْأَخِيرَتَيْنِ) أَيْ فَيَنْعَقِدُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَفِي حَاشِيَةِ الشَّرْقَاوِيِّ عَلَى التَّحْرِيرِ عَنْ الشَّيْخِ عَطِيَّةَ وَالشَّيْخِ السَّجِينِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِذْنِ الصَّرِيحِ فِي انْتِفَاءِ شُرُوطِ الْإِجْبَارِ السَّبْعَةِ وَلَا يَكْفِي فِي ذَلِكَ سُكُوتُهَا سَوَاءٌ كَانَ الْمُزَوِّجُ الْمُجْبِرُ أَوْ غَيْرُهُ فَإِنْ لَمْ تَأْذَنْ صَرِيحًا بَطَلَ عَقْدُ النِّكَاحِ عِنْدَ انْتِفَاءِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ وَعَقْدُ الصَّدَاقِ عِنْدَ انْتِفَاءِ جَوَازِ الْإِقْدَامِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ إلَخْ) أَيْ إذَا عَيَّنَتْ زَوْجًا أَوْ خَطَبَهَا أَكْفَاءٌ وَرَضِيَتْ بِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ تَزْوِيجُهَا. اهـ. س ل (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَكْفَاءِ) أَيْ جِنْسِهِمْ بِأَنْ عَيَّنَتْ كُفْئًا أَوْ قَالَتْ لَهُ زَوِّجْنِي مِنْ الْأَكْفَاءِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ إلَخْ) أَيْ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهَا إذَا قَالَتْ زَوِّجْنِي مِنْ الْأَكْفَاءِ لَزِمَ إجَابَتُهَا وَإِنْ لَمْ تَقُلْ مِنْ زَيْدٍ وَهُوَ كُفْءٌ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تُعَيِّنْهُ) أَيْ وَطَلَبَتْ التَّزْوِيجَ مِنْ الْأَكْفَاءِ فَإِنْ أَمْكَنَ حَمْلُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ عَلَى مَا إذَا
الْأَهْلِيَّةَ بَاقِيَةٌ وَشِدَّةُ الْأَلَمِ الْمَانِعَةُ مِنْ النَّظَرِ كَالْغَيْبَةِ وَأَجَابَ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ لِلْإِغْمَاءِ أَمَدًا يَعْرِفُهُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ فَجُعِلَ مَرَدًّا بِخِلَافِ سُكُونِ الْأَلَمِ وَإِنْ احْتَمَلَ زَوَالُهُ وَعَنْ الثَّانِي بِمَنْعِ بَقَاءِ الْأَهْلِيَّةِ وَلَيْسَ كَالْغَيْبَةِ؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ يَقْدِرُ عَلَى التَّزْوِيجِ مَعَهَا وَلَا كَذَلِكَ مَعَ دَوَامِ الْآلَامِ الْمَذْكُورَةِ (وَسَفَهٌ) يَنْقُلُهَا؛ لِأَنَّ السَّفِيهَ لِنَقْصِهِ لَا يَلِي أَمْرَ نَفْسِهِ فَلَا يَلِي أَمْرَ غَيْرِهِ وَقَيَّدَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ بِالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فَمَا يَنْبَغِي أَنْ تَزُولَ وِلَايَتُهُ وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ وَرَجَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَمُجَلِّي وَغَيْرِهِ مِنْهُمَا زَوَالَهَا وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ فَكَلَامُ النَّظْمِ كَأَصْلِهِ عَلَى عُمُومِهِ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ يَلِي لِكَمَالِ نَظَرِهِ، وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ لَا لِنَقْصٍ فِيهِ (وَفِسْقُ) فِي الْعَلَانِيَةِ أَوْ السِّرِّ يَنْقُلُهَا؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ يَقْدَحُ فِي الشَّهَادَةِ فَيَمْنَعُ الْوِلَايَةَ كَالرِّقِّ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ إنْ كَانَ الْفَاسِقُ بِحَيْثُ لَوْ سَلَبْنَاهُ الْوِلَايَةَ لَانْتَقَلَتْ إلَى حَاكِمٍ يَرْتَكِبُ مَا نُفَسِّقُهُ بِهِ وَلِيَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ النَّوَوِيُّ: وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ وَيَنْبَغِي الْعَمَلُ بِهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ وَيُسْتَثْنَى الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فَلَا يَقْدَحُ فِسْقُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْقَضَاءِ فَيُزَوِّجُ بَنَاتِهِ وَبَنَاتِ غَيْرِهِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ تَفْخِيمًا لِشَأْنِهِ فَعَلَيْهِ إنَّمَا يُزَوِّجُ بَنَاتِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلِيٌّ غَيْرُهُ كَبَنَاتِ غَيْرِهِ وَحَيْثُ نَقْلنَا الْوِلَايَةَ عَنْ الْفَاسِقِ قَالَ الْبَغَوِيّ: إذَا تَابَ زَوَّجَ فِي الْحَالِ وَذَكَرَ الْمُتَوَلِّي نَحْوَهُ فِي الْعَضْلِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَالْقِيَاسُ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الشَّهَادَاتِ اعْتِبَارُ الِاسْتِبْرَاءِ لِعَوْدِ الْوِلَايَةِ حَيْثُ يُعْتَبَرُ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الشَّرْطَ فِي وَلِيِّ النِّكَاحِ عَدَمُ الْفِسْقِ لَا قَبُولُ الشَّهَادَةِ الْمُعْتَبَرُ فِيهَا الْعَدَالَةُ الَّتِي هِيَ مَلَكَةٌ تُحْمَلُ عَلَى مُلَازَمَةِ التَّقْوَى، وَالِاسْتِبْرَاءُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ وَأُجِيبَ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَاسِقِ بِالْعَضْلِ بِأَنَّهُ بِالتَّزْوِيجِ زَالَ مَا لِأَجْلِهِ عَصَى وَفَسَقَ قَطْعًا بِخِلَافِ تَوْبَتِهِ عَنْ فِسْقٍ آخَرَ لِجَوَازِ بَقَائِهِ عَلَيْهِ بَاطِنًا فَافْتَقَرَ إلَى الِاسْتِبْرَاءِ وَبَانَ فِسْقُهُ بِالْعَضْلِ فِسْقٌ مَخْصُوصٌ فَتَوْبَتُهُ مَخْصُوصَةٌ كَمَا
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَفِسْقٌ) خَرَجَ غَيْرُ الْفَاسِقِ فَيُزَوَّجُ وَلَوْ كَانَ ذَا حِرْفَةٍ دَنِيئَةٍ مَانِعَةً مِنْ الْعَدَالَةِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ بِرّ (قَوْلُهُ: لَانْتَقَلَتْ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ وَلِيٌّ مِنْ النَّسَبِ إذْ الْوَلِيُّ غَيْرُ ذَلِكَ الْفَاسِقِ بِرّ (قَوْلُهُ: فِسْقٌ مَخْصُوصٌ) قَدْ يُشْكِلُ بِجَرَيَانِ ذَلِكَ فِي كُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْفِسْقِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِمَخْصُوصِيَّةٍ لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِ الْعَضْلِ
ــ
[حاشية الشربيني]
لَمْ تَذْكُرْ كُفْئًا وَلَا أَكْفَاءً لَمْ تَكُنْ مُخَالَفَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَذْرَعِيِّ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ الْعِبَارَةِ تَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: يَقْدِرُ عَلَى التَّزْوِيجِ مَعَهَا) أَيْ لِمَنْ مَعَهُ لَا لِمَنْ هُوَ غَائِبٌ عَنْهَا بِكِتَابَةٍ إذْ لَا يَصِحُّ التَّزْوِيجُ بِالْكِتَابَةِ كَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّهَا كِنَايَةٌ. اهـ. ع ش مَعَ زِيَادَةٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ إلَخْ) بِأَنْ بَلَغَ رَشِيدًا ثُمَّ بَذَّرَ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِبُلُوغِهِ رَشِيدًا أَنْ يَمْضِيَ لَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ زَمَنٌ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ مَا يُنَافِي الرُّشْدَ تَقْضِي الْعَادَةُ بِرُشْدِ مَنْ مَرَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَعَاطِي مَا يَحْصُلُ بِهِ لَا بِمُجَرَّدِ كَوْنِهِ لَمْ يَتَعَاطَ مُنَافِيًا وَقْتَ الْبُلُوغِ بِخُصُوصِهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: قَالَ الرَّافِعِيُّ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ نَقْصٌ يَقْدَحُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ خَارِمَ الْمُرُوءَةِ يَقْدَحُ فِي الشَّهَادَةِ وَلَا يَمْنَعُ الْوِلَايَةَ (قَوْلُهُ: وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: إلَخْ) ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يُزَوِّجُ
لِلضَّرُورَةِ
وَقَضَاؤُهُ نَافِذٌ. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فَيُزَوِّجُ بَنَاتِهِ وَبَنَاتِ غَيْرِهِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ) قَدْ يُقَالُ إنَّ فِسْقَهُ نَقَلَ الْوِلَايَةَ لِلْأَبْعَدِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ مَنَعَهُ مِنْ أَنْ يُزَوِّجَ بِالْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ فَنَقَلَ الْوِلَايَةَ إلَيْهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ أَثَرَ الْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ بَاقٍ وَهُوَ الْإِجْبَارُ (قَوْلُهُ: فَيُزَوِّجُ بَنَاتِهِ إلَخْ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلِيٌّ خَاصٌّ كَأَخٍ وَنَحْوِهِ كَمَا قَالَهُ وَإِلَّا فَالْوِلَايَةُ لَهُ وَهَلْ يُجْبَرُ الْإِمَامُ إذَا زَوَّجَ بَنَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَبٌ جَازَ لَهُ التَّزْوِيجُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِئْذَانِ؟ مَالَ م ر لِلْأَوَّلِ سم عَلَى حَجَرٍ لَكِنْ مُقْتَضَى أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ إلَّا عِنْدَ فَقْدِ وَلِيِّ خَاصِّ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ فِي تَزْوِيجِهِ فَقْدَ الْقَرِيبِ الْعَدْلِ فَتَمَحَّضَ تَزْوِيجُهُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَهِيَ لَا تَقْتَضِي الْإِجْبَارَ بَلْ عَدَمُهُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَاَلَّذِي يَظْهَرُ كَمَا فِي ح ل أَنَّهُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ الْغَيْرِ الْمَحْضَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ فَقْدُ الْخَاصِّ وَلَا كَوْنُهُ مُجْبَرًا. اهـ. تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ) أَيْ الْغَيْرِ الْمَحْضَةِ بِدَلِيلِ إجْبَارِهِ كَمَا مَالَ إلَيْهِ م ر وَخَالَفَ ز ي فَقَالَ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِنَّ لَهُ نُطْقًا وَنَظَرَ فِيهِ ق ل (قَوْلُهُ: زُوِّجَ فِي الْحَالِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَ م ر وَأَتْبَاعِهِ. اهـ. ق ل.
(قَوْلُهُ: أَيْضًا زُوِّجَ فِي الْحَالِ) وَإِنْ لَمْ يَشْرَعْ فِي رَدِّ الْمَظَالِمِ وَلَا فِي قَضَاءِ الصَّلَوَاتِ مَثَلًا حَيْثُ وُجِدَتْ شُرُوطُ التَّوْبَةِ بِأَنْ عَزَمَ عَزْمًا مُصَمَّمًا عَلَى رَدِّ الْمَظَالِمِ. اهـ. ع ش وَعِبَارَةُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ هُنَا بِعَزْمِهِ عَلَى وَفَاءِ الْحُقُوقِ الَّتِي عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَيْهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَأُجِيب بِالنِّسْبَةِ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَضْلِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ:
فِي الْقَاذِفِ تَوْبَتُهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الْقَذْفِ وَيَقُولَ قَذْفِي بَاطِلٌ وَإِنِّي كَاذِبٌ فِي ذَلِكَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَإِذَا نَقَلْنَا الْوِلَايَةَ بِالْفِسْقِ وَلَمْ يَكُنْ بَعْدَ الْفَاسِق إلَّا الْمُعْتَقُ زَوَّجَ السُّلْطَانُ دُونَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمَحَامِلِيِّ وَغَيْرِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَقَدْ يُغْفَلُ عَنْهُ. اهـ. وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «السُّلْطَانُ وَلِيُّ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ» .
(وَخُلْفُ دِينٍ) يَنْقُلُهَا فَلَا يُزَوِّجُ كَافِرٌ مُسْلِمَةً وَلَا مُسْلِمٌ كَافِرَةً وَاسْتَثْنَى مِنْ الثَّانِيَةِ السَّيِّدَ الْمُسْلِمَ فِي أَمَتِهِ الْكَافِرَةِ كَمَا مَرَّ وَالسُّلْطَانُ فِي نِسَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْآتِي لَيْسَ لَهُنَّ وَلِيٌّ خَاصٌّ وَالْوَلِيُّ فِي أَمَةِ مُوَلِّيَتِهِ الْمُسْلِمَةِ وَفِي أَمَةِ مُوَلِّيهِ الْمُسْلِمِ إذَا كَانَ أَبَاهُ أَوْ جَدَّهُ وَأُجِيبَ عَنْ الْأُولَى بِأَنَّهُ إنَّمَا يُزَوِّجُ فِيهَا بِالْمِلْكِ لَا بِالْوِلَايَةِ الَّتِي الْكَلَامُ فِيهَا وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّ الْيَهُودِيَّ يَلِي النَّصْرَانِيَّةَ وَبِالْعَكْسِ كَالْإِرْثِ وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَبِهِ قَطَعَ أَصْحَابُنَا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِحَرْبِيٍّ عَلَى ذِمِّيَّةٍ وَبِالْعَكْسِ وَأَنَّ ذَا الْعَهْدِ كَالذِّمِّيِّ كَمَا صَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ (وَالصِّبَا) يَنْقُلُهَا السَّلْبُ عِبَارَةُ الصَّبِيِّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَكَثِيرٍ أَنَّ الصِّبَا يَنْقُلُهَا فِي الْوَلَاءِ أَيْضًا حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ أَمَةً وَمَاتَ عَنْ ابْنٍ صَغِيرٍ وَأَخٍ كَبِيرٍ كَانَتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَخِ وَهُوَ مَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ تَفَقُّهًا حَيْثُ قَالَ لَا أَعْلَمُ فِي هَذِهِ نَصًّا وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْوِلَايَةَ لِلْأَخِ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ الْوَلَاءِ فَرْعُ وِلَايَةِ النَّسَبِ. اهـ. لَكِنْ نَقَلَ الْقَاضِي عَنْ النَّصِّ فِيمَا لَوْ مَاتَ الْمُعْتِقُ عَنْ ابْنِ صَغِيرٍ وَأَبٍ أَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْأَبِ فَلَا يُزَوِّجُ أَيْ وَإِنَّمَا يُزَوِّجُ الْحَاكِمُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيِّ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ فَقَدْ نَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ قَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاخْتَلَفَ فِيهَا الْمُفْتُونَ وَالظَّاهِرُ وَالِاحْتِيَاطُ أَنَّ الْحَاكِمَ يُزَوِّجُ لَكِنْ فِيهَا نُصُوصٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي يُزَوِّجُ هُوَ الْأَبْعَدُ وَهُوَ الصَّوَابُ. اهـ. وَفِي مُقَابَلَتِهِ الظَّاهِرُ وَالِاحْتِيَاطُ بِالصَّوَابِ نَظَرٌ (وَالرِّقُّ) وَلَوْ لِبَعْضِ الشَّخْصِ يَنْقُلُهَا لِنَقْصِهِ بِهِ فَلَا يَتَفَرَّغُ لِلْبَحْثِ وَالنَّظَرِ فَلَوْ مَلَكَ الْمُبَعَّضُ أَمَةً لَمْ يَجُزْ لَهُ تَزْوِيجُهَا بَلْ لَا تُزَوَّجُ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ بِلَا إذْنٍ لَا يَجُوزُ.
وَبَابُ التَّزْوِيجِ مُنْسَدٌّ عَلَيْهِ لِرِقِّهِ وَلَوْ جَازَ التَّزْوِيجُ بِإِذْنِهِ لِكَوْنِهَا لِبَعْضِهِ لَجَازَ أَنْ يُزَوِّجَهَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَاعْتَرَضَهُ الْعَلَّامَةُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ يُزَوِّجُ أَمَتَهُ بِالْوِلَايَةِ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ أَنَّهُ يُزَوِّجُ بِالْمِلْكِ زَوَّجَهَا بِهِ كَالْمُكَاتَبِ (كَذَلِكَ) يَنْقُلُهَا (الْجُنُونُ) الْمُطْبِقُ لِعَدَمِ التَّمْيِيزِ أَوْ الْمُتَقَطِّعُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ تَغْلِيبًا لِزَمَنِ الْجُنُونِ فَيُزَوِّجُ الْأَبْعَدُ فِي زَمَنِ جُنُونِهِ دُونَ إفَاقَتِهِ وَهُوَ قِيَاسُ نَظِيرِهِ فِي الْحَضَانَةِ وَالْأَشْبَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ لَا يَنْقُلُهَا كَالْإِغْمَاءِ فَتُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ.
قَالَ الْإِمَامُ: وَإِذَا قَصُرَ زَمَنُ الْإِفَاقَةِ جِدًّا لَمْ يَكُنْ الْحَالُ حَالَ تَقَطُّعٍ؛ لِأَنَّ السُّكُونَ الْيَسِيرَ لَا بُدَّ مِنْهُ مَعَ إطْبَاق الْجُنُونِ وَإِذَا قَصُرَ زَمَنُ الْجُنُونِ كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَنْقُلُ الْوِلَايَة بَلْ يُنْتَظَرُ كَنَظِيرِهِ فِي الْحَضَانَةِ فَلَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: الْمُسْلِمَةُ) ضَبَّبَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مُوَلِّيَتِهِ وَكَذَا بَيْنَ مُوَلِّيهِ وَالْمُسْلِمِ وَكَتَبَ عِبَارَةَ شَرْحِ الرَّوْضِ أَوْ وَلِيُّهُ أَيْ السَّيِّدُ ذَكَرًا مُطْلَقًا أَوْ أُنْثَى مُسْلِمَةً فَلِوَلِيِّهِ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ الْكَافِرَةَ. اهـ. وَوَجْهُ قَوْلِهِ ذَكَرًا مُطْلَقًا إلَخْ أَنَّ الذَّكَرَ لَمَّا كَانَ لَهُ تَزْوِيجُ أَمَتِهِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا قَامَ وَلِيُّهُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الْأُنْثَى فَإِنَّهَا لَا تُزَوِّجُ فَيَتَقَيَّدُ تَزْوِيجُ الْوَلِيِّ بِمَا إذَا كَانَتْ لَهُ وِلَايَةُ تَزْوِيجِهَا وَذَلِكَ إذَا كَانَتْ مُسْلِمَةً فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ الْحَالُ حَالَ تَقَطُّعٍ) إنْ أُرِيدَ أَنَّ الْأَبْعَدَ يُزَوِّجُ حَالَ الْإِفَاقَةِ أَيْضًا فَهُوَ مُشْكِلٌ أَوَأَنَّهُ لَا يُزَوَّجُ إلَّا حَالَ الْجُنُونِ دُونَ حَالِ الْإِفَاقَةِ لَزِمَ أَنَّ الْحَالَ حَالُ تَقَطُّعٍ لِاسْتِوَاءِ الْحُكْمِ فِيهِمَا فَلْيُتَأَمَّلْ.
ــ
[حاشية الشربيني]
قَذْفِي بَاطِلٌ) ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْهُ شَرْعًا وَإِنْ كَانَ صَادِقًا إلَّا أَنَّهُ اُضْطُرَّ (قَوْلُهُ: وَإِنِّي كَاذِبٌ) فِيهِ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ صَادِقًا فَكَيْفَ يَقُولُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ كَاذِبًا وَإِلَّا ذَكَرَ عِبَارَةً أُخْرَى كَمَا فِي التُّحْفَةِ فِي بَابِ اللَّعَّانِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: الْمُسْلِمَةُ) قَيَّدَ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: الْمُسْلِمُ) لَيْسَ بِقَيْدٍ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ أَبَاهُ أَوْ جَدَّهُ) الْأُولَى إذَا كَانَ أَبًا أَوْ جَدًّا لِيَتَنَاوَلَ أَبًا وَجَدًا لِمُتَوَلِّيَةِ الْمُسْلِمَةِ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُمَا وَلِيَّا الْمَالِ وَالنِّكَاحِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: إنَّ الْيَهُودِيَّ إلَخْ) وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَلَا يَلِي بِوِلَايَةٍ وَلَا مِلْكٍ وَلَا وَكَالَةٍ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: فَرْعُ وِلَايَةِ النَّسَبِ) أَيْ وَالْوِلَايَةُ تَنْتَقِلُ فِي وِلَايَةِ النَّسَبِ لِلْأَبْعَدِ لَا لِلْحَاكِمِ وَقَوْلُهُ: نَقَلَ الْقَاضِي إلَخْ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: نَظَرَ) ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى تِلْكَ النُّصُوصِ أَنَّ الْأَقْرَبَ حِينَئِذٍ كَالْعَدَمِ فَلَا ظُهُورَ وَلَا احْتِيَاطَ حِينَئِذٍ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ لِمُبَعَّضٍ) فَلَا يُزَوِّجُ الْمُبَعَّضُ ابْنَتَهُ وَلَا أُخْتَهُ بِخِلَافِ أَمَتِهِ (قَوْلُهُ: بِالْأَصَحِّ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ: كَالْمُكَاتَبِ أَيْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: أَوْ الْمُتَقَطِّعُ) إلَّا إذَا قَلَّ جِدًّا كَيَوْمٍ فِي سَنَةٍ فَتُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ. اهـ. م ر وَقَوْلُهُ: فَتُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ أَيْ بِلَا خِلَافٍ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ قَصُرَ زَمَنُ الْإِفَاقَةِ جِدًّا لَا يُنْتَظَرُ بِلَا خِلَافٍ وَإِذَا قَصُرَ زَمَنُ الْجُنُونِ جِدًّا اُنْتُظِرَ بِلَا خِلَافٍ. اهـ. مِنْ حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ.
(قَوْلُهُ: تَغْلِيبًا) أَيْ فَلَا تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ انْسِلَابَ وِلَايَتِهِ حَتَّى حَالَ إفَاقَتِهِ. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: تَغْلِيبًا لِزَمَنِ جُنُونِهِ) أَيْ فَلَا تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ وَقِيلَ لَا تَغْلِيبَ فَتُنْتَظَرُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يَقِلَّ زَمَنُ الْجُنُونِ أَوْ الْإِفَاقَةِ جِدًّا وَإِلَّا اُنْتُظِرَ فِي الْأَوَّلِ وَلَا يُنْتَظَرُ فِي الثَّانِي بِلَا خِلَافٍ (قَوْلُهُ: فَتُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ) ظَاهِرُهُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي فِي الْإِغْمَاءِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ الْحَالُ
وَبَقِيَتْ آثَارُ خَبَلٍ يُحْمَلُ مِثْلُهَا مِمَّنْ لَا يَعْتَرِيهِ جُنُونٌ عَلَى حِدَّةِ خُلُقٍ فَفِي عَوْدِ وِلَايَتِهِ وَجْهَانِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: لَعَلَّ الْأَصَحَّ اسْتِدَامَةُ حُكْمِ الْجُنُونِ إلَى أَنْ يَصْفُوَ مِنْ الْخَبَلِ (لَا الْعَمَى) فَلَا يَنْقُلُهَا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مَعَهُ مِنْ الْبَحْثِ عَنْ الْأَكْفَاءِ وَمَعْرِفَتِهِمْ بِالسَّمَاعِ وَإِنَّمَا وَرَدَتْ شَهَادَةُ الْأَعْمَى لِتَعَذُّرِ التَّحَمُّلِ وَلِهَذَا لَوْ تَحَمَّلَ قَبْلَ الْعَمَى قُبِلَتْ (وَلَا إغْمَاؤُهُ) وَإِنْ دَامَ أَيَّامًا؛ لِأَنَّهُ قَرِيبُ الزَّوَالِ كَالنَّوْمِ فَتُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ كَالنَّائِمِ نَعَمْ إنْ دَعَتْ حَاجَتُهَا إلَى النِّكَاحِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ يُخَالِفُهُ، وَكَالْإِغْمَاءِ السُّكْرُ بِلَا تَعَدٍّ (إلَى الْبَعِيدِ) صِلَةُ (نَقَلَا) أَيْ كُلٌّ مِمَّا ذُكِرَ غَيْرَ الْعَمَى وَالْإِغْمَاءِ نَقَلَ الْوِلَايَةَ إلَى الْأَبْعَدِ
(وَإِنْ يَغِبْ) أَيْ الْوَلِيُّ الْأَقْرَبُ (مِقْدَارَ) مَسَافَةِ (قَصْرٍ) وَزَوَّجَ السُّلْطَانُ كَمَا سَيَأْتِي نِيَابَةً عَنْهُ لَا الْأَبْعَدُ لِبَقَاءِ الْأَقْرَبِ عَلَى وِلَايَتِهِ وَالتَّزْوِيجُ حَقٌّ عَلَيْهِ فَإِذَا تَعَذَّرَ مِنْهُ نَابَ عَنْهُ السُّلْطَانُ بِخِلَافِ مَا إذَا غَابَ دُونَ ذَلِكَ لَا يُزَوِّجُ إلَّا بِإِذْنِهِ إذْ الْمَسَافَةُ الْقَصِيرَةُ كَالْإِقَامَةِ نَعَمْ إنْ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ لِخَوْفِ الطَّرِيق قَالَ الرُّويَانِيُّ جَازَ إنْ تَزَوَّجَ بِدُونِ إذْنِهِ وَعَضَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ مِنْ أَنَّ تَعَذُّرَ الْوُصُولِ إلَى مَالِكِ الْوَدِيعَةِ بِمِثْلِ ذَلِكَ إذَا أَرَادَ الْمُودِعُ سَفَرًا بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا كَانَ مَالِكُهَا مُسَافِرًا وَإِذَا نَابَ عَنْهُ فَالْأَوْلَى أَنْ يَأْذَنَ لِلْأَبْعَدِ لِيُزَوِّجَ أَوْ يَسْتَأْذِنَهُ لِيُزَوِّجَ هُوَ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَكَانَ الْغَائِبِ زَوَّجَ أَيْضًا مَا لَمْ يُحْكَمْ بِمَوْتِهِ لِتَعَذُّرِ تَزْوِيجِهِ كَالْعَضْلِ وَإِذَا زَوَّجَ ثُمَّ عُلِمَ أَنَّ الْغَائِبَ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْبَلَدِ عِنْدَ الْعَقْدِ تَبَيَّنَّا عَدَمَ صِحَّتِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ.
ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إنَّمَا يُزَوِّجُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْغَائِبِ وَكِيلٌ؛ لِأَنَّ الْإِنَابَةَ الْمَنْصُوصَةَ أَوْلَى مِنْ الشَّرْعِيَّةِ وَلَوْ ادَّعَتْ غَيْبَةَ وَلِيِّهَا وَأَنَّهَا خَلِيَّةٌ عَنْ النِّكَاحِ وَالْعِدَّةِ صَدَّقَهَا الْحَاكِمُ وَزَوَّجَهَا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى شَهَادَةِ خَبِيرَيْنِ بِذَلِكَ فَإِنَّ الْعُقُودَ يَرْجِعُ فِيهَا إلَى قَوْلِ أَرْبَابِهَا وَعِبَارَةُ النَّاظِمِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِسَفَرِ قَصْرٍ لِتَنَاوُلِهَا مَسَافَةِ قَصْرٍ عَصَى فِيهَا الْغَائِبُ بِسَفَرِهِ (أَوْ جَنَى) لِلْوَلِيِّ أَيْ قَدَّرَ لَهُ وَلَوْ مُجْبَرًا (بِالْعَضْلِ) أَيْ بِالْمَنْعِ مِنْ تَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِهِ زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ كَمَا فِي الْغَائِبِ وَيَأْثَمُ بِالْعَضْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: 232] الْآيَةَ وَهَلْ تَزْوِيجُهُ حِينَئِذٍ بِالْوِلَايَةِ أَوْ النِّيَابَةِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْإِمَامُ فِيهِ وَفِي كُلِّ صُورَةٍ فِيهَا وَلِيٌّ خَاصٌّ وَصَحَّحَ فِي بَابِ الْقَضَاءِ فِيمَا إذَا زَوَّجَ لِلْغَيْبَةِ أَنَّهُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنِهِ) وَإِنْ كَانَ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ م ر (قَوْلُهُ: ثُمَّ عُلِمَ أَنَّ الْغَائِبَ كَانَ قَرِيبًا) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ فَبَانَ الْوَلِيُّ قَرِيبًا مِنْ الْبَلَدِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَوْ بِقَوْلِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامٍ نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُنِيَ بِالْعَضْلِ) فِي الْقَامُوسِ مُنِيَ بِكَذَا كَمَعْنَى اُبْتُلِيَ بِهِ بِرّ
ــ
[حاشية الشربيني]
حَالَ تَقَطُّعٍ) أَيْ فَلَا يُنْتَظَرُ قَوْلًا وَاحِدًا وَلَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ دَامَ أَيَّامًا) أَيْ ثَلَاثَةً فَقَطْ فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ. ق ل عَنْ م ر وَهَذَا بِخِلَافِ الْجُنُونِ فَإِنَّ الْإِفَاقَةَ مِنْهُ لَا تُنْتَظَرُ وَإِنْ لَمْ تَزِدْ مُدَّتُهُ عَلَى الثَّلَاثِ لَكِنْ زَادَتْ عَلَى يَوْمٍ. اهـ. ع ش وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ مَنْ شَأْنُهُ أَنَّهُ قَرِيبُ الزَّوَالِ كَالنَّوْمِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ دَعَتْ حَاجَتُهَا إلَى النِّكَاحِ إلَخْ) أَيْ وَقَدْ بَلَغَ زَمَنُ الْإِغْمَاءِ يَوْمًا فَأَكْثَرَ وَإِلَّا فَلَا تُزَوَّجُ وَإِنْ احْتَاجَتْ لِلزَّوَاجِ الْآنَ. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: زَوَّجَهَا السُّلْطَانُ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ انْتِقَالُهَا لِلْأَبْعَدِ وَالْأَوْلَى جَعْلُهُ كَالْغَيْبَةِ
(قَوْلُهُ: مَسَافَةِ قَصْرٍ) أَيْ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَمُوَلِّيَتِهِ وَقَوْلُهُ: زَوَّجَ السُّلْطَانُ بِالْمَعْنَى الشَّامِلِ لِلْقَاضِي (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ تَعَذَّرَ) أَيْ فُرِضَ تَعَذُّرُ ذَلِكَ عَلَى السُّلْطَانِ (قَوْلُهُ: جَازَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ م ر (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَلِمَ إلَخْ) أَيْ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِحَلِفِهِ م ر (قَوْلُهُ: وَصَدَّقَهَا الْحَاكِمُ) وَتَحْلِفُ نَدْبًا وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يُعْرَفْ لَهَا زَوْجٌ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ فِي صِحَّةِ عَقْدِ الْحَاكِمِ لَهَا مِنْ إثْبَاتِ طَلَاقِهِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْحَاكِمِ. اهـ. م ر وق ل وَقَوْلُهُمَا مَا لَمْ يُعْرَفْ لَهَا زَوْجٌ أَيْ مُعَيَّنٌ كَمَا يَأْتِي بَعْدُ وَهُوَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: صَدَّقَهَا الْحَاكِمُ وَزَوَّجَهَا) فِي حَاشِيَةِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ فَرْعٌ قَالَتْ لِلْقَاضِي وَلِيِّي غَابَ وَأَنَا خَلِيَّةٌ عَنْ النِّكَاحِ وَالْعِدَّةِ فَلَهُ تَزْوِيجُهَا وَالْأَحْوَطُ إثْبَاتُ ذَلِكَ أَوْ طَلَّقَنِي زَوْجِي أَوْ مَاتَ لَمْ يُزَوِّجْهَا حَتَّى يَثْبُتَ ذَلِكَ. اهـ. عُبَابٌ وَهَذَا إذَا عَيَّنَتْ الزَّوْجَ وَإِلَّا زَوَّجَهَا. اهـ. م ر (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْتَاجُ إلَخْ) أَيْ وُجُوبًا فَلَا يُنَافِي النَّدْبَ (قَوْلُهُ: وَهَلْ تَزْوِيجُهُ إلَخْ) مِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَتْ لِحَاكِمٍ آخَرَ فِي غَيْرِ بَلَدِهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا وَالْوَلِيُّ فِيهِ وَقَوْلُهُ: وَالْوَلِيُّ فِيهِ أَيْ فِي غَيْرِ بَلَدِهَا بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ بَلَدَ الْوَلِيِّ. اهـ. مِنْهُ إنْ قُلْنَا بِالْوِلَايَةِ لَمْ يَصِحَّ وَإِلَّا صَحَّ وَمِنْهَا لَوْ ثَبَتَ الْعَضْلُ بِالْبَيِّنَةِ فَزَوَّجَ الْقَاضِي ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَتُهُ بِرُجُوعِهِ قَبْلَ تَزْوِيجِهِ إنْ قُلْنَا بِالنِّيَابَةِ خَرَجَ عَلَى عَزْلِ الْوَكِيلِ وَإِنْ قُلْنَا بِالْوِلَايَةِ خَرَجَ عَلَى الْخِلَافِ فِي انْعِزَالِ الْقَاضِي قَبْلَ عِلْمِهِ بِعَزْلِهِ وَقَدْ مَشَى الشَّارِحُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ بِالنِّيَابَةِ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ قَرِيبًا. اهـ.
سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ إنَّ فُرُوعًا تَقْتَضِي أَنَّ
بِنِيَابَةٍ اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ وَإِنَّمَا يُزَوِّجُ بِالْعَضْلِ إذَا لَمْ يَتَكَرَّرْ فَإِنْ تَكَرَّرَ مَرَّاتٍ أَقَلُّهَا فِيمَا قَالَ بَعْضُهُمْ ثَلَاثٌ فَسَقَ الْوَلِيُّ فَتَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَهَلْ الْمُرَادُ بِالثَّلَاثِ الْأَنْكِحَةُ؟ أَوْ بِالنِّسْبَةِ إلَى عَرْضِ الْحَاكِمِ وَلَوْ فِي نِكَاحٍ وَاحِدٍ؟ فِيهِ نَظَرٌ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الْعَضْلُ إذَا دَعَتْ بَالِغَةٌ عَا قِلَةٌ إلَى كُفُؤٍ وَامْتَنَعَ الْوَلِيُّ مِنْ تَزْوِيجِهِ وَإِنْ كَانَ امْتِنَاعُهُ لِنَقْصِ الْمَهْرِ أَوْ لِكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ مَحْضُ حَقِّهَا بِخِلَافِ مَا إذَا دَعَتْ إلَى غَيْرِ كُفُؤٍ فَلَا يَكُونُ امْتِنَاعُهُ عَضْلًا؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْكَفَاءَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهَا لَوْ دَعَتْهُ إلَى عِنِّينٍ أَوْ مَجْبُوبٍ بِالْبَاءِ فَامْتَنَعَ كَانَ عَاضِلًا وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي التَّمَتُّعِ وَاعْتَبَرَ الْقَفَّالُ مَعَ الْكَفَاءَةِ أَنْ يَتَبَيَّنَ مَوْضِعَ الصَّلَاحِ لِلْمَرْأَةِ فِي مُنَاكَحَتِهِ وَاسْتَحْسَنَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَلَوْ دَعَتْ إلَى رَجُلٍ وَادَّعَتْ كَفَاءَتَهُ وَقَالَ الْوَلِيُّ لَيْسَ بِكُفُؤٍ رُفِعَ إلَى الْقَاضِي فَإِنْ ثَبَتَ كَفَاءَتُهُ لَزِمَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْهُ فَإِنْ امْتَنَعَ زَوَّجَهَا الْقَاضِي مِنْهُ وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْعَضِلِ عِنْدَ الْحَاكِمِ لِيُزَوِّجَ بِأَنْ يَمْتَنِعَ الْوَلِيُّ مِنْ التَّزْوِيجِ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ يَسْكُتُ بَعْدَ أَمْرِهِ بِهِ وَالْمَرْأَةُ وَالْخَاطِبُ حَاضِرَانِ أَوْ تُقَامُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ لِتَعَزُّزٍ أَوْ تَوَارٍ أَوْ غَيْبَةٍ كَمَا فِي سَائِرِ الْحَقُوا ق (لَا) إنْ عَضَلَ (الْمُجْبِرُ مِمَّنْ عَيَّنَا) لِلْمَرْأَةِ (مُكَافِئٍ) لَهَا وَأَرَادَ تَزْوِيجَهَا مِنْ كُفُؤٍ آخَرَ فَلَا يُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ بَلْ يُزَوِّجُهَا وَلِيُّهَا مِمَّنْ عَيَّنَهُ؛ لِأَنَّهَا مُجْبَرَةً فَلَيْسَ لَهَا اخْتِيَارُ الْأَزْوَاجِ وَهُوَ أَكْمَلُ نَظَرًا مِنْهَا.
بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُجْبِرِ فَإِنَّهُ لَوْ عَيَّنَ كُفُؤًا وَعَيَّنَتْ هِيَ آخَرَ زَوَّجَهَا مِنْ مُعَيَّنِهَا؛ لِأَنَّ إذْنَهَا شَرْطٌ فِي أَصْلِ تَزْوِيجِهَا فَاعْتُبِرَ مُعَيَّنُهَا فَإِنْ امْتَنَعَ فَهُوَ عَاضِلٌ وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ مُكَافِئٌ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَ الْحَاكِمِ إنَّمَا هُوَ إذَا ادَّعَتْ إلَى مُكَافِئٍ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ فِي الْمَخْرَجِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ
(أَوْ) كَانَ (الْوَلِيُّ) هُوَ (الزَّوْجُ) أَيْ يُرِيدُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا كَابْنِ عَمِّهَا بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (مَعْ فَقْدِ) الْوَلِيِّ (الْمُسَاوِي) لَهُ فِي الدَّرَجَةِ زَوَّجَهَا مِنْهُ السُّلْطَانُ وَلَا يُزَوِّجُهَا هُوَ مِنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فِسْقُ الْوَلِيِّ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ تَغْلِبْ طَاعَاتُهُ مَعَاصِيَهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ. اهـ. م ر
ــ
[حاشية الشربيني]
تَزْوِيجَ السُّلْطَانِ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَفُرُوعًا أُخَرَ تَقْتَضِي أَنَّهُ بِالنِّيَابَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ فِي نَحْوِ الْغَيْبَةِ يُزَوِّجُ بِنِيَابَةٍ اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ وَعِنْدَ عَدَمِ الْوَلِيِّ يُزَوِّجُ بِالْوِلَايَةِ وَفِي التُّحْفَةِ لَوْ قَدِمَ الْوَلِيُّ وَقَالَ كُنْت زَوَّجْتهَا لَمْ يُقْبَلْ بِدُونِ بَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ هُنَا وَلِيٌّ إذْ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُزَوِّجُ بِنِيَابَةٍ اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ وَالْوَلِيُّ الْحَاضِرُ لَوْ زَوَّجَ فَقَدِمَ آخَرُ غَابَ وَقَالَ كُنْت زَوَّجْت لَمْ يُقْبَلْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ وَكِيلٌ عَنْ الْغَائِبِ وَالْوَكِيلُ لَوْ بَاعَ فَقَدِمَ الْمُوَكِّلُ وَقَالَ كُنْت بِعْت مَثَلًا يُقْبَلُ بِيَمِينِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَهَلْ تَزْوِيجُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَالسُّلْطَانُ هَلْ يُزَوِّجُ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ أَوْ النِّيَابَةِ الشَّرْعِيَّةِ؟ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْإِمَامُ وَأَفْتَى الْبَغَوِيّ بِالْأَوَّلِ مِنْهُمَا قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِالنِّيَابَةِ لَمَّا زَوَّجَ مُوَلِّيَةَ الرَّجُلِ مِنْهُ وَكَلَامُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ يَقْتَضِيهِ فِيمَا إذَا زَوَّجَ الْغَائِبَةَ الْوَلِيُّ وَمِنْ فَوَائِدِ الْخِلَافِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْقَاضِي نِكَاحَ مَنْ غَابَ عَنْهَا وَلِيُّهَا إنْ قُلْنَا بِالْوِلَايَةِ زَوَّجَهُ أَحَدُ نُوَّابِهِ أَوْ قَاضٍ آخَرُ أَوْ بِالنِّيَابَةِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ وَأَنَّهُ إذَا زَوَّجَهَا بِإِذْنِهِ بِغَيْرِ كُفْءٍ إنْ قُلْنَا بِالْوِلَايَةِ صَحَّ أَوْ بِالنِّيَابَةِ فَلَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَعْضَ الْفُرُوعِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُزَوِّجُ بِالْوِلَايَةِ وَبَعْضُهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ بِالنِّيَابَةِ وَأَنَّ فُرُوعَ الْأَوَّلِ أَكْثَرُ وَقَدْ صَحَّحَ الْإِمَامُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ أَنَّهُ يُزَوِّجُ بِنِيَابَةٍ اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ. اهـ. وَبِكَوْنِهَا نِيَابَةً اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ انْدَفَعَ قَوْلُ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِالنِّيَابَةِ لَمَا زَوَّجَ إلَخْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي نِيَابَةٍ خَاصَّةٍ كَالْوَكَالَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ فَتَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ: اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ وَلِأَجَلِ كَوْنِهَا اقْتَضَتْهَا الْوِلَايَةُ امْتَنَعَ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَأْذَنَ لِحَاكِمِ غَيْرِ مَحَلِّهَا لِيُزَوِّجَهَا كَذَلِكَ أَفَادَهُ م ر.
وَلَوْ كَانَ بِمُجَرَّدِ النِّيَابَةِ لَمْ يَمْتَنِعْ ذَلِكَ وَجَازَ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَهِيَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَفَادَهُ السُّيُوطِيّ فِي رِسَالَتِهِ وَمِمَّا يَتَفَرَّعُ عَلَى الْخِلَافِ أَيْضًا مَا لَوْ زَوَّجَ الْحَاكِمُ وَالْغَائِبُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ إنْ قُلْنَا بِالنِّيَابَةِ قُدِّمَ الْوَلِيُّ وَإِلَّا بَطَلَا كَوَلِيَّيْنِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَكَرَّرَ مَرَّاتٌ) وَلَوْ بِالسُّكُوتِ ق ل (قَوْلُهُ: لِتَعَزُّرٍ) أَيْ امْتِنَاعٍ مِنْ الْخِطْبَةِ مِنْ الْكُفْءِ كَأَنْ بَعُدَ وَلَا يَفِي كُلَّمَا سُئِلَ وَقَوْلُهُ: تَوَارٍ أَيْ اخْتِبَاءٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ غَيْبَةٍ أَيْ عَنْ مَجْلِسِ الْقَاضِي حَتَّى لَا يَكُونَ امْتِنَاعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ عَلَى امْتِنَاعِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ كُفْءٍ آخَرَ) وَلَوْ دُونَ مَنْ عَيَّنَتْهُ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ قَالَ م ر وَلَوْ كَانَ مَنْ عَيَّنَتْهُ يَبْذُلُ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ. اهـ. وَلَوْ دَعَا الْوَلِيُّ إلَى أَكْفَأَ مِمَّنْ ذَكَرَتْهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْأَكْفَأُ حَاضِرًا أُجِيبَ الْوَلِيُّ أَوْ غَائِبًا فَعَاضِلٌ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي كَلَامِهِمْ مِمَّا يُوهِمُ التَّنَافِي. اهـ. ق ل مَعْنَى (قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ إذَا دَعَتْ إلَخْ)
وَيُزَوِّجُهَا مِنْ السُّلْطَانِ حَيْثُ لَا وَلِيَّ لَهَا خَاصٌّ مَنْ فَوْقَهُ مِنْ الْوُلَاةِ أَوْ خَلِيفَتِهِ أَوْ مُسَاوِيهِ
(أَوْ فِي الْإِحْرَامِ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا (وَقَعْ) أَيْ الْوَلِيُّ أَيْ تَلَبَّسَ بِهِ (زَوَّجَ سُلْطَانٌ) لَا الْأَبْعَدُ كَمَا فِي الْغَيْبَةِ إذْ الْإِحْرَامُ لَا يَسْلُبُ الْوِلَايَةَ لِبَقَاءِ الرُّشْدِ وَالنَّظَرِ وَإِنَّمَا يَمْنَعُ النِّكَاحَ كَمَا يَمْنَعُهُ إحْرَامُ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَا يَنْكِحُ الْمُحْرِمُ وَلَا يُنْكَحُ» .
وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَالشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي مُدَّةِ الْإِحْرَامِ بَيْنَ طَوِيلِهَا وَقَصِيرِهَا، وَاَلَّذِي قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا: أَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّهُ فِي طَوِيلِهَا دُونَ قَصِيرِهَا كَمَا فِي الْغَيْبَةِ وَيَنْعَقِدُ بِشَهَادَةِ الْمُحْرِمِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَاقِدٍ وَلَا مَعْقُودٍ عَلَيْهِ لَكِنْ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَحْضُرَ وَتَجُوزُ الرَّجْعَةُ فِي الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّهَا اسْتِدَامَةٌ كَالْإِمْسَاكِ فِي دَوَامِ النِّكَاحِ (وَلَيْسَ يَسْتَقِلْ) بِالتَّزْوِيجِ (وَكِيلُ مُحْرِمٍ) مِنْ وَلِيٍّ وَزَوْجٍ أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ؛ لِأَنَّهُ سَفِيرٌ مَحْضٌ فَكَأَنَّ الْعَاقِدَ الْمُوَكِّلَ؛ وَلِأَنَّ تَنْفِيذَ تَصَرُّفِهِ مَعَ عَجْزِ أَصْلِهِ بَعِيدٌ وَهَذَا بِخِلَافِ وَكِيلِ الْمُصَلِّي فَإِنَّهُ يُزَوِّجُ؛ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْمُصَلِّي صَحِيحَةٌ حَتَّى لَوْ زَوَّجَ فِي صَلَاتِهِ نَاسِيًا صَحَّ النِّكَاحُ وَالصَّلَاةُ بِخِلَافِ عِبَارَةِ الْمُحْرِمِ فَلَا يُزَوِّجُ وَكِيلُهُ (وَإِنْ لَمْ يَنْعَزِلْ) مِنْ الْوَكَالَةِ بِإِحْرَامِ مُوَكِّلِهِ كَمَا لَا يَنْعَزِلُ بِإِحْرَامِ نَفْسِهِ، أَوْ الْمَرْأَةُ فَيُزَوِّجُ بَعْدَ تَحَلُّلِ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي إحْرَامِهِ مُطْلَقًا أَوْ بِأَنْ يُزَوِّجَهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ دُونَ الْإِذْنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي الْإِحْرَامِ لِيَعْقِدَ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَلَوْ أَحْرَمَ السُّلْطَانُ أَوْ الْقَاضِي فَلِخُلَفَائِهِ أَنْ يُزَوِّجُوا كَمَا ذَكَرَهُ الْخَفَّافُ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُمْ بِالْوِلَايَةِ لَا بِالْوَكَالَةِ وَقِيلَ هَذَا فِي السُّلْطَانِ دُونَ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ خُلَفَاءَهُ لَا يَنْعَزِلُونَ بِمَوْتِهِ وَانْعِزَالِهِ بِخِلَافِ خُلَفَاءِ الْقَاضِي، وَمَالَ إلَيْهِ السُّبْكِيُّ (وَالزَّوْجَ) بِنَصْبِهِ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَبِرَفْعِهِ بِالِابْتِدَاءِ (فِي وَكَالَةٍ) مِنْ جِهَتِهِ (يُصَرِّحُ) بِبِنَائِهِ لِلْفَاعِلِ إنْ نَصَبْت الزَّوْجَ وَلِلْمَفْعُولِ إنْ رَفَعْته أَيْ وَيُصَرِّحُ بِالزَّوْجِ فِيمَا إذَا وُكِّلَ فِي تَزْوِيجِهِ كُلٌّ مِنْ وَكِيلِهِ وَالْوَلِيِّ أَوْ وَكِيلِهِ فَيَقُولُ الْوَلِيُّ لِوَكِيلِ الزَّوْجِ زَوَّجْت بِنْتِي فُلَانًا أَوْ يَقُولُ وَكِيلُهُ زَوَّجْت بِنْتَ فُلَانٍ فُلَانًا فَيَقُولُ وَكِيلُ الزَّوْجِ قَبِلْت نِكَاحَهَا لَهُ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْبَيْعِ لَا يُشْتَرَطُ التَّصْرِيحُ بِالْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ هُنَا بِمَثَابَةِ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ ثَمَّةَ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِمَا؛ وَلِأَنَّ الْبَيْعَ يَرُدُّ عَلَى الْمَالِ وَيَقْبَلُ النَّقْلَ مِنْ شَخْصٍ إلَى آخَرَ فَيَجُوزُ أَنْ يَقَعَ لِلْوَكِيلِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ لِلْمُوَكِّلِ وَالنِّكَاحُ يَرِدُ عَلَى الْبِضْعِ وَلَا يَقْبَلُ النَّقْلَ وَلِهَذَا لَوْ قَبِلَ النِّكَاحَ وَكَالَةً لِغَيْرِهِ فَأَنْكَرَهَا الْغَيْرُ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ.
وَلَوْ اشْتَرَى لَهُ وَكَالَةً فَأَنْكَرَهَا وَقَعَ الْعَقْدُ لِلْوَكِيلِ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّصْرِيحُ بِوَكَالَةِ الزَّوْجِ أَوْ الْوَلِيِّ وَمَحَلُّهُ إذَا عَلِمَهَا لِشُهُودٍ مَعَ الْوَلِيِّ فِي الْأُولَى وَمَعَ الزَّوْجِ فِي الثَّانِيَةِ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ إذْ عِلْمُهُمْ بِهَا وَلَوْ بِإِخْبَارِ الْوَكِيلِ شَرْطٌ
(وَلِاحْتِيَاجٍ) إلَى النِّكَاحِ لَا لِلْمَصْلَحَةِ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ وَلَا الْإِذْنُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ أَنْ يَقَعَ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لِأَجْلِ جَوَازِ ذَلِكَ أَيْ إمْكَانِهِ لَمْ يَشْتَرِطْ التَّصْرِيحَ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الصَّحِيحَ وُقُوعُهُ لِلْمُوَكِّلِ ابْتِدَاءً فَلْيُرَاجَعْ
ــ
[حاشية الشربيني]
ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ غَيْرَ الْكُفْءِ وَلَوْ رَضِيَتْ هِيَ وَالْوَلِيُّ الْمُسَافِرُ سَفَرَ قَصْرٍ فَرَاجِعْهُ
(قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ م ر (قَوْلُهُ: فَيُزَوِّجُ بَعْدَ تَحَلُّلِ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ وَكَّلَهُ إلَخْ) وَلَوْ أَذِنَ الْمُحْرِمُ لِعَبْدِهِ أَوْ مُوَلِّيهِ فِي النِّكَاحِ لَمْ يَصِحَّ سَوَاءٌ أَطْلَقَ أَوْ قَيَّدَ بِبَعْدِ التَّحَلُّلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا هُنَا أَنَّ ذَاكَ مُنْشَؤُهُ الْوِلَايَةُ وَالْمُحْرِمُ غَيْرُ أَهْلٍ لَهَا بِخِلَافِ التَّوْكِيلِ فَإِنَّهُ مُجَرَّدُ إذْنٍ وَيُحْتَاطُ لِلْوِلَايَةِ مَا لَا يُحْتَاطُ لِغَيْرِهَا. اهـ. م ر بِتَصَرُّفٍ (قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّحَلُّلِ) أَيْ الثَّانِي. اهـ. حَاشِيَةُ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: فِي الْإِحْرَامِ) لَيْسَ قَيْدًا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِمُقَابَلَةِ قَوْلِهِ: وَإِنْ وَكَّلَهُ فِي إحْرَامِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إلَخْ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: وَيُصَرِّحُ بِالزَّوْجِ إلَخْ) وَيَنْكِحُ وَكِيلُ الزَّوْجِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ وَوَكِيلُ الْوَلِيِّ بِهِ فَأَكْثَرَ فَإِنْ زَادَ الْأَوَّلُ أَوْ نَقَصَ الثَّانِي صَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَكَذَا لَوْ نَقَصَ عَنْ الْمُقَدَّرِ وَيُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْمَرْأَةِ لِلْوَكِيلِ أَوْ مَنْ شِئْت أَوْ إحْدَى هَؤُلَاءِ الثَّلَاثِ مَثَلًا لَا امْرَأَةً؛ لِأَنَّهُ مُطْلَقٌ وَلَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى فَرْدٍ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَقَوْلُهُ: لَوْ نَقَصَ عَنْ الْمُقَدَّرِ اُنْظُرْ لَوْ زَادَ هَلْ يَنْعَقِدُ بِالْمُقَدَّرِ وَيَلْغُو الْبَاقِي أَوْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَالظَّاهِرُ الثَّانِي فَرَاجِعْهُ ثُمَّ رَأَيْت فِي شَرْحِ م ر أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: فُلَانًا) وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ النَّسَبَ الزَّوْجُ وَجَبَ رَفْعُ نَسَبِهِ كَفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَهَكَذَا إلَى أَنْ يَتَمَيَّزَ بِرَفْعِ الِاشْتِرَاكِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي قَوْلِ وَكِيلِ الْوَلِيِّ زَوَّجْتُك بِنْتَ فُلَانٍ كَمَا فِي م ر (قَوْلُهُ: بِنْتَ فُلَانٍ) أَيْ أَوْ فُلَانَةَ وَيَذْكُرُ مُمَيِّزَهَا. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ.
(قَوْلُهُ: قَبِلْت نِكَاحَهَا لَهُ) فَإِنْ تَرَكَ لَهُ لَمْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك بَدَلَ فُلَانًا لِعَدَمِ التَّوَافُقِ فَإِنْ تَرَكَ لَهُ فِي هَذِهِ انْعَقَدَ لِلْوَكِيلِ وَإِنْ نَوَى مُوَكِّلَهُ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُمَا الْمَعْقُودُ عَلَيْهِمَا وَالْمَهْرُ نِحْلَةٌ مِنْ اللَّهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا اُشْتُرِطَ إذْ عَلَّمَهُمْ بِهَا إلَخْ) أَيْ اشْتَرَطَ لِجَوَازِ الْمُبَاشَرَةِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ الْعَقْدُ مَعَ الْجَهْلِ
فِيهِ (السَّفِيهُ) الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ. (يَنْكِحُ) بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مُكَلَّفٌ، صَحِيحُ الْعِبَارَةِ، وَإِنَّمَا حُجِرَ عَلَيْهِ لِحِفْظِ مَالِهِ (وَاحِدَةً) ؛ لِانْدِفَاعِ الْحَاجَةِ بِهَا كَمَا فِي الْمَجْنُونِ (بِشَرْطِ إذْنِ) لَهُ فِي ذَلِكَ (مَنْ وَلِي) لَهُ لِئَلَّا يُنْفِقَ مَالَهُ فِي مُؤْنَةٍ. (وَإِنْ أَبَى) الْوَلِيُّ أَيْ: امْتَنَعَ مِنْ الْإِذْنِ لَهُ نَكَحَ بِإِذْنِ (السُّلْطَانُ) كَالْمَرْأَةِ إذَا عَضَلَ وَلِيُّهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ لَمْ يَنْكِحْ وَقِيلَ يَنْكِحُ لِلضَّرُورَةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: هَذَا إذَا لَمْ يَنْتَهِ إلَى خَوْفِ الْعَنَتِ، وَإِلَّا فَالْأَصَحُّ صِحَّةُ نِكَاحِهِ. (وَالْعَكْسُ) بِأَنْ يَنْكِحَ لَهُ الْوَلِيُّ أَوْ السُّلْطَانُ بِإِذْنِهِ (جَلِيّ) أَيْ: ظَاهِرٌ وَلْيَنْكِحْ لَهُ لَائِقَةً بِحَالِهِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ، فَإِنْ زَادَ صَحَّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَحَاجَتُهُ إلَى النِّكَاحِ تُعْتَبَرُ بِظُهُورِهَا بِإِمَارَةِ غَلَبَةِ الشَّهْوَةِ أَوْ بِاحْتِيَاجِهِ إلَى مَنْ يَخْدُمُهُ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ فِي الْمَجْنُونِ، وَلَا يُكْتَفَى بِقَوْلِهِ، فَقَدْ يَقْصِدُ إتْلَافَ مَالِهِ ثُمَّ إنْ عَيَّنَ لَهُ وَلِيُّهُ امْرَأَةً تَلِيقُ بِهِ دُونَ مَهْرٍ نَكَحَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَأَقَلَّ، فَإِنْ زَادَ صَحَّ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ خَلَلَ الصَّدَاقِ لَا يُفْسِدُ النِّكَاحَ وَلَغَا الزَّائِدَ وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: الْقِيَاسُ بُطْلَانُ الْمُسَمَّى، وَثُبُوتُ مَهْرِ الْمِثْلِ أَيْ: فِي الذِّمَّةِ فَلَوْ نَكَحَ غَيْرَ الْمُعَيَّنَةِ لَمْ يَصِحَّ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ بَحْثًا بِمَا إذَا كَانَ غُرْمُهُ لَهَا أَكْثَرَ مِنْهُ لِلْمُعَيَّنَةِ، وَإِلَّا فَيَصِحُّ قَطْعًا كَمَا لَوْ عَيَّنَ لَهُ مَهْرًا فَتَزَوَّجَ بِدُونِهِ، وَالْفَرْقُ لَائِحٌ، وَإِنْ عَيَّنَ لَهُ مَهْرًا دُونَ امْرَأَةٍ نَكَحَ (بِمَا هُوَ الْأَقَلُّ مِمَّا عُيِّنَا وَ) مِنْ (مَهْرِ)
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ فَالْأَصَحُّ صِحَّةُ نِكَاحِهِ) أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِخِلَافِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمُسَمَّى) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مِنْ الْمُسَمَّى الْمُعَيَّنِ مِمَّا عَيَّنَهُ الْوَلِيُّ بِأَنْ قَالَ: اُمْهُرْ مِنْ هَذَا فَأَمْهَرَ مِنْهُ زَائِدًا عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَيَلْغُو الزَّائِدُ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ مِنْ سَفِيهٍ. اهـ. وَكَانَ وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالْمُعَيَّنِ أَنَّهُ الَّذِي يَتَأَتَّى فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَتَزَوَّجَ بِدُونِهِ)
ــ
[حاشية الشربيني]
بِالْوَكَالَةِ وَيَحْرُمُ؛ لِأَنَّ الْبَعِيرَ فِي الْعُقُودِ بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَمَا قَالَهُ س ل. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ وَهُوَ فِي التُّحْفَةِ
(قَوْلُهُ: الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر مَعَ الْمِنْهَاجِ وَمَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ حِسًّا بِسَفَهٍ بِأَنْ بَذَّرَ فِي مَالِهِ أَوْ حُكْمًا كَأَنْ بَلَغَ سَفِيهًا وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ، وَهُوَ السَّفِيهُ الْمُهْمَلُ لَا يَسْتَقِلُّ بِنِكَاحٍ، بَلْ يَنْكِحُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ إلَخْ، أَمَّا مَنْ طَرَأَ تَبْذِيرُهُ بَعْدَ رُشْدِهِ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ، فَنِكَاحُهُ صَحِيحٌ بِدُونِ إذْنٍ حَجَرٌ. (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ إذْنٍ) أَيْ: صَحِيحٍ فَلَوْ قَالَ: انْكِحْ مَنْ شِئْتَ بِمَا شِئْتَ بَطَلَ لِأَنَّهُ رَفَعَ الْحَجْرَ بِالْكُلِّيَّةِ وَيَصِحُّ نَظِيرُهُ فِي الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ لَهُ ذِمَّةً بِخِلَافِ السَّفِيهِ. اهـ. ق ل عَنْ الرَّمْلِيِّ. (قَوْلُهُ: مِنْ وَلِيٍّ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْأَبُ وَإِنْ عَلَا ثُمَّ السُّلْطَانُ لَا الْوَصِيُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ. ق ل وم ر وَقَوْلُهُ: الْأَبُ إلَخْ هَذَا إنْ بَلَغَ سَفِيهًا فَإِنْ بَلَغَ رَشِيدًا ثُمَّ بَذَّرَ وَحُجِرَ عَلَيْهِ. فَوَلِيُّهُ السُّلْطَانُ لَا غَيْرُهُ. اهـ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَقَوْلُهُ: لَا الْوَصِيُّ أَيْ: وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي التَّزْوِيجِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. اهـ. وَالِدُ م ر وَشَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَتُحْفَةٌ. (قَوْلُهُ: فَالْأَصَحُّ إلَخْ) أَقَرَّهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَعَنْ وَالِدِ م ر خِلَافُهُ وَأَقَرَّهُ م ر. (قَوْلُهُ: بِإِذْنِهِ) أَيْ: إذْنِ السَّفِيهِ لَكِنْ بَعْدَ إذْنِ الْوَلِيِّ لَهُ فِي النِّكَاحِ. اهـ. ح ل. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ عَلَى الْمَنْهَجِ، وَمِثْلُهُ فِي التُّحْفَةِ، وَقَضِيَّتُهُ تَوَقُّفُ قَبُولِ الْوَلِيِّ وَإِذْنِهِ لِلْوَلِيِّ عَلَى إذْنِ الْوَلِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ. فِيهِ وَلْيُرَاجَعْ. اهـ. سم عَلَى حَجَرٍ وَالْمَأْخُوذُ مِنْ شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ إنْ تَزَوَّجَ هُوَ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْوَلِيِّ وَإِنْ زَوَّجَهُ الْوَلِيُّ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ عِبَارَةِ التُّحْفَةِ عَلَى ذَلِكَ وَعِبَارَتُهَا مَعَ الْمَتْنِ، وَالسَّفِيهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِنِكَاحٍ، بَلْ يَنْكِحُ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ أَوْ يَقْبَلُ لَهُ الْوَلِيُّ النِّكَاحَ بِإِذْنٍ لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ فِيهِ بَعْدَ إذْنِ الْوَلِيِّ لَهُ اهـ فَيُمْكِنُ إرْجَاعُ قَوْلِهِ لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ فِيهِ إلَخْ لِقَوْلِهِ: بَلْ يَنْكِحُ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِاحْتِيَاجِهِ إلَى مَنْ تَخْدُمُهُ) وَلَا يُكْتَفَى بِقَوْلِهِ: بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ حَاجَتِهِ. (قَوْلُهُ: تَلِيقُ بِهِ) اُنْظُرْ لَوْ عَيَّنَ لَهُ غَيْرَ لَائِقَةٍ هَلْ لَهُ نِكَاحُ لَائِقَةٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِمَهْرِ مِثْلِهَا وَإِنْ زَادَ عَلَى مَهْرِ مِثْلِ مِنْ عَيَّنَهَا أَوْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ؟ فَإِنْ امْتَنَعَ كَانَ عَاضِلًا الظَّاهِرُ الثَّانِي فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: وَلَغَا الزَّائِدَ) ، وَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ سَفِيهَةً؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ الزَّائِدِ فَرَجَعَ لِلْمَرَدِّ الشَّرْعِيِّ، وَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِهِ الْمَرْأَةُ. اهـ. ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ. (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا كَانَ غُرْمُهُ لَهَا أَكْثَرَ إلَخْ) أَيْ: فَإِنْ نَقَصَ أَوْ سَاوَى صَحَّ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ سَاوَتْ فِي الثَّانِيَةِ الْمُعَيَّنَةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَاسْتَبْعَدَهُ ع ش؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ لِلْمُخَالَفَةِ وَجْهٌ وَاسْتَقْرَبَ الصِّحَّةَ فِيمَا إذَا سَاوَتْهَا فِي الْغُرْمِ وَزَادَتْ عَلَيْهِمَا فِي صِفَةٍ كَأَنْ كَانَتْ أَعْلَى نَسَبًا أَوْ جَمَالًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَيَّنَ لَهُ مَهْرًا دُونَ امْرَأَةٍ إلَخْ) أَخَذَ التَّقْيِيدَ بِقَوْلِهِ: دُونَ امْرَأَةٍ مِنْ قَوْلِهِ: وَمَهْرُ مَنْ لَاقَتْ لِإِفَادَتِهِ أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْهَا لَهُ وَعَكْسُ هَذِهِ قَدَّمَهَا الشَّارِحُ وَحَاصِلُ الْأَقْسَامِ أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ امْرَأَةً فَقَطْ، وَفِيهِ سِتُّ صُوَرٍ فَإِنْ نَكَحَ الْمُعَيَّنَةَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ صَحَّ بِالْمُسَمَّى، أَوْ بِأَكْثَرَ صَحَّ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَيَكُونُ مِنْ الْمُسَمَّى إنْ عَيَّنَ لَهُ شَيْئًا يَتَزَوَّجُ مِنْهُ وَإِلَّا فَبِمَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ، وَإِنْ نَكَحَ غَيْرَ الْمُعَيَّنَةِ بَطَلَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مَا لَمْ يَكُنْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ وَفَضَلَتْ غَيْرُ الْمُعَيَّنَةِ عَلَيْهَا بِنَسَبٍ أَوْ جَمَالٍ أَوْ دِينٍ أَوْ قِلَّةِ نَفَقَةٍ،
وَإِمَّا أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ قَدْرًا فَقَطْ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْقَدْرُ مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَفِي الْأُولَى إمَّا أَنْ يَنْكِحَهَا بِهِ -
مِثْلٍ (مَنْ لَاقَتْ) بِهِ فَلَوْ نَكَحَ امْرَأَةً بِأَكْثَرَ مِنْ الْأَقَلِّ، فَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَيَّنَهُ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ لَمْ يَأْذَنْ فِي الزَّائِدِ وَفِي الرَّدِّ إلَى مَا عَيَّنَهُ إضْرَارٌ بِهَا؛ لِأَنَّهُ دُونَ مَهْرِ مِثْلِهَا، وَإِلَّا فَيَصِحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ.
(وَمَا زَادَ) عَلَيْهِ (هُنَا يَلْغُو) ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ، وَلَا تَبَرُّعَ فِي مَالِ السَّفِيهِ، وَإِنْ عَيَّنَ لَهُ امْرَأَةً وَمَهْرًا نَكَحَهَا بِهِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا فَلَا يَصِحُّ النِّكَاحُ؛ لِبُطْلَانِ الْإِذْنَ، فَإِنْ نَكَحَهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا عَيَّنَهُ صَحَّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَلَغَا الزَّائِدُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَيَّنَهُ فَلَا يَصِحُّ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ، وَإِنْ أَطْلَقَ لَهُ الْإِذْنَ فَقَالَ: انْكِحْ مَنْ شِئْتَ نَكَحَ بِمَهْرِ مِثْلٍ مَنْ تَلِيقُ بِهِ فَأَقَلَّ، فَإِنْ نَكَحَهَا بِأَكْثَرَ لَغَا الزَّائِدُ، وَخَرَجَ بِاللَّائِقَةِ غَيْرُهَا فَلَوْ نَكَحَ شَرِيفَةً يَسْتَغْرِقُ مَهْرُ مِثْلِهَا مَالَهُ لَمْ يَصِحَّ كَمَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ وَقَطَعَ بِهِ الْغَزَالِيُّ لِانْتِفَاءِ
الْمَصْلَحَةِ
فِيهِ، وَالْإِذْنُ لِلسَّفِيهِ لَا يُفِيدُهُ جَوَازُ
ــ
[حاشية العبادي]
هَذَا لَا يَشْمَلُ الْمُسَاوِيَ الشَّامِلَ لَهُ، وَإِلَّا (قَوْلُهُ: بِأَكْثَرَ مِنْ الْأَقَلِّ فَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا إلَخْ) لِقَائِلِ أَنْ يَقُولَ: هَذَا الْأَقَلُّ الَّذِي نَكَحَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ إمَّا مُعَيَّنُ الْوَلِيِّ أَوْ مَهْرُ مِثْلِهَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ لَمْ يَتَأَتَّ قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَصِحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي لَمْ يَتَأَتَّ قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ. إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّهُ الْأَعَمُّ؛ لِأَنَّهُ عَلَى التَّوْزِيعِ سم (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرُ) هَذَا إذَا كَانَ الْأَقَلُّ الْمُعَيَّنُ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيَصِحُّ هَذَا إذَا كَانَ الْأَقَلُّ مَهْرَ مِثْلِهَا
ــ
[حاشية الشربيني]
أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَقَلَّ وَفِي الثَّانِيَةِ إمَّا أَنْ يَنْكِحَهَا بِهِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ وَدُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ مُسَاوِيهِ أَوْ أَكْثَرَ، وَفِي الثَّالِثَةِ إمَّا أَنْ يَنْكِحَ بِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَقَلَّ وَفَوْقَ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ مُسَاوِيهِ أَوْ دُونَهُ فَفِي الْأُولَى إنْ نَكَحَ بِهِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ صَحَّ بِالْمُسَمَّى أَوْ بِأَكْثَرَ صَحَّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَفِي الثَّانِيَةِ يَصِحُّ بِالْمُسَمَّى فِي الْأُولَيَيْنِ، وَيَبْطُلُ فِي الثَّلَاثِ الْأَخِيرَةِ، وَفِي الثَّالِثَةِ يَصِحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ وَبِالْمُسَمَّى فِي الرَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ وَيَبْطُلُ فِي الثَّانِيَةِ، وَإِمَّا أَنْ يُعَيِّنَهُمَا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْقَدْرُ مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَإِمَّا أَنْ يَنْكِحَ بِهِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فِي الْأُولَى وَيُقَالُ: فِي الثَّانِيَةِ إمَّا أَنْ يَنْكِحَ بِهِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَدُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ مُسَاوٍ لِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ وَيُقَالُ فِي الثَّالِثَةِ: إمَّا أَنْ يَنْكِحَ بِهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَقَلَّ وَفَوْقَ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ مُسَاوٍ لَهُ أَوْ دُونَهُ فَفِي الْأُولَى يَصِحُّ بِمَا سَمَّاهُ فِي أَوَّلِيَّتِهَا وَبِمَهْرِ الْمِثْلِ فِي ثَالِثَتِهَا وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْمُسَمَّى فِي أَوَّلِيَّتِهَا أَيْضًا، وَيَبْطُلُ فِي ثَالِثَتِهَا وَكَذَا يَبْطُلُ فِي خَمْسَةِ الثَّالِثَةِ فَإِنْ نَكَحَ غَيْرَ الْمُعَيَّنَةِ فَقَدْ عُلِمَ حُكْمُهَا، وَإِمَّا أَنْ يُطْلِقَ فَإِمَّا أَنْ يَنْكِحَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ فَيَصِحُّ بِالْمُسَمَّى أَوْ بِأَكْثَرَ فَيَصِحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ، فَهَذِهِ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ صُورَةً فَإِنْ زِيدَ ثَلَاثَةٌ قَبُولُ الْوَلِيِّ مِنْ كَوْنِهِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ فَيَصِحُّ بِالْمُسَمَّى أَوْ بِأَكْثَرَ فَتَلْغُو الْقِيمَةُ وَيَصِحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَانَتْ ثَمَانِيَةً وَثَلَاثِينَ وَكُلُّهَا تُعْلَمُ مِنْ الشَّرْحِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا إلَخْ) أَيْ: وَكَانَ نَكَحَهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: بِأَنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَقَلَّ مِمَّا عَيَّنَهُ أَوْ مُسَاوِيًا وَنَكَحَهَا بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُلْغِي الزَّائِدُ مَا لَمْ يَزِدْ الْمَهْرُ عَلَى الْمُعَيَّنِ، وَإِلَّا لَغَا الْعَقْدُ. .
اهـ. عَمِيرَةُ سم وَمِنْهُ يُؤْخَذُ الصِّحَّةُ فِيمَا إذَا كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ مُسَاوِيًا لِلْمُعَيَّنِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: بِمَا هُوَ الْأَقَلُّ أَيْ: إنْ كَانَ هُنَاكَ أَقَلُّ، وَلِذَا قَالَ حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَيَنْكِحُ بِالْأَقَلِّ مِنْ مَهْرٍ أَيْ: مَهْرِ الْمِثْلِ وَمِنْ مُعَيَّنٍ لَهُ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ فَفِي انْكِحْ بِأَلْفٍ يَنْكِحُ امْرَأَةً بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَلْفِ وَمَهْرِ مِثْلِهَا فَإِنْ نَكَحَ بِالْأَلْفِ، وَهُوَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَوْ أَقَلُّ مِنْهُ صَحَّ بِالْمُسَمَّى وَلَزِمَهُ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُ سَقَطَ الزَّائِدُ عَلَيْهِ أَوْ نَكَحَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ بَطَلَ إنْ كَانَ الْأَلْفُ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا وَالْأَصَحُّ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ، وَالْأَلْفُ مَهْرُ مِثْلِهَا أَوْ أَقَلُّ فَبِالْمُسَمَّى أَوْ أَكْثَرَ فَبِمَهْرِ الْمِثْلِ إنْ نَكَحَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ، وَإِلَّا فَبِالْمُسَمَّى. اهـ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: أَيْضًا نَكَحَ بِمَا هُوَ الْأَقَلُّ ظَاهِرُهُ صِحَّةُ النِّكَاحِ بِالْمُعَيَّنِ الْأَقَلِّ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ كَانَتْ سَفِيهَةً، وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ يَنْبَغِي الْبُطْلَانُ إذْ لَا يُمْكِنُ نَقْصُهَا عَنْهُ وَلَا الزِّيَادَةُ عَلَى مُعَيَّنِ الْوَلِيِّ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: لِبُطْلَانِ الْإِذْنِ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْأَذْرَعِيِّ: الْقِيَاسُ صِحَّتُهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ قَبِلَ لَهُ الْوَلِيُّ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهِ. اهـ وَرُدَّ بِأَنَّ قَبُولَ الْوَلِيِّ وَقَعَ مُشْتَمِلًا عَلَى أَمْرَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ لَا ارْتِبَاطَ لِأَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ فَأَعْطَيْنَا كُلًّا حُكْمَهُ، وَهُوَ صِحَّةُ النِّكَاحِ إذْ لَا مَانِعَ وَبُطْلَانُ الْمُسَمَّى لِوُجُودِ مَانِعِهِ، وَهُوَ الزِّيَادَةُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ، وَأَمَّا قَبُولُ السَّفِيهِ فَقَارَنَهُ مَانِعٌ مِنْ صِحَّتِهِ، وَهُوَ انْتِفَاءُ الْإِذْنِ الْمُجَوِّزِ مِنْ أَصْلِهِ. اهـ حَاشِيَةُ الْأَنْوَارِ، وَهُوَ فِي التُّحْفَةِ وَكَتَبَ سم عَلَى قَوْلِهِ: لِوُجُودِ مَانِعِهِ، وَهُوَ الزِّيَادَةُ قَدْ يُقَالُ: وَقَبُولُ الْوَلِيِّ لِمُوَلِّيهِ أَيْضًا قَارَنَهُ مَانِعٌ، وَهُوَ الزِّيَادَةُ الْغَيْرُ الْمَأْذُونِ فِيهِ شَرْعًا
(قَوْلُهُ: مِنْ تَعْلِيقٍ بِهِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ نَكَحَ مَنْ لَا تَلِيقُ بِهِ لَمْ يَصِحَّ نِكَاحُهَا، وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ مَهْرُ مِثْلِهَا مَالَهُ وَلَا قَرُبَ مِنْ الِاسْتِغْرَاقِ، وَهُوَ وَاضِحٌ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: يَسْتَغْرِقُ إلَخْ) مَحَلُّهُ حَيْثُ كَانَ مَالُهُ يَزِيدُ عَلَى مَهْرِ اللَّائِقَةِ عُرْفًا، أَمَّا لَوْ كَانَ مَالُهُ بِقَدْرِ مَهْرِ اللَّائِقَةِ أَوْ دُونَهُ فَلَا مَانِعَ مِنْ تَزْوِيجِهِ بِمَنْ يَسْتَغْرِقُ مَهْرُ مِثْلِهَا مَالَهُ، لِأَنَّ تَزْوِيجَهُ بِهِ ضَرُورِيٌّ إذَا الْغَالِبُ أَنَّ مَا دُونَهُ لَا يُوَافِقُ عَلَيْهِ. اهـ. ع ش، وَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ إخْرَاجِ
التَّوْكِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْفَعْ الْحَجْرَ إلَّا عَنْ مُبَاشَرَتِهِ، وَوَلِيُّهُ أَبُوهُ ثُمَّ جَدُّهُ ثُمَّ الْقَاضِي وَنَقَلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ: أَنَّ لِلْوَصِيِّ أَنْ يُزَوِّجَهُ فَيَتَقَدَّمَ عَلَى الْقَاضِي وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الْوَصَايَا، لَكِنْ حَذَفَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ الرَّوْضَةِ هُنَاكَ وَصَحَّحَ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهُ وَنَقَلَهُ عَنْ جَزْمِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ وَصَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْفُورَانِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِأَنَّهُ لَا يَلِي تَزْوِيجَ الْأَطْفَالِ قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ وَغَيْرُهُ: وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَقَالَتَيْنِ، وَلَيْسَ بِاخْتِلَافِ نَصٍّ بَلْ نَصُّهُ عَلَى أَنَّهُ يُزَوِّجُهُ مَحْمُولٌ عَلَى وَصِيٍّ فُوِّضَ إلَيْهِ التَّزْوِيجُ
(وَ) سَفِيهٌ (مِطْلَاقٌ) أَيْ: كَثِيرُ الطَّلَاقِ (يُسَرَّى) أَمَةً (وَاحِدَهْ) ؛ لِأَنَّهُ أَصْلَحُ لَهُ إذْ لَا يَنْفُذُ إعْتَاقُهُ، فَإِنْ تَبَرَّمَ مِنْهَا أُبْدِلَتْ، وَحَذَفَ الْبَاءَ الدَّاخِلَةَ عَلَى مَعْمُولِ يُسَرِّي فِي عِبَارَةِ الْحَاوِي؛ لِأَنَّ الصَّوَابَ حَذْفُهَا كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ وَإِكْثَارُ الطَّلَاقِ بِأَنْ يُزَوَّجَ عَلَى التَّدْرِيجِ ثَلَاثًا فَيُطَلِّقُهُنَّ عَلَى مَا قَالَهُ الْقَاضِي أَوْ ثِنْتَيْنِ فَيُطَلِّقُهُمَا عَلَى مَا قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَفَهِمَ الرُّويَانِيُّ أَنَّ تَعَدُّدَ الزَّوْجَةَ لَيْسَ مُرَادًا فَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: فِيهِ وَجْهَانِ
أَحَدُهُمَا: يُطَلِّقُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَالثَّانِي: مَرَّتَيْنِ، وَهُوَ حَسَنٌ، وَالْأَوْجَهُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ فَيُكْتَفَى بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ، وَلَوْ مِنْ زَوْجَةٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُسَرَّى ابْتِدَاءً، وَيَنْبَغِي كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ جَوَازُ الْأَمْرَيْنِ كَمَا فِي الْإِعْفَافِ، وَيَتَعَيَّنُ مَا فِيهِ
الْمَصْلَحَةُ
قَالَ: وَقَدْ يُقَالُ: إذَا طَلَبَ التَّزْوِيجَ بِخُصُوصِهِ تَعَيَّنَ
(، وَإِنْ بِدُونِ الْإِذْنِ يَنْكِحْ) أَيْ: السَّفِيهُ امْرَأَةً (رَاشِدَهْ) أَيْ: رَشِيدَةً (وَلَوْ مَعَ الْوَطْءِ) أَيْ: وَطْئِهِ لَهَا (فَلَا) حَدَّ، وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ بَاطِلًا لِلشُّبْهَةِ، وَلَا (مَهْرَ) ، وَإِنْ انْفَكَّ عَنْهُ الْحَجْرُ؛ لِأَنَّهَا سَلَّطَتْهُ عَلَى بُضْعِهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَأَتْلَفَهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ آخِرَ الْوَدِيعَةِ، وَلَا يَضُرُّ جَهْلُهَا بِحَالِهِ لِتَمْكِينِهَا نَفْسَهَا مَعَ تَقَدُّمِ إذْنِهَا، وَهَذَا فِي الظَّاهِرِ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَمَحَلُّ عَدَمِ وُجُوبِ الْمَهْرِ إذَا وَطِئَهَا مُخْتَارَةً، فَلَوْ وَطِئَهَا مُكْرَهَةً أَوْ نَائِمَةً، فَالْأَوْجَهُ وُجُوبُهُ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْمُكْرَهَةِ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ رَاشِدَةُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا بِسَفَهٍ أَوْ صِبًا أَوْ جُنُونٍ، فَلَهَا عَلَيْهِ مَهْرُ الْمِثْلِ إذْ لَا أَثَرَ لِتَمْكِينِهَا كَمَا لَوْ ابْتَاعَ شَيْئًا مِنْ مِثْلِهِ وَأَتْلَفَهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: فِي تَنْقِيحِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمُزَوَّجَةُ بِالْإِجْبَارِ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا تَقْصِيرَ مِنْ قِبَلِهَا، فَإِنَّهَا لَمْ تَأْذَنْ وَالتَّمْكِينُ وَاجِبٌ عَلَيْهَا (كَمَا) لَوْ (زَوَّجَ) شَخْصٌ (عَبْدًا أَمَةً لَهُ هُمَا) أَيْ: هُمَا لَهُ لَا مَهْرَ لَهَا؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ بِدَلِيلِ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مَالِهِ (كَالْحُكْمِ فِي) أَمَةِ (مَرِيضِ مَوْتٍ قَدْ سَمَحْ بِعِتْقِهَا وَتِلْكَ ثُلْثٌ وَنَكَحْ) أَيْ: وَهِيَ ثُلُثُ مَالِهِ وَنَكَحَهَا وَمَاتَ، فَإِنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا أَيْضًا إذْ لَوْ ثَبَتَ لَهَا الْمَهْرُ لَنَقَصَتْ التَّرِكَةُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَوَلِيُّهُ أَبُوهُ ثُمَّ جَدُّهُ ثُمَّ السُّلْطَانُ) عِبَارَةُ النَّاشِرِيِّ أَمَّا إذَا طَرَأَ أَيْ: السَّفَهُ وَأُعِيدَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ فَأَمْرُ تَزْوِيجِهِ مَنُوطٌ بِالسُّلْطَانِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْحَجْرِ، وَهَذَا الْحُكْمُ يَطَّرِدُ بِعَيْنِهِ فِي السَّفِيهَةِ حَتَّى يُزَوِّجَهَا الْحَاكِمُ مَعَ وُجُودِ أَبِيهَا وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا. اهـ. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا تَقَدَّمَ فِي هَامِشٍ وَيُجْبَرُ عَلَى رَدِّهِ وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِي الثَّيِّبِ فَلْيُحَرَّرْ أَمْرُهَا وَهَلْ يُزَوِّجُهَا الْأَبُ أَوْ السُّلْطَانُ؟ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْقَاضِي) اُنْظُرْ إنْ بَلَغَ رَشِيدًا ثُمَّ سَفِهَ وَحُجِرَ عَلَيْهِ، فَإِنْ وَلِيَهُ الْقَاضِي، فَلَوْ كَانَ الْأَبُ مَوْجُودًا هَلْ يُعْتَبَرُ إذْنُهُ أَوْ إذْنُ الْقَاضِي؟ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا، وَقَوْلُهُ: شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَالْمُرَادُ بِوَلِيِّهِ هُنَا الْأَبُ، وَإِنْ عَلَا ثُمَّ السُّلْطَانُ إنْ بَلَغَ سَفِيهًا، وَإِلَّا فَالسُّلْطَانُ فَقَطْ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إذْنُ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: فَوَّضَ إلَيْهِ) أَيْ: مِنْ الْقَاضِي بِرّ
(قَوْلُهُ: وَالتَّمْكِينُ وَاجِبٌ عَلَيْهَا) كَيْفَ الْوُجُوبُ مَعَ
ــ
[حاشية الشربيني]
غَيْرِ اللَّائِقَةِ دُونَهَا تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: أَبُوهُ ثُمَّ جَدُّهُ إلَخْ) هَذَا إنْ بَلَغَ سَفِيهًا فَإِنْ بَلَغَ رَشِيدًا ثُمَّ بَذَّرَ فَوَلِيُّهُ السُّلْطَانُ فَقَطْ. اهـ. شَرْحُ الْمَنْهَجِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى وَصِيٍّ فَوَّضَ إلَيْهِ إلَخْ) إنْ كَانَ الْمُرَادُ وَصِيُّ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ فَضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهُ، وَإِنْ فَوَّضَ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ نَائِبَ الْقَاضِي فِي حَيَاتِهِ، فَالْحُكْمُ مُسَلَّمٌ لَكِنْ لَا يَصِحُّ قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَتَقَدَّمُ عَلَى الْقَاضِي، وَأَمَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ لِانْعِزَالِهِ بِمَوْتِهِ
(قَوْلُهُ: كَثِيرُ الطَّلَاقِ) بِأَنْ طَلَّقَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَلَوْ مِنْ امْرَأَةٍ بِخِلَافِهَا دَفْعَةً فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ بِهَا مِطْلَاقًا. اهـ. ق ل وم ر، وَقَوْلُهُ: ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِثْلُهُ مَا إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا كَمَا فِي م ر وَحَجَرٌ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي طَلَاقُ مَا ذَكَرَ دَفْعَةً كَأَنْ قَالَ: أَنْتُنَّ طَوَالِقُ، وَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَرَاجِعْهُ ثُمَّ رَأَيْتُ قَوْلَ الشَّارِحِ: بِأَنْ يُزَوَّجَ عَلَى التَّدْرِيجِ إلَخْ الْمُفِيدُ أَنَّ طَلَاقَهُنَّ عَلَى التَّدْرِيجِ. (قَوْلُهُ: عَلَى التَّدْرِيجِ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُزَوَّجُ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ إلَخْ) جَمَعَ م ر وَحَجَرٌ بَيْنَ الْمَقَالَتَيْنِ وَلَمْ يَسْتَوْجِهَا شَيْئًا (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ) ؛ لِأَنَّ التَّحْصِينَ بِهِ أَقْوَى مِنْهُ بِالتَّسَرِّي؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ صِفَةُ كَمَالٍ، وَهِيَ الْإِحْصَانُ. اهـ. م ر وع ش
(قَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ إلَخْ) إطْلَاقُهُ يُفِيدُ نَفْيَ الْحَدِّ وَلَوْ مَعَ عِلْمِ الْفَسَادِ يُوَجَّهُ بِأَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ كَالْإِمَامِ مَالِكٍ يَقُولُ بِصِحَّةِ نِكَاحِ السَّفِيهِ، وَيُثْبِتُ لِوَلِيِّهِ الْخِيَارَ، وَهَذَا مُوجِبٌ لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ عَلَى أَنَّ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ مَا يَقْتَضِي جَرَيَانَ الْخِلَافِ عِنْدَنَا فِي صِحَّةِ نِكَاحِهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا إلَخْ) أَيْ: فَإِنَّ الْبَائِعَ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَمَّا فِي الْبَاطِنِ إلَخْ) ضَعِيفٌ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: إذْ لَا أَثَرَ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ مَحَلُّ تَصَرُّفِ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ مُقَوَّمٌ بِالْمَالِ وَلَا أَثَرَ لِإِذْنِهَا فِي التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَ السَّفِيهُ لِغَيْرِهِ فِي قَطْعِ يَدِهِ فَقَطَعَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ زَوَّجَ عَبْدًا إلَخْ) أَيْ: غَيْرَ مُكَاتَبٍ وَلَا مُبَعَّضٍ شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ