الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْخُرُوجَ عَنْ الصَّوْمِ يُبَاحُ بِفَرْطِ الْجُوعِ دُونَ الشَّبَقِ وَالْعَجْزُ عَنْ التَّتَابُعِ كَالْعَجْزِ عَنْ أَصْلِ الصَّوْمِ وَلَا تُعْطَى الْكَفَّارَةُ كَافِرًا وَلَا هَاشِمِيًّا وَلَا مُطَّلَبِيًّا وَلَا مَوَالِيَهُمَا وَلَا عَبْدًا وَلَا مَنْ يَلْزَمُ الْمُكَفِّرَ نَفَقَتُهُ كَمَا فِي الزَّكَاةِ وَلَا مُكَاتَبًا
(بَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ)
الْقَذْفُ لُغَةً الرَّمْيُ وَشَرْعًا الرَّمْيُ بِالزِّنَا وَاللِّعَانُ لُغَةً مَصْدَرُ لَاعَنَ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ جَمْعًا لِلَّعْنِ، وَهُوَ الطَّرْدُ وَالْإِبْعَادُ وَشَرْعًا كَلِمَاتٌ مَعْلُومَةٌ جُعِلَتْ حُجَّةً لِلْمُضْطَرِّ إلَى قَذْفِ مَنْ لَطَّخَ فِرَاشَهُ وَأَلْحَقَ الْعَارَ بِهِ أَوْ إلَى نَفْيِ وَلَدٍ كَمَا سَيَأْتِي. وَسُمِّيَتْ لِعَانًا لِاشْتِمَالِهَا عَلَى كَلِمَةِ اللَّعْنِ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُتَلَاعِنَيْنِ يَبْعُدُ عَنْ الْآخَرِ بِهَا إذْ يَحْرُمُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا أَبَدًا وَاخْتِيرَ لَفْظُ اللِّعَانِ عَلَى لَفْظَيْ الشَّهَادَةِ وَالْغَضَبِ، وَإِنْ اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِمَا الْكَلِمَاتُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ اللَّعْنَ كَلِمَةٌ غَرِيبَةٌ فِي قِيَامِ الْحُجَجِ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَالْأَيْمَانِ وَالشَّيْءُ يُشْتَهَرُ بِمَا يَقَعُ فِيهِ مِنْ الْغَرِيبِ وَعَلَيْهِ جَرَتْ أَسْمَاءُ السُّوَرِ وَلِأَنَّ الْغَضَبَ يَقَعُ فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ وَجَانِبُ الرَّجُلِ أَقْوَى وَلِأَنَّ لِعَانَهُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى لِعَانِهَا فِي الْآيَةِ وَالْوَاقِعِ وَقَدْ يَنْفَكُّ عَنْ لِعَانِهَا وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] الْآيَاتِ وَسَبَبُ نُزُولِهَا مَا فِي الْبُخَارِيِّ «أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ زَوْجَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ فَقَالَ لَهُ الْبَيِّنَةُ، أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِك فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إذَا رَأَى أَحَدُنَا عَلَى امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ فَجَعَلَ صلى الله عليه وسلم يُكَرِّرُ ذَلِكَ فَقَالَ هِلَالٌ وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ إنِّي لَصَادِقٌ وَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ مَا يُبْرِئُ ظَهْرِي مِنْ الْحَدِّ فَنَزَلَتْ الْآيَاتُ» .
وَفِي الْبُخَارِيِّ أَيْضًا «عُوَيْمِرُ الْعَجْلَانِيُّ قَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَرَأَيْت إنْ وَجَدَ أَحَدُنَا مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا مَاذَا يَصْنَعُ إنْ قَتَلَهُ قَتَلْتُمُوهُ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيك، وَفِي صَاحِبَتِك قُرْآنًا فَاذْهَبْ فَأْتِ بِهَا قَالَ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ فَتَلَاعَنَا عِنْدَهُ صلى الله عليه وسلم» فَجَعَلَ بَعْضُهُمْ هَذَا سَبَبَ النُّزُولِ، وَمَنْ قَالَ بِالْأَوَّلِ حَمَلَ هَذَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ حُكْمَ وَاقِعَتِك تَبَيَّنَ بِمَا أُنْزِلَ فِي هِلَالٍ إذْ الْحُكْمُ عَلَى الْوَاحِدِ حُكْمٌ عَلَى الْجَمَاعَةِ (قَذْفُ) الْمُكَلَّفِ الْمُخْتَارِ (سِوَى الْأَصْلِ) لِلْمُحْصَنِ الْمُغْتَنِي عَنْ ذِكْرِهِ بِتَفْسِيرِهِ بِقَوْلِهِ (لِذِي التَّكْلِيفِ غَيْرِ الرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ الْعَفِيفِ عَنْ الْجِمَاعِ حَيْثُ يَسْتَوْجِبُ) بِهِ الْمُجَامِعُ (حَدْ) بِالْوَقْفِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ (أَوْ كَانَتْ الْحُرْمَةُ فِيهِ) أَيْ: الْجِمَاعِ (لِلْأَبَدْ) يُوجِبُ الْحَدَّ كَمَا سَيَأْتِي وَالْعَفِيفُ عَنْ الْجِمَاعِ الْمَذْكُورُ يُصَدَّقُ بِأَنْ لَمْ يُجَامِعْ أَصْلًا أَوْ جَامَعَ جِمَاعًا لَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَلَا يَحْرُمُ مُؤَبَّدًا كَأَنْ
ــ
[حاشية العبادي]
يَشْرَعُ أَيْضًا بَعْدَ ذَلِكَ، أَوْ يَنْتَقِلُ إلَى الْإِطْعَامِ
(بَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ)(قَوْلُهُ: مِنْ الشَّهَادَةِ. . إلَخْ) بَيَانٌ لِلْحُجَّةِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى مَا يُشْتَهَرْ. . إلَخْ (قَوْلُهُ:؛ وَلِأَنَّ لِعَانَهُ) الْمُشْتَمِلَ عَلَى
ــ
[حاشية الشربيني]
قُدْرَتُهُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الصَّوْمُ
[بَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ]
(بَابُ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ)(قَوْلُهُ: لِلْمُضْطَرِّ إلَى قَذْفِ. . إلَخْ) أَيْ: لِلْمُضْطَرِّ إلَى رَفْعِ مُوجِبِ الْقَذْفِ إذْ لَيْسَ مُضْطَرًّا إلَى الْقَذْفِ لِمِلْكِهِ الطَّلَاقَ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ وَقَدْ يُقَالُ: إنْ اُضْطُرَّ بِمَعْنَى احْتَاجَ وَعِلَّةُ الِاحْتِيَاجِ إرَادَةُ الِانْتِقَامِ مِمَّنْ لَطَّخَ. . إلَخْ، وَفِي الْمُحَلَّى مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ: يَبْعُدُ. . إلَخْ) أَيْ: فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ شَيْخُنَا م ر ق ل (قَوْلُهُ: ابْنُ سَمْحَاءَ) الصَّوَابُ تَقْدِيمُ الْحَاءِ عَلَى الْمِيمِ كَمَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِ شَيْخِنَا الْفَضَالِيِّ، وَهُوَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّرْحِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِلْمُحْصَنِ) أَصْلُ الْإِحْصَانِ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ مَانِعٌ مِنْ تَنَاوُلِ الْمَحْرَمِ فَالْإِسْلَامُ مَانِعٌ وَالْحُرِّيَّةُ مَانِعَةٌ وَالزَّوَاجُ وَالْإِصَابَةُ مَانِعٌ فَكُلُّ مَا مَنَعَ أَحْصَنَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ} [الأنبياء: 80] وَقَالَ {لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ} [الحشر: 14] لَكِنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَبْوَابِ عَلَى حَسَبِ دَلَالَةِ الْأَدِلَّةِ كَذَا يُؤْخَذُ مِنْ كِتَابِ الرِّسَالَةِ لِلْإِمَامِ رضي الله عنه وَقَوْلُهُ: لَكِنَّهُ. . إلَخْ فَإِنَّ حَصَانَةَ الْأَمَةِ مُجَرَّدُ إسْلَامِهَا فَمَعْنَى قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] إذَا أَسْلَمْنَ لَا إذَا نُكِحْنَ فَأَصَبْنَ بِالنِّكَاحِ وَلَا إذَا عَتَقْنَ، وَإِنْ لَمْ يُصِبْنَ (قَوْلُهُ: عَنْ الْجِمَاعِ حَيْثُ يَسْتَوْجِبُ. . إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ يَأْتِي الْبَهَائِمَ مُحْصَنٌ لِأَنَّهُ لَا يُحَدُّ بِهِ بَلْ يُعَزَّرُ فَقَطْ فَيُحَدُّ قَاذِفُهُ. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَكَتَبَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ الْمِنْهَاجِ وَتَبْطُلُ الْعِفَّةُ بِوَطْءِ مَحْرَمٍ مَمْلُوكَةً إذَا عَلِمَ التَّحْرِيمَ لِدَلَالَتِهِ عَلَى قِلَّةِ مُبَالَاتِهِ مَا نَصُّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ عَلَيْهِ إتْيَانُ الْبَهَائِمِ بَطَلَتْ عِفَّتُهُ ثُمَّ رَأَيْته فِي سم عَلَى الْبَهْجَة. اهـ. وَمِثْلُ هَذَا الْأَخِيرِ فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَقَوْلُ ع ش أَوَّلًا مَفْهُومُهُ. . إلَخْ فِيهِ أَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ حَيْثُ يَسْتَوْجِبُ حُدَّ لَكِنَّهُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ، أَوْ كَانَتْ الْحُرْمَةُ فِيهِ لِلْأَبَدِ
(قَوْلُهُ الْمُجَامِعُ) لَوْ حَذَفَهُ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ إحْصَانَ الْأُنْثَى وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ وَالْمُحْصَنُ مُكَلَّفٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ عَفِيفٌ عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ وَهِيَ شَامِلَةٌ لِلْأُنْثَى، وَإِنْ كَانَ فِيهَا قُصُورٌ لِتَرْكِ الْوَطْءِ
وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً، وَهُوَ قَرِيبُ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ، أَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ، وَلَوْ فِي عِدَّةِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ، أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ، أَوْ اعْتِكَافٍ، أَوْ صَوْمٍ، أَوْ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ أَوْ الْمُعْتَدَّةَ، أَوْ الْمُسْتَبْرَأَةَ، أَوْ الْمُرْتَدَّةَ أَوْ الْمَجُوسِيَّةَ، أَوْ الْأَمَةَ الْمُشْتَرَكَةَ.
وَخَرَجَ بِالْمُكَلَّفِ غَيْرُهُ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ فَإِذَا قَذَفَ، أَوْ قُذِفَ فَلَا حَدَّ وَيُعَزَّرُ قَاذِفُهُ وَيُعَزَّرُ إنْ كَانَ مُمَيِّزًا بِقَذْفِهِ غَيْرَهُ نَعَمْ يُسْتَثْنَى السَّكْرَانُ فَكَالْمُكَلَّفِ وَبِالْمُخْتَارِ الْمُكْرَهُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَبِسِوَى الْأَصْلِ الْمَزِيدِ عَلَى الْحَاوِي الْأَصْلُ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِقَذْفِ فَرْعِهِ كَمَا لَا يُقَادُ بِهِ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ وَبِبَقِيَّةِ الْقُيُودِ الْمَقْذُوفُ الرَّقِيقُ وَالْمُبَعَّضُ وَالْكَافِرُ وَغَيْرُ الْعَفِيفِ عَنْ الْجِمَاعِ الْمَذْكُورِ بِأَنْ جَامَعَ جِمَاعًا يُوجِبُ الْحَدَّ كَأَنْ وَطِئَ أَمَةَ زَوْجَتِهِ، أَوْ أَمَةَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ، أَوْ جِمَاعًا يَحْرُمُ مُؤَبَّدًا كَأَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فِي دُبُرِهَا، أَوْ أَمَتَهُ الَّتِي هِيَ أُخْتُهُ، أَوْ عَمَّتُهُ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ مَعَ عِلْمِهِ بِالتَّحْرِيمِ، فَلَا حَدَّ بِقَذْفِهِمْ لِنَقْصِهِمْ بِالرِّقِّ وَالْكُفْرِ وَعَدَمِ الْعِفَّةِ وَإِنَّمَا جُعِلَ الْكَافِرُ مُحْصَنًا فِي حَدِّ الزِّنَا؛ لِأَنَّ حَدَّهُ إهَانَةٌ لَهُ وَالْحَدُّ بِقَذْفِهِ إكْرَامٌ لَهُ وَعَدَلَ عَنْ تَعْبِيرِ الْحَاوِي بِحُرْمَةِ الرَّضَاعِ إلَى تَعْبِيرِهِ بِحُرْمَةِ الْأَبَدِ لِيُفِيدَ إسْقَاطَ الْعِفَّةِ بِوَطْءِ الْمُحَرَّمَةِ بِنَسَبٍ أَوْ مُصَاهَرَةٍ بِالْمَنْطُوقِ وَإِسْقَاطَهَا بِوَطْءِ الزَّوْجَةِ فِي دُبُرِهَا وَلِلْقَذْفِ صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ وَتَعْرِيضٌ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ إنْ لَمْ يَحْتَمِلْ غَيْرَ الْقَذْفِ فَصَرِيحٌ وَإِلَّا فَإِنْ فُهِمَ مِنْهُ الْقَذْفُ بِوَضْعِهِ فَكِنَايَةٌ وَإِلَّا فَتَعْرِيضٌ.
فَصَرِيحُهُ أَنْ يَقْذِفَ (بِلَفْظِ نَيْكٍ وَوُلُوجِ) أَيْ، أَوْ إيلَاجِ (الْحَشَفَهْ) أَوْ قَدْرِهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا (فِي الْفَرْجِ قُلْتُ إنْ بِحِرْمٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ (وَصْفَهْ) أَيْ: كُلًّا مِنْ النَّيْكِ وَالْإِيلَاجِ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَهُمَا يَقَعُ عَلَى الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ بِخِلَافِ الزِّنَا نَعَمْ إنْ رَمَى بِذَلِكَ فِي الدُّبُرِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى وَصْفِهِ بِالتَّحْرِيمِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا مُحَرَّمًا، وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِالْوَصْفِ
ــ
[حاشية العبادي]
اللَّعْنِ (قَوْلُهُ: وَالْمَجْنُونُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَكِنْ مَنْ قَذَفَ مَجْنُونًا بِزِنًا قَبْلَ الْجُنُونِ حُدَّ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَمَتَهُ. . إلَخْ) يَحْتَمِلُ إنْ وَطِئَ الْبَهِيمَةَ كَذَلِكَ بِرّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا مُحَرَّمًا) سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا مُحَرَّمًا وَلَكِنْ مِنْهُ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ كَوَطْءِ الزَّوْجَةِ فِي الدُّبُرِ بِرّ (قَوْلُهُ: أَوْ رَضَاعٍ) هَلَّا قَالَ، أَوْ مُصَاهَرَةٍ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْمُحَرَّمِ لِلْأَبَدِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي حَصَانَةِ الْأُنْثَى نَفْيُ مَا يَتَأَتَّى مِنْهَا مِمَّا يُبْطِلُ حَصَانَةَ الذَّكَرِ (قَوْلُهُ: أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ) كَوَطْءِ مَنْكُوحَتِهِ بِلَا وَلِيٍّ، أَوْ بِلَا شُهُودٍ، وَإِنْ لَمْ يُقَلِّدْ الْقَائِلَ بِحِلِّهِ. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُسْتَثْنَى السَّكْرَانُ) أَيْ: الْمُتَعَدِّي بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ (قَوْلُهُ: فُهِمَ مِنْهُ الْقَذْفُ بِوَضْعِهِ) أَيْ: مَعَ احْتِمَالِهِ لِمَعْنًى آخَرَ كَمَا فِي زَنَيْت بِك الْآتِي فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ بِمَعْنَاهُ الْوَضْعِيِّ رَمْيُهُ بِالزِّنَا وَيُحْتَمَلُ بِهِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ إنْ كُنْت أَنْتَ زَانِيًا فَقَدْ زَنَيْت بِك وَلَكِنَّك زَوْجِي وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْكِنَايَةَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ غَيْرُهَا عِنْدَ الْبَيَانِيِّينَ؛ لِأَنَّهَا حَالَ كَوْنِهَا كِنَايَةً عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مُرَادٌ مَعْنَاهَا الْحَقِيقِيُّ بِخِلَافِهَا عِنْدَ الْبَيَانِيِّينَ وَعِبَارَةُ الْبَحْرِ لِلزَّرْكَشِيِّ الْكِنَايَةُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ اسْمٌ لِمَا اسْتَتَرَ فِيهِ مُرَادُ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ كَقَوْلِهِ فِي الْبَيْعِ جَعَلْته لَك بِكَذَا، وَفِي الطَّلَاقِ أَنْتِ خَلِيَّةٌ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْمُجْمَلُ وَنَحْوُهُ ثُمَّ ذَكَرَ الْكِنَايَةَ عِنْدَ الْبَيَانِيِّينَ ثُمَّ قَالَ وَالتَّعْرِيضُ مِنْ عَرْضِ الشَّيْءِ، وَهُوَ جَانِبُهُ كَأَنَّهُ يَحُومُ بِهِ حَوْلَهُ وَلَا يُظْهِرُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ مَعْنَاهُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ.
وَقَالَ ح ل عَلَى الْمَنْهَجِ هُوَ مَا اُسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِ مَوْضُوعٍ لَهُ مِنْ الْقَذْفِ وَإِنَّمَا يُفْهَمُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ بِالْقَرَائِنِ. اهـ. وَفِي حَاشِيَةِ الْأَنْوَارِ أَنَّ مَا لَمْ يَحْتَمِلْ غَيْرَ مَا وُضِعَ لَهُ مِنْ الْقَذْفِ وَحْدَهُ صَرِيحٌ وَمَا احْتَمَلَ وَضْعًا الْقَذْفَ وَغَيْرَهُ كِنَايَةٌ وَمَا اُسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِ مَوْضُوعٍ لَهُ مِنْ الْقَذْفِ بِالْكُلِّيَّةِ وَإِنَّمَا يُفْهَمُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ بِالْقَرَائِنِ تَعْرِيضٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَحْرُمَ. . إلَخْ) وَلَمْ يُحْمَلْ عَلَى الْحُرْمَةِ لِنَحْوِ حَيْضٍ لِنُدُورِهِ ق ل وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ رَمَى بِذَلِكَ فِي الدُّبُرِ. . إلَخْ) حَاصِلُ مَا يُسْتَفَادُ مِنْ الْمِنْهَاجِ وَشَرْحِ م ر وَحَجَرٍ وَع ش أَنَّ رَمْيَ الرَّجُلِ أَوْ الْخُنْثَى بِإِيلَاجِهِ الْحَشَفَةَ فِي دُبُرِهِ صَرِيحٌ. وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ تَحْرِيمًا وَمِثْلُهُمَا الْمَرْأَةُ الْخَلِيَّةُ وَإِنَّ رَمْيَ الرَّجُلِ بِإِيلَاجِهِ حَشَفَتَهُ فِي دُبُرٍ يَكُونُ أَيْضًا قَذْفًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَكِنْ إذَا قَالَ الرَّامِي أَرَدْت إيلَاجَهُ فِي دُبُرِ زَوْجَتِهِ قُبِلَ بِيَمِينِهِ وَإِنَّ رَمْيَ الْمَرْأَةِ الْمُزَوَّجَةِ بِإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ فِي دُبُرِهَا لَا يَكُونُ قَذْفًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ.
بَلْ لَا بُدَّ مِنْ وَصْفِهِ بِنَحْوِ اللِّيَاطَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ خِطَابِ الْمَرْأَةِ وَالذَّكَرِ أَنَّهُ يَنْدُرُ تَمْكِينُ الْمَرْأَةِ لِغَيْرِ الزَّوْجِ مِنْ الْوَطْءِ فِي دُبُرِهَا فَلَمْ يُحْمَلْ اللَّفْظُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَيْ: لِنُدْرَتِهِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ فَإِنَّهُ يَعْهَدُ ذَلِكَ أَيْ: إيلَاجَ حَشَفَتِهِ فِي دُبُرِ غَيْرِ زَوْجَتِهِ لِلْفَسَقَةِ مِنْهُمْ كَثِيرًا فَحُمِلَ اللَّفْظُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَيْهِ وَاحْتِيجَ فِي صَرْفِ لَفْظِ الْقَاذِفِ عَنْ ذَلِكَ إلَى يَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْهُ بَلْ أَرَادَ غَيْرَهُ. اهـ. فَتَحَصَّلَ أَنَّ رَمْيَ الرَّجُلِ أَوْ الْخُنْثَى أَوْ الْمَرْأَةِ الْخَلِيَّةِ بِإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ فِي دُبُرِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى وَصْلِهِ بِالتَّحْرِيمِ وَلَا بِاللِّيَاطَةِ وَكَذَلِكَ رَمْيُ الرَّجُلِ بِإِيلَاجِ حَشَفَتِهِ فِي دُبُرٍ وَإِنَّمَا الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى كَوْنِهِ عَلَى وَجْهِ اللِّيَاطَةِ هُوَ رَمْيُ الْمَرْأَةِ الْمُزَوَّجَةِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى وَصْفِهِ بِالتَّحْرِيمِ أَيْ: وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى الْوَصْفِ بِكَوْنِهِ عَلَى وَجْهِ اللِّيَاطَةِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَحْتَجْ إلَى وَصْفِهِ. . إلَخْ) لَكِنْ يُشْتَرَطُ
بِالتَّحْرِيمِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْوَطْءَ قَدْ يَكُونُ مُحَرَّمًا، وَلَيْسَ زِنًا كَوَطْءِ حَائِضٍ وَمُحْرِمَةٍ وَمَمْلُوكَةٍ مُحَرَّمَةٍ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ فَالْوَجْهُ أَنْ يُضِيفَ إلَى وَصْفِهِ بِالتَّحْرِيمِ مَا يَقْتَضِي الزِّنَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ (وَإِنْ بِتَذْكِيرٍ وَضِدٍّ) أَيْ تَأْنِيثٍ (لَحَنَا) كَقَوْلِهِ لِلرَّجُلِ زَنَيْتِ بِكَسْرِ التَّاءِ، أَوْ يَا زَانِيَةُ وَلِلْمَرْأَةِ زَنَيْتَ بِفَتْحِ التَّاءِ، أَوْ يَا زَانِي فَإِنَّهُ قَذْفٌ؛ لِأَنَّ اللَّحْنَ فِي ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْفَهْمَ (وَ) بِلَفْظِ (فَرْجُ ذَا وَذَكَرٌ) أَيْ: أَوْ ذَكَرٍ أَوْ قُبُلٍ، أَوْ دُبُرٍ (مِنْكَ زَنَا) لِإِضَافَةِ الْفِعْلِ إلَى مَحَلِّهِ وَآلَتِهِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ زَنَى عَيْنُك، أَوْ يَدُك، أَوْ رِجْلُك فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ إضَافَةِ الزِّنَا إلَى الْعَيْنِ النَّظَرُ وَإِلَى الْيَدِ اللَّمْسُ وَإِلَى الرِّجْلِ الْمَشْيُ.
وَلَوْ قَالَ زَنَى بَدَنُك فَقَذْفٌ لِإِضَافَةِ الزِّنَا إلَى الْجُمْلَةِ فَكَانَ كَقَوْلِهِ زَنَيْت وَكَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ زَنَيْت فِي قُبُلِك بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَهُ لِرَجُلٍ فَإِنَّهُ كِنَايَةٌ؛ لِأَنَّ زِنَاهُ بِقُبُلِهِ لَا فِيهِ وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي غَيْرِ الْمُشْكِلِ، أَمَّا فِيهِ فَإِنَّمَا يَكُونُ قَذْفًا إذَا أَضَافَهُ لِفَرْجَيْهِ فَلَوْ ذَكَرَ أَحَدَهُمَا فَفِي الْبَيَانِ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ كَإِضَافَتِهِ إلَى الْيَدِ حَكَاهُ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ حَدِّ الْقَذْفِ وَارْتَضَاهُ وَالنَّوَوِيُّ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ وَطِئَك رَجُلَانِ فِي وَقْتٍ فَلَا حَدَّ لِاسْتِحَالَتِهِ فَهُوَ كَذِبٌ صَرِيحٌ وَيُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ
(وَ) بِلَفْظِ (خَالِدٌ أَزْنَى مِنْ النَّاسِ) وَقَدْ (عَنَى) يَعْنِي: ذَكَرَ (مَعْ) ذَلِكَ وَ (فِيهِمْ زُنَاةٌ) فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ، فَلَا قَذْفَ إذْ الْكُلُّ لَيْسُوا زُنَاةً حَتَّى لَوْ قَالَ وَكُلُّهُمْ زُنَاةٌ لَمْ يَكُنْ قَذْفًا لِكَذِبِهِ وَبِمِثْلِهِ أَجَابُوا فِيمَا لَوْ قَالَ أَنْت أَزْنَى أَهْلِ بَغْدَادَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَزْنَى مِنْ زُنَاةِ أَهْلِهَا وَحَيْثُ لَا حَدَّ فِي ذَلِكَ فَعَلَيْهِ التَّعْزِيرُ وَنَاقَشَ ابْنُ الْمُقْرِي فِي الْعِبَارَةِ الْمَذْكُورَةِ فَقَالَ وَقَوْلُ الْحَاوِي وَأَنْتَ أَزْنَى مِنْ النَّاسِ وَفِيهِمْ زُنَاةٌ مُخَالِفٌ لِمَا فِي التَّعْزِيرِ وَالرَّوْضَةِ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ أَزْنَى مِنْ النَّاسِ وَقَدْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِصَرِيحٍ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ نِسْبَةُ النَّاسِ كُلِّهِمْ إلَى الزِّنَا وَإِنَّهُ أَكْثَرُ زِنًا مِنْهُمْ وَهَذَا كَذِبٌ، فَلَا يُعَدُّ صَرِيحًا وَقَوْلُهُ بَعْدُ: وَفِيهِمْ زُنَاةٌ لَا يُفِيدُ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَا يُصْرَفُ إلَى الزُّنَاةِ مَا نَسَبَهُ إلَى النَّاسِ وَكَوْنُ الزُّنَاةِ فِي النَّاسِ مَعْلُومٌ، وَإِنْ سَكَتَ عَنْهُ وَعِبَارَةُ الْعَزِيزِ وَالرَّوْضَةِ فِي النَّاسِ زُنَاةٌ وَأَنْتَ أَزْنَى مِنْهُمْ، أَوْ أَزْنَى مِنْ زُنَاةِ النَّاسِ لَا يَخْفَى الْفَرْقُ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ اهـ.
(أَوْ) بِلَفْظِ خَالِدٌ أَزْنَى مِنْ (ذَا) إنْ قَالَ مَعَهُ (وَزَنَى) ذَا (أَوْ) كَانَ قَدْ (ثَبَتَ الزِّنَا) أَيْ: زُنَاةٌ بِإِقْرَارِهِ، أَوْ بِبَيِّنَةٍ (وَيَعْلَمَنْهُ) أَيْ: وَعَلِمَ الْقَاذِفُ ثُبُوتَهُ فَلَوْ جَهِلَهُ وَحَلَفَ عَلَيْهِ عُزِّرَ وَلَمْ يُحَدَّ وَحَيْثُ يَكُونُ قَاذِفًا لِخَالِدٍ فَهُوَ قَاذِفٌ لِلْمُشَارِ إلَيْهِ فَيُحَدُّ لَهُ أَيْضًا إنْ لَمْ يُثْبِتْ زِنَاهُ وَإِلَّا عُزِّرَ (وَ) بِلَفْظِ (لَسْتَ بِابْنِ خَالِدٍ) وَهُوَ ابْنُهُ فَهُوَ قَذْفٌ لِأُمِّهِ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ رَمْيُهَا بِالزِّنَا لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى ذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ (لَا) إنْ صَدَرَ ذَلِكَ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ خَالِدٍ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: أَنَّهُ كَإِضَافَتِهِ إلَى الْيَدِ) فَيَكُونُ كِنَايَةً بِرّ (قَوْلُهُ: وَطْئِك رَجُلَانِ) هَذَا مَحَلُّهُ إذَا قَيَّدَ بِالْقُبُلِ، أَوْ الدُّبُرِ فَإِنَّ الْإِطْلَاقَ لَا مَجَالَ فِيهِ لِإِمْكَانِ أَنْ يَطَأَهَا وَاحِدٌ فِي الْقُبُلِ وَآخَرُ فِي الدُّبُرِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِرّ، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ: أَزْنَى مِنْهُمْ) أَيْ: الزُّنَاةِ (قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّهُ. . إلَخْ) يُجَابُ بِأَنَّهُمْ بَنَوْا الْأَمْرَ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَصْفُهُ بِنَحْوِ اللِّيَاطَةِ لِيَخْرُجَ وَطْءُ الزَّوْجِ فِيهِ فَإِنَّ الرَّمْيَ بِهِ غَيْرُ قَذْفٍ كَمَا فِي شَرْحِ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ وَحَاصِلُ مَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الرَّمْيَ بِإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ فِي الدُّبُرِ قَذْفٌ صَرِيحٌ بِمُجَرَّدِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَقْذُوفُ زَوْجًا وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ بِمُجَرَّدِهِ صَرِيحًا بَلْ لَا بُدَّ فِيهِ حِينَئِذٍ مِنْ التَّقْيِيدِ بِمَا يُفِيدُ اللِّيَاطَةَ لِيَخْرُجَ إيلَاجُ زَوْجٍ فِي دُبُرِ زَوْجَتِهِ إذْ لَيْسَ يُسَمَّى لِيَاطَةً فَلَا حَدَّ بِالْقَذْفِ بِهِ (قَوْلُهُ: زَنَيْت فِي قُبُلِك) وَلَوْ قَالَ لَهَا بِقُبُلِك كَانَ كِنَايَةً عَلَى مَا اعْتَمَدَهُ ع ش لِأَنَّهَا زَنَتْ فِيهِ لَا بِهِ وَلَوْ عَلَتْ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَرِّ وَانْظُرْ حُكْمَ الْإِيلَاجِ فِي قُبُلِ الرَّجُلِ لَوْ فُرِضَ هَلْ هُوَ زِنًا وَمُقْتَضَى تَفْرِيقِهِمْ بَيْنَ فِي قُبُلِك وَبِقُبُلِك أَنَّهُ لَيْسَ زِنًا وَإِلَّا كَانَ صَرِيحًا مُطْلَقًا فَحَرِّرْهُ مِنْ بَابِ الزِّنَا. اهـ. شَيْخُنَا وَقَدْ يُقَالُ: عَلَى فَرْضِ أَنَّهُ زِنًا هُوَ نَادِرٌ لَا نَظَرَ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَنَاقَشَ. . إلَخْ) ارْتَضَى حَجَرٌ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ الْمُنَاقَشَةَ وَجَرَى عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ صَرِيحٍ فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ أَزْنَى مِنْ زُنَاتِهِمْ كَانَ قَذْفًا فَهُوَ كِنَايَةٌ (قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَ. . إلَخْ) قَدْ يُقَالُ عَدَمُ اللُّزُومِ لَا يَمْنَعُ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ عُرْفًا الْقَذْفُ ثُمَّ رَأَيْت الشَّيْخَ عَمِيرَةَ أَجَابَ بِقَوْلِهِ قَدْ يُقَالُ: الْمَفْهُومُ مِنْهُ عُرْفًا إرَادَةُ الزِّنَا مَعَ الْإِيذَاءِ التَّامِّ لِلْأُمِّ فَلَا تُقْبَلُ إرَادَةُ مِثْلِ هَذَا. اهـ. (قَوْلُهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ) أَيْ: مِنْ الزَّوْجَةِ إذْ شُبْهَةُ الزَّوْجِ لَا تَمْنَعُ زِنَاهَا. اهـ. سم وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إذْ شُبْهَةُ الْوَاطِئِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ لَيْسَ ابْنَ خَالِدٍ وَأَنَّهُ يُمْكِنُ زِنَاهَا بِذَلِكَ الْوَلَدِ تَدَبَّرْ ثُمَّ رَأَيْت عِبَارَةَ سم عَلَى حَجَرٍ وَعَبَّرَ بِالْوَاطِئِ دُونَ الزَّوْجِ.
(قَوْلُهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ. . إلَخْ) كَذَا فِي شَرْحِ م ر عَلَى م مُعَلِّلًا بِنُدْرَةِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ فَلَمْ يُحْمَلْ اللَّفْظُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُقْبَلْ تَفْسِيرُهُ بِهِ وَفِي ق ل أَنَّهُ إنْ ادَّعَى إرَادَةَ ذَلِكَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ) لِأَنَّهُ صَرِيحٌ يَقْبَلُ الصَّرْفَ فَالْقِيَاسُ قَبُولُهُ وَفِي الْأَنْوَارِ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ نَفْيَهُ خَلْقًا أَوْ خُلُقًا لَا يَكُونُ قَذْفًا فَهَلَّا كَانَ هَذَا كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِنُدْرَةِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَاسْتِعْمَالِهِ عُرْفًا فِي نَفْيِهِ خَلْقًا
الَّذِي هُوَ أَبُوهُ بِأَنْ قَالَ لَسْتَ ابْنِي، فَلَا يَكُونُ قَذْفًا لِزَوْجَتِهِ لِاحْتِيَاجِ الْأَبِ إلَى تَأْدِيبِ وَلَدِهِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَيُسْأَلُ الْأَبُ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت أَنَّهُ مِنْ زِنًا فَهُوَ قَاذِفٌ لِأُمِّهِ، أَوْ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُنِي خَلْقًا، أَوْ خُلُقًا فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَاسْتَحَقَّتْ حَدَّ الْقَذْفِ وَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ لِإِسْقَاطِهِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنْ قَالَ أَرَدْت أَنَّهَا لَمْ تَلِدْهُ، بَلْ هُوَ مُسْتَعَارٌ، أَوْ لَقِيطٌ، فَلَا قَذْفَ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ: فِي نَفْيِ الْوِلَادَةِ وَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ عُرِضَ مَعَهَا عَلَى الْقَائِفِ فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِهَا لَحِقَ الزَّوْجُ وَاحْتَاجَ فِي نَفْيِهِ إلَى اللِّعَانِ، وَإِنْ لَمْ يُلْحِقْهُ بِهَا، أَوْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ، أَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ حَلَفَ الزَّوْجُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ وَانْتَفَى عَنْهُ وَلَا يَلْحَقُهَا، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَيَلْحَقُهُ الْوَلَدُ فَإِنْ نَكَلَتْ فَهَلْ يُوقَفُ الْيَمِينُ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ وَيَحْلِفَ؟ وَجْهَانِ إنْ قُلْنَا يُوقَفُ وَحَلَفَ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَحِقَ بِهِ، وَإِنْ نَكَلَ، أَوْ قُلْنَا لَا يُوقَفُ انْتَفَى عَنْهُ وَلَا يَلْحَقُهَا
(وَلَا) إنْ قَالَهُ (لِمَنْفِيٍّ) بِاللِّعَانِ بِأَنْ قَالَ لَهُ لَسْت ابْنَ فُلَانٍ يَعْنِي: الْمُلَاعِنَ، فَلَا يَكُونُ قَذْفًا لِأُمِّهِ (إنْ أَرَادَ نَفْيَهْ) عَنْهُ (شَرْعًا) ، أَوْ أَنَّهُ نَفَاهُ، أَوْ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُهُ، أَوْ خُلُقًا لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ نَعَمْ إنْ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِلْحَاقِ الْمُلَاعِنِ كَانَ قَذْفًا إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ احْتِمَالًا مُمْكِنًا كَقَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ ابْنُهُ حِينَ نَفَاهُ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ كَمَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَ الِاسْتِلْحَاقِ فَإِنَّا لَا نُحِدُّهُ هُنَاكَ حَتَّى نَسْأَلَهُ أَنَّ لَفْظَهُ كِنَايَةٌ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَدٌّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَهُنَا ظَاهِرُ لَفْظِهِ الْقَذْفُ فَحُدَّ بِالظَّاهِرِ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ مُحْتَمَلًا، أَمَّا إذَا لَمْ يُرِدْ شَيْئًا مِمَّا ذَكَرَ بِأَنْ أَرَادَ تَصْدِيقَهُ فِي دَعْوَاهُ زِنَاهَا، أَوْ أَطْلَقَ فَقَاذِفٌ لَهَا وَمِنْ صَرَائِحِ الْقَذْفِ مَا مَرَّ فِي الْإِيلَاءِ، وَمِنْهَا قَوْلُهُ: لِلرَّجُلِ، أَوْ لِلْمَرْأَةِ لُطْت، أَوْ لَاطَ بِك فُلَانٌ، وَلَوْ قَالَ يَا لُوطِيُّ فَكِنَايَةٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ عَلَى دِينِ قَوْمِ لُوطٍ لَكِنَّهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ الصَّوَابُ أَنَّهُ صَرِيحٌ لِأَنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ عُرْفًا إلَّا إرَادَةُ الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ كِنَايَةٌ اهـ.
وَقَوْلُهُ: أَتَيْت بَهْمَةً لَيْسَ بِقَذْفٍ وَيَلْزَمُهُ التَّعْزِيرُ قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا
(كَذَا) يَحْصُلُ الْقَذْفُ (بِمَا كَنَى بِالنِّيَّهْ) أَيْ: بِالْكِنَايَةِ مَعَ نِيَّةِ الْقَذْفِ كَقَوْلِهِ (زَنَأْتُ
ــ
[حاشية العبادي]
عَلَى الظَّاهِرِ وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى الِاحْتِمَالَاتِ الْبَعِيدَةِ بِرّ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ. . إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ صَرِيحٌ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ فِي قَذْفِ الْأُمِّ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ لَيْسَ ابْنه لِكَوْنِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اهـ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ إرَادَةَ ذَلِكَ لَا تَدْفَعُ الْحَدَّ وَإِنْ ثَبَتَتْ بِخِلَافِ عِبَارَةِ الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ لِإِسْقَاطِهِ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَيْسَ لَهُ نَفْيُ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ نَسَبَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْحَقُهَا) لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ الْإِلْحَاقَ بِهَا بِالْحُجَّةِ وَالْمَرْأَةُ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهَا كَمَا تَقَرَّرَ فِي بَابِ اللَّقِيطِ (قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ يَمِينَ الرَّدِّ لَا تُرَدُّ وَقَوْلُهُ وَجْهَانِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ احْتِمَالًا مُمْكِنًا) وَهُنَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَزَّرَ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ، بَلْ أَوْلَى فَتَأَمَّلْهُ سم وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَحَاصِلُ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ قَذْفٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ اهـ
(قَوْلُهُ: أَنَّ لَفْظَهُ كِنَايَةٌ) كَوْنُهُ كِنَايَةً جَزَمَ بِهِ الرَّوْضُ فَقَالَ فَرْعٌ قَالَ لِمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ لَسْت ابْنَ فُلَانٍ فَهُوَ كِنَايَةٌ فِي قَذْفِ أُمِّهِ فَقَدْ يُرِيدُ لَسْت ابْنَهُ شَرْعًا. اهـ. وَحِينَئِذٍ يُشْكِلُ قَوْلُهُ: أَوْ أَطْلَقَ فَقَاذِفٌ لِأُمِّهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ، أَمَّا إذَا لَمْ يُرِدْ شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ. . إلَخْ رَاجِعًا لِمَا بَعْدَ الِاسْتِلْحَاقِ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ مُحْتَاجًا إلَى تَكَلُّفٍ بَعِيدٍ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: أَوْ أَطْلَقَ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ صَرِيحٌ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ هُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْفَرْقِ عَنْ الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ لَفْظَهُ كِنَايَةٌ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مَا مَرَّ فِي الْإِيلَاءِ) قَالَ الْجَوْجَرِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ صَرَائِحُ الْإِيلَاءِ الَّتِي لَا تَدْيِينَ فِيهَا بِرّ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَخُلُقًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: الَّذِي هُوَ أَبُوهُ) يَلْحَقُ بِهِ كُلُّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّأْدِيبِ. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ أَرَدْت. . إلَخْ) وَإِنْ قَالَ أَرَدْت أَنَّهُ مِنْ شُبْهَةٍ فَقَدْ مَرَّ فِي نَظِيرِهِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فَهُنَا كَذَلِكَ. اهـ. ق ل بِإِيضَاحٍ لَكِنْ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ كَمَا مَرَّ وَيُقْبَلُ مِنْ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ فَحَرِّرْ الْفَرْقَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ أَرَدْت. . إلَخْ) وَإِنْ قَالَ لَمْ أُرِدْ شَيْئًا لَمْ يَلْزَمْهُ حَدٌّ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَأَصْلِهِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ وَيُسْأَلُ الْأَبُ) خَرَجَ غَيْرُ الْأَبِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُسْأَلُ بَلْ يُحَدُّ إلَّا إذَا ادَّعَى إرَادَةَ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُهُ خَلْقًا أَوْ خُلُقًا كَمَا سَبَقَ عَنْ الْأَنْوَارِ وَلَا بُعْدَ فِيهِ وَالْفَرْقُ لَائِحٌ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا تَقْيِيدُهُ بِغَيْرِ الْمَنْفِيِّ بِاللِّعَانِ أَمَّا هُوَ فَلَا يُحَدُّ الْقَائِلُ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الِاسْتِلْحَاقِ حَتَّى يُسْأَلَ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَيُسْأَلُ) أَيْ: نَدْبًا لَا أَنَّهُ يَجِبُ لِأَنَّا نَحْمِلُهُ عَلَى عَدَمِ الْقَذْفِ إلَّا إنْ قَالَ أَرَدْت مِنْ زِنًا حَرِّرْ. اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: فَهَلْ تُوقَفُ الْيَمِينُ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ وَيَحْلِفَ) أَيْ: لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ يَمِينَ الرَّدِّ لَا تُرَدُّ. وَجْهَانِ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ إذَا أَرَادَ. . إلَخْ) ظَاهِرُهُ قَبُولُ تِلْكَ الْإِرَادَةِ بِلَا يَمِينٍ مَعَ أَنَّ الْكِنَايَاتِ يَحْلِفُ فِيهَا أَنَّهُ مَا أَرَادَ بِهَا الْقَذْفَ وَقَدْ يُقَالُ الْمَنْفِيُّ كَوْنُهُ قَذْفًا فَقَطْ عِنْدَ تِلْكَ الْإِرَادَةِ فَلَا يُنَافِي تَحْلِيفَهُ رَاجِعْهُ ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّوْضِ أَنَّ لَهَا تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ قَذْفَهَا
(قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُهُ. . إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالْمَنْفِيِّ وَقَدْ مَرَّ عَنْ الْأَنْوَارِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ فِي الْمَنْفِيِّ لَا يُحَدُّ حَتَّى يُسْأَلَ وَفِي غَيْرِهِ يُحَدُّ مَا لَمْ يَدَعْ ذَلِكَ وَهُوَ مَحْمَلُ كَلَامِ الْأَنْوَارِ كَمَا سَبَقَ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي الْإِيلَاءِ) كَتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ وَالنَّيْكِ إذَا رَمَى الْمَرْأَةَ أَوْ الرَّجُلَ بِهِ (قَوْلُهُ: قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ) عِبَارَتُهَا أَوَّلَ الْبَابِ قَالَ أَتَيْت بَهِيمَةً وَقُلْنَا يُوجِبُ الْحَدَّ فَهُوَ قَذْفٌ. اهـ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر
بِالْهَمْزَةِ) وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ، أَوْ ضَمَّ إلَيْهِ فِي الْجَبَلِ كَمَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ (لَا فِي الْكِنِّ) سَوَاءٌ عَرَفَ اللُّغَةَ أَمْ لَا إذْ الزِّنَا هُوَ الصُّعُودُ، أَمَّا بِلَا هَمْزَةٍ كَزَنَيْتَ، أَوْ زَنَيْتِ فِي الْجَبَلِ، أَوْ بِهَا لَكِنْ مَعَ ذِكْرِهِ فِي الْكِنِّ كَأَنْ قَالَ زَنَأْت فِي الْبَيْتِ فَقَذْفٌ صَرِيحٌ، أَمَّا فِي الْأُولَيَيْنِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الثَّالِثَةِ فَلِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الصُّعُودِ فِي الْبَيْتِ وَنَحْوِهِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ هَذَا كَلَامُ الْبَغَوِيّ وَأَنَّ غَيْرَهُ قَالَ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْبَيْتِ دَرَجٌ يَصْعَدُ إلَيْهِ فِيهَا فَصَرِيحٌ قَطْعًا، وَإِنْ كَانَ فَوَجْهَانِ وَحَكَى فِيهَا عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ: يَا زَانِيَةُ فِي الْجَبَلِ بِالْيَاءِ كِنَايَةٌ وَقَالَ إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ.
وَكَقَوْلِهَا لِزَوْجِهَا (زَنَيْتُ بِكْ) بِإِسْكَانِ الْكَافِ إجْرَاءٌ لِلْوَصْلِ مَجْرَى الْوَقْفِ، أَوْ مَعَكَ جَوَابًا لِقَوْلِهِ زَنَيْت فَيَعْمَلُ بِمُقْتَضَى مَا تَقُولُهُ فَلَوْ قَالَتْ أَرَدْت أَنِّي لَمْ أَزْنِ كَمَا لَمْ تَزْنِ وَحَلَفَتْ حُدَّ دُونَهَا، أَوْ أَرَدْت الزِّنَا حَقِيقَةً فَمُقِرَّةٌ بِهِ وَقَاذِفَةٌ لَهُ وَيَسْقُطُ حَدُّ الْقَذْفِ عَنْهُ لِإِقْرَارِهَا لَكِنْ يُعَزَّرُ فَلَوْ قَالَتْهُ جَوَابًا لِغَيْرِ الزَّوْجِ قَالَ الشَّيْخَانِ فَقَدْ أَطْلَقَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ إقْرَارٌ مِنْهَا بِالزِّنَا وَقَذْفٌ لَهُ وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ إرَادَةِ نَفْيِ الزِّنَا عَنْهَا وَعَنْهُ أَنَّهَا كَالزَّوْجَةِ. انْتَهَى. أَمَّا لَوْ قَالَتْهُ ابْتِدَاءً لِلزَّوْجِ، أَوْ غَيْرِهِ فَقَذْفٌ وَرَأَى الْإِمَامُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْمُخَاطَبِ مُكْرَهًا قَالَ الشَّيْخَانِ، وَهُوَ قَوِيٌّ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ قَوْلَهُ: زَنَيْت مَعَ فُلَانٍ قَذْفٌ لَهَا دُونَهُ (وَ) كَقَوْلِهَا (أَنْت أَزْنَى مِنِّي) حَيْثُ (تُجِيبُ) بِهِ (زَوْجًا) لَهَا، أَوْ غَيْرُهُ (عَنْ) قَوْلِهِ لَهَا (زَنَيْتِ) لِاحْتِمَالِ أَنْ تُرِيدَ أَنَّهُ أَهْدَى إلَى الزِّنَا وَأَحْرَصُ عَلَيْهِ مِنْهَا أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَطَأْنِي غَيْرُك فِي النِّكَاحِ فَإِنْ كُنْت زَانِيَةً فَأَنْتَ أَزْنَى مِنِّي.
وَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ، وَإِنْ اقْتَضَى الِاشْتِرَاكَ فِي الْأَصْلِ وَإِثْبَاتَ الزِّيَادَةِ لَكِنَّ قَوْلَهَا أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي خَارِجٌ مَخْرَجَ الذَّمِّ وَالْمُشَاتَمَةِ وَمِثْلُهُ لَا يُحْمَلُ عَلَى وَضْعِ اللِّسَانِ كَمَا فِي قَوْلِ يُوسُفَ لِإِخْوَتِهِ {أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا} [يوسف: 77] وَلِأَنَّ مُعْتَادَ الْمُحَاوَرَاتِ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْوَضْعِ وَإِنْ قَالَتْهُ ابْتِدَاءً فَفِي كَوْنِهِ قَذْفًا وَجْهَانِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ أَصَحُّهُمَا لَا إلَّا أَنْ تُرِيدَهُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ أَنْتَ أَزْنَى مِنْ فُلَانٍ فَقَوْلُ النَّظْمِ تُجِيبُ زَوْجًا عَنْ زَنَيْتِ يَرْجِعُ إلَى هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا لَكِنَّ الزَّوْجَ لَيْسَ قَيْدًا فِيهِمَا كَمَا عُرِفَ وَمِنْ الْكِنَايَاتِ مَا مَرَّ فِي الْإِيلَاءِ، وَمِنْهَا يَا فَاسِقُ يَا فَاجِرُ يَا خَبِيثُ، وَلَوْ قَالَ أَحَدُ أَبَوَيْك زَانٍ وَلَمْ يُعَيِّنُ، أَوْ فِي السِّكَّةِ زَانٍ فَلَا حَدَّ وَيُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ، وَلَوْ قَالَ لَهُ يَا بَغَّا، أَوْ لَهَا يَا قَحْبَةُ فَهُوَ كِنَايَةٌ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ فِي آخِرِ الطَّلَاقِ أَنَّ قَوْلَهُ: يَا قَحْبَةُ
ــ
[حاشية العبادي]
أَقُولُ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الظَّاهِرِ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَمِنْ الْكِنَايَاتِ مَا مَرَّ فِي الْإِيلَاءِ
(قَوْلُهُ: فَمُقِرَّةٌ بِهِ) يُشْكِلُ عَلَى هَذَا اشْتِرَاطُ التَّفْصِيلِ فِي الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا كَالشَّهَادَةِ بِرّ هَلْ يُجَابُ مَحَلُّ الِاشْتِرَاطِ مَا لَمْ يَكُنْ جَوَابًا لِنِسْبَتِهَا لِلزِّنَا، أَوْ هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّفْصِيلِ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي الْهَامِشِ عَنْ الْأَذْرَعِيِّ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ قَالَتْهُ ابْتِدَاءً لِلزَّوْجِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ فَصْلٌ لَوْ قَالَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ زَنَيْت بِك لَزِمَهُ حَدُّ الزِّنَا وَالْقَذْفِ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُعْهَدْ بَيْنَهُمَا زَوْجِيَّةٌ مُسْتَمِرَّةٌ مِنْ صِغَرِهِ إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ، فَلَا، وَكَلَامُ الدَّارِمِيِّ يَقْتَضِيهِ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّفْصِيلُ فِي الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا، أَمَّا لَوْ شَرَطْنَاهُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَلَا. انْتَهَى. (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ. . إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ ظَاهِرٌ، فَلَا يَحْسُنُ التَّأْيِيدُ بِمَا ذَكَرَ عَلَى أَنَّ الْإِشْكَالَ الْمَذْكُورَ أَجَابَ عَنْهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ إطْلَاقَ هَذَا اللَّفْظِ يَحْصُلُ بِهِ الْإِيذَاءُ التَّامُّ لِتَبَادُرِ الْفَهْمِ مِنْهُ إلَى صُدُورِهِ عَنْ طَوَاعِيَةٍ وَإِنْ احْتَمَلَ غَيْرَهُ وَلِهَذَا يُحَدُّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الزِّنَا مَعَ احْتِمَالِ إرَادَةِ زِنَا الْعَيْنِ وَالرِّجْلِ. اهـ.
(فَرْعٌ) مِنْ الصَّرَائِحِ زَنَيْت وَيَا زَانِيَةُ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ تَنْبِيهٌ: قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّ قَوْلَهُ لِزَوْجَتِهِ زَنَيْت أَوْ يَا زَانِيَةُ قَذْفٌ لَهَا سَوَاءٌ أَعَلِمَ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَمْ ظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً أَمْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَالَ، وَفِي فُرُوقِ الْجُوَيْنِيِّ أَنَّهُ إذَا قَذَفَ امْرَأَتَهُ، وَهُوَ لَا يَعْرِفُهَا حِينَ قَذَفَهَا ثُمَّ بَانَ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَذْفٍ وَلَا لِعَانٍ، وَإِنْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْهَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَحَلَّ وِفَاقٍ فَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْإِطْلَاقِ بِهِ. اهـ.
ــ
[حاشية الشربيني]
وَلَيْسَ الرَّمْيُ بِإِتْيَانِ الْبَهَائِمِ قَذْفًا قَالَ ع ش كَانَ هَازِلًا أَوْ غَيْرَهُ لَكِنْ يُعَزَّرُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فَوَجْهَانِ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَوْجَهُهُمَا أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَفِي حَاشِيَتِهِ عَنْ ز ي الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ صَرِيحٌ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ قَصْدَ الصُّعُودِ فِي الْبَيْتِ بَعِيدٌ جِدًّا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَحَكَى فِيهَا. . إلَخْ) يَحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَنَيْت فِي الْجَبَلِ حَيْثُ كَانَ صَرِيحًا وَلَعَلَّهُ أَنَّ صُورَةَ النِّدَاءِ تُبْعِدُهُ عَنْ إرَادَةِ الْقَذْفِ (قَوْلُهُ: فَمُقِرَّةٌ. . إلَخْ) فَتُحَدُّ حَدَّيْنِ حَدَّ الزِّنَا وَحَدَّ الْقَذْفِ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ. . إلَخْ) لَا تَأْيِيدَ؛ لِأَنَّ الْبَاءَ فِي بِك تَقْتَضِي الْآلِيَّةَ الْمُشْعِرَةَ بِأَنَّ لِمَدْخُولِهَا تَأْثِيرًا مَعَ الْفَاعِلِ فِي إيجَادِ الْفِعْلِ كَكَتَبْتُ بِالْقَلَمِ بِخِلَافِ الْمَعِيَّةِ فَإِنَّهَا تَقْتَضِي مُجَرَّدَ الْمُصَاحَبَةِ وَهِيَ لَا تُشْعِرُ بِذَلِكَ. اهـ. وَحَجَرٌ وَم ر
(قَوْلُهُ: وَأَفْعَلُ التَّفْضِيلِ. . إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إنَّ الثَّابِتَ عَلَى فَرْضِ أَنَّهَا زَانِيَةٌ إنَّمَا هُوَ كَوْنُهُ زَانِيًا لَا كَوْنُهُ أَزْنَى (قَوْلُهُ: وَيُعَزَّرُ. . إلَخْ) وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُعَزَّرُ فِي الْكِنَايَاتِ لِلْإِيذَاءِ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهَا ذَمًّا؛ لِأَنَّ لَفْظَهَا مُوهِمٌ وَحَلِفُهُ إنَّمَا هُوَ لِدَفْعِ الْحَدِّ. اهـ. أَفَادَهُ م ر (قَوْلُهُ: يَا بَغَّا) إنَّمَا كَانَ كِنَايَةً لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ أَنَّهُ طَالِبٌ لِشَيْءٍ وَمِثْلُهُ إذَا قَالَهُ لِامْرَأَةٍ لِاحْتِمَالِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: إنَّ قَوْلَهُ: يَا قَحْبَةُ صَرِيحٌ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنَّهُ يَقْبَلُ الصَّرْفَ فَيُقْبَلُ مِنْهُ إرَادَةُ أَنَّهَا تَفْعَلُ فِعْلَهُنَّ بِالْيَمِينِ كَمَا
صَرِيحٌ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَفْتَى أَيْضًا بِصَرَاحَةِ قَوْلِهِ يَا مُخَنَّثُ لِلْعُرْفِ
(لَا كَيَا ابْنَ الْحَلَالِ) أَوْ (أَنَا لَسْتُ زَانِيَا) وَابْنَ خَبَّازٍ، أَوْ إسْكَافٍ أَوْ أُمِّي لَيْسَتْ زَانِيَةً وَنَحْوُ ذَلِكَ فَلَيْسَ قَذْفًا صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً، وَإِنْ نَوَاهُ، بَلْ تَعْرِيضٌ لَهُ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ إذَا اُحْتُمِلَ اللَّفْظُ الْمَنْوِيُّ وَلَا احْتِمَالَ لَهُ هُنَا وَمَا يُفْهَمُ وَيَتَخَيَّلُ مِنْهُ فَهُوَ أَثَرُ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ فَهُوَ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ لَهُ مَاءً مِنْ عَطَشٍ وَنَوَى أَنْ لَا يَتَقَلَّدَ لَهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ إنْ شَرِبَهُ لِغَيْرِ الْعَطَشِ لَا يَحْنَثُ قَالَ الْقُونَويُّ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ احْتِمَالَ اللَّفْظِ فِي التَّعْرِيضِ لِلْمَنْوِيِّ وَإِشْعَارَهُ بِهِ مِمَّا لَا يُنْكَرُ قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ الْفَرْقُ بَيْنَ الْكِنَايَةِ وَالتَّعْرِيضِ أَنَّ الْكِنَايَةَ أَنْ تَذْكُرَ الشَّيْءَ بِغَيْرِ لَفْظِهِ الْمَوْضُوعِ لَهُ وَالتَّعْرِيضُ أَنْ تَذْكُرَ شَيْئًا تَدُلُّ بِهِ عَلَى شَيْءٍ لَمْ تَذْكُرْهُ كَمَا يَقُولُ الْمُحْتَاجُ لِلْمُحْتَاجِ إلَيْهِ جِئْتُك لِأُسَلِّمَ عَلَيْك وَلِأَنْظُرَ إلَى وَجْهِك وَلِذَلِكَ قَالُوا
وَحَسْبُك بِالتَّسْلِيمِ مِنِّي تَقَاضِيًا
كَأَنَّهُ إمَالَةُ الْكَلَامِ إلَى عَرَضٍ يَدُلُّ عَلَى الْغَرَضِ وَيُسَمَّى التَّلْوِيحُ لِأَنَّهُ يُلَوِّحُ مِنْهُ بِمَا يُرِيدُهُ ثُمَّ قَالَ هَذَا كَلَامُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ التَّعْرِيضَ مُشْعِرٌ وَمُلَوِّحٌ بِالْمَقْصُودِ فِي الْجُمْلَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادٌ مِنْ نَفْيِ الدَّلَالَةِ وَالِاحْتِمَالِ عَنْ التَّعْرِيضِ أَنَّهُ لَوْلَا الْقَرِينَةُ وَالسِّيَاقُ لَمْ يَكُنْ اللَّفْظُ بِمُجَرَّدِهِ فِي التَّعْرِيضِ مُشْعِرًا بِالْمَقْصُودِ فَيَقْرَبُ حِينَئِذٍ بَعْضَ الْقُرْبِ غَيْرَ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ لَا يَبْعُدُ حُصُولُ مِثْلِهِ فِي بَعْضِ صُوَرِ الْكِنَايَةِ نَحْوُ ذُوقِي فَإِنَّهُ بِمُجَرَّدِهِ لَا إشْعَارَ لَهُ بِإِضَافَةِ الذَّوْقِ إلَى كَأْسِ الْفِرَاقِ. انْتَهَى.
وَجَوَابُ نَظَرِهِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادٌ مِنْ نَفْيِ الدَّلَالَةِ إلَى آخِرِهِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: غَيْرَ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ لَا يَبْعُدُ حُصُولُ مِثْلِهِ فِي بَعْضِ صُوَرِ الْكِنَايَةِ إلَى آخِرِهِ، فَلَا يَضُرُّ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْكِنَايَةِ، وَإِنْ لَمْ يُشْعِرْ بِهِ لَفْظُهَا هُوَ مَدْلُولُهُ بِخِلَافِهِ فِي التَّعْرِيضِ
(يُوجِبُ) أَيْ الْقَذْفُ (ضِعْفَ أَرْبَعِينَ) أَيْ: ثَمَانِينَ (جَلَدَهْ) عَلَى الْحُرِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] الْآيَةَ وَلِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ (لِكُلِّ مَقْذُوفٍ وَلَوْ) كَانَ الْقَذْفُ لِجَمَاعَةٍ (بِفَرْدَهْ) أَيْ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ كَأَنْتُمْ زُنَاةٌ، أَوْ يَا زُنَاةُ فَإِنَّهُ يُوجِبُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ الْجَلْدَ لِأَنَّهُ مِنْ الْحُقُوقِ الْمَقْصُودَةِ لِلْآدَمِيِّينَ فَلَا يَتَدَاخَلُ كَالدُّيُونِ وَلِدُخُولِ الْعَارِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ فَأَشْبَهَ مَا إذَا قَذَفَهُمْ بِكَلِمَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ (وَلَوْ بِتَكْرَارٍ) لِلْقَذْفِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْجَلْدَ لِكُلِّ مَقْذُوفٍ وَلَا يَتَكَرَّرُ، وَإِنْ كَانَ الزِّنَا الْمَقْذُوفُ بِهِ ثَانِيًا غَيْرَ الْمَقْذُوفِ بِهِ أَوَّلًا، أَوْ قَصَدَ بِذَلِكَ الِاسْتِئْنَافَ، أَوْ غَايَرَ بَيْنَ الْأَلْفَاظِ، أَوْ حُدَّ قَبْلَ الْقَذْفِ الثَّانِي لِاتِّحَادِ الْمَقْذُوفِ وَالْحَدُّ الْوَاحِدُ يُظْهِرُ الْكَذِبَ وَيَدْفَعُ الْعَارَ، فَلَا يَقَعُ فِي النُّفُوسِ تَصْدِيقُهُ.
(وَ) يُوجِبُ (نِصْفَهُ) أَيْ: نِصْفُ ضِعْفِ أَرْبَعِينَ جَلْدَةً (عَلَى عَبْدٍ) لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ الْأَمَةُ وَالْمُبَعَّضُ وَالنَّظَرُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ إلَى حَالَةِ الْقَذْفِ لِتَقَرُّرِ الْوَاجِبِ حِينَئِذٍ، فَلَا يَتَغَيَّرُ بِالِانْتِقَالِ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ
(وَإِنْ أَرْبَعَةٌ تَشْهَدْ فَلَا) أَيْ: وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ (أَيْ بِالزِّنَا) مِنْ الْمَقْذُوفِ (مَجْلِسَ حُكْمٍ) أَيْ: فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ (وَهُمْ ذُكُورٌ أَحْرَار وَكُلٌّ) مِنْهُمْ (مُسْلِمُ) فَلَا حَدَّ عَلَى الْقَاذِفِ وَلَا عَلَيْهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] الْآيَةَ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: وَأَفْتَى أَيْضًا. . إلَخْ) الْأَوْجَهُ خِلَافُ هَذَا الْإِفْتَاءِ الثَّانِي م ر
(قَوْلُهُ: إلَى عَرْضٍ) أَيْ: جَانِبٍ (قَوْلُهُ: هُوَ مَدْلُولُهُ) قَدْ يُقَالُ: الْجَمْعُ بَيْنَ نَفْيِ الْإِشْعَارِ وَبَيْنَ الْمَدْلُولِيَّةِ تَنَاقُضٌ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَدُلُّ عَلَى مَدْلُولِهِ فَضْلًا عَنْ إشْعَارِهِ بِهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَا يُشْعِرُ بِخُصُوصِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ إجْمَالًا لِأَنَّهُ فَرْدُ مَدْلُولِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ، أَوْ حُدَّ قَبْلَ الْقَذْفِ) الثَّانِي هَذَا مَعَ قَوْلِهِ، وَإِنْ كَانَ الزِّنَا الْمَقْذُوفُ بِهِ ثَانِيًا. . إلَخْ وَقَوْلُهُ: وَلَوْ بِتَكْرَارٍ لِلْقَذْفِ الشَّامِلِ لِمَا إذَا طَالَ الْفَصْلُ جِدًّا بَيْنَ مَرَّاتِ الْقَذْفِ يُفِيدَانِ أَنَّهُ لَوْ قَذَفَهُ وَحُدَّ لَهُ ثُمَّ بَعْدَ سِنِينَ كَثِيرَةٍ قَذَفَهُ بِزِنًا آخَرَ غَيْرِ الْأَوَّل لَمْ يُحَدَّ لِهَذَا الْقَذْفِ، بَلْ يُعَزَّرُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْقَذْفِ الثَّانِي) أَيْ: مَثَلًا لَكِنْ إذَا كَانَ الْقَذْفُ الثَّانِي مَثَلًا
ــ
[حاشية الشربيني]
بِهَامِشِ الْحَاشِيَةِ (قَوْلُهُ: بِصَرَاحَةِ قَوْلِهِ يَا مُخَنَّثُ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ كِنَايَةٌ كَمَا فِي ق ل
(قَوْلُهُ: بِغَيْرِ لَفْظِهِ الْمَوْضُوعِ لَهُ) لَا يَخْفَى مُبَايَنَتُهُ لِقَوْلِ الشَّارِحِ سَابِقًا وَإِلَّا فَإِنْ فُهِمَ مِنْهُ الْقَذْفُ بِوَضْعِهِ فَكِنَايَةٌ إلَّا أَنْ يُرَادَ هُنَاكَ الْوَضْعُ الْمَجَازِيُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَجَازَ مَوْضُوعٌ وَأَنَّ الْكِنَايَةَ مَجَازٌ لَكِنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّهَا عِنْدَ الْبَيَانِيِّينَ مِنْ قِسْمِ الْحَقِيقَةِ لِاسْتِعْمَالِهَا فِي مَعْنَاهَا الْحَقِيقِيِّ لِيَنْتَقِلَ مِنْهُ إلَى الْمَعْنَى الْكِنَائِيِّ وَتَقَدَّمَ عَنْ الزَّرْكَشِيّ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي الْكِنَايَةِ الْمُجْمَلُ وَنَحْوُهُ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْكِنَايَةَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَعَمُّ مِنْهَا عِنْدَ الْبَيَانِيِّينَ وَمَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ فُهِمَ مِنْهُ الْقَذْفُ بِوَضْعِهِ أَيْ: حَالَ كَوْنِهِ مُسْتَعْمَلًا فِيمَا وُضِعَ لَهُ سَوَاءٌ انْتَقَلَ مِنْهُ إلَى الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ أَوْ كَانَ مُفِيدًا لَهُ بِدُونِ انْتِقَالٍ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَا يَحْنَثُ) أَيْ: وَإِنْ كَانَ قَدْ تَقَلَّدَ لَهُ مِنَّةً؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لَا يَبْعُدُ حُصُولُ مِثْلِهِ. . إلَخْ) أَيْ فَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً أَيْضًا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْعِرَاقِيِّينَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ وَصَوَّبَهَا الزَّرْكَشِيُّ. اهـ. لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ الْأَوَّلُ
(قَوْلُهُ وَلَوْ بِتَكْرَارٍ. . إلَخْ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ لَوْ قَذَفَ مَنْ لَاعَنَهَا عُزِّرَ فَقَطْ إنْ قَذَفَهَا بِذَلِكَ الزِّنَا أَوْ أَطْلَقَ لِأَنَّا صَدَّقْنَاهُ لِلِعَانٍ وَالتَّعْزِيرُ لِلْإِيذَاءِ فَإِنْ قَذَفَهَا بِزِنًا آخَرَ عُزِّرَ أَيْضًا إنْ حُدَّتْ بِلِعَانِهِ لِكَوْنِهَا لَمْ تُلَاعِنْ لِلِعَانِهِ؛ لِأَنَّ لِعَانَهُ فِي حَقِّهِ كَالْبَيِّنَةِ وَإِنَّمَا عُزِّرَ لِلْإِيذَاءِ وَحُدَّ إنْ لَاعَنَتْ سَوَاءٌ قَذَفَهَا بِذَلِكَ بَعْدَ اللِّعَانِ أَوْ قَبْلَهُ وَاللِّعَانُ إنَّمَا يُسْقِطُ الْحَصَانَةَ إذَا لَمْ يُعَارِضْهُ لِعَانُهَا فَإِذَا عَارَضَهُ بَقِيَتْ الْحَصَانَةُ بِحَالِهَا وَلَيْسَ لَهُ إسْقَاطُ الْعُقُوبَةِ بِاللِّعَانِ؛ لِأَنَّهَا بَانَتْ بَعْدَ الْقَذْفِ الْأَوَّلِ. اهـ. بِاخْتِصَارٍ ثُمَّ ذَكَرَ مَا إذَا حُدَّ بِالْقَذْفِ
فَإِنْ اخْتَلَّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ نَقَصَ الْعَدَدُ، أَوْ كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ لَفْظِ الشَّهَادَة، أَوْ فِي غَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ، أَوْ كَانُوا، أَوْ بَعْضُهُمْ إنَاثًا، أَوْ أَرِقَّاءَ، أَوْ كُفَّارًا وَجَبَ عَلَى الْجَمِيعِ الْحَدُّ، أَمَّا فِي نَقْصِ الْعَدَدِ فَلِئَلَّا تُتَّخَذُ صُورَةُ الشَّهَادَةِ ذَرِيعَةً إلَى الْوَقِيعَةِ فِي أَعْرَاضِ النَّاسِ، وَأَمَّا فِيمَا عَدَاهُ فَلِانْتِفَاءِ الشَّهَادَةِ، أَوْ شَرْطِهَا فَلَمْ يَقْصِدُوا إلَّا الْعَارَ وَتَصْرِيحًا بِاعْتِبَارِ وَصْفِهِمْ بِالذُّكُورَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَسُكُوتُهُ كَأَصْلِهِ عَنْ اعْتِبَارِ عَدَالَتِهِمْ وَعَدَمِ عَدَاوَتِهِمْ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ يُفْهَمُ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِيمَا إذَا كَانُوا وَبَعْضُهُمْ فَسَقَةً أَوْ أَعْدَاءً لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي حَقِّ الشُّهُودِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الزِّنَا بِشَهَادَتِهِمْ؛ لِأَنَّ الْفِسْقَ وَالْعَدَاوَةَ إنَّمَا يُعْرَفَانِ بِالظَّنِّ وَالِاجْتِهَادِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الصِّفَاتِ وَالْحَدُّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ، وَأَمَّا الْقَاذِفُ فَيُحَدُّ لِعَدَمِ ثُبُوتِ الزِّنَا وَلَا مُعَارِضَ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ فِي الْأَرْبَعَةِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُمْ وَلَا عَنْهُ الْحَدُّ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ عَلَى زَوْجَتِهِ بِالزِّنَا لَا تُقْبَلُ لِلتُّهْمَةِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ الْبَحْثُ عَنْ إحْصَانِ الْمَقْذُوفِ، بَلْ يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَى الْقَاذِفِ لِظَاهِرِ الْإِحْصَانِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ لِعِصْيَانِهِ بِالْقَذْفِ وَلِأَنَّ الْبَحْثَ عَنْهُ يُؤَدِّي إلَى إظْهَارِ الْفَاحِشَةِ الْمَأْمُورِ بِسَتْرِهَا بِخِلَافِ الْبَحْثِ عَنْ عَدَالَةِ الشُّهُودِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ لِيَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِمْ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَيَيْنِ فِيهِ كَذَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ
(وَلَوْ بِالِاسْتِيفَا) أَيْ: يُوجِبُ الْقَذْفُ الْحَدَّ وَلَا يَسْقُطُ بِاسْتِيفَاءِ غَيْرِ الْإِمَامِ، وَلَوْ (قَدْ اسْتَقَلَّا) أَيْ: الْمَقْذُوفُ بِاسْتِيفَائِهِ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ الْمُوقَعُ فَيُسْتَوْفَى ثَانِيًا بِإِذْنِ الْإِمَامِ بِخِلَافِ الْقَوَدِ؛ لِأَنَّ مَوَاقِعَ الْجَلَدَاتِ وَالْإِيلَامَ بِهَا تَخْتَلِفُ كَحَدِّ الزِّنَا إذَا فُعِلَ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ وَهَذَا مِمَّا أَشْبَهَ بِهِ حَدُّ الْقَذْفِ حُدُودَ اللَّهِ لَكِنَّ الْمُغَلِّبَ فِيهِ حَقُّ الْآدَمِيِّ لِأَنَّهُ يُسْتَوْفَى بِطَلَبِ الْمَقْذُوفِ وَيَسْقُطُ بِإِسْقَاطِهِ (أَوْ طَرَأَتْ مِنْ بَعْدُ) أَيْ: بَعْدِ الْقَذْفِ (رِدَّةٌ) مِنْ الْمَقْذُوفِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِهَا الْحَدُّ (لَا) إنْ طَرَأَ (زِنَاهُ) بَعْدَ الْقَذْفِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِهِ الْحَدُّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الزِّنَا يُكْتَمُ فَظُهُورُهُ مُشْعِرٌ بِسَبْقِ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ تَعَالَى كَرِيمٌ لَا يَهْتِكُ السِّتْرَ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَالرِّدَّةُ عَقِيدَةٌ وَهِيَ لَا تُكْتَمُ غَالِبًا فَإِظْهَارُهَا لَا يُشْعِرُ بِسَبْقِ إخْفَائِهَا وَلِأَنَّ الزِّنَا يَمْنَعُ مَاضِيهِ الْحَصَانَةَ لِإِنْهَاكِ عِرْضِهِ فَيُسْقِطُهَا مُسْتَقْبَلُهُ بِخِلَافِ الْكُفْرِ وَلِأَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ مَوْضُوعٌ لِلْحِرَاسَةِ مِنْ الزِّنَا دُونَ الرِّدَّةِ فَجَازَ أَنْ يَسْقُطَ بِطُرُوِّهِ دُونَ طُرُوِّهَا وَكَطُرُوِّ الزِّنَا وَالْوَطْءِ الْمُسْقِطِ لِلْعِفَّةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ
(أَوْ أَبَاحَهُ أَنْ يَقْذِفَا) أَيْ: أَوْ أَبَاحَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَقْذِفَهُ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ، وَإِنْ لَمْ يُبِحْ بِالْإِبَاحَةِ كَمَا لَوْ قَالَ اُقْتُلْنِي فَقَتَلَهُ لَا قَوَدَ (أَوْ مُسْتَحِقُّهُ) أَيْ مُسْتَحِقُّ حَدِّ الْقَذْفِ وَهُوَ الْمَقْذُوفُ، أَوْ وَارِثُهُ الْحَائِزُ
(عَفَا) عَنْهُ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ الْحَدَّ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ فَسَقَطَ بِعَفْوِهِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ، وَلَوْ عَفَا عَنْهُ
ــ
[حاشية العبادي]
بَعْدَ الْحَدِّ عُزِّرَ
(فَرْعٌ) ادَّعَتْ امْرَأَةٌ بَيْنَ يَدَيْ الْحَاكِمِ أَنَّ فُلَانًا نَزَلَ إلَيْهَا لَيْلًا وَرَاوَدَهَا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَسَبَتْهُ لِذَلِكَ لَا بَيْنَ يَدَيْ الْحَاكِمِ فَيُعَزَّرُ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ
(فَرْعٌ) لَوْ كَذَّبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الشُّهُودَ عُزِّرَ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَسَبَهُمْ لِنَحْوِ الزِّنَا بَيْنَ يَدَيْ الْحَاكِمِ لِأَنَّ لَهُ الطَّعْنَ فِيهِمْ بِقَادِحِ الشَّهَادَةِ بِخِلَافِ التَّكْذِيبِ م ر
(قَوْلُهُ: يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِيمَا. . إلَخْ) أَيْ: وَقَدْ كَمُلَ النِّصَابُ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ عَلَى زَوْجَتِهِ. . إلَخْ) ، وَإِنْ كَانَ عَدْلًا، وَلَوْ جَهِلَ الثَّلَاثَةُ كَوْنَ الرَّابِعِ زَوْجًا وَأَنَّ شَهَادَتَهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ شُبْهَةً فِي حَقِّهِمْ لِعُذْرِهِمْ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ. . إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ أَقَامَ الْحَدَّ بِظَاهِرِ الْإِحْصَانِ وَتَوَلَّدَ مِنْهُ نَحْوُ تَلَفٍ أَوْ لَمْ يَتَوَلَّدْ مِنْهُ شَيْءٌ وَبَانَ عَدَمُ الْإِحْصَانِ مَاذَا يَلْزَمُ وَهَلْ يَضْمَنُ مَا تَوَلَّدَ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْوَاجِبَ التَّعْزِيرُ وَهُوَ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ يُقَالُ: الْمُتَّجَهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ لَا يَمْنَعُ الضَّمَانَ (قَوْلُهُ: لَا يُقْبَلُ لِلتُّهْمَةِ) ، وَإِنْ كَانَ عَدْلًا، وَلَوْ جَهِلَ الثَّلَاثَةُ كَوْنَ الرَّابِعِ زَوْجًا، أَوْ أَنَّ شَهَادَتَهُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ شُبْهَةً فِي حَقِّهِمْ لِعُذْرِهِمْ حَجَرٌ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَدْ اسْتَقَلَّا) وَيُعَزَّرُ عَلَى اسْتِقْلَالِهِ م ر (قَوْلُهُ: لَا إنْ طَرَأَ زِنَاهُ) أَيْ: بِخِلَافِ مَا لَوْ اُتُّهِمَ بِسَرِقَةٍ ثُمَّ سَرَقَ، فَلَا يَسْقُطُ تَعْزِيرُ مَنْ اتَّهَمَهُ م ر (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْكُفْرِ) هَذَا يُخَالِفُ مَا سَلَفَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْإِسْلَامِ فِي الْإِحْصَانِ بِرّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْكُفْرِ أَيْ: فَإِنَّ مَاضِيَهُ لَا يَمْنَعُ الْحَضَانَةَ فَإِنْ قُلْت هَذَا يُخَالِفُ اشْتِرَاطَ الْإِسْلَامِ فِي الْحَضَانَةِ كَمَا تَقَدَّمَ قُلْت قَدْ تَمْنَعُ الْمُخَالَفَةُ إذْ قَدْ يُسْلِمُ بَعْدَ الْكُفْرِ فَيَتَّصِفُ بِالْحَضَانَةِ، وَإِنْ تَقَدَّمَ الْكُفْرُ فَلْيُرَاجَعْ سم (قَوْلُهُ: مِنْ الزِّنَا) يُتَأَمَّلُ
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ) وَيَنْبَغِي وُجُوبُ التَّعْزِيرِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ. . إلَخْ حَالٌ (قَوْلُهُ: عَفَا عَنْهُ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ الْحَدَّ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَشَرْحِهِ لِلشِّهَابِ وَيُسْقِطُ حَدَّهُ وَتَعْزِيرَهُ بِعَفْوٍ عَنْ كُلِّهِ، وَلَوْ بِمَالٍ لَكِنْ لَا يَثْبُتُ الْمَالُ فَلَوْ عَفَا عَنْ بَعْضِهِ لَمْ يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْهُ وَلَا يُخَالِفُ سُقُوطُ التَّعْزِيرِ مَا فِي بَابِهِ أَنَّ لِلْإِمَامِ اسْتِيفَاءً؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ حَقُّ الْآدَمِيِّ وَاَلَّذِي يَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى لِلْمَصْلَحَةِ. اهـ.
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّعْزِيرَ الْآتِيَ فِي بَابِ التَّعْزِيرِ أَنَّهُ إذَا عَفَا عَنْهُ كَانَ لِلْإِمَامِ اسْتِيفَاؤُهُ شَامِلٌ لِتَعْزِيرِ الْقَذْفِ وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ هُنَاكَ، وَلَوْ عَفَا مُسْتَحِقُّ حَدٍّ فَلَا تَعْزِيرَ لِلْإِمَامِ فِي الْأَصَحِّ، أَوْ تَعْزِيرٌ فَلَهُ فِي الْأَصَحِّ اهـ وَقَضِيَّتُهَا أَنَّهُ إذَا سَقَطَ الْحَدُّ بِالْعَفْوِ لَا يَجِبُ تَعْزِيرُ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ وَإِلَّا لَكَانَ لِلْإِمَامِ التَّعْزِيرُ إذَا لَمْ يَطْلُبْهُ الْمُسْتَحِقُّ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُسْقِطُ الْحَدَّ) أَيْ: حَيْثُ أَوْجَبَ الْقَذْفُ الْحَدَّ وَمِثْلُهُ التَّعْزِيرُ حَيْثُ أَوْجَبَهُ الْقَذْفُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَلَوْ قَذَفَهُ بَعْدَ الْعَفْوِ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْأَوَّلِ وَلَمْ يُلَاعِنْ وَهُوَ مَا ذُكِرَ هُنَا فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: أَوْ طَرَأَتْ. . إلَخْ) أَوْ قَذَفَهُ بَعْدَهَا بِزِنًا أَضَافَهُ لِحَالِ الْإِسْلَامِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ زِنَاهُ) مِثْلُهُ غَيْرُهُ مِمَّا يُبْطِلُ الْعِفَّةَ. اهـ. ق ل وَم ر وَقَوْلُهُمَا غَيْرُهُ كَوَطْءِ حَلِيلَتِهِ فِي دُبُرِهَا كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ فَيُسْقِطُهَا مُسْتَقْبَلُهُ) أَيْ يَتَبَيَّنُ بِهِ عَدَمُهَا وَقْتَ الْقَذْفِ تَدَبَّرْ
عَلَى مَالٍ سَقَطَ وَلَا يَجِبُ الْمَالُ فِي الْأَظْهَرِ
(وَحُلِّفَا) أَيْ الْمَقْذُوفُ بِطَلَبِ الْقَاذِفِ (أَنِّي لَمْ أَزْنِ) أَيْ: عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَزْنِ فَرُبَّمَا يُقِرُّ فَيَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْ الْقَاذِفِ، سَوَاءٌ عَجَزَ الْقَاذِفُ عَنْ بَيِّنَةِ الزِّنَا، أَوْ بَيِّنَةِ الْإِقْرَارِ بِهِ أَمْ لَا كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعَجْزِ قَالُوا وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالزِّنَا وَالتَّحْلِيفِ عَلَى نَفْيِهِ إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ وَارِثُ الْمَقْذُوفِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ زِنَاهُ (فَإِنْ يَحْلِفْ يُحَدْ قَاذِفُهُ وَبِنُكُولِهِ) أَيْ: الْمَقْذُوفِ عَنْ الْحَلِفِ (يُرَدْ) أَيْ: الْحَلِفُ عَلَى الْقَاذِفِ (فَحَلِفُ الْقَاذِفِ مُسْقِطٌ هُنَا عَنْهُ) حَدُّ الْقَذْفِ
(وَلَمْ يَثْبُتْ بِهِ) أَيْ: بِحَلِفِهِ (حَدُّ الزِّنَا) عَلَى الْمَقْذُوفِ إذْ حُدُودُ اللَّهِ لَا تَثْبُتُ بِيَمِينِ الرَّدِّ وَهَذَا كَيَمِينِ الرَّدِّ فِي السَّرِقَةِ فَإِنَّهَا تُوجِبُ الْمَالَ دُونَ الْقَطْعِ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ حَدُّ الْقَذْفِ وَقَوْلُهُ: مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا تَكْمِلَةٌ
(وَيُورَثُ الْحَدُّ كَمَالٍ خُلِّفَا) عَنْ الْمَيِّتِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ خَاصٌّ وَرِثَهُ الْمُسْلِمُونَ فَيَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ، وَلَوْ مَاتَ الْمَقْذُوفُ مُرْتَدًّا قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ، بَلْ يَسْتَوْفِيهِ وَارِثَهُ لَوْلَا الرِّدَّةُ لِلتَّشَفِّي كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ قِصَاصِ الطَّرَفِ (وَكُلُّهُ) أَيْ: الْحَدُّ (يَبْقَى إنْ الْبَعْضُ) مِنْهُمْ (عَفَا) عَنْ حَقِّهِ مِنْهُ وَلَا يَتَبَعَّضُ كَمَا لَا يَتَبَعَّضُ الْعَارُ وَالْإِيذَاءُ فَيَسْتَوْفِيهِ كُلَّهُ غَيْرُ الْعَافِي لِأَنَّ الْحَقَّ يَثْبُتُ لِكُلٍّ مِنْهُمْ كَوِلَايَةِ التَّزْوِيجِ وَحَقِّ الشُّفْعَةِ وَلِأَنَّ عَارَ الْمَقْذُوفِ يَلْزَمُ الْوَاحِدَ كَمَا يَلْزَمُ الْجَمِيعَ وَهَذَا بِخِلَافِ الْقَوَدِ حَيْثُ يَسْقُطُ كُلُّهُ بِعَفْوِ الْبَعْضِ؛ لِأَنَّ لَهُ بَدَلًا بِخِلَافِ الْحَدِّ فَلَوْ قَذَفَ مُورِثَهُ فَمَاتَ الْمَوْرُوثُ عَنْهُ وَعَنْ وَارِثٍ آخَرَ كَانَ لِلْآخَرِ إقَامَةُ جَمِيعِ الْحَدِّ عَلَيْهِ، وَإِنْ مَاتَ عَنْهُ فَقَطْ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ بِخِلَافِ مَا إذَا قَطَعَ يَدَهُ فَمَاتَ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْقَوَدُ لِأَنَّ الْقَتْلَ يَمْنَعُ الْمِيرَاثَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلِأَحَدِ الْوَرَثَةِ طَلَبُ الْحَدِّ مَعَ غَيْبَةِ الْبَاقِينَ أَوْ صِغَرِهِمْ بِخِلَافِ الْقَوَدِ وَكَالْحَدِّ فِيمَا ذَكَرَ التَّعْزِيرُ (وَوَارِثُ الْمَجْنُونِ فَلْيَسْتَوْفِ) مَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ حَدِّ الْقَذْفِ أَوْ تَعْزِيرُهُ، فَلَا يَسْتَوْفِيهِ هُوَ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ وَلَا وَلِيُّهُ لِعَدَمِ حُصُولِ التَّشَفِّي، بَلْ يَصْبِرُ إلَى كَمَالِهِ فَيَسْتَوْفِي، أَوْ مَوْتُهُ فَيَسْتَوْفِي وَارِثُهُ، وَفِي مَعْنَى الْمَجْنُونِ الصَّبِيُّ حَيْثُ ثَبَتَ لَهُ التَّعْزِيرُ
(وَ) يَسْتَوْفِي (السَّيِّدُ التَّعْزِيرَ) الْوَاجِبَ لِرَقِيقِهِ الْمَقْذُوفِ (بَعْدَ الْحَتْفِ) أَيْ: بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ وَجَبَتْ بِالْقَذْفِ، فَلَا تَسْقُطُ بِالْمَوْتِ كَالْحَدِّ وَالسَّيِّدُ أَخَصُّ النَّاسِ بِهِ فَمَا ثَبَتَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ يَكُونُ لِسَيِّدِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَمَالِ الْمُكَاتَبِ، وَفِي حَيَاتِهِ الْعَفْوُ إلَيْهِ لَا إلَى سَيِّدِهِ إذَا عَرَضَهُ لَهُ لَا لِسَيِّدِهِ
(لِغَيْرِهِ) أَيْ: وَيَجِبُ لِقَذْفِ غَيْرِ الْمُحْصَنِ، وَلَوْ بِنَحْوِ قَوْلِهِ زَنَى عَيْنُك (التَّعْزِيرُ) لِلْإِيذَاءِ (دُونَ الْحَدِّ) لِمَفْهُومِ الْآيَةِ وَتَصْرِيحُهُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ (وَلَوْ جَرَى) الْقَذْفُ (مِنْ سَيِّدٍ لِعَبْدِ) لَهُ فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ فَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ فَهَلْ يَسْتَوْفِي لَهُ الْإِمَامُ وَجْهَانِ فِي الْوَسِيطِ، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنَّهُ زَنَى بِك فُلَانٌ مُكْرَهَةً أَوْ نَائِمَةً
ــ
[حاشية العبادي]
عَنْ الْقَذْفِ الْأَوَّلِ فَفِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ أَنَّهُ لَا حَدَّ فَلْيُرَاجَعْ
قَوْلُهُ: إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) أَلْحَقَ بِهَا مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى ابْنَيْهِ عَلَى أَنَّ مَنْ زَنَى مِنْهُمَا فَنَصِيبُهُ لِلْآخَرِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّ الْآخَرَ زَنَى لِيَسْتَحِقَّ هُوَ الْجَمِيعَ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ فَلَوْ نَكَلَ حَلَفَ مُدَّعِي الزِّنَا وَاسْتَحَقَّ الْجَمِيعَ وَلَا ثَبَتَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَا م ر
(قَوْلُهُ وَيُوَرِّثُ الْحَدَّ) قَالَ فِي الرَّوْضِ، وَإِنْ قَذَفَ مَيِّتًا فَهَلْ لِلزَّوْجِ أَيْ: الصَّادِقِ بِالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى حَقٌّ وَجْهَانِ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَوْجَهُهُمَا الْمَنْعُ لِانْقِطَاعِ الْوَصْلَةِ حَالَةَ الْقَذْفِ. اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَذَفَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ اسْتَحَقَّ الزَّوْجُ وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَى انْقِطَاعِ الْوَصْلَةِ قَوْلُهُمْ بِبَقَاءِ آثَارِ الزَّوْجِيَّةِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلِذَا أَجَازَ التَّغْسِيلَ مَعَ النَّظَرِ وَالْمَسِّ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ وَقَعَ الْقَذْفُ فِي حَيَاةِ الْمُوَرِّثِ ثَبَتَ لِوَارِثِهِ، وَلَوْ بِالسَّبَبِ كَالزَّوْجِ اسْتِيفَاءُ الْحَدّ وَالْعَفْوِ وَإِنْ كَانَ عَفْوُ الْبَعْضِ لَا يُسْقِطُ حَقَّ غَيْرِهِ، وَإِنْ وَقَعَ الْقَذْفُ بَعْدَ الْمَوْتِ ثَبَتَ اسْتِيفَاءُ الْحَدِّ وَالْعَفْوِ لِلْوَارِثِ بِالنَّسَبِ دُونَ الْوَارِثِ بِالسَّبَبِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْغَيْبَةِ فَإِنَّهُ لَا حَقَّ لِلْوَارِثِ فِيهَا، سَوَاءٌ الْوَارِثُ بِالنَّسَبِ، أَوْ بِالسَّبَبِ وَسَوَاءٌ صَدَرَتْ فِي حَيَاةِ الْمُوَرِّثِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَلَا يَصِحُّ عَفْوُ الْوَارِثِ عَنْهَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَارِثَ يَتَغَيَّرُ بِقَذْفِ مُوَرِّثِهِ دُونَ غَيْبَتِهِ م ر.
(قَوْلُهُ: كَمَالٍ خَلَفَا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى الدَّلِيلِ وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى الْمَالِ قِيلَ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى الْقِيَاسِ عَدَمُ سُقُوطِ حِصَّةِ الْعَافِي بِعَفْوِهِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا وَلَعَلَّ الْمُرَادَ عَدَمُ سُقُوطِ حِصَّتِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَإِلَّا فَهِيَ سَاقِطَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ حِصَّةَ الْوَارِثِ مِنْ الْمَالِ الْمُخْلَفِ لَا تَسْقُطُ بِعَفْوٍ، بَلْ بِتَمْلِيكِهِ بِشَرْطِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ دَيْنًا فَيَسْقُطُ بِالْإِبْرَاءِ
(قَوْلُهُ وَلِلسَّيِّدِ التَّعْزِيرُ) عَبَّرَ الشَّارِحُ عَنْهُ بِالْحَدِّ فَقَالَ الرَّابِعَةُ إذَا مَاتَ الْعَبْدُ الْمَقْذُوفُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ وَالْعَفْوِ عَنْهُ اسْتَوْفَاهُ سَيِّدُهُ اهـ فَأَرَادَ بِالْحَدِّ هُنَا التَّعْزِيرَ (قَوْلُهُ: فَمَا ثَبَتَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ. . إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَلَوْ قَذَفَ عَبْدَهُ فَلَهُ مُطَالَبَةُ سَيِّدَهُ بِالتَّعْزِيرِ وَحَقُّ التَّعْزِيرِ بِقَذْفِ الْعَبْدِ لَهُ فَإِذَا مَاتَ فَلِسَيِّدِهِ لَا قَرِيبِهِ اهـ فَانْظُرْ لَوْ قَذَفَ قَاذِفَ الْعَبْدِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَهَلْ الْحَقُّ حِينَئِذٍ لِلسَّيِّدِ أَوْ الْقَرِيبِ، أَوْ لَا حَقَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لِزَوَالِ الرِّقِّ بِالْمَوْتِ وَعَدَمِ إرْثِ الرَّقِيقِ
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ لِقَذْفِ غَيْرُ الْمُحْصَنِ، أَوْ إيذَاءُ الْمُحْصَنِ) وَغَيْرُهُ بِمَا لَيْسَ بِقَذْفٍ كَزَنَتْ يَدُك وَكَنِسْبَةِ امْرَأَةٍ إلَى إتْيَانِ أُخْرَى وَكَأَنْتَ قَاتِلٌ، أَوْ سَارِقٌ، أَوْ بِكِنَايَةٍ لَمْ تَقْتَرِنْ بِنِيَّةِ قَذْفٍ أَوْ بِتَعْرِيضٍ، أَوْ تَصْرِيحٍ مَعَ كَوْنِ الْقَاذِفِ أَصْلًا لِلْمَقْذُوفِ ح د (قَوْلُهُ: قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ) أَيْ: مِنْ سَيِّدِهِ وَقَوْلُهُ: فَهَلْ يَسْتَوْفِيهِ
ــ
[حاشية الشربيني]
(قَوْلُهُ: لَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) وَيُزَادُ عَلَيْهَا مَا لَوْ وَقَفَ دَارِهِ مَثَلًا عَلَى وَلَدَيْهِ عَلَى أَنَّ مَنْ زَنَى مِنْهُمَا سَقَطَ حَقُّهُ وَعَادَ نَصِيبُهُ إلَى أَخِيهِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ أَنَّهُ زَنَى لِيَعُودَ نَصِيبُهُ إلَيْهِ سُمِعَتْ فَإِنْ أَنْكَرَ وَنَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ وَقَضَى لَهُ بِنَصِيبِ النَّاكِلِ وَلَا يُحَدُّ النَّاكِلُ بِذَلِكَ. اهـ. شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: الْبَعْضُ عَفَا) فَيَسْقُطُ حَقُّهُ إنْ عَفَا عَنْ كُلِّهِ فَإِنْ عَفَا عَنْ بَعْضِهِ لَمْ يَسْقُطْ مِنْهُ شَيْءٌ وَفَائِدَةُ سُقُوطِ حَقِّهِ مَعَ أَنَّ لِلْبَاقِي اسْتِيفَاءَ امْتِنَاعِ مُطَالَبَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِالِاسْتِيفَاءِ
(قَوْلُهُ: وَجْهَانِ فِي الْوَسِيطِ) وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا الْمَنْعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَقَّ يَنْتَقِلُ لِسَيِّدِهِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ
أَوْ وَطِئَك بِشُبْهَةٍ مِنْك وَمِنْهُ عُزِّرَ؛ لِأَنَّ فِيهِ عَارًا وَإِيحَاشًا فَأَشْبَهَ قَذْفَ الْمَجْنُونَةِ، بَلْ أَوْلَى
وَالْقَذْفُ إنَّمَا (يُبَاحُ لِلزَّوْجِ) كَدَرْءِ حَدِّهِ بِاللِّعَانِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا لَطَّخَتْ فِرَاشَهُ قَوِيَ غَيْظُهُ وَاحْتَاجَ إلَى الِانْتِقَامِ مِنْهَا فَأُبِيحَ لَهُ الْقَذْفُ وَلَمَّا كَانَ فِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ عُسْرٌ عَلَيْهِ شُرِعَ لَهُ اللِّعَانُ طَرِيقًا إلَى الْخَلَاصِ وَإِنَّمَا يُبَاحُ لَهُ الْقَذْفُ (إنْ اسْتَيْقَنَهُ) أَيْ: الزِّنَا (بِالرَّأْيِ) بِأَنْ رَآهَا تَزْنِي (فِي نِكَاحِهِ أَوْ ظَنَّهُ) أَيْ الزِّنَا فِي نِكَاحِهِ (قُلْتُ) ظَنًّا (مُؤَكَّدًا) إمَّا (بِقَوْلِهَا) زَنَيْت (وَقَدْ صَدَّقَهَا) فِي قَوْلِهَا (أَوْ سَمْعِهِ) زِنَاهَا (مِنْ) شَخْصٍ (مُعْتَمَدْ) عِنْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا وَهَذَا آخِرُ زِيَادَةِ النَّظْمِ وَتَقْيِيدُهُ التَّيَقُّنَ بِالرَّأْيِ مِنْ زِيَادَتِهِ، وَلَوْ تَرَكَهُ كَانَ أَوْلَى (أَوْ) بِأَنْ (اسْتَفَاضَ) أَيْ: شَاعَ زِنَاهَا بِشَخْصٍ (مَعْ مَخِيلَةٍ) أَيْ: قَرِينَةٍ يَتَخَيَّلُ بِهَا زِنَاهَا (كَمَا فِي خَلْوَةٍ مَعَهَا يَرَى الْمُتَّهَمَا) أَيْ: كَمَا لَوْ رَأَى الْمُتَّهَمَ بِهَا مَعَهَا فِي خَلْوَةٍ وَكَمَا لَوْ رَآهَا تَخْرُجُ مِنْ عِنْدِهِ، أَوْ بِالْعَكْسِ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الشُّيُوعِ لِأَنَّهُ قَدْ يُشِيعُهُ عَدُوٌّ لَهَا، أَوْ لَهُ، أَوْ مَنْ طَمِعَ فِيهَا فَلَمْ يَظْفَرْ بِشَيْءِ وَلَا مُجَرَّدُ الْمُخَيِّلَةِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا دَخَلَ بَيْتَهَا لِخَوْفٍ، أَوْ سَرِقَةٍ، أَوْ طَمَعٍ (وَتَحْتَ شَيْءٍ وَمِرَارًا) أَيْ، أَوْ بِأَنْ رَآهَا مَعَهُ تَحْتَ شَيْءٍ كَشِعَارٍ، أَوْ رَآهَا مَعَهُ مِرَارًا (مُؤْذِنَهْ) أَيْ: مُعْلِمَةً لَهُ بِزِنَاهَا بِأَنْ تَكُونَ فِي مَحَلِّ رِيبَةٍ فَقَوْلُهُ: وَتَحْتَ شَيْءٍ وَمِرَارًا مُؤْذِنَةً مَعْطُوفٌ عَلَى اسْتَفَاضَ لَا عَلَى مُخَيِّلَةٍ وَلَا عَلَى خَلْوَةٍ وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْحَاوِي مَرَّاتٍ كَثِيرَةً إلَى قَوْلِهِ مِرَارًا مُؤْذِنَةً لِيُفِيدَ أَنَّ الْعِبْرَةَ مَعَ الْمَرَّاتِ بِإِعْلَامِهَا بِالزِّنَا لَا بِكَثْرَتِهَا وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي نِكَاحِهِ مَا لَوْ تَيَقَّنَ زِنَاهَا، أَوْ ظَنَّهُ لَا فِي نِكَاحِهِ، فَلَا يُبَاحُ لَهُ الْقَذْفُ إلَّا حَيْثُ كَانَ وَلَدٌ يَنْفِيهِ كَمَا سَيَأْتِي وَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ التَّيَقُّنِ وَالظَّنِّ مَعًا كَانَ أَوْلَى لِتَعَلُّقِهِ بِهِمَا مَعًا وَإِنْ فُهِمَ بِالْأُولَى مِنْ تَعَلُّقِهِ بِالْأَوَّلِ تَعَلُّقَهُ بِالثَّانِي
(وَ) يُبَاحُ لِلزَّوْجِ، بَلْ يَلْزَمُهُ (نَفْيُهُ الْمَوْلُودَ إنْ تَيَقَّنَهْ) أَيْ: نَفْيُهُ بِمَعْنَى انْتِفَائِهِ عَنْهُ مَعَ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ تَرْكَ نَفْيِهِ يَتَضَمَّنُ اسْتِلْحَاقَهُ، وَاسْتِلْحَاقُ مَنْ لَيْسَ مِنْهُ حَرَامٌ كَمَا يَحْرُمُ نَفْيُ مَنْ هُوَ مِنْهُ، وَفِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَدْخَلَتْ عَلَى قَوْمٍ مَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ فَلَيْسَتْ مِنْ اللَّهِ فِي شَيْءٍ وَلَمْ يُدْخِلْهَا جَنَّتَهُ وَأَيُّمَا رَجُلٍ جَحَدَ وَلَدَهُ، وَهُوَ يَنْظُرُ إلَيْهِ احْتَجَبَ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفَضَحَهُ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَيَتَيَقَّن انْتِفَاؤُهُ عَنْهُ بِأَنْ لَمْ يَطَأْ، أَوْ وَطِئَ وَوَلَدَتْهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ، أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْهُ وَكَالْوَطْءِ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ وَطَرِيقُ نَفْيِهِ فِي الزِّنَا اللِّعَانُ الْمَسْبُوقُ بِالْقَذْفِ فَيَلْزَمَانِهِ
ــ
[حاشية العبادي]
الْإِمَامُ وَجْهَانِ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَالظَّاهِرُ مِنْهُمَا الْمَنْعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَقَّ يَنْتَقِلُ إلَى سَيِّدِهِ. اهـ. وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَسْتَوْفِي إلَّا بَعْدَ طَلَبِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ نَائِبِهِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا إذَا كَانَ ثَمَّ مُسْتَحِقٌّ، أَوْ نَائِبٌ (قَوْلُهُ: عُزِّرَ) هَذَا وَاضِحٌ فِي الْأُولَى بِالنِّسْبَةِ لَهَا لَا بِالنِّسْبَةِ لِفُلَانٍ أَيْضًا
(قَوْلُهُ: وَقَدْ صَدَّقَهَا فِي قَوْلِهَا) سَوَاءٌ أَقَرَّتْ بِهِ مَعَ مُعَيَّنٍ أَمْ لَا فِيمَا يَظْهَرُ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: وَتَحْتَ شَيْءٍ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ، أَوْ مَرَّةً تَحْتَ شِعَارٍ فِي هَيْئَةٍ مُنْكَرَةٍ اهـ وَعِبَارَةُ الْإِرْشَادِ تَحْتَ شِعَارٍ. اهـ. قِيلَ وَالشِّعَارُ مَا وَلِيَ الْجَسَدَ مِنْ الثِّيَابِ وَمِنْ لَازِمِ الِاجْتِمَاعِ تَحْتَهُ عَادَةً كَوْنُهُمَا عَلَى هَيْئَةِ مُنْكَرَةٍ فَلَمْ يَحْتَجْ كَأَصْلِهِ إلَى التَّقْيِيدِ بِهَا الْوَاقِعِ فِي كَلَامِ غَيْرِهِمَا اهـ وَالْمُصَنِّفُ عَبَّرَ بِشَيْءٍ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الشِّعَارِ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِالْهَيْئَةِ الْمُنْكَرَةِ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يَلِي الْجَسَدَ وَالْهَيْئَةَ الْمُنْكَرَةَ وَغَيْرَهُمَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: كَشِعَارٍ) ، وَلَوْ مَرَّةً حَجَرٌ (قَوْلُهُ مَعْطُوفٌ. . إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ مُتَعَلِّقُ الْمَعْطُوفِ عَلَى اسْتَفَاضَ أَيْ: رَأَى وَقَوْلُهُ: لَا عَلَى مُخَيِّلَةٍ. . إلَخْ إذْ عَطْفُهُ عَلَى مُخَيِّلَةٍ، أَوْ خَلْوَةٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِهِ إلَّا مَعَ اسْتِفَاضَةٍ
(قَوْلُهُ: وَيُبَاحُ لِلزَّوْجِ. . إلَخْ) عَبَّرَ الْإِرْشَادُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ وَلِزَوْجٍ قَذْفٌ وَهُنَا بِقَوْلِهِ وَلِكُلٍّ نَفْيُ وَلَدٍ وَوَجَبَ إنْ تَبَيَّنَ. اهـ. أَيْ: لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجِ وَالْمُطَلِّقِ وَالْوَاطِئِ بِشُبْهَةٍ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ أَصْلِهِ مِنْ اخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِالزَّوْجِ حَجَرٌ (قَوْلُهُ: مَعَ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ)، أَمَّا إذَا لَمْ يُمْكِنُ فَهُوَ غَنِيٌّ عَنْ النَّفْيِ بِرّ (قَوْلُهُ: فِي الزِّنَا) خَرَجَ غَيْرُهُ كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ طَرِيقُ نَفْيِهِ فِيهِ اللِّعَانَ لَكِنْ لَا الْمَسْبُوقَ بِالْقَذْفِ إذْ لَا قَذْفَ فِيهِ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ بِالرَّأْيِ) مِثْلُ الرُّؤْيَةِ إخْبَارُ عَدَدِ التَّوَاتُرِ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْعِلْمَ فَالْبَاءُ بِمَعْنَى الْكَافِ وَسَيَأْتِي قَوْلُ الشَّارِحِ وَلَوْ تَرَكَهُ. . إلَخْ (قَوْلُهُ شَاعَ) مَصْدَرُهُ الشُّيُوعُ وَالشِّيَاعُ بِكَسْرِ الشِّينِ كَمَا فِي ع ش وَبِفَتْحِهَا كَمَا فِي الْكَرْخِيِّ نَقْلًا عَنْ الْمَحَلِّيِّ
(قَوْلُهُ: بَلْ يَلْزَمُهُ نَفْيُهُ) أَيْ لَا خُصُوصُ الْقَذْفِ بَلْ يَكْفِي رَمْيُهَا بِالْعُلُوقِ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ س ل عَنْ الشِّهَابِ عَمِيرَةَ (قَوْلُهُ مَعَ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ) أَيْ وَأَلْحَقَ بِهِ ظَاهِرًا وَإِلَّا كَأَنْ أَتَتْ بِهِ خِفْيَةً بِأَنْ لَمْ يُشْتَهَرْ وِلَادَتُهَا وَأَمْكَنَ تَرْبِيَتُهُ عَلَى أَنَّهُ لَقِيطٌ مَثَلًا بِحَيْثُ لَا يَلْحَقُ بِهِ فَلَا حَاجَةَ لِنَفْيِهِ. اهـ. ق ل عَلَى الْجَلَالِ بِزِيَادَةِ إيضَاحٍ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَوَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ. . إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا فِي الْوَلَدِ التَّامِّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ. اهـ. سم عَلَى حَجَرٍ وَعِبَارَةُ ق ل بِأَنْ وَلَدَتْهُ وَهُوَ تَامٌّ وَإِلَّا فَيُعْتَبَرُ مَا تَقَدَّمَ فِي الرَّجْعَةِ. اهـ. أَيْ: مِنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا فِي مُصَوَّرٍ وَثَمَانِينَ فِي الْمُضْغَةِ (قَوْلُهُ أَيْضًا وَوَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) أَيْ: أَتَمَّتْ وِلَادَتَهُ لِدُونِهَا أَوْ ابْتَدَأَتْ وِلَادَتَهُ لِدُونِهَا وَلَوْ تَمَّتْ مَعَ تَمَامِهَا؛ لِأَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ السِّتَّةِ مِنْ الْوَطْءِ أَقَلَّ الْمُدَّةِ إذَا لَمْ يُحْسَبْ مِنْهَا لَحْظَةُ الْوَضْعِ (قَوْلُهُ أَوْ لِأَكْثَرِ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْوَطْءِ اعْلَمْ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ مَحْسُوبٌ مِنْهَا لَحْظَةُ الْوَطْءِ فَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ ابْتِدَاءِ الْوَطْءِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ مِنْ تَمَامِهِ فَلَا حَاجَةَ لِلْأَكْثَرِ بَلْ إنْ وَلَدَتْهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ تَمَامِهِ كَفَى فِي تَيَقُّنِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. شَيْخُنَا ذ رحمه الله (قَوْلُهُ: وَطَرِيقُ نَفْيِهِ فِي الزِّنَا اللِّعَانُ. . إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَظَاهِرٌ أَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ كَالزِّنَا فِي لُزُومِ النَّفْيِ وَحُرْمَتِهِ
أَيْضًا وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ قَذْفُهَا إنْ تَيَقَّنَ زِنَاهَا أَوْ ظَنَّهُ كَمَا مَرَّ فِي إبَاحَته وَإِلَّا، فَلَا قَذْفَ أَصْلًا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مِنْ زَوْجٍ قَبْلَهُ، أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ.
(تَنْبِيهٌ) شَمِلَ كَلَامُهُمْ مَا لَوْ أَتَتْ زَوْجَتُهُ بِوَلَدٍ خِفْيَةً بِحَيْثُ لَا يَلْحَقُ بِهِ فِي الْحُكْمِ وَيَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يَلْزَمُهُ نَفْيُهُ وَالْأَوْلَى بِهِ السَّتْرُ وَالْكَفُّ عَنْ الْقَذْفِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنْ صَحَّ هَذَا فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ إطْلَاقِهِمْ
(كَمَا لَوْ اسْتِبْرَا) هَا (بِحَيْضٍ) أَيْ بِحَيْضَةٍ بَعْدَ الْوَطْءِ وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِمُدَّةِ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْ الزِّنَا فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ، بَلْ يَلْزَمُهُ نَفْيُهُ (إنْ حَصَلْ مَعَهُ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءِ أَيْ: بَعْدَهُ (مَخِيلَةُ الزِّنَا) الْمُبِيحَةُ لِلْقَذْفِ لِحُصُولِ الظَّنِّ حِينَئِذٍ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مُخَيِّلَةٌ لَمْ يَجُزْ نَفْيُهُ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ كَالْإِمَامِ فِي النِّهَايَةِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَصَحَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ إبَاحَةَ النَّفْيِ بِالِاسْتِبْرَاءِ بِغَيْرِ مُخَيِّلَةٍ لِأَنَّهُ أَمَارَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَنْفِيَهُ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ قَدْ تَرَى الدَّمَ وَلَمْ يُرَجِّحْ فِي الْكَبِيرِ شَيْئًا، أَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا، أَوْ اسْتَبْرَأَهَا وَوَلَدَتْهُ لِدُونِ مُدَّةِ الْإِمْكَانِ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الزِّنَا وَفَوْقَهَا
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: فَيَلْزَمَانِهِ) هَلَّا أَغْنَى عَنْ الْقَذْفِ رَمْيُهَا بِإِصَابَةِ الْغَيْرِ ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَشَارَ إلَى اسْتِشْكَالِ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ نَعَمْ إنْ تَيَقَّنَ مَعَ مَا ذَكَرَ أَنَّهَا زَنَتْ، أَوْ ظَنَّهُ ظَنًّا مُؤَكَّدًا قَالُوا لَزِمَهُ قَذْفُهَا أَيْضًا. اهـ.
ثُمَّ رَأَيْت إطْلَاقَ قَوْلِهِ الْآتِي قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ، وَفِي تَرْجَمَةٍ. . إلَخْ مَا نَصُّهُ وَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْقِيَاسُ، وَهُوَ شَامِلٌ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ عَدَمُ عَيْنِ الْقَذْفِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم
(قَوْلُهُ: بَلْ يَلْزَمُهُ نَفْيُهُ إنْ حَصَلَ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَكَذَا يَلْزَمُهُ النَّفْيُ لَوْ رَأَى مَا يُبِيحُ قَذْفَهَا وَأَتَتْ بَعْدَهُ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الزِّنَا لَا مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ وَكَانَ قَدْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَهُ بِحَيْضَةٍ، أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ مِنْ الزِّنَا بِأَنْ كَانَ يَعْزِلُ، أَوْ أَشْبَهَ الزَّانِيَ، وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ حَرُمَ النَّفْيُ لَا الْقَذْفُ وَيَجُوزُ النَّفْيُ لِمَنْ يَطَأُ فِي الدُّبُرِ لَا لِمَنْ يَعْزِلُ وَلَا يَلْزَمُهُ تَبْيِينُ السَّبَبِ الْمُجَوِّزِ لِلنَّفْيِ وَالْقَذْفِ لَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَيْ: بَاطِنًا رِعَايَةُ السَّبَبِ الْمُجَوِّزِ اهـ فَعُلِمَ أَنَّ فِي الْعَزْلِ مَسْأَلَتَيْنِ وَقَوْلُهُ: لَا الْقَذْفُ أَيْ: وَاللِّعَانُ بَيَّنَ فِي شَرْحِهِ أَنَّ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ قِيَاسًا بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْقَاضِي حُرْمَةَ ذَلِكَ وَصَحَّحَهَا الْأَصْلُ وَالْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ إبَاحَةَ النَّفْيِ) أَيْ: وَلَا يَجِبُ، بَلْ يُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ كَمَا سَيَأْتِي لِفَقْدِ الْمُخَيِّلَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الِاسْتِبْرَاءُ ثُمَّ الْمُخَيِّلَةُ وَجَبَ النَّفْيُ، وَإِنْ اسْتَبْرَأَ وَلَمْ يَحْصُلْ مُخَيِّلَةٌ حَرُمَ عَلَى مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَجَازَ عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ فَمَوْضِعُ إطْلَاقِ حُصُولِ الِاسْتِبْرَاءِ بِدُونِ مُخَيِّلَةٍ وَمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَقْعَدُ مَعْنًى لِأَنَّهُ أَحْوَطُ هَذَا وَلَكِنْ مَنْ تَأَمَّلَ صَنِيعَ الْجَلَالِ الْمَحَلِّيِّ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْ زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ عَلِمَ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ عِنْدَ حُصُولِ الْمُخَيِّلَةِ بِرّ (قَوْلُهُ: وَفَوْقَهَا. . إلَخْ)
ــ
[حاشية الشربيني]
مَعَ الْقَذْفِ وَاللِّعَانِ. اهـ. وَمُرَادُهُ بِالْقَذْفِ الرَّمْيُ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ قَذْفُهَا. . إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ لَا يَتَعَيَّنُ خُصُوصُ الْقَذْفِ بَلْ رَمْيُهَا بِالطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ س ل عَنْ الشِّهَابِ عَمِيرَةَ. اهـ. شَيْخُنَا ذ رحمه الله (قَوْلُهُ: خِفْيَةً) أَيْ: بِأَنْ لَمْ يُشْتَهَرْ وِلَادَتُهَا وَأَمْكَنَ تَرْبِيَتُهُ عَلَى أَنَّهُ لَقِيطٌ مَثَلًا. اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اسْتَبْرَأَهَا. . إلَخْ) أَيْ: يَلْزَمُهُ نَفْيُهُ إنْ تَيَقَّنَهُ أَوْ ظَنَّهُ كَمَا لَوْ اسْتَبْرَأَهَا. . إلَخْ (قَوْلُهُ لِمُدَّةِ إمْكَانِ. . إلَخْ) بِأَنْ أَتَتْ بَعْدَهُ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَدُونَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ نَفْيُهُ) أَيْ: وَلَا الْقَذْفُ وَاللِّعَانُ أَيْضًا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْقَاضِي وَإِنْ قَالَ هُوَ بِجَوَازِهِمَا (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ مُخَيِّلَةٍ) أَيْ: قَرِينَةِ الزِّنَا الْمُبِيحَةِ لِلْقَذْفِ وَهِيَ مَا أَوْرَثَتْ ظَنًّا مُؤَكَّدًا مِمَّا مَرَّ لَكِنْ هُنَاكَ تُهْمَةُ زِنًا كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ سَابِقًا وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِمُدَّةِ
مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ حُرِّمَ نَفْيُهُ رِعَايَةً لِلْفِرَاشِ وَلَا عِبْرَةَ بِرِيبَةٍ يَجِدُهَا فِي نَفْسِهِ.
وَقَوْلُ النَّظْمِ كَمَا لَوْ اسْتَبْرَأَ نَظِيرٌ لِلتَّيَقُّنِ لَا مِثَالٌ لَهُ إذْ لَا تَيَقُّنَ فِيهِ (لَا إنْ عَزَلْ) عَنْهَا فِي وَطْئِهِ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ نَفْيُ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُهُ إلَى الرَّحِمِ مِنْ عَسِيرِ شُعُورِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَطِئَهَا فِي الدُّبُرِ، أَوْ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ النَّفْيُ؛ لِأَنَّ أَمْرَ النَّسَبِ يَتَعَلَّقُ بِالْجِمَاعِ الشَّرْعِيِّ، فَلَا يَثْبُتُ بِغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ فِي ثُبُوتِهِ بِالْإِتْيَانِ فِي الدُّبُرِ اضْطِرَابًا قَدَّمْتُهُ فِي النِّكَاحِ، وَلَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لَا يُشْبِهُهُ لِنَقْصٍ، أَوْ كَمَالِ خِلْقَةٍ أَوْ حُسْنٍ، أَوْ قُبْحٍ وَنَحْوِهَا أَوْ وَلَدَتْ أَسْوَدَ وَهُمَا أَبْيَضَانِ، أَوْ بِالْعَكْسِ وَلَا مُخَيِّلَةَ زِنًا حَرُمَ النَّفْيُ، وَإِنْ كَانَ ثَمَّ مُخَيِّلَةُ زِنًا، أَوْ أَتَتْ بِهِ عَلَى لَوْنِ الْمُتَّهَمِ بِهِ فَفِيهِ خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِرْقَ نَزَّاعٌ
(مَعَ) أَيْ: يُبَاحُ لِلزَّوْجِ الْقَذْفُ وَنَفْيُ الْوَلَدِ مَعَ (اللِّعَانِ مِنْهُ وَهْوَ مُشْتَهِرْ) وَذَكَرَهُ الْحَاوِي أَيْضًا، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا نَعَمْ لَوْ ادَّعَتْ عَلَيْهِ قَذْفًا فَأَنْكَرَ، أَوْ سَكَتَ فَأَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَةً فَلَا يَقُولُ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ بَلْ فِيمَا أَثْبَتَتْ عَلَيَّ مَنْ رَمْيِ إيَّاهَا بِالزِّنَا وَيَرْفَعُ فِي نَسَبِهَا إنْ كَانَتْ غَائِبَةً بِقَدْرِ مَا تَتَمَيَّزُ بِهِ وَيُشِيرُ إلَيْهَا إنْ كَانَتْ حَاضِرَةً.
(وَهْوَ) أَيْ: اللِّعَانُ أَيْ كَلِمَاتُهُ الْخَمْسُ (عَلَى الْوِلَاءِ) فَيُؤَثِّرُ طُولُ الْفَصْلِ بَيْنَهَا (وَالْفَرْعِ) أَيْ: الْوَلَدِ (ذِكْرَ) أَيْ: يَذْكُرُهُ الزَّوْجُ وُجُوبًا (فِي كُلِّ مَرَّةٍ مِنْ الْخَمْسِ) إنْ كَانَ ثَمَّ وَلَدٌ يَنْفِيهِ لِيَنْتَفِيَ عَنْهُ كَأَنْ يَقُولَ وَإِنَّ الْوَلَدَ الَّذِي وَلَدَتْهُ، أَوْ هَذَا الْوَلَدُ إنْ حَضَرَ مِنْ زِنًا لَيْسَ مِنِّي فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ زِنًا لَمْ يَكْفِ فِي الِانْتِفَاءِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ الْوَطْءَ بِالشُّبْهَةِ زِنًا وَصَحَّحَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يَكْفِي حَمْلًا لِلَفْظِ الزِّنَا عَلَى حَقِيقَتِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَأَصْلِ الرَّوْضَةِ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ لَيْسَ مِنِّي لَمْ يَكْفِ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ فِي الْأُمِّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُهُ خَلْقًا وَخُلُقًا فَلَا بُدَّ أَنْ يُسْنِدَهُ مَعَ ذَلِكَ إلَى سَبَبٍ مُعَيَّنٍ كَقَوْلِهِ زِنًا كَمَا مَرَّ، أَوْ مِنْ زَوْجٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ وَعِنْدَ الِالْتِبَاسِ يَأْتِي بِمَا يَعُمُّهَا فَيَقُولُ مِنْ
ــ
[حاشية العبادي]
هَلَّا قَالَ وَفَوْقَهُ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ أَيْ وَفَوْقَ الدُّونِ حَتَّى يُصَدَّقَ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ بَيَانَ مُدَّةٍ يُحْتَمَلُ حُدُوثُ الْوَلَدِ فِيهَا وَعَدَمُ كَوْنِهِ مِنْ الْوَطْءِ السَّابِقِ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ وَأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يُضَافُ إلَى الْوَطْءِ السَّابِقِ رِعَايَةً لِلْفِرَاشِ وَقَدْ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ زِيَادَةٍ عَلَى السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ يُمْكِنُ الْوَطْءُ فِيهَا وَمِنْ هُنَا يَظْهَرُ أَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الِاحْتِمَالِ إذْ لَوْ أَتَتْ بِهِ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا اعْتِدَادَ بِالِاسْتِبْرَاءِ حِينَئِذٍ وَأَنَّهُ لَا يُتَخَيَّلُ انْقِطَاعُ نِسْبَتِهِ عَنْ الْوَطْءِ السَّابِقِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ) وَظَاهِرٌ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْمُدَّةِ مِنْ وَقْتِ طُرُوُّ الدَّمِ لَا مِنْ وَقْتِ انْقِطَاعِهِ بِرّ (قَوْلُهُ رِعَايَةً لِلْفِرَاشِ) أَيْ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْقَذْفُ وَاللِّعَانُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَإِنْ عَلِمَ زِنَاهَا نَظَرًا إلَى حَقِّ الْوَلَدِ وَتَضَرُّرِهِ قَالَهُ الْأَصْحَابُ رضي الله عنهم كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا فَلِتَمَيُّزِ حُرْمَةِ الْقَذْفِ هُنَا عَنْ عَدَمِهَا فِي قَوْلِ الرَّوْضِ فِي الْحَاشِيَةِ الْعُلْيَا حَرُمَ النَّفْيُ لَا الْقَذْفُ (قَوْلُهُ: لَا إنْ عَزَلَ) أَيْ: ثُمَّ زَنَتْ بِرّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ ثَمَّ مُخَيِّلَةُ زِنًا. . إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ فِيمَا لَوْ رَأَى مَا يُبِيحُ قَذْفَهَا، أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ مِنْ الزَّانِي بِأَنْ كَانَ يَعْزِلُ، أَوْ أَشْبَهَ الزَّانِيَ أَيْ: فَيَلْزَمُهُ النَّفْيُ ثُمَّ قَالَ
(فَرْعٌ) أَتَتْ بِوَلَدٍ أَبْيَضَ وَهُمَا أَسْوَدَانِ لَمْ يَسْتَبِحْ بِهِ النَّفْيَ وَلَوْ أَشْبَهَ مَنْ يُتَّهَمُ بِهِ اهـ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ فِي الشَّبَهِ مَسْأَلَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ فَتَأَمَّلْهُ
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ غَائِبَةً) صَرِيحٌ فِي صِحَّةِ اللِّعَانِ فِي غَيْبَتِهَا وَسَكَتَ عَنْ الِاكْتِفَاءِ بِالرَّفْعِ الْمَذْكُورِ إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَلَى الْوَلَاءِ)، أَمَّا الْمُوَالَاةُ بَيْنَ لِعَانَيْ الزَّوْجَيْنِ فَلَا تُشْتَرَطُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: فَيُؤَثِّرُ طُولُ الْفَصْلِ) الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَخَلُّلُ كَلَامٍ إذَا لَمْ يَطُلْ بِهِ الْفَصْلُ
ــ
[حاشية الشربيني]
إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْ الزِّنَا وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ النَّفْيُ قَطْعًا كَمَا فِي الْمَحَلِّيِّ فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ ثَمَّ مُخَيِّلَةُ زِنًا) أَيْ: وَلَا شَيْءَ مِمَّا مَرَّ يَتَيَقَّنُ أَوْ يَظُنُّ بِهِ كَوْنَ الْوَلَدِ لَيْسَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ كَذَلِكَ) أَيْ: حُرْمَةُ النَّفْيِ وَهَلْ يَحْرُمُ الْقَذْفُ أَيْضًا رِعَايَةً لِحَقِّ الْوَلَدِ وَتَضَرُّرِهِ بِهِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْفِرَاقِ بِالطَّلَاقِ لَا يَبْعُدُ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى نَظَائِرِهِ
(قَوْلُهُ: بَلْ فِيمَا أَثْبَتَتْ عَلَيَّ) وَلَا يُنَافِي إنْكَارُهُ قَوْلَهُ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا أُثْبِتُ. . إلَخْ لِاحْتِمَالِ إنْكَارِهِ التَّأْوِيلَ بِأَنِّي مَا قَذَفْتُ قَذْفًا بَاطِلًا. اهـ. رَوْضَةٌ فَإِنْ ضُمَّ إلَى إنْكَارِهِ قَوْلُهُ: وَمَا زَنَيْتِ لَزِمَهُ الْحَدُّ وَلَا يُلَاعِنُ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِعِفَّتِهَا. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ (قَوْلُهُ: إنَّ الْوَطْءَ بِالشُّبْهَةِ) أَيْ: وَطْأَهُ هُوَ شُبْهَةٌ. اهـ. سم عَلَى التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ الْبَغَوِيّ. . إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ
غَيْرِي أَوْ مِنْ وَطْءٍ غَيْرِ حَلَالٍ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْإِمَامِ وَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْتِمَاسٌ.
وَلَوْ أَغْفَلَ ذِكْرَ الْوَلَدِ فِي بَعْضِ الْكَلِمَاتِ احْتَاجَ فِي نَفْيِهِ إلَى إعَادَةِ اللِّعَانِ وَلَا تَحْتَاجُ الْمَرْأَةُ إلَى إعَادَةِ لِعَانِهَا
(وَفِي تَرْجَمَةٍ بِتَرْجُمَانَيْنِ اُكْتُفِيَ) أَيْ وَاكْتَفَى فِي تَرْجَمَةِ اللِّعَانِ بِتُرْجُمَانَيْنِ يُتَرْجِمَانِهَا لِلْقَاضِي إذَا لَمْ يَعْرِفْهَا، وَإِنْ عَرَفَهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى مُتَرْجِمٍ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَحْضُرَهُ أَرْبَعَةٌ مِمَّنْ يُحْسِنُهَا فَعُلِمَ صِحَّةُ اللِّعَانِ بِالتَّرْجَمَةِ بِأَيِّ لُغَةٍ كَانَتْ، وَلَوْ مِمَّنْ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ كَمَا فِي الْأَيْمَانِ وَالشَّهَادَاتِ، أَوْ كَانَتْ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ الْمُثْبِتِ لِلزِّنَا الَّذِي لَا يَثْبُتُ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نَقْلُ قَوْلٍ إلَى الْقَاضِي كَسَائِرِ الْأَقْوَالِ، وَلَوْ أَخَّرَ ذِكْرَ التَّرْجَمَةِ عَنْ لِعَانِ الزَّوْجَةِ كَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَصُّ بِلِعَانِ الزَّوْجِ (وَالزَّوْجُ فِي) الْمَرَّةِ (الْخَامِسَةِ اللَّعْنَ ذَكَرْ) بِأَنْ يَقُولَ إنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيَّ إنْ كُنْت مِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَيْتُهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا
(وَفِي لِعَانِ الْعِرْسِ) أَيْ: الزَّوْجَةِ (لَفْظٌ اشْتَهَرْ) وَذَكَرَهُ الْحَاوِي إيضَاحًا، وَهُوَ أَنْ تَقُولَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ: أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا (وَتِلْكَ) أَيْ: الْعِرْسُ (فِي خَامِسَةٍ فَبِالْغَضَبْ) بَدَلَ اللَّعْنِ (تَأْتِي) بِأَنْ تَقُولَ إنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيَّ إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا وَلَا تَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ لِعَانَهَا لَا يُؤَثِّرُ فَلَوْ امْتَنَعَ الْقَذْفُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْوَلَدِ مِنْ زَوْجٍ، أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ كَمَا مَرَّ قَالَ فِي نَفْيِهِ كَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ إصَابَةِ غَيْرِي لَهَا عَلَى فِرَاشِي وَإِنَّ هَذَا الْوَلَدَ مِنْ تِلْكَ الْإِصَابَةِ لَا مِنِّي وَلَا تُلَاعِنُ الْمَرْأَةُ إذْ لَا حَدَّ عَلَيْهَا بِهَذَا اللِّعَانِ حَتَّى يَسْقُطَ بِلِعَانِهَا وَيَجِبُ تَأْخِيرُ لِعَانِهَا عَنْ لِعَانِهِ لِأَنَّ لِعَانَهَا لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ وَإِنَّمَا يَجِبُ الْحَدُّ عَلَيْهَا بِلِعَانِهِ أَوَّلًا وَلَا بُدَّ مِنْ أَمْرِ الْحَاكِمِ بِهِ وَتَلْقِينِ كَلِمَاتِهِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَيَقُولُ قُلْ كَذَا وَقَوْلِي كَذَا فَلَوْ ابْتَدَأَ بِاللِّعَانِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَيْمَانِ.
(تَنْبِيهٌ) لَوْ أَبْدَلَ لَفْظَ شَهَادَةٍ بِحَلِفٍ وَنَحْوِهِ، أَوْ غَضَبٍ بِلَعْنٍ وَنَحْوِهِ، أَوْ عَكْسُهُ، أَوْ ذَكَرَ الْغَضَبَ وَاللَّعْنَ قَبْلَ تَمَامِ الشَّهَادَاتِ لَمْ يَصِحَّ
(وَبِاعْتِقَالِ) لِسَانِ قَاذِفٍ (مَرْجُوٍّ) بُرْؤُهُ (وَجَبْ إمْهَالُهُ ثَلَاثَةً) مِنْ الْأَيَّامِ فَقَطْ لِمَا فِي الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْمَقْذُوفَةِ فَإِنْ لَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ لَاعَنَ بِالْإِشَارَةِ، أَوْ الْكِتَابَةِ كَالْأَخْرَسِ وَإِنَّمَا صَحَّ لِعَانُ الْأَخْرَسِ دُونَ شَهَادَتِهِ لِضَرُورَتِهِ إلَى اللِّعَانِ دُونَ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ النَّاطِقِينَ يَقُومُونَ بِهَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْخَرْسَاءَ تُلَاعِنُ.
وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ لَكِنْ نَقَلَ ابْنُ الْقَطَّانِ عَنْ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: غَيْرُ حَلَالٍ) يَشْمَلُ الشُّبْهَةَ إذْ لَا تُوصَفُ بِحِلٍّ وَلَا حُرْمَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْجَهُ الِاكْتِفَاءُ بِهِ) أَيْ: مَا يَعُمُّهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْتِبَاسٌ قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْأَوْجَهَ الِاكْتِفَاءُ بِهِ، وَإِنْ عَلِمَ زِنَاهَا وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقَذْفُ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُمْ بِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ: فِي بَعْضِ الْكَلِمَاتِ) أَيْ الْخَمْسِ رَوْضٌ.
(قَوْلُهُ إلَى إعَادَةِ اللِّعَانِ) ظَاهِرُهُ إعَادَةُ جَمِيعِهِ حَتَّى لَوْ أَغْفَلَهُ فِي الْخَامِسَةِ فَقَطْ لَمْ يَكْفِ إعَادَتُهَا وَحْدَهَا (قَوْلُهُ: وَلَا تَحْتَاجُ الْمَرْأَةُ إلَى إعَادَةِ لِعَانِهَا) لَا يُقَالُ: كَيْفَ يَكْفِي ذَلِكَ مَعَ اشْتِرَاطِ تَقَدُّمِ لِعَانِهِ عَلَى لِعَانِهَا لِأَنَّا نَقُولُ قَدْ تَقَدَّمَ وَأَوْجَبَ الْحَدَّ عَلَيْهَا لَوْلَا لِعَانُهَا وَإِنَّمَا أُعِيدَ لِنَفْيِ الْوَلَدِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا بِهَامِشِ الْمَحَلِّيِّ أَقُولُ وَإِيضَاحُهُ أَنَّ الْأَحْكَامَ الْمُتَرَتِّبَةَ عَلَى لِعَانِهِ مِنْهَا مَا يُؤَثِّرُ فِيهِ لِعَانُهَا كَوُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِلِعَانِهَا، وَمِنْهَا مَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ لِعَانُهَا كَانْتِفَاءِ الْوَلَدِ الَّذِي نَفَاهُ فَلَمَّا كَانَ لِعَانُهُ صَحِيحًا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا يُؤَثِّرُ فِيهِ لِعَانُهَا كَانَ لِعَانُهَا صَحِيحًا لِوُجُودِ شَرْطِهِ مِنْ تَقَدُّمِ لِعَانِهِ الصَّحِيحِ عَلَى لِعَانِهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا يُفِيدُ فِيهِ لِعَانُهَا وَلَمَّا كَانَ فَاسِدًا بِالنِّسْبَةِ إلَى نَفْيِ الْوَلَدِ الَّذِي لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ لِعَانُهَا وَجَبَ إعَادَتُهُ لِأَجْلِ ذَلِكَ لَا مُطْلَقًا وَلَمْ يَكُنْ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ قَادِحًا فِي صِحَّةِ لِعَانِهَا فَتَأَمَّلْ سم
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ ذَلِكَ) أَيْ تَرْجَمَتُهَا لِلْقَاضِي
(قَوْلُهُ: فَبِالْغَضَبِ) يَجُوزُ زِيَادَتُهَا وَكَوْنُهَا جَوَابَ أَمَّا مُقَدَّرَةٍ (قَوْلُهُ وَيَجِبُ تَأْخِيرُ لِعَانِهَا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِتَقْدِيمِهِ نُقِضَ حُكْمُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ أَمْرِ الْحَاكِمِ بِهِ) وَتَلْقِينِ كَلِمَاتِهِ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يُتَصَوَّرُ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَصِحُّ اللِّعَانُ بِالتَّرْجَمَةِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُتَرْجِمَيْنِ يُتَرْجِمَانِهَا لِلْقَاضِي إذْ التَّرْجَمَةُ لَهُ فَرْعُ جَهْلِهِ بِهَا، فَلَا يُمْكِنُهُ التَّلْقِينُ قُلْت يُمْكِنُ تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِأَنْ يُلَقِّنَ بِالْعَرَبِيَّةِ فَيُعَبِّرُ الْمُلَاعِنُ بِغَيْرِهَا مِمَّا يَجْهَلُهُ الْقَاضِي فَيُتَرْجِمُ ذَلِكَ لَهُ اثْنَانِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ: وَتَلْقِينُ كَلِمَاتِهِ) أَيْ: تَلْقِينُ الْحَاكِمِ قَالَ فِي الرَّوْضِ وَكَذَا مِنْ حُكْمَاهُ حَيْثُ لَا وَلَدَ قَالَ فِي شَرْحِهِ، أَمَّا إذَا كَانَ وَلَدٌ، فَلَا يَصِحُّ التَّحْكِيمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا وَيَرْضَى بِحُكْمِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي النَّسَبِ، فَلَا يُؤَثِّرُ رِضَاهُمَا فِي حَقِّهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ السَّيِّدَ فِي ذَلِكَ كَالْحَاكِمِ لَا كَالْمُحَكِّمِ بِنَاءً عَلَى مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ يَتَوَلَّى لِعَانَ رَقِيقِهِ. اهـ. وَقَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ التَّحْكِيمُ هَلْ عَدَمُ الصِّحَّةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، أَوْ هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِنَفْيِ الْوَلَدِ فَقَطْ حَتَّى يَصِحَّ بِالنِّسْبَةِ لِإِيجَابِ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَلَا يَكْفِي الِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ لَيْسَ مِنِّي خِلَافًا لِلْقَلْيُوبِيِّ. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: احْتَاجَ فِي نَفْيِهِ. . إلَخْ) وَكَذَا الْحُكْمُ فِي تَسْمِيَةِ الزَّانِي إنْ أَرَادَ إسْقَاطَ الْحَدِّ عَنْ نَفْسِهِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ وَلَا تَحْتَاجُ الْمَرْأَةُ. . إلَخْ) لِأَنَّ لِعَانَهَا لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ تَأْخِيرُ لِعَانِهَا. . إلَخْ) فَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِتَقْدِيمِ لِعَانِهَا نُقِضَ حُكْمُهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ يَجُوزُ الِابْتِدَاءُ بِلِعَانِهَا. اهـ. حَاشِيَةُ الْأَنْوَارِ
(قَوْلُهُ فَيَقُولُ قُلْ كَذَا) قَالَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ قَالَ م ر وَالْمُرَادُ بِتَلْقِينِهِ كَلِمَاتِهِ أَمْرُهُ بِهَا لَا أَنَّهُ يَنْطِقُ بِهَا الْقَاضِي قَبْلَهُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ فِي كُتُبِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ إجْمَالًا كَأَنْ يَقُولَ لَهُ ائْتِ بِكَلِمَاتِ اللِّعَانِ. اهـ. (قَوْلُهُ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَيْمَانِ) أَيْ لَوْ أَتَى بِهَا قَبْلَ أَمْرِ الْقَاضِي لَا يُعْتَدُّ بِهَا وَإِنْ كَانَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّلْقِينُ كَمَا هُنَا. اهـ. حَاشِيَةُ مَنْهَجٍ عَنْ الشَّوْبَرِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ يَكْفِي هُنَا مُجَرَّدُ الْأَمْرِ بِالْإِتْيَانِ بِكَلِمَاتِ لِلِّعَانِ كَمَا نَقَلَهُ سم
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ)
الشَّافِعِيِّ أَنَّهَا لَا تُلَاعِنُ إذْ لَا ضَرُورَةَ بِهَا إلَى اللِّعَانِ بِخِلَافِ الْأَخْرَسِ لِضَرُورَتِهِ لِنَفْيِ الْوَلَدِ وَدَفْعِ الْحَدِّ ثُمَّ قَالَ وَالْأَشْبَهُ بِأُصُولِنَا أَنَّهَا تُلَاعِنُ كَمَا لَوْ اُدُّعِيَ عَلَيْهَا بَيْعٌ أَوْ شِرَاءٌ وَالتَّصْرِيحُ بِالْوُجُوبِ مِنْ زِيَادَةِ النَّظْمِ
(وَالْأَوْلَى) أَيْ: وَالْمُسْتَحَبُّ (تَغْلِيظُهُ) أَيْ: اللِّعَانِ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَالْجَمْعِ وَلَا يَجِبُ كَتَغْلِيظِ الْيَمِينِ بِتَعْدِيدِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، سَوَاءٌ كَانَ (لِذِي) أَيْ لِصَاحِبٍ (اعْتِقَادٍ) كَذِمِّيٍّ وَمَجُوسِيٍّ (أَوْ لَا) بِأَنْ لَا يَنْتَحِلَ دَيْنًا كَزِنْدِيقٍ وَدَهْرِيٍّ لِيَنَالَهُ عُقُوبَةُ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ بِصِفَةِ التَّغْلِيظِ كَذَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَالْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ قَالَ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَالنَّصُّ أَنَّهُ لَا يُغَلَّظُ عَلَى مَنْ لَا يَنْتَحِلُ دِينًا لِأَنَّهُ لَا يُعَظِّمُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَلَا يَتَحَرَّزُ بِخِلَافِ أَصْلِ الْيَمِينِ لِتَوَقُّفِ أَحْكَامِ اللِّعَانِ عَلَيْهَا وَاسْتَحْسَنُوا أَنْ يُقَالَ لَهُ قُلْ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَك وَرَزَقَك فَقَدْ قِيلَ إنَّ الْمُعَطِّلَ، وَإِنْ غَلَا فِي الْإِنْكَارِ بِلِسَانِهِ فَإِذَا رَجَعَ إلَى نَفْسِهِ وَجَدَهَا مُذْعِنَةً لِخَالِقٍ مُدَبِّرٍ إذَا عَرَفَ ذَلِكَ فَالتَّغْلِيظُ بِالزَّمَانِ (بِعَصْرِ جُمُعَةٍ) أَيْ: بَعْدَ صَلَاةِ عَصْرِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ طَلَبٌ حَاثٌّ وَإِلَّا فَبَعْدَ عَصْرِ أَيِّ يَوْمٍ كَانَ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْفَاجِرَةَ بَعْدَ الْعَصْرِ أَغْلَظُ عُقُوبَةً لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إلَيْهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ رَجُلٌ حَلَفَ يَمِينًا عَلَى مَالِ مُسْلِمٍ فَاقْتَطَعَهُ وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ لَقَدْ أَعْطَى بِسِلْعَتِهِ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى وَرَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ الْمَاءِ» وَبَعْدَ عَصْرِ الْجُمُعَةِ أَشَدُّ؛ لِأَنَّ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ فِيهَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَهُمَا يَدْعُوَانِ فِي الْخَامِسَةِ بِاللَّعْنِ وَالْغَضَبِ
(وَ) التَّغْلِيظُ بِالْمَكَانِ بِأَشْرَفِ مَكَان فِي الْبَلَدِ فَفِي غَيْرِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْمَقْدِسِ (بِالْمَقْصُورَةِ) أَيْ عِنْدَ مَقْصُورَةِ الْجَامِعِ يَعْنِي الْمِنْبَرَ، وَفِي صُعُودِهِ الْخِلَافُ الْآتِي فِي مِنْبَرِ الْمَدِينَةِ (وَ) فِي مَكَّةَ (بِمَقَامِ مَكَّةَ الْمَعْمُورَةِ) أَيْ: عِنْدَهُ كَذَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَعِبَارَةُ الشَّيْخَيْنِ كَغَيْرِهِمَا بَيْنَ الرُّكْنِ الْأَسْوَدِ وَالْمَقَامِ وَقَدْ يُقَالُ: بَيْنَ الْبَيْتِ وَالْمَقَامِ قَالَا وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ أَشْرَفُ بِقَاعِ مَكَّةَ مَرْدُودٌ إذْ لَا شَيْءَ فِيهَا أَشْرَفُ مِنْ الْبَيْتِ فَالْوَجْهُ مَا قَالَهُ الْقَفَّالُ إنَّهُ يَكُونُ فِي الْحِجْرِ لِأَنَّهُ مِنْ الْبَيْتِ وَكَانَ الْقِيَاسُ يَقْتَضِي التَّحْلِيفَ فِي الْبَيْتِ لَكِنْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ تُصَانُ الْكَعْبَةُ عَنْ ذَلِكَ وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْبَيْتِ أَنَّ بَعْضَهُ مِنْهُ (وَ) فِي الْمَدِينَةِ (بَيْنَ قَبْرِ الْمُصْطَفَى) صلى الله عليه وسلم (وَالْمِنْبَرِ) كَذَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ أَيْضًا وَعَنْ الشَّافِعِيِّ عِبَارَتَانِ إحْدَاهُمَا عِنْدَ الْمِنْبَرِ وَالْأُخْرَى عَلَيْهِ ذَكَرَهُمَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ ثُمَّ قَالَ وَلِلْأَصْحَابِ فِي صُعُودِهِ أَوْجُهٌ أَصَحُّهَا يَصْعَدُهُ وَالثَّانِي لَا.
وَالثَّالِثُ إنْ كَثُرَ الْقَوْمُ صَعِدَ لِيَرَوْهُ وَإِلَّا فَعِنْدَهُ وَالرَّابِعُ يَتَخَيَّرُ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا (وَ) فِي الْمَقْدِسِ عِنْدَ (صَخْرَةِ الْمَقْدِسِ) لِأَنَّهَا مِنْ الْجَنَّةِ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ (لِلْمُطَهِّرِ كَنِيسَةٌ وَبِيعَةٌ لِذِي الذِّمَمْ) أَيْ: لِلْمُسْلِمِ الطَّاهِرِ مَا مَرَّ وَلِلذِّمِّيِّ مِنْ الْيَهُودِ الْكَنِيسَةُ وَمِنْ النَّصَارَى الْبِيعَةُ لِأَنَّهُمْ يُعَظِّمُونَهُمَا كَتَعْظِيمِنَا الْمَسَاجِدَ (وَلِلْمَجُوسِ بَيْتُ نَارٍ) لِأَنَّهُمْ يُعَظِّمُونَهُ فَيَحْضُرُهُ الْحَاكِمُ رِعَايَةً لِاعْتِقَادِهِمْ لِشُبْهَةِ الْكِتَابِ فَقَوْلُهُ: كَنِيسَةٌ وَبِيعَةٌ وَبَيْتُ نَارٍ مَرْفُوعَاتٌ وَيَجُوزُ جَرُّهَا عَطْفًا عَلَى الْمَجْرُورَاتِ بِالْبَاءِ أَيْ: وَالتَّغْلِيظِ لِذِي الذِّمَمِ بِكَنِيسَةٍ وَبِيعَةٍ وَلِلْمَجُوسِ بِبَيْتِ نَارٍ (لَا) بَيْتِ (صَنَمْ) لِلِعَانِ عَبَدَتِهِ فَإِذَا وَقَعَ أَمَانٌ، أَوْ هُدْنَةٌ وَتَرَافَعُوا إلَيْنَا لَا يُلَاعِنُ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمْ فِيهِ إذْ لَا حُرْمَةَ لَهُ وَاعْتِقَادُهُمْ فِيهِ غَيْرُ مَرْعِيٍّ فَيُلَاعِنُ بَيْنَهُمْ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ (وَ) التَّغْلِيظُ (لِلَّتِي حَاضَتْ) أَوْ نَفِسَتْ وَلِلْجُنُبِ (بِبَابِ الْمَسْجِدِ) لِتَحْرِيمِ مُكْثِهِمَا فِيهِ نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ الطَّلَبُ حَثِيثًا، أَوْ رَأَى الْحَاكِمُ تَأْخِيرَ اللِّعَانِ إلَى زَوَالِ ذَلِكَ جَازَ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْمُسْلِمِ، أَمَّا الذِّمِّيُّ إذَا أُرِيدَ لِعَانُهُ فِي الْمَسْجِدِ فَيُلَاعِنُ فِيهِ مَعَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْجَنَابَةِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ لِأَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِتَفَاصِيلِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ حُرْمَتُهَا، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مُسْلِمًا وَالْمَرْأَةُ ذِمِّيَّةً لَاعَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا حَيْثُ يُعَظِّمُ (وَوُعِظَا وَخُوِّفَا بِالصَّمَدِ) أَيْ: وَالْأَوْلَى لِلْحَاكِمِ أَنْ يَعِظَهُمَا وَيُخَوِّفَهُمَا بِاَللَّهِ تَعَالَى وَيُذَكِّرَهُمَا بِأَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ وَيَقْرَأُ عَلَيْهِمَا {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} [آل عمران: 77] الْآيَةَ وَأَنْ يَقُولَ لَهُمَا مَا «قَالَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْمُتَلَاعِنَيْنِ وَهُوَ حِسَابُكُمَا عَلَى اللَّهِ وَاَللَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ أَحَدَكُمَا لَكَاذِبٌ هَلْ مِنْكُمَا تَائِبٌ» كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ (وَعِنْدَ مَرَّةٍ لَهُنَّ خَاتِمِهْ) بِإِمَالَةِ الْمِيمِ أَحْسَنُ مِنْ فَتْحِهَا هُنَا أَيْ: وَعِنْدَ الْمَرَّةِ
ــ
[حاشية العبادي]
الْحَدِّ عَلَيْهَا بِلِعَانِهِ وَإِسْقَاطِهِ عَنْهَا بِلِعَانِهِ فِيهِ نَظَرٌ
(قَوْلُهُ إذْ لَا ضَرُورَةَ بِهَا. . إلَخْ) كَيْفَ يَنْفِي الضَّرُورَةَ مَعَ إيجَابِ الْحَدِّ بِرّ فَإِنْ قِيلَ يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ نَفْيُ الضَّرُورَةِ عَلَى مَا لَوْ لَاعَنَ لِنَفْيِ وَلَدٍ وَرَمَاهَا بِإِصَابَةِ غَيْرِهِ بِشُبْهَةٍ إذْ لَا يَلْزَمُهَا حَدٌّ بِهَذَا اللِّعَانِ قُلْت لَكِنْ هَذَا لَا يَصْلُحُ مَحَلَّ خِلَافٍ
(قَوْلُهُ: وَفِي صُعُودِهِ الْخِلَافُ. . إلَخْ) قَضِيَّتُهُ الصُّعُودُ (قَوْلُهُ مَرْدُودٌ) لَعَلَّ مُرَادَهُمْ أَنَّهُ أَشْرَفُ بَعْدَ الْبَيْتِ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُصَانَ (قَوْلُهُ: أَنَّ بَعْضَهُ مِنْهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَعَلَّ عُدُولَهُمْ عَنْ الْحِجْرِ صِيَانَةً لِلْبَيْتِ أَيْضًا. اهـ. (قَوْلُهُ: فَيَحْضُرُهُ الْحَاكِمُ) وَيَحْضُرُ الْحَاكِمُ وَالْجَمْعُ الْآتِي بِمَحَالِّهِمْ الْمَذْكُورَةِ لِمَا مَرَّ إلَّا مَا بِهِ صُوَرٌ مُعَظِّمَةٌ لِحُرْمَةِ دُخُولِهِ مُطْلَقًا كَغَيْرِهِ بِلَا إذْنِهِمْ ج (قَوْلُهُ: إذْ لَا حُرْمَةَ لَهُ) ؛ وَلِأَنَّ دُخُولَهُ مَعْصِيَةٌ بِخِلَافِ دُخُولِ الْبِيَعِ وَالْكَنَائِسِ شَرْحٌ رَوْضُ وَقَوْلُهُ:؛ وَلِأَنَّ دُخُولَهُ مَعْصِيَةٌ، وَلَوْ بِإِذْنِهِمْ حَجَرٌ
(فَرْعٌ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَالتَّغْلِيظُ فِي حَقِّ الْكُفَّارِ بِالزَّمَانِ مُعْتَبَرٌ بِأَشْرَفِ الْأَوْقَاتِ عِنْدَهُمْ كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَيُلَاعِنُ فِيهِ مَعَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ إذَا أُمِنَ تَلْوِيثُ الْمَسْجِدِ بِهِمَا. اهـ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ يُعَظِّمُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ فَإِنْ رَضِيَ زَوْجُهَا بِالْمَسْجِدِ أَيْ: بِلِعَانِهَا فِيهِ وَقَدْ طَلَبَتْهُ جَازَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَطْلُبْهُ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي اللِّعَانِ لَهَا، أَوْ لَمْ يَرْضَ هُوَ؛ لِأَنَّ التَّغْلِيظَ عَلَيْهَا حَقُّهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَعِنْدَ مَرَّةٍ لَهُنَّ خَاتِمَةٌ لَهُنَّ) أَيْ: لِمَرَّاتِ اللِّعَانِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ خَاتِمَةٌ
ــ
[حاشية الشربيني]
وَلَوْ بِقَوْلِ عَدْلٍ ع ش (قَوْلُهُ: لِضَرُورَتِهِ) وَلِأَنَّ الْمُغَلِّبَ فِي اللِّعَانِ عَلَى الْأَصَحِّ جَانِبُ الْيَمِينِ ق ل
(قَوْلُهُ: وَدَهْرِيٍّ)
الْخَامِسَةِ الْخَاتِمَةِ لِمَرَّاتِ اللِّعَانِ (يَجْعَلُ) نَدْبًا (وَاحِدٌ) بِأَمْرِ الْحَاكِمِ (يَدًا) لَهُ (عَلَى فَمِهْ) أَيْ: كُلٌّ مِنْ الْمُتَلَاعِنَيْنِ لِلْأَمْرِ بِهِ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَيَأْتِي مِنْ وَرَائِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فَيَضَعُ الرَّجُلُ يَدَهُ عَلَى فَمِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةُ يَدَهَا عَلَى فَمِ الْمَرْأَةِ
(وَقَالَ) أَيْ: وَيَقُولُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نَدْبًا (رَبُّ الْمَجْلِسِ) مِنْ الْحَاكِمِ، أَوْ غَيْرِهِ (اتَّقِ اللَّهْ فَإِنَّهَا) أَيْ الْخَامِسَةَ (مُوجِبَةٌ) لِلَّعْنِ وَالْغَضَبِ بِتَقْدِيرِ الْكَذِبِ لَعَلَّهُ يَنْزَجِرُ وَيَتْرُكُ فَإِنْ أَبَى لَقَّنَهُ الْخَامِسَةَ وَالتَّغْلِيظُ بِالْجَمْعِ زَادَهُ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ (فِي ثُلَّهْ) أَيْ: جَمَاعَةٍ يَعْنِي: مِنْ الصُّلَحَاءِ وَالْأَعْيَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَعْظَمُ لِلْأَمْرِ وَالْمُرَادُ جَمْعٌ أَقَلُّهُ أَرْبَعَةٌ لِثُبُوتِ الزِّنَا بِهِمْ قَالَ الْقُونَوِيُّ وَكَانَ الْحَاوِي اسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ التَّغْلِيظِ بِالْجَمْعِ بِمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ أَنَّ مَجْلِسَ الْحُكْمِ يَنْبَغِي أَنْ يَحْضُرَهُ الْفُقَهَاءُ وَيُسَنُّ أَنْ يَتَلَاعَنَا قَائِمَيْنِ لِيَرَاهُمَا النَّاسُ وَيَشْتَهِرَ أَمْرُهُمَا وَتَجْلِسُ هِيَ وَقْتَ لِعَانِهِ وَهُوَ وَقْتَ لِعَانِهَا
(وَاشْتُرِطَ) لِصِحَّةِ اللِّعَانِ (التَّكْلِيفُ) أَيْ: الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ (لِلْمُلَاعِنِ) لِأَنَّهُ يَمِينٌ مُؤَكَّدَةُ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ، أَوْ شَهَادَةٌ، أَوْ يَمِينٌ فِيهَا شَائِبَةُ شَهَادَةٍ، أَوْ عَكْسُهُ.
وَلَا يُشْتَرَطُ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ عَدَالَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ أَقْوَى الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ، وَإِنْ كَانَ أَصَحُّهَا الْأَوَّلَ «لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِهِلَالٍ: احْلِفْ بِاَللَّهِ إنَّك لَصَادِقٌ» وَلِأَنَّهُ «لَمَّا أَتَتْ الْمَرْأَةُ بِالْوَلَدِ عَلَى النَّعْتِ الْمَكْرُوهِ قَالَ صلى الله عليه وسلم لَوْلَا الْأَيْمَانُ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ» وَلِأَنَّ اللِّعَانَ يَصِحُّ مِنْ الْفَاسِقِ وَالْأَعْمَى، وَلَوْ كَانَ شَهَادَةً لَمَا صَحَّ مِنْهُمَا وَلِأَنَّ الْمُلَاعِنَ يَدْرَأُ بِلِعَانِهِ الْحَدَّ عَنْ نَفْسِهِ وَشَهَادَتُهُ لِنَفْسِهِ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ وَوَجْهُ الثَّالِثِ بِأَنَّ مَنْ امْتَنَعَ مِنْ اللِّعَانِ ثُمَّ أَرَادَهُ مُكِّنَ مِنْهُ بِخِلَافِ مَنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْعَوْدِ إلَيْهَا وَبِمِثْلِهِ يُوَجَّهُ الرَّابِعُ وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ يَمِينٌ، أَوْ الْمُغَلَّبُ فِيهِ الْيَمِينُ ثَبَتَ مَا قُلْنَا فَعُلِمَ أَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ لَا يُلَاعِنُ وَلَا يَقْتَضِي قَذْفُهُ لِعَانًا بَعْدَ كَمَالِهِ نَعَمْ يُعَزَّرُ الْمُمَيِّزُ بِقَذْفِهِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ تَعْزِيرُهُ حَتَّى كَمُلَ سَقَطَ لِأَنَّهُ كَانَ لِلزَّجْرِ عَنْ سُوءِ الْأَدَبِ وَقَدْ حَدَثَ لَهُ زَاجِرٌ أَقْوَى مِنْهُ، وَهُوَ التَّكْلِيفُ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا
(وَهْوَ) أَيْ: اللِّعَانُ (لِنَفْيِ الِانْتِسَابِ الْمُمْكِنِ) سَوَاءٌ كَانَ النَّافِي زَوْجًا أَمْ وَاطِئًا بِشُبْهَةٍ، أَوْ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ، أَمَّا الزَّوْجُ فَلِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي مَشْرُوعِيَّةِ اللِّعَانِ، وَأَمَّا الْوَاطِئُ بِمَا ذُكِرَ فَبِالْقِيَاسِ عَلَى الزَّوْجِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ إذْ لَا ضَرُورَةَ لَهُ إلَى الْقَذْفِ وَخَرَجَ بِالْمُمْكِنِ غَيْرُهُ كَأَنْ نَكَحَ وَطَلَّقَ فِي الْحَالِ أَوْ وَأَحَدُهُمَا بِالْمَشْرِقِ وَالْآخَرُ بِالْمَغْرِبِ، أَوْ كَانَ مَمْسُوحًا، أَوْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَقَلَّ مِنْ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَنْتَفِي عَنْهُ مِنْ غَيْرِ لِعَانٍ وَكَذَا عَنْ الصَّغِيرِ وَأَوَّلُ زَمَنِ إمْكَانِ إحْبَالِهِ بِكَمَالِ تِسْعِ سِنِينَ فَإِذَا أَتَتْ بَعْدَهَا بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَسَاعَةٍ تَسَعُ الْوَطْءَ لَمْ يَنْتِفْ عَنْهُ إلَّا بِاللِّعَانِ
(وَلَوْ) كَانَ الْوَلَدُ (جَنِينًا) فَإِنَّهُ يَصِحُّ اللِّعَانُ لِنَفْيِهِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «لَاعَنَ بَيْنَ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ وَزَوْجَتِهِ وَكَانَتْ حَامِلًا وَنَفَى هِلَالٌ الْحَمْلَ» وَلِأَنَّ الزَّوْجَ قَدْ يَمُوتُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ فَلَوْ لَمْ يُلَاعِنْ لَحِقَهُ الْوَلَدُ
(وَ) لَوْ (قَضَى) أَيْ: مَاتَ الْوَلَدُ (مِنْ قَبْلِ) اللِّعَانِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ اللِّعَانُ لِنَفْيِهِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَنْقَطِعُ بِالْمَوْتِ، بَلْ يُقَالُ: هَذَا الْمَيِّتُ وَلَدُ فُلَانٍ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَسْقُطُ عَنْهُ بِذَلِكَ مُؤْنَةُ تَجْهِيزِهِ (وَ) لَوْ (حُدَّ ذَا) أَيْ: النَّافِي حَدَّ الْقَذْفِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِعَانُهُ لِنَفْيِ النَّسَبِ (فِي الْحَالِ) أَيْ: إنَّمَا يُلَاعِنُ
ــ
[حاشية العبادي]
قَوْلُهُ: إنَّ مَجْلِسَ الْحُكْمِ. . إلَخْ) فِيهِ أَنَّ اللِّعَانَ قَدْ لَا يَكُونُ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ بَلْ الْمَطْلُوبُ أَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ (قَوْلُهُ: لِيَرَاهُمَا النَّاسُ) قَدْ يَسْتَشْكِلُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صُعُودِ الْمِنْبَرِ لِأَنَّهُمَا يَرَاهُمَا النَّاسُ مَعَ الصُّعُودِ، وَإِنْ كَانَا قَاعِدَيْنِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: رُؤْيَةُ الْقَائِمِ أَبْلَغُ، أَوْ إنَّ هَذَا إذَا لَمْ يَصْعَدْ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْعَوْدِ) سَيَأْتِي أَنَّ شَرْطَ عَدَمِ التَّمْكِينِ مِنْ الْعَوْدِ حُكْمُ الْقَاضِي حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا بِنُكُولِهِ وَإِلَّا فَلَهُ الْعَوْدُ
(قَوْلُهُ: إذْ لَا ضَرُورَةَ لَهُ إلَى الْقَذْفِ) يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْقَذْفِ لِلْوَاطِئِ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ (قَوْلُهُ: وَأَوَّلُ زَمَنُ إمْكَانِهِ. . إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَيُمْكِنُ إحْبَالُ الصَّبِيِّ لِتِسْعٍ وَيُشْتَرَطُ كَمَالُهَا ثُمَّ لَا يُلَاعِنُ حَتَّى يَثْبُتَ بُلُوغُهُ فَإِنْ ادَّعَى الِاحْتِلَامَ، وَلَوْ عَقِبَ إنْكَارٍ صُدِّقَ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَيُمَكَّنُ مِنْ اللِّعَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِاللِّعَانِ) مُحَصَّلُ هَذَا أَنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُهُ وَلَكِنْ لَا يَثْبُتُ بُلُوغُهُ إلَّا بِذَلِكَ لِأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ بِالْإِمْكَانِ بِخِلَافِ الْبُلُوغِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَدَّعِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْبُلُوغَ بِالِاحْتِلَامِ لَمْ يُلَاعِنْ بِرّ
(قَوْلُهُ: حَدَّ الْقَذْفِ) أَيْ: أَوْ عُزِّرَ تَعْزِيرَهُ وَقَوْلُهُ: لِنَفْيِ
ــ
[حاشية الشربيني]
بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَفِي الصِّحَاحِ الدُّهْرِيُّ بِالضَّمِّ الْمُسِنُّ وَبِالْفَتْحِ الْمُلْحِدُ قَالَ ثَعْلَبٌ كِلَاهُمَا مَنْسُوبٌ إلَى الدَّهْرِ وَهُمْ رُبَّمَا غَيَّرُوا فِي النَّسَبِ. اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَمِينٌ. . إلَخْ) وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ أَنَّ لَفْظَ الشَّهَادَةِ كِنَايَةٌ فِي الْيَمِينِ وَلَا مَطْلَعَ لِلْقَاضِي عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمُعَوَّلَ هُنَا عَلَى نِيَّةِ الْقَاضِي فَإِذَا أَمَرَهُ أَنْ يَحْلِفَ بِالْكِنَايَةِ فَحَلَفَ وَأَطْلَقَ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ اعْتِبَارًا بِنِيَّةِ الْقَاضِي الْوَاقِعَةِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ وَإِذَا كَانَ الرَّاجِحُ أَنَّهَا أَيْمَانٌ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ إذَا كَانَ كَاذِبًا وَالْوَاجِبُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ التَّكْرِيرَ لِلتَّأْكِيدِ كَمَا فِي ع ش عَنْ حَجَرٍ وَقِيلَ أَرْبَعٌ كَمَا فِي ح ل وَشَوْبَرِيٌّ فَرَاجِعْهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ وَاحِدَةٌ وَلَوْ نَوَى بِكُلٍّ يَمِينًا وَقَدْ سَبَقَ فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ لَزِمَ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَوْ نَوَى بِكُلٍّ يَمِينًا (قَوْلُهُ: يَصِحُّ. . إلَخْ) أَيْ اتِّفَاقًا
(قَوْلُهُ: وَسَاعَةٍ تَسَعُ الْوَطْءَ) قَدْ مَرَّ أَنَّ زَمَنَ الْوَضْعِ لَا يُحْسَبُ مِنْ السِّتَّةِ وَصَرَّحَ الشَّارِحُ هُنَا بِأَنَّ زَمَنَ الْوَطْءِ لَيْسَ مِنْهَا أَيْضًا تَدَبَّرْ
(قَوْلُهُ: أَيْ: إنَّمَا يُلَاعِنُ إلَخْ) خُلَاصَةُ مَا سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ أَنَّ الَّذِي عَلَى الْفَوْرِ إنَّمَا هُوَ النَّفْيُ بِمَعْنَى إخْبَارِ الْقَاضِي أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنْهُ أَمَّا بِاللِّعَانِ فَعَلَى التَّرَاخِي وَعِبَارَةُ
لِنَفْيِ النَّسَبِ حَالَ عِلْمِهِ بِالْوَلَدِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَخِيَارِ الشُّفْعَةِ بِجَامِعِ الضَّرَرِ بِالْإِمْسَاكِ فَلَوْ أَخَّرَ بِلَا عُذْرٍ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ النَّفْيِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخَّرَهُ بِعُذْرٍ كَأَنْ بَلَغَهُ الْخَبَرُ لَيْلًا فَأَخَّرَ حَتَّى يَصِحَّ أَوْ حَضَرَتْهُ الصَّلَاةُ فَقَدَّمَهَا أَوْ كَانَ جَائِعًا، أَوْ عَارِيًّا فَأَكَلَ، أَوْ لَبِسَ، أَوْ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا وَلَمْ يُمْكِنْهُ إعْلَامُ الْقَاضِي بِذَلِكَ، أَوْ لَمْ يَجِدْهُ فَأَخَّرَ لَكِنْ عَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى النَّفْيِ إنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ غَائِبًا وَبِمَوْضِعِهِ قَاضٍ فَإِنْ نَفَى الْوَلَدَ عِنْدَهُ فَذَاكَ وَإِنْ أَرَادَ تَأْخِيرَهُ حَتَّى يَرْجِعَ فَفِي أَمَالِي السَّرَخْسِيِّ الْمَنْعُ مِنْهُ.
وَفِي التَّهْذِيبِ وَالتَّتِمَّةِ جَوَازُهُ فَقَدْ يُرِيدُ الِانْتِقَامَ مِنْهَا بِالشُّهْرَةِ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ فَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ السَّيْرُ فِي الْحَالِ لِخَوْفِ الطَّرِيقِ وَغَيْرِهِ فَلْيَشْهَدْ وَإِلَّا فَلْيَسِرْ وَلْيَشْهَدْ فَإِنْ أَخَّرَ السَّيْرَ، أَوْ لَمْ يَشْهَدْ بَطَلَ حَقُّهُ، وَإِنْ أَشْهَدَ فِي الْأُولَى قَالَ فِي الْمَطْلَبِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ النَّفْيِ فِي الْحَالِ أَنْ يُوجِدَهُ عَقِبَ الْعِلْمِ بِالْوَلَدِ، بَلْ أَنْ يَحْضُرَ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَيَذْكُرَ أَنَّ هَذَا الْوَلَدَ لَيْسَ مِنِّي مَعَ مَا يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ ثُمَّ يُلَاعِنُ إذَا أَمَرَهُ الْحَاكِمُ (لَا فِي الْحَمْلِ) فَلَا يَجِبُ اللِّعَانُ فِي الْحَالِ، بَلْ لَهُ انْتِظَارُ وَضْعِهِ إذْ مَا يُتَوَهَّمُ حَمْلًا قَدْ يَكُونُ رِيحًا (لَا إنْ يَقُلْ عَرَفْتُ) أَنَّهَا حَامِلٌ (وَالْإِعْرَاضُ) مِنِّي (عَنْ اللِّعَانِ) كَانَ (لِعَسَى إجْهَاضُ) أَيْ: لِرَجَائِي إجْهَاضَهُ فَأُكْفَى اللِّعَانُ فَلَا يَنْفِيهِ بَعْدُ وَيَلْحَقُ بِهِ لِتَقْصِيرِهِ كَمَا لَوْ سَكَتَ عَنْ الْمُنْفَصِلِ طَمَعًا فِي أَنْ يَمُوتَ، وَلَوْ قَالَ بَعْدَ الْوَضْعِ أَخَّرْت لِأَنِّي جَهِلْت الْوَضْعَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ كَانَ غَائِبًا قَالَ فِي الشَّامِلِ إلَّا أَنْ يَنْتَشِرَ الْخَبَرُ حَكَاهُ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ وَأَقَرَّهُ وَيُصَدَّقُ الْحَاضِرُ أَيْضًا إنْ احْتَمَلَتْ الْمُدَّةُ جَهْلَهُ.
وَلَوْ قَالَ أَخْبَرْت بِالْوَضْعِ وَلَمْ أُصَدِّقْ الْمُخْبِرَ فَإِنْ أَخْبَرَهُ مَنْ لَا يَقْبَلُ خَبَرَهُ كَصَبِيٍّ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، أَوْ ثِقَةٍ، فَلَا، وَلَوْ قَالَ عَلِمْت الْوَضْعَ وَلَمْ أَعْلَمْ أَنَّ لِي النَّفْيَ فَإِنْ كَانَ فَقِيهًا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ: أَوْ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَاشِئًا بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ قُبِلَ، أَوْ كَانَ مِنْ الْعَوَامّ النَّاشِئِينَ بِبِلَادِ الْإِسْلَامِ فَوَجْهَانِ كَنَظِيرِهِ مِنْ خِيَارِ الْمُعْتَقَةِ وَالْأَصَحُّ الْقَبُولُ
(ثُمَّ) بَعْدَ النَّفْيِ (إنْ اسْتَلْحَقَ) الْوَلَدَ لَحِقَهُ وَوَرِثَهُ، وَإِنْ قُسِّمَتْ تَرِكَتُهُ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ عَنْ الْقَفَّالِ، وَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَسْتَلْحِقَهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ شُبْهَةٌ لِلْمُلَاعِنِ وَقَالَ هُنَا عَنْ التَّتِمَّةِ إنْ وُلِدَ عَلَى فِرَاشٍ صَحِيحٍ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ اسْتِلْحَاقُهُ لِبَقَاءِ حَقِّهِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ لُحُوقُهُ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ، أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ جَازَ لِأَنَّهُ لَوْ نَازَعَهُ فِيهِ قَبْلَ النَّفْيِ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ وَلَعَلَّ مَا هُنَاكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا هُنَا وَالِاسْتِلْحَاقُ قَدْ يَكُونُ صَرِيحًا كَهَذَا وَلَدِي وَقَدْ يَكُونُ ضِمْنِيًّا (كَالتَّأْمِينِ) وَنَحْوِهِ بِأَنْ يَقُولَ آمِينَ أَوْ نَعَمْ وَاسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءً، أَوْ نَحْوَهَا (فِي) جَوَابِ مَنْ قَالَ لَهُ مُهَنِّئًا بِوَلَدٍ (مُتِّعْتَ مَوْلُودَكَ) أَيْ بِوَلَدِك، أَوْ جَعَلَهُ اللَّهُ لَك وَلَدًا صَالِحًا، أَوْ نَحْوَهُ بِشَرْطٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يُعْرَفْ غَيْرٌ) أَيْ: وَلَدًا آخَرَ (لَهُ) لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ.
فَإِنْ عَرَفَ لَهُ وَلَدًا آخَرَ وَادَّعَى حَمْلَ التَّهْنِئَةِ وَالتَّأْمِينِ أَوْ نَحْوِهِ عَلَيْهِ لَمْ يَتَضَمَّنْ ذَلِكَ اسْتِلْحَاقًا نَعَمْ لَوْ أَشَارَ إلَيْهِ فَقَالَ مَتَّعَكَ اللَّهُ بِهَذَا الْوَلَدِ فَقَالَ آمِينَ تَضَمَّنَ الِاسْتِلْحَاقَ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ آخَرُ وَادَّعَى حَمْلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ (لَا) إنْ قَالَ (فِي) الْجَوَابِ (جُزِيتَ خَيْرَا) أَوْ (سَمِعْتَ مَا سَرَّ) كَ، أَوْ (وُقِيتَ الضَّيْرَا) أَيْ: الضَّرَرَ، أَوْ رَزَقَك اللَّهُ مِثْلَهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ قَصَدَ مُكَافَأَةَ الدُّعَاءِ بِالدُّعَاءِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُقَالَ لَهُ ذَلِكَ فِي وَقْتِ الْعُذْرِ، أَوْ يُهَنِّئَهُ مَنْ لَا يَسْقُطُ حَقُّهُ بِإِخْبَارِهِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ وَزَادَ النَّاظِمُ قَوْلَهُ: فِي لِيَسْلَمَ مِنْ بَشَاعَةِ قَوْلِ الْحَاوِي لَا جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا وَقَوْلُهُ: وُقِيتَ الضَّيْرَ مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْضًا
ــ
[حاشية العبادي]
النَّسَبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْهُ بَعْدَ الْحَدِّ لِظُهُورِ كَذِبِهِ
(قَوْلُهُ: أَيْ لِرَجَاءِ إجْهَاضِهِ) لَعَلَّ هَذَا تَفْسِيرُ مَعْنًى وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ فِعْلِيَّةُ عَسَى وَمَرْفُوعِيَّةُ إجْهَاضٌ بِهَا وَلَعَلَّ الْخَبَرَ مَحْذُوفٌ أَيْ: أَنْ يَحْصُلَ وَالْمَعْنَى عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ: لِمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: لَا يُقَالُ: بَعْدَ النَّفْيِ) التَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ بَعْدَ النَّفْيِ يُوجِبُ اعْتِبَارَهُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي كَالتَّأْمِينِ إلَخْ، وَذَلِكَ يُنَافِي قَوْلَهُ: الْآتِي فِيهِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إلَخْ لِأَنَّا نَقُولُ: قَوْلُهُ كَالتَّأْمِينِ لَيْسَ مِثَالًا لِلِاسْتِلْحَاقِ بَعْدَ النَّفْيِ حَتَّى يَلْزَمَ اعْتِبَارُ الْقَيْدِ فِيهِ، بَلْ هُوَ نَظِيرٌ لَهُ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي اعْتِبَارَ قَيْدِهِ فِيهِ فَحَاصِلُ الْكَلَامِ إنْ وُجِدَ اسْتِلْحَاقُهُ بَعْدَ النَّفْيِ أَوْ وُجِدَ تَأْمِينٌ مِنْ غَيْرِ نَفْيِ لَحِقَهُ فَتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ حَسَنٌ ظَاهِرٌ، وَإِنْ خَفِيَ عَلَى بَعْضِ ضَعَفَةِ الطَّلَبَةِ سم (قَوْلُهُ تَضَمَّنَ الِاسْتِلْحَاقَ) أَيْ لِلْمُشَارِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ادَّعَى حَمْلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ) نَعَمْ إنْ أَمْكَنَ الِاشْتِبَاهُ كَأَنْ كَانَ فِي ظُلْمَةٍ وَادَّعَى مَا ذَكَرَ، فَلَا يَبْعُدُ أَنَّهُ لَا يَتَضَمَّنُ الِاسْتِلْحَاقَ (قَوْلُهُ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ: وَإِلَّا امْتَنَعَ النَّفْيُ لِفَوَاتِ الْفَوْرِ (قَوْلُهُ: لَا لِنَسَبٍ بِمِلْكِ يَدٍ)
(فَائِدَةٌ) جَلِيلَةٌ لَوْ اسْتَبْرَأَ الْأَمَةَ وَلَمْ يَرَ مُخَيِّلَةَ زِنًا وَجَبَ نَفْيُ الْوَلَدِ بِخِلَافِ
ــ
[حاشية الشربيني]
الْمِنْهَاجِ وَالنَّفْيُ فَوْرِيٌّ فَلَوْ عَلَّقَ فِي الْحَالِ بِالنَّفْيِ الْمَأْخُوذِ مِمَّا مَرَّ وَإِنْ كَانَ هُنَا بِمَعْنًى آخَرَ كَانَ أَوْلَى فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَخِيَارِ الشُّفْعَةِ) مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ بِهِمَا أَنَّ الْمُعْتَبَرَ إعْذَارُهُمَا وَهُوَ مُتَّجَهٌ إنْ كَانَتْ أَضْيَقَ فَلَا تَكُونُ إرَادَةُ دُخُولِ الْحَمَّامِ عُذْرًا هُنَا وَإِنْ كَانَتْ عُذْرًا فِيهِمَا وَاعْتَبَرَ بَعْضُهُمْ إعْذَارَ الْجُمُعَةِ وَالْوَجْهُ اعْتِبَارُ الْأَضْيَقِ مِنْهَا أَيْضًا فَلَا يَكُونُ أَكْلُ ذِي رِيحٍ كَرِيهٍ عُذْرًا هُنَا وَإِنْ كَانَ عُذْرًا فِيهَا. اهـ. شَرْحُ م ر بِالْمَعْنَى
(قَوْلُهُ: أَنْ يُوجِدَهُ) أَيْ: النَّفْيُ الَّذِي تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ بَلْ أَنْ يَحْضُرَ. . إلَخْ فَالْمُرَادُ مِنْ النَّفْيِ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ الْفَوْرُ إعْلَامُ الْحَاكِمِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ النَّفْيُ الَّذِي تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِاللِّعَانِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ عَلَى م ر (قَوْلُهُ: مَعَ مَا يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ مِنْ زِنًا أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُسْنَدَ لِسَبَبٍ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُلَاعِنُ. . إلَخْ) عِبَارَةُ خ ط عَنْ الْمَطْلَبِ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا اللِّعَانُ فَلَهُ تَأْخِيرُهُ (قَوْلُهُ: أَنَّ النَّفْيَ. . إلَخْ) فِي نُسْخَةٍ أَنَّ لِي النَّفْيَ وَإِسْقَاطُ الْفَوْرِ
(قَوْلُهُ: بِوَطْءِ شُبْهَةٍ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ لَوْ قَذَفَ مَنْ وَطِئَهَا فِي نِكَاحٍ
(يَلْحَقُ) جَوَابُ إنْ اسْتَلْحَقَ كَمَا تَقَرَّرَ (لَا لِنَسَبٍ) أَيْ يُلَاعِنُ لِنَفْيِ النَّسَبِ بِالنِّكَاحِ، أَوْ الشُّبْهَةِ كَمَا مَرَّ لَا لِنَفْيِهِ (بِمِلْكِ يَدْ) قَالُوا: لِأَنَّ اللِّعَانَ حُجَّةٌ ضَرُورِيَّةٌ وَالنَّفْيُ مُمْكِنٌ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ (وَ) لَا لِنَفْيِهِ (بِاحْتِمَالِهِ) أَيْ: مِلْكِ الْيَمِينِ كَأَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ ثُمَّ وَطِئَهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ وَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ النِّكَاحِ وَمِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ إذْ فِرَاشُ النِّكَاحِ قَدْ انْقَطَعَ وَحَدَثَ نَاسِخٌ لَهُ فَأَشْبَهَ نِكَاحَ زَوْجٍ آخَرَ فَيَلْحَقُ بِالنَّاسِخِ
(وَلَا نَفْيِ) أَيْ: وَلَا يُلَاعِنُ لِنَفْيِ (أَحَدٍ مِنْ تَوْأَمَيْنِ) وَهُمَا اللَّذَانِ وُلِدَا مَعًا، أَوْ كَانَ بَيْنَ وَضْعَيْهِمَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُجْرِ الْعَادَةَ بِأَنْ يَجْتَمِعَ فِي الرَّحِمِ وَلَدٌ مِنْ مَاءِ رَجُلٍ وَوَلَدٍ مِنْ مَاءِ آخَرَ فَالتَّوْأَمَانِ مِنْ مَاءِ رَجُلٍ وَاحِدٍ فِي حَمْلٍ وَاحِدٍ، فَلَا يَصِحُّ نَفْيُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ، وَلَوْ نَفَاهُمَا ثُمَّ اسْتَلْحَقَ أَحَدُهُمَا لَحِقَ الْآخَرُ، وَلَوْ نَفَى أَوَّلَهُمَا ثُمَّ وَلَدَتْ الثَّانِيَ فَسَكَتَ عَنْ نَفْيِهِ لَحِقَهُ الْأَوَّلُ مَعَ الثَّانِي تَغْلِيبًا لِجَانِبِ اللُّحُوقِ فَإِنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ أَسْرَعُ مِنْ انْتِفَائِهِ وَلِهَذَا يَثْبُتُ بِالْإِمْكَانِ وَبِالسُّكُوتِ الْمُشْعِرِ بِالْإِقْرَارِ بِخِلَافِ انْتِفَائِهِ، أَمَّا إذَا كَانَ بَيْنَ الْوَضْعَيْنِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَهُمَا
ــ
[حاشية العبادي]
نَظِيرِهِ مِنْ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ النَّفْيُ عَلَى الرَّاجِحِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ كَمَا سَلَفَ وَالْفَرْقُ ضَعْفُ الْفِرَاشِ وَلَوْ أَنْكَرَتْ الْأَمَةُ، فَلَا بُدَّ فِي نَفْيِهِ مِنْ الْيَمِينِ وَلَوْ اسْتَبْرَأَهَا ثُمَّ مَاتَ وَأَعْتَقَهَا وَلَمْ تَكُنْ أُمُّ وَلَدٍ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لَمْ يَلْحَقْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَبْرَأَ أُمُّ الْوَلَدِ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَاحِقًا لَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الِاسْتِبْرَاءِ وَمِنْهُ نَسْتَفِيدُ أَنَّ إخْبَارَهُ فِي الْأَمَةِ بِالِاسْتِبْرَاءِ كَافٍ فِي عَدَمِ اللُّحُوقِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى نَفْيِ الْوَلَدِ بُرُلُّسِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ: كَفِي (قَوْلُهُ: أَوْ الشُّبْهَةِ) ، وَمِنْهَا النِّكَاحُ الْفَاسِدُ، وَإِنْ قَابَلَهَا بِهِ فِيمَا سَبَقَ فَكَأَنَّهُ تَفَنُّنٌ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ) يُفِيدُ حُصُولَ النَّفْيِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُجْرِ الْعَادَةَ بِأَنْ يَجْتَمِعَ. . إلَخْ) أَقُولُ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ فِي بَابِ الْعِدَدِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِالْوِلَادَةِ فَوَلَدَتْ ثَلَاثَةً مَا نَصُّهُ وَاللَّفْظُ لِلرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ وَبَيْنَ الثَّانِي وَالْأَوَّلِ دُونَهَا لَحِقَاهُ دُونَ الثَّالِثِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّانِي دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّانِي. اهـ. فَقَدْ صَرَّحُوا فِي هَذَا الْكَلَامِ كَمَا تَرَى بِأَنَّ الثَّالِثَ وَالثَّانِيَ حَمْلَانِ ضَرُورَةَ لُحُوقِ الثَّانِي دُونَ الثَّالِثِ مَعَ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الرَّحِمِ ضَرُورَةَ أَنَّ بَيْنَهُمَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّ جَرَيَانَ الْعَادَةِ بِذَلِكَ لَا يُنَافِي وُقُوعَ خِلَافِهِ خَرْقًا لَهَا وَحِينَئِذٍ يُعَوَّلُ عَلَيْهِ تَوَجَّهَ حِينَئِذٍ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يَجُوزَ نَفْيُ أَحَدِ التَّوْأَمَيْنِ لِإِمْكَانِ خَرْقِ الْعَادَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ لَا يُقَالُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِمَا حَمْلَيْنِ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي مِنْ غَيْرِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الثَّالِثُ لَهُ أَيْضًا لَكِنَّهُ حَمْلٌ ثَانٍ فَلَمْ يَجْتَمِعْ فِي الرَّحِمِ وَلَدَانِ أَحَدُهُمَا مِنْ مَاءِ رَجُلٍ وَالْآخَرُ مِنْ مَاءِ آخَرَ لِأَنَّا نَقُولُ لَهُمْ لَحِقَاهُ دُونَ الثَّالِثِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الثَّالِثَ مِنْ غَيْرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم.
(قَوْلُهُ: فَسَكَتَ عَنْ نَفْيِهِ) وَبِالْأَوْلَى إذَا اسْتَلْحَقَهُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ عِبَارَةِ الرَّوْضِ وَعِبَارَةِ الرَّوْضِ فَإِنْ لَمْ يُبَادِرْ لِنَفْيِهِ بِاللِّعَانِ لَحِقَهُ الْأَوَّلُ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ نَفْيُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ بِلِعَانٍ فَقَوْلُهُمْ بِاللِّعَانِ لَيْسَ بِقَيْدٍ. اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي الرَّوْضِ، وَمَنْ لَاعَنَ لِنَفْيِ حَمْلٍ انْتَفَى كُلُّ مَنْسُوبٍ إلَى ذَلِكَ الْحَمْلِ أَيْ: بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ وِلَادَةِ الْأَوَّلِ وَمَا عَدَاهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَمَا عَدَاهُ أَيْ: الْمَنْسُوبَ إلَى ذَلِكَ الْحَمْلِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سِتَّةٌ فَأَكْثَرَ يَنْتَفِي بِلَا لِعَانٍ. اهـ. فَعُلِمَ الْفَرْقُ بَيْنَ نَفْيِ أَحَدِ التَّوْأَمَيْنِ بَعْدَ انْفِصَالِهِ وَنَفْيِ الْحَمْلِ فَفِي الْأَوَّلِ لَا يُغْنِي نَفْيُ الْأَوَّلِ عَنْ نَفْيِ مَا عَدَاهُ، وَفِي الثَّانِي يَكُونُ نَفْيُ الْحَمْلِ لِلْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ اسْمٌ لِجَمِيعِ مَا فِي الْبَطْنِ وَالْإِشَارَةُ إلَيْهِ إشَارَةٌ إلَيْهِمَا جَمِيعًا.
(قَوْلُهُ لَحِقَهُ الْأَوَّلُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ وَحُدَّ لِقَذْفِهَا إنْ لَحِقَهُ أَيْ: الثَّانِي بِالِاسْتِلْحَاقِ لَا بِسُكُوتٍ إلَّا إنْ كَانَ الْقَذْفُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ. اهـ. أَيْ: فَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا
ــ
[حاشية الشربيني]
فَاسِدٍ أَوْ ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ لَمْ يُلَاعِنْ كَالْأَجْنَبِيِّ وَلِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى الْقَذْفِ هُنَا فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ وَلَدٌ مُنْفَصِلٌ لَاعَنَ لِنَفْيِهِ كَذَا إنْ كَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ لِأَنَّهُ نَسَبٌ لَاحِقٌ لَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَكَانَ لَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ كَمَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ حَدُّ الْقَذْفِ تَبَعًا؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ حُجَّةٌ يَثْبُتُ بِهَا الزِّنَا فَكَيْفَ نَقْبَلُهَا فِي نَفْيِ النَّسَبِ وَنُوجِبُ الْحَدَّ مَعَهُ. اهـ. فَقَوْلُهُمْ كَالْمُصَنِّفِ فِيمَا سَبَقَ إنَّمَا يُبَاحُ لِلزَّوْجِ مَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ فِي وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ وَأَجَابَ الْخَطِيبُ عَلَى الْمِنْهَاجِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالزَّوْجِ مَنْ لَهُ عُلْقَةُ النِّكَاحِ فَيَشْمَلُ ذَلِكَ وَيَشْمَلُ لِعَانَ الْمُطَلِّقِ طَلَاقًا بَائِنًا لِنَفْيِ الْوَلَدِ.
(قَوْلُهُ: قَالُوا لِأَنَّ اللِّعَانَ. . إلَخْ) لَعَلَّ وَجْهَ التَّبَرِّي أَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ وَلَا ضَرُورَةَ كَمَا فِي حَالِ عَدَمِ الْوَلَدِ وَكَمَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ بِالزِّنَا وَعَلَّلَ الْخَطِيبُ بِأَنَّ اللِّعَانَ مِنْ خَوَاصِّ النِّكَاحِ كَالطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ قَالَ وَلَوْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ وَطِئَهَا وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ وَاحْتُمِلَ كَوْنُهُ مِنْ النِّكَاحِ فَقَطْ فَلَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ كَمَا لَهُ نَفْيُهُ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ بِالطَّلَاقِ أَوْ اُحْتُمِلَ كَوْنُهُ مِنْ الْمِلْكِ فَقَطْ فَلَا يَنْفِيهِ بِاللِّعَانِ لِأَنَّهُ يَنْفِي عَنْهُ بِغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ وَكَذَا لَوْ اُحْتُمِلَ كَوْنُهُ مِنْهُمَا فَلَا يَنْفِيهِ بِاللِّعَانِ أَيْضًا لِإِمْكَانِ نَفْيِهِ بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِلُحُوقِ الْوَلَدِ بِهِ بِوَطْئِهِ فِي الْمِلْكِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مِمَّا قَبْلَهُ. اهـ. فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ: وَلَا لِنَفْيِهِ. . إلَخْ) أَيْ بَلْ يَنْفِي بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ كَمَا فِي الْهَامِشِ عَنْ خ ط
(قَوْلُهُ: لَحِقَ الْآخَرَ) وَيُحَدُّ بِقَذْفِهَا لِمُنَاقَضَةِ كَلَامِهِ. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: لَحِقَهُ الْأَوَّلُ) وَلَا يُحَدُّ بِقَذْفِهَا فِي
حَمْلَانِ يَصِحُّ نَفْيُ أَحَدِهِمَا
(وَعِقَابِ مَنْ قَذَفْ) أَيْ: يُلَاعِنُ لِنَفْيِ النَّسَبِ كَمَا مَرَّ وَلِنَفْيِ عُقُوبَةِ زَوْجٍ قَذَفَ (مَنْ لَمْ تَبِنْ) أَيْ: غَيْرِ الْبَائِنَةِ (مِنْهُ) وَإِنْ لَاعَنَ بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ؛ لِأَنَّ الْقَذْفَ وُجِدَ فِي النِّكَاحِ وَبِهِ حَاجَةٌ إلَى إظْهَارِ صِدْقِهِ وَانْتِقَامِهِ لِتَلْطِيخِ فِرَاشِهِ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْعُقُوبَةُ حَدًّا أَمْ تَعْزِيرًا وَدَخَلَ فِي كَلَامِهِ الرَّجْعِيَّةُ وَخَرَجَ مِنْهُ الْأَجْنَبِيَّةُ وَالْبَائِنُ، فَلَا لِعَانَ لِنَفْيِ عُقُوبَةِ قَاذِفِهِمَا إذْ لَا حَاجَةَ بِهِ إلَى قَذْفِهَا وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَا لِعَانَ حَيْثُ لَا وَلَدَ وَلَا عُقُوبَةَ كَأَنْ عَفَتْ عَنْهَا، أَوْ لَمْ تُطَالِبْ بِهَا، فَلَا يُلَاعِنُ لِغَرَضِ قَطْعِ النِّكَاحِ، أَوْ تَأَبُّدِ الْفُرْقَةِ، أَوْ دَفْعِ الْعَارِ أَوْ الِانْتِقَامِ مِنْهَا بِإِيجَابِ الْحَدِّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ، وَإِنْ كَانَتْ ثَمَرَاتٌ لِلِّعَانِ وَمَطْلُوبَةٌ لِلْمُلَاعِنِ إلَّا أَنَّ اللِّعَانَ حُجَّةٌ ضَرُورِيَّةٌ إنَّمَا يُصَارُ إلَيْهِ لِغَرَضٍ مُهِمٍّ وَهَذِهِ أَغْرَاضٌ ضَعِيفَةٌ وَأَهَمُّهَا قَطْعُ النِّكَاحِ وَدَفْعُ الْعَارِ، وَذَلِكَ مُتَيَسِّرٌ بِالطَّلَاقِ
وَيُعْتَبَرُ فِي اللِّعَانِ كَوْنُ الْقَذْفِ (بِوَطْءٍ اتَّصَفْ بِغَيْرِ حِلٍّ وَ) بِغَيْرِ (اشْتِبَاهٍ شُرِطَا) كَوْنِهِ (مِنْ جَانِبَيْنِ) أَيْ: جَانِبَيْ الْوَاطِئِ وَالْمَوْطُوءَةِ (بِاعْتِرَافِ مَنْ يَطَا) أَيْ مَعَ اعْتِرَافِ الْوَاطِئ بِوَطْئِهِ
(وَمَعَ إمْكَانِ لُحُوقِهِ) أَيْ: أَنْ يَلْحَقَهُ (الْوَلَدْ) وَذَلِكَ بِأَنْ لَا تَكُونَ شُبْهَةٌ أَوْ تَكُونُ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ، أَوْ مِنْهُمَا لَكِنْ بِغَيْرِ اعْتِرَافِ الْوَاطِئِ بِأَنْ لَا يُعِينَهُ الزَّوْجُ، أَوْ يُعِينُهُ وَيُنْكِرُ، أَوْ مَعَ اعْتِرَافِهِ لَكِنْ لَا مَعَ إمْكَانِ لُحُوقِ الْوَلَدِ بِهِ فَيُلَاعِنُ الزَّوْجُ لِنَفْيِ الْوَلَدِ وَالْعُقُوبَةِ مِنْ حَدٍّ، أَوْ تَعْزِيرٍ وَقَوْلُهُ: كَأَصْلِهِ بِغَيْرِ اشْتِبَاهٍ إلَى آخِرِهِ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِمَا بِغَيْرِ حِلٍّ وَقَدْ يُقَالُ: فَائِدَتُهُ إخْرَاجُ مَا لَوْ قَذَفَهَا بِوَطْءِ زَوْجٍ آخَرَ قَبْلَهُ فِي نِكَاحِهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَطِئَ بِغَيْرِ اشْتِبَاهٍ إلَى آخِرِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُلَاعِنُ فِيهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا خَرَجَ بِالْقَذْفِ، أَمَّا إذَا كَانَتْ الشُّبْهَةُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَاعْتَرَفَ الْوَاطِئُ بِالْوَطْءِ وَأَمْكَنَ لُحُوقُ الْوَلَدِ بِهِ أَيْ: وَادَّعَى نَسَبَهُ لِيُعْرَضَ عَلَى الْقَائِفِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي بَابِ دَعْوَى النَّسَبِ وَأُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْوَطْءِ فَلَا لِعَانَ لِنَفْيِ الْوَلَدِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (قُلْتُ إذْ الْقَائِفُ فِيهِ الْمُعْتَمَدْ) أَيْ: قُلْت فَلَا لِعَانَ لِنَفْيِ الْوَلَدِ إذَا الْمُعْتَمَدُ فِيهِ إلْحَاقُ الْقَائِفِ فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِالْوَاطِئِ لَحِقَهُ وَلَا لِعَانَ، أَوْ بِالزَّوْجِ فَكَذَلِكَ
ــ
[حاشية العبادي]
حُدَّ لِقَذْفِهَا إنْ لَحِقَهُ الثَّانِي بِالسُّكُوتِ وَمِنْ ذَلِكَ يُعْلَمُ الْحُكْمُ فِي الْوَلَدِ الْوَاحِدِ وَأَنَّهُ إذَا اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ نَفْيِهِ حُدَّ لِلْقَذْفِ
(قَوْلُهُ: بِاعْتِرَافٍ. . إلَخْ) فِي خَبَرِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ بِغَيْرِ اشْتِبَاهٍ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ. . إلَخْ) أَيْ الْوَطْءُ الْمُتَّصِفُ بِغَيْرِ الْحِلِّ وَالِاشْتِبَاهِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: فَيُلَاعِنُ الزَّوْجُ) هَذَا فِي صُورَةِ الشُّبْهَةِ مِنْهَا وَحْدَهَا صَرِيحُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِغَيْرِ اشْتِبَاهٍ شَرْطًا. . إلَخْ فَقَوْلُ الْعِرَاقِيِّ وَمُقْتَضَى كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلُهُ أَنَّ الشُّبْهَةَ إذَا كَانَتْ مِنْهَا، فَلَا لِعَانَ لِدَفْعِ التَّعْزِيرِ وَمُقْتَضَى اا د الرَّافِعِيِّ خِلَافُهُ. اهـ. فِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ. . إلَخْ) فَلَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ أَيْضًا بِغَيْرِ الْحِلِّ لِإِخْرَاجِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ هَذَا خَرَجَ بِالْقَذْفِ، فَلَا حَاجَةَ فِي إخْرَاجِهِ بِهَذَا الْقَيْدِ (قَوْلُهُ: قَالَ فِي الرَّوْضَةِ. . إلَخْ) قَضِيَّةُ هَذَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ اعْتِرَافِهِ وَالْبَيِّنَةِ وَأَنَّهُ لَا تَكْفِي الْبَيِّنَةُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: وَأُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْوَطْءِ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي الْعَرْضِ عَلَى الْقَائِفِ اعْتِرَافُ الزَّوْجِ وَالْوَاطِئِ؛ لِأَنَّ لِلْمَوْلُودِ حَقًّا فِي النَّسَبِ، فَلَا يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ بِمُجَرَّدِ تَوَافُقِهِمَا قَالَ الشَّيْخَانِ فَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ الْمُدَّعَى نَسَبُهُ بَالِغًا وَاعْتَرَفَ بِجَرَيَانِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَجَبَ أَنْ يُغْنِيَ عَنْ الْبَيِّنَةِ هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِهِمَا فِي بَابِ دَعْوَى النَّسَبِ، وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ وَغَيْرُهُ وَاَلَّذِي ذَكَرَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ الِاكْتِفَاءُ بِاعْتِرَافِ الْوَاطِئِ، وَهُوَ مَا فِي النَّظْمِ وَأَصْلِهِ بِرّ (قَوْلُهُ فَلَا لِعَانَ لِنَفْيِ الْوَلَدِ) إلَى أَنْ قَالَ: أَمَّا لِعَانُهُ لِنَفْيِ التَّعْزِيرِ فَجَائِرٌ هَذَا مَعَ فَرْضِ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ يَقْتَضِي أَنَّ إقَامَتَهَا لَا تَمْنَعُ الْعُقُوبَةَ.
وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ لِعَانَ الزَّوْجِ، وَإِنْ قَذَفَ بِالزِّنَا يُسْقِطُ الْعُقُوبَةَ مُطْلَقًا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِالْقَذْفِ وَلَا تَعْزِيرَ لِلْإِيذَاءِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ شَرَعَ لَهُ اللِّعَانَ لِلِانْتِقَامِ مِمَّنْ لَطَّخَتْ فِرَاشَهُ وَلَمْ يُشْرَعْ لَهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ لِإِثْبَاتِ زِنَاهَا فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ وَلَاعَنَهَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ مَنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِزِنَاهَا يُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ وَكَذَا إنْ رَمَاهَا بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ، وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ هَكَذَا ظَهَرَ وَبَحَثْت بِهِ مَعَ م ر فَوَافَقَ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لِنَفْيِ الْوَلَدِ) بِخِلَافِ اللِّعَانِ لِنَفْيِ التَّعْزِيرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ، أَمَّا لِعَانُهُ لِنَفْيِ التَّعْزِيرِ فَجَائِزٌ هَذَا صَرِيحٌ فِي تَوَجُّهِ التَّعْزِيرِ عَلَيْهِ بِرَمْيِهَا بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ مِنْهُمَا مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ الْوَطْءِ، وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ لَوْ رَمَاهَا بِالزِّنَا ثُمَّ ثَبَتَ زِنَاهَا، فَلَا حَدَّ وَلَا تَعْزِيرَ كَمَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَنَّ الْعُقُوبَةَ تَسْقُطُ حِينَئِذٍ وَبَيْنَ أَنَّ الْعُقُوبَةَ شَامِلَةٌ لِلتَّعْزِيرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِسُقُوطِ التَّعْزِيرِ لِأَجْلِ الْقَذْفِ بِأَنْ يَكُونَ الْمَقْذُوفُ غَيْرُ مُحْصَنٍ وَلَكِنْ يُعَزَّرُ مَنْعًا لَهُ مِنْ الْإِيذَاءِ كَمَا لَوْ تَأَخَّرَ الْقَذْفُ عَنْ ثُبُوتِ الزِّنَا كَمَا يُسْتَفَادُ مِمَّا يَأْتِي فِي شَرْحٍ وَمِنْهُ إلَخْ وَإِلَّا أَشْكَلَ الْفَرْقُ فَلْيُحَرَّرْ.
(قَوْلُهُ: كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ لَهُ. . إلَخْ) فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى بَيَانِ حُكْمِ الْمَفْهُومِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِالْوَاطِئِ لَحِقَهُ وَلَا لِعَانَ)
ــ
[حاشية الشربيني]
هَذِهِ لِأَنَّهُ بِحُكْمِ الشَّرْعِ. اهـ. ق ل
(قَوْلُهُ: فَلَا لِعَانَ) بَلْ يُحَدُّ أَوْ يُعَزَّرُ إذْ لَا حَاجَةَ. . إلَخْ
(قَوْلُهُ: يُغْنِي) لِأَنَّ مَا يُغَيِّرُ الِاشْتِبَاهَ الْمَذْكُورَ إنْ لَمْ تَكُنْ شُبْهَةٌ مِنْهُمَا فَهُوَ غَيْرُ حِلٍّ وَكَذَا إنْ لَمْ تَكُنْ شُبْهَةٌ مِنْ الْوَاطِئِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْمَوْطُوءَةِ لِأَنَّهُ زَانٍ فَإِنْ كَانَتْ الشُّبْهَةُ مِنْ الْوَاطِئِ فَهُوَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَرَامًا لَا يُوصَفُ بِالْحِلِّ
وَإِنَّمَا لَمْ يُلَاعِنْ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ لِنَفْيِهِ وَهُوَ أَنْ يُلْحِقَهُ الْقَائِفُ بِالْوَاطِئِ فَتَعَيَّنَ وَلِهَذَا لَا يُلَاعِنُ لِنَفْيِ وَلَدِ الْأَمَةِ لِإِمْكَانِ نَفْيِهِ بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ كَمَا مَرَّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ، أَوْ كَانَ وَتَحَيَّرَ، أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا، أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا تُرِكَ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّبِيُّ فَيُنْتَسَبُ لَكِنْ لَوْ انْتَسَبَ لِلزَّوْجِ لَاعَنَ لِتَعَيُّنِهِ الْآنَ طَرِيقًا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَالْفَرْقُ مُشْكِلٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ لَا جَرَمَ جَزَمَ صَاحِبُ الْمُهَذِّبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُمْ بِأَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُلَاعِنَ إذَا أَلْحَقَهُ بِهِ الْقَائِفُ وَصَوَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ لَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ، بَلْ لَهُ اللِّعَانُ كَمَا جَزَمَ بِهِ جَمْعٌ مِنْ الْأَصْحَابِ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْقَائِفِ إنَّمَا جُعِلَ حُجَّةً لِأَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ لَا أَنَّهُ يُثْبِتُ نَسَبًا لَازِمًا عَلَى مُنْكِرٍ. اهـ. وَيُجَابُ بِأَنَّ إلْحَاقَ الْقَائِفِ أَقْوَى مِنْ الِانْتِسَابِ.
أَمَّا لِعَانُهُ لِنَفْيِ التَّعْزِيرِ فَجَائِزٌ وَحَيْثُ لَاعَنَ الْمُكَلَّفُ إنَّمَا يُلَاعِنُ (إنْ كَانَ) الْوَطْءُ الْمَقْذُوفُ بِهِ (فِي النِّكَاحِ) فَلَوْ قَذَفَ فِيهِ بِزِنًا أَضَافَهُ إلَى مَا قَبْلَهُ وَلَا وَلَدَ لَمْ يُلَاعِنْ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَى الْقَذْفِ حِينَئِذٍ، وَإِنْ كَانَ وَلَدٌ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ كَذَلِكَ وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ أَقْوَى لِتَقْصِيرِهِ بِالتَّارِيخِ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يُطْلِقَ الْقَذْفَ لَكِنْ لَهُ إنْشَاءُ قَذْفٍ مُطْلَقٍ وَيُلَاعِنُ فَإِنْ لَمْ يُنِشِ حُدَّ وَثَانِيهِمَا وَنَقَلَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّهُ يُلَاعِنُ لِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ الْوَلَدَ مِنْ ذَلِكَ الزِّنَا فَيَنْفِيهِ بِاللِّعَانِ وَعَلَيْهِ لَا يَجِبُ بِلِعَانِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ حَدُّ الزِّنَا فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُلَطِّخْ فِرَاشَهُ حَتَّى يَنْتَقِمَ مِنْهَا بِاللِّعَانِ وَإِنَّمَا يُلَاعِنُ لِنَفْيِ الْعِقَابِ (إنْ تَسْأَلْ) أَيْ: الْمَرْأَةُ (فِي هَذَا) أَيْ: الْعِقَابِ فَلَوْ عَفَتْ عَنْهُ أَوْ سَكَتَتْ، أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُكَلَّفَةٍ لَمْ يُلَاعِنْ إذْ الْعُقُوبَةُ لَا تُسْتَوْفَى إلَّا بِطَلَبِهَا بِخِلَافِ اللِّعَانَ لِنَفْيِ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِهَا (وَلَوْ بِسَبْقِ) أَيْ: مَعَ سَبْقِ (جَحْدِ الْقَذْفِ) بِأَنْ جَحَدَهُ ثُمَّ ثَبَتَ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةِ فِعْلِهِ اللِّعَانُ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ تَأْوِيلًا لِاحْتِمَالِ أَنَّ لَهُ تَأْوِيلَانِ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ مَرْدُودٌ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَجْحَدْ.
نَعَمْ إنْ جَحَدَ مَعَ ذَلِكَ الزِّنَا بِأَنْ قَالَ مَا قَذَفْتُك وَمَا زَنَيْت ثُمَّ ثَبَتَ قَذْفُهُ حُدَّ وَلَا لِعَانَ لِأَنَّهُ شَهِدَ بِعِفَّتِهَا فَكَيْفَ يُحَقَّقُ زِنَاهَا إلَّا إذَا أَنْشَأَ قَذْفًا وَمَضَى إمْكَانُ الزِّنَا بَعْدَ الدَّعْوَى وَالْجَوَابُ عَلَيْهِ حَمْلُ إطْلَاقِ الْقَاضِي جَوَازَ اللِّعَانِ (أَوْ) مَعَ سَبْقِ (امْتِنَاعٍ) مِنْهُ، أَوْ مِنْهَا عَنْ اللِّعَانِ قَبْلَ الْحَدِّ، أَوْ فِي أَثْنَائِهِ فَلِلْمُمْتَنِعِ اللِّعَانُ وَتَسْقُطُ بِهِ الْعُقُوبَةُ، أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهَا كَمَا فِي الْبَيِّنَةِ وَأَلْحَقَ اللِّعَانَ بِهَا فِي هَذَا، وَإِنْ كَانَ يَمِينًا لِمُشَابَهَتِهِ لَهَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الزَّوْجَ يَأْتِي بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ وَيُؤَثِّرَ فِي إثْبَاتِ الْحَدِّ عَلَيْهَا كَالْبَيِّنَةِ وَلَمْ يَلْحَقْ بِالْيَمِينِ فِي امْتِنَاعِ الْعَوْدِ إلَيْهَا بَعْدَ النُّكُولِ؛ لِأَنَّهَا بِالنُّكُولِ تَنْتَقِلُ إلَى الْمُدَّعِي فَفِي تَمْكِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ الِانْتِقَالِ إبْطَالُ حَقِّهِ وَاللِّعَانُ بِالِامْتِنَاعِ عَنْهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْغَيْرِ
(عَدَّهُنَّ)
ــ
[حاشية العبادي]
يَنْبَغِي حِينَئِذٍ أَنْ يُنْظَرَ مَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمَتْنِ وَهُوَ لِنَفْيِ الِانْتِسَابِ الْمُمْكِنِ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ، أَوْ وَاطِئًا بِشُبْهَةٍ فَإِنْ كَانَ شَامِلًا لِمَا لَوْ كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ مُزَوَّجَةً فَقَدْ يُقَالُ: يَنْبَغِي أَنْ نَقُولَ هُنَا وَإِنَّمَا لَمْ يُلَاعِنْ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ لِنَفْيِهِ، وَهُوَ أَنْ يَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِالزَّوْجِ كَمَا قَالَ فِي قَوْلِهِ، أَوْ بِالزَّوْجِ فَكَذَلِكَ. . إلَخْ وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ) أَيْ بَيْنَ اللِّعَانِ وَعَدَمِهِ إذَا أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِالزَّوْجِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ: مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ كَانَ هُنَا طَرِيقٌ آخَرُ لِنَفْيِهِ، وَهُوَ أَنْ يَنْتَسِبَ لِغَيْرِ الزَّوْجِ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا لِعَانُهُ لِنَفْيِ التَّعْزِيرِ إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي وُجُوبِ التَّعْزِيرِ فِي الرَّمْيِ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ بِهِ فَفِي الرَّمْيِ بِالزِّنَا مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ بِهِ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَقْوَى إيذَاءً فَمَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ مِنْ نَفْيِ التَّعْزِيرِ عِنْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى التَّعْزِيرِ لِلْقَذْفِ كَمَا فِي قَذْفِ غَيْرِ الْمُحْصَنِ لَا عَلَى التَّعْزِيرِ لِلْإِيذَاءِ أَيْضًا فَلْيُتَأَمَّلْ وَسَيَأْتِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَنَعَ حَيْثُ بِصِدْقِهِ أَوْ الْكَذِبِ قَطَعَ مَا يُفِيدُ وُجُوبَ التَّعْزِيرِ فِي الرَّمْيِ بِالزِّنَا مَعَ ثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: فَجَائِزٌ)، وَذَلِكَ لِمَا سَلَفَ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا وَطِئَكِ شَخْصٌ بِشُبْهَةٍ مِنْك وَمِنْهُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ لِلْإِيذَاءِ بِرّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ عَفَتْ عَنْهُ. . إلَخْ) فِي الْمَنْهَجِ وَشَرْحِهِ فَلَوْ ثَبَتَ زِنَاهَا بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ، أَوْ عَفَتْ عَنْ الْعُقُوبَةِ، أَوْ لَمْ تَطْلُبْ أَيْ: الْعُقُوبَةَ، أَوْ جَنَتْ بَعْدَ قَذْفِهِ وَلَا وَلَدَ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ، فَلَا لِعَانَ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ لِانْتِفَاءِ طَلَبِ الْعُقُوبَةِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَسُقُوطِهَا فِي الْبَقِيَّةِ وَتَعْبِيرِي هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي بِالْعُقُوبَةِ الشَّامِلَةِ لِلتَّعْزِيرِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْحَدِّ. اهـ. فَانْظُرْ مَا صَرَّحَ بِهِ هَذَا الْكَلَامُ مِنْ سُقُوطِ التَّعْزِيرِ إذَا ثَبَتَ الزِّنَا بَعْدَ الْقَذْفِ هَلْ الْمُرَادُ بِهِ سُقُوطُ التَّعْزِيرِ الَّذِي وَجَبَ لِلْقَذْفِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ قَذْفٌ لِكَوْنِ الْمَقْذُوفِ غَيْرُ مُحْصَنٍ، أَمَّا التَّعْزِيرُ لِلْمَنْعِ مِنْ الْإِيذَاءِ فَلَا يَسْقُطُ كَمَا فِي عَكْسِ ذَلِكَ بِأَنْ قَذَفَ مَنْ ثَبَتَ زِنَاهُ فَإِنَّهُ لَا لِعَانَ وَيُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ قَوْلُهُمْ وَاللَّفْظُ لِلرَّوْضِ وَلَا تُلَاعِنُ لِتَعْزِيرٍ وَجَبَ لِلتَّأْدِيبِ لِلْعِلْمِ بِكَذِبِهِ، أَوْ ظُهُورِ صِدْقِهِ كَقَذْفِ صَغِيرَةٍ لَا تُوطَأُ وَكَبِيرَةٍ ثَبَتَ زِنَاهَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ. اهـ. بِجَامِعِ الْإِيذَاءِ مَعَ ثُبُوتِ الزِّنَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَتَقَدَّمَ الْقَذْفُ عَلَى الثُّبُوتِ فِي الْأَوَّلِ وَعَكْسُهُ فِي الثَّانِي لَا أَثَرَ لَهُ، أَوْ الْمُرَادُ بِهِ سُقُوطُ التَّعْزِيرِ مُطْلَقًا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ مَعْنَى الْأَوَّلِ فَلْيُحَرَّرْ النَّقْلُ (قَوْلُهُ: أَوْ امْتِنَاعٍ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ
(فَرْعٌ) امْتَنَعَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مِنْ اللِّعَانِ ثُمَّ طَلَبَهُ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ أَيْ: أَوْ قَبْلَهُ مُكِّنَ مِنْهُ لَا بَعْدُ إلَّا إنْ كَانَ ثَمَّ وَلَدٌ أَيْ: وَالطَّالِبُ الزَّوْجُ اهـ لَا الزَّوْجَةُ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْلُبَ مِنْهُ) كَانَ الْمُرَادُ بِطَلَبِهِ مِنْهُ طَلَبَ خَصْمِهِ لَا مُطْلَقًا، فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ لَا بُدَّ
ــ
[حاشية الشربيني]
قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ. . إلَخْ) وَلِثُبُوتِ صِدْقِ الزَّوْجِ شَرْحُ الْإِرْشَادِ (قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ مُشْكِلٌ) يَرُدُّ الْإِشْكَالَ
أَيْ: يُلَاعِنُ بِعَدَدِ النِّسْوَةِ إذَا قَذَفَهُنَّ، وَلَوْ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ لِمَا مَرَّ فِي تَعَدُّدِ الْحَدِّ بِتَعَدُّدِ الْمَقْذُوفِ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَمَاهَا بِأَجْنَبِيٍّ يَكْفِيهِ لِعَانٌ وَاحِدٌ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّ فِعْلَهَا لَازِمٌ لِفِعْلِهِ بِخِلَافِ فِعْلِهَا مَعَ فِعْلِ غَيْرِ الزَّانِي بِهَا.
(وَمُنِعْ حَيْثُ بِصِدْقِهِ أَوْ الْكِذْبِ قُطِعْ) أَيْ: وَمُنِعَ اللِّعَانُ لِنَفْيِ الْعُقُوبَةِ حَيْثُ قُطِعَ ظَاهِرًا بِصِدْقِهِ بِأَنْ ثَبَتَ زِنَاهَا بِإِقْرَارِهَا، أَوْ بِبَيِّنَةٍ وَحَيْثُ قُطِعَ بِكَذِبِهِ كَأَنْ قَذَفَ صَغِيرَةً لَا تُوطَأُ، أَوْ رَتْقَاءَ وَقَرْنَاءَ، أَوْ نَسَبَهَا إلَى الزِّنَا بِمَمْسُوحٍ، أَوْ صَبِيٍّ ابْنِ شَهْرٍ مَثَلًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعُقُوبَةَ نَوْعَانِ حَدٌّ وَتَعْزِيرٌ كَمَا شَمَلَهُمَا قَوْلُهُ عِقَابٌ فَالْحَدُّ يُلَاعِنُ لِنَفْيِهِ وَالتَّعْزِيرُ نَوْعَانِ تَعْزِيرُ تَكْذِيبٍ، وَهُوَ مَا شُرِعَ فِي حَقِّ الْقَاذِفِ الْكَاذِبِ ظَاهِرًا بِأَنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ غَيْرَ الْمُحْصَنَةِ كَذِمِّيَّةِ وَرَقِيقَةٍ وَصَغِيرَةٍ يُوطَأُ مِثْلُهَا فَلَهُ اللِّعَانُ لِنَفْيِ ذَلِكَ وَتَعْزِيرُ تَأْدِيبٍ، وَهُوَ أَنْ يَقْطَعَ بِصِدْقِهِ ظَاهِرًا، أَوْ بِكَذِبِهِ كَمَا مَرَّ، فَلَا لِعَانَ فِيهِمَا، أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلِأَنَّ اللِّعَانَ لِإِظْهَارِ الصِّدْقِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، فَلَا مَعْنَى لَهُ وَلِأَنَّ التَّعْزِيرَ فِيهِ لِلسَّبِّ وَالْإِيذَاءِ فَأَشْبَهَ التَّعْزِيرَ بِقَذْفِ صَغِيرَةٍ لَا تُوطَأُ، وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِتَيَقُّنِ كَذِبِهِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الْحَلِفِ عَلَى أَنَّهُ صَادِقٌ فَيُعَزَّرُ لَا لِلْقَذْفِ لِأَنَّهُ كَاذِبٌ فِيهِ قَطْعًا فَلَمْ يُلْحِقْ بِهَا عَارًا، بَلْ مَنْعًا لَهُ مِنْ الْإِيذَاءِ وَالْخَوْضِ فِي الْبَاطِلِ.
وَلَوْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ وَحُدَّ لِلْقَذْفِ ثُمَّ قَذَفَهَا ثَانِيًا لَا يُلَاعِنُ لِنَفْيِ التَّعْزِيرِ لِظُهُورِ كَذِبِهِ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ وَهَذِهِ وَارِدَةٌ عَلَى كَلَامِهِ، وَيُمْكِنُ إدْرَاجُهَا فِي الْقَطْعِ بِالْكَذِبِ بِحَمْلِهِ عَلَى الْقَطْعِ بِهِ ظَاهِرًا
ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ ثَمَرَاتِ اللِّعَانِ فَقَالَ (وَبِلِعَانِ الزَّوْجِ) لِنَفْيِ نَسَبٍ، أَوْ عُقُوبَةٍ (حُرْمَةُ الْأَبَدْ تَثْبُتُ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَقْذُوفَةِ، وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا وَوَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ لَوْ كَانَتْ أَمَةً فَمَلَكَهَا لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ:«الْمُتَلَاعِنَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا» لَكِنَّ ظَاهِرَ الْخَبَرِ يَقْتَضِي تَوَقُّفَ الْفُرْقَةِ عَلَى تَلَاعُنِهِمَا مَعًا، وَلَيْسَ مُرَادًا كَالْفُرْقَةِ بِغَيْرِ اللِّعَانِ فَإِنَّهَا تَحْصُلُ بِوُجُودِ سَبَبٍ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَالتَّأْبِيدُ هُنَا صِفَةٌ تَابِعَةٌ وَهِيَ فُرْقَةُ فَسْخٍ لَا طَلَاقٍ كَالرَّضَاعِ لِحُصُولِهَا بِغَيْرِ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهَا وَتَحْصُلُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا وَلَا مَدْخَلَ لِلطَّلَاقِ فِيهَا وَمَا رُوِيَ:«أَنَّ عُوَيْمِرَ أَطْلَقَ امْرَأَتَهُ بَعْدَ اللِّعَانِ فَلِأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ اللِّعَانَ لَا يُحَرِّمُهَا فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا»
أَيْ: لَا مِلْكَ، فَلَا يَقَعُ طَلَاقُك قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَعَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُعْلِمَهُمَا بِالْفُرْقَةِ إنْ كَانَا جَاهِلَيْنِ كَمَا أَعْلَمَهُمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ:(لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا) وَاحْتَرَزَ النَّاظِمُ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ (عِنْدَنَا) عَنْ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّ الْحُرْمَةَ لَا تَتَأَبَّدُ وَإِنَّهَا لَا تَثْبُتُ بِاللِّعَانِ، بَلْ
ــ
[حاشية العبادي]
مِنْ أَمْرِ الْحَاكِمِ بِهِ وَتَلْقِينِهِ كَمَا تَقَدَّمَ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَبِاعْتِقَالٍ
(قَوْلُهُ: يَكْفِي لِعَانٌ وَاحِدٌ) أَيْ، وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمَقْذُوفُ هُنَا أَيْضًا، وَهُوَ هِيَ وَالْأَجْنَبِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ بِبَيِّنَةٍ) أَيْ: ثُمَّ قَذَفَهَا قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، أَوْ لِعَانٌ مِنْهُ مَعَ امْتِنَاعِهَا مِنْهُ. اهـ. أَيْ: فَلَا يُلَاعِنُ لِقَذْفِهِ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ اللِّعَانِ وَلَا حَدَّ بِذَلِكَ الْقَذْفِ، بَلْ يُعَزَّرُ فَقَطْ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ مَا قَذَفَ بِهِ ثَانِيًا غَيْرَ مَا ثَبَتَ بِلِعَانِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَسَيَأْتِي جَمِيعُ ذَلِكَ قَرِيبًا (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ التَّعْزِيرَ. . إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ وُجُوبَ التَّعْزِيرِ مَعَ ثُبُوتِ الزِّنَا.
(قَوْلُهُ: وَحُدَّ لِلْقَذْفِ) أَيْ: لِكَوْنِهِ لَمْ يُلَاعِنْ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ قَذَفَهَا ثَانِيًا، سَوَاءٌ كَانَ بِذَلِكَ الزِّنَا أَوْ بِغَيْرِهِ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الرَّوْضِ فِي الثَّانِي وَجْهَيْنِ فِي أَنَّهُ يُحَدُّ، أَوْ يُعَزَّرُ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ يُعَزَّرُ وَتَقَدَّمَ بِهَامِشِ قَوْلِهِ وَلَوْ بِتَكْرَارٍ فِيمَا لَوْ قَذَفَ أَجْنَبِيًّا وَحُدَّ ثُمَّ قَذَفَهُ ثَانِيًا، وَلَوْ بِغَيْرِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يُعَزَّرُ فَقَطْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خِلَافٌ فَانْظُرْ الْفَرْقَ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ وَارِدَةٌ) قَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَمُنِعَ حَيْثُ لَيْسَ فِيهِ حَصْرُ الْمَنْعِ فِيمَا ذُكِرَ
(قَوْلُهُ: وَبِلِعَانِ الزَّوْجِ حُرْمَةُ الْأَبَدِ) وَكَذَا بِلِعَانِ الْأَجْنَبِيَّةِ الْمَوْطُوءَةِ بِشُبْهَةٍ حَيْثُ جَازَ بِأَنْ كَانَ ثَمَّ وَلَدٌ كَمَا يَأْتِي وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَلَوْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ أَبَانَهَا تَلَاعَنَا لِنَفْيِ الْوَلَدِ أَوْ الْعُقُوبَةِ وَتَتَأَبَّدُ حُرْمَتُهَا بِلِعَانِهِ، وَلَوْ أَبَانَهَا ثُمَّ قَذَفَهَا، أَوْ قَذَفَ مَوْطُوءَتَهُ بِشُبْهَةٍ لَمْ يُلَاعِنْ لِدَفْعِ الْحَدِّ كَالْأَجْنَبِيِّ بَلْ لِنَفْيِ وَلَدٍ، أَوْ حَمْلٍ فَيَنْدَفِعُ بِهِ النَّسَبُ وَالْعُقُوبَةُ وَتَتَأَبَّدُ الْحُرْمَةُ وَلَا يَلْزَمُهَا حَدُّ الزِّنَا وَلَا تُلَاعِنُ نَعَمْ إنْ قَالَ زَنَيْت فِي نِكَاحِي حُدَّتْ وَلَاعَنَتْ لِلدَّفْعِ وَإِذَا لَاعَنَ لِنَفْيِ الْحَمْلِ فَبَانَ عَدَمُهُ فَسَدَ لِعَانُهُ وَحُدَّ وَكَذَا لَوْ لَاعَنَ زَوْجٌ وَلَا وَلَدَ ثُمَّ بَانَ فَسَادُ نِكَاحِهِ. اهـ.
وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ الْفَسَادُ لَا تَتَأَبَّدُ الْحُرْمَةُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَفِي الرَّوْضِ فَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ أَيْ: الزَّوْجُ وَحُدَّ لِقَذْفِهَا فَطَالَبَهُ الرَّجُلُ أَيْ: الْمَقْذُوفُ بِهِ أَيْ: بِالْحَدِّ وَقُلْنَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَدَّانِ فَلَهُ اللِّعَانُ وَهَلْ تَتَأَبَّدُ الْحُرْمَةُ بِاللِّعَانِ لِأَجْلِهِ فَقَطْ وَجْهَانِ. اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ عِبَارَةُ الْأَصْلِ قَالَ الْبَغَوِيّ قِيلَ يَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَنْقُولَ تَأَبُّدُ الْحُرْمَةِ. اهـ. وَسَيَأْتِي تَأَبُّدُ الْحُرْمَةِ بِلِعَانِ الْوَاطِئِ بِشُبْهَةٍ فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: حُرْمَةُ الْأَبَدِ) أَيْ: حَتَّى فِي الْجَنَّةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ
ــ
[حاشية الشربيني]
تَعْلِيلُ الْبَغَوِيّ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا الْأُولَى بِأَنَّ لَهُ طَرِيقًا إلَخْ وَالثَّانِيَةُ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ طَرِيقٌ سِوَى اللِّعَانِ. اهـ. شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ قَالَ وَهُوَ أَوْضَحُ مِنْ فَرْقِ الشَّيْخِ بِأَنَّ إلْحَاقَ الْقَائِفِ أَقْوَى. اهـ. لَكِنَّ الْمُحَشِّيَ أَشَارَ لِدَفْعِ مَا قَالَهُ حَجَرٌ بِأَنَّهُ أَيْضًا فِي الِانْتِسَابِ كَانَ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ لِنَفْيِهِ وَهُوَ أَنْ يَنْتَسِبَ لِغَيْرِ الزَّوْجِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَبِلِعَانِ الزَّوْجِ. . إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَذَبَ أَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ. اهـ. شَرْحُ م ر وَفِيمَا إذَا أَكْذَبَ نَفْسَهُ يَعُودُ عَلَيْهِ الْحَدُّ كَمَا فِي شَرْحِ م ر أَيْضًا وَخَالَفَ فِي الْمَطْلَبِ فَقَالَ بِسُقُوطِ الْحَدِّ عَنْهُ وَوَافَقَهُ خ ط. اهـ. ق ل (قَوْلُهُ: أَوْ عُقُوبَةٍ) كَتَبَ الشِّهَابُ عَمِيرَةُ عَلَى قَوْلِ الْمِنْهَاجِ لَهُ اللِّعَانُ لِدَفْعِ التَّعْزِيرِ مَا نَصُّهُ الظَّاهِرُ أَنَّ الْفُرْقَةَ تَثْبُتُ بِهَذَا اللِّعَانِ. اهـ. وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ الْعُقُوبَةَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ) وَيَجِبُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ الْحَدُّ شَرْحُ م ر وَنَقَلَ ق ل عَنْ الْمَطْلَبِ وَوَافَقَهُ خ ط سُقُوطُ الْحَدِّ عَنْهُ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ إنْ كَانَ ثَمَّ وَلَدٌ وَلَا يَجِبُ الْحَدُّ عَلَيْهَا وَلَا تَسْقُطُ حَصَانَتُهَا. اهـ. شَرْقَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: صِفَةٌ تَابِعَةٌ) أَيْ: لَا تَصْلُحُ فَارِقًا بَيْنَ فُرْقَةِ اللِّعَانِ وَفُرْقَةِ غَيْرِهِ
(قَوْلُهُ:
بِهِ مَعَ تَفْرِيقِ الْحَاكِمِ بَيْنَهُمَا بَعْدَهُ لِظَاهِرِ خَبَرِ: (لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا) لَنَا الْخَبَرُ السَّابِقُ وَقَوْلُهُ: لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا كَانَ إفْتَاءً لَا حُكْمًا
(كَذَا) يَثْبُتُ بِلِعَانِهِ (سُقُوطُ حَدْ) قَذْفٍ وَجَبَ عَلَيْهِ (لِزَوْجَةٍ) لَهُ لِآيَةِ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] إذْ ظَاهِرُهَا أَنَّ لِعَانَهُ كَشَهَادَةِ الشُّهُودِ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ بِهِ (وَالْأَجْنَبِيّ) أَيْ: يَثْبُتُ بِلِعَانِ الزَّوْجِ سُقُوطُ حَدِّ قَذْفِهِ لِلزَّوْجَةِ وَلِلْأَجْنَبِيِّ الْمُعَيَّنِ الَّذِي قَذَفَهَا بِهِ (بِنُطْقِهِ بِهِ) أَيْ: مَعَ نُطْقِهِ بِذِكْرِ الْأَجْنَبِيِّ فِي لِعَانِهِ كَأَنْ يَقُولَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا بِفُلَانٍ، سَوَاءٌ وَجَبَ حَدٌّ أَمْ حَدَّانِ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَةَ وَاحِدَةٌ وَقَدْ قَامَتْ فِيهَا حُجَّةٌ مُصَدَّقَةٌ فَانْتَهَضَتْ شُبْهَةٌ دَارِئَةٌ لِلْحَدِّ فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ حَدُّ قَذْفِهِ لَهُ كَمَا فِي الزَّوْجَةِ لَوْ تَرَكَ ذِكْرَهَا طَرِيقُهُ أَنْ يُعِيدَ اللِّعَانَ وَيَذْكُرُهُ وَالتَّعْزِيرُ كَالْحَدِّ فِيمَا ذَكَرَ وَلَوْ امْتَنَعَ الزَّوْجُ مِنْ اللِّعَانِ وَلَا بَيِّنَةَ فَحُدَّ بِطَلَبِهَا فَجَاءَ الْأَجْنَبِيُّ يَطْلُبُ الْحَدَّ اُسْتُوْفِيَ مِنْهُ حَدٌّ آخَرُ وَلَهُ إسْقَاطُهُ بِاللِّعَانِ، وَلَوْ ابْتَدَأَ الْأَجْنَبِيُّ بِطَلَبِ حَقِّهِ فَهَلْ لَهُ أَنْ يُلَاعِنَ لَهُ وَجْهَانِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا وَقَدْ يَنْبَنِيَانِ عَلَى أَنَّ حَقَّهُ يَثْبُتُ أَصْلًا أَوْ تَبَعًا لِحَقِّهَا، وَلَوْ عَفَا أَحَدُهُمَا عَنْ حَقِّهِ فَلِلْآخَرِ الْمُطَالَبَةُ وَلِلزَّوْجِ إسْقَاطُهُ بِاللِّعَانِ (كَذَا) يَثْبُتُ بِلِعَانِهِ سُقُوطُ (إحْصَانُهَا فِي حَقِّهِ) فَلَوْ قَذَفَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ بِتِلْكَ الزَّنْيَةِ، أَوْ أَطْلَقَ لَمْ يُحَدَّ لِأَنَّا صَدَّقْنَاهُ فِيهَا لَكِنَّهُ يُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلَاعِنَ لِنَفْيِهِ لِأَنَّهُ قَذَفَ بَائِنًا وَلَا وَلَدَ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِهَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَاعَنَتْ لِلِعَانِهِ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ فِي حَقِّهِ كَالْبَيِّنَةِ وَإِلَّا فَيُحَدُّ كَمَا يُحَدُّ لِلْأَجْنَبِيَّةِ وَقِيلَ يَسْقُطُ مُطْلَقًا وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ النَّظْمِ وَأَصْلِهِ، أَمَّا فِي حَقِّ غَيْرِهِ، فَلَا يَسْقُطُ فَلَوْ قَذَفَهَا أَجْنَبِيٌّ وَلَوْ بِتِلْكَ الزَّنْيَةِ لَزِمَهُ الْحَدُّ لَاعَنَتْ، أَوْ لَمْ تُلَاعِنْ؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ مُخْتَصٌّ بِالزَّوْجِ فَيَقْتَصِرُ أَثَرُهُ عَلَيْهِ (وَيَلْزَمُ الْعِرْسَ) أَيْ: الزَّوْجَةَ (بِهِ) أَيْ بِلِعَانِ الزَّوْجِ (حَدُّ الزِّنَا) لِثُبُوتِ الْحُجَّةِ عَلَيْهَا وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} [النور: 8] الْآيَةَ هَذَا إنْ قَذَفَهَا بِزِنًا أَضَافَهُ إلَى النِّكَاحِ أَوْ أَطْلَقَهُ فَإِنْ أَضَافَهُ إلَى مَا قَبْلَهُ وَلَاعَنَ لِنَفْيِ النَّسَبِ عَلَى مَا مَرَّ فَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا لَا تُلَاعِنَ وَيَسْتَوِي فِي لُزُومِ الْحَدِّ عَلَيْهَا بِلِعَانِهِ الْمُسْلِمَةَ وَالذِّمِّيَّةَ إنْ رَضِيَتْ بِحُكْمِنَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ
(إنْ رَضِيَتْ ذِمِّيَّةٌ بِحُكْمِنَا) لِانْقِطَاعِ خُصُومَةِ الزَّوْجِ مَعَهَا بِلِعَانِهِ وَالْبَاقِي بَعْدَهُ حَدُّ الزِّنَا، وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَالذِّمِّيُّ لَا يُجْبَرُ عَلَى حَدِّهِ تَعَالَى فَإِنْ لَمْ تَرْضَ بِحُكْمِنَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا لِعَدَمِ اللِّعَانِ حِينَئِذٍ وَهَذَا حَكَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ النَّصِّ لَكِنَّهُمَا ضَعَّفَاهُ ثُمَّ صَحَّحَا أَنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الذِّمِّيَّيْنِ إذَا تَرَافَعَا إلَيْنَا هَلْ يَجِبُ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا وَحَمَلَ الرَّافِعِيُّ كَالْجُمْهُورِ النَّصَّ عَلَى أَنَّهُ جَوَابٌ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ، وَلَوْ قَذَفَهَا زَوْجُهَا الذِّمِّيُّ وَتَرَافَعَا إلَيْنَا وَلَمْ يَرْضَ هُوَ بِحُكْمِنَا وَطَلَبَتْهُ هِيَ فَهَلْ يُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى اللِّعَانِ وَيُعَزَّرُ إنْ لَمْ يُلَاعِنْ أَوْ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى رِضَاهُ فِيهِ الْقَوْلَانِ فِي وُجُوبِ الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ وَبَقِيَ مِنْ ثَمَرَاتِ اللِّعَانِ انْتِفَاءُ النَّسَبِ وَإِنَّمَا تَرَكَهُ هُنَا لِعِلْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ، وَهُوَ لِنَفْيِ الِانْتِسَابِ، وَأَمَّا تَشْطِيرُ الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَحِلُّ نِكَاحِ أُخْتِهَا وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا فِي عِدَّتِهَا فَلَيْسَتْ مِنْ ثَمَرَاتِ اللِّعَانِ، بَلْ مِنْ ثَمَرَاتٍ لَازِمَةٍ أَعْنِي الْبَيْنُونَةَ الْمَعْلُومَةَ مِنْ حُرْمَةِ الْأَبَدِ مَعَ أَنَّهَا مَذْكُورَةٌ فِي مَحَالِّهَا
(وَلَمْ يَجِبْ) حَدُّ الزِّنَا عَلَى الزَّوْجَةِ يَعْنِي: يَسْقُطَ عَنْهَا (إنْ لَاعَنَتْ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ} [النور: 8] الْآيَةَ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِلِعَانِهَا إلَّا هَذَا الْحُكْمُ، وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِزِنَاهَا، أَوْ بِإِقْرَارِهَا لَمْ يُمْكِنْهَا دَفْعُ الْحَدِّ بِاللِّعَانِ لِأَنَّهُ حُجَّةٌ ضَعِيفَةٌ لَا تُقَاوِمُ الْبَيِّنَةَ وَخَرَجَ بِتَقْيِيدِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَوَّلًا بِالزَّوْجَةِ الْأَجْنَبِيَّةُ حَتَّى لَوْ وَطِئَ امْرَأَةً بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ شُبْهَةٍ -
ــ
[حاشية العبادي]
لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ أَبَدًا وَأَفْتَى أَيْضًا بِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي قَوْلِهِ فِي الْجَنَّةِ لِانْتِفَاءِ السَّبَبِ الْمَانِعِ مِنْ الْجَمْعِ فِي الْجَنَّةِ. اهـ. م ر
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ وَجَبَ حَدٌّ أَوْ حَدَّانِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ هَلْ يَجِبُ بِقَذْفِهِ لَهَا بِمُعَيَّنٍ عَلَيْهِ حَدٌّ، أَوْ حَدَّانِ وَقَدْ أَشَارَ صَاحِبُ الرَّوْضِ إلَى هَذَا الْخِلَافِ فَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْ وَحُدَّ لِقَذْفِهَا فَطَالَبَهُ الرَّجُلُ وَقُلْنَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَدَّانِ أَيْ: حَدٌّ لَهَا وَحَدٌّ لِلرَّجُلِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا أَفْصَحَ بِذَلِكَ فِي شَرْحِهِ فَلَهُ اللِّعَانُ. اهـ. وَأَمَّا مَا أَشَارَ إلَيْهِ شَيْخُنَا مِمَّا كَتَبْنَاهُ عَلَى قَوْلِهِ أَمْ حَدَّانِ، فَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ الْحُكْمَ بِسُقُوطِ حَدِّ قَذْفِ الزَّوْجَةِ وَالرَّجُلِ أَيْ: سُقُوطِ حَدِّ قَذْفِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا هُوَ حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا لَا يَخْفَى إذْ مَعَ الشُّبْهَةِ لِأَحَدِهِمَا لَا حَدَّ لِأَجْلِهِ إنْ لَمْ يَرْمِهِ بِالزِّنَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَمْ حَدَّانِ) أَيْ: كَأَنْ تَنْتَفِيَ الشُّبْهَةُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِرّ (قَوْلُهُ: أَيْ: بِلِعَانِ الزَّوْجِ) خَرَجَ غَيْرُ الزَّوْجِ فَلَا يَلْزَمُهَا بِلِعَانِهِ حَدُّ الزِّنَا وَتَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي عِبَارَةِ الْعُبَاب بِالْهَامِشِ وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَطْلَقَهُ) مَحَلُّهُ فِي الْإِطْلَاقِ إذَا قَذَفَهَا وَالْعِصْمَةُ بَاقِيَةٌ بِرّ (قَوْلُهُ: إنَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ. إلَخْ) قَدْ يَكُونُ الزَّوْجُ مُسْلِمًا فَهَلَّا جَعَلَا حِينَئِذٍ مِنْ قَبِيلِ تَرَافُعِ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا) عِبَارَةُ الرَّوْضِ
(فَرْعٌ) قَذَفَ زَوْجَتَهُ الذِّمِّيَّةَ وَتَرَافَعَا إلَيْنَا وَلَاعَنَ دُونَهَا حُدَّتْ، وَلَوْ كَانَ ذِمِّيًّا، وَإِنْ لَمْ يُلَاعِنْهَا عُزِّرَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَجِبْ إنْ لَاعَنَتْ) صَرَّحَ الشَّيْخُ عَزُّ الدِّينِ فِي الْقَوَاعِدِ بِوُجُوبِ لِعَانِهَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ كَاذِبًا لِئَلَّا تُجْلَدَ أَوْ تُرْجَمَ وَيَفْتَضِحَ أَهْلُهَا بِرّ حَجَرٌ
ــ
[حاشية الشربيني]
يَثْبُتُ أَصْلًا) هُوَ الْأَوْجَهُ. اهـ. شَرْحُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ (قَوْلُهُ: كَمَا يُحَدُّ لِلْأَجْنَبِيَّةِ) لَوْ قَذَفَهَا بِزِنًا وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَقَذَفَهَا بِالزِّنَا الْأَوَّلِ وَجَبَ حَدٌّ وَاحِدٌ وَلَا لِعَانَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَذَفَهَا بَعْدَ الزَّوْجِيَّةِ بِزِنًا آخَرَ فَيَتَعَدَّدُ الْحَدُّ لِاخْتِلَافِ مُوجِبِ الْقَذْفَيْنِ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ يَسْقُطُ بِاللِّعَانِ دُونَ الْأَوَّلِ. اهـ. سم عَلَى حَجَرٍ (قَوْلُهُ: لَا حَدَّ عَلَيْهَا) ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُلَطِّخْ فِرَاشَهُ حَتَّى يَنْتَقِمَ مِنْهَا بِاللِّعَانِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: إنْ رَضِيَتْ. . إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَإِنْ لَمْ تَرْضَ هِيَ بِحُكْمِنَا. اهـ. وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى ضَعْفِ مَا هُنَا بِقَوْلِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ وَبِمَا نَقَلَهُ بَعْدُ
(قَوْلُهُ: