المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

يقوله الظالمون علوًا كبيرًا - يزور قبور الأئمة مع الشيعة، - أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية - عرض ونقد - - جـ ٢

[ناصر القفاري]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثاني: عقيدتهم في أصول الدين

- ‌الفصل الأول: عقيدتهم في توحيد الألوهية

- ‌المبحث الأول: نصوص التوحيد جعلوها في ولاية الأئمة

- ‌المبحث الثاني: الولاية أصل قبول الأعمال عندهم

- ‌المبحث الثالث: اعتقادهم أن الأئمة هم الواسطة بين الله والخلق

- ‌المسألة الأولى: قولهم: لا هداية للناس إلا بالأئمة

- ‌المسألة الثانية: قولهم: لا يقبل الدعاء إلا بأسماء الأئمة

- ‌المسألة الرابعة: قولهم: إن الحج إلى المشاهد أعظم من الحج إلى بيت الله

- ‌زيارة كربلاء يوم عرفة أفضل من سائر الأيام:

- ‌زيارة قبر الحسين أفضل الأعمال:

- ‌زوار الحسين تأتيهم الملائكة ويناجيهم الله:

- ‌مناسك المشاهد:

- ‌الجانب النقدي (لمسألة المشاهد عند الشيعة) :

- ‌المبحث الرابع: قولهم: إن الإمام يُحرّم ما يشاء ويُحلّ ما يشاء

- ‌المبحث الخامس: قولهم: إن تراب قبر الحسين شفاء من كل داء

- ‌المبحث السادس: دعاؤهم بالطلاسم والرموز واستغاثتهم بالمجهول

- ‌المبحث السابع: استخارتهم بما يشبه أزلام الجاهلية

- ‌الفصل الثاني: عقيدتهم في توحيد الربوبية

- ‌المبحث الأول: قولهم: إن الرب هو الإمام

- ‌المبحث الثاني: قولهم بأن الدنيا والآخرة كلها للإمام يتصرف بها كيف يشاء

- ‌المبحث الثالث: إسناد الحوادث الكونية إلى الأئمة

- ‌المبحث الرابع: الجزء الإلهي الذي حل في الأئمة

- ‌المبحث الخامس: قولهم بتأثير الأيام والليالي بالنفع والضر

- ‌الفصل الثالث: عقيدتهم في أسماء الله وصفاته

- ‌المبحث الأوّل: الغلو في الإثبات (التّجسيم)

- ‌المبحث الثاني: التعطيل عندهم

- ‌1- المسألة الأولى: قولهم بأن القرآن مخلوق:

- ‌2- مسألة الرؤية:

- ‌الفصل الرابع: اعتقادهم في الإيمان وأركانه

- ‌المبحث الأول: قولهم في الإيمان والوعد والوعيد

- ‌المسألة الأولى: مفهوم الإيمان عندهم:

- ‌المسألة الثانية: الشهادة الثالثة

- ‌المسألة الثالثة: القول بالإرجاء

- ‌المسألة الرابعة: قولهم في الوعد

- ‌المسألة الخامسة: قولهم في الوعيد

- ‌المبحث الثاني: قولهم في أركان الإيمان

- ‌الإيمان بالملائكة:

- ‌الإيمان بالكتب:

- ‌المسألة الأولى: دعواهم تنزل كتب إلهية على الأئمة

- ‌أ- "مصحف فاطمة

- ‌ب- كتاب أنزل على الرسول قبل أن يأتيه الموت

- ‌ج- "لوح فاطمة

- ‌د- دعواهم نزول اثنتي عشرة صحيفة من السماء تتضمن صفات الأئمة:

- ‌نقد هذه المقالة:

- ‌المسألة الثانية: دعواهم بأن جميع الكتب السماوية عند الأئمة

- ‌الإيمان بالرسل:

- ‌تفضيلهم الأئمة على الأنبياء والرسل:

- ‌معجزات الإمام:

- ‌الإيمان باليوم الآخر:

- ‌الإيمان بالقدر:

- ‌الباب الثالث: أصولهم ومعتقداتهم (الأخرى) التي تفردوا بها

- ‌الفصل الأول: الإمامة

- ‌منزلة الإمامة عندهم:

- ‌سرية هذا المبدأ:

- ‌حصر الأئمة بعدد معين:

- ‌استدلالهم على مسألة الإمامة:

- ‌الاستدلال بالأمور المعلومة والمتفق عليها في مسألة النص:

- ‌حكم من أنكر إمامة أحد الاثنى عشر:

- ‌1- الصحابة رضوان الله عليهم:

- ‌2- تكفيرهم أهل البيت:

- ‌3- تكفيرهم خلفاء المسلمين وحكوماتهم:

- ‌4- الحكم على الأمصار الإسلامية بأنها دار كفر:

- ‌5- قضاة المسلمين:

- ‌6- أئمة المسلمين وعلماؤهم:

- ‌7- الفرق الإسلامية:

- ‌8- الأمة كلها:

- ‌النقد:

- ‌الفصل الثاني: عصمة الإمام

- ‌نشأة هذه العقيدة وتطورها

- ‌استدلالهم على عصمة أئمتهم

- ‌نقد عام لمبدأ "عصمة الأئمة

- ‌الفصل الثالث: التقية

- ‌تعريفها:

- ‌استدلالهم على التقية:

- ‌الفصل الرابع: المهدية والغيبة

- ‌المهدية والغيبة عند فرق الشيعة:

- ‌نشأة فكرة الغيبة عند الشيعة الاثني عشرية وتطورها

- ‌الخطوط العامة لقصة المهدية عند الاثني عشرية

- ‌الاستدلال على وقوع الغيبة

- ‌دفاعهم عن طول أمد الغيبة:

- ‌المهدي بعد عودته المزعومة

- ‌أ- شريعة مهديهم المنتظر:

- ‌ب- سيرة القائم المنتظر:

- ‌ج- جند القائم:

- ‌الشيعة وغيبة مهديهم:

- ‌النيابة عن المنتظر:

- ‌نقد عقيدة الغيبة والمهدية عند الاثني عشرية:

- ‌الفصل الخامس: الرجعة

- ‌استدلالهم على الرجعة:

- ‌نقد مقالة الرجعة:

- ‌الفصل السادس: الظهور

- ‌الفصل السابع: البداء

- ‌استدلالهم على البداء:

- ‌روايات في كتب الاثني عشرية تنقض عقيدة البداء:

- ‌الفصل الثامن: الطينة

الفصل: يقوله الظالمون علوًا كبيرًا - يزور قبور الأئمة مع الشيعة،

يقوله الظالمون علوًا كبيرًا - يزور قبور الأئمة مع الشيعة، ففي البحار للمجلسي "إنّ قبر أمير المؤمنين يزوره الله مع الملائكة ويزوره الأنبياء ويزوره المؤمنون"(1) .

كبرت كلمة تخرج من أفواههم، وتسطرها أقلامهم، إن يقولون إلا كذبًا.

‌مناسك المشاهد:

زيارة الأضرحة فريضة من فرائض مذهبهم (2)، يكفر تاركها (3) . وقد عقد لذلك المجلسي بابًا بعنوان:"باب أن زيارته (4) . واجبة مفترضة مأمور بها، وما ورد من الذم والتأنيب والتوعد على تركها" وذكر فيه (40) حديثًا من أحاديثهم (5) .

ومن هنا وضعوا لها مناسك كماسك الحج إلى بيت الله الحرام.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "وقد صنف شيخهم ابن النعمان المعروف عندهم بالمفيد كتابًا سماه "مناسك المشاهد" جعل قبور المخلوقين تحج كما تحج الكعبة البيت الحرام الذي جعله الله قيامًا للناس، وهو أول بيت وضع للناس، فلا يطاف إلا به ولا يصلى إلا إليه ولم يأمر إلا بحجه"(6) .

ولكن كشف لنا اليوم شيخهم أغا بزرك الطهراني في كتابه "الذريعة" أن ما صنفه شيوخهم في المزار ومناسكه قد بلغ ستين كتابًا (7) ، كلها ألفت لإرساء

(1) بحار الأنوار: 100/258

(2)

انظر روايات ذلك في تهذيب الأحكام للطوسي: 2/14، وفي كامل الزيارات لابن قولويه ص194، ووسائل الشيعة للحر العاملي: 10/333-337

(3)

ففي الوسائل "عن هارون بن خارجة عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته عمن ترك الزيارة زيارة قبر الحسين عليه السلام من غير علة، فقال: هذا رجل من أهل النار". (وسائل الشيعة: 10/336-337، كامل الزيارات: ص193)

(4)

يعني: زيارة الحسين

(5)

انظر: بحار الأنوار: 101/ 1-11

(6)

منهاج السنة: 1/175، مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 17/498

(7)

انظر: الذريعة: 20/316-326

ص: 467

قواعد هذا الشرك وتشييد بنائه، وهذا عدا ما اشتملت عليه كتب الأخبار المعتمدة عندهم من أبواب خاصة بالمشاهد - كما سيأتي - ومن هذه المناسك ما يلي:

أـ الطواف بها:

اتفق المسلمون على أنه لا يشرع الطواف إلا بالبيت المعمور (1)

ولكن شيوخ الشيعة شرعوا لأتباعهم الطواف بأضرحة الموتى من الأئمة، ووضعوا من الروايات على آل البيت ما يسندون به هذا الشرك، فقال المجلسي بأنه ورد في بعض زيارات الأئمة "إلا أن نطوف حول مشاهدكم"، وفي بعض الروايات "قبّل جوانب القبر"، كما قال بأن الرضا كان - على حد زعمه - يطوف بقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) . وأخذ من ذلك "شرعية" هذا "النسك الوثني" في مذهبهم، ولم يلتفت إلى نصوص القرآن الصريحة الواضحة في النهي عن الشرك والوعيد عليه بنار جهنم وبئس المصير، ولكن أشكل عليه روايات لهم تناقض - كالعادة - مذهبهم في المشاهد وهي مروية عن أئمتهم فرام التخلص منا بالتأويل.

فقد جاء في رواياتهم ما ينهى عن الطواف بالقبور كقول إمامهم: "لا تشرب وأنت قائم ولا تطف بقبر،..فإن من فعل ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه، ومن فعل شيئًا من ذلك لم يكن يفارقه إلا ما شاء الله"(3) . وقد أجهد المجلسي نفسه قال في تأويل هذه الرّواية فقال: "يحتمل أن يكون النّهي عن الطّواف بالعدد المخصوص الذي يُطاف بالبيت"(4) .

فأنت ترى أن المجلسي لم يحاول أن يسلك ما يتفق مع كتاب الله سبحانه وما عليه المسلمون، وما جاء عندهم أيضًا:"ولا تطف على قبر" فينصح لنفسه

(1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 4/521

(2)

بحار الأنوار: 100/126.

(3)

ابن بابويه/ علل الشّرائع: ص 283، بحار الأنوار: 100/126

(4)

بحار الأنوار: 100/126

ص: 468

وطائفته بالنهي عن هذه البدعة فيقر بذلك، ويؤول ما يخالفه، لأنه شذوذ وانحراف وباب من أبواب الشرك بالله، لم يفعل ذلك بل تكلف في تأويل نصهم الذي يدل على المعنى الحق حتى قال:"يحتمل أن يكون المراد بالطواف المنفي هنا التغوط"(1) .

فدين الشيعة هو دين المجلسي لا دين الأئمة، وعمل الشيعة بما قاله شيوخهم لا ما قاله إمامهم.. فأعرضوا عن قول الإمام:"ولا تطف بقبر"، كما أعرضوا من قبل عن قول الله ورسوله وإجماع المسلمين، فضلّوا وأضلّوا قومهم سواء السّبيل.

ب ـ الصلاة عند الضريح:

من مناسك المشاهد والأضرحة أداء ركعتين أو أكثر عند قبور الأئمة، وربما يتخذونها قبلة - كما سيأتي - وكل ركعة تؤدى عند القبور تفضل على الحج إلى بيت الله الحرام مئات المرات، جاء في أخبارهم:"الصّلاة في حرم الحسين لك بكلّ ركعة تركعها عنده كثواب من حجّ ألف حجّة، واعتمر ألف عمرة، وأعتق ألف رقبة، وكأنّما وقف في سبيل الله ألف ألف مرّة مع نبي مرسل"(2) .

وليس هذا خاصًا بقبر الحسين بل كل قبور أئمتهم كذلك، ففي البحار: "من زار الرضا (3) . أو واحدًا من الأئمة فصلى عنده.. فإنه يكتب له (ثم ذكر ما جاء في النص السابق وزاد) وله بكل خطة مائة حجة، ومائة عمرة، وعتق مائة رقبة في سبل الله، وكتب له مائة حسنة، وحط عنه مائة سيئة (4) .

انظر كيف يفضلون الصلاة عند القبور على الحج إلى بيت الله الحرام،

(1) بحار الأنوار: 100/127

(2)

الوافي/ المجلّد الثّاني: 8/234

(3)

يعد مرقد علي الرضا أهم الأماكن المقدسة في إيران، ومن أضخم الأماكن المقدسة لدى الشيعة، وعليه قبة ضخمة مكسوة بالذهب (عبد الله فياض/ مشاهداتي في إيران ص102) لأن الأضرحة والاهتمام بها وتقديم أنواع من العبادات لها من أصول دينهم

(4)

بحار الأنوار: 100/137-138

ص: 469

فيقدمون الشرك على التوحيد.

وقديمًا كان المشركون يقولون بأن دينهم أفضل من دين الله، وأنهم أهدى من الذين آمنوا سبيلاً.

واتخاذ القبور مساجد ملعون فاعلها على لسان رسول الهدى صلى الله عليه وسلم، حيث قال:"لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"(1) .

وفي الصحيحين أيضًا أنه ذكر له في مرض موته كنيسة بأرض الحبشة، وذكر له من حسنها وتصاوير فيها فقال:"إن أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا، وصوروا فيه تلك التصاوير، أولئك شرار الخلق عند الله"(2) .

وقد ثبت أيضًا النهي عن اتخاذ القبور مساجد في كتب الاثني عشرية نفسها، ولكن شيوخهم يؤولونه - كما سيأتي -.

جـ الانكباب على القبر:

من مناسك المشاهد عندهم الانكباب على القبر، ووضع الخد عليه، وتقبيل

(1) أخرجه البخاري في الصلاة، في باب 55: 1/532 (البخاري مع فتح الباري) ، وفي الجنائز، باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور: 3/200، وباب ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر: 3/255، وفي الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل 6/294، وفي المغازي، في باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته 8/140، وفي اللباس في باب الأكسية والخمائل: 10/277. والحديث بهذا المعنى في مسلم، كتاب المساجد، باب النهي عن بناء المساجد على القبور: 376-377، وأحمد: 1/218، 6/80، 84، 121، 146، 229، 252، 255، 275، والدارمي، كتاب الصلاة، باب النهي عن اتخاذ القبور مساجد: 1/326 وغيرها

(2)

أخرجه البخاري في الصلاة، باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية، ويتخذ مكانها مساجد: 1/523 (البخاري مع فتح الباري)، وباب الصلاة في البيعة: 1/531، وفي الجنائز في باب بناء المسجد على القبر: 3/208، ومسلم، كتاب المساجد، باب النهي عن بناء المساجد على القبور: 1/375-376، وأبو عوانة في مسنده: 1/400-410، وأحمد: 6/51، والبيهقي: 4/80

ص: 470

الأعتاب. ومناجاة صاحب القبر حتى ينقطع النفس كما يقولون.

قال المجلسي: "باب ما يستحب فعله عند قبره عليه السلام.."(1) . ثم ذكر أن شيخ طائفتهم الطّوسي قال في وصفه لأعمال زيارة يوم الجمعة: ".. ثم تنكبّ على القبر وتقول: مولاي إمامي، مظلوم استعدى على ظالمه، النّصر، النّصر حتى ينقطع النّفس"(2) .

وفي أكثر زياراتهم يؤكدون في أثنائها وخاتمتها على الانكاب على القبر، ودعائه، فهذه زيارة للحسين أوصى بها جعفر الصادق - كما يزعمون - وأمر قبل بدء هذه الزيارة بصيام ثلاثة أيام ثم الاغتسال، ولبس ثوبين طاهرين، ثم صلاة ركعتين، ثم قال:"فإذا أتيت الباب فقف خارج القبّة، وأوم بطرفك نحو القبر وقل: يا مولاي يا أبا عبد الله يا ابن رسول الله عبدك وابن عبدك وابن أمتك، الذّليل بين يديك، المقصّر في علو قدرك، المعترف بحقّك، جاءك مستجيرًا بذمّتك، قاصدًا إلى حرمك، متوجّهًا إلى مقامك - إلى أن قال:- ثمّ انكبّ على القبر وقُل: يا مولاي أتيتك خائفًا فآمنّي، وأتيتك مستجيرًا فأجرني.. ثم انكبّ على القبر ثانية"(3) . إلى آخر الزيارة التي يدعو فيها مخلوقًا من دون الله سبحانه، ويتضرع إليه وكأنه يتضرع أمام الله، فماذا يكون الشرك إذا لم يكن هذا شركًا؟! ومثل ذلك قال مفيدهم:"فإذا أردت الخروج فانكبّ على القبر وقبّله - إلى أن قال:- ثم ارجع إلى مشهد الحسين وقل: السّلام عليك يا أبا عبد الله، أنت لي جُنَّة من العذاب"(4) .

وهكذا أصبح في دينهم الشرك بالله من المستحبات، فهو سجود على القبر أو لصاحب القبر يسمونه "الانكباب"، ودعاء للميت الذي لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا وكأنهم يدعون خالق السماوات والأرض القادر على كل شيء {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ

(1) بحار الأنوار: 101/285

(2)

بحار الأنوار: 101/285

(3)

بحار الأنوار: 101/257-261 عن المزار الكبير لمحمد المشهدي: ص 143-144

(4)

بحار الأنوار: 101/257-261 عن المزار الكبير ص154

ص: 471

غَافِلُونَ} (1) ، وهم يعدون هذا من أفضل القربات، ويوهمون الأتباع بأن هذا الشرك "يوجب غفران الذّنوب ودخول الجنّة، والعتق من النّار، وحطّ السّيئات، ورفع الدّرجات، وإجابة الدّعوات"(2) . و"توجب طول العمر وحفظ النّفس والمال، وزيادة الرّزق وتنفّس الكرب، وقضاء الحوائج"(3) . و"تعدل الحجّ والعمرة والجهاد والإعتاق"(4) . إلى آخر الفضائل الموهومة.. فشرعوا من الدّين ما لم يأذن به الله.

ولهم تعلق بكل عمل يتصل بالشرك بالله من قريب أو بعيد، حتى وإن لم يوجد نص يعتمدون عليه من كتبهم المليئة بما يغني في باب الشرك وأسبابه، يقول المجلسي - مثلاً -:"وأمّا تقبيل الأعتاب فلم نقف على نصّ يعتدّ به ولكن عليه الإماميّة"(5) . أي أنهم يتعبدون بذلك مجاراة لأسلافهم وتقليدًا لهم، فكأن الشرك وأعماله المنتشرة في أمهات كتبهم لم تملأ ما في نفوسهم، فتعلقوا بما عليه من سبقهم كحال المشركين الذين قالوا:{إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ} (6) .

وكل إمام ينسب له من المبادئ الشركية الجديدة، حتى "المنتظر" الذي لم يولد له قوانين جديدة في هذا الباب منها استقبال القبر في الصلاة واستدبار الكعبة - كما سيأتي - ومنها في مسألتنا هذه وضع الخد على القبر، فقد خرجت الرواية فيها - كما يقولون - من الناحية المقدسة، أي من قبل المهدي المنتظر المزعوم بواسطة سفرائه الكذبة حيث قال مهديهم: "

والذي عليه العمل أن يضع خدّه الأيمن على القبر" (7) .

(1) الأحقاف، آية:5

(2)

هذا من عناوين بحار الأنوار، وقد ضمّ (37) رواية في هذا المعنى: 101/ 21-28

(3)

هذا أحد عناوين بحار الأنوار أيضًا وفيه (17) رواية: 101/ 45-48

(4)

وهذا من عناوين صاحب البحار وقد ضمّنه (84) وراية: 101/ 28-44

(5)

بحار الأنوار: 100/136، عمدة الزّائر: ص29

(6)

الزخرف، آية:23

(7)

عمدة الزّائر: ص31

ص: 472

ولهذا قرر شيوخهم أن من آداب زيارة هذه الأضرحة "وضع الخدّ الأيمن عند الفراغ من الزّيارة والدّعاء"(1) . وقالوا: "لا كراهة في تقبيل الضّرايح؛ بل هو سنّة عندنا ولو كان هناك تقية فتركه أولى"(2) .

هذه مبادئ جديدة ابتدعها شيوخ السوء من الرافضة "وقد اتفق المسلمون على أنه لا يشرع الاستلام والتقبيل إلا للركنين اليمانيين، فالحجر الأسود يستلم ويقبل، واليماني يستلم، وقد قيل إنه يقبل وهو ضعيف، وأما غير ذلك فلا يشرع استلامه ولا تقبيله كجوانب البيت، والصخرة والحجرة النبوية، وسائر قبور الأنبياء والصالحين"(3) .

والهدف من هذه المبادئ الصد عن دين الله سبحانه، والدعوة إلى الشرك بالله وتهيئة أسبابه، وقد وضعت أدعية تقال أثناء هذه الأعمال فيها من الشرك بالله سبحانه، وتأليه الأئمة ما يستقل عنده فعل المشركين.

د ـ اتخاذ القبر قبلة كبيت الله:

قال شيخ الشيعة المجلسي: "إنّ استقبال القبر أمر لازم، وإن لم يكن موافقًا للقبلة.. واستقبال القبر للزّائر بمنزلة استقبال القبلة وهو وجه الله، أي جهته التي أمر النّاس باستقبالها في تلك الحالة"(4) .

وحينما وجد المجلسي في روايات قومه نصين متعارضين - كالعادة -

الأول: عن أبي جعفر محمد الباقر يقول: "إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم.. قال: لا تتّخذوا قبري قبلة ولا مسجدًا، فإنّ الله عز وجل لعن الذين اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد"(5) .

(1) بحار الأنوار: 100/134، عمدة الزّائر: ص30

(2)

بحار الأنوار: 100/136

(3)

مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 4/521

(4)

بحار الأنوار: 101/369

(5)

ابن بابويه/ علل الشّرائع ص358، بحار الأنوار: 100/128

ص: 473

والثاني: من مهديهم المنتظر (الذي لا وجود له كما يقول أهل العلم) ونصه: "كتب الحميري (1) . إلى النّاحية المقدّسة (2) . يسأل عن الرّجل يزور قبور الأئمّة عليهم السلام.. هل يجوز لمن صلّى عند بعض قبورهم عليهم السلام أن يقوم وراء القبر ويجعل القبر قبلة أم يقوم عند رأسه أو رجليه؟ وهل يجوز أن يتقدم القبر ويصلي ويجعل القبر خلفه أم لا؟ فأجاب (المهدي المزعوم) :.. أمّا الصّلاة فإنّها خلفه ويجعل القبر أمامه، ولا يجوز أن يصلي بين يديه ولا عن يمينه ولا عن يساره؛ لأن الإمام صلى الله عليه لا يتقدم عليه ولا يساوى"(3) .

حينما وجد المجلسي هذين النصين رجح لقومه العمل بالنص الثاني فقال: "يمكن حمل الخبر السّابق على التّقية أو على أنّه لا يجوز أن يجعل قبورهم بمنزلة الكعبة يتوجّه إليها من كلّ جانب (4) . ومن الأصحاب من حمل الخبر الأوّل على الصّلاة جماعة، والخبر الثّاني على الصّلاة فرادى، وستأتي الأخبار المؤيدة للخبر الثاني (يعني في اتخاذ القبر قبلة) في أبواب الزيارات"(5) .

انظر كيف يؤيد شيوخهم الشرك بالله سبحانه، ويردون الحق ولو جاء في كتبهم، فيرجّح المجلسي ما جاء عن المنتظر الذي لا حقيقة له، ويردّ ما روي عن أبي جعفر عن رسول الهدى صلى الله عليه وسلم والموافق للكتاب والسّنّة وإجماع الأمّة.

وقد توقف المجلسي أيضًا عند قول إمامه وهو يبين طريقة زيارة القبر من البعيد عنه قال: "اغتسل يوم الجمعة أو أي يوم شئت، والبس أطهر ثيابك واصعد

(1) عبد الله بن جعفر بن مالك الحميري، أحد الكذّابين الذين يزعمون مكاتبة المنتظر الذي لم يوجد ولكنّه عندهم من الثّقات. (انظر: الفهرست للطّوسي ص132، رجال الحلي ص106)

(2)

النّاحية المقدّسة رمز عندهم على مهديهم المنتظر

(3)

الاحتجاج للطبرسي: 2/312 ط: النجف، بحار الأنوار: 100/128

(4)

أي أنّها قبلة - في مذهبهم - من جهة واحدة، وليست كالكعبة قبلة من كلّ الجهات، وليس ذلك لأفضليّة الكعبة عندهم، ولكن خشية التّقدّم على الضّريح كما يشير إليه "التّوقيع"

(5)

بحار الأنوار: 100/128

ص: 474

إلى أعلى موضع في دارك أو الصّحراء فاستقبل القبلة بوجهك بعدما تبيّن أنّ القبر هنالك". توقف المجلسي عند هذا النص، لأن استقبال القبر في دينه أمر لازم فقال: "قوله: فاستقبل القبلة بوجهك لعله عليه السلام إنما قال ذلك لمن أمكنه استقبال القبر والقبلة معًا

ويحتمل أن يكون المراد بالقبلة هنا جهة القبر مجازًا.. ولا يبعد أن تكون القبلة تصحيف القبر" (1) .

كل هذه التكلفات والتأولات لأنه يقول بأن طائفته "حكموا باستقبال القبر مطلقًا (أي في كل أنواع الزيارات) ، وهو الموافق للأخبار الأخر في زيارة البعيد"(2) .

وقال: إنه مع بعد الزائر عن القبر يستحسن استقبال القبر في الصلاة واستدبار الكعبة (3)، وذلك عند أداء ركعتي الزيارة التي قالوا فيها:"إن ركعتي الزيارة لابد منهما عند كل قبر"(4) . وهذا ليس بغريب من قوم زعموا أن كربلاء أفضل من الكعبة.

فماذا نسمي هذا الدين الذي يأمر أتباعه باستدبار الكعبة واستقبال قبور الأئمة؟ وماذا نسمي هؤلاء الشيوخ الذين يدعون لهذا الدين؟

فليسم بأي اسم إلا الإسلام دين التوحيد الذي نهى رسوله عليه الصلاة والسلام عن الصلاة في المقابر فكيف باتخاذ القبور قبلة!!

ومن العجب أن هذا النهي عن اتخاذ القبور مسجدًا وقبلة ورد في كتب الشيعة نفسها، كما جاء في الوسائل للحر العاملي (5) . وغيره، كما ورد أيضًا بطلان

(1) بحار الأنوار: 101/369

(2)

بحار الأنوار: 101/369-370

(3)

بحار الأنوار: 100/135

(4)

بحار الأنوار: 100/134

(5)

روت كتب الشيعة أن علي بن الحسين قال: قال النّبي صلى الله عليه وسلم: "لا تتّخذوا قبري قبلة ولا مسجدًا فإنّ الله عز وجل لعن اليهود حيث اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد"(من لا يحضره الفقيه 1/57، وسائل الشّيعة: 3/455) ولكن هؤلاء دينهم دين شيوخهم الذين وضعوا مبدأ خالفوا العامة (يعني أهل السنة) فأضلوا قومهم سواء السبيل

ص: 475

الصلاة إلى غير القبلة (1) .

والتناقض في هذا المذهب من أعجب العجب.

هذا بعض ما جاء في مصادرهم المعتمدة حول المشاهد، وهو قليل من كثير، حيث إن لهم عناية ظاهرة، واهتمامًا واسعًا بأمر المشاهد ومناسكها كاهتمامهم بمسألة الإمامة، وقد خصصت مصادرهم المعتمدة له قسمًا خاصًا مما لا تجده في كتب المسلمين الموحدين.

ففي بحار الأنوار للمجلسي، كتاب مستقبل سماه "كتب المزار" يتضمن أبوابًا كثيرة، اشتملت على مئات الروايات، وقد استغرق ذلك حوالي ثلاثة مجلدات (2) . من طبعة البحار الأخيرة.

وكذلك في وسائل الشيعة للحر العاملي ذكر (106) بابًا بعنوان: أبواب المزار" (3) .

وفي الوافي للكاشاني الجامع لأصولهم الأربعة عقد ثلاثة وثلاثين بابًا بعنوان "أبواب المزارات والمشاهد"(4) .

وفي كتاب من لا يحضره الفقيه لابن بابويه (أحد مصادرهم المعتمدة) أبواب عدة حول المشاهد وتعظيمها كباب تربة الحسين وحريم قبره، وأبواب زيارة الأئمة وفضلها (5) .

وفي تهذيب الأحكام للطوسي مجموعة كبيرة من الأبواب تتضمن تعظيم

(1) وقد ذكر صاحب الوسائل في هذا المعنى خمس روايات (انظر: وسائل الشيعة: 3/227) وانظر في بطلان الصلاة إلى غير القبلة عندهم: من لا يحضره الفقيه: 1/79،122، وتهذيب الأحكام: 1/146، 178، 192، 218، وفروع الكافي: 1/83

(2)

هي المجلدات: 100، 101، 102

(3)

انظرها في: 10/251 وما بعدها

(4)

انظرها في المجلد الثاني: 8/193 وما بعدها

(5)

انظر: من لا يحضره الفقيه: 2/338 وما بعدها

ص: 476

المشاهد والقبور، ومناجاة الأئمة بأدعية تتضمن تأليفهم (1) .

وفي مستدرك الوسائل ستة وثمانون بابًا حوت (276) رواية في الزيارات والمشاهد (2) .

هذا عدا ما اشتملت عليه كتبهم الأخرى التي هي في منزلة المصادر الثمانية عندهم كثواب الأعمال لابن بابويه وغيره.

وهذا غير ما ألف في المزارات من كتب خاصة به في الماضي والحاضر مثل: كامل الزيارات لابن قولويه، ومفاتيح الجنان لعباس القمي، وعمدة الزائر لحيدر الحسيني، وضياء الصالحين للجوهري وغيرها.

وكلها تتحدث عن الفضائل المزعومة لمن شد الرحل لزيارة أضرحة الأئمة وطاف بها، ودعا في رحابها، واستغاث بمن فيها، وتذكر مئات الأدعية التي فيها من الغلو في الأئمة ما يصل بهم إلى مقام الخالق جل شأنه، وفيها من الشرك بالله ما الله به عليم.

وكان لاهتمامهم بهذا المعول الهادم لأصل التوحيد أثره في ديار الشيعة، حيث عمرت بيوت الشرك التي يسمونها المشاهد، وعطلت بيوت التوحيد وهي المساجد وبقي هذا الاهتمام إلى اليوم كما سيأتي - إن شاء الله - (3) .

(1) انظر: تهذيب الأحكام: 6/3 وما بعدها

(2)

انظر: النوري الطبرسي/ مستدرك الوسائل: 2/189-234

(3)

انظر: الفصل الثالث من الباب الرابع. ص (1071) وما بعدها

ص: 477