الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: قولهم في أركان الإيمان
أركان الإيمان تشمل: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والإيمان بالقدر، كما في قوله تعالى: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ
…
} (1) .
وقوله: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (2) .
وقد سبق الحديث مفصلاً عن انحراف الشيعة في باب الإيمان بالله، في ربوبيته، وإلهيته، وأسمائه وصفاته.
وهنا سيكون الحديث عن قولهم في بقية أركان الإيمان، حيث يبدو أن مسألة الإمامة كان لها أثرها على ذلك، فهم مع إثبات أركان الإيمان من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والقدر واليوم الآخر، يبدو أثر الإمامة واضحًا في بيانهم لهذه الأركان، وحديثهم عنها، كما سيتبين في الصفحات التالية:
الإيمان بالملائكة:
وقد نال هذا الركن من أركان الإيمان نصيبه، فالملائكة خلقوا من نور الأئمة وهم خدم للأئمة، ومنهم طوائف قد كلفوا - بزعمهم - للعكوف على قبر الحسين.. إلخ.
(1) البقرة، آية: 177
(2)
القمر، آية: 49
تقول أخبارهم: "خلق الله من نور وجه علي بن أبي طالب سبعين ألف ملك يستغفرون له ولمحبيه إلى يوم القيامة"(1) .
وأحيانًا يقولون: "خلق الله الملائكة من نور علي"(2) .
وقد زعموا أن من ملائكة الرحمن من لا وظيفة لهم إلا البكاء على قبر الحسين، والتردد لزيارته، قالوا:"وكَّل الله بقبر الحسين أربعة آلاف ملك شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة.."(3) .
وزيارة قبر الحسين هي أمنية أهل السماء، قالوا:"وليس شيء في السماوات إلا وهم يسألون الله أن يؤذن لهم في زيارة الحسين ففوج ينزل وفوج يعرج"(4) .
وقالوا: "إن الملائكة لخدامنا وخدام محبينا"(5) .
وجاء في آخر حديث طويل لهم "إن جبرائيل دعا أن يكون خادمًا للأئمة، قالوا: فجبريل خادمنا"(6) .
وقد قال شيخ الإسلام رحمه الله وهو يرد على ابن المطهر نقله لمثل هذا اللقب للملائكة قال: "فتسمية جبريل رسول الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم خادمًا عبارة من لا يعرف قدر الملائكة وقدر إرسال الله لهم إلى الأنبياء.."(7) .
وكيف يطلق هذا اللقب "الوضيع" فيمن وصفه الله بقوله: {إِنَّهُ لَقَوْلُ
(1) كنز جامع الفوايد: ص334، بحار الأنوار: 23/320
(2)
المعالم الزلفى: ص 249
(3)
وسائل الشيعة: 10/318، فروع الكافي: 1/325، ثواب الأعمال: ص 49، كامل الزيارات: ص 189
(4)
الطوسي/ التهذيب: 2/16، ثواب الأعمال: ص 54، وسائل الشيعة: 10/322
(5)
بحار الأنوار: 26/335، ابن بابويه/ إكمال الدين: ص 147، عيون أخبار الرضا: 1/262، علل الشرائع: ص 13
(6)
بحار الأنوار: 26/344-345، إرشاد القلوب: ص 214، كنز جامع الفوايد: ص 483
(7)
منهاج السنة: 2/158
رَسُولٍ كَرِيمٍ، ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} (1) . فالمراد بالرسول الكريم هنا جبريل، وذي العرش رب العزة سبحانه.
ولهم دعاوى في هذا الباب كثيرة، وكأنه لا وظيفة للملائكة إلا أمر أئمتهم الاثني عشر، أو كأنهم ملائكة الأئمة لا ملائكة الله!.
قال أبو عبد الله: "إن الملائكة لتنزل علينا في رحالنا وتتقلب في فرشنا، وتحضر موائدنا، وتأتينا من كل نبات في زمانه رطب ويابس، وتقلب علينا أجنحتها، وتقلب أجنحتها على صبياننا، وتمنع الدواب أن تصل إلينا، وتأتينا في وقت كل صلاة لتصليها معنا، وما من يوم يأتي علينا ولا ليل إلا وأخبار أهل الأرض عندنا، وما يحدث فيها، وما من ملك يموت في الأرض ويقوم غيره إلا وتأتينا بخبره وكيف كانت سيرته في الدنيا"(2) .
ويقولون بأن وسائد وقلائد أولادهم يأخذونها من أجنحة الملائكة، بل إن الملائكة تتولى رعاية أطفالهم، حتى قال أبو عبد الله:"هم ألطف بصبياننا منا بهم"(3) .
والملائكة في أخبار الشيعة مكلفون بمسألة الولاية، ولكنهم يقولون أنه لم يستجب منهم إلا طائفة المقربين (4) . رغم أن العقوبة تحل بمن يخالف منهم في أمر الولاية - في زعمهم - حتى إن أحد الملائكة عوقب بكسر جناحه لرفضه ولاية أمير المؤمنين ولم يبرأ إلا حينما تمسح وتمرغ بمهد الحسين (5) .
ولم تشرف الملائكة - بزعمهم - إلا بقبولها ولاية علي (6) .
(1) التكوير، آية: 19/20
(2)
بحار الأنوار: 26/356، بصائر الدرجات: ص 27
(3)
بحار الأنوار: 26/354، بصائر الدرجات: ص26
(4)
بحار الأنوار: 26/340، بصائر الدرجات: ص 20
(5)
بحار الأنوار: 26/341، بصائر الدرجات: ص 20
(6)
انظر: تفسير الحسن العسكري ص153، الاحتجاج للطبرسي: ص31، بحار الأنوار: 26/338
وحياة الملائكة موقوفة على الأئمة والصلاة عليهم، لأنه "ليس لهم طعام ولا شراب إلا الصلاة على علي بن أبي طالب ومحبيه، والاستغفار لشيعته المذنبين"(1) ، وكانت الملائكة لا تعرف تسبيحًا ولا تقديسًا من قبل تسبيحنا (يعني تسبيح الأئمة) وتسبيح شيعتنا (2) .
ولذلك فإن الملائكة تراعي أمر الشيعة على وجه الخصوص، فإذا خلا الشيعي بصاحبه اعتزلهم الحفظة فلم يكتبوا عليهم شيئًا، يقولون: إذا التقى الشيعي مع الشيعي يتساءلان، قالت الحفظة: اعتزلوا بنا، فإن لهم سرًا وقد ستره الله عليهما (3)، مع أن الله سبحانه يقول:{إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ، مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (4) . وقال سبحانه: {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ} (5) .
هذا ومزاعمهم في هذا الباب متنوعة، وفيها من التطاول على مقام الملائكة المقربين، والكذب عليهم، مع مبالغات غريبة، ومجازفات طاغية، أقرب ما تكون إلى إنكار الملائكة؛ لأن إنكار وظائفهم وخصائصهم وما شرفهم الله به، ووضع دين الولاية هو شرعتهم، والشرك عند قبر الحسين هو عمل طائفة منهم قد يهون عنده إنكارهم أصلاً، ولقد اقتربوا من الإنكار حينما أولوا أسماء وألقاب الملائكة في القرآن بالأئمة، أو جعلوا وظائف الملائكة للأئمة.
وبهذا عقد المجلسي بابًا بعنوان "باب أنهم عليهم السلام الصافون والمسبحون وصاحب المقام المعلوم وحملة عرش الرحمن وأنهم السفرة الكرام البررة"(6) .
(1) بحار الأنوار: 26/349
(2)
جامع الأخبار لابن بابويه: ص9، بحار الأنوار: 26/344
(3)
وسائل الشيعة: 8/563-564
(4)
سورة ق، آية: 17-18
(5)
الزخرف، آية: 80
(6)
بحار الأنوار: 24/87